شرح ألفيّة ابن مالك

عمر بن مظفّر بن الوردي

شرح ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

عمر بن مظفّر بن الوردي


المحقق: عبد الله بن علي الشلال
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة الرشد للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
ISBN: 9960-52-999-1
الصفحات: ٨٩٠

بنصب (ابن) ورفعه.

وقد يبني المعطوف غير مكرر معه (لا) ، حكى الأخفش : لا (١) رجل وامرأة ، بفتحهما.

وتدخل همزة الاستفهام على (لا) هذه ، فيبقى ما كان لها من العمل قبل الاستفهام ، ومن جواز الإلغاء إذا كررت ، والإتباع لاسمها على محله من الابتداء (٢).

ويجب ذكر خبر لا إذا لم يعلم ، كقول حاتم :

١٣٢ ـ وردّ جازرهم حرفا مصرّمة

ولا كريم من الولدان مصبوح (٣)

__________________

سيبويه ١ / ٣٤٩ ومعاني القرآن للفراء ١ / ١٢٠ والمسائل البصريات ١ / ٤٨٨ والمقتضب ٤ / ٣٧٢ وشرح شواهد الإيضاح لابن بري ٢٠٧ وابن يعيش ٢ / ١٠١ ، ١١٠ والمرادي ١ / ٣٦٧ وابن الناظم ٧٢ والعيني ٢ / ٣٥٥ والخزانة ٢ / ١٠٢ وتخليص الشواهد ٤١٣ والهمع ٢ / ١٤٣ والدرر ٢ / ١٩٧.

(١) في الأصل (ألا) بزيادة همزة.

وذلك ببناء (امرأة) على الفتح على تقدير التكرار ، ثم حذفت (لا) ونويت ، واستصحب مع نيتها ما كان مع اللفظ بها. انظر ذلك في شرح الكافية الشافية ٥٢٦ وابن الناظم ٧٣.

(٢) لم يمثل الشارح لذلك ، ومن أمثلته : ألا صديق لك؟ ، وألا رجل ولا امرأة في الدار. وهكذا بقية أحوال (لا) وأحكامها.

(٣) البيت من البسيط ، اختلف في قائله كثيرا ، فقيل : لحاتم الطائي كما في المفصل وشرحه لابن يعيش. وفي الشعر والشعراء والأعلم لرجل من النبيت ابن قاصد. وقال ابن هشام في تخليص الشواهد : «هذا البيت مما ركب فيه صدر بيت على عجز آخر ، وأورده سيبويه والجرمي في كتاب الفرج وأبو بكر في أصوله وأبو علي في إيضاحه ، وتبعهم على ذلك خلق كثير ، ـ ـ

٢٤١

والتزم بنو تميم والطائيون حذف ما يعلم ، وأجازه والإثبات الحجازيون ، فمن حذفه : (قالُوا لا ضَيْرَ)(١)(وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا)

__________________

ولم يورد الزمخشري في مفصله إلا عجزه فسلم من ذلك الغلط ولكنه وقع في غلط آخر ، وهو أنه نسبه لحاتم الطائي ، كما غلط الجرمي إذ نسب البيت كله لأبي ذؤيب. والصواب أنه لرجل جاهلي من بني النبت ، اجتمع هو وحاتم والنابغة الذبياني عند ماوية بنت عفزر خاطبين لها ، فقدمت حاتما عليهم وتزوجته ، فقال هذا الرجل شعرا ، وأوله :

هلّا سألت النبيتيين ما حسبي

عند الشتاء إذا ما هبّت الريح

وردّ جازرهم حرفا مصرّمة

في الرأس منها وفي الأصلاء تمليح

وقال رائدهم سيّان ما لهم

مثلان مثل لمن يرعى وتسريح

إذا اللقاح غدت ملقى أصرّتها

ولا كريم من الولدان مصبوح

وجاء في ملحقات ديوان حاتم البيتان الثاني والأخير.

المفردات : جازرهم : هو الذي ينحر الإبل. حرفا : الناقة الضامرة الصلبة ، شبهت بحرف الجبل أو السيف. مصرّمة : الناقة المقطوعة الطبيين ، لييبس إحليلها فلا يخرج منه اللبن ، فيكون أقوى لها وأطيب للحمها. اللقاح : جمع لقوح ، وهي الناقة الحلوب. أصرّتها : جمع صرار ، وهو خيط يشدّ به رأس ضرع الناقة لئلا يرضعها ولدها ، ولا يلقى الخيط إلا حين لا يكون فيها لبن.

الولدان : جمع وليد ، وهو الصبي. مصبوح : اسم مفعول من الصبوح ، وهو شراب اللبن بالغداة.

الشاهد في : (لا كريم ... مصبوح) حيث ذكر خبر (لا) ؛ لأنه غير معروف ، فإذا لم يعرف وجب ذكره ، وبه جزم سيبويه وابن الناظم. ويجوز إعرابه صفة لاسم (لا) حملا على الموضع ، فيقدر الخبر (موجود) ونحوه ، للعلم به.

ديوان حاتم ٢٩٣ ـ ٢٩٤ وسيبويه والأعلم ١ / ٣٥٦ والمقتضب ٤ / ٣٧٠ والإيضاح العضدي ٢٤٥ والبصريات ١ / ٤٩٢ وابن يعيش ١ / ١٠٧ وابن الناظم ٧٣ وشفاء العليل ٣٨١ والعيني ٢ / ٣٦٨ وتخليص الشواهد ٤٢٢.

(١) سورة الشعراء الآية : ٥٠. والتقدير : علينا أو في ذلك.

٢٤٢

(فَوْتَ)(١).

وندر حذف الاسم وإثبات الخبر ، في قولهم : لا عليك ، أي لا بأس عليك.

__________________

(١) سورة سبأ الآية : ٥١. والتقدير : لهم.

٢٤٣

ظنّ وأخواتها

ينصب بالأفعال القلبية المبتدأ والخبر جميعا بعد أخذها الفاعل.

ويفيد منها الخبر (١) يقينا : رأى ، وعلم ، ووجد ، ودرى ، وألفى ، وتعلم ، بمعنى اعلم.

ويفيد منها رجحان وقوع : خال ، وظنّ ، وحسب ، وزعم ، وعدّ ، وحجا ، وهب ، وجعل بمعنى اعتقد ، قال تعالى : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً)(٢).

ويفيد منها تحويلا : صيّر ، وأصار ، وجعل ، ووهب ، وردّ ، وترك ، وتخذ ، واتّخذ.

وتختص الأفعال القلبية بالإلغاء والتعليق ، سوى ما لم يتصرف منها ، وهو هب ، وتعلّم ، الملازمان (٣) للأمر.

فالإلغاء (٤) ترك إعمال الفعل لضعفه بتأخر أو توسط.

والتعليق (٥) ترك إعماله لفصل مصدّر بينه وبين معموله ، نحو :

__________________

(١) سقطت من ظ.

(٢) سورة الزخرف الآية : ١٩. (الملائكة) هي المفعول الأول ، والثاني (إناثا).

(٣) في ظ (اللازمان).

(٤) الإلغاء ، ترك الإعمال ، وهو جائز لا واجب.

(٥) التعليق ، يجب فيه ترك العمل.

٢٤٤

علمت لزيد ذاهب.

وللمضارع منها والأمر واسم الفاعل واسم المفعول ما قد علم للماضي من نصب مبتدأ وخبر وجواز إلغاء وتعليق.

والفعل القلبي إذا تأخر عن المفعولين فإلغاؤه أحسن من إعماله ، كقوله :

١٣٣ ـ آت الموت تعلمون فلا ير

هبكم من لظى الحروب اضطرام (١)

وإذا توسط استوى الأمران إلّا أن يؤكد الفعل بمصدر أو ضميره فيقبح إلغاؤه ، فيقبح : زيد ظننت ظنّا منطلق ، وزيد ظننته منطلق (٢) ، أي : ظننت ظنّي (٣). وإن تقدّم فلا يلغى ، وموهم ذلك محمول إمّا على نية ضمير شأن ، كقوله :

١٣٤ ـ أرجو وآمل أن تدنو مودّتها

وما إخال لدينا منك تنويل (٤)

__________________

(١) البيت من الخفيف ، ولم يعرف قائله.

الشاهد في : (آت الموت تعلمون) فقد ألغي عمل الفعل القلبي المتصرف (تعلمون) لتأخره عن مفعوليه ، والإلغاء أحسن هنا من الإعمال مع جوازه.

ابن الناظم ٧٧ وشرح التحفة ١٩٨ والعيني ٢ / ٤٠٢ وتخليص الشواهد ٤٤٥ وشرح شواهد شرح التحفة ٢٢١ والأشموني ٢ / ٢٨.

(٢) الأحسن في هذا المثال والذي قبله الإعمال ، تقول : زيدا ظننت ظنّا منطلقا ، وزيدا ظننته منطلقا.

(٣) سقطت (ظني) من ظ.

(٤) البيت من البسيط ، للصحابي الجليل كعب بن زهير ، يمدح بها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والبيت هكذا اشتهر ، وروي

أرجو وآمل أن يعجلن في أبد

وما لهنّ طوال الدهر تعجيل

٢٤٥

أي : وما إخاله ، وإمّا على نيّة لام ابتداء ، كقوله :

١٣٥ ـ كذاك أدّبت حتّى صار من أدبي

أني رأيت ملاك الشيمة الأدب (١)

__________________

ـ ولعلّ هذا بيت آخر ، ولا شاهد فيه لما يورده النحاة.

الشاهد في : (إخال لدينا منك تنويل) حيث ظاهره إلغاء العامل (إخال) مع تقدمه ورفع تنويل على الابتداء ، وخبره الظرف (لدينا) مقدما ، وبه احتج الأخفش والكوفيون على جواز إلغاء العامل المتقدم. وخرجه الجمهور على تقدير ضمير شأن محذوف ، إخاله ، وجملة المبتدأ والخبر (لدينا تنويل) في موضع المفعول الثاني. أو بتقدير لام ، أي : وما إخال للدينا. وقيل : لتقدم بعض الكلام على الفعل (إخال) وهو هنا أداة النفي (ما) حيث نفت الجملة (لدينا تنويل) ولذا فقد توسط العامل (إخال) بين أجزاء الجملة فجاز الإلغاء.

ونقل البغدادي في شرح شواهد شرح التحفة الوردية عن أحمد الحداد البغدادي أحد شراح القصيدة أن ابن إياز الرومي قال : يجوز فيه أن تكون (ما) موصولة مبتدأ ، ومفعول إخال الأول محذوف وهو العائد إلى ما ، ومنك المفعول الثاني ، وتنويل خبر المبتدأ (ما).

الديوان ٢٩ وشرح البردة لأبي البركات الأنباري ٩٨ وشرح الكافية الشافية ٥٥٧ وشرح العمدة ٢٤٨ وشرح التحفة ١٩٥ والمساعد ١ / ٣٦ وابن الناظم ٧٧ والعيني ٢ / ٤١٢ وشرح شواهد شرح التحفة ٢١١ والخزانة ٤ / ٧ وتخليص الشواهد ٤٤٩ والهمع ١ / ٥٣ و ١٥٣ والدرر ١ / ٣١ و ١٣٦.

(١) البيت من البسيط ، ينسب لأحد الفزاريين ، وأورده أبو تمام في حماسته مع بيت قبله ونصب القافيتين ، وهما :

أكنيه حين أناديه لأكرمه

ولا ألقّبه والسوأة اللقبا

كذاك أدّبت حتى صار من خلقي

أني وجدت ملاك الشيمة الأدبا

ولا شاهد على هذه الرواية لما أورده الشارح.

الشاهد في : (رأيت ملاك ... الأدب) وهو كالشاهد السابق حيث ظاهره إلغاء العامل (رأيت) مع تقدمه ، وبه احتج الكوفيون على جواز إلغاء المتقدم.

وأوله البصريون بتقدير ضمير الشأن (وجدته) فحذف ضرورة ، أو بتقدير لام ـ ـ

٢٤٦

أي : رأيت لملاك.

ويجب تعليق الفعل القلبي إذا فصل عمّا بعده (١) إمّا بما النافية ، مثل : (٢)(عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ)(٣) وإمّا بإن ولا النافيتين ، نحو : (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً)(٤) ونحو : حسبت لا يقوم زيد ، وإمّا بلام الابتداء أو القسم ، نحو : (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ)(٥) ونحو قوله :

__________________

الابتداء (لملاك) فيصير من باب التعليق. وقال ابن مالك : يجوز تعليق العامل المتقدم متى تقدم عليه ما يتعلق بالكلام ، وهو هنا (أنّ) لاحتياج اسمها إلى خبر.

الحماسة لأبي تمام ١ / ٥٧٤ والمقرب ١ / ١١٧ وشرح جمل الزجاجي ١ / ٣١٤ وشرح الكافية الشافية ٥٥٨ وشرح العمدة ٢٤٩ وابن الناظم ٧٧ والمرادي ١ / ٣٨٢ وتخليص الشواهد ٤٤٩ وشرح التحفة ١٩٦ والعيني ٢ / ٤١١ وشرح شواهد المغني للبغدادي ٢١٦ والخزانة ٤ / ٥ وابن الناظم ٧٧ والعيني ٢ / ٤١١ والهمع ١ / ١٥٣ والدرر ١ / ١٣٥ والبحر ٣ / ١٢٤.

(١) في ظ (بعد).

(٢) في ظ زيادة (لقد) أول الآية.

(٣) سورة الأنبياء الآية : ٦٥. علق الفعل (علم) عن العمل بما النافية التي جاءت بين الفعل وممفعوليه جملة (هؤلاء ينطقون).

(٤) سورة الإسراء الآية : ٥٢. علق الفعل (تظن) عن العمل بإن النافية التي جاءت بين الفعل وممفعوليه جملة (لبثتم).

(٥) سورة البقرة الآية : ١٠٢. علق الفعل (علم) عن العمل بلام الابتداء في (لمن) التي فصلت بين الفعل وممفعوليه جملة (من ... له من خلاق) المكونة من (من) الموصولية مبتدأ أول ، وخبرها الجملة الاسمية ، له خبر مقدم ، وخلاق مبتدأ ثان مؤخر المجرور لفظا بمن الزائدة المرفوع محلّا.

٢٤٧

١٣٦ ـ ولقد علمت لتأتينّ منيّتي

إنّ المنايا لا تطيش سهامها (١)

وإمّا باستفهام ولو ضمنا ، مثل : (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى)(٢).

وقد ألحق بالقلبية غيرها في التعليق ، نحو : (فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى)(٣)(فَانْظُرِي ما ذا تَأْمُرِينَ)(٤)(فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَيِّكُمُ

__________________

(١) البيت من الكامل ، ينسب للصحابي الجليل لبيد بن ربيعة ، ولم أجد في ديوانه بيتا بهذا الصدر ، والذي ورد عجز الشاهد ، وصدره هكذا :

صادفن منها غرة فأصبنها

 ...............

ولا يتفق الشطر الأول من الشاهد الذي أورده النحاة والمعنى العام للأبيات التي قبله وبعده في المعلقة ، فهي تصف بقرة صادفتها السباع فافترست ولدها. ولعل الشاهد ورد منفردا أو من قصيدة أخرى لم ترد في الديوان ، واتفق مع بيت المعلقة في العجز.

وذكر السيوطي في شرح شواهد المغني ٨٢٩ البيت هكذا :

ولقد علمت لتأتينّ منيتي

لا بعدها خوف علي ولا عدم

الشاهد في : (علمت لتأتينّ منيتي) حيث علق العامل بلام القسم لفظا ، وجملة القسم سدت مسد مفعولي علم.

الديوان ٣٠٨ وسيبويه والأعلم ١ / ٤٥٦ وشفاء العليل ٣٩٩ وابن الناظم ٧٨ والمرادي ١ / ٣٨٣ والعيني ٢ / ٤٠٥ وشرح التحفة ١٩٩ وشرح شواهد شرح التحفة ٢٢٢ والخزانة ٤ / ١٣ ، ٣٣٢ وتخليص الشواهد ٤٥٣ والهمع ١ / ١٥٤ والدرر ١ / ١٣٧.

(٢) سورة الكهف الآية : ١٢. (أي) اسم استفهام مبتدأ ، خبره (أحصى) علق الفعل (علم) عن العمل فيهما حيث المفعول الأول اسم استفهام له الصدارة.

(٣) سورة الكهف الآية : ١٩. علق الفعل (ينظر) عن العمل فيما بعده ، حيث الجملة الواقعة في محل نصب مفعول به صدرت باسم الاستفهام (أي) الواقع مبتدأ وخبره (أزكى). وهذا الفعل ليس من باب ظن ، والتعليق لا يختص بباب ظنّ.

(٤) سورة النمل الآية : ٣٣. (ما) اسم استفهام مبتدأ ، و (ذا) اسم موصول خبره ـ ـ

٢٤٨

الْمَفْتُونُ (٦))(١)(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ)(٢)(يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (١٢))(٣)(وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ)(٤).

وإن أريد بعلمت معنى عرفت ، نحو : (لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً)(٥) وبظننت معنى اتهمت ، وبرأيت معنى أبصرت ، أو أصبت رئته ، وبوجدت معنى أصبت ، وباتّخذت معنى اكتسبت ، وبجعلت معنى علمت ، أو ألقيت أو أوجبت (٦) ، تعدت إلى مفعول واحد ، وحمل

__________________

و (تأمرين) صلته ، وعلق الفعل (انظري) عن العمل في الجملة بعده ، لأن صدر الجملة التي في محل نصب مفعول به اسم استفهام. ويمكن إعراب (ماذا) اسم استفهام مفعول به مقدم وناصبه (تأمرين) والجملة في محل نصب مفعول به لا نظري ، علق بالاستفهام.

(١) سورة القلم الآيتان : ٥ ، ٦. الباء حرف جر ، و (أي) ايم استفهام مجرور ، خبر مقدم ، (المفتون) مبتدأ مؤخر ، والجملة في محل نصب مفعول به ليبصر ، وعلق الفعل بسبب اسم الاستفهام.

(٢) سورة الأعراف الآية : ١٨٤. علق الفعل (يتفكر) عن العمل في الجملة بعده للفصل بما النافية ، و (بصاحب) جار ومجرور خبر مقدم ، و (من) حرف جر زائد ، و (جنة) مبتدأ مجرور لفظا مرفوع محلّا ، والجملة في محل نصب مفعول به ليتفكر.

(٣) سورة الذاريات الآية : ١٢. (أيان) اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب ظرف زمان متعلق بمحذوف خبر مقدم ، (يوم) مبتدأ مؤخر ، والجملة في محل نصب مفعول به ليسأل المعلق بالاستفهام.

(٤) سورة يونس الآية : ٥٣. علق الفعل (يستنبئ) عن العمل في الجملة بعده للفصل بهمزة الاستفهام ، و (حق) خبر مقدم و (هو) مبتدأ مؤخر ، والجملة في محل نصب مفعول به ليستنبؤنك.

(٥) سورة النحل الآية : ٧٨.

(٦) في ظ (أجبت).

٢٤٩

رأي بمعنى حلم (١) على علم الأولى كقوله :

١٣٧ ـ أراهم رفقتي حتى إذا ما

تجافى الليل وانخزل انخزالا (٢)

ويجوز في هذا الباب حذف المفعولين إذا دلّ دليل كقوله تعالى : (الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ*)(٣).

ويقتصر على أحد المفعولين إن دلّ دليل (٤) ، وإن منعه أكثر النحويين بدليل : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ)(٥) تقديره : (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله) بخلهم (هُوَ خَيْراً لَهُمْ) فـ (هو) فصل ، مثل : (تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً)(٦).

__________________

ـ ومثال (جعل) بمعنى ألقى : جعلت المتاع بعضه على بعض ، أي : ألقيته.

ومثالها بمعنى أوجب : جعلت للعامل كذا ، أي : أوجبت له أجرة كذا.

(١) في ظ (حكم) خطأ في النسخ.

(٢) البيت من الوافر ، لعمرو بن أحمر الباهلي ، يذكر جماعة من قومه لحقوا بالشام فصار يراهم في المنام ، وهو شاعر مخضرم أدرك أيام عبد الملك بن مروان.

الشاهد في : (أراهم رفقتي) فقد حمل الفعل رأى من رؤيا النائم على (علم) القلبية المتعدية إلى مفعولين ، فمعولها الأول ضمير الغيبة (هم) والثاني رفقتي.

أمالي ابن الشجري ٢ / ٩٣ والمرادي ١ / ٣٨٧ وابن الناظم ٧٩ والعيني ٢ / ٤٢١ وشفاء العليل ٣٩٦ وتخليص الشواهد ٤٥٥ والهمع ١ / ١٥٠ والدرر ١ / ١٣٤.

(٣) سورة الأنعام الآية : ٢٢ ، والقصص الآية : ٦٢. التقدير والله أعلم : تزعمونهم شركاء.

(٤) في ظ (لدليل) بدل (إن دلّ دليل).

(٥) سورة آل عمران الآية : ١٨٠.

(٦) سورة المزمل الآية : ٢٠. ولم يرد في ظ (وأعظم أجرا). ـ

٢٥٠

والقول وفروعه ينصب بعده المفرد ، كقلت : شعرا ، وتحكى بعده الجملة ، كقلت : زيد قائم.

والأكثر يجيز إجراء القول مجرى الظن إذا كان بلفظ مضارع للمخاطب تاليا للاستفهام ، كقوله :

١٣٨ ـ متى تقول القلص الرواسما

يحملن أمّ قاسم وقاسما (١)

فإن فصل بين الفعل والاستفهام ظرف (٢) ، أو جارّ ومجرور ، أو أحد المفعولين لم يضرّ كقوله :

١٣٩ ـ أجهّالا تقول بني لؤيّ

لعمر أبيك أم متجاهلينا (٣)

__________________

لم يورد ابن الوردي الآية شاهدا على حذف أحد المفعولين ، فالهاء في (تجدوه) هي الأول و (خيرا) الثاني ، وإنما أوردها شاهدا على الفصل بالضمير (هو) بين المفعولين اللذين أصلهما المبتدأ والخبر في الآيتين.

(١) البيت من الرجز لهدبة بن خشرم من الشعراء العذريين ، وهو رواية الحطيأة.

وفي الشعر والشعراء (يبلغن) بدل (يحملن).

الشاهد في : (متى تقول ... يحملن) فقد أجرى القول مجرى الظن ، لتضمنه معناه ، وهو فعل مضارع للمخاطب مسبوق باستفهام ، وهو شرط في إجراء القول مجرى الظن عند غير سليم التي تجريه مجرى الظنّ مطلقا.

المقرب ١ / ٢٩٥ وابن الناظم ٨٠ وشفاء العليل ٤٠٥ والعيني ٢ / ٤٢٧ وتخليص الشواهد ٤٥٦ والهمع ١ / ١٥٧ والدرر ١ / ١٣٩ والشعر والشعراء ٦٩٥.

(٢) في ظ (ظرفا وجار).

(٣) البيت من الوافر نسب للكميت الأسدي.

الشاهد في : (أجهالا تقول بني) كالشاهد السابق في إجراء القول مجرى الظن ، وأورده النحاة شاهدا على أن الفصل بين الاستفهام والفعل بأحد

٢٥١

والفصل بغير ذلك يوجب الحكاية.

وسليم يجرون القول مجرى الظنّ مطلقا كقوله :

١٤٠ ـ قالت : وكنت رجلا فطينا

هذا لعمر الله إسرائينا (١)

__________________

ـ ـ المفعولين لا يضر ، فجهالا مفعول ثان لتقول ، وبني هو المفعول الأول.

الديوان ٣ / ٣٩ وسيبويه والأعلم ١ / ٦٣ والمقتضب ٢ / ٢٤٩ وشرح الكافية الشافية ٥٦٨ وابن الناظم ٨٠ والمرادي ١ / ٣٩٢ وشفاء العليل ٤٠٥ والمساعد ١ / ٣٧٦ وابن يعيش ٧ / ٧٨ والعيني ٢ / ٤٢٩ وتخليص الشواهد ٤٥٧ والخزانة ١ / ٤٢٣ عرضا و ٤ / ٢٣ والهمع ١ / ١٥٧ والدرر ١ / ١٤٠.

(١) البيت من الرجز ، ولم أقف على قائله. وفي أمالي القالي : (هذا ورب البيت).

الشاهد في : (قالت ... هذا ... إسرائينا) فقد أجري القول مجرى الظن فنصب مفعولين هما (هذا إسرائينا) دون شروط ؛ وذلك على لغة سليم.

المساعد ١ / ٣٧٥ وشفاء العليل ٤٠٤ وابن الناظم وأمالي القالي ٢ / ٤٤ وسمط اللآلئ ٦٨١ والمخصص ١٣ / ٢٨٢ وتخليص الشواهد ٤٥٦ والعيني ٢ / ٤٢٥ والهمع ١ / ١٥٧ والدرر ١ / ١٣٩.

٢٥٢

أعلم وأرى

كثيرا ما يدخل على الفعل همزة تنقله من اللزوم إلى التعدّي لواحد كأجلستك ، ومن التعدّي لواحد إلى اثنين ، كألبستك ثوبا ، ومن اثنين إلى ثلاثة ، نحو : أرى الله زيدا عمرا فاضلا ، وأعلم الله بشرا أخاك كريما ، والثاني والثالث جزآ ابتداء (١) في الأصل ، ولهما ما لمفعولي علم من جواز كون ثانيهما مفردا وجملة وظرفا ، وامتناع حذفهما أو أحدهما إلّا بقرينة.

وإن كان رأى بمعنى أبصر ، وعلم بمعنى عرف ، عدّيا بالهمزة إلى مفعولين ، الثاني كثاني مفعولي كسوت في أنه غير الأول في المعنى ، وفي جواز الاقتصار عليه وعلى الأول. ومثل أرى المعدّى لثلاثة نبّأ ، كقوله :

١٤١ ـ نبّئت زرعة والسفاهة كاسمها

يهدي إليّ غرائب الأشعار (٢)

وأخبر كقوله :

__________________

(١) يعني مبتدأ وخبرا.

(٢) البيت من الكامل للنابغة الذبياني ، يهجو زرعة بن عمرو الكلابي. ورواية الديوان : (أوابد) بدل (غرائب).

الشاهد في : (نبئت زرعة ... يهدي إلي غرائب الأشعار) حيث تعدى الفعل (نبّأ) إلى ثلاثة مفاعيل ، الأول نائب الفاعل التاء ، والثاني : زرعة ، والثالث : الجملة الفعلية (يهدي ...)

الديوان ٥٤ وشرح الكافية الشافية ٥٧٠ وشفاء العليل ٤٠٨ وابن الناظم ٨١ والمساعد ١ / ٣٨٢ والعيني ٢ / ٤٣٩ وتخليص الشواهد ٤٦٧.

٢٥٣

١٤٢ ـ وما عليك إذا أخبرتني دنفا

رهن المنيّة يوما أن تزوريني (١)

وحدّث كقوله :

١٤٣ ـ أو منعتم ما تسألون فمن حد

دثتموه له علينا العلاء (٢)

وأنبأ كقوله :

١٤٤ ـ وأنبئت قيسا ولم أبله

كما زعموا خير أهل اليمن (٣)

__________________

(١) البيت من البسيط لرجل من بني كلاب. ورواية المرزوقي : (ماذا عليك ... تعودينا) بدل (وما عليك ... تزوريني) ويروى : عجزه هكذا :

وغاب بعلك يوما أن تعوديني

الشاهد في : (أخبرتني دنفا) على أن (أخبر) تنصب ثلاثة مفاعيل ، فتاء المخاطبة نائب الفاعل المفعول الأول ، والثاني ياء المتكلم ، والثالث دنفا.

المرزوقي ١٤٢٣ وابن الناظم ٨٢ وشفاء العليل ٤٠٨ وتخليص الشواهد ٤٦٨ والعيني ٢ / ٤٤٣ والدرر ١ / ١٤١ والهمع ١ / ١٥٩.

(٢) البيت من الخفيف ، من معلقة الحارث بن حلّزة اليشكري. وروي : (الولاء) بدل (العلاء).

الشاهد في : (حدثتموه له ... العلاء) فقد نصب (حدّث) ثلاثة مفاعيل ، الأول نائب الفاعل التاء ، والثاني ضمير الغيبة ، والثالث الجملة الاسمية (له العلاء).

الديوان ٢٧ وشرح المعلقات للزوزني ١٤٥ وشرح الكافية الشافية ٥٧١ وابن الناظم ٨٢ وشفاء العليل ٤٠٩ والعيني ٢ / ٤٤٥ وتخليص الشواهد ٤٦٨ وابن يعيش ٧ / ٦٦ وهمع الهوامع ١ / ١٥٩ والدرر ١ / ١٤١.

(٣) البيت من المتقارب للأعشى ميمون بن قيس يمدح قيس بن معدي كرب الكندي. وروى ثعلب أن البيت كما أورده النحاة عيب على الشاعر أوعابه الممدوح فرده الأعشى وقال :

ونبئت قيسا ولم آته

على نأيه ساد أهل اليمن

٢٥٤

وخبّر كقوله :

١٤٥ ـ وخبّرت سوداء الغميم مريضة

فأقبلت من أهلي بمصر أعودها (١)

__________________

ـ الشاهد في : (أنبئت قيسا ... خير) فقد نصب الفعل (أنبأ) ثلاثة مفاعيل ، الأول ضمير المتكلم نائب الفاعل ، والثاني قيسا ، والثالث خير.

الديوان ٢١١ ومجالس ثعلب ٣٤٦ وابن الناظم ٨٢ وتخليص الشواهد ٤٦٧ والعيني ٢ / ٤٤٠ والهمع ١ / ١٥٩ والدرر ١ / ١٤٠.

(١) البيت من الطويل ، للعوّام بن عقبة بن كعب بن زهير.

الشاهد في : (خبرت سوداء ... مريضة) حيث نصب الفعل (خبّر) ثلاثة مفاعيل : الأول ضمير المتكلم الواقع نائب الفاعل ، والثاني سوداء ، والثالث مريضة.

ابن الناظم ٨٢ وتخليص الشواهد ٤٦٧ والعيني ٢ / ٤٤٢ والهمع ١ / ١٥٩ والدرر ١ / ١٤١.

٢٥٥

الفاعل

الفاعل ما كان كزيد من قولك : أتى زيد ، في كونه مسندا إليه فعل مقدم عليه (١) على طريقة فعل يفعل ، أو كان كوجهه من قولك : منيرا وجهه ، من كونه مسندا إليه اسم مقدم يشبه فعل يفعل (٢).

فيدخل في قولنا : مسندا إليه ، نحو : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ)(٣)

ويدخل في عدم (٤) تقييد الفعل بالتمام اسم كان ؛ إذ هو فاعل عند سيبويه (٥) ، وإن أخرجه بعضهم.

والفاعل مرفوع بفعل مقدم عليه ، فنحو : زيد قام (٦) ، مبتدأ وخبر ، معرّض لتسلّط (٧) نواسخ الابتداء عليه ، فإن ظهر بعد الفعل

__________________

(١) (عليه) زيادة من ظ.

(٢) فقد أسند إلى الوجه اسم جار مجرى الفعل مؤول ، والتقدير : ينير وجهه.

(٣) سورة العنكبوت الآية : ٥١.

والشاهد في الآية أن المصدر المؤول من (أنّا أنزلنا) في محل رفع فاعل للفعل (يكفي) والتقدير : أولم يكفهم إنزالنا.

(٤) في ظ (ترك) بدل (عدم). يه ١ / ٢١ وانظر التسهيل ٥٢ وشرح التحفة ٢٠٢ والمساعد ١ / ٣٨٥ والمرادي ٢ / ٣.

(٥) هذا من باب التوسع ، عند سيبو

(٦) في ظ (قائم) بدل (قام).

(٧) في ظ (للتسلط).

٢٥٦

ما هو مسند إليه في المعنى فهو الفاعل ، سواء كان اسما ظاهرا ، كقام زيد ، أو ضميرا بارزا ، كالزيدان قاما ، وإن لم يظهر وجب كونه ضميرا مستترا في الفعل ، كعمرو انطلق.

وإذا أسند الفعل إلى الفاعل الظاهر وهو مثنى أو مجموع جرّد من الألف والواو والنون ، نحو : فاز الشهيدان ، وفاز الشهداء.

ومن العرب (١) جاعلها حروفا دالّة على مجرّد التثنية والجمع مع إسنادها إلى الظاهر ، فيقول : سعدا أخواك ، وسعدوا أخوتك ، وقمن الهندات ، ومثله : أكلوني البراغيث. وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يتعاقبون فيكم ملائكة (٢)» وقال :

__________________

(١) نسبت هذه اللغة إلى بني الحارث ، وفي الجني الداني ١٧١ إلى طيء وإلى أزد شنوءة ..

(٢) هذا قطعة من حديث أورده البخاري في (كتاب مواقيت الصلاة ، باب فضل صلاة العصر) ١ / ١٠٥ ـ ١٠٦ عن أبي هريرة. رضي‌الله‌عنه. قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم ، فيسألهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلون ، وأتيناهم وهم يصلون». وأخرجه النسائي في سننه (باب فضل صلاة الجماعة) ١ / ٢٤٠ عن أبي هريرة. وأخرجه مسلم ٥ / ١٣٣ عن أبي هريرة أيضا ، وكلها بلفظ البخاري في (فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما) وأخرجه مالك في الموطأ في (جامع الصلاة) ١١٨ (٤١١). وأخرجه البخاري أيضا في (كتاب بدء الخلق ، باب ذكر الملائكة) ٤ / ٢١٣ من طريق شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه ، بلفظ : «الملائكة يتعاقبون ، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار».

٢٥٧

١٤٦ ـ تولّى قتال المارقين بنفسه

وقد أسلماه مبعد وحميم (١)

__________________

ـ ـ وفي عقود الزبرجد ٢ / ٣٣٨ على مسند الإمام أحمد : «قال القاضي عياض : فيه حجة لمن صحح إظهار ضمير الجمع والتثنية في الفعل إذا تقدم ، وحكوا فيها قول من قال من العرب وهم بنو الحارث : (أكلوني البراغيث) وعليه حمل الأخفش قوله تعالى : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) الأنبياء : ٣. وأكثر النحاة يأبون هذا ، ومنهم سيبويه ، ويتأولون هذا ومثله ، ويجعلون الاسم (الذين) بدلا من الضمير ، ولا يرفعونه بالفعل ، كأنه لمّا قال : (أسروا) قال : من؟ قال : (الذين ظلموا).

وقال القرطبي : الواو في قوله : (يتعاقبون) علامة الفعل المذكر المجموع على لغة بني الحارث ، وهم القائلون : أكلوني البراغيث ، وهي لغة فاشية ، وعليه حمل الأخفش قوله تعالى : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) وقد تعسف بعض النحاة في تأويلها ، وردوها للبدل ، وهو تكلف مستغنى عنه ، فإن تلك اللغة مشهورة ، ولها وجه من القياس واضح.

وقال الحافظ ابن حجر : وقد توارد جماعة من الشرّاح على أن حديث الباب من هذا القبيل ، ووافقهم ابن مالك ، وناقشه أبو حيّان قائلا : إن هذا الطريق اختصرها الراوي ، وقد أخرجه النوار بلفظ : (الملائكة يتعاقبون فيكم) فقوي بحث أبي حيان ، قلت : (يعني السيوطي) قد سبق أبا حيان إلى هذا الاستدراك أبو علي. وأما ابن مالك فإنه يسمي هذه اللغة في تصانيفه لغة : (يتعاقبون فيكم ملائكة) وتبعه الرضي على ذلك بعد أن كان النحاة يسمونها لغة : (أكلوني البراغيث)».

وانظر شرح الكافية الشافية ٥٨١ وابن الناظم ٨٤ والمرادي ٢ / ٧ والجني الداني ١٧٠ والمغني ٣٦٥ والهمع ١ / ١٦٠ وارتشاف الضرب ١ / ٣٥٤ وشرح الكافية ٢ / ١٤٤ وتخريج أحاديث الرضي في شرح الكافية ٧٢ ـ ٧٤ وغيرها.

(١) البيت من الطويل ، قاله عبيد الله بن قيس الرقيات القرشي ، مات بالكوفة سنة ٨٥ ه‍ ، وقيل : لقّب بالرقيات لغزله في نساء كل واحدة منهن اسمها رقية. ـ

٢٥٨

ويرفع الفاعل فعل مضمر جوازا ، كقولك : زيد ، جوابا لمن قال : من قرأ؟ ومثله قوله :

١٤٧ ـ ليبك يزيد ، ضارع لخصومة

ومختبط ممّا تطيح الطوائح (١)

__________________

والبيت من قصيدة رثى بها مصعب بن الزبير بن العوام رضي‌الله‌عنهما حين قتل في دير الجاثليق سنة ٧١ ه‍ ، ودخلت بمقتله العراق في ملك عبد الملك بن مروان.

المفردات : المارقين : عنى الخوارج أخذا من قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية). أسلماه : خذلاه. مبعد وحميم : أراد البعيدين عنه والأصحاب.

الشاهد في : (أسلماه مبعد وحميم) فقد ألحق بالفعل (أسلماه) علامة التثنية مع إسناده إلى الفاعلين الظاهرين (مبعد وحميم) وذلك على لغة طيء وأزد شنوءة ، والقياس (أسلمه مبعد وحميم).

الديوان ١٩٦ وأمالي ابن الشجري ١ / ١٣٢ وشرح الكافية الشافية ٥٨١ وابن الناظم ٨٤ والمغني ٣٦٧ ، ٣٧١ وتخليص الشواهد ٤٧٣ والعيني ٢ / ٤٦١ وشرح شواهد المغني للسيوطي ٧٩٠ والهمع ١ / ١٦٠ والدرر ١ / ١٤١.

(١) البيت من الطويل ، وقد اختلف في قائله كثيرا ، فقال الشنتمري : للبيد ، وقال سيبويه وابن يعيش والفارسي في الإيضاح : للحارث بن نهيك ، وقال العيني : لنهشل بن حرّي ، ولضرار بن نهشل في معاهد التنصيص والدرر ، وللحارث بن ضرار النهشلي في شرح السيرافي. وقال القيسي : لمزرد أخي الشماخ. وورد بغير نسبة في غيرها. والشاعر أيّا كان هو يرثي رجلا نهشليّا ، اسمه يزيد ، قد يكون أخاه أو غيره ، فإنه يقول في مطلع القصيدة :

لعمري لإن أمسى يزيد بن نهشل

حشا جدث تسفي عليه الروائح

المفردات :. ضارع : ذليل خاضع. مختبط : المختبط المحتاج. يطيح : يقال : أطاحته السنون إذا ذهبت به في طلب الرزق وأهلكته.

الشاهد في : (ضارع) حيث رفعه على الفاعلية لفعل محذوف دل عليه ما قبله ؛ فإنه لما قال : ليبك يزيد ، ببناء الفعل (يبك) للمجهول ، ورفع ـ

٢٥٩

المعنى يبكيه ضارع. ووجوبا إذا فسر بما بعد الفاعل من فعل مسند إلى ضميره أو ملابسه مثل : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ)(١) وهلّا زيد قام أبوه.

وإذا أسند الماضي إلى مؤنث لزمته التاء إذا كان المسند إليه إمّا ظاهرا حقيقيّا غير مفصول ولا مقصود به الجنس ، نحو : أبت (٢) هند ، وإمّا ضميرا متصلا حقيقيّ التأنيث أو مجازيه ، كهند قامت ، والشمس طلعت.

وحقيقيّ التأنيث ما كان بإزائه ذكر ، كمرأة ونعجة.

فالظاهر المجازي المسند إليه ، والحقيقي المفصول ثبوتها مختار فيهما ، والحذف قليل ، كقوله :

__________________

(يزيد) بالنيابة عن الفاعل ، علم أن هناك باكيا غير مذكور ، فكأنه سئل : من يبكيه؟ فأجاب : ضارع ، أي : يبكيه ضارع.

ملحقات ديوان لبيد ٣٦٢ وسيبويه والأعلم ١ / ١٤٥ والمحتسب ١ / ٢٣٠ والخصائص ٢ / ٣٥٣ والمقتضب ٣ / ٢٨٢ ومشكل إعراب القرآن ١ / ٢٧٢ وشرح الكافية الشافية ٥٩٣ والإيضاح ٧٤ وابن يعيش ١ / ٨٠ والضرورة الشعرية للقيرواني ١٨٧ وابن الناظم ٨٥ وتخليص الشواهد ٤٧٨ وشرح أبيات سيبويه للسيرافي ١ / ١١٠ والعيني ٢ / ٤٥٤ وشفاء العليل ٤١٥ والخزانة ١ / ١٤٧ و ٣ / ٤٤٣ ومعاهد التنصيص ١ / ٢٠٢ والهمع ١ / ١٦٠ والدرر ١ / ١٤٢ والخصائص ٢ / ٣٥٣ ، ٤٢٤ والأشباه والنظائر ٢ / ٣٤٥ وإيضاح شواهد الإيضاح ٧٤.

(١) سورة التوبة الآية : ٦. فأحد فاعل لفعل محذوف وجوبا تقديره : وإن استجارك أحد ، وفعل (استجارك) المذكور تفسيري ، والتقدير : وإن استجارك أحد استجارك.

(٢) في ظ (أتت).

٢٦٠