شرح ألفيّة ابن مالك

عمر بن مظفّر بن الوردي

شرح ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

عمر بن مظفّر بن الوردي


المحقق: عبد الله بن علي الشلال
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة الرشد للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
ISBN: 9960-52-999-1
الصفحات: ٨٩٠

العلم

العلم ضربان : شخصي وجنسي.

فالشخصيّ (١) هو الدّالّ على معيّن بلا قيد ، بل بمجرد وضع اللفظ على وجه منع الشركة فيه.

والجنسيّ كلّ اسم جرى مجرى الشخصيّ (٢) في الاستعمال ، وسيأتي.

ثمّ الشخصيّ (٣) كجعفر في الرجال ، وخرنق في النساء ، وقرن لقبيلة ، وعدن لبلد ، ولاحق لفرس ، وشدقم لجمل ، وهيلة لشاة ، وواشق لكلب.

وإذا كان العلم مضافا مصدّرا بأب أو (٤) أمّ سمي كنية ، كأبي بكر وأم كلثوم ، وإلّا فإن أشعر رفعة أو وضعة فلقب ، كبطّة ، وقفّة ، وأنف الناقة ، أو لم يشعر فهو الاسم الخاص كزيد.

ويؤخر اللقب لدى اجتماعه مع غيره (٥) ، فإن أفردا (٦) أضيف الاسم إلى اللقب ، كزيد بطة ، وسعيد كرز.

__________________

(١) في ظ (فالشخص).

(٢) في ظ (الشخص) في الموضعين.

(٢) في ظ (الشخص) في الموضعين.

(٣) في ظ (و).

(٤) تأخير اللقب إذا اجتمع مع غيره أي مع الاسم والكنية هو مفهوم بيت الألفية على هذه الرواية المشهورة :

واسما أتى وكنية ولقبا

وأخرن ذا إن سواه صحبا

والصحيح أنه لا يؤخر اللقب إلا إذا صحب الاسم ، أما مع الكنية فيجوز الوجهان ، وقد ورد في بعض نسخ الألفية : «وذا اجعل آخرا إذا اسما صحبا» ، وروى أيضا : «وأخّرن ذا إن سواها صحبا».

(٥) سقطت الألف من (أفردا) أو الهمزة من (أضيف) من الأصل وم.

١٤١

وأجاز الكوفيون (١) فيه (٢) الاتباع والقطع بالنصب والرفع ، نحو : جاء سعيد كرز ، ومرّ بسعيد كرزا وكرز ، على معنى هو.

وإن لم يفردا (٣) فالاتباع ، نحو : هذا عبد الله أنف الناقة ، وعبد الله بطّة.

ثم العلم إن سبق له استعمال لغير العلمية فهو منقول ، كفضل وسعيد ومسعود وحارث وأسد ، وإلا فمرتجل ، كسعاد وأدد.

وهو بالنسبة إلى لفظه مفرد ومركب.

والمركب ينقسم إلى جملة ، ومركب مزجي أو (٤) إضافي.

فما أريد به ما كان في أصله مبتدأ وخبرا ، أو فعلا وفاعلا ، كبرق نحره ، فجملة ، ولا تكون إلّا محكية.

وكلّ اسمين جعلا اسما واحدا ونزّل ثانيهما منزلة تاء التأنيث فهو مركب تركيب مزج ، كبعلبك ، ويبنى منه الأول على الفتح ، ويعرب عجزه ، ويمنع (٥) مالم يكن آخره ياء كمعدي كرب ، فيبنى على السكون ويعرب الثاني ما لم يكن آخره اسم صوت ، كويه من

__________________

(١) شرح الكافية الشافية ٢٥٠ والمرادي ١ / ١٧١ والأشموني ١ / ١٣٠.

(٢) في ظ (في ذا) بدل (فيه). والضمير في (فيه) يعود إلى اللقب إذا اجتمع مع غيره ، وهما مفردان.

(٣) في الأصل وم (يفرد) دون الألف الضمير وأثبت ما في ظ إذ المعنى يتطلبها ، حيث يكون الاتباع متى ركّبا أو أحدهما.

(٤) سقطت من ظ.

(٥) في ظ زيادة (من الصرف للعلمية والتركيب).

١٤٢

نحو سيبويه ؛ إذ لا يعرب صوت.

وأمّا المضاف فنحو : عبد شمس ، وأبي قحافة ، وهو أكثر أقسام المركب.

واعلم أنّ الأجناس التي لا تؤلف ، كالوحوش وأحناش الأرض لا يحتاج فيها إلى وضع الأعلام لأشخاصها ، فعوضت بوضع العلم فيها للجنس مشارا به (١) إليه إشارة المعرف بأل ؛ ولذلك يصلح للشمول ، ومنه أعيان ، ومنه معان.

فالأعيان كثعالة للثعلب ، وأبي الحارث وأسامة للأسد ، وأبي جعدة (٢) وذؤالة للذئب ، وأمّ عريط للعقرب.

والمعاني مثل : برّة للمبرّة ، وفجار للفجرة ، وحماد للمحمدة.

ومنها الأعداد المطلقة ، نحو : ستة ضعف ثلاثة ، وأربعة نصف ثمانية. و (٣) كلّ هذه لا تقبل (أل) ، وصفتها النكرة بعدها ، تنصب حالا ، ويمنع صرف ما فيه منها هاء التأنيث ، والألف والنون المزيدان (٤). وقد يوضع هذا العلم لجنس ما (٥) يؤلف ، كقولهم : هيّان بن بيّان للمجهول ، وأبو الدغفاء للأحمق ، وأبو المضاء للفرس.

__________________

(١) سقطت (به) من الأصل وم.

(٢) في الأصل وم (جعفر) تصحيف. والذي في اللسان : «والذئب يكنى أبا جعدة وأبا جعادة» (جعد) ٦٣٢.

(٣) في ظ (فكل).

(٤) مثال ما فيه تاء التأنيث : ثعالة ، ومثال ما فيه الألف والنون : سبحان ، للتسبيح ، وكذا ما كان على وزن أفعل ، كبنات أوبر.

(٥) في ظ (مما).

١٤٣

اسم الإشارة

هو ما دلّ على حاضر أو بمنزلته ، وليس متكلما ولا مخاطبا ، فله في القرب ذا للواحد المذكر ، وذي وذه وتي وتا وته للواحدة ، وذان وتان رفعا ، وذين وتين جرّا ونصبا للاثنين والثنتين ، وأولى للجمع مذكرا كان أو مؤنثا. واستعماله غالبا لمن يعقل ، وقلّ لغيره كقوله :

٣٣ ـ ذمّ المنازل بعد منزلة الّلوى

والعيش بعد أولئك الأيّام (١)

ومدّ (أولاء) (٢) لغة الحجاز ، وبها نزل القرآن ، والقصر لغة تميم. وإذا أشير إلى البعيد لحق اسم الإشارة كاف الخطاب تدل (٣) على حال المخاطب غالبا (٤) ، نحو : [ذاك وذاك وذاكما وذاكم وذاكن](٥) وقد لا تدل الكاف على حال المخاطب ، كقوله تعالى :

__________________

(١) من الكامل ، لجرير ، ورواية الديوان : (الأقوام) بدل (الأيام) ولا شاهد على هذه الرواية.

المفردات : اللوى : اسم موضع.

الشاهد : في (أولئك) حيث استعمل (أولاء) لغير العاقل.

الديوان ٥٥١ والمقتضب ١ / ١٨٥ والكامل ١ / ٣٤٠ وابن الناظم ٣٠ وشرح شواهد الشافية ١ / ٣٤٠ و ٢ / ١٦٧ وابن يعيش ٣ / ١٢٦ ، ١٣٣ و ٩ / ١٢٩ والعيني ١ / ٤٠٨ والخزانة ٢ / ٤٦٧ والتصريح ١ / ١٢٨ والأشموني ١ / ١٣٩.

(٢) في ظ (أولى). انظر الأشموني ١ / ١٣٩.

(٣) في ظ (حرفا يدل).

(٤) سقطت من ظ (غالبا).

(٥) في الأصل وم (ذلك وذلكما وذلكم وذلكن).

١٤٤

(ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ)(١) ويزاد قبل الكاف لام في الإفراد غالبا ، فيقال (٢) : ذاك وذلك ، وتيك وتلك ، وفي الجمع قليلا نحو : أولئك وأولالك ، ولا تزاد في التثنية.

وقول من زعم أن المقرون بالكاف دون اللام للمتوسط ، وبهما للبعيد تحكّم لا دليل عليه. فلاسم الإشارة إذا رتبتان : قرب وبعد (٣).

وتلحق هاء للتنبيه المجرد كثيرا ، كهذا وهذه وهذان وهاتان وهؤلاء ، والمقرون بالكاف دون لام قليلا ، كقول طرفة :

٣٤ ـ رأيت بني غبراء لا ينكرونني

ولا أهل هذاك الطّراف الممدّد (٤)

واللام ممتنعة إن قدمت لفظة هاء ، فلا يجوز هذلك.

ويشار إلى المكان القريب بهنا ، وقد يلحق هاء للتنبيه فيقال : هاهنا ، وإن بعد المكان جيء بالكاف مع اللام ودونها ، كهنالك

__________________

(١) سورة المجادلة الآية : ١٢.

(٢) في ظ (نحو) بدل (فيقال).

(٣) هذا مخالف الرأي الجمهور الذي يرى أن له ثلاث مراتب.

(٤) من الطويل ، من معلقة طرفة بن العبد. وروي (الخباء) بدل (الطراف).

المفردات : بني غبراء : الأضياف ، أو أهل الأرض ، أو الفقراء ، ولعل هذا أنسب المعاني في مقابل آخر البيت. الطراف : البيت من جلد ، وأراد بأهله السعداء.

الشاهد : في (هذاك) فقد لحقت هاء التنبيه اسم الإشارة المقترن بالكاف وهو قليل ، والكثير أن تلحق المجرد منها.

الديوان ٣١ وشرح الكافية الشافية ٣١٧ وابن الناظم ٣٠ والمساعد ١ / ١٨٦ وشفاء العليل ٢٥٧ والمرادي ١ / ١٩٥ والعيني ١ / ٤١٠ ورصف المباني ٤٠٥ والجنى الداني ٣٤٧ والهمع ١ / ٧٦ والدرر ١ / ٥٠ والأشموني ١ / ١٤٤.

١٤٥

وهناك (١).

ويشار إلى البعيد أيضا بثمّ بفتح الثاء ، وهنّا وهنّا بتشديد النون مع فتح الهاء وكسرها ، قال :

٣٥ ـ هنّا وهنّا ومن هنّا لهنّ بها

ذات الشمائل والأيمان هينوم (٢)

وأراد بهنّا الزمان من قال :

٣٦ ـ حنّت نوار ولات هنّا حنّت

وبدا الذي كانت نوار أجنّت (٣)

__________________

(١) هناك من يرى أن ما فيه الكاف وحدها للمتوسط ، وما فيه الكاف واللام للبعيد.

(٢) من البسيط لذي الرمه ، واسمه غيلان بن عقبة.

المفردات : ذات الشمائل : جمع شمال على غير قياس. الأيمان : جمع يمين ، وهو ضد الشمال. هينوم : الصوت الخفي.

الشاهد : في (هنّا وهنّا وهنّا) على أن الأولى والثانية اسما إشارة للبعيد ، أما الثالثة فهي للقريب ، كذا قال الأشموني.

الديوان : ٥٧٦ والخصائص ٣ / ٣٨ وابن الناظم ٣١ وابن يعيش ٣ / ١٣٧ والعيني ١ / ٤١٢ والتصريح ١ / ١٢٩ والأشموني ١ / ١٤٥.

(٣) البيت من الكامل ، لشبيب بن جعيل التغلبي ، قاله يخاطب أمه نوار بنت عمرو بن كلثوم ، حين أسره الباهليون في حرب بينهم وبين قومه. وقيل : لحجل بن نضلة الباهلي ، وكان سبى نوار.

المفردات : حنّت : من الحنين ، وهو الشوق. هنّا : بضم الهاء وتشديد النون ، بمعنى حين. أجنّت : سترت وأخفت.

الشاهد : في (هنّا) فقد أشير بها إلى الزمان ، وأصلها للمكان.

الشعر والشعراء ١ / ١٠٢ وابن الناظم ٣١ وشفاء العليل ١ / ٢٦٣ والمرادي ١ / ٢٠٠ والمساعد ١ / ١٩٣ والعيني ١ / ٤١٨ وابن يعيش ٣ / ١٥ والخزانة ٢ / ١٥٦ ، ٤٨٠ والهمع ١ / ٢٦ ، ٧٨ والدرر ١ / ٥٢ ، ٩٩ وشرح شواهد المغني للسيوطي ٩١٩ والأشموني ١ / ١٤٥ والمؤتلف والمختلف ١١٥.

١٤٦

الموصول

اسميّ وحرفيّ ، فالاسميّ ما افتقر إلى الوصل بجملة معهودة مشتملة على ضمير يليق بالمعنى.

والحرفيّ كل حرف أوّل هو وصلته بمصدر كأن ، في : أريد أن تفعل ، وما في : (وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ)(١) ، و (كي) في : جئت كي تحسن إليّ ، ولو (٢) في : (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ)(٣) وفي قولها :

٣٧ ـ ما كان ضرّك لو مننت وربّما

منّ الفتى وهو المغيظ المحنق (٤)

أمّا الأسماء الموصولة فمنها : الذي للواحد ، والتي للواحدة ، واللذان واللتان رفعا ، واللذين واللتين (٥) جرّا ونصبا للاثنين والثنتين.

لمّا كان الذي والتي مبنيين لم تحرك ياؤهما ، فلم تفتح قبل

__________________

(١) سورة التوبة الآية : ٢٥.

(٢) بقي من الحروف المصدرية (أنّ) بفتح الهمزة وتشديد النون ، مثل : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا) [العنكبوت : ٥١].

(٣) سورة البقرة الآية : ٩٦.

(٤) البيت من الكامل ، لقتيلة بنت الحارث بن كلدة من بني عبد الدار ، ترثي أخاها النضر ، حين قتله علي رضي‌الله‌عنه بأمر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين أقبل من بدر.

الشاهد في : (لو) حيث جاءت مصدرية بمعنى أن ، والتقدير : ما كان ضرك منّك ، برفع المصدر (منّ) على الفاعلية لضرّ ، ودون أن تسبق بودّ ، وذلك قليل.

شرح الكافية الشافية ٣٠٤ وابن الناظم ٣١ والعيني ٤ / ٤٧١ والمغني ٢٥٦ والتصريح ٢ / ٢٥٤ والهمع ١ / ٨١ والدرر ١ / ٥٣ والمرزوقي ٩٦٦.

(٥) في ظ (والذين والتين) بلام واحدة.

١٤٧

علامة التثنية فالتقى ساكنان فحذف الأول منهما ، ولهذا شدّد بعضهم (١) النون تعويضا عن الحذف المذكور ، ومنهم من يشدّد نون ذين وتين (٢) تعويضا عن ألف ذا وتا.

ومنها الذين مطلقا لجمع من يعقل ، وهذيل وقيل : بنو عقيل يجرونه كالسالم ، فيرفعونه بالواو.

ومنها الألى بمعنى الذين تقول : الألى فعلوا ، وهو اسم جمع ؛ إذ لا واحد له من لفظه ، وكذا الذين ؛ لأنه مخصوص بمن يعقل ، والذي بمن (٣) يعقل وغيره ، ولو (٤) كان الذين جمعا للذي (٥) ساواه عموما ، فإذا إطلاق الجمع على الأولى والذين اصطلاح لغوي.

ومنها اللائي واللاتي (٦) ، وقد يجيء اللائي بمعنى الذين كقوله :

٣٨ ـ فما آباؤنا بأمنّ منه

علينا اللاء قد مهدوا الحجورا (٧)

__________________

(١) وهم تميم وقيس. وتشديدهما في الرفع متفق على جوازه ، أما في النصب فمنعه البصريون وأجازه الكوفيون ، وهو الصحيح ، فقد قرئ في السبع (ربنا أرنا اللذينّ أضلانا) الأشموني ١ / ١٤٧ ـ ١٤٨.

(٢) المرجع السابق ١ / ١٤٨.

(٣) في ظ (لمن).

(٤) في ظ (فلو).

(٥) في ظ (للذين).

(٦) بإثبات الياء وحذفها.

(٧) من الوافر ، نسبه الفراء لرجل من بني سليم ولم يعينه.

الشاهد في : (اللاء) حيث أوردها الشاعر بمعنى الذين ، والأصل أنها ـ ـ

١٤٨

كما قد يجيء الألى بمعنى اللاتي ، وجمع بين اللغتين من قال :

٣٩ ـ وتبلي الألى يستلئمون على الألى

تراهنّ يوم الروع كالحدأ القبل (١)

ومنها أسماء (٢) بمعنى الذي والتي وتثنيتهما وجمعهما واللفظ واحد ، وهي من وما والالف واللام وذو ، وذا ، وأيّ.

فأمّا (من) فلمن يعقل تحقيقا أو تشبيها أو تغليبا ، أو (٣) اعتبار

__________________

لجماعة الإناث ، بمعنى اللاتي.

شرح الكافية الشافية ٢٥٩ وابن الناظم ٣٢ والمساعد ١ / ١٤٣ والمرادي ١ / ٢١٧ وابن عقيل ١ / ١٢٦ والعيني ١ / ٤٢٩ والهمع ١ / ٨٣ والدرر ١ / ٥٧ والأشموني ١ / ١٥١.

(١) من الطويل ، لأبي ذؤيب الهذلي ، واسمه خويلد بن خالد. وروي : وتفني ، بدل وتبلي.

المفردات : يستلئمون : يلبسون اللأمة ، وهي الدرع. يوم الروع : يوم الخوف ، وأراد به يوم الحرب. الحدأ : واحده حدأة ، طائر معروف ، كعنبة وعنب.

القبل : من القبل وهو ميل النظر كالحول ، وأراد أن الخيل مثل الحدأ المفزعة في السرعة والخفة ، كأنّ في عيونها الحول لتقلبها.

الشاهد في : (الألى) في الموضعين ، فقد جاءت في الأولى بمعنى الذين ، بدليل ضمير جماعة الذكور في (يستلئمون) على الأكثر ، وفي الثانية لجماعة الإناث بمعنى اللائي بدليل ضمير الإناث في (تراهن).

شرح أشعار الهذليين ١ / ٩٢ وشرح الكافية الشافية ٢٧١ وشفاء العليل ٢٢٤ والمرادي ١ / ٢١١ وابن الناظم ٣٢ والمساعد ١ / ١٤٥ والعيني ١ / ٤٥٥ وشرح أشعار الهذليين ١ / ٩٢ والدرر ١ / ٥٧ والهمع ١ / ٨٣ والأشموني ١ / ١٤٨.

(٢) سقطت (أسماء) من ظ.

(٣) في ظ (و).

١٤٩

اللفظ في ضميرها أكثر من اعتبار المعنى ، مثل : (وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ)(١)(وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَ)(٢) ومن اعتبار المعنى (٣) ، قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ*)(٤) وقول الشاعر :

٤٠ ـ تعشّ فإن ، عاهدتني لا (٥) تخونني

نكن مثل من يا ذئب يصطحبان (٦)

وأمّا (ما) فتجري في أحد أقسامها مجرى (من) في كلّ ما ذكر ، لكن لا تكون لمن يعقل ، بل لمن لا يعقل ، مثل : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (٩٦) (٧) أو لصفات من يعقل ، مثل : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ)(٨) أو لمبهم أمره ، كقولك لمن أراك شبحا لا تدري ما هو أبشر هو أم مدر؟ : رأيت ما رأيت. ولا يطلق على

__________________

(١) سورة يونس الآية : ٤٠ ، وفي جميع النسخ (بالله) مكان (به) وهو خطأ من الناسخ.

(٢) سورة الأحزاب الآية : ٣١.

(٣) في ظ زيادة (و).

(٤) سورة الأنعام الآية : ٢٥ ، وسورة محمد الآية : ١٦ ، وفي ظ (يستمعون) بدل (يستمع) وذلك في سورة يونس الآية : ٤٢.

(٥) في ظ (تعشى فإن عاهدتني فلا تخونني). ولا يستقيم البيت.

(٦) من الطويل ، للفرزدق ، من قصيدة يخاطب فيها الذئب حين أتاه وهو نازل في بعض أسفاره. ورواية سيبويه : (تعال) بدل (تعش).

الشاهد في : (من ... يصطحبان) فقد راعى معنى (من) وهو التثنية في يصطحبان.

الديوان : ٨٧٠ وسيبويه والأعلم ١ / ٤٠٤ والمقتضب ٣ / ٢٥٣ والجمل ٣٤٩ والخصائص ٢ / ٤٢٢ وشرح الكافية الشافية ٣٠٩ وشرح الجمل لابن عصفور ١ / ١٨٨ وابن الناظم ٣٣ والعيني ١ / ٤٦١ والهمع ١ / ٨٧ ، ٨٨ والدرر ١ / ٦٤ ، ٦٥ والأشموني ١ / ١٥٣.

(٧) سورة الصافات الآية : ٩٦.

(٨) سورة النساء الآية : ٣.

١٥٠

من (١) يعقل إلّا مع غيره ، نحو قوله تعالى : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)(٢).

وأمّا الألف واللام ، فاسم موصول بمعنى الذي وفروعه ، ويلزم في ضميرها اعتبار المعنى ، كالضارب والضاربة والضاربان والضاربون ، كأنك قلت : الذي ضرب ، والتي ضربت ، واللذان (٣) ضربا ، والذين ضربوا.

وأمّا ذو ، فموصولة عند طيّ خاصة ، والأعرف فيها عندهم بناؤها واستعمالها في الإفراد والتذكير وفروعهما (٤) بلفظ واحد ، ويظهر المعنى بالعائد كقوله :

٤١ ـ ذاك خليلي وذو يواصلني (٥)

 ...............

__________________

(١) في ظ (ما).

(٢) سورة النحل الآية : ٤٩.

(٣) في الأصل (الذان) بلام واحدة.

(٤) في الأصل وم (وفروعها).

(٥) صدر بيت من المنسرح ، لجبير بن غنمة الطائي ، شاعر جاهلي مقل. وعجزه على المشهور :

يرمي ورائي بامسهم وامسلمه

قال العيني : وركب ابن الناظم وأبوه أيضا صدر البيت على عجز بيت آخر ، فإن الرواية فيه :

وإنّ مولاي ذو يعيرني

لا إحنة بيننا ولا جرمه

ينصرني منك غير معتذر

يرمي ورائي بامسهم وامسلمه

وروي : (يعاتبني) بدل (يواصلني) و (حبيبي) بدل (خليلي).

الشاهد في : (ذو يواصلني) حيث استعمل (ذو) اسما موصولا مفردا مبنيّا على لغة طي ، بمعنى الذي ، ودل على معنى الإفراد والتذكير بالعائد في (يواصلني).

شرح الشافية الكافية ٢٧٣ وشرح العمدة ١٢١ وابن الناظم ٣٤ وابن يعيش ٩ / ٢٠ والعيني ١ / ٤٦٤ ومعاني الحروف ٧١ والصحاح (سلم) ١٩٥١.

١٥١

وكقوله :

٤٢ ـ فإنّ الماء ماء أبي وجدّي

وبئري ذو حفرت وذو طويت (١)

وأنشد (٢) أبو الفتح (٣) :

٤٣ ـ وإمّا كرام موسرون رأيتهم

فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا (٤)

__________________

(١) من الوافر ، لسنان بن الفحل الطائي ، يخاطب بها عبد الرحمن بن الضحاك ، في شأن بئر وقع فيها نزاع.

الشاهد في : (ذو حفرت وذو طويت) فإنه استعمل (ذو) مبنية في الموضعين :

الأولى في محل رفع خبر ، والثانية معطوفة على الخبر ، وهي بمعنى التي بدليل العائد ؛ إذ التقدير : حفرتها وطويتها.

شرح الكافية الشافية ٢٧٤ وأمالي ابن الشجري ٢ / ٣٠٦ والأزهية ٣٠٥ وابن الناظم ٣٤ وشفاء العليل ٢٢٧ وابن يعيش ٣ / ١٤٧ و ٨ / ٤٥ والعيني ١ / ٤٣٦ والخزانة ٢ / ٥١١ والإنصاف ٣٨٤ والهمع ١ / ٨٤ والدرر ١ / ٥٩ والتوطئة ١٦٧ والمرزوقي ٥٩١.

(٢) في م زيادة (الشيخ).

(٣) لم أجد البيت فيما اطلعت عليه من كتب ابن جني.

وأبو الفتح عثمان بن جني الموصلي ، إمام في اللغة ، بارع في النحو والتصريف ، مات في بغداد سنة ٣٩٢ ه‍.

(٤) من الطويل للشاعر الإسلامي منظور بن سحيم الفقعسي. وروي بدل (رأيتهم) : أتيتهم ولقيتهم.

الشاهد في : (من ذي) بإعراب (ذي) مجرورة بمن ، والأصل فيها البناء (ذو) ، وهي بمعنى الذي.

شرح الكافية الشافية ٢٧٤ وشرح العمدة ١٢٢ والمساعد ١ / ١٤٧ وابن يعيش ٣ / ١٤٨ وشفاء العليل ٢٢٨ وابن الناظم ٣٤ والعيني ١ / ١٢٧ ، ٤٣٦ والهمع ١ / ٨٤ والدرر ١ / ٥٩ والسيوطي ٨٣٠ والمقرب ١ / ٥٩ والأشموني ١ / ١٥٨ والتصريح ١ / ١٣٧ والمرزوقي ١١٥٨ وديوان الحماسة ١ / ٥٨٤.

١٥٢

فأعرب ، والمشهور : من ذو عندهم ، على البناء.

[وقد تؤنث بتاء](١) وتبني على ضمّ ، حكى الفرّاء : «الفضل ذو فضّلكم الله به ، والكرامة ذات أكرمكم الله بها (٢)».

وربّما جمع (ذات) بالألف والتاء مع بقاء البناء كقوله :

٤٤ ـ جمعتها من أينق سوابق

ذوات ينهضن بغير سائق (٣)

وأمّا (ذا) فتكون موصولة بمنزلة (ما) في الدلالة على معنى الذي وفروعه إذا وقعت بعد ما أو من الاستفهاميتين ما لم تلغ أو يشر بها ، فإن لم يتقدّم على (ذا) ما أو من ، فالكوفيون يجيزون كونها موصولة وأنشدوا :

__________________

(١) ما بين القوسين زيادة من ظ.

(٢) في م (به). انظر شرح الكافية الشافية ٢٧٥ وشفاء العليل ٢٢٦ ، ونسبا ذلك للفراء عن بعض العرب.

على أن (ذو) الموصولة عند طيء قد تطابق ما قبلها فقد لحقتها في هذا القول تاء التأنيث (ذات) بمعنى التي ، وبنيت على الضم ، والأصل بناؤها على السكون ، ولزوم الإفراد والتذكير ، كما في (الفضل ذو ...).

(٣) البيتان من رجز لرؤبة بن العجاج التميمي. وروي : (موارق) بدل (سوابق).

الشاهد في : (ذوات) فإنه جمع ذات بمعنى التي على ذوات بمعنى اللاتي ، وهي لغة جماعة من طي ، وجاءت مجرورة وعلامة جرها الكسرة على أنها صفة لأينق ، فتعامل معاملة جمع المؤنث ، ومنهم من يلزمها البناء على الضم ، وأكثرهم يلزمها الإفراد والتذكير والبناء فيقولون (ذو).

الديوان ١٨٠ وشرح الكافية الشافية ٢٧٥ وابن الناظم ٣٤ والمساعد ١ / ١٤٦ وشفاء العليل ٢٢٦ والعيني ١ / ٤٣٩ وأمالي ابن الشجري ٢ / ٣٠٦ والأزهية ٣٠٥ والهمع ١ / ٨٣ والدرر ١ / ٥٨ والأشموني ١ / ١٥٨.

١٥٣

٤٥ ـ عدس ، ما لعبّاد عليك إمارة

أمنت وهذا تحملين طليق (١)

قدّروه : والذي تحملين. وهذا عند البصريين اسم إشارة ، وتحملين حال. فإذا قلت : ماذا صنعت؟ وما ذا رأيت؟ وأنت لا تقصد بذا إشارة ، فيحتمل صلتها ويحتمل إلغاؤها ، ويظهر (٢) الاحتمال في البدل وفي الجواب إذا فرّغ ما بعد (ذا) من ضمير الاستفهام أو ملابسه ، تقول : ماذا صنعت أخيرا أم شرّا (٣)؟ بالنصب والرفع ، ففي النصب (ما) مفعول صنعت ، و (ذا) لغو ، وفي الرفع ما مبتدأ مخبر عنها بذا موصولة كقوله :

٤٦ ـ ألا تسألان المرء ما ذا يحاول

أنحب فيقضى أم ضلال وباطل (٤)؟

__________________

(١) من الطويل ، ليزيد بن مفرّغ الحميري ، وكان هجا عبّاد بن زياد بن أبيه كثيرا ، فسجنه طويلا ، فكلم فيه معاوية فأمر بإطلاقه ، وقدمت له فرس من خيل البريد فنفرت ، فقال الأبيات ، وفي الديوان (نجوت) بدل (أمنت).

الشاهد في : (ذا) فقد استعمله بمعنى الذي على رأي الكوفيين كما بين الشارح.

الديوان : ١٧٠ ومعاني القرآن للفراء ١ / ١٣٨ و ٢ / ١٧٧ وشفاء العليل ٨٧٧ وابن الناظم ٣٤ والعيني ١ / ٤٤٢ و ٣ / ٢١٦ و ٤ / ٣١٤ والخزانة ٢ / ٥١٤ و ٣ / ٨٩.

(٢) في ظ زيادة (أثر).

(٣) ويجوز أخير أم شرّ ، فعلى نصب (شرّ) يكون بدلا من (ما) الواقعة مفعول به لصنعت مقدما ، و (ذا) لغو. وعلى الرفع يكون بدلا من (ما) الواقعة مبتدأ خبرها (ذا) ، ويجوز أن تكون (ماذا) اسما واحدا مبتدأ ، خبره الجملة بعده ، والرابط الضمير الواقع مفعولا به والتقدير : صنعته.

(٤) من الطويل ، للبيد بن ربيعة العامري الصحابي الجليل يرثي النعمان بن المنذر. ـ ـ

١٥٤

وشاهد الجواب قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ)(١) بالرفع والنصب. وأمّا (أيّ) فستأتي (٢).

ويلزم كلّ موصول أن يعرف بصلة مشتملة على ضمير عائد إلى الموصول مطابق له في الإفراد والتذكير ، وفروعهما ، وشرطها كونها معهودة ، كجاء الذي عرفته ، أو بمنزلتها ، مثل : (فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ)(٣).

وصلة غير (أل) جملة خبرية من مبتدأ وخبر ، كالذي ابنه

__________________

الشاهد : في (ماذا يحاول) فقد استعمل (ذا) اسما موصولا بمعنى الذي ، خبر المبتدأ (ما) ويجوز العكس ، وجملة يحاول صلة ، والعائد ضمير محذوف تقديره : (يحاوله) ، وذلك لتقدم (ما) الاستفهامية ، ولا يصح أن تجعل (ماذا) اسم استفهام مفعولا به ليحاول مقدما لرفع البدل (نحب) إلا إذا قدر نحب خبرا لمبتدأ محذوف تقديره : هو نحب ، ولا يصح أن تجعل (ماذا) مبتدأ ، ويحاول خبرا لعدم الرابط ، وقيل يجوز ، والرابط محذوف في محل نصب مفعول الفعل ، تقديره : يحاوله.

الديوان ٢٥٤ وسيبويه والأعلم ١ / ٤٠٥ والأصول ٢ / ٢٦٤ ومعاني القرآن ١ / ١٣٩ والمخصص ١٤ / ١٠٣ والجمل ٣٤٩ وشرح الجمل لابن عصفور ٢ / ٤٧٩ والبحر المحيط ١ / ١١٩ و ٢ / ١٤٢ وابن الناظم ٣٥ والعيني ١ / ٧ و ٤٤٠ وابن يعيش ٣ / ١٤٩ و ٤ / ٢٣ والخزانة ٢ / ٥٥٦ واللامات ٥٠.

(١) سورة البقرة الآية : ٢١٩. وفي ظ زيادة (و) قبل الآية ، وهو خطأ.

برفع (العفو) على قراءة أبي عمرو ، على أن (ما) اسم استفهام مبتدأ ، و (ذا) موصول خبر ، و (ينفقون) بالرفع جواب السؤال ، كأنه قال : ما الذي ينفقون؟ فقال : (العفو). وعلى النصب وهي قراءة غير أبي عمرو ، التقدير : أنفقوا العفو ، على أن (ماذا) استفهام بمعنى أي ، أيّ شيء ينفقون؟ ، فكان الجواب (العفو) بالنصب. حجة القراءات ١٣٣ ـ ١٣٤ وابن الناظم ٣٥.

(٢) في ظ (وتأتي).

(٣) سورة طه الآية : ٧٨.

١٥٥

كفل ، أو فعل وفاعل ، كالذي أكرم أخوه. ولا تكون طلبية إذ هي غير محصلة ولا صالحة لتعريف ، ويقوم مقام الجملة شبهها من ظرف أو جار ومجرور معلق باستقرار ، كرأيت من عندك (١) ، وكأخذت الذي لك.

وصلة (أل) صفة صريحة الوصفية ، كضارب ، وحسن ، وظريف ، دون ما غلبت عليه اسمية ، كأبطح ، وأجرع (٢) ، وصاحب ، وراكب ، وقد توصل (أل) بمضارع ؛ إذ هو كالصفة معنى ، كقوله :

٤٧ ـ ما أنت بالحكم الترضى حكومته

ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل (٣)

ثمّ اعلم أنّ (أيّا) مثل (ما) في الدلالة على معنى الذي وفروعه ، كمرّ بأيّ فعل ، وفعلت ، وفعلا ، وفعلوا ، وفعلن ، وقد تلحق التاء للتأنيث ، فيقال : أيّة (٤) ، وتبنى إذا صرّح بما تضاف إليه حيث العائد مبتدأ محذوف ، كقوله تعالى : (أَيُّهُمْ أَشَدُّ)(٥)

__________________

(١) في ظ (عندي).

(٢) الأبطح : الوادي الذي فيه دقاق الحصى. والأجرع : الأرض التي بها حصى صغارا يعلوه رمل ، وهو المعروف بالحزن والحزم. وهذه الأسماء في الأصل صفات لكن غلبت عليها الاسمية ، كما أن صاحب في الأصل صفة للفاعل ثم صارت اسما لصاحب الملك ، وكذا راكب صارت اسما للراكب.

(٣) سبق في الشاهد (٤)

الشاهد هنا في : (الترضى) فقد جاءت صلة (أل) فعلا مضارعا لإجرائه مجرى الصفة على القليل ، والأصل أن تكون صفة صريحة الوصفية كاسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة وصيغ المبالغة.

(٤) في الأصل بفتح التاء (أيت).

(٥) سورة مريم الآية : ٦٩. انظر معاني القرآن للزجاج ٣ / ٣٣٩ ـ ٣٤٠ والعكبري ٢ / ١١٥.

١٥٦

التقدير : هو أشد ، وكقول الشاعر :

٤٨ ـ إذا ما لقيت بني مالك

فسلّم على أيّهم أفضل (١)

فإن لم يكن العائد مبتدأ محذوفا فالإعراب سواء كان مبتدأ مذكورا ، كامرر بأيّهم هو أفضل أو غيره ، كمرّ (٢) بأيّهم قام أبوه ، وإذا لم يصرح بما يضاف إليه (أيّ) فلا بدّ من إعرابها ، سواء حذف العائد ، كمرّ بأيّ أفضل ، أولا ، كمرّ بأيّ هو أفضل ، وأيّ قام أبوه.

وبعض العرب أعرب أيّا مطلقا ، وعليه قرئ أيهم أشد بالنصب (٣).

وغير (أي) من أخواتها يتبع أيّا في جواز حذف العائد المبتدأ ، ويحسن ويكثر إذا طالت الصلة ، كقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ)(٤). وقول بعضهم : ما أنا بالذي

__________________

(١) من المتقارب ، لغسان بن علّة بن مرة بن عبادة ، شاعر مخضرم.

الشاهد في : (ايّهم) فقد بنيت (أي) على الضم لإضافتها وحذف صدر الصلة ، والتقدير : هو أفضل.

شرح الكافية الشافية ٢٨٥ وابن الناظم ٣٦ والمرادي ١ / ٢٤٤ وابن يعيش ٣ / ١٤٧ والمساعد ١ / ١٤٨ ، ١٥٥ والعيني ١ / ٤٣٦ والخزانة ٢ / ٥٢٢ والسيوطي ٨٣٠ والهمع ١ / ٨٤ والدرر ١ / ٦٠.

(٢) في ظ (كامرر).

(٣) حكى ذلك سيبويه ، وذكر أن هارون الأعور قرأ بها ٢ / ٣٩٩ ، وانظر معاني القرآن للزجاج ٣ / ٣٩٩.

(٤) سورة الزخرف الآية : ٨٤ ، والتقدير : وهو في السماء إله.

١٥٧

قائل لك سوءا (١) ، [أي : ما أنا بالذي هو قائل لك سوءا](٢). وإذا لم تطل الصلة فالحذف قليل كقوله تعالى على قراءة : تماما على الذى أحسن (٣) و (مَثَلاً ما بَعُوضَةً)(٤) وكقول الشاعر :

٤٩ ـ من يعن بالحمد لا ينطق بما سفه

ولا يحد عن سبيل المجد والكرم (٥)

__________________

(١) في ظ (شيئا).

(٢) في الأصل (سواء). وانظر القول في شفاء العليل ٢٣٣ والمساعد ١ / ١٥٤.

وسقط ما بين القوسين [] من ظ.

(٣) سورة الأنعام الآية : ١٥٤.

يعني قراءة الرفع ، والتقدير : هو أحسن. وبها قرأ يحيى بن يعمر ، وابن أبي إسحاق ، والحسن ، والأعمش. انظر المحتسب ١ / ٢٣٤ والبحر ٤ / ٢٥٥ والإتحاف ٢ / ٣٨. أما على قراءة (أحسن) بالنصب ، فالذي اسم موصول حذف عائده ، أي على العلم الذي أحسنه. الصبان ١ / ١٦٨ والعكبري ١ / ٢٦٦.

(٤) سورة البقرة الآية : ٢٦.

برفع (بعوضة) وهي قراءة مالك بن دينار وابن السماك ورؤبة على أن (ما) موصول اسمي ، أو حرفي ، و (بعوضة) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو يقع صدر الصلة. وأما على قراءة النصب فـ (بعوضة) بدل من (مثلا) وما حرف للتوكيد.

وقيل : (ما) نكرة موصوفة و (بعوضة) بدل من ما. انظر المحتسب ١ / ٦٤ ومعاني القرآن للزجاج ١ / ١٠٣ ـ ١٠٤ والعكبري ١ / ٢٦ والصبان ١ / ١٦٨.

(٥) في ظ (الحلم) بدل (المجد) وهي رواية شفاء العليل والعيني.

والبيت من البسيط ، ولم أقف على قائله.

المفردات : يعن بالحمد : يرغب في حمد الناس له. سفه : السفه ضدّ الحلم ، والمراد هنا الكلام الفاحش. لا يحد : لا يمل ، أي لا يسلك غير الصفات الحميدة.

الشاهد في : (بما سفه) فقد حذف العائد الواقع صدر الصلة مع عدم طولها ، والتقدير : بالذي هو سفه. ـ

١٥٨

أراد بما هو سفه.

والعائد المبتدأ لا يجوز أن يقتطع ويحذف إلّا والخبر مفرد كما مرّ ، فلو كان ظرفا أو عديله أو جملة لم يجز حذفه ؛ إذ لا يبقى على إرادته دليل ؛ لأن الباقي يصلح للوصل ، فلا يجوز في جاء الذي هو في الدار ، و (١) عندك ، ورأيت الذي هو يقول ، حذف العائد.

ويحسن حذف العائد إذا كان ضميرا متصلا منصوبا بفعل أو وصف ، فالفعل مثل : من نرجو يهب ، تقديره : من نرجوه ، ومثله : (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ)(٢) والوصف أقلّ ، وشاهده قوله :

٥٠ ـ في المعقب البغي أهل الظّلم ما

ينهى امرأ حازما أن يسأما (٣)

__________________

شرح الكافية الشافية ٢٩٦ وشفاء العليل ٢٣٣ وابن الناظم ٣٧ والعيني ١ / ٤٤٦ والهمع ١ / ٩٠ والدرر ١ / ٦٩ والأشموني ١ / ١٦٩ والتصريح ١ / ١٤٤.

(١) في ظ (أو).

(٢) سورة الزخرف الآية : ٧١.

(٣) في ظ (يسأم).

والبيت من السيط ولم يعرف قائله. وأكثر ما ورد (البغي) بدل الظلم).

المفردات : المعقب : من العاقبة. البغي : الظلم والتعدي. ينهي : يردع ويمنع.

حازما : من الحزم وهو ضبط الأمر. يسأما : يمل.

الشاهد في : (المعقب) والأصل : المعقبه ، فحذف العائد المنصوب بالوصف ، فالألف واللام بمعنى الذي ، والتقدير : الذي أعقبه ، وهو قليل ، والكثير حذف العائد المنصوب بالفعل كما أوضح الشارح لا المنصوب بالوصف. ـ ـ ابن الناظم ٣٧ والمرادي ١ / ٢٥١ والعيني ١ / ٤٧٠ والأشموني ١ / ١٧١.

١٥٩

تقديره : في الذي أعقبه البغي أهل الظلم ما ينهى (١) امرأ حازما أن يسأم من سلوك الحق. فلو كان العائد المنصوب منفصلا ، كجاء الذي إيّاه أكرمت ، لم يجز الحذف لدلالة الانفصال على الاختصاص والاهتمام.

ويجوز حذف العائد مجرورا بإضافة الوصف إليه ، كقوله تعالى : (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ)(٢) التقدير : ما أنت قاضيه. وقول الشاعر :

٥١ ـ ويصغر في عيني تلادي إذا انثنت

يميني بإدراك الذي كنت طالبا (٣)

وقول أبي العلاء :

٥٢ ـ ألا في سبيل المجد ما أنا فاعل

عفاف وإقدام وحزم ونائل (٤)

__________________

(١) في ظ (ينتهي).

(٢) سورة طه الآية : ٧٢.

(٣) من الطويل من قصيدة لسعد بن ناشب من بني مازن بن مالك بن عمرو بن تميم ، حين هدمت داره.

المفردات : يصغر : يقل ويرخص. تلادي : التلاد ما يجمعه المرء من مال.

انثنت : انصرفت.

الشاهد في : (طالبا) والأصل طالبه ، فحذف العائد على الموصول (الذي) لكونه مجرورا بإضافة الوصف ، وهو جائز.

شرح التسهيل ١ / ٢٠٥ وابن الناظم ٣٧ وشفاء العليل ٢٣١ والعيني ١ / ٤٧١ والخزانة ٣ / ٤٤٤ عرضا والأشموني ١ / ١٧٢ والشعر والشعراء ٧٠٠ والمرزوقي ٦٩.

(٤) من الطويل لأبي العلاء المعري. ـ ـ

١٦٠