شرح ألفيّة ابن مالك

عمر بن مظفّر بن الوردي

شرح ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

عمر بن مظفّر بن الوردي


المحقق: عبد الله بن علي الشلال
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة الرشد للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
ISBN: 9960-52-999-1
الصفحات: ٨٩٠

مغلقها ، وإن لم أنبه عليه ، وأرتبه كترتيبها مع زيادة ملح ، وأكتفي فيه من ألفاظها بما وضح ؛ ليكون ـ إن شاء الله ـ شرحا مظلّا (١) ، وكتابا مختصرا مستقلّا ، يقتصر عليه من همّته إلى الفقه مصروفة ، ويستغني به عن مجلدات كثيرة من فطرته بالفطنة معروفة ؛ فجاء بحمد الله مقاربا لربع شرح ولده ، مع ما تضمنه من مقاصده وزبده ، وسمّيته : (تحرير الخصاصة في تيسير الخلاصة) وأعيذ ناظره بالله أن يظنّ أني على شرح ابنه اقتصرت فيما اختصرت ، أو مجرده اعتمدت فيما أوردت ، فإني حللت ما لم يحلّه (٢) في شرحه ، وفتحت من معانيها باب فوائد لم يعن بفتحه ، هذا مع إيرادي أشياء لم يوردها ، وإنشادي شواهد لم ينشدها ، وزيادة قيود لم يزدها ، وإفادة مواضع لم يفدها. وحلّيتها بفوائد ومهمات ، وكمّلتها بمناقشات وتتمات ، ولم أرد بذلك طعنا عليهما ، ولم أسئ ظنّا بأحدهما أو كليهما ، بل نبّهت على ما ضمّنته كتابي هذا من أراد نصيحتي ، حسبما نهضت به قريحتي.

وهما لفضيلة السبق من الحائزين. فالله يكتبنا جميعا من الفائزين ، وهو المسؤول في إخلاص النية والمراد ، وبه الاعتصام من أولي الحميّة والعناد.

__________________

(١) في ظ (مطلقا).

(٢) في ظ (يحلله).

١٠١

الكلام وما يتألف منه

الكلام عند النحويين اللفظ المفيد فائدة تامّة يصح الاكتفاء بها ، كالفائدة في استقم.

ولا بدّ للكلام من مسند ومسند إليه ، ولا يتأتي ذلك إلّا في اسمين : كزيد قائم ، أو فعل واسم : كاستقم ؛ إذ التقدير : أنت ، أو حرف نداء ومنادى كيا زيد [إذ التقدير : أدعوك (١)].

والكلم اسم جنس ، واحده كلمة كلبنة ولبن. وهي على ثلاثة أقسام : اسم ، وفعل ، وحرف.

ويطلق القول على الكلمة والكلام [والكلم](٢) ، وقد يقصد بالكلمة ما يقصد بالكلام من الدلالة على معنى يحسن السكوت عليه ، كقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد (٣)» :

__________________

(١) ما بين القوسين [] زيادة من ظ.

(٢) (والكلم) زيادة من ظ.

(٣) أخرجه البخاري عن أبي هريرة بهذا اللفظ في (باب أيام الجاهلية) ٢ / ٣١٩ بزيادة (أل) في الشاعر. وكذا في سنن ابن ماجة ١٢٣٦ (٣٧٥٧). وفي مسلم في (كتاب الشعر) عن أبي هريرة بلفظ : «أشعر كلمة تكلمت بها العرب كلمة لبيد ..». ١٥ / ١٢. وفي ١٥ / ١٢ ، ١٣ كما أورده الشارح. وكذا في مسند الإمام أحمد ١٦ / ٩٨ (١٠٠٧٤) وفي ١٥ / ٥٤ (٩١١٠) «الشاعر» والروايتان عن أبي هريرة.

الشاهد في : (كلمة) حيث أطلق الكلمة وأراد بها كلاما ، وهو صدر بيت لبيد ، فهو من إطلاق الجزء وإرادة الكل.

١٠٢

١ ـ ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل

 ............. (١)

وقولهم : كلمة الشهادة ، يريدون : لا إله إلا الله ، و (٢) كتسميتهم بيت شعر قافية ، وقد يسمّون القصيدة قافية ؛ لاشتمالها عليها (٣) ، قال :

٢ ـ وكم علّمته نظم القوافي

فلمّا قال قافية هجاني (٤)

فيعرف الاسم بجره بحرف جر ، أو إضافة ، كانتفعت بغلامك.

ولا نقول : بالجرّ ، كما قال الشيخ (٥) ؛ ليحترز من نحو :

__________________

(١) البيت من الطويل للصحابي الجليل لبيد بن ربيعة ، وهو ما عناه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الحديث السابق. وتمامه :

وكل نعيم لا محالة زائل

الديوان ٢٥٦ وابن الناظم ٤ وابن يعيش ٢ / ٧٨ والعيني ١ / ٥ و ٣ / ١٣٤ والهمع ١ / ٢ ٢٢٦ ، ٢٣٣ والدرر ١ / ١٩٣ ، ١٩٧.

(٢) سقطت (و) من ظ.

(٣) في الأصل وم (عليه).

(٤) البيت من الوافر لمعن بن أوس المزني ، وهو شاعر مخضرم. وقيل : لمالك ابن فهم الأزدي.

الشاهد في : (قافية) فقد أطلق القافية وأراد بها قصيدة ، من إطلاق الجزء وإرادة الكل.

ديوان معن ٧٢ وابن الناظم ٤ والعيني ١ / ٢٠ والخزانة ٣ / ٢٥٨ وشرح اللمحة ٢ / ٣٦.

(٥) يعني ابن مالك ، رحمه‌الله ، قال في الألفية ٩ :

بالجر والتنوين والندا وأل

ومسند للاسم تمييز حصل

١٠٣

عجبت من أن تفعل. ويعرف أيضا بتنوينه تنوين (١) صرف ، كرجل. أو تنكير : كصه. أو تعويض : كحينئذ. أو مقابلة : كأذرعات.

ولا نقول كقوله : بالتنوين (٢) ؛ ليحترز من تنوين الترنم ، كقوله :

٣ ـ أقلّي اللوم عاذل والعتابن

وقولي إن أصبت لقد أصابن (٣)

إذ هذا يلحق الاسم وغيره.

ويعرف أيضا بندائه ، كيا مكرمان.

ولا نقول كقوله : بالنداء (٤) ؛ إذ قد يباشر النداء الفعل ،

__________________

(١) في م (بتنوين).

(٢) انظر قول ابن مالك في بيت الألفية السابق.

(٣) البيت مطلع قصيدة من الوافر لجرير بن عطية الخطفى ، أحد شعراء الطبقة الأولى من الشعراء الإسلاميين. وروي : (العتابا ، والعتاب ، وأصابا) ولا شاهد على هذه الروايات.

الشاهد في : (العتابن وأصابن) حيث لحق تنوين الترنّم الاسم والفعل عوضا عن ألف الإطلاق على لغة تميم وقيس ، وأصلهما (العتابا وأصابا) بألف الإطلاق ، مما يدلّ على عدم اختصاصه بالاسم ، حيث لحق الفعل كما في البيت ، فليس مما يعرف أو يختص بالاسم.

الديوان ٨١٣ وسيبويه والأعلم ٢ / ٢٩٨ والمقتضب ١ / ٢٤٠ والخصائص ٢ / ٩٦ ، ٩٨ وشرح العمدة ٩٨ وشرح الكافية ١ / ١٤ والخزانة ١ / ٣٤ والمساعد ١ / ٧ والعيني ١ / ٩١ وشرح شواهد شرح التحفة الوردية ٧٦ والمرادي ١ / ٢٦ والأشموني ١ / ٣١ والهمع ٢ / ٨٠ والدرر ٢ / ١٠٣.

(٤) انظر قول ابن مالك في التعليق (٥) ص : ١٠٣.

١٠٤

كقراءة الكسائي (١) : ألا يسجدوا (٢).

والحرف مثل : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ)(٣).

ويعرف أيضا بتعريفه ، ولا نقول : كما قال : بـ (أل) (٤) ؛ لئلا تدخل (أل) بمعنى الذي ؛ إذ لا تختص بالاسم ، بل تدخل على المضارع كقوله :

٤ ـ ما أنت بالحكم الترضى حكومته

 ................ (٥)

__________________

(١) أبو الحسن علي بن حمزة ، مولى بني أسد ، إمام أهل الكوفة في النحو واللغة ، وأحد القراء السبعة ، استوطن بغداد ، قرأ على حمزة الزيات ، وأخذ النحو عن معاذ الهراء ، والخليل ، طاف بوادي الحجاز ونجد وتهامة ، فكتب عنهم وحفظ. له عدة مصنفات ، منها : معاني القرآن ، ومختصر في النحو ، والقراءات. علّم الرشيد وابنه الأمين بعده. مات بالري سنة ١٨٢ أو ١٨٣ أو ١٨٩ ه‍. تاريخ الأدباء النحاة ٤٢ وإنباه الرواة ٢ / ٢٥٦.

(٢) سورة النمل الآية : ٢٥.

قرأ الكسائي بتخفيف لام (ألا) للاستفتاح ، بعدها (يا) النداء ، ثم الفعل (اسجدوا) على الأمر بالسجود ، والتقدير والله أعلم : ألا يا قوم اسجدوا لله ، أو ألا يا هؤلاء اسجدوا. حجة القراءات ٥٢٦ والإتحاف ٢ / ٣٢٥.

(٣) سورة النساء الآية : ٧٣ ، فقد دخل حرف النداء (يا) على الحرف ليت ، فليس كل ما دخلت عليه (يا) النداء يكون اسما ، وإنما يشترط قصد ندائه ، أي بأن يكون مما ينادى.

(٤) انظر قول ابن مالك في التعليق (٥) ص : ١٠٣.

(٥) صدر بيت من البسيط للفرزدق ، من قصيدة يهجو فيها رجلا من بني عذرة مدح جريرا في مجلس عبد الملك بن مروان وهجا الفرزدق والأخطل ، ولم أجدها في الديوان ، وعجزه :

ولا الأصيل ولا ذي الرأيي والجدل

١٠٥

وسيأتي (١).

ويعرف أيضا بالإسناد [إليه](٢) ، ولا نقول كقوله : ومسند (٣) ؛ لبعده ، فإنه أقام اسم المفعول مقام الصدر ، وحذف صلته اعتمادا على التوقيف (٤).

ويعرف الفعل بتاء ضمير المخاطب كلبست ، وتاء التأنيث الساكنة كقامت ، وياء المخاطبة كافعلي. ولحاق نوني التوكيد الثقيلة والخفيفة كقومنّ وقومن. فمتى لم يحسن في الكلمة شيء من هذه العلامات فهي حرف.

ثمّ الحرف منه ما يصحب الأسماء والأفعال كهل ، وما يختص بالأسماء كفي ، وما يختص بالأفعال كلم.

__________________

الشاهد في : (الترضى) على أن (أل) بمعنى الذي دخلت على الفعل المضارع ، فليست مما يختص بالاسم ، ولذا يرى الشارح أن يقال : من علامات الاسم التعريف.

واستشهد به النحاة على دخول (أل) التعريف على المضارع ضرورة.

التذييل والتكميل ٣ / ٦١ ، ٦٦ وشرح الكافية الشافية ١٦٣ وشرح العمدة ٩٩ وابن الناظم ٣٦ والمرادي ١ / ٣٥ ومعاني الحروف للرماني ٦٨ والخزانة ١ / ١٤ عرضا والإنصاف ٥٢١ والعيني ١ / ١١١ ، ٤٤٥ والأشموني ١ / ١٥٦ والهمع ١ / ٨٥ والدرر ١ / ٦١ والبهجة ٦٩.

(١) انظر الاسم الموصول : ٣٧.

(٢) (إليه) زيادة من (ظ).

(٣) انظر التعليق (٥) ص : ١٠٣.

(٤) أي التعليم.

١٠٦

فإن دلّ على نفي الحرفية دليل فهي اسم كقط ؛ لاستعماله مسندا إليه معنى ، تقول : ما فعلته قطّ. أي : الوقت الماضي ما فعلته فيه.

والفعل : مضارع ، وماض ، وأمر.

فعلامة المضارع أن يحسن فيه (لم) : كلم يشم.

وعلامة الماضي أن (١) تحسن فيه تاء التأنيث الساكنة ، كنعمت وبئست.

وعلامة الأمر أن تدل الكلمة على الأمر وتحسن فيها نون التوكيد ، كقومنّ ، وما لم يصلح من ذلك للنون فهو اسم ، نحو : صه ، بمعنى : اسكت. وحيهل ، بمعنى : أسرع ، أو أقبل ، أو عجّل.

__________________

(١) سقطت نون (أن) من ظ.

١٠٧

المعرب والمبني

والاسم منحصر في : معرب ، وهو ما سلم من شبه الحرف ، ويسمّى متمكنا. ومبني ، وهو ما أشبه الحرف شبها تامّا.

فيبنى الاسم لكونه يشبه الحرف إمّا في الوضع كالتاء وناء الاسمين من جئتنا ، ممّا وضع على حرف أو حرفين. ولا ترد علينا يد ودم ؛ إذ الأصل : يدي ودمي بدليل قوله في التثنية :

٥ ـ ولو أنّا على حجر ذبحنا

جرى الدّميان بالخبر اليقين (١)

وقوله :

٦ ـ يديان بالمعروف عند محلّم

قد تمنعانك أن تضام وتضهدا (٢)

__________________

(١) من الوافر ، والبيت ضمن أبيات نسبت أو بعضها إلى أكثر من شاعر ، فقيل : لعبد بني الحسحاس سحيم بن وثيل الرياحي. وعن الأصمعي : أنه لأبي زيد الطائي. وقيل : للمثقّب العبدي ، واسمه عائذ بن محصن. كما في العيني ١ / ١٩١ : ١٩٣. وقال صاحب الخزانة ٣ / ٣٤٩ ، ٣٥٠ ، ٣٥١ : إن الشاهد لعلي بن بدال من بني سليم ، ضمن أبيات ثلاثة كما في المجتبى لابن دريد ، عن عبد الحمن عن عمه الأصمعي. وانظره في ١ / ١٢٩ عرضا. وقيل : للفرزدق والأخطل.

الشاهد في : (دميان) تثنية (دم) ودم اسم معرب وإن ورد على حرفين فهو لا يشبه الحرف في الوضع ؛ إذ هو ثلاثي الأصل (دمي).

وقد استشهد به النحاة على الخلاف في لامه ، أهي واو أم ياء.

ملحق ديوان المثقب ٢٨٣ والمقتضب ١ / ٢٣١ و ٢ / ٢٣٨ و ٣ / ١٥٣ والمخصص ٦ / ٩٢ وأمالي ابن الشجري ٢ / ٣٤٤ وأمالي الزجاجي ٢٠.

(٢) في ظ (وتظهرا).

١٠٨

وإمّا في المعنى بأن يتضمّن معنى من معاني الحروف تضمّنا لازما للفظ أو المحل غير معارض بما يقتضي الإعراب ، كمتى ، وهنا ، ويا زيد ؛ لأنّ متى لازمه معنى الهمزة ، وهنا لازمه تضمّن معنى لإشارة ، ويا زيد ، لازم محلّه تضمّن معنى الخطاب.

وإمّا في الاستعمال بأن يلازم طريقة هي للحرف كأسماء الأفعال ، نحو : صه ، ودراك ، وهيهات ، والموصولات (١) ، نحو : الذي والتي ؛ لأنّ أسماء الأفعال لازمة الإسناد إلى الفاعل ، فهي أبدا عاملة ولا يعمل فيها شيء ، فأشبهت إنّ ، ولأنّ

__________________

والبيت من الكامل ، ولم ينسب لقائل. وقد رويت قافيته (تهضما) و (تقهرا) مع اختلاف في كلمات الشطر الثاني. ورواية ابن الشجري وابن يعيش (بيضاوان) بدل (بالمعروف).

المفردات : يديان بيضاوان : عبارة عن كرم صاحبهما ، أو أن المراد نقاؤهما وطهارتهما عمّا يشين في الدين والمروءة. محلّم : أحد ملوك اليمن ، ورويت (محرّق) بكسر الراء ، وهو لقب عمرو بن هند ملك الحيرة ، وكان أحرق مئة من بني تميم. وقيل : لقب الحارث بن عمرو من آل جفنة ملك الشام ، وكان أول من حرق العرب في ديارهم ، وآل جفنة يدعون آل محرق. تضام : تظلم ويهضم حقك. تضهد : تقهر.

الشاهد في : (يديان) تثنية (يد) و (يد) اسم معرب وإن جاء على حرفين فهو ثلاثي الأصل ، فلا يشبه الحرف في الوضع. ويورده النحاة على قلب لامه ياء في التثنية.

المنصف ١ / ٦٤ ، ٢ / ١٤٨ وابن يعيش ٤ / ١٥١ و ٥ / ٨٣ و ٦ / ٥ و ١٠ / ٥٦ والخزانة ٣ / ٣٤٧ وأمالي ابن الشجري ٢ / ٣٥ والمقرب ٢ / ٤٤ واللسان (يدي) ٤٩٥١.

(١) في ظ (وكالموصولات).

١٠٩

الموصولات تلازم الجمل فهي كالحرف في الاستعمال ، وإنما أعرب اللذان واللتان لما فيهما من التثنية ، وأيّ لأنّ شبهها بالحرف معارض بلزومها الإضافة ، والتثنية والإضافة من خواصّ الأسماء.

واحترز الشيخ بقوله : (بلا تأثر) عمّا ناب عن الفعل ولكن تأثر بعمل غيره فيه (١)

كضرب من قوله تعالى (٢) : (فَضَرْبَ الرِّقابِ)(٣).

ثمّ إنّ من (٤) الأسماء ما سلم من شبه الحرف على الوجه المذكور ، سواء كان صحيحا نحو : أرض ، أو معتلا نحو سما ، بضمّ السين لغة في اسم.

والفعل الماضي مبني على الفتح ، نحو ضرب.

وفعل الأمر مبني على السكون إن صحّ آخره ، نحو : افعل (٥) ، واضرب.

والمضارع معرب بشرط ألّا تتصل به نون توكيد ولا نون إناث كيرعن ، أمّا لو حال بين الفعل والنون ألف الاثنين أو واو الجمع أو ياء المخاطبة لم يحكم عليه بالبناء ؛ إذ لم يركّبوا ثلاثة أشياء فيجعلوها شيئا واحدا.

__________________

(١) في هامش ظ مصححة زيادة (فإنه معرب).

(٢) في ظ (تعا).

(٣) سورة محمد الآية : ٤.

(٤) في ظ زيادة (المعرب).

(٥) في ظ (اقعد).

١١٠

والحروف كلها مستحقة للبناء (١).

والأصل في البناء أن يكون على السكون ، نحو : كم ؛ لأنه أخف ، ما لم يمنع من السكون مانع فيجيء على الحركة ، وهي فتح ، نحو : أين ، وكيف ، وكسر نحو : أمس ، وضمّ نحو : حيث ، على الأفصح (٢) ؛ إذ جاء فتحها وكسرها ، وجاء حوث بالفتح والضمّ (٣).

وأنواع الإعراب : رفع ونصب ، وجرّ ، وجزم.

فالرفع والنصب يشترك فيهما الاسم والفعل المضارع (٤) ، والجرّ يختصّ بالأسماء ، والجزم بالأفعال المضارعة (٥).

فالرفع بضمة ، والنصب بفتحة ، والجر بكسرة ، والجزم بتسكين.

ويكون الإعراب بغير ما ذكر على طريق النيابة ، إذ في الأسماء المتمكنة ستة أسماء رفعها بالواو ، ونصبها بالألف ، وجرها بالياء ، بشرط الإضافة إلى غير ياء المتكلم ، والإفراد عن التثنية ، والجمع ، والتكبير.

وهي : (ذو) بمعنى صاحب مضافا إلى ظاهر غالبا ، والفم بغير ميم ، والأب ، والأخ ، والحم ، والهن ، تقول : جاء أبو أخيك ذا اعتلاء.

__________________

(١) في ظ (البناء).

(٢) وهي معربة عند بني فقعس الأسدية.

(٣) انظر اللغات في (حيث) في المفصل ١٦٩ وشرحه لابن يعيش ٤ / ٩٠ ـ ٩٢.

(٤) سقطت من ظ.

(٥) سقطت من ظ.

١١١

ونقص (هن) أحسن ، كقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فأعضوه بهن أبيه (١)». وقد ندر في بعض اللغات التزام نقص أب وأخ وحم ، كقول عدي (٢) :

٧ ـ بأبه اقتدى عديّ في الكرم

ومن يشابه أبه فما ظلم (٣)

وقصر هذه الثلاثة لغة هي أشهر من نقصها كقوله :

٨ ـ إنّ أباها وأبا أباها

قد بلغا في المجد غايتاها (٤)

__________________

(١) هذا قطعة من حديث ، أخرجه أحمد بن حنبل رحمه‌الله في مسنده ٥ / ١٣٦ عن أبيّ ، بلفظ : «كنّا نؤمر إذا الرجل تعزّى بعزاء الجاهلية فأعضّوه بهن أبيه ولا تكنوا». وهو في النهاية لابن الأثير ٣ / ٢٣٣ ، ٢٥٢ و ٥ / ٢٧٨ والفائق في غريب الحديث ٢ / ٤٢٤ وشرح التحفة ١٢٦ وشرح شواهد شرح التحفة الوردية للبغدادي ٨٨.

(٢) نسب البيت لعدي ، والصحيح أنه لرؤبة ، يمدح عديّا كما في التعليق الآتي ، ولعله سهو من الشارح أو أن في الكلام سقطا ، أو أن أصله كقوله في مدح عدي ، أو أن السهو من الناسخ.

(٣) البيت من رجز لرؤبة بن العجاج يمدح به الصحابي الكريم عديّ بن حاتم الطائي.

الشاهد في : (بأبه وأبه) على لغة النقص ؛ حيث حذف لام (أب) وجعل علامة إعرابه الحركة الظاهرة في الآخر ، وهي الكسرة في الأولى لسبقها بالباء ، والفتحة في الثانية لوقوعها مفعولا به للفعل(يشبه).

ملحقات الديوان ١٨٢ وشرح الكافية الشافية ١٨٤ وابن الناظم ١٢ وشرح التحفة الوردية ١٢٨ وشرح شواهد شرح التحفة ٩٥ وشفاء العليل ١٢٠ والعيني ١ / ١٢٩ والمرادي ١ / ٧٤ والهمع ١ / ٣٩ والدرر ١ / ١٢.

(٤) البيت من رجز لأبي النجم العجلي ، ونسب لرؤبة ولأبيه العجاج ، كما في ملحقات ديوان رؤبة. وذكر العيني أن أبا زيد أنشد البيت في النوادر ومعه بيتان عن المفضل الضبي عن أبي الغول أنه لبعض أهل اليمن. ولم أجد ذلك في المطبوع من النوادر. وقال البغدادي في الخزانة : إن ابن السيد

١١٢

والمثنى : هو الاسم الدالّ على اثنين بزيادة في الآخر مع صلاحية التجريد ، وعطف أحدهما على الآخر المماثل له كثيرا ، أو المقارب قليلا ، نحو : زيدان ؛ إذ يصح قولك : زيد وزيد.

وخرج بذا ، شفع واثنان وكلا وكلتا.

ويدخل في هذا ما سمع عنهم من نحو : العمرين مرادا به أبو بكر وعمر رضي‌الله‌عنهما ، والقمرين : الشمس والقمر ، والأبوين : الأب (١) والأم. ويرد هذا على ابنه فيما حدّ المثنى به في شرحه (٢).

وإعراب المثنى : زيادته ألفا في الرفع ، وياء مفتوحا ما قبلها في الجر والنصب ، تليهما نون يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.

وحمل على المثنى من أسماء التثنية كلمات منها : كلا وكلتا ،

__________________

نسب الشاهد في أبيات المعاني لرجل من بني الحارث.

الشاهد في : (أباها) الثالثة على لغة القصر ، وهي أشهر من لغة النقص ، ولو جاء على اللغة المشهورة في أب وأخ وحم لقال : (أبيها) لجرها بالإضافة لـ (أبا) الثانية.

ديوان أبي النجم ٢٢٧ وملحقات ديوان رؤبة ١٦٨ وشرح الكافية الشافية ١٨٤ وابن الناظم ١٢ وشفاء العليل ١٢٠ والعيني ١ / ١٣٣ والخزانة ٣ / ٣٣٧ وشرح التحفة الوردية ١٢٧ وشرح شواهد شرح التحفة ٩١ والمرادي ١ / ٧٥ والإنصاف ١ / ١٨ والمقرب ٢ / ٤٧ وتخليص الشواهد ٥٨ والهمع ١ / ٣٩ والدرر ١ / ١٢.

(١) في ظ (للأب).

(٢) لم يذكر ابن الناظم في تعريف المثنى ، المثنى بالتغليب ، مثل : إطلاقهم العمرين على أبي بكر وعمر ، والقمرين على الشمس والقمر ، والأبوين على الأب والأم. انظر شرحه للألفية ١٢ ـ ١٣.

١١٣

بشرط إضافتهما إلى مضمر ، فلو أضفناهما (١) إلى ظاهر فمقصوران ، ومنها : اثنان واثنتان مطلقا ؛ لأنهما كالمثنى من غير فرق.

وإعراب جمع المذكر السالم : إلحاق آخره واوا مضموما ما قبلها رفعا ، وياء مكسورا ما قبلها جرّا ونصبا ، تليهما نون يأتي ذكرها أيضا.

ويجب فتح ما قبل الياء والواو في الجمع المذكر السالم المقصور ، نحو : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ)(٢)(وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ)(٣) ولم ينبه عليه هنا ابنه في شرحه (٤).

وجمع المذكر السالم مطّرد في كلّ اسم خال من تاء التأنيث ، لمذكر ، عاقل ، علما ، كعامر ، أو أفعل تفضيل كالأفضل ، أو صفة تقبل تاء التأنيث إن قصد معناه كمذنب ، فسالم جمعها : عامرون والأفضلون والمذنبون ، وقس عليه.

وألحق بذلك أسماء جموع ، وجموع تكسير ، وجموع تصحيح لم تستوف الشروط. فمن الأول عشرون إلى تسعين ، وعالمون وعليون ، ومن الثاني أرضون وسنون وظبون وقلون ؛ لتغير لفظ الواحد فيها ، ومن الثالث أهلون ؛ لأنه جمع أهل ، وهو لا علم ولا صفة.

__________________

(١) في ظ (أضيفا).

(٢) سورة آل عمران الآية : ١٣٩.

(٣) سورة ص الآية : ٤٧.

(٤) انظر شرح ابن الناظم ١٤ ـ ١٦.

١١٤

وقد يستعمل باب سنين مثل حين ، فيعرب بالحركات على النون منوّنة ، (١) لا تسقطها إضافة ، وهي لغة مطردة ، حكاها جماعة منهم الفراء (٢) ، دليله قول الشاعر :

٩ ـ دعاني من نجد فإنّ سنينه

لعبن بنا شيبا وشيّبننا مردا (٣)

وفي الحديث على بعض الروايات : «اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف (٤)».

__________________

(١) في م زيادة (لأنه).

(٢) معاني القرآن للفراء ٢ / ٩٢. وهي لغة تميم وبني عامر.

والفراء ، هو أبو زكريا يحيى بن زياد الديلمي ، مولى بني أسد ، إمام الكوفيين في النحو بعد الكسائي ، له مصنفات كثيرة منها : معاني القرآن ، البهاء فيما تلحن فيه العامة ، المصادر في القرآن ، المقصور والممدود. مات بطريق مكة سنة ٢٠٧ ه‍ عن ٦٣ أو ٦٧ سنة. تاريخ الأدباء النحاة ٦٦ وبغية الوعاة ٢ / ٣٣٣.

(٣) البيت من الطويل للصمة بن عبد الله القشيري ، وهو من شعراء الدولة الأموية المقلين. وقيل : لمحجن بن مزاحم الغنوي عن ابن الأعرابي في نوادره. ورواية الفراء (ذراني) بدل (دعاني).

الشاهد في : (سنينه) وذلك بإجراء سنين مجرى حين في الإعراب بالحركات الظاهرة ، وهي لغة بني عامر قوم الشاعر ، يقولون : هذه سنين ، وعشت سنينا ، وسافرت من سنين بالتنوين ، والتزام النون مع الإضافة كما في الشاهد ، وكذا تميم لكن دون تنوين.

الديوان ٦٠ ومعاني القرآن للفراء ٢ / ٩٢ ومجالس ثعلب ١٤٧ ، ٣٢٠ والمخصص ٩ / ٦٦ وشرح الكافية الشافية ١٩٤ وابن الناظم ١٦ وابن يعيش ٥ / ١١ وشفاء العليل ١٥٠ والعيني ١ / ١٦٩ والخزانة ٣ / ٤١١ وأمالي ابن الشجري ٢ / ٥٣ والتكملة ٥٠٣.

(٤) أورده النحاة كما أورده الشارح ، وأما في كتب الحديث فقد أخرجه ـ ـ

١١٥

ونون الجمع حقّها الفتح ، وقد تكسر كقوله :

__________________

أبو عوانة في مسنده ٢ / ٢٨٣ في (كتاب الصلاة) عن سعيد عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه قال : لما رفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رأسه من الركعة الآخرة من صلاة الصبح ، قال : «اللهم أنج الوليد بن الوليد ...» ـ إلى أن قال : «اللهم اشدد وطأتك على مضر ، واجعلها عليهم سنينا كسني يوسف». وفي ٢ / ٢٨٤ عن أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ : «سنين كسني يوسف». وفي ٢ / ٢٨٧ عن أبي سلمة عن أبي هريرة أيضا ، أورد حديثين بلفظ : «سنينا كسني يوسف».

وأخرجه أحمد في المسند ١٦ / ٩٦ (١٠٠٧٢) عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان إذا رفع رأسه من الركعة الآخرة من صلاة العشاء الآخرة قنت ، وقال : اللهم نجّ الوليد بن الوليد ...» إلى أن قال : «اللهم اشدد وطأتك على مضر ، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف». وعنه في ١٦ / ٤٣٩ (١٠٧٥٤): «اللهم اجعلها سنين كسنين يوسف». وكذا في الدارقطني في (باب صفة القنوت وبيان موضعه) ٢ / ٣٨.

وفي تفسير الطبري ٤ / ٥٨ عند قوله تعالى : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، قال صلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الفجر ، فلما رفع رأسه من الركعة الثانية ، قال : «اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة ...

اللهم سنين كسنين آل يوسف». فأنزل الله (لَيْسَ لَكَ ...) الآية ، وعن أبي هريرة : «واجعلها عليهم كسني يوسف». والشاهد في : (سنينا كسنين يوسف) كما أورد النحاة ، حيث جاء بنصب (سنينا) منونة ، وبثبوت نونها مع الإضافة (سنين يوسف) فعوملت معاملة (حين) في الحالين ، بالإعراب بالحركات الظاهرة على النون فتحا في الأولى بالنصب على الظرفية الزمانية ، وكسرا في الثانية لسبقها بالكاف.

أما على روايات كتب الحديث المذكورة ، فقد جاءت نون (سنين) منونة في حال النصب وغير منونة ، وثابتة في حال الإضافة ومحذوفة لأجلها ، فعوملت معاملة جمع المذكر السالم مرة ومعاملة (حين) مرة ، فدل على جواز الحالين.

١١٦

١٠ ـ وما ذا يبتغي الشعراء منّي

وقد جاوزت حدّ الأربعين (١)

ونون التثنية حقها الكسر ، وقد تفتح ، لكن كسر تلك ضرورة ، وفتح هذه لغة قوم (٢) ، كقول رجل جاهلي من ضبّة :

١١ ـ أعرف منه الأنف والعينانا

ومنخرين أشبها ظبيانا (٣)

__________________

(١) البيت من الوافر لسحيم بن وثيل الرياحي. ورواية الخزانة ٣ / ٤١٤ وغيرها : (وما ذا يدّري الشعراء ...) بمعنى : كيف يطمع الشعراء في خديعتي ...

الشاهد في : (الأربعين) بكسر النون ، وذلك بجعل علامة إعراب الجمع وما ألحق به الحركة الظاهرة على النون ؛ بإجرائه مجرى (غسلين وحين) على خلاف الأصل. وقد خرجه ابن جني على الضرورة.

المقتضب ٣ / ٣٣٢ والأصمعيات ١٩ وشفاء العليل ١٤٢ وابن الناظم ١٧ والمرادي ١ / ٩٩ والعيني ١ / ١٩١ وابن يعيش ٥ / ١١ وأمالي السهيلي ٦٥ والخزانة ١ / ١٢٦ عرضا والهمع ١ / ٤٩ والدرر ١ / ٢٢

(٢) هم بنو أسد كما في معاني القرآن للفراء ٢ / ٤٢٣ والعيني ١ / ١٨٣ والدرر ١ / ٢١.

(٣) من الرجز قيل : لرؤبة ، ولرجل من بني ضبّة ، كما ذكر الشارح. ورواية الخزانة : (أحب منها). والرواية المشهورة (منها) ولم أجد من رواها (منه) غير الشارح ، وروي (الجيد) بدل (الأنف).

المفردات : الجيد : العنق. منخرين : مثنى منخر على زنة مسجد ، وهو فتحة الأنف ، وسمي بذلك لظهور صوت النخير معه.

الشاهد في : (العينانا وظبيانا) فقد فتح النون فيهما على أنها حركة إعراب النصب ؛ لعطف الأول على منصوب ، ونصب الثاني مفعولا به ، ولحقتهما ألف الإطلاق ، وهذه لغة قوم وليست ضرورة.

واستشهد به بعضهم على معاملة المثنى معاملة المقصور على لغة بني الحارث ابن كعب ، ونسبت أيضا إلى بني العنبر وبني الهجيم ، وأن (ظبيانا) مثنى ظبي ، وليس اسم رجل كما ذكره بعضهم. ـ

١١٧

وهذا أشفى من كلّ ما استشهد به ابنه في شرحه ؛ إذ لا يمكن في هذا الكسر ؛ فإنّ القافية مفتوحة بدليل قوله قبله :

إنّ لسلمى عندنا ديوانا

أخزى فلانا وابنه فلانا

وجمع المؤنث السالم بالألف والتاء ، يرفع بضمة ويجرّ وينصب بكسرة.

وحمل عليه (١) في إعرابه أولات اسم جمع لا واحد له من لفظه ، بمعنى ذوات ، وكذا ما سمّي به كعرفات وأذرعات.

ومنهم من يجعل هذا كأرطاة علما ، فإذا وقف قلب التاء هاء.

ومنهم من يحذف التنوين ويعربه بالكسرة في الجرّ والنصب.

وغير المنصرف (٢) سيفرد بباب ، لا ينون ويجر بالفتحة ما لم يضف أو تدخله أداة التعريف ، ولو كانت ميما في لغة كقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ليس من امبر امصيام في امسفر (٣)». [وكقول الشاعر :

__________________

ملحق ديوان رؤبة ١٨٧ والنوادر ١٦٨ والمرادي ١ / ١٠١ وابن عقيل ١ / ٦٤ والعيني ١ / ١٨٤ والخزانة ٣ / ٣٣٦ وشرح شواهد شرح التحفة عرضا ٩٢ والأشموني ١ / ٩٠ والاقتراح ٦٠ والهمع ١ / ٤٩ والدرر ١ / ٢١.

(١) في ظ (على).

(٢) في ظ زيادة واو قبلها.

(٣) أخرجه أحمد في مسنده ٣٩ / ٨٤ (٢٣٦٧٩) عن كعب بن عاصم الأشعري كما أورده الشارح ، وكذا في مجمع الزوائد ٣ / ١٦١.

ونقل محققو المسند ٣٩ / ٨٥ عن ابن حجر في التلخيص الحبير ٢ / ٢٠٥ أنه قال : «هذه لغة لبعض أهل اليمن ، يجعلون لام التعريف ميما».

أما البخاري فأورد الحديث في (كتاب الصوم) ١ / ٣٣٣ عن جابر بن ـ ـ

١١٨

١٢ ـ أإن شمت من نجد بريقا تألّقا

أكابد ليل إمأرمد اعتاد أولقا (١)]

وذلك نحو : أحمد ومروان ؛ لأنه شابه الفعل فثقل فلم يدخله تنوين ؛ لأنه علامة الأخف والأمكن عندهم. ومنع الجر بالكسر تبعا للتنوين ؛ لتآخيهما في اختصاصهما بالأسماء وتعاقبهما على معنى واحد في باب : راقود (٢) خلّا ، وراقود خلّ.

وكلّ فعل مضارع اتصل به ألف اثنين نحو يفعلان ، وتفعلان ،

__________________

عبد الله رضي‌الله‌عنه قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في سفر فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه فقال : «ما هذا؟» فقالوا : صائم ، فقال : «ليس من البر الصيام في السفر». قلت : ولعلّ رواية جابر في مناسبة غير ما رواها الأشعري لقوم ليسوا من أهل اليمن ، أو أن كلّا منهما روى الحديث بما ألف من لغته فحملها الراوي عنه ، وأدّاها باللفظ الذي سمعه منه ، وهذا الثاني أوجه عندي ، والله أعلم. وانظر شرح الكافية الشافية ١٦٤.

(١) سقط ما بين [] من ظ.

والبيت من الطويل لرجل من طيء. ورواية العيني : (تبيت بليل) بدل (تكابد ليل).

المفردات : شمت : نظرت. بريقا : لمعان برق. وذكر العيني أنه وجده بخط الفضلاء على صورة التصغير. تألّقا : لمع. أولقا : الأولق الجنون ، أو الخفة من النشاط كالجنون.

الشاهد في : (إمأرمد) على أن (أرمد) لا ينصرف للصفة ووزن الفعل ، لكنه لمّا دخلت عليه (أم) المعرّفة ـ أخت (أل) في لغة اليمن ـ جرّ بالكسرة كما هو الأمر مع لحاق (أل).

شرح التسهيل ١ / ٤٢ والمرادي ١ / ١٠٨ والعيني ١ / ٢٢٢ والأشموني ١ / ٩٦ والهمع ١ / ٢٤ والدرر ١ / ٧.

(٢) الراقود : وعاء تحفظ فيه السوائل كالخل.

١١٩

أو واو جمع نحو : يفعلون ، وتفعلون ، أو ياء مخاطبة نحو : تفعلين ، فعلامة رفعه نون مكسورة بعد الألف ، مفتوحة بعد الواو والياء ، وعلامة جزمه ونصبه حذفها مثل : لم تكوني يا هند لترومي مظلمه.

والاسم المعرب على ضربين : صحيح ومعتل ، فالمعتلّ (١) على ضربين مقصور ومنقوص.

فالمقصور : هو الاسم المعرب الذي آخره ألف لازمة ، نحو : المصطفى والعصا.

وقلنا : المعرب ؛ ليخرج نحو : هذا ، ولازمة ؛ لتخرج ألف أخاك ، والزيدان.

والمنقوص : هو الاسم المعرب الذي آخره ياء لازمة خفيفة تلي كسرة ، كالمرتقي والقاضي.

وقلنا : المعرب ؛ ليخرج هذي. وقلنا : لازمة ؛ لتخرج ياء الزيدين ، وأخيك. وخفيفة ، لتخرج الكرسي. وتلي كسرة ؛ ليخرج ظبي.

فالصحيح يظهر فيه الإعراب كله ، والمقصور مقدّر فيه الإعراب كله ، والمنقوص يقدّر فيه غالبا الرفع والجر ، ويظهر فيه النصب.

__________________

(١) في ظ (والمعتل).

١٢٠