شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - ج ٩

محمّد بن يوسف بن أحمد [ ناظر الجيش ]

شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - ج ٩

المؤلف:

محمّد بن يوسف بن أحمد [ ناظر الجيش ]


المحقق: علي محمّد فاخر [ وآخرون ]
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٠

.................................................................................................

______________________________________________________

والثاني : أنه أثبت العلامة في الوصل وحقها أن لا تثبت إلا في الوقف». انتهى.

وحاصل الأمر : أن المسؤول عنه الذي هو نكرة يحكى بـ «أيّ» وب «من» وإذا حكي بواحدة من الكلمتين جيء فيها بما يستحقه المحكي من إعراب وتأنيث وتثنية وجمع ، كما مثل ، وقد لا يطابق في تثنية ولا جمع ، كما سيذكر ، ولكن الأكثر والأفصح المطابقة.

وليعلم أن «أيّا» إذا لم تكن للاستثبات ، فإن الأفصح فيها أن تكون مفردة بغير «تاء» للمذكر والمؤنث في جميع الأحوال ، ومن العرب من يثني ويجمع ويؤنث ، وهو قليل لا يكاد يوجد إلا في الشعر ومنه :

٤١٧٥ ـ وأيّة بلدة إلّا أتينا

من البلدان تعلمها نزار (١)

وقول الآخر :

٤١٧٦ ـ بأيّ كتاب أم بأيّة سنّة

ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب (٢)

ثم اعلم أن إحدى الكلمتين تفارق الأخرى في ثلاثة أحكام (٣) :

الأول : أن «أيّا» يحكى بها ما للعاقل وما لغير العاقل ، ولهذا قال المصنف بعد ذكره «أيّا» : عاقل أو غيره ، و «من» لا يحكى بها إلا ما للعاقل.

الثاني : أن «أيّا» يحكى بها في الوصل والوقف. وهذا مراد المصنف بقوله : مطلقا ، و «من» لا يحكى بها إلا في الوقف خاصة ، وقد نبه المصنف على ذلك بقوله : في الوقف.

الثالث : أن «أيّا» تحكى فيها حركات الإعراب دون إشباع ، وأما «من» فيجب في الحكاية بها الإشباع ، ولهذا قال المصنف بعد ذكر «من» : ولكن تشبع ـ

__________________

(١) البيت من الوافر ولم أهتد إلى قائله ، والشاهد فيه قوله : «وأية بلدة» فإنه أتى بالتاء في «أي» والأفصح فيها إذا لم تكن للاستثبات أن تكون مفردة بغير «تاء» وهذا قليل خاص بالشعر.

(٢) البيت من الطويل وهو للكميت بن زيد. والشاهد فيه قوله : «بأية سنة» فإنه أتى بالتاء في «أي» وهذا قليل خاص بالشعر ؛ لأن «أيّا» الأفصح فيها إذا لم تكن للاستثبات أن تكون مفردة بغير «تاء».

والبيت في المحتسب (١ / ١٧٣) ، والخزانة (٤ / ٥).

(٣) زاد الأشموني حكمين آخرين أحدهما : أن «من» يحكى بها النكرة ويحكى بعدها العلم و «أي» تختص بالنكرة. والثاني : أن ما قبل «تاء التأنيث» في «أي» واجب الفتح ، تقول : أية وأيتان وفي «من» يجوز الفتح والإسكان. انظر الأشموني (٤ / ٩٢ ، ٩٣).

٢٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

الحركات في نونها حال الإفراد ، فأفهم كلامه بقوله : «ولكن» أن الحكم المذكور مخصوص بـ «من».

وأفهم قول المصنف : وتسكّن قبل تاء التّأنيث حال التّثنية ـ أنها قبل «تاء» التأنيث في الإفراد لا تسكن بل تفتح كما أن كل حرف واقع قبل «تاء» التأنيث يستحق الفتح ، فيقال : منة في الإفراد ومنتان في التثنية.

وأشار بقوله : وربّما سكّنت في الإفراد وحركت في التّثنية ـ إلى أنه قد يعكس الأمر فيهما فيقال : منت ، ومنتان.

وأفهم قوله «وربّما» أن الأكثر والأفصح التحريك في الإفراد ، والتسكين في التثنية.

ولما كان المجموع الذي يحكى بـ «أيّ» وب «من» قد يكون جمع تكسير ، وكانت الحكاية إنما يؤتى فيها بصيغة جمع التصحيح ، كقولك : أيّون ، ومنون ـ احتاج المصنف بعد قوله : أو جمع تصحيح ـ إلى أن يردف ذلك بقوله : موجود فيه أو صالح لوصفه.

فمثال الأول : بنون وبنات ، ومثال الثاني : رجال ونساء.

فإن جمع التصحيح وإن لم يكن موجودا فيهما لكنهما صالحان لوصف يجمع جمع التصحيح ، كقولك : قام رجال مسلمون ونساء مسلمات.

وأما قوله : وقد يستعملان مع غير المفرد المذكّر استعمالهما معه ـ ، فأشار به إلى أن «أيّا» يحكى فيها إعراب المحكي خاصة كائنا ما كان ، فإذا قيل : قام رجل أو رجلان أو رجال قلت : أيّ ، وإذا قيل : ضربت رجلا ، أو رجلين أو رجالا قلت : أيّا ، وإذا قيل : مررت برجل أو رجلين أو رجال ، قلت : أيّ ، وكذا إذا قيل : قامت امرأة أو امرأتان أو نساء ، قلت : أيّة يا هذا ، وتنصب في نصب ذلك وتجر في جره ، وكذا تفعل في «من» فتلحقها «واوا» رفعا و «ألفا» نصبا و «ياء» جرّا ، فيقال في : قام رجل أو رجلان : منو ، وفي نصب ذلك : منا ، وفي جره :مني ، وكذلك في المؤنث إفرادا وتثنية وجمعا ، نقل ذلك يونس عن قوم من العرب وهو لا (١) ، قصدوا قصر الأمر على حكاية الإعراب خاصة. ـ

__________________

(١) يعني أن يونس نقل ذلك عنهم ومع ذلك فقد خالفهم ، قال في الكتاب (٢ / ٤١٠) (هارون)

٢٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

واعلم أن الذي تعطيه عبارة الكتاب أنه يقال في السؤال عن قول القائل : قامت امرأة أو امرأتان أو نساء : أيّ ، فالتذكير لقوله : وقد يستعملان مع غير المفرد المذكّر استعمالهما معه. ولا شك أن غير المفرد المذكر من جملته المؤنث ، وإذا كان كذلك أشكل قولهم : إنك تقول لمن قال : قامت امرأة أو امرأتان أو نساء : أيّة يا هذا ، ثم لازم ذلك أن يقال لمن قال : قامت امرأة ... إلى آخره : منة دون منو ، والظاهر أن الأمر بخلاف ذلك ؛ لكن قال الشيخ (١) : «إنك لا تقول إلا أيّة وإن النقل عنهم كذلك».

والذي ذكره ابن عصفور في «المقرّب» موافق لكلام المصنف فإنه قال (٢) : «وإن استثبت بأيّ قلت : أيّ في الرفع [٥ / ٢٠٨] وأيّا في النصب وأيّ في الخفض ، وسواء أكان الاسم مفردا أم مثنىّ أم مجموعا أم مذكرا أم مؤنثا».

واعلم أن الشيخ عند ما تكلّم على إشباع حركات نون «من» ، قال (٣) :«وتلخص أنك في منان ومنين حكيت التثنية والإعراب ، وفي منون ومنين حكيت الجمع والإعراب ، وفي منه أو منت حكيت الإفراد والتأنيث لا الإعراب ، وفي منتان ومنتين حكيت التثنية والتأنيث والإعراب ، وفي منات حكيت التأنيث والجمع لا الإعراب» انتهى.

ولقائل أن يقول : إن الإعراب في «منه» أو «منت» وفي «منات» محكي تقديرا ؛ لأن «من» لا يحكى بها إلا في الوقف ، ولكن لا يوقف على متحرك ، والسكون إنما هو عارض من أجل الوقف ، ولا يلزم من عدم النطق بشيء عدم تقدير ذلك الشيء ، ولو قال القائل : قام زيد : وقف وسكّن «دال» زيد ـ لا يمتنع أن ـ

__________________

«وحدثنا يونس أن ناسا يقولون أبدا : منا ومني ومنو ، عنيت واحدا أو اثنين أو جميعا في الوقف ، فمن قال هذا قال : أيّا وأيّ وأيّ إذا عنى واحدا أو جميعا أو اثنين ، وإنما فعلوا ذلك بمن لأنهم يقولون : من قال ذاك؟ فيعنون ما شاءوا من العدد ، وكذلك أي ، تقول : أيّ يقول ذاك؟ فتعني بها جميعا وإن شاء عنى اثنين ، وأما يونس فإنه كان يقيس «منه» على أيّة فيقول : منة ومنة ومنة ، إذا قال : يا فتى ، وكذلك ينبغي له أن يقول إذا آثر أن لا يغيرها في الصلة ، قال سيبويه : وهذا بعيد ، وإنما يجوز هذا على قول شاعر قاله مرة في شعر ثم لم يسمع بعد».

(١) انظر التذييل (خ) ج ٥ ورقة ٢٠٧.

(٢) انظر المقرب (١ / ٢٩٩).

(٣) انظر التذييل (خ) ج ٥ ورقة ٢٠٧ ، ٢٠٨.

٢٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

يقال : زيد مرفوع وإن لم ينطق برفعه ، لأنه إنما سكّن آخره لكونه موقوفا عليه ، وهكذا يقال في المحكي.

وفي شرح الشيخ (١) : «واختلف النحويون في الحروف اللاحقة لمن يعني : الواو والألف والياء ، في : منو ومنا ومني ، فقال المبرد (٢) : هي حروف زيدت أولا ولزمت عنها الحركات ، وقال بعضهم : إنها عوض من لام العهد (٣) ، وقال السيرافي (٤) : إن حركات النون حركات حكاية وأشبعت فولدت عن الحركات الحروف ، والموجب للإشباع أنه لا يوقف على متحرك» انتهى.

والذي قاله السيرافي هو الحق الذي لا يجوز العدول عنه ، ولا يفهم الذهن الصحيح غيره ، وأما القولان المنسوب أحدهما للمبرد ، فلم أفهم معناهما.

ثم ذكر الشيخ (٥) أن من فروع هذه المسألة ـ يعني الحكاية بـ «من» ـ أنه إذا اجتمع مؤنث ومذكر ألحقت في الآخر ، تقول لمن قال : رأيت رجلا وامرأة : من ومنه فتسكن الأول ؛ لأنه وصل ، وكذلك لو عكست ، تقول لمن قال : رأيت امرأة ورجلا : من ومنا ، وسواء اتفق الإعراب كما مثل أم اختلف ، تقول لمن قال :ضرب رجل امرأة : من منه ، والعكس من منا ، وكذلك أيضا لو اتفقنا في الوحدة كما مثل ، أو اختلفا فتقول لمن قال : رأيت رجلا وامرأتين : من ومنتين ، ورجلا ونساء : من ومنات ، وكذلك في العكس ، فتقول لمن قال : رأيت امرأة ورجلين :من ومنين ، ونساء ورجلا : من ومنا ، وعلى هذا يقاس.

قال (٦) : وهل يجوز أن يغلب المذكر على المؤنث فيبنى بصيغة المذكر ، فتقول لمن قال : رأيت رجلا وامرأة : منين ، كما تقول : ضربت أحمرين في رجل أحمر وامرأة حمراء ، فيمكن أن يلحق بهذا ، فيقال : منين ويمكن أن لا يلحق به؟فلا يجوز ؛ لأن القصد الحكاية في الاستثبات ، فتقول على هذا : من ومنه كما ذكر أولا ، وكذلك إذا سئل بأيّ يجري على هذا القياس ، فتقول لمن قال : رأيت رجلا ـ

__________________

(١) المرجع السابق ورقة ٢٠٨ ، وقد نقله عنه بتصرف.

(٢) انظر المقتضب (٢ / ٣٠٥).

(٣) انظر الهمع : (٢ / ١٥٣).

(٤) المرجع السابق.

(٥) انظر التذييل (خ) ج ٥ ورقة ٢٠٨ ، ٢٠٩.

(٦) أي الشيخ أبو حيان.

٢٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وامرأة : أيّا وأيّة ، وكذلك العكس فتقول لمن قال : رأيت امرأة ورجلا : أيّة وأيّا ، يجري كل واحد منهما على ما يقتضيه قياسه وإعرابه ، قال (١) : ولو خلطت سؤال من مع سؤال أيّ وذلك في العاقل وغيره في قول من قال : رأيت رجلا وحمارا ، فتقول : من وأيّا ، فتأتي بكل واحد منهما على قياسه.

قال الشيخ (٢) : «ولم يتعرض المصنف لإعراب أيّ في الحكاية ولا علام يكون رفعها ونصبها وجرّها؟ قال : ونحن نتكلم الآن على ذلك ... فذكر : أنهم اختلفوا في الحركات اللاحقة لأيّ ، فقيل : حركات إعراب نشأت عن عوامله ، وقيل :ليست للإعراب ، وإنما هي إتباع للفظ المتكلم على الحكاية ، لأنه يلزم من كونها إعرابا إضمار حرف الجر إذا جررت أيّا ، وعلى هذا تكون أيّ بمنزلة من في موضع رفع بالابتداء أو الخبر ، ولا يبعد أن تكون مفعولة محلّا ، وقد التزم بعضهم إدخال حرف الجر ، فيقول : بأيّ.

وقياس مذهب البصريين (٣) أن أيّا إذا كانت مرفوعة أن يكون رفعها على الابتداء ، فإذا قيل : أيّ سؤالا لمن قال : قام رجل فالتقدير عندهم : أيّ قام ، ولا يقدر الفعل قبلها ، فتكون فاعلة ؛ لأن الاستفهام لا يتقدم عامله عليه إلا إذا كان جارّا بشرط أن يتأخر عنه الذي يتعلق به الجار.

والكوفيون (٤) يجيزون في باب الحكاية رفعها بفعل مضمر قبلها ، لأن اسم الاستفهام عندهم في الحكاية يجوز تقديم العامل فيه حتى يكون طبق المحكي في ذلك ، ولو أظهر الفعل عندهم لجاز ، وإظهاره هو المختار عندهم في مثل : اشترى أيّ أيّا ، حكاية لمن قال : اشترى رجل فرسا ؛ ليتبين أن الاسمين محمولان على فعل واحد مضمر يرفع أحدهما وينصب الآخر ، كما أن المحكي كذلك.

وأما إذا كانت أيّ منصوبة أو مخفوضة فإنها إذ ذاك محمولة على فعل مضمر ، ويجوز الإتيان به تأكيدا فتذكره متأخرا فتقول : أيّا ضربت ، وبأيّ مررت؟ ويجوز أن تأتي به قبل أيّ فتقول : ضربت أيّا ، ومررت بأيّ ، لأنه قد جرى الفعل في كلام ـ

__________________

(١) أي الشيخ أبو حيان.

(٢) انظر التذييل (خ) ج ٥ ورقة ٢٠٧.

(٣) انظر شرح الألفية للأبناسي (٢ / ٣٨٦) (رسالة).

(٤) المرجع السابق.

٢٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

المتكلم ، فكان ذكرك إياه كالتكرار ، فكأنك لم تذكر قبل أداة الاستفهام فعلا ، ولذلك لم يفعلوه إلا في الاستثبات ولم يفعلوا ذلك مع جميع أسماء الاستفهام ، إنما يفعلون ذلك مع أيّ وما ومن لا يجوزونه في غيرهن ، يقول القائل : أكلت خبزا فتقول : أكلت ما ، ويقول : لقيت زيدا فتقول : لقيت من ، ويقول : ضربت رجلا فتقول : ضربت أيّا ، ولو قال : خرجت يوم الجمعة فاستثبته ، لقلت : متى خرجت؟ ولا يقول : خرجت متى؟ وتقول : سرت ضاحكا فتقول له : كيف سرت؟ ولا يجوز :سرت كيف؟ وكذلك سائر أسماء الاستفهام إلا «أين» فقد حكي في الاستثبات [٥ / ٢٠٩] بها تقدم العامل ، حكي من كلامهم : إنّ أين الماء والعشب ، استثباتا لمن قال : إنّ في موضع كذا الماء والعشب ، وقد جاء أيضا في «كم» معطوفة على غيرها ، تقديم العامل لأنه يجوز في المعطوف ما لا يجوز في المعطوف عليه ، حكي من كلامهم : قبضت عشرين وكم استثباتا لمن قال : قبضت عشرين وكذا» انتهى.

ولم أتحقق قولهم : إن الحركات اللاحقة لـ «أيّ» في هذا الباب تكون حركات إعراب نشأت عن عوامله ؛ لأن الأمر إذا كان كذلك فلا حكاية حينئذ ، ولا شك أن الحكاية هي المقصودة ، ثم كيف يتجه في حركات «أيّ» أن تكون حركات إعراب مع أن حركة الحكاية قسيمة لحركة الإعراب بالنسبة إلى أصل الحركات؟ ثم إن حركة الإعراب يجاء بها لبيان مقتضى العامل ، وحركة الحكاية لا يؤتى بها لذلك فبينهما تناف ، نعم إذا قيل : إن الحركة إعراب وإن التقدير : أيّ قام ، كان ذلك غير ممتنع ، لكن تخرج المسألة من باب «الحكاية» ويكون المتكلم بذلك حينئذ قاصدا الاستفهام لا قاصدا لحكاية إعراب اسم في كلام الغير ، والقول بأن الكوفيين يجيزون في باب «الحكاية» رفع «أيّ» بفعل مضمر يمكن حمله على ما قلته.

والحق أنه لا يتصور في حركات «أيّ» و «من» في باب «الحكاية» أن تكون حركات إعراب ؛ لأن ذلك مؤدّ إلى نقض القواعد وهدم ما تقرر ، وقد أمكن حمل كلام من يقول بتقدير عامل على غير قصد الحكاية ، وأنه إنما يقصد إذ ذاك الاستفهام خاصة دون حكاية لشيء سبق ، ويعضد هذا قول صاحب «الإفصاح» (١) : «من النحويين من أجاز ترك الحكاية في باب «أي» وأجاز الاستئناف على الابتداء والخبر». ـ

__________________

(١) هو ابن هشام الخضراوي.

٢٤٦

[العلم وأحكامه عند حكايته]

قال ابن مالك : (ولا يحكى غالبا معرفة إلّا العلم غير المتيقّن نفي الاشتراك فيه ، فيحكيه الحجازيّون مقدّرا إعرابه بعد «من» غير مقرونة بعاطف ، ولا يقاس عليه سائر المعارف ، ولا يحكى في الوصل بـ «من» ؛ خلافا ليونس في المسألتين ، وفي حكاية العلم معطوفا أو معطوفا عليه خلاف [منعه يونس وجوّزه غيره واستحسنه سيبويه]).

______________________________________________________

فصرح بأن الحكاية تترك إذا قصد التركيب من مبتدأ وخبر ، وأن ذلك يكون استئنافا للاستفهام بمعنى ليس معادا من كلام تقدم ، لكن قد قال ابن عصفور في «المقرّب» (١) : «ولا بد من إدخال حرف الجر على من وأيّ إذا استثبت بهما عن مخفوض ، ويكون المجرور متعلقا بفعل مضمر وتقدره بعدهما ، وإذا استثبت بهما عن مرفوع كانا مبتدأين والخبر محذوف لفهم المعنى ، وإذا استثبت بهما عن منصوب كانا منصوبين بفعل مضمر محذوف لفهم المعنى» انتهى.

وأقول : هذا الكلام منه يناقض قوله في أول الفصل : إنك تحكي بمن وبأيّ لأن حركة الحكاية غير حركة الإعراب ، ثم إذا كان الأمر كما ذكره ثانيا لم يكن ثمّ حكاية أصلا ، وهذا الكلام مما أشكل عليّ.

قال ناظر الجيش : اعلم أن المسؤول عنه في هذا الباب إما نكرة وإما معرفة ، فالنكرة نفسها لا تحكى وإنما يحكي ما لها من إعراب وتذكير وإفراد وأضدادهما ، وإما بـ «أيّ» وقفا ووصلا ، إما بـ «من» في الوقف خاصة ، وقد انتهى الكلام على ذلك.

وأما المعرفة فتحكى هي نفسها ، لكن إنما يحكى منها العلم خاصة دون بقية المعارف ، وإنما يحكيه الحجازيون بالشرط الذي ذكره كما سيشرح.

قال المصنف في شرح الكافية (٢) ـ تلو كلام في المتقدم ـ : «وإن سئل بمن عن علم جيء بمن وبعدها العلم المسؤول عنه محركا بضمة إن كان الأول مرفوعا ، ـ

__________________

(١) انظر المقرب (١ / ٣٠٠ ، ٣٠١).

(٢) انظر شرح الكافية الشافية (٤ / ١٧١٨ ، ١٧١٩).

٢٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وبفتحة إن كان منصوبا ، وبكسرة إن كان مجرورا بشرط أن لا يتقدم على «من» حرف عطف ، هذا هو مذهب أهل الحجاز (١) ، وأما غيرهم (٢) فيجيء بالعلم بعد «من» مرفوعا سبقت «من» بعاطف أو لم تسبق ، فإن سبقت من بعاطف فالرفع متعين عند الجميع ، وهو مقدر على لغة من يحكي وهم الحجازيون ، وذلك قولك :من زيدا ، لمن قال : رأيت زيدا ، ومن زيد ، لمن قال : مررت بزيد ، فالفتحة والكسرة للحكاية ، والرفع في موضعهما مقدر ؛ لأن الواقع بعد «من» مبتدأ خبره «من» أو خبر مبتدؤه «من» ، فإن كان المحكي مرفوعا رفع ما بعد «من» في اللغتين ، وأجاز يونس (٣) حكاية كل معرفة قياسا على العلم ، فيجوز عنده أن يقال لمن قال : رأيت غلام زيد ، ومررت بصاحب عمرو : من غلام زيد ، ومن صاحب عمرو ، وأجاز (٤) أيضا حكاية النكرة بـ «من» في الوصل ، ولا أعلم له في المسألتين موافقا.

واختلف في حكاية العلم معطوفا على غير علم أو معطوفا عليه غير علم ، فبعضهم أجاز وبعضهم منع (٥) ، نحو قولك : من سعيدا وابنه؟ لمن قال : رأيت سعيدا وابنه ، ومن غلام زيد وعمرا؟ لمن قال : رأيت غلام زيد وعمرا» انتهى كلامه رحمه‌الله تعالى ، وانحل به ما ذكره في «التسهيل» غير قوله غالبا ، وقوله :غير المتيقّن نفي الاشتراك فيه.

فأما غالبا ـ فاحترز به من حكاية غير العلم من المعارف ، من ذلك قول ـ

__________________

(١) انظر الكتاب (٢ / ٤١٣) (هارون) والمفصل (ص ١٤٨) والأشموني (٤ / ٩١) وقال الصبان :«إنهم يجوزون الحكاية والإعراب ، بل يرجحون الإعراب» حاشية الصبان (٤ / ٩١).

(٢) وهم بنو تميم ، انظر الكتاب (٢ / ٤١٣) (هارون) وقال سيبويه «وهو أقيس القولين» وانظر المفصل (ص ١٤٨).

(٣) انظر المقتضب (٢ / ٣٠٨) ، وقال المبرد : «وقد يجوز ما قال وليس بالوجه» وقال الأشموني (٤ / ٩٢): «والصحيح المنع».

(٤) قال في الكتاب (٢ / ٤١١) (هارون): «وزعم يونس أنه سمع أعرابيّا يقول : ضرب من منا ، وهذا بعيد لا تكلم به العرب ولا يستعمله منهم ناس كثير».

(٥) منعه يونس وجوزه غيره واستحسنه سيبويه. انظر الكتاب (٢ / ٤١٣ ، ٤١٤) (هارون). والأشموني (٤ / ٩٢).

٢٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

بعضهم (١) : ذهب مع منين ، لمن قال : ذهب معهم ، وستأتي إشارة المصنف إلى هذه المسألة ، وذلك في غاية الندور ، قال الزجاجي : لو قال : رأيته أو مررت به ، لقلت : من هو ، ولم يجز غير ذلك وقال سيبويه (٢) : حكاية مثل هذا من الأسماء المضمرة جائز على مذهب من قال : دعنا من تمرتان ، وهو قبيح شاذ جدّا ليس مما يعوّل عليه.

وأما قوله : غير المتيقّن نفي الاشتراك فيه ، فاحترز به من العلم الذي يتيقن نفي الاشتراك فيه فإنه لا يحكى ، فلا يقال : من الفرزدق لمن قال : رأيت الفرزدق ، لأنه اسم يتيقّن نفي الاشتراك [٥ / ٢١٠] فيه (٣).

وشمل قول المصنف : العلم ـ أقسامه الثلاثة التي هي : الاسم واللقب والكنية ، والسبب في أن العرب قصروا حكاية المعرفة على العلم ، وأنه لا يحكى إلا بـ «من» خاصة ـ ثلاثة أمور :

أحدها : أن «من» اسم مبني فلا يظهر فيه قبح الحكاية لعدم ظهور الرفع ، ولا يصح أن يجيء الخبر على صورة المنصوب والمجرور.

ثانيها : أن الأعلام بابها التغيير ؛ لأنها كلها منقولة إلا اليسير منها ، فلذلك كثرت الشذوذات فيها إذ التغيير يأنس بالتغيير.

ثالثها : خوف اللبس ، لأنه إذا قال القائل : رأيت زيدا ولم تحك لفظه في الاستثبات وقلت : من زيد يتوهم السامع أنك لا تسأله عن زيد الذي ذكره ، ومن ثمّ كان شرط الحكاية أن لا يدخل على «من» حرف عطف لزوال اللبس بدخول حرف العطف ، لأنه قد علم أن المسؤول عنه إنما هو الأول ، ولو لا ذلك لم يسغ عطف كلامك على الكلام المتقدم. ذكر ذلك أبو الحسن بن عصفور (٤) ثم قال (٥) : «فلما اجتمعت هذه الأشياء لم يكن بدّ من الحكاية عند أهل ـ

__________________

(١) انظر الكتاب (٢ / ٤١٢) (هارون).

(٢) انظر الكتاب (٢ / ٤١٢) (هارون) وهو مفهوم عبارة سيبويه.

(٣) انظر الأشموني (٤ / ٩٢).

(٤) انظر شرح الجمل (٢ / ٤٦٥) وقد نقله عنه بتصرف.

(٥) المرجع السابق.

٢٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الحجاز» انتهى.

وقوله عن الحجازيين : إنه لا بد من الحكاية عندهم في ما اجتمعت فيه هذه الأشياء ، موافق لكلام المصنف ؛ إلا أن الشيخ قال (١) : «والمنقول أن الحجازيين قد يرفعون العلم على كل حال كلغة غيرهم ، وقد يحكون إعرابه في كلام المتكلم ، وبنو تميم يعربون ولا يحكون». وهذا النقل يخالف ما قاله المصنف وابن عصفور ، ثم نقل الشيخ (٢) عن صاحب «البسيط» أنه قال : «إذا أردت أن تحكي أكثر من اثنين ، وكان كلّ مما يحكى على حدته ، وكانا علمين ، وفصلت بمن وكررتها مع الثاني ، أدخلت حرف العطف على من وحكيت ، فقلت لمن قال :ضربت زيدا وعمرا : من زيدا ومن عمرا ، ولا يبطل دخول حرف العطف على الثاني ، الحكاية ؛ لأنه إنما يبطلها في الأول ، وإن لم تعد من لم تكن الحكاية ، لأن العطف يقرب من التثنية ، والتثنية لا تحكى فكذلك العطف ، وقد يجوز لأنه ليس كالتثنية من كل الوجوه ، لأن التثنية إنما كانت مانعة لزوال العلمية والعطف لا يزيل ذلك» انتهى.

وما قاله صاحب «البسيط» ليس ببعيد ، لأن الامتناع من الحكاية مع حرف العطف المذكور أولا إنما كان للعلة التي عرفتها (٣) ، وتلك العلة مفقودة في المسألة التي ذكرها ، وأما قوله : «إن العطف يقرب من التثنية» فهو أمر لا اعتبار له في ما الكلام فيه ، ولا محقق لذلك في هذه المسألة.

واعلم أن قول المصنف : فيحكيه الحجازيّون مقدّرا إعرابه بعد من ـ أن الإعراب يقدر في الأحوال الثلاثة (٤) ، أما في حالتي النصب والجر فظاهر ، وأما في حالة الرفع فلأن الحركة الموجودة في نحو قولنا : من زيد ، حكاية قول القائل : جاء زيد ، إنما أتي بها للحكاية كما أتي بحركة النصب والجر ، في قولنا : من زيدا ، ومن زيد ، وإذا كانت للحكاية وجب تقدير الحركة الإعرابية ، وقد ذكر الشيخ (٥) عن ـ

__________________

(١) انظر التذييل (خ) ج ٥ ورقة ٢٠٩.

(٢) المرجع السابق ورقة ٢١٠.

(٣) وهي خوف اللبس. وانظر حاشية الصبان (٤ / ٩١).

(٤) لأن حرفه مشغول بحركة الحكاية. انظر الهمع (٢ / ١٥٣).

(٥) انظر التذييل (خ) ج ٥ ورقة ٢٠٩.

٢٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

بعضهم (١) أنه يقول : «إن الحركة حال حكاية المرفوع حركة إعراب ، قال : لأنه لا حاجة إلى تكلف تقدير رفعه مع وجود أخرى» ولا يخفى ضعف هذا القول وبعده عن القواعد وعن الذوق أيضا.

وذكر الشيخ (٢) أيضا عن الفارسي (٣) أنه يجعل الخبر بمن في قولنا : من زيدا ومن زيد ـ يعني إذا حكيت النصب أو الجر ـ جملة حذف أحد جزأيها وبقي الآخر وهو «زيد» المحكي.

وهو كلام في غاية السقوط ، والاشتغال بمثله يذهب لطائف أسرار الصناعة النحوية.

وكذلك نقل (٤) عن الكوفيين (٥) ما يطول ذكره وهو لا يجدي شيئا ، بل فيه خرم للقواعد وتشويش على الأذهان مع ضياع الزمان في تسويد الأوراق.

ثم إن الشيخ عند كلامه على قول المصنف : ولا يقاس عليه سائر المعارف ، ولا يحكى في الوصل بمن ؛ خلافا ليونس في المسألتين ـ قال (٦) : «إذا كان الاسم المستثبت عنه معرفة غير علم ، ففيه تفصيل لم يتعرض له المصنف ، وهو إما أن يكون وصفا منسوبا أو غير ذلك. إن كان وصفا منسوبا فإنك تدخل على «من» الألف واللام و «ياء» النسب (٧) فتقول : المنيّ ، لمن قال : قام زيد القرشيّ إذا لم تفهم القرشي فاستثبت عنه ، ويعرب إذ ذاك ويؤنث ويثنى ويجمع بالواو والنون ، وبالألف والتاء ، وتثبت هذه الزيادات في الوصل والوقف ، فإن فهمت الصفة ولم تفهم الموصوف ، لم تحك ، بل تقول : من زيد القرشيّ ؛ إلا على لغة من يحكي العلم المتبع وذلك قليل. ـ

__________________

(١) هو أبو الحكم الحسن بن عبد الرحمن بن عذرة الخضراوي كما ذكره الشيخ في التذييل. وانظر الهمع (٢ / ١٥٣) ، وقد ترجم له السيوطي في بغية الوعاة (١ / ٥١٠).

(٢) التذييل (خ) ج ٥ ورقة ٢٠٩.

(٣) انظر الهمع (٢ / ١٥٣).

(٤) أي الشيخ ، انظر التذييل (خ) ج ٥ ورقة ٢٠٩.

(٥) انظر الهمع (٢ / ١٥٣).

(٦) انظر التذييل (خ) ج ٥ ورقة ٢١٠ ، ٢١١ وقد نقله عنه بتصرف.

(٧) انظر الكتاب (٢ / ٤١٥) (هارون).

٢٥١

[مسائل خمس في باب الحكاية]

قال ابن مالك : (وفي حكاية العلم معطوفا أو معطوفا عليه خلاف [منعه يونس وجوّزه غيره واستحسنه سيبويه](١) ولا يحكى موصوف بغير «ابن» مضاف إلى علم ، وربّما حكي الاسم دون سؤال ، وربّما حكي العلم والمضمر بـ «من» حكاية المنكّر ، وربّما قيل : ضرب من منه ومنو منا ، لمن قال : ضرب رجل [٥ / ٢١١] امرأة ورجل رجلا).

______________________________________________________

وإن كان غير وصف منسوب ، لم تجز فيه الحكاية ، نحو قولك : من صاحبك ، ومن هذان ، ومن الزيدان ، هذا هو المختار ، وأجاز بعضهم الحكاية أجراه مجرى العلم فيقول : من أخاك ومن أخيك ، لمن قال : رأيت أخاك ومررت بأخيك ، قال : وهذا المذهب هو الذي حكاه المصنف عن يونس.

وليعلم أن ابن عصفور جعل الاستثبات عن نسب المسؤول عنه مسألة برأسها فقال (٢) : «وإذا استثبت عن نسب المسؤول عنه ، قلت : المنّيّ في العاقل والمائيّ والماويّ في غير العاقل ، وتجعله في الإعراب والتثنية والجمع والتأنيث والتذكير على حسب المسؤول عنه».

قال ناظر الجيش : هذه مسائل خمس :

الأولى :

حكاية العلم معطوفا أو معطوفا عليه : قال المصنف في شرح الكافية (٣) : «واختلف في حكاية العلم معطوفا على غير علم أو معطوفا عليه غير علم ، فبعضهم أجاز وبعضهم منع ، نحو قولك :من سعيدا وابنه لمن قال : رأيت سعيدا وابنه ، ومن غلام زيد وعمرا لمن قال :رأيت غلام زيد وعمرا» انتهى.

واعلم أن عبارة المصنف يفهم منها أن الخلاف موجود ، سواء أكان أحد ـ

__________________

(١) أعاد الشارح المتن وشرحه مرة أخرى.

(٢) انظر المقرب (١ / ٣٠١).

(٣) انظر شرح الكافية الشافية (٤ / ١٧٢٠).

٢٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

المتعاطفين علما أم غير علم ، بخلاف ما ذكره في شرح الكافية.

قال الشيخ (١) : «مذهب يونس (٢) رحمه‌الله ، وجماعة ، أن عطف أحد الاسمين على الآخر مبطل للحكاية ، ومذهب غيره أن العطف لا يبطل الحكاية ، فإذا كان الاسمان المتعاطفان من قبيل ما يحكى ، حكيتهما ، فتقول لمن قال : رأيت زيدا وعمرا : من زيدا وعمرا؟ ، وإن كان أحدهما من قبيل ما لا يحكى (٣) والآخر ليس من قبيل ما يحكى بنيت على المتقدم منهما وأتبعته الآخر في الحكاية أو إبطالها.

فتقول لمن قال : رأيت زيدا وصاحب عمرو : من زيدا وصاحب عمرو ، ولمن قال :رأيت صاحب عمرو وزيدا : من صاحب عمرو وزيد».

وهذا الذي ذكره الشيخ هو الذي ذكره ابن عصفور ؛ فإنه قال (٤) : «فإن اجتمع ما يحكى مع ما لا يحكى بنيت الكلام على المتقدم ، فتقول : من زيدا ورجلا ، لمن قال : رأيت زيدا ورجلا ، ومن رجل وزيد إن تقدم الرجل».

لكن الشيخ نقل (٥) عن صاحب «البسيط» أنه قال : «وحكى سيبويه (٦) الجواز ، فتقول : من زيدا وأخا عمرو ، تتبع الكلام بعضه بعضا ، ولأنهما لما اشتركا في العطف اكتسب أحدهما حكم الآخر ، كما أنك تقول ذلك في : تبّا له وويلا له وويل ، ومن قال هذا فهو أولى أن يقول : من زيدا وعمرا».

قال (٧) : «وفي الإفصاح قال سيبويه (٨) : وأما ناس فقاسوا فقالوا : تقول : من أخو زيد وعمرو ، ومن عمرا وأخا زيد ، فتتبع الكلام بعضه بعضا ، قال سيبويه : وهذا أحسن» انتهى ما ذكره الشيخ.

واستفيد من المنقول عن سيبويه أن العطف غير مبطل للحكاية ، وإن كان ـ

__________________

(١) انظر التذييل (خ) ج ٥ ورقة ٢١٢.

(٢) انظر الكتاب (٢ / ٤١٣ ، ٤١٤) (هارون).

(٣) بالأصل : من قبيل ما لا يحكى ، وما أثبتناه هو الصواب.

(٤) انظر المقرب (١ / ٢٩٨).

(٥) انظر التذييل (خ) ج ٥ ورقة ٢١٢.

(٦) انظر الكتاب (٢ / ٤١٤) (هارون).

(٧) أي الشيخ ، انظر التذييل (خ) ج ٥ ورقة ٢١٢.

(٨) انظر الكتاب (٢ / ٤١٤) (هارون).

٢٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

أحد المتعاطفين غير صالح لها ، فكيف إذا كان كلاهما صالحا لذلك؟

المسألة الثانية :

العلم المنعوت لا يحكى مع نعته : قال المصنف في شرح الكافية (١) : «وأما حكاية العلم بصفته فجائزة إن كان الوصف بابن مضاف إلى علم ، كقولك (٢) : من زيد بن عمرو ، لمن قال : مررت بزيد بن عمرو ، فإن وصف بغير ذلك لم يجز أن يحكى بصفته ، بل إن حكي حكي بدونها» انتهى.

واعلم أنه كما امتنعت حكاية المنعوت بغير «ابن» هكذا يمتنع ما أتبع بتوكيد أو عطف بيان أو بدل. ومن ثمّ قال ابن عصفور (٣) : «ولا يحكى إلا بشرط أن لا يكون الاسم المحكي متبعا بتابع من التوابع ما عدا العطف ، إلا أن يكون الاسم التابع مع المتبع كالشيء الواحد ، فإنه يجوز حكايته نحو : زيد بن عمرو».

فلهذا قال الشيخ (٤) : «وفي قول المصنف : ولا يحكى موصوف ـ قصور ؛ إذ حكم التوكيد وعطف البيان والبدل حكم النعت ، قال : فلو قال : ولا يحكى متبع إلا موصوف بابن مضاف إلى العلم كان جامعا ، قال : والفرق بين العطف وبين غيره من التوابع : أن العطف ليس فيه بيان للمعطوف عليه ، بخلاف غيره من التوابع فإن فيه بيان أن المتبوع هو الذي جرى ذكره في كلام المخبر ، وأما في العطف فلا يبين ذلك بيانا تامّا إلا بالحكاية وإيراد لفظ المخبر في كلام الحاكي على حاله من الحركات».

المسألة الثالثة :

وهي المشار إليها بقوله : وربّما حكي الاسم دون سؤال : والذي يظهر أنه قصد بذلك الإشارة إلى ما ذكره في شرح الكافية وهو قوله (٥) : ومن العرب من يحكي الاسم النكرة مجردة من «أيّ» و «من» ومنه قول بعضهم : ليس بقرشيّا (٦) رادّا على من قال : إن في الدار قرشيّا أو نحو ذلك ، ومنه ـ

__________________

(١) انظر شرح الكافية الشافية (٤ / ١٧٢٠).

(٢) انظر الكتاب (٢ / ٤١٤) (هارون).

(٣) انظر المقرب (١ / ٢٩٨).

(٤) انظر التذييل (خ) ج ٥ ورقة ٢١٢.

(٥) انظر شرح الكافية الشافية (٤ / ١٧٢١).

(٦) انظر الكتاب (٢ / ٤١٣) (هارون).

٢٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

أيضا قول من قال : دعنا من تمرتان (١) ، وقول الشاعر :

٤١٧٧ ـ وأجبت قائل كيف أنت بصالح

حتّى مللت وملّني عوّادي (٢)

أدخل الباء على «صالح» وتركه مرفوعا كما كان يكون لو لم تدخل عليه الباء ويمكن أن يكون من هذا ما كتب بواو في خط الصحابة رضي الله تعالى عنهم :فلان بن أبو فلان ، كأنه قيل : فلان بن المقول فيه أبو فلان ، والمختار فيه عند المحققين أن يقرأ بالياء وإن كان مكتوبا بالواو كما تقرأ : الصلاة والزكاة ، بالألف ، وإن كانا مكتوبين بالواو تنبيها على أن المنطوق به منقلب عن «واو». انتهى.

ولكن الشيخ شرح هذا الموضع بأن قال (٣) :

«فسر قوله : وربّما حكي الاسم دون سؤال ، بقول الله تعالى : (يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ)(٤) قال : فإبراهيم ليس مسؤولا عنه ، وقد حكي هذا اللفظ لأنه كان اسمه :إبراهيم ، فحكي هذا اللفظ وأعراب وجعل مفعولا لم يسم فاعله». ثم ذكر (٥) اختلاف الناس في تخريج قوله تعالى : (يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) وأورد ثلاثة الأقوال المشهورة وهي (٦) : أنه إما مفعول صريح لـ «يقال» وإما منادى حذف منه حرف النداء ، وإما أن يكون مرفوعا بالإهمال ، وقال : إذا كان مفعولا صريحا لـ «يقال» فيكون من حكاية المفرد». انتهى.

ولم ينتظم لي قوله أولا «فحكي هذا اللفظ وأعرب وجعل مفعولا لم يسم فاعله» ولا قوله ثانيا : «فيكون من حكاية المفرد» مع قوله «إنه مفعول صريح ليقال» إذ حركة الحكاية غير حركة الإعراب.

ثم إن المصنف يرى أن الكلمة إذا أريد مجرد لفظها ووجه إليها القول نصبتها ـ

__________________

(١) انظر المرجع السابق.

(٢) البيت من الكامل وهو لقائل مجهول. والعوّاد جمع عائد وهو من يزور المريض. والشاهد فيه هنا :حكاية الاسم النكرة مجردة من أي ومن ، فأدخل الباء على «صالح» وتركه مرفوعا كما كان يكون لو لم تدخل عليه ، وهو قبل دخولها عليه مرفوع لأنه خبر مبتدأ محذوف أي : أنا صالح ، ونحو ذلك.

(٣) انظر التذييل (خ) ج ٥ ورقة ٢١٢.

(٤) سورة الأنبياء : ٦٠.

(٥) أي الشيخ أبو حيان.

(٦) انظر البيان للأنباري (٢ / ١٦٢) ، والتبيان للعكبري (٩٢١).

٢٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

مفعولا بها ، فتقول : قلت زيدا ، قلت عمرا ، وقوله تعالى : (يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ)(١) عنده من هذا القبيل ، فلما بني الفعل [٥ / ٢١٢] للمفعول أقيم المنصوب مقام المرفوع ، وتقدم له ذكر هذه المسألة في باب «الأفعال الناصبة المبتدأ والخبر مفعولين» وقررها أحسن تقرير ، فليس «إبراهيم» من قوله تعالى : (يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) من الحكاية عند المصنف في شيء ، وإذا كان كذلك فكيف يفسر كلامه بشيء قد نص هو فيه على خلافه؟وبقية كلام الشيخ في هذه المسألة لم يتحقق لي فتركت إيراده.

المسألة الرابعة :

أن العلم والمضمر قد يحكيان بـ «من» حكاية المنكّر ، وقد تقدم ذكر شيء من ذلك.

قال ابن عصفور (٢) : «ومن العرب من يجري سائر المعارف مجرى النكرة في الاستثبات بمن وبأيّ ، سمع من العرب من يقال له : ذهب معهم ، فيقول : مع منين (٣)؟ والأحسن أن يقول : من هم؟ فلا يحكي».

ولما كانت عبارة ابن عصفور أعم من عبارة المصنف في هذه المسألة ـ قال الشيخ (٤) : «وفي قوله ـ يعني المصنف ـ : ويحكى العلم والمضمر ، قصور ، وكذا في قوله : من قصور أيضا ، وكان ينبغي أن يقول : وربما حكيت المعرفة ، ليشمل العلم والمضمر وغيرهما ، وأن يقول : بأيّ وبمن ولا يخصص من».

المسألة الخامسة :

وهي : ربما قيل : ضرب من منه ومنو منا ، لمن قال : ضرب رجل امرأة ، ورجل رجلا ، أما : ضرب من منه فذكروا أن حركاتهما حركة إعراب.

قال ابن عصفور (٥) : «وحكى يونس (٦) أن بعض العرب يعرب من ويحكي بها النكرات ، كما يحكي بأيّ ، وسمع من كلامهم : ضرب من منا ، وعلى هذه اللغة قوله :

٤١٧٨ ـ أتوا ناري فقلت : منون أنتم

فقالوا : الجنّ ، قلت : عموا ظلاما (٧)

 ـ

__________________

(١) سورة الأنبياء : ٦٠.

(٢) انظر المقرب (١ / ٣٠٠).

(٣) انظر الكتاب (٢ / ٤١٢) (هارون).

(٤) انظر التذييل (خ) ج ٥ ورقة ٢١٢.

(٥) انظر المقرب (١ / ٣٠٠).

(٦) انظر الكتاب (٢ / ٤١٠ ، ٤١١) (هارون).

(٧) سبق شرحه والتعليق عليه.

٢٥٦

[حكاية التمييز]

قال ابن مالك : (ويقال في حكاية التّمييز لمن قال : عندي عشرون : عشرون ما ذا؟ وعشرون أيّا؟ على رأي).

______________________________________________________

فأثبت علامة الجمع في الوصل كما يفعل بأيّ ، وهذه اللغة من الندور بحيث لا يقاس عليها». انتهى.

قال الشيخ بهاء الدين بن النحاس في شرح هذا الموضع (١) : «قال سيبويه (٢) : وهذا بعيد لا يتكلم به ولا تستعمله العرب ، ولا يستعمله ناس كثير ، وكان يونس إذا ذكرها يقول : لا يقبل هذا كلّ أحد ، وينبغي لهذا أن لا يقول : منو في الوقف ، ولكن يجعله كأيّ ـ يعني يجعلها معربة ، كأيّ ويخلع منها معنى الاستفهام ـ فلذلك استبعده يونس.

قال : وأما تخريج البيت (٣) فالذي خرجه عليه أحسن من تخريج الزمخشري وهو (٤) أن الشاعر ارتكب شذوذين : إلحاق العلامة في الدّرج ، وتحريك النون ، قال شيخنا ـ يعني ابن عمرون ـ في البيت : فإنما يجوز : منون على ذا ، يعني على حكاية يونس فيها الإعراب» انتهى.

وهو كلام حسن غير أنه يقتضي أن كلمة «أيّ» في قولنا في الحكاية : أي تكون معربة.

وقد عرفت أن القول بالإعراب ينافي الحكاية ، على أن ابن عصفور قد صرح بالإعراب في الصور كلها كما تقدم نقلنا ذلك عنه ، وفي ذلك الإشكال الذي تقدم لنا ذكره.

وأما قول المصنف : ومنو منا ـ فإشارة إلى أن حركة «من» والإشباع يثبتان في الوصل ، كما أنهما يثبتان في الوقف وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك.

قال ناظر الجيش : قال الشيخ (٥) : وليس هذا من حكاية التمييز ؛ إذ لم ينطق به المتكلم ، وإنما هذا من الاستفهام ـ

__________________

(١) انظر كتاب التعليقة على المقرب لابن النحاس ورقة (١٢٥).

(٢) انظر الكتاب (٢ / ٤١١) (هارون) وقد نقله بتصرف.

(٣) القائل هو الشيخ بهاء الدين بن النحاس.

والبيت هو قوله : أتوا ناري فقلت : منون أنتم ... البيت.

(٤) انظر المفصل (ص ١٤٧ ، ١٤٨).

(٥) انظر التذييل (خ) ج ٥ ورقة ٢١٣ ، وقد نقله عنه بتصرف.

٢٥٧

[حكاية المفرد المنسوب إليه حكم للفظه]

قال ابن مالك : (ويحكى المفرد المنسوب إليه حكم هو للفظه ، أو يجرى بوجوه الإعراب اسما للكلمة أو للّفظ).

______________________________________________________

المستأنف عن التّمييز ليس من باب «الاستثبات» عن التمييز إذ لم يجر ذكره في الكلام المتقدم.

ثم دل قوله : على رأي ، أن منهم من يمنع ذلك ، ومستند المانع : أن التمييز لا يكون بأسماء الاستفهام ؛ لأنه يلزم من ذلك تقدم العامل فيها عليها ولا يجوز ذلك.

ولا شك أن هذا التركيب يلزم منه أن يكون «عشرون» ناصبا لـ «ما ذا» ، ولقولنا «أيّا» وهو متقدم عليها ، ومعلوم أن ذلك غير جائز».

قال ناظر الجيش : قال المصنف في شرح الكافية (١) : «وإذا نسب إلى حرف أو غيره حكم هو للفظه دون معناه ، جاز أن يحكى وجاز أن يعرب بما يقتضيه العامل ، فمن الحكاية قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إيّاكم ولو فإنّ لو تفتح عمل الشّيطان» (٢) ومنه قول الشاعر :

٤١٧٩ ـ بثين الزمي لا إنّ لا إن لزمته

على كثرة الواشين أيّ معون (٣)

ومن الإعراب قول الشاعر :

٤١٨٠ ـ ليت شعري وأين منّي ليت

إنّ لوّ أو إنّ ليتا عناء (٤)

 ـ

__________________

(١) انظر شرح الكافية الشافية (٤ / ١٧٢٢ ، ١٧٢٣).

(٢) انظر مسند ابن حنبل (٢ / ٣٦٦ ، ٣٧٠).

(٣) سبق شرحه والتعليق عليه في باب : ما زيدت الميم في أوله من هذا التحقيق.

والشاهد فيه هنا : حكاية الحرف «لا».

(٤) سبق شرحه والتعليق عليه في باب أسماء الأفعال والأصوات من هذا التحقيق.

والشاهد فيه هنا : إعراب الحرف بما يقتضيه العامل ، فأعرب «ليت» خبرا لـ «أين» ورفعها ، وأعرب «لو» و «ليت» اسما لـ «إنّ» ونصبهما.

٢٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وأنهاكم عن قيل وقال» (١) على الحكاية (٢) و «عن قيل وقال» على الإعراب (٣).

ثم إن الأداة التي يحكم لها بالاسمية في هذا الاستعمال إن أوّلت بكلمة منعت الصرف ، وإن أوّلت بلفظ صرفت».

وقال الشيخ في شرح هذا الموضع (٤) : «مثال ذلك : أن يقول القائل : ضربت زيدا ، فتقول : زيدا مفعول فتحكي الكلمة ، أو تعربها ، فتقول : زيد مفعول ، وتجريه إذا أعربته بوجوه الإعراب ، فيكون اسما للكلمة ، فتؤنث ما يعود عليها من الضمائر ، وتخبر عنها إخبار الذّكر ، فتقول : زيد مفعولة ، أي هذه الكلمة ، أو :زيد مفعول أي : هذا اللفظ».

وقال (٥) في قول المصنف : أو يجرى بوجوه الإعراب : «هذا إذا كان مما يقبل الإعراب ، فإن كان مبنيّا حكيته ، ولا يجوز إعرابه ، نحو أن يقول قائل : قام من في الدار ، فتقول : من موصول ولا يجوز : من موصول ، وكذلك لو قيل : عجبت من عمرو ، لقلت : من حرف جر ، ولا يجوز : من حرف جر.

وحكم الإسناد اللفظي أن يكون للمسند إليه ما يستحقه من إعراب وبناء لو أسند إلى معناه فتقول : زيد ثلاثي فتعربه كما يعرب : زيد قائم ، واضرب فعل أمر ، فتتركه مبنيّا كحاله إذا أمرت المخاطب به ، فقلت : اضرب ، ومن حرف جر كحاله إذا قلت : عجبت من زيد». انتهى.

وما ذكره من أن الكلمة إذا كانت مبنية وحكيت [٥ / ٢١٣] لا يجوز إعرابها ـ ليس على إطلاقه ، وإنما يتعين البناء إذا كانت الكلمة مسندا إليها ما هي موضوعة له ، كقولنا : ـ

__________________

(١) جزء من حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رواه البخاري عن المغيرة في كتاب «الدعوات» باب «ما يكره من قيل وقال» انظر صحيح البخاري (٤ / ١٢٥) بحاشية السندي ، ورواه مسلم في كتاب «الأقضية» الحديث : ١٠ ، ١٣ ، ١٤ ، ورواه الإمام مالك في الموطأ (٢ / ٩٩٠) برواية «ويسخط لكم قيل وقال».

(٢) انظر الكتاب (٣ / ٢٦٨) واللسان (قول).

(٣) انظر المرجعين السابقين.

(٤) انظر التذييل (خ) ج ٥ ورقة ٢١٣.

(٥) أي الشيخ ، وانظر التذييل (خ) ج ٥ ورقة ٢١٣.

٢٥٩

[حكم حكاية السؤال بالهمزة]

قال ابن مالك : (فصل : إن سأل بالهمزة عن مذكور منكر اعتقاد كونه على ما ذكر ، أو بخلافه ، حكاه غالبا ووصل منتهاه ، ولو كان صفة أو معطوفا في الوقف جوازا ، بمدّة تجانس حركته إن كان متحرّكا ، أو بياء ساكنة بعد كسرة ، إن كان تنوينا ، أو نون «إن» تلي المحكيّ توكيدا للبيان ، وربّما وليت دون حكاية ما يصحّ به المعنى كقول من قيل له : أتفعل : أأنا إنيه؟ وقد يقال : أذهبتوه لمن قال : ذهبت ، وأ أنا إنيه؟ لمن قال : أنا فاعل ، فإن فصل بين الهمزة والمذكور «تقول» أو نحوه ، أو كان السّائل واصلا ، أو غير منكر ولا متعجب لم تلحق هذه الزّوائد).

______________________________________________________

ضرب فعل ماض ، ومن حرف جر ؛ لأن «ضرب» إنما يكون فعلا ماضيا إذا كان آخره مفتوحا ، لا إذا كان آخره مضموما ، وحرف الجر إنما هو «من» بالسكون لا «من» بالحركة وإذا كان كذلك ، وجب بقاء كل من الكلمتين على بنائه الذي هو موضوع عليه.

أما لو ذكرت الكلمة مخبرا عنها بأمر ليس ذلك الأمر موضوعها ، كما في قول الشاعر :

٤١٨١ ـ إن لوّا وإنّ ليتا عناء (١)

أو كان القصد بذكرها مجرد اللفظ بها كما في الحديث الشريف : «وأنهاكم عن قيل وقال» ـ فإن الإعراب جائز كما أن الحكاية جائزة (٢).

قال ناظر الجيش : قال المصنف في شرح الكافية (٣) : «حرف الإنكار مدّة زائدة تلحق المحكيّ بعد همزة الاستفهام ، متصلة بآخره ، مجانسة لحركته ، أو بعد كسرة تنوينه إن كان منونا ، أو بعد كسرة نون «إن» مزيدة بعد الآخر ، كقولك في : هذا ـ

__________________

(١) سبق شرحه والتعليق عليه في باب أسماء الأفعال والأصوات.

(٢) انظر الكتاب (٣ / ٢٦٨).

(٣) انظر شرح الكافية الشافية (٤ / ١٧٢٥ ، ١٧٢٦).

٢٦٠