نزهة الناظر

الشيخ يحيى بن سعيد الحلي

نزهة الناظر

المؤلف:

الشيخ يحيى بن سعيد الحلي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : الفقه
المطبعة: مطبعة الآداب
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٦٧

عليه السلام عن السهو ما يجب فيه سجدتا السهو؟ فقال : إذا اردت ان تقعد فقمت أو اردت ان تقوم فقعدت أو اردت ان تقرا فسبحت أو اردت ان تسبح فقرات فعليك سجدتا السهو وليس في شئ مما يتم به الصلاة سهو (١)

فصل

[الخطب الواجبة والمندوبة]

الخطب احدى عشرة خطبة وهي على ضربين : واجب ومندوب فالواجب خطبة الجمعة.

والمندوب : خطبة عيد الفطر وخطبة عيد الاضحى والخطبة عند أمر الامام الناس بالصوم للاستسقاء قبل صلاة الاستسقاء والخطبة بعد الفراغ من صلاة الاستسقاء والخطبة قبل يوم التروية يخبر الامام الناس فيها بمناسك الحج والخطبة يوم التروية والخطبة يوم عرفة قبل الاذان للزوال ذكرها الشيخ أبو جعفر في الاول من مسائل الخلاف (٢) والخطبة بمنى يوم النحر إذا زالت الشمس بعد صلاة الظهر والخطبة بعد الزوال يوم النفر الاول من منى ذكرها الشيخ أبو جعفر في الاول من مسائل الخلاف ايضا (٣) وخطبة النكاح.

__________________

(١) التهذيب ٢ / ٣٥٣.

(٢) انظر الخلاف ١ / ٤٥٢.

(٣) المصدر السابق ١ / ٤٥٨.

٤١

فصل

[المواضع التي يجوز فيها المشى في الصلاة]

يجوز المشى في الصلاة في عشرة مواضع : ان وجد الامام راكعا وخاف فوات تلك الركعة وبينه وبين الصفوف قدر يزيد على مربض عنز كبر وركع ومشى في ركوعه حتى يلحق بالصف وسجد وان شاء ركع وسجد في موضعه فإذا رفع الامام راسه رفع هو راسه وقام ومشى في صلاته حتى يلحق بالصف ـ منع المفيد من ذلك.

ومن كان في صلاة الجماعة وراى خللا في صف مشى ووقف في ذلك الخلل والمراة إذا جاء رجل أو رجال ووقفوا في صفها مشت القهقرى ووقفت منفردة عن صف الرجال ومن رعف في الصلاة واصاب ثوبه أو بدنه منه قدر درهم فصاعدا جاز ان يمشى من غير ان يستدبر القبلة ويغسل الدم ويتم الصلاة.

ومن تضايقت عليه الصفوف جاز ان يمشى ليوسع على نفسه أو على غيره ويقف منفردا أو يقف في صف غير ذلك الصف ومن كان في دعاء الوتر وهو عطشان وعزم الصوم من الغد وامامه قلة وبينه وبينها خطوتان أو ثلاث مشى إليها وشرب منها قدر حاجته وعاد في الدعاء ـ كذا رواه سعيد الاعرج عن أبي عبد الله عليه السلام بهذه الشروط مقيدا في الباب الاخير من التهذيب (١) ورواه في الباب الاول على بن ابي حمزه وغيره عمن حدثه مطلقا (٢).

والمسافر إذا جد به السفر ولم يتمكن من الوقوف في الصلاة صلى

__________________

(١) التهذيب ٢ / ٣٢٩.

(٢) المصدر السابق ٢ / ١٢٨.

٤٢

ماشيا ـ جاءت به احاديث في باب صلاة المسافر (١).

ومن كان في الصلاة وراى حية أو عقربا جاز له ان يمشى إليها ويقتلها ويتم الصلاة وروى عمار الساباطى عن أبي عبد الله عليه السلام في الحية إذا كان بينه وبينها خطوة واحدة فليخط وليقتلها وإلا فلا (٢).

ومن خاف ضياع مال أو اباق عبد أو اتلاف دابة أو هلاك صبى جاز له ان يمشى في الصلاة ويستوثق في حفظ ذلك ويرجع فيتم صلاته فإن لم يتمكن إلا بقطع الصلاة قطعها والمتيمم إذا صلى ركعة واحدة واحدث ما به ينتقض التيمم من غير تعمد ثم وجد الماء جاز له ان يمشى إليه ويتوضا ويبنى على صلاته ما لم يتكلم أو يستدبر القبلة ـ جاء به حديثان صحيحان (٣) وإليه ذهب الشيخ أبو الحسن على بن بابويه في الرسالة والشيخ أبو جعفر الطوسى في كتبه لكنه لم يقيده بصلاة ركعة.

ومن كان في موضع مغصوب وتضيق عليه وقت الصلاة صلى ما شيا ايماء وخرج من ذلك الموضع إذا تمكن من الخروج.

فصل

[الموضع التي يكره فيها الكلام]

يكره الكلام في ستة عشر موضعا : في حال الجماع وحال الغائط وحال البول إلا بحمد الله تعالى وقراءة آية الكرسي فيما بينه وبين نفسه وحكايه الاذان والاقامة إذا سمعهما فيما بينه وبين نفسه ايضا والدعاء المروى

__________________

(١) المصدر السابق ٣ / ٢٩٩.

(٢) التهذيب ٢ / ٣٣١.

(٣) انظر التهذيب ١ / ٢٠٥ ، الاستبصار ١ / ١٦٨.

٤٣

عند شدة الزحير (١).

وحال الاكل إلا بحمد الله تعالى وخلال الاقامة وهو فيها اشد كراهية من الاذان وغيبوبة الشمس الى غيبوبة الشفق إلا بذكر الله تعالى ومن طلوع الفجر الى طلوع الشمس إلا بذكر الله تعالى وحال الطواف وحال السعي وحال الاعتكاف إلا بذكر الله تعالى أو ما لابد منه وحالة استماع القرآن وفي الفراش وهو مع امراته إذا كان جنبا فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : يا على من كان جنبا في الفراش مع امراته فلا يقرا القرآن فانى اخشى ان تنزل عليهما نار من السماء فتحرقهما (٢).

وفي المساجد برفع الصوت وانشاد الشعر وايراد قصص الجاهلية ورطانة العجم (٣) وخلال دعاء ام داود وإذا قال المؤذنون (قد قامت الصلاة) كره الكلام إلا ما يتعلق بتسوية الصفوف أو تقديم امام يصلى بالجماعة وحرمه الشيخ في النهاية معتمدا على خبرين ضعيفين (٤) والصحيح انه مكروه.

ويكره الكلام في حال خطبه صلاة الجمعة وإليه ذهب الشيخ أبو جعفر في المبسوط وذهب في النهاية ومسائل الخلاف الى تحريمه ولم اقف من طريق اصحابنا على خبر يقتضى التحريم.

__________________

(١) الزحير والزحار : استطلاق البطن والتنفس بشدة أو وجع البطن ووجود الدم في الرجيع.

(٢) من لا يحضر ٣ / ٣٥٩.

(٣) الرطانة تفتح الراء وكسرها : الكلام بالاعجمة تقول رطفت له وراطنته إذا كلمته بها.

(٤) انظر التهذيب ٢ / ٥٥.

٤٤

فصل

[عدم وجوب قضاء ما فات من الصوم]

لا يجب على سبعة قضاء ما يفوتهم من الصوم الواجب : المريض إذا استمر به المرض من رمضان الى رمضان آخر واكثر من ذلك ثم برئ لا يقضى الاول بل يكفر عن كل يوم بمد من طعام فإن برئ فيما بينهما ولم يقض ثم مرض ولحقه رمضان آخر وهو مريض قضى الاول كله إن كان قد تمكن من قضاء الكل فيما مضى أو بعضه ان كان قد تمكن من قضاء البعض وتصدق عن كل يوم بمد من طعام وقضى الثاني ان كان تمكن من قضائه.

ومن فاته رمضان أو شئ منه بمرض ومات فيه سواء استمر به المرض الى رمضان آخر أولا يستمر لا يجب القضاء عنه بل يستحب لوليه ان يقضى عنه ولا كفارة هنا.

والمتمتع إذا عدم الهدى أو ثمنه واحل المحرم ولم يكن صام الايام الثلاثه في الحج لا يجوز له الصوم بل يجب عليه الهدى ويستقر في ذمته الى ان يتمكن منه.

والكافر والشيخ الكبير والمراة الكبيرة العاجزان عنه ومن به العطاش لا يرجى زواله (١).

فصل

[ما يكره فعله في الليل]

يكره في الليل خمسة وعشرون شيئا : الكلام بعد صلاة المغرب حتى

__________________

(١) العاشر بضم العين : داء يصيب الانسان يشرب الماء فلا يروى.

٤٥

يصلى نافلة المغرب والكلام بعد صلاة العشاء الاخرة والنوم قبل ان يصلى عشاء الاخرة ـ روى ذلك في كتاب من لا يحضره الفقيه في نوادر الطلاق عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (١).

والنوم على سطح ليس بمحجر ليلا ونهارا والنوم في البيت وحده ليلا ونهارا والنوم بالليل ويده غمرة (٢) فقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لا يبيتن احدكم ويده غمرة فإن فعل ذلك فأصابه لمم الشيطان فلا يلومن إلا نفسه (٣).

والنوم بعد صلاة الليل حتى تطلع الشمس والسهر إلا بمذاكرة العلم والتخويف من الله تعالى وذهب أبو الصلاح الى تحريمه.

وصيد السمك وصيد الوحش واخذ الفراخ من العش ليلا ونهارا والذباحة إلا إذا خيف فوت الذبيحة وشرب الماء قائما لانه يورث الاستسقاء (٤) وأما في النهار فلا يكره بل قد روى انه اصح للجسد (٥).

وانشاد الشعر ويتاكد ذلك في ليلة الجمعة ويومها وخصه أبو الصلاح بالغزل وروى في باب سنن الصيام من التهذيب كراهية الشعر من الصائم

__________________

(١) من لا يحضر ٣ / ٣٦٣.

(٢) الغمر بالتحريك : ريح اللحم والزهونة ، واليد الغمرة : الوسخة التي لها رائحة كريهة.

(٣) من لا يحضر ٤ / ٥. واللمم جمع اللمة ، وهي بمعنى الهمة ، وهي تقع في القلب ، فما كان من خطرات الخير ينسب إلى الملك وما كان من خطرات الشر ينسب إلى الشيطان.

(٤) الاستسقاء : داء يسبب تجمع ماء أصفر في البطن.

(٥) في الكافي ٦ / ٣٨٢ عن أبي عبد الله عليه السلام قال : شرب الماء من قيام بالنهار أقوى وأصح للبدن.

٤٦

والمحرم وفي الحرم وفي يوم الجمعة (١).

وان يروى بالليل وعمل جميع الصنائع لأن الله تعالى لا يبارك فيه على ما روى والسير في اول الليل والدفن والصرام والجذاذ (٢) والحصاد ودخول مكة ودخول المسافر الى اهله والوليمة وعقد النكاح في ليلة يكون القمر في برج العقرب ويومها وكذلك السفر.

[ويكره الجماع في عشرة مواضع : في الليلة التي يسافر في صبيحتها وليلة قدومه من السفر واول ليلة من الاشهر إلا شهر رمضان وليلة النصف من كل شهر وآخر ليلة من الشهر لانه لا يؤمن من الجنون وقد روى في كتاب من لا يحضره الفقيه : يا على لا تجامع امراتك في اول الشهر ووسطه وآخره فإن الجنون والجذام والخبل يسرع إليها والى ولدها] (٣)

وفي محاق الشهر فقد روى ايضا عن أبي الحسن عليه السلام انه قال : من اتى في محاق الشهر اهله فليسلم لسقوط الولد (٤).

وليلة خسوف القمر ويوم كسوف الشمس وليلته والليلة التي فيها ريح صفراء أو حمراء أو سوداء أو زلزلة حالة الريح والزلزلة وكذلك في اليوم الذي يكون فيه ذلك وفيما بين غروب الشمس الى مغيب الشفق فقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه قال : وايم الله لا يجامع أحد في هذه الساعات التي وصفت فرزق من جماعه ولدا وقد سمع

__________________

(١) التهذيب ٤ / ١٩٥.

(٢) الصرام : قطع الثمرة واجتناؤها من النخلة والجذاذ بفتح الجيم وكسره الصرم ، يقال : جذ النخل : إذا صرمه.

(٣) القطعة الموضوعة بين القوسين كانت مشوشة في نسخ الكتاب جدا ، وانظر الحديث في كتاب من لا يحضر ٣ / ٣٥٩.

(٤) من لا يحضر ٣ / ٢٥٥.

٤٧

هذا الحديث فيرى ما يحب (١).

قال المصنف : المراد بالساعات من ليلة خسوف القمر الى آخر هذه الاقسام.

وان كان هناك ضرورة زالت الكراهة في جميع قدمناه.

فصل

[عدد الصدقات الواجبة]

يجب الصدقة بستة عشر شيئا : زكاة الاموال التسعة وهي : الحنطة والشعير والتمر والزبيب والابل والبقر والغنم والذهب والفضة إذا حصلت شروط الزكاة.

والفطرة الواجبة على من كان عنده نصاب من الاموال التسعة المذكورة وهدى القارن وهدى المتمتع وهدى المصدود بالعدو عن الحج وهدى المحصور بالمرض عنه ولقطة الحرم بعد تعريفها سنة والكفارات الواجبة وثمن تراب الصياغة إذا لم يعرف صاحبه فإن عرفه وجب تسليمه إليه.

ودية راس الميت إذا قطع بعد موته ودية ما قطع من اعضائه ودية جرحه وقيمة العبد إذا قتله مولاه تؤخذه ويتصدق بها جاء به حديث عن أبي عبد الله (٢) في سنده سهل بن زياد وهو

__________________

(١) المصدر السابق ٣ / ٢٥٥.

(٢) التهذيب ١٠ / ٢٣٥.

٤٨

ضعيف (١) ومحمد بن الحسن بن شمون وهو غال (٢) والمعتمد في ذلك اجماع الامامية.

وإذا وطئ الانسان ما يركب على ظهره مما لا يقع عليه الزكاة في الاغلب كالفرس والبغل والحمار وما اشبه ذلك وجب عليه التعزير وقيمته لمالكه واخراج ذلك الحيوان الى بلد آخر وبيعه وتصدق ثمنه ـ على ما ذكره الشيخ المفيد في المقنعة وأبو جعفر الطوسى ومصنف الوسيلة في الوسيلة ولم اقف في التهذيب وغيره على حديث يتضمن تصدقه بثمنه وقال الشيخ محمد بن ادريس : ثمنه لمن غرم.

وإذا حلف الانسان أو نذر أو عاهد الله تعالى ان يتصدق بشئ وجب عليه ان يتصدق به إذا كان الاولى الصدقة به فإن لم يكن كذلك فلم يجب عليه ذلك.

والربا وغيره من المغصوب إذا علم الانسان مقداره ولم يعلم صاحبه يجب الصدقة به فإن علم صاحبه رده إليه وان لم يعلم مقداره صالحه عليه وان لم يعلم صاحبه ولا علم مقداره اخرج منه الخمس الى مستحق الخمس وحل له التصرف في الباقي.

__________________

(١) أبو سعيد سهل بن زياد الادمي الرازي من أصحاب أبي الحسن الثالث عليه السلام ، اختلف قول الشيخ الطوسي فيه فقال في موضع أنه ثقة وقال في عدة مواضع أنه ضعيف ، وقال النجاشي أنه ضعيف في الحديث غير معتمد فيه ، وقال ابن الغضائري إنه كان ضعيفا جدا فاسد الرواية والمذهب ـ انظر رجال العلامة ص ٢٢٨ ـ ٢٢٩.

(٢) محمد بن الحسن بن شمون أبو جعفر البغدادي واقف ثم غلا ، وكان ضعيفا جدا فاسد المذهب ، وأضيف إليه أحاديث في الوقف ـ رجال النجاشي ص ٢٥٨.

٤٩

فصل

[مواضع استحباب الصدقة]

يستحب الصدقة ثمانية وعشرين موضعا : الصدقة عن نوافل الليل ونوافل النهار عن كل ركعتين بمد لكل مسكين فإن لم يقدر على ذلك فمد لكل اربع ركعات فإن لم يقدر فمد لصلاة الليل ومد لصلاة النهار

وزكاة مال التجارة على الصحيح من المذهب وقال جماعة من اصحابنا بوجوبها.

وزكاة ما يدخل المكيال والميزان من الحبوب إذا بلغ كل جنس النصاب عدا الاجناس التسعة المتقدم ذكرها.

وزكاة مال الدين إذا كان تأخيره في ذمة المستدين من قبل من له الدين فإذا بذله المستدين وامتنع المدين من قبضه تعين له وكان امانة في يد المستدين فإذا حال عليه الحول وجبت فيه الزكاة إذا حصلت شروط الزكاة وبلغ نصابا من الذهب والفضة أو الابل أو البقر أو الغنم خاصة

وزكاة الخيل السائمة (١) إذا حال عليها الحول : في العتيق (٢) ديناران وفي البرذون (٣) دينار واحد.

وزكاة الحلى المحرم لبسه مثل حلى النساء على الرجال وحلى الرجال على النساء والفطرة لمن لا يجد النصاب من الاموال التسعة وزكاة المال الغائب إذا لم يتمكن منه ومضى عليه حول أو احوال يستحب له إذا عاد إليه ان يزكيه لسنة واحدة.

__________________

(١) السائمة : الخيل التي ترعى.

(٢) الفرس العتيق : النجيب الرائع.

(٣) البرذون بكسر الباء وفتح الذال : التركي من الخيل ، والجمع البرادين.

٥٠

وزكاة سبائك الذهب والفضة إذا كان قربها من النار قبل ان يحول عليهما الحول وهما مضروبان دراهم ودنانير.

والصدقة بالضغث من الثمار (١) يوم صرامها وجذاذها والصدقة بالجفنة (٢) أو الجفنتين من الغلات يوم حصادها والصدقة عند صلاة الحاجة وهي ستون صاعا على كل مسكين صاع جاء به خير صحيح في باب الاغسال المسنونة من التهذيب (٣)

والصدقة يوم الجمعة والصدقة يوم عرفة والصدقة يوم العيدين والصدقة يوم الغدير روى في التهذيب : ان الدرهم فيه بالف الف درهم (٤)

والصدقة بكفن الميت إذا كان فقيرا والصدقة على المؤمن بما يتمكن من اداء الواجب وفعل المندوب والتوسع على عياله والصدقة عند المرض والصدقة عند خوف السلطان أو عدو والصدقة عند الخروج الى السفر والصدقة بالتمر إذا فرغ من الحج واراد الخروج من مكة يستحب له ان يشترى بدرهم تمرا ويتصدق به والاضحية والشاة إذا حلق راسه والشاة إذا اراد ان يدخل البيت قبل ان يحلق بعد الاحلال من العمرة التي يتمتع بها الى الحج على اصح القولين والشاة إذا نسى التقصير حتى يهل بالحج على اصح القولين.

__________________

(١) الضغث : قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس ، والمراد هنا قبضة من الثمار.

(٢) الجفنة : القصعة الكبيرة.

(٣) التهذيب ١ / ١١٧.

(٤) المصدر السابق ٦ / ٢٤ ، وفيه (والدرهم فيه بألف درهم لاخوانك العارفين).

٥١

والصدقة على السائلين على الابواب والصدقة بوزن شعر المولود ذهبا أو فضة يوم السابع من ولادته والعقيقة وذهب المرتضى الى وجوبها

والصدقة على المكاتب وقال الشيخ في مسائل الخلاف : إذا كاتب عبده وكان السيد يجب عليه الزكاة وجب عليه ان يعطيه شيئا من زكاته يحتسب به من مال مكاتبته وان لم يكن ممن وجب عليه الزكاة كان ذلك مستحبا.

فصل

[مناسبات الصدقة في استحقاق الثواب]

يناسب الصدقة في استحقاق الثواب خمسة عشر شيئا : النفقة على الفقير من ذوى رحمه قدر كفايته وكفاية عياله إذا لم يكن له وارث غيره

والوصية للمملوك الذي وطئ امة في القبل وهي حامل به من غيره قبل ان يمضى له اربعة اشهر وعشرة ايام إذا لم يعزل عنها.

والوليمة عند القدوم من الحج والوليمة عند النكاح فقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال : ان من سنن المرسلين الاطعام عند التزويج (١).

والوليمة عند النفاس والوليمة عند الختان والوليمة عند شراء الدار والوصية للوالدين والوصية لمن لا يرث من ذوى نسبه والوصية للاجانب ودية النطفة وهي عشرة دنانير بالعزل عن زوجته الحرة العاقلة العفيفة يسلمها إليها على اصح القولين وقال جماعة من اصحابنا بوجوبها.

واطعام الضيف والهدية والمكافاة على الهدية والتوسع على العيال بما زاد على النفقة الواجبة.

__________________

(١) الكافي ٥ / ٣٦٧.

٥٢

فصل

[العمرات الواجبة]

العمرات الواجبة عشرة : عمرة التمتع وعمرة القارن وعمرة المفرد والعمرة التي تؤدى عن العمرة التي افسدها وعمرة من فاته الوقوف بالموقفين والعمرة الاتية من قابل لمن افسد حجه والعمرة المندوبة إذا دخل فيها والعمرة لمن دخل مكة في حاجة وتسقط هذه العمرة عن المرضى والحطابة والعمرة التي استؤجر عليها والعمرة الواجبة بالنذر أو العهد أو اليمين.

فصل

[مواضع وجوب البدنه]

يجب البدنة (١) في ثمانية وعشرين موضعا : إذا جامع المحرم قبل وقوفه بعرفه في القبل وجب عليه بدنه والحج من قابل وإذا جامع فيما دون الفرج وجب عليه بدنه ولا يجب الحج من قابل وبه قال الشيخ أبو جعفر في النهايه ومسائل الخلاف وجاءت به اخبار صحيحه (٢) وذهب سيدنا المرتضى علم الهدى قدس الله روحه وابن ادريس الى ان الجماع وان كان في الدبر وجب ايضا الحج من قابل.

__________________

(١) البدنة جمع البدن ، وتجمع على بدنات أيضا ، سميت بذلك لعظم بدنها وسمنها ، وتقع على الجمل والناقة والبقرة عند جمهور أهل اللغة وبعض الفقهاء ، وخصها جماعة بالابل خاصة ، ومنهم المؤلف في هذا الكتاب ، وهي في السن ماله خمس سنين ودخل في السادسة.

(٢) التهذيب ٥ / ٣١٨ ، الاستبصار ٢ / ١٩٢.

٥٣

وإذا جامع قبل وقوفه بالمشعر في القبل وجب عليه بدنه والحج من قابل وجاء به حديث صحيح (١) وقال بعض اصحابنا : لا يجب عليه الحج من قابل وهو الذي يلوح من قول أبي الصلاح.

وإذا جامع قبل ان يطوف طواف الزيارة في القبل كان أو في الدبر وجب عليه بدنه فان لم يجد فبقره فإن لم يجد فشاه.

وإذا جامع قبل ان يطوف طواف النساء أو قبل ان يطوف منه اربعه اشواط وجب عليه بدنه فإن كان قد طاف منه اربعه اشواط فلا شئ عليه وروى به خبر صحيح (٢) وقال ابن ادريس : يجب عليه طاف اربعه اشواط أو لم يطف.

وإذا جامع في العمرة المفردة قبل الفراغ منها وجب عليه بدنه وابطلت عمرته ووجب عليه المقام بمكه الى الشهر الداخل فإذا دخل الشهر خرج الى بعض المواقيت فاحرم بعمره.

وإذا جامع بعد الفراغ من العمرة التي يتمتع بها الى الحج قبل التقصير وجب عليه بدنه وروى بذلك خبر صحيح (٣) وقال الحسن بن أبي عقيل : فإن جامع الرجل في عمرته بعد ان طاف لها وسعى قبل ان يقصر فعليه بدنه وعمرته تامه اطلق رحمه الله العمرة.

وإذا جامع قاهرا زوجته على الجماع وقد احل من احرامه ولم تحل هي وجب عليه البدنه دون زوجته.

وإذا جامع المحل امته المحرمة باذنه وجب عليه البدنه فإن لم يتمكن من البدنه وجب عليه شاه وروي : انه ان كان موسرا فعليه بدنه وان

__________________

(١) الكافي ٤ / ٣٧٨ ، من لا يحضر ٢ / ٢١٢.

(٢) التهذيب ٥ / ٣٢٢ ـ ٣٢٤.

(٣) المصدر السابق ٥ / ١٦٢.

٥٤

شاء بقره وان كان معسرا فعليه دم شاه ـ رواه صباح الحذاء عن اسحاق بن عمار عن أبي الحسن موسى عليه السلام (١).

وإذا عبث بذكره فامنى وجب عليه بدنه ولا يجب عليه الحج من قابل وبه قال الشيخ أبو جعفر في الاول من الاستبصار والاول من مسائل الخلاف وهو اختيار ابن ادريس وقال في النهايه : يجب عليه الحج من قابل روى به خبر ضعيف رواه صباح الحذاء عن اسحاق ابن عمار عن أبي الحسن موسى عليه السلام (٢)

وإذا امني المحرم بالنظر بشهوه الى زوجته وجب عليه بدنه وهو مذهب ابي الصلاح.

وإذا امني المحرم بالنظر بشهوه أو غير شهوه الى غير زوجته وجب عليه بدنه فإن لم يتمكن من البدنه كان عليه بقره وان لم يتمكن من البقره كان عليه دم شاة ـ هكذا ذكره الشيخ في النهايه مرتبا ولم اقف على خبر بالترتيب في البقره بل في الشاه (٣) روى ذلك موسى بن القاسم عن حماد عن حريز عن زراره عن أبي جعفر عليه السلام ان عليه جزورا (٤)

__________________

(١) المصدر السابق ٥ / ٣٢٠.

(٢) المصدر السابق ٥ / ٣٢٤.

(٣) يفهم الترتيب المذكور في النهاية مما رواه اسحاق بن عمار عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نظر إلى سابق امرأة فأمنى؟ قال : إن كان موسرا فعليه بدنة وإن كان بين ذلك فبقرة (وفي التهذيب وسطا فعليه بقرة) وإن كان فقيرا فشاة ... راجع الكافي ٤ / ٣٧٧ ، التهذيب ٥ / ٣٢٥

(٤) الجزور بفتح الجيم : هي من الابل خاصة ما كمل خمس سنين ودخل في السنة السادسة ، يقع على الذكر والانثى.

٥٥

أو بقره فإن لم يجد فشاه (١).

وإذا قبل امراه بشهوه فامنى وجب عليه بدنه فإن لم يتمكن فعليه شاه بشهوه كان أو غير شهوه وإليه ذهب ابن ادريس وجاء به خبر رواه مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام (٢) ولم يقيده الشيخ في النهايه بالامناء بل اطلقه.

وإذا لاعب المحرم امراته فامنى وجب عليه بدنه لما رواه الحسين ابن سعيد عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام (٣) وفي النهايه لم يعتبر الامناء بل اطلقه.

وإذا عقد المحرم لمحرم آخر على زوجه فدخل بها وجب عليه وعلى العاقد بدنه وإذا عقد المحل لمحرم على امراه فدخل بها العاقد وكانا عالمين وجب على كل واحد منهما بدنه وعلى المراه إن كانت محرمه وكذلك ان كانت محله وعلمت بان الذي تزوجها محرم على ما رواه سماعه في التهذيب في كتاب كفاره خطا المحرم (٤).

وإذا جادل المحرم ثلاث مرات كاذبا وجب عليه بدنه جاء به خبر صحيح (٥).

__________________

(١) التهذيب ٥ / ٣٢٥.

(٢) المصدر السابق ٥ / ٣٢٦ ، الكافي ٤ / ٣٧٦ وفيهما (مسمع بن أبي سيار) هو متحد مع مسمع بن عبد الملك ـ انظر رجال النجاشي ص ٣٢٩.

(٣) التهذيب ٥ / ٣٢٤ وفيه (قال سألت أبا الحسن عليه السلام) والكافي ٤ / ٣٧٦ وفيه (محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا الحسن عليه السلام).

(٤) التهذيب ٥ / ٣٣٠ ـ ٣٣١.

(٥) المصدر السابق ٥ / ٣٣٥.

٥٦

وإذا افاض من عرفات قبل غيبوبه الشمس وجب عليه بدنه فإن لم يقدر وجب عليه صيام ثمانيه عشر يوما أما في الطريق أو إذا رجع الى اهله ـ رواه في باب الافاضه من عرفات محمد بن يعقوب عن عده من اصحابنا عن سهل بن زياد عن يونس عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن رجل افاض من عرفات قبل ان تغيب الشمس؟ قال : عليه بدنه ينحرها يوم النحر فإن لم يقدر صام ثمانيه عشر يوما بمكه أو في الطريق أو في اهله (١).

وروى في باب الذبح : محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن داود الرقى عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يكون عليه بدنه واجبه في فداء؟ قال : إذا لم يجد بدنه فسبع شياه فإن لم يقدر صام ثمانيه عشر يوما بمكه أو في منزله (٢) ولا يسقط البدنه برجوعه الى عرفه لأن سقوطها بعد وجوبها يحتاج الى دليل.

وقال الشيخ في مسائل الخلاف : إذا عاد قبل غيبوبه الشمس واقام حتى غابت سقط عنه الدم وان عاد بعد غروبها لم يسقط (٣) وإذا افاض من عرفات ولم يبت رجع ومضى الى منى متعمدا أو مستخفا فعليه بدنه على ما روى في التهذيب في باب تفصيل فرائض الحج (٤).

وإذا قتل المحرم النعامة في الحل وجب عليه بدنه وكذا إذا قتلها في الحرم على ما ذكره الشيخ في النهايه معتمدا في نفى التضعيف على خبر

__________________

(١) التهذيب ٥ / ١٨٦ ، الكافي ٤ / ٤٧٦ ، وفيهما (عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام).

(٢) التهذيب ٥ / ٢٣٧.

(٣) الخلاف ١ / ٤٥٤.

(٤) التهذيب ٥ / ٢٩٤.

٥٧

مرسل في التهذيب رواه الحسن بن على بن فضال وهو فطحى (١) والصحيح ان عليه بدنتين لأن اصحابنا اطلقوا القول بتضعيف الفداء على المحرم واطلقه ايضا الشيخ في مسائل الخلاف والاخبار الصحيحه جاءت مطلقه بذلك (٢) وهو اختيار محمد بن ادريس.

وإذا قتل المحل النعامة في الحرم وجب عليه بدنه فإذا رمى المحرم النعامة مصيبا لها مع غيبوبتها عن العين ولم يعلم بحالها وجب عليه بدنه.

وإذا ادخل المحرم النعامة الحرم ولم يحلها حتى ماتت وجب عليه بدنه وإذا شارك المحرم غيره في رميها فقتلها ذلك الغير وجب على المحرم بدنه اصاب النعامة أو لم يصبها.

وإذا دل غيره عليها فقتلها ذلك الغير وجب على كل واحد منهما بدنه سواء كان الدال محرما في الحرم أو في الحل أو محلا في الحرم رواه حفص بن البخترى عن أبي عبد الله عليه السلام (٣).

وإذا أمر المحرم غلامه المحرم بصيدها فرماها الغلام فقتلها وجب على السيد بدنه وإذا أمر المحرم غلامه المحل بصيدها فرماها الغلام فقتلها وجب على السيد بدنه على ما ذكره في النهايه ولم اقف في التهذيب على خبر بذلك بل ورد خبر صحيح انه لا شئ عليه رواه موسى بن القاسم عن

__________________

(١) الفطحى منسوب إلى الافطح ، وهو عبد الله بن الامام جعفر الصادق ، والفطحية هم الذين قالوا بامامة عبد الله هذا لانه كان أكبر أولاد أبيه سنا وكان جلس مجلس أبيه وادعى الامامة ووصيه أبيه ، ولقب عبد الله بهذا اللقب لانه كان افطح الرأس أو أفطح الرجلين ، وقيل إن الفطحية تنسب إلى رئيس لهم من أهل الكوفة يقال له عبد الله بن فطيح ـ انظر فرق الشيعة ص ٧٧ ـ ٧٨ والحديث في التهذيب ٥ / ٣٧٢.

(٢) التهذيب ٥ / ٣٤١ ـ ٣٤٣.

(٣) المصدر السابق ٥ / ٣٥١.

٥٨

صفوان عن عبد الله بن سنان وابن أبي عمير عن عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام (١).

وإذا اكلها المحل فيما بين البريد الى الحرم وجب عليه بدنه وإليه ذهب الشيخ المفيد في المقنعه والشيخ أبو جعفر في النهايه وجاء به حديث صحيح في كتاب من لا يحضره الفقيه وروى على بن رئاب عن ابان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام في قوم حجاج محرمين اصابوا افراخ نعام فاكلوا جمعا؟ قال عليه السلام : عليهم مكان كل فرخ اكلوه بدنه يشتركون فيها جميعا فيشترونها على عدد الفراخ وعلى عدد الرجال (٢).

وإذا كسر المحرم بيض نعامه بنفسه أو وطاها بغيره وكسرها فإن كان قد تحرك فيها الفرخ وجب عليه عن كل بيضه بكره من الابل (٣) وجاء بالبكره خبر صحيح (٤) وبالبعير خبر صحيح (٥) وان لم يكن فيها فراخ وجب عليه ارسال فحل الابل في الاناث بعدد البيض فما نتج كان هديا لبيت الله جاء بالفحل عده اخبار وبالفحولة خبر واحد (٦) هذا في المحرم فاما المحل فليس عليه ارسال وليس عليه إلا قيمه البيض وهي عن كل بيضه درهم.

وجميع هذه الافعال إذا فعلها الانسان ناسيا أو جاهلا فلا شئ عليه إلا النعامة وبيضها فانه يجب فيهما ما ذكرناه على كل حال واعتبر الشيخان

__________________

(١) المصدر السابق ٥ / ٣٨٢.

(٢) من لا يحضر ٢ / ٢٣٦.

(٣) البكرة من الابل : الفتى منها.

(٤) التهذيب ٥ / ٣٥٥.

(٥) نفس المصدر والصفحة.

(٦) المصدر السابق ٥ / ٣٥٤.

٥٩

أبو الحسن ابن بابويه وأبو جعفر رضى الله عنهما في الارسال ان يكون قد تحرك فيها الفرخ فان لم يكن كذلك كان عليه عن كل بيضه شاه قال أبو جعفر : فإن لم يجد شاه فعليه صيام ثلاثه ايام فان لم يقدر فاطعام عشره مساكين.

فصل

[مواضع وجوب البقرة]

تجب البقره في ثمانيه عشر (١) موضعا : بقتل البقره الوحشيه في المواضع التي ذكرناها في النعامة وهي عشره وبالحمار الوحشى في جميع المواضع العشرة المذكورة ايضا.

وتجب البقره ايضا بالجماع قبل طواف الزيارة إذا عدم البدنه وتجب ايضا بالجماع بعد طواف الزيارة قبل الدخول في السعي وبالجماع وقد بقى من السعي شوط وظن انه تممه على ما رواه الحسين بن سعيد عن محمد بن سنان عن عبد الله بن مسكان عن ابي عبد الله عليه السلام (٢) وهذا الخبر ان عملنا به فانما يكون الحكم به في العمرة التي يتمتع بها الى الحج فاما في العمرة المبتوله وفي الحج فيجب عليه بدنه لانه جامع قبل طواف النساء.

وتجب البقره ايضا بالتقصير وقد بقى له من السعي شوط واحد ظنا انه تممه على ما رواه الحسين بن سعيد عن صفوان بن يحيى وعلى بن النعمان عن سعيد بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام (٣).

__________________

(١) كذا في م وح ، وفي ط (ثمانية وعشرين) وهو خطأ.

(٢) التهذيب ٥ / ١٥٣.

(٣) المصدر السابق ٥ / ١٥٣.

٦٠