نهج البلاغة

أبو الحسن محمّد الرضي بن الحسن الموسوي [ السيّد الرضيّ ]

نهج البلاغة

المؤلف:

أبو الحسن محمّد الرضي بن الحسن الموسوي [ السيّد الرضيّ ]


المحقق: الدكتور صبحي الصالح
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتاب اللبناني
الطبعة: ٢
الصفحات: ٨٥٣

لَيْسَ لَهَا رَاعٍ يُقِيمُهَا ولَا مُسِيمٌ (٣٦٨٤) يُسِيمُهَا ـ سَلَكَتْ بِهِمُ الدُّنْيَا طَرِيقَ الْعَمَى ـ وأَخَذَتْ بِأَبْصَارِهِمْ عَنْ مَنَارِ الْهُدَى ـ فَتَاهُوا فِي حَيْرَتِهَا وغَرِقُوا فِي نِعْمَتِهَا ـ واتَّخَذُوهَا رَبّاً فَلَعِبَتْ بِهِمْ ولَعِبُوا بِهَا ـ ونَسُوا مَا وَرَاءَهَا.

الترفق في الطلب

رُوَيْداً يُسْفِرُ (٣٦٨٥) الظَّلَامُ ـ كَأَنْ قَدْ وَرَدَتِ الأَظْعَانُ (٣٦٨٦) ـ يُوشِكُ مَنْ أَسْرَعَ أَنْ يَلْحَقَ واعْلَمْ يَا بُنَيَّ ـ أَنَّ مَنْ كَانَتْ مَطِيَّتُه اللَّيْلَ والنَّهَارَ ـ فَإِنَّه يُسَارُ بِه وإِنْ كَانَ وَاقِفاً ـ ويَقْطَعُ الْمَسَافَةَ وإِنْ كَانَ مُقِيماً وَادِعاً (٣٦٨٧).

واعْلَمْ يَقِيناً أَنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ أَمَلَكَ ولَنْ تَعْدُوَ أَجَلَكَ ـ وأَنَّكَ فِي سَبِيلِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ ـ فَخَفِّضْ (٣٦٨٨) فِي الطَّلَبِ وأَجْمِلْ (٣٦٨٩) فِي الْمُكْتَسَبِ ـ فَإِنَّه رُبَّ طَلَبٍ قَدْ جَرَّ إِلَى حَرَبٍ (٣٦٩٠) ـ ولَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ بِمَرْزُوقٍ ـ ولَا كُلُّ مُجْمِلٍ بِمَحْرُومٍ ـ وأَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ دَنِيَّةٍ (٣٦٩١) ـ وإِنْ سَاقَتْكَ إِلَى الرَّغَائِبِ (٣٦٩٢) ـ فَإِنَّكَ لَنْ تَعْتَاضَ بِمَا تَبْذُلُ مِنْ نَفْسِكَ عِوَضاً (٣٦٩٣) ـ ولَا تَكُنْ عَبْدَ غَيْرِكَ وقَدْ جَعَلَكَ اللَّه حُرّاً ـ ومَا خَيْرُ خَيْرٍ لَا يُنَالُ إِلَّا بِشَرٍّ ـ ويُسْرٍ (٣٦٩٤) لَا يُنَالُ إِلَّا بِعُسْرٍ (٣٦٩٥).

وإِيَّاكَ أَنْ تُوجِفَ (٣٦٩٦) بِكَ مَطَايَا (٣٦٩٧) الطَّمَعِ ـ فَتُورِدَكَ مَنَاهِلَ (٣٦٩٨)

٤٠١

الْهَلَكَةِ (٣٦٩٩) ـ وإِنِ اسْتَطَعْتَ أَلَّا يَكُونَ بَيْنَكَ وبَيْنَ اللَّه ذُو نِعْمَةٍ فَافْعَلْ ـ فَإِنَّكَ مُدْرِكٌ قَسْمَكَ وآخِذٌ سَهْمَكَ ـ وإِنَّ الْيَسِيرَ مِنَ اللَّه سُبْحَانَه أَعْظَمُ وأَكْرَمُ مِنَ الْكَثِيرِ مِنْ خَلْقِه ـ وإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْه.

وصايا شتى

وتَلَافِيكَ (٣٧٠٠) مَا فَرَطَ (٣٧٠١) مِنْ صَمْتِكَ ـ أَيْسَرُ مِنْ إِدْرَاكِكَ مَا فَاتَ (٣٧٠٢) مِنْ مَنْطِقِكَ ـ وحِفْظُ مَا فِي الْوِعَاءِ بِشَدِّ الْوِكَاءِ (٣٧٠٣) ـ وحِفْظُ مَا فِي يَدَيْكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ طَلَبِ مَا فِي يَدَيْ غَيْرِكَ ـ ومَرَارَةُ الْيَأْسِ خَيْرٌ مِنَ الطَّلَبِ إِلَى النَّاسِ ـ والْحِرْفَةُ مَعَ الْعِفَّةِ خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى مَعَ الْفُجُورِ ـ والْمَرْءُ أَحْفَظُ لِسِرِّه (٣٧٠٤) ورُبَّ سَاعٍ فِيمَا يَضُرُّه ـ مَنْ أَكْثَرَ أَهْجَرَ (٣٧٠٥) ومَنْ تَفَكَّرَ أَبْصَرَ ـ قَارِنْ أَهْلَ الْخَيْرِ تَكُنْ مِنْهُمْ ـ وبَايِنْ أَهْلَ الشَّرِّ تَبِنْ عَنْهُمْ ـ بِئْسَ الطَّعَامُ الْحَرَامُ ـ وظُلْمُ الضَّعِيفِ أَفْحَشُ الظُّلْمِ ـ إِذَا كَانَ الرِّفْقُ خُرْقاً (٣٧٠٦) كَانَ الْخُرْقُ رِفْقاً ـ رُبَّمَا كَانَ الدَّوَاءُ دَاءً والدَّاءُ دَوَاءً ـ ورُبَّمَا نَصَحَ غَيْرُ النَّاصِحِ وغَشَّ الْمُسْتَنْصَحُ (٣٧٠٧) ـ وإِيَّاكَ والِاتِّكَالَ عَلَى الْمُنَى (٣٧٠٨) فَإِنَّهَا بَضَائِعُ النَّوْكَى (٣٧٠٩) ـ والْعَقْلُ حِفْظُ التَّجَارِبِ ـ وخَيْرُ مَا جَرَّبْتَ مَا وَعَظَكَ ـ بَادِرِ الْفُرْصَةَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ غُصَّةً ـ لَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ يُصِيبُ ولَا كُلُّ غَائِبٍ يَئُوبُ ـ ومِنَ الْفَسَادِ إِضَاعَةُ الزَّادِ ومَفْسَدَةُ الْمَعَادِ ـ ولِكُلِّ أَمْرٍ عَاقِبَةٌ سَوْفَ يَأْتِيكَ مَا قُدِّرَ لَكَ ـ التَّاجِرُ مُخَاطِرٌ ورُبَّ يَسِيرٍ أَنْمَى مِنْ كَثِيرٍ لَا خَيْرَ فِي

٤٠٢

مُعِينٍ مَهِينٍ (٣٧١٠) ولَا فِي صَدِيقٍ ظَنِينٍ (٣٧١١) ـ سَاهِلِ الدَّهْرَ (٣٧١٢) مَا ذَلَّ لَكَ قَعُودُه (٣٧١٣) ـ ولَا تُخَاطِرْ بِشَيْءٍ رَجَاءَ أَكْثَرَ مِنْه ـ وإِيَّاكَ أَنْ تَجْمَحَ بِكَ مَطِيَّةُ اللَّجَاجِ (٣٧١٤).

احْمِلْ نَفْسَكَ مِنْ أَخِيكَ عِنْدَ صَرْمِه (٣٧١١٥) عَلَى الصِّلَةِ (٣٧١٦) ـ وعِنْدَ صُدُودِه (٣٧١٧) عَلَى اللَّطَفِ (٣٧١٨) والْمُقَارَبَةِ ـ وعِنْدَ جُمُودِه (٣٧١٩) عَلَى الْبَذْلِ (٣٧٢٠) ـ وعِنْدَ تَبَاعُدِه عَلَى الدُّنُوِّ ـ وعِنْدَ شِدَّتِه عَلَى اللِّينِ ـ وعِنْدَ جُرْمِه عَلَى الْعُذْرِ ـ حَتَّى كَأَنَّكَ لَه عَبْدٌ وكَأَنَّه ذُو نِعْمَةٍ عَلَيْكَ ـ وإِيَّاكَ أَنْ تَضَعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِه ـ أَوْ أَنْ تَفْعَلَه بِغَيْرِ أَهْلِه ـ لَا تَتَّخِذَنَّ عَدُوَّ صَدِيقِكَ صَدِيقاً فَتُعَادِيَ صَدِيقَكَ ـ وامْحَضْ أَخَاكَ النَّصِيحَةَ ـ حَسَنَةً كَانَتْ أَوْ قَبِيحَةً ـ وتَجَرَّعِ الْغَيْظَ (٣٧٢١) فَإِنِّي لَمْ أَرَ جُرْعَةً أَحْلَى مِنْهَا عَاقِبَةً ـ ولَا أَلَذَّ مَغَبَّةً (٣٧٢٢) ـ ولِنْ (٣٧٢٣) لِمَنْ غَالَظَكَ (٣٧٢٤) فَإِنَّه يُوشِكُ أَنْ يَلِينَ لَكَ ـ وخُذْ عَلَى عَدُوِّكَ بِالْفَضْلِ فَإِنَّه أَحْلَى الظَّفَرَيْنِ ـ وإِنْ أَرَدْتَ قَطِيعَةَ أَخِيكَ فَاسْتَبْقِ لَه مِنْ نَفْسِكَ ـ بَقِيَّةً يَرْجِعُ إِلَيْهَا إِنْ بَدَا لَه ذَلِكَ يَوْماً مَا ـ ومَنْ ظَنَّ بِكَ خَيْراً فَصَدِّقْ ظَنَّه ـ ولَا تُضِيعَنَّ حَقَّ أَخِيكَ اتِّكَالًا عَلَى مَا بَيْنَكَ وبَيْنَه ـ فَإِنَّه لَيْسَ لَكَ بِأَخٍ مَنْ أَضَعْتَ حَقَّه ـ ولَا يَكُنْ أَهْلُكَ أَشْقَى الْخَلْقِ بِكَ ـ ولَا تَرْغَبَنَّ فِيمَنْ زَهِدَ عَنْكَ ـ ولَا يَكُونَنَّ أَخُوكَ أَقْوَى عَلَى قَطِيعَتِكَ مِنْكَ عَلَى صِلَتِه ـ ولَا تَكُونَنَّ عَلَى الإِسَاءَةِ أَقْوَى مِنْكَ عَلَى الإِحْسَانِ ـ ولَا يَكْبُرَنَّ عَلَيْكَ

٤٠٣

ظُلْمُ مَنْ ظَلَمَكَ ـ فَإِنَّه يَسْعَى فِي مَضَرَّتِه ونَفْعِكَ ـ ولَيْسَ جَزَاءُ مَنْ سَرَّكَ أَنْ تَسُوءَه.

واعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ الرِّزْقَ رِزْقَانِ ـ رِزْقٌ تَطْلُبُه ورِزْقٌ يَطْلُبُكَ ـ فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَأْتِه أَتَاكَ ـ مَا أَقْبَحَ الْخُضُوعَ عِنْدَ الْحَاجَةِ ـ والْجَفَاءَ عِنْدَ الْغِنَى ـ إِنَّمَا لَكَ مِنْ دُنْيَاكَ مَا أَصْلَحْتَ بِه مَثْوَاكَ (٣٧٢٥) ـ وإِنْ كُنْتَ جَازِعاً عَلَى مَا تَفَلَّتَ (٣٧٢٦) مِنْ يَدَيْكَ ـ فَاجْزَعْ عَلَى كُلِّ مَا لَمْ يَصِلْ إِلَيْكَ ـ اسْتَدِلَّ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ بِمَا قَدْ كَانَ ـ فَإِنَّ الأُمُورَ أَشْبَاه ـ ولَا تَكُونَنَّ مِمَّنْ لَا تَنْفَعُه الْعِظَةُ إِلَّا إِذَا بَالَغْتَ فِي إِيلَامِه ـ فَإِنَّ الْعَاقِلَ يَتَّعِظُ بِالآدَابِ ـ والْبَهَائِمَ لَا تَتَّعِظُ إِلَّا بِالضَّرْبِ ـ. اطْرَحْ عَنْكَ وَارِدَاتِ الْهُمُومِ بِعَزَائِمِ الصَّبْرِ ـ وحُسْنِ الْيَقِينِ ـ مَنْ تَرَكَ الْقَصْدَ (٣٧٢٧) جَارَ (٣٧٢٨) ـ والصَّاحِبُ مُنَاسِبٌ (٣٧٢٩) ـ والصَّدِيقُ مَنْ صَدَقَ غَيْبُه (٣٧٣٠) ـ والْهَوَى (٣٧٣١) شَرِيكُ الْعَمَى ـ ورُبَّ بَعِيدٍ أَقْرَبُ مِنْ قَرِيبٍ ـ وقَرِيبٍ أَبْعَدُ مِنْ بَعِيدٍ ـ والْغَرِيبُ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَه حَبِيبٌ ـ مَنْ تَعَدَّى الْحَقَّ ضَاقَ مَذْهَبُه ـ ومَنِ اقْتَصَرَ عَلَى قَدْرِه كَانَ أَبْقَى لَه ـ وأَوْثَقُ سَبَبٍ أَخَذْتَ بِه ـ سَبَبٌ بَيْنَكَ وبَيْنَ اللَّه سُبْحَانَه ـ ومَنْ لَمْ يُبَالِكَ (٣٧٣٢) فَهُوَ عَدُوُّكَ ـ قَدْ يَكُونُ الْيَأْسُ إِدْرَاكاً إِذَا كَانَ الطَّمَعُ هَلَاكاً ـ لَيْسَ كُلُّ عَوْرَةٍ تَظْهَرُ ولَا كُلُّ فُرْصَةٍ تُصَابُ ـ ورُبَّمَا أَخْطَأَ الْبَصِيرُ قَصْدَه وأَصَابَ الأَعْمَى رُشْدَه ـ أَخِّرِ الشَّرَّ فَإِنَّكَ إِذَا شِئْتَ تَعَجَّلْتَه (٣٧٣٣) ـ وقَطِيعَةُ الْجَاهِلِ تَعْدِلُ صِلَةَ

٤٠٤

الْعَاقِلِ ـ مَنْ أَمِنَ الزَّمَانَ خَانَه ومَنْ أَعْظَمَه (٣٧٣٤) أَهَانَه ـ لَيْسَ كُلُّ مَنْ رَمَى أَصَابَ ـ إِذَا تَغَيَّرَ السُّلْطَانُ تَغَيَّرَ الزَّمَانُ ـ سَلْ عَنِ الرَّفِيقِ قَبْلَ الطَّرِيقِ ـ وعَنِ الْجَارِ قَبْلَ الدَّارِ إِيَّاكَ أَنْ تَذْكُرَ مِنَ الْكَلَامِ مَا يَكُونُ مُضْحِكاً ـ وإِنْ حَكَيْتَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِكَ.

الرأي في المرأة

وإِيَّاكَ ومُشَاوَرَةَ النِّسَاءِ ـ فَإِنَّ رَأْيَهُنَّ إِلَى أَفْنٍ (٣٧٣٥) وعَزْمَهُنَّ إِلَى وَهْنٍ (٣٧٣٦) ـ واكْفُفْ عَلَيْهِنَّ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ بِحِجَابِكَ إِيَّاهُنَّ ـ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحِجَابِ أَبْقَى عَلَيْهِنَّ ـ ولَيْسَ خُرُوجُهُنَّ بِأَشَدَّ ـ مِنْ إِدْخَالِكَ مَنْ لَا يُوثَقُ بِه عَلَيْهِنَّ ـ وإِنِ اسْتَطَعْتَ أَلَّا يَعْرِفْنَ غَيْرَكَ فَافْعَلْ ـ ولَا تُمَلِّكِ الْمَرْأَةَ مِنْ أَمْرِهَا مَا جَاوَزَ نَفْسَهَا ـ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ رَيْحَانَةٌ ولَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ (٣٧٣٧) ـ ولَا تَعْدُ (٣٧٣٨) بِكَرَامَتِهَا نَفْسَهَا ولَا تُطْمِعْهَا فِي أَنْ تَشْفَعَ لِغَيْرِهَا ـ وإِيَّاكَ والتَّغَايُرَ (٣٧٣٩) فِي غَيْرِ مَوْضِعِ غَيْرَةٍ ـ فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْعُو الصَّحِيحَةَ إِلَى السَّقَمِ ـ والْبَرِيئَةَ إِلَى الرِّيَبِ ـ واجْعَلْ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْ خَدَمِكَ عَمَلًا تَأْخُذُه بِه ـ فَإِنَّه أَحْرَى أَلَّا يَتَوَاكَلُوا فِي خِدْمَتِكَ (٣٧٤٠) ـ وأَكْرِمْ عَشِيرَتَكَ ـ فَإِنَّهُمْ جَنَاحُكَ الَّذِي بِه تَطِيرُ ـ وأَصْلُكَ الَّذِي إِلَيْه تَصِيرُ ويَدُكَ الَّتِي بِهَا تَصُولُ.

٤٠٥

دعاء

اسْتَوْدِعِ اللَّه دِينَكَ ودُنْيَاكَ ـ واسْأَلْه خَيْرَ الْقَضَاءِ لَكَ فِي الْعَاجِلَةِ والآجِلَةِ ـ والدُّنْيَا والآخِرَةِ والسَّلَامُ.

٣٢ ـ ومن كتاب له عليه‌السلام

إلى معاوية

وأَرْدَيْتَ (٣٧٤١) جِيلًا مِنَ النَّاسِ كَثِيراً ـ خَدَعْتَهُمْ بِغَيِّكَ (٣٧٤٢) وأَلْقَيْتَهُمْ فِي مَوْجِ بَحْرِكَ ـ تَغْشَاهُمُ الظُّلُمَاتُ وتَتَلَاطَمُ بِهِمُ الشُّبُهَاتُ ـ فَجَازُوا (٣٧٤٣) عَنْ وِجْهَتِهِمْ (٣٧٤٤) ونَكَصُوا (٣٧٤٥) عَلَى أَعْقَابِهِمْ ـ وتَوَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ وعَوَّلُوا (٣٧٤٦) عَلَى أَحْسَابِهِمْ ـ إِلَّا مَنْ فَاءَ (٣٧٤٧) مِنْ أَهْلِ الْبَصَائِرِ ـ فَإِنَّهُمْ فَارَقُوكَ بَعْدَ مَعْرِفَتِكَ ـ وهَرَبُوا إِلَى اللَّه مِنْ مُوَازَرَتِكَ (٣٧٤٨) ـ إِذْ حَمَلْتَهُمْ عَلَى الصَّعْبِ وعَدَلْتَ بِهِمْ عَنِ الْقَصْدِ ـ فَاتَّقِ اللَّه يَا مُعَاوِيَةُ فِي نَفْسِكَ ـ وجَاذِبِ (٣٧٤٩) الشَّيْطَانَ قِيَادَكَ (٣٧٥٠) ـ فَإِنَّ الدُّنْيَا مُنْقَطِعَةٌ عَنْكَ والآخِرَةَ قَرِيبَةٌ مِنْكَ ـ والسَّلَامُ.

٣٣ ـ ومن كتاب له عليه‌السلام

إلى قثم بن العباس ـ وهو عامله على مكة

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ عَيْنِي (٣٧٥١) بِالْمَغْرِبِ (٣٧٥٢) كَتَبَ إِلَيَّ يُعْلِمُنِي ـ أَنَّه

٤٠٦

وُجِّه إِلَى الْمَوْسِمِ (٣٧٥٣) أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ـ الْعُمْيِ الْقُلُوبِ الصُّمِّ الأَسْمَاعِ الْكُمْه (٣٧٥٤) الأَبْصَارِ ـ الَّذِينَ يَلْبِسُونَ (٣٧٥٥) الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ ـ ويُطِيعُونَ الْمَخْلُوقَ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ ـ ويَحْتَلِبُونَ (٣٧٥٦) الدُّنْيَا دَرَّهَا (٣٧٥٧) بِالدِّينِ ـ ويَشْتَرُونَ عَاجِلَهَا بِآجِلِ الأَبْرَارِ الْمُتَّقِينَ ـ ولَنْ يَفُوزَ بِالْخَيْرِ إِلَّا عَامِلُه ـ ولَا يُجْزَى جَزَاءَ الشَّرِّ إِلَّا فَاعِلُه ـ فَأَقِمْ عَلَى مَا فِي يَدَيْكَ قِيَامَ الْحَازِمِ الصَّلِيبِ (٣٧٥٨) ـ والنَّاصِحِ اللَّبِيبِ ـ التَّابِعِ لِسُلْطَانِه الْمُطِيعِ لإِمَامِه ـ وإِيَّاكَ ومَا يُعْتَذَرُ مِنْه ـ ولَا تَكُنْ عِنْدَ النَّعْمَاءِ (٣٧٥٩) بَطِراً (٣٧٦٠) ـ ولَا عِنْدَ الْبَأْسَاءِ (٣٧٦١) فَشِلًا (٣٧٦٢) ـ والسَّلَامُ.

٣٤ ـ ومن كتاب له عليه‌السلام

إلى محمد بن أبي بكر لما بلغه توجده (٣٧٦٣) من عزله بالأشتر عن مصر ،

ثم توفي الأشتر في توجهه إلى هناك قبل وصوله إليها

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِي مَوْجِدَتُكَ (٣٧٦٤) مِنْ تَسْرِيحِ (٣٧٦٥) الأَشْتَرِ إِلَى عَمَلِكَ (٣٧٦٦) ـ وإِنِّي لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ اسْتِبْطَاءً لَكَ فِي الْجَهْدَ ـ ولَا ازْدِيَاداً لَكَ فِي الْجِدِّ ـ ولَوْ نَزَعْتُ مَا تَحْتَ يَدِكَ مِنْ سُلْطَانِكَ ـ لَوَلَّيْتُكَ مَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكَ مَئُونَةً ـ وأَعْجَبُ إِلَيْكَ وِلَايَةً.

إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي كُنْتُ وَلَّيْتُه أَمْرَ مِصْرَ ـ كَانَ رَجُلًا لَنَا نَاصِحاً وعَلَى عَدُوِّنَا شَدِيداً نَاقِماً (٣٧٦٧) ـ فَرَحِمَه اللَّه فَلَقَدِ اسْتَكْمَلَ أَيَّامَه ـ ولَاقَى

٤٠٧

حِمَامَه (٣٧٦٨) ونَحْنُ عَنْه رَاضُونَ ـ أَوْلَاه اللَّه رِضْوَانَه وضَاعَفَ الثَّوَابَ لَه ـ فَأَصْحِرْ (٣٧٦٩) لِعَدُوِّكَ وامْضِ عَلَى بَصِيرَتِكَ ـ وشَمِّرْ لِحَرْبِ مَنْ حَارَبَكَ و (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ) ـ وأَكْثِرِ الِاسْتِعَانَةَ بِاللَّه يَكْفِكَ مَا أَهَمَّكَ ـ ويُعِنْكَ عَلَى مَا يُنْزِلُ بِكَ إِنْ شَاءَ اللَّه.

٣٥ ـ ومن كتاب له عليه‌السلام

إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد بن أبي بكر

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مِصْرَ قَدِ افْتُتِحَتْ ـ ومُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ رحمه‌الله قَدِ اسْتُشْهِدَ ـ فَعِنْدَ اللَّه نَحْتَسِبُه (٣٧٧٠) وَلَداً نَاصِحاً وعَامِلًا كَادِحاً (٣٧٧١) ـ وسَيْفاً قَاطِعاً ورُكْناً دَافِعاً ـ وقَدْ كُنْتُ حَثَثْتُ النَّاسَ عَلَى لَحَاقِه ـ وأَمَرْتُهُمْ بِغِيَاثِه قَبْلَ الْوَقْعَةِ ـ ودَعَوْتُهُمْ سِرّاً وجَهْراً وعَوْداً وبَدْءاً ـ فَمِنْهُمُ الآتِي كَارِهاً ومِنْهُمُ الْمُعْتَلُّ كَاذِباً ـ ومِنْهُمُ الْقَاعِدُ خَاذِلًا ـ أَسْأَلُ اللَّه تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ لِي مِنْهُمْ فَرَجاً عَاجِلًا ـ فَوَاللَّه لَوْ لَا طَمَعِي عِنْدَ لِقَائِي عَدُوِّي فِي الشَّهَادَةِ ـ وتَوْطِينِي نَفْسِي عَلَى الْمَنِيَّةِ ـ لأَحْبَبْتُ أَلَّا أَلْقَى مَعَ هَؤُلَاءِ يَوْماً وَاحِداً ـ ولَا أَلْتَقِيَ بِهِمْ أَبَداً.

٤٠٨

٣٦ ـ ومن كتاب له عليه‌السلام

إلى أخيه عقيل بن أبي طالب ـ في ذكر جيش أنفذه إلى بعض الأعداء

وهو جواب كتاب كتبه إليه عقيل

فَسَرَّحْتُ إِلَيْه جَيْشاً كَثِيفاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ ـ فَلَمَّا بَلَغَه ذَلِكَ شَمَّرَ هَارِباً ونَكَصَ نَادِماً ـ فَلَحِقُوه بِبَعْضِ الطَّرِيقِ ـ وقَدْ طَفَّلَتِ (٣٧٧٢) الشَّمْسُ لِلإِيَابِ (٣٧٧٣) ـ فَاقْتَتَلُوا شَيْئاً كَلَا ولَا (٣٧٧٤) ـ فَمَا كَانَ إِلَّا كَمَوْقِفِ سَاعَةٍ حَتَّى نَجَا جَرِيضاً (٣٧٧٥) ـ بَعْدَ مَا أُخِذَ مِنْه بِالْمُخَنَّقِ (٣٧٧٦) ـ ولَمْ يَبْقَ مِنْه غَيْرُ الرَّمَقِ (٣٧٧٧) ـ فَلأْياً بِلأْيٍ (٣٧٧٨) مَا نَجَا ـ فَدَعْ عَنْكَ قُرَيْشاً وتَرْكَاضَهُمْ (٣٧٧٩) فِي الضَّلَالِ ـ وتَجْوَالَهُمْ (٣٧٨٠) فِي الشِّقَاقِ (٣٧٨١) وجِمَاحَهُمْ (٣٧٨٢) فِي التِّيه (٣٧٨٣) ـ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى حَرْبِي ـ كَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله قَبْلِي ـ فَجَزَتْ قُرَيْشاً عَنِّي الْجَوَازِي (٣٧٨٤) ـ فَقَدْ قَطَعُوا رَحِمِي وسَلَبُونِي سُلْطَانَ ابْنِ أُمِّي (٣٧٨٥).

وأَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْه مِنْ رَأْيِي فِي الْقِتَالِ ـ فَإِنَّ رَأْيِي قِتَالُ الْمُحِلِّينَ (٣٧٨٦) حَتَّى أَلْقَى اللَّه ـ لَا يَزِيدُنِي كَثْرَةُ النَّاسِ حَوْلِي عِزَّةً ـ ولَا تَفَرُّقُهُمْ عَنِّي وَحْشَةً ـ ولَا تَحْسَبَنَّ ابْنَ أَبِيكَ ـ ولَوْ أَسْلَمَه النَّاسُ مُتَضَرِّعاً مُتَخَشِّعاً ـ ولَا مُقِرّاً لِلضَّيْمِ (٣٧٨٧) وَاهِناً (٣٧٨٨) ـ ولَا سَلِسَ (٣٧٨٩) الزِّمَامِ (٣٧٩٠)

٤٠٩

لِلْقَائِدِ ـ ولَا وَطِيءَ (٣٧٩١) الظَّهْرِ لِلرَّاكِبِ الْمُتَقَعِّدِ (٣٧٩٢) ـ ولَكِنَّه كَمَا قَالَ أَخُو بَنِي سَلِيمٍ :

فَإِنْ تَسْأَلِينِي كَيْفَ أَنْتَ فَإِنَّنِي

صَبُورٌ عَلَى رَيْبِ الزَّمَانِ صَلِيبُ (٣٧٩٣)

يَعِزُّ عَلَيَّ (٣٧٩٤) أَنْ تُرَى بِي كَآبَةٌ (٣٧٩٥)

فَيَشْمَتَ عَادٍ (٣٧٩٦) أَوْ يُسَاءَ حَبِيبُ

٣٧ ـ ومن كتاب له عليه‌السلام

إلى معاوية

فَسُبْحَانَ اللَّه ـ مَا أَشَدَّ لُزُومَكَ لِلأَهْوَاءَ الْمُبْتَدَعَةِ والْحَيْرَةِ الْمُتَّبَعَةِ (٣٧٩٧) ـ مَعَ تَضْيِيعِ الْحَقَائِقِ واطِّرَاحِ الْوَثَائِقِ ـ الَّتِي هِيَ لِلَّه طِلْبَةٌ (٣٧٩٨) وعَلَى عِبَادِه حُجَّةٌ ـ فَأَمَّا إِكْثَارُكَ الْحِجَاجَ (٣٧٩٩) عَلَى عُثْمَانَ وقَتَلَتِه ـ فَإِنَّكَ إِنَّمَا نَصَرْتَ عُثْمَانَ حَيْثُ كَانَ النَّصْرُ لَكَ ـ وخَذَلْتَه حَيْثُ كَانَ النَّصْرُ لَه والسَّلَامُ.

٣٨ ـ ومن كتاب له عليه‌السلام

إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر

مِنْ عَبْدِ اللَّه عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ـ إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ غَضِبُوا لِلَّه ـ حِينَ

٤١٠

عُصِيَ فِي أَرْضِه وذُهِبَ بِحَقِّه ـ فَضَرَبَ الْجَوْرُ (٣٨٠٠) سُرَادِقَه (٣٨٠١) عَلَى الْبَرِّ (٣٨٠٢) والْفَاجِرِ ـ والْمُقِيمِ والظَّاعِنِ (٣٨٠٣) ـ فَلَا مَعْرُوفٌ يُسْتَرَاحُ إِلَيْه (٣٨٠٤) ـ ولَا مُنْكَرٌ يُتَنَاهَى عَنْه.

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ عَبْداً مِنْ عِبَادِ اللَّه ـ لَا يَنَامُ أَيَّامَ الْخَوْفِ ـ ولَا يَنْكُلُ (٣٨٠٥) عَنِ الأَعْدَاءِ سَاعَاتِ الرَّوْعِ (٣٨٠٦) ـ أَشَدَّ عَلَى الْفُجَّارِ مِنْ حَرِيقِ النَّارِ ـ وهُوَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ أَخُو مَذْحِجٍ (٣٨٠٧) ـ فَاسْمَعُوا لَه وأَطِيعُوا أَمْرَه فِيمَا طَابَقَ الْحَقَّ ـ فَإِنَّه سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّه ـ لَا كَلِيلُ (٣٨٠٨) الظُّبَةِ (٣٨٠٩) ولَا نَابِي (٣٨١٠) الضَّرِيبَةِ (٣٨١١) ـ فَإِنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَنْفِرُوا فَانْفِرُوا ـ وإِنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تُقِيمُوا فَأَقِيمُوا ـ فَإِنَّه لَا يُقْدِمُ ولَا يُحْجِمُ ـ ولَا يُؤَخِّرُ ولَا يُقَدِّمُ إِلَّا عَنْ أَمْرِي ـ وقَدْ آثَرْتُكُمْ بِه (٣٨١٢) عَلَى نَفْسِي لِنَصِيحَتِه لَكُمْ ـ وشِدَّةِ شَكِيمَتِه (٣٨١٣) عَلَى عَدُوِّكُمْ.

٣٩ ـ ومن كتاب له عليه‌السلام

إلى عمرو بن العاص

فَإِنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ دِينَكَ تَبَعاً لِدُنْيَا امْرِئٍ ـ ظَاهِرٍ غَيُّه مَهْتُوكٍ سِتْرُه ـ يَشِينُ الْكَرِيمَ بِمَجْلِسِه ويُسَفِّه الْحَلِيمَ بِخِلْطَتِه ـ فَاتَّبَعْتَ أَثَرَه وطَلَبْتَ فَضْلَه ـ اتِّبَاعَ الْكَلْبِ لِلضِّرْغَامِ (٣٨١٤) يَلُوذُ بِمَخَالِبِه ـ ويَنْتَظِرُ مَا يُلْقَى إِلَيْه مِنْ فَضْلِ فَرِيسَتِه ـ فَأَذْهَبْتَ دُنْيَاكَ وآخِرَتَكَ ـ ولَوْ

٤١١

بِالْحَقِّ أَخَذْتَ أَدْرَكْتَ مَا طَلَبْتَ ـ فَإِنْ يُمَكِّنِّي اللَّه مِنْكَ ومِنِ ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ ـ أَجْزِكُمَا بِمَا قَدَّمْتُمَا ـ وإِنْ تُعْجِزَا (٣٨١٥) وتَبْقَيَا فَمَا أَمَامَكُمَا شَرٌّ لَكُمَا ـ والسَّلَامُ.

٤٠ ـ ومن كتاب له عليه‌السلام

إلى بعض عماله

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِي عَنْكَ أَمْرٌ ـ إِنْ كُنْتَ فَعَلْتَه فَقَدْ أَسْخَطْتَ رَبَّكَ ـ وعَصَيْتَ إِمَامَكَ وأَخْزَيْتَ أَمَانَتَكَ (٣٨١٦).

بَلَغَنِي أَنَّكَ جَرَّدْتَ (٣٨١٧) الأَرْضَ فَأَخَذْتَ مَا تَحْتَ قَدَمَيْكَ ـ وأَكَلْتَ مَا تَحْتَ يَدَيْكَ فَارْفَعْ إِلَيَّ حِسَابَكَ ـ واعْلَمْ أَنَّ حِسَابَ اللَّه أَعْظَمُ مِنْ حِسَابِ النَّاسِ والسَّلَامُ.

٤١ ـ ومن كتاب له عليه‌السلام

إلى بعض عماله

أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي كُنْتُ أَشْرَكْتُكَ فِي أَمَانَتِي (٣٨١٨) ـ وجَعَلْتُكَ شِعَارِي وبِطَانَتِي ـ ولَمْ يَكُنْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِي أَوْثَقَ مِنْكَ فِي نَفْسِي ـ لِمُوَاسَاتِي (٣٨١٩) ومُوَازَرَتِي (٣٨٢٠) وأَدَاءِ الأَمَانَةِ إِلَيَّ ـ فَلَمَّا رَأَيْتَ الزَّمَانَ عَلَى ابْنِ عَمِّكَ

٤١٢

قَدْ كَلِبَ (٣٨٢١) ـ والْعَدُوَّ قَدْ حَرِبَ (٣٨٢٢) وأَمَانَةَ النَّاسِ قَدْ خَزِيَتْ (٣٨٢٣) ـ وهَذِه الأُمَّةَ قَدْ فَنَكَتْ (٣٨٢٤) وشَغَرَتْ (٣٨٢٥) ـ قَلَبْتَ لِابْنِ عَمِّكَ ظَهْرَ الْمِجَنِّ (٣٨٢٦) ـ فَفَارَقْتَه مَعَ الْمُفَارِقِينَ وخَذَلْتَه مَعَ الْخَاذِلِينَ ـ وخُنْتَه مَعَ الْخَائِنِينَ ـ فَلَا ابْنَ عَمِّكَ آسَيْتَ (٣٨٢٧) ولَا الأَمَانَةَ أَدَّيْتَ ـ وكَأَنَّكَ لَمْ تَكُنِ اللَّه تُرِيدُ بِجِهَادِكَ ـ وكَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ ـ وكَأَنَّكَ إِنَّمَا كُنْتَ تَكِيدُ (٣٨٢٨) هَذِه الأُمَّةَ عَنْ دُنْيَاهُمْ ـ وتَنْوِي غِرَّتَهُمْ (٣٨٢٩) عَنْ فَيْئِهِمْ (٣٨٣٠) ـ فَلَمَّا أَمْكَنَتْكَ الشِّدَّةُ فِي خِيَانَةِ الأُمَّةِ أَسْرَعْتَ الْكَرَّةَ ـ وعَاجَلْتَ الْوَثْبَةَ واخْتَطَفْتَ مَا قَدَرْتَ عَلَيْه مِنْ أَمْوَالِهِمُ ـ الْمَصُونَةِ لأَرَامِلِهِمْ وأَيْتَامِهِمُ ـ اخْتِطَافَ الذِّئْبِ الأَزَلِّ (٣٨٣١) دَامِيَةَ (٣٨٣٢) الْمِعْزَى (٣٨٣٣) الْكَسِيرَةَ (٣٨٣٤) ـ فَحَمَلْتَه إِلَى الْحِجَازِ رَحِيبَ الصَّدْرِ بِحَمْلِه ـ غَيْرَ مُتَأَثِّمٍ (٣٨٣٥) مِنْ أَخْذِه ـ كَأَنَّكَ لَا أَبَا لِغَيْرِكَ (٣٨٣٦) ـ حَدَرْتَ (٣٨٣٧) إِلَى أَهْلِكَ تُرَاثَكَ (٣٨٣٨) مِنْ أَبِيكَ وأُمِّكَ ـ فَسُبْحَانَ اللَّه أَمَا تُؤْمِنُ بِالْمَعَادِ ـ أَومَا تَخَافُ نِقَاشَ (٣٨٣٩) الْحِسَابِ ـ أَيُّهَا الْمَعْدُودُ كَانَ عِنْدَنَا مِنْ أُولِي الأَلْبَابِ ـ كَيْفَ تُسِيغُ (٣٨٤٠) شَرَاباً وطَعَاماً ـ وأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ تَأْكُلُ حَرَاماً وتَشْرَبُ حَرَاماً ـ وتَبْتَاعُ الإِمَاءَ وتَنْكِحُ النِّسَاءَ ـ مِنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى والْمَسَاكِينِ والْمُؤْمِنِينَ والْمُجَاهِدِينَ ـ الَّذِينَ أَفَاءَ اللَّه عَلَيْهِمْ هَذِه الأَمْوَالَ ـ وأَحْرَزَ بِهِمْ هَذِه الْبِلَادَ ـ فَاتَّقِ اللَّه وارْدُدْ إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَمْوَالَهُمْ ـ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ ثُمَّ أَمْكَنَنِي اللَّه مِنْكَ ـ لأُعْذِرَنَّ إِلَى اللَّه فِيكَ (٣٨٤١) ـ ولأَضْرِبَنَّكَ بِسَيْفِي الَّذِي مَا ضَرَبْتُ بِه أَحَداً ـ إِلَّا دَخَلَ

٤١٣

النَّارَ ـ ووَ اللَّه لَوْ أَنَّ الْحَسَنَ والْحُسَيْنَ فَعَلَا مِثْلَ الَّذِي فَعَلْتَ ـ مَا كَانَتْ لَهُمَا عِنْدِي هَوَادَةٌ (٣٨٤٢) ولَا ظَفِرَا مِنِّي بِإِرَادَةٍ ـ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُمَا وأُزِيحَ الْبَاطِلَ عَنْ مَظْلَمَتِهِمَا ـ وأُقْسِمُ بِاللَّه رَبِّ الْعَالَمِينَ ـ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَا أَخَذْتَه مِنْ أَمْوَالِهِمْ حَلَالٌ لِي ـ أَتْرُكُه مِيرَاثاً لِمَنْ بَعْدِي فَضَحِّ رُوَيْداً (٣٨٤٣) ـ فَكَأَنَّكَ قَدْ بَلَغْتَ الْمَدَى (٣٨٤٤) ودُفِنْتَ تَحْتَ الثَّرَى (٣٨٤٥) ـ وعُرِضَتْ عَلَيْكَ أَعْمَالُكَ بِالْمَحَلِّ ـ الَّذِي يُنَادِي الظَّالِمُ فِيه بِالْحَسْرَةِ ـ ويَتَمَنَّى الْمُضَيِّعُ فِيه الرَّجْعَةَ (ولاتَ حِينَ مَناصٍ) (٣٨٤٦).

٤٢ ـ ومن كتاب له عليه‌السلام

إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي وكان عامله على البحرين ،

فعزله ، واستعمل نعمان بن عجلان الزّرقي مكانه

أَمَّا بَعْدُ ـ فَإِنِّي قَدْ وَلَّيْتُ النُّعْمَانَ بْنِ عَجْلَانَ الزُّرَقِيَّ عَلَى الْبَحْرَيْنِ ـ ونَزَعْتُ يَدَكَ بِلَا ذَمٍّ لَكَ ولَا تَثْرِيبٍ (٣٨٤٧) عَلَيْكَ ـ فَلَقَدْ أَحْسَنْتَ الْوِلَايَةَ وأَدَّيْتَ الأَمَانَةَ ـ فَأَقْبِلْ غَيْرَ ظَنِينٍ (٣٨٤٨) ولَا مَلُومٍ ـ ولَا مُتَّهَمٍ ولَا مَأْثُومٍ ـ فَلَقَدْ أَرَدْتُ الْمَسِيرَ إِلَى ظَلَمَةِ (٣٨٤٩) أَهْلِ الشَّامِ ـ وأَحْبَبْتُ أَنْ تَشْهَدَ مَعِي ـ فَإِنَّكَ مِمَّنْ أَسْتَظْهِرُ بِه (٣٨٥٠) عَلَى جِهَادِ الْعَدُوِّ ـ وإِقَامَةِ عَمُودِ الدِّينِ إِنْ شَاءَ اللَّه.

٤١٤

٤٣ ـ ومن كتاب له عليه‌السلام

إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني ـ وهو عامله على أردشيرخرة (٣٨٥١)

بَلَغَنِي عَنْكَ أَمْرٌ إِنْ كُنْتَ فَعَلْتَه فَقَدْ أَسْخَطْتَ إِلَهَكَ ـ وعَصَيْتَ إِمَامَكَ ـ أَنَّكَ تَقْسِمُ فَيْءَ (٣٨٥٢) الْمُسْلِمِينَ ـ الَّذِي حَازَتْه رِمَاحُهُمْ وخُيُولُهُمْ وأُرِيقَتْ عَلَيْه دِمَاؤُهُمْ ـ فِيمَنِ اعْتَامَكَ (٣٨٥٣) مِنْ أَعْرَابِ قَوْمِكَ ـ فَوَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ (٣٨٥٤) ـ لَئِنْ كَانَ ذَلِكَ حَقّاً ـ لَتَجِدَنَّ لَكَ عَلَيَّ هَوَاناً ولَتَخِفَّنَّ عِنْدِي مِيزَاناً ـ فَلَا تَسْتَهِنْ بِحَقِّ رَبِّكَ ـ ولَا تُصْلِحْ دُنْيَاكَ بِمَحْقِ دِينِكَ ـ فَتَكُونَ مِنَ الأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا.

أَلَا وإِنَّ حَقَّ مَنْ قِبَلَكَ (٣٨٥٥) وقِبَلَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ـ فِي قِسْمَةِ هَذَا الْفَيْءِ سَوَاءٌ ـ يَرِدُونَ عِنْدِي عَلَيْه ويَصْدُرُونَ عَنْه.

٤٤ ـ ومن كتاب له عليه‌السلام

إلى زياد ابن أبيه وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته باستلحاقه

وقَدْ عَرَفْتُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَيْكَ ـ يَسْتَزِلُّ (٣٨٥٦) لُبَّكَ (٣٨٥٧) ويَسْتَفِلُّ (٣٨٥٨) غَرْبَكَ (٣٨٥٩) ـ فَاحْذَرْه فَإِنَّمَا هُوَ الشَّيْطَانُ ـ يَأْتِي الْمَرْءَ

٤١٥

مِنْ بَيْنِ يَدَيْه ومِنْ خَلْفِه ـ وعَنْ يَمِينِه وعَنْ شِمَالِه ـ لِيَقْتَحِمَ غَفْلَتَه (٣٨٦٠) ويَسْتَلِبَ غِرَّتَه (٣٨٦١).

وقَدْ كَانَ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَلْتَةٌ (٣٨٦٢) ـ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ ـ ونَزْغَةٌ مِنْ نَزَغَاتِ الشَّيْطَانِ ـ لَا يَثْبُتُ بِهَا نَسَبٌ ولَا يُسْتَحَقُّ بِهَا إِرْثٌ ـ والْمُتَعَلِّقُ بِهَا كَالْوَاغِلِ الْمُدَفَّعِ والنَّوْطِ الْمُذَبْذَبِ.

فَلَمَّا قَرَأَ زِيَادٌ الْكِتَابَ قَالَ ـ شَهِدَ بِهَا ورَبِّ الْكَعْبَةِ ـ ولَمْ تَزَلْ فِي نَفْسِه حَتَّى ادَّعَاه مُعَاوِيَةُ.

قال الرضي ـ قوله عليه‌السلام الواغل ـ هو الذي يهجم على الشرب ـ ليشرب معهم وليس منهم ـ فلا يزال مدفعا محاجزا ـ والنوط المذبذب هو ما يناط برحل الراكب ـ من قعب أو قدح أو ما أشبه ذلك ـ فهو أبدا يتقلقل إذا حث ظهره واستعجل سيره.

٤٥ ـ ومن كتاب له عليه‌السلام

إلى عثمان بن حنيف الأنصاري ـ وكان عامله على البصرة

وقد بلغه أنه دعي إلى وليمة قوم من أهلها ، فمضى إليها ـ قوله :

أَمَّا بَعْدُ يَا ابْنَ حُنَيْفٍ ـ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلًا مِنْ فِتْيَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ـ دَعَاكَ إِلَى مَأْدُبَةٍ (٣٨٦٣) فَأَسْرَعْتَ إِلَيْهَا ـ تُسْتَطَابُ (٣٨٦٤) لَكَ الأَلْوَانُ (٣٨٦٥) وتُنْقَلُ إِلَيْكَ الْجِفَانُ (٣٨٦٦) ـ ومَا ظَنَنْتُ أَنَّكَ تُجِيبُ إِلَى طَعَامِ قَوْمٍ ـ عَائِلُهُمْ (٣٨٦٧) مَجْفُوٌّ (٣٨٦٨) وغَنِيُّهُمْ مَدْعُوٌّ ـ فَانْظُرْ إِلَى مَا تَقْضَمُه (٣٨٦٩)

٤١٦

مِنْ هَذَا الْمَقْضَمِ ـ فَمَا اشْتَبَه عَلَيْكَ عِلْمُه فَالْفِظْه (٣٨٧٠) ـ ومَا أَيْقَنْتَ بِطِيبِ وُجُوهِه فَنَلْ مِنْه.

أَلَا وإِنَّ لِكُلِّ مَأْمُومٍ إِمَاماً يَقْتَدِي بِه ـ ويَسْتَضِيءُ بِنُورِ عِلْمِه ـ أَلَا وإِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاه بِطِمْرَيْه (٣٨٧١) ـ ومِنْ طُعْمِه (٣٨٧٢) بِقُرْصَيْه (٣٨٧٣) ـ أَلَا وإِنَّكُمْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ ـ ولَكِنْ أَعِينُونِي بِوَرَعٍ واجْتِهَادٍ وعِفَّةٍ وسَدَادٍ (٣٨٧٤) ـ فَوَاللَّه مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْيَاكُمْ تِبْراً (٣٨٧٥) ـ ولَا ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً (٣٨٧٦) ـ ولَا أَعْدَدْتُ لِبَالِي ثَوْبِي طِمْراً (٣٨٧٧) ـ ولَا حُزْتُ مِنْ أَرْضِهَا شِبْراً ـ ولَا أَخَذْتُ مِنْه إِلَّا كَقُوتِ أَتَانٍ دَبِرَةٍ (٣٨٧٨) ـ ولَهِيَ فِي عَيْنِي أَوْهَى وأَوْهَنُ مِنْ عَفْصَةٍ مَقِرَةٍ (٣٨٧٩) بَلَى كَانَتْ فِي أَيْدِينَا فَدَكٌ مِنْ كُلِّ مَا أَظَلَّتْه السَّمَاءُ ـ فَشَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ ـ وسَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ آخَرِينَ ـ ونِعْمَ الْحَكَمُ اللَّه ـ ومَا أَصْنَعُ بِفَدَكٍ (٣٨٨٠) وغَيْرِ فَدَكٍ ـ والنَّفْسُ مَظَانُّهَا (٣٨٨١) فِي غَدٍ جَدَثٌ (٣٨٨٢) تَنْقَطِعُ فِي ظُلْمَتِه آثَارُهَا ـ وتَغِيبُ أَخْبَارُهَا ـ وحُفْرَةٌ لَوْ زِيدَ فِي فُسْحَتِهَا وأَوْسَعَتْ يَدَا حَافِرِهَا ـ لأَضْغَطَهَا (٣٨٨٣) الْحَجَرُ والْمَدَرُ (٣٨٨٤) ـ وسَدَّ فُرَجَهَا (٣٨٨٥) التُّرَابُ الْمُتَرَاكِمُ ـ وإِنَّمَا هِيَ نَفْسِي أَرُوضُهَا (٣٨٨٦) بِالتَّقْوَى ـ لِتَأْتِيَ آمِنَةً يَوْمَ الْخَوْفِ الأَكْبَرِ ـ وتَثْبُتَ عَلَى جَوَانِبِ الْمَزْلَقِ (٣٨٨٧) ولَوْ شِئْتُ لَاهْتَدَيْتُ الطَّرِيقَ إِلَى مُصَفَّى هَذَا

٤١٧

الْعَسَلِ ـ ولُبَابِ هَذَا الْقَمْحِ ونَسَائِجِ هَذَا الْقَزِّ (٣٨٨٨) ـ ولَكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ ـ ويَقُودَنِي جَشَعِي (٣٨٨٩) إِلَى تَخَيُّرِ الأَطْعِمَةِ ـ ولَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوْ الْيَمَامَةِ مَنْ لَا طَمَعَ لَه فِي الْقُرْصِ (٣٨٩٠) ـ ولَا عَهْدَ لَه بِالشِّبَعِ ـ أَوْ أَبِيتَ مِبْطَاناً وحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى (٣٨٩١) ـ وأَكْبَادٌ حَرَّى (٣٨٩٢) أَوْ أَكُونَ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ:

وحَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَبِيتَ بِبِطْنَةٍ (٣٨٩٣)

وحَوْلَكَ أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَى الْقِدِّ (٣٨٩٤)

أَأَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ ـ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ـ ولَا أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِه الدَّهْرِ ـ أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ (٣٨٩٥) الْعَيْشِ ـ فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ ـ كَالْبَهِيمَةِ الْمَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا ـ أَوِ الْمُرْسَلَةِ شُغُلُهَا تَقَمُّمُهَا (٣٨٩٦) ـ تَكْتَرِشُ (٣٨٩٧) مِنْ أَعْلَافِهَا (٣٨٩٨) وتَلْهُو عَمَّا يُرَادُ بِهَا ـ أَوْ أُتْرَكَ سُدًى أَوْ أُهْمَلَ عَابِثاً ـ أَوْ أَجُرَّ حَبْلَ الضَّلَالَةِ أَوْ أَعْتَسِفَ (٣٨٩٩) طَرِيقَ الْمَتَاهَةِ (٣٩٠٠) وكَأَنِّي بِقَائِلِكُمْ يَقُولُ ـ إِذَا كَانَ هَذَا قُوتُ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ ـ فَقَدْ قَعَدَ بِه الضَّعْفُ عَنْ قِتَالِ الأَقْرَانِ ـ ومُنَازَلَةِ الشُّجْعَانِ ـ أَلَا وإِنَّ الشَّجَرَةَ الْبَرِّيَّةَ (٣٩٠١) أَصْلَبُ عُوداً ـ والرَّوَاتِعَ الْخَضِرَةَ (٣٩٠٢) أَرَقُّ جُلُوداً ـ والنَّابِتَاتِ الْعِذْيَةَ (٣٩٠٣) أَقْوَى وَقُوداً (٣٩٠٤) وأَبْطَأُ خُمُوداً ـ. وأَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّه كَالضَّوْءِ مِنَ الضَّوْءِ (٣٩٠٥) ـ والذِّرَاعِ مِنَ الْعَضُدِ (٣٩٠٦) ـ واللَّه لَوْ تَظَاهَرَتِ الْعَرَبُ عَلَى قِتَالِي لَمَا وَلَّيْتُ عَنْهَا ـ ولَوْ أَمْكَنَتِ الْفُرَصُ مِنْ رِقَابِهَا لَسَارَعْتُ إِلَيْهَا ـ وسَأَجْهَدُ (٣٩٠٧)

٤١٨

فِي أَنْ أُطَهِّرَ الأَرْضَ مِنْ هَذَا الشَّخْصِ الْمَعْكُوسِ ـ والْجِسْمِ الْمَرْكُوسِ (٣٩٠٨) ـ حَتَّى تَخْرُجَ الْمَدَرَةُ (٣٩٠٩) مِنْ بَيْنِ حَبِّ الْحَصِيدِ (٣٩١٠).

ومِنْ هَذَا الْكِتَابِ وهُوَ آخِرُه :

إِلَيْكِ عَنِّي (٣٩١١) يَا دُنْيَا فَحَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ (٣٩١٢) ـ قَدِ انْسَلَلْتُ مِنْ مَخَالِبِكِ (٣٩١٣) ـ وأَفْلَتُّ مِنْ حَبَائِلِكِ (٣٩١٤) ـ واجْتَنَبْتُ الذَّهَابَ فِي مَدَاحِضِكِ (٣٩١٥) ـ أَيْنَ الْقُرُونُ الَّذِينَ غَرَرْتِهِمْ بِمَدَاعِبِكِ (٣٩١٦) ـ أَيْنَ الأُمَمُ الَّذِينَ فَتَنْتِهِمْ بِزَخَارِفِكِ ـ فَهَا هُمْ رَهَائِنُ الْقُبُورِ ومَضَامِينُ اللُّحُودِ (٣٩١٧) ـ واللَّه لَوْ كُنْتِ شَخْصاً مَرْئِيّاً وقَالَباً حِسِّيّاً ـ لأَقَمْتُ عَلَيْكِ حُدُودَ اللَّه فِي عِبَادٍ غَرَرْتِهِمْ بِالأَمَانِيِّ ـ وأُمَمٍ أَلْقَيْتِهِمْ فِي الْمَهَاوِي (٣٩١٨) ـ ومُلُوكٍ أَسْلَمْتِهِمْ إِلَى التَّلَفِ ـ وأَوْرَدْتِهِمْ مَوَارِدَ الْبَلَاءِ إِذْ لَا وِرْدَ (٣٩١٩) ولَا صَدَرَ (٣٩٢٠) ـ هَيْهَاتَ مَنْ وَطِئَ دَحْضَكِ (٣٩٢١) زَلِقَ (٣٩٢٢) ـ ومَنْ رَكِبَ لُجَجَكِ غَرِقَ ـ ومَنِ ازْوَرَّ (٣٩٢٣) عَنْ حَبَائِلِكِ وُفِّقَ ـ والسَّالِمُ مِنْكِ لَا يُبَالِي إِنْ ضَاقَ بِه مُنَاخُه (٣٩٢٤) ـ والدُّنْيَا عِنْدَه كَيَوْمٍ حَانَ (٣٩٢٥) انْسِلَاخُه (٣٩٢٦).

اعْزُبِي (٣٩٢٧) عَنِّي فَوَاللَّه لَا أَذِلُّ لَكِ فَتَسْتَذِلِّينِي ـ ولَا أَسْلَسُ (٣٩٢٨) لَكِ فَتَقُودِينِي ـ وايْمُ اللَّه يَمِيناً أَسْتَثْنِي فِيهَا بِمَشِيئَةِ اللَّه ـ لأَرُوضَنَّ نَفْسِي رِيَاضَةً تَهِشُّ (٣٩٢٩) مَعَهَا إِلَى الْقُرْصِ ـ إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْه مَطْعُوماً ـ وتَقْنَعُ بِالْمِلْحِ مَأْدُوماً (٣٩٣٠) ـ ولأَدَعَنَّ (٣٩٣١) مُقْلَتِي (٣٩٣٢) كَعَيْنِ مَاءٍ،

٤١٩

نَضَبَ (٣٩٣٣) مَعِينُهَا (٣٩٣٤) ـ مُسْتَفْرِغَةً دُمُوعَهَا ـ أَتَمْتَلِئُ السَّائِمَةُ (٣٩٣٥) مِنْ رِعْيِهَا (٣٩٣٦) فَتَبْرُكَ ـ وتَشْبَعُ الرَّبِيضَةُ (٣٩٣٧) مِنْ عُشْبِهَا فَتَرْبِضَ (٣٩٣٨) ـ ويَأْكُلُ عَلِيٌّ مِنْ زَادِه فَيَهْجَعَ (٣٩٣٩) ـ قَرَّتْ إِذاً عَيْنُه (٣٩٤٠) إِذَا اقْتَدَى بَعْدَ السِّنِينَ الْمُتَطَاوِلَةِ ـ بِالْبَهِيمَةِ الْهَامِلَةِ (٣٩٤١) والسَّائِمَةِ الْمَرْعِيَّةِ

طُوبَى لِنَفْسٍ أَدَّتْ إِلَى رَبِّهَا فَرْضَهَا ـ وعَرَكَتْ بِجَنْبِهَا بُؤْسَهَا (٣٩٤٢) وهَجَرَتْ فِي اللَّيْلِ غُمْضَهَا (٣٩٤٣) ـ حَتَّى إِذَا غَلَبَ الْكَرَى (٣٩٤٤) عَلَيْهَا افْتَرَشَتْ أَرْضَهَا (٣٩٤٥) ـ وتَوَسَّدَتْ كَفَّهَا (٣٩٤٦) ـ فِي مَعْشَرٍ أَسْهَرَ عُيُونَهُمْ خَوْفُ مَعَادِهِمْ ـ وتَجَافَتْ (٣٩٤٧) عَنْ مَضَاجِعِهِمْ (٣٩٤٨) جُنُوبُهُمْ ـ وهَمْهَمَتْ (٣٩٤٩) بِذِكْرِ رَبِّهِمْ شِفَاهُهُمْ ـ وتَقَشَّعَتْ (٣٩٥٠) بِطُولِ اسْتِغْفَارِهِمْ ذُنُوبُهُمْ ـ (أُولئِكَ حِزْبُ الله أَلا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

فَاتَّقِ اللَّه يَا ابْنَ حُنَيْفٍ ولْتَكْفُفْ أَقْرَاصُكَ (٣٩٥١) ـ لِيَكُونَ مِنَ النَّارِ خَلَاصُكَ.

٤٦ ـ ومن كتاب له عليه‌السلام

إلى بعض عماله

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ مِمَّنْ أَسْتَظْهِرُ (٣٩٥٢) بِه عَلَى إِقَامَةِ الدِّينِ ـ وأَقْمَعُ (٣٩٥٣) بِه نَخْوَةَ (٣٩٥٤) الأَثِيمِ (٣٩٥٥) ـ وأَسُدُّ بِه لَهَاةَ (٣٩٥٦) الثَّغْرِ (٣٩٥٧) الْمَخُوفِ (٣٩٥٨) ـ فَاسْتَعِنْ بِاللَّه عَلَى مَا أَهَمَّكَ ـ واخْلِطِ الشِّدَّةَ بِضِغْثٍ (٣٩٥٩) مِنَ اللِّينِ،

٤٢٠