تحفة الحكيم

الشيخ محمّد حسين الإصفهاني الغروي

تحفة الحكيم

المؤلف:

الشيخ محمّد حسين الإصفهاني الغروي


الموضوع : الفلسفة والمنطق
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٠
الصفحات: ٨٨

١
٢

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

ترجمة المؤلف

١٢٩٦ ـ ١٣٦١

هو الشيخ محمد حسين ابن التاجر المعروف الحاج محمد حسن الاصفهاني الذي سكن الكاظمية المنتهي نسبه الى الحاج محمد اسماعيل الذي ارتحل من نخچوان الى اصفهان وسكن فيها.

ومن أجل هذا لقب شيخنا بالاصفهاني ، وإلا فهو نخچواني الأصل.

ولقّب شيخنا أيضاً بـ (الغروي) ، لأنّ الغري مسقط رأسه (وكانت ولادته فيه أول محرم سنة ١٢٩٦). ولأنه معهد دراسته

٣

ومهد نبوغه. وكان انتقاله ثانياً الى النجف الأشرف من الكاظمية في أول شبابه في أخريات العقد الثاني من عمره. وبقى فيها إلى أن وافاه الأجل في الخامس من شهر ذي الحجة سنة ١٣٦١.

فقد توفي وهو ابن خمس وستين سنة ، ودفن في الحجرة الملاصقة لمنارة الحرم العلوي الشمالية من الجانب الشمالي لها. وكان يوم وفاته يؤماً مشهوداً في الغري ، فأقيمت له عدة مجالس للفاتحة في كبريات مدارس النجف الدينية وجوامعها ، عدا المدن العراقية والايرانية.

* * *

وقد سبق أن ترجمت لأستاذنا العظيم في مقدمة حاشيته القيمة على مكاسب الشيخ الأنصاري قدس سره ، حينما طبعت سنة ١٣٦٣ أي بعد وفاته بسنتين. ونُشرت هذه الترجمة مرة أخرى ـ بعد اجراء بعض التعديلات الطفيفة عليها ـ في مقدمة كتابه (الاجارة) المطبوع سنة ١٣٧٥.

أما الآن ـ وقد طلب مني تقديم منظومته (تحفة الحكيم) هذه ـ فما أراني بحاجة إلى تكرار ما كتبته عنه سابقاً، وقد أصبح في متناول الجميع. وإنما المهم في هذه المقدمة أن نتحدث عن نفس هذه

٤

المنظومة الجليلة ، وقد قلت عنها سابقاً في تلك المقدمة :

«وأعلى آثاره الفلسفية وأغلاها ارجوزته في الحكمة والمعقول (تحفة الحكيم) التي هي آية من آيات الفن ، مع اسلوبها العالي السهل الممتنع. جمعت أصول هذا الفن وطرائف هذا العلم بتحقيق كشف النقاب عن أسراره وأزاح الستار عن شبهاته».

«وإن دلّت على شيء، فانما تدل على أن ناظمها من أعاظم فلاسفة الاسلام الذين لا يسمح بمثلهم الزمن إلا في فترات متباعدة ، لو لا أن شيخنا غلب عليه الفقه والأصول وانقطع اليهما عن الظهور بالفلسفة».

واستشهدت بعد ذلك بعدة أبيات من الارجوزة للتدليل على براعتها الفنيّة. ثم قلت بالأخير :

«فتأمل في هذا البيان الجزل ، والاسلوب السهل ، والتعبير الرصين عن أدق معاني الفلسفة ، بغير تكلّف ، وبلغة سليمة ناصعة. ومن أين متحت دلوك في هذا القليب تغترف الماء الزلال ، بل الدرّ الثمين. وما سقناه فانما هو غيض من فيض ...».

وأعود الآن فأقول ـ بعد ١٤ عاماً ولا أزال على رأيي ـ : إن كان ما في هذه الارجوزة العلمية هو من النظم المختار البارع ،

٥

في سهولة عبارته وجزالة بيانه ، في حدود ما يسعه نظم ارجوزة مقيدة بوزن وقافية ، مع مراعاة الاختصار والايجاز.

ومن النوادر جداً في الاراجيز أن تبلغ بهذه السهولة والجزالة. وإذا أردنا مقارنتها بمنظومة الحكيم المتأله الحاج هادي بن مهدي السبزواري المتوفى ١٢٨٩، فانا نجد الفرق عظيماً جداً.

وأعتقد أن الذي دفعه الى نظمها هو تلافي ما في ارجوزة السبزواري من ناحية الأداء والمادة العلمية ، لتحلّ محلها عند طلاب الفلسفة ، لأن في منظومة السبزواري من الخلل في الأداء وفي الألفاظ باختزالها واشتقاقاتها وتعقيدها الشيء الكثير الذي كاد أن يسقطها عن درجة الاعتبار والاستفادة.

وإذا قدّر لارجوزة استاذنا أن تشرح شرحاً يليق بها ، فانها لا شك ستكون موضعاً للعناية بالدرس والتدريس ، لما يلاقيه طلاب الفلسفة من العناء المرهق في تعقيد منظومة السبزواري وشرحها المزجيّ له ، ذلك الشرح الذي زادها تعقيداً وغموضاً لم نعهده لكتاب آخر ، لا في الفلسفة ولا في غيرها. وعلى الرغم من ذلك كله هو موضع اقبال الطلاب المبتدئين في دراسة الفلسفة ، والسرّ

٦

فيما أعتقد هو اختصاره وجمعه لأصول الفن وسلامة أكثر آرائه الفلسفية.

فلذلك أجد من الأجدر أن تشرح ارجوزة استاذنا شرحاً واضحاً مختصراً لتحلّ محلّ منظومة السبزواري. وقد علمنا أن الحكيم الجليل استاذ هذا الفن المرحوم ميرزا مهدي الاشتياني (المتوفى ١٣٧٢) انبري لشرحها ، وهو موضع ثقة طلاب هذا الفن ، ولكن الأجل لم يمهله لإكماله فقد انتهى به الى مبحث الوجود الذهني. ولم تمّ لكان له شأن كبير في دراسته.

وعسى أن يهيء الله تعالى من يتلافي هذا الأمر بعد نشر هذه المنظومة ، ليقرّب هذا الفن إلى الافهام ، ويربح طلابه من العناء وقتل الوقت الثمين فيما لا جدوى فيه : من حلّ عبارة ، أو توجيه تركيب ، أو تخريج لفظة ـ كما صنع الحكيم السبزواري في شرح منظومته ـ بلا ضرورة لذلك ، ولا فائدة ، حتى الفائدة من ناحية لغوية. ولو سلمنا جدلاً أن هناك فائدة لغوية ، فانما هي على كل حال استطراد غير مرغوب فيه ، ثم هي ـ بعد ذلك ـ إقحام لفن أجنبي في فن دقيق يربك فيه تسلسل الفكرة وأداءها ، وفهمها بالأخير.

٧

وتقديم هذه المنظومة للنشر ـ الآن ـ هو باكورة العمل للاستفادة منها ، وأول خطوة لتهيئة شرح جدير بها. فاني لأرجو ـ إذ تصبح في متناول الجميع ـ أن يتسابق علماء هذا الفن الذين يعنيهم أمر طلابه إلى شرحها شرحاً واضحاً سهلاً، فيمكث ما ينفع الناس في الأرض ويذهب الباقي جفاءُ.

* * *

وقبل أن أختم كلمتي أجد من اللازم عليَّ أن أعلن شكري وتقديري لأخي في الله الصفي وزميلي في الدراسة أيام حضورنا على درس استاذنا العظيم في اصول الفقه ، وهو الأخ العلامة الجليل الحاج الشيخ نصر الله الخلخالي. إذ تقدّم اليوم لنشر هذه المنظومة الثمينة. وليس شكري له الإلجانب الوفاء الصادق لاستاذه واخلاصه في تقديره ، مع الرغبة المؤمنة في نشر المعرفة.

وعسى أن أكون قد ساهمت معه في هذه الخدمة بتقديم المنظومة وتحقيقها وتصحيحها. وفقني الله تعالى وإياه لأداء الخدمة الصحيحة النافعة إنه أكرم مسؤل.

٣ ذي القعدة سنة ١٣٧٧

محمد رضا المظفر

٨

بسم الله الرحمن الرحيم

يا مبدأ الكل اليك المنتهى

لك الجلال والجمال والبها

يا مبدع العقول والأرواح

ومنشىء النفوس والأشباح

كلّ لسان الكلّ عن ثنائك

وضلّ في بيداء كبريائك

أنت كما أثنيت يا ربّ على

نفسك لا أحصي ثناء لا ولا

صلّ على فاتح باب الرحمة

وخاتم الرسل نبيّ الأمة

معلّم الحكمة والكتاب

وقائد الخلق إلى الصواب

وآله الغرّ الولاة الساده

في ملكوت الغيب والشهاده

* * *

وبعد حمد اللّه حق حمده

يقول عبد اللّه وابن عبده

(محمد) هو (الحسين) النجفي

عامله اللّه بلطفه الخفيّ

فضيلة الحكمة فى العلوم

تعرف من فضيلة المعلوم

٩

وكيف وهي عند أهل المعرفه

معرفة الواجب ذاتا وصفه

وصنعه من أمره وخلقه

وجمعه للكل بعد فرقه

وهذه منظومة فى الحكمة

حاوية اصولها المهمة

وانها لدى النفوس الملهمة

صحيفة من صحف مكرّمه

وهو كتاب احكمت آياته

وفصّلت بالحق بيّناته

وفيه من لطائف المعارف

ما هو قرة لعين العارف

وكيف والمنعوت فيها الحق

والحق باتّباعه أحق!

وسمتها ب‍ (تحفة الحكيم)

معتصما بالواهب العليم

تعريف الوجود

الحدّ كالرسم لدى التحقيق

يوصف بالاسميّ والحقيقيّ

ولا يقال في جواب (الشارحه)

إلا حدود أو رسوم شارحه

وليس للوجود معنى ماهوي

وإنّ شرح اللفظ شأن اللغوي

فليس مفهوم الوجود يعرف

إلاّ بلفظ هو منه أعرف

وكنهه يعرف بالشهود

لا غير كالرسوم والحدود

بل تستحيل صورة علميّة

في النفس للهوية العينيّة

١٠

اصالة الوجود

يختص بالوجود طرد العدم

إذ ما سواه عدم أو عدمي

وليست العلة للمعلول

مناط طرد العدم البديل

وهو مدار الوحدة المعتبره

فى الحمل بل كانت به المغايره

ومركز التوحيد ذاتا وصفه

وفعلا ايضا عند أهل المعرفه

وكونه مطابق العنوان

بالذات عين الكون فى الأعيان

وليس فى ثبوته لذاته

غناه عن جميع حيثياته

اشتراك الوجود

الحق أن صحه التقسيم

علامة الشركة في المفهوم

ووحدة النقيض خير شاهد

فواحد أيضا نقيض الواحد

ولا يزول القطع بالوجود

بالشك فى ماهية الموجود

وليس ما في الكون إلا آيه

والاتحاد مقتضى الحكايه

إذ لا تحاكي كثرة بالذات

عن واحد فى الذات والصفات

وليس فى الشركة من تشبيه

والظلّ لا يبلغ شأن ذيه

١١

زيادة الوجود على الماهية

لا ريب في زيادة الوجود

معنى على ماهية الموجود

وإنّما الوحدة والعينيه

فى الذهن والخارج في الهويّه

لسلبه عنها بسلب ذاتي

ولا فتقاره إلى الاثبات

والسلب لا ينفي سوى العينيه

لصحة السلب مع الجزئيه

ومورد البحث هي الشخصيه

فيبطل الشائع بالكليه

ولانفكاكها لدى التعقل

عن الوجودين بلا تعمل

ثم اتحادّ الكلّ ليس يعقل

إلاّ محالا وكذا التسلسل

الواجب لا ماهيّة له

ليس لذات الحق حدّ ماهوي

بل ذاته نفس وجوده القويّ

والعرضي دائما معلّل

فيلزم الدور أو التسلسل

حقيقة الوجود تشكيكية واحدة

حقيقة الوجود حقا واحده

ووحدة المعنى عليها شاهده

وليست الوحدة ما هويّه

جنسية نوعية صنفيه

١٢

وليست الوحدة أيضا بالعدد

بل هي ظلّ وحدة الحق الأحد

وهي على وحدتها بسيطه

لها مراتب بها محيطه

وما به التشكيك والتشريك

عين الوجود ما له شريك

وقيل بل حقايق مغايره

ووحدة الكثير منه ظاهره

ومن يقول أنها ذات حصص

فليس بالمعنى الأعم بل أخص

لأنها في هذه الطريقه

تجليات نير الحقيقه

إثبات الوجود الذهني

للشىء نحوان من الظهور

فمنه عيني ومنه نوري

وليس للمحال والمعدوم

مطابق في خارج المفهوم

وهكذا عوارض الماهيه

كالوحدة الصرفة والكليه

فالعلم بالكل وجود الكل

في النفس لكن بوجود ظلي

وليس الاعتبار بالمفهوم

في الحكم ايجابا على المعدوم

بل اعتبار الفرض والتقدير

وأنه نحو من الحضور

وليس فيه وحدة الاثنين (١)

ولا قيامه بموضوعين

__________________

(١) كما عن المدقق الطهرانى فى محجته.

١٣

فانه العارض للماهيه

وليس من عوارض الهويه

وليس يقتضي انحفاظ الذات

الجمع بين المتقابلات

اذ ماله تقابل بالذات

ما كان بالشائع لا بالذاتي

فالعلم بالجوهر كيف وعرض

والجوهر المعلوم كيف بالعرض

بل هو عقل عاقل معقول

وليس في النفس له حلول

قيل (١) لا كيف على المرسوم

والعلم من مقولة المعلوم

وصحّ في الاول دون الثاني

فانه مخالف البرهان

والانقلاب ليس بالسديد (٢)

إلاّ على إصالة الوجود

لا يصحّ الالتزام بالشبح (٣)

فانه إنكار ما قد اتّضح

والشبح اللازم للهويّه

فلم يكن مطابق الكيفيّه

والفرق (٤) بالقيام والحصول

قول به وليس بالمعقول

__________________

(١) كما عن المحقق الدوانى.

(٢) كما عن السيد السند.

(٣) كما عن جماعة من الحكماء.

(٤) كما عن القوشجى.

١٤

إذ ليس ما هناك موجودين

ولا اتحاد للمقولتين

وليس للحصول في المجرد

معنى سوى الحلول بالتجرد

المعقول الأول والثاني عند الحكيم والميزاني

ما كان في العين له عروض

فالصدق فيها لازم مفروض

وحيث لا عروض في التعقل

فذاك معقول بوصف الاول

وما له العروض في العقل أعم

من حيث صدقه وإن خص وعم

فكل معقول يسمى الثاني

بالصدق في العقل لدى الميزاني

وبالعروض فيه والتعميم

في صدقه الثاني لدى الحكيم

تقسيم الوجود والعدم إلى المطلق والمقيد

الحق أنّ مطلق الوجود

يوصف بالاطلاق والتقييد

والمطلق المحمول في القضيه

على الوجود أو على الماهيه

والعدم المطلق سلب المطلق

مضافا أو محضا بقول مطلق

والربط في الهليّة المركبه

مقيد حيث تكون موجبه

وسلبه مقيد من العدم

لا ربط سلبه ولا المعنى الأعم

١٥

الأحكام السلبية للوجود

إنّ الوجود في تطوّراته

أمر بسيط بتمام ذاته

فانّه بمقتضى المقابله

مقابل للعدم البديل له

فليس ذاته عدا طرد العدم

فهي بسيطة على الوجه الأتم

من دون حاجة إلى مقوّم

فى ذاته ولا إلى مقسم

للخلف فى الأول بالوجدان

والانقلاب بيّن فى الثاني

وحيثما يمتنع التحليل

فمطلق التركيب مستحيل

وكلّ ما يعرض للماهيّه

بالذات منفي عن الهويّه

تكثر الوجود بالتشكيك وبالماهية

لا يتكثر الوجود وحده

الاّ بما ليس ينافي الوحده

ففي الوجود كثرة نوريه

بالذات كالعوالم العقليه

فانّها مراتب مشككه

فذاتها فيما به مشتركه

وامتنع التشكيك فى المعاني

وليس فيه للوجود ثان

فانّها بذاتها تختلف

وليس فيها ما به تأتلف

وكثرة أخرى له بالعرض

فانّها كثرة أمر عرضي

١٦

ووحدة الحقيقة العينيه

تجامع الكثرة فى الماهيه

إذ ليس فى الوجود للماهيه

لها مراتب بها محيطه

المعدوم ليس بشيء

بالذات لا ثبوت للماهيه

وحيث لا ثبوت لا شيئيه

بل الثبوت يتبع الهويّه

عينية تكون أو ذهنيه

وليس للعلم بها في الأزل

شهادة لما يرى المعتزلي

إذ صفة العلم بها لا تقتضي

ثبوتها بالذات بل بالعرض

وأنّها واجدة لذاتها

في العقل كالامكان من صفاتها

ولا ينافي الوصف بالضروره

فانّها ما دام بالضروره

وليس للمعدوم فى الإخبار

عنه سوى الفرض والاعتبار

والعقل قد قضى بنفي الواسطه

والشبهات كلها مغالطه

إذ الوجود نفسه الوجود

فهو بنفس ذاته موجود

وليس ما يعرضه الكليه

في الذهن آبيا عن الشخصيه

وليس فى الجنس البسيط الخارجي

تقوّم بنوعه في الخارج

١٧

عدم التمايز في الأعدام

لا ريب فى وحدة مفهوم العدم

إلاّ إذا كان بغيره استتم

وليس للمفهوم من مصداق

له تمايز على الاطلاق

إذ يقتضي التميز التعينا

فاللاتناهي فيه عادبيّنا

وحيث ليس ميزه معقولا

فليس علة ولا معلولا

امتناع إعادة المعدوم

وجود كل شيء الهويّه

وهي مناط ذاته الشخصيه

فلا وجودان لذات واحده

ووحدة الذات عليه شاهده

ومنه لا تكرار في التجلي

إذ التجلي بوجود فعلي

وليس للمعدوم ذات أبدا

والخلف من جواز عوده بدا

بل قيل في رجوعه لأيسه

لزوم كون الشيء قبل نفسه

وجاز أن يوجد من كتم العدم

مماثل المعاد مثل ما انعدم

ورفع الامتياز وجه منعه

ووضعه مستلزم لرفعه

وعود شيء يقتضي عود العلل

على النظام في الثواني والأول

١٨

وليس نشر البدن الرميم

وحشره إعادة المعدوم

ولا انعدام عند تلطيف البدن

بل عينه باق على وجه حسن

والنشآت كلها منازل

للفيض وهو للصعود نازل

مقتضى الخروج من حد إلى

حدّ هو البقاء عند العقلا

والامتناع لازم الهويّه

لا لازم الماهيّة الكليّه

والاحتمال مقتضى الامكان

لا الجزم بالشيء بلا برهان

دفع شبهة المعدوم المطلق

العدم المطلق حتى الذهني

لا منع عن وجوده فى الذهن

إذ البديل للوجود ليس ما

يكون عنوانا وذاتا عدما

لكنه لا فرد للمعدوم

ولا له حكم على المفهوم

ولا على ثبوته بالشائع

إذ هو خلف أو خلاف الواقع

بل هو عنوان لذات باطله

مفروضة الثبوت عند العاقله

والحكم باعتبار تلك الذات

وهي مناط النفي والاثبات

والحمل فيه لا بنحو البتّ

فان عقد الوضع غير بتّي

١٩

مناط الصدق في القضايا

موطن صدق نسبة القضية

خارجها إن تك خارجيه

كذا الحقيقية في المشهور

بمقتضى التحقيق والتقدير

وجاء نفس الأمر فى الذهنيه

وعاء صدق النسبة الحكميه

لكن نفس الأمر ليس يقتضي

نحوا من الثبوت الاّ العرضي

وليس للذاتي مدخليّه

بل هو كالقضية الحينيّه

وقيل نفس الأمر عقل جامع

وهو لكل ما سواه واقع

لكنه لا لخصوص الصادقه

فكيف تختص بها المطابقه

إذ فيه مع وحدته ـ كما اشتهر ـ

كلّ كبير وصغير مستطر

وقيل في الكاذب إدراك فقط

إذ لا يسوغ منع تصديق الغلط

وليس علم العقل بانفعالي

بل هو فعلي بلا إشكال

وحيث أنّه وجود كلّي

فهو بنفسه وجود الكلّ

والكلّ من حيث الوجود لا لعدم

هناك موجود على الوجه الأتم

فالكذب لا بحدّه موجود

فيه وإلاّ لزم التقييد

٢٠