إيجاز البيان عن معاني القرآن - ج ١

محمود بن أبي الحسن النّيسابوري

إيجاز البيان عن معاني القرآن - ج ١

المؤلف:

محمود بن أبي الحسن النّيسابوري


المحقق: الدكتور حنيف بن حسن القاسمي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٧
الجزء ١ الجزء ٢

٧ ـ ذكر بعض الأقوال الغريبة ، وهي نادرة جدا ، كالذي ذكره عند تفسير قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) [البقرة : ٥٧] حيث قال (١) : والسلوان تراب قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينقع في الماء فيشرب للتسلي.

٨ ـ الإخلال بترتيب الآيات في السورة الواحدة من حيث التقديم والتأخير ، وقد تكرر ذلك في بعض المواضع (٢) ، وإن كان المؤلف ـ رحمه‌الله ـ جاريا على ترتيب الآيات حسب ورودها في المصحف في الغالب.

المبحث الثاني : عملي في التحقيق ، ويشتمل على المطالب الآتية :

المطلب الأول : عنوان الكتاب والتحقيق فيه :

عرّف المؤلف ـ رحمه‌الله ـ باسم كتابه في مقدمته (٣) ، وذكر في هذه المقدمة أهم الفوائد التي أوردها في هذا الكتاب.

ونصّ المؤلف على التسمية ـ أيضا ـ في كتابه جمل الغرائب (٤) فقال ـ حكاية عن نفسه ـ : «وقد وفقه الله ـ تبارك وتعالى ـ منة في تفسير كتابه لغير واحد ، حتى استوى من مطولاته التي صنفها على كتاب «إيجاز البيان في معاني القرآن» أوجز كتاب لفظا وأطوله وأبسطه معنى ، يشتمل على أكثر من عشرة آلاف فائدة ...».

كما نص على هذه التسمية كل من ياقوت في معجم الأدباء : ١٩ / ١٢٤ ، والسيوطي في بغية الوعاة : ٢ / ٢٧٧ ، والداودي في طبقات المفسرين : ٢ / ٣١١ ، وحاجي خليفة في كشف الظنون : ١ / ٢٠٥.

__________________

(١) إيجاز البيان : ٩٧ ، وانظر نحو تلك الأقوال في (٢١٣ ، ٢١٤ ، ٦٧٨).

(٢) إيجاز البيان : (٣٥٦ ، ٤٧٩ ، ٧٧٢).

(٣) إيجاز البيان : ٥٧.

(٤) ٢ / ب.

٤١

المطلب الثاني : توثيق نسبته إلى المؤلف :

أجمعت الأدلة على ثبوت نسبة كتاب «إيجاز البيان عن معاني القرآن» إلى النيسابوري ، من ذلك.

١ ـ ما جاء في مقدمة الكتاب ونصه : «قال الشيخ الإمام السيد بيان الحق فخر الخطباء أبو القاسم محمود بن أبي الحسن بن الحسين النيسابوري : بعد حمد الله كفاء حقه ، والصلاة على نبيه محمد خير خلقه ... افتتاح كتاب إيجاز البيان عن معاني القرآن».

٢ ـ ما صرح به المؤلف ـ رحمه‌الله ـ في كتابه جمل الغرائب ، وقد تقدم ذكر نصه قبل قليل.

٣ ـ ما كتب على غلاف النسخة الأصلية المعتمدة في هذا التحقيق ، وكذلك نسخة كوبرلي.

٤ ـ كتب التراجم التي ترجمت للنيسابوري ذكرت هذا الكتاب في مصنفاته.

المطلب الثالث : وصف النسخ الخطية :

بعون من الله ـ سبحانه وتعالى ـ وحسن وتوفيقه عثرت على ثلاث نسخ خطية للكتاب ، نسخة مصورة بمكتبة مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى بمكة المكرمة عن مكتبة شورى ملي بإيران ونسختين بتركيا ، ووصف هذه النسخ كالآتي :

١ ـ نسخة الأصل : وهي النسخة المحفوظة في مكتبة شورى ملي بطهران رقم (٤٢٤٠) مصورتها في مكتبة مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى رقم (٣٦٢) ويبدو أن هذه النسخة أقدم النسخ الثلاث ، ويرجح أن تكون من خطوط القرن السادس الهجري. ليس فيها تاريخ النسخ أو اسم الناسخ.

وهي نسخة كاملة للكتاب تقع في (١٠٨) ورقات ، قياسها (٢٠ * ٢٢ سم) ، وعدد أسطر كل صفحة (٢١ سطرا) في كل سطر اثنتا عشرة

٤٢

كلمة تقريبا مكتوبة بخط نسخي مضبوط بالشكل في الغالب.

كما أن هذه النسخة تمتاز ـ أيضا ـ بقلة وجود التصحيف والتحريف بها ويبدو أن ناسخها كان متقنا متمرسا.

وقد قوبلت هذه النسخة بنسخة أخرى أشار الناسخ إلى الفروق بينهما في الحاشية ، ورمز لذلك بـ «خ».

وورد في الحاشية ـ أيضا ـ شرح لبعض الألفاظ الغريبة ، وبيان للمبهم من المواضع ... وغير ذلك من الفوائد.

٢ ـ نسخة ك : وهي النسخة المحفوظة في مكتبة كوبرلي باسطنبول بتركيا ، رقم (١٥٨٩) ، عندي مصورتها ، وهذه كاملة تشمل جميع سور القرآن ، تقع في (٣٧) ورقة ، قياسها (١١ * ٢٢ سم) ، وعدد أسطر كل صفحة (٣٧) سطرا ، في كل سطر عشرون كلمة تقريبا ، مكتوبة بخط نسخي جميل دقيق ، كتبت الآيات فيها باللون المذهب ، يكثر فيها التصحيف والتحريف ، لذا لم أفد منها فائدة كبيرة.

وجاء في آخر هذه النسخة اسم ناسخها ، وهو عبد العزيز الملقب بـ «ركن عدل» ، وتاريخ نسخها : في عشرين من شهر محرم الحرام لسنة أربع وخمسين وسبع مائة بدار الملك شيراز ...

٣ ـ نسخة ج : وهي النسخة المحفوظة بمكتبة جامعة اسطنبول بتركيا.

تقع هذه النسخة في (٨٠) ورقة ، وهناك سقط في هذه النسخة أقدره بسبع ورقات ، يبدأ هذا السّقط من الآية ١٢ من سورة طه حتى الآية ٤٥ من سورة النور.

وجاء في آخر هذه النسخة اسم ناسخها ، وهو محمد بن فضل الله الملقب بالضياء في عام ٧٨٣ ه‍.

وقد ذكر بروكلمان في تاريخ الأدب العربي : (الذيل : ١ / ٧٣٣) نسخة من كتاب «إيجاز البيان» نسبها إلى النيسابوري ، وأشار إلى

٤٣

وجودها بمكتبة الأسكوريال بمدريد رقم (١٦٠٤) وقد وقفت على أصل هذه النسخة المنسوبة إليه فتبين أنها نسخة من كتاب جمل الغرائب في غريب الحديث للمؤلف نفسه. فكان ذلك وهما من بروكلمان ، وجلّ من لا يسهو.

المطلب الرابع : منهج التحقيق :

بعد اختياري نسخة طهران أصلا في التحقيق حاولت ـ قدر استطاعتي ـ ضبط النص وذكر الفروق بينها وبين نسخة كوبرلي ونسخة جامعة اسطنبول ، وإثبات الصواب في الأصل والإشارة إليها في الهامش.

أما أهم الأعمال التي قمت بها أثناء التحقيق فهي :

١ ـ ترقيم الآيات المفسرة التي أوردها المؤلف على يمين الصفحة ، أما الآيات التي ترد في ثنايا الكتاب على سبيل الاستشهاد فقد أشرت إلى السورة ورقم الآية في الهامش.

٢ ـ ضبط الآيات القرآنية ، وكل ما يحتاج فهمه إلى ضبط من نصوص الكتاب ، وراعيت في كتابه الآيات رسم المصحف.

٣ ـ تخريج الأحاديث والآثار من مصادرها الأصلية ، مشيرا إلى الجزء والصفحة ، والكتاب والباب.

فإن لم أعثر عليها في مظانها من كتب الحديث أشرت إلى مواضعها من كتب التفسير ، وإذا كان الحديث مخرجا في الصحيحين أو في أحدهما فإني أكتفي بعزوه إليهما أو إلى أحدهما دون الإشارة إلى المصادر الأخرى التي خرجته.

٤ ـ تخريج معظم أقوال العلماء ونصوصهم من مصادرها الأصلية.

٥ ـ شرح الألفاظ الغريبة بالرجوع إلى معاجم اللغة المعتمدة.

٦ ـ التعريف بالأعلام والتعليق على الأماكن التي تحتاج إلى توضيح.

٧ ـ فهرسة الكتاب بفهارس علمية مختلفة ، خدمة للكتاب وتسهيلا للرجوع

٤٤

إلى محتوياته ، وهذه الفهارس هي :

أ ـ فهرس الآيات القرآنية التي وردت في ثنايا الكتاب.

ب ـ فهرس الأحاديث والآثار.

ج ـ فهرس الأعلام.

د ـ فهرس المفردات اللغوية.

هـ ـ فهرس المواضع.

و ـ فهرس الأمثال والأقوال.

ز ـ فهرس الأشعار.

ح ـ فهرس الجماعات والقبائل والفرق.

ط ـ فهرس المصادر والمراجع.

ي ـ فهرس الموضوعات.

٤٥
٤٦

٤٧

٤٨

٤٩

٥٠

٥١

٥٢

النّص المحقّق

٥٣
٥٤

بسم الله الرّحمن الرّحيم

قال الشّيخ الإمام السّيّد بيان الحقّ فخر الخطباء أبو القاسم محمود بن أبي الحسن بن الحسين النّيسابوري رحمه‌الله :

بعد حمد الله كفاء حقّه ، والصّلاة على نبيّه محمد خير خلقه ، إنّ أفضل العلوم علم كتاب الله النازل من عنده ، والسّبب الواصل بين الله وعبده ، وتفاسيره مقصورة على قول واحد من الأولين ، أو مقصودة بالتكثير والتكرير كما هو في مجموعات المتأخرين ، والأولى لعجمة الطباع واللسان لا تشفي القلب ، والثانية لا تطاوع الحفظ لإطالة القول ، وهذا المجموع يجري من جميعها مجرى الغرّة (١) من الدّهم (٢) والقرحة من الكميت (٣) ، قد اشتمل مع تدانى أطرافه من وسائطه ، وتقارب أقرانه من شواكله على أكثر من عشرة آلاف فائدة ، من تفسير وتأويل ودليل ونظائر وإعراب وأسباب نزول ، وأحكام فقه ، ونوادر لغات ، وغرائب أحاديث.

فمن أراد الحفظ والتحصيل وكان راجعا إلى أدب وتمييز فلا مزيد له على هذا الكتاب.

ومن أراد التبحر والتكثر فعليه بكتابنا «غرر الأقاويل في معاني التنزيل».

__________________

(١) الغرة : بياض في الجبهة ، وفي الصحاح : ٢ / ٧٦٧ (غرر) : بياض في جبهة الفرس. وقيل : الأغر من الخيل الذي غرته أكبر من الدرهم. والقرحة قدر الدرهم فما دونه.

ينظر اللسان : ٥ / ١٤ (غرر).

(٢) الدّهم : السواد. اللسان : ١٢ / ٢٠٩ (دهم).

(٣) الكميت : لون بين السّواد والحمرة.

الصحاح : ١ / ٢٦٣ (كمت).

٥٥

ومن أراد محاورة المتكلمين ومحاضرة المتأدبين فلينظر من أحد كتابينا إمّا كتاب «باهر البرهان في معاني مشكلات القرآن» ، وإمّا كتاب «الأسولة الرائعة والأجوبة الصادعة إلى حلبة البيان وحلية الإحسان وزبدة التفاسير ولمعة الأقاويل».

ومن أراد ريحانة العلوم وباكورة التفاسير وأمهات الآداب ومقلدات الأشعار فلينشر من كتابنا «شوارد الشواهد وقلائد القصائد» حلل [الوشي] (١) وأنماطه (٢) وليبسط منه زرابي (٣) الربيع ورياطه (٤) ، وكل من ذلك ركض في ميدان قد حسرت عنه الجياد ، وانقطعت دونه الآماد ، ولكنه سنّة العلماء [١ / ب] الأولين أجمعين في تفسير ما أشكل للآخرين الأعجمين ، والله وليّ التوفيق / فيما نقصد ، وعليه نتوكل وبه نستعين ونعتضد.

__________________

(١) ما بين معقوفين عن «ك».

والوشي : الثياب ، والوشي في اللون : خلط لون بلون.

اللسان : ١٥ / ٣٩٢ (وشى).

(٢) النمط : ضرب من البسط ، والجمع أنماط.

وفي اللسان : ٧ / ٤١٧ (نمط) عن أبي منصور قال : «والنمط عند العرب والزوج ضروب الثياب المصبغة ولا يكادون يقولون نمط ولا زوج إلا لما كان ذا لون من حمرة أو خضرة أو صفرة ، فأما البياض فلا يقال : نمط ، ويجمع أنماطا ا ه.

(٣) الزرابي : البسط ، وقيل : كل ما بسط وأتكئ عليه ، وقيل : هي الطنافس ، والمراد بـ «الزرابي» هنا النبت والخضرة.

ينظر اللسان : ١ / ٤٤٧ (زرب).

(٤) الرّيطة : الملاءة إذا كانت قطعة واحدة ولم تكن لفقين ، والجمع : ريط ورياط.

الصحاح : ٣ / ١١٢٨ ، واللسان : ٧ / ٣٠٧ (ريط).

٥٦

افتتاح كتاب

إيجاز البيان عن معاني القرآن

من سورة الفاتحة

١ (بِسْمِ اللهِ) : الباء تقتضي تعلق فعل بالاسم إما خبرا أو أمرا ، وموضعها نصب على معنى : أبدأ أو أبتدئ (١) ورفع على معنى ابتدائي (٢).

والاسم من السّموّ (٣) لجمعه على أسماء وتصغيره سميّ ، وليس من السّمة (٤) لأن محذوف الفاء لا يدخله ألف الوصل ، وإنّما الاسم منقوص حذف لامه ليكون فيه بعض ما في الفعل من التصرف ، إذ كان أشبه به من الحروف ولحقته ألف الوصل عوضا عن النقص.

__________________

(١) إعراب القرآن للنحاس : ١ / ١٦٦ ، مشكل إعراب القرآن لمكي بن أبي طالب : ١ / ٦٦ ، الكشاف : ١ / ٢٦ ، تفسير القرطبي : ١ / ٩٩ ، الدر المصون : ١ / ١٤.

(٢) وهو مذهب البصريين كما في إعراب القرآن للنحاس : ١ / ١٦٦ ، والدر المصون : ١ / ٢٢.

(٣) معاني القرآن للزجاج : ١ / ٤٠ ، معاني القرآن للنحاس : ١ / ٥١ ، مشكل إعراب القرآن لمكي : ١ / ٦٦ ونسب هذا الرأي للبصريين. وانظر الكشاف : ١ / ٣٥ ، والدر المصون : ١ / ١٩.

(٤) وقد خطأ هذا القول أيضا الزجاج في معاني القرآن : ١ / ٤٠ ، والنحاس في معاني القرآن : ١ / ٥١.

وانظر مشكل إعراب القرآن لمكي : ١ / ٦٦ حيث نسب هذا القول للكوفيين وقال : «وقول البصريين أقوى في التصريف». وقال السمين الحلبي في الدر المصون : ١ / ١٩ : «وذهب الكوفيون إلى أنه مشتق من الوسم وهو العلامة لأنه علامة على مسمّاه ، وهذا وإن كان صحيحا من حيث المعنى لكنه فاسد من حيث التصريف».

٥٧

(اللهِ) معناه : الذي يحق له العبادة وأصله الإله (١) ، حذفت الهمزة وجعلت الألف واللّام عوضا عنها ، ونظيره [لكنا] (٢) أصله : لكن أنا حذفت الهمزة وأدغمت إحدى النونين في الأخرى [فصار لكنا] (٣).

(الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) اسمان من الرحمة. والرحمة : النعمة على المحتاج. وقدّم (الرَّحْمنِ) وإن كان أبلغ لأنه كالعلم ، إذ كان لا يوصف به غير الله فصار كالمعرفة في الابتداء بها (٤).

٢ و (الْحَمْدُ) الوصف بالجميل على التفصيل (٥) ، [وهو أن يذكره بصفاته المحمودة ، أي : المرضية على التفصيل ، والذكر بالجميل على الإجمال هو الثناء ، وذكر المنعم بالجميل على إنعامه هو الشكر ، وقيل : شكر المنعم هو إظهار نعمه قولا وفعلا واعتقادا] (٦).

والربّ : الحافظ المدبر (٧) ، ويقال للخرقة التي تحفظ فيها القداح : ربابة وربّة (٨).

__________________

(١) اشتقاق أسماء الله للزجاجي : (٢٣ ، ٢٤) ، ومعاني القرآن للنحاس : ١ / ٥٢. وانظر تفسير الطبري : ١ / ١٢٥ ، وتفسير القرطبي : ١ / ١٠٢.

(٢) في الأصل : «لكنّ» ، والمثبت في النص عن «ك».

(٣) ما بين معقوفين عن «ج».

(٤) انظر : تفسير غريب القرآن : ٦ ، تفسير الطبري : (١ / ١٢٦ ـ ١٣٠) ، اشتقاق أسماء الله للزجاجي : (٣٨ ـ ٤٠) ، مفردات الراغب : ١٩١ ، الدر المصون : (١ / ٣٢ ، ٣٣).

(٥) جاء في هامش الأصل : معنى «الحمد» الشكر لله على نعمائه والثناء عليه بما هو أهله.

وانظر معنى الحمد في تفسير الطبري : ١ / ١٣٥ ، معاني القرآن للنحاس : ١ / ٥٧ ، مفردات الراغب : ١٣١ ، المحرر الوجيز : ١ / ٩٩ ، تفسير القرطبي : ١ / ١٣١ ، الدر المصون : ١ / ٣٦.

(٦) ما بين معقوفين عن «ج».

(٧) ومن معاني الرّبّ في اللغة : السيّد والمالك والمعبود ، ولا يطلق على غير الله سبحانه وتعالى إلا بقيد إضافة.

انظر : تفسير غريب القرآن : ٩ ، تفسير الطبري : (١ / ١٤١ ، ١٤٢) ، اشتقاق أسماء الله : (٣٢ ـ ٣٤) ، اللسان : ١ / ٣٩٩ (ريب).

(٨) غريب الحديث لأبي عبيد : ٢ / ٢٦ ، الاشتقاق لابن دريد : ١٨٠ ، اللسان : ١ / ٤٠٦ (ريب).

٥٨

والعالم ما يحويه الفلك (١). وقيل العدد الكثير ممن يعقل ثم يدخل غيرهم فيه تبعا ، فإنهم في الخليقة كالرؤوس والأعلام وأنهم مستدلون كما أنهم أدلة (٢).

٤ و (الدِّينِ) الجزاء والحساب والقضاء والطاعة (٣). والأصل الجزاء.

وتخصيص الملك بيوم الدّين لأنّ الأمر فيه لله وحده (٤). وصفة ملك أمدح لاستغنائها عن الإضافة (٥) ، والأولى أن يكون أصله من القدرة لا الشد

__________________

(١) أورد المؤلف رحمه‌الله هذا القول في كتابه «وضح البرهان» : ١ / ٩٣ ، ونسبه للحسن رحمه‌الله ، وفي مفردات الراغب : ٣٤٥ : «العالم عالمان» : الكبير وهو الفلك بما فيه ، والصغير وهو الإنسان ...».

(٢) قال الطبري في تفسيره : ١ / ١٤٣ : «والعالمون جمع عالم ، والعالم : جمع لا واحد له من لفظه كالأنام والرهط والجيش ، ونحو ذلك من الأسماء التي هي موضوعات على جماع لا واحد له من لفظه. والعالم اسم لأصناف الأمم ، وكل صنف منها عالم ، وأهل كل قرن من كل صنف منها عالم ذلك القرن وذلك الزمان. والجن عالم ، وكذلك سائر أجناس الخلق ، كل جنس منها عالم زمانه ، ولذلك جمع فقيل : عالمون وواحده جمع ، لكون عالم كل زمان من ذلك عالم ذلك الزمان ... وهذا القول الذي قلناه ، قول ابن عباس وسعيد بن جبير ، وهو معنى قول عامة المفسرين».

وقال القرطبي في تفسيره : ١ / ١٣٨ : «اختلف أهل التأويل في (الْعالَمِينَ) اختلافا كثيرا ، ثم ذكر أقوال المفسرين في ذلك وصحح ما ذهب إليه الطبري».

(٣) غريب القرآن لليزيدي : ٦١ ، تفسير غريب القرآن : ٣٨ ، تفسير الطبري : ١ / ١٥٥ ، معاني القرآن للزجاج : ١ / ٤٧ ، معاني القرآن للنحاس : ١ / ٦٢ ، ٦٣) ، وقال النحاس : «والدين في غير هذه الطاعة ، والدين أيضا العادة ... والمعاني متقاربة لأنه إذا أطاع فقد دان».

(٤) انظر معاني القرآن للزجاج : ١ / ٤٧ ، ومعاني القرآن للنحاس : ١ / ٦٣ ، تفسير القرطبي : ١ / ١٤٢ ، البحر المحيط : ١ / ٢٢.

(٥) لا يسلم للمؤلف ـ رحمه‌الله ـ فيما ذهب إليه هنا ، فالقراءتان : ملك ، ومالك ، قراءتان سبعيتان متواترتان ، أضف إلى ذلك أن قراءة «مالك» بالألف ، فيها زيادة حرف ، والحرف بعشر حسنات كما ثبت في الحديث الصحيح.

٥٩

والربط لأنّ صفات الله تؤخذ من أشراف (١) المعاني.

٥ [إيّا] (٢) اسم موضوع مضمر مفرد غير مضاف. والكاف حرف خطاب لا موضع له [من الإعراب] (٣) مثل كاف «ذلك».

(وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) على نظم آي السورة [ولاقتضائه الحصر] (٤) ، وإن كان نعبدك أوجز ، ولهذا قدّم (الرَّحْمنِ) والأبلغ لا يقدم.

[٢ / أ] وقدّمت العبادة على الاستعانة / لهذا ، مع ما في تقديم ضمير المعبود من حسن الأدب. والحمد دون العبادة ففخّم بالغيبة ليقاربه لفظ العبادة بقصور المخاطبة في اللّفظ ، وعلى هذا أسند لفظة النّعمة إلى الله وصرف لفظ الغضب إلى المغضوب عليهم.

وسؤال الهداية الحاصلة للتثبيت عليها (٥) لا سيّما وبإزاء كل دلالة شبهة. وقيل : هي الهداية إلى طريق الجنّة.

وقيل (٦) : هي حفظ القرآن والسنّة. والتعبد بالدعاء فيما (٧) لا بد أن

__________________

(١) في ج ، ك : أشرف.

(٢) في الأصل : «إياك» ، والمثبت في النّص عن نسخة «ج».

(٣) عن نسختي «ك» و «ج» وعن كتاب المؤلف وضح البرهان في مشكلات القرآن.

(٤) عن نسخة «ج».

(٥) انظر تفسير الطبري : ١ / ١٦٩ ، معاني القرآن للزجاج : ١ / ٤٩ ، معاني القرآن للنحاس : ١ / ٦٦ ، المحرر الوجيز : ١ / ١٢٠. وقال الحافظ ابن كثير ـ رحمه‌الله ـ في تفسيره : ١ / ٤٤ : «فإن قيل : كيف يسأل المؤمن الهداية في كل وقت من صلاة وغيرها ، وهو متصف بذلك؟ فهل هذا من باب تحصيل الحاصل أم لا؟ فالجواب : أن لا ، ولو لا احتياجه ليلا ونهارا إلى سؤال الهداية لما أرشده الله إلى ذلك ، فإن العبد مفتقر في كل ساعة وحالة إلى الله تعالى في تثبيته على الهداية ، ورسوخه فيها ، وتبصره ، وازدياده منها ، واستمراره عليها ، فإن العبد لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ، فأرشده تعالى إلى أن يسأله في كل وقت أن يمده بالمعونة والثبات والتوفيق.

(٦) لم أهتد إلى قائله ، ونقل المؤلف في وضح البرهان عن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه أنّ الصراط المستقيم هنا كتاب الله فيكون سؤال الهداية لحفظه وتبين معانيه.

(٧) في «ج» : مما.

٦٠