محمود بن أبي الحسن النّيسابوري
المحقق: الدكتور حنيف بن حسن القاسمي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٧
أو تعدل بهم الأرض على وجه الفداء (١).
(وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ) : أي : لا تكتمه جوارحهم وإن كتموه (٢).
٤٣ (إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) إلّا مجتازا (٣) ؛ لدلالة الصّلاة على المصلّى (٤).
(أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ). قال عطاء (٥) ، وسعيد بن جبير : هو اللّمس.
وقال عبيد (٦) بن عمير : هو الجماع ، فذكر ذلك لابن عبّاس ، فقال :
__________________
(١) ذكره أبو حيان في البحر المحيط : ٣ / ٢٥٣ ، والسمين الحلبي في الدر المصون : ٣ / ٦٨٦.
قال أبو حيان : وقيل : المعنى لو تعدل بهم الأرض ، أي : يؤخذ منها ما عليها فدية».
(٢) عن معاني القرآن للأخفش : ١ / ٤٤٦ ، وأخرج الطبري معنى هذا القول في تفسيره : ٨ / ٣٧٣ عن ابن عباس رضياللهعنهما.
وانظر تفسير المشكل لمكي : ١٤٢ ، والمحرر الوجيز : (٥ / ٦٨ ، ٦٩).
(٣) في «ج» : مجتازين.
وأخرج الطبري هذا القول في تفسيره : (٨ / ٣٨٢ ـ ٣٨٥) عن ابن عباس ، وإبراهيم النخعي ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، والحسن ، والزهري ، ورجح الطبري هذا القول على قول من قال إنه سبيل المسافر إذا كان جنبا لا يصلي حتى يتيمم.
وانظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٢٧ ، وتفسير الماوردي : ١ / ٣٩٣ ، وزاد المسير : ٢ / ٩٠.
(٤) تفسير الطبري : ٨ / ٣٨٢ ، ومشكل إعراب القرآن لمكي : ١ / ١٩٨.
(٥) عطاء : (٢٧ ـ ١١٤ ه).
هو عطاء بن أبي رباح ، المكي ، القرشي مولاهم. الإمام التابعي الجليل.
حدّث عن عائشة ، وأم سلمة ، وأم هانئ ، وأبي هريرة ، وابن عباس وغيرهم من الصحابة.
ترجمته في سير أعلام النبلاء : (٥ / ٧٨ ـ ٨٨) ، وتهذيب التهذيب : (٧ / ١٩٩ ـ ٢٠٣) ، وطبقات الحفاظ : ٣٩.
(٦) هو عبيد بن عمير بن قتادة الليثي المكي.
ولد في حياة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وحدّث عن أبيه ، وعن عمر بن الخطاب ، وعلي ، وأبي ذر ، وعائشة ، وأبي موسى الأشعري ، وابن عباس ... وغيرهم.
قال عنه الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء : ٤ / ١٥٧ : «وكان من ثقات التابعين وأئمتهم بمكة ، وكان يذكر الناس ، فيحضر ابن عمر رضياللهعنهما مجلسه».
«أصاب العربيّ وأخطأ الموليان» (١).
٤٥ (وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا) : دخول الباء تأكيد الاتصال (٢) ؛ لأنّ الاسم في «كفى الله» يتّصل اتصال الفاعل فاتصل بالباء اتصال المضاف [إليه] (٣) أيضا.
٤٦ (وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ) يقولونه على أنّا نريد : لا تسمع ما تكره ، وقصدهم الدّعاء بالصّمم ، أي : لا سمعت (٤).
(وَراعِنا) : شتم عندهم (٥). وقيل (٦) : أرعنا سمعك ، أي : اجعل
__________________
ـ توفي عبيد بن عمير سنة أربع وسبعين للهجرة.
وانظر ترجمته في طبقات ابن سعد : ٥ / ٤٦٣ ، وتذكرة الحفاظ : ١ / ٥٠ ، وتقريب التهذيب : ٣٧٧.
(١) أخرج نحوه الطبري في تفسيره : ٨ / ٣٩٠ عن قتادة.
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٢ / ٥٥٠ وزاد نسبته إلى عبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عن سعيد بن جبير.
(٢) معاني القرآن للزجاج : ٢ / ٥٧. وذكر الفخر الرازي في تفسيره : ١٠ / ١٢٠ فوائد في ورود الباء هنا فقال :
«الأول : لو قيل : كفى الله ، كان يتصل الفعل بالفاعل. ثم هاهنا زيدت الباء إيذانا بأن الكفاية من الله ليست كالكفاية من غيره في الرتبة وعظم المنزلة.
الثاني : قال ابن السراج : تقدير الكلام : كفى اكتفاؤك بالله وليا ، ولما ذكرت «كفى» دل على الاكتفاء ، لأنه من لفظه ، كما تقول : من كذب كان شرا له ، أي : كان الكذب شرا له ، فأضمرته لدلالة الفعل عليه.
الثالث : يخطر ببالي أن الباء في الأصل للإلصاق ، وذلك إنما يحسن في المؤثر الذي لا واسطة بينه وبين التأثير ، ولو قيل : كفى الله ، دل ذلك على كونه تعالى فاعلا لهذه الكفاية ، ولكن لا يدل ذلك على أنه تعالى يفعل بواسطة أو بغير واسطة ، فإذا ذكرت حرف الباء دل على أنه يفعل بغير واسطة ...».
(٣) ما بين معقوفين عن نسخة «ج».
(٤) ينظر تفسير الطبري : ٨ / ٤٣٤ ، وتفسير الماوردي : ١ / ٣٩٦ ، وتفسير الفخر الرازي : ١٠ / ١٢٢.
(٥) ذكره الماوردي في تفسيره : ١ / ٣٩٦ ، وقال : «فأطلع الله نبيّه عليها فنهاهم عنها».
(٦) معاني القرآن للزجاج : ٢ / ٥٩.
وقال الفخر الرازي في تفسيره : ١٠ / ١١٩ : «كانوا يلوون ألسنتهم حتى يصير قولهم : راعنا راعينا ، وكانوا يريدون أنك كنت ترعى أغناما لنا».
سمعك لكلامنا مرعى ، فذلك اللّي والتحريف.
(إِلَّا قَلِيلاً) : إيمانا قليلا (١).
٤٧ (نَطْمِسَ وُجُوهاً) نمحو آثارها فنصيّرها كالقفاء (٢).
وقيل (٣) : الوجه تمثيل ، والمعنى : نضلّهم مجازاة.
(أَوْ نَلْعَنَهُمْ) : نمسخهم قردة (٤).
و «الفتيل» (٥) : ما يفتل بالإصبعين من وسخها (٦). و «النقير» (٧) :
__________________
(١) تفسير الطبري : ٨ / ٤٣٩ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٢ / ٥٩.
وذكر الفخر الرازي هذا القول في تفسيره : ١٠ / ١٢٣ على أن القليل صفة للإيمان. وقال : «والتقدير : فلا يؤمنون إلا إيمانا قليلا ، فإنهم كانوا يؤمنون بالله والتوراة وموسى ، ولكنهم كانوا يكفرون بسائر الأنبياء ...». وذكر قولا آخر هو أن القليل صفة للقوم وقال : «والمعنى : فلا يؤمن منهم إلا أقوام قليلون ...».
(٢) مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١ / ١٢٩ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٢٨.
وأخرج الطبري نحو هذا القول في تفسيره : (٨ / ٤٤٠ ، ٤٤١) عن ابن عباس ، وقتادة.
ونقله الماوردي في تفسيره : ١ / ٣٩٦ عن ابن عباس وقتادة أيضا.
(٣) أخرج ـ نحوه ـ الطبري في تفسيره : (٨ / ٤٤١ ، ٤٤٢) ، عن مجاهد ، والحسن ، والسدي ، والضحاك.
وانظر تفسير الماوردي : ١ / ٣٩٦ ، وتفسير الرازي : ١٠ / ١٢٥.
(٤) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : (٨ / ٤٤٧ ، ٤٤٨) عن الحسن ، وقتادة ، والسدي.
وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره : ١٣٣٤ (سورة النساء) عن الحسن ، وحسّن المحقق إسناده.
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٢ / ٥٥٦ وزاد نسبته إلى ابن المنذر عن الضحاك.
(٥) من قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) [النساء : آية : ٤٩].
(٦) ينظر معاني القرآن للفراء : ١ / ٢٧٣ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٢٩ ، والمفردات للراغب الأصفهاني : ٣٧١.
وأخرج الطبري في تفسيره : (٨ / ٤٥٦ ، ٤٥٧) ، وابن أبي حاتم في تفسيره : ١٣٤٤ (سورة النساء) هذا القول عن ابن عباس رضياللهعنهما.
وقال الراغب في المفردات : ٣٧١ : «ويضرب به المثل في الشيء الحقير».
(٧) من الآية : ٥٣ سورة النساء.
ما ينقر بالظفر كنقر الدينار (١).
«الجبت» (٢) : السحر ، و «الطاغوت» : الشيطان (٣).
وقيل (٤) : هما صنمان.
٥١ (وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) : يعني قريشا ، والقائلون جماعة اليهود (٥) كحيي (٦) بن أخطب ، وكعب (٧) بن الأشرف.
__________________
(١) تفسير الطبري : ٨ / ٤٧٥ ، وتفسير الماوردي : ١ / ٣٩٨.
وقال الفراء في معاني القرآن : ١ / ٣٧٣ : «النقير : النقطة في ظهر النواة» ، وقيل : هي الحبة التي تكون في وسط النواة كما في تفسير الطبري : ٨ / ٤٧٤.
قال الطبري رحمهالله : «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله وصف هؤلاء الفرقة من أهل الكتاب بالبخل باليسير من الشيء الذي لا خطر له ، ولو كانوا ملوكا وأهل قدرة على الأشياء الجليلة القدر.
فإذا كان ذلك كذلك ، فالذي هو أولى بمعنى «النقير» أن يكون أصغر ما يكون من النقر.
وإذا كان ذلك أولى به ، فالنقرة التي في ظهر النواة من صغار النّقر ، وقد يدخل في ذلك كل ما شاكلها من النقر».
(٢) من الآية : ٥١ سورة النساء.
(٣) أخرج الطبري في تفسيره : ٨ / ٤٦٢ ، وابن أبي حاتم في تفسيره : ١٣٥٤ (سورة النساء) هذا القول عن عمر رضياللهعنه ومجاهد ، والشعبي.
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٢ / ٥٦٤ وزاد نسبته إلى الفريابي ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عن عمر رضياللهعنه.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره : ١٣٤ ، والطبري في تفسيره : ٨ / ٤٦١ ، عن عكرمة.
وانظر تفسير الماوردي : ١ / ٣٩٧ ، وتفسير البغوي : ١ / ٤٤١ ، والدر المنثور : ٢ / ٥٦٤.
(٥) السيرة لابن هشام : (١ / ٥٦١ ، ٥٦٢). وأخرج الطبري نحو هذا القول في تفسيره : (٨ / ٤٦٩ ، ٤٧٠) عن ابن عباس رضياللهعنهما.
وانظر أسباب النزول للواحدي : (١٨٧ ، ١٨٨) ، والدر المنثور : (٢ / ٥٦٢ ، ٥٦٣).
(٦) حييّ ـ بضم الحاء المهملة ، ويجوز كسرها وياءين الآخرة منها مشددة ـ ابن أخطب النضري ، وابنته صفية ، إحدى أمهات المؤمنين ، اصطفاها النبي صلىاللهعليهوسلم.
أسر حييّ يوم قريظة ، ثم قتل ، وذلك في السنة الخامسة للهجرة.
ينظر السيرة لابن هشام : ٢ / ٢٤١ ، والمغازي للواقدي : ٢ / ٥٣٠ ، والمؤتلف والمختلف للدارقطني : ٢ / ٧٨٦ ، والإكمال : ٢ / ٥٨٢.
(٧) هو كعب بن الأشرف الطائي ، أمه من بني النضير ، وكان يقيم في حصن قريب من المدينة.
٥٦ (بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) : تبديل الجلود بإفنائها وإعادتها كحال القمر في ذهابه عند السّرار (١) ثم عوده بعده ، وكما يقال : صاغ له غير ذلك الخاتم (٢).
٥٨ (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ) : في مفتاح الكعبة ، أخذه النّبيّ ـ عليهالسلام ـ يوم الفتح من بني عبد الدار (٣).
«أولوا الأمر» (٤) : الأمراء والعلماء ومن يقوم بالمصالح وأمور
__________________
ـ بكى قتلى بدر ، وشبّب بنساء رسول الله ونساء المسلمين ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم محمد بن سلمة ورهطا معه من الأنصار بقتله ، فقتلوه. وذلك في السنة الثالثة من الهجرة.
ينظر السيرة لابن هشام : ٢ / ٥١ ، وصحيح البخاري بشرح الفتح : (٧ / ٣٣٦ ـ ٣٤٠) ، كتاب المغازي ، باب «قتل كعب بن الأشرف» ، وصحيح مسلم : (٣ / ١٤٢٥ ، ١٤٢٦) ، كتاب الجهاد والسير ، باب «قتل كعب بن الأشرف طاغوت اليهود».
(١) في اللسان : ٤ / ٣٥٧ (سرر) عن الكسائي : «السرار آخر الشهر ليلة يستسر الهلال». وعن الفراء : السّرار آخر ليلة إذا كان الشهر تسعا وعشرين ، وسراره ليلة ثمان وعشرين ، وإذا كان الشهر ثلاثين فسراره ليلة تسع وعشرين».
(٢) ذكره الطبري في تفسيره : ٨ / ٤٨٦ وقال : «فلذلك قيل : «غيرها» ، لأنها غير الجلود التي كانت لهم في الدنيا ، التي عصوا الله وهي لهم ... وذلك نظير قول العرب للصّائغ إذا استصاغته خاتما من خاتم مصوغ ، بتحويله من صياغته التي هو بها ، إلى صياغة أخرى : «صغ لي من هذا الخاتم خاتما غيره» فيكسره ويصوغ له منه خاتما غيره ، والخاتم المصوغ بالصياغة الثانية هو الأول ، ولكنه لما أعيد بعد كسره خاتما قيل : «هو غيره» ... فكذلك معنى قوله : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) ، لما احترقت الجلود ثم أعيدت جديدة بعد الإحراق ، قيل : «هي غيرها» على ذلك المعنى».
وانظر هذا المعنى الذي ذكره المؤلف في معاني القرآن للزجاج : ٢ / ٦٥ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٢ / ١١٧ ، وتفسير البغوي : ١ / ٤٤٣ ، وتفسير القرطبي : ٥ / ٢٥٤.
(٣) أخرجه الأزرقي في أخبار مكة : ١ / ٢٦٥ ، عن مجاهد. والطبري في تفسيره : ٨ / ٤٩١ عن ابن جريج. والواحدي في أسباب النزول : ١٨٩ عن مجاهد.
ونقله ابن الجوزي في زاد المسير : ٢ / ١١٤ عن أبي صالح عن ابن عباس ، وعن مجاهد ، والزهري ، وابن جريج ، ومقاتل.
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٢ / ٥٧٠ ، وعزا إخراجه إلى ابن مردويه عن ابن عباس ، من طريق الكلبي عن أبي صالح.
(٤) يريد قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ... [النساء : الآية : ٥٩].
الدين (١).
٥٩ (وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) : عاقبة ومرجعا (٢).
٦٩ (إِلَى الطَّاغُوتِ) : كعب بن الأشرف (٣).
٦٢ (فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) : أي : قتل صاحبهم بما ردّ حكم النّبيّ (٤) صلىاللهعليهوسلم.
(إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً) : أي : ما أردنا بطلبنا دم صاحبنا إلّا الإحسان
__________________
(١) قيل : هم الأمراء. أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : (٨ / ٤٩٧ ، ٤٩٨) عن أبي هريرة رضياللهعنه وابن زيد.
وعزاه الماوردي في تفسيره : ١ / ٤٠٠ إلى ابن عباس ، وأبي هريرة ، والسدي ، وابن زيد.
وقيل : هم أهل العمل والفقه. أخرجه الطبري في تفسيره : (٨ / ٤٩٩ ـ ٥٠١) عن جابر بن عبد الله ، وابن عباس ، ومجاهد ، وعطاء بن السائب ، والحسن ، وأبي العالية.
وقيل : هم أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم. وقيل : إنهم أبو بكر وعمر. وعقب الطبري رحمهالله على هذه الأقوال بقوله : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : هم الأمراء والولاة لصحة الأخبار عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالأمر بطاعة الأئمة والولاة فيما كان لله طاعة ، وللمسلمين مصلحة».
(٢) ينظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٣٠ ، وتفسير الطبري : ٨ / ٥٠٦ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٢ / ٦٨ ، وقال النحاس في معاني القرآن : ٢ / ١٢٥ : «وهذا أحسن في اللغة ، ويكون من آل إلى كذا ويجوز أن يكون المعنى : وأحسن من تأويلكم».
(٣) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : (٨ / ٥١١ ـ ٥١٣) عن ابن عباس ، ومجاهد ، والربيع بن أنس ، والضحاك.
ونقله الواحدي في أسباب النزول : ١٩٣ عن ابن عباس من رواية الكلبي عن أبي صالح.
(٤) ذكر الماوردي في تفسيره : (١ / ٤٠٢ ، ٤٠٣) في سبب نزول هذه الآية قولين :
أحدهما : أن عمر رضياللهعنه قتل منافقا لم يرض بحكم رسول الله ، فجاء إخوانه من المنافقين يطالبون بدمه ، وحلفوا بالله إننا ما أردنا في المطالبة بدمه إلا إحسانا إلى النساء ، وما يوافق الحق في أمرنا.
والثاني : أن المنافقين بعد القود من صاحبهم اعتذروا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في محاكمتهم إلى غيره بأن قالوا : ما أردنا في عدولنا عنك إلّا توفيقا بين الخصوم ، وإحسانا بالتقريب في الحكم دون الحمل على مرّ الحق ، فنزلت الآية».
وما / يوافق الحق (١). [٢٤ / ب]
٦٩ (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) : وحّد على معنى الجنس والحال كقولك : لله درّهم فارسا (٢).
٧١ (حِذْرَكُمْ) : سلاحكم. أو احذروا عدوّكم.
٧٢ (لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَ) : أي : المنافقين (٣). يبطّئون (٤) النّاس عن الجهاد.
ولام (لَمَنْ) لام الابتداء ؛ ولهذا دخلت على الاسم ، والثانية لام القسم ، دخلت مع نون التوكيد على الفعل (٥).
__________________
(١) نص هذا الكلام في معاني القرآن للزجاج : ٢ / ٦٩.
(٢) هذا قول الأخفش في معاني القرآن : (١ / ٤٤٩ ، ٤٥٠).
وانظر تفسير الطبري : ٨ / ٥٣٣ ، والتبيان للعكبري : ١ / ٣٧١ ، والبحر المحيط : ٣ / ٢٨٨ ، والدر المصون : ٤ / ٢٤.
(٣) قال الطبري ـ رحمهالله ـ في تفسيره : ٨ / ٥٣٨ : «وهذا نعت من الله تعالى ذكره للمنافقين ، نعتهم لنبيه صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ووصفهم بصفتهم فقال : (وَإِنَّ مِنْكُمْ) ، أيها المؤمنون ، يعني من عدادكم وقومكم ، ومن يتشبه بكم ، ويظهر أنه من أهل دعوتكم وملتكم ، وهو منافق يبطّئ من أطاعه منكم عن جهاد عدوكم وقتالهم إذا أنتم نفرتم إليهم «فإن أصابتكم مصيبة» ، يقول : فإن أصابتكم هزيمة ، أمرنا لكم قتل أو جراح من عدوكم ـ «قال قد أنعم الله عليّ إذا لم أكن معهم شهيدا» ، فيصيبني جراح أو ألم أو قتل ، وسرّه تخلفه عنكم ، شماتة بكم ...».
وتساءل الفخر الرازي في تفسيره : ١٠ / ١٨٣ بقوله : «إذا كان هذا المبطئ منافقا فكيف جعل المنافق قسما من المؤمن في قوله : (وَإِنَّ مِنْكُمْ)؟. قال : «والجواب من وجوه : الأول : أنه تعالى جعل المنافق من المؤمنين من حيث الجنس والنسب والاختلاط.
الثاني : أنه تعالى جعلهم من المؤمنين بحسب الظاهر لأنهم كانوا في الظاهر متشبهين بأهل الإيمان.
الثالث : كأنه قيل : يا أيها الذين آمنوا في زعمكم ودعواكم ، كقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) ا ه.
(٤) قال الراغب في المفردات : ٥٢ : «أي يثبط غيره. وقيل يكثر هو التثبط في نفسه ، والمقصد من ذلك أن منكم من يتأخر ويؤخر غيره».
(٥) معاني القرآن للفراء : ١ / ٢٧٥ ، وتفسير الطبري : ٨ / ٥٢٩ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٢ / ٧٥ ، والدر المصون : (٤ / ٢٨ ، ٢٩).
٧٣ كأن لم يكن (١) بينكم وبينه مودّة : اعتراض (٢).
٧١ (فَانْفِرُوا ثُباتٍ) : أي : انفروا جماعات متفرقة (٣).
(أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) : مجتمعا بعضكم إلى بعض.
٧٥ (وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ) : أي شيء لكم تاركين القتال؟ (٤). حال.
(وَالْمُسْتَضْعَفِينَ) : أي : وفي المستضعفين (٥).
__________________
(١) قرأ ابن كثير ، وحفص والمفضل عن عاصم : (كَأَنْ لَمْ تَكُنْ) بالتاء ، وقرأ نافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وعاصم في رواية أبي بكر ، وحمزة ، والكسائي : يكن بالياء.
ينظر السّبعة لابن مجاهد : ٢٣٥ ، والكشف لمكي : ١ / ٣٩٢.
قال مكي : «والاختيار الياء ، لأن الجماعة عليه».
(٢) معاني القرآن للزجاج : ٢ / ٧٦. وقال أبو علي الفارسي في الحجة : ٣ / ١٧١ : «اعتراض بين المفعول وفعله ، فكما أن قوله : (قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً) في موضع نصب ، كذلك قوله : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً) في موضع نصب بقوله : (لَيَقُولَنَ) ا ه.
(٣) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن : ١ / ١٣٢ : «واحدتها ثبة ، ومعناها : جماعات في تفرقة ...
وتصديق ذلك (أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) ، وقد تجمع ثبة : ثبين».
وانظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٣٠ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٢ / ٧٥ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٢ / ١٣١.
(٤) عن معاني القرآن للزجّاج : ٢ / ٧٧. ونص كلام الزجاج هناك : «ما منفصلة. المعنى : أي شيء لكم تاركين القتال. و (لا تُقاتِلُونَ) في موضع نصب على الحال كقوله ـ عزوجل ـ : (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) ا ه.
وقال أبو حيان في البحر : ٣ / ٢٩٥ : «والظاهر أن قوله : (لا تُقاتِلُونَ) في موضع الحال».
(٥) نقله النحاس في معاني القرآن : ٢ / ١٣٣ عن المبرد.
وهو قول الزجّاج في معاني القرآن : ٢ / ٧٨ ، وذكره ابن عطية في المحرر الوجيز : ٤ / ١٣٣ ، والفخر الرازي في تفسيره : ١٠ / ١٨٧ ، وقال : «اتفقوا على أن قوله : (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ) متصل بما قبله ، وفيه وجهان :
أحدهما : أن يكون عطفا على السبيل ، والمعنى : ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله وفي المستضعفين.
والثاني : أن يكون معطوفا على اسم الله عزوجل ، أي في سبيل الله وفي سبيل المستضعفين».
و (الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها) : مكة (١).
٧٨ (مُشَيَّدَةٍ) : مجصّصة (٢) ، والشّيد : الجصّ (٣). أو مبنية في اعتلاء ، حتى قال الربيع (٤) : إنّها بروج السّماء (٥).
__________________
(١) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : (٨ / ٥٤٤ ـ ٥٤٦) ، عن ابن عباس ، ومجاهد ، والسدي ، وابن زيد.
وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره : ١٤٣٠ (سورة النساء) عن عائشة رضياللهعنها ، وضعف المحقق إسناده لأن فيه راويا مبهما.
وذكره الزجاج في معاني القرآن : ٢ / ٧٧ ، والنحاس في معانيه : ٢ / ١٣٤ ، وابن الجوزي في زاد المسير : ٢ / ١٣٢.
وقال القرطبي في تفسيره : ٥ / ٢٧٩ : «القرية هنا «مكة» بإجماع من المتأولين».
(٢) أخرج ابن أبي حاتم هذا القول في تفسيره : ١٤٤٢ (سورة النساء) عن عكرمة.
ونقله النحاس في معاني القرآن : ٢ / ١٣٤ عن عكرمة ، وذكره الماوردي في تفسيره : ١ / ٤٠٦ وقال : «هذا قول بعض البصريين».
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٢ / ٥٩٥ وزاد نسبته إلى ابن المنذر عن عكرمة.
(٣) مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١ / ١٣٢ ، وتفسير الطبري : ٨ / ٥٥٤.
(٤) هو الربيع بن أنس بن زياد البكري ، الخراساني.
روي عن أنس بن مالك ، والحسن ، وأبي العالية.
وقال أبو حاتم والعجلي : «صدوق» ، وقال النسائي : ليس به بأس.
وقال ابن معين : كان يتشيع فيفرط.
قال الحافظ ابن حجر : صدوق له أوهام ، من الخامسة ، مات سنة أربعين ومائة ، أو قبلها.
ترجمته في الجرح والتعديل : (٣ / ٤٥٤ ، ٤٥٥) ، وسير أعلام النبلاء : (٦ / ١٦٩ ، ١٧٠) ، وتقريب التهذيب : ٢٠٥.
(٥) زاد المسير : ٢ / ١٣٧.
وأخرج الطبري في تفسيره : ٨ / ٥٥٣ عن الربيع في قوله : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) يقول : «ولو كنتم في قصور السماء». ونقل ابن كثير في تفسيره : ٢ / ٣١٦ هذا القول عن السدي وقال : «وهو ضعيف ، والصحيح أنها المنيعة ، أي : لا يغني حجر وتحصن من الموت».
وانظر معاني القرآن للزجاج : ٢ / ٧٩ ، وتفسير الماوردي : ١ / ٤٠٦ ، والدر المنثور : ٢ / ٥٩٥.
٨١ (وَيَقُولُونَ طاعَةٌ) : منا طاعة ، أو أمرنا طاعة (١).
(فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) : لا تسمّهم بما أراد الله من ستر أمرهم إلى أن يستقيم الإسلام (٢).
٨٥ (شَفاعَةً حَسَنَةً) : الدّعاء للمؤمنين.
والكفل : النّصيب (٣) ، والمقيت : الحفيظ المقتدر (٤).
٨٨ (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ) : حال (٥) ، أي : مختلفين فيهم ، تقول طائفة : هم منا وأخرى بخلافه. في قوم بالمدينة أظهروا الإسلام ثمّ رجعوا إلى مكة فأشركوا (٦) ، أو سمّوا منافقين بعد إظهار الشّرك نسبة إلى ما كانوا
__________________
(١) عن معاني القرآن للزجاج : ٢ / ٨١ وقال : «والمعنى واحد ، إلا أن إضمار أمرنا أجمع في القصة وأحسن».
وانظر معاني القرآن للنحاس : ٢ / ١٣٧ ، ومشكل إعراب القرآن لمكي : ١ / ٢٠٤ ، والدر المصون : ٤ / ٥٠.
(٢) نص هذا الكلام في معاني القرآن للزجاج : ٢ / ٨١.
وذكره النحاس في معاني القرآن : ٢ / ١٣٩ ، والبغوي في تفسيره : ١ / ٤٤٥ ، والفخر الرازي في تفسيره : ١٠ / ٢٠١.
(٣) مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١ / ١٣٥ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٣٢ ، وتفسير الطبري : ٨ / ٥٨١ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٢ / ٨٥ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٢ / ١٤٦.
(٤) معاني القرآن للفراء : ١ / ٢٨٠ ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة : ١ / ١٣٥ ، وتفسير الغريب لابن قتيبة : ١٣٢.
وأخرج الطبري في تفسيره : ٨ / ٥٨٣ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) ، يقول : حفيظا».
(٥) معاني القرآن للأخفش : ١ / ٤٥١ ، وتفسير الطبري : ٩ / ١٤ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٢ / ٨٨ ، وحكاه الفخر الرازي في تفسيره : ١٠ / ٢٢٥ عن سيبويه.
(٦) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : (٩ / ٩ ، ١٠) عن مجاهد.
ونقله الواحدي في أسباب النزول : ١٩٩ عن مجاهد أيضا.
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٢ / ٦١٠ وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن المنذر عن مجاهد.
وأخرج الإمام البخاري في صحيحه : ٥ / ١٨١ ، كتاب التفسير ، باب قوله تعالى : ـ (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ) ، والإمام مسلم في صحيحه : ٤ / ٢١٤٢ ، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم ، حديث رقم (٢٧٧٦) عن زيد بن ثابت رضياللهعنه قال : «رجع ناس من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم من أحد ، وكان الناس منهم فرقتين فريق يقول : اقتلهم وفريق يقول لا ، فنزلت : (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ) ، وقال : إنها طيبة تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة».
عليه ، ويحسن ذلك مع التعريف ، تقول : هذه العجوز هي الشّابّة ، ولا تقول : هذه العجوز شابّة.
(أَرْكَسَهُمْ) : ردّهم ونكّسهم (١).
٩٠ (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ) : يدخلون في قوم آمنتموهم.
في بني مدلج (٢) كان بينهم وبين قريش عهد ، فحرم الله من بني مدلج ما حرّم من قريش (٣).
(حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) : ضاقت عن قتالهم وقتال قومهم ، وهو نصب
__________________
(١) مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١ / ١٣٦ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٣٣ ، وتفسير الطبري : ٩ / ٧ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٢ / ٨٨ ، والمفردات للراغب : ٢٠٢.
(٢) مدلج : بضم الميم ، وسكون الدال المهملة ، وكسر اللام وجيم بعدها. هم بطن من كنانة.
ينظر مشارق الأنوار للقاضي عياض : ١ / ٤٠٤ ، واللباب لابن الأثير : ٣ / ١٨٣.
(٣) أورد الحافظ ابن كثير في تفسيره : (٢ / ٣٢٧ ، ٣٢٨) رواية ابن أبي حاتم عن الحسن أن سراقة بن مالك المدلجي حدثهم قال : «لما ظهر النبي صلىاللهعليهوسلم على أهل بدر وأحد ، وأسلم من حولهم قال سراقة : بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى قومي بني مدلج ، فأتيته فقلت : أنشدك النعمة ، فقالوا : مه ، فقال : دعوه ، ما تريد؟ قلت : بلغني أنك تريد أن تبعث إلى قومي ، وأنا أريد أن توادعهم ، فإن أسلم قومك أسلموا ودخلوا في الإسلام ، وإن لم يسلموا لم تخشن قلوب قومك عليهم. فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيد خالد فقال : اذهب معه فافعل ما يريد ، فصالحهم خالد على أن لا يعينوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وإن أسلمت قريش أسلموا معهم ، ومن وصل إليهم من الناس كانوا على مثل عهدهم ، فأنزل الله : (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) حتى بلغ : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) فكان من وصل إليهم كانوا معهم على عهدهم».
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٢ / ٦١٣ وزاد نسبته إلى أبي نعيم في الدلائل عن الحسن أيضا.
على الحال ، كقولك : جاءني فلان ذهب عقله (١). وإن كان المعنى دعاء فهو اعتراض (٢).
٩١ (أُرْكِسُوا فِيها) : وجدوا راكسين ، أي : مقيمين عليها.
٩٢ (إِلَّا خَطَأً) : استثناء منقطع بمعنى «لكن» (٣).
(مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ) : أي : كفار ، إذ لا يرثون المؤمن (٤).
[٢٥ / أ] (مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) : أهل الذمّة (٥) /.
__________________
(١) عن معاني القرآن للفراء : ١ / ٢٨٢. وقال الطبري في تفسيره : ٩ / ٢٢ : «وفي قوله : (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ) ، متروك ، ترك ذكره لدلالة الكلام عليه. وذلك أن معناه : أو جاءوكم قد حصرت صدورهم ، فترك ذكر «قد» لأن من شأن العرب فعل مثل ذلك. تقول : «أتاني فلان ذهب عقله» ، بمعنى : قد ذهب عقله ...».
وانظر هذا القول في معاني القرآن للزجاج : ٢ / ٨٩ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٢ / ١٥٦ ، ومشكل إعراب القرآن لمكي : ١ / ٢٠٥ ، والبحر المحيط : ٣ / ٣١٧.
قال السّمين الحلبي في الدر المصون : ٤ / ٦٦ : «إذا وقعت فعلا ماضيا ففيها خلاف : هل يحتاج إلى اقترانه بـ «قد» أم لا؟ والراجح عدم الاحتياج لكثرة ما جاء منه ، فعلى هذا لا تضمر «قد» قبل «حصرت» ومن اشترط ذلك قدّرها هنا».
(٢) هو قول المبرد في المقتضب : ٤ / ١٢٤ وقال القرطبي في تفسيره : ٥ / ٣١٠ : «وضعفه بعض المفسرين» ، ونقل أبو حيان في البحر المحيط : ٣ / ٣١٧ ، والسّمين الحلبي في الدر المصون : ٣ / ٦٦ رد أبي على الفارسي على قول المبرد بـ «أنا مأمورون بأن ندعو على» الكفار بإلقاء العداوة بينهم فنقول : «اللهم أوقع العداوة بين الكفار» لكن يكون قوله : (أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ) نفي ما اقتضاه دعاء المسلمين عليهم».
وقال ابن عطية في المحرر الوجيز : (٤ / ١٦٥ ، ١٦٦) : «وقول المبرد يخرج على أن الدعاء عليهم بأن لا يقاتلوا المسلمين تعجيزا لهم ، والدعاء عليهم بأن لا يقاتلوا قومهم تحقير لهم ، أي : هم أقل وأحقر ، ويستغنى عنهم ، كما تقول إذا أردت هذا المعنى : لأجعل الله فلانا عليّ ولا معي أيضا ، بمعنى استغنى عنه واستقل دونه».
(٣) تفسير الطبري : ٩ / ٣١ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٢ / ٩٠ ، ومعاني القرآن للنحاس : (٢ / ١٥٨ ، ١٥٩) ، والتبيان للعكبري : ١ / ٣٨٠ ، والدر المصون : ٤ / ٦٩.
(٤) أي : إذا كان القتيل مؤمنا وقومه لا يزالون على الكفر فلا تؤدى لهم الدية.
(٥) تفسير الطبري : ٩ / ٤١ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٢ / ١٦٣ ، وتفسير الماوردي : ١ / ٤١٦.
٩٥ (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) : رفع على الصّفة للقاعدين (١) ، أو هو استثناء (٢) وتقديره : إلّا أولوا الضّرر فإنّهم يساوونهم.
ومن نصبه (٣) جعله حالا ، أي : لا يساوونهم في حال صحتهم كقولك : جاءني زيد غير مريض ، أي : صحيحا (٤).
٩٨ (وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) : أي : إلى دار الهجرة (٥).
١٠٠ (مُراغَماً) : متّسعا لهجرته ، أي : موضع المراغمة (٦) كالمزاحم
__________________
(١) قال الفراء في معاني القرآن : ١ / ٢٨٣ : «وقد ذكر أن «غير» نزلت بعد أن ذكر فضل المجاهد على القاعد ، فكان الوجه فيه الاستثناء والنصب ... إلا أن اقتران «غير» بالقاعدين يكاد يوجب الرفع ؛ لأن الاستثناء ينبغي أن يكون بعد التمام. فتقول في الكلام : لا يستوي المحسنون والمسيئون إلا فلانا وفلانا».
وقراءة الرفع لابن كثير ، وأبي عمرو ، وحمزة ، وعاصم.
ينظر السبعة لابن مجاهد : ٢٣٧ ، والحجة لأبي علي الفارسي : ٣ / ١٧٨ ، والكشف لمكي : ١ / ٣٩٦ ، والبحر المحيط : ٣ / ٣٣٠ ، والدر المصون : ٤ / ٧٦.
(٢) ذكره الزجاج في معاني القرآن : (٢ / ٩٢ ، ٩٣) ، ونص كلامه : «ويجوز أن يكون «غير» رفعا على جهة الاستثناء. المعنى : لا يستوي القاعدون والمجاهدون إلا أولو الضرر ، فإنهم يساوون المجاهدين ؛ لأن الذي أقعدهم عن الجهاد الضرر ...».
(٣) وهي قراءة نافع ، والكسائي ، وابن عامر. كما في السبعة لابن مجاهد : ٢٣٧ ، والتبصرة لمكي : ١٨٤.
(٤) عن معاني القرآن للزجاج : ٢ / ٩٣.
وانظر معاني القرآن للفراء : ١ / ٢٨٤ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٢ / ١٧١ ، ومشكل إعراب القرآن لمكي : ١ / ٢٠٦ ، والتبيان للعكبري : ١ / ٣٨٣ ، والدر المصون : ٤ / ٧٦.
(٥) أخرج الطبري في تفسيره : ٩ / ١١١ نحو هذا القول عن عكرمة ، ومجاهد ، والسدي ، وكذا أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره : (١٥٤١ ـ ١٥٤٣).
ونقله ابن الجوزي في زاد المسير : ٢ / ١٧٩ عن ابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد.
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٢ / ٦٤٩ وزاد نسبته إلى عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عن عكرمة.
(٦) مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١ / ١٣٨ ، وقال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ١٣٤ : «المراغم والمهاجر واحد. تقول : راغمت وهاجرت قومي. وأصله أن الرجل كان إذا أسلم خرج عن قومه مراغما لهم. أي مغاضبا ...
وانظر معاني القرآن للزجاج : ٢ / ٩٦ ، ومعاني القرآن للنحاس : (٢ / ١٧٤ ، ١٧٥)
موضع المزاحمة.
(وَسَعَةً) : أي : في الرّزق (١) ، أو في إظهار الدّين (٢).
١٠١ (وَإِذا ضَرَبْتُمْ) : سرتم (٣) ، أي : استمررتم في السّير كاستمرار الضّرب باليد ، ومنه : ضرب المثل ، لاستمراره في البلاد ، والضّريبة لاستمرارها.
١٠٢ (فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً) : يحملون حملة رجل واحد (٤).
١٠٣ (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ) : رجعتم إلى الموطن وأمنتم (٥).
(كِتاباً مَوْقُوتاً) : فرضا موقّتا (٦).
١٠٧ (يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ) : يجعلونها خائنة (٧).
__________________
، وتفسير المشكل لمكي : ١٤٧.
(١) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٩ / ١٢١ عن ابن عباس ، والربيع بن أنس ، والضحاك.
(٢) تفسير الماوردي : ١ / ٤١٨.
وأورد الطبري ـ رحمهالله ـ في تفسيره : (٩ / ١٢١ ، ١٢٢) الأقوال التي قيلت في المراد بـ «السعة» ثم قال : «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله أخبر أن من هاجر في سبيله يجد في الأرض مضطربا ومتسعا. وقد يدخل في «السعة» ، السعة في الرزق ، والغنى والفقر ، ويدخل فيه السعة من ضيق الهمّ والكرب الذي كان فيه أهل الإيمان بالله من المشركين بمكة ، وغير ذلك من معاني «السعة» ...».
(٣) تفسير الطبري : ٩ / ١٢٣ ، واللسان : ١ / ٥٤٥ (ضرب).
(٤) تفسير الطبري : ٩ / ١٦٢ ، وتفسير البغوي : ١ / ٤٧٥.
قال ابن عطية في المحرر الوجيز : ٤ / ٢١٣ : «بناء مبالغة ، أي : مستأصلة لا يحتاج معها إلى ثانية».
(٥) قال النحاس في معاني القرآن : ٢ / ١٨٢ : «والمعروف في اللغة أن يقال : اطمأنّ : إذا سكن» ، فيكون المعنى : فإذا سكن عنكم الخوف ، وصرتم إلى منازلكم فأقيموا الصلاة».
وقال ابن الجوزي في زاد المسير : ٢ / ١٨٨ : «وفي المراد بالطمأنينة قولان :
أحدهما : أنه الرجوع إلى الوطن عن السفر ، وهو قول الحسن ، ومجاهد ، وقتادة.
والثاني : أنه الأمن بعد الخوف ، وهو قول السدي ، والزجاج ، وأبي سليمان الدمشقي.
(٦) عن معاني القرآن للزجّاج : ٢ / ٩٩ ، وقال النحاس في معاني القرآن : ٢ / ١٨٣ : «والمعنى عند أهل اللغة : مفروض لوقت بعينه. يقال : وقته فهو موقوف ووقّته فهو موقّت».
(٧) قال ابن الجوزي في زاد المسير : ٢ / ١٩٣ : «أي : يخونون أنفسهم ، فيجعلونها خائنة ـ بارتكاب الخيانة».
١١٢ (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً) : ذنبا بينه وبين الله ، (أَوْ إِثْماً) : دينا من مظالم العباد (١).
١١٣ (يُضِلُّوكَ) : يهلكوك (٢).
١١٥ (نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى) : ندعه وما اختار (٣).
١١٧ (إِلَّا إِناثاً) : ضعافا عاجزين. سيف أنيث : كهام (٤). وإناث كلّ شيء : أراذله (٥).
١١٨ (مَفْرُوضاً) : معلوما (٦).
١١٩ (فَلَيُبَتِّكُنَ) : يشقّون أذن البحيرة (٧) ، أو نسيلة الأوثان (٨).
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي : ١١ / ٣٩.
(٢) لم أقف على هذا القول بهذا اللّفظ ، وفي تفسير الطبري : ٩ / ١٩٩ : «يزلوك عن طريق الحق ...» ، ونقل الزّجاج في معاني القرآن : ٢ / ١٠٤ : «وقال بعضهم معنى (أَنْ يُضِلُّوكَ) : أن يخطئوك في حكمك».
وقال ابن الجوزي في زاد المسير : ٢ / ١٩٧ : «وفي الإضلال قولان :
أحدهما : التخطئة في الحكم.
والثاني : الاستزلال عن الحق».
(٣) نقل النحاس في معاني القرآن : ٢ / ١٩٠ عن مجاهد قال : أي نتركه وما يعبد». قال النحاس : «وكذلك هو في اللغة ، يقال : ولّيته ما تولى : إذا تركته في اختياره».
وانظر تفسير الفخر الرازي : ١١ / ٤٣ ، وتفسير القرطبي : ٥ / ٣٨٦.
(٤) في اللسان : ١٢ / ٥٢٩ : «وسيف كهام وكهيم : لا يقطع ، كليل عن الضربة ...».
(٥) عن تفسير الماوردي : ١ / ٤٢٣.
(٦) تفسير الطبري : ٩ / ٢١٢ عن الضحاك.
(٧) سيأتي بيان المؤلف لمعنى «البحيرة» عند قوله تعالى : (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ) ... [المائدة : ١٠٣].
وانظر معاني القرآن للفراء : ١ / ٣٢٢ ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة : (١ / ١٧٩ ، ١٨٠) ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٤٧ ، وتفسير الطبري : (١١ / ١٢٨ ـ ١٣٠) ، واللسان : ٤ / ٤٣ (بحر).
(٨) أي نسيلة القرابين إلى الأوثان.
(فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ) : دين الله (١). وحمله أنس (٢) على خصاء الغنم وكرهه.
١٢٢ (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً) : أي : لا أحد أصدق من الله ، وإنّما كان معناه النّفي لأن جوابه لا يتوجه إلّا عليه (٣).
١٢٣ (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ) : ليس ثواب الله بأمانيكم (٤).
__________________
(١) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : (٩ / ٢١٨ ـ ٢٢٠) عن ابن عباس ، وإبراهيم النخعي ، والحسن ، وعكرمة ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي ، وابن زيد.
وانظر هذا القول في تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٣٦ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٢ / ١١٠ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٢ / ١٩٥ ، وتفسير الماوردي : ١ / ٤٢٤ ، والدر المنثور : ٢ / ٦٩٠.
(٢) هو أنس بن مالك الصّحابي الجليل رضياللهعنه.
وأخرج عبد الرزاق هذا القول في تفسيره : ١٤٠ ، والطبري في تفسيره : ٩ / ٢١٥. عن أنس رضي الله تعالى عنه.
وأورده السيوطي في الدر المنثور : (٢ / ٦٨٨ ، ٦٨٩) وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عن أنس أيضا.
قال الطبري ـ رحمهالله ـ في تفسيره : ٩ / ٢٢٢ : «وأولى الأقوال بالصواب في تأويل ذلك ، قول من قال : معناه : (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ) ، قال : دين الله. وذلك لدلالة الآية الأخرى على أن ذلك معناه ، وهي قوله تعالى : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) [سورة الروم : ٣٠].
وإذا كان ذلك معناه ، دخل في ذلك فعل كل ما نهى الله عنه : من خصاء ما لا يجوز خصاؤه ، ووشم ما نهى عن وشمة ووشره ، وغير ذلك من المعاصي ودخل فيه ترك كل ما أمر الله به».
(٣) قال أبو حيان في البحر المحيط : ٣ / ٣٥٥ : «القيل والقول واحد ، أي : لا أحد أصدق قولا من الله ، وهي جملة مؤكدة ـ أيضا ـ لما قبلها. وفائدة هذه التواكيد المبالغة فيما أخبر به تعالى عباده المؤمنين بخلاف مواعيد الشيطان وأمانيه الكاذبة المخلفة لأمانيه».
(٤) عن معاني القرآن للزجاج : ٢ / ١١١. ونص كلام الزجاج هناك : «اسم ليس» مضمر المعنى : ليس ثواب الله بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب ، وقد جرى ما يدل على إضمار الثواب ، وهو قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَعْدَ اللهِ حَقًّا) أي إنما يدخل الجنة من آمن وعمل صالحا. ليس كما يتمنى أهل الكتاب ، لأنهم كانوا يزعمون أنهم أبناء الله وأحباؤه ، وقالوا : ـ (لَنْ تَمَسَّنَا
١٢٧ (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ) : في الواجب لهن [وما] (١) عليهن (٢).
(وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ) : أي : مبيّن ، وذلك حذف الخبر (٣).
(وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ) : أي : في المستضعفين ، وكانوا لا يورّثونهن.
١٣٥ (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما) : رؤوف (٤) بالفقير وأعلم بحال الغنيّ. في فقير وغنيّ اختصما إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقيل : الفقير لا يظلم الغنيّ (٥).
(فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا) : أي : عن الحق ، أو لا تتركوا العدل بالهوى.
(وَإِنْ تَلْوُوا) : لوى يلوى ليّا : مطل ودافع (٦) ، أي : وإن تدفعوا بأداء الشهادة.
__________________
النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) فأعلم الله ـ عزوجل ـ أن دخول الجنة وثواب الله على الحسنات والسيئات ليس بالأماني ولكنه بالأعمال ...».
وانظر معاني القرآن للنحاس : ٢ / ١٩٧ ، وتفسير الماوردي : ١ / ٤٢٤ ، وزاد المسير : ٢ / ٢٠٩.
(١) عن نسخة «ج».
(٢) تفسير الطبري : ٩ / ٢٥٣.
(٣) مشكل إعراب القرآن لمكي : ١ / ٢٠٩ ، والتبيان للعكبري : ١ / ٣٩٣.
قال السّمين الحلبي في الدر المصون : ٤ / ١٠٠ : «وفي الخبر احتمالان ، أحدهما : أنه الجار بعده وهو «في الكتاب» والمراد بما يتلى القرآن ... والاحتمال الثاني : أن الخبر محذوف أي : والمتلو عليكم في الكتاب يفتيكم أو يبين لكم أحكامهن ...».
(٤) في «ج» : أرأف.
(٥) أخرج الطبري في تفسيره : ٩ / ٣٠٣ عن السدي في قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ) ... ، قال : نزلت في النبي صلىاللهعليهوسلم ، واختصم إليه رجلان : غني وفقير ، وكان ضلعه مع الفقير ، يرى أن الفقير لا يظلم الغنيّ ، فأبى الله إلّا أن يقوم بالقسط في الغني والفقير ، فقال : (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا) الآية».
وانظر أسباب النزول للواحدي : ٢١٦ ، وزاد المسير : ٢ / ٢٢٢.
(٦) تفسير الطبري : ٩ / ٣١٠ ، وتفسير الماوردي : ١ / ٤٢٨ ، وتفسير القرطبي : ٥ / ٤١٣.
[٢٥ / ب] ومن قرأ : تلوا (١) فهو أيضا تلووا / أبدلت الواو للضمة (٢) همزة ، ثم حذفت وألقيت حركتها على اللام ، كما قيل في «أدؤر» : أدور ، ثم «أدر» (٣).
(أَوْ تُعْرِضُوا) : تكتموها (٤).
١٣٦ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) : أي : بالأنبياء السابقين ، (آمَنُوا) : بمحمد (٥) ودوموا على الإيمان.
١٣٧ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً).
الإيمان الأول : دخول المنافقين في الإسلام لحقن الدماء والأموال.
والثاني : نفاقهم بقولهم : آمنا ، وازديادهم (٦) قولهم : (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) (٧).
١٤١ (أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ) : نحط بكم للمعونة ونغلب عليكم بالموالاة ، ونمنعكم منهم بما كنا نعلمكم من أخبارهم (٨).
وفي الحديث (٩) في الصّلاة : «حاذ عليها بحدودها» ، أي : حاطها.
__________________
(١) وهي قراءة حمزة ، وابن عامر بواو واحدة واللام مضمومة.
ينظر السبعة لابن مجاهد : ٢٣٩ ، والتبصرة لمكي : ١٨٥.
(٢) في «ج» : بالضمة.
(٣) نص هذا الكلام في معاني القرآن للزجاج : ٢ / ١١٨ ، ذكره في توجيه هذه القراءة.
وانظر معاني القرآن للفراء : ١ / ٢٩١ ، وتفسير الطبري : ٩ / ٣١٠ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٢ / ٢١٥ ، والحجة لأبي علي الفارسي : ٣ / ١٨٦.
(٤) تفسير الطبري : ٩ / ٣٠٨.
(٥) ذكره الطبري في تفسيره : ٩ / ٣١٢ ، والماوردي في تفسيره : ١ / ٤٢٩ ، وقال : «ويكون ذلك خطابا لليهود والنصارى».
(٦) تفسير الفخر الرازي : ١١ / ٧٩.
(٧) سورة البقرة : آية : ١٤ حكاية عن المنافقين.
(٨) نص هذا الكلام في معاني القرآن للزجاج : ٢ / ١٢٢.
وانظر تفسير الطبري : ٩ / ٣٢٤ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٢ / ٢١٩ ، وتفسير الماوردي : ١ / ٤٣٠ ، وزاد المسير : ٢ / ٢٢٩.
(٩) أخرجه الخطابي في غريب الحديث : ١ / ٢٦٩ عن أبي سعيد الخدري رضياللهعنه
و «الأحوذيّ» : الجاد المتحفظ (١).
١٤٣ (مُذَبْذَبِينَ) : مترددين (٢).
١٤٦ (وَسَوْفَ) (٣) (يُؤْتِ اللهُ) : حذفت الياء من الخطّ كما حذفت من اللفظ لسكونها وسكون اللام (٤) ، وكذلك (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) (٥) ، و (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ) (٦). وأما قوله (٧) : (ما كُنَّا نَبْغِ) ، وقوله (٨) : (يُنادِ الْمُنادِ) فحذفت لثقلها ودلالة الكسرة عليها (٩).
١٤٨ (إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) : موضع (مِنَ) رفع على إعمال المصدر (١٠) ، أي : لا يجهر إلا من ظلم فيدعو على ظالمه أو ينتصر منه.
__________________
ـ مرفوعا ، وفي سنده بكر بن بكار متكلم فيه.
ينظر الجرح والتعديل : ٢ / ٣٨٣ ، وميزان الاعتدال : ١ / ٣٤٣ ، ولسان الميزان : ٢ / ٤٨.
وينظر الحديث أيضا في الفائق : ١ / ٣٣٣ ، وغريب الحديث لابن الجوزي : ١ / ٢٥٠ ، والنهاية : ١ / ٤٥٧.
(١) اللسان : ٣ / ٤٨٧ (حوذ).
(٢) تفسير الطبري : ٩ / ٣٣٢ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٢ / ٢٢٣ ، والمفردات للراغب : ١٧٧.
وقال ابن الجوزي في زاد المسير : ٢ / ٢٣ : «المذبذب : المتردد بين أمرين ، وأصل التذبذب : التحرك ، والاضطراب ، وهذه صفة المنافق ، لأنه محيّر في دينه لا يرجع إلى اعتقاد صحيح».
(٣) في الأصل : «فسوف».
(٤) هذا النص عن معاني القرآن للزجاج : ٢ / ١٢٥ وفيه : «وسكون اللام في «الله».
وانظر البحر المحيط : ٣ / ٣٨١ ، والدر المصون : (٤ / ١٣٢ ، ١٣٣).
(٥) سورة العلق : آية : ١٨.
(٦) سورة القمر : آية : ٦.
(٧) سورة الكهف : آية : ٦٤.
(٨) سورة ق : آية : ٤١.
(٩) معاني القرآن للزجاج : ٢ / ١٢٥.
(١٠) ذكره أبو حيان في البحر المحيط : ٣ / ٣٨٢ ، والسمين الحلبي في الدر المصون : (٤ / ١٣٣ ، ١٣٤) عن أبي علي الفارسي.
قال أبو حيان : «وحسّن ذلك كون الجهر في حيز النفي ، وكأنه قيل : لا يجهر بالسوء من القول إلا المظلوم».
نزلت في أبي بكر (١) رضياللهعنه ، شتمه رجل فسكت عنه ، ثم ردّ عليه.
١٥٥ (فَبِما نَقْضِهِمْ) : فبشيء أو أمر عذبناهم (٢) ، و (نَقْضِهِمْ) بدل عنه وتفسير (٣) ، تنزيها عن لفظ الزيادة.
(بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ) : جعلها كالمطبوع عليها (٤).
قال الحسن (٥) : أهل الطبع لا يؤمنون أصلا.
١٥٧ (وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً) : ما تبينوه علما (٦) ، تقول : قتلته علما وقتلته
__________________
(١) نقله ابن الجوزي في زاد المسير : ٢ / ٢٣٧ ، وأبو حيان في البحر المحيط : (٣ / ٣٨١ ، ٣٨٢) عن مقاتل.
وذكره الفخر الرازي في تفسيره : ١١ / ٩٢ دون عزو.
وأخرج أبو داود في سننه : ٥ / ٢٠٤ ، كتاب الأدب ، باب «في الانتصار» عن سعيد بن المسيب قال : «بينما رسول الله صلىاللهعليهوسلم جالس ومعه أصحابه وقع رجل بأبي بكر ، فآذاه ، فصمت عنه أبو بكر ثم آذاه الثانية ، فصمت عنه أبو بكر ، ثم آذاه الثالثة ، فانتصر منه أبو بكر ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين انتصر أبو بكر ، فقال أبو بكر : أوجدت عليّ يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «نزل ملك من السماء يكذّبه بما قال لك ، فلما انتصرت وقع الشيطان ، فلم أكن لأجلس إذ وقع الشيطان».
وأخرج أبو داود ـ نحوه ـ متصلا من طريق ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة رضياللهعنه دون الإشارة إلى أنها سبب لنزول الآية.
(٢) تفسير الطبري : ٩ / ٣٦٥ ، وفي متعلق الباء قال الفخر الرازي في تفسيره : ١١ / ٩٨ : «إنه محذوف تقديره : فبما نقضهم ميثاقهم وكذا لعناهم وسخطنا عليهم ، والحذف أفخم ، لأن عند الحذف يذهب الوهم كل مذهب ، ودليل المحذوف أن هذه الأشياء المذكورة من صفات الذم فيدل على اللّعن».
(٣) مشكل إعراب القرآن لمكي : ١ / ٢١٢ ، والتبيان للعكبري : ١ / ٤٠٣ ، والدر المصون : ٤ / ١٤٢.
(٤) تفسير الماوردي : ١ / ٤٣٣ عن الزّجاج ، ونص قوله : «ذمهم بأن قلوبهم كالمطبوع عليها التي لا تفهم أبدا ولا تطيع مرشدا».
(٥) ذكر البغوي هذا القول في تفسيره : ١ / ٤٩٦ دون عزو.
(٦) قال الفراء في معاني القرآن : ١ / ٢٩٤ : «الهاء هنا للعلم ، كما تقول قتلته علما ، وقتلته يقينا ، للرأي والحديث والظن». ـ وانظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٣٧ ، وتفسير الطبري : ٩ / ٣٧٧ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٢ / ١٩٢ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٢ / ٢٣٤.