محمود بن أبي الحسن النّيسابوري
المحقق: الدكتور حنيف بن حسن القاسمي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٧
فوموا لنا (١) ، وقيل (٢) : الثوم ، كالجدف والجدث (٣) ، والفوم والبصل لا يليق بألفاظ القرآن في فصاحتها وجلالتها ، ولكنها حكاية عنهم وعن دناءتهم.
٦١ (اهْبِطُوا مِصْراً) : أيّ من الأمصار (٤) ، فإنّ ما سألتم يكون فيها ، وإن كان المراد موضعا بعينه (٥) فصرفه / على أنه اسم للمكان لا البلدة. [٧ / ب]
__________________
قال الزجاج في معاني القرآن : ١ / ١٤٣ : «ولا خلاف عند أهل اللغة أن الفوم الحنطة ، وسائر الحبوب التي تخبز يلحقها اسم الفوم».
(١) بمعنى : اختبزوا لنا. انظر معاني القرآن للفراء : ١ / ٤١ ، تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٥١ ، وتفسير الطبري : ٢ / ١٣٠ ، معاني القرآن للزجاج : ١ / ١٤٣.
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره : ٢ / ١٢٩ عن مجاهد ، والربيع بن أنس.
(٣) قال الفراء في معاني القرآن : ١ / ٤١ : «وهي في قراءة عبد الله «وثومها» بالثاء ... والعرب تبدل الفاء بالثاء فيقولون : جدث وجدف ، ووقعوا في عاثور شر وعافور شر ، والأثاثي والأثافي. وسمعت كثيرا من بني أسد يسمى المغافير المغاثير».
وقد ذكر ابن قتيبة في تفسير الغريب : ٥١ قراءة ابن مسعود رضياللهعنه : «ثومها» بالثاء ، وكذا الطبري في تفسيره : ٢ / ١٣٠ ، ومكي في تفسير المشكل : ٩٤.
(٤) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٢ / ١٣٣ عن قتادة ، ومجاهد ، وابن زيد ، والسدي.
وذكر ابن كثير هذا القول في تفسيره : ١ / ١٤٥ وعزا إخراجه إلى ابن حاتم عن ابن عباس رضياللهعنهما.
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ١ / ١٧٨ ونسب إخراجه إلى سفيان بن عيينة ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس أيضا.
(٥) قال الطبري ـ رحمهالله ـ في تفسيره : (٢ / ١٣٥ ، ١٣٦) : «والذي نقول به في ذلك ، أنه لا دلالة في كتاب الله على الصواب من هذين التأويلين ، ولا خبر به عن الرسول صلىاللهعليهوسلم يقطع مجيئه العذر. وأهل التأويل متنازعون تأويله ، فأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب أن يقال : إن موسى سأل ربّه أن يعطى قوم ما سألوه من نبات الأرض ـ على ما بينه الله جل وعز في كتابه ـ وهم في الأرض تائهون فاستجاب الله لموسى دعاءه ، وأمره أن يهبط بمن معه من قومه قرارا من الأرض التي تنبت لهم ما سأل لهم من ذلك ، إذ كان الذي سألوه لا تنبته إلا القرى والأمصار ، وأنه قد أعطاهم ذلك إذ صاروا إليه. وجائز أن يكون ذلك القرار «مصر» ، وجائز أن يكون «الشأم».
فأما القراءة فإنها بالألف والتنوين : (اهْبِطُوا مِصْراً). وهي القراءة التي لا يجوز عندي غيرها ، لاجتماع خطوط مصاحف المسلمين ، واتفاق قراءة القراء على ذلك. ولم يقرأ بترك التنوين فيه وإسقاط الألف منه ، إلا من لا يجوز الاعتراض به على الحجة ، فيما جاءت ـ به من القراءة مستفيضا بينها» ا ه.
والذّلّة : الجزية (١).
(وَباؤُ بِغَضَبٍ) : رجعوا بغضب استولى عليهم ، والغضب الأول لكفرهم بعيسى ، والثاني لكفرهم بمحمد صلىاللهعليهوسلم.
٦٢ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا) : أي : كلّهم سواء إذا آمنوا في المستقبل وعملوا الصالحات فلهم أجرهم لا يختلف حال الأجر بالاختلاف في الأحوال المتقدمة.
واليهود لأنهم هادوا وتابوا (٢) ، أو للنسبة (٣) إلى يهود (٤) ابن يعقوب ، والنّصارى لنزول عيسى قرية ناصرة (٥) ، ..............
__________________
(١) أخرجه الطبري في تفسيره : ٢ / ١٣٧ عن الحسن وقتادة.
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ١ / ١٧٨ ونسب إخراجه إلى ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضياللهعنهما.
(٢) قال الطبري في تفسيره : ٢ / ١٤٣ : «ومعنى (هادوا) تابوا. يقال منه : هاد القوم يهودون هودا وهادة. وقيل : إنما سميت اليهود «يهود» ، من أجل قولهم : (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) الأعراف : ١٥٦» ا ه.
وأخرج عن ابن جريج قال : إنما سميت اليهود من أجل أنهم قالوا : (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ).
وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره ، سورة الأعراف : ٢ / ٥٥١ عن عبد الله بن مسعود رضياللهعنه قال : نحن أعلم الناس من أين تسمى اليهود باليهودية بكلمة موسى عليهالسلام : (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) ، ولم تسمّت النصارى بالنصرانية ، من كلمة عيسى عليهالسلام : (كُونُوا أَنْصارَ اللهِ).
(٣) في «ج» : بالنسبة إلى يهوذا بن يعقوب ، ثم انقلبت الذال المعجمة دالا مهملة للتعريب.
(٤) كذا في نسخة «ك» : «يهود» بالدال المهملة. وقال الجواليقي في المعرّب : ٤٠٥ : «أعجمي معرّب. وهم منسوبون إلى يهوذا بن يعقوب فسمّوا «اليهود» وعرّبت بالدال».
وانظر تفسير الماوردي : ١ / ١١٦ ، والتعريف والإعلام للسهيلي : ١٨ ، واللسان : ٣ / ٤٣٩ (هود).
(٥) الناصرة : قرية بينها وبين طبرية ثلاثة عشر ميلا ، وهي الآن في فلسطين المحتلة أعادها الله إلى حوزة المسلمين.
ينظر معجم ما استعجم : ٢ / ١٣١٠ ، معجم البلدان : ٥ / ٢٥١ ، الروض المعطار : ٥٧١.
وقد ورد سبب تسمية النصارى بذلك في أثر أخرجه ابن سعد في الطبقات : (١ / ٥٣ ، ٥٤)
أو لقوله (١) : (مَنْ أَنْصارِي).
والصابئون : قوم يقرءون الزّبور ، ويصلّون [إلى] (٢) القبلة ، لكنّهم يعظّمون الكواكب لا على العبادة (٣) حتى جوّز أبو حنيفة (٤) ـ رحمهالله ـ التزوج بنسائهم وإذا همز كان من صبأ أي : خرج (٥) ، وغير مهموز (٦) من صبا يصبوا : مال.
٦٣ (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ) : تعرّضوا لذكر ما فيه ، إذ الذكر والنسيان ليسا من الإنسان.
(وَرَفَعْنا) : واو الحال ، أي أخذنا ميثاقكم حال رفع الطور.
٦٥ (خاسِئِينَ) : مبعدين (٧) ، خسأت الكلب خسئا فخسأ خسؤا.
__________________
عن ابن عباس رضياللهعنهما ، والطبري في تفسيره : ٢ / ١٤٥ عن ابن عباس وقتادة.
وانظر زاد المسير : ١ / ٩١ ، وتفسير ابن كثير : ١ / ١٤٨.
(١) سورة آل عمران : آية : ٥٢ ، وسورة الصّف : آية : ١٤.
قال السيوطي في الدر المنثور : ١ / ١٨٢ : «وأخرج أبو الشيخ عن ابن مسعود قال : «... وإنما تسمّت النصارى بالنصرانية لكلمة قالها عيسى : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) فتسموا بالنصرانية».
(٢) سقط من الأصل ، والمثبت عن «ك».
(٣) أخرج الطبريّ في تفسيره : ٢ / ١٤٧ عن قتادة قال : الصابئون قوم يعبدون الملائكة ، يصلّون إلى القبلة ويقرءون الزّبور.
وانظر الاختلاف في الصابئين في تفسير الطبري : (٢ / ١٤٦ ، ١٤٧) ، وتفسير الماوردي : ١ / ١١٧ ، وتفسير البغوي : ١ / ٧٩ ، والدر المنثور : (١ / ١٨٢ ، ١٨٣).
(٤) شرح فتح القدير للكمال بن الهمام : ٣ / ١٣٨ ، وتفسير القرطبي : ١ / ٤٣٤.
(٥) غريب القرآن لليزيدي : ٧٢ ، وقال ابن قتيبة في تفسير الغريب : ٥٢ : «وأصل الحرف من صَبَأتُ : إذا خرجت من شيء إلى شيء ومن دين إلى دين. ولذلك كانت قريش تقول في الرجل إذا أسلم واتبع النبي ـ صلىاللهعليهوسلم وعلى آله ـ : قد صبأ فلان ـ بالهمز ـ أي خرج عن ديننا إلى دينه».
والهمز في «الصابئون» قراءة الجمهور.
(٦) وهي قراءة نافع من القراء السبعة.
انظر السبعة لابن مجاهد : ١٥٨ ، وحجة القراءات : ١٠٠.
(٧) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١ / ٤٣ ، ومعاني الأخفش : ١ / ٢٧٧ ، وغريب القرآن ـ لليزيدي : ٧٢ ، وتفسير الغريب لابن قتيبة : ٥٢ ، وتفسير المشكل لمكي : ٩٤ ، واللسان : ١ / ٦٥ (خسأ). ـ
٦٦ (فَجَعَلْناها نَكالاً) : المسخة أو العقوبة ، لأن النّكال العقوبة التي ينكّل بها عن الإقدام.
والنّكل : القيد ، وأنكلته عن حاجته : دفعته.
وفي الحديث (١) : «مضر صخرة الله التي لا تنكل» ، أي : لا تدفع لرسوخها.
(لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها) من القرى (٢) ، أو من الأمم الآتية والخالية.
٦٧ (أَتَتَّخِذُنا هُزُواً) : الهزء حدث فلا يصلح مفعولا إلا بتقدير : أصحاب هزو ، أو الهزء [المهزوءة] (٣) كخلق الله ، وضرب بغداد.
والفارض (٤) : المسنّة (٥) وهي الفريضة وفرض الرّجل : أسنّ.
__________________
(١) الحديث في تهذيب اللغة للأزهري : ١٠ / ٢٤٦ ، والفائق : ٤ / ٢٤ ، وغريب الحديث لابن الجوزي : ٢ / ٤٣٦ ، والنهاية : ٥ / ١١٧. وقد ورد في النهاية لابن الأثير : ٤ / ٣٣٨ ، ولسان العرب : ٥ / ١٧٨ ، وتاج العروس : ١٤ / ١٣١ (مضر) حديث حذيفة ، وذكر خروج عائشة فقال : «تقاتل معها مضر ، مضّرها الله في النار» ، أي : جعلها في النار فهذا الحديث صريح في ذم مضر ، والحديث الذي أورده المؤلف ـ رحمهالله ـ في مدح هذه القبيلة ، وكلاهما ذكرا في تلك المصادر بغير إسناد.
(٢) ذكره ابن قتيبة في تفسير الغريب : ٥٢ ، وأخرجه الطبري في تفسيره : ٢ / ١٧٨ ، ونقله الماوردي في تفسيره : ١ / ١٢٠ ، وابن الجوزي في زاد المسير : ١ / ٩٦ عن ابن عباس رضياللهعنهما.
قال الزجاج في معاني القرآن : ١ / ١٤٩ : «ومعنى : (لِما بَيْنَ يَدَيْها) يحتمل شيئين من التفسير : يحتمل أن يكون (لِما بَيْنَ يَدَيْها) لما أسلفت من ذنوبها ، ويحتمل أن يكون (لِما بَيْنَ يَدَيْها) للأمم التي تراها (وَما خَلْفَها) ما يكون بعدها».
(٣) في الأصل : «المهزوبة».
(٤) من قوله تعالى : (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ) البقرة : ٦٨.
(٥) ينظر غريب القرآن لليزيدي : ٧٢ ، وتفسير الغريب لابن قتيبة : ٥٢ ، والصحاح : ـ ٣ / ١٠٩٧ ، واللسان : ٧ / ٢٠٣ (فرض).
والبكر : الشّاب ، وفي الحديث (١) : «لا تعلّموا أبكار أولادكم كتب النّصارى» يعني : الأحداث.
والعوان : الوسط (٢) ، عوّنت المرأة تعوينا.
والفاقع : الخالص الصفرة (٣).
والشّية (٤) : العلامة (٥) من لون (٦) آخر ، وشى يشي وشيا وشية.
٧١ (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) : لغلاء ثمنها (٧) ، أو لخوف / الفضيحة (٨). [٨ / أ]
__________________
(١) أورده الخطابي في غريب الحديث : ٢ / ٧٢ ، وقال : «يرويه ابن المبارك ، عن صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر أن عمر ـ رضياللهعنه ـ كتب إلى أهل حمص ...».
وذكره الزمخشري في الفائق : ٣ / ٤٠٢ ، وابن الجوزي في غريب الحديث : ١ / ٨٤ ، وابن الأثير في النهاية : ١ / ١٤٩.
(٢) قال الجوهري في الصحاح : ٦ / ٢١٦٨ (عون) : «العوان : النصف في سنّها من كل شيء ، والجمع عون ... وتقول منه : عوّنت المرأة تعوينا.
وفي اللسان : ١٣ / ٢٩٩ (عون) عن ابن سيده : العوان من النساء التي قد كان لها زوج ، وقيل : هي الثيب.
(٣) معاني القرآن للأخفش : ١ / ٢٧٩ ، وقال الزّجاج في معاني القرآن : ١ / ١٥١ : «فاقع نعت للأصفر الشديد الصفرة ، يقال : أصفر فاقع ، وأبيض ناصع ، وأحمر قان ...».
وقال ابن عطية في المحرر الوجيز : ١ / ٣٤٤ : «والفقوع نعت مختص بالصفرة ...».
وفي تفسير القرطبي : ١ / ٤٥١ عن الكسائي : يقال : فقع لونها يفقع فقوعا إذا خلصت صفرته.
(٤) من قوله تعالى : (قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها) ... البقرة : ٧١.
(٥) قال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٥٤ : «أي لا لون فيها يخالف معظم لونها» ، وقال مكي في تفسير المشكل : ٩٦ : «أي لا لون فيها سوى لون جلدها».
(٦) في «ج» : نوع.
(٧) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٢ / ٢١٩ عن محمد بن كعب القرظي.
وأورده الماوردي في تفسيره : ١ / ١٢٤ وزاد نسبته إلى ابن عباس رضياللهعنهما.
(٨) أخرجه الطبري في تفسيره : ٢ / ٢٢١ عن وهب بن منبه.
وأورده الماوردي في تفسيره : ١ / ١٢٤ وزاد نسبته إلى عكرمة.
٧٢ (فَادَّارَأْتُمْ) : تدافعتم (١) ، دفع كل قبيلة عن نفسه (٢). وهو تدارأتم ، ثم أدغمت التاء في الدال ، وجلبت لسكونها ألف الوصل ، وكتب في المصحف «فادّارءتم» بغير ألف اختصارا كما في «الرحمن» لكثرة الاستعمال.
٧٣ ([اضْرِبُوهُ]) (٣) (بِبَعْضِها) : فيه حذف ، أي : ليحيا فضرب فحيي (٤).
والحكمة فيه ليكون وقت إحيائه إليهم ثم بضربهم إياه بموات.
والسبب (٥) أن شيخا موسرا قتله بنو أخيه وألقوه في محلة أخرى ،
__________________
قال الطبري بعد أن أورد القولين : «والصواب من التأويل عندنا : أن القوم لم يكادوا يفعلون ما أمرهم الله به من ذبح البقرة ، للخلتين كلتيهما : إحداهما : غلاء ثمنها ، مع ما ذكر لنا من صغر خطرها وقلة قيمتها ، والأخرى : خوف عظيم الفضيحة على أنفسهم ، بإظهار الله نبيّه موسى صلوات الله عليه وأتباعه على قاتله».
(١) ينظر معاني القرآن للزجاج : ١ / ١٥٣ ، وتفسير المشكل لمكي : ٩٦ ، واللسان : ١ / ٧١ (درأ).
(٢) في «ج» : أنفسهم.
(٣) في الأصل : «فاضربوه» ، والمثبت في النّص هو الموافق لرسم المصحف ونسخة «ك».
(٤) معاني القرآن للفراء : ١ / ٤٨ ، ونقل الماوردي في تفسيره : ١ / ١٢٥ عن الفراء قال : «وفي الكلام حذف وتقديره : فقلنا اضربوه ببعضها ليحيا فضربوه فحيي. كذلك يحيي الله الموتى فدل بذلك على البعث والنشور ، وجعل سبب إحيائه الضرب بميت لا حياة فيه لئلا يلتبس على ذي شبهة أن الحياة إنما انتقلت إليه مما ضرب به لتزول الشبهة وتتأكد الحجة».
(٥) أخرجه الطبري في تفسيره : (٢ / ١٨٣ ـ ١٨٧) عن عبيدة السلماني ، وأخرج نحو هذه الرواية عن أبي العالية والسدي.
وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره : ١ / ٢١٤ (سورة البقرة) عن عبيدة السلماني. وكذا البيهقي في السنن الكبرى : ٦ / ٢٢٠.
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ١ / ١٨٦ ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن المنذر عن عبيدة أيضا ونقله الطبريّ عن قتادة ، ومجاهد ، ووهب بن منبه ، ومحمد بن كعب القرظي ، وابن عباس ، وقال : «فذكر جميعهم أن السبب الذي من أجله قال لهم موسى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) نحو السبب الذي ذكره عبيدة وأبو العالية والسدي ، غير أن بعضهم ذكر أن الذي قتل القتيل الذي اختصم في أمره إلى موسى ، كان أخا المقتول ، وذكر بعضهم أنه كان ابن أخيه ، وقال بعضهم : بل كانوا جماعة ورثة استبطئوا حياته ، إلا
وطلبوا الدّية ، فسألوا موسى ، فأمرهم بذبح بقرة ، فظنوه هزؤا لما لم يكن في ظاهره جوابهم ، فاستعاذ من الهزء ، وعدّه (١) من الجهل.
٧٤ (أَوْ أَشَدُّ) : أي عندكم ، كقوله (٢) : (قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) ، وقوله (٣) : (أَوْ يَزِيدُونَ) ، أي : لقلتم إنهم مائة ألف أو يزيدون (٤) ، وقيل (٥) : معناه الإباحة والتخيير ، أي (٦) : تشبه الحجارة إن شبّهت بها ، وإن شبّهت بما هو أشد منها تشبهه.
(يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) : قيل : إنه متعد ، أي : يهبط غيره إذا رآه فيخشع لله فحذف المفعول.
ومعناه لازما : إن الذي فيها من الهبوط والهويّ ـ لا سيما عند الزلازل والرّجفان ـ انقياد لأمر الله الذي لو كان مثله من حي قادر لكان من خشية الله.
__________________
أنهم جميعا مجمعون على أن موسى إنما أمرهم بذبح البقرة من أجل القتيل إذ احتكموا إليه ...».
وأورد ابن كثير رحمهالله في تفسيره : ١ / ١٥٧ هذه الروايات ، وقال : «وهذه السياقات عن عبيدة وأبي العالية والسدي وغيرهم ، فيها اختلاف ما ، والظاهر أنها مأخوذة من كتب بني إسرائيل ، وهي مما يجوز نقلها ، ولكن لا نصدق ولا نكذب ، فلهذا لا نعتمد عليها إلا ما وافق الحق عندنا ، والله أعلم».
(١) في الأصل : ووعده.
(٢) سورة النجم : آية : ٩.
(٣) سورة الصافات : آية : ١٤٧.
(٤) «أو» هنا بمعنى «بل».
ينظر معاني القرآن للفراء : ٣ / ٣٩٣ ، وتفسير الطبري : ٢ / ٢٣٧ ، وحروف المعاني للزجاجي : ٥٢ ، ورصف المباني : ٢١١ ، والجنى الداني : ٢٤٦.
(٥) نصّ هذا القول في تفسير الماوردي : ١ / ١٢٧ دون عزو.
وانظر معاني القرآن للزجاج : ١ / ١٥٦ ، ومغني اللبيب : ١ / ٦٢.
(٦) العبارة في «ج» : أي تشبه الحجارة وإن شبّهت بما هو أشد منها تشبهه.
٧٩ (يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ) : فائدة ذكر الأيدي لتحقيق الإضافة (١) ، كقوله (٢) : (لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) إذ الفعل يضاف إلى الأمر كقوله (٣) : (يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ) ، وكانت صفة النّبيّ صلىاللهعليهوسلم في كتابهم أسمر ربعة (٤) ، فكتبوا آدم كهلا (٥).
٨١ (بَلى) (٦) : أصله : «بل» زيدت الياء (٧) للوقوف (٨) ، وبلى يخرج الكلام عن معنى المعطوف.
قال الفراء (٩) : لو قال لرجل : مالك (١٠) عليّ شيء ، فقال : نعم كان براءة ، ولو قال : بلى كان ردا عليه.
٨١ (وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ) : أهلكته ، كقوله (١١) : (إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) ،
__________________
(١) ينظر تفسير الطبري : ٢ / ٢٧٢ فقد ذكر كلاما نفيسا في هذا المعنى.
ومصدر المؤلف ـ فيما يبدو ـ في هذا النص تفسير الماوردي : ١ / ١٣٢ ، وانظر المحرر الوجيز : ١ / ٣٦٦ ، وزاد المسير : ١ / ١٠٦ ، والبحر المحيط : ١ / ٢٧٧.
(٢) سورة ص : آية : ٧٥.
(٣) سورة القصص : آية : ٤.
(٤) أي مربوع الخلق ، ليس بالطويل ولا بالقصير.
الصحاح : ٣ / ١٢١٤ (ربع) ، والنهاية : ٢ / ١٩٠.
(٥) معاني القرآن للزجاج : ١ / ١٦٠ ، وتفسير البغوي : ١ / ٨٩.
ونقل ابن عطية في المحرر الوجيز : ١ / ٣٦٧ عن ابن إسحاق قال : «كانت صفته في التوراة أسمر ربعة فردّوه آدم طويلا».
(٦) في قوله تعالى : (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ) ....
(٧) في «ج» : ألفا.
(٨) قال مكي في كتابه «شرح كلا وبلى ونعم» : ٧٧ : «ولو وقف على «بل» لانتظر السامع إتيان كلام آخر بعد «بل» ، فإذا جيء بالألف للوقف ، علم أنه لا كلام بعد ذلك ، إذ الوقف لا يكون إلّا عند انقطاع الكلام».
(٩) أبو زكريا يحيى بن زياد (ت ٢٠٧ ه).
والنص في معاني القرآن له : ١ / ٥٢.
(١٠) كذا في «ك» ، وفي معاني الفراء : «أما لك مال؟».
(١١) سورة يوسف : آية : ٦٦.
(وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) (١).
٧٨ (إِلَّا أَمانِيَ) : الأكاذيب (٢) ، أو التلاوة الظاهرة (٣) ، أو ما يقدّرونه على آرائهم وأهوائهم. والمنى : القدر (٤).
٨٣ (لا تَعْبُدُونَ) : رفعه بسقوط «أن» إذ أصله : / أن لا تعبدوا (٥) ، [٨ / ب] ويجوز رفعه جوابا للقسم (٦) ، إذ معنى أخذ الميثاق التحليف ، وتقول : حلفته لا يقوم.
(وَبِالْوالِدَيْنِ) معطوف على معنى (لا تَعْبُدُونَ) ، أي : بأن لا تعبدوا وبأن
__________________
(١) سورة الكهف : آية : ٤٢.
(٢) رجح الفراء هذا القول في معاني القرآن : ١ / ٥٠ ، وقال الطبريّ في تفسيره : ٢ / ٢٦٢ : «و «التمني» في هذا الموضع ، هو تخلق الكذب وتخرّصه وافتعاله. يقال منه «تمنيت كذا» ، إذا افتعلته وتخرّصته ...».
وانظر معاني القرآن للزجاج : ١ / ١٥٩ ، وتفسير المشكل لمكيّ : ٩٦ ، وتفسير غريب القرآن لابن الملقن : ٥٨.
(٣) ينظر معاني الفراء : ١ / ٤٩ ، وغريب القرآن لليزيدي : ٧٤ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٥٥ ، ومعاني القرآن للزجاج : ١ / ١٥٩ ، وتفسير المشكل لمكيّ : ٩٧ ، واللسان : ١٥ / ٢٩٤ (منى).
(٤) اللسان : ١٥ / ٢٩٢ (منى) ، وفي «ج» : التقدير.
(٥) وهو مذهب الأخفش.
ينظر معاني القرآن له : ١ / ٣٠٨ ، ومعاني الزجاج : ١ / ١٦٢ ، ومشكل إعراب القرآن لمكي : ١ / ١٠١.
وقد ذكر السّمين الحلبي هذا الوجه في الدر المصون : ١ / ٤٥٩ ، وأورد أدلة القائلين به وشواهدهم ، ثم قال : «وفيه نظر ، فإن إضمار «أن» لا ينقاس ، إنما يجوز في مواضع عدها النحويون وجعلوا ما سواها شاذا قليلا ، وهو الصحيح خلافا للكوفيين ، وإذا حذفت «أن» فالصحيح جواز النصب والرفع ...».
(٦) وهو رأي سيبويه في الكتاب : ٣ / ١٠٦ ، وذكره الفراء في المعاني : ١ / ٥٤.
وانظر التبيان للعكبري : ١ / ٨٣ ، والدر المصون للسمين الحلبي : (١ / ٤٥٨ ـ ٤٦١) الذي أورد ثمانية أوجه في إعراب الآية.
تحسنوا (١) ، أو تقديره : ووصيناهم [إحسانا] (٢) بالوالدين (٣).
(وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) : قولا ذا حسن ، أو حسنا ، فأقيم المصدر مقام الاسم. أو يكونان اسمين كالعرب والعرب. ولا وجه لقراءة «حسني» (٤) ؛ لأن أفعل [وفعلى] (٥) صفة لا تخلو (٦) إما عن «من» أو عن الألف واللام على التعاقب.
٨٤ (أَقْرَرْتُمْ) : رضيتم.
٨٥ (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ) : أي : يا هؤلاء (٧) توكيد «أنتم» ، وعماده أي أنتم تقتلون فيكون تقتلون خبره رفعا.
ويجوز (هؤُلاءِ) بمعنى : الذين (٨) ، و (تَقْتُلُونَ) صلته ولا موضع له
__________________
(١) ينظر تفسير الطبري : ٢ / ٢٩٠ ، والبيان لابن الأنباري : ١ / ١٠٢ ، والدر المصون : ١ / ٤٦٢.
(٢) عن نسخة «ج».
(٣) معاني القرآن للأخفش : ١ / ٣٠٩ ، ومعاني الزجاج : ١ / ١٦٣ ، وإعراب القرآن للنحاس : ١ / ٢٤١.
(٤) ذكر الأخفش هذه القراءة في معاني القرآن : ١ / ٣٠٩ ، وذكرها الطبريّ في تفسيره : ٢ / ٢٩٤ ، والزجاج في معانيه : ١ / ١٦٣ ، والنحاس في إعراب القرآن : ١ / ٢٤١ ، وابن جني في المحتسب : ٢ / ٣٦٣ ، وابن الأنباري في البيان : ١ / ١٠٣.
وتنسب أيضا إلى الحسن كما في إتحاف فضلاء البشر : ١ / ٤٠١.
وقد ضعّف كلّ من الطبريّ والزّجاج والنحاس وابن الأنباري هذا الوجه.
(٥) في الأصل : «وفعل». والمثبت في النص من «ك» ، ومن المصادر التي مرت من قبل.
(٦) في «ك» و «ج» : «لا يخلوان».
(٧) نقل النحاس في إعراب القرآن : ١ / ٢٤٣ هذا التقدير عن ابن قتيبة ، ثم قال : «هذا خطأ على قول سيبويه لا يجوز عنده : هذا أقبل».
وقال ابن الأنباري في البيان : ١ / ١٠٣ : «وهو ضعيف ولا يجيزه سيبويه ، لأن حرف النداء إنما يحذف مما لا يحسن أن يكون وصفا لأيّ ، نحو : زيد وعمر ، و «هؤلاء» يحسن أن يكون وصفا لأيّ ، نحو : يا أيها هؤلاء. فلا يجوز حذف حرف النداء منه».
وانظر مشكل إعراب القرآن لمكي : ١ / ١٠٢ ، والتبيان للعكبري : ١ / ٨٦.
(٨) نص هذا الكلام في معاني القرآن للزجاج : ١ / ١٦٧ ، وهو مذهب الكوفيين ، كما في
كقوله (١) : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ) أي : [ما] (٢) التي.
(وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى) : أي من غير ملتكم تفدوهم.
(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) : إخراجهم كان كفرا وفداؤهم كان إيمانا (٣).
(مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ) : أي : الكفر والإيمان.
٨٧ (بِرُوحِ الْقُدُسِ) : جبريل (٤) ، أو الإنجيل (٥) ، أو الاسم الذي كان
__________________
الإنصاف : ٢ / ٧١٧.
وذكره النحاس في إعراب القرآن : ١ / ٢٤٣ ، ومكي في مشكل إعراب القرآن : ١ / ١٠٢ ، والعكبري في التبيان : ١ / ٨٦ وضعفه.
وأورد السّمين الحلبي في الدر المصون : (١ / ٤٧٤ ـ ٤٧٨) سبعة أوجه في إعراب الآية.
(١) سورة طه : آية : ١٧.
(٢) عن نسخة «ج».
(٣) ينظر تفسير الطبري : (٢ / ٣٠٨ ، ٣٠٩) ، وتفسير البغوي : ١ / ٩١ ، والمحرر الوجيز : ١ / ٣٨٢ ، وزاد المسير : ١ / ١١٢.
قال ابن عطية في تفسير قوله تعالى : (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ) : «يعني التوراة ، والذي آمنوا به فداء الأسارى ، والذي كفروا به قتل بعضهم بعضا وإخراجهم من ديارهم ، وهذا توبيخ لهم ، وبيان لقبح فعلهم».
(٤) ورد هذا القول في تفسير الطبري : (٢ / ٢٢٠ ، ٢٢١) حيث أخرجه عن قتادة ، والسدي ، والربيع بن أنس ، والضحاك ، وشهر بن حوشب ورفعه.
وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره : ٢ / ٤٧٦ (تفسير سورة البقرة) عن ابن مسعود رضياللهعنه.
ورجح الطبريّ ـ رحمهالله ـ هذا القول. وقال ابن عطية في المحرر الوجيز : ١ / ٣٨٦ : «وهذا أصح الأقوال».
وانظر : معاني الزجاج : ١ / ١٦٨ ، وتفسير الماوردي : ١ / ١٣٥ ، وزاد المسير : ١ / ١١٢ ، وتفسير القرطبي : ٢ / ٢٤ ، وتفسير ابن كثير : (١ / ١٧٥ ، ١٧٦).
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره : ٢ / ٤٧٧ (تفسير سورة البقرة) عن الربيع بن أنس باختلاف يسير في اللفظ.
وذكره الماوردي في تفسيره : ١ / ١٣٥ دون عزو ، وقال : سماه روحا كما سمى الله القرآن روحا في قوله تعالى : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا).
يحيي به الموتى (١).
والقدس والقدس (٢) واحد ، وقيل لجبريل روح الله تشريفا وكذلك للمسيح.
٨٨ (غُلْفٌ) : جمع أغلف (٣) الذي لا يفهم كأنّ قلبه في غلاف.
وهذا أصح من [قول القائل] (٤) إنها أوعية للعلوم (٥) امتلأت بها ؛ فلا موضع لما يقول : لأن كثرة العلم لا يمنع المزيد.
واللّعن : الإبعاد من رحمهالله ، فلا تلعن البهائم إذ الله لا يبعدها من رحمته.
(فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) : أي قليل منهم يؤمنون (٦) (٧) [وانتصب على
__________________
ونقل ابن عطية في المحرر الوجيز : ١ / ٣٨٦ هذا القول عن مجاهد والربيع بن أنس.
(١) أخرجه الطبريّ في تفسيره : ٢ / ٣٢١ ، وابن أبي حاتم في تفسيره : ٢ / ٤٧٧ عن ابن عباس رضياللهعنهما ، ونقله الماوردي في تفسيره : ١ / ١٣٤ ، وابن عطية في المحرر الوجيز : ١ / ٣٨٦ عن ابن عباس أيضا.
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ١ / ٢١٣ ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر عن ابن عباس.
(٢) في «ك» : «والقدوس».
وانظر تفسير الطبري : ٢ / ٣٢٣ ، والدر المصون : ١ / ٤٩٧.
(٣) ينظر غريب القرآن لليزيدي : ٧٥ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٥٧ ، وتفسير المشكل لمكي : ٩٨ ، وتفسير غريب القرآن لابن الملقن : ٥٩.
(٤) عن نسخة «ج».
(٥) قال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٥٨ : «ومن قرأه «غلف» مثقل. أراد جمع غلاف.
أي هي أوعية للعلم».
وقد رجح الزجاج في معانيه : ١ / ١٦٩ ما رجحه المؤلف هنا.
وانظر تفسير المشكل لمكي : ٥٨ ، وتفسير الماوردي : ١ / ١٣٦.
(٦) عن نسخة «ج».
(٧) أخرج الطبري ـ رحمهالله ـ هذا القول في تفسيره : ٢ / ٣٢٩ عن قتادة.
ونقله الماوردي في تفسيره : ١ / ١٣٦ ، والبغوي في تفسيره : ١ / ٩٣ ، وابن عطية في المحرر الوجيز : ١ / ٣٨٨ عن قتادة.
وأورده ابن الجوزي في زاد المسير : ١ / ١١٣ وزاد نسبته إلى ابن عباس رضياللهعنهما.
الحال و «ما» صلة] ، أو [بقليل] (١) يؤمنون (٢) أو إيمانا قليلا يؤمنون : صفة مصدر محذوف (٣).
٩٠ (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا) : أي : بئس شيئا باعوا به أنفسهم (٤) ؛ لأنّ الغرض واحد وهو المبادلة. وموضع (أَنْ يَكْفُرُوا) خفض على موضع الهاء في (به) على البدل (٥) ، ويجوز رفعه على قولهم : نعم رجلا زيد.
٩١ (وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً) : نصبه بمعنى الحال [المؤكدة] (٦) ، والعامل معنى الفعل ، [أي : أثبته أو أحقه] (٧) ، كقولك : هو زيد معروفا ، أي :
__________________
(١) في الأصل : «فقليل» ، والمثبت في النص من «ك».
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره : ٢ / ٣٢٩ عن قتادة ، ونقله الماوردي في تفسيره : ١ / ١٣٦ عن قتادة ، وابن الجوزي في زاد المسير : ١ / ١١٣ عن معمر.
قال الطبريّ ـ رحمهالله ـ : «وأولى التأويلات في قوله : (فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) بالصواب ، ما نحن متقنوه إن شاء الله. وهو أن الله جل ثناؤه أخبر أنه لعن الذين وصف صفتهم في هذه الآية ، ثم أخبر عنهم أنهم قليلو الإيمان بما أنزل الله إلى نبيه محمد صلىاللهعليهوسلم. ولذلك نصب قوله : (فَقَلِيلاً) لأنه نعت للمصدر المتروك ذكره. ومعناه : بل لعنهم الله بكفرهم ، فإيمانا قليلا ما يؤمنون. فقد تبين إذا بما بينا فساد القول الذي روي عن قتادة في ذلك ؛ لأن معنى ذلك لو كان على ما روى من أنه يعني به : فلا يؤمن منهم إلا قليل ، أو فقليل منهم من يؤمن ، لكان «القليل» مرفوعا لا منصوبا لأنه إذا كان ذلك تأويله ، كان «القليل» حينئذ مرافعا «ما» فإذا نصب «القليل» ـ و «ما» في معنى «من» أو «الذي» ـ فقد بقيت «ما» لا مرافع لها. وذلك غير جائز في لغة أحد من العرب».
(٣) ينظر البيان لابن الأنباري : ١ / ١٠٦ ، والتبيان للعكبري : ١ / ٩٠ ، والبحر المحيط : ١ / ٣٠١ ، والدر المصون للسمين الحلبي : ١ / ٥٠٢ الذي رجح هذا الوجه من بين ستة وجود ذكرها في إعراب (فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ).
(٤) نسب هذا القول إلى الكسائي كما في مشكل إعراب القرآن : ١ / ١٠٤ ، والدر المصون : ١ / ٥٠٨.
(٥) ذكره الفراء في معاني القرآن : ١ / ٥٦ ، وانظر البيان لابن الأنباري : ١ / ١٠٩ ، والتبيان للعكبري : ١ / ٩١ ، والدر المصون : ١ / ٥١٠.
(٦) عن نسخة «ك».
وينظر : إعراب القرآن للنحاس : ١ / ٢٤٨ ، والبيان لابن الأنباري : ١ / ١٠٩ ، والتبيان للعكبري : ١ / ٩٣ ، والدر المصون : (١ / ٥١٥ ، ٥١٦).
(٧) عن نسخة «ج».
أعرفه عرفانا (١). ولا يصح هو زيد قائما حالا لأن الحال لا يعمل فيها إلا [٩ / أ] فعل / أو معنى فعل ، وجاز [قولك : هذا زيد قائما بدلالة اسم الإشارة على معنى الفعل ، أي : أشير إلى زيد قائما ، أي في حال قيامه] (٢).
(فَلِمَ تَقْتُلُونَ [أَنْبِياءَ اللهِ]) (٣) (مِنْ قَبْلُ) : والمراد : لم قتلتم لأنه كالصفة اللازمة لهم ، كقولك للكاذب : لم تكذب؟ بمعنى : لم كذبت.
٩٧ (فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ) : ردّ لمعاداتهم جبريل (٤) ، أي : لو نزّله غير جبريل لنزّله أيضا على هذا الحد.
١٠٢ (وَاتَّبَعُوا) : يعني اليهود ، (ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ) : أي : شياطين الإنس (٥) من السّحر.
(وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ) : ما سحر ؛ وذلك لإنكار اليهود نبوّته ، وأنه ظهر من تحت كرسيّه كتب السّحر (٦).
__________________
(١) في «ج» : أثبته معروفا.
(٢) ما بين معقوفين عن نسخة «ج».
(٣) عن نسخة «ج».
(٤) هذه الآية نزلت في اليهود. وقال الطبري في تفسيره : ٢ / ٣٧٧ : «أجمع أهل العلم بالتأويل جميعا على أن هذه الآية نزلت جوابا لليهود من بني إسرائيل إذ زعموا أن جبريل عدوّ لهم ، وأن ميكائيل وليّ لهم ...».
راجع سبب نزول الآية في مسند الإمام أحمد : ١ / ٧٤ ، وتفسير الطبري : (٢ / ٣٨٣ ـ ٣٨٤) ، وأسباب النزول للواحدي : ٦٤ ، وتفسير البغوي : ١ / ٩٦ ، وتفسير ابن كثير : (١ / ١٨٥ ، ١٨٦).
(٥) قال الفخر الرازي في تفسيره : (٣ / ٢٢٠) : «واختلفوا في «الشياطين» ، فقيل : المراد شياطين الجن وهو قول الأكثرين. وقيل : شياطين الإنس وهو قول المتكلمين من المعتزلة.
وقيل : هم شياطين الإنس والجن معا ...».
(٦) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٥٩ ، وتفسير الطبري : (٢ / ٤٠٥ ـ ٤٠٧) ، وأسباب النزول للواحدي : (٦٨ ، ٦٩) ، وتفسير البغوي : (١ / ٩٨ ، ٩٩) ، وتفسير ابن كثير : ١ / ١٩٤.
قال الطبري ـ رحمهالله ـ : «والصواب من القول في تأويل قوله : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) أن ذلك توبيخ من الله لأحبار اليهود الذين أدركوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فجحدوا نبوته ، وهم يعلمون أنه لله رسول مرسل ؛ وتأنيب منه لهم في ـ
وهو إما ـ إن فعلها ـ لئلا يعمل بها (١) ، أو افتعلها السّحرة بعده لتفخيم السّحر (٢) وأنه استسخر به ؛ ولذلك قال : «تتلوا عليه» ؛ لأنّ في الحق : تلا (٣) عنه.
وقيل : (عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) معناه : على (٤) ذهاب ملكه ، [أي : حين نزع الله عنه الملك] (٥).
(وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ) أي : واتبعوا ذلك ، وأنزل عليهما من السحر ليعلما ما السحر وفساده وكيف الاحتيال به.
(فِتْنَةٌ) : خبرة (٦) [من] (٧) ، فتنت الذهب ، أي تظهر (٨) بما تتعلمون
__________________
رفضهم تنزيله ، وهجرهم العمل به ، وهو في أيديهم يعلمونه ويعرفون أنه كتاب الله ، واتباعهم واتباع أوائلهم وأسلافهم ما تلته الشياطين في عهد سليمان ، وقد بينا وجه جواز إضافة أفعال أسلافهم إليهم فيما مضى ...».
(١) ينظر : متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار : (٩٩ ـ ١٠٣) ، وتفسير الفخر الرازي : (٣ / ٢٣٨ ـ ٢٣٩) ، وتفسير القرطبي : ٢ / ٥٤.
(٢) تفسير الفخر الرازي : ٣ / ٢٢١.
(٣) المصدر السابق.
(٤) في «ج» و «ك» : «في ذهاب ملكه».
وانظر هذا المعنى في تفسير الطبري : (٢ / ٤١١ ، ٤١٢).
(٥) ما بين معقوفين عن نسخة «ج».
وقال الفخر الرازي ـ رحمهالله ـ في تفسيره : ٣ / ٢٢١ «أما قوله : (عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) فقيل : في ملك سليمان عن ابن جريج ، وقيل : على عهد ملك سليمان.
والأقرب أن يكون المراد : واتبعوا ما تتلوا الشياطين افتراء على ملك سليمان ، لأنهم كانوا يقرءون من كتب السحر ويقولون : إن سليمان إنما وجد ذلك الملك بسبب هذا العلم ، فكانت تلاوتهم لتلك الكتب كالافتراء على ملك سليمان».
(٦) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٥٩ ، وفي تهذيب اللّغة للأزهري : ١٤ / ٢٩٦ : «جماع معنى الفتنة في كلام العرب الابتلاء والامتحان وأصلها مأخوذ من قولك : فتنت الفضّة والذهب إذا أذبتهما بالنار ليتميز الرديء من الجيّد ...».
وانظر لسان العرب : ١٣ / ٣١٧ (فتن).
(٧) عن نسخة «ج».
(٨) في «ك» و «ج» : «أي اختبرته ليظهر ...».
منّا حالكم في اجتناب السحر الذي نعلم فساده والعمل به.
(فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما) : أي : مكان ما علما من تقبيح السحر.
(ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) : وذلك بالتبغيض (١) ، أو إذا سحر كفر فتبين امرأته (٢). وقيل : بالجحد في (وما [أنزل] (٣)).
وصرف ويتعلمون منهما إلى السّحر والكفر لدلالة ما تقدّم عليهما.
كقوله : (وَيَتَجَنَّبُهَا) (٤) أي : الذكرى لدلالة (سَيَذَّكَّرُ) عليها.
(بِإِذْنِ اللهِ) : بعلم الله (٥) ، أو بتخليته ، أو بفعله وإرادته ؛ لأنّ الضّرر بالسّحر وإن كان لا يرضاه عنه (٦) تعالى عند السبب الواقع من الساحر.
وقال : (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) مع قوله : (وَلَقَدْ عَلِمُوا) ؛ لأنه في فريق
__________________
(١) تفسير الطبري : ٢ / ٤٤٧ عن قتادة.
(٢) تفسير الفخر الرازي : ٣ / ٢٣٩.
(٣) عن نسخة «ك» و «ج».
(٤) سورة الأعلى : الآيتان : (١٠ ، ١١).
(٥) قال الطبري ـ رحمهالله تعالى ـ في تفسيره : ٢ / ٤٤٩ : «ول «الإذن» في كلام العرب أوجه منها :
ـ الأمر على غير وجه الإلزام. وغير جائز أن يكون منه قوله : (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) لأن الله جل ثناؤه قد حرّم التفريق بين المرء وحليلته بغير سحر ـ فكيف به على وجه السحر؟ ـ على لسان الأمة.
ـ ومنها : التخلية بين المأذون له ، والمخلّى بينه وبينه.
ـ ومنها العلم بالشيء ، يقال منه : «قد أذنت بهذا الأمر» إذا علمت به ... وهذا هو معنى الآية ، كأنه قال جل ثناؤه : وما هم بضارين ، بالذي تعلموا من الملكين ، من أحد إلا بعلم الله ، يعني : بالذي سبق له في علم الله أنه يضره».
وانظر تفسير الماوردي : ١ / ١٤٣ ، والمحرر الوجيز : ١ / ٤٢٣ ، وتفسير الفخر الرازي : ٣ / ٢٣٩.
(٦) من المعلوم أن «رضي» يأتي لازما فيتعدى بحرف الجر «عن» نحو قولك : (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) ويأتي متعديا بنفسه نحو قوله : (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) ، وعليه تكون صحة العبارة إما أن يقال : ولا يرضى عنه تعالى ، وإما أن يقال : ولا يرضاه تعالى ، حيث لم يجر العرف اللغوي باستعمال الفعل لازما متعديا في عبارة واحدة.
عاند وفي فريق جهل ، أو لما لم يعملوا بما علموا كأنهم لم يعلموا (١).
(لَمَنِ اشْتَراهُ) : في معنى الجزاء (٢) ، وجوابه مكتفى منه بجواب القسم كقوله (٣) : (لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ).
والهاء في (اشْتَراهُ) يعود على السحر ، أي من استبدل السحر بدين الله.
والخلاق : النّصيب من الخير.
١٠٣ (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا) : محذوف الجواب ؛ لأن شرط الفعل بـ «لو» يجاب بالفعل ، ولام (لَمَثُوبَةٌ) لام الابتداء.
١٠٤ (راعِنا) : أرعنا سمعك كما نرعيك (٤) ، فنهوا عن لفظ المفاعلة ، لأنّها / للمماثلة. [٩ / ب] (انْظُرْنا) : أفهمنا ، أو انظر إلينا ، أو انتظرنا نفهم ما تعلّمنا (٥).
١٠٦ (ما نَنْسَخْ) النّسخ (٦) : رفع حكم شرعي إلى بدل منه ، كنسخ الشمس بالظل. وقيل : هو بيان مدة المصلحة ، والمصالح تختلف بالأوقات والأعيان والأحوال فكذلك الأحكام ، وهو كتصريف العالم بين السرّاء والضراء
__________________
(١) معاني القرآن للزجاج : ١ / ١٨٦.
(٢) ينظر معاني الفراء : (١ / ٦٥ ، ٦٦) ، وتفسير الطبري : ٢ / ٤٥٢.
(٣) سورة الحشر : آية : ١٢.
(٤) تفسير الطبري : ٢ / ٤٦٠. قال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٦٠ : «وكان المسلمون يقولون لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : راعنا وأرعنا سمعك ، وكان اليهود يقولون : راعنا ـ وهي بلغتهم سب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بالرّعونة ـ وينوون بها السّبّ : فأمر الله المؤمنين أن لا يقولوها : لئلا يقولها اليهود ، وأن يجعلوا مكانها (انظرنا) أي انتظرنا».
(٥) هذه الأقوال الثلاثة في تفسير الماوردي : ١ / ١٤٤. وانظر معاني الفراء : ١ / ٧٠ ، وغريب القرآن لليزيدي : ٧٨ ، وتفسير غريب القرآن : ٦٠ ، وتفسير الطبري : (٢ / ٤٦٧ ، ٤٦٨).
(٦) ينظر تعريف النسخ في معجم مقاييس اللغة : ٥ / ٤٢٤ ، والإيضاح لمكي : ٤٩ ، والمفردات للراغب : ٤٩٠ ، ونواسخ القرآن لابن الجوزي : ٩٠ ، والبرهان للزركشي : ٢ / ٢٩ ، واللسان : ٣ / ٦١ (نسخ).
لمصالح الخلق.
(أَوْ نُنْسِها) : نتركها فلا ننسخها (١) ، أو ننسها من قلوب الحافظين (٢) وننسأها (٣) : نؤخرها (٤) ، نسأته وأنساته.
(نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها) : في التخفيف أو في المصلحة (٥).
١٠٨ (أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى) سألت قريش تحويل الصفا ذهبا (٦).
١٠٩ (فَاعْفُوا) : فاتركوهم ، (وَاصْفَحُوا) : اعرضوا بصفحة وجوهكم (٧)
__________________
(١) ورد هذا المعنى في أثر أخرجه الطبري في تفسيره : ٢ / ٤٧٦ عن ابن عباس رضياللهعنهما ، وعن السّدّي ، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره : ١ / ٣٣٦ (سورة البقرة) ، والبيهقي في الأسماء والصفات : (١ / ٣٦٢ ، ٣٦٣) عن ابن عباس.
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ١ / ٢٥٥ وزاد نسبته إلى ابن المنذر عن ابن عباس أيضا.
(٢) ينظر معاني الفراء : (١ / ٦٤ ، ٦٥) ، وتفسير الطبري : (٢ / ٤٧٤ ، ٤٧٥).
(٣) ننسأها ـ بفتح النون الأولى وأخرى بعدها ساكنة وسين مفتوحة بعدها ألف مهموزة ـ قراءة سبعية قرأ بها أبو عمرو وابن كثير ، ونسبت إلى عمر بن الخطاب رضياللهعنه ، وابن عباس ، وعطاء بن أبي رباح ومجاهد ، وإبراهيم النخعي ، وعبيد بن عمير.
ينظر السبعة لابن مجاهد : ١٦٨ ، والتبصرة لمكي : ١٥٣ ، والتيسير للداني : ٧٦ ، والبحر المحيط : ١ / ٣٤٣ ، ومعجم القراءات : ١ / ٩٩.
(٤) معاني الفراء : ١ / ٦٥ ، وغريب القرآن لليزيدي : ٧٩ ، وتفسير الطبري : ٢ / ٤٧٧ ، ومعاني الزجاج : ١ / ١٩٠ ، والمحرر الوجيز : ١ / ٤٣٦.
(٥) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٦١ ، وأخرج الطبري في تفسيره : ٢ / ٤٨١ ، والبيهقي في الأسماء والصفات : ١ / ٣٦٢ عن ابن عباس رضياللهعنهما : (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها) يقول : خير لكم في المنفعة وأرفق بكم».
(٦) أخرجه الطبريّ في تفسيره : (٢ / ٤٩٠ ، ٤٩١) عن مجاهد ، ونقله الواحدي في أسباب النزول : ٧٠ عن ابن عباس رضياللهعنهما.
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ١ / ٢٦١ ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٧) قال الأزهري في التهذيب : ٤ / ٢٥٦ : «وصفح كل شيء : وجهه وناحيته ... ، ويقال : صفح فلان عني أي أعرض بوجهه وولاني وجه قفاه ... يقال : صفح عن فلان أي أعرض عنه موليّا».
كما جاء الإعراض في الإقبال بعرض الوجه.
١١١ (هُوداً) : يهودا ، أسقطت الياء الزائدة (١) ، أو جمع هائد ، كحول وحائل (٢) [والحايل ولد الناقة] (٣).
١١٢ (بَلى مَنْ أَسْلَمَ) : «بلى» جواب جحد أو استفهام مقدّر ، كأنه قيل : ما يدخل الجنّة أحد ، فيقال : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ) ، أو قيل : أما يدخل الجنّة أحد؟.
و (أَسْلَمَ) : أخلص (٤) كقوله تعالى (٥) : (وَرَجُلاً سَلَماً).
(وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) مع قوله : (فَلَهُ أَجْرُهُ) : ليعلم أنهم على يقين لا على رجاء يخاف معه.
١١٧ (بَدِيعُ السَّماواتِ) : أبلغ من مبدعها ؛ لأنه صفة يستحقها في غير حال الفعل على معنى القدرة على الإبداع (٦).
__________________
(١) معاني الفراء : ١ / ٧٣ ، تفسير الطبري : ٢ / ٥٧١.
ونقل مكي في مشكل إعراب القرآن : ١٠٩ هذا القول عن الفراء ، وقال : «ولا قياس يعضد هذا القول».
وقال العكبري في التبيان : ١ / ١٠٥ : «وهو بعيد جدا».
(٢) في اللسان : ٣ / ٤٣٩ : «الهود : التوبة ، هاد يهود هودا وتهوّد : تاب ورجع إلى الحق ، فهو هائد. وقوم هود. مثل حائك وحوك وبازل وبزل».
وانظر معاني الفراء : ١ / ٧٣ ، وتفسير الطبري : ٢ / ٥٠٧ ، ومعاني الزجاج : ١ / ١٩٤.
(٣) عن نسخة «ج».
(٤) ينظر تفسير الطبريّ : ٢ / ٥١٠ ، وتفسير البغوي : ١ / ١٠٦ ، وزاد المسير : ١ / ١٣٣ ، وتفسير القرطبي : ٢ / ٧٥ ، والبحر المحيط : ١ / ٣٥٢.
(٥) سورة الزمر : آية : ٢٩.
والقراءة التي أوردها المؤلف لابن كثير وأبي عمرو من القراء السبعة ، ونسبت أيضا إلى ابن عباس ، وابن مسعود ، ومجاهد ، والحسن ، وعكرمة ، وقتادة ، والزهري رضياللهعنهم أجمعين.
ينظر السبعة لابن مجاهد : ٥٦٢ ، والتبصرة لمكي : ٣١٤ ، وتفسير الفخر الرازي : ٢٦ / ٢٧٧ ، والبحر المحيط : ٧ / ٤٢٤ ، ومعجم القراءات : (٦ / ١٥ ، ١٦).
(٦) تفسير الفخر الرازي : ٤ / ٢٧.
١١٥ (فَأَيْنَما تُوَلُّوا) : في سفر ، صلّوا بالتحري في ليلة مظلمة لغير القبلة (١).
وقيل (٢) : في صلاة السّفر راكبا ، وصلاة الخوف إذا تزاحفوا وتسابقوا (٣).
(فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) : أي : الاتجاه إلى الله ، أي : وجه عبادة الله.
١١٦ (قانِتُونَ) : دائمون تحت تدبيره وتقديره.
١١٧ (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) : يجوز حقيقة أمر ، وأنّ ما يحدثه الله عن إبداع واختراع ، أو يخلقه على توليد وترتيب بأمره (٤) وقوله : (كُنْ) ، ويكون (٥) ذلك علامة يعرفها (٦) الملائكة أنّ عندها يحدث خلقا ، ويجوز مثلا ، أي يطيع الكون لأمره في الحال كالشيء الذي يقال له : كن فيكون ، إذ معنى «كن» الخبر ، وإن كان اللّفظ أمرا وليس [فيكون] (٧) بجواب أمر ؛ لأن جواب الأمر غير الأمر كقولك : [١٠ / أ] زرني / فأكرمك.
وكن فيكون واحد ؛ لأن الكون الموجود هو الكون المأمور. والكسائي (٨)
__________________
وانظر تهذيب اللغة : ٢ / ٢٤١ ، واللسان : (٨ / ٦ ، ٧) (بدع).
(١) ينظر تفسير الطبري : ٢ / ٥٣١ ، وأسباب النزول للواحدي : ٧٣.
(٢) أخرج الإمام مسلم في صحيحه : ١ / ٤٨٦ ، كتاب صلاة المسافرين وقصرها ، باب «جواز صلاة النافلة على الدابة حيث توجهت» ، عن ابن عمر قال : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه. قال : وفيه نزلت : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ).
وأخرج نحوه الإمام أحمد في مسنده : ٦ / ٣٢٤ ، والطبريّ في تفسيره : ٢ / ٥٣٠.
(٣) تفسير الطبري : ٢ / ٥٣٠ ، وأسباب النزول للواحدي : ٧٣.
(٤) في «ج» : فبأمره.
(٥) في «ج» : ليكون.
(٦) في «ج» : تعرّف بها الملائكة.
(٧) عن نسخة «ج».
(٨) هو علي بن حمزة بن عبد الله الكسائي ، الكوفي ، الإمام اللّغوي النحوي المشهور ، وأحد القراء السبعة.
إنباه الرواة : ٢ / ٢٥٦ ، إشارة التعيين : ٢١٧ ، غاية النهاية : ١ / ٥٣٥.