مركز الأبحاث العقائديّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-03-4
ISBN الدورة:
الصفحات: ٦٢٣
ومنها الرقي والتعويذات ، فإنّها من القدر.
وعلى سبيل المثال : قد يقدّر الله إصابة عبد ما بمرض وداء معيّن ، إذا لم يعوّذ بمعوذة معيّنة وخاصّة ، كما أنّ الدواء يمنع كثير من الأمراض والعلل ، فكما أنّ الدواء من القدر ، فكذا الرقيّ والتعويذات لا فرق بينها.
( كميل ـ عمان ـ ٢٢ سنة. طالب جامعة )
عدم الرضا عن القتل يعود إلى فعل العبد :
س : كيف نوفّق بين عدم الرضا عن الظلم ، وبين الرضا بقضاء الله وقدره ، مثلاً إذا قتل رجل ظلماً ، هل علينا عدم الرضا عن القتل؟ أم نرضى بموته ، لأنّ موته كان بقضاء وقدر؟
ج : إنّ هذه المسألة تعود إلى مسألة الجبر والتفويض ، وذلك أنّ العبد فاعل ما به الوجود ، والله تعالى فاعل ما منه الوجود ، فمن ناحية فاعل ما به الوجود لا جبر ، ومن ناحية فاعل ما منه الوجود لا تفويض ، فيصحّ في العقل ما جاء في الأثر عن أهل البيت عليهالسلام : ( لا جبر ولا تفويض ، ولكن أمر بين أمرين ) (١).
وفي المثال الذي ذكرتموه ، يجب عدم الرضا عن القتل ، لأنّه يعود إلى فعل العبد الذي عبّرنا عنه أنّه فاعل ما به الوجود ، والرضا بموته ؛ لأنّه يعود إلى فعل الله الذي عبّرنا عنه أنّه فاعل ما منه الوجود ، إذ لو انقطع فيض الله عن العبد لحظة واحدة لانعدم العبد ، وانعدمت أفعاله.
( زهرة المصطفى ـ البحرين ـ .... )
القضاء المحتوم والموقوف :
س : من المعروف أنّ للقضاء نوعان : المحتوم والموقوف ، فكيف يمكننا أن
____________
١ ـ الكافي ١ / ١٦٠.
نوفّق بين القضاء المحتوم ، وتخيير الإنسان في أعماله؟ وجزاكم الله خيراً.
ج : إنّ القضاء المحتوم في الأعمّ الأغلب هو القواعد والقوانين التكوينيّة السائدة في الكون ، وفي عالم الخلق ، فلا معنى لتعريف تخيير إرادة الإنسان فيها ، إذ هي خارجة عن متناول يده ذاتاً.
ومن جانب آخر : أنّ التخيير في الإنسان لا يكون في جميع أجزاء الكون والوجود ، بل له نطاق محدّد ، وعليه فخارج هذه الحوزة لا يشمله اختيار الفرد ، فمثلاً القوانين والنواميس الثابتة الإلهيّة ، لا تكون تحت تصرّف الإنسان حتّى يفترض فيها تخييره.
ومجمل الكلام في حدود خيارات الفرد هو : أنّ ما كان ضروريّاً بالنسبة لرقيّ وتكامل الإنسان يكون على العموم من موارد تخييره ، وما كان خارجاً عن تخطيطه ومتناول يده ، يكون قضاءاً حتميّاً بالنسبة إليه.
( علي موسى ـ البحرين ـ .... )
الفرق بين القضاء والقدر :
س : ما الفرق بين القضاء والقدر باختصار؟ وشكراً.
ج : إنّ القدر هو عبارة عن تقدير وجود الشيء وكيفيته ، وتعيين حدوده وخصوصيّاته التي يوجد عليها ، كالخيّاط يقدّر الثوب قبل أن يخيطه.
والقضاء : عبارة عن ضرورة وجود الشيء في ظرفه الخاصّ ، عند تحقّق جميع الأسباب والشرائط التي يتوقّف عليها.
فالتقدير هندسة الشيء ، والقضاء هو البت بلزوم تحقّق تلك الهندسة.
ولا يلزم من القضاء والقدر أن يكون الإنسان مجبراً في فعله ، باعتبار كون الأفعال مقدّرة ومقضية من الله تعالى ؛ وذلك لأنّ من ضمن الشرائط الدخيلة في تقدير الشيء والقضاء به ، هي اختيارية الإنسان وإرادته ، فالله قدّر الفعل وقضى به ، لكن من ضمن حدود الشيء وخصوصيّاته ، أن يكون مقدوراً وباختياره.
ورد في الكافي قال : كان أمير المؤمنين جالساً بالكوفة بعد منصرفه من صفّين ، إذ اقبل شيخ فجثا بين يديه ، ثمّ قال له : يا أمير المؤمنين ، أخبرنا عن مسيرنا إلى أهل الشام ، أبقضاء من الله وقدر؟
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : ( أجل يا شيخ ، ما علوتم تلعة ، ولا هبطتم بطن وادٍ ، إلاّ بقضاء من الله وقدر ) ، فقال له الشيخ : عند الله احتسب عنائي يا أمير المؤمنين! فقال عليهالسلام : ( مه يا شيخ ، فو الله لقد عظم الله الأجر في مسيركم وأنتم سائرون ، وفي مقامكم وأنتم مقيمون ، وفي منصرفكم وأنتم منصرفون ، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ، ولا إليه مضطرين ).
فقال له الشيخ : وكيف لم نكن في شيء من حالاتنا مكرهين ، ولا إليه مضطرّين ، وكان بالقضاء والقدر مسيرنا ، ومنقلبنا ، ومنصرفنا؟
فقال له : ( وتظنّ أنّه كان قضاء حتماً وقدراً لازماً ، إنّه لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب ، والأمر والنهي والزجر من الله ، وسقط معنى الوعد والوعيد ، فلم تكن لائمة للمذنب ، ولا محمّدة للمحسن ، ولكان المذنب أولى بالإحسان من المحسن ، ولكان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب! تلك مقالة أخوان عبدة الأوثان ، وخصماء الرحمن ، وحزب الشيطان ، وقدرية هذه الأُمّة ومجوسها ، إنّ الله تبارك وتعالى كلّف تخييراً ، ونهى تحذيراً ، وأعطى على القليل كثيراً ، ولم يعص مغلوباً ، ولم يطع مكرهاً ، ولم يملك مفوّضاًَ ، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً ، ولم يبعث النبيّين مبشّرين ومنذرين عبثاً ، ذلك ظنّ الذين كفروا ، فويل للذين كفروا من النار ) (١).
فبيّن عليهالسلام أنّ القضاء والقدر لا ينافي اختيارية الإنسان ، وأنّه ليس مجبراً ، لأنّ الأفعال الإنسانية لا تخرج عن دائرة علم الله سبحانه ، ومع ذلك فالإنسان مختار فيما يفعل.
____________
١ ـ الكافي ١ / ١٥٥.
( عبد الله ـ الكويت ـ ٢٨ سنة ـ خرّيج ثانوية )
التخيير والتسيير :
س : تحية طيّبة وبعد ، أنّي تتبعت موضوع القضاء والقدر ، ولكن وجدت إجابات مختلفة في الموضوع ، فما الفرق بين القضاء والقدر؟ ومسيّر أو مخيّر؟ وكانت الإجابة : أنّ الإنسان مخيّر لا مسيّر ، وكذلك وجدت إجابة : أنّ الإنسان ما بين البينين ، وكانت تحت معنى آخر ، وهو الجبر والتفويض.
وسؤالي : هل يوجد فرق بالمعنى والفهم بين مسيّر ومخيّر؟ والجبر والتفويض؟
ج : إنّ معنى القدر هو : الحدّ والمقدار ، قال ابن فارس : القدر هو حدّ كلّ شيء ومقداره وقيمته وثمنه.
وقال الراغب : القدر والتقدير : تبيين كمّية الشيء.
وأمّا القضاء : قال ابن فارس : القضاء أصل صحيح يدلّ على أحكام أمر وإتقانه وإنفاذه لجهته.
قال الإمام الرضا عليهالسلام : ( القدر هي الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء ، والقضاء هو الإبرام وإقامة العين ) (١).
والقضاء والقدر كلاهما عينيّ وعلميّ :
فالعينيّ : يمثّل كيفية الخلقة وشعبها ، والخلق من مراتب التوحيد ، وهو التوحيد في الخالقية ، وأنّه ليس على صفحة الوجود خالق مستقلّ سواه.
وكون التقدير والقضاء العينيّين منه سبحانه ، لا يلازم كون الإنسان مسلوب الاختيار ، لأنّ المفروض أنَّ الحرّية والاختيار من الخصوصيّات الموجودة في الإنسان.
فالله سبحانه قدَّر وجود الإنسان بخصوصيّات كثيرة ، منها كونه فاعلاً بالاختيار.
____________
١ ـ الكافي ١ / ١٥٨.
وأمّا القضاء والقدر العلميّان : وهذه هي المزلقة الكبرى للسطحيين الذين مالوا إلى الجبر.
وبيانه : أنّ علمه سبحانه لم يتعلّق بصدور أيّ أثر من مؤثّره على أيّ وجه اتفق ، وإنّما تعلّق علمه بصدور الآثار عن العلل ، مع الخصوصية الكامنة في نفس تلك العلل.
فإن كانت العلّة علّة طبيعية فاقدة للشعور والاختيار ، كصدور الحرارة عن النار ، أو واجدة للعلم فاقدة للاختيار ، كصدور الارتعاش في الإنسان المرتعش ، فتعلّق علمه سبحانه بصدور فعلها وأثرها عنها بهذه الخصوصيّات.
أمّا لو كانت العلّة عالمة وشاعرة ومريدة ومختارة ، كالإنسان فقد تعلّق علمه سبحانه على صدور أفعالها منها بتلك الخصوصيّات ، وانصباغ فعلها بصبغة الاختيار والحرّية ، فلا يلزم من قضاء الله وقدره العلميّين القول بالجبر.
وقد تبيّن ممّا قدّمناه : أنّ الإيمان بالقضاء والقدر لا يجرّ إلى القول بالجبر قطعاً.
وأمّا سؤالك عن الفرق بين معنى التسيير والتخيير ، ومعنى الجبر والتفويض ، فإنّ التسيير بمعنى الجبر ، والتخيير يعني أنّ الإنسان مخيّر في فعله غير مجبور ، والتفويض يعني أنّ الله فوّض أفعال الإنسان للإنسان ولا دخل له بها ، ونحن نقول : أنّه لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين ، كما أوضح ذلك أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ، والمراد من ذلك الأمر هو نفس معنى ( وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) (١).
وكذلك قولنا : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله ، وببساطة نقول : أنّ المسبّب لأفعالنا والذي يعطينا الحول والقوّة والقدرة على فعل ما نشاء هو الله سبحانه ، وبشكل متواصل ومستمر ، ولو شاء قطع ذلك بإرادته ، ولما استطعنا فعل شيء أبداً ،
____________
١ ـ التكوير : ٢٩.
فتكون مشيئتنا وإرادتنا تابعة لمشيئة الله وإرادته ، وكذا حولنا وقوّتنا تابعة لاستمرار عطاء الله تعالى وتقديره لنا فعل ما نريد ، فلو شاء أعطى وأقدر ، ولو شاء منع وأعجز.
وأمّا الفاعل المباشر المختار فهو الإنسان الفقير ، الذي يمدّه الله تعالى بالحول والقوّة لفعل ما يريد ، ولكن بمشيئة الله تعالى ، لأنّ الله تعالى هو المعطي ويستطيع المنع في أيّ آن من الآنات التي يشاء ، فنبقى محتاجين فقراء لعطاء الله دائماً ، لا كما قال المفوّضة من أنّ الإنسان مستقلّ بفعله. ولا ما قاله المجبّرة من أنّ الإنسان مجبور على فعله غير مخيّر ؛ إذ يلزم على الأوّل عدم سعة قدرته ، وعلى الثاني قبح عقابه على المعصية.
( فاطمة راشد عبد الكريم ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ توجيهي )
الشقاوة والسعادة مع اختيارية الإنسان :
س : ما معنى العبارة التالية في العقيدة الإسلاميّة : ( السعيد سعيد في بطن أُمّه ، والشقيّ شقيّ في بطن أُمّه ) (١)؟ وكيف تتناسب هذه العبارة واختيارية الإنسان وعدم إجباره؟ وشاكرين لكم حسن تعاونكم معنا ، وجزاكم الله خيراً.
ج : إنّ هذا الحديث وإن ورد في بعض المصادر المعتبرة لدى الإمامية ، إلاّ أنّه قد رفضه بعض الأجلاّء مثل بهاء الدين العامليّ قدسسره ، ونسبه إلى الوضع ، إلاّ أنّه لو ثبت ففي ضوء الأدلّة التي تحتّم علينا الالتزام بأنّ لا جبر ولا تفويض والأمر بين الأمرين توضيح هذا الحديث بنحوٍ لا يتنافى مع هذا المبدأ ، وقد قيل في ذلك شيء كثير.
ويمكن أن يفسّر بأنّ الحديث يكشف عن أنّ من يسعد في عمله وعقيدته
____________
١ ـ شرح أُصول الكافي ١ / ٢٣٥.
بعد الولادة ، وبلوغه حدّ التكليف ، معلوم لله سبحانه ، كما أنّ من يشقى باختياره فساد العقيدة والعمل معلوم لله سبحانه أيضاً ، ومعلوم أنّ العلم لا يكون علّة للمعلوم ؛ لأنّه كاشف وغير مؤثّر وتابع وليس متبوعاً ، فعلمك بأنّك تموت يوماً ما جزماً ويموت جميع من على الأرض يوماً من الأيّام ، ليس يعني أنّك بعلمك قاتل لهم ، هذا هو أبرز التفاسير وأحسنها ، وقلنا هناك تفاسير أُخرى ، والله ولي التوفيق.
وبناء على ظاهر النصّ المقتضي تحقّق الشقاوة ، والإنسان جنين في رحم أُمّه ، فإنّ أُريد الشقاوة الدنيوية من الصحّة والمرضية البدنية والنفسية ، والفقر والغنى ، فهي إمّا من تقدير الله سبحانه ابتلاءً منه للعباد حسب اقتضاء الحكمة البالغة ، التي لا تصل إليها ادراكات عقولنا ، وإمّا بعض منها بفعل الأباء والأُمهات ، ومعنى الشقاوة التعب والمشقّة ، التي يبتلى بها الناس. وإن أُريد بها الشقاوة الأُخروية ، فالمراد بها ما يؤول إليه أمر الجنين نتيجة سوء التصرّف منه ، ومن الأبوين كأن يكون ابن زنى ، وهو على هذا جناية أبويه ، فيكون معظم وزره عليهما ، مثل من كان سبباً لضلال أحد.
( نوفل ـ المغرب ـ ٢٦ سنة )
فعلنا بإرادتنا وبقدرة من الله :
س : هل الإنسان بإرادته هو الفاعل؟ أم الله هو خالق الإرادة ، والإنسان متروك له حرّية الاختيار؟ ( وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) ، وشكراً جزيلاً.
ج : إنّ أصحاب المناهج الفكرية في مسألة أفعال الإنسان ، اعتقدوا بأنّ الأمر ينحصر في القول بالجبر أو التفويض ، وأنّه ليس هناك طريق ثالث يسلكه الإنسان الباحث لتفسير أفعال العباد ، فقد كان الجنوح إلى الجبر في العصور الأُولى لأجل التحفّظ على التوحيد الأفعالي ، وأنّه لا خالق إلاّ هو ، كما أنّ الانحياز إلى التفويض كان لغاية التحفّظ على عدله سبحانه.
فالأشاعرة جنحوا إلى الجبر حرصاً على الأصل الأوّل ، والمعتزلة إلى الثاني حرصاً على أصل العدل ، وكلا الطرفين غفل عن نظرية ثالثة يوافقها العقل ويدعمها الكتاب والسنّة ، وفيها الحفاظ على كلّ من أصلي التوحيد والعدل ، مع نزاهتها عن مضاعفات القولين ، فإنّ في القول بالجبر بطلان البعث والتكليف ، وفي القول بالتفويض الثنوية والشرك.
فهذه النظرية الثالثة هي مذهب الأمر بين الأمرين ، الذي لم يزل أئمّة أهل البيت عليهالسلام يحثّون عليه ، وخلاصة هذا المذهب :
أنّ أفعالنا من جهة هي أفعالنا حقيقة ، ونحن أسبابها الطبيعية ، وهي تحت قدرتنا واختيارنا ، ومن جهة أُخرى هي مقدورة لله تعالى ، وداخلة في سلطانه ، لأنّه هو مفيض الوجود ومعطيه ، فلم يجبرنا على أفعالنا حتّى يكون قد ظلمنا في عقابنا على المعاصي ، لأنّ لنا القدرة والاختيار فيما نفعل ، ولم يفوّض لنا خلق أفعالنا حتّى يكون قد أخرجها عن سلطانه ، بل له الخلق والحكم والأمر ، وهو قادر على كلّ شيء ومحيط بالعباد.
وهذا بحث دقيق شريف ينبغي الاطلاع عليه ، وللتوسعة يراجع كتاب الإلهيّات للشيخ السبحانيّ ، بحث مناهج الاختيار ، وكتاب عقائد الإمامية للشيخ المظفّر قدسسره.
أمّا آية ( وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) (١) ، فالظاهر من السياق أنّ ( ما ) موصولة بقرينة قوله تعالى : ( قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ ) (٢) ، ويكون معنى الآية : أتعبدون الأصنام التي تنحتونها ، والله خلقكم أيّها العبدة والأصنام التي تعملونها.
فتتمّ الحجّة على المشركين بأنّهم ومعبوداتهم مخلوقات لله سبحانه ، فلا
____________
١ ـ الصافّات : ٩٦.
٢ ـ الصافّات : ٩٥.
وجه لترك عبادة الخالق وعبادة المخلوق ، أمّا لو قلنا بأن ( ما ) في الآية مصدرية ، فتفقد الآية الثانية صلتها بالأُولى ، ويكون مفاد الآيتين : أتعبدون الأصنام التي تنحتونها والله خلقكم أيّها العبدة وخلق أعمالكم وأفعالكم؟
والحال أنّه ليس لعملهم صلة بعبادة ما ينحتونه ، ولو قلنا بذلك لتمّت الحجّة لغير صالح نبيّ الله إبراهيم عليهالسلام ولانقلبت عليه ، إذ عندئذ ينفتح لهم باب العذر بحجّة أنّه لو كان الله سبحانه هو الخالق لأعمالنا ، فلماذا توبّخنا وتنددنا بعبادتنا إيّاهم.
( حيدر عبد الأمير ـ العراق ـ .... )
التقدير العلميّ والعينيّ :
س : أرجو مساعدتي في التمييز بين القضاء والتقدير الإلهيّ ، وما سواها من حوادث الأُمور ، التي ينبغي فيها للمؤمن أن لا يستسلم ، ولا يتنازل عن أبسط حقوقه.
وأعني هل يجب على المؤمن أن يصبر دائماً ، ويرضى بما يحصل عليه ويعتبره تقديراً إلهيّاً؟ ويحقّ له أن يفعل كلّ ما يضمن له استحقاقاته.
أرجو إرشادي إلى أحد المصادر المفصّلة ، وحفظكم الله.
ج : لقد أوضح أهل البيت عليهالسلام المراد من القضاء والقدر ، فعن الإمام الرضا عليهالسلام قال : ( القدر هي الهندسة ، ووضع الحدود من البقاء والفناء ، والقضاء هو الإبرام وإقامة العين ) (١) ، وقال الإمام الكاظم عليهالسلام ـ بعد سؤاله عن معنى قضى ـ : ( إذا قضى أمضاه ، فذلك الذي لا مردّ له ) (٢).
وقد قسّم التقدير والقضاء على قسمين : علميّ وعينيّ :
وحاصل التقدير العينيّ : أنّ الموجودات الإمكانية على صنفين! موجود مجرّد
____________
١ ـ الكافي ١ / ١٥٨.
٢ ـ المصدر السابق ١ / ١٥٠.
عن المادّة والزمان والمكان ، فقدره هو ماهيته التي يتحدّد بها وجوده ، وموجود مادّيّ خلق في إطار الزمان والمكان ، فقدره عبارة عن جميع خصائصه الزمانية والمكانية والكيفية والكمّية.
وأمّا القضاء فهو عبارة عن الضرورة التي تحف وجود الشيء بتحقيق علّته التامّة ، بحيث يكون وجوده ضرورياً مقطوعاً به من ناحية علّته الوجودية ، وعلى ذلك فكلّ ما في الكون لا يتحقّق إلاّ بقضاء وقدر ، فتقديره تحديد الأشياء الموجودة فيه من حيث وجودها ، وآثار وجودها ، وخصوصيّات كونها ، أي العلل والشرائط.
وأمّا قضاؤه ، فلمّا كانت الحوادث في وجودها وتحقّقها منتهية إليه سبحانه ، فما لم يتمّ لها العلل والشرائط الموجبة لوجودها ، فإنّها تبقى على حال التردد بين الوقوع واللاوقوع ، فإذا تمّت عللها وعامّة شرائطها ، ولم يبق لها إلاّ أن توجد كان ذلك في الله قضاءه ، وفصلاً لها من الجانب الآخر ، وقطعاً للإبهام.
ثمّ إنّ كون التقدير والقضاء العينيّين منه سبحانه لا يلازم كون الإنسان مسلوب الاختيار ، لأنّ المفروض أنّ الحرّية والاختيار من الخصوصيّات الموجودة فيه ، كما أنّه سبحانه إذا قضى بأفعال الإنسان ، فإنّما قضى على صدورها منه عن طريق المبادئ الموجودة فيه التي منها الحرّية والاختيار.
وإنّ السنن الإلهيّة الواردة في الكتاب والسنّة ، أو التي كشف عنها الإنسان عبر ممارساته وتجاربه كلّها من تقديره وقضائه سبحانه ، والإنسان تجاه هذه النواميس والسنن حرّ مختار ، فعلى أيّة واحدة منها طبّق حياته يرى نتيجة عمله.
فالشاب مثلاً الذي يبدأ حياته بإمكاناته الحرّة ، وأعصابه المتماسكة ، وذكائه المعتدل ، فإمّا أن يصرف تلك المواهب في سبيل تحصيل العلوم والفنون والكسب والتجارة ، فمصيره وتقديره هي الحياة السعيدة الرغيدة ، وإمّا أن
يسئ الاستفادة من رصيده المادّي والمعنوي ، ويصرفه في الشهوات واللذّات الزائدة ، فتقديره هو الحياة الشقية المظلمة.
والتقديران كلاهما من الله تعالى ، والشاب حرّ في اختيار أحد الطريقين ، والنتيجة التي تعود إليه بقضاء الله وقدره ، كما أنّ له أن يرجع أثناء الطريق ، فيختار بنفسه تقديراً آخر ويغيّر مصيره ، وهذا أيضاً يكون من تقدير الله تعالى ، فإنّه هو الذي خلقنا وخيّرنا وقدّرنا على الرجوع ، وفتح لنا باب التوبة.
ومثال آخر : المريض الذي يقع طريح الفراش ، أمامه تقديران : إمّا أن يعالج نفسه فيشفى ، أو يهمل نفسه فيستمر المرض به. والتقديران كلاهما من الله تعالى ، والمريض حرّ في اختيار سلوك أيّ الطريقين شاء. وأنت إذا نظرت إلى الكون والمجتمع والحياة الإنسانية تقدر على تمييز عشرات من هذه السنن السائدة ، وتعرف أنّها كلّها من تقاديره سبحانه ، والإنسان حرّ في اختيار واحد منها ، ولأجل ذلك يقول رسول الله صلىاللهعليهوآله : ( خمسة لا يستجاب لهم : رجل ... ، ورجل مرّ بحائط مائل وهو يقبل إليه ، ولم يسرع المشي حتّى سقط عليه ... ) (١).
والسرّ في عدم استجابة دعائه واضح ؛ لأنّ تقديره سبحانه وقضاءه على الإنسان الذي لا يقوم من تحت ذلك الجدار المائل هو الموت ، وبذلك تقف على مغزى ما روي عن علي عليهالسلام عندما عدل من حائط مائل إلى حائط آخر ، فقيل له : يا أمير المؤمنين أتفرّ من قضاء الله؟ فقال عليهالسلام : ( أَفِرُّ من قضاء الله إلى قدر الله عزّ وجلّ ) (٢).
يعني أنّ ذلك باختياري ، فإن شئت بقيت في هذا القضاء ، وإن شئت مضيت إلى قدر آخر ، فإن بقيت أقتل بقضاء الله ، وإن عدلت أبقى بتقدير منه سبحانه ، ولكلّ تقدير مصير ، فأيّهما فعلت فقد اخترت ذلك المصير.
وأمّا القضاء والقدر العلميّ ، فالتقدير منه : هو علمه سبحانه بما تكون
____________
١ ـ الخصال : ٢٩٩.
٢ ـ التوحيد : ٣٦٩.
عليه الأشياء كلّها من حدود وخصوصيّات ، والقضاء منه : علمه سبحانه بحتمية وجود تلك الأشياء وعللها ومبادئها ، والقضاء والقدر العلميّ لا يستلزم وجود الجبر في الأفعال الاختيارية للعباد ، وذلك لأنّ علمه سبحانه تعلّق بصدور الآثار عن العلل مع الخصوصية الكافية في نفس تلك العلل ، ومن تلك الخصوصيّات الاختيار عند الإنسان ، ولمزيد من التفصيل راجع كتاب الإلهيّات للشيخ جعفر السبحانيّ.
الجفر :
( عبد الله الحمد ........ )
علمه من مختصّات الأئمّة :
س : أُودّ لو أعلم هل عندكم علم الجفر للإمام الصادق؟ وشكراً.
ج : الجفر الذي أنتم بصدده ليس موجوداً عندنا ، ولا عند أيّ شخص ، بل هو من مختصّات الأئمّة عليهمالسلام يتوارثونه ، وهو الآن عند الإمام الحجّة المنتظر عليهالسلام ، يظهره عند ظهوره عليهالسلام.
وللمزيد من المعلومات عن الجفر ، ننقل لكم بعض ما روي عن أهل البيت عليهالسلام في التعريف به :
١ ـ عن علي بن سعيد قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : ( أمّا قوله في الجفر إنّما هو جلد ثور مدبوغ كالجراب ، فيه كتب وعلم ما يحتاج إليه الناس إلى يوم القيامة من حلال أو حرام ، إملاء رسول الله صلىاللهعليهوآله وخطّ علي عليهالسلام (١).
٢ ـ عن أبي مريم قال : قال لي أبو جعفر عليهالسلام : ( عندنا الجامعة ، وهي سبعون ذراعاً ، فيها كلّ شيء حتّى أرش الخدش ، إملاء رسول الله صلىاللهعليهوآله وخطّ علي عليهالسلام ، وعندنا الجفر ، وهو أديم عكاظيّ ، قد كتب فيه حتّى ملئت أكارعه ، فيه ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة ) (٢).
٣ ـ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : ذكروا ولد الحسن
____________
١ ـ بصائر الدرجات : ١٨١.
٢ ـ المصدر السابق : ١٨٠.
فذكروا الجفر ، فقال : ( والله إنّ عندي لجلدي ماعز وضأن ، إملاء رسول الله صلىاللهعليهوآله وخطّه علي عليهالسلام بيده ، عندي لجلد سبعين ذراعاً ، إملاء رسول الله صلىاللهعليهوآله وخطّه علي عليهالسلام بيده ، وإنّ فيه لجميع ما يحتاج إليه الناس حتّى أرش الخدش ) (١).
٤ ـ عن علي بن الحسين عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إنّ عبد الله بن الحسن يزعم أنّه ليس عنده من العلم إلاّ ما عند الناس ، فقال : ( صدق والله عبد الله ابن الحسن ، ما عنده من العلم إلاّ ما عند الناس ، ولكن عندنا والله الجامعة ، فيها الحلال والحرام ، وعندنا الجفر ، أيدري عبد الله بن الحسن ما الجفر؟ مسك بعير أم مسك شاة؟ وعندنا مصحف فاطمة ، أما والله ما فيه حرف من القرآن ، ولكنّه إملاء رسول الله ، وخطّ علي ، كيف يصنع عبد الله إذا جاء الناس من كلّ أُفق يسألونه ) (٢).
ومن أراد المزيد حول موضوع الجفر فاليراجع كتاب ( حقيقة الجفر ) لأكرم بركات العامليّ ، تقديم العلامة السيّد جعفر مرتضى العامليّ.
( عمّار ـ الكويت ـ .... )
مضمونه :
س : بارك الله في جهودكم ، وشكر الله مساعيكم ، كثيراً ما اسمع عن الجفر ، فهل يمكنكم أن تذكروا لي بعض مضامينه؟ وشكراً.
ج : في مضمون الجفر أقوال كثيرة ، نذكر منها :
١ ـ إنّ في الجفر تفسير القرآن الكريم ، وما في باطنه من غرائب المعاني ، وكلّ ما يحتاج إلى علمه أتباع آل البيت عليهمالسلام ، وكلّ ما يكون إلى يوم القيامة.
____________
١ ـ المصدر السابق : ١٧٩.
٢ ـ المصدر السابق : ١٧٨.
٢ ـ إنّ في الجفر ما جرى للأولين ، وما جرى للآخرين ، وفيه اسم الله الأعظم ، وتاج آدم ، وخاتم سليمان ، وحجاب آصف.
٣ ـ إنّ الإمام علي عليهالسلام قد ذكر فيه على طريقة علم الحروف الحوادث التي تحدث إلى انقراض العالم.
٤ ـ إنّ في الجفر علم ما سيقع لأهل البيت عليهالسلام على العموم ، ولبعض الأشخاص منهم على الخصوص.
٥ ـ إنّ في الجفر مجموعة نبوءات وحكم ، ورموز وعبر.
ويستخلص من مجمل هذه الأقوال ، أنّ الجفر يتضمّن ذكر الأخبار التي ستقع حتّى انقراض العالم.
قال الإمام الباقر عليهالسلام : ( وعندنا الجفر ، وهو أديم عكاظيّ ، قد كتب فيه حتّى ملئت أكارعه ، فيه ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة ) (١).
وللمزيد راجع الكتاب الذي أشرنا إليه في الإجابة على السؤال الأوّل.
____________
١ ـ بصائر الدرجات : ١٨٠.
الجمع بين الصلاتين :
( العلي ـ ... ـ ..... )
في صحيح البخاريّ ومسلم :
س : أُريد أن تتفضّلوا عليّ بذكر الأحاديث من كتب السنّة ، التي تؤيّد ما تنتهجه الشيعة في جمع الصلوات؟
ج : لا يخفى أنّ حجّتنا التي نتعبّد فيما بيننا وبين الله تعالى في مسألة الجمع بين الصلاتين ، وفي غيرها من المسائل ، إنّما هي في صحاحنا عن أئمّتنا عليهمالسلام.
وقد نحتجّ على أهل السنّة بصحاحهم لظهورها فيما نقول ، وحسبنا منها ما قد أخرجه الشيخان في صحيحيهما ، وإليك ما أخرجه مسلم في باب الجمع بين الصلاتين في الحضر من صحيحه ، إذ قال :
( ١ ـ حدّثنا يحيى بن يحيى قال : قرأت على مالك عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله الظهر والعصر جميعاً ، والمغرب والعشاء جميعاً ، في غير خوف ولا سفر.
٢ ـ وحدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ... عن ابن عباس قال : صلّيت مع النبيّ صلىاللهعليهوآله ثمانياً جميعاً ، وسبعاً جميعاً ، قلت : يا أبا الشعثاء ، أظنّه أخّر الظهر وعجّل العصر ، وأخّر المغرب وعجّل العشاء ، قال : وأنا أظنّ ذاك.
٣ ـ وحدّثنا أبو الربيع الزهرانيّ ... عن ابن عباس : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله صلّى بالمدينة سبعاً وثمانياً ، الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
٤ ـ حدّثنا أبو الربيع الزهرانيّ ... عن عبد الله بن شقيق قال : خطبنا ابن
عباس يوماً بعد العصر حتّى غربت الشمس ، وبدت النجوم ، وجعل الناس يقولون : الصلاة الصلاة ، قال : فجاءه رجل من بني تميم لا يفتر ولا ينثني : الصلاة الصلاة ، فقال ابن عباس : أتعلّمني بالسنّة لا أُمّ لك؟
ثمّ قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله جمع بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء.
قال عبد الله بن شقيق : فحاك في صدري من ذلك شيء ، فأتيت أبا هريرة فسألته ، فصدّق مقالته.
٥ ـ وحدّثنا ابن أبي عمر ... عن عبد الله بن شقيق العقيليّ قال : قال رجل لابن عباس : الصلاة ، فسكت ، ثمّ قال : الصلاة ، فسكت ، ثمّ قال : الصلاة ، فسكت ، ثمّ قال : لا أُمّ لك أتعلّمنا بالصلاة؟ وكنّا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله.
٦ ـ حدّثنا أحمد بن يونس ... عن ابن عباس قال : صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله الظهر والعصر جميعاً بالمدينة ، في غير خوف ولا سفر.
٧ ـ وحدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ... عن ابن عباس قال : جمع رسول الله صلىاللهعليهوآله بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء بالمدينة ، في غير خوف ولا مطر ، فقيل لابن عباس : ما أراد إلى ذلك؟ قال : أراد أن لا يحرج أمّته ) (١).
هذه الصحاح صريحة في أنّ العلّة في تشريع الجمع إنّما هي التوسعة بقول مطلق على الأُمّة ، وعدم إحراجها بسبب التفريق ، رأفة بأهل الأشغال ، وهم أكثر الناس.
وإليك ما اختاره البخاريّ في صحيحه :
١ ـ حدّثنا أبو النعمان ... عن ابن عباس : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله صلّى بالمدينة سبعاً وثمانياً ، الظهر والعصر والمغرب والعشاء (٢).
____________
١ ـ صحيح مسلم ٢ / ١٥١.
٢ ـ صحيح البخاريّ ١ / ١٣٧.
٢ ـ حدّثنا آدم قال ... عن ابن عباس قال : صلّى النبيّ صلىاللهعليهوآله سبعاً جميعاً ، وثمانياً جميعاً (١).
٣ ـ عن ابن عمر وأبي أيوب وابن عباس : أن النبيّ صلىاللهعليهوآله صلّى المغرب والعشاء ـ يعني جمعهما ـ في وقت إحداهما دون الأُخرى (٢).
وهذا النزر اليسير من الجمّ الكثير من صحاح الجماعة كاف في الدلالة على ما نقول.
ويؤيّده ما عن ابن مسعود إذ قال : جمع النبيّ صلىاللهعليهوآله بين الأُولى والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، فقيل له في ذلك ، فقال : ( صنعت هذا لكي لا تحرج أُمّتي ) (٣).
والمأثور عن عبد الله بن عمر إذ قيل له : لم ترى النبيّ صلىاللهعليهوآله جمع بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء مقيماً غير مسافر؟ أنّه أجاب بقوله : لأن لا يحرج أُمّته إن جمع رجل (٤).
وبالجملة : فإنّ علماء الجمهور كافّة متصافقون على صحّة هذه الأحاديث ، وظهورها فيما نقول من الجواز مطلقاً ، فراجع ما شئت ممّا علّقوه عليها يتّضح لك ذلك ، وحسبك ما نقله النوويّ عنهم في تعليقه على هذه الأحاديث من شرحه لصحيح مسلم.
( يعقوب نور ـ الكويت ـ .... )
رسول الله أوّل من جمع بينهما :
س : لماذا نرى في المذهب الشيعيّ الجمع بين الصلاتين ، كالظهر والعصر مثلاً.
____________
١ ـ المصدر السابق ١ / ١٤٠.
٢ ـ المصدر السابق ١ / ١٤١.
٣ ـ المعجم الأوسط ٤ / ٢٥٢.
٤ ـ كنز العمّال ٨ / ٢٤٦.
ج : في الحقيقة أنّ الرسول صلىاللهعليهوآله هو أوّل من جمع بين الصلاتين في وقت واحد ، من غير ضرورة تلجئه إليه ، من سفر أو مطر أو غير ذلك ؛ والأخبار بذلك كثيرة في الصحاح الستّة ، ومسند أحمد ، وموطأ مالك ، وعلى سبيل المثال : عن ابن عباس قال : ( جمع رسول الله صلىاللهعليهوآله بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء بالمدينة ، من غير خوف ولا مطر ، قيل لابن عباس : وما أراد بذلك؟ قال : أراد أن لا يحرج أُمّته ) (١).
مضافاً إلى أنّ في الجمع تسهيلاً على المكلّفين ، فيؤدّي هذا الأمر بالمآل إلى توسيع نطاق الالتزام بالصلاة عند الكلّ.
( شهيناز ـ البحرين ـ سنّية ـ ٢٠ سنة ـ طالبة جامعة )
وجه الجمع بينهما :
س : لماذا الجمع بين الصلاتين؟ وقد أمر الله بخمس صلوات في اليوم ، مع أنّ الشيعة يعرفون هذا ، ولكنّهم اتبعوا الإمام الحسين ، مع أنّه جمع الصلاتين لأنّه كان في حرب وهذا جائز ، أمّا عندما لا يكون للمرء ظروف تستدعيه للجمع ، فعليه أن يصلّي الصلوات منفردة ، وإلاّ فما الفائدة من تسميته بصلاة العصر أو العشاء؟ إذا كنّا سنصليه في غير وقته؟
ج : إنّ الجمع بين الصلاتين لم يكن من مختصّات الشيعة وحدهم ، بل اشترك جميع المسلمين في رواية جواز الجمع بين الصلاتين ، من دون عذر ولا مطرٍ ولا سفر ، وهذه الصحاح هي دليلنا على جواز الجمع.
ولنا أن نتساءل الآن عن سبب تحريم الجمع بين الصلاتين؟ مع ما ورد في
____________
١ ـ مسند أحمد ١ / ٢٢٣ و ٣٥٤ ، صحيح مسلم ٢ / ١٥٢ ، سنن أبي داود ١ / ٢٧٢ ، سنن النسائيّ ١ / ٢٩٠ ، السنن الكبرى للبيهقيّ ٣ / ١٦٧ ، السنن الكبرى للنسائيّ ١ / ٤٩١ ، المعجم الأوسط ٥ / ١١٣ ، المعجم الكبير ١٠ / ٣٢٧ ، تاريخ بغداد ٥ / ٤٠٤ ، سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٧٥.