معالم الدين وملاذ المجتهدين - ج ٢

الشيخ حسن بن زين الدين العاملي

معالم الدين وملاذ المجتهدين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن بن زين الدين العاملي


المحقق: السيد منذر الحكيم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: باقري
الطبعة: ١
ISBN: 964-91559-5-3
الصفحات: ٥٢٠
الجزء ١ الجزء ٢

هذه المسألة بقليل (١). وعزى جماعة إلى بعض الأصحاب الموافقة للشيخ فيه.

والفرق بين التراب والجصّ غير واضح فكيف يتوجّه دعوى الإجماع على عدم حصول الطهارة بذلك؟

وربّما يظنّ أنّ استشهاد الشهيد ـ لعدم اعتبار الورود بالخبر ـ ناظر إلى الوجه الأوّل حيث إنّ الورود فيه على الماء ظاهر فهو بتقدير دلالته على حصول الطهارة بمعناها المتعارف نصّ في عدم الفرق بين ورود الماء وعدمه.

وليس هذا الظنّ ببعيد لكن يحتمل أيضا أن يكون نظره إلى الجبل بصبّ الماء على الجصّ لا يقتضي إيراد الماء على جميع أجزاء المحكوم بنجاستها ، بل أكثر الأجزاء إنّما يصيبه الماء بطريق النفوذ والترشّح ، ومثله لا يسمّى ورودا عنده كما يقتضيه كلامه. وإن كان ما حكيناه عن بعض الأصحاب يدلّ على تسمية مثله ورودا فإنّه وقع على سبيل الإنكار لظاهر كلام الشهيد.

وممّا يرجّح كون النظر في الاستشهاد بالخبر إلى هذا الاحتمال أنّ الشهيد رحمه‌الله يتحرّز من المخالفة فيما يتوهّم فيه الإجماع فضلا عن أن يدّعيه الفاضلان وقد عرفت أنّ أقلّ مراتب الإجماع الذي ذكراه أن يكون مورده الصورة التي يقع فيها الجبل بإيراد الجصّ على الماء وهي بعينها الوجه الأوّل فكيف يظنّ أنّ نظر الشهيد إليه.

تذنيب :

قال العلّامة في النهاية : مراتب إيراد الماء ثلاثة : النضح المجرّد ومع الغلبة ومع الجريان.

قال : ولا حاجة في الرشّ إلى الدرجة الثالثة قطعا. وهل يحتاج إلى

__________________

(١) المعتبر ١ : ٤٤٨.

٣٠١

الثانية؟ الأقرب ذلك. ثمّ قال : « ويفرّق الرشّ والغسل بالسيلان والتقاطر » (١).

وفي جعله الرشّ مغايرا للنضح نظر ، أشرنا إليه عمّا قريب.

ووجهه : أنّ المستفاد من كلام أهل اللغة ترادفهما. والعرف إن لم يوافقهم فليس بمخالف لهم فلا يعلم الفرق الذي استقربه من أين أخذه؟

فرع :

يكفي في غسل الإناء بالقليل أن يصبّ فيه الماء ثمّ يحرّك حتّى يستوعب ما نجس منه ثمّ يفرّغ.

ذكر ذلك كثير من الأصحاب ورواه الشيخ عن عمّار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سئل عن الكوز أو الإناء (٢) ، يكون قذرا ، كيف يغسل؟

وكم مرّة يغسل؟ قال : ثلاث مرّات يصبّ فيه ماء فيحرّك فيه ثمّ يفرّغ ذلك الماء » (٣). الحديث.

وهذه الرواية وإن كان سندها ليس بصحيح فهي مؤيّدة بالاعتبار وذلك لأنّ الغسل المأمور به يتحقّق بهذا المقدار. واعتبار الورود ليس بمناف له.

أمّا على المعنى الذي أراده الشهيد فلاستثنائه الإناء منه وتصريحه بالاكتفاء فيه بأوّل وروده وكذا على المعنى الذي حكيناه عن البعض. ولا ريب أنّ الورود في أوّل الأمر يحصل مع الصبّ. وأمّا على ما قلناه فالأمر واضح.

وذكر جماعة من الأصحاب : أنّه لو ملى‌ء الإناء ماء كفى إفراغه عن تحريكه وأنّه يكفي في التفريغ مطلقا وقوعه بآلة لكن بشرط عدم إعادتها

__________________

(١) نهاية الإحكام ١ : ٢٨٩.

(٢) في « ب » : الكوز والإناء.

(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٢٨٤ ، الحديث ٨٣٢.

٣٠٢

إلى الإناء قبل تطهيرها.

وزاد البعض اشتراط كون الإناء مثبتا بحيث يشقّ قلعه. والكلام في غير الشرطين حسن ، وأمّا فيهما فالثاني لا وجه له. والأوّل مبنيّ على نجاسة الغسالة.

مسألة [٢٦] :

ويسقط اعتبار التعدّد في الغسل إذا وقع المتنجّس في الماء الكثير سواء كان إناء أو غيره على المشهور بين الأصحاب. لكن لا بدّ في الإناء من سبق التعفير إذا كانت نجاسته من ولوغ الكلب فيه.

وخالف في ذلك الشيخ رحمه‌الله فقال : إنّ إناء الولوغ إذا وقع في الماء الكثير لم يطهر بل تحسب له (١) بذلك غسلة من جملة الغسلات المعتبرة فيه. ويتوقّف طهره على إتمام العدد (٢).

ومستند الشيخ في ذلك (٣) أنّ الأمر بالعدد متناول للقليل والكثير فلا بدّ للتخصيص من دليل (٤).

والجماعة عوّلوا في التخصيص على أنّ اللفظ إذا أطلق ينصرف إلى المعنى المتعارف المعهود (٥) وظاهر الحال أنّ المتعارف في مجال الأمر بالتعدّد هو الغسل بالقليل.

__________________

(١) في « ج » : بل يجب له.

(٢) الخلاف ١ : ١٧٨.

(٣) في « أ » و « ب » : ومستند الشيخ في هذا.

(٤) وراجع المبسوط أيضا ١ : ١٤.

(٥) في « ج » : « إلى المعنى المتعارف ».

٣٠٣

ويعضد ذلك في الجملة من جهة الاعتبار أنّ الماء الكثير إذا استولى على عين النجاسة وإن كانت مغلّظة بحيث اقتضى شيوع أجزائها فيه واستهلاكها سقط حكمها شرعا وصار وجودها فيه كعدمها. فإذا وقع المتنجّس في الكثير واستولى الماء على آثار النجاسة فبالحريّ أن يسقط حكمها ويجعل وجودها كعدمها ، وإلّا لكان الأثر أقوى من العين.

ويؤيّده من جهة النصّ ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن أحمد ابن يحيى عن السندي (١) بن محمّد عن علا عن محمّد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الثوب يصيبه البول قال : اغسله في المركن مرّتين ، فإن غسلته في ماء جار فمرّة واحدة » (٢).

وقد حكى المحقّق في المعتبر عن ابن بابويه أنّه قال : إذا أصاب الثوب بول فاغسله في الماء الجاري مرّة وفي الراكد مرّتين.

وقال المحقّق بعد ذلك : إنّ محمّد بن مسلم روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام هذه الرواية وذكر متن الحديث ثمّ قال : ويمكن أن يكون الوجه فيه أنّ الجاري تتغاير المياه فيه على الثوب فكأنّه غسل أكثر من مرّة (٣).

ولا يخفى عليك أن التقريب الذي ذكرناه أوضح في الاعتبار ممّا قاله المحقق.

ثمّ إنّه ذكر في حكم الولوغ أنّه : « لو وقع إناؤه في كثير لم ينجس ويحصل له غسلة واحدة إن لم يشترط تقديم التراب » (٤).

__________________

(١) في « ب » : عن أحمد بن محمّد بن يحيى السندي.

(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٢٥٠ ، الحديث ٧١٧ ، مع اختلاف غير يسير.

(٣) المعتبر ١ : ٤٣٧.

(٤) المعتبر ١ : ٤٦٠.

٣٠٤

قال : « ولو وقع في جار ومرّ عليه جريات قال في المبسوط : لم يحكم له بالثلاث. وفي قوله إشكال ، وربّما كان ما ذكره حقّا إن لم يتقدّم غسله بالتراب. لكن لو غسل مرّة بالتراب وتعاقبت عليه جريتان (١) كانت الطهارة أشبه » (٢).

هذا كلامه. وهو صريح في مخالفة المشهور كقول الشيخ ، إلّا أنّه خصّ الحكم بما ليس بجار ، وراعى في الجاري تعاقب الجري بمقدار العدد المعتبر.

وكلام العلّامة في هذه المسألة من المنتهى وقع على طبق كلام المحقّق لكنّه في بعض نسخ الكتاب صرّح بالرجوع عنه أخيرا وهذه عبارته :

« ولو وقع ـ يعني إناء الولوغ ـ في ماء كثير لم ينجس. وهل يحصل له غسلة أم لا؟ الأقرب أنّه لا يحصل لوجوب تقديم التراب هذا على قولنا. أمّا على قول المفيد فإنّ الوجه الاحتساب لغسله بغسلة ، ولو وقع في ماء جار ومرّت عليه جريات متعدّدة احتسب كلّ جرية بغسلة ، خلافا للشيخ ؛ إذ القصد غير معتبر فجرى ما لو وضعه تحت المطر.

ولو خضخضه في الماء وحرّكه بحيث تخرج تلك الأجزاء الملاقية عن حكم الملاقاة ويلاقيه غيرها احتسب بذلك غسله ثانية كالجريات.

ولو طرح فيه ماء لم يحتسب به غسلة حتّى يفرغ منه سواء كان كبيرا بحيث يسع الكرّ أو لم يكن ، خلافا لبعض الجمهور فإنّه قال في الكثير (٣) إذا وسع قلّتين لو طرح فيه ماء وخضخض احتسب به غسلة ثانية. والوجه أنّه لا يكون غسلة إلّا بتفريغه منه مراعاة للعرف ».

__________________

(١) في « ب » : وتعاقبت عليه جريات.

(٢) المعتبر ١ : ٤٦٠.

(٣) في « أ » : في الكبير إذا وسع قلّتين. وفي « ج » : في الكرّ إذا وسع قلّتين.

٣٠٥

ثمّ قال : « والأقرب عندي بعد ذلك كلّه أنّ العدد إنّما يعتبر لو صبّ الماء فيه. أمّا لو وقع الإناء في ماء كثير أو ماء جار وزالت النجاسة طهر » (١).

وفي التذكرة حكى كلام الشيخ وقال : « إنّه ليس بجيّد وإنّه يلزم عليه فيما لو طرح كرّ في إناء الولوغ أن يكون الماء طاهرا والإناء نجسا (٢).

وكأنّ غرضه من الكلام الأخير استبعاد ما ذهب إليه الشيخ.

والحقّ أنّه بمجرّده غير كاف في الاستبعاد ؛ للاعتراف بمثله فيما لو وضع الكرّ في الإناء المذكور قبل التعفير.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ كل موضع يستند في اعتبار التعدّد فيه إلى الإجماع يكون الحكم مخصوصا فيه بحال غسله بالقليل إذ لا سبيل إلى العلم بالإجماع في غيره وقد عرفت أنّ من هذه المواضع ولوغ الكلب ، إذ النصّ الذي وصل إلينا فيه خال من التعرّض للتعدّد.

وأمّا ما ثبت اعتبار التعدّد فيه بالنصّ وهو البول إذا أصاب الثوب وولوغ الخنزير فليس بالبعيد الاعتماد في تخصيصه بحال الغسل بالقليل على الوجهين السابقين مع معونة الحديث.

ولو ابقي الحكم فيه على عمومه ؛ نظرا إلى الاحتياط وعدم خلوص الحجّة من شوب الإشكال ، لم يكن بذلك بأس ؛ إذ الأمر سهل.

مسألة [٢٧] :

المعروف بين متأخّري الأصحاب أنّ الماء الكثير يختصّ بالصلاحيّة لتطهير

__________________

(١) منتهى المطلب ٣ : ٣٤٢.

(٢) تذكرة الفقهاء ١ : ٨٦.

٣٠٦

ما لا ينفصل عنه الغسالة بنفسها أو بالعصر وما يقوم مقامه. وقد مرّت الإشارة إلى ذلك.

ثمّ إنّ هذا النوع ممّا يعرض له التنجيس إمّا مائع أو غيره.

والثاني لا نعلم خلافا بينهم في طهارته بالكثير إذا تخلّله وأصاب جميع الأجزاء المحكوم بنجاستها.

وأمّا الأوّل فكلامهم فيه مختلف ، فقال جماعة : إنّ غير الماء من مطلق المائعات ليس بقابل للتطهير ما دام باقيا على حقيقته.

وظاهر كلام العلّامة في التذكرة إمكان طهارتها أجمع حيث قال : إنّما يطهر بالغسل ما يمكن نزع الماء المغسول به عنه دون ما لا يمكن كالمائعات والكاغد والطين ، وإن أمكن إيصال الماء إلى أجزائها بالضرب ما لم تطرح في كرّ فما زاد أو في جار بحيث يسري إلى جميع أجزائه قبل إخراجه منه فلو طرح الدهن في ماء كثير وحرّكه حتّى تخلّل الماء جميع أجزاء الدهن بأسرها طهر (١). هذا كلامه.

وقد سبق في بحث الماء المضاف حكاية قوله في المنتهى والقواعد بطهارته إذا اختلط بالكثير المطلق وإن سلبه الإطلاق (٢) ، وهو في معنى ما قاله في التذكرة بل أصرح منه في الدلالة على صلاحيّة الكثير لتطهير ذلك النوع من المائع مع بقائه على حقيقته.

ووافقه الشهيد في الذكرى على مختار التذكرة لكن في غير الدهن ، فأفرده عن ساير المائعات في الذكر ، ونسب القول بطهره حينئذ إلى التذكرة فقال :

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ١ : ٨٧ ـ ٨٨.

(٢) منتهى المطلب ١ : ١٢٨ ، وقواعد الأحكام ١ : ١٨٥.

٣٠٧

لا تطهر المائعات والقرطاس والطين ولو ضربت بالماء إلّا في الكثير. وفي طهارة الدهن في الكثير وجه اختاره الفاضل في تذكرته (١).

ولا وجه للاقتصار في نسبة القول بطهارة الدهن إلى الفاضل على التذكرة ؛ لأنّه ذكر الحكم في النهاية والمنتهى بنحو ما ذكره في التذكرة.

وقال في النهاية : لو صبّ الدهن النجس في كرّ فما زاد ومازجت أجزاؤه أجزاء الماء بالتوصيل فالأقرب الطهارة (٢). وفي المنتهى ما يقرب من هذا الكلام (٣).

وحيث إنّه لم يتعرّض فيهما لغير الدهن ظنّ بعض الأصحاب أنّه يرى قصر الحكم على الدهن فعدّ ذلك قولا له مغايرا للقول الأوّل. وليس بشي‌ء.

أمّا أوّلا : فلأنّ الاعتبار يشهد بكون الدهن أبعد المائعات عن قبول الطهارة من حيث اللزوجة المانعة من نفوذ الماء في أجزائه فالقول بإمكان حصول الطهارة له يقتضي القول بذلك في ساير المائعات بطريق أولى.

وليس في كلام الفاضل ما يصلح منشأ لتخيّل القول باختصاص الحكم بالدهن إلّا عدم تعرّضه لغيره.

وشهادة الاعتبار بالأولويّة أظهر من أن يحتاج معها إلى التنصيص على التعميم.

وأمّا ثانيا : فلأنّ غير الدهن من المائعات إذا خالطها الماء على الوجه الذي شرطه عن الصلاحيّة للانتفاع بها في الغالب فليس لبيان حكمها كثير

__________________

(١) ذكرى الشيعة : ١٤.

(٢) نهاية الإحكام ١ : ٢٨١.

(٣) منتهى المطلب ٣ : ٢٩١.

٣٠٨

بخلاف الدهن ؛ فإنّ مخالطة الماء له غير مستقرّة إذ يسرع انفصاله منه [ فتبقى ] الصلاحيّة للانتفاع بحالها ، وهو ظاهر فلذلك اقتصر في الذكر عليه.

وقد ناقشه جماعة بأنّ العلم بوصول الماء إلى جميع أجزاء الدهن غير ممكن بل قد يعلم خلافه ؛ لأنّ الدهن يبقى في الماء مودعا فيه غير مختلط به وإنّما يصيب سطحه الظاهر. وهذا كلام جيّد.

بل التحقيق أنّ العيان شاهد باستحالة مداخلة الماء لجميع أجزاء الدهن وأنّه مع الاختلاط لا يحصل له إلّا ملاقاة سطوح الأجزاء المنقطعة بالضرب ولا سبيل إلى نفوذ الماء في بواطنها ؛ ولهذه العلّة تبقى على الصلاحيّة للانتفاع إذ اختلاطه بالماء إنّما حصل على جهة التفرّق في خلاله فإذا ترك ضربه سارع إلى الانفصال واستقرّ لخفّته على وجه الماء. وهذا من الامور الواضحة التي لا تحتاج إلى كثير تأمّل.

وأمّا غير الدهن من ساير المائعات سوى الماء على ما مضى من الكلام فيه فإنّما يعقل حصول الطهارة لها مع إصابة الماء لجميع أجزائها وذلك إنّما يتحقّق بشيوعها في الماء واستهلاكها فيه بحيث لا يبقى شي‌ء من أجزائها ممتازا ؛ إذ مع الامتياز يعلم عدم نفوذ الماء في ذلك الجزء الممتاز. وإذا حصل الاستهلاك على الوجه المذكور يخرج المائع عن الحقيقة التي كان عليها كما يخرج عين النجاسة بشيوعها في الماء الكثير عن حكمها. ومثل هذا لا يسمّى تطهيرا في الاصطلاح ؛ إذ الغرض من التطهير عود الجسم المطهّر إلى وصف الطهارة مع بقاء الحقيقة وذلك مفقود في الصور المذكورة.

وقد وقع في عبارات بعض الأصحاب أنّ المائعات إذا امتزجت بالكثير بحيث يطلق على الجميع اسم الماء طهرت وإلّا فلا.

وأنت إذا أحطت خبرا بما قلناه علمت أنّ هذا الكلام ليس على ما ينبغي ؛

٣٠٩

فإنّ البول وغيره من الأعيان النجسة إذا امتزجت بالكثير على الوجه المذكور يصير بحكمه ولا يبقى لنجاستها أثر. مع أنّهم لا يسمّون ذلك تطهيرا لها.

فالمناسب للوقوف في التعبير مع القانون الذي جرى عليه اصطلاحهم له : أن لا يعدّ حصول هذا المعنى في المائع تطهيرا له بل يذكر حكمه مع البقاء على حقيقته ، وليس الحكم حينئذ إلّا عدم القبول للطهارة كما هو التحقيق وظاهر كلام الأكثرين ؛ لما عرفت من أنّ القول بالطهارة حينئذ ليس إلّا للعلّامة في بعض كتبه.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الذي يستفاد من كلام العلّامة في غير المضاف أنّ الخلاف بينه وبين غيره يؤول إلى اللفظ. وذلك لأنّه شرط في حصول الطهارة تخلّل الماء لجميع أجزاء المائع دهنا كان أو غيره وهم لا ينكرون حصول الطهارة إذا حصل هذا المعنى وإنّما يدّعى عدم إمكان حصوله في الدهن مطلقا وفي غيره مع البقاء على الحقيقة.

وهذه المقدّمة لم يتعرّض لها هو ولكن يلوح من إطلاق كلامه تخيّل إمكان ذلك فيها ، ومن البيّن أنّ الاختلاف في ثبوت هذا الإمكان وعدمه لا ينتظم في سلك الأحكام الشرعيّة.

فروع :

[ الفرع ] الأوّل :

قال في التذكرة : العجين النجس إذا مزج بالماء الكثير حتّى صار رقيقا وتخلّل الماء جميع أجزائه طهر ، وهو حسن (١).

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ١ : ٨٨.

٣١٠

وظاهره في النهاية والمنتهى عدم قبوله للتطهير بالماء (١). وليس بالمتّجه.

وقد ورد في بعض الأخبار الأمر ببيعه ممّن يستحلّ أكل الميتة ، وفي بعضها طهارته بالنار ، وسيأتي البحث فيه. وفي بعض آخر الأمر بدفنه.

قال في الذكرى ـ بعد أن أشار إلى مضمون الروايات كلّها ـ بأنّها مشعرة بسدّ باب طهارته بالماء إلّا أن يقيّد بالمعهود من القليل (٢).

ولا أرى لهذا الكلام وجها فإنّ ما دلّ من الأخبار على طهره بالنار خال من الإشعار قطعا ، وما دلّ على بيعه أو دفنه فالسرّ فيه توقّف تطهيره بالماء على الممازجة والنفوذ في أجزائه بحيث يستوعب كلّ ما أصابه الماء النجس إذ المفروض في الأخبار عجنه بماء نجس وفي ذلك من المشقّة والعسر ما لا يخفى. فلهذا وقع العدول عنه إلى الوجهين المذكورين.

[ الفرع ] الثاني :

قال في المنتهى : الصابون إذا انتفع في الماء النجس ، والسمسم والحنطة إذا انتقعا كان حكمها حكم العجين ، يعني في عدم قبول التطهير بالماء ؛ لأنّ ظاهره ذلك في العجين كما أشرنا إليه وإن لم يصرّح به.

ثمّ حكى عن بعض العامّة أنّه قال : الحنطة والسمسم إذا تنجّسا بالماء ، واللحم إذا كان مرقه نجسا يطهر بأن يغسل ثلاثا ويترك حتّى يجفّ في كلّ مرّة فيكون ذلك كالعصر.

قال العلّامة : وهو الأقوى عندي لأنّه قد ثبت ذلك في اللحم مع سريان

__________________

(١) نهاية الإحكام ١ : ٢٨١ ، ومنتهى المطلب ٣ : ٢٨٩.

(٢) ذكرى الشيعة : ١٥.

٣١١

أجزاء الماء النجسة فيه فكذا ما ذكرناه (١).

وفي كلامه هذا غرابة من وجهين :

أحدهما : حكمه بقوّة ما حكاه على الإطلاق مع تضمّنه للغسل ثلاثا ولا يعهد منه القول به. ولتنزيل الجفاف منزلة العصر وليس بمعهود منه أيضا.

والثاني : تعليله الحكم بثبوت ذلك في اللحم مع أنّه لم يتعرّض لبيان حكم اللحم قبل ذلك فيما رأينا. والاعتماد على كون الحكم في نفسه ثابتا أو مقرّرا في محلّ آخر غير لائق بالنظر إلى المتعارف من مثل هذه العبارات لا سيّما بمعونة بناء الكلام في هذا الكتاب على التوسّع في المباحث والاستقصاء في ذكر المسائل ، وإنّما يحسن الاكتفاء بالإشارة في مقام الاختصار.

والذي يقوى في النظر : أنّه ليس قصده من الحكم بقوّة ما حكاه إلّا إثبات القبول للتطهير. وأمّا اعتبار التعدّد والجفاف فغير منظور إليه.

يرشدك إلى ذاك تعليل الحكم بأنّه قد ثبت مثله في اللحم والثابت هناك على ما قرّره هو وغيره في باب الأطعمة طهارته بالغسل إذا وقع في مرقه ما يقتضي التنجيس ، فلو أراد بقوّته (٢) ما زاد على الغسل لم يكن التعليل وافيا بإثبات المدّعى.

ويؤيّد ذلك أيضا أنّه في النهاية اقتصر على الحكم بقبولها للتطهير فقال بعد أن حكم بعدم طهارة الصابون والعجين بالغسل : أمّا السمسم والحنطة

__________________

(١) منتهى المطلب ٣ : ٢٩١.

(٢) في « ب » : فلو أراد بقوله ما زاد على الغسل. وفي « ج » : فلو أراد تقوية ما زاد على الغسل.

٣١٢

إذا انتقعا في النجس فالأقوى قبولهما للطهارة وكذا اللحم إذا تنجّست مرقته (١). هذا.

ولم أقف على دليل يدلّ على ثبوت الحكم في اللحم بالخصوص سوى حديثين رواهما الشيخان في الكافي والتهذيب.

أحدهما : رواية السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام سئل عن قدر طبخت وإذا في القدر فأرة؟ قال : يهراق مرقها ويغسل اللحم ويؤكل » (٢).

والآخر : رواية زكريّا بن آدم قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيها لحم كثير ومرق؟ قال : يهراق المرق أو يطعمه أهل الذمّة أو الكلاب. واللحم اغسله وكله » (٣).

وكلتا الروايتين ضعيفتان ، فالتعويل في الحكم على الثبوت في اللحم ليس بجيّد.

ومع هذا فالحقّ أنّ إمكان التطهير في الكلّ ثابت لكنّه موقوف على العلم باستهلاك الماء الطاهر لأجزاء الماء النجس.

ويزيد في خصوص اللحم زوال الأجزاء الدهنيّة التي حكم بنجاستها في حال المائعيّة إذ لا سبيل إلى طهارتها كما بيّناه.

أمّا ما عرض له التنجيس وهو جامد فإنّما ينجس ظاهره ويطهر بالغسل كسائر الجامدات.

__________________

(١) نهاية الإحكام ١ : ٢٨١.

(٢) الكافي ٦ : ٢٦١.

(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٢٧٩ ، الحديث ٨٢٠.

٣١٣

[ الفرع ] الثالث :

الثوب المصبوغ بالمتنجّس المائع يتوقّف طهره قبل الجفاف على استهلاك الماء للأجزاء المائعة من الصبغ. وكذا القول في ليقة الحبر (١) المتنجّس.

أمّا بعد التجفيف فيمكن طهارة الثوب مع بقاء أجزاء الصبغ فيه وذلك إذا علم نفوذ الماء في جميع تلك الأجزاء.

وأمّا طهارة الليقة حينئذ فموضع نظر من حيث إنّ الاجتماع الحاصل في أجزائها موجب لعدم نفوذ الماء إلى الأجزاء الداخلة إلّا بعد المرور على الخارجة ، والحال يشهد غالبا بأن تكرّر مرور الماء على أجزاء الحبر يقتضي تغيّره وخروجه عن الإطلاق وحصول الطهارة موقوف على نفوذ الماء باقيا على إطلاقه.

ولو فرض تفريق أجزائها بحيث علم النفوذ قبل التغيّر المخرج عن الإطلاق طهرت كالثوب.

ولو اتّفق في الثوب اجتماع أجزائه على وجه يتوقّف النفوذ إلى باطنها على تكرّر المرور بأجزاء الصبغ فهو في معنى الليقة المجتمعة. هذا.

والحكم يختلف في أنواع الصبغ والحبر من حيث الاختلاف في خفّة الأجزاء وثقلها ؛ فإنّ الخفيف سريع الممازجة بالماء فيوجب تغيّره ولا كذلك الثقيل ، فلا بدّ من الملاحظة والتدبّر في خصوصيّات المحلّ والصبغ والحبر.

[ الفرع ] الرابع :

قال الشهيد في الدروس : الحديد المشرب بالنجس إذا شرب بكثير ففي

__________________

(١) ليقة الحبر : صوفة الدواة.

٣١٤

طهارته احتمال (١). وذكر نحو هذا في الذكرى إلّا أنّه جعل احتمال الطهارة منوطا بتشريبه بالماء الطاهر كثيرا كان أو قليلا.

وعلّله بملاقاة الطاهر ما لاقى النجس (٢).

والكلام من أصله منظور فيه ؛ فإنّ قبول الحديد لشرب الماء أمر مستبعد جدّا.

والذي يقتضيه الاعتبار أنّ الآثار الموهمة لذلك مستندة إلى تجفيف حرارته للأجزاء المائيّة لا إلى شربها. وعلى هذا فالبحث في طريق تطهيره ساقط.

ولو سلّم قبوله لذلك لكان المتّجه على ظاهر كلام الشهيد الاقتصار في احتمال طهارته على تشريبه بالكثير ـ كما صنع في الدروس ـ فإنّه لا يرى الاكتفاء في تطهير ما لا ينفصل عنه الغسالة بمجرّد ملاقاة الماء الطاهر ، كما يدلّ عليه كلامه المحكيّ في صدر المسألة بالنظر إلى حكم القرطاس والطين. وأمّا على ما حقّقناه سابقا في اعتبار العصر فالتسوية بين الكثير والقليل متوجّهة.

مسألة [٢٨] :

ويجزي في إزالة الغائط عن مخرجه عوضا عن الغسل بالماء الاستجمار بثلاثة أحجار أو ما يقوم مقامها على تفصيل نذكره.

ويدلّ على الحكم في الجملة مع ما ادّعي من الإجماع عليه في كلام المحقّق وغيره عدّة روايات.

فروى الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « جرت السنّة

__________________

(١) الدروس الشرعيّة ١ : ١٢٧.

(٢) ذكرى الشيعة : ١٥.

٣١٥

في أثر الغائط بثلاثة أحجار أن يمسح العجان ولا يغسله » (١). الحديث.

وروى عنه في الصحيح عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « لا صلاة إلّا بطهور ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار بذلك جرت السنّة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. وأمّا البول فإنّه لا بدّ من غسله » (٢).

وروى الكليني في الحسن عن جميل بن درّاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال في قول الله عزوجل ( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) قال : « كان الناس يستنجون بالكرسف والأحجار ثمّ احدث الوضوء وهو خلق كريم فأمر به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصنعه فأنزل الله في كتابه ( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) (٣).

إذا تقرّر هذا فاعلم أنّ الأصحاب وإن كانوا متّفقين هنا على أصل الحكم فإنّهم مختلفون في عدّة مواضع من فروعه :

أحدها : ما يقوم مقام الأحجار فذهب الشيخ وجمهور المتأخّرين إلى أنّه كلّ جسم طاهر مزيل للنجاسة.

وادّعى الشيخ في الخلاف على ذلك إجماع الفرقة (٤).

وقال سلّار : لا يجزي في الاستجمار إلّا ما كان أصله الأرض (٥).

وقال ابن الجنيد : إن لم تحضر الأحجار يمسح بالكرسف أو ما قام مقامه.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ : ٤٦ ، الحديث ١٢٩.

(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٤٩ ، الحديث ١٤٤.

(٣) الكافي ٣ : ١٨.

(٤) الخلاف ١ : ١٠٦.

(٥) المراسم : ٣٢ ـ ٣٣.

٣١٦

ثمّ قال : ولا أختار الاستطابة بالآجر والخزف إلّا إذا لبسه طين أو تراب يابس (١).

ويحكى عن المرتضى أنّه قال في المصباح : يجوز الاستنجاء بالأحجار وما قام مقامها من المدر والخرق (٢).

وجملة ما وصل إلينا من الأخبار في هذا المعنى خمسة أحاديث.

الأوّل : ما رواه زرارة في الصحيح قال : « سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول :

كان الحسين بن علي يتمسّح من الغائط بالكرسف ولا يغتسل » (٣).

والثاني : ما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز عن زرارة ، قال : « كان يستنجي من البول ثلاث مرّات ومن الغائط بالمدر والخرق » (٤).

والثالث : ما رواه الكليني في الحسن عن جميل بن درّاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كان الناس يستنجون بالكرسف والأحجار .. » الحديث (٥). وقد تقدّم.

والرابع : ما رواه الشيخ في الصحيح عن السندي بن محمّد عن يونس ابن يعقوب قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الوضوء الذي افترضه الله على

__________________

(١) غير موجود.

(٢) في « ب » : المدر والخزف. راجع المعتبر ١ : ١٣١.

(٣) في « ب » : « بالخزف » بدل « الكرسف ». تهذيب الأحكام ١ : ٣٥٤ ، الحديث ١٠٥٥ ، وفيه : « ولا يغسل ».

(٤) تهذيب الأحكام ١ : ٣٥٤ ، الحديث ١٠٥٤.

(٥) الكافي ٣ : ١٨.

٣١٧

العباد لمن جاء من الغائط أو بال؟ قال : يغسل ذكره ويذهب الغائط » (١). الحديث.

والخامس : ما رواه الكليني في الحسن عن ابن المغيرة عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : « قلت له : للاستنجاء حدّ؟ قال : لا ؛ ينقي مأثمه. قلت : فإنّه ينقي مأثمه ويبقى الريح؟ قال : الريح لا ينظر إليها » (٢).

وبهذه الرواية الأخيرة احتجّ للقول بالتعميم جماعة من الأصحاب. وفي معناها الرواية التي قبلها بل هي أوضح دلالة منها لكنّهما ليستا من الصحيح فيشكل التعلّق بهما في تأسيس حكم شرعيّ.

وساير الأخبار إنّما تدلّ على قيام امور مخصوصة فينبغي الاقتصار على ما دلّت عليه. مع أنّ الحديث المتضمّن للمدر والخرق منقطع الإسناد بحسب الظاهر فينحصر الأمر في الكرسف.

ولكنّ الذي يقوى في نفسي عدم الانقطاع في نحو هذا الخبر ممّا يقع الإسناد فيه إلى المضمر ، كما سبق تحقيقه في بحث الدم إذ الظاهر عود الضمير في مثله إلى المعصوم بقرينة الحال ومعونة ما ظهر من عادتهم في هذا الاستعمال.

ثمّ إنّ بقيّة الأقوال التي حكيناها لم نقف لشي‌ء منها على حجّة.

وثانيها : اعتبار العدد بالفعل أو القوّة.

فقال جمع من الأصحاب بالأوّل ، وصار آخرون إلى الثاني ، وفرضوا النزاع في الحجر الذي له ثلاث شعب.

فحكى العلّامة عن الشيخ أنّه قال : لو استعمل ذا الجهات الثلاث أجزأ

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ : ٤٧ ، الحديث ١٣٤.

(٢) الكافي ٣ : ١٧.

٣١٨

عند بعض أصحابنا والأحوط اعتبار العدد (١). ثمّ إنّ العلّامة اختار القول بالإجزاء (٢) ، وذكر أنّه اختيار ابن البرّاج أيضا ووافقهم عليه الشهيد والشيخ علي.

وذهب المحقّق وجماعة من المتأخّرين منهم والدي رحمه‌الله إلى عدم الإجزاء (٣).

احتجّوا للأوّل بأنّ المراد من الأحجار الثلاثة المأمور بها ثلاث مسحات بحجر كما لو قيل اضربه عشرة أسواط. فإنّ المراد عشرة ضربات بسوط.

وبأنّ المقصود إزالة النجاسة وهي حاصلة بذلك.

وبأنّ الشعب لو انفصلت لأجزأت فكذا مع الاتّصال. قال في المختلف : وأيّ عاقل يفرّق بين الحجر متّصلا بغيره ومنفصلا.

وبأنّ الثلاثة لو استجمروا بهذا الحجر لأجزأ كلّ واحد عن حجر (٤).

وبقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا جلس أحدكم لحاجته فليتمسّح ثلاث مسحات » (٥).

واجيب عن هذه الوجوه كلّها.

أمّا الأوّل : فبظهور الفرق بين قول القائل اضربه عشرة أسواط وبين قوله أخرجه بثلاثة أسواط. والحكم في موضع البحث إنّما ورد بالصورة الثانية. وقد تنبّه لهذه التفرقة المحقّق في المعتبر فقال بعد أن احتجّ لعدم الإجزاء بظاهر الأمر بالثلاثة : ويمكن أن يقال المراد بالأحجار المسحات كما يقال :

__________________

(١) منتهى المطلب ١ : ٢٧٤ ، وراجع المبسوط ١ : ١٧.

(٢) ذكرى الشيعة : ٢١ ، والدروس الشرعية ١ : ٨٩ ، وجامع المقاصد ١ : ٩٦.

(٣) المعتبر ١ : ١٣١ ، وروض الجنان : ٢٤.

(٤) مختلف الشيعة ١ : ٢٦٨.

(٥) عن مسند أحمد ٣ : ٣٣٦.

٣١٩

ضربته ثلاثة أسواط. والمراد ثلاث ضربات ولو بسوط واحد. ثمّ قال : ولعلّ الفرق يدرك بإدخال الباء (١).

وأمّا الثاني : فبأنّه إن اريد الإزالة المعتبرة شرعا فمسلّم ولكنّ المطالبة متوجّهة بإثبات حصولها حينئذ. وإن اريد مطلقا فهو في حيّز المنع.

وأمّا الثالث : فبأنّه قياس لحال الاتّصال على الانفصال ، واستبعاد التفرقة غير مسموع.

ويحكى عن العلّامة قطب الدين الرازي تلميذ الفاضل أنّه قال : أيّ عاقل يحكم على الحجر الواحد بثلاثة؟ (٢) وأمّا الرابع : فبالفرق باستجمار الثلاثة واستجمار الواحد من حيث إنّ العدد صادق في الثلاثة دون الواحد.

وأمّا الاستناد إلى حديث المسحات فوقع في كلام الشهيد في الذكرى وتبعه الشيخ علي في شرح القواعد وليس بشي‌ء (٣).

أمّا أوّلا : فلأنّه ليس من أحاديث الأصحاب ولا له ذكر في كتبهم.

وأمّا ثانيا : فلأنّه مطلق وأخبار الأحجار مقيّدة. فالمتّجه حمل الإطلاق على التقييد لا العكس.

ومن الجواب عن احتجاج الأوّلين يعلم (٤) حجّة الآخرين.

وقد اعترضوا بأنّ ظاهر أخبار الأحجار لو كان مرادا لم يجزئ غيرها

__________________

(١) المعتبر ١ : ١٣١.

(٢) راجع روض الجنان : ٢٥.

(٣) ذكرى الشيعة : ٢١ ، وجامع المقاصد ١ : ٩٦.

(٤) في « ب » : تعلم حجّة الآخرين.

٣٢٠