زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]
المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-022-7
الصفحات: ٦٤٨
وقد اختلفوا فيما لو عطف بعض العدد على بعض ، إما في المستثنى أو في المستثنى منه ، هل يجمع بينهما (١) حتى يكون كالكلام الواحد ، كقوله : له عليّ درهم ودرهم إلا درهما؟
وقال ابن حداد من الشافعية : لا يجمع ، لأن الجملتين المعطوفتين تفردان بالحكم ، وإن لم تكن الواو للترتيب ، كما إذا قال لغير المدخول بها : أنت طالق وطالق ، لا يقع إلا واحدة ، بخلاف ما لو قال : أنت طالق طلقتين اثنتين ، فإنهما تقعان عندهم.
ويتفرع على ذلك : له عليّ ثلاثة دراهم إلا درهمين ودرهما ، وكذا له عليّ درهمان ودرهم إلا درهما ، وله عليّ ثلاثة إلا درهما ودرهما ودرهما.
قاعدة « ٧١ »
الاستثناء المجهول باطل ، فيبطل في المبيعات وسائر العقود ، كقوله : بعتك الصبرة إلا جزءا منها. ويجيء في الإيقاعات ، كقوله : عبيدي أحرار إلا واحدا ، أو له نخلي إلا نخلة.
ولو قال : بعتك الصبرة إلا صاعا منها ، وهي متفرقة ، وأراد واحدا من المتفرقة ، ولم يعينه بطل البيع. وكذا لو قال : بعتك صاعا من الصبرة متفرقة الأصناف.
ولو كانت مجتمعة وقال : بعتكها إلا صاعا منها ، فإن كانت مجهولة الصيعان بطل البيع ، لعدم معرفة قدر المبيع. وكذا لو قال : بعتك صاعا منها ، إن نزّلناه على الإشاعة ، وإلا صحّ إذا علم اشتمالها عليه.
__________________
(١) في « م » ، « ح » : منها.
ولو كانت معلومة ، واستثنى منها عددا معينا صحّ قطعا. واختلف في تنزيله ، فقيل : هو بمثابة جزء من الجملة كالربع والعشر. فلو كانت الصبرة أربعة أصواع فالمبيع ربع ، وعلى هذا حتى إذا تلف منها شيء يسقط بالحساب (١) وقيل : بل المبيع جزء شائع منها مقدّر ، فلو لم يبق إلا صاع بقي المبيع فيه ، وعليه دلّ خبر بريد بن معاوية عن الصادق عليهالسلام (٢).
قاعدة « ٧٢ »
إذا لم يكن الاستثناء مستغرقا ، جاز على الصحيح عند الأكثر ، مساويا كان المخرج أم أكثر (٣).
وقيل : لا يجوز استثناء الأكثر (٤).
قيل : ولا المساوي أيضا (٥).
__________________
(١) المغني لابن قدامة ٤ : ٢١٣.
(٢) بريد بن معاوية عن أبي عبد الله عليهالسلام : في رجل اشترى من رجل عشرة آلاف طن قصب في أنبار بعضه على بعض من أجمة واحدة والأنبار فيه ثلاثون ألف طن ، فقال البائع : قد بعتك من هذا القصب عشرة آلاف طن ، فقال المشتري : قد قبلت واشتريت ورضيت ، وأعطاه من ثمنه ألف درهم ، ووكل المشتري من يقبضه ؛ فأصبحوا وقد وقع النار في القصب ، فاحترق منه عشرون ألف طن ، وبقي عشرة آلاف طن ، فقال : « العشرة آلاف طن التي بقيت هي للمشتري ، والعشرون التي احترقت من مال البائع » التهذيب ٧ : ١٢٦ حديث ٥٤٩ ، الوسائل ١٢ : ٢٧٢ أبواب عقد البيع ب ١٩ حديث ١.
(٣) المبسوط للشيخ الطوسي ٥ : ٦٠ ، معارج الأصول : ٩٥ ، تهذيب الوصول : ٤٠ ، منتهى الوصول : ٩١ ، المحصول ١ : ٤١٠ ، الإحكام للآمدي ٢ : ٣١٨.
(٤) نقله عن القاضي في المحصول ١ : ٤١٠ ، والمستصفى٢ : ١٧١ ، ونقله عن الحنابلة في فواتح الرحموت١ : ٣٢٤ ، ونقله عن ابن درستويه من أهل العربية في المبسوط ٥ : ٦٠.
(٥) نقله عن القاضي في المحصول ١ : ٤١٠.
وتفاريع الإقرار عليها واضحة ، كما إذا قال : له عليّ عشرة إلا تسعة ، وله هذه الدار إلا الثلثين منها.
ولو تعدد الاستثناء ، ولم يستغرق التالي لمتلوّه ، ولا عطف عليه ، رجع كل تال إلى متلوّه.
وعليه وعلى ما سبق من قاعدة النفي والإثبات يتفرع : ما لو قال : له عليّ عشرة إلا تسعة إلا ثمانية إلا سبعة إلى (١) الواحد ، فإنه يكون إقرارا بخمسة.
ولو أنه لما وصل إلى الواحد قال إلا اثنين إلا ثلاثة إلى (٢) التسعة ، فالإقرار بواحد. وتحريره يظهر من القواعد.
وضابطه : أنّ تجمع الأعداد المثبتة وهي الأزواج على حدة ، والمنفيّة وهي الأفراد على حدة ، وتسقطها منها ، فالإقرار بالباقي ، فهي في الأول ثلاثون وخمسة وعشرون ، وفي الثاني خمسون وتسعة وأربعون.
وقس عليه ما يرد عليك في هذا الباب ، كما لو بدأ بالمنفي ، أو لم يصل إلى الواحد. كذا أطلقه جماعة (٣) ، وفي بعض فروعه بحث.
ومنها : ما لو قال المريض : أعطوه ثلث مالي إلا كثيرا منه ، جاز إعطاؤه أقل متموّل. ولو قال : إلا شيئا ، فكذلك.
قيل : وكذا لو قال : إلا قليلا (٤) ، وفيه نظر.
__________________
(١) في « م » : إلا.
(٢) في « م » : إلا.
(٣) كما في المحصول ١ : ٤١٢ ، والمبسوط للشيخ٥ : ٦٠.
(٤) التمهيد للأسنوي : ٣٩٧.
قاعدة «٧٣»
الاستثناءات المتعددة إذا لم تتعاطف ، وكان الثاني مستغرقا لما قبله ، إما بالتساوي كقوله : له عشرة إلا ثلاثة ، وكرر اللفظ الأخير ، وهو استثناء الثلاثة ؛ وإما بالزيادة كقوله : عشرة إلا ثلاثة إلا أربعة ، فإنها لا تبطل ، بل تعود (١) جميعها إلى المستثنى منه ، حملا للكلام على الصحة. كذا جزم به في « المحصول » (٢) وتبعه جماعة (٣).
وفي المساوي قول آخر : [ وهو ] أنّ الثاني يكون توكيدا (٤).
وثالث : وهو أنه يلزمه في المثال عشرة ، لأن الاستثناء من النفي إثبات (٥) وهما نادران.
ولو تعاطفت رجعت جميعا إلى المستثنى منه ، ما لم تستغرقه ، فيبطل ما حصل به الاستغراق خاصة ، كما لو قال : له عشرة إلا خمسة وإلا ستة ، فيكون إقرارا بخمسة. وكذا لو قال ثانيا : وإلا خمسة. ولو قال : وإلا أربعة ، فواحد ، وهكذا.
وكذا يبطل ما حصل به الاستغراق لو لم تتعاطف ، ولكن كان بعضها مستغرقا لبعض ، كقوله : له عشرة إلا خمسة إلا خمسة ، فيصح الأول خاصة ، ويلزمه خمسة.
__________________
(١) في « د » ، « م » : بل يقع
(٢) المحصول ١ : ٤١٢
(٣) تهذيب الوصول : ٤١ ، جامع المقاصد ١ : ٥٥٤ ، منهاج الأصول ( نهاية السؤل ) ٢ : ٤٢٩.
(٤) حكاه عن الرافعي في التمهيد : ٣٩٧.
(٥) حكاه عن الرافعي في التمهيد : ٣٩٨.
قاعدة (٧٤) الاستثناء عقيب الجمل المعطوف بعضها على بعض يعود إلى الجميع ، ما لم تقم قرينة على إخراج البعض.
وقال أبو حنيفة : يعود إلى الأخيرة خاصة (١) ، واختاره الرازي في المعالم (٢). وقال جماعة من المعتزلة منهم القاضي وأبو الحسين : إن تبيّن الإضراب عن الأولى فللأخيرة ، وإلا فللجميع (٣). وهو في معنى ما ذكرناه من القرينة.
وقال المرتضى بالاشتراك ، لوروده لهما (٤). وتوقف الغزالي وجماعة (٥).
ووافق الحنفية على عود الشرط والاستثناء بالمشيئة (٦) إلى الجميع ، وكذلك الحال والصفة بمعناه ، والتقييد بالغاية كالتقييد بالصفة ، صرح به في المحصول (٧). وشرط الجويني في عوده إلى الجميع شرطين ، أحدهما : أن يكون العطف بالواو ، فلو كان بـ « ثم » اختص بالجملة الأخيرة.
والثاني : أن لا يتخلل بين الجملتين كلام طويل ، فإن تخلّل كما لو قال في صيغة الوقف : [ وقفت ] (٨) على أولادي ، على أنّ من مات منهم وأعقب
__________________
(١) أصول السرخسي ٢ : ٤٤ ، ونقله عنه في المحصول ١ : ٤١٣.
(٢) نقله عنه في التمهيد : ٣٩٨.
(٣) نقله عن قاضي القضاة ، واختاره أبو الحسين في المعتمد ١ : ٢٤٦.
(٤) الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ٢٤٩.
(٥) المستصفى٢ : ١٧٧.
(٦) المراد بالمشيئة : هي مشيئة الله سبحانه وتعالى ، وهي قول : إن شاء الله.
(٧) المحصول ١ : ٤٢٠.
(٨) أثبتناه لاستقامة العبارة.
فنصيبه بين أولاده للذكر مثل حظ الأنثيين ، وإن لم يعقب فنصيبه للذين في درجته ؛ فإذا انقرضوا فهو مصروف إلى إخوتي ، إلا أن يفسق أحدهم. فالاستثناء يختص بإخوته.
والتعبير بـ « الجمل » مبني على الغالب ، وإلا فلا فرق بينها وبين المفردات.
إذا تقرر ذلك فلا يخفى ما يتفرع على القاعدة في باب الأقارير ، كقوله : عليّ عشرة وخمسة وثلاثة إلا درهمين.
وتظهر الفائدة فيما لو استغرق الاستثناء ما قبله دون الجميع.
ومنها : ما لو قال : عليّ ألف درهم ومائة دينار إلا خمسين ، فإن أراد بالخمسين جنسا غير الدراهم والدنانير ، قبل منه. وكذا إن أراد عوده إلى الجنسين معا أو إلى أحدهما. وإن لم يبيّن عاد إليهما معا ، أو إلى الأخير على الخلاف.
وعلى تقدير عوده إليهما ، فهل يعود إلى كل منهما جميع الاستثناء ، فيسقط خمسون دينارا وخمسون درهما ، أو يعود إليهما نصفين ، فيسقط خمسة وعشرون من كل جنس؟ وجهان.
القسم الثاني الشرط
إذ قيّد به أحد المتعاطفين ، فمقتضى كلام جماعة أنه يعود إليهما اتفاقا (١) ، ولكن في المحصول بعد أن قال : « إن الحنفية قد وافقونا على عود الشرط إلى الجميع » نقل في الكلام على التخصيص بالشرط عن بعض الأدباء أنّ الشرط يختص بالجملة التي تليه ، فإن تقدم اختص بالأولى ، وإن تأخر اختص بالثانية ، ثم قال : والمختار الوقف ، كما في الاستثناء (٢). وابن الحاجب
__________________
(١) منهاج الوصول ( نهاية السؤل ) ٢ : ٤٣٠.
(٢) المحصول ١ : ٤٢٤.
سوّى بينه وبين الاستثناء (١). والتفريع عليه واضح.
القسم الثالث : الصفة
وإذا تعقّبت الجمل عادت إلى الجميع كالشرط.
ومن فروع ذلك : ما إذا قال : وقفت على أولادي وأولاد أولادي المحتاجين ، فتكون الحاجة شرطا في الجميع.
وكذا لو تقدمت الصفة عليهما كقوله : على المحتاجين من كذا وكذا.
وهذا مقتضى إطلاق الجماعة. وشرط إمام الحرمين فيه الشرطين السابقين في الاستثناء (٢).
القسم الرابع : الغاية
وهي بعد الجمل كالتقييد بالصفة ، كقوله : وقفت على أولادي وأولاد أولادي إلى أن يستغنوا.
القسم الخامس : التقييد بالحال
وهو كذلك أيضا ، وسيأتي البحث فيه إن شاء الله مستقصى في القواعد العربية (٣).
ومن فروعه : ما إذا نذر أن يحج ماشيا ، فيلزمه المشي حالة الدخول في أفعال الحج والتلبّس به إلى أن يكمله ، وذلك من حين الإحرام إلى حين الفراغ منه. هذا هو المفهوم من جعله المشي وصفا للحج. ويحتمل في جانب الأخير
__________________
(١) منتهى الوصول : ٩٤.
(٢) نقله عنه في التمهيد : ٣٩٨.
(٣) قاعدة : ١٧٩.
انقطاعه بالتحلّل التام ، نظرا إلى زوال صورة الحج ، كالتحلّل من الصلاة.
وهذا هو الّذي أطلقه الأصحاب وغيرهم ، فيكون آخره طواف النساء.
وأما أوله ، فقد ذهب جماعة من الأصحاب إلى وجوب المشي من بلده.
وهو خارج عن حقيقة الوصف المختص بالحج ، إلا أن يدل عليه العرف المقدّم على اللغة.
القسم السادس : التمييز
وهو كالصفة أيضا في عوده إلى الجميع.
ومن فروعه : إذا قال مثلا : له عليّ خمسة وعشرون درهما ، فالجميع دراهم. وكذا لو ضمّ إلى ما ذكر لفظ المائة ، فقال : مائة وخمسة وعشرون درهما ، أو ضم لفظ الألف إلى ذلك كله. ومثله ألف وثلاثة أثواب ، بخلاف ألف ودرهم ، وألف وثوب.
ويحتمل في الجميع كون الأول باقيا على إبهامه ؛ وكذا ما قبل الأخير ؛ خصوصا إذا لم يصلح المميّز للسابق ، كمائة وعشرون درهما ، فإن مميز المائة مجرور والعشرين منصوب ، إلا أن العرف مساعد على انصرافه إلى الجميع في هذه الأمثلة.
القسم السابع والثامن : ظرف الزمان والمكان
كقوله : أكرم زيدا اليوم ، أو في مكان كذا وعمرا (١) فهل يكون القيد راجعا إلى المعطوف أيضا؟ توقّف فيه ابن الحاجب في مختصره (٢).
__________________
(١) في « م » : أو عمراً.
(٢) منتهى الوصول : ٩٤.
وذكر البيضاوي الاتفاق على عوده إليه (١).
ويمكن الفرق بين أن يتأخر الظرف عن المعطوف عليه ، كما في هذا المثال ، وبين أن يتقدم كقولنا : أكرم اليوم زيدا وعمرا ، فيعود إليهما هاهنا قطعا.
ولو قلنا بالرجوع إليهما فاختلف المعنى ، كقوله : طلّق زوجتي اليوم وأعتق عبدي ، أو كان المعنى واحدا ، لكن أعيد العامل ، نحو : أكرم زيدا اليوم وأكرم عمرا ، ففي الرجوع إليهما أيضا نظر.
إذا علمت ذلك فمن فروع المسألة ما إذا قال : طلّق هندا اليوم وزينب ، ونحو ذلك من التصرفات بالبيع والشراء والوقف وغيرها.
قاعدة « ٧٥ »
الخاصّ إذا عارض العام يؤخذ بالخاص ، متقدما كان أم متأخرا ؛ لأن إعمال الدليلين ولو من وجه أولى من إلغاء أحدهما. هذا مختار الأكثر.
وعلى هذا لا يحتاج إلى البحث عن تاريخ الخبرين.
وقال أبو حنيفة : يكون المتأخر ناسخا للمتقدم (٢).
ويشكل حينئذ مع جهل التأريخ ، لتردده بين النسخ والتخصيص. فمن ثم تردد أبو حنيفة هنا (٣).
ومن فروعه :
قوله صلىاللهعليهوآله : « خلق الله الماء طهورا لا ينجّسه شيء ، إلا ما غيّر لونه أو طعمه
__________________
(١) منهاج الوصول ( الابتهاج ) : ٩٦.
(٢) المستصفى١ : ٣٠٢ ، المحصول ١ : ٤٤٢ ، أصول السرخسي ١ : ١٣٣.
(٣) المحصول ١ : ٤٤٤.
أو ريحه » (١) وقوله صلىاللهعليهوآله : « إذا بلغ الماء كرّا أو قلّتين لم ينجّسه شيء » (٢) فإن تاريخهما مجهول ، فلا يعلم التخصيص. فمنهم من أعمل العام فلم ينجس القليل بالملاقاة (٣) ، والجمهور على التخصيص واشتراط عدم الانفعال ببلوغ الكرية ، جمعا بين الدليلين.
ومنها : ما إذا قال لوكيله : لا تطلّق زوجتي زينب ، ثم قال له بعد ذلك : طلّق زوجاتي. ومقتضى القاعدة أنه لا يطلّق زينب.
وهكذا في الوصية لو قال : أوصيت بهذه العين لزيد ، ثم قال : أوصيت بما في هذا البيت لعمرو ، وكانت تلك العين فيه.
فلو عمّم ، ثم خصّص بعضهنّ بالإخراج ، ثم بعد ذلك عمّم أيضا ، ففيه نظر. والمتّجه الدخول ، لأنا لو خصصنا العام المتأخر للزم التأكيد ، والتأسيس خير منه.
ومنها : عدم وجوب قضاء العيدين وأيام التشريق ورمضان ، إن قلنا بعدم دخوله في النذر على من نذر صوم سنة معيّنة ، لقيام الدليل المقتضي للتخصيص. والأقوى دخول رمضان في النذر ، بناء على جواز نذر الواجب.
ومنها : لو لزمه صوم شهرين متتابعين عن كفارة قتل أو ظهار أو جماع في رمضان ، ونذر صوم الأثانين ( دائما ) (٤) قدّم صوم الكفارة على الأثانين ، لإمكان قضاء الأثانين (٥).
__________________
(١) السرائر ١ : ٦٤ ، المعتبر ١ : ٤٠ ، الوسائل ١ : ١٠١ أبواب الماء المطلق باب ١ حديث ٨.
(٢) سنن الترمذي ١ : ٤٦ ، سنن النسائي ١ : ١٧٥ باب التوقيت في الماء ، مختصر سنن أبي داود ١ : ٥٦ باب ما ينجس الماء حديث ٥٨.
(٣) نقله عن ابن أبي عقيل في ذكري الشيعة : ٩.
(٤) في « د » ، « م » : وإنما.
(٥) الاثنين لا يثنى ولا يجمع ، فإن أردت جمعه قدرت أنه مفرد وجمعته على أثانين ـ المصباح المنير : ٨٦. ( ثني )
ولو عكس اتجه تقديم النذر ، وعدم انقطاع التتابع به كأيام الحيض ، إن لم نجوّز تأخير الكفارة عن زمان النذر ، حيث يكون مقيدا بزمان (١) وإلا ففي جواز تعجيلها نظر ، من القدرة على المتابعة بالتأخير ؛ وعدم الوثوق بالبقاء ، وحصول المشقة بالتأخير كما لا يجب التأخير على الحائض إلى زمان اليأس. ويمكن الفرق بين المدة الطويلة والقصيرة كالسنة ونحوها.
قاعدة « ٧٦ »
تخصيص العموم بالعرف جائز ، وكذا بالعادة ، والشرع ، وشاهد الحال.
أما الأول ، فله صورتان :
إحداهما : أن يكون قد غلب استعمال الاسم العام في بعض أفراده ، حتى صار حقيقة عرفية ، فهذا يخصّ به العموم بغير خلاف ، كما لو حلف : لا يأكل شواء ، اختصت يمينه باللحم المشوي ، دون البيض وغيره مما يشوى.
وكذلك لو حلف ، على لفظ الدّابّة والسقف والسراج والوتد ، لا يتناول إلا ما يسمى في العرف كذلك ، دون الآدمي والسماء والشمس والجبل ، فإن هذه التسمية فيها هجرت حتى صارت مجازا.
الصورة الثانية : أن لا يكون كذلك ، وهو نوعان ، أحدهما : ما لا يطلق عليه الاسم العام إلا مقيدا به ، ولا يفرد بحال ، فهذا لا يدخل في العموم بغير إشكال ، كخيارشنبر شنبر ، وتمر هندي ، لا يدخلان في مطلق التمر والخيار ، كما لا يدخل ماء الورد في الماء المطلق.
__________________
(١) في « د » ، « م » : بزمانه. والعبارة لا تخلو من غموض ولعل الصحيح هو : حيث تكون مقيدة بزمانه.
والثاني : ما يطلق عليه الاسم العام ، لكن الأكثر أن لا يذكر معه إلا بقيد أو قرينة ، ولا يكاد يفهم عند الإطلاق دخوله فيه ، وفيه وجهان.
ويتفرع عليهما مسائل :
منها : لو حلف أن لا يأكل الرءوس ، فإنه ينصرف إلى الغالب من رءوس النعم ؛ وفي رءوس الطير والجراد والسمك وجهان ، أجودهما عدم الدخول.
ومنها : لو حلف لا يأكل البيض ، ففي حنثه ببيض السمك ونحوه الوجهان.
ومنها : لو حلف لا يأكل اللحم ، ففي الحنث بلحم السمك الوجهان أيضا.
ومنها : لو حلف لا يدخل بيتا ، فدخل مسجدا أو حمّاما ، ففي الحنث الوجهان.
ومنها : لو حلف لا يأكل لحم بقر ، ففي اختصاصه بالأهلي أو عمومه للوحشي الوجهان.
ومنها : لو حلف لا يتكلّم ، فقرأ أو سبّح ، ففي الحنث وجهان مرتبان ، والأولى العدم.
وأما تخصيصه بالعادة فيتحرّر بمسائل :
منها : لو استأجر أجيرا يعمل له مدة معيّنة ، حمل على ما جرت العادة بالعمل فيه من الزمان ، دون غيره ، بغير خلاف.
ومنها : لو حلف لا يأكل من هذه الشجرة ، اختصت يمينه بما يؤكل منها عادة ، وهو الثمر ، دون ما لا يؤكل عادة ، كالورق والخشب وإن جاز أكله.
ومنها : لو وقف على بعض أولاده ( و ) (١) سمّاهم ، ثم على أولاد
__________________
(١) ليس في « د ».
أولاده ، فهل يختصّ البطن الثاني بأولاد المسمين ، أم يشمل جميع ولده؟ ربما دلت العادة على الأول ، لأنها عطية واحدة ، يظهر منها عادة تخصيص ولد من وقف عليهم ؛ ويمكن رجوع هذه المسألة إلى القاعدة السابقة. ولو حصل الشك في دلالة العادة على ذلك ، فلا معارض لعموم اللفظ.
وأما تخصيصه بالشرع فيظهر في مسائل :
منها : إذا نذر صوم الدهر ، لم يدخل في ذلك ما يحرم صومه من أيام السنة ، كالعيد وأيام التشريق ، ولا ما يجب كرمضان على القول بعدم انعقاد نذر الواجب ، والأقوى انعقاده فيدخل.
وتظهر الفائدة في زيادة الباعث على الفعل ، وتعدّد الكفّارة بإفساده ، من جهة النذر وكونه من شهر رمضان.
ومنها : لو حلف لا يأكل لحما ، لم يتناول يمينه اللحم المحرم ، ويمكن رجوع هذا إلى ما سبق.
وأما تخصيصه بشاهد الحال :
فيظهر فيما لو أذن مالك العقار المغصوب في الصلاة فيه على العموم أو مطلقا ، فإن الغاصب لا يدخل ، لشهادة الحال بأن المالك إنما يريد الانتقام من الغاصب والمؤاخذة له ، لا الإذن له. وقد نصّ الأصحاب على عدم دخوله في إطلاق الإذن وعمومه.
ومنها : ما لو أوصى أو وقف على الفقراء ، فإنه ينصرف إلى فقراء ملّة الموصي والواقف ، لا جميع الفقراء ، وإن كان جمعا معرفا مفيدا للعموم ؛ والمخصّص أيضا شاهد الحال الدال على عدم إرادة فقراء غير ملّته.
قاعدة «٧٧»
النية : تعمم الخاصّ ، وتخصّص العامّ ، وتقيّد المطلق. فهنا أقسام :
الأول : تعميم الخاصّ ، وله صور :
منها : لو قال : إن رأيتك تدخلين هذه الدار فأنت عليّ كظهر أمي ، فإن أراد أن لا تدخلها بالكلية ، فدخلت ولم يرها ، وقع الظهار ؛ وإن كان نوى إذا رآها ، لم يحنث حتى يراها تدخلها.
ومنها : لو حلف لا يدخل هذا البيت ، ويريد هجران قوم ، فدخل عليهم بيتا آخر ، حنث ، على ما ذكره بعضهم (١).
ومنها : لو حلف لا يشرب له ماء ، ونوى الامتناع من جميع ماله حنث بتناول كل ما يملكه. ومثله لو حلف لا يشرب له ماء من عطش.
ومنها : لو حلف أن لا يضربه ، ونوى أن لا يؤلمه ، حنث بكل ما يؤلمه من خنق وعض وغيرهما على مقتضى القاعدة.
ومنها : لو حلفت المرأة أن لا تخرج في تهنئة ولا تعزية ، ونوت أن لا تخرج أصلا ، حنثت بخروجها لغيرهما على الظاهر.
وأما القسم الثاني : فهو كثير جدا.
فمن مسائله : أن يقول : نسائي طوالق ، ويستثني بقلبه واحدة. أو يحلف لا يسلّم على زيد ، فسلّم على جماعة هو فيهم واستثناه بقلبه ، بخلاف ما لو حلف على الدخول عليه ، فدخل على قوم هو فيهم واستثناه.
والفرق : أن السلام المنسوب إلى الجماعة عامّ ، فيدخله التخصيص ،
__________________
(١) المغني لابن قدامة ١١ : ٢٨٣.
ومثله قوله لجماعة : بعتكم ، فإنه بمنزلة عقود متعددة. ومن ثم جاز للشفيع الأخذ من بعضهم دون بعض ، بخلاف الدخول ، فإنه فعل واحد في نفسه ، فلا يقبل التخصيص.
وبهذا يظهر ضعف قول الشيخ (١) بجواز تخصيصه بالنية كالقول ، استنادا إلى أن النية مؤثرة في الأفعال ، لاعتبارها في العبادات ، ومعظمها أفعال ، فتكون مؤثرة هنا ، وهذا خلاف المتنازع ؛ ولانتظام : سلّم على العلماء إلا على قوم منهم ، دون : دخل عليهم إلا على قوم منهم.
وما قيل : من أنّ الباعث على الدخول يكون هو المشخّص ، قد عرفت فساده ، فإن الواحد لا يقبل التخصيص ، وإن تخصّص الباعث ، والنزاع في الأول ، لا في الثاني.
ومنها : إن لبست الثوب الفلاني فأنت عليّ كظهر أمي ، ونوى به وقتا مخصوصا ، فإنه يختص به ، ويقبل قوله في نية ذلك ، ويدين مع الله بنيته.
ومنها : إذا نذر الصدقة بماله ونوى في نفسه قدرا معينا ، اختصّ بما نواه ومن المطلق ما إذا قال : زوّجتك بنتي ، وله بنات ، ونوى واحدة معينة مع علم الزوج بالحال وتفويضه التعيين إليه.
__________________
(١) المبسوط ٦ : ٢٢٦ ، قال : إذا حلف لا دخل على زيد بيتا ، فدخل على عمر بيتا وزيد في ذلك البيت. فإن علمه هناك واستثناه بقلبه ، فدخله معتقدا أنه داخل على عمرو دون زيد فهل يحنث أم لا؟ مبنية على أصل ، وهو إذا حلف لا كلم زيدا فسلم على قوم فيهم زيد واستثناه بقلبه واعتقد أن السلام عليهم دونه فهل يصح هذا الاستثناء فلا يحنث قال قوم : يصح ، وهو الأقوى عندي.
قاعدة «٧٨»
إذا ورد دليل بلفظ عام مستقل بنفسه (١) ولكن على سبب خاص ، كقوله صلىاللهعليهوآله : « الخراج بالضمان » حين سئل عمن اشترى عبدا فاستعمله ، ثم وجد به عيبا فرده ، هل يغرم أجرته (٢)؟
وكقوله صلىاللهعليهوآله وقد سئل عن بئر بضاعة : « خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء » (٣) إلى آخره.
فالعبرة بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب ، عند أكثر المحققين (٤) ، لأنه لا منافاة بين ذكر السبب والعموم.
وذهب بعضهم إلى أنّ العبرة بخصوص السبب (٥) ، لأنه لو لم يكن
__________________
[١] الخطاب الّذي يرد جوابا على سؤال سائل إما أن لا يكون مستقلا بنفسه أو يكون والأول على قسمين ، لأن عدم استقلاله إما أن يكون لأمر يرجع إليه كقوله صلىاللهعليهوآله وقد سئل عن بيع الرطب بالتمر : أينقص إذا جف؟ قالوا نعم ، قال : فلا إذن. وإما أن يكون لأمر يرجع إلى العادة كقوله : والله لا آكل ، في جواب من يقول : كل عندي ، لأن هذا الجواب مستقل بنفسه ، غير أن العرف اقتضى عدم استقلاله حتى صار مفتقرا إلى السبب الّذي خرج عليه ، والقسم الثاني على ثلاثة أنواع ، لأن الجواب إما أن يكون أخص أو مساويا أو أعم ، والأعم إما أن يكون مما سئل عنه كقوله صلىاللهعليهوآله لما سئل عن بئر بضاعة. المحصول ١ : ٤٤٧.
(٢) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٥٤ باب الخراج بالضمان حديث ٢٢٤٣ ، مختصر سنن أبي داود ٥ : ١٥٨ حديث ٣٣٦٥.
(٣) سنن ابن ماجة ١ : ١٧٤ باب بئر بضاعة ، سنن النسائي ١ : ١٧٤ باب ذكر بئر بضاعة ، مختصر سنن أبي داود ١ : ٧٣ حديث ٦١.
(٤) التلويح في كشف حقائق التنقيح : ١٢١ ، الذريعة ١ : ٣٠٨ ، المحصول ١ : ٤٤٨.
(٥) الرسالة للشافعي : ٥٥٦ ، ونقله عنه في منتهى الوصول : ٧٩ ، ونقله عن مالك وأبو ثور والمزني في نهاية السؤل ٢ : ٤٧٧.
مخصّصا لم يكن لذكره فائدة.
وأجيب : بأن معرفة السبب من الفوائد (١).
إذا تقرر ذلك ، فمن فروعها :
أنّ العرايا (٢) هل تختصّ بالفقراء أم لا؟ فإن اللفظ الوارد في جوازه عام (٣) وقد قالوا : إنه ورد على سبب ، وهو الحاجة إلى شرائه ، وليس عندهم ما يشترون به إلا التمر (٤) ، فذهب بعض العامة إلى اختصاصه بالفقراء لذلك (٥).
وهو ضعيف ، والسبب مشكوك فيه.
ومنها : إذا دعي إلى موضع فيه منكر ، فحلف أن لا يحضر في ذلك الموضع ؛ فإن اليمين يستمر وإن رفع المنكر ، بناء على القاعدة.
ومنها : إذا سلّم على جماعة وفيهم رئيس هو المقصود بالسلام ، فهل يكفي رد غيره؟ وجهان. ويمكن إخراج هذا الفرد من القاعدة ، نظرا إلى دلالة القرينة على تخصيص هذا العام بالنية ، والسلام يقبل التخصيص.
قاعدة « ٧٩ »
إذا كان السبب عاما ، واللفظ خاصا ، فالعبرة أيضا باللفظ ، كما تقرر.
__________________
(١) التلويح في كشف حقائق التنقيح : ١٢١ ، منتهى الوصول : ٧٩ ، التمهيد للأسنوي : ٤١١.
(٢) العرايا وهي أن تخرص نخلات بأن رطبها إذا جفّ يكون ثلاثة أوسق مثلا فيبيعه بثلاثة أوسق من التمر.
(٣) أخرج في صحيح البخاري ج ٣ ص ٩٦ ـ ٩٨ عن زيد بن ثابت : أن النبي صلىاللهعليهوآله رخص في بيع العرايا بخرصها.
(٤) المغني والشرح الكبير ٤ : ١٥٣ ، ١٨٦ ، ونقله عن الخطابي في شرح الكرماني ٩ : ٤٨.
(٥) حكاه عن الشافعي في أحد قوليه في المغني ٤ : ١٥٣.
ومن فروعها :
ما إذا حلف لا يشرب له ماء من عطش ، فإنه لا يحنث بالأكل والشرب من غير عطش. وإن كانت المنازعة بينهما والمنافرة تقتضي العموم ، لأن اللفظ لا يحتمله.
قيل : وكذا إن نوى العموم ، لعدم صلاحية اللفظ له (١). وفيه نظر ، فإن ذلك من المجازات المشتهرة ، بأن يطلق البعض ويريد الكل ، أو يطلق الخاصّ ويريد العام. فالمتجه الحمل على ما نواه ، وقد تقدم في بابه (٢).
مسألة :
الراوي لحديث عام إذا فعل فعلا يقتضي تخصيص العموم الّذي رواه ، أو أفتى بما يقتضي ذلك ، فهل يؤخذ به ، لكونه قد اطّلع على الحديث فلو لم يخالفه لدليل وإلا كان قدحا فيه ؛ أو لا يؤخذ بذلك ، لأنه ربما خالف لما ظنه دليلا وليس بدليل؟ فيه مذهبان. وصحّح أكثر المحققين الثاني.
وفرّع عليه العامة : قتل المرأة إذا ارتدت ، فإن قوله صلىاللهعليهوآله : « من بدّل دينه فاقتلوه » (٣) يقتضي بعمومه قتلها ، لكن راويه هو ابن عباس ، ومذهبه أنّ المرتدة لا تقتل ، بل تحبس (٤) ، وهو قول أصحابنا وأبي حنيفة (٥). وذهب الشافعي إلى وجوب قتلها لما تقدم (٦). وهذا البحث عندنا ساقط ، لأن المخصّص
__________________
(١) التمهيد للأسنوي : ٤١٢.
(٢) قاعدة ٢٢.
(٣) صحيح البخاري ٩ : ١٩ كتاب الاستتابة ، سنن ابن ماجة ٢ : ٨٤٨. باب المرتد عن دينه حديث ٢٥٣٥ ، سنن النسائي ٧ : ١٠٤ باب الحكم في المرتد.
(٤) الأم ٥ : ١٦٧.
(٥) المبسوط ٨ : ٢٨٢ ، السرائر ٢ : ٧٠٧ ، قواعد الأحكام : ٢٧٥.
(٦) الأم : ٦ : ١٥٩.
عندنا من الأخبار موجود (١).
قاعدة « ٨٠ »
المخصّص بشيء معيّن حجة في الباقي عند المحققين ، لأن كونه حجة في بعض موارده لا يتوقف على كونه حجة في البعض الآخر ، وإلا دار أو ترجح بغير مرجح ، ولأن أكثر العمومات أو جميعها كذلك.
وأما إذا خرج عنه فرد غير معيّن ، فلا يجوز العمل بذلك العام في شيء من الأفراد ، ولا الاستدلال به عليه بلا خلاف ، كما نقله جماعة ، منهم الآمدي (٢) ، لأنه ما من فرد إلا ويجوز أن يكون هو المخرج.
مثاله : قوله تعالى ( أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ ) (٣) وربما نقل بعضهم القول بأنه يعمل به إلى أن يبقى واحد (٤).
إذا علمت ذلك : فمن فروع القاعدة :
الاستثناء ، فإنه من جملة المخصصات ، ومع ذلك لو قال : أعتق هؤلاء إلا واحدا ، صحّ ، بل لو قال : له عليّ درهم إلّا شيئا ، فإنه يصحّ ، مع أنه مبهم من كل وجه ، ثم يفسّر الشيء بما أراده.
ومنها : ما إذا وكّل شخصا في إعتاق عبيده مثلا ، ثم قال : منعتك من
__________________
(١) التهذيب ١٠ : ١٤٣ حديث ٥٥٦ ، الفقيه ٣ : ١٥٠ حديث ٣٥٤٨ ، الوسائل ١٨ : ٥٤٩ أبواب حد المرتد باب ٤ حديث ١.
(٢) الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٢٥٣.
(٣) الحج : ٣٠.
(٤) الإبهاج في شرح المنهاج : ١٣٨ ، حكاه ابن برهان كما في التمهيد : ٤١٤ ، واختاره في أصول السرخسي ١ : ١٤٤.
إعتاق واحد منهم ، فمقتضى القاعدة امتناع عتق الجميع ، إلا أن يقوم دليل على إرادة المنع من التعميم ، فلا كلام فيه.
ومنها : ما إذا قال : عليّ عشرة إلا خمسة أو ستة بلفظ « أو » فقد قال بعضهم : يلزمه أربعة ، لأن الدرهم الزائد مشكوك فيه ، فصار كقوله : عليّ أربعة أو خمسة (١).
ويمكن أن يقال : يلزمه خمسة ، لأنه أثبت عشرة واستثنى خمسة ، وشككنا في استثناء الدرهم السادس.
ويقرب من هذا الباب : ما إذا اشتبهت محرمة بأجنبيات ، أو إناء نجس بأواني طاهرة ، أو ميتة بمذكّاة ، فإن كان العدد محصورا ، لم يجز أن يهجم ويأخذ ما شاء ، وإن كان غير محصور ، فله أن يأخذ بعضها بغير اجتهاد.
وإلى أي حد ينتهي الأخذ؟ فيه وجهان ، أظهرهما : إلى أن يبقى واحد ، والثاني : إلى أن ينتهي إلى عدد لو كان عليه ابتداء ـ وهو العدد المحصور ـ لم يجز أن يأخذ شيئا.
قاعدة « ٨١ »
إذا حكم على العام بحكم ، ثم أفرد منه فرد وحكم عليه بذلك الحكم بعينه في كلام آخر منفصل عن الأول ، لم يكن إفراده بذلك تخصيصا للعام ، أي حكما على باقي أفراده بنقيض ذلك ، وقيل : يكون تخصيصا (٢).
__________________
(١) المغني لابن قدامة ٥ : ٣٠٢.
(٢) نقله عن أبي ثور في منتهى الوصول : ٩٨ ، والتمهيد : ٤١٦.