الشيخ محمد تقي فلسفي
المحقق: فاضل الحسيني الميلاني
الموضوع : علمالنفس والتربية والاجتماع
الناشر: دار سبط النبي للبطاعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
ISBN الدورة:
الصفحات: ٣٨٤
|
مجموعة المحاضرات التي ألقاها البارع العلامة الشيخ محمد تقي فلسفي في جامع سيد عزيز الله ـ طهران . في رمضان ١٣٨١ هـ |
|
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
المحاضرة السادسة عشرة
مسؤولية الوالدين في تربية الطفل ـ الوفاء بالعهد
قال الله تعالى في كتابه الحكيم : (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا) (١) .
الوفاء بالعهد من الصفات الحميدة التي تملك جذوراً فطرية في بناء الإِنسان ، إن الطفل من حين إدراكه معنى العهد والميثاق ، يدرك لزوم الوفاء به أيضاً بفطرته . وعلى المربي القدير أن يستغل هذا الإِلهام الطبيعي عند الطفل ، وينمّي فيه هذه الموهبة الفطرية بحيث يجد في الوفاء بالعهد ـ من أولى أدوار طفولته ـ جزءً من سلوكه ، ويجد في خلاف ذلك عملاً قبيحاً .
لقد اعتبر الوفاء بالعهد من علائم الإِيمان في تعاليم الإِسلام ، وعليه فإن ركائز ذلك يجب أن تُصبّ من أولى أدوار الطفولة ، وسيدور بحثنا في هذه المحاضرة حول الموضوع ، ذاكرين الأحاديث التي تتصل بالبحث في الأثناء ، ولكن لما كانت تنشئة الطفل على الأخلاق الفاضلة والوفاء بالعهد تقع في الدرجة الأولى على عاتق القائمين بتربيته ، فإن من الضروري أن نمهد للموضوع بمقدّمة عن مسؤولية الوالدين في هذا المجال .
____________________
(١) سورة الإِسراء ؛ الآية : ٣٤ .
ضمان معيشة الأطفال :
كلنا نعلم أن الأطفال تجب نفقتهم على آبائهم ، فعلى الأب القادر أن يضمن لأطفاله ما يحتاجون إليه من غذاء ولباس ومسكن ، وأن يهيء لهم وسائل العيش المناسب . لقد احتلّت إدارة معيشة الأطفال والحفاظ على سمعتهم وشخصيتهم منزلة سامية من إهتمام الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى درجة أنه ورد في الحديث أن رجلاً من الأنصار توفّي ، وخلّف أطفالاً صغاراً ، وكان قد صرف ما يملكه من أموال قبيل موته بقصد العبادة وجلب رضى الله مما أدى بأطفاله إلى أن يمدّوا يد العوز والحاجة يوم وفاته ، وعندما بلغ هذا النبأ إلى النبي صلىاللهعليهوسلم . . . «قال لقومه : ما صنعتم به ؟ قالوا : دَفَنّاه . فقال : أما إني لو علمته ما تركتكم تدفنونه مع أهل الإِسلام ، تَركَ وُلده يتكفّفون الناس»(١) .
لا تنحصر مسؤولية الآباء في إدارة المعيشة المادية للأطفال ، بل إن عليهم أن يقوموا بتربيتهم تربية إيمانية صالحة ، فإن تأديب الأطفال وتربيتهم أهم في نظر الإِسلام من الإِهتمام باحتايجاتهم الجسدية . يقول الإِمام أمير المؤمنين عليهالسلام : «ما نَحَل والدٌ ولداً نحلاً أفضل من أدب حسن»(٢) . وعنه عليهالسلام : «لا ميراث كالأَدب»(٣) . وعن الإِمام زين العابدين عليهالسلام : «وأما حق ولدك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره ، وأنك مسؤول عما ولّيته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل ، والمعونة له على طاعته . فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مُثابٌ على الإِحسان إليه ، معاقَب على الإِساءة إليه»(٤) .
تربية الطفل فريضة دينية :
ليست تربية الأطفال تربية صحيحة واجباً وطنياً وإنسانياً فحسب ، بل إنها
____________________
(١) قرب الإِسناد ص ٣١ .
(٢) مستدرك الوسائل للمحدث النوري ج ٢ ص ٦٢٥ .
(٣) غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي ص ٨٣١ ـ ط . إيران .
(٤) مكارم الأخلاق للطبرسي ص ٢٣٢ .
فريضة روحية مقدسة ، وواجب شرعي لا يمكن الإِفلات منه . لقد وجدنا في هذا الحديث أن الإِمام زين العابدين عليهالسلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب .
يقول الإِمام الصادق عليهالسلام : «وتجب للولد على والده ثلاث خصال : إختياره لوالدته ، وتحسين إسمه ، والمبالغة في تأديبه»(١) . من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه .
وموقف رائع يبيّن فيه الإِمام زين العابدين عليهالسلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجل في قيامه بذلك : «واعنّي على تربيتهم وتأديبهم وبرهم»(٢) .
ما أكثر الأمهات اللائي يعودن أطفالهن على الصفات البذيئة والسلوك الأهوج منذ الصغر ، فيظل الأطفال مأسورين لتلك الأخلاق والصفات طيلة أيام حياتهم .
وما أكثر الآباء المجرمين الذين يحتقرون التعاليم الدينية والعلمية ، ويصطحبون أطفالهم إلى مجالس اللهو والعبث ! ويرتكبون الأفعال القبيحة أمام عيونهم النافذة ، وبذلك ينشأ الأطفال نشأة فاسدة . . . كما أن بعضهم يحملونهم على الإِجرام بجسارة شديدة .
الأب الخائن :
قبل حوالي الخمسة عشر عاماً ، وفي وقت متأخر من الليل كنت واقفاً في موقف الباص منتظراً مجيء السيارة ، وكان هناك عدة من الأشخاص واقفين في الموقف أيضاً . كان من بين الواقفين رجل أمسك بيده يد طفل لا يتجاوز
____________________
(١) تحف العقول ص ٣٢٢ .
(٢) الصحيفة السجادية ـ دعاؤه لولده .
السادسة من عمره . كان الطفل في حالة غير إعتيادية ، وأخيراً جلس على جانب الشارع واستفرغ ، فسأل أحد الواقفين أباه : ما هو المرض الذي أُصيب به ابنك ؟ فأجاب : إنه ليس مريضاً لقد اصطحبته الليلة إلى جلسة عند بعض الأصدقاء وهناك ناولته خمراً ! أي خيانة أعظم من أن يأخذ أبٌ ابنه الذي لا يتجاوز السادسة من عمره إلى مجلس للشراب ، ويناوله خمراً فيجر عليه وسائل الشقاء ؟! ألا يجب أن يعاقب هذا الأب ؟! ألا يحق لهذا الطفل أن يلعن أباه المجرم ؟ ! .
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يا علي ، لعن الله والدين حملا ولدهما على عقوقهما»(١) .
إن الآباء والأُمهات المؤمنين والملتزمين بالتعاليم السماوية قادرون على أن يربّوا أطفالهم تربية لائقة وصحيحة ، وأن يبذروا فيهم بذور الإِيمان والإِطمئنان إلى رحمة الله الواسعة .
|
«ليس عمل الأم كالرسم حيث يظهر مظاهر الجمال واللطافة على اللوحة ، ولا يشبه النحت الذي يخرج من قطعة من الرخام تمثالاً . إنها ليست كالكاتب الذي يصب أفكاره المنزهة في قالب من الألفاظ ، بل إنها موظفة على أن تظهر ـ بمعونة من الله ـ صورة من القدرة الإِلٰهية في الروح الإِنسانية» . «إن عبارة (بمعونة من الله) في النص المتقدم مهمة جدا ً ، فإن الأم حين تحس بالعجز تشعر في الغالب بأنها في حاجة إلى الإِستناد إلى قوة أعلىٰ وأقدر من طاقتها الفردية» . «لقد جعل ـ كوموله
سو ـ بحثه في كتابه يدور حول أمٍ تحمل بين جوانحها كثيراً من الواقعية . هذا الأستاذ القدير في التربية عندما كان يعد تقريراً لإِلقاءه في المؤتمر الرابع لشؤون الزواج |
____________________
(١) وسائل الشيعة للحر العاملي ج ٥ ص ١١٥ .
|
إلتقى بإمرأة استطاعت بعد موت زوجها أن تربّي أطفالها العشرة بموفقية تامة» . |
تدور بين الأستاذ والمرأة عدة أسئلة وأجوبة . والمرأة تتحدث في أجوبتها عن الله والدعاء والإِيمان ، وتجد ان نجاحها في تربية أطفالها بصورة صحيحة يستند إلى ثرواتها الإِيمانية والمعنوية وفي الختام يسأل الأستاذ :
|
«فماذا فعلت لأطفالك ؟ «لم أفعل شيئاً آخر . . . لقد عملت على اعتقاداتي النفسية ، وعمل الله عليها . . .» . «بهذه الصورة سلكت هذه المرأة طريق تكاملها في ظل قوة الإِيمان والعقيدة ، في حين أنه كان يساير هذا الموجود السالك نحو التعالي والتقدم ، شخصية مربٍ فقير ، مزوّد بالقوى والقابليات اللازمة للقيام بعبء مهمة خطيرة» . «لقد استطاعت هذه المرأة بسلوكها الممتاز أن ترقى إلى درجة الأشخاص الذين يعملون لإظهار صورة من القدرة الإِلٰهية في الروح الإِنسانية بمعونة الله»(١) . |
في العصر الحديث . . . العصر الذي يوجه أكثر الناس إهتمامهم فيه إلى الشؤون المادية ، تعتبر تنمية المواهب الروحية التي هي أساس الفضيلة ورصيد السعادة الحقيقية ذات أهمية بالغة في نظر العلماء والمحققين ، أنهم ينظرون إلى مثل هذه الأمور نظرة التكريم والتقدير .
تنمية الايمان :
يجب على الآباء والأمهات أن ينتبهوا الى مسؤوليتهم الشرعية ، ويهتموا بتنمية بذور الإِيمان والأخلاق في نفوس أطفالهم . في الوقت الذي يضمنون لهم سلامة الجسم وقوة العقل وطلب العلم ، عليهم أن يجعلوا منهم أفراداً مؤمنين مخلصين ومستقيمين في سلوكهم . . . وإن القيام بهذا الواجب المقدس
____________________
(١) ما وفرزندان ما ص ١٨ .
لا يكون إلا في ظل استقامة الوالدين والمربي . إن تربية الطفل من المسائل الدينية والعلمية المهمة ، وعلى الوالدين أن يستوعبا واجباتهما في تربيته ويطبقاها في مقام العمل حتى يصلا إلى المستوى اللائق الذي يجلب الخير له ولهما .
يجب أن تخضع مسموعات الطفل ومبصراته التي ترد إلى مخه عن طريق العين والأُذن لرقابة مضبوطة . إن كلمة بذيئة ، أو منظراً شاذاً يكفي لأن ينحرف بالطفل عن الصراط المستقيم ويلوّث أذياله إلى الأبد .
|
«إن تقنّية تعليم الأخلاق والعقائد تختلف كثيراً عن التعليم الفكري ، ذلك أن معرفة الخير والشر ، والقدرة على تملك زمام النفس ، وحب الجمال ، والإِيمان بالله يختلف كثيراً عن تعلّم اللغات أو التاريخ أو الحساب . هذا التعليم التطبيقي لأصول الحياة لا يمكن أن يحصل إلا في محيط تربوي خاص . كيف يمكن إيجاد محيط كهذا ؟ إن هذا الأمر عسير جداً بالنسبة إلى الإِنحطاط الخلقي الذي نعيشه في عصرنا» . «إن انسجام البيئة الاجتماعية مع أساسيات التعليم والتربية يستلزم في المرحلة الأولى القيام بعملية تصفية واسعة النطاق ، بحيث تعد الرقابة على الأفلام والإِذاعة ، وغلق كثير من محلات الرقص وشرب الخمر ، والتغيير الجذري في عالم المطبوعات التي توضع تحت متناول الأطفال والشباب جزءً من تلك العملية» . «إن المعلمين
والآباء والأمهات يحسنون الظن في الغالب ولكنهم ـ لجهلهم ـ يخطئون في الغالب . يجب أن يتعرف آباء المستقبل وأمهاته من جهة ، ومعلمو الغد من جهة أُخرى ، من الآن على الأسلوب التربوي الصحيح للطفل ، إن تربية الأغنام والدواجن أسهل من تربية الأطفال بكثير ، ومع ذلك فإن الذي يريد أن يتخصص في تربية الدواجن لا بد أن يقضي فترة من الزمن في |
|
القرية أو المعهد الزراعي ، ولا يوجد فرد عاقل يعد نفسه لهذا العمل بواسطة مطالعة المجلات أو قراءة كتاب في الحساب أو الفلسفة . . . ومع هذا فإننا نرى أن هذا العمل الجنوني ترتكبه الفتيات الشابات ـ أي أُمهات المستقبل ـ وفي الحين الذي يجهلن كل شيء خارج المنهج الدراسي يقدمن على الحياة الزوجية» . «إن البناء الجسمي والروحي للمرأة والرجل ليس متماثلاً وإن اتخاذ أسلوب تربوي واحد للأولاد والفتيات نظرية قديمة تافهة ، وهي من مخلفات الفترة غير العلمية التي سبقت تاريخ البشرية»(١) . |
لقد كان غرضنا من هذه المقدمة الموجزة أن نجلب إنتباه الآباء والأمهات إلى مسؤوليتهم الخطيرة في تربية الأطفال . وأملنا وطيد في أن يعمل الآباء بواجباتهم ويستمدوا العون من الله العلي القدير في القيام بتربية أطفالهم تربية صحيحة ، فيجعلوا منهم أفراداً صالحين وأعضاء نافعين للمجتمع .
نقض العهد :
إن جميع أفراد البشر من أي أُمة كانوا ، وإلى أي عنصر إنتموا يدركون بصورة فطرية ضرورة الوفاء بالعهد وقبح نقض العهد . كل فرد يدرك أنه إذا تعاهد مع شخص آخر فهو ملزم بأن يفي به ، فلو تخلف عنه كان قد ارتكب خطأ ، ويحس في ضميره الباطن بالخجل والندم . وكذلك إذا كان قد تعاهد معه شخص فإنه ينتظر بصورة طبيعية أن يفي له بالوعد ، فلو تخلف عن ذلك فانه يحس بأن ذلك الشخص قد ارتكب فعلاً قبيحاً .
إن الطفل يدرك بفطرته الطبيعية لزوم الوفاء بالعهد في الوقت الذي لا يدرك المسائل العلميه والعقلية . وعندما يعده أبوه بأن يجلب له عند عودته إلى البيت شيئاً من وسائل اللعب فإنه يتوقع بصورة طبيعية أن يفي أبوه بوعده ويطمئن إلى هذا التوقع الفطري ، فما دام الأب لم يعد ، يمنّي نفسه باللُعبة ،
____________________
(١) راه ورسم زندگى ، تأليف : ألكسيس كارل ص ١٦٤ .
وعندما يسمع الجرس يرن ويدخل الأب يتقدم لتناول لعبته ، وينظر إلى يد أبيه ، فإن لم يكن الأب قد وفى بوعده يتأذى الطفل ، ويحس بأن حادثة على خلاف ما كان يتوقع قد وقعت . . . إن هذا العمل يعتبر سيئاً عند بقية الأطفال أيضاً .
لقد جاء الأنبياء ورسل السماء يؤكدون طوال القرون المتمادية حسن الوفاء بالعهد وقبح نقض الميثاق ، وأخذوا يربون البشر على هذا الإِدراك الفطري ، ويغرسون بذور هذه السجية الفاضلة في نفوس الناس ، فهذا العمل موافق للوجدان الأخلاقي الفطري من ناحية ، ومنسجم مع الوجدان الأخلاقي التربوي من ناحية أُخرى .
الوفاء بالعهد واجب :
لقد اعتبر الوفاء بالعهد واجباً شرعياً في الإِسلام على جميع المسلمين في مختلف الأمور الفردية والإِجتماعية ، وقد جاءت نصوص كثيرة تؤكد على هذا الموضوع ، وإليكم بعضاً منها : ـ
١ ـ قال تعالى : (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا)(١) .
٢ ـ وقال أيضاً : (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)(٢) .
٣ ـ «عن موسى بن جعفر عن آبائه ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا دِينَ لِمن لا عهد له»(٣) .
٤ ـ «سمعت أبا عبد الله يقول : عِدَة المؤمن أخاه نذرٌ لا كفّارة له»(٤) .
٥ ـ قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «مَن كان مؤمنُ بالله واليوم الآخر فَلْيَفِ إذا وعد»(٥) .
____________________
(١) سورة الإِسراء ؛ الآية : ٣٤ .
(٢) سورة المؤمنون ؛ الآية : ٨ .
(٣) بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج ١٦ ص ١٤٤ .
(٤) الكافي لثقة الإِسلام الكليني ج ٢ ص ٣٦٣ .
(٥) الكافي لثقة الإِسلام الكليني ج ٢ ص ٣٦٤ .
٦ ـ وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أقربكم مني غداً في الموقف أصدقكم في الحديث ، وأدّاكم للأمانة ، وأوفاكم بالعهد ، وأحسنكم خلقاً ، وأقربكم من الناس»(١) .
٧ ـ وفي الحديث : «يجب على المؤمن الوفاء بالمواعيد والصدق فيها»(٢) .
٨ ـ قال علي عليهالسلام : «وفاءٌ بالذّمم زينة الكرم»(٣) .
ولأجل أن لا يلوثُ المسلم نفسه بذميمة نقض العهد عليه أن يقيس قدرته على الوفاء عندما يلتزم بشيء ، فإن وجد نفسه عاجزاً عن القيام بعبء ما ، عليه أن لا يتعهد به حتى لا يضطر إلى التخلف عنه . وبهذا الصدد يقول الإِمام أمير المؤمنين عليهالسلام : «لا تَعِدْ ما تعجز عن الوفاء . لا تضمن ما لا تقدر على الوفاء به»(٤) .
الحقوق الاسلامية والحقوق البشرية :
توجد في الإِسلام مجموعة من القوانين والأنظمة التي تخص الأمة الإِسلامية ، فالمسلمون في العالم مكلّفون بها وعليهم أن يطبقوها في العلاقات التي تقوم بينهم . لقد روعيت الحدود والحقوق العادلة بالنسبة إلى جميع الناس في تلك القوانين ، بحيث يأمن المجتمع بتطبيقها جميع المشاكل والمآسي الناشئة من تجاوز البعض على حقوق الآخرين . هذه القوانين يمكن تسميتها بالحقوق الإِسلامية .
في قبال هذه القوانين توجد مجموعة أُخرى من الأحكام لا تخص المسلمين بل إنها تمتاز بكونها عامة وشاملة ، وعلى المسلمين أن يطبقوها حتى
____________________
(١) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٦٠ .
(٢) مستدرك الوسائل للمحدث النوري ج ٢ ص ٨٥ .
(٣) غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي ص ٧٨٠ .
(٤) غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي ص ٨٠١ .
في العلاقات التي تقوم بينهم وبين بقية الأفراد الذين ينتمون إلى مذاهب وأديان أُخرى . هذه الطائفة من الأحكام يمكن تسميتها بالحقوق البشرية(١) ، ومن جملتها قانون لزوم الوفاء بالعهد ، فالمسلمون ليسوا مكلفين باحترام العهود والمواثيق فيما بينهم فقط ، بل عليهم أن يراعوا مواثيقهم تجاه غير المسلمين من أي أُمة كانوا ، عليهم أن يتسامحوا في ذلك قيد شعرة ولا يتماهلوا في أدائها أبداً .
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ثلاثة ليس لأحد فيهن رخصة : الوفاء لمسلم كان أو كافر ، وبر الوالدين مسلمين كانا أو كافرين ، وأداء الأمانة لمسلم كان أو كافر»(٢) .
وعن أبي جعفر عليهالسلام قال : «ثلاث لم يجعل الله عز وجل لأحد فيهن رخصة : أداء الأمانة إلى البر والفاجر ، والوفاء بالعهد للبر والفاجر ، وبر الوالدين برَّين كانا أو فاجرين»(٣) .
العهد مع العدو :
في العهد الذي بعث به الإِمام أمير المؤمنين عليهالسلام إلى واليه على مصر ـ مالكَ الأشتر ـ : «وإن عقدت بينك وبين عدوك عقدة ، أو ألبسته منك ذمَّة ، فَحُطْ عهدك بالفواء ، وارعَ ذمتك بالأمانة» ويعلل ذلك بقوله عليهالسلام : «فإنه ليس من فرائض الله شيء ، الناس أشد عليه إجتماعاً مع تفرق أهوائهم وتشتت آرائهم ، من تعظيم الوفاء بالعهود»(٤) .
____________________
(١) يصطلح على الأحكام الإِسلامية التي تنظم سلوك المسلمين تجاه غيرهم في المعاملات والمنازعات التي تقوم بينهم ، باسم أحكام الذميين والمستأمنين . ولو نقلنا هذا التعبير إلى المصطلح القانوني لوجدنا اصطلاح (القانون الدولي الخاص) منطبقاً على هذه المجموعة من الأحكام . وفي قبال ذلك (القانون الدولي العام) الذي ينظم علاقة الدولة الإِسلامية بالدول الأُخرى .
(٢) مجموعة ورام ج ٢ ص ١٢١ .
(٣) الكافي لثقة الإِسلام الكليني ج ٢ ص ١٦٢ .
(٤) نهج البلاغة ، شرح محمد عبده ج ٣ ص ١١٧ .
إن الإِنسان يحب نفسه وما يعود عليه بالنفع قبل كل شيء ، وبما أن الوقوف عند العهد والإِلتزام به قد يتصادم مع المصالح الشخصية والميول النفسية ، فانه يرغب في الخروج على ذلك والفرار من عبء الميثاق . وبالرغم من أن الأفراد يدركون بفطرتهم ضرورة الوفاء بالعهد ويتحدثون عن قيمة ذلك وأهميته ، لكنهم في مقام العمل إذا وجدوا منفذاً أو قدرة تذرعوا بها لنقض مواثيقهم . يقول الإِمام علي عليهالسلام : «الحق أوسع الأشياء في التواصف ، وأضيقها في التناصف»(١) .
في عصرنا الحاضر يتحدث القادة والزعماء عن العدالة والحرية ، يملأون الإِذاعات والصحف بالألفاظ الخلابة والعبارات الجذابة التي تحكي عن الحق والإِنصاف . . . إما في مقام العمل فغالباً ما يكون النافذ هو القوة والضغط ، في حين أن الإِهتمام بالحق والإِنصاف أقل . يستغل الزعماء الأقوياء سلطاتهم في أيام الحرب أو الأوقات الإِعتيادية ويعتدون على حقوق الشعوب الضعيفة ويثبتون عملياً تخلّفهم عن عهودهم التي قطعوها على أنفسهم . . . أما الشعوب فلضعفها تغضي على الظلم والإِضطهاد .
الوفاء بالعهد :
إن من أهم مميزات الرجال الإِلٰهيين أنهم لا يسيئون استغلال سلطاتهم ولا يتجاوزون على حقوق الآخرين مهما كانوا ضعفاء . في صدر الإِسلام عندما كانت تزحف جحافل المسلمين لإِعلاء راية الحق والحرية ودحض أساس الشرك والإِلحاد ، وعندما كان الفاتحون يفتحون المدن الكبيرة واحدة بعد الأُخرى كان شعارهم الوفاء بالعهود والمواثيق . كان الناس في ذلك العصر يدركون أنهم ملتزمون بهذه الخصلة الحميدة ، وكانوا مطمئنين إلى عهود المسلمين تجاههم ، واثقين إلى أن من المستحيل أن ينقضوا عهودهم مهما كانوا يملكون قوة الخروج عليها .
إذا صدر أمان من قبل المسلمين في ساحة الحرب إلى العدو ، كان
____________________
(١) نهج البلاغة ، شرح الفيض الكاشاني ص ٦٧٢ .
الجيش الإِسلامي مكلفاً برعاية ذلك الأمان والوقوف عنده . والأمر الذي يجلب الإِنتباه في هذا الصدد أنه لم يكن إصدار الأمان خاصاً بقائد الجيش بل إن النظام العسكري في الإِسلام يعطي هذا الحق لأفراد الجيش أيضاً . يحق لجندي مسلم في ساحة الحرب أن يعطي الأمان إلى العدو تحريراً أو شفوياً ، وعند ذاك يجب على جميع الضباط والجنود أن يلتزموا بذلك . وقد وردت أحاديث كثيرة في هذا الموضوع .
١ ـ عن أمير المؤمنين عليهالسلام : «إذا أومأ أحدٌ من المسلمين أو أشار إلى أحد من المشركين فنزل على ذلك فهو في أمان»(١) .
٢ ـ عن الإِمام الصادق عليهالسلام : «إذا أومى أحد من المسلمين إلى أحد من أهل الحرب فهو أمان»(٢) .
٣ ـ عن الإِمام أمير المؤمنين عليهالسلام : «إن رسول الله (ص) قال : ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم»(٣) .
أمان من جندي :
خرج فضيل بن زيد الرقاشي مع جنوده لمحاصرة قلعة تسمى بـ (سهرياج) في أيام عبد الله بن عامر بن كريز ، وقد سار إلى فارس فافتتحها ، وكان الجيش قد صمم على أن يفتح القلعة في يوم واحد ، يقول فضيل في ذلك :
«. . . كنا قد ضمنّا أن نفتحها في يومنا ، وقاتلنا أهلها ذات يوم فرجعنا إلى معسكرنا ، وتخلّف عبد مملوك منا ، فراطنوه ، فكتب لهم أماناً ورمى به في سهم ، قال : فرحنا إلى القتال وقد خرجوا من حصنهم وقالوا : هذا أمانكم» .
____________________
(١) مستدرك الوسائل للمحدث النوري ج ٢ ص ٢٥٠ .
(٢) المصدر السابق ج ٢ ص ٢٥٠ .
(٣) مستدرك الوسائل للمحدث النوري ج ٢ ص ٢٥٠ .
لم يكن إعطاء الأمان من مسلم إلى الكفار بالأمر المستبعد في نظر الجيش ، ولكنهم شكّوا في كون الأمان الصادر من العبد كالأمان الصادر من الحر . . .
«فكتبنا بذلك إلى عمر ، فكتب إلينا : إن العبد المسلم من المسلمين ذمته كذمتكم ، فلينفذ أمانه . . . فأنفذناه»(١) .
إن الوفاء بالعهد واجب لا يمكن التخلف عنه في الشريعة الإِسلامية المقدسة ، سواء في الحرب والسلم ، كان العهد مع مسلم أو كافر .
للوفاء بالعهود والمواثيق أثر حاسم في جميع الشؤون الداخلية والخارجية لكل دولة ، وكلما روعيت هذه الخصلة الحميدة في الدولة وجرى الناس على الإِلتزام بعهودهم ، إرتفع مستوى الحياة والتقدم عندهم وارتفعت مكانة تلك الدولة بين الدول الأُخرى .
الاتفاقيات الاقتصادية :
تشكل الاتفاقيات الاقتصادية والمواثيق المالية أحد الأركان المهمة للمجتمع في جميع دول العالم . ففي الدولة التي يعتبر أفرادها الوفاء بالعهد واجباً من واجباتهم الدينية والأخلاقية ، ويهتمون بمراعاة ذلك إهتماماً بالغاً تجري الأُمور المالية في تلك الدولة على أساس الثقة المتبادلة وتنضبط المعاملات على أساس من الصحة والدقة ، يدفع المدين دينه في الموعد المقرر ويسلّم البائع البضاعة حسب ما اتفق عليه مع المشتري . . . وبصورة موجزة ينال الوفاء بالعهد إحتراماً تاماً لدى الجميع وتلتزم جميع الطبقات بذلك . في مثل هذه الحالة يكون التعهد الناشىء من شرف النفس وفضيلة الأخلاق أغلى من أي سند رسمي ، وأعظم من أي متاع نفيس .
سند العشرة آلاف درهم :
لقد حصل أحد موالي الإِمام علي بن الحسين عليهالسلام الذين أعتقهم على
____________________
(١) معجم البلدان للحموي ج ٣ ص ٢٩٠ .
ثروة لا بأس بها نتيجة لجهوده ونشاطه . وفي بعض الأيام أُصيب الإِمام عليهالسلام بضائقة مالية شديدة ، فطلب من مولاه الذي أعتقه يقرضه مبلغاً قدره عشرة آلاف درهم يدفعه إليه عند الإِستطاعة فطلب من الإِمام سنداً أو وثيقة . مدّ الإِمام يده إلى طرف رداءه واستخرج هدبة (خيطاً) منه ، وقال له : خذه فهذه وثيقتي عندك إلى أن أردّ إليك مالك . لقد ثقل على المقرض أن يوافق على وثيقة كهذه ولكنه للنظر إلى شخصية الإِمام عليهالسلام سلّم إليه المال وأخذ الهدبة ووضعها في علبة صغيرة . ثم صادف أن الإِمام تيسرت أموره بعد فترة قصيرة فردّ المبلغ إلى صاحبه . . «ثم قال له : قد أحضرت مالك فهات وثيقتي . فقال له : جعلت فداك ضيّعتها . قال : إذاً لا تأخذ مالك مني ، ليس مثلي يُستخف بذمّته . قال : فأخرج الرجل الحُق فإذا فيه الهدبة ، فأعطاه علي بن الحسين عليهالسلام الدراهم ، وأخذ الهدبة فرمى بها وانصرف»(١) .
إن خيطاً من رداء لا قيمة له ، ولكن عندما يكون الخيط رمزاً لتعهد صادر من شخص شريف فإن قيمته ترتفع إلى أن يصبح وثيقة لدين عن عشرات الآلاف من الدراهم والدنانير ، ويتقبله الدائن بكل ثقة واطمئنان .
إن الوفاء بالعهد من صفات الله عز وجل : فالله يصرح بذلك في القرآن الكريم : (إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ)(٢) . والإِنسان لا يخلف وعده يكون متصفاً بإحدى الصفات الإِلٰهية ، وهذا هو علامة لمرتبة من مراتب الكمال والفضيلة .
المتهم البريء :
ظهر بعد واقعة صفين حزب جديد باسم الخوارج ، ضمّ رجالاً متهورين وجهلاء بحقيقة العلم والدين ، قاموا بجرائم عظيمة طوال سنين طويلة ، ولقد قامت السلطات الزمنية بمكافحة هذا الحزب بصورة مختلفة . وفي زمن الحجاج الثقفي إتّهم جماعة بالإِنتماء إلى هذا الحزب فأحضروا إلى مجلس
____________________
(١) بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج ١١ ص ٤٢ .
(٢) سورة الرعد ؛ الآية : ٣١ .
الحجاج ليعاقبهم على ذلك ، فتحقق عن وضع كل منهم وعيّن لكل عقوبته ، وعندما وصل إلى آخر رجل منهم قام المؤذن للأذان معلناً دخول وقت الصلاة ، فقام الحجاج وسلّم المتهم إلى أحد الحاضرين واسمه (عنبسة) وقال له : خذه معك إلى البيت وأحضره لي غداً حتى أقرر عقوبته فنفذ عنبسة الأمر وخرج معه من قصر الإِمارة . وفي الطريق قال له المتهم : هل يرجى منك خيراً ؟ فقال له عنسبة : حدثني بما تريد فلعلي أوفق لأعمل لك خيراً . فقال المتهم : والله لست خارجياً ، لم أخرج على مسلم ، ولم أشهر سيفي على أحد ، وأنا بريء من هذه التهمة المنسوبة إلي وبالرغم من أنهم قبضوا علي وأنا بريء فإن أملي برحمة الله العظيم وطيد ، وأعلم أن فضله سيشملني ولا أعذّب من دون ذنب ولكني أرجوك أن تسمح لي بالذهاب إلى أهلي هذه الليلة لأودعهم وأوصيهم بوصاياي واؤدي حقوق الناس وسأحضر عندك غداً صباحاً ، يقول عنبسة : لقد استغربت من هذا الطلب الذي توجّه به المتهم فلم أجبه ، فكرّر علي السؤال ، حتى أثر كلامه في نفسي ، وخطر ببالي أن أتوكل على الله وأنزل عند رغبته فصممت على ذلك وقلت له : اذهب ولكن يجب أن تعاهدني على الرجوع غداً ، فقال الرجل : عاهدتك على أن أحضر غداً صباحاً وأشهد الله على هذا العهد ، ثم ذهب حتى غاب عن عيني ولكن ما إن رجعت إلى نفسي حتى اضطربت اضطراباً شديداً وندمت على ما فعلت ، فقد عرّضت نفسي لغضب الحجاج من دون سبب ، ولازمني الاضطراب حتى ذهابي إلى البيت فذكرت ذلك لأهلي فلاموني . . . ولكن لات حين لوم .
لم أنم تلك الليلة ، كنت أتململ كالسليم
، وأتقلب كالثكلى . وعند الصباح وفى الرجل بعهده فتعجبت من مجيئه وقلت له : لماذا حضرت ؟ قال : من آمن بالله واعتقد قدرته وعظمته وعاهد على أمر وجعل الله شهيداً على عهده فلا يخلف عهده . فأخذته إلى قصر الإِمارة في الساعة المقررة وذكرت للحجاج ما جرى بيني وبينه الليلة السابقة ، فتعجب من إيمان الرجل ووفاءه بعهده ، ثم قال لعنبسة : أتريد أن أعفو عنه لأجلك فقال : لو تتكرم عليّ بذلك فلك المنة العظيمة ، فعفا الحجاج عن المتهم وأخرجه عنبسة من دار الإِمارة وقال له بكل
لطف ولين : إذهب فأنت حر .
فذهب الرجل دون أن يشكر لعنبسة جميل صنعه ويقابل إحسانه بالإِحسان . فتألم عنبسة من هذه البرودة ، وهذا التنكر للحق ، وقال في نفسه : لعله مجنون .
وفي اليوم الثاني حدث ما لم يكن بالحسبان فقد حضر الرجل عند عنبسة وشكره على إنقاذه من الورطة التي وقع فيها . ثم قال له : إن المنقذ الحقيقي هو الله تعالى وكنت أنت الواسطة في ذلك . فلو كنت أشكرك بالأمس على إحسانك كنت قد أشركتك بالله في النعمة التي أنعم بها علي وهذا ليس بمستحسن ، فرأيت من اللازم أن أذهب لأداء واجب الشكر والحمد بين يدي الله تعالى أولاً ، ثم أحضر لتوجيه الشكر لك . ثم شكر لعنبسة جميل صنعه وإحسانه واعتذر منه كثيراً وانصرف(١) .
أثر الوفاء بالعهد :
الوفاء بالعهد أحد الأركان المهمة للسعادة الإِنسانيّة ، الوفاء بالعهد أحد الفضائل الخلقية العالية للإِنسان ، الوفاء بالعهد قادر على أن يردع شخصاً سفاحاً مثل الحجاج عن إراقة دم شخص بريء .
الحياة على أساس الفضيلة :
في الدولة التي يلتزم الأفراد فيها بعهودهم ويقفون عندها تجري الأمور الإِقتصادية والإِجتماعية والعائلية على أساس صحيح . . هناك تقوم الحياة على أساس الفضيلة الإِنسانية ، وعلى العكس فإن المجتمع الذي يتّسم بتهرّب الأفراد فيه من عهودهم والإِفلات عن تعهداتهم من دون شعور بالمسؤولية تجاهها تخرج الأمور عن مجراها الطبيعي وتحيط بهم المآسي والمشاكل بشتى صورها ، وعند ذاك تقوم المحاكم القضائية والسلطات التنفيذية بمراقبة تنفيذ الإِلتزامات . . . الأخلاق والشعور بالمسؤولية تخلى مكانها لقاعات المحاكم ،
____________________
(١) جوامع الحكايات ج ١ ص ٧١ .