حاشية مجمع الفائدة والبرهان - المقدمة

حاشية مجمع الفائدة والبرهان - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : الفقه
الطبعة: ١
الصفحات: ٨١٢

شيخنا العالم العامل العلّامة ، وأستاذنا الحبر الفاضل الفهّامة ، المحقّق النحرير ، والفقيه العديم النظير ، بقيّة العلماء ، ونادرة الفضلاء ، مجدّد ما اندرس من طريقة الفقهاء ، ومعيد ما انمحى من آثار القدماء ، البحر الزاخر ، والإمام الباهر ، الشيخ محمّد باقر ابن الشيخ الأجلّ الأكمل والمولى الأعظم الأبجل المولى محمّد أكمل أعزّه الله تعالى برحمته الكاملة وألطافه السابغة الشاملة (١).

د : ويقول عنه تلميذه الشيخ أسد الله الكاظمي الدزفولي :

الأستاذ الأعظم ، شيخنا العظيم الشأن ، الساطع البرهان ، كشّاف قواعد الإسلام ، حلّال معاقد الأحكام ، مهذّب قوانين الشريعة ببدائع أفكاره الباهرة ، مقرّب أفانين الملّة المنيعة بفرائد إنظاره الزاهرة ، مبيّن طوائف العلوم الدينيّة بعوالي تحقيقاته الرائقة ، مزيّن صحائف رسوم الشريعة بلآلي تدقيقاته الفائقة ، فريد الخلائق ، واحد الآفاق في محاسن الفضائل ومكارم الأخلاق ، مبيد شبهات أولي الزيغ واللجاج والشقاق على الإطلاق ، بمقاليد تبيانه الفاتحة للأغلاق ، الخالية عن الإغلاق ، الفائز بالسباق ، الفائت عن اللحاق ، شيخي وأستاذي في مبادئ تحصيلي ، وشيخ مشايخي ، المحقّق الثالث والعلّامة الثاني ، الزاهد العابد ، الأتقى الأورع ، العالم العلم الربّاني ، مولانا آقا محمّد باقر بن محمّد أكمل الأصفهاني الحائري ، الشهير بالبهبهاني قدّس الله نفسه الزكيّة ، وأحلّه في الفردوس في المنازل العلية (٢).

هـ : قال الفاضل الدربندي :

ولا يخفى عليك أنّ العلّامة مجدّد رسوم المذهب على رأس المائة الثانية

__________________

(١) أعيان الشيعة : ٩ ـ ١٨٢.

(٢) مقابس الأنوار : ١٨.

٤١

عشر ، وكان أتقى الناس في زمانه ، وفي هذه الأزمنة ، وأورعهم وأزهدهم ، وبالجملة ، كان في الحقيقة عالما عاملا بعلمه ، متأسّيا مقتديا بالأئمّة الهداة صلوات الله عليهم. فلأجل خلوص نيّته وصفاء عزيمته وصل كلّ من تلمّذ عنده مرتبة الاجتهاد ، وصاروا أعلاما في الدين (١).

و: وجاء في « طرائف المقال » : ..

وبالجملة ، جلالة الشيخ الوحيد واضحة على كلّ أحد ، ويكفي في تبحّره وفضله في أغلب العلوم تأليفه وتلميذه ، إذ الأوّل مصدر التأليف لكلّ من تأخّر ، والثاني منتشر في البلاد وصار كلّ من تلاميذه من أساطين العلماء وجهابذة الفضلاء. (٢).

ز : وصرّح في « روضات الجنّات » بقوله :

مروّج رأس المائة الثالثة عشرة من الهجرة المقدّسة المطهّرة ، كما أنّ سميّه المتقدّم (٣) كان مروّجا على رأس المائة قبلها ، وقد بقي إلى الثامنة من الثالثة كما قد بقي الأوّل إلى العاشرة من الثانية ، وكذلك ارتفعت بميامن تأييداته المتينة أغبرة آراء الأخباريّة المندرجة في أهواء الجاهليّة الأخرى من ذلك البين ، كما انطمست آثار البدع الالوفيّة المنتشرة من جماعة الملاحدة والغلاة والصوفيّة ببركات انتصار المتقدّم منهما لأخبار المصطفين عليهم‌السلام ، وقد سمّي كلاهما أيضا بآية الله تعالى من غاية الكرامة غبّ ما سمّي بهذه المنقبة إمامنا العلّامة (٤).

ح : وقصّ علينا في « قصص العلماء » فقال : ـ ما ترجمته ـ :

__________________

(١) لاحظ : معارف الرجال : ١ ـ ١٢١.

(٢) طرائف المقال : ٢ ـ ٣٨٥.

(٣) إشارة إلى العلّامة محمّد باقر المجلسي ، صاحب « بحار الأنوار ».

(٤) روضات الجنّات : ٢ ـ ٩٤.

٤٢

الآقا محمّد باقر بن ملّا محمّد أكمل البهبهاني ، علّامة الدهر ونادرة الزمان ، فاضل بلا ثاني ، مشيّد الأصول والفروع والمباني ، عالم صمداني ، وعليم ربّاني ، سائر مسالك الألفاظ والمعاني ، مقتدى الأقاصي والأعالي والأداني ، صاحب الكرامات الباهرة ، والمؤسّس في الأصول والفروع والرجال ، محطّ رحال الرجال ، الوحيد الفريد في التحقيق والتدقيق والتفريع والاستدلال (١).

ثمّ قال ـ بعد أن عرّف لنا جمع من تلامذة العلّامة الوحيد وتبحّرهم في بعض الفنون ، ما ترجمته ـ : ..

يمكن أن يستكشف ممّا ذكرنا مجملا : أنّ نفس ( الآقا ) كان ذو فنون عديدة ، له يد في كلّ واحد منها ، ممّا سبّب أن يكون تلامذته مظهرا لواحد أو أكثر من تلك الفنون ، وكان ( الآقا ) في تأسيسه للقواعد الكليّة ( وحيد ) ، وفي كثرة إجراء الأدلّة في المسائل حتّى تصبح المسألة بديهيّة ( فريد ) ، وفي تفريعه الفروع وإحاطته الفقهيّة بطل صنديد (٢).

ت : قال العلّامة الوحيد والرجالي الكبير المولى علي بن عبد الله العلياري التبريزي بعد قوله :

والبهبهاني معلم البشر محمّد باقر بن محمّد أكمل ، كان هذا العالم الربّاني ، والعلم العامل الصمداني ، والقمر الطالع الشعشعاني ، مروّج المذهب والدين ، ومعلّم الفقهاء المجتهدين ، أصفهاني الأصل ، ثمّ الفارسي البهبهاني قدّس الله نفسه وطيّب رمسه ، روّج في رأس العام الثاني عشر بناء على ما روى الفاضل النيسابوري. (٣).

__________________

(١) قصص العلماء : ١٩٨.

(٢) قصص العلماء : ٢٠٢.

(٣) بهجة الآمال في شرح زبدة المقال ( نخبة المقال ) : ٦ ـ ٥٧٢.

٤٣

ي : وقال العلّامة النوري صاحب « المستدرك » :

أوّلهم وأجلّهم وأكملهم : الأستاذ الأكبر مروّج الدين في رأس المائة الثالثة عشر المولى محمّد باقر الأصبهاني البهبهاني الحائري ، قال الشيخ عبد النبي القزويني في « تتميم أمل الآمل » بعد الترجمة : ( فقيه العصر إلى يوم الدين ـ إلى أن قال ـ : وبالجملة ، ولا يصل إليه مكثنا وقدرتنا ) انتهى.

قلت : وما ذكره من العجز عن شرح فضله هو الكلام الفصل اللائق بحاله ، والميرزا محمّد الأخباري المقتول ـ مع ما هو عليه من العداوة والبغضاء لجنابة ـ ذكره في رجاله بكلام تكاد ترجف منه السماوات وتهتزّ منه الأرض ، عدّه في الفائدة الحادية عشر من الباب الرابع عشر من كتابه المعروف بـ « دوائر العلوم » من الّذين رأوا القائم الحجّة عجّل الله تعالى فرجه (١).

ل : قال الشيخ آقا بزرگ الطهراني صاحب « الذريعة » :

وعلى أيّ ، فإنّ المترجم لمّا ورد كربلاء المشرّفة قام بأعباء الخلافة ، ونهض بتكاليف الزعامة والإمامة ، ونشر العلم بها ، واشتهر تحقيقه وتدقيقه ، وبانت للملإ مكانته السامية ، وعلمه الكثير ، فانتهت إليه زعامة الشيعة ورئاسة المذهب الإمامي في سائر الأقطار ، وخضع له جميع علماء عصره ، وشهدوا له بالتفوّق والعظمة والجلالة ، ولذا اعتبر مجدّدا للمذهب على رأس هذه المائة ، وقد ثنيت له الوسادة زمنا ، استطاع خلاله أن يعمل ويفيد ، وقد كانت في أيّامه للأخباريّة وصولة ، وكانت لجهّالهم جولة ، وفلتأت وجسارات وتظاهرات أشير إلى بعضها في « منتهى المقال » وغيره. فوقف المترجم آنذاك موقفا جليلا كسر به شوكتهم ، فهو الوحيد من شيوخ الشيعة الأعاظم الناهضين بنشر العلم والمعارف ، وله في التأريخ

__________________

(١) مستدرك الوسائل : ٣ ـ ٣٨٤.

٤٤

صحيفة بيضاء يقف عليها المتتبّع في غضون كتب السير ومعاجم الرجال ، والحقّ ، أنّا وإن أطنبنا في ذكره وأشدنا به ، فلا شكّ أنّا غير واصفيه على حقيقته ، وقد أحسن وأنصف الشيخ عبد النبيّ القزويني في « تتميم الأمل » حيث اعترف بالعجز عن توصيفه وتعريفه ، فكيف يوصف ، وبأيّ مدح يمدح من خرج من معهد درسه جمع من أعلام الدين ، وعباقرة الأمّة ، وشيوخ الطائفة ، ونواميس الملّة ، كالمولى مهدي النراقي ، والميرزا أبي القاسم القمّي ، والميرزا مهدي الشهرستاني ، والسيّد محسن الأعرجي ، والشيخ أبي علي الحائري ، والشيخ الأكبر جعفر كاشف الغطاء ، والسيّد مهدي بحر العلوم ، والشيخ أسد الله الدزفولي ، والسيّد أحمد الطالقاني النجفي ، والسيّد محمّد باقر حجّة الإسلام الأصفهاني ، وغيرهم من مشيّدي دعائم الدين ، ومقوّمي أركان المذهب أعلى الله درجاتهم جميعا (١)؟!

اهتمام معاصريه وتلامذته ومن تأخّر عنه بنظريّاته طاب ثراه :

لقد سلف أن ذكرنا كلام المرحوم الشيخ عبد النبي القزويني في حقّ المؤلّف ، حيث قال : فحباه الله باستعداده علوما لم يسبقه أحد فيها من المتقدّمين ولا يلحقه أحد من المتأخّرين إلّا بالأخذ منه (٢).

وقال أبو علي في رجاله : جمع فنون الفضل ، فانعقدت عليه الخناصر ، وحوى صنوف العلم فانقاد له المعاصر. ونبّه على فوائد وتحقيقات لم يتفطّن بها المتقدّمون ، ولم يعثر عليها المتأخّرون (٣).

ويقول شيخنا الطهراني : وخضع له جميع علماء عصره ، وشهدوا له بالتفوّق

__________________

(١) الكرام البررة : ١ ـ ١٧١ ـ ١٧٢.

(٢) تتميم أمل الآمل : ٧٤.

(٣) روضات الجنّات : ٢ ـ ١٤ و ١٦.

٤٥

والعظمة والجلالة (١).

وصرّح في « طرائف المقال » : .. إذ الأوّل [ أي تأليفه ] مصدر التأليف لكلّ من تأخّر ، والثاني [ أي تلاميذه ] منتشر في البلاد ، وصار كلّ من تلاميذه من أساطين العلماء ، وجهابذة الفضلاء ، قد سلّط كلّ في أحد علومه ، وأعلى منهم المولى الفريد بحر العلوم ، فإنّه قد خاض في الجميع ، ولذا سمّي بهذا اللقب قدّس الله أرواحهم الشريفة (٢).

وغيرهم في غيرها ، ولا يسعنا عدّها وتعدادها.

ولقد أطلق جمع من أعلامنا رضوان الله عليهم على شيخنا المترجم طاب رمسه لفظ ( المجدّد ) (٣) ، منهم :

__________________

(١) الكرام البررة : ١ ـ ١٧١ ـ ١٧٢.

(٢) طرائف المقال : ٢ ـ ٣٨٥.

(٣) معجم الرموز والإشارات : ٣١٧ ، قال فيه ـ موضّحا معنى اصطلاح المجدّد ـ : الفائدة الثالثة : لفظ « المجدّد » مصطلح محدث ، ولعلّ وجه التسمية فيه مجملا ما ورد من طريق العامّة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ بألفاظ مختلفة ـ من أنّه : إنّ لله في كلّ عصر حجّة قائمة يردّ كيد الخائنين ، وإنّ على رأس كلّ مائة مجدّدا للدين ، أو : إنّ الله يرسل على كلّ مائة سنة رجلا يحيى الدين ويجدّد المذهب.

وقد ذهب شيخنا النوري في ظهر المجلّد الأوّل من المستدرك إلى أنّ هذا الحديث لم يصل لنا عن طريق الخاصّة. ومع كلّ هذا فقد تلقي بالقبول ، وقد عيّن كلّ من السنّة والشيعة رجلا على كلّ مائة سنة ، بل قد عيّنت كلّ فرقة منهم أو طائفة رجلا ، فهم عيّنوا علماء المذاهب الأربعة وكذا جمهور المحدّثين أو القرّاء أو الوعّاظ. وغيرهم عيّنوا منفردين أشخاصا منهم.

وناقشوا في تعيين سواهم!! وقد قيل إنّه اتّفق علماء الإسلام بأنّ المجدّد على رأس المائة الثانية هو الإمام محمّد بن علي عليهما‌السلام ، وعلى القرن الثالث الإمام الثامن علي ابن موسى الرضا عليهما‌السلام ، والمجدّد للقرن الرابع ثقة الإسلام الكليني. إلى آخره.

وعلى هذا قالوا : إنّ المجدّد للقرن الرابع عشر الميرزا محمّد حسن الشيرازي المتوفّى سنة ١٣١٢ هـ.

والمراد برأس المائة هو تمامها ، فيكون من مروّجين تلك المائة ، ويلزم كون المجدّد حيّا على رأس تلك المائة ووفاته بعد دخول المائة البعديّة ودركه لها.

٤٦

الشيخ أبو علي الحائري (١) رحمه‌الله في « منتهى المقال ».

صاحب كتاب « نخبة المقال » في أرجوزته الرجاليّة (٢).

العلّامة الدربندي طاب ثراه (٣).

السيّد الخوانساري ، في « روضاته » (٤).

العلّامة الميرزا حسين النوري (٥) رحمه‌الله في « المستدرك ».

العلّامة العلياري ، في « رجاله » (٦).

العلّامة المامقاني ، في « تنقيحه » (٧).

المحدّث القمي ، في « فوائده » (٨).

العلّامة الطهراني ، في « الكرام البررة » (٩) وغيرهم في غيرها.

فضائله الأخلاقيّة وملكاته النفسيّة :

إنّ من حظي بلقيا شيخنا المصنّف طاب رمسه انبهر بما امتاز به من سلوكيّة

__________________

(١) روضات الجنّات : ٢ ـ ٩٤.

(٢) أعيان الشيعة : ٩ ـ ١٨٢.

(٣) معارف الرجال : ١ ـ ١٢١.

(٤) روضات الجنّات : ٢ ـ ٩٤.

(٥) مستدرك الوسائل : ٣ ـ ٣٨٤.

(٦) بهجة الآمال : ٦ ـ ٥٧٢.

(٧) تنقيح المقال : ٢ ـ ٨٥.

(٨) الفوائد الرضوية : ٤٠٤.

(٩) الكرام البررة : ١ ـ ١٧٢.

٤٧

رائعة ، وخلوص تام وطهارة بيّنة ، نلمسها ممّا كتبوه عنه ، فهاك العلّامة الدربندي إذ يقول : كان أتقى الناس في زمانه وفي هذه الأزمنة ، وأورعهم وأزهدهم.

وبالجملة ، كان في الحقيقة عالما عاملا بعلمه ، متأسّيا مقتديا بالأئمّة الهداة صلوات الله عليهم ، فلأجل خلوص نيّته وصفاء عزيمته ، وصل كلّ من تلمّذ عنده مرتبة الاجتهاد ، وصاروا أعلاما في الدين (١).

ومع كلّ ما امتاز به من عظمة وغور علمي وفكري ، نجده أمام النصّ وأئمة الهدى سلام الله عليهم ذليلا خاضعا ، كما قال لنا في « معارف الرجال » : كان يراعي في أواخر عمرة ما كانت عادته عليه من زيارة قبر الحسين عليه‌السلام ، وإحراز غاية الآداب ، ونهاية الخضوع والخشوع ، حتّى أنّه كان يسقط على وجهه في مخلع النعال ، وتقبيل الأرض الطاهرة ، ويسقط في أبواب الحرم الحسيني الشريف على وجهه ويقبّلها ويدخل الحرم ، وكان أيضا يراعي تلك الآداب ويفعل هذه الأفعال عند زيارة أبي الفضل العبّاس عليه‌السلام (٢).

وينقل لنا نظير هذه الواقعة التنكابني في « قصص العلماء » في خضوعه وخشوعه في حريم أهل البيت عليهم‌السلام.

ومن الطريف أنّه مع كلّ تذلّله وخضوعه بين يدي ربّه وأوليائه ، نراه أبيّ النفس إمام أصحاب القدرة والسلطان ، غنيّا عنهم.

يقول عنه في « الفوائد الرضوية » ـ ما ترجمته ـ : .. أهدي له طاب ثراه من حاكم الوقت ـ آغا محمّد خان قاجار ـ قرآنا نفيسا بخطّ الميرزا النيريزي ، مرصّعا بالياقوت والألماس والزبرجد وغيرها من الأحجار الكريمة ، فما كان من شيخنا

__________________

(١) لاحظ : معارف الرجال : ١ ـ ١٢١.

(٢) معارف الرجال : ١ ـ ١٢١ ـ ١٢٣.

٤٨

إلّا أنّ صدّ رسل السلطان وأنّبهم على ترصيعهم وتذهيبهم للقرآن الكريم ، وأمر ببيع هذه الجواهر والأحجار الكريمة وتوزيع ثمنها بين الطلّاب والمساكين (١).

وكان ـ طاب ثراه ـ يجلّ نفسه عن موائد السلاطين ولا يعتني بصولتهم الظاهريّة ، مع ما تراه خاضعا في ساحة أئمّة الهدى عليهم‌السلام. ليس هذا فحسب ، بل يعدّ سرّ توفيقه وعلّة ترقّيه من جهة تجليله وتبجيله للعلماء ، يقول في « روضات الجنّات » : أنّه كتب في الجواب ـ لما سئل عن سرّ وصوله إلى هذه المرتبة العالية ـ : لا أعلم من نفسي شيئا أستحقّ به ذلك ، إلّا أنّي لم أكن أحسب نفسي شيئا أبدا ، ولا أجعلها في عداد الموجودين ، ولم آل جهدا في تعظيم العلماء والمحمدة على أسمائهم ، ولم أترك الاشتغال بتحصيل العلم مهما استطعت ، وقدّمته على كلّ مرحلة دائما (٢).

كان بحقّ نزيها منزّها من جميع التعلّقات الظاهريّة والزخارف الدنيويّة ، يقول لنا في « مرآة الأحوال » (٣) ـ ما ترجمته ـ : لم يصرف همّته العالية طوال عمره الشريف لجمع الزخارف الدنيويّة الّتي كان يسع أقلّ تلامذته تحصيلها ، بل لم يكن أصلا عارفا بأنواع المسكوكات المختلفة من دراهم ودنانير والفرق بينها ، بل استولى عليه الابتعاد عن أصحاب المقامات الدنيويّة ، وأبعد نفسه الشريفة عن معاشرة أولئك إلى مصاحبة الفقراء والمساكين ، حيث كان يلتذّ بذلك.

ونقل في « قصص العلماء » ـ ما ترجمته ـ : إنّ في سنة من السنين خاطت له زوجته جبّة في أيّام الشتاء فلبسها طاب ثراه ، ولمّا حان وقت المغرب ذهب إلى المسجد ، فبادر أحد الأراذل إلى تعرية رأسه ومشى حافيا إلى الشيخ رحمه‌الله وعرض له حاله وعريته وبرودة الهواء ، وطلب منه أن يفكّر له بتغطية رأسه ، فسأله

__________________

(١) لاحظ! الفوائد الرضوية : ٤٠٦ ، باختصار.

(٢) روضات الجنّات : ٢ ـ ٩٨.

(٣) مرآة الأحوال : ١ ـ ١٢٩.

٤٩

الشيخ قدّس سره : هل معك سكّين؟ فأجاب : نعم ، فأخذ السّكين منه وقصّ أحد كمّيه وأعطاه إيّاه ، وقال : خذ هذا الكمّ وضعه على رأسك هذه الليلة كي أجد لك حلّا غدا ، وعند عودته إلى البيت رأت زوجته أنّ جبّته بدون الكمّ ، فتأثّرت منه ، حيث أنّها قضت مدّة طويلة لتهيئة هذه الجبّة فأنقصها بقطع كمّها (١).

ولعلّ نتيجة هذا النوع من الورع والتقوى والتنزّه عن المادّيات كان له الأثر في تقويته الروحيّة وتعاليه في الكمالات المعنويّة ، بحيث أنّ الميرزا محمّد الأخباري عدّه في كتابه « دوائر العلوم » في عداد من حظي بلقيا إمام العصر والزمان أرواحنا فداه.

وقال آخرون عنه ـ بالإضافة إلى ما مرّ ـ : إنّه كان مطّلعا على ما في ضمائر الآخرين.

نقل لنا في « قصص العلماء » عن العالم الثقة السيّد عبد الكريم بن السيّد زين العابدين اللاهيجي ـ ما ترجمته ـ أنّه قال : كان أبي يقول : كنّا حين تحصيلنا للعلوم الدينيّة في العتبات المقدّسة في أواخر زمان المرحوم البهبهاني رحمه‌الله ، وكان ( الآقا ) بسبب شيخوخته وكبر سنّه قد استعفى من التدريس لما كان ينتابه من الفتور والضعف ، فكان تلامذته يدرسون وكان ( للآقا ) مجلس درس يدرّس فيه « شرح اللمعة » في السطوح ، وكنا عدّة أشخاص نتشرّف ، تيمّنا وتبرّكا بحضور درسه ، وصادف أن احتلمت في المنام يوما ممّا سبّب أن تفوتني صلاة الصبح ، فحلّ وقت درس ( الآقا ) ، فقلت في نفسي : أبادر بحضور الدرس كي لا يفوتني ثمّ أذهب للاغتسال في الحمّام ، فحضرت مجلس الدرس قبل أن يشرّفه شيخنا الأستاد ، وبعد أن حلّ فيه نظر ببشر وابتهاج إلى أطراف المجلس ، وفجأة ظهرت عليه آثار

__________________

(١) قصص العلماء : ٢٠٢.

٥٠

الهمّ والغمّ وتغيّر وجهه الشريف ثمّ قال : اليوم قد عطّل الدرس اذهبوا إلى بيوتكم ، فقام التلاميذ واحدا واحدا وغادروا مجلس الدرس ، وعندما أردت القيام قال لي ( الآقا ) : اجلس ، فجلست ، وحيث فرغ المجلس قال لي : إنّ تحت البساط الّذي أنت جالس عليه مقدارا من المال خذه واذهب واغتسل ولا تحضر بعد هذا في أمثال هذه المجالس وأنت مجنب ، فأخذت المال متعجّبا وذهبت إلى الحمّام واغتسلت (١).

ومن الواضح ، أنّ أمثال هذه التوفيقات لا تتأتّى هيّنا ، ولا تحصل لأحد جزافا ، إذ هو يقول ـ كما سلف ـ ( .. لا أحسب نفسي شيئا أبداً .. ) ، والّذي يثبت هذه الدعوى تركه لمنصب التدريس والإفتاء في أواخر عمره وإيكاله إلى تلامذته.

والمعروف ، أنّه كان يتقبّل أحيانا الأجرة على العبادات كالصلاة والصوم ، ويؤدّيها ويدفع الأجرة إلى بعض تلامذته ، ليدفع عنهم العسرة ويفرّغهم للدراسة والتسلّح بسلاح العلم للدفاع عن حياض الدين.

معاصروه :

لا بأس بالتعرّض إلى جمع من مفاخر أعلامنا الّذين عاصروا المرحوم الوحيد ، نذكر بعض المشاهير منهم :

الآقا محمّد باقر الهزار جريبي المازندراني ( المتوفّى : ١٢٠٥ ).

الشيخ عبد النبي القزويني ( المتوفّى : ١٢٠٨ ).

السيّد جعفر السبزواري ، ( المتوفّى : ١٢١٨ ).

__________________

(١) قصص العلماء : ٢٠١.

٥١

الآقا السيّد حسين القزويني ( المتوفّى : ١٢١٨ ).

الشيخ محمّد مهدي الفتوني ( المتوفّى : ١١٨٣ ).

الشيخ يوسف البحراني ، صاحب « الحدائق الناضرة » ( المتوفّى : ١١٨٦ ).

الآقا السيّد حسين الخوانساري ، صاحب « مشارق الشموس » ( المتوفّى : ١١٩١ ).

الشيخ محمّد تقي الدورقي النجفي.

الميرزا محمّد باقر الشيرازي.

مير عبد الباقي الخاتون‌آبادي الأصفهاني.

تلامذته :

تربّى في مدرسة هذا الرجل العظيم مفاخر قلّ نظيرهم في العصور المتأخّرة ، يعدّ كلّ واحد منهم نجما لا معا في سماء العلم والفكر ، يمثّل جانبا من ذاك البحر الموّاج الّذي كان يتمتّع به الأستاذ ، حيث ترى أحدهم فقيها فطحلا ، وذاك أصوليّا فحلا أو رجاليّا فردا ، منهم :

السيّد محمّد شفيع الشوشتري ( المتوفّى : ١٢٠٦ ).

السيّد أحمد الطالقاني النجفي ( المتوفّى : ١٢٠٨ ).

المولى مهدي النراقي ( المتوفّى : ١٢٠٩ ).

السيّد محمّد مهدي بحر العلوم ( المتوفّى : ١٢١٢ ).

السيّد علي الطباطبائي ( المتوفّى : ١٢١٣ ).

الشيخ أبو علي الحائري ( المتوفّى : ١٢١٥ ).

السيّد أحمد العطّار البغدادي ( المتوفّى : ١٢١٥ ).

٥٢

الشيخ عبد الصمد الهمداني الشهيد ( المتوفّى : ١٢١٦ ).

الآقا محمّد علي ـ الولد الأكبر للوحيد رحمه‌الله ـ الّذي عبّر عنه أبوه بقوله : ( محمّد علي ) نا شيخ البهائي عصرنا ( المتوفّى : ١٢١٦ ).

المولى محمّد كاظم الهزارجريبي ، الشهيد في حملة الوهّابيّين على كربلاء ( المتوفّى : ١٢١٦ ).

الميرزا محمّد هادي الشهرستاني ( المتوفّى : ١٢١٦ ).

الميرزا مهدي بن هداية الله بن طاهر الخراساني ( الشهيد ) ( المتوفّى : ١٢١٨ ).

السيّد ميرزا محمّد تقي القاضي الطباطبائي ( المتوفّى : ١٢٢٢ ).

السيّد جواد العاملي ( المتوفّى : ١٢٢٦ ).

الميرزا أبو القاسم القمّي ( المتوفّى : ١٢٢٧ ).

الشيخ جعفر كاشف الغطاء ( المتوفّى : ١٢٢٧ ).

السيّد محسن الأعرجي الكاظمي ( المتوفّى : ١٢٢٧ ).

مير محمّد حسين بن المير عبد الباقي خاتون‌آبادي ( المتوفّى : ١٢٣٣ ).

الشيخ أسد الله التستري الدزفولي الكاظمي ( المتوفّى : ١٢٣٤ ).

السيّد دلدار علي نصيرآبادي الهندي ( المتوفّى : ١٢٣٥ ).

الآقا عبد الحسين ـ الولد الثاني للوحيد رحمه‌الله ـ ( المتوفّى : ١٢٤٠ ).

السيّد ميرزا يوسف التبريزي ( المتوفّى : ١٢٤٢ ).

المولى أحمد النراقي ( المتوفّى : ١٢٤٥ ).

السيّد محمّد حسن الزنوزي الخوئي ( المتوفّى : ١٢٤٦ ).

شمس الدين بن جمال الدين البهبهاني ( المتوفّى : ١٢٤٧ ).

٥٣

الشيخ محمّد تقي الأصفهاني ( المتوفّى : ١٢٤٨ ).

السيّد محمّد القصير الخراساني ( المتوفّى : ١٢٥٥ ).

الحاج محمّد إبراهيم الكلباسي الأصفهاني ( المتوفّى : ١٢٦١ ).

الميرزا أحمد حسن القزويني.

المولى عبد الجليل الكرمانشاهي.

الشيخ محمّد حسين الخراساني.

الحاج ملّا محمّد رضا الأسترآبادي.

تأليفه القيّمة :

تضاهي مؤلّفاته ـ طاب ثراه ـ المائة وثلاثة ، ما بين رسائل مختصرة وكتب مفصّلة ، ندرجها مجملا معجميّا ، وهي :

آية النفر [ رسالة ... ].

إبطال القياس ـ القياس [ رسالة ... ].

إثبات التحسين والتقبيح العقليّين [ رسالة ... ].

إجازات الوحيد البهبهاني رحمه‌الله [ رسالة ... ].

الاجتهاد والأخبار ـ الاجتهاد والتقليد [ رسالة ... ].

إجماع الضروري والنظري وحجيّة الشهرة [ رسالة ... ].

استحالة رؤية الله [ رسالة ... ].

استحباب صلاة الجمعة [ رسالة ... ].

الاستصحاب [ رسالة ... ].

أصول الإسلام والإيمان وحكم الناصب. [ رسالة ... ].

٥٤

أصول الدين ( عربي ) [ رسالة ... ].

أصول الدين ( فارسي ) [ رسالة ... ].

أجوبة المسائل الفقهيّة الخراسانيّة [ رسالة ... ].

أجوبة المسائل المتفرّقة [ رسالة ... ].

أحكام الحيض [ رسالة ... ].

أصالة البراءة [ رسالة ... ].

أصالة الصحّة في المعاملات [ رسالة ... ].

أصالة الصحّة والفساد في المعاملات.

أصالة الطهارة [ رسالة ... ].

الإفادة الجماليّة ـ العبادات المكروهة [ رسالة ... ].

الإمامة ١ مفصّل ( فارسي ).

الإمامة ٢ متوسّط ( فارسي ).

الإمامة ٣ مختصر ( فارسي ).

بطلان عبادة الجاهل [ رسالة ... ].

تحريم الغناء [ رسالة ... ].

التحفة الحسينيّة [ رسالة عمليّة ... ] ( عربي ).

التحفة الحسينيّة [ رسالة عمليّة ... ] ( فارسي ).

تعليقة على رجال الميرزا محمّد الأسترآبادي ( الوسيط ).

تعليقة على منهج المقال.

تعليقة على نقد الرجال للتفريشي.

التقريرات في الفقه.

٥٥

التقيّة [ رسالة ... ].

توجيه تسمية أولاد الأئمّة باسم الجائرين.

الجبر والاختيار [ رسالة ... ].

الجمع بين الأخبار [ رسالة ... ].

الجمع بين الفاطميّتين [ رسالة ... ].

حاشية المعالم ١.

حاشية المعالم ٢.

حاشية المعالم ٣.

حاشية الوجيزة.

الحاشية على الحاشية الخفرية على شرح التجريد.

الحاشية على الذخيرة.

الحاشية على الكافي.

الحاشية على تهذيب الأحكام.

الحاشية على حاشية الملّا ميرزاجان.

الحاشية على ديباجة مفاتيح الشرائع ـ الردّ على مقدّمات مفاتيح الشرائع.

الحاشية على شرح الشرائع.

الحاشية على شرح القواعد.

الحاشية على قوانين الأصول.

الحاشية على كفاية المقتصد.

الحاشية على مجمع الفائدة والبرهان.

الحاشية على مدارك الأحكام.

٥٦

الحاشية على مسالك الأفهام.

حاشية على مقدّمة المعالم ٤.

الحاشية على منتهى المقال.

حجيّة الإجماع [ رسالة ... ].

حجيّة الأدلّة الأربعة [ رسالة ... ].

حجيّة الشهرة [ رسالة ... ].

حجيّة الظنّ [ رسالة ... ].

حجيّة المفهوم بالأولويّة [ رسالة ... ].

حجيّة خبر الواحد [ رسالة ... ].

حجيّة ظواهر الكتاب [ رسالة ... ].

الحقيقة الشرعيّة [ رسالة ... ].

الحكم الشرعي وتحديده [ رسالة ... ].

حكم العصير العنبي والتمري والزبيبي [ رسالة ... ].

خطاب المشافهة [ رسالة ... ].

الخمس والزكاة ( عربي ) [ رسالة ... ].

الخمس والزكاة ( فارسي ) [ رسالة ... ].

الدماء المعفوّة [ رسالة ... ].

الردّ على شبهات الأخباريّين [ رسالة ... ].

شرح الفوائد الرجاليّة.

شرح الوافي الحاشية على الوافي.

شرح تحرير مسائل مصابيح الظلام.

٥٧

شرح حديث « بم يعرف الناجي » [ رسالة ... ].

الصحيح والأعمّ [ رسالة ... ].

صلاة الجمعة ، استحبابها ونفي الوجوب العيني عنها ١ [ رسالة ... ].

صلاة الجمعة ٢ [ رسالة ... ].

صلاة الجمعة ٣ [ رسالة ... ].

صيغ العقود [ رسالة ... ].

الطهارة والصلاة ( فارسي ) [ رسالة ... ].

عدم اعتداد رؤية الهلال قبل الزوال [ رسالة ... ].

عدم توقيفيّة الموضوعات.

عدم جواز العقد على البنت الصغيرة [ رسالة ... ].

عدم جواز تقليد الميّت [ رسالة ... ].

الفوائد الأصوليّة [ رسالة ... ].

الفوائد الحائريّة الجديدة.

الفوائد الحائريّة القديمة.

الفوائد الرجاليّة [ رسالة ... ].

الفوائد الفقهيّة [ رسالة ... ].

قاعدة الطهارة [ رسالة ... ].

القرض بشرط المعاملة المحاباتيّة حيل الربا [ رسالة ... ].

القياس [ رسالة ... ].

الكرّ ومقداره [ رسالة ... ].

كفر النواصب والخوارج [ رسالة ... ].

٥٨

المتاجر [ رسالة ... ].

المزار [ رسالة ... ].

مصابيح الظلام شرح مفاتيح الشرائع.

مناسك الحجّ ( عربي ).

مناسك الحجّ ( فارسي ).

النسخ [ رسالة ... ].

النقد والانتخاب.

النقض والإبرام.

النكاح [ رسالة ... ].

وفاته :

يحدّثنا حفيد العلّامة الوحيد قدس‌سره الآقا أحمد الكرمانشاهي عن تأريخ وفاة جدّه في « مرآة الأحوال » ، فيقول ـ ما ترجمته ـ :

وعند ما بلغ عمره الشريف ، في يوم التاسع العشرين شهر شوّال سنة ألف ومائتين وخمس ن الهجرة النبويّة ، حلّقت روحه‌إلى‌الربوبي ، وبالدفن على أعتاب أقدام شهداء الطفّ ، اللهمّ احشره ومعهم بمحمّد وآله صلوات الله عليهم أجمعين ، وبسبب الإصلاحات والتعمير الّذي حدث في الروضة الحسينيّة المباركة تشرّف بأن اتّفق دخول قبره الشريف داخل حرم سيّد الشهداء عليه‌السلام ، ونصبت على جدار الرواق صخرة علامة لمرقده الشريف. قال الوالد الماجد طاب ثراه (١) في تأريخ وفاته طاب رمسه :

__________________

(١) المقصود به ولد الوحيد المرحوم الآقا محمد علي.

٥٩

( رفتى ز دنيا باقر علم ) (١).

ويقول العلّامة المامقاني في « تنقيح المقال » : .. وقد عمّر وجاوز التسعين ، واستولى عليه الضعف أخيرا ، وترك البحث وأمر بحر العلوم بالانتقال إلى النجف الأشرف والاشتغال بالتدريس فيه ، وأمر صهره ـ صاحب « الرياض » ـ بالتدريس في كربلاء المشرّفة ، وتوفّي في كربلاء المشرّفة سنة ثمان ومائتين بعد الألف ، وقيل : سنة ستّ عشرة بعد الألف ومائتين ، ودفن في الرواق الشرقي المطهّر قريبا ممّا يلي أرجل الشهداء رضوان الله عليهم أجمعين. (٢).

والّذي يظهر من مجموع العبارتين المذكورتين قريبا أنّ الأقوال في وفاته طاب رمسه أربعة :

الأوّل : سنة ١٢٠٥ ، كما نقلناه عن كتاب « مرآة الأحوال ».

الثاني : سنة ١٢٠٨ ، الثالث : سنة ١٢١٦ ، نقله المرحوم المامقاني قولا.

القول الرابع : سنة ١٢٠٦ ، كما حدّثنا به المرحوم المحدّث القمّي في « الفوائد الرضويّة » ، حيث قال : قال صاحب « التكملة » : لقد رأيت بخطّ السيّد صدر الدين العاملي والسيّد محمّد باقر الرشتي ـ وكان كلاهما تلميذا الوحيد البهبهاني رحمه‌الله أنّ وفاة ذلك العظيم ١٢٠٦ لا مائتين وثمان كما نقله العلّامة النوري رحمه‌الله (٣).

وأصحّ الأقوال ـ في نظرنا ـ ما ذكره حفيده في « مرآة الأحوال » ، وهي سنة ١٢٠٥ ، لما قيل : من أنّ أهل الدار أدرى بما في الدار.

وعلى كلّ حال ، فقد أجاب الوحيد رحمه‌الله دعوة ربّه في كربلاء ، ممّا أقرح

__________________

(١) يعني : رحلت من الدنيا يا باقر العلم (١٢٠٥) ، انظر : مرآة الأحوال : ١ ـ ١٣٢.

(٢) تنقيح المقال : ٢ ـ ٨٥.

(٣) الفوائد الرضويّة : ٤٠٥.

٦٠