فقه القرآن - المقدمة

فقه القرآن - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : الفقه
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٤٤

١
٢

كلمة

سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى

السيد شهاب الدين المرعشي النجفي

دام ظله الوارف

« كان من المنتظر أن يسعف الامام المرعشي قراءة الكرام بكلمة مبسطة حول أهمية الكتاب وعظمة المؤلف ، ولكن أعباء المرجعية الثقيلة والانحراف الصحي الملازم له ، حالا عن تحقيق هذه الأمنية السعيدة فاكتفى بأن توج الكتاب بالصحائف التالية .. »

٣
٤

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي انزل القرآن ، وجعله حبلا ممدودا بينه وبين عباده في دياجي الظلم وحوالك البهم ، الذي من تمسك به فقد نجى ، ومن تخلف عنه غوى وهوى ، وجعله شافعا مشفعا ، غضا طريا ونهجا سويا ، والصلاة والسلام على مقدام السفراء الإلهيين وكبش كتيبة الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا العبد المؤيد ، والرسول المسدد ، مولانا أبى القاسم محمد وعلى آله مشاكي الهدى ونباريس الضياء بين الورى ، سيما ابن عمه ابن الريحانتين ووالد السبطين مولى الموحدين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب روحي له الفداء.

وبعد غير خفي على من ألقى السمع وهو شهيد أن علوم كتاب الله المجيد وفرقانه الحميد وافرة متكثرة ومن أهمها العلم بآيات الاحكام المتكفلة لبيان الحلال والحرام ، تكليفية ووضعية ، اباحية وحظرية.

فمن ثم توجهت همم علماء الاسلام وفطاحل أهل القبلة إلى شرحها والاستفادة من مضامينها والاستنارة من أنوارها وهم بين ماتن وشارح ومعلق ومحشى ، ولم يألوا

٥

الجهود بالترصيف والتأليف في طيلة القرون الماضية ، والأيام الخالية. شكر الله مساعيهم الجميلة.

وممن اخذ السبق في السباق ، وصار في هذا المضمار من المصلين والمجلين هو العلامة الأقدم ، والثقة المقدم ، عيبة الفنون والفضائل ، المقدام الهمام ، الثبت الثبت الفقيه المحدث المفسر المتكلم البحاثة النقاد ، أغلوطة زمانه وأعجوبة عصره مولانا الشيخ قطب الدين ابن علي سعيد بن هبة الله الراوندي الكاشاني الموطن القمي المدفن ، فإنه قدس‌سره وطاب رمسه من علي أرباب الفضل والبهى بتأليف كتاب فقه القرآن في شرح آيات الاحكام الذي هو بين يديك ، وهذا السفر الجليل ، القليل المثيل من أهم الزبر والاسفار المؤلفة في هذا الشأن فلله دره وعليه اجره.

ومن المأسوف عليه أن نسخه كانت قليلة بحيث لا توجد الا في بعض خزائن الكتب وعند ذوي النفوس الشحيحة وكانت متربة مبعثرة تأكلها العثة والفيران وتبيدها الحرق والغرق بالأمطار والسيول.

إلى أن أيقض الله همة ولدي الصالح قرة عيني وثمرة فؤادي ، النشيط بحفظ آثار أسلافنا الكرام ، حجة الاسلام الحاج السيد محمود الحسيني المرعشي النجفي دام مجده فأقدم على طبعه وانتشاره على نفقة مكتبتنا العامة الموقوفة بقم ، فصار من منشوراتها ، وفوض تصحيحه وتحقيقه والتعليق عليه إلى الفاضل المتتبع المضطلع النقاد حجة الاسلام الحاج السيد احمد الحسيني الإشكوري النجفي دامت بركاته وقوبلت على نسختين قديمتين مهمتين.

فانتشر بحمد الله تعالى في مجلدين على أحسن نمط وخير أسلوب ، وطلب منى بعض الأفاضل تأليف رسالة في ترجمة المؤلف الهمام ولكن الأسف أن اعتوار الأسقام الجسمية والآلام الروحية حالت بيني وبين أنشودتهم ، فمن ثم الف المصحح المنوه بذكره عجالة فيها فجمع كراريس في ترجمته ، فأتى بما هو الكافي في بابه ،

٦

ألا وجزاه وشبلي المكرم ربهما الكريم أحسن الجزاء وادام توفيقهما في احياء تراث الماضين من علمائنا السالفين آمين آمين.

حرره بيراعه وبنانه وفاه بفيه ولسانه المضطهد المهضوم المتفتت كبده بمقاريض ألسنة الحاسدين أعداء العترة الزاكية أبو المعالي شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي ، عشية يوم الأربعاء لخمس بقين من ذي الحجة سنة ١٣٩٧ ببلدة قم المشرفة حرم الأئمة الأطهار وعش آل محمد ، حامدا ، مصليا ، مسلما.

٧

بسم الله الرحمن الرحيم

( وله الحمد )

بين العلوم القرآنية التي عالجها علماء المسلمين وغير المسلمين ، موضوع مهم يعرف بـ ( فقه القرآن ). ففي القرآن الكريم ما يقرب من خمسمائة آية تتناول بيان رؤوس الاحكام الفقهية وأصول التشريع الاسلامي من الوجهة العملية ، وهي التي اصطلح العلماء تسميتها بـ ( آيات الاحكام ) والحديث عنها وشرحها وتفسيرها بـ ( فقه القرآن ).

وبما أن القرآن هو الأصل الأول لاستنباط الاحكام الفقهية ومعرفة مبادئ الاسلام وتشريعاته ، وبما أن الفقه حاجة ضرورية للمسلمين في تصرفاتهم اليومية وكل شؤون حياتهم ، كان لابد من اهتمام علماء الفقه والمجتهدين بالآيات التي تخص هذا الموضوع. ولذا نراهم قد أكثروا التأليف حول آيات الاحكام بشتى المذاهب الاسلامية والوجهات الفقهية المختلفة (١).

__________________

(١) في كتابنا المائل للطبع ( معجم المؤلفات القرآنية ) أحصينا عددا كبيرا جدا من الكتب العربية المؤلفة في فقه القرآن.

٨

بدأ هذا الموضوع بشكل بسيط في الجمع والعرض ، ثم تطور مع تطور باقي العلوم الشرعية حتى أصبح فنا خاصا له معالمه وأصوله ، وأصبح التأليف فيه يحتاج إلى خبرة واسعة في الأدب واللغة والتفسير والفقه.

وقد تفنن المؤلفون في ذلك في ترتيب كتبهم ومؤلفاتهم ، وأكثر الطرق المتبعة هي طريقان : ترتيب الآيات حسب السور الواردة في القرآن الكريم من سورة البقرة إلى آخره ، أو ترتيبها في كتب من الطهارة إلى الديات على غرار الأبواب الفقهية في تصانيف الفقهاء. الطريقة الأولى أكثر ما تميل إلى المباحث التفسيرية ، وأما الثانية فتوجه اهتمامها إلى المسائل الفقهية أكثر من غيرها.

ومن الطبيعي أن تختلف قيمة هذه المؤلفات من الوجهات العلمية ، ومن بينها كتب هي في القمة من حيث العمق والشمول وسعة آفاق الدراسة. ويمكن أن نعتبر من الصفوة المختارة في هذا المضمار ، الكتاب الذي نقدمه إلى الملا العلمي ونحاول التعريف به.

* * *

ويأتي دور التساؤل عن أول من صنف في ( فقه القرآن ) ، ذلك لأننا نجد بعض الاختلاف بين العلماء في تعيين أول من كتب في الموضوع. ونترك الحديث بهذا الصدد للسيد الصدر في كتابه القيم ( تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام ) ص ٣٢١ حيث قال :

( أول من صنف في أحكام القرآن هو محمد بن السائب الكلبي المفسر الآتي ذكره في طبقات المفسرين. قال ابن النديم في الفهرست عند ذكره للكتب المؤلفة في أحكام القرآن ما لفظه : كتاب أحكام القرآن للكلبي ، رواه عن ابن عباس. قلت : ستعرف أن وفاة محمد بن السائب سنة ١٤٦ ، وحينئذ فقد وهم الجلال

٩

السيوطي في كتاب الأوائل حيث قال أول من صنف أحكام القرآن الإمام الشافعي ، فان الإمام الشافعي توفي سنة ٢٠٤ وله من العمر أربع وخمسون سنة. وذكر في طبقات النحاة أول من كتب في أحكام القرآن هو القاسم بن أصبغ بن محمد بن يوسف البياني القرطبي الأندلسي الاخباري اللغوي المتوفى سنة ٣٠٤ عن ثلاث وتسعين سنة ، وأيا ما كان فهو متأخر عن محمد بن السائب. اللهم الا أن يريد أول من صنف في هذا من علماء السنة والجماعة ، وحينئذ لا ينافي ما ذكرنا من تقدم الشيعة في ذلك. ).

* * *

ومن الاعلاق النفيسة في هذا الموضوع ، كتاب ( فقه القرآن ) للفقيه المفسر المحدث الأديب قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي المتوفى سنة ٥٧٣.

وهو من آثار قدمائنا التي تعتز بها المكتبة الاسلامية في أصالتها والمادة العلمية الثرية التي تحويها ، فإنه مع اختصاره النسبي شامل لأطراف الموضوع جامع لما يجب أن يقال غني بما تناوله من الاستدلال. عرض الموضوع على ترتيب الكتب الفقهية حيث بدأه بكتاب الطهارة وختمه بكتاب الديات ، مع رعاية المباحث التفسيرية والفقهية فأشبعها بحثا وتعمقا إذا كانت المسألة تحتاج إلى ذلك.

والقطب في هذا الكتاب شديد التأثر بآراء شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي ( ت ٤٦٠ ) في كتابيه ( التبيان في تفسير القرآن ) و ( الاستبصار فيما اختلف فيه من الاخبار ) ، كما أنه يبدو عليه التأثر الكبير أيضا بآراء الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي البغدادي ( ت ٤٣٦ ) في كتابه ( الانتصار في انفرادات الامامية ) وبعض أجوبته على المسائل ، ففي كثير من المسائل نجده يتتبع ما قالاه وخاصة الأول منهما ، بل ربما يأتي بعباراتهما عينا من دون تغيير أو تصرف فيها.

١٠

وهذا لا يعنى اطلاقا أن القطب ليس له جديد في كتابه هذا ، بل له المحاولات الموفقة في مسائل جليلة يستعرضها بانطلاق في الاستنباط مستعينا بالقدرة العلمية العظيمة التي يملك نواصيها ويذلل مصاعبها ، فيدخل في خضمها دخول العالم المتمكن الذي أوتي نصيبا وافرا من المبادئ العلمية.

ويمتاز الكتاب بأنه يحاول في جمع الآراء وخاصة التفسيرية منها إذا ظهر عليها الاختلاف ، فيوفق بينها ما وجد إلى ذلك سبيلا. ولذلك ترى بعض مسائل مطروحة في كتب الفقه أو التفسير بشكل يبدو عليها أنها معترك العلماء وتتضارب فيها آراؤهم ، ولكنك عندما تعود إليها في هذا الكتاب تجد نقطة تنتهى إليها أقوال أولئك ولا يبقى شئ من الخلاف بينهم.

كما أنه يمتاز أيضا بما حواه من المسائل الخلافية بين المذاهب الشيعية والسنية ، والتي وجدت العناية الكافية في تبسيطها وعرضها والنقاش فيها والاستدلال عليها ، فربما كتب المؤلف فصولا عديدة في مسألة واحدة يتحدث عنها في فصل ويعود عليها في فصل آخر ليتكلم فيها من زاوية أخرى غير التي تكلم فيها.

والكتاب ـ بعدا هذ كله ـ أثر علمي عظيم من آثار أعلامنا الأقدمين ، بذل فيه مؤلفه القطب الراوندي جهدا كبيرا موفقا ، نقدر أنه سيبقى بعد طبعه بالشكل الذي تراه ماثلا أمامك مرجعا هاما في موضوعه يرجع إليه المؤلفون في التفسير والفقه.

* * *

وبعد ، فمن ألطافه سبحانه وتعالى أن من علي بأن وفقني لاخراج هذا الكتاب الجليل إلى عالم النور ، باذلا في خدمته ما أوتيت من الامكانات المحدودة وطابعا له بالشكل المتيسر عندنا من وسائل الطبع والاخراج.

ويعود الفضل في طبع هذا السفر النفيس إلى عناية سيدنا المعظم سماحة

١١

آية الله العظمى السيد شهاب الدين المرعشي النجفي دام ظله المديد ، وجهود ولده الكريم فضيلة العلامة الأخ السيد محمود المرعشي الذي أوقف نفسه لخدمة التراث واحياء آثار السلف.

فإلى سيدي الامام المرعشي أقدم ثنائي العطر سائلا المولى عزوجل أن يديم في أيام عمره الشريف ، والى نجله المفضال أقدم شكري المتواصل طالبا من العلي القدير له دوام التوفيق والتسديد.

قم : ١٠ ذو الحجة ١٣٩٧ هـ

 السيد احمد الحسيني

١٢

ترجمة المؤلف

نسبه ونسبته :

الشيخ الامام الفقيه الكبير قطب الدين أبو الحسين سعيد بن عبد الله بن الحسين ابن هبة الله بن الحسن الراوندي ، ويعرف اختصارا بسعيد بن هبة الله الراوندي نسبة إلى جده.

اختلف المترجمون له في كنيته ، فقال بعضهم ( أبو الحسين ) وهو المعروف وقيل ( أبو الحسن ) (١). قال الأفندي : كذا وجدته بخط الكفعمي في بعض مجاميعه وقال غيره أيضا ، ولكن ما سننقله بخطه الشريف نفسه على ظهر نهج البلاغة كان ( أبو الحسين ). (٢) والمعروف المشهور في اسمه ( سعيد ) مع الياء ، الا أن بعضهم سماه

__________________

١) أمل الآمل ٢ / ١٢٥ ، أعيان الشيعة ٣٥ / ١٦.

٢) رياض العلماء ـ مخطوط.

١٣

( سعدا ) وأصر على ذلك (١). كما أن البعض الاخر ذكره بعنوان ( قطب الدين أبو سعيد هبة الله بن الحسن الراوندي ) وهو وهم بين (٢).

وينقل ابن حجر العسقلاني عن شيخه ابن بابويه في كتابه ( تاريخ الري ) نسب القطب هكذا ( سعيد بن هبة بن الحسن بن عيسى ) (٣).

( والراوندي ) نسبة إلى ( راوند ) قرية بين كاشان وأصبهان.

قال الأفندي : قال صاحب مختصر تاريخ ابن خلكان في ترجمة ( ابن الراوندي ) المعروف بالزندقة ان راوند بفتح الراء والواو قرية من قاسان بنواحي أصبهان ، وراوند أيضا ناحية بظاهر نيسابور. أقول : ويمكن أن يكون القطب هذا من ناحية نيسابور أيضا. وقال صاحب تقويم البلدان : ومن القرى المشهورة بنواحي أصبهان راوند ، قال في اللباب هي بفتح الراء المهملة والواو بينهما ألف وسكون النون ثم دال مهملة ، والنسبة إليها الراوندي (٤).

وقال ياقوت الحموي : راوند بفتح الواو والنون ساكنة وآخره دال مهملة ، بليدة قرب قاشان وأصبهان ، قال حمزة : وأصله راهاوند ، ومعناه الخير المضاعف قال بعضهم : وراوند مدينة قديمة بالموصل بناها راوند الأكبر بن بيوراسف الضحاك .. (٥).

__________________

١) تنقيح المقال ٢ / ٢١ ، معجم رجال الحديث ٨ / ٩٤.

٢) رياض العلماء ـ مخطوط.

٣) لسان الميزان ٣ / ٤٨.

٤) رياض العلماء ـ مخطوط.

٥) معجم البلدان ٣ / ١٩.

١٤

أسرته :

لا نعرف شيئا من تاريخ اسلاف قطب الدين الراوندي وأنهم هل كانوا من العلماء أم لا ، الا ما صرح به في الرياض مجملا أن والده وجده كانا من العلماء ، ولكن التاريخ احتفظ لنا بطرف من ترجمة أولاده الثلاثة وحفيده الذين كانوا من العلماء الاثبات ، فهم :

نصير الدين أبو عبد الله الحسين بن سعيد الراوندي ، عالم صالح شهيد ، كتب والده بخطه إجازة له على كتاب ( الجوهر ) لابن البراج (١).

عماد الدين أبو الفرج علي بن سعيد الراوندي ، فقيه ثقة ، يروي عن السيد ضياء الدين فضل الله الراوندي والشيخ جمال الدين عبد الرحيم بن أحمد المعروف بابن اخوة البغدادي ، ويروي عنه الشيخ أبو السعادات أسعد بن عبد القاهر الأصبهاني كان حيا في سنة ٦٠٠ (٢).

ظهير الدين أبو الفضل محمد بن سعيد الراوندي ، فقيه ثقة عدل عين ، يروي عن والده قطب الدين ، ويروي عنه قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري البيهقي (٣).

برهان الدين أبو الفضائل محمد بن علي بن سعيد الراوندي ، فاضل عالم (٤).

__________________

١) الثقات العيون ص ٧٥ و ٢٧٦ ، شهداء الفضيلة ص ٤٠.

٢) أمل الآمل ٢ / ١٧١ و ١٨٨ ، الثقات العيون ص ١٩١.

٣) أمل الآمل ٢ / ٢٧٤ ، الثقات العيون ٢٦٥.

٤) الثقات العيون ٢٧٣ ، الأنوار الساطعة ١٦٢.

١٥

مكانته العلمية :

عالج شيخنا القطب الراوندي في مؤلفاته موضوعات عديدة من العلوم والمعارف الاسلامية ، فقد كتب في التفسير والكلام والفلسفة والفقه والحديث والتاريخ وغيرها ، وعرفت كتبه بالأصالة وعمق البحث والدراسة ، وأصبحت تآليفه موضع عناية العلماء والدارسين منذ عصره ولا تزال مقدرة لدى المعنيين بالدراسات القديمة.

في الكتب التي وفقت إلى مطالعتها من آثاره العلمية ـ ومنها هذا الكتاب الذي أقدم له ـ وجدته عميقا في الفكر ملما بأطراف الموضوع لا يقنع بالبحث السريع والنظرة العجلي ، فهو يستعرض كل ما يعانيه استعراضا دقيقا ربما لا يتأتى مثله لكثير من الباحثين ، مع تثبت فيما ينقل وتقييم للآراء الموافقة له والمعاكسة لما يرتئيه. وبهذا يعتبر انسانا محايدا يطلب الحق للحق ولا يتأثر بالهوى والعصبية.

ومن هنا نجد من يترجمه أو يذكر شيئا من كتبه وآثاره ، يبدأ كلامه أو يعقبه بعبارات تدل على التعظيم والاجلال ، وهي ترمز إلى مكانته الكبيرة عند العلماء والمستفيدين من نميره العذب وعلمه الفياض.

قال عنه ابن حجر العسقلاني : كان فاضلا في جميع العلوم ، له مصنفات كثيرة في كل نوع ، وكان على مذهب الشيعة (١).

وقال في مجمع الآداب : قطب الدين. الراوندي ، فقيه الشيعة ، كان من أفاضل علماء الشيعة (٢).

وقال الشيخ منتجب الدين : فقيه ثقة عين صالح ، له تصانيف (٣).

__________________

١) لسان الميزان ٣ / ٤٨.

٢) أعيان الشيعة ٣٥ / ١١٧.

٣) أمل الآمل ٢ / ١٢٥.

١٦

وقال الميرزا عبد الله أفندي : فاضل عالم متبحر فقيه متكلم بصير بالاخبار شاعر. وله مؤلفات جياد نافعة. بل هو أجل وأعظم من كل ما ذكر فيه (١).

وقال الشيخ النوري : فضائل القطب ومناقبه وترويجه للمذهب بأنواع المؤلفات المتعلقة به أظهر وأشهر من أن يذكر ، وكان له أيضا طبع لطيف ولكن أغفل عن ذكر بعض أشعاره المترجمون له (٢).

وقال المحدث القمي : العالم المتبحر الفقيه المحدث المفسر المحقق الثقة الجليل صاحب الخرائج والجرائح. (٣).

وقال الشيخ عبد الله السماهيجي : كان عالما فاضلا متبحرا كاملا فقيها محدثا ثقة عينا علامة. (٤).

أساتذته وشيوخه :

للقطب الراوندي أساتذة وشيوخ من وجوه علماء الفريقين ، ذكر طائفة منهم خلال أسانيد كتبه ومؤلفاته ، نذكر منهم :

أبو جعفر بن كميح.

أبو نصر الفاري.

أبو الصمصام أحمد بن سعيد الطوسي.

أبو الحسين أحمد بن محمد بن علي المرشكي.

__________________

١) رياض العلماء ـ مخطوط.

٢) مستدرك الوسائل ٣ /.

٣) الكنى والألقاب ٣ / ٧٢.

٤) تكملة الرجال ١ / ٤٣٦.

١٧

أبو سعد الحسن بن علي الارآبادي.

أبو القاسم الحسن بن محمد الحديقي.

أبو عبد الله الحسين المؤدب القمي.

أبو منصور شهريار بن شيرويه بن شهريار الديلمي.

أبو الصمصام ذو الفقار بن محمد بن معبد الحسيني.

أبو الفضل عبد الرحيم بن أحمد الشيباني ـ ابن اخوة البغدادي.

الشيخ عبد الله بن الحسن [ الحسين ] الراوندي.

علي بن أبي طالب السليقي.

أبو الحسن علي بن علي بن عبد الصمد التميمي النيسابوري.

أبو علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي.

شيخ السادة المجتبى بن الداعي الحسنى الرازي.

السيد أبو البركات محمد بن إسماعيلي.

عماد الدين محمد بن أبي القاسم الطبري.

محمد بن الحسن الطوسي ، والد نصير الدين الطوسي.

أبو الحسن محمد بن علي بن عبد الصمد التميمي النيسابوري.

أبو جعفر محمد بن علي بن المحسن الحلبي.

أبو جعفر محمد بن المرزبان.

صفى الدين المرتضى بن الداعي الحسيني الرازي.

أبو القاسم المرزبان بن الحسين بن كميح.

أبو المحاسن مسعود بن علي بن أحمد الصواني.

الشيخ هبة الله بن عويدار.

أبو السعادات هبة الله بن علي الشريف الحسنى.

١٨

تلامذته والراوون عنه :

له جماعة من التلامذة الذين تربوا في حوزته العلمية ، كما أن جماعة كبيرة يروون عنه بالإجازة ، وقد وصف أرباب التراجم بعض تلامذته والراوين عنه بأوصاف جليلة تدل على مكانتهم الكبيرة بين العلماء ورواة الحديث ، واليك أسماء بعضهم : القاضي أحمد بن علي بن عبد الجبار الطوسي.

نصير الدين الحسين بن سعيد الراوندي ( ابنه ).

القاضي جمال الدين علي بن عبد الجبار الطوسي.

الفقيه علي بن محمد المدائني.

الفقيه عز الدين محمد بن الحسن العلوي البغدادي.

ظهير الدين محمد بن سعيد الراوندي ( ابنه ).

زين الدين أبو جعفر محمد بن عبد الحميد بن محمود دعويدار.

رشيد الدين محمد بن علي بن شهرآشوب السروي.

آثاره العلمية :

في مؤلفات القطب الراوندي نرى الثراء والنبوغ ، فهو كثير التأليف تبلغ كتبه حدود الستين ، وهو أيضا متنوع في الموضوعات التي يكتب فيها ، ففيها الأدب العربي والشعر والتفسير والكلام والفلسفة والفقه وغيرها. وهو مع ذلك لا يقنع بالبحث العابر بل يدخل في أغوار الموضوع ليستخرج اللآلئ المستعصية على كثير من العلماء الأفاضل ، وبهذا يتجلى في كتبه عالما كبيرا جامعا لفنون العلم والمعرفة قويا في حجاجه.

واليك فيما يلي ثبتا لما عرفنا من آثاره العلمية :

١٩

١ ـ احكام الاحكام.

٢ ـ الاختلافات بين المفيد والمرتضى في بعض المسائل الكلامية.

٣ ـ أسباب النزول.

٤ ـ الأغراب في الاعراب.

٥ ـ ألقاب الرسول وفاطمة والأئمة عليهم‌السلام.

٦ ـ أم القرآن ، ويحتمل اتحاده مع بعض تفاسيره.

٧ ـ أم المعجزات ، وهو من تتمات الخرائج والجرائح.

٨ ـ الانجاز في شرح الايجاز في الفرائض.

٩ ـ البحر ، ولم يعرف موضوعه.

١٠ ـ بيان الانفرادات.

١١ ـ تحفة العليل في الأدعية وغيرها ، وهو غير كتاب الدعوات.

١٢ ـ التغريب في التعريب ، وهو غير كتابه الأغراب في الاعراب ظاهرا.

١٣ ـ تفسير القرآن الكريم ، مختصر في مجلدين.

١٤ ـ تهافت الفلاسفة.

١٥ ـ جنى الجنتين في ذكر ولد العسكريين عليه‌السلام.

١٦ ـ جواهر الكلام في شرح مقدمة الكلام.

١٧ ـ حل المعقود في الجمل والعقود.

١٨ ـ الخرائج والجرائح في معجزات المعصومين عليهم‌السلام.

١٩ ـ خلاصة التفاسير ، في عشر مجلدات.

٢٠ ـ الخمس ، مسألتان فيه.

٢١ ـ الدعوات ، وهو المسمى بسلوة الحزين.

٢٢ ـ الرائع في الشرائع ـ مجلدان.

٢٠