بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

ابن بشير الازدي عن أحمد بن عمر الكاتب ، عن الحسن بن محمد بن جمهور العمي ، عن أبيه محمد بن جمهور ، عن يحيى بن الفضل النوفلي قال : دخلت على أبي الحسن موسى ابن جعفر عليهما‌السلام ببغداد حين فرغ من صلاة العصر ، فرفع يديه إلى السماء وسمعته يقول : أنت الله لا إله إلا انت الاول والاخر والظاهر والباطن ، وأنت الله لا إله إلا أنت إليك زيادة الاشياء ونقصانها ، وأنت الله لا إله أنت خلقت خلقك بغير معونة من غيرك ولا حاجة إليهم ، وأنت الله لا إله إلا أنت منك المشية وإليك البداء ، أنت الله لا إله إلا أنت قبل القبل وخالق القبل ، وأنت الله لا إله أنت بعد البعد وخالق البعد ، أنت الله لا إله إلا أنت تمحو ماتشاء وتثبت وعندك ام الكتاب.

أنت الله لا إله إلا أنت غاية كل شئ ووارثه ، أنت الله لا إله إلا أنت لايعزب عنك الدقيق ولا الجليل ، أنت الله لا إله إلا أنت لاتخفى عليك اللغات ولا تتشابه عليك الاصوات ، كل يوم أنت في شأن لايشغلك شأن عن شأن ، عالم الغيب وأخفى ديان يوم الدين ، مدبر الامور ، باعث من في القبور ، محيي العظام وهي رميم ، أسألك باسمك المكنون المخزون الحي القيوم ، الذي لا يخيب من سألك به ، أسئلك أن تصلي علي محمد وآل محمد ، وأن تعجل فرج المنتقم لك من أعدائك ، وأنجز له ماوعدته ياذا الجلال والاكرام.

قال : قلت : من المدعو له؟ قال : ذاك المهدي من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

ثم قال : بابي المنتدح البطن ، المقرون الحاجبين ، أحمش الساقين ، بعيد مابين المنكبين ، أسمر اللون ، يعتوره مع سمرته صفرة من سهر الليل ، بأبي من ليله يرعى النجوم ساجدا وراكعا ، بأبى من لايأخذه في الله لومة لائم ، مصباح الدجى ، بأبى القائم بأمر الله ، قلت : ومتى خروجه؟ قال : إذا رأيت العساكر بالانبار على شاطئ الفرات والضراة ، ودجلة وهدم قنطرة الكوفة ، وإحراق بعض بيوتات الكوفة فاذا رأيت ذلك فان الله يفعل ما يشاء ، لا غالب لامر الله ولا معقب لحكمه (١).

____________________

(١) فلاح السائل ص ١٩٩ ـ ٢٠٠.

٨١

مصباح الشيخ (١) والبلد الامين (٢) وجنة الامان والاختيار وغيرها : كان أبوالحسن عليه‌السلام يقول بعد العصر : أنت الله إلى آخر الدعاء.

بيان : غاية كل شئ أي نهايته إما لانتهاء علل الاشياء إليه تعالى ، أو لانه لما كان موجودا بعد فناء كل شئ فكأنه غايته ، فانتهى امتداد وجوده إليه ، ووارثه أي الباقي بعده ، قال في النهاية : في أسماء الله تعالى الوارث هو الذي يرث الخلائق و يبقى بعد فنائهم ، وفي القاموس العزوب الغيبة يعزب ويعزب والذهاب ، وقال البيضاوي في قوله سبحانه وتعالى : كل يوم هو في شأن كل وقت يحدث أشخاصا ويجدد أحوالا على ما سبق به قضاؤه ، وفي الحديث من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ، ويرفع قوما ويضع آخيرين ، وهو رد لقول اليهود : إن الله لايقضي يوم السبت.

( عالم الغيب ) أي ما غاب عن الحواس ( وأخفى ) أي ما غاب عن العقول أيضا وقال الفيروز آبادي : الدين بالكسر الجزاء والاسلام والعادة ، والعبادة والطاعة والذل والحساب والقهر والغلبة والاستعلاء والسلطان والملك ، واسم لجميع مايتعبد الله به ، والديان والقهار ، والقاضي والحاكم والمحاسب والمجازي لايضيع عملا.

قوله عليه‌السلام : ( الحي القيوم ) يحتمل أن يكون الاسم مقحما هنا فتجري الاوصاف كلها على الذات الاقدس ، أو يكون توصيف الاسم بهما على المجاز ، لاتصاف مسماه بهما ، وكون الحي القيوم عطف بيان للاسم بعيد ( والمنتدح ) المتسع ، وفي القاموس الصراة نهر بالعراق.

٩ ـ فلاح السائل : ومن المهمات بعد صلاة العصر مارواه أبومحمد هارون بن موسى ( رض ) عن محمد بن همام ، عن الحسن بن محمد بن جمهور العمي ، عن أبيه ، عن فضالة بن أيوب ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من قال بعد صلاة العصر في كل يوم مرة واحدة ( أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ، الرحمن الرحيم ، ذو الجلال والاكرام ، وأسأله أن يتوب علي توبة عبد ذليل

____________________

(١) مصباح الشيخ ص ٥٠.

(٢) البلد الامين ص ١٩.

٨٢

خاضع فقير ، بائس مسكين مستكين مستجير ، لايملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ) أمر الله تعالى الملكين بتخريق صحيفته كائنة ما كانت (١).

مصباح الشيخ (٢) : وساير الكتب مرسلا مثله (٣).

فلاح السائل : قد نبهناك على صفة المستغفرين فانظر إلى هذا الحديث الان عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وتأدب بغاية الامكان ، وكن صادقا في قولك إنك تتوب توبة عبد ذليل ، فليظهر الذل على سؤالك وعلى لسان حالك ، وقلت خاضع فليكن الخضوع على وجه مقالك وفعالك ، وقلت فقير فليكن صورة مسئلتك صورة عبد فقير لمولى غني كبير ، وقلت بائس فلتكن صفتك ما تعرفه من أهل البأساء إذا تعرضوا لسؤال أعظم العظماء ، وقلت : مسكين فليكن على قلبك ووجهك وجوارحك أثر المسكنة والاستكانة ، بالصدق والانابة ، وقلت : مستجير فليكن هربك إلى الله جل جلاله في تلك الحال هرب من قد أحاطت به عظائم الاهوال ، فهرب إلى مولاه ، واستجار به استجارة من لايملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا دفعا ، وانقطع إليه على كل الاحوال بالقلب والقالب والمقال والفعال ، فانك أيها العبد إذا صدقت في هذه المقامات ، كان الله جل جلاله أهلا أن يأمر الملكين بتخريق صحيفتك من الجنايات.

فلا تحسب أنك إذا قلت ذلك وأنت غافل أو كاذب في هذه الدعاوي والاستغفار أنك تكون قد سلمت من زيادة الجنايات (٤).

بيان : الحي القيوم وسائر الاوصاف بعدهما في بعض النسخ منصوب بكونهما صفة للجلالة وفي بعضها مروفوع بكونها بدلا من الضمير ، ويجزي في أكثر الموارد هذان الوجهان فلا تغفل.

١٠ ـ فلاح السائل : ومن المهمات الاقتداء بمولانا أمير المؤمنين صلوات الله

____________________

(١) فلاح السائل ص ٢٠١.

(٢) مصباح الشيخ ص ٥٣.

(٣) البلد الامين ص ٢٠.

(٤) فلاح السائل ص ٢١٠ ـ ٢٠٢.

٨٣

عليه وآله في الدعاء عقيب الخمس الصلوات ، فمن دعائه عقيب صلاة العصر ( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله واله أكبر ، ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ، سبحان الله بالغدو والاصال ، سبحان الله بالعشي والا بكار ، فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ، وله في السموات والارض وعشيا وحين تظهرون ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين ، سبحان ذي الملك والملكوت ، سبحان ذي العز والجبروت ، سبحان الحي الذي لايموت ، سبحان القائم ا لدائم ، سبحان الله الحي القيوم ، سبحان العلي الاعلى ، سبحانه وتعالى ، سبوح قدوس رب الملائكة والروح.

اللهم إن ذنبي أمسى مستجيرا بعفوك ، وخوفي أمسى مستجيرا بأمنك وفقري أمسى مستجيرا بغناك ، وذلي أمسى مستجيرا بعزك.

الله صل على محمد وآل محمد ، واغفر لي وارحمني إنك حميد مجيد ، اللهم تم نورك فهديت ، فلك الحمد ، وعظم حلمك فعفوت فلك الحمد ، وجهك ربنا أكرم الوجوه ، وجاهك أعظم الجاه ، وعطيتك أفضل العطاء ، تطاع ربنا وتشكر ، وتعصى فتغفر ، وتجيب المضطر وتكشف الضر وتنجي من الكرب ، وتغني الفقير ، وتشفي السقيم ، ولايجازي آلاءك أحد وأنت أرحم الراحمين (١).

بيان : قال الجوهري : الغدو نقيض الرواح وقد غدا يغدو غدوا ، وقوله تعالى بالغدو والاصال (٢) أي بالغدوات فعبر بالفعل عن الوقت كما يقال : أتيتك طلوع الشمس أي وقت طلوع الشمس ، وقال : الاصيل الوقت بعد العصر إلى المغرب ، وجمعه الاصل والاصال ، وقال البيضاوي في قوله تعالى : ( وسبح بالعشي ) (٣) أي من الزوال إلى الغروب وقيل : من العصر إلى الغروب إلى ذهاب صدر الليل ، والابكار من

____________________

(١) فلاح السائل ص ٢٠٢.

(٢) الاعراف : ٢٠٥ ، الرعد : ١٥ ، النور : ٣٦.

(٣) آل عمران : ٤١.

٨٤

طلوع الفجر إلى الضحى ، وقال الطبرسي في قوله سبحانه : فسبحان الله (١) أي فسبحوه ونزهوه عما لايليق به أو ينافي تعظيمه من صفات النقص بأن تصفوه بما يليق به من الصفات والاسماء ، والامساء الدخول في المساء ، وهو مجئ ظلام الليل والاصباح نقيضه وهو مجئ ضياء النهار وله الثناء والمدح في السموات والارض أي هو المستحق لحمد أهلها لانعامه عليهم ( وعشيا ) أي وفي العشي ( وحين تظهرون ) أي تدخلون في الظهيرة ، وهي نصف النهار. (٢) وفي النهاية القيوم من أبنية المبالغة أي القائم بامور الخلق ومدبر العالم في جميع أحواله ، أو القائم بنفسه مطلقا لابغيره ، وهو مع ذلك يقوم به كل موجود حتى لايتصور وجود شئ ولا دوام وجوده إلا به ، والسبوح القدوس بالضم من أبنية المبالغة ، وقد يفتح أولهما ومفادهما الطاهر النزه عن العيوب والنقائص ، ويمكن تخصيص أحدهما بتنزيه الذات والاخر بتنزيه الصفات والافعال.

١١ ـ فلاح السائل : ومن المهمات الدعاء عقيب العصر بما كانت الزهراء فاطمة سيدة النساء صلوات الله عليها تدعو به في جملة دعائها للخمس الصلوات وهو : ( سبحان من يعلم جوارح القلوب ، سبحان من يحصي عدد الذنوب ، سبحان من لايخفى عليه خافية في الارض ولا في السماء ، والحمد لله الذي لم يجعلني كافرا لانعمه ، ولاجاحدا لفضله ، فالخير فيه وهو أهله ، والحمد لله على حجته البالغة على جميع من خلق ممن أطاعه وممن عصاه ، فان رحم فمن منه ، وإن عاقب فبما قدمت أيديهم وما الله بظلام للعبيد.

والحمد لله العلي المكان ، والرفيع البنيان ، الشديد الاركان ، العزيز السلطان العظيم الشأن ، الواضح البرهان ، الرحيم الرحمان ، المنعم المنان ، الحمد لله الذي احتجب عن كل مخلوق يراه بحقيقة الربوبية ، وقدرة الوحدانية فلم تدركه الابصار ولم تحط به الاخبار ، ولم يعينه مقدار ، ولم يتوهمه اعتبار ، لانه الملك الجبار.

اللهم قد ترى مكاني ، وتسمع كلامي ، وتطلع على أمري ، وتعلم ما في نفسي

____________________

(١) الروم : ١٧.

(٢) المجمع ج ٨ ص ٢٩٩.

٨٥

وليس يخفى عليك شئ من أمري ، وقد سعيت إليك في طلبتي ، وطلبت إليك في حاجتي وتضرعت إليك في مسئلتي ، وسألتك لفقر وحاجة وذلة وضيقة وبؤس ومسكنة ، وأنت الرب الجواد بالمغفرة ، تجد من تعذب غيري ولا أجد من يغفرلي غيرك ، وأنت غني عن عذابي وأنا فقير إلى رحمتك ، فأسألك بفقري إليك وعناك عني ، وبقدرتك علي وقلة امتناعي منك ، أن تجعل دعائي هذا دعاء وافق منك إجابة ، ومجلسي هذا مجلسا وافق منك رحمة ، وطلبتي هذه طلبة وافقت نجاحا ، وماخفت عسرته من الامور فيسره ، وماخفت عجزه من الاشياء فوسعه ، ومن أرادني بسوء من الخلايق كلهم فاغلبه آمين يا أرحم الراحمين ، وهون علي ماخشيت شدته ، واكشف عني ماخشيت كربته ، ويسرلي ماخشيت عسرته! آمين رب العالمين.

اللهم أنزع العجب والرياء والكبر والبغي والحسد والضعف والشك والوهن والضر والاسقام والخذلان والمكر والخديعة والبلية والفساد من سمعي وبصري وجميع جوارحي ، وخذ بناصيتي إلى ماتحب وترضى يا أرحم الراحمين.

اللهم صلى على محمد وآل محمد ، واغفر ذنبي ، واستر عورتي ، وآمن روعتي ، واجبر مصيبتي ، وأغن فقري ، ويسر حاجتي ، وأقلني عثرتي ، واجمع شملي ، واكفني ما أهمني ، وما غاب عني ، وماحضرني وما أتخوفه منك يا أرحم الراحمين.

اللهم فوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، وأسلمت نفسي إليك بما جنيت عليها ، فرقا منك وخوفا وطمعا ، وأنت الكريم الذي لا يقطع الرجاء ، ولا يخيب الدعاء فأسئلك بحق إبراهيم خليلك ، وموسى كليمك ، وعيسى روحك ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله صفيك ونبيك ، ألا تصرف وجهك الكريم عني حتى تقبل توبتي ، وترحم عبرتي ، وتغفرلي خطيئتي يا أرحم الراحمين ويا أحكم الحاكمين.

اللهم اجعل ثأري على من ظلمني ، وانصرني على من عاداني ، اللهم لاتجعل مصيبتي في ديني ، ولاتجعل الدنيا أكبر همتي ، ولامبلغ علمي ، إلهي أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي ، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي ، واجعل الحياة زيادة لي من كل خير ، واجعل الموت راحة لي من

٨٦

كل شر.

اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ، اللهم أحيني ماعلمت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ، وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة ، والعدل في الغضب والرضا ، وأسألك القصد في الفقر والغنى ، وأسئلك نعيما لايبيد ، وقرة عين لاينقطع ، وأسألك الرضا بد القضاء ، وأسالك بذة النظر إلى وجهك.

اللهم إني أستهديك لارشاد أمري ، وأعوذ بك من شر نفسي ، اللهم عملت سوء وظلمت نفسي فاغفر لي إنه لايغفر الذنوب إلا أنت ، اللهم إني أسئلك تعجيل عافيتك ، وصبرا على بليتك ، وخروجا من الدنيا إلى رحمتك.

اللهم إني اشهدك واشهد ملائكتك ، وحمله عرشك ، واشهد من في السماوات ومن في الارض أنك أنت الله لا إله إلا أنت لاشريك لك ، وأن محمدا عبدك ورسولك وأسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت بديع السموات والارض ، يا كائن قبل أن يكون شئ ، والمكون لكل شئ ، والكائن بعد مالايكون شئ.

اللهم إلى رحمتك رفعت بصري ، وإلى جودك بسطت كفي ، فلا تحرمني وأنا أسألك ، ولاتعذبني وأنا أستغفرك ، اللهم فاغفرلي فانك بي عالم ، ولاتعذبني فانك علي قادر ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم ذا الرحمة الواسعة ، والصلاة النافعة الرافعة ، صل على أكرم خلقك عليك ، وأحبهم إليك وأوجههم لديك ، محمد عبدك ورسولك ، المخصوص بفضائل الوسائل ، أشرف وأكمل وأرفع وأعظم وأكرم ماصليت على مبلغ عنك مؤتمن على وحيك اللهم كما سددت به العمى ، وفتحت به الهدى ، فاجعل مناهج سبله لنا سننا ، وحجج برهانه لنا سببا ، نأتم به إلى القدوم عليك.

اللهم لك الحمد ملء السماوات السبع ، وملء طباقهن وملء الارضين السبع وملء مابينهما ، وملء عرش رينا الكريم ، وميزان ربنا الغفار ، ومداد كلمات ربنا القهار ، وملء الجنة وملء النار ، وعدد الماء والثرى ، وعدد مايرى ومالايرى.

اللهم واجعل صلواتك وبركاتك ومنك ومغفرتك ورحمتك ورضوانك وفضلك

٨٧

وسلامتك وذكرك ونورك وشرفك ونعمتك وخيرتك على محمد وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم أعط محمدا الوسيلة والعظمى وكريم جزائك في العقبى ، حتى تشرفه يوم القيامة يا إله الهدى.

اللهم صل على محمد آل محمد ، وعلى جميع ملائكتك وأنبيائك ورسلك ، سلام على جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وحمله العرش وملائكتك المقربين ، والكرام الكاتبين والكروبيين ، وسلام على ملائكتك أجمعين ، وسلام على أبينا آدم وعلى امنا حواء وسلام على النبيين أجمعين ، والصدقين والشهداء والصالحين ، وسلام على المرسلين أجمعين ، والحمد لله رب العالمين ، ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ، وحسبي الله ونعم الوكليل ، وصلى الله على محمد وآله وسلم كثيرا (١).

توضيح : قال الجوهري : جمع الله شملهم أي ماتشتت من أمرهم ، وفرق الله شمله أي ما اجتمع من أمره ، وقال : ثأرت القتيل وبالقتيل ثأرا وثورة أي قتلت قاتله يقال ثأرتك بكذا أي أدركت به ثأري منك ( في الغيب ) أي في غيبة الخلق ( والشهادة ) أي عند شهودهم وحضورهم ، والقصد التوسط بين الاسراف والتقتير ، وباد الشئ يبيد : هلك.

( إلى وجهك ) أي ثوابك وكرامتك ، أو وجوه أوليائك ، والجهة التي منها تخاطب أحباءك أو المراد بالنظر النظر بعين القلب وقال الجوهري : السنن الطريقة يقال : استقام فلان على سنن واحد ، ويقال امض على منتك وسننك أي على وجهك وقال الفيروز آبادي : الكروبيون مخففة الراء سادة الملائكة انتهى ، والمضبوط في أكثر كتب الدعاء بالتشديد.

١٢ ـ فلاح السائل : ومن المهمات دعوات قدمناها عن الصادق عليه‌السلام عقيب كل واحدة من الصلوات المفروضات.

ومن المهمات دعاء الصادق عليه‌السلام بعد العصر ، وقد قدمنا إسناده عند مايختص بفريضة الظهر برواية معاوية بن عمار لكل صلاة من المفروضات الدعاء

____________________

(١) فلاح السائل ص ٢٠٢ ـ ٢٠٦.

٨٨

بعد صلاة العصر :

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد خاتم النبيين وعلى آله الطاهرين اللهم صل على محمد وآل محمد في الليل إذا يغشى ، وصل على محمد وآله في النهار إذا تجلى وصل على محمد وآله في الاخرة والاولى ، وصل على محمد وآله مالاح الجديدان وما اطرد الخافقان وماحدى الحادينان ، وماعسعس ليل وما ادلهم ظلام ، وماتنفس صبح وما أضاء فجر.

اللهم اجعل محمدا خطيب وفد المؤمنين إليك ، والمكسو حلل الامان إذا وقف بين يديك ، والناطق إذا خرست الالسن بالثناء عليك ، اللهم أعل منزلته ، وارفع درجته ، وأظهر حجته ، وتقبل شفاعته ، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته ، واغفر له ما أحدث المحدثون من امته وبعده ، اللهم بلغ روح محمد وآل محمد مني التحية والسلام ، واردد علي منهم تحية كثيرة وسلاما ياذا الجلال والاكرام ، والفضل والانعام.

اللهم إني أعوذ بك من مضلات الفتن ، ماظهر منها وما بطن ، والاثم والبغي بغير الحق ، وأن اشرك به ما لم تنزل به سلطانا أو أقول عليك مالا أعلم ، اللهم إني أسئلك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، والغنيمة من كل بر ، والسلامة من كل إثم وأسألك الفوز بالجنة والنجاة من النار. اللهم صل على محمد وآل محمد ، واجعل لي في صلاتي ودعائي بركة تطهربها قلبي ، وتكشف بها كربي ، وتؤمن بها روعتي ، وتغفر بها دنبي ، وتصلح بها أمري ، وتغني بها فقري ، وتذهب بها ضري ، وتفرج بها همي وتسلي بها غمي ، وتشفي بها سقمي ، وتؤمن بها خوفي ، وتجلوبها حزني ، وتقضي بها ديني ، وتجمع بها شملي ، وتبيض بها وجهي ، واجعل ماعندك خيرا لي.

اللهم صل على محمد وآل محمد ، ولاتدع لي ذنبا إلا غفرته ، ولا كربا إلا كشفته ، ولاخوفا إلا أمنته ، ولاسقما إلا شفيته ، ولاهما إلا فرجته ، ولاغما إلا أذهبته ، ولاخزنا إلا سلبته ، ولادينا إلا قضيته ، ولاعدوا إلا كفيته ، ولاحاجة إلا قضيتها ، ولادعوة إلا أجبتها ، ولا مسألة إلا أعطيتها ، ولا أمانة إلا أديتها ،

٨٩

ولافتنة إلا صرفتها.

اللهم اصرف عني من العاهات والافات والبليات ما اطيق وما لا اطيق صرفه إلا بك ، اللهم أمسى ظلمي مستجيرا بعفوك ، وأمست ذنوبي مستجسرة بمغفرتك وأمسى خوفي مستجيرا بأمانك ، وأمسى فقري مستجيرا بغناك ، وأمسى ذلي مستجيرا بعزك ، وأمسى ضعفي مستجيرا بقوتك ، وأمسى وجهي البالي الفاني مستجيرا بوجهك الدائم الباقي.

ياكائنا قبل كل شئ ، ويامكون كل شئ ، صل على محمد وآل محمد ، واصرف عني وعن أهلي ومالي وولدي وأهل حزانتي وإخواني فيك شر كل ذي شر ، وشر كل جبار عنيد ، وشيطان مريد ، وسلطان جائر ، وعدو قاهر ، وحاسد معاند ، وباغ مراصد ، ومن شر السامة والهامة ، ومادب في الليل والنهار ، ومن شر فساق العرب والعجم ، وفسقه الجن والانس ، وأعوذ بدرعك الحصينة التي لاترام ، وأسئلك ألا تميتني غما ولاهما ولا مترديا ولا ردما ولا غرقا ولا حرقا ولا عطشا ولاصبرا ولا قودا ولا أكيل السبع ، وأمتني على فراش في عاقية أو في الصف الذي نعت أهله في كتابك فقلت : ( كأنهم بنيان مرصوص ) مقبلين غير مدبرين ، على طاعتك وطاعة رسولك صلى‌الله‌عليه‌وآله قائما بحقك ، غير جاحد لالائك ، ولا معاندا لاوليائك ، ولا مواليا لا عدائك ، ياكريم.

اللهم اجعل دعائي في المرفوع المستجاب ، واجعلني عندك وجيها في الدنيا والاخرة ومن المقربين ، الذين لاخوف عليهم ولاهم يحزنون ، واغفرلي ولوالدي وما ولدا ، وما ولدت وما توالدوا من المؤمنين والمؤمنات ، ياخير الغافرين ، الحمد لله الذي قضى عني صلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا (١).

مصباح الشيخ (٢) ، والبلد الامين (٣) ، وجنة الامان ومنهاج

____________________

(١) فلاح السائل ص ٢٠٦ ـ ٢٠٨.

(٢) مصباح الشيخ ص ٥٣ ـ ٥٥.

(٣) البلد الامين ص ٢١.

٩٠

الصلاح وغيرها : مرسلا مثله ، إلا أن الصلاة على الال عليهم‌السلام مذكور في الجميع في المواضع وفيها : أصبح بدل أمسى في المواضع وهو أنسب كما ذكره الكفعمي حيث قال : لفظ أمسى هنا أليق من أصبح لانه ما كان قبل الزوال يقال فيه أصبح ، وما بعده أمسى (١) انتهى وفيها ( وأعوذ بدرعك الحصينة التي لاترام أن تميتني غما أو هما أو مترديا أو هدما أو ردما أو غرقا أو حرقا أو عطشا أو شرقا أو صبرا أو قودا أو ترديا أو أكيل سبع أو في أرض غربة أو ميتة سوء ، أمتني على فراشي ) ألى قوله ( كأنهم بنيان مرصوص ) على طاعتك وطاعة رسولك ، مقبلا على عدوك غير مدبر عنه ، قائما بحقك غير جاحد لا لائك ، ولامعاند لاوليائك ، ولاممال لاعدائك ، ياكريم إلى آخر الدعاء.

ولنوضح بعض ألفاظه : لاح بدا وظهر ، والجديدان الليل والنهار ، والخافقان المشرق المغرب ، واطرادهما بقاؤهما ، والحاديان الليل والنهار كأنهما يحدوان بالناس ليسيروا إلى قبورهم كالذي يحدو بالابل ، وقال الكفعمي : الحاديان الذي يحدو للابل ليلا والذي يحدولها نهارا ، والاول أظهر ، ما عسعس أي أقبل أو أدبر كما مر ، وما ادلهم ظلام ، على وزن اقشعر أي اشتدت ظلمته ، والظلام ذهاب النور وأول الليل ( وما تنفس صبح ) أي ظهر ، وعبر عنه بالتنفس لهبوب النسيم عنده فكأنه تنفس به.

وخطيب القوم في اللغة كبيرهم الذي يخاطب السلطان ويكلمه في حوائجهم ، و في النهاية الوفدهم الذين يجتمعون ويردون البلاد ، واحدهم وافد ، وكذلك الذين يقصدون الامراء لزيادة أو استرفاد وانتجاع وغير ذلك انتهى ، والمعنى أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله في القيامة يكلم عن امته عند الله ويشفع لهم.

( المكسو حلل الامان ) قال الشيخ البهائي ـ ره ـ : المراد أمان امته من النار ، فان الله تعالى له : ( ولسوف يعيك ربك فترضى ) (٢) وهو صلى‌الله‌عليه‌وآله لايرضى بدخول أحد من امته في النار ، كما ورد في الحديث ، وحلل الامان استعارة وذكر الكسوة ترشيح.

____________________

(١) البلد الامين ص ٢١. في الهامش.

(٢) آخر آية من سورة الضحى.

٩١

وقال الكفعمي : أحزنه أمر غمه والحزن والحزن خلاف السرور ، وأخزنه غيره وحزنه ، قاله الجوهري : والفرق بين الغم والحزن والهم أن الهم قبل نزول الامر وهو يطرد النوم ، والغم بعد نزوله وهو يجلب النوم ، والحزن أسفك على مافات ، والفرق بين الخوف والحزن أن الحزن أسفك على مافات ويرادفه الغم ، والخوف على مالم يأت ويرادفه الهم ، والحزن تألم الباطن بسبب وقوع مكروه ويتعذر دفعه أو فوات فرصته ، أو مرغوب فيه يتعذر تلافيه ، والخوف تألم الباطن بسبب وقوع مكروه يمكن حصول أسبابه ، أو توقع فوات مرغوب فيه تعذر تلافيه ، قاله الشيخ مقداد في شرح النصيرية (١) والفرق بين الحزن والغطب أن الامر أن كان ممن فوقك أحزنك وإن كان ممن دونك أغضبك ، قاله إبراهيم بن محمد بن أبي عون الكاتب في كتاب الاجوبة انتهى.

وفي القاموس حزانتك عيالك الذين لامرهم ، والمارد والمريد العاتي الشديد ، والمراصد المراقب الذي يرصد الوثوب ، والراصد الوثوب ، والراصد الاسد ، وفي النهاية فيه اعيذ كما من كل سامة وهامة ، السامة ما يسم ولا يقتل مثل العقرب والزنبور و نحوهما ، والهامة كل ذات سم يقتل ، وفي حديث ابن المسيب كنا نقول إذا أصبحنا نعوذ بالله من شر السامة والعامة ، السامة هاهنا خاصة الرجل ، يقال : سم إذا خص انتهى.

وقال الجوهري : ردى في البئر وتردي : إذا سقط في بئر أو تهور من جبل و قوله : ( لا ردما ) أي بأن يجعل في بيت ويردم بابه حتى يموت ، أو بأن يجعل بين ردم مبني أو بأن يسقط عليه جدار قال الفيروز آبادي : ردم الباب والثلمة سده كله أو ثلثه ، والردم بالتسكين ما يسقط من الجدار المنهدم ، وقال الكفعمي : ردما أي مردوما أي ضرب الردم بينه وبين الحياة حاجزا فوق حاجز ، والردم السد المتراكب

____________________

(١) يعنى الانوار الجلالية في شرح الفصول النصيرية ، والفصول أصله فارسى لخواجه نصير الدين الطوسى نقله إلى العربية ركن الدين محمد بن على الجرجانى تلميذ العلامة الحلى والفاضل المقداد شرح تلك النسخة المعربة بعنوان قال أقول.

٩٢

بعضه على بعض ، والثوب المردم هو المرقع الذي رقاعه بعضها على بعض.

والشرق الشجا والغصة اللذات يموت الانسان منهما ، وفي الحديث يؤخرون الصلاة إلى شرق الموتى ، أي إلى أن يبقى من الشمس مايبقى من حياة من شرق بريقه عند الموت ، وقوله أوصبر أن يحبس للقتل حتى يموت ، وفي الحديث نهي عن قتل الدواب صبرا وهو أن تحبس ثم ترمى حتى تقتل ، ومنه الحديث في الذي أمسك رجلا وقتله آخر ، فقال : اقتلو القاتل واصبروا الصابر أي احسبوا الذي حبسه للموت حتى يموت كفعله به ، ومنه يقال للمضروب عنقه قتل صبرا أي محبوسا ممسكا على القتل ، وكل من حبس لقتل فهو قتيل صبر قاله الجوهري والهروي انتهى.

وقال الفيروز آبادي : القود بالتحريك القصاص ، قوله عليه‌السلام : ولا ممال أصله مهموز يقال ملاه على الامر ومالاه ساعده وشايعه ، وتمالئوا عليه اجتمعوا.

١٣ ـ البلد الامين : في الحيلة لابي نعيم ، من قال كل يوم بعد صلاة الصبح وصلاة العصر ( لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لايموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير ) مائة مرة ( و سبحان الله وبحمده ) مائة مرة ، لم يكتب من الغافلين ، ومحوا خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر (١).

١٤ ـ كتاب الصفين : لنصر بن مزاحم قال : لما خرج علي عليه‌السلام من كوفة إلى صفين ، وأتى داير أبى موسى ، صلى بها العصر فلما انصرف قال : ( سبحان الله ذي الطول والنعم ، سبحان ذي القدرة والافضال ، أسأل الله الرضا بقضائه ، والعمل بطاعته ، والانابة إلى أمره فانه سميع الدعاء.

١٥ ـ مصباحا المتهجد (٢) والكفعمى (٣) وغيرها : في تعقيب العصر تقول : ( تم نورك فهديت فلك الحمد ، وعظم حلمك فغفرت فلك الحمد ، وبسطت يدك فأعطيت

____________________

(١) البلد الامين ص ١٩ في الهامش.

(٢) مصباح الشيخ ص ٥٢ ـ ٥٣.

(٣) مصباح الكفعمى ص ٣٤.

٩٣

فلك احمد ، وجهك أكرم الوجوه ، وجاهك خير الجاه ، وعطيتك أعظم العطايا ، و أهناها. يطاع ربنا فيشكر ، ويعصى فيغفر ، يجيب المضطر ويكشف الضر وينجي من الكرب ، ويغفر من الذنب ، ويغني الفقير ، ويشكر اليسر ، لا يجازي بالائك أحد ، ولايبلغ مدحتك قول قائل ).

ويقول أيضا : اللهم مدلي أيسر العافية ، واجعلني في زمرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في العاجلة والاجلة ، وبلغ بي الغاية ، واصرف عني العاهات والافات ، واقض لي بالحسنى في اموري كلها ، واعزم لي بالرشاد ، ولاتكلني إلى نفسي أبدا يا ذا الجلال والاكرام اللهم مدلي في السعة والدعة ، وجنبني ماحرمته على ، ووجه لي بالعافية والسلامة والبركة ، ولاتشمت بي الاعداء ، وفرج عني الكروب وأتمم علي نعمتك وأصلح لي الحرث في الاصلاح لامر آخرتي ودنياي ، واجعلني سالما من كل سوء ، معافا من الضرورة في منتهى الشكر والعافية وصلى الله على محمد نبيه وآله وسلم.

ثم تقول : ( اللهم إني أعوذ بك من نفس لاتشبع ، ومن قلب لايخشع ، ومن علم لاينفع ، ومن صلاة لاترفع ، ومن دعاء لايسمع ، اللهم إني أسألك اليسر بعد العسر والفرج بعد الكرب ، والرخاء بعد الشدة ، اللهم مابنا من نعمة فمنك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك (١).

بيان : قال في القاموس : الحرث الكسب وجمع المال والمحجة المكدودة بالحوافر والزرع والتفتيش والتفقه انتهى ، وأكثر المعاني متناسبة مع تجوز أو بدونه ( في منتهى الشكر ) أي حال كوني في منتهاه.

____________________

(١) تراه في البلد الامين ص ١٩.

٩٤

٤١

* ( باب ) *

* ( تعقيب صلاة المغرب ) *

١ ـ مجالس الشيخ وولده : عن المفيد ، عن أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن يونس ، عن العلاء بن الرزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من قال بعد صلاة الصبح قبل أن يتكلم ( بسم الله الرحمن الرحيم لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ) يعيدها سبع مرات ، دفع الله عنه سبعين نوعا من أنواع البلاء ، ومن قالها إذا صلى المغرب قبل أن يتكلم ، دفع الله عنه سبعين نوعا من أنواع البلاء أهونها الجذام والبرص (١).

٢ ـ مجالس ابن الشيخ ومجالس المفيد : عن المفيد ، عن جعفر بن محمد بن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد الجعفري ، عن أبيه قال : كنت كثيرا ما أشتكلى عيني فشكوت ذلك إلى أبي عبدالله عليه‌السلام فقال : ألا اعلمك دعاء لدنياك وآخرتك ، تكفى به وجع عينك؟ فقلت : بلى ، فقال : تقول في دبر الفجر ودبر المغرب ( اللهم إني أسئلك بحق محمد وآل محمد عليك ، أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تجعل النور في بصري ، والبصيرة في ديني ، واليقين في قلبي ، والاخلاص في عملي ، والسلامة في نفسي ، والسعة في رزقي ، والشكر لك أبدا ما أبقيتني ) (٢).

٣ ـ ثواب الاعمال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن أبي المغيرة قال : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : من قال في دبر صلاة الصبح وصلاة المغرب قبل أن يثني رجليه أو يكلم أحدا ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ، اللهم صل على محمد وذريته )

____________________

(١) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٣١.

(٢) أمالي الطوسى ج ١ ص ١٩٩ ، أمالى المفيد ص ١٤٢.

٩٥

قضى الله له مائة حاجة سبعين في الدنيا وثلاثين في الاخرة ، قال : قلت له : مامعنى صلاة الله وصلاة ملائكته وصلاة المؤمنين؟ قال : صلاة الله رحمة من الله ، وصلاة ملائكته تزكية منهم له ، وصلاة المؤمنين دعاء منهم له.

ومن سر آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله في الصلاة على النبي وآله ( اللهم صل على محمد وآل محمد في الاولين ، وصل على محمد وآل محمد في الاخرين ، وصل على محمد وآل محمد في الملاء الاعلى ، وصل على محمد وآل محمد في المرسلين ، اللهم أعط محمدا الوسيلة و الشرف والفضيلة والدرجة الكبيرة ، اللهم إني آمنت بمحمد ولم أره ، فلا تحرمني يوم القيامة رؤيته ، وارزقني صحبته ، وتوفني على ملته ، واسقني من حوضه مشربا رويا سائغا هنيئا لا أظمأ بعده أبدا إنك على كل شئ قدير ، اللهم كما آمنت بمحمد ولم أره فعرفني في الجنان وجهه ، اللهم بلغ روح محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله عني تحية كثيرة وسلاما ).

فان من صلى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بهذه الصلوات هدمت ذنوبه ، ومحيت خطاياه ودام سروره ، واستجيب دعاؤه واعطي أمله ، وبسط له في رزقه ، واعين على عدوه وهي له سبب أنواع الخير ، ويجعل من رفقاء نبيه في الجنان الاعلى ، يقولهن ثلاث مرات غدوة وثلاث مرات عشية (١).

٣ ـ المحاسن : عن أبيه رفعه قال : كان علي بن الحسين عليهما‌السلام يطيل القعود بعد المغرب يسأل الله اليقين (٢).

٥ ـ فلاح السائل : إذا سلم من صلاة المغرب وفرغ مما مر من تسبيخ الزهراء عليها‌السلام وغيره ، فليقل مارواه علي بن الصلت عن إسحاق وإسماعيل ابني محمد بن عجلان ، عن أبيهما قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إذا أمسيت وأصبحت فقل في دبر الفريضة في صلاة المغرب وصلاة الفجر ( أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ) عشر مرات.

ثم قل : اكتبا رحمكما الله.

____________________

(١) ثواب الاعمال ص ١٤١ و ١٤٢.

(٢) المحاسن ص ٢٤٨ في حديث.

٩٦

( بسم الله الرحمن الرحيم أمسيت وأصبحت بالله مؤمنا على دين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وسنته ، وعلى دين علي عليه‌السلام وسنته ، وعلى دين فاطمة عليها‌السلام وسنتها ، وعلى دين الاوصياء صلوات الله عليهم وسنتهم وآمنت بسرهم وعلانيتهم ، وبغيبهم وشهادتهم ، وأستعيذ بالله في ليلتي هذه ويومي هذا مما استعاذ منه محمد وعلي وفاطمة والاوصياء صلى الله عليهم وأرغب إلى الله فيما رغبوا فيه ، ولاحول ولا قوة إلا بالله ) (١).

ثم يقول : مارواه أبوغالب أحمد بن محمد بن سليمان الزراري ، عن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي بن مهزيار ، عن الحسن بن محبوب ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من قال بعد صلاة الفجر وبعد صلاة المغرب قبل أن يثني رجله أو يكلم أحدا : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ، اللهم صل على محمد النبي وعلى ذريته وعلى أهل بيته ) مرة واحدة ، قضى الله تعالى له مائة حاجة : سبعين منها للاخرة ، وثلاثين للدنيا (٢).

ويقول أيضا : ما رواه أبومحمد هارون بن موسى ، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن إسماعيل بن همام ، عن أبي الحسن يعني الرضا عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام من قال : ( بسم الله الرحمن الرحيم لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) سبع مرات وهو ثان رجله بعد المغرب قبل أن يتكلم ، وبعد الصبح قبل أن يتكلم ، صرف الله تعالى عنه سبعين نوعا من أنواع البلاء ، أدناها الجذام والبرص والسلطان والشيطان (٣).

ومما رويناه باسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني باسناده في كتاب الدعاء من كتاب الكافي عن الصادق عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من صلى الغداة فقال قبل أن ينقض ركبتيه عشر مرات ( لا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لايموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير ) وفي

____________________

(١) فلاح السائل ص ٢٢٩.

(٢ ـ ٣) فلاح السائل ص ٢٣٠.

٩٧

المغرب مثلها ، لم يلق الله عزوجل عبد بعمل أفضل من عمله إلا من جاء بمثل عمله (١).

ويقول أيضا : بعد صلاة المغرب وبعد صلاة الفجر ( سبحانك لا إله إلا أنت اغفر لي ذنوبي كلها جميعا فانه لايغفر الذنوب كلها جميعا إلا أنت ) فقد روى الحسن بن محبوب عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر يرفعه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث هذا المراد منه أن العبد إذا قال ذلك قال الله جل للكتبة : اكتبوا لعبدي المغفرة بمعرفته أنه لايغفر الذنوب كلهاجميعا إلا أنا (٢).

بيان : ( ثان رجله ) أي لم يغيرها عما كانت عليه في التشهد ببسطها بالقيام أو غير ذلك ، وهو المراد بقوله ( قبل أن ينقض ركبتيه ) وفي بعض النسخ ( قبل أن يقبض ) أي يرفعهما مقربا لهما إلى بدنه ( يحيي ويميت ويميت ويحيي ) الاحياء الاول في الدنيا ، وكذا الاماتة أولا والاماتة الثانية في القبر فتدل ضمنا على أحياء آخر ، ولما كانت مدة تلك الحياة قليلة لم يذكرها صريحا ، والا حياء ثانيا في الاخرة ولم يذكر الاحياء والاماتة في الرجعة لعدم عمومها وشمولها لكل أحد ، مع أنه يحتمل أن تكون الاماتة الثانية إشارة إليه ، ولايبعد أن يكون المراد بكل من الفقرتين جنس الاماتة والاحياء ، والتكرير لبيان استمرارهما وكثرتهما.

قوله عليه‌السلام : ( إلا من جاء ) فيه أنه إذا جاء بمثل عمله كيف يكون أفضل من عمله؟ إلا أن يقال : المراد أنه جاء بأعمال اخر مع هذا العمل ، والحاصل أنه لايكون عمل آخر أفضل من هذا العمل إلا إذا انضم إليه فيكون المجموع أفضل.

أقول : وذكر الشيخ (٣) والكفعمي وابن الباقي وغيرهم أكثر الادعية المتقدمة وزادوا عليها : ثم قل عشرا ما شاء الله لاقوة إلا بالله أستغفر الله ) ويقول : ( اللهم إني أسئلك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، والسلامة من كل أثم ، والغنيمة من كل

____________________

(١ ـ ٢) فلاح السائل ص ٢٣١.

(٣) مصباح الشيخ ص ٧٣.

٩٨

بر ، والنجاة من النار ، ومن كل بلية ، والفوز بالجنة ، والرضوان في دار السلام ، وجوار نبيك محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله اللهم مابنا من نعمة فمنك لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك ) (١) ثم ذكروا أكثر التعقيبات بعد النوافل لضيق وقت النوافل.

قال السيد قدس سره في فلاح السائل : ولا تكثر في تعقيب المغرب قبل أن تصلي نوافلها ، لان أفضل وقت نوافل صلاة المغرب إلى زوال الشفق من افق المغرب انتهى (٢).

وقال الشهيد قدس الله سره في الذكرى : قال المفيد : تفعل نافلة المغرب بعد التسبيح وقبل التعفيب كما فعلها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما بشر بالحسن عليه‌السلام فانه صلى ركعتين شكرا ، فلما بشر بالحسين عليه‌السلام صلى ركعتين ولم يعقب حتى فرغ منها ، وابن الجنيد لايستحب الكلام ولاعمل شئ بينها وبين المغرب.

ثم قال : ولو قيل بامتداد وقتها أي النافلة بوقت المغرب أمكن لانها تابعة لها ، وإن كان الافضل المبادرة بها قبل كل شئ سوى التسبيح ، وعد ـ ره ـ في النفلية مما يختص بالمغرب تأخير تعقيبها إلى الفراغ من راتبتها.

أقول : ولعل الاولى رعاية الامرين معا ، بأن يأتي بالتعقيبات ما لاينافي مايريد الاتيان به من النوافل ، ثم يؤخر البقية ، إذ يأتي في الخبر أن تعقيب الفريضة أفضل من النافلة ، وقد وردت الاخبار بأن لا نافلة في وقت الفريضة (٣).

____________________

(١) البلد الامين ص ٢٩.

(٢) فلاح السائل ص ٢٣٢.

(٣) الاخبار التى تحكم بأن لانافله في وقت انما ينظر إلى الوقت المقدر لهابتة ، فوقت الفجر والمغرب مقدر فرضا وسنة فاذا حان الوقت لا تقبل نافلة من المصلى ولا التعقيب وقد طولب بأداء الفرض ، وهكذا وقت العشاء الاخرة والعصرين مقدر بالسنة ، فاذا حان وقت بالتأذين لها فلا نافلة ولاتعقيب.

وأما بعد أداء الفريضة فهو بالخيار ، ان كان فرض على نفسه النوافل المرتبة يأتى بها ، وان كان فرض على نفسه التعقيب والدعاء عقب ، وان أراد أن يجمع بينهما جمع

٩٩

ويؤيد التأخير مارواه المفيد قدس الله روحه في إرشاده عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام أنه لما تزوج بنت المأمون وحملها قاصدا إلى المدينة سار إلى شارع باب الكوفة ، والناس معه يشيعونه ، فانتهى إلى دار المسيب عند مغيب الشمس ، فنزل ودخل المسجد وكان في صحنه نبقة لم تحمل بعد ، فدعا بكوز فيه ماء فتوضأ في أصل النبقة وقام فصلى بالناس صلاة المغرب ، فقرء في الاولى الحمد وإذا جاء نصر الله والفتح ، وقرء في الثانية الحمد وقل هو الله أحد ، وقنت قبل ركوعه وصلى الثالثة ، وتشهد وسلم ثم جلس هنيئة يذكر الله وقام من غير أن يعقب فصلى النوافل أربع ركعات وعقب بعده وسجد سجدتي الشكر ، فلما انتهى الناس إلى النبقة رأوها وقد حملت حملا جنيا فتعجبوا وأكلوا منها ، فوجدوه نبقا حلوا لاعجم له ، فودعوه ومضى (١).

أقول : سيأتي هذا الخبر في نوافل المغرب نقلا عن الخرائج أيضا ، وهو يومي إلى ماذكرنا من التوسط لان قوله ( من غير أن يعقب ) محمول على أنه لم يعقب كثيرا ، لقوله قبل ذلك يذكر الله ، وما سيأتي مصرح بذلك.

وسيأتي أيضا في خبر رجاء بن أبي الضحاك أن الرضا عليه‌السلام كان إذا سلم عن المغرب جلس في مصلاة يسبح الله ويحمده ويكبره ويهلله ماشاء الله ، ثم سجد سجدة الشكر ثم رفع رأسه ولم يتكلم حتى يقوم فيصلي أربع ركعات ، ثم يجلس بعد التسليم في التعقيب ماشاء الله.

وروى الشيخ عن أبي العلاء الخفاف عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : من صلى

____________________

لكنه بعد صلاة المغرب حيث يدخل وقت العشاء معجلا لابد وان يستعجل لاداء النافلة حيث يفوات وقتها بذهاب الشفق.

لكنك قد عرفت في ج ٨٢ ص ٢٩٣ أن المحكم في روايات النافلة هو حديث زرارة فتكون نافلة المغرب ركعتين ، ويكون الوقت واسعا للتعقيب والنافلة مما وانما يتعجل من يصلى نافلة المغرب أربع ركعات ، خصوصا اذا أراد أن يخرج من المسجد ويصليها في بيته دركا لفضل النوافل ، كما كان يفعله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(١) ارشاد المفيد ص ٣٠٤.

١٠٠