بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

قوتك وجودك وكرمك.

أعوذ بالله وبماعاذت به ملائكته ورسله ، من شر هذا اليوم وما يأتي بعده ، و من الشيطان والسلطان ، والركوب الحرام والاثام ، ومن شر السامة والهامة ، والعين اللامة ، ومن شر كل دابة ربي آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم.

وأعوذ بالله وبكلماته وعظمته وحوله وقوته وقدرته من غضبه وسخطه وعقابه و أخذه وبأسه وسطوته ونقمته ، ومن جميع مكاره الدنيا والاخرة ، وامتنعت بحول الله وقوته من حول خلقه جميعا وقوتهم وبرب الفلق ، من شر ماخلق ، ومن شر غاسق إذا وقب ، ومن شر النفاثات في العقد ، ومن شر حاسد إذا حسد ، وبرب الناس ملك الناس ، إله الناس ، من شر الوسواس الخناس ، الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس ، فان تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.

بالله أستفتح وبالله أستنجح ، وعلى الله أتوكل ، وبالله أعتصم وأستعين وأستجير ، بسم الله خسر الاسماء ، بسم الله لايضر مع اسمه شئ في الارض ولا في السماء ، وهو السميع العليم.

رب إني توكلت عليك رب إني فوضت أمري إليك ، رب إني ألجأت ظهري إليك ، رب إني إلجأت ضعف ركني إلى قوة ركنك ، مستعينا بك على ذوي التعزز على والقهر لي ، والقدرة على ضيمي ، والاقدام على ظلمي ، وأنا وأهلي ومالي وولدي في جوارك وكنفك رب لاضعف معك ، ولاضيم على جارك ، رب فاقهر قاهري بعزتك وأوهن متوهني بقدرتك ، وأقصم ضائمي ببطشك ، وخذلي من ظالمي بعدلك ، و أعذني منه بعياذك ، وأسبل على سترك ، فان من سترته فهو آمن محفوظ ، ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم.

ياحسن البلاء يا إله من في الارض ومن في السماء ، يامن لاغنى لشئ عنه ولابد لشئ منه ، يامن مصير كل شئ إليه ووروده إليه ، ورزقه عليه ، صل

١٨١

على محمد وآله ، وتولني ولا تولني أحدا من شرار خلقك ، كما خلقتني وغذوتني و رزقتني ورحمتني فلا تضيعني.

يامن جوده وسيلة كل سائل ، وكرمه شفيع كل آمل ، يامن هو بالجود موصوف ارحم من هو بالاشاءة معروف ، ياكنز الفقراء ، ياعظيم الرجاء ، ويامعين الضعفاء.

اللهم إني أدعوك لهم لايفرجه غيرك ، ولرحمة لاتنال إلا بك ، ولحاجة لايقضيها إلا أنت ، اللهم كما كان من شأنك ما أردتني به من ذكرك ، وألهمتنيه من شكرك ودعائك ، فليكن من شأنك الاجابة لي فيما دعوتك ، والنجاة فيما فزعت إليك منه ، فان لم أكن أهلا أن أبلغ رحمتك فان رحمتك أهل أن تبلغني وتسعني لانها وسعت كل شي ء ، وأنا شئ فلتسعني رحمتك يامولاي.

اللهم صل على محمد وآل محمد ، وامنن على وأعطني فكاك رقبتي من النار و أوجب لي الجنة برحمتك ، وزوجني من الحور العين بفضلك ، وأجرني من غضبك ، ووفقني لما يرضيك عني ، واعصمني مما يسخطك على ، ورضني بما قسمت لي ، وبارك لي فيما أعطيتني ، واجعلني شاكرا لنعمتك ، وارزقني حبك وحب كل من أحبك ، وحب كل عمل يقربني إلى حبك ، وامنن على بالتوكل عليك ، والتفويض إليك ، والرضا بقضائك ، والتسليم لامرك ، حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ، ولاتأخير ماعجلت ، يا أرحم الراحمين ، وصلى الله على محمد وآل محمد آمين رب العالمين.

اللهم أنت لكل عظيمة ، وأنت لكل نازلة ، فصل على محمد وآل محمد ، واكفني كل مؤنة وبلاء ، ياحسن البلاء عندي ، ياقديم العفو عني ، يامن لاغنى لشئ عنه يامن رزق كل شئ عليه.

ثم تؤمي باصبعك نحو من تريد أن تكفى شره وتقول : إنا جعلنا في أعناقهم أعلالا فهي إلى الاذقان فهم مقمحون ، وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لايبصرون ، إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا ، وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا ، أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم

١٨٢

واولئك هم الغافلون ، أفرأيت من اتخذ إلهه هويه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يديه من بعد الله أفلا تذكرون ، وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لايؤمنون بالاخرة حجابا مستورا ، وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا ، وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا الحمد لله رب العالمين.

اللهم إني أسئلك باسمك الذي به تقوم السماء ، وبه تقوم الارض ، وبه تفرق بين الحق والباطل ، وبه تجمع بين المتفرق ، وبه تفرق بين المجتمع ، وبه أحصيت عدد الرمال ، وزنة الجبال ، وكيل البحار ، أن تصلي على محمد وآله ، وأن تجعل لي من أمري فرجا ومخرجا إنك على كل شئ قدير (١).

البلد الامين : عن الصادق عليه‌السلام قال : من أراد دخول الجنة من أي أبوابها شاء ، ويكون في صحيفته لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فليقل كل يوم عقيب صلاة الصبح ( الحمد لله الذي ذهب بالليل بقدرته ) إلى قوله ( أقرئنا محمدا منى السلام ) (٢).

توضيح : ( آخذ بناصيتها ) أي مالك لها قادر عليها ، يصرفها على مايريدبها والاخذ بالنواصي تمثيل لذلك ( على صراط مستقيم ) أي أنه على الحق والعدل لايضيع عنده معتصم ولايفوته ظالم ( فان تولوا ) أي الايمان بك ( فقل حسبي الله ) فانه يكفيك معرت ) م ويعينك عليهم ( لا إله هو ) كالدليل عليه ( عليه توكلت ) قلا أرجو ولا أخاف إلا منه ( وهو رب العرش العظيم ) قيل : أي الملك العظيم أو الجسم الا عظم المحيط الذي ينزل منه الاحكام والتقادير ( خير حافظا ) حال أو تميز نحو لله دره فارسا ، وقرئ حفظا فالاخير فقط.

____________________

(١) البلد الامين : ٦١ ـ ٦٤.

(٢) ذكره في الهامش ، الا أنه لم يطبع وتراه في هامش الصفحة ٨٠ من كتابه جنة الامان الواقية ( المصباح ) ص ٨٠.

١٨٣

( أن تزولا ) أي كراهة أن تزولا فان الممكن حال بقائه لا يدله من حافظ أو يمنعهما أن تزولا لان الامساك منع ( إن أمسكهما ) أي ما أمسكهما ( من أحد من بعده ) أي من بعد الله أو من بعد الزوال ( ومن ) الاولى زائدة والثانية للابتداء ( إنه كان حليما غفرورا ) حيث أمسكهما وكانتا جديرتين بأن تهدا هدا ، وقال الفيروز آبادي : قرأ عليه‌السلام أبلغه كأقرئه أولا يقال أقرأه ألا أذا كان السلام مكتوبا وقال : خفر به خفرا وخفورا نقص عهده وغدوره كأخفره ، وقال : الجوار بالكسر أن تعطي الرجل ذمة فيكون بها جارك فتجيره ، وجاوره مجاورة وجواردا وقد يكسر صار جاره.

( أصبحت والملك ) الواو للعطف أي أصبح جميع تلك الامور منه أو للحال ( والملكوت ) العز والسلطان ذكره الفيروز آبادي ، وقال هو في عز ومنعة محركة و يسكن أي معه من يمنعه من عشيرته ، وقال الجزري : القاهر هو الغالب على جميع الخلائق يقال فهره قهرا فهو وقهار للمبالغة وقال الجبار معناه الذي يقهر على ما أراد من أمر ونهي ، ويقال هو العالي فوق خلقه انتهى.

الولي المتولي للامور والناصر والمحب ، والملتحد الملجاء ، والمعرة الاثم والاذى ، ويقال نجح فلان وأنجح إذا أصاب طلبته ، والقصم الكسر ( ما أردتني به ) أي طلبتني بسببه كناية عن الامر به ، وقد مر الفرق بين التوكل والتفويض ، والرضا والتسليم في كتاب الايما والكفر ، وإن متقاربة المعنى.

( ياحسن البلاء ) أي النعمة ( فهي الاذقان ) أي الاغلال واصله إلى اذقانهم فلا تخليهم يطأطئون رؤسهم ( فهم مقمحون ) رافعون رؤسهم غاضون أبصارهم ( على قلوبهم أكنة ) جمع كنان ، والكنان الغطاء وزنا ومعنى ( أن يفقهوه ) أي كراهة أن يفقهوه ( وفي آذانهم وقرا ) أي ثقلا.

( من اتخذ إلهه هواه ) أي ترك متابعة الهدى إلى مطاوعة الهوى ، فكأنه يعبده أو اتخذ معبوده ما يهواه دون ما دل الدليل على أن العبادة تحق له ( وأضله الله

١٨٤

على علم ) أي خذله الله وخلاه وما اختاره ، أوجزاء له على كفره وعناده على علم منه باستحقاقه لذلك ، وقيل أي وجده ضلالا على حسب ماعلمه فخرج معلومه على وفق علمه ( فمن يديه من بعد الله ) أي بعد هداية الله ، أي إذا لم يهتد بهدايته تعالى فلا طمع من اهتدائه ( حجابا مستورا ) أي ساتر وقيل : حجابا لايبصر ، وقد مر تفسير تلك الايات في محالها.

٤٧ ـ فلاح السائل (١) والبلد الامين (٢) ومصباح الشيخ (٣) وغيرها : من أدعية السر : ومن أراد من امتك حفظي وكلاتي ومعونتي فليقل عند صباحه و مسائه ونومه :

آمنت بربي وهو الله إله كل شئ ، ومنتهى كل علم ووارثه ، ورب كل شئ ، واشهد الله على نفسي باعلبودية والذلة والصغار ، وأعترف بحسن صنائع الله إلى و أبوء على نفسي يقلة الشكر ، وأسأل الله في يومي هذا وليلتي هذه بحق مايراه له حقا على ما يراه مني له رضا وإيمانا وإخلاصا ورزقا واسعا وإبقانا بلا شك ولا ارتياب.

حسبي إلهي من كل من هو دونه ، والله وكيل على كل من سواه ، آمنت بسر علم الله وعلانيته ، وأعوذ بما في علم الله من كل سوء ، سبحان العالم بما خلق اللطيف المحصي له القادر عليه ، ما شاء الله لاقوة إلا بالله ، وأستغفر الله وإليه المصير (٤).

بيان : وأبوء أي اقر ( بحق ما يراه له حقا ) أي بحق كل شئ يعلم الله أنه من حقوقه ، فالضمير راجع إلى الله ، أو الظرف بدل من الضمير أي يرى له حقا على نفسه سبحانه ( على مايراه ) متعلق بقوله ( أسئل ) و ( على ) للتعليل أي أسأله لكل شئ يراه مني سببا لرضاه ، وقوله ( إيمانا ) وما بعده بيان للموصول ، وفي

____________________

(١) لم نجده ولعله في القسم غير المطبوع.

(٢) البلد الامين : ٥١٢.

(٣) مصباح المجتهد : ١٦٧.

(٤) مصباح الكفعمى ص ٨٥.

١٨٥

بعض النسخ ( وإيمانا ) فيكون العطف على محل الموصول عطف تفسير ، ويحتمل على هذا أن يكون ( رضا ) بيانا للموصول ، أي كل ما يراه مني طاعة له ومنسوبا إليه من الرضا والايمان.

أقول : قال في فلاح السائل والبلد الامين بعد الدعاء فانه إذا قال ذلك جعلت له في خلقي جاها وعطفت عليه قلوبهم وجعلته في دينه محفوظا.

٤٨ ـ الكافى والفقيه : باسنادهما عن محمد بن الفرج أنه قال : كتب إلى أبو جعفر محمد بن علي الرضا عليهما‌السلام بهذا الدعاء وعلمنيه ، وقال : من دعابه في دبر صلاة الفجر لم يلتمس حاجة إلا يسرت له وكفاه الله ما أهمه ( بسم الله وصلى الله على محمد وآله وافوض أمري إلى الله ، إن الله بصير بالعباد ، فوقيه الله سيئات مامكروا لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ، حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسهم سوء ، ما شاء الله لاحول ولا قوة إلا بالله ما شاء الله لا ماشاء الناس ماشاء الله وإن كره الناس ، حسبي الرب من المربوبين ، حسبي الخالق من المخلوقين ، حسبي الرازق من المرزوقين ، حسبي الذي لم يزل حسبي حسبي الله لا إله إلا هو ، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم (١).

وفي الكافي : ( من المرزوقين حسبي الذي لم يزل حسبي منذ قط حسبي الله الذي لا إله إلا هو ) (٢).

عدة الداعي : عنه عليه‌السلام مثله إلى قوله حسبي الرزاق من المرزوقين ، حسبي الله رب العالمين ، حسبي من هو حسبي ، حسبي من لم يزل حسبي ، من كان منذ كنت لم يزل حسبي حسبي الله الخ.

٤٩ ـ الفقيه : باسناده الصحيح عن حفص بن البختري قال : إن رسول الله

____________________

(١) فقيه من لايحضره الفقيه ج ١ ص ٢١٤ ط الاخوندى.

(٢) الكافى ج ٢ ص ٥٤٧.

١٨٦

صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول بعد صلاة الفجر : اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضلع الدين ، وغلبة الرجال ، وبوار الايم ، والغفلة والزلة والقسوة والعلية والمسكنة ، وأعوذبك من نفس لاتشبع ، ومن قلب لايخشع ، و من عين لاتدمع ، ومن دعاء لايسمع ، ومن صلاة لاتنفع ، وأعوذ بك من امرأة يشيبني قبل أو ان مشيبي وأعوذ بك من ولد يكون على ربا ، وأعوذ بك من مال يكون علي عذابا ، وأعوذ بك من صاحب خديعة إن رأى حسنة دفنها ، وإن رأى سيئة أفشاها. اللهم لاتجعل لفاجر على يدا ولامنة (١).

توضيح : منهم من فرق بين الهم والحزن بأن الهم إنما يكون في الامر المتوقع ، والحزن فيما قد وقع ، والهم هو الحزن الذي يذيب الانسان يقال : همني المرض بمعنى أذابني ، وسمي به ما يعتري الانسان من شدائد الغم لانه يذيبه أبلغ وأشد من الحزن الذي أصله الخشونة ، والعجز أصله التأخر عن الشئ مأخوذ من العجز ، وهو مؤخر الشئ وللزومه الضعف والقصور عن الاتيان بالشئ استعمل في مقابلة القدرة ، والكسل التثاقل عن الشئ مع وجود القدرة.

وفي النهاية فيه نعوذ بالله من بوار الايم أي كسادها ، من بارت السوق والايم التي لازوج بها انتهى وسيأتي في الحديث تفسير له في كتاب الدعاء (٢) وفي النهاية عال يعيل عيلة افتقر ، وفي القاموس الشيب بياض الشعر كالمشيب ، وشيب الحزن رأسه وبرأسه وكذلك أشاب.

( يكون علي ربا ) أي مربيا ومنعما وأكون محتاجا إليه ، فان ذلك أصعب الاشياء لكونه على خلاف العادة ، بل الغالب بالعكس ، والتعدية بعلى لتضمين معنى

____________________

(١) الفيه : ج ١ ص ٢٢١.

(٢) راجع ج ٩٥ ص ١٣٤ ، وفيه عن عبدالملك بن عبدالله القمى قال : سأل أبا عبدالله عليه‌السلام الكاهلى وأنا عنده : أكان على ( ع ) يتغوذ من بوار الايم؟ فقال : نعم ، وليس حيث تذهب ، انما كان يتعوذ من العاهات ، والعمة يقولون بوار الايم [ كسادها ] وليس كما يقولون.

١٨٧

التسلط والاستيلاء ، وقال السيد الداماد قدس سره : لو كان ربا لعدي باللام والصواب رباء كسماء بمعنى الطول والمنة ، والمصدر بمعنى اسم الفاعل ، ورباء كظماء أو بالتسكين كنوء وباسكان الباء بعد الراء المكسورة كدفء وكلها تصحيف وتكلف مستغن عنه ، و الامر في التعدية هين كما عرفت.

( ويكون علي عذابا ) أي في الاخرة أو الاعم منها ومن الدنيا ، ( دفنها ) أي سترها ، والمنة النعمة ، وكأنه تأكيد لليد ، ويمكن تخصيص كل منهما ببعض المعاونات ليكون تأسيسا

٥٠ ـ الفقيه : روى عدة من أصحابنا عن أصحابنا عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه قال : كان أبي عليه‌السلام يقول : إذا صلى الغداة :

يامن هو أقرب إلى من حبل الوريد ، يامن يحول بين المرء وقلبه ، يامن هو بالمنظر الاعلى ، يامن ليس كمثله شئ وهو السميع العليم ، يا أجود من سئل ، ويا أوسع من أعطى ، ويا خير مدعو ، ويا أفضل مرتجا ، ويا أسمع السامعين ، ويا أبصر الناظرين ، ويا خير الناصرين ، ويا أسرع الحاسبين ، ويا أرحم الراحمين ، ويا أحكم الحاكمين ، صل على محمد وآل محمد واوسع علي في رزقي ، وامدد لي في عمري ، وانشر علي من رحمتك ، واجعلني ممن تنتصر به لدينك ، ولاتستدل بي غيري.

اللهم إنك تكفلت برزقي ورزق كل دابة ، فأوسع علي وعلى عيالي من رزقك الواسع الحلال ، واكفنا من الفقر.

ثم يقول : مرحبا بالحافظين وحياكم الله من كاتبين ، اكتبا رحمكما الله أني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وإشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وأشهد أن الدين كما شرع ، وأن الاسلام كما وصف ، وأن الكتاب كما أنزل ، وأن القول كما حدث ، وأن الله هو الحق المبين ، اللهم بلغ محمدا وآل محمد أفضل التحية وأفضل الصلاة.

١٨٨

أصبحت وربي محمود ، أصبحت لا اشرك بالله شيئا ، ولا أدعو مع الله أحدا ولا أتخذ من دونه وليا ، أصبحت عبدا مملوكا لا أملك ألا ماملكني ربي ، أصبحت لا أستطيع أن أسوق إلى نفسي خير ما أرجو ، ولا أصرف عنه شر ما أحذر ، أصبحت مرتهنا بعملي ، وأصبحت فقيرا لا أجد أفقر مني ، بالله اصبح وبالله امسي ، وبالله أحيى وبالله أموت ، وإلى الله النشور (١).

تبيين : ( أقرب إلى من حبل الوريد ) إشارة إلى قوله سبحانه ( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) (٢) والوريدان : عرقان مكتنفان بصفحتي العنق في مقدمها ، متصلان بالوتين يردان من الرأس إليه ، وقيل : سمى وريدا لان الروح ترده ، وقيل هو عرق بين العنق والنكب ، والحبل العرق ، وإضافته للبيان أي نحن أعلم بحاله ممن كان أقرب إليه من حبل الوريد والنسبة تجوز بقرب الذات لقرب العلم لانه موجبه ، وحبل الوريد مثل في القرب قال الشاعر : والموت أدنى لي من الوريد كذا ذكره البضاوي ، وقيل : الوريد عرق متعلق بالقلب يعني نحن أقرب إليه من قلبه أو نحن أقرب إليه من حبل وريده مع استيلائه عليه وقربه منه.

أقول : ويحتمل أن يكون النكتة في ذكر الوريد بيان جهة قربه سبحانه وأنه القرب بالعلية لابحسب المكان ، فان قوام الشخص بهذا العرق ، وبقطعه يموت الانسان ، ويظن الانسان أن بقاءه وحياته به ، فقال تعالى : نحن أدخل في وجوده و بقائه من ذلك العرق ، لانه أحد الاسباب الذي خلقه الله لبقائه ، وهو وسائر العلل بيده.

( يامن يحول بين المرء وقلبه ) أي يصرف قلبه عما يريده إلى غيره ، كما قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ( عرفت الله بفسخ العزائم ) أو يذهله عما هو مخزون في قلبه : أو يعلم مما في قلب الانسان مالايعلمه فهو أقرب إلى قلبه منه ، فكأنه حائل بينه وبينه.

____________________

(١) الفيه ج ١ ص ٢٢. (٢) ق : ١٦.

١٨٩

( يامن ليس كمثله شئ ) الكاف الزائدة ، أو ليس مايشبه أن يكون مثله ، فكيف مثله حقيقة ، او المراد يمثله ذاته كقولهم ( مثلك لا يفعل كذا ) فيرجع إلى الاول وقيل : مثله أي ليس كصفته صفة.

( ولاتستبدل بي شئ ) إشارة إلى قوله سبحانه ( وإن تولوا يستبدل قوما غيركم ثم لايكونوا أمثالكم ) (١) أي لا تجعلني بسبب المعاصي مستوجبا لغضبك حتى تذهب بي وتأتي بعيري مكاني لنصر دينك ، ويحتمل أن يكون المراد لاتغير جسمي وخلقي في الدنيا والاخرة والاول أظهر.

( كما شرع ) الضمير فيه وفي نظائره راجع إلى الله ، ويمكن أن يقرء على بناء المجهول في الجميع.

٥١ الفقيه (٢) والمكارم والذكرى : عن مسمع بن كردين أنه قال : صليت مع أبي عبدالله عليه‌السلام إربعين صباحا فكان إذا انفتل رفع يديه إلى السماء وقال : أصبحنا وأصبح الملك لله ، اللهم إنا عبيدك وابناء عبيدك ، اللهم فاحفظنا من حيث نحتفظ ومن حيث لا نحتفظ اللهم احرسنا من حيث نحترس ومن حيث لا نحترس ، اللهم استرنا من حيث نستتر ومن حيث لا نستتر ، اللهم استرنا بالغنا والعافية ، اللهم ارزقنا العافية ودوام العافية ، وارزقنا الشكر على العافية (٣).

بيان : في الذكرى ( نتحفظ ) في الموضعين ، وكذا ( نتحرس ) فيهما وكذا ( نستتر ) فيهما وفي آخره ( وارزقنا الشكر عليها ) ثم قال : قلت في هذا إشارة إلى أنه دعا مستقبل القوم ، هذا بعد الفراغ من التعقيب ، فانه قد ورد أن المعقب يكون على هيئة المتشهد في استقبال القبلة وفي التورك ، وأن ما يضر

__________________

(١) سورة القتال : ٢٨

(٢) الفقيه ج ١ ص ٢٢٣.

(٣) مكارم الاخلاق : ٣٢٢.

١٩٠

بالصلاة يضر بالتعقيب ، أو يقال هنا يختص بالنصح لا غير ، أو يقال المراد بانفتاله فراغه من الصلاة ، وإيماؤه بالتسليم انتهى والاخير أظهر ، والانفتال بمعنى الانصراف شائع ، وإن كان مجازا.

٥٢ ـ الكافي : في الصحيح عن محمد بن مسلم قال : سالت ابا جعفر عليه‌السلام عن التسبيح فقال : ما علمت شيئا موظفا غير تسبيح فاطمه عليها‌السلام ، وعشر مرات بعد الفجر ( لا إله إلا الله وحد ه لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ) ويسبح ماشاء تطوعا (١).

ومنه : عن العده ، عن البرقي ، عن بعض اصحابه رفعه قال : تقول بعد الفجر : اللهم لك الحمد حمدا خالدا مع خلودك ، ولك الحمد حمدا لا منتهى له دون رضاك ، ولك الحمد حمدا لا أمد له دون مشيئتك ، ولك الحمد حمدا لا أجر لقائله إلا رضاك ، اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان ، اللهم لك الحمد كما أنت أهله ، الحمد لله بمحامده كلها على نعمائه كلها حتى ينتهي الحمد إلى حيث ما يحب ربي ويرضى (٢).

وتقول بعد الفجر قبل أن تتكلم : ( الحمد لله ملء الميزان ، ومنتهى الرضا ، و زنة العرش ، وسبحان الله ملء الميزان ومننهى الرضا وزنة العرش ، والله اكبر ملء الميزان ومنتهى الرضا وزنة العرش ، ولا اله الا الله ملء الميزان ومنتهى الرضا وزنة العرش ) يعيد ذلك أربع مرات ثم يقول : أسألك مسألة العبد الذليل أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تغفر لنا ذنبنا ، وتقضي لنا حوائجنا في الدنيا والاخرة في يسر منك وعافية (٣).

٥٣ ـ التهذيب : عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن معاوية بن حكيم ، عن معمر بن خلاد ، عن الرضا عليه‌السلام قال : سمعته يقول : ينبغي للرجل إذا أصبح أن يقرأ

__________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٥٣٣.

(٢ ـ ٣) الكافي ج ٢ ص ٥٤٧.

١٩١

بعد التعقيب خمسين آية (١).

٥٤ ـ اختيار ابن الباقي عن سلمان الفارسي ، قال : رأيت على حمائل سيف أمير المؤمنين عليه‌السلام كتابة فقلت يا امير المؤمنين! ما هذه الكتابة على سبفك؟ فقال : هذه إحدى عشرة كلمة علمنيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أفتحب أن اعلمك اياها فتحفظ في سفرك وحضرك وليلك ونهارك ومالك وولدك؟ فقلت : نعم ، فقال عليه‌السلام : إذا صليت الصبح وفرغت من صلاتك فقل : اللهم إني أسالك يا عالما بكل خفية ، يامن السماء بقدرته مبنية ، يامن الارض بقدرته مدحية ، يا من الشمس والقمر بنور جلاله مضيئة ، يامن البحار بقدرته مجرية ، يا منجي يوسف من رق العبودية يا من يصرف كل نقمة وبلية ، يا من حوائج السائلين عنده مقضية ، يا من ليس له حاجب يغشى ، ولا وزير يرشى ، صل على محمد وآل محمد ، واحفظني في سفري وحضري وليلي ونهاري ، ويقظتي ومنامي ، ونفسي وأهلي ، ومالي وولدي ، والحمد لله وحده.

٥٥ ـ المجازات النبوية للسيد رضي الدين : من ذلك قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من قال حين يصبح ( لا اله الا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير ) عشر مرات كتب الله له بكل واحدة قالها عشر حسنات ، وحط عنه بها عشر سيئات ، ورفعه بها عشر درجات ، وكن له مسلحة من أول نهاره إلى آخره ، ولم يعمل يومئذ عملا يقهرهن (٢).

وفي هذا الكلام استعارتان احداهما قوله عليه‌السلام ( وكن له مسلحة من أول نهاره إلى آخره ) والمراد بالمسلحة ههنا مجتمع السلاح الكثير ، يقال ههنا مسلحة للشيطان ويراد به الموضع الذي جماعة من أعوانه قد كثرت أسلحتهم واشتدت شوكتهم ، كما يقال : مأسدة للارض الكثيرة الاسد ، ومكمأة للارض الكثيرة الكمأة ومفعأة

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ١٧٤.

(٢) المجازات النبوية : ٢٥٤.

١٩٢

محوأة : للارض الكثيرة الافاعي والحيات ، ونظائر ذلك كثيرة فجعل عليه‌السلام هذه الكلمات لقائلهن بمنزلة السلاح الكثير الذي يدفع عنع المخاوف ويرد الايدي البواطش.

والاستعارة الاخرى قوله عليه‌السلام : ( ولم يعمل يومئذ عملا يقهرهن ) والمراد ولم يعمل من الاعمال السيئة في يومه ما يغلب إثمة أجر هذه الكلمات إذا قالها على الوجه المحدود فيها.

وينبغي أن يكون المراد بذلك الذنوب الصغائر دون الذنوب الكبائر لان عقاب الكبيرة بعظم ، فيكون كالقاهر لتلك الحسنات التي ذكرها والدرجات التي أشار إليها ، ولما أقام عليه‌السلام تلك الكلمات مقام السلاح لقائلها ، جعل ما في مقابلتها من إثم موتغ وذنب موبق ، بمنزلة القاهر لها والثالم فيها ملامحة بين صفحات الالفاظ ومزاوجة بين فرائد الكلام ، وهذا موضع المجاز الثاني الذي أفضنا في ذكره وكشفنا عن سره (١).

اقول : قد مر بعض أخبار الباب في باب تعقيب كل صلاة ، وفي باب تعقيب المغرب.

__________________

(١) المجازات النبوية : ٢٥٥ ، والموتغ : المهلك المفسد ، يقال : هذا مما يوتغ الدين والمروءة ، أي يفسدها.

١٩٣

٤٤

* ( باب ) *

* ( سجدة الشكر وفضلها وما يقرء فيها وآدابها ) *

١ ـ الاحتجاج : كتب الحميري إلى القائم عليه‌السلام يسأله عن سجدة الشكر بعد الفريضة ، فان بعض أصحابنا ذكر انها بدعة ، فهل يجوز أن يسجدها الرجل بعد الفريضة أو بعد الاربع ركعات النافلة؟.

فأجاب عليه‌السلام : سجدة الشكر من ألزم السنن وأوجبها ، ولم يقل إن هذه السجدة بدعة إلا من أراد أن يحدث في دين الله بدعة ، وأما الخبر المروي فيها بعد صلاة المغرب والاختلاف في انها بعد الثلاث أو بعد الاربع ، فان فضل الدعاء والتسبيح بعد الفرائض على الدعاء بعقيب النوافل ، كفضل الفرائض على النوافل ، والسجدة دعاء وتسبيح ، والافضل أن يكون بعد الفرض ، فان جعلت بعد النوافل أيضا جاز (١).

بيان : يدل على جواز السجدة في المغرب قبل النوافل وبعدها ، وأن التقديم أفضل ، وهو اقرب ، وبه يجمع بين الاخبار ، ولا يبعد ان يكون ما ورد من التاخير محمولا على التقية لانهم بعد الفريضة يتفقدون من يسجد ومن لا يسجد ، ويشعر به بعض الاخبار ايضا.

وذهب اكثر الاصحاب إلى افضلية التاخير قال في المنتهى : سجود الشكر في المغرب ينبغي ان يكون بعد نافلتها ، لما رواه الشيخ عن حفص الجوهري (٢) قال : صلى ابوالحسن علي بن محمد عليهما‌السلام صلاة المغرب فسجد سجدة الشكر بعد السابعة ،

____________________

(١) احتجاج الطبرسي : ٢٧٢.

(٢) تراه في التهذيب ج ١ ص ١٦٧.

١٩٤

فقلت له : كان آباؤك يسجدون الثلاثة؟ فقال : ما كان أحد من آبائي يسجد ألا بعد السبع.

وقد روى جواز التقديم بعد المغرب جهم بن أبي جهمة (١) قال : رأيت موسى ابن جعفر عليه‌السلام وقد سجد بعد ثلاث ركعات من المغرب ، فقلت له : جعلت فداك رأيتك سجدت بعد الثلاث ، فقال : ورأيتني؟ قلت : نعم ، قال : فلا تدعها فان الدعاء فيها مستجاب انتهى.

اقول : وهذا مما يومي إلى التقية في التاخير فلا تغفل ، وسيأتي في خبر اين أبي الضحاك (٢) عن الرضا عليه‌السلام أنه سجد قبل النافلة وقال في الذكرى : في موضع سجدتي الشكر بعد المغرب روايتان يجوز العمل بهما مع إمكان حمل رواية الكاظم عليه‌السلام على سجدة مطلقة ، وإن كان بعيدا انتهى ، ولعل إيقاعها في الموضعين أفضل وأحوط ، إذ يظهر من كثير من الاخبار استحبابا بعد النافلة مطلقا أيضا.

٢ ـ مجالس الصدوق : عن محمد بن علي بن الفضل ، عن محمد بن عمار القطان عن الحسين بن علي الزعفراني ، عن إسماعيل بن أبراهيم العبدي عن سهل ، عن ابن محبوب ، عن الثمالي قال : دخلت مسجد الكوفة فاذا أنا برجل عند اسطوانة السابعة قائما يصلي يحسن ركوعه وسجوده ، فجئت لانظر إليه فسبقني إلى السجود فسمعته يقول في سجوده ( اللهم إن كنت قد عصيتك فقد أطعتك في أحب الاشياء إليك وهو الايمان بك ، منا منك به على لا من به مني عليك ، ولم أعصك في أبغض الاشياء إليك : لم أدع لك ولدا ، ولم اتخذ لك شريكا منا منك علي لا من مني عليك ، وعصيتك في أشياء على غير مكاثرة ولا مكابرة ، ولا استكبار عن عبادتك ، ولا جحود لربوبيتك ، ولكن اتبعت هواي وأضلني الشيطان بعد الحجة والبيان ، فان تعذبني فبذنبي غير ظالم لي ، وإن ترحمني فبجودك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

____________________

(١) تراه في الفقيه ج ١ ص ٢١٧ ، ط نجف.

(٢) يأتي تحت الرقم ٣٣ عن كتاب العيون.

١٩٥

ثم انفتل وخرج من باب كندة فتبعه حتى أتى مناخ الكلبيين فمر بأسود فأمره بشئ لم أفهمه ، فقلت : من هذا؟ فقال : هذا علي بن الحسين عليهما‌السلام فقلت : جعلني الله فداك ما أقدمك هذا الموضع؟ فقال : هذا الذي رأيت (١).

بيان : ( الذي رأيت ) أي الصلاة في هذا المسحد ولعل عدم ذكر زيارة أبيه وجده عليهم‌السلام للتقية الانهما كانتا اهم.

اقول : وروى هذا الدعاء في المكارم عنه عليه‌السلام مرسلا قال : وكان علي بن الحسين عليهما‌السلام يقول في سجوده وساق الدعاء إلى قوله : ( وتركت معصيتك في أبغض الاشياء إليك ، وهو أن أدعو لك ولدا وادعو لك شريكا ) إلى قوله ( وعصيتك في أشياء على غير وجه مكابرة ولا معاندة ولا استكبار ) إلى قوله ( واستزلني الشيطان بعد الحجة والبرهان ، فان تعذبني فبذنوبي .. ) (٢).

٣ ـ مجالس الصدوق : عن ابن المتوكل ، عن السعدآبادي ، عن البرقي عن ابيه ، عن محمد بن علي ، عن ابن ابي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن ابي بصير عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يسير مع بعض اصحابه في بعض طرق المدينة ، إذ ثنى رجله عن دابته ثم خر ساجدا فأطال ثم رفع رأسه فعاد ثم ركب فقال له أصحابه : يا رسول الله رايناك ثنبت رجلك عن دابتك ثم سجدت فأطلت السجود؟.

فقال : أن جبرئيل عليه‌السلام أتاني فأقرأني السلام من ربي وبشر أنه لم يخزني في امتي ، فلم يكن لي مال فأتصدق به ، ولا مملوك فاعتقه ، فأحببت أن أشكر ربي عزوجل (٣).

____________________

(١) أمالي الصدوق : ١٨٨ ، وأخرجه المؤلف العلامه ـ ره ـ في كتاب المزار ج ١٠٠ ص ٣٩٠ من طبيعتنا هذه ، وفيه : المكابرة : المغالبة بالكثرة أي لم تكن معصيتي لان أتكل على كثرة جنودي وقوتي وأريد ان أعازك وأعارضك.

(٢) مكارم الاخلاق : ٣٣٢.

(٣) أمالي الصدوق : ٣٠٤.

١٩٦

بيان : يدل على استحباب سجدة الشكر عند تجدد النعم مطلقا ولا خلاف فيه بين الاصحاب ، قال الشيخ البهائي ـ ره ـ : أطبق علماؤنا رضى الله عنهم على ندبية سجود الشكر عند تجدد النعم ، ودفع النقم ، وكما يستحب لشكر النعمة المتجددة فالظاهر كما قاله شيخنا في الذكرى : أنه يستحب عند تذكر النعم ، وإن لم يكن متجدده ، وقد اجمع علماؤنا على استحباب السجود ايضا عقيب الصلاة شكرا على التوفيق لادائها ، ويستحب ان يكون عقيب التعقيب بحيث يجعل خاتمته وإطالته أفضل.

ويستحب فيه افتراش الذراعين وإلصاق الصدر والبطن بالارض وهل يشترط السجود على الاعضاء السبعة أم يكتفي بوضع الجبهة كل محتمل ، وقطع في الذكرى بالاول ، وعلله بان مسمى السجود يتحقق بذلك واما وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه ، فالاصل عدم اشتراطه انتهى.

وقال في الذكرى : ليس في سجود الشكر تكبيرة الافتتاح ، ولا تكبيرة السجود ، ولا رفع اليدين ، ولا تشهد ، ولا تسليم ، وهل يستحب التكبير لرفع الراس من السجود؟ أثبته في المبسوط ، ويجوز فعله على الراحلة اختيارا لاصالة الجواز انتهى.

وقال في المعتبر : قال الشيخ في النهاية : ليس في سجدة الشكر تكبير الافتتاح ، ولا تكبير السجود ، ولا تشهد ولا تسليم ، وقال في المبسوط : يستحب التكبير لرفع رأسه من السجود ولعله شبهه بسجدة التلاوة ، وقال الشافعي : هي كسجدة التلاوة انتهى وهذا الخبر يدل على أن السجود على الارض مع الامكان أفضل ، ولا يدل على تعينه.

٤ ـ العيون : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى اليقطيني ، عن سليمان بن حفص قال : كتبت إلى أبوالحسن عليه الحسن عليه‌السلام : قل في سجدة الشكر مائة مرة شكرا شكرا ، وان شئت عفوا عفوا.

قال الصدوق ـ ره ـ : قد لقي سليمان موسى بن جعفر والرضا عليهما‌السلام ولا أدري

١٩٧

هذا الخبر (١) عن أيهما.

٥ ـ العلل (٢) والعيون : عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ، عن احمد ابن محمد بن سعيد الهمداني ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن ابيه ، عن ابي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : السجدة بعد الفريضة شكر لله تعالى على ما وفق له العبد من أداء فرضه ، وأدنى ما يجرئ فيها من القول أن يقول شكرا لله ، شكرا لله ، شكرا لله ، ثلاث مرات.

قلت : فما معنى قوله ( شكرا لله ) قال : يقول هذه السجدة مني شكر لله عز وجل على ماوفقني به من خدمته وأداء فرضه ، الشكر موجب للزيادة ، فان كان في الصلاة تقصير لم يتم يالنوافل ثم بهذه السجدة (٣).

٦ ـ العيون : عن تميم القرشي ، عن أبيه ، عن أحمد بن علي الانصاري عن عبدالسلام بن صالح الهروي قال : لما دخل الرضا عليه‌السلام بن صالح الهروي قال : لما دخل الرضا عليه‌السلام سناباد دخل دار حميد ابن قحطبة ، ودخل القبة التي فيها قبر هارون الرشيد ثم خط بيده إلى جانبه ثم قال : هذه تربتي ، وفيها ادفن سبجعل الله هذا المكان مختلف شيعتي وأهل مجبتي ، والله ما يزورني منهم زائر ولا يسلم علي منهم مسلم الا وجب له غفران الله ورحمته يشفاعتنا أهل البيت.

ثم استقبل عليه‌السلام القبلة وصلى ركعات ودعا بدعوات فلما فرغ سجد

____________________

(١) عيون الاخبار ج ١ ص ٢٨٠ ، وذكره في الفقيه ج ١ ص ٢١٨ ، وفيه : ( كتب إلى ابوالحسن الرضا عليه‌السلام ) ورواه الكليني في الكافي ج ٣ ص ٣٢٦ وفيه : ( قال : كتبت إلى ابي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام في سجدة الشكر فكتب إلى : مائة مره الخ.

(٢) علل الشرايع ج ٢ ص ٤٩.

(٣) عيون الاخبار ج ١ ص ٢٨١ ، وانما قال عليه‌السلام : ( والشكر بوجب الزيادة ، لقوله عزوجل في سورة ابراهيم : ٧ ( واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم ).

١٩٨

سجدة طال مكثه فيها ، فاحصيت له فيها خمس مائة تسبيحة ثم انصرف (١).

٧ ـ مجالس ابن الشيخ : عن أبيه ، عن المفيد ، عن المظفر بن محمد الخراساني عن محمد بن جعفر العلوي ، عن الحسن بن محمد بن جمهور العمي ، عن ابيه ، عن ابن ابي عمير ، عن جميل ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام قال : اوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران عليه‌السلام : أتدري يا موسى لم انتجبتك من خلقي ، واصطفيتك لكلامي؟ فقال : لا يارب فأوحى الله إليه أني اطلعت إلى الارض فلم اجد عليها أشد تواضعا لي منك ، فخر موسى عليه‌السلام ساجدا وعفر خديه في التراب تذللا منه لربه عزوجل ، فأوحى الله إليه : ارفع رأسك يا موسى ، وأمرر يدك في موضع سجودك ، وامسح بها وجهك ومانالته من بدنك ، فانه أمان من كل سقم وداء وعاهة (٢).

دعوات الراوندي : مرسلا مثله (٣).

بيان : يدل على استحباب التعفير في سجود الشكر ، وبه يصير اثنين وعلى استحباب الامرار المذكور ، قال في المعتبر يستحب فيها التعفير ، وهو أن يلصق خده الايمن بالارض ثم خده الايسر وهو مذهب علمائنا ، وقال في الذكرى : يستحب فيها تعفير الجبينين بين السجدتين ، وكذا تعفير الخدين ، وهو ماخوذ من العفر بفتح العين والفاء وهو التراب ، وهو اشارة إلى استحباب وضع ذلك على التراب ، والظاهر تأدي السنة يوضعها على ما اتفق وان كان الوضع على التراب إفضل.

٤ ـ العلل : عن إبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن يعقب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن يقطين ، عن رجل ، عن ابي جعفر عليه‌السلام قال : اوحى الله عزوجل إلى موسى عليه‌السلام اتدري لما اسطفيتك لكلامي دون خلقي؟ فقال موسى عليه‌السلام : لا يارب فقال : ياموسى إني قلبت عبادي ظهرا لبطن ، فلم أجد فيهم احدا أذل لي منك نفسا

____________________

(١) عيون الاخبار ج ٢ ص ١٣٦ و ١٣٧.

(٢) امالي الطوسي ج ١ ص ١٦٧.

(٣) دعوات الراوندي مخطوط.

١٩٩

ياموسى! إنك إذا صليت وضعت خديك على التراب (١).

المكارم : عنه عليه‌السلام مثله (٢).

بيان : لعل اللازم في قوله ( لبطن ) يمعنى مع أو يعد أو إلى ، وظهرا تميز.

٩ ـ العلل : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن إسحاق بن عمار قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول إن موسى عليه‌السلام احتبس عنه الوحي أربعين أو ثلاثين صباحا قال : فصعد على جبل بالشام يقال له اريحا ، فقال : يارب إن كنت إنما حبست عني وحيك وكلامك لدنوب بني إسرائيل فغفرانك القديم ، قال : فاوحى الله عزوجل إليه : ياموسى بن عمران أتدري لما اصطفيتك إلى خلقي اطلاعه فلم اجد في خلقي أشد تواضعالي منك ، فمن ثم خصصتك بوحيي وكلامي من بين خلقي ، قال : وكان موسى عليه‌السلام اذا صلى لم ينفتل حتى يلثق خده الايمن بالارض والايسر (٣).

١٠ ـ كتاب الزهد : للحسين بن سعيد : عن محمد بن سنان عمن أخبره ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله (٤).

مشكاة الانوار : نقلا من كتاب المحاسن عن ابي عبدالله عليه‌السلام مثله (٥).

المكارم : عن اسحاق مثله (٦).

____________________

(١) علل الشرايع ج ١ ص ٥٣ ، ورواه في الفقيه ج ١ ص ٢١٩ مرسلا.

(٢) مكارم الاخلاق ص ٣٣١.

(٣) علل الشرايع ج ١ ص ٥٣ و ٥٤ ، وروى ذيله في الفقيه ج ١ ص ٢١٩ مرسلا ورواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ١٦٥.

(٤) كتاب الزهد مخطوط.

(٥) مشكاة الانوار ص ٢٢٧.

(٦) مكارم الاخلاق ص ٣٣١ من قوله : ( كان موسى عليه‌السلام ) الخ.

٢٠٠