الأنوار اللامعة في شرح زيارة الجامعة

السيّد عبد الله شبّر

الأنوار اللامعة في شرح زيارة الجامعة

المؤلف:

السيّد عبد الله شبّر


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٠٤

وأولي الأمر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذكر أنا والأئمة أهل الذكر وقوله عز وجل (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) (١) قال أبو جعفر نحن قومه ونحن المسؤولون (وعن محمد بن مسلم) عن أبي جعفر قال إن من عندنا يزعمون أن قول الله عز وجل (فاسألوا هل الذكر إن كنتم لا تعلمون) (٢) إنهم اليهود والنصارى قال إذا يدعونكم إلى دينهم ثم قال بيده إلى صدره نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون.

(وأولي الأمر) الذين أمر الله بطاعتهم في قوله (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم (٣)) ففي الكافي عن بريد العجلي قال سألت أبا جعفر عن قوله عز وجل (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) فكان جوابه (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون اللذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا (٤)) يقولون لأئمة الضلالة والدعاة إلى النار هؤلاء أهدى من آل محمد سبيلا (أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا أم لهم نصيب من

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الزخرف آية ٤٤.

(٢) : سورة النحل آية ٤٣.

(٣) : سورة النساء آية ٥٩.

(٤) : سورة النساء آية ٥١.

١٠١

...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الملك (١)) يعني الإمامة والخلافة (فإذا لا يؤتون الناس نقيرا (٢)) نحن الناس الذين عني الله والنقير النقطة التي في وسط النواة (أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله (٣)) نحن الناس المحسودون على ما أتانا الله من الإمامة دون خلق الله أجمعين (فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) (٤) يقول جعلنا منهم الرسل والأنبياء والأئمة فكيف يقرون به في آل إبراهيم وينكرونه في آل محمد (فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا) (٥) (إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما (٦)) وعن أبي الصباح الكناني قال قال أبو عبد الله نحن قوم فرض الله عز وجل طاعتنا لنا الأنفال ولنا صفو المال ونحن الراسخون في العلم ونحن المحسودون الذين قال الله (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) وعن الحسين بن أبي العلا قال ذكرت لأبي عبد الله قولنا في الأوصياء أن طاعتهم مفترضة فقال نعم هم الذين قال الله عز وجل (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم (٧)) وهم الذين قال الله عز وجل (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا (٨))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١ ـ ٦) : سورة النساء آية ٥٢ ـ ٥٦.

(٧) : سورة النساء آية ٥٩.

(٨) : سورة المائدة آية ٥٥.

١٠٢

وبقية الله وخيرته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وبقية الله) أي بقية خلفاء الله وحججه في الأرض من الأنبياء والأوصياء ولعله إشارة إلى قوله تعالى (بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين) (١) وتأتي البقية بمعنى الرحمة أي هم رحمة الله التي من بها على عباده ويحتمل أن يكون المعنى الذين بهم أبقى الله عليه العباد ورحمهم فالحمل للمبالغة فيكون إشارة إلى قوله تعالى أو لو بقية وقيل أي أو لو تمييز وطاعة في فلان بقية أي فضل مما يمدح به.

(وخيرته) إذ هم الذين اختارهم الله من العالمين واصطفاهم على الملائكة المقربين (في الكافي) عن الصادق عليه السلام في خطبة له يذكر فيها حال الأئمة قال فيها فلم يزل الله تبارك وتعالى يختارهم لخلقه من ولد الحسين من عقب كل إمام يصطفيهم لذلك ويجتبيهم ويرضى بهم لخلقه ويرتضيهم كلما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماما علما بينا وهاديا نيرا وإماما قيما وحجة عالما أئمة من الله يهدون بالحق وبه يعدلون حجج الله ودعاته ورعاته على خلقه يدين بهداهم العباد وتستهل بنورهم البلاد وينموا ببركتهم التلاد وجعلهم صفوة للأنام ومصابيح للظلام ومفاتيح للكلام ودعائم للإسلام جرت بذلك فيهم مقادير الله على محتومها فالإمام هو المنتخب المرتضى والهادي المنتجى والقائم المرتجى اصطفاه الله بذلك واصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه وفي البرية حين برأه ظلا قبل خلق نسمة عن يمين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة هود آية ٨٦.

 

١٠٣

وحزبه وعيبة علمه وحجته وصراطه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عرشه محبوا بالحكمة في علم الغيب عنده اختاره بعلمه وانتجبه لطهره بقية من آدم وخيرة من ذرية نوح ومصطفى من آل إبراهيم وسلالة من إسماعيل وصفوة من عترة محمد صلى الله عليه وآله وسلم الحديث.

(وحزبه) بالكسر فالسكون الطائفة والجماعة من الناس والجنود والإضافة إليه تعالى لمزيد الاختصاص وفيه إشارة إلى قوله تعالى (أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون (١)).

(وعيبة علمه) العيبة هي الصندوق أو مستودع أفضل الثياب (وعيبة علمه) على الاستعارة أي هم خزنة علم الله ومستودع سره كلما تقدم.

(وحجته) التي يحتج بها على خلقه كما تقدم.

(وصراطه) إشارة إلى وقوله تعالى (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه (٢)) روى الصدوق بإسناده عن المفضل بن عمر قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصراط فقال هو الطريق إلى معرفة الله عز وجل وهما صراطان صراط في الدنيا وصراط في الآخرة فأما الصراط الذي في الدنيا فهو الإمام المفروض الطاعة من عرفه في الدنيا واقتدى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة المجادلة آية ٢٢.

(٢) : سورة الأنعام آية ١٥٣.

١٠٤

...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بهداه مر على الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة ومن لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه عن الصراط في الآخرة فتردى في نار جهنم وفي تفسير الإمام العسكري الصراط المستقيم صراطان صراط في الدنيا وصراط في الآخرة فأما الصراط المستقيم في الدنيا فهو ما قصر عن الغلو وارتفع عن التقصير واستقام فلم يعدل إلى شئ من الباطل وأما الصراط في الآخرة فهو طريق المؤمنين إلى الجنة الذي هو مستقيم لا يعدلون عن الجنة إلى النار ولا إلى غير النار سوى الجنة (وقال الصدوق في الاعتقادات) اعتقادنا في الصراط أنه حق وأنه جسر جهنم وأن عليه ممر جميع الخلق قال الله عز وجل (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا (١)) والصراط في وجه آخر اسم حجج الله فمن عرفهم في الدنيا وأطاعهم أعطاه الله جوازا على الصراط الذي هو جسر جهنم يوم القيامة وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي يا علي إذا كان يوم القيامة أقعد أنا وأنت وجبرائيل على الصراط فلا يجوز على الصراط إلا من كانت معه براءة بولايتك (وقال الشيخ المفيد) في شرحه الصراط في اللغة هو الطريق فلذلك سمي الدين صراطا لأنه طريق إلى الثواب وله سمي الولاء لأمير المؤمنين والأئمة من ذريته عليهم السلام صراطا ومن معناه قال أمير المؤمنين عليه السلام أنا صراط الله المستقيم وعروته الوثقى التي لا انفصام لها يعني أن معرفته والتمسك به طريق إلى الله سبحانه وقد جاء الخبر بأن الطريق يوم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة مريم آية ٧١.

١٠٥

ونوره

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القيامة إلى الجنة كالجسر تمر به الناس وهو الصراط الذي يقف عن يمينه رسول الله وعن شماله أمير المؤمنين ويأتيهما النداء من الله تعالى (القيا في جهنم كل كفار عنيد (١)) وجاء في الخبر أنه لا يعبر الصراط يوم القيامة إلا من كان معه براءة من علي بن أبي طالب من النار.

(ونوره) النور كيفية ظاهرة بنفسها مظهرة لغيرها والمراد بكونهم نور الله أنهم الذين نوروا العالم بعلم الله وهدايته أو بنور الوجود لأنهم علل غائية بوجود الأشياء أو الأعم منهما أو لأنهم الأدلة الواضحة والأنوار اللائحة التي تلوح لبصائر الخلق فيقتدى بهم (وفي الكافي عن أبي خالد الكابلي) قال سألت أبا جعفر عن قول الله عز وجل (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا (٢)) فقال يا أبا خالد النور والله الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى يوم القيامة وهم والله نور الله في السماوات وفي الأرض والله يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم والله ينورون قلوب المؤمنين ويحجب الله عز وجل نورهم عمن يشاء ويظلم قلوبهم الحديث وعن الصادق عليه السلام في قوله تعالى (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة ق آية ٢٤.

(٢) : سورة التغابن آية ٨.

١٠٦

وبرهانه ورحمة الله وبركاته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) إلى قوله (واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) (١) قال عليه السلام النور في هذا الموضع أمير المؤمنين والأئمة (وعن الباقر عليه السلام) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به) (٢) يعني إماما تأتمون به (وعن محمد بن الفضيل) عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن قول الله عز وجل (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم) (٣) قال يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين بأفواههم قلت قوله تعالى (والله متم نوره) (٤) قال يقول والله متم الإمامة والإمامة هي النور وذلك قوله (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا) (٥) قال النور هو الإمام.

(وبرهانه) فإنهم براهين الله الدالة على كمال ذاته وآياته المبينة لأفعاله وصفاته عن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول ما لله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الأعراف آية ١٥٧.

(٢) : سورة الحديد آية ٢٨.

(٣) : سورة التوبة آية ٣٢.

(٤) : سورة الصف آية ٨.

(٥) : سورة التغابن آية ٨.

١٠٧

...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عز وجل آية أكبر مني ولا لله من بناء أعظم مني.

(ورحمة الله وبركاته)

١٠٨

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كما شهد الله لنفسه وشهدت له ملائكته وأولو العلم من خلقه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(أشهد أن لا إله) معبودا بحق (إلا الله) المستجمع لجميع الكمالات لذاته.

(وحده لا شريك له) تأكيد لما تقدمه.

(كما شهد الله لنفسه وشهدت له ملائكته) إشارة إلى أن توحيده تعالى بالتوحيد الحقيقي والإخلاص التحقيقي ليس مما تطيقه القدرة البشرية والقوة الإنسانية فنشهد له تعالى بالذات والصفات كما شهد تعالى لنفسه كما قال صلى الله عليه وآله وسلم سبحانك لا أصفك إلا بما وصفت به نفسك وفيه إشارة إلى قوله تعالى (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة (١)).

(وأولوا العلم من خلقه) من الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين والموحدين والعارفين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة آل عمران آية ١٨.

١٠٩

لا إله إلا هو العزيز الحكيم وأشهد أن محمدا عبده المنتجب المرتضى أرسله بالهدى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(لا إله إلا هو العزيز) كرر إما للتأكيد أو لأجل التوصيف بالعزيز وهو الغالب القاهر الذي لا يصل أحد إلى كبريائه.

(الحكيم) أي العليم الفاعل للأشياء المحكمة المتقنة بحسب المصالح.

(وأشهد أن محمدا عبده) الإضافة للاختصاص إشارة إلى قوله تعالى : (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) (١) أي عبده الذي عبده حق العبادة أو قام بوظائف العبودية وأدى بحسب القدرة البشرية وظائف الربوبية.

(المنتجب) الذي انتجبه من النبيين واصطفاه من المرسلين ففاق الخلائق أجمعين.

(ورسوله المرتضى) الذي ارتضاه لرسالته.

(أرسله) مقرونا (بالهدى) فجعله هاديا إلى الله وبشيرا ونذيرا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الإسراء آية ٦٥.

١١٠

ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون وأشهد إنكم الأئمة الراشدون الهادون المهديون المعصومون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(ودين الحق) أي دين الله فإن الله هو الحق أو الدين الحق القائم إلى يوم القيامة الذي لا يعتريه نسخ ولا تبديل.

(ليظهره) ويغلبه (على) جنس (الدين كله ولو كره المشركون) وهذا الوعد والاستيلاء إنما يتحقق في الرجعة عند ظهور القائم.

(وأشهد إنكم الأئمة الراشدون) إلى الدين الحق المبين

(الهادون) إلى شريعة سيد المرسلين (وروى العامة) عنه أنه قال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي فإن صح فالمراد به هم كما رووا عنه صلى الله عليه وآله وسلم مستفيضا أنه قال إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنه قال مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها هوى وغير ذلك.

(المهديون) بهدى الله فإن الهدى هدى الله.

(المعصومون) من الذنوب المبرؤون من الأدناس والعيوب للدلائل العقلية والبراهين النقلية المذكورة في كتب أصحابنا الكلامية منها أنه لو لم يكن النبي أو الإمام معصوما لانتفى الوثوق بقوله ووعده ووعيده فلا يطاع فيكون نصبه عبثا (ومنها) أنه لو لم

١١١

...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يكن معصوما لكان محل إنكار ومورد عتاب كما في قوله تعالى (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم (١)) وقوله تعالى (لم تقولون ما لا تفعلون (٢)) فيجب أن يكون مؤتمرا بما يأمر به ومنتهيا عما ينهي عنه (ومنها) أنه لو كان يخطئ لاحتاج إلى من يسدده ويمنعه عن أخطائه فإما أن يكون معصوما فيثبت المطلوب أو غير معصوم فيتسلسل (ومنها) أنه يقبح من الحكيم أن يكلف الناس باتباع من يجوز عليه الخطأ (ومنها) أنه يجب صدقه لأنه لو كذب والحال أن الله تعالى أمرنا بطاعته لوجب علينا أن نطيعه في الكذب وهو محال (ومنها) أنه لو عصي لأقيمت عليه الحدود ووجب إنكار الرعية عليه فيسقط محله عن القلوب إلى غير ذلك من الأدلة (والعصمة) عبارة عن قوة العقل من حيث لا يغلب مع كونه قادرا على المعاصي كلها كجائز الخطأ وليس معنى العصمة أن الله يجبره على ترك المعصية بل يفعل به ألطافا يترك معها المعصية باختياره مع قدرته عليها كقوة العقل وكمال الذكاء والفطنة وصفاء النفس وكمال الاعتناء بطاعة الله تعالى ولو لم يكن قادرا على المعاصي لكان غير مكلف واللازم باطل فالملزوم مثله والنبي أولى من كلف حيث قال (فإنا أول العابدين (٣)) وقال تعالى (واعبد ربك حتى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة البقرة آية ٤٤.

(٢) : سورة الصف آية ٢.

(٣) : سورة الزخرف ٨١.

١١٢

المكرمون المقربون المتقون الصادقون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يأتيك اليقين) (١) ولأنه لو لم يكن قادرا على المعصية لكان أدنى مرتبة من صلحاء المؤمنين القادرين على المعاصي التاركين لها.

(المكرمون) الذين كرمهم الله تعالى ذاتا وصفاتا وأقوالا وأفعالا وأحوالا وأكرمهم بالكرامات الصورية والمعنوية والدنيوية والأخروية.

(المقربون) عند الله تعالى قربا معنويا فإن لهم المحل الأعلى عنده بحيث لا يدانيهم ملك مقرب ولا نبي مرسل عدا جدهم.

(المتقون) أصل التقوى الخوف من الله تعالى بملاحظة جلاله وعظمته وقبح مخالفته وشدة عقوبته والمتقي من يجعل بينه وبين ما يخاف منه وقاية تقيه ومنه اتقوا النار ولو بشق تمرة وأعلا مراتب التقوى الإعراض عما سوى الله تعالى خوفا من صرف ساعة من العمر.

(الصادقون) في جميع أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم الذين قال الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الحجر آية ٩٩.

١١٣

المصطفون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تعالى فيهم (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) (١) إذ ليس المراد بالصادقين في الجملة إذ ما من أحد إلا هو صادق في الجملة حتى الكافر والله سبحانه لا يأمر بالكون معه بل المراد بهم الصادقون في أيمانهم وعهودهم وقصودهم وأقوالهم وأخبارهم وأعمالهم وشرائعهم في جميع أحوالهم وأزمانهم وليس ذلك متحققا في غيرهم اتفاقا إذ كل من سواهم لا يخلوا من الكذب في الجملة فتعين أن يكونوا هم والآية تدل على عصمتهم إذ يقبح الأمر بمتابعة غير المعصوم كما قرر في محله (وعن بريد العجلي) قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) قال أيانا عني (وعن البزنطي) عن الرضا عليه السلام قال سألته عن قول الله (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) قال الصادقون هم الأئمة والصديقون بطاعتهم.

(المصطفون) الذين اصطفاهم الله واجتباهم واختارهم على العالمين وهم مصطفى آل إبراهيم في وقوله تعالى (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) (٢) وفي قراءتهم (وآل محمد) (وعن أبي حمزة الثمالي) قال سمعت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة التوبة آية ١١٩.

(٢) : سورة آل عمران آية ٣٣.

١١٤

المطيعون لله القوامون بأمره العاملون بإرادته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أبا جعفر عليه السلام يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن الله تبارك وتعالى يقول استكمال حجتي على الأشقياء من أمتك من ترك ولاية علي ووالى أعدائه وأنكر فضله وفضل الأوصياء من بعده فإن فضلك فضلهم وطاعتك طاعتهم وحقك حقهم ومعصيتك معصيتهم وهم الأئمة الهداة من بعدك جرى فيهم روحك وروحك جرى فيك من ربك وهم عترتك من طينتك ولحمك ودمك وقد أرى الله عز وجل فيهم سنتك وسنة الأنبياء قبلك وهم خزاني على علمي من بعدك حق علي لقد اصطفيتهم واجتبيتهم وأخلصتهم وارتضيتهم ونجى من أحبهم ووالاهم وسلم لفضلهم ولقد أتاني جبرائيل بأسمائهم وأسماء آبائهم وأحبائهم والمسلمين لفضلهم.

(والمطيعون لله) في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم حتى بذلوا أنفسهم وأموالهم وأبدانهم وأرواحهم في سبيله وصبروا على جميع ذلك لرضاه.

(القوامون بأمره) الذي هو أمر الإمامة أو الأعم من ذلك أو المقيمون لغيرهم على الطاعة بأمره تعالى.

(العالمون بإرادته) أي أعمالهم على وفق إرادته تعالى لإرادتهم بل ليس لهم إرادة إلا إرادته تعالى وإرادتهم إرادته تعالى.

١١٥

الفائزون بكرامته اصطفاكم بعلمه وارتضاكم لغيبه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الفائزون بكرامته) في الدنيا بوجوب إطاعة الناس وانقيادهم إليهم وكونهم مخزن العلم ومعدن الحكمة وفي الآخرة بالشفاعة والرضا والقرب من الله تعالى وغير ذلك.

(اصطفاكم بعلمه) أي عالما بأنكم مستأهلون لذلك الاصطفاء أو اصطفاكم بسبب أن جعلكم خزان علمه أو لأن يجعلكم كذلك ويؤيده ما في بعض النسخ من اللام موضع الباء.

(وارتضاكم لغيبه) أي لسبب أن جعلكم مخزن عيبه وفي بعض النسخ باللام وهو أظهر وفيه إشارة إلى قوله تعالى (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول (١)) ودخلوهم في الآية إما لكون الرسول في الآية شاملا لهم على التغليب أو يكون المراد به معنى آخر أعم من المعنى المصطلح أو أن علمهم عليهم السلام إنما هو بتوسط من الرسول (عن سدير الصيرفي) قال سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر عن قول الله عز وجل (بديع السماوات والأرض (٢)) فقال أبو جعفر عليه السلام إن الله عز وجل ابتدع الأشياء كلها بعلمه على غير مثال كان قبله فابتدع السماوات والأرضين ولم يكن قبلهن سماوات ولا أرضون أما تسمع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الجن آية ٢٦.

(٢) : سورة البقرة آية ١١٧.

١١٦

...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لقوله تعالى وكان عرشه على الماء فقال له حمران أرأيت قوله جل ذكره (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا (١)) فقال له أبو جعفر عليه السلام (إلا من ارتضى من رسول) (٢) وكان والله محمد ممن ارتضاه وأما قوله عالم الغيب فإن الله عز وجل عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدر من شئ ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه وقبل أن يقضيه إلى الملائكة فذلك يا حمران علم موقوف عنه إليه فيه المشية فيقضيه إذا أراد ويبدو له فيه فلا يمضيه فأما العلم الذي يقدره الله عز وجل ويقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم إلينا (وعن معمر بن خلاد) قال سأل أبا الحسن رجل من أهل فارس فقال له أتعلمون الغيب قال فقال أبو جعفر يبسط لنا العلم فنعمل ويقبض عنا فلا نعلم وقال سر الله عز وجل أسره إلى جبرائيل وأسره جبرائيل إلى محمد وأسره محمد إلى من يشاء الله (وعن الصادق) بأسانيد عديدة قال إذا أراد الإمام أن يعلم شيئا أعلمه الله ذلك (وعن أبي بصير) قال قال أبو عبد الله أي إمام لا يعلم ما يصيبه وإلى ما يصير فليس ذلك بحجة الله على خلقه (وعن الكاظم) عن أبيه عن جده أنه أتى علي بن الحسين عليه السلام ليلة قبض فيها بشراب فقال يا أبت أشرب هذا فقال يا بني إن هذه الليلة التي أقبض فيها وهي الليلة التي قبض فيها رسول الله (وعن حمران

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الجن آية ٢٦.

(٢) : سورة الجن آية ٢٧.

١١٧

واختاركم لسره واجتباكم بقدرته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بن أعين) عن أبي عبد الله قال أتى رسول الله برمانتين فأكل رسول الله إحداهما وكسر الأخرى بنصفين فأكل نصفا وأطعم عليا نصفا ثم قال رسول الله يا أخي هل تدري ما هاتان الرمانتان قال لا قال أما الأولى فالنبوة ليس لك فيها نصيب وأما الأخرى فالعلم أنت شريكي فيه فقلت أصلحك الله كيف كأن يكون شريكه فيه قال لم يعلم الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم علما إلا وأمره أن يعلم عليا (وفي رواية عن محمد بن مسلم) عن الباقر عليه السلام فلم يعلم والله ورسول الله حرفا مما علمه الله عز وجل إلا وقد علمه عليها ثم انتهى العلم إلينا ثم وضع يده على صدره.

(واختاركم لسره) فإنهم خزنة سر الله كما تقدم (في البصائر عن أبي الجارود) عن أبي جعفر عليه السلام قال إن رسول الله صلى الله علي وآله وسلم دعا عليا في المرض الذي توفي فيه فقال يا علي أدن مني حتى أسر إليك ما أسر الله إلي وائتمنك على ما ائتمنني الله عليه ففعل ذلك رسول الله بعلي وفعله علي بالحسن وفعله الحسن بالحسين وفعله الحسين بأبي وفعله أبي بي صلوات الله عليهم أجمعين (وعن جابر) عن أبي عبد الله عليه السلام قال أن أمرنا سر مستسر وسر لا يفيده إلا سر وسر على سر وسر مقنع بسر.

(واجتباكم بقدرته) إشارة إلى علو مرتبة اجتبائهم حيث نسبه إلى قدرته موميا إلى أن مثل ذلك من غرائب قدرته تعالى أو لإظهار

١١٨

وأعزكم بهداه وخصكم ببرهانه وانتجبكم بنوره

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قدرته ويحتمل أن يكون المرد أعطاكم قدرته وأظهر منكم الأمور التي هي فوق طاقة البشر بقدرته كما روى عن أمير المؤمنين أنه رؤي بيده كسرة خبز من شعير يابسة يريد أن يكسرها فلا تنكسر فقيل له يا أمير المؤمنين أين تلك القوة التي قلعت بها باب خيبر فقال تلك قوة ربانية وهذه قوة جسمانية.

(وأعزكم بهداه) أي جعلكم أعزة بالهداية للناس أو بالاهتداء منه تعالى كما تقدم.

(وخصكم ببرهانه) الذي هو القرآن الكريم أو بالحجج الظاهرات والدلايل النيرات والمعجزات الباهرات والآيات الواضحات أو الأعم من جميع ذلك.

(وانتجبكم بنوره) الذي هو الهداية الربانية والعلوم الفرقانية والكمالات القدسية فاهتدى الناس بأنوارهم وعلومهم وكمالاتهم كما تقدم أنهم أنوار الله عز وجل في الأرض أو تكون الباء بمعنى من أي اجتباكم وأوجدكم من نوره أو اجتباكم متلبسين بنوره (كما روى محمد بن مروان) عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول إن الله خلقنا من نور عظمته ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة أسفل من ذلك الطينة ولم يجعل لأحد في مثل الذي خلقهم منه نصيبا إلا للأنبياء ولذلك صرنا نحن وهم الناس وسائر الناس همج للنار وإلى النار

١١٩

وأيدكم بروحه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وعن أمير المؤمنين عليه السلام) إن لله نهرا دون عرشه ودون النهر الذي دون عرشه نور نوره وأن في حافتي النهر روحين مخلوقين روح القدس وروح من أمره وأن لله عشر طينات خمسة من الجنة وخمسة من الأرض ففسر الجنان وفسر الأرض ثم قال ما من نبي ولا ملك من بعده جبله إلا نفخ فيه من إحدى الروحين وجعل النبي من إحدى الطينتين قلت لأبي الحسن ما الجبل فقال الخلق غيرنا أهل البيت فإن الله تعالى عز وجل خلقنا من العشر طينات ونفخ فينا من الروحين جميعا فاطب بها طينا.

(وأيدكم بروحه) أي الروح الذي اختاره وهو روح القدس الذي هو معهم ويسددهم (ففي الكافي عن أبي بصير في الصحيح) قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان (١)) قال خلق من خلق الله عز وجل أعظم من جبرائيل وميكائيل كان مع رسول الله يخبره ويسدده وهو مع الأئمة من بعده (وعن أسباط بن سالم) قال سأله رجل من أهل هيت وأنا حاضر عن قول الله عز وجل (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا) فقال منذ أنزل الله عز وجل ذلك الروح على محمد ما صعد إلى السماء وأنه لفينا (وعن أبي بصير) قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الشورى آية ٥٢.

١٢٠