الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل - ج ٢

مجير الدين الحنبلي العليمي

الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل - ج ٢

المؤلف:

مجير الدين الحنبلي العليمي


المحقق: محمود عودة الكعابنة
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة دنديس
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٨
الجزء ١ الجزء ٢

المحرم سنة ٨٥١ ه‍ (١) ، وتوفي مسموما في يوم الاثنين حادي عشر جمادى الأولى سنة ٨٥٥ ه‍ (٢) ، ودفن عند والده بماملا ، وتوفي قبل (٣) أخوه القاضي برهان الدين أبي القيم ، وكان من أهل الفضل ، باشر نيابة الحكم عن أخيه بالقدس ، وكانت وفاته في شهور سنة ٨٢٨ ه‍ (٤)(٥) ودفن عند والده ، رحمهم الله تعالى.

القاضي أمين الدين عبد الرحمن بن قاضي القضاة شيخ الإسلام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن الديري الحنفي (٦)(٧) ، مولده قبل العشرين والثمانمائة ، اشتغل وحصل العلوم وفاق وتقدم ، وكان مفرط الذكاء ، سريع الحفظ ، باشر القضاء نيابة عن أخيه قاضي القضاة سعد الدين بالديار المصرية ، وأفتى ودرس بالمعظمية بالقدس الشريف ، وولي نظر الحرمين بالقدس الشريف والخليل ، وعين له كتب السر بمصر ، وكان ينظم الشعر ، وساد ببيت المقدس ، وعظم أمره في دولة الملك الظاهر جقمق ، توفي في ليلة السبت المسفر صباحها عن رابع ذي الحجة الحرام سنة ٨٥٦ ه‍ ، ودفن بماملا إلى جانب والده رحمه الله تعالى ، وهو والد شيخ الإسلام بدر الدين الديري أحد علماء الديار المصرية فسح الله في مدته ونفع بعلومه.

وفي أيام ولايته النظر ، أنعم السلطان الملك الظاهر جقمق على جهتي الوقفين المبرورين بمائة وعشرين غرارة قمح القيمة عنها ثلاثة آلاف وستمائة دينار ، ولما توفي تجمد على الوقف ، ثمنّ الغلال فأنعم الملك الظاهر بتوفية الثمن ، وهو أربعة آلاف وسبعمائة دينار ، رحمه الله.

الشيخ شمس الدين محمد بن حسن بن حسن اليمني (٨) الهاشمي الحنفي ، المعروف بخجا يمني (٩) ، شيخ المدرسة الجوهرية بالقدس الشريف ، كان رجلا خيّرا

__________________

سنة خمس وخمسين وثمانماية د / / وتوفي مسموما ... ٨٥٥ أب ج ه : ـ د.

(١) ٨٥١ ه‍ / ١٤٤٧ م.

(٢) ٨٥٥ ه‍ / ١٤٥١ م.

(٣) قبل أب : قبله ج ه : ـ د.

(٤) ٨٢٨ ه‍ / ١٤٢٤ م.

(٥) ٨٢٨ أب ج د : ٨٦٨ ه‍.

(٦) ينظر : السخاوي ، الضوء ٤ / ١٣٤ ؛ السيوطي ، نظم ١٢٦ ؛ ابن العماد ٤ / ١٣٤.

(٧) الحنفي مولده قبل العشرين والثمانمائة ... وفاق وتقدم أب ج ه : ـ د.

(٨) اليمني أب ج د : التميمي ه.

(٩) يمني ه : عين أب ج د.

٣٤١

وله هيبة ، وكان موجودا في سنة ٨٤٢ ه‍ (١)(٢) وتوفي بعد ذلك بيسير ، ودفن بباب الرحمة.

القاضي برهان الدين أبو إسحق إبراهيم بن علي الخزرجي الحنفي ، المشهور بابن نسيبة ، مولده في سنة ٧٧٦ (٣) ، كان من أعيان بيت المقدس ، وباشر نيابة الحكم بالقدس عن القاضي تاج الدين الديري الحنفي ، وتوفي سنة ٨٥٢ ه‍ ، ودفن بماملا عند القبة الكبكية ، ومن غريب الاتفاق وفاة أربعة ببيت المقدس مولدهم في سنة واحدة هي سنة ٧٧٦ ه‍ // ، ووفاتهم (٤) في سنة واحدة هي سنة ٨٥٢ ه‍ (٥) ، وهم (٦) الشيخ شمس الدين القلقيلي والشيخ شمس الدين بن أبي عبد الله الخليلي ، والقاضي شهاب الدين السلطي (٧) الشافعي وتقدم ذكرهم ، والقاضي برهان بن نسيبة ، رحمة الله عليهم أجمعين.

القاضي شمس الدين أبو الفضل محمد بن الشيخ شهاب الدين أبي العباس أحمد بن الشيخ جمال الدين عبد الله الحلبي الحنفي ، باشر نيابة الحكم بالقدس الشريف عن الشيخ تاج الدين الديري في سنة ٨٥٤ ه‍ (٨) ثم باشر بعده النيابة.

القاضي عماد الدين إسماعيل بن الشيخ تاج الدين عبد الوهاب بن الأخرم النابلسي ، أحد خلفاء (٩) الحكم العزيز بالديار المصرية يومئذ ، وكانت مباشرته للقدس في سنة ٨٥٦ ه‍ (١٠).

العدل (١١) نجم الدين محمد بن محمد بن بقيرة السوداني الحنفي ، كان من فضلاء الحنفية وأعيان العدول بالقدس الشريف ، توفي يوم الثلاثاء سادس ربيع الأول سنة ٨٥٦ ه‍ ، وانقرض بموته بيت السوداني.

__________________

(١) ٨٤٢ ه‍ / ١٤٣٨ م.

(٢) ٨٤٢ أ: اثنين وخمسين وثمانماية ب ج د : السنة مطموسة في ه.

(٣) ٧٧٦ ه‍ / ١٣٧٤ م.

(٤) ووفاتهم في سنة واحدة هي ٨٥٢ أب ج د : ـ ه.

(٥) ٨٥٢ ه‍ / ١٤٤٨ م.

(٦) وهم الشيخ شمس الدين القلقيلي أب ج ه : ـ د.

(٧) السلطي د : الصلتي أب ج ه / / ذكرهم أب ج : هما د : ـ ه.

(٨) ٨٥٤ ه‍ / ١٤٥٠ م.

(٩) ٨٥٦ ه‍ / ١٤٥٢ م.

(١٠) خلفاء ب ج د ه : خلافة أ.

(١١) العدل نجم الدين محمد ... توفي يوم الاثنين خامس رمضان سنة ٨٨٥ ودفن بماملا سنة ٨٧٥ أب : ـ ج د ه.

٣٤٢

القاضي زين الدين عمر بن خليل العمري الحنفي ، والد شيخنا العلامة شهاب الدين العميري المتقدم ذكره ، وكان يتحمل الشهادة عند القضاة ، وباشر نيابة الحكم بالقدس الشريف عن قاضي القضاة تاج الدين الديري ، وتوفي قبل الستين والثمانمائة ، ودفن بماملا بالقرب من حوش البسطامية.

السيد الشريف بدر الدين حسن بن حسين الحسيني الحنفي ، الشهير بخال إمام الصخرة الشريفة ، كان رجلا خيّرا من فقهاء الحنفية ، حسن الشكل منور الشيبة ، توفي بعد الستين والثمانمائة.

العدل برهان الدين بن إبراهيم بن إسحق الكتبي العنابوسي الحنفي (١) ، مولده في رجب سنة ٧٩٢ ع ، كان من أهل الفضل ، ومن أعيان العدول ، ويتعاطى عقود الأنكحة ، وكان رجلا خيّرا توفي يوم الجمعة عشري المحرم سنة ٨٦٤ ه‍ (٢).

الشيخ العالم الصالح شمس الدين محمد بن جعفر (٣) الرومي الحنفي ، كان من أهل العلم والصلاح ، اشتغلوا عليه جماعة وانتفعوا به ، وكان يتصدر للتدريس بالمسجد الأقصى الشريف ، توفي في سنة بضع وستين وثمانمائة بالقدس الشريف ، ودفن بحوش البسطامية بماملا.

قاضي القضاة ، شيخ الإسلام ، ملك العلماء (٤) الأعلام ، سعد الدين أبو السعادات سعد بن قاضي القضاة شيخ الإسلام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله الديري العبسي الحنفي (٥) ، الإمام العلامة والحبر الفهامة ، مولده بالقدس الشريف في سابع عشر رجب سنة ٧٦٨ ه‍ (٦) ، واشتغل بالعلم وتفرد بعلم (٧) التفسير ، فأخذ الحديث عن جماعة ودرس وأفتى ، وولي مشيخة المنجكية وتدريس المعظمية بالقدس ، ثم استوطن مصر ، وانتهت إليه الرئاسة بالديار المصرية ، واستقر في مشيخة المدرسة المؤيدية بباب زويلة بعد وفاة والده ، ثم ولي القضاء بالديار المصرية في خامس عشر المحرم سنة ٨٤٢ ه‍ (٨) في أيام الملك العزيز يوسف بن

__________________

(١) ينظر : السخاوي ، الضوء ١ / ٣١ ؛ تقي الدين ١ / ٢٠٨.

(٢) ٨٦٤ ه‍ / ١٤٥٩ م.

(٣) جعفر أ: خضر ب : ـ ج د ه.

(٤) ملك العلماء الأعلام سعد الدين ب : ـ أج د ه / / سعد بن قاضي القضاة شيخ الإسلام ب : ـ أج د ه.

(٥) ينظر : السخاوي ، الضوء ٨ / ٨٩.

(٦) ٧٦٨ ه‍ / ١٣٦٦ م.

(٧) بعلم ب : النظم أ: ـ ج د ه / / فأخذ أ: وأخذ ب : ـ ج د ه.

(٨) ٨٤٢ ه‍ / ١٤٣٨ م.

٣٤٣

الأشرف برسباي (١) ، بسبب الملك الظاهر جقمق ، حين كان نظام الملك ، ثم لما استقر الظاهر جقمق في السلطنة عظم أمره وعلت رتبته ونفذت كلمته ، واستمر في القضاء نحو خمس وعشرين سنة إلى أيام الملك الظاهر خشقدم.

ثم ضعف بصره وطعن في السن ، وصار عمره نحو مائة سنة فصرف عن القضاء باختياره في شوال سنة ٨٦٦ ه‍ (٢) ، وولي عوضه قاضي القضاة محب الدين بن الشحنة ، فعظم ذلك على قاضي القضاة سعد الدين وشق ، ثم توفي بعد مدة يسيرة ، وكانت وفاته في ليلة الجمعة عاشر ربيع الآخر سنة ٨٦٧ ه‍ (٣) ودفن بتربة (٤) الملك الظاهر خشقدم ، وكان شكلا حسنا ، بهي المنظر ، منور الوجه ، ومن نظمه ما كتبه لابن زوجة أبي عذيبة المؤرخ في إجازته ونقله في ترجمته في تاريخه.

يا مقتدرا جلّ عن الأشباه

من ليس سواه آمر وناهي

ألطف بعبدك الضعيف الساهي

سعد بن محمد بن عبد الله

وسأل السلطان مرة عن سبب وقوع الطاعون ، فقال : لما خالفوا في وضع ما هم عوقبوا بأخذ ما هم (٥) ، وله لطائف كثيرة ، رحمه الله تعالى.

وأخوه قاضي القضاة برهان الدين أبو إسحق إبراهيم (٦) ، باشر الوظائف السنية بالقاهرة ، منها نظر الاسطبل (٧) ، ونظر الجيوش (٨) ، وكتابة السر ، ولم تطل مدته فيها وولي قضاء القضاة بالديار المصرية في سنة ٨٧٠ ه‍ (٩) ، وأقام سبعة أشهر وصرف ، واستقر في مشيخة المؤيدية ، واستمر بها إلى أن توفي في المحرم / / سنة ٨٧٦ بالقاهرة ، وكان من الرؤساء.

__________________

(١) برسباي أ: بن برسباي ب : ـ ج د ه.

(٢) ٨٦٦ ه‍ / ١٤١٦ م.

(٣) ٨٦٧ ه‍ / ١٤٦٢ م.

(٤) تربة الملك الظاهر خشقدم : هي المدرسة التي أنشأها في الصحراء ، حيث دفن فيها عندما مات ، ينظر : ابن تغري بردي ، النجوم ١٦ / ٣١٨.

(٥) ما هم ب : ـ أج د ه.

(٦) برهان الدين أبو إسحق إبراهيم بن عبد الله : ولد سنة ٨١٠ ه‍ / ١٤٠٧ م في القدس ، توفي سنة ٨٧٦ ه‍ / ١٤٧١ م ، في مصر ، ودفن بالقرافة ، ينظر : السخاوي ، الضوء ١ / ١٥٠ ، السيوطي ، نظم ٢٦ ؛ تقي الدين ١ / ٢٦٦.

(٧) نظر الاسطبل : مهمته الإشراف على الخيول والبغال والهجن السلطانية ، ينظر : ابن كنان ١٧٤.

(٨) نظر الجيوش : ينظر في حال الجيش ، وتحديد من يرى فيه الأهلية للقتال ، ويحرم عليه تجهيز عاجز لفقر ، أو غيره أو يغري به السلطان بل الواجب هو الدفاع عنهم ، ويرسل التجريدات حسب مصلحة المسلمين ، ينظر : السبكي ، معيد ٣٣ ؛ ابن طولون ، نقد ٧٤.

(٩) ٨٧٠ ه‍ / ١٤٦٥ م.

٣٤٤

الشيخ الإمام العامل الصالح سراج الدين سراج بن مسافر بن زكريا بن يحيى بن سلام ابن يوسف الرومي الحنفي (١) عالم الحنيفة ، بالقدس الشريف ، وسراج هو نفس اسمه ، وسمي أيضا عوض وضياء ولم يشتهر إلا بالشيخ سراج الرومي ، وبهذه البلاد مولده في سنة ٧٩٥ ه‍ (٢) ، وقدم إلى القدس الشريف في سنة ٨٢٨ ه‍ ، وأقرأ الناس العلوم العقلية والتفسير ، وكان من أهل العلم والدين والورع والصلاة ، ولي مشيخة المدرسة العثمانية بالقدس الشريف ، ثم صرف عنها باختياره ، لاطلاعه على شرط الواقفة أن يكون الشيخ أعلم أهل زمانه ، فقال : لست أنا بهذه الصفة فتنزه عنها كذا أخبرت ، وهذا دليل على كمال دينه وورعه ، وكان حسن الشكل منور الشيبة ، شكله يدل على علمه وصلاحه ، ومن تلامذته الأعيان من العلماء ، توفي بعد آذان الظهر من يوم السبت حادي عشر رجب سنة ٨٦٥ (٣) ه ، وصلي عليه بالمسجد الأقصى الشريف ، ودفن بباب الرحمة ، تغمده الله بالرحمة.

الشيخ الإمام العالم المحقق ، شرف الدين أبو الأسباط يعقوب بن يوسف الرومي الحنفي ، المتفنن في العلوم ، كان من أكابر العلماء الحنفية حتى قيل في حقه : ما تريدي زمانه ، ولي مشيخة المدرسة القادرية (٤) بالقدس الشريف ، واشتغل عليه الطلبة وانتفعوا به ، وأفتى ودرس ، ومن تلامذته الأعيان المعتبرون ، وكان من أهل الخير والصلاح ، وله وجاهة وهو منجمع عن الناس لا يخالط أبناء الدنيا ، توفي بالمدرسة القادرية في يوم الخميس تاسع صفر سنة ٨٦٩ ه‍ (٥) ، ودفن بباب الرحمة.

القاضي زين الدين عبد اللطيف بن شيخ الإسلام شمس الدين أبي عبد الله محمد (٦) بن قاضي القضاة شيخ الإسلام ، شمس الدين أبي عبد الله محمد بن قاضي القضاة شيخ الإسلام ، كمال الدين بن عبد الله محمد الديري الحنفي ، كان من أعيان العدول بالقدس الشريف ، وباشر نيابة الحكم به عن ابن عمه قاضي القضاة ، تاج الدين الديري ، توفي في شهور سنة ٨٧٠ ه‍ (٧) وله أربع وسبعون سنة ، ودفن بماملا.

__________________

(١) ينظر : السخاوي ، الضوء ٣ / ٢٤٣.

(٢) ٧٩٥ ه‍ / ١٣٩٢ م.

(٣) ٨٦٥ أب ه : ـ ج د.

(٤) القادرية أب : ـ ج د ه.

(٥) ٨٦٩ ه‍ / ١٤٦٤ م.

(٦) محمد بن قاضي القضاة ... بن عبد الله محمد ب : ـ أج د ه.

(٧) ٨٧٠ ه‍ / ١٤٦٥ م.

٣٤٥

وولده الشيخ شرف الدين يونس كان من الفضلاء كان موجودا في حدود الستين والثمانمائة ، وتوفي قبل والده.

وولده الثاني العدل زين الدين عبد القادر ، كان رجلا خيّرا متواضعا ، احترف بالشهادة دهرا طويلا ، لم يضبط عليه ما يشينه ، توفي يوم الاثنين خامس رمضان سنة ٨٨٥ ه‍ (١) ، ودفن بماملا.

الشيخ الإمام العالم العلامة المقرئ المحدث ، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن (٢) موسى بن عمران الغزي (٣) ، ثم المقدسي الحنفي ، شيخنا بركة الوجود والعباد ، شيخ القراء بالقدس الشريف وبجميع البلاد ، مولده في ليلة سادس عشر شعبان سنة ٧٩٤ ه‍ (٤)(٥) بغزة ، وسمع الحديث على الحافظ شمس الدين الجزري ، وأخذ عنه علم القراءة وأجازه ، ولبس منه خرقة التصوف ، وكان رجلا صالحا ملازما لإقراء القرآن ، انتفع به الناس وتخرج عليه جماعة ، وعرف هذا الفن معرفة جيدة ، وكان خيّرا قنوعا (٦) متعففا مطرحا للتكلف ، ولم يبق في القدس شيخ متقن لفن القراءة سواه ، وقد سمعت عليه صحيح البخاري ، بقراءة القاضي شهاب الدين بن عبية (٧) الشافعي في سنة ٨٧١ ه‍ ، وأجازني بروايته ورواية غيره من الأحاديث العشارية ، والمسلسل بالأولية (٨) ، والمصافحة والتشبيك ، ووضع اليد على الكتف ، وأشهد بالله وأشهد لله أني أحبك ومسلسل صورة الصف ، وقرأه القرآن العظيم على المشايخ ، وليس الخرقة القادرية (٩) والأحمدية (١٠) ،

__________________

(١) ٨٨٥ ه‍ / ١٤٨٠ م.

(٢) بن موسى ب ج د ه : ـ أ.

(٣) ينظر : السخاوي ، الضوء ١٠ / ٥٨.

(٤) ٧٩٤ ه‍ / ١٣٩١ م.

(٥) ٧٩٤ أب د : ٧٤٤ ج : السنة مطموسة في ه.

(٦) قنوعا ب : متقنعا ح ه : متعففا د : ـ أ/ / ولم يبق ج : ولم يبعد ب : ولم يكن بقي د ه : ـ أ.

(٧) عبية أج د ه : عبيد ب.

(٨) المسلسل بالأولية : تأليف أبي الفتح الميدومي محمد بن محمد المصري ، توفي سنة ٧٦٤ ه‍ / ١٣٦٢ م ، ينظر : ابن حجر ، الدرر ٤ / ٢٧٤ ؛ حاجي خليفة ٢ / ١٦٧٧.

(٩) القادرية : طريقة صوفية ، تنسب للشيخ عبد القادر بن عبد الله الجيلاني الحنبلي ولد سنة ٤٧١ ه‍ / ١٠٧٨ توفي سنة ٥٦١ ه‍ / ١١٦٥ م ، ينظر : ابن عساكر ، المنتظم ١٠ / ٢١٩ ؛ ابن الأثير ، الكامل ١١ / ٣٢٣ ؛ الكتبي ٢ / ٣٧٣ ؛ ابن كثير ، البداية ١٢ / ٢٥٢ ؛ الذهبي ، سير ٢٠ / ٤٣٩ ؛ موسوعة الأديان ٣٤٧.

(١٠) الأحمدية : طريقة صوفية تنسب إلى الشيخ أحمد البدوي الذي ولد بفاس والمتوفى سنة ٦٣٤ ه‍ / ١٢٣٦ م ، واستقر في طنطا حتى وفاته ، ينظر : ابن اياس ٢ / ٢٥٨ ؛ موسوعة الأديان ٣٤٨ ؛ بروكلمان ، الأحمدية ١ / ٤٦٥.

٣٤٦

والرفاعية (١) ، والسهروردية (٢) ، والصحبة ، وما يجوز له وعنه روايته ، وكان شيخا بهي المنظر منور الشيبة ، توفي يوم الأحد قبيل العصر الخامس (٣) من شهر رمضان المعظم سنة ٨٧٣ ه‍ ، ودفن من الغد بمقبرة ماملا ، رضي الله عنه.

الشيخ إبراهيم بن محمد (٤) بن مبارك الجبرتي الأحمدي الحنفي ، شيخ الفقراء الطوخية بالقدس الشريف ، وكان له مشاركة في فقه الحنفية ، واستحضار فيه ، وعنده مروءة وقيام مع أصحابه ، توفي في شهر صفر سنة ٨٧٥ ه‍ (٥) ودفن بماملا.

الإمام شمس الدين أبو عبد الله (٦) محمد بن الحافظ القدوة ، حسام الدين أبي محمد الحسني ، المشهور بابن حافظ الحنفي إمام الصخرة الشريفة ، كان من أهل الفضل حسن / / الشكل ، منور الشيبة ، ولي نصف (٧) إمامة الصخرة الشريفة مشاركا لأخيه بالنصف ، وباشرها دهرا طويلا هو وأخوه ، إلى أن توفي يوم الأحد ثالث (٨) عشري المحرم يوم دخول الحجاج إلى القدس الشريف سنة ٨٧٥ ه‍ ، ودفن بماملا ، واستقر أخوه الإمام شهاب الدين أبو العباس أحمد في نصف الإمامة عوضا عنه ، مضافا لما بيده من النصف ، وكان رجلا خيّرا ساكنا ، قليل الكلام فيما لا يعنيه ، وتوفي في شهر ذي القعدة سنة ٨٧٦ ه‍ (٩) ، ودفن عند أخيه ، وكان والدهما إمام الصخرة الشريفة قبلهما ، وكان موجودا في سنة ٨١٢ ه‍ (١٠)(١١) ، والظاهر أن وفاته بعد ذلك بقليل ، والله أعلم.

__________________

(١) الرفاعية : إحدى الطرق الصوفية الإسلامية تنسب للشيخ أحمد الرفاعي ، وهذا ولد سنة ٥١٢ ه‍ / ١١١٨ م ، وتوفي سنة ٥٧٨ ه‍ / ١١٧٨ م ؛ ينظر : ابن الأثير ، الكامل ١١ / ٢٠٠ ؛ ابن خلكان ١ / ١٧١ ؛ الصفدي ٧ / ٢١٩ ؛ ابن كثير ، البداية ١٢ / ٣١٢ ؛ الذهبي ، سير ٢١ / ٧٧ موسوعة الأديان ٣٤٨.

(٢) السهروردية : نسبة إلى عمر بن عبد الله الشافعي ، المنسوب إلى إقليم سهرورد في فارس والمتوفى سنة ٦٣٢ ه‍ / ١٢٣٤ م ؛ ينظر : فان دن برغ ، السهروردية ٢٩٦.

(٣) الخامس أب : الخامس والعشرين د ه : ـ ج / / المعظم أب : ـ ج د ه.

(٤) بن محمد ب ج د ه : ـ أ/ / الجبرتي أه : السبرتي ب : ـ ج د / / الطوخية أ: السطوحية ب ج د ه.

(٥) ٨٧٥ ه‍ / ١٤٧٠ م.

(٦) أبو عبد الله أب ج د : ـ ه.

(٧) نصف أب ج ه : ـ د / / بالنصف أد ه : في النصف ج : ـ ب / / وباشرها أب د : باشر الإمامة ج ه / / هو وأخوه ج د ه : ـ أب.

(٨) ثالث عشري أب : ثالث عشري ج د : ثالث عشرين ه.

(٩) ٨٧٦ ه‍ / ١٤٠٩ م.

(١٠) ٨١٢ ه‍ / ١٤٠٩ م.

(١١) ٨١٢ أب ج د : السنة مطموسة ه.

٣٤٧

الشيخ أبو يزيد (١) العجمي ، كان من أهل الفضل خصوصا في العلوم العقلية ، وله مشاركة جيدة وكان رجلا صالحا الغالب عليه التعقل ، توفي في شهور سنة ٨٧٧ ه‍ (٢) ، ودفن بباب الرحمة.

القاضي ناصر الدين محمد بن تقي الدين أبي بكر بن العلم الحنفي ، المشهور بسبط (٣) قاضي القضاة شمس الدين الديري ، كان أميرا حاجبا بالقدس الشريف ، ثم ترك الإمرة (٤) ، وتخلق بأخلاق الفقهاء وحفظ كتاب الكنز في فقه (٥) مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه ، وتنقلت به الأحوال إلى أن استخلفه خاله قاضي القضاة سعد الدين الديري في الحكم بالديار المصرية ، ثم باشر نيابة الحكم بالقدس الشريف عن والده قاضي القضاة تاج الدين ، وبالرملة عن قاضي القضاة جمال الدين الديري ، وكان له شهامة ومروءة ، توفي رحمه الله في شهور سنة سبع أو ثمان وسبعين وثمانمائة.

الشيخ العلامة زين الدين عبد الرحيم (٦) بن النقيب الحنفي (٧) ، شيخ المدرسة التنكزية ، كان من القضاة (٨) المشهورين ، وكان يفتي ويدرس ببيت المقدس ، وأثنى على علمه وفهمه الحافظ تاج الدين الغرابيلي وغيره ، توفي سنة ٨٥٣ ه‍ (٩)(١٠) عن نيف وخمسين سنة.

وولده الشيخ شمس الدين محمد المشهور بالعجمي ، استقر في مشيخة التنكزية مشاركا لغيره ، وكان شكلا حسنا كثير التودد للناس ، لين الجانب ، توفي في شهر شوال سنة ٨٧٧ ه‍ (١١)(١٢) ودفن بماملا.

وولده الشيخ الفاضل زين الدين عبد الرحيم ، اشتغل في حياة والده ، وحفظ

__________________

(١) الشيخ أبو يزيد ... ٨٧٧ ودفن بباب الرحمة أب ه : ـ ج د.

(٢) ٨٧٧ ه‍ / ١٤٧٢ م.

(٣) بسبط ب ج : بصدق أ: بسقر د : بصرف ه.

(٤) الإمرة أب ج د : الأمرية ه.

(٥) في فقه مذهب الإمام ... أبي حنيفة أب ج د : ـ ه.

(٦) عبد الرحيم أب ج ه : عبد الرحمن د.

(٧) ينظر : السخاوي ، الضوء ٤ / ١٩١.

(٨) القضاة أد ه : الفضلا ب ج.

(٩) ٨٥٣ ه‍ / ١٤٥٩ م.

(١٠) ٨٥٣ أب ه : ٨٥٢ ج : ثمان وخمسين د.

(١١) ٨٧٧ ه‍ / ١٤٧٢ م.

(١٢) ٨٧٧ أب ج ه : سبع وثمانماية د.

٣٤٨

مجمع البحرين ، وولي ما كان بيد والده من مشيخة التنكزية بعد وفاته (١) ، ودرّس بها وحضر معه جماعة (٢) في يوم جلوسه للتدريس ، منهم شيخ الإسلام الكمال بن أبي شريف وغيره ، وكان يوما حافلا توفي في شهر شوال سنة ٨٨٧ ه‍ (٣) ، ودفن بماملا ، عفا الله عنه.

قاضي القضاة جمال الدين أبو العزم عبد الله بن شيخ الإسلام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن قاضي القضاة شيخ الإسلام شمس الدين أبي عبد الله محمد الديري العبسي الحنفي (٤)(٥) ، مولده في سنة ٨٠٥ ه‍ (٦) وكان من ذوي المروءات ، وله حشمة وشهامة ، ولي قضاء القدس الشريف والرملة سنة ٨٦٧ ه‍ (٧) ثم أضيف إليه قضاء بلد الخليل ، وهو أول من ولي الخليل من الحنفية ، ووقع التشاجر بينه وبين قاضي القضاة ناصر الدين هبة (٨) الله بن عبد الله بن محمد بن قاضي القضاة تاج الدين الديري ، وشرع كل منهما يسعى على الآخرة والوظيفة بينهما دولا ، ثم استقر الأمر آخرا للقاضي جمال الدين ، واستمر في المنصب إلى أن عزل في سنة ٨٧٥ ه‍ (٩).

ثم استقر بعده في الوظيفة قاضي القضاة خير الدين بن عمران في صفر سنة ٨٧٦ ه‍ (١٠) ، واستمر نحو سنتين (١١).

ثم توجه القاضي جمال الدين إلى القاهرة في ذي الحجة سنة ٨٧٧ ه‍ (١٢)(١٣) ، وولي القضاء في سابع ربيع الأول سنة ٨٧٨ ه‍ (١٤) وهي ولايته الرابعة ، وألبس التشريف بقلعة الجبل المنصورة من حضرة الملك الأشرف قايتباي ، وعاد إلى

__________________

(١) وفاته ب ج د ه : وفاة أ.

(٢) جماعة د : وغيره أب ج ه.

(٣) ٨٨٧ ه‍ / ١٤٨٢ م.

(٤) ينظر : السخاوي ، الضوء ٥ / ٦٤.

(٥) العبسي الحنفي أب ج ه : ـ د.

(٦) ٨٠٥ ه‍ / ١٤٠٢ م.

(٧) ٨٦٧ ه‍ / ١٤٦٢ م.

(٨) هبة الله ب ج د ه : ـ أ.

(٩) ٨٧٥ ه‍ / ١٤٧٠ م.

(١٠) ٨٧٦ ه‍ / ١٤٧١ م.

(١١) واستمر نحو سنتين ... في ذي الحجة سنة ٧٧ أب ج ه : ـ د.

(١٢) ٨٧٧ ه‍ / ١٤٧٢ م.

(١٣) ٨٧٧ أب د : ٨٧٦ ج ه.

(١٤) ٨٧٨ ه‍ / ١٤٧٣ م.

٣٤٩

القدس الشريف ، فلما وصل إلى الرملة حصل له (١) توعك ، فلم يستطع ركوب الفرس ، فحمل في محفة إلى القدس ، ونزل بقصر ابن عمه تاج الدين الديري (٢) عند خان الظاهر ، وأصبح ودخل إلى القدس في صبيحة يوم الخميس ثامن شهر ربيع الآخر ، وركب الناس للقائه من القضاة والعلماء (٣) والأعيان ، وناظر الحرمين الأمير ناصر الدين النشاشيبي (٤)(٥) ، ونائب السلطنة الأمير جقمق ، وركب له شيخ الإسلام الكمالي بن أبي شريف ، ولكنه لم يدخل معه في الموكب وإنما سلم عليه بالقصر وانصرف (٦) ، وزينت له الأسواق (٧) وأوقدت ، وكان يوما مشهودا وألبس التشريف من القصر / / وركب وهو منزعج من التوعك الحاصل له ، وبقي في الموكب وهو لا يستطيع التثبيت على الفرس لشدة الضعف ، ولقد شاهدته في تلك (٨) الهيئة ، فخطر لي أن سكرات الموت لائحة عليه ، فلما دخل منزله اشتد به الألم ولم يقدر أنه حكم (٩) حكما ولا جلس في مجلس حكمه ، واستمر أربعة عشر يوما ، وتوفي في صبيحة يوم الأربعاء حادي عشري ربيع الآخر سنة ٨٧٨ ه‍ (١٠) ، وقد بلغ من العمر نحو أربعا وسبعين سنة ، ودفن إلى جانب والده بماملا عند الشيخ شهاب الدين بن أرسلان عفى الله عنه.

الشيخ العلامة جمال الدين يوسف بن شرف الدين الرومي (١١) الحنفي ، كذا كان يكتب بخطه اسمه واسم أبيه ، وهو أبو المحاسن يوسف (١٢) بن إلياس الرومي بن عمران الحنفي ، كان من أهل الفضل في مذهبه (١٣) ، وهو خيّر متواضع

__________________

(١) له ب ج د ه : ـ أ.

(٢) الديري أب ج ه : ـ د / / وأصبح أج ه د : ـ ب / / في صبيحة أج د ه : صبيحة ب.

(٣) والعلماء ج د ه : ـ أب.

(٤) الأمير ناصر الدين النشاشيبي : ناظر الحرمين ، محمد بن أحمد بن رجب ، ولد بالقاهرة سنة ٨٢١ ه‍ / ١٤١٨ م ، خدم الظاهر ، وكان خازنداره ، ثم ولاه قايتباي نظر القدس والخليل مدة ١٨ سنة ، ينظر : السخاوي ، الضوء ٦ / ٣٠٨.

(٥) النشاشيبي أب ج : ابن النشاشيبي د ه.

(٦) وانصرف ب : ـ أج د ه.

(٧) الأسواق وأوقدت أب ج ه : وأوقدت له د.

(٨) تلك ب ه : ذلك أج د.

(٩) أنه حكم أب ه : أن يحكم ج د / / حكمه أد : الحكم ب ج ه.

(١٠) ٨٧٨ ه‍ / ١٤٧٣ م.

(١١) الرومي الحنفي أب د : ـ ج ه / / كان ه : ـ ج د : كذا أب.

(١٢) يوسف ج د ه : ـ أب / / بن إلياس الرومي بن عمران الحنفي د : ـ أب ج ه.

(١٣) في مذهبه وهو خير ... أحوال الناس د : ـ أب ج ه / / ولي مشيخة المدرسة العثمانية ... عن ثلاث وثمانين سنة ودفن بماملا أب ج ه : ـ د.

٣٥٠

سليم الفطرة ، كان يعرف أحوال الناس ، ولي مشيخة المدرسة العثمانية بعد الشيخ سراج الدين ، المتقدم ذكره ، وكان يكتب على الفتوى عبارة حسنة مع كونه روميا ، ومن العجب أنه كان يؤتى إليه السؤال فلا يحسن قراءته بالعربي (١) ، فيقول لمن يأتي به (٢) أو غيره أعلمني بمعنى هذا السؤال ، فيذكر له معناه فيكتب عليه بعبارة واضحة مطابقة للحال في غاية الحسن ، توفي في المحرم سنة ٨٨٠ ه‍ (٣)(٤) ودفن بباب الرحمة.

الفقيه شمس الدين محمد بن محمد بن غضية المقرئ الحنفي المؤذن ، وكان والده من أهل القضاء ، باشر نيابة الحكم العزيز (٥) بالقدس الشريف ، وتقدم ذكره ، وكان هو رجلا خيرا ساكنا ، يحفظ القرآن ، ويؤذن بالمسجد الأقصى ، ويؤدب الأطفال بالجوهرية ، والناس سالمون من يده ولسانه ، وكان له ولدا اسمه محمد توفي قبله في سنة ٧٥ ه‍ وتقدم ذكره مع فقهاء الشافعية فصبر واحتسب ، وتوفي رحمه الله ، سنة ٨٨٠ ه‍ (٦) ودفن بباب الرحمة.

الشيخ العلامة شهاب الدين أبو العباس أحمد بن الشيخ القدوة تقي الدين أبي بكر بن أبي الوفاء الحسيني الحنفي ، شيخ الوقائية بالقدس ، وتقدم ذكر أسلافه مع فقهاء الشافعية ، كان الشيخ شهاب الدين أولا على مذهب الشافعي ، وتوفي والده وهو صغير ، فنشأ بعده وانتقل إلى مذهب أبي حنيفة ، وكان له ذكاء مفرط ينظم الشعر الحسن ، وكان حسن الشكل طيب النغمة بالذكر والتوحيد ، توجه إلى بلاد الروم في شوال سنة ٨٨٠ ه‍ ، واجتمع بالشيخ شهاب الدين الكوراني وأركان دولة السلطان ابن عثمان (٧) ، فأقبلوا عليه وأعلموا به السلطان ، فأحسن إليه إحسانا بليغا ، ثم اجتمع بالسلطان فأكرمه وبالغ في تعظيمه ، ورتب ما يقوم بكفايته ، واجتمع الناس عليه وانتظم له الحال ، وتعين في بلاد الروم ، وصار لهم فيه اعتقاد (٨) ، واستمر على ذلك إلى أن توفي في شهر شوال سنة ٨٨٢ ه‍ (٩) بمدينة اسطنبول (١٠)

__________________

(١) بالعربي ج ه : العربية أب : ـ د.

(٢) به أب د : إليه ج ه / / أعلمني أب د : أعلموني ج ه / / فيذكر أب د : فيذكروا ج ه.

(٣) ٨٨٠ ه‍ / ١٤٧٥ م.

(٤) ٨٨٠ أب د : ٨٨٦ ج ه.

(٥) العزيز ج د ه : ـ أب.

(٦) ٨٨٠ أب ج د : ٨٠٠ ه‍.

(٧) ابن عثمان ب ج ه : ـ أد.

(٨) اعتقاد واستمر على ... القسطنطينية رحمه الله أب ج : ـ د ه.

(٩) ٨٨٢ ه‍ / ١٤٧٧ م.

(١٠) اسطنبول ب ج : اصطنبول أ: ـ د ه.

٣٥١

وهي القسطنطينية ، رحمه الله.

الشيخ الإمام العلامة علاء الدين أبو الحسن علي بن قاضي القضاة تقي الدين أبي بكر ابن عيسى بن الرصاص الحنفي (١) ، مولده في سنة ٨٢٢ ه‍ (٢) وكان من أهل العلم يكتب خطا حسنا أفتى ودرس وأخذ عنه الطلبة ، وكان (٣) منجمعا عن الناس ، وكتب الكتب بخطه من فقه وتفسير ، وكان يتجمل في الملبوس الحسن ويقيم نظامه ، وكان على طريقة الرؤساء مع قلة ماله ، توفي بالقدس الشريف يوم الاثنين سادس عشر رمضان سنة ٨٨٢ ه‍ بين الظهر والعصر ، ودفن بماملا بعد صلاة الظهر من يوم الثلاثاء سابع عشر الشهر المذكور ، رحمه الله.

الشيخ علي بن محمد المشهور بقرا علي العجمي الحنفي (٤) ، كان رجلا مباركا منور الشيبة ، وعنده سكون ، اشتغل بالعلم على ناصر الدين محمد شاه بن الفنري (٥) ، وكان شيخ المدرسة الفنرية (٦) الكائنة علو رواق باب الأسباط بالمسجد الأقصى ، حج إلى بيت الله الحرام في سنة ٨٨٣ (٧) ه ، فقضى مناسكه وفرغ من الحج ، وتوفي بمكة المشرفة في شهر ذي الحجة من السنة المذكورة ، ودفن بباب المعلا (٨) ، رحمه الله.

الشيخ شجاع الدين إلياس بن عمران الرومي الحنفي ، كان من أهل الفضل في مذهبه ، وهو رجل خير متواضع سليم الفطرة ، لا يعرف شيئا من أحوال الناس (٩) ، باشر نيابة القضاء بالقدس الشريف عن قاضي القضاة خير الدين بن عمران في سنة ٨٧٧ ه‍ ، ولم يتصدّ لتعاطي الأحكام ، وإنما أثبت بعض مستندات شرعية ، تزوج ابنة الشيخ العلامة ، سراج الدين الحنفي المتقدم ذكره ، ورزق منها ولدا ، يسمى شهاب الدين أحمد ، ففضل الولد وتميز وصار من أعيان الفقهاء / / الحنفية ، وتوفي في حياة والده بالطاعون في شهر ذي الحجة سنة ٨٧٣

__________________

(١) ينظر : السخاوي ، الضوء ٥ / ٢٠٦.

(٢) ٨٢٢ ه‍ / ١٤١٩ م.

(٣) وكان منجمعا عن الناس ... ويقيم نظامه أب ج : ـ د ه / / الكتب أ: الكثير ب ج : ـ د ه.

(٤) الحنفي ب ج ه : ـ أد.

(٥) الفنري أب ج : الغزي ه : ـ د.

(٦) الفنرية أب ج : الغزية ه : ـ د / / علو ب ج : عند أ: ـ د ه.

(٧) ٨٨٣ ه‍ / ١٤٧٨ م.

(٨) المعلا : موضع بالحجاز ، ينظر : الحموي ، معجم البلدان ٥ / ١٨٤.

(٩) الناس باشر نيابة ... الشيخ الإمام العالم العلامة ناصر الدين أبو عبد الله محمد بن صفي الحنفي أب د : ـ ج ه.

٣٥٢

هـ (١) ، فوجد عليه والده ، وتأسف الناس عليه ودفن بباب الرحمة ، وعمر والده بعد موته وتوفي في ليلة السبت حادي عشر شوال سنة ٨٨٤ ه‍ (٢) ، ودفن عند والده ، بباب الرحمة.

الشيخ المقرئ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عبد اللطيف الحنفي ، كان من أعيان فقهاء الحنفية ورئيس القراء بالقدس الشريف ، وهو رجل خير عنده تواضع ولين جانب ومحبة لأصحابه ، وكان يرقى للخطب يوم الجمعة ، وله وجاهة عند الناس والأكابر ، توفي في يوم الثلاثاء العشرين من شعبان سنة ٨٨٥ ه‍ (٣) عن ٨٣ سنة ، ودفن بماملا.

الشيخ الإمام ، العالم العلامة ، ناصر الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن صفي (٤) الحنفي ، المشهور بابن الشنتير (٥) ، مفتي الحنفية بالقدس الشريف ، أخذ العلم عن الشيخ ناصر الدين الإياسي القرمي (٦) ، وفضل وتميز ، فصار من الأعيان ببيت المقدس أفتى ودرس ، وانتفع به الطلبة ، وكان عنده سكون ، قليل الكلام فيما لا يعنيه ، وعند ما توجه إلى الحجاز الشريف في البحر ، فلما وصل إلى جده وقع عن الجمل فكسر فخذه ، وطاف للقدوم محمولا ، وتوفي بمكة قبل الحج ، ودفن بالمعلا في ذي القعدة سنة ٨٨٥ ه‍

وأخوه الشيخ (٧) شهاب الدين أحمد ، كان من اهل القرآن ويلبس ملبوس الأتراك ، وكان حسن القراءة ، طيب النغمة فيها ، استقر إماما عند الأمير قراجا (٨) بدمشق ، ثم عاد إلى بيت المقدس بعد السبعين والثمانمائة ، ولما توفي شهاب الدين أحمد بن حافظ إمام الصخرة الشريفة ، قرره ناظر الحرمين ناصر الدين بن النشاشيبي في نصف (٩) إمامة الصخرة الشريفة ، مشاركا للقاضي خير الدين بن عمران ، فلم يتم ذلك وأخذ الوظيفة منهما بأمر السلطان للشيخ سعد الله الحنفي ، ثم توجه إلى القاهرة

__________________

(١) ٨٧٣ ه‍ / ١٤٦٨ م.

(٢) ٨٨٤ ه‍ / ١٤٧٩ م.

(٣) ٨٨٥ ه‍ / ١٤٨٠ م.

(٤) صفي د : خشني ه : حبشي أب ج.

(٥) بابن الشنتير أب ج د : ابن الشنتي ه / / الإياسي أب ج : الايامي د ه.

(٦) القرمي أج د : الغري ب ه / / وتميز ب : ـ أج د ه.

(٧) وأخوه الشيخ شهاب الدين أحمد ... في شهور ٨٨٥ ودفن بباب الرحمة أب : ـ ج د ه.

(٨) الأمير قراجا الأشرف اينال : توفي بالقدس سنة ٨٨٥ ه‍ / ١٤٨٠ م ، ينظر : السخاوي ، الضوء ٦ / ٢١٤.

(٩) نصف ب : نفس أ: ـ ج د ه.

٣٥٣

فأدركته المنية بها سنة ٨٧٨ ه‍ (١).

الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد ، المشهور بابن الصائغ الصوفي الحنفي ، من أهل قلعة الروم (٢) ، كان من أهل الزهد (٣) والصلاح وعنده فضل ، وهو خيّر متواضع منجمع عن الناس منور الشيبة ، عليه أبهة الصالحين ، وكان يعرف بخليفة الأردبيلي ، نسبة لشيخه علي الأردبيلي المدفون بباب الرحمة ، توفي في شهور سنة ٨٨٥ ه‍.

الشيخ الفاضل شهاب الدين أبو العباس أحمد بن جمال الدين يوسف ، المشهور (٤) بابن الجمال الأشقر الحنفي ، اشتغل ودأب وحصّل ، وفضل في مذهب الإمام أبي حنيفة ، رضي الله عنه ، وسافر إلى دمشق وأذن له الشيخ زين الدين عبد الرحمن بن العيني ، عالم دمشق بالإفتاء ، وأذن له قاضي القضاة خير الدين بن عمران بالقدس ، توفي في شهر ربيع الأول سنة ٨٨٨ ه‍ وكان رجلا خيرا ، أصيب بولده المذكور فصبر ، رحمهم الله تعالى.

القاضي زين (٥) الدين محمود بن بدر الدين حسن بن البرد بك الحنفي القرمي ، كان من أعيان المباشرين على أوقاف المسجد الأقصى الشريف ، وله يد طولى في علم الفرائض والحساب ، وسافر من القدس إلى جهة بلاد الهند حتى وصل إلى بلاد الشعشاع (٦) وطالت غيبته ، ثم قدم إلى القدس الشريف بعد السبعين والثمانمائة ، وباشر على الأوقاف على عادته ، وكان له وجاهة عند الأمير ناصر الدين بن النشاشيبي ناظر الحرمين ، وكان رجلا خيّرا ، كثير التواضع لين الجانب ، توفي في خامس عشر المحرم سنة ٨٩١ ه‍ (٧) ودفن بمقابر الشهداء.

الشيخ العلامة سعد الدين سعد الله بن حسين الفارسي الحنفي (٨) ، شيخ

__________________

(١) ٨٧٨ ه‍ / ١٤٧٣ م.

(٢) قلعة الروم : قلعة حصينة غرب الفرات مقابل البيرة ، ينظر : الحموي ، معجم البلدان ٤ / ٤٤٣ ؛ أبو الفدا ، تقويم ٢٦٨.

(٣) الزهد أ: الدين ب : ـ ج د ه.

(٤) المشهور أج : الشهير ب ـ د ه.

(٥) القاضي زين الدين محمود ... في خامس عشر المحرم سنة ٨٩١ ه‍ ودفن بمقابر الشهداء أج : ـ ب د ه / / البرد بك أب : الدويك ج د : ـ ه.

(٦) الشعشاع أب ج د : الشماع ه.

(٧) ٨٩١ ه‍ / ١٤٨٦ م.

(٨) الحنفي أب ج ه : ـ د.

٣٥٤

القراء (١) ، اشتغل ببلاده ، وحفظ القرآن وأتقنه بالروايات ، وكان (٢) على مذهب الإمام الشافعي ، رضي الله عنه ، وأخبرت أنه كان قبل ذلك على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ، رضي الله عنه ، قدم من بلاده إلى دمشق وهو على مذهب الشافعي في سنة ٨٥٠ ه‍ (٣) ، ثم (٤) انتقل إلى مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة ، رضي الله عنه ، وفضل فيه ، وباشر نيابة الحكم بدمشق ، وتوجه إلى القاهرة ، وكان له حرمة في مباشرته ، ثم قدم بيت المقدس في سنة ٨٧٧ ه‍ (٥) واجتمع بالسلطان فأكرمه وقرره في إمامة الصخرة الشريفة ، وألبسه خلعة ، ودخل إلى القدس في أواخر ذي الحجة سنة ٨٧٧ ه‍ صحبه قاصد ابن عثمان ملك الروم ، وكان يوما حافلا ، وتصدر بالصخرة الشريفة لاشتغال الطلبة والتدريس والفتوى ، وانتفع به جماعة من فقهاء الحنفية ، واستمر على ذلك إلى أن توفي في أوائل جمادى الأولى سنة ٨٩٠ ه‍ (٦) ودفن بماملا.

الفقيه (٧) علاء الدين علي بن عبد الله بن محمد الغزي المقرىء الحنفي ، المشهور بابن قاموا شيخنا ، ذكر أنه لما نزل الأشرف / / برسباي إلى آمد (٨) سنة ٨٢٦ ه‍ (٩) ، كان مراهقا ، حفظ القرآن العظيم ، وتلى بالسبع على شيخنا العلامة شمس الدين بن عمران وغيره ، وأقام ببيت المقدس دهرا ، وأدّب به الأطفال ، وسمع الحديث ، وأقرأ القرآن ، وكان جيد الحفظ له ، سريع القراءة.

وقد قرأت عليه القراءات ، ولي نحو عشر سنين بمكتب باب الناظر ، فأقرأني من سورة الفاتحة إلى الأنبياء ، ثم كررت ختم القرآن عليه مرات كثيرة ، وقرأت بعضه عليه برواية عاصم (١٠) ، وأحضرني مجلس شيخنا ابن عمران بسماع الحديث ،

__________________

(١) ينظر : السخاوي ، الضوء ٣ / ٣٤٦.

(٢) وكان على مذهب الإمام الشافعي ... كان قبل ذلك أب ج : ـ د ه.

(٣) ٨٥٠ ه‍ / ١٤٤٦ م.

(٤) ثم انتقل إلى مذهب ... بيت المقدس في ٨٧٧ سنة أب ج ه : ـ د.

(٥) ٨٧٧ ه‍ / ١٤٧٢ م.

(٦) ٨٩٠ ه‍ / ١٤٨٥ م.

(٧) الفقيه علاء الدين علي ... وكان يصنع المسابح ... عن الناس توفي في سنة ٨٩٠ ودفن بباب الرحمة أب : ـ ج د ه.

(٨) آمد : مدينة بين دجلة والموصل تقع بالقرب من ميافارقين فتحها عياض بن غنم ، وهي مدينة حصينة ، ينظر : البلاذري ٢٤٢ ؛ الحموي ، معجم البلدان ١ / ٧٦ ؛ الحميري ٣٠.

(٩) ٨٢٦ ه‍ / ١٤٢٢ م.

(١٠) رواية عاصم : هو أبو بكر عاصم بن أبي النجود الجحدري الكوفي ، أحد القراء السبعة ، وكان أهل الكوفة يختارون قراءته ، توفي سنة ١٢٧ ه‍ / ٧٤٤ م ؛ ينظر : الفارسي ١ / ٥ ؛ ابن أبي مكي ١٨١ ؛ ابن حجر ، تهذيب ٥ / ٣٥.

٣٥٥

واعتنى بتحصيل الإجازة لي منه ، رحمهما الله تعالى ، توفي يوم الثلاثاء ثاني عشر ذي الحجة سنة ٨٩٠ ه‍ (١) بالقدس الشريف.

الشيخ خير الدين خضر بن إسماعيل الرومي القرماني الحنفي (٢) ، كان رجلا مباركا يحفظ القرآن ، وكان يصنع المسابح بيده ، وهو منجمع عن الناس ، توفي في سنة ٨٩٠ ه‍ ، ودفن بباب الرحمة ، رحمه الله.

قاضي القضاة ، شيخ الشيوخ ، تاج الدين أبو نصر (٣) عبد الوهاب بن قاضي القضاة شيخ الإسلام ، سعد الدين أبي السعادات سعيد (٤) بن قاضي القضاة شيخ الإسلام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن الديري العبسي (٥) ، وتقدم ذكر والده وجده ، ومولده (٦) في ثاني عشر ربيع الأول سنة ٧٩٥ ه‍ (٧) بالقدس الشريف ونشأ به ، حفظ القرآن ، وسمع الحديث ، واشتغل بالعلم على والده وجده ، وفضل وتميز وانتهت إليه الرئاسة بالقدس الشريف ، ودرّس بالمعظمية نيابة عن والده ، وناب عنه في القضاء بالديار المصرية ، ثم (٨) ولي قضاء الحنفية بالقدس الشريف في المحرم سنة ٨٥١ ه‍ (٩) ، عوضا عن قاضي القضاة شمس الدين بن خير الدين الحنفي ، ودرّس بالمدرسة المعظمية الحنفية استقلالا ، ونفذت كلمته وعظم أمره باعتبار والده ، وعمر عمارة هائلة بظاهر القدس بأرض كرمه عند خان الظاهر (١٠) ، فصرف (١١) فيها ما يقرب من عشرة آلاف دينار ، واستمر إلى سنة ٨٦٦ ه‍ (١٢).

__________________

(١) ٨٩٠ ه‍ / ١٤٨٥ م.

(٢) ينظر : السخاوي ، الضوء ٣ / ١٨١.

(٣) أبو نصر عبد الوهاب أب ج ه : أبو عبد الله د.

(٤) سعيد بن أب ج : ـ د ه.

(٥) ينظر : السخاوي ، الضوء ٥ / ١٠٠.

(٦) ومولده ب ج د ه : توفي أ.

(٧) ٧٩٥ ه‍ / ١٣٩٢ م.

(٨) ثم ولي قضاء الحنفية ... ودرس بالمدرسة أب ج ه : ـ د / / في المحرم سنة ٨٥١ عوضا عن قاضي القضاة شمس الدين ابن خير الدين الحنفي أب ج ه : ـ د.

(٩) ٨٥١ ه‍ / ١٤٤٧ م.

(١٠) يقع في ظاهر القدس من جهة الغرب ، وهو الخان الذي أمر بإنشائه الظاهر بيبرس في القدس لعابري السبيل ، وفوض أمر بنائه للأمير جمال الدين محمد بن نهار ، ثم أوقف عليه الظاهر أوقافا في قرية المشيرفة ولفتا وغيرهما ، وكان ذلك سنة ٦٦١ ه‍ / ١٢٦٢ م ، ينظر : ابن تغري بردي ، النجوم ٧ / ١٠٩.

(١١) فصرف ب د ه : فصر أ: حصر في ج / / ما يقرب ج : بقريب أب : ـ د ه.

(١٢) ٨٦٦ ه‍ / ١٤٦١ م.

٣٥٦

ثم تنزه عن القضاء وتوجه إلى القاهرة ، وفوض إليه والده مشيخة المؤيدية ، واستقر ولده قاضي القضاة ناصر الدين هبة الله عن أبيه في قضاء القدس الشريف ، فلما توفي والده قاضي القضاة سعد الدين في سنة ٨٦٧ ه‍ (١) ، نزل عن المؤيدية لعمه قاضي القضاة برهان الدين ، واستوطن القدس ، ثم سافر إلى القاهرة ، واستقر في مشيخة المؤيدية في سنة ٨٧٨ ه‍ (٢) ، وشرع يتردد من القاهرة إلى القدس الشريف ، وفي سنة ٨٩٢ ه‍ (٣) نزل بعمارته التي بكرمه عند خان الملك الظاهر بيبرس ، وأقام بها مدة يسيرة ، ثم قصد التوجه إلى القاهرة ، فوصل إلى مدينة غزة ، فأدركته المنية (٤) بها في يوم الجمعة سادس شعبان سنة ٨٩٢ ه‍ بالجامع الجاولي (٥) ، ودفن بتربته هناك بجوار الجامع ، وقد تلاشت أحوال عمارته التي بظاهر القدس ، وخرب غالبها في هذه المدة اليسيرة التي هي دون تسع سنين بعد وفاته ، وصارت من المهملات بعد ما كان فيها من العز والوقار ما لم يمكن شرحه ، وكان القياس يقتضي أنه إذا توفي صاحبها ، ومضى عليه أزمنة ودهور لا يؤول أمرها إلى هذا التلاشي الفاحش في هذه المدة اليسيرة ، فسبحان القادر على ما شاء الله ، المتصرف في عباده بما يريد.

قاضي القضاة العلامة خير الدين أبو الخير محمد بن الشيخ الإمام المقرىء المحدث ، شمس الدين أبي عبد الله محمد بن عمران الغزي الأصل ، ثم المقدسي الحنفي (٦) ، ولد بغزة في ليلة العشر (٧) من رمضان سنة ٨٣٨ ه‍ (٨) ، قرأ القرآن بالروايات على والده وأجازه ، وسافر إلى الديار المصرية ، واشتغل من ابتداء أمره ، ودأب وحصل ، وتفقه (٩) بالقاهرة على الشيخ قاسم الحنفي ، وأذن له بالإفتاء والتدريس ، ولقي العلماء ، وأخذ عن جماعة الفقه والحديث ، وبرع في مذهب الإمام الأعظم أبو حنيفة ، رضي الله عنه ، وتميز وصار من الأعيان المعتبرين ، ولي قضاء الحنفية بالقدس الشريف ، عوضا عن قاضي القضاة جمال الدين الديري ،

__________________

(١) ٨٦٧ ه‍ / ١٤٦٢ م.

(٢) ٨٧٨ ه‍ / ١٤٧٣ م.

(٣) ٨٩٢ ه‍ / ١٤٨٦ م.

(٤) المنية بها ... بتربة هناك أب ج د : ـ ه.

(٥) بناه الأمير علم الدين سنجر المعظم الجاولي ، ينظر : ابن بطوطة ١ / ٧٤ ؛ عطا الله ٢٤٠.

(٦) ينظر : السخاوي ، الضوء ٩ / ١٧٨.

(٧) العشر أب ج ه : العشرين د.

(٨) ٨٣٨ ه‍ / ١٤٣٤ م.

(٩) وتفقه أب ج ه : ـ د / / قاسم أب ج ه : ـ د.

٣٥٧

وكانت ولايته في يوم ولاية شيخ الإسلام الكمالي بن أبي شريف مشيخة الصلاحية ، والقاضي شهاب الدين بن عبية قضاء الشافعية ، وخلع على الثلاثة بحضرة السلطان بالحوش ، وكنت حاضرا ذلك المجلس في صبيحة يوم السبت في شهر صفر سنة ٨٧٦ ه‍ (١)(٢) وسافروا جميعا من القاهرة ، ودخلوا إلى القدس الشريف في يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول ، وباشر قاضي القضاة خير الدين القضاء بعفة (٣) وقوة وشهامة ، وكانت سيرته حسنة وأحكامه مرضية.

ثم في أواخر سنة ٨٧٦ ه‍ استقر في نصف الإمامة بالصخرة الشريفة ، بحكم وفاة الإمام شهاب الدين أحمد بن حافظ / / مشاركا للشيخ شهاب الدين أحمد بن الشنتير بالنصف الثاني ، بتقرير صدر لهما من ناظر الحرمين الأمير ناصر الدين بن النشاشيبي ، فلم يتم لهما ذلك وأخذت منهما الإمامة للشيخ سعد الله الحنفي ، بأمر السلطان بعد مباشرتها مدة يسيرة ، واستمر القاضي خير الدين على القضاء إلى أن عزل بالقاضي جمال الدين الديري في ربيع الأول سنة ٨٧٨ ه‍ (٤) ، فدخل القاضي جمال الدين إلى القدس وهو متوعك ، فأقام أربعة عشر يوما ، وتوفي كما تقدم في ترجمته ، وأعيد القاضي خير الدين إلى وظيفة القضاء في شهر جمادى الأولى ، ووصل إليه التوقيع الشريف ، وألبس خلعة السلطان من محراب المسجد الأقصى ، ومشى الناس في خدمته إلى منزله بباب الحديد ، وذلك في أوائل جمادى الآخرة ، واستمر نحو تسعة أشهر.

ثم عزل القاضي بقاضي القضاة شمس الدين الديري (٥) أخي القاضي جمال الدين ، ووصل المرسوم بذلك في سلخ صفر سنة تسع وسبعين وثمانمائة (٦) فتنزه عن القضاء ، ولم يتكلم فيه بعد ذلك ، وانقطع في منزله للعبادة والاشتغال بالعلم وقراءة القرآن والحديث ، وانتهت إليه (٧) رئاسة مذهب أبي حنيفة بالقدس الشريف ، وتصدر للإفتاء والتدريس ، وحج إلى بيت الله الحرام ، وعظم أمره عند الناس ، وصار له الهيبة والوقار ، ودرّس بالمعظمية نيابة ، ونسخ بخطه (٨)

__________________

(١) ٨٧٦ ه‍ / ١٤٧١ م.

(٢) ٨٧٦ أب ج د : ٨٧٧ ه‍.

(٣) بعفة ب ج د ه : ـ أ.

(٤) ٨٧٨ ه‍ / ١٤٧٣ م.

(٥) الديري أب ج ه : ـ د.

(٦) ٨٧٩ ه‍ / ١٤٧٤ م.

(٧) إليه أب ج ه : ـ د.

(٨) أب ج : ـ د.

٣٥٨

كثير (١) من المصاحف الشريفة والبخاري ، وكتب الفقه وغير ذلك ، وكان في سرعة الكتابة والملازمة لهما من العجائب.

وعمل طريقة في المصحف الشريف في مقابلة الأحرف (٢) لم يسبق إليها ، وهي أنه إذا كان حرف من أول السطر من الصفحة ألفا يكون أول حرف من أول السطر الآخر منها كذلك ، وأول السطر الثاني مثلا واوا يكون مقابله قبل السطر الأخير كذلك وهلم جرا ، وأحرف المقابلة كتبها بالأحمر ، ويكون أول الصفحة أول الآية ، وآخر الصفحة آخر الآية ، وكل جزئين في كراس كامل ، فيكون المصحف ثلاثين كراسا لا يزيد ولا ينقص ، وهذه الطريقة من العجائب لم يسبق إليها ، وفي الحقيقة هي طريقة في غاية المشقة ، وقد سهلها الله فعملها بأسرع وقت ، وهو تيسير من قبل الله تعالى ، وقد انتشر (٣) هذا المصحف بهذه الطريقة في غالب المملكة بخطه ، حتى وصل إلى الحجاز والعراق والروم ، وله ربعة شريفة بالحرم الشريف النبوي على ساكنه أفضل الصلاة والسلام.

وكان خيّرا متواضعا ، حسن اللفظ والشكل ، منور الشيبة ، وعنده تودد للناس ولين جانب ، ولقد أحسن إليّ في زمن ولايته القضاء وبعده ، رحمه الله وعفى عنه ، توفي يوم الخميس الثلاثين من شهر رمضان سنة ٨٩٤ ه‍ (٤) وله ست وخمسون سنة ، وصلي عليه من يومه بعد صلاة العصر بالمسجد الأقصى الشريف ، ودفن إلى جانب ولده بتربة ماملا ، وكان يوما مشهودا لجنازته (٥) ، شيعه شيخ الإسلام الكمالي بن أبي شريف ، وشيخ الإسلام النجمي ابن جماعة ، وناظر الحرمين ، ونائب السلطنة الأمير دقماق (٦) ، والقضاة والأعيان وغيرهم تغمده الله برحمته ، وعوضه الجنة.

العدل علاء الدين علي بن محمد بن سعيد الحنفي ، المشهور بابن نائب الناظر نسبة لوالده الحاج محمد ، فإنه كان باشر نيابة النظر على المسجد الأقصى فعرف به ، كان علاء الدين رجلا خيرا صالحا (٧) يحترف بالشهادة ، باشرها دهرا طويلا نحو ٥٦

__________________

(١) كثير أب ج : الكثير د ه.

(٢) الأحرف أب ج : الحروف د ه / / لم يسبق إليها وهي أنه أب ج : ـ د ه.

(٣) انتشر أج د ه : اشتهر ب / / بهذه ب ج د ه : فهذه أ.

(٤) ٨٩٤ ه‍ / ١٤٨٨ م.

(٥) باشر الدوادارية لشاذ بك حين كان نائب غزة ، ثم استقر في نظر الحرمين ونيابة القدس ، ينظر : السخاوي ، الضوء ٣ / ٢١٨.

(٦) لجنازته أب ج ه : ـ د.

(٧) صالحا د : ـ أب ج ه / / على خير وعفاف ولم يضبط ... نحو ستة عشر سنة أب ج ه : ـ د.

٣٥٩

سنة على خير وعفاف ، لم يضبط عليه ما يشينه ، ثم أذن له في عقد الأنكحة فباشرها دهرا طويلا (١) نحو ستة عشرة سنة ، وكان له مروءة ، وعنده تواضع وتودد ، توفي في عاشر المحرم سنة ٨٩٥ ه‍ (٢) ، ودفن بماملا ، رحمه الله.

الشيخ الإمام ، العالم العلامة ، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن بدر الدين محمود الحنفي ، شيخ المدرسة الفنزية بالقدس الشريف ، قدم إلى بيت المقدس وأقام به مدة يسيرة ، وتوفي يوم الأحد ثالث شهر ذي القعدة سنة ٨٩٦ (٣) ، ودفن بباب الرحمة ، وبني على قبره مصطبة (٤) كبيرة ببناء محكم.

الشيخ (٥) الإمام ، العالم العلامة ، زين الدين عبد السلام أبو بكر بن الرضي الكركي الحنفي ، ولد بمدينة الكرك ونشأ بها ، وكان على مذهب الإمام الشافعي ، رضي الله عنه ، ثم قدم إلى بيت المقدس في شهور سنة ٨٧٦ ه‍ ، وانتقل إلى مذاهب أبي حنيفة (٦) ، وتفقه على الشيخ ناصر الدين بن الشنتير ، المتقدم ذكره ، وبرع في مذهب أبي حنيفة ، وأذن له بالإفتاء (٧) والتدريس ، ودأب وحصل ، وتفنن في العلوم ، فتصدر للإفتاء والتدريس ، وكتب على الفتاوى كثيرا ، وانتفع الناس به ، واشتغل عليه الطلبة ، وكان من أهل العلم ، وعليه السكينة والوقار ، والناس سالمون من يده ولسانه ، وعبارته في الفتوى نهاية في الحسن / / درّس بالمعظمية نيابة (٨) إلى أن توفي ، ولما انتقل من مذهب الشافعي (٩) إلى مذهب أبي حنيفة ، رضي الله عنهما ، لامه بعض الناس على ذلك فأنشد

أخذ السفيه يلومني بجهالة

لم لا تثبت على الطريق الأعرف

فأجبته دع عنك لومي يا فتى

واسلك طريقة الإمام الأشرف

إن المذاهب خيرها وأصحها

ما قاله النعمان حقا فاقتف

إنسان عين للأئمة كلهم

والكل عنه للطريقة مقتف

__________________

(١) طويلا د : ـ أب ج ه.

(٢) ٨٩٥ ه‍ / ١٤٨٩ م.

(٣) ٨٩٦ ه‍ / ١٤٩٠ م.

(٤) مصطبة ج ه : مصطبة أب د.

(٥) الشيخ أب ه : ـ ج د / / الإمام أب ج : ـ د ه / / بن الرضي أب ج ه : الرضي د.

(٦) أبي حنيفة أب ج ه : الإمام الأعظم رضي الله عنه د / / وتفقه على الشيخ ناصر الدين ابن الشنتير ... مذهب أبي حنيفة ب ج د ه : ـ أ.

(٧) بالإفتاء أب ج ه بالفتوى د / / ودأب ... للافتا والتدريس أب ج : ـ د ه.

(٨) نيابة أب ج ه : ـ د.

(٩) من مذهب الشافعي أب ج ه : ـ د.

٣٦٠