إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٨

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٨

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٧

سورة الأحزاب

معنى السورة : الأحزاب : جمع «حزب» وهم القوم الذين يجتمعون في أمر حزبهم : أي أصابهم للنظر في إيجاد مخرج منه .. وقيل : الأحزاب : هم طائفة من الناس .. ومنها القول : تحزب القوم : بمعنى : صاروا أحزابا وتجمعوا .. وسمي «يوم الخندق» : يوم الأحزاب وقيل : الأحزاب : هي الطوائف التي تجتمع على محاربة الأنبياء ـ عليه الصلاة والسلام ـ وقيل : هي جمع «حزب» أي القسم من القرآن وغيره. ولفظة «حزب» وردت في الكتاب الكريم سبع مرات.

تسمية السورة : وردت كلمة «الأحزاب» ثماني مرات في القرآن الكريم وثلاث مرات أخرى في سورة سميت بها أي سورة «الأحزاب» وفيها آية سميت «آية الحجاب» وهي الآية الكريمة الثالثة والخمسون .. التي نزلت بعد رجاء عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقد كان عمر يحب ضرب الحجاب على نساء الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ محبة شديدة وقال : يا رسول الله .. يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المسلمين أو المؤمنين بالحجاب. فنزلت الآية الكريمة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ) إلى أن يقول : (وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ..) إلى آخر الآية الكريمة و «متاعا» بمعنى : شيئا مما ينتفع به .. ومن وراء حجاب : بمعنى : من وراء حاجز. ولما نزلت هذه الآية الكريمة ـ آية الحجاب ـ قال الآباء والأبناء والأقارب : يا رسول الله أو نكلمهن نحن أيضا من وراء حجاب؟ فنزل قوله تعالى : (لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ وَلا ما مَلَكَتْ) صدق الله العظيم. بمعنى : لا إثم عليهم. وقيل سميت هذه السورة الشريفة «سورة الأحزاب» لاشتمالها على

٨١

وقائع غزوة الخندق أو الأحزاب الذين تجمعوا حول المدينة من مشركي قريش وغطفان بالتواطؤ مع المنافقين ويهود بني قريظة لحرب المسلمين.

فضل قراءة السورة : قال الرسول الهادي إلى الصراط المستقيم النبي محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «الأحزاب» وعلمها أهله وما ملكت يمينه أعطي الأمان من عذاب القبر» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

إعراب آياتها

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) (١)

(يا أَيُّهَا النَّبِيُ) : أداة نداء. أي : اسم منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها» زائدة للتنبيه. النبي : صفة ـ نعت ـ لأي مرفوع على لفظ «أي» لا على المحل وعلامة رفعه الضمة. والمخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

(اتَّقِ اللهَ) : فعل أمر مبني على حذف آخره .. حرف العلة .. الياء ـ وبقيت الكسرة دالة عليها. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. تطع : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه سكون آخره الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين وحذفت ياؤه ـ أصله : تطيع ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. الكافرين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والمنافقين : معطوف بالواو على الكافرين ويعرب مثله.

(إِنَّ اللهَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(كانَ عَلِيماً حَكِيماً) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره

٨٢

هو. عليما حكيما : خبران لكان منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المنونة بمعنى كان عالما بما تدعوهم إليه عليما بما يضمره الكافرون ويظهره المنافقون ويبطنونه أو يكون «حكيما» صفة لعليم.

(وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (٢)

(وَاتَّبِعْ ما يُوحى) : الواو عاطفة. اتبع : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يوحى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. والجملة الفعلية «يوحى إليك» صلة الموصول لا محل لها بمعنى : القرآن.

(إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) : جار ومجرور متعلق بيوحى. من ربك : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «ما» لأن «ما» مبهمة و «من» حرف جر بياني. التقدير حال كونه منزلا من ربك والكاف ضمير المخاطب في محل جر مضاف إليه.

(إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة السابقة. الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بكان أو بخبرها. تعملون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. خبيرا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : بما تعملونه. أو تكون «ما» مصدرية فتكون الجملة الفعلية «تعملون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. التقدير والمعنى إن الله مطلع على أعمالكم.

٨٣

** (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى .. المعنى : تحل بالتقوى وواظب عليها أي على تقوى الله وليتق الله المؤمنون الذين أنت قدوتهم .. والمنادى هو النبي الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ولم يناده سبحانه وتعالى باسمه تكريما له أي ترك سبحانه وتعالى نداء الرسول الكريم باسمه كرامة له وتشريفا وربما تنويها بفضله. و «النبي» محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ هو أبو المؤمنين في الدين ولذلك قيل : إنما المؤمنون إخوة. قال مجاهد : كل نبي هو أبو أمته ولذلك صار المؤمنون إخوة. وقد شبه سبحانه وتعالى أزواج النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بالأمهات في بعض الأحكام وهو وجوب تعظيمهن واحترامهن في قوله عزوجل و «أزواجه أمهاتهم» وحرم سبحانه زواجهن في آية أخرى : (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) وهن فيما وراء ذلك بمنزلة الأجنبيات .. ولذلك قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : «لسنا أمهات النساء» تعني : أنهن إنما كن أمهات الرجال لكونهن محرمات عليهم كتحريم أمهاتهم .. والدليل على ذلك أن هذا التحريم لم يتعد إلى بناتهن وكذلك يثبت لهن سائر أحكام الأمهات.

** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة حين طلب بعض أهل مكة من النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أن يرجع عن قوله على أن يعطوه شطر أموالهم.

** (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة .. يقال : كفى الشيء يكفي كفاية فهو كاف ـ اسم فاعل ـ إذا حصل به الاستغناء عن غيره .. ويقال : اكتفيت بالشيء : أي استغنيت به أو قنعت به وكل شيء ساوى شيئا حتى صار مثله فهو مكافئ له والكفىء ـ بوزن فعيل ـ والكفوء ـ بوزن فعول ـ والكفء ـ بوزن قفل ـ كلها بمعنى المماثل.

** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة عند ما عرض أبو سفيان وعكرمة بن أبي جهل وأبو الأعور السلمي على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أن يرفض ذكر آلهتهم بسوء وأن يقول إن لها شفاعة وهم يدعونه وربه.

** (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) : في هذا القول الكريم الوارد في بداية الآية الكريمة الرابعة جاء ردا على بعض العرب إذ كانوا يزعمون أن كل لبيب له قلبان. وقولهم : فلان نقي الجيب : معناه : نقي القلب .. والجيب أيضا : هو طوق القميص. وكان الحبيب المصطفى محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إذا نظر إلى السماء قال : ربنا ما خلقت هذا باطلا .. يا مصرف القلوب ثبت قلبي على دينك.

** (وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ) : تظاهرون : بمعنى : تعاملونهن بالظهار وهو قول الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي فلا يحل له أن يقربها .. وكان هذا يحدث في الجاهلية وهو يعتبر طلاقا فعند ما لا يحل له أن يقرب زوجته لا يحل له أن يقرب أمه فبين الله تعالى أن الزوجة ليست أما .. ونحوه في العبارة عن اللفظ : لبى المحرم : إذا قال لبيك .. وأفف الرجل : إذا قال أف. والتنكير في كلمة «رجل» في قوله (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) وإدخال «من» الاستغراقية على القلبين للتأكيد هما تأكيدان لما قصد من المعنى .. بتقدير : ما جعل الله لأمة الرجال ولا لواحد منهم قلبين أبدا في جوفه .. أي في صدره. ويقال : ظاهر الرجل من امرأته ظهارا .. مثل «قاتل قتالا» وتظهر : أي قال لها : أنت علي كظهر أمي .. قيل : إنما خص ذلك بذكر الظهر من باب الاستعارة. وكان «الظهار» طلاقا

٨٤

في الجاهلية فنهوا عنه ـ أي عن الطلاق ـ بلفظ الجاهلية. و «تظاهرون» من «أظاهر» بمعنى : تظاهر وقد عدي الفعل بمن لأنهم في الجاهلية كانوا يتجنبون المرأة المظاهر منها كما يتجنبون المطلقة فكان قولهم : تظاهر منها : تباعد منها بجهة الظهار وتظهر منها : أي تحرز منها .. وظاهر منها : أي حاذر منها وظهر منها : خلص منها. ويقال : فلان نازل بين ظهرانيهم : أي في معظمهم ووسطهم. تلفظ كلمة «ظهرانيهم» بفتح النون. قال ابن فارس : ولا تكسر. وقال جماعة : الألف والنون زائدتان للتأكيد .. وبين ظهريهم وبين أظهرهم .. كلها بمعنى : بينهم. وفائدة إدخاله في الكلام ـ كما يقول الفارابي ـ أن إقامته بينهم على سبيل الاستظهار بهم والاستناد إليهم. وكأن المعنى أن ظهرا منهم قدامه وظهرا وراءه فكأنه مكنوف ـ مستور ـ من جانبيه. هذا أصله ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين القوم وإن كان غير مكنوف بينهم. وقولهم : دخلت صلاة الظهر. أنثت اللفظة لأنها مضمومة إلى الصلاة. ويجوز التأنيث والتذكير في حالة عدم الإضافة فالتأنيث على معنى ساعة الزوال .. والتذكير على معنى الوقت والحين. فيقال : حان الظهر وحانت الظهر ويقال هذا على بقية أوقات الصلوات. ويقال : أظهر القوم : بمعنى : دخلوا في وقت الظهر أو الظهيرة .. واتخذت كلامه ظهريا : أي نسيا منسيا والكلمة منسوبة إلى الظهر والكسر من تغييرات النسب.

** (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ) : الأدعياء : هم الملتحقون بنسبكم .. ومفردها : دعي .. وهو فعيل بمعنى مفعول .. جمع على «أفعلاء» وهذا بابه ما كان منه بمعنى «فاعل» مثل «تقي ـ أتقياء ـ وشقي وجمعه : أشقياء. و «الدعي» هو الذي يدعي ولدا ليس له أي من تبناه.

** (ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ) : أي ذلكم النسب أو الادعاء أو الظهار والتبني .. هو مجرد قول أنتم قلتموه لا حقيقة له فلا تحرم الزوجة بالظهار ولا يثبت نسب بالتبني .. فحذف النعت أو البدل المشار إليه لأن ما قبله دال عليه.

** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في رجل من بني فهر قال إن في جوفي لقلبين أعقل بكل واحد منهم أفضل من عقل محمد. أو في الوليد ابن المغيرة الذي كان يقول : لي قلبان أعقل في أحدهما ما لا أعقل في الآخر ونزلت آية الظهار في خولة بنت ثعلبة زوجة أوس بن الصامت كما سيأتي في سورة «المجادلة» ونزلت آية «إبطال التبني في زيد بن حارثة الذي كان عند الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ثم أعتقه وتبناه قبل الوحي.

** (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الخامسة .. المعنى : ليس عليكم ذنب .. و «الذنب» هو «الخط» تسمية بالمصدر. قال أبو عبيدة : خطئ وأخطأ : بمعنى واحد لمن يذنب على غير عمد. وقال غيره : خطئ الرجل في الدين وأخطأ في كل شيء عامدا كان أو غير عامد. وقيل : خطئ : إذا تعمد ما نهي عنه فهو خاطئ ـ اسم فاعل ـ وأخطأ : إذا أراد الصواب فصار إلى غيره فإن أراد غير الصواب وفعله قيل : قصده أو تعمده .. هذا ما ذكره الفيومي. وقالت العرب : من الخواطئ سهم صائب أي يخطئ مرارا ويصيب مرة. و «الخواطئ» هي التي تخطئ القرطاس وهي من «خطئت» : أي أخطأت قال أبو الهيثم : وهي لغة رديئة. قال : ومثل العامة في هذا : «رب رمية من غير رام» وأنشد الشاعر :

رمتني يوم ذات الغمر سلمى

بسهم مطعم للصيد لام

فقلت لها أصبت حصاة قلبي

وربة رمية من غير رام

٨٥

ويقال : أخطأه السهم : أي تجاوزه ولم يصبه. ويقال : خطأت الرجل أي قلت له أخطأت أو جعلته مخطئا.

** (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة المعنى : أزواج النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بمنزلة أمهات المؤمنين أو كأمهاتهم تعظيمهن واحترامهن وتحريم زواجهن واجب وفي هذا القول الكريم تأكيد لمنزلة الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ عند ربه جلت قدرته ـ. وقوله «النبي أولى بالمؤمنين» معناه : أحرص بهم في كل شيء من أمور الدين والدنيا أو أرأف وأنفع لهم وأحق .. وأخرج البخاري عن أبي هريرة عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال : «ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة اقرءوا إن شئتم : «النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم» فأيما مؤمن ترك مالا فلترثه عصبته من كانوا فإن ترك دينا أو ضياعا ـ عيالا ـ فليأتني فأنا مولاه».

** (إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة. المعنى حين جاءتكم ملائكة لإبادتكم أو الأحزاب للقضاء عليكم في وقعة الخندق سنة خمس هجرية حين جاءتكم جنود الأحزاب الكثيفة لغزو المدينة من قريش وغطفان واليهود ـ يهود بني قريظة والنضير وكانوا زهاء اثني عشر ألفا. وأرسلنا عليهم ريحا قلعت خيامهم وبعثرتهم وأثارت خيولهم ومواشيهم وأرسلنا كذلك جنودا من الملائكة لم تروها التي قلعت الأوتاد وأثارت الرعب فيهم وقد أنث الفعل «جاءت» مع الفاعل «جنود» لفصله عن فاعله أو على اللفظ لا المعنى.

** سبب نزول الآية : نزلت في وقعة الأحزاب بقيادة أبي سفيان وكان المنافقون ـ وهم الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر إما ضعفا وإما قصد الإفساد ـ كان هؤلاء المنافقون ـ يستأذنون النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قائلين : إن بيوتنا عورة ـ أي غير حصينة يخشى عليها من الأعداء ـ فضربتهم ريح الصبا العاصفة وهم يقولون : الرحيل الرحيل.

(وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) (٣)

(وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) : الواو عاطفة. توكل : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والجار والمجرور للتعظيم «على الله» متعلق بتوكل بمعنى واعتمد على الله وفوض أمرك إليه.

(وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) : الواو عاطفة. كفى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر. الباء حرف جر زائد. الله لفظ الجلالة : اسم مجرور لفظا مرفوع للتعظيم محلا لأنه فاعل «كفى». وكيلا : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أو يكون حالا من لفظ الجلالة بمعنى : فالله كافيك ولا تخش الكافرين لأنه إلى الله توكل الأمور جميعا.

٨٦

(ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللاَّئِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) (٤)

(ما جَعَلَ اللهُ) : نافية لا عمل لها. جعل : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.

(لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ) : جار ومجرور متعلق بجعل بمعنى لإنسان أي ما أوجد لإنسان قلبين. من : حرف جر زائد للتأكيد أي دخلت توكيدا كما يقال رأيت زيدا نفسه. قلبين : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به للفعل «جعل» وعلامة الجر أو النصب الياء لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي ما جمع الله قلبين.

(فِي جَوْفِهِ) : جار ومجرور متعلق بجعل أو بصفة محذوفة من «قلبين» والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب في محل جر بالإضافة أي في صدره.

(وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ) : الجملة الفعلية معطوفة على جملة «ما جعل الله» وتعرب إعرابها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الله سبحانه. أزواجكم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور بمعنى زوجاتكم.

(اللَّائِي تُظاهِرُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ للأزواج بمعنى اللواتي مفردها «التي» تظاهرون : الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ) : حرف جر و «هن» ضمير الإناث الغائبات ـ مبني على الفتح في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «اللائي» و «من» حرف جر بياني. أمهات : مفعول به ثان منصوب بجعل المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم و «كم» أعرب في «أزواجكم».

٨٧

(وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ) : يعرب إعراب «وما جعل أزواجكم أمهاتكم» وعلامة نصب «أبناءكم» الفتحة.

(ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد. الكاف للخطاب والميم علامة الجمع. قولكم : خبر «ذلكم» مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور أو يكون «قولكم» خبر مبتدأ «ذلكم» وحسن تقدير «هو» دفعا للالتباس أي لبس إعراب «قولكم» بدلا من «ذلكم» لأن المعرفة بعد اسم الإشارة تكون بدلا منه أو نعتا ـ صفة ـ له.

(بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ) : جار ومجرور متعلق بقولكم و «كم» أعرب في «أزواجكم» الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع بالضمة.

(يَقُولُ الْحَقَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الحق : صفة ـ نعت ـ للمصدر ـ المفعول به ـ المحذوف منصوب بالفتحة أي يقول القول الحق.

(وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) : معطوف بالواو على «والله يقول الحق» ويعرب إعرابه و «هو» ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ .. يعود إلى الله سبحانه بمعنى يهدي إلى السبيل وهو السبيل الحق بمعنى يهدي إلى طريق الحق فحذف الجار وعدي الفعل «يهدي» إلى المجرور «السبيل» فانتصب على المفعولية وعلامة رفع الفعل «يهدي» الضمة المقدرة على الياء للثقل.

(ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٥)

(ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

٨٨

لآباء : جار ومجرور متعلق بادعوهم و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة أي انسبوهم ..

(هُوَ أَقْسَطُ) : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. أقسط : خبر «هو» مرفوع بالضمة بمعنى ذلك النسب أعدل والكلمة ممنوعة من الصرف على وزن «أفعل» صيغة تفضيل ومن وزن الفعل.

(عِنْدَ اللهِ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بأقسط وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم وعلامة الجر الكسرة.

(فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا) : الفاء استئنافية. إن : حرف شرط جازم. لم : حرف نفي وجزم وقلب. تعلموا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والفعل في محل جزم بإن لأنه فعل الشرط والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى فإن لم تعرفوا.

(آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. الفاء واقعة في جواب الشرط. إخوانكم : خبر مبتدأ محذوف تقديره هم مرفوع بالضمة الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور والجملة الاسمية «فهم إخوانكم» جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم.

(فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ) : جار ومجرور متعلق بإخوانكم على تأويل فعله بمعنى : تآخيتم في الدين. ومواليكم : معطوف بالواو على «إخوانكم» ويعرب إعرابه وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل بمعنى وأولياؤكم في الدين فحذفت الصلة ـ الجار والمجرور ـ في الدين اكتفاء بذكرها أول مرة.

(وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) : الواو عاطفة. ليس : فعل ماض ناقص من أخوات «كان». عليكم : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «ليس»

٨٩

المقدم والميم علامة جمع الذكور. جناح : اسم «ليس» المؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة بمعنى : ذنب.

(فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ) : حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بفي والجار والمجرور متعلق بجناح أو بصفة محذوفة منه بمعنى بسبب ما أخطأتم. أخطأتم : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. به : جار ومجرور متعلق بأخطأتم.

(وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) : الواو زائدة. لكن : حرف عطف. يفيد الاستدراك لأنه مخفف. ما : معطوف على «فيما» أي ولكن فيما .. تعمدت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. قلوب : فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف و «كم» أعرب في «إخوانكم» ويجوز أن تكون «ما» في محل رفع مبتدأ والخبر أي خبر «ما» محذوفا لأن ما قبله دال عليه. التقدير : ولكن ما تعمدت قلوبكم فيه الجناح بمعنى : لا إثم عليكم فيما فعلتموه من ذلك مخطئين جاهلين قبل ورود النهي ولكن الاثم فيما تعمد بعد النهي .. أي ولكن التبعة تقع عليكم فيما تعمدت قلوبكم.

(وَكانَ اللهُ) : الواو استئنافية. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : اسم «كان» مرفوع للتعظيم بالضمة.

(غَفُوراً رَحِيماً) : خبرا «كان» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المنونة ويجوز أن يكون «رحيما» صفة ـ نعتا ـ للموصوف «غفورا» بمعنى : يعفو عن الخطأ وعن العمد إذا تاب العامد.

(النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) (٦)

(النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ) : مبتدأ مرفوع بالضمة. أولى : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر. بالمؤمنين : جار ومجرور

٩٠

متعلق بأولى وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته «المؤمن» وهو اسم فاعل. أي المؤمنين بالله ورسله.

(مِنْ أَنْفُسِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بأولى و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) : الواو عاطفة. أزواجه : مبتدأ مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. أمهات : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة.

(وَأُولُوا الْأَرْحامِ) : الواو عاطفة. أولو : مبتدأ مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم بمعنى «ذوو» وهو جمع لا واحد ـ مفرد ـ له. وقيل هو اسم جمع مفرده : ذو بمعنى صاحب. الأرحام : مضاف إليه مجرور بالكسرة بمعنى الأقرباء.

(بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ الأول «أولو الأرحام». بعض : مبتدأ ثان مرفوع بالضمة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. أولى : خبر المبتدأ الثاني «بعضهم» مرفوع بالضمة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر. ببعض : جار ومجرور متعلق بأولى ويجوز أن يكون «بعضهم» بدلا من «أولو الأرحام» ويكون «أولى» خبر «أولو ..».

(فِي كِتابِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بأولى. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة بمعنى : في اللوح المحفوظ أو بمعنى : فيما أوحى الله إلى نبيه .. أو في أمر الوراثة.

(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «أولي الأرحام» بتقدير : في حال كونهم من المؤمنين وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والمهاجرين : معطوف بالواو على «المؤمنين».

٩١

(إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا) : أداة استثناء. أن : حرف مصدري ناصب. تفعلوا : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية «تفعلوا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما تلاها بتأويل مصدر في محل نصب مستثنى بإلا «استثناء منقطعا» أو هو استثناء من أعم العام في معنى النفع والإحسان.

(إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً) : جار ومجرور متعلق بتفعلوا وعدي الفعل «تفعلوا» بإلى لأن المعنى : تسدوا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور. والمراد بالأولياء : المؤمنون والمهاجرون للولاية في الدين. معروفا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة بمعنى إلا أن تسدوا معروفا فتوصوا لهم بشيء. وقيل : المراد بكلمة «معروفا» هنا : الوصية.

(كانَ ذلِكَ) : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع اسم «كان» اللام للبعد والكاف حرف خطاب والإشارة إلى ما ذكر في الآيتين الكريمتين جميعا أي الحكم والميثاق.

(فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) : جار ومجرور متعلق بخبر «كان». مسطورا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : ذلك كله ثابت فيما مر آنفا أو في اللوح المحفوظ أو في القرآن مدونا بالأسطر.

(وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) (٧)

(وَإِذْ أَخَذْنا) : الواو استئنافية. إذ : اسم مبني على السكون في محل نصب مفعول به بفعل محذوف تقديره اذكر أو هو ظرف بمعنى «حين». أخذنا : الجملة الفعلية وما بعدها في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.

٩٢

(مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ) : جار ومجرور متعلق بأخذنا وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. ميثاق : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. والميثاق : هو العهد المؤكد وجمعه : مياثيق.

(وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ) : جار ومجرور معطوف على «من النبيين» متعلق بأخذنا بمعنى : وأخذنا مثله عليك. الواو عاطفة. من نوح : جار ومجرور معطوف على الضمير ـ ضمير المخاطب ـ في «منك» ويعرب مثله وحسن تكرار حرف العطف وحرف الجر لأنه معطوف على ضمير في محل جر بمعنى وأخذنا العهد من نوح.

(وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى) : الأسماء معطوفة بواوات العطف على «نوح» مجرورة مثله وعلامة جرها الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأن الأسماء ممنوعة من الصرف وقدرت الحركة على الاسمين «موسى» و «عيسى» منع من ظهورها التعذر وظهرت على «إبراهيم» ولم يمنع «نوح» من الصرف رغم عجمته شأنه شأن الأسماء التالية بعده وذلك لخفته ولأنه اسم ثلاثي أوسطه ساكن.

(ابْنِ مَرْيَمَ) : بدل من «عيسى» أو صفة ـ نعت ـ له مجرور مثله وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. مريم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للمعرفة والتأنيث.

(وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) : الواو عاطفة وما بعدها أعرب. غليظا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «ميثاقا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة أيضا أي أخذنا منهم ميثاقا مؤكدا أو شديدا بتبليغ الرسالة.

(لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً) (٨)

(لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ) : اللام حرف جر للتعليل. يسأل : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى : ليسألهم الله يوم القيامة. الصادقين : مفعول به منصوب

٩٣

وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والجملة الفعلية «يسأل الصادقين» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بأخذنا أو فعلنا بمعنى الذين صدقوا عهدهم ووفوا به.

(عَنْ صِدْقِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بيسأل. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى : يسألهم عن عهدهم وشهادتهم أو ليسأل المصدقين للأنبياء عن تصديقهم أولئك الأنبياء الصادقين.

(وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ) : الواو عاطفة. أعد : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. للكافرين : جار ومجرور متعلق بأعد وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والجملة الفعلية معطوفة على «أخذنا من النبيين» أو على ما دل عليه «ليسأل الصادقين» بمعنى : فأثاب للمؤمنين وأعد للكافرين عذابا مؤلما.

(عَذاباً أَلِيماً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. أليما : صفة ـ نعت ـ للموصوف «عذابا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة أيضا.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً) (٩)

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) : أداة نداء. أي : منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها» للتنبيه. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب عطف بيان من «أي» لأن الكلمة «الذين» جامدة. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(اذْكُرُوا نِعْمَةَ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. نعمة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف.

٩٤

(اللهِ عَلَيْكُمْ) : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. عليكم : جار ومجرور متعلق بالنعمة على تأويل الفعل بمعنى التي أنعم الله بها عليكم والميم علامة جمع الذكور أو يكون الجار والمجرور متعلقا بحال محذوفة من «النعمة».

(إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ) : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بالنعمة بمعنى «حين». جاءتكم : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور. جنود : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. والجملة الفعلية «جاءتكم جنود» في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف «إذ».

(فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ) : الفاء سببية. أرسل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. على : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بعلى. والجار والمجرور متعلق بأرسلنا.

(رِيحاً وَجُنُوداً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. وجنودا : معطوف بالواو على «ريحا» ويعرب إعرابه.

(لَمْ تَرَوْها) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت للموصوف «جنودا». لم : حرف نفي وجزم وقلب. تروا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى وجنودا من الملائكة غير مرئية.

(وَكانَ اللهُ) : الواو استئنافية. كان : فعل ماض مبني على الفتح وهو فعل ناقص. الله لفظ الجلالة : اسم «كان» مرفوع للتعظيم بالضمة.

(بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الثانية.

٩٥

(إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) (١٠)

(إِذْ جاؤُكُمْ) : بدل من «إذ جاءتكم جنود» ويعرب إعرابه. جاءوكم : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور والجملة الفعلية «جاءوكم» في محل جر بالإضافة.

(مِنْ فَوْقِكُمْ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير «جاءوا» الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

(وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) : جار ومجرور معطوف بالواو على «من فوقكم» ويعرب إعرابه وعلامة جر «أسفل» الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف على وزن «أفعل» ومن وزن الفعل. منكم : جار ومجرور متعلق بأسفل والميم علامة جمع الذكور بمعنى : جاءتكم الأحزاب من أعلى الوادي ومن أسفله.

(وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ) : الواو عاطفة. إذ : أعرب. زاغت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها وحركت بالكسر لالتقاء الساكنين. الأبصار : فاعل مرفوع بالضمة.

(وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «زاغت الأبصار» وتعرب إعرابها. الحناجر : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) : الواو عاطفة. تظنون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بالله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بتظنون. الظنونا : مصدر في موضع المفعول منصوب وعلامة نصبه الفتحة والألف ألف الإطلاق زائدة ثبتت

٩٦

وجيء بها ليتفق الكلام مع فواصل الآيات ـ رءوس الآيات ـ كما تزاد في قوافي الشعر.

(هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً) (١١)

(هُنالِكَ ابْتُلِيَ) : اسم إشارة للزمان مبني على السكون في محل نصب ظرف زمان متعلق بابتلي. اللام للبعد والكاف للخطاب بمعنى في ذلك الوقت. ابتلي : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح بمعنى : اختبر ..

(الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا) : نائب فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد. وزلزلوا : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «ابتلي المؤمنون» وتعرب مثلها وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة.

(زِلْزالاً شَدِيداً) : مصدر ـ مفعول مطلق ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. شديدا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «زلزالا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى هزوا هزا شديدا أو رجوا رجا شديدا.

(وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً) (١٢)

(وَإِذْ يَقُولُ) : الواو عاطفة. إذ : اسم مبني على السكون في محل نصب مفعول به بفعل محذوف تقديره واذكر أو يكون ظرف زمان بمعنى «حين». يقول : فعل مضارع مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «يقول المنافقون» في محل جر بالإضافة.

(الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ) : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. الواو حرف عطف. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع لأنه معطوف على مرفوع «المنافقون».

(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) : الجملة الاسمية صلة الموصول لا محل لها. في قلوب : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم و «هم» ضمير متصل

٩٧

ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. مرض : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة.

(ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ ما : نافية لا عمل لها. وعد : فعل ماض مبني على الفتح و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم ولفظ الجلالة «الله» فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. الواو عاطفة. رسوله : فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة بمعنى وما وعدنا رسوله.

(إِلَّا غُرُوراً) : أداة حصر لا عمل لها. غرورا : صفة ـ نعت ـ لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف تقديره : إلا وعدا غرورا أي وعدا خادعا باطلا. منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِراراً) (١٣)

(وَإِذْ قالَتْ) : معطوف بالواو على «إذ» في الآية الكريمة السابقة ويعرب إعرابه. قالت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. والجملة الفعلية «قالت طائفة ..» في محل جر بالإضافة.

(طائِفَةٌ مِنْهُمْ) : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. من : حرف جر بياني و «هم» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «طائفة».

(يا أَهْلَ يَثْرِبَ) : أداة نداء. أهل : منادى : مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة. يثرب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية ومن وزن الفعل.

(لا مُقامَ لَكُمْ) : الجملة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ لا : نافية للجنس تعمل عمل «إن». مقام : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبر «لا» محذوف وجوبا. لكم : جار ومجرور متعلق بخبر «لا»

٩٨

المحذوف والميم علامة جمع الذكور بمعنى : لا موضع إقامة لكم. و «يثرب» اسم المدينة المنورة.

(فَارْجِعُوا) : الفاء سببية. ارجعوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : فعودوا إلى الكفر أي إلى الشرك لأنه لا يصح أن تقيموا على هذا الدين.

(وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ) : الواو عاطفة. يستأذن : فعل مضارع مرفوع بالضمة. فريق منهم : يعرب إعراب «طائفة منهم».

(النَّبِيَّ يَقُولُونَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. يقولون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «يقولون» في محل نصب حال من «فريق» بمعنى : قائلين. وجاءت حالا من «فريق» بعد وصفه. والجملة بعدها «إن بيوتنا ..» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول.

(إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. بيوت : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. عورة : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة.

(وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ) : الواو حالية والجملة بعدها في محل نصب حال أو تكون الواو اعتراضية والجملة بعدها اعتراضية لا محل لها. ما : نافية بمنزلة «ليس» بلغة الحجاز «ما .. الحجازية» ونافية لا عمل لها بلغة بني تميم. هي : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل نصب اسم «ما» على اللغة الأولى مبتدأ على اللغة الثانية. الباء حرف جر زائد لتأكيد النفي. عورة : خبر «ما» أي اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر «ما» أو مرفوع محلا على أنه خبر «هي» على اللغة الثانية وعلامة نصبه أو رفعه فتحة أو ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد بمعنى يستأذنونه للرجوع إلى بيوتهم.

٩٩

(إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً) : نافية بمعنى «ما» لا عمل لها لأنها مخففة. يريدون : تعرب إعراب «يقولون». إلا : أداة حصر لا عمل لها. فرارا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى لا يعنون قولهم وإنما أرادوا الهرب.

(وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلاَّ يَسِيراً) (١٤)

(وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ) : الواو استئنافية. لو : حرف شرط غير جازم. دخلت : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي تعلق به الجار والمجرور «عليهم» بمعنى : ولو دخلت عليهم المدينة أو اقتحمت عليهم المدينة وقيل بيوتهم. من قولك : دخلت على فلان داره.

(مِنْ أَقْطارِها) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من نائب الفاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى : من جوانبها أو بمعنى لو دخل الكفار عليهم بيوتهم من جميع أطرافها فحذف نائب الفاعل المظهر وأقيم المضمر.

(ثُمَّ سُئِلُوا) : حرف عطف. سئلوا : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة بمعنى : ثم سئلوا عند ذلك الفزع وتلك الرجفة.

(الْفِتْنَةَ لَآتَوْها) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكلمة هنا بمعنى : الردة بمعنى لو طلب إليهم مقاتلة المؤمنين وهم في تلك الحالة. اللام واقعة في جواب «لو» والجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها. أتوا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(وَما تَلَبَّثُوا بِها) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. تلبثوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع

١٠٠