صالح الظالمي
الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: المكتبة الأدبيّة المختصّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢١٦
أنتم والذكريات .. وحيدر
أنتمُ .. والنجوم .. والرافدانِ |
|
حُلمٌ مرهفٌ على أجفاني |
أيُّ ذكرى تمرّ يمسحُ جفنيْها |
|
.. بما يستجدُّ من ألوانِ |
ويُثير الفراتَ في صحوةِ الليلِ |
|
نشيداً مجنّح الألحانِ |
كلّ شيءٍ على يديهِ ربيعٌ |
|
أريحيٌّ يضجُّ في وِجداني |
كيفَ أنسى منابعَ النجمِ تسقي |
|
ناعساتِ النخيلِ في الشُّطآنِ |
والكرومَ المعرّشاتِ الكسالى |
|
حالماتٍ على شفاهِ الزّمانِ |
وكؤوساً أبو نواسٍ يروّيها .. |
|
.. بأطيافِ دجلةٍ والغواني |
زورقُ الذكرياتِ قلبي المدمّى |
|
يتحاشى مرافئَ النسيانِ |
* * * *
يا أحبّايَ عالمُ الشعرِ حبٌّ |
|
يخطفُ العاشقينَ باللّمعانِ |
كمْ سكبنا عِزَّ الشبابِ عليه |
|
ومزَجْنا أرواحَنا بالتفاني؟! |
ودرَجْنا على ملاعبنا الخضرِ |
|
لنصطادَ نافراتِ المعاني! |
ووهبناهُ كلّ ما تملك الروحُ |
|
بعيداً عن موخزاتِ الهوانِ |
قُتِلَ الشعرُ .. كلّ بيتٍ رقيقٍ |
|
أقتنيهِ ينزُّ من شرياني |
يتهادى بألفِ لونٍ جميلٍ |
|
ووراءَ السِّتارِ لونٌ قانِ |
دمهُ من دمي .. أذوبُ وتبدو |
|
وجنتاهُ في حُمْرَةٍ من جناني |
* * * *
يا أحِبّايَ لا حُرِمْتمْ على البعدِ |
|
وميضاً من بسمةِ الصبيانِ |
أنا وحدي هنا على صدأ الأيّامِ |
|
أنسابُ جدولاً من حنانِ |
كلّما نوّرتْ مباسمُ طفلٍ |
|
من بعيدٍ تلسّقتْ تحناني |
واذا زغردَ الصغارُ بجنبي |
|
عصفتْ في َّ ثورةُ الحِرمانِ |
ليَ طفلٌ ما بينكمْ بفؤادي |
|
مستحمٌّ يلحُّ في الخَلَجانِ |
يتخطّى على مشارفِ عينيَّ |
|
سُهاداً أشهى من السلوانِ |
نثِّروا الدربَ للصغارِ بذنوبِ |
|
النجمِ .. بالرائعاتِ من نسيانِ |
وليُعرّشْ من فوق كلّ حصاةٍ |
|
ـ حذرَ العائقاتِ ـ قلبٌ حانِ |
ظلِّلوهمْ بغيمةٍ تحجبُ الشمسَ |
|
.. إذا أشرفتْ على الغليانِ |
وازرعوا الحبَّ في القلوبِ لينمو |
|
ثمّ يُعطي الثمارَ في الخفقانِ |
وأزيحوا الضبابَ كي يُدركَ |
|
القاسي بأنَّ الوليدَ قلبٌ ثانِ |
الدُّنى مأتمٌ إذا لم تُمزِّق |
|
ضحكةُ الطفلِ وحشةَ الأحزانِ |
هل تفوحُ الأعيادُ من غيرِ طفلٍ |
|
ينشرُ الصحوَ؟ في دروب الأماني!! |
* * * *
أبا القوافي
خُطى قوافيكَ بينَ النجمِ تنتقلُ |
|
ولا يزالُ لها في دربنا شُعَلُ |
أسرجْتَها وعيونُ الليلِ ترقبها |
|
لآلئاً بسناها الفجرُ يكتحلُ |
ورحتَ تسقي بقايا الضوءِ أحرفَها |
|
من نورِ عينيكَ حتى بزّها العطلُ |
سبعونَ مرّتْ قناديلاً منوّرةً |
|
ما بين أضلاعِكَ الحدباءِ تشتعلُ |
عَبْرتهنَّ مياديناً مغبرةً |
|
فما تثاءبَ في أشواطها المللُ |
وكنتَ للشعرِ سيفاً يغتلي حِمماً |
|
يصارعُ الظلمَ لم يعلقْ به كللُ |
أكبرتَهُ فتعالى أنفُهُ شَمماً |
|
وظلَّ فوقَ قبابِ الزهوِ يحتفلُ |
ما عفّرتْ هيبةُ السلطانِ جبهتَهُ |
|
ولا تصاغرَ والإغراءُ مبتذلُ |
* * * *
وأنتَ يا حاملاً للشعرِ مسرجةً |
|
مشى على ضوئِها روادُنا الأولُ |
تجرّعوا الكأسَ مُرّاً في موائدهِ |
|
وأطعموهُ فُتاتَ القلبِ وارتحلوا |
ترى على كلّ بيتٍ لذعَ جَمرتِهم |
|
يمرّ بالكبدِ الحرّى فينتهلُ |
ويسكبونَ عليه ذوبَ آهتِهم |
|
وروعةُ الفنِّ بالآهاتِ تكتملُ |
منهم عرفنا بأنّ الحرفَ مهترئٌ |
|
إنْ لم يكنْ بنزيفِ الجُرحِ يغتسلُ |
وأنّ مَنْ سامَهُ ذلّاً ومسكنةً |
|
لابدّ أنْ يتحدّى خدّهُ الوحلُ |
إثنان .. هذا بدربِ الشعرِ يرشدُه |
|
ليلٌ .. وهذا بزاهي النجمِ ينتعلُ |
* * * *
أتى الحياةَ على أنقاضِها نفرٌ |
|
فازَّيَّنَتْ وازدهتْ من بعضِ ما بذلوا |
مدَّ الزمانُ ذراعيهِ ليرفعَهم |
|
منائراً وأبو تمام .. يرتجلُ |
ويشمخُ المتنبي فوق ذروتِه |
|
شواردُ النجمِ في عينيهِ تبتهلُ |
وللنواسيِّ حولَ الكأسِ مترعةً |
|
عَينٌ تقاطرَ مِنْ أهدابِها الغزلُ |
والبحتريُّ نشيدٌ فوقَ بِركَتِه |
|
وكلُّ ثغرٍ على حافاتِها ثَمِلُ |
يمشي الرضيُّ ومِن أطيافِ خطوتِه |
|
على الرمالِ ربيعٌ عابقٌ خضِلُ |
أولاءِ مَنْ حَملَ الدنيا منوّرةً |
|
على الجراحِ وما ضاقوا بما حمَلوا |
لولاهمُ لم تَعُدْ للصُبحِ روعتُه |
|
ولا احتفتْ بالربيعِ الدافئِ المقلُ |
الملهمونَ همُ أجْلَوا مواهبَنا |
|
شعراً وهذي القوافي بيننا رُسُلُ |
ما فاتَهمْ أنَّ دربَ المجدِ قافيةٌ |
|
تومي فيُطْرِقُ مِنْ عليائهِ زحلُ |
تباركَ الشعرُ بيتٌ منهُ مؤتِلقٌ |
|
يبقى وتفنى على أعتابهِ دولُ |
* * * *
أيا القوافي وملَّ الشعرُ غربتَه |
|
حتى تسأوى لديه اللسعُ والقُبَلُ |
هذا الكسيحُ المُسجّى في متاهتهِ |
|
نقسو عليه ونُدْميهِ ويحْتمِلُ |
لا وجهُهُ عربيٌ في تطلّعهِ |
|
ولا شمائلهُ الغرّا ولا الحُلَلُ |
ويعبرُ الدربَ والظلماءُ مشرعةٌ |
|
يحبو وبين خطاهُ يرتمي الشللُ |
يطوفُ بالسامرِ الظمآنِ مُنْشِدُهُ |
|
يسقى الندامى وما في كأسهِ وشَل |
فم جنى الساحُ إلا طيفَ فارسه |
|
لوحدهِ يخلقُ الهيجا ويقْتَتِلُ |
ونحنُ مأساتُنا في ظلِّ سطوتهِ |
|
أنْ نحتسي الصمتَ حيناً .... ثمّ .. نعتزلُ |
* * * *
ثورة الحق
أُلقيت في ذكرى مولد الإمام الحسين عليه السلام