تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٣

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٣

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩١
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، نا أحمد بن مروان ، نا جعفر بن محمد الصائغ ، نا معاوية بن عمرو ، عن أبي إسحاق قال : مات سهيل بن عبد العزيز بن مروان فكتب إلى عمر بن عبد العزيز بعض عماله يعزّيه ، فكتب إليه عمر :

حسبي بقاء الله من كل ميت

وحسبي بقاء الله من كل هالك

إذا ما لقيت الله عني راضيا

فإنّ سناء النفس فيما هنالك

وذكره في موضع آخر من المجالسة فقال سهيل بن عمرو ، وهو وهم ، وإنّما هو سهيل ابن عبد العزيز.

كتب إلي أبو محمد حمزة بن العباس بن علي وأبو الفضل بن أحمد بن محمد بن الحسن ، وحدثني أبو بكر اللفتواني عنهما قالا : أنا أحمد بن الفضل ، أنا أبو عبد الله بن مندة قال : قال لنا (١) أبو سعيد بن يونس : سهيل (٢) بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم توفي سنة مائة ، ذكر وفاته الحسن بن علي بن العداس.

[٩٩١٤] سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبدود

ابن شمس بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي

ابن غالب أبو يزيد العامري القرشي الأعلم

أحد خطباء قريش ، له صحبة ، أسلم يوم فتح مكة ، وخرج إلى الشام مجاهدا في جماعة أهل بيته ، وهلك بالشام ، وقيل : إنه قتل باليرموك ، وكان أميرا على كردوس (٣) يومئذ.

__________________

(١) بالأصل : أنا.

(٢) بالأصل : يونس بن سهل.

[٩٩١٤] ترجمته في تهذيب التهذيب ٢ / ٤٥١ ونسب قريش للمصعب ص ٤١٧ والتاريخ الكبير ٤ / ١٠٣ وطبقات خليفة ٢٦ و ٣٠٠ وتاريخ خليفة (الفهارس) والجرح والتعديل ٤ / ٢٤٥ وأسد الغابة ٢ / ٣٢٨ والإصابة ٢ / ٩٣ والاستيعاب ٢ / ١٠٨ (هامش الإصابة) وسير الأعلام ١ / ١٩٤ والوافي بالوفيات ١٦ / ٢٧ والطبقات الكبرى لابن سعد ٥ / ٣٣٥ و ٧ / ٤٠٤. وبالأصل : عمر بدل عمرو.

(٣) الكردوس : الطائفة العظيمة من الخيل والجيش.

٤١

روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبي بكر. روى عنه أبو سعد (١) بن أبي فضالة.

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمد الجوهري ، أنا أبو عمر (٢) بن حيوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمد بن سعد (٣) ، أنا محمد بن عمر ، حدثني عبد الحميد بن جعفر ، عن أبيه ، عن زياد بن مينا ، عن أبي سعيد بن أبي فضالة الأنصاري ، وكانت له صحبة ، قال :

اصطحبت أنا وسهيل بن عمرو إلى الشام ليالي أغزانا أبو بكر الصديق ، فسمعت سهيلا يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «مقام أحدكم في سبيل الله ساعة خير من عمله عمره في أهله» [١٤٢١٤] قال سهيل : وأنا رابط حتى أموت ولا أرجع إلى مكة أبدا ، فلم يزل بالشام حتى مات بها في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة في خلافة عمر بن الخطاب.

[قال ابن عساكر :](٤) قال أبو عبد الله الصوري : الصواب : أبو سعد (٥).

أخبرنا أبو بكر أيضا ، أنا أبو محمد ، أنا أبو عمر ، أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة (٦) ، أنبأ محمد بن شجاع ، نا محمد بن (٧) عمر [قال : فحدثني عبد الله بن موسى بن أمية بن عبد الله بن أبي أمية ، عن مصعب بن عبد الله ، عن](٨) مولى لسهيل قال : سمعت سهيل بن عمرو يقول : لقد رأيت يوم بدر رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء والأرض ، معلمين ، يقتلون ويأسرون.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين (٩) بن النقور ، أنا أبو طاهر

__________________

(١) كذا ، انظر ترجمته في الإصابة ٤ / ٨٦ وفيها : أبو سعد بن فضالة الأنصاري ، ويقال : ابن أبي فضالة ، ويقال : أبو سعيد بن فضالة بن أبي فضالة.

(٢) تحرفت بالأصل إلى : عمرو.

(٣) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٧ / ٤٠٥.

(٤) زيادة للإيضاح.

(٥) يعني أبا سعد بن أبي فضالة ، انظر ما لاحظنا بشأنه قريبا.

(٦) تحرفت بالأصل إلى : حبة.

(٧) رواه الواقدي في المغازي ١ / ٧٦.

(٨) ما بين معكوفتين استدرك عن مغازي الواقدي لتقويم السند.

(٩) تحرفت بالأصل إلى : الحسن.

٤٢

المخلص ، نا أبو بكر بن سيف ، نا السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، حدّثنا سيف بن عمر قال : وكان سهيل بن عمرو على كردوس يعني باليرموك (١).

أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار قال (٢) : فولد عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك : عمرا (٣) ، ووقدان ، وقيسا ، وكنود ، كانت عند (٤) مالك بن الظّرب ، وأمّهم أم أوس تماضر بنت الحارث بن حبيب بن جذيمة (٥) بن مالك بن حسل [فولد عمرو بن عبد شمس : سهيلا ، وأمه ريطة بنت زهير بن عبد سعد بن نصر بن مالك بن حسل](٦) ، وسهيلا الأعلم الخطيب ، وكان من أشراف قريش أسره يوم بدر مالك بن الدّخشم فقال في ذلك مالك بن الدّخشم (٧) :

أسرت سهيلا فلن أبتغي

أسيرا به من جميع الأمم

وخندف تعلم أن الفتى

[سهيلا](٨) فتاها إذا تصطلم

ضربت بذي الشفر (٩) حتى انثنى

وأكرهت سيفي على ذي العلم

فقدم مكرز بن حفص بن الأخيف العامري ، ثم المعيصي فقاطعهم على فدائه وقال لهم : اجعلوا رجلي في القيد مكان رجليه حتى يبعث إليكم بالفداء ، ففعلوا ذلك به ، وفي ذلك يقول مكرز بن حفص بن الأخيف (١٠) :

فديت بأذواد كرام سبا فتى

ينال الصميم غرمها لا المواليا

وقلت : سهيل خيرنا فاذهبوا به

لأبنائنا حتى يديروا الأمانيا

__________________

(١) تاريخ الطبري ٢ / ٣٣٦ (حوادث سنة ١٣).

(٢) انظر نسب قريش للمصعب ص ٤١٢ و ٤١٧.

(٣) في نسب قريش : عبدا.

(٤) بالأصل : «كلب عبد» والمثبت «كانت عند» عن نسب قريش.

(٥) بالأصل : خزيمة ، والمثبت عن نسب قريش ، وجمهرة ابن حزم ص ١٧٠.

(٦) ما بين معكوفتين زيادة لازمة للإيضاح عن نسب قريش ص ٤١٧.

(٧) الأبيات في الوافي بالوفيات ١٦ / ٢٩ والاستيعاب ٢ / ١٠٩ هامش الإصابة.

(٨) سقطت من الأصل ، وزيدت عن الاستيعاب.

(٩) ذو الشفر لقب سيفه.

(١٠) البيتان في نسب قريش ص ٤١٧ وسيرة ابن هشام ص ٤٦٣ ومعجم الشعراء للمرزباني.

٤٣

فلما استنفر أبو سفيان بن حرب قريشا لعيرها قام سهيل بن عمرو فقال : يا آل غالب أتاركون أنتم محمدا والصّباة من أهل يثرب يأخذون عيرانكم وأموالكم؟ من أراد مالا فهذا مال ، ومن أراد قوة فهذه قوة ، فقال في ذلك أمية بن أبي الصلت :

أأبا (١) يزيد رأيت سيبك واسعا

وسجال كفك تستهلّ وتمطر

بسطت يداك بفضل عرفك والذي

يعطي يسارع في العلاء فيظفر

فوصلت قومك واتخذت صنيعة

فيهم تعدّ وذو الصنيعة يشكر

ونمى ببيتك في المكارم والعلى

يا بن الكرام فروع مجد تزخر

وجحاجح بيض الوجوه أعزّة

غرّ كأنهم نجوم تزهر

إن التكرم والندى من عامر

أخواك ما سلكت لحجّ عزور

عزور : رمل بالجحفة (٢).

وفي سهيل يقول حسان بن ثابت (٣) :

ألا ليت شعري هل تصيبن نصرتي

سهيل بن عمرو بدؤها وعقابها

وإياه عنى ابن قيس الرقيات حين فخر بأشراف قريش ، فذكره ، فقال (٤) :

منهم ذو الندى سهيل بن عمرو

عصمة الجار حين جبّ الوفاء

حاط أخواله خزاعة لما

كثرتهم بمكة الأحياء

وأم سهيل حبّى (٥) بنت قيس (٦) بن ثعلبة بن حيّان بن غنم بن مليح بن عمرو من خزاعة ، وكان عمر بن الخطاب قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسهيل أسير : دعني أنزع ثنيّته حتى يدلع (٧) لسانه فلا يقوم عليك خطيبا أبدا ، وكان سهيل أعلم مشقوق الشفة ، فقال

__________________

(١) بالأصل : «يابا» وفي الاستيعاب : أبا.

(٢) وقيل غرور هي ثنية المدينيين إلى بطحاء مكة. وقال أبو نصر : ثنية الجحفة عليها طريق بين مكة والمدينة (معجم البلدان ٤ / ١١٩) وذكر ياقوت البيت الأخير ، ونسبه لأمية.

(٣) من ستة أبيات في ديوانه ص ٦٣ ونسب قريش ص ٤١٨.

(٤) البيتان في الاستيعاب ٢ / ١٠٩ (هامش الإصابة) ونسب قريش ص ٤١٨.

(٥) أعجمت عن نسب قريش.

(٦) في نسب قريش : بنت قيس بن ضبيس بن ثعلبة.

(٧) أي حتى يخرج لسانه ، حتى ترى حمرته (النهاية).

٤٤

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لعله يقوم مقاما يحمد» (١) فأسلم سهيل في الفتح ، وقام بعد ذلك بمكة خطيبا حين توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهاج أهل مكة ، وكادوا يرتدّون ، فقام فيهم سهيل بمثل خطبة أبي بكر الصديق بالمدينة كأنه كان يسمعها ، فسكن الناس ، وقبلوا منه وأمير مكة يومئذ عتّاب بن أسيد.

وسهيل بن عمرو الذي جاء في الصلح يوم الحديبية ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين رآه : «قد سهل أمركم» وكاتب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كتاب القضية هو ، وكان سهيل بن عمرو بعد أن أسلم كثير الصّلاة والصوم والصدقة ، وخرج سهيل بجماعة أهله إلا ابنته هند إلى الشام مجاهدا (٢) حتى ماتوا كلهم هنالك ؛ فلم يبق من ولده أحد إلا ابنته هند وإلا فاختة بنت عتبة بن سهيل ، فقدم بها على عمر بن الخطاب فزوّجها عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة ، وقال : زوّجوا الشريد الشريدة ، عسى الله أن ينشر منهما ، كان أبوه الحارث بن هشام خرج هو وسهيل ، فلم يرجع ممن خرج منهما إلّا عبد الرحمن وفاختة ، فنشر الله منهما ، [رجالا ونساء](٣) فلهما اليوم عدد كثير.

أخبرنا أبو السعود بن المجلي (٤) ، نا أبو الحسين بن المهتدي ، أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، أنبأ أبي أبو يعلى قالا : أنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن علي الصيدلاني ، أنا محمد بن مخلد بن حفص قال : قرأت على علي بن عمرو الأنصاري حدّثكم الهيثم بن عدي قال : قال ابن عياش : سهيل بن عمرو يكنى أبا يزيد.

أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن ، أنا أبو الفضل بن خيرون. ح وأخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا ثابت بن بندار.

قالا : أنا أبو القاسم الأزهري ، أنا عبيد الله بن أحمد بن يعقوب ، أنا العباس بن العباس ابن محمد الجوهري ، أنا صالح بن أحمد بن حنبل قال : سمعت أبي يقول : سهيل بن عمرو أبو يزيد.

__________________

(١) في نسب قريش : «محمودا» وفي الاستيعاب : «تحمده».

(٢) في نسب قريش : فجاهدوا.

(٣) ما بين معكوفتين زيادة عن نسب قريش ص ٤١٩.

(٤) بدون إعجام بالأصل.

٤٥

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الفضل بن البقال ، أنا أبو الحسن الحمامي ، أنا إبراهيم بن أحمد بن الحسن ، أنا إبراهيم بن أبي أمية قال : سمعت نوح بن جبير يقول :

سهيل بن عمرو يكنى أبا يزيد.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو الفضل بن خيرون ، أنا عبد الله بن محمد ، أنا أبو علي بن الصواف ، نا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال : سهيل بن عمرو أبو يزيد.

أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع ، أنبأ أبو عمرو بن مندة ، أنبأ الحسن بن محمد ، أنا أحمد بن محمد بن عمر ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، ثنا محمد بن سعد قال (١) في الطبقة الخامسة : سهيل ابن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي ، يكنى أبا يزيد ، مات بالشام في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة.

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن الفهم ، نا محمد بن سعد قال (٢) : في الطبقة الرابعة : سهيل ابن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي ، ويكنى أبا يزيد ، وأمه حبّي بنت قيس بن ضبيس بن ثعلبة بن حيان بن غنم بن مليح بن عمرو بن خزاعة.

قال محمد بن عمر : كان سهيل بن عمرو من أشراف قريش ورؤسائهم ، والمنظور إليه منهم ، وشهد مع المشركين بدرا فأسر وكان سهيل أعلم من شفته السفلى ، وكان يقال له : ذو الأنياب.

أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي ، حدثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أحمد بن الحسن ، والمبارك بن عبد الجبّار ، ومحمد بن علي واللفظ له ، قالوا : أنا أبو أحمد زاد أحمد ومحمد ابن الحسن قالا : أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمد بن سهل ، أنا محمد بن إسماعيل قال (٣) : سهيل بن عمرو القرشي والد أبي جندل المكي ، ثم صار إلى المدينة.

قرأت على أبي الفضل بن ناصر ، عن جعفر بن يحيى ، أنا أبو نصر الوائلي ، أنا

__________________

(١) الخبر برواية ابن أبي الدنيا ليس في الطبقات الكبرى المطبوع لابن سعد.

(٢) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٤٥٣.

(٣) التاريخ الكبير للبخاري ٢ / ٢ / ١٠٣.

٤٦

الخصيب (١) بن عبد الله ، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن ، أخبرني أبي قال : أبو يزيد سهيل بن عمرو.

أخبرنا أبو غالب بن البنا ، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أبو القاسم بن عتاب ، أنا أبو الحسن بن جوصا ـ إجازة ـ. ح وأخبرنا أبو القاسم بن السوسي ، أنا أبو عبد الله بن أبي الحديد ، أنا أبو الحسن الربعي ، أنا أبو الحسين الكلابي ، أنا أبو الحسن ـ قراءة ـ قال : سمعت أبا الحسن بن (٢) سميع يقول في الطبقة الأولى ممن نزل الشام سهيل بن عمرو.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النقور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمد قال : سهيل بن عمرو القرشي أبو أبي جندل ، كان يسكن مكة ، ثم انتقل إلى الشام.

أنبأنا أبو جعفر محمد بن [أبي](٣) علي ، أنا أبو بكر الصفار ، أنبأ أحمد بن علي بن منجويه ، أنا أبو أحمد الحاكم قال : أبو يزيد : ويقال أبو [أبي](٤) جندل سهيل بن عمرو ابن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القرشي ، له صحبة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان عاقلا شريفا ، خرج إلى حنين وهو مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم على شركة حتى أسلم بالجعرّانة (٥) ، مات بالشام في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة.

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن مندة الأصبهاني قال : سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي يكنى أبا يزيد ، والد أبي جندل بن سهيل توفي سنة ثمان عشرة من هجرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، روى عنه أبو سعد بن أبي فضالة ، ويزيد بن عميرة.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنبأ أبو بكر بن

__________________

(١) تحرفت بالأصل إلى : الحصيب.

(٢) بالأصل : الحسن وسميع ، خطأ.

(٣) سقطت من الأصل.

(٤) زيادة للإيضاح ، وانظر نسب قريش ص ٤١٧ و ٤١٩ وانظر الأسامي والكنى للحاكم ٣ / ١٧٦ رقم ١٢١٦ ترجمة أبي جندل بن سهيل.

(٥) الجعرانة بكسر أوله وكسر العين وتشديد الراء عند أصحاب الحديث وهي ماء بين الطائف ومكة ، وهي إلى مكة أقرب.

٤٧

أبي الحديد ، أنا محمد بن يوسف بن بشر الهروي ، أنا محمد بن حمّاد ، أنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن قتادة في قوله تبارك وتعالى : (فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) [سورة التوبة ، الآية : ١٢] قال (١) : أبو سفيان بن حرب ، وأمية بن خلف ، وعتبة بن ربيعة ، وأبو جهل بن هشام ، وسهيل بن عمرو ، وهم الذين نكثوا عهد الله ، وهمّوا بإخراج الرسول ، وليس والله كما يتأوّل أهل البدع والشبهات والفري على الله وعلى كتابه.

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أحمد ابن جعفر ، نا عبد الله بن أحمد (٢) ، حدثني أبي ، نا أبو النّضر ، نا أبو عقيل ـ قال أبي : وهو عبد الله بن عقيل صالح الحديث ثقة ـ نا عمر بن حمزة ، عن سالم ، عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «اللهم العن فلان ، اللهم العن فلان (٣) ، اللهم العن الحارث بن هشام ، اللهم العن سهيل بن عمرو ، اللهم العن صفوان بن أمية» فنزلت هذه الآية (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ) [سورة آل عمران ، الآية : ١٢٨] قال : فتيب عليهم كلهم [١٤٢١٥].

أخبرنا أبو بكر محمد (٤) بن عبد الباقي ، أنا أبو محمد الحسن بن علي ، أنا أبو عمر محمد بن العباس ، أنا أبو القاسم عبد الوهاب بن أبي حيّة ، نا محمد بن شجاع ، أنا محمد بن عمر (٥) ، حدثني أبو بكر بن إسماعيل يعني ابن محمد بن سعد ، عن أبيه ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه قال : رميت يوم بدر سهيل بن عمرو فقطعت [نساه](٦) فاتبعت أثر الدم حتى وجدته قد أخذه مالك بن الدّخشم وهو آخذ بناصيته ، فقلت : أسيري ، رميته ، فقال مالك : أسيري أخذته ، فأتيا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخذه منهما جميعا ، فأفلت سهيل بالرّوحاء من مالك بن الدّخشم ، فصاح في الناس فخرج في طلبه ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من وجده فليقتله» فوجده النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نفسه (٧) فلم يقتله.

__________________

(١) رواه السيوطي في الدر المنثور ٣ / ١٣٦ في تفسير الآية. من عدة طرق عن قتادة.

(٢) رواه أحمد بن حنبل في المسند ٢ / ٤٠٥ رقم ٥٦٧٨ طبعة دار الفكر.

(٣) الذي في المسند : «اللهم العن فلانا» ولم تكرر.

(٤) بالأصل : بن محمد.

(٥) رواه الواقدي في مغازيه ١ / ١٠٥.

(٦) بياض بالأصل ، والمثبت عن مغازي الواقدي. والنسا عرق من الورك إلى الكعب (القاموس).

(٧) ليست في مغازي الواقدي.

٤٨

قال محمد بن عمر (١) : ولما أسر سهيل بن عمرو قال عمر : يا رسول الله أنزع ثنيته (٢) يدلع لسانه ، فلا يقوم عليك خطيبا أبدا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا أمثّل [به](٣) فيمثّل الله بي ، وإن كنت نبيا ولعله يقوم مقاما لا تكرهه» فقام سهيل بن عمرو حين جاءه وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بخطبة أبي بكر بمكة (٤) كأنه كان يسمعها. فقال عمر حين بلغه كلام سهيل : أشد إنك رسول الله صلى الله عليك وسلم حيث قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لعله يقوم مقاما لا تكرهه».

وكان (٥) سهيل بن عمرو لما كان بشنوكة (٦) كان مع مالك بن الدّخشم فقال : خلّ (٧) سبيلي للغائط ، فقام به ، فقال سهيل : إنّي احتشم ، فاستأخر عني ، فاستأخر عنه ، ومضى سهيل على وجهه ، لينزع يده من القرآن (٨) ويمضي. فلما أبطأ سهيل على مالك أقبل فصاح في الناس ، فخرجوا في طلبه وخرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في طلبه ، فقال : «من وجده فليقتله» فوجده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم [قد دفن](٩) نفسه بين سمرات ، فأمر به ، فربطت يداه إلى عنقه ، ثم قرنه إلى راحلته ، فلم يركب خطوة حتى قدم المدينة فلقي أسامة بن زيد.

فحدّثني إسحاق بن حازم ، عن عبيد الله بن مقسم ، عن جابر بن عبد الله قال : لقي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أسامة بن زيد ، [و](١٠) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على راحلته القصواء (١١) ، فأجلسه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين يديه ، وسهيل مجنوب (١٢) ، يداه إلى عنقه ، فلما نظر أسامة إلى سهيل قال : يا رسول الله أبو يزيد؟ قال : «نعم ، هذا الذي كان يطعم بمكة الخبز».

شنوكة : ماء بين السقيا وملل.

__________________

(١) مغازي الواقدي ١ / ١٠٧.

(٢) في المغازي : ثنيتيه.

(٣) زيادة عن المغازي.

(٤) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن مغازي الواقدي.

(٥) مغازي الواقدي ١ / ١١٧.

(٦) شنوكة : ماء فيما بين السقيا وملل. انظر معجم ما استعجم.

(٧) بالأصل : خلى.

(٨) تقرأ بالأصل : الفرار ، والمثبت عن المغازي ، والقران : الحبل (النهاية).

(٩) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن المغازي.

(١٠) زيادة لازمة.

(١١) بالأصل : القصوى ، والمثبت عن المغازي.

(١٢) جنب الفرس والأسير ، فهو مجنوب وجنيب : قاده إلى جنبه.

٤٩

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النقور ، أنا أبو طاهر المخلص ، أنا رضوان بن أحمد ، أنا أحمد بن عبد الجبّار ، نا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني محمد بن عمرو بن عطاء (١) قال :

لما أسر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سهيل بن عمرو يوم بدر وكان رجلا أعلم الشفة السفلى فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله ، أنزع ثنيته السفلى فيدلع لسانه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا أمثّل فيمثّل بي وإن كنت نبيا» ولهذا شاهد من وجه مسند :

أخبرنا أبو محمد محمود بن محمد بن مالك بن محمد المزاحمي بالرحبة ، أنا أبو يوسف عبد السلام بن محمد بن يوسف القزويني المفسر قراءة عليه وأن أسمع ببغداد. ح وأخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن طاوس ، أنا أبو الغنائم بن أبي عثمان قالا : أنبأ أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي ، أنا أبو عبد الله الحسين ابن إسماعيل المحاملي إملاء ، نا عبد الله بن شبيب ، حدثني يحيى بن إبراهيم ، حدثني المغيرة بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سعيد بن هند ، عن أبيه عن عمرة عن عائشة (٢) قالت : أخذ (٣) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فانفلت ثم إنه أخذ بعد فقيل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إنه رجل مفوّه ، فانزع ثنيته ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا أمثّل به ، فيمثّل الله بي يوم القيامة» [١٤٢١٦].

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا محمد بن العباس ، أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة ، أنا محمد بن شجاع ، أنا محمد بن عمر قال (٤) في تسمية من أسر من المشركين ببدر من بني مالك بن حسل : سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر ابن مالك ، قدم في فدائه مكرز بن حفص بن الأخيف وكان الذي أسره مالك بن الدّخشم ، فقال مالك :

أسرت سهيلا فلم أبتغ (٥)

به غيره من جميع الأمم

وخندف تعلم أن الفتى

سهيلا فتاها إذا تظلّم

__________________

(١) الإصابة ٢ / ٩٣.

(٢) الإصابة ٢ / ٩٤.

(٣) كذا بالأصل ، ولعل الصواب : «أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سهيلا» أو : أخذه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٤) الخبر والأبيات في مغازي الواقدي ١ / ١٤٣.

(٥) بالأصل : أبتغي.

٥٠

ضربت بسيفي حتى انحنى

وأذهب (١) نفسي على ذي العلم

فلما قدم مكرز انتهى إلى رضاهم في سهيل ودفع (٢) الفداء أربعة آلاف. قالوا : هات مالنا ، قال : نعم احتبسوا (٣) رجلا مكان رجل ، وخلوا سبيله ، فخلّوا سبيل سهيل ، وحبسوا مكرز بن حفص ، وبعث سهيل بالمال مكانه من مكة.

رواه محمد بن سعد ، عن الواقدي فقال : بذي الشّفر يعني لقب سيفه ، وقال : قال : وكان سهيل أعلم الشفة.

أخبرنا أبو بكر الأنصاري ، أنا الحسن بن علي ، أنا محمد بن العباس ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن فهم ، نا محمد بن سعد ، أنا محمد بن عمر ، حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الله بن عثمان بن حنيف ، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن سعيد بن زرارة قال : قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة وقدم الأسرى وسودة بنت زمعة عند آل عفراء في مناحتهم على عوف ومعوذ ، وذلك قبل أن يضرب بالحجاب ، قالت سودة : فأتينا ، فقيل لنا : هؤلاء الأسرى قد أتي بهم ، فخرجت إلى بيتي ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيه ، وإذا أبو يزيد مجموعة يداه إلى عنقه في ناحية البيت ، فو الله ما ملكت حين رأيته مجموعة يداه إلى عنقه أن قلت : أبا يزيد ، أعطيتم بأيديكم ألا متّم كراما ، فو الله ما راعني إلا قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من البيت : «أيا سودة أعلى الله وعلى رسوله؟» قلت : يا نبي الله ، والذي بعثك بالحق إن ملكت حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه أن قلت ما قلت.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، نا أحمد بن عبد الجبّار ، نا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، حدثني عبد الله بن أبي بكر ، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة قال : قدم بالأسارى حين قدم بهم المدينة ، وسودة بنت زمعة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند آل عفراء في مناحهم على عوف ومعوذ ابني عفراء وذلك قبل أن يضرب عليهم الحجاب. قالت سودة :

__________________

(١) في المغازي : وأكرهت.

(٢) تقرأ بالأصل : ارفع ، والمثبت عن مغازي الواقدي.

(٣) عند الواقدي ، اجعلوا.

٥١

فو الله إنّي لعندهم إذ أتينا فقيل : هؤلاء الأسارى قد أتي بهم فرجعت إلى بيتي ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيه ، وإذا أبو يزيد سهيل (١) بن عمرو في ناحية الحجرة ، يداه مجموعتان إلى عنقه بحبل ، فو الله ما ملكت حين رأيت أبا يزيد كذلك أن قلت : أي أبا يزيد أعطيتم بأيديكم ألا متّم كراما؟ فو الله فما انتبهت إلا بقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من البيت : «يا سودة أعلى الله وعلى رسوله» فقلت : يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما ملكت حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه بالحبال أن قلت ما قلت [١٤٢١٧].

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل ، أنا أبو بكر البيهقي (٢) ، أنا محمد بن عبد الله ، ثنا علي بن عيسى ، نا إبراهيم بن أبي طالب ، عن ابن أبي عمر ، ثنا سفيان ، عن عمرو (٣) ، عن الحسن بن محمد : قال عمر للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا رسول الله دعني أنزع ثنية سهيل بن عمرو فلا يقوم خطيبا في قومه أبدا ، فقال : «دعها فلعلها أن تسرّك يوما» قال سفيان : فلما مات النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نفر منه أهل مكة ، فقام سهيل بن عمرو عند الكعبة وقال : من كان محمد إلهه فإن محمدا (٤) قد مات ، والله حيّ لا يموت [١٤٢١٨].

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النقور ، أنا أبو طاهر المخلص ، أنا رضوان بن أحمد ، أنا أحمد بن عبد الجبّار ، نا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق قال (٥) : فلما قاولهم مكرز بن حفص وانتهى إلى رضاهم ، قالوا له : هات الذي لنا ، فقال : اجعلوا رجلي مكان رجله ، وخلّوا سبيله حتى نبعث إليكم بفدائه ، فخلّوا سبيل سهيل ، وحبسوا مكرز مكانه ، فقال مكرز في ذلك :

فديت بأذواد ثمان (٦) سبا فتى

ينال الصميم غرمها لا المواليا

رهنت يدي والمال أيسير من يدي

عليّ ولكني خشيت المخازيا

وقلت : سهيل خيرنا فاذهبوا به

لأبنائنا حتى ندير الأمانيا

__________________

(١) تحرفت بالأصل إلى : سهل.

(٢) الخبر رواه البيهقي في دلائل النبوة ٦ / ٣٦٧.

(٣) كذا ، وفي دلائل النبوة : عمر.

(٤) بالأصل : محمد.

(٥) الخبر والشعر في سيرة ابن هشام ٢ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥.

(٦) ثمان ، قال أبو ذر في شرح السيرة : من رواه بكسر الثاء ، فهو جمع ثمين بمعنى غال ، ومن رواه بفتحها فهو العدد المعروف.

٥٢

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، نا نصر بن إبراهيم لفظا ، وعلي بن محمد الشافعي قراءة قالا : أنبأ أبو الحسن بن عوف (١) ، نا محمد بن موسى بن السمسار ، أنا أبو بكر ابن خريم ، نا حميد بن زنجويه ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن عثمان بن الأسود ، عن ابن أبي حسين قال (٢) :

لما فتح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مكة دخل البيت فصلّى بين السارتين ثم وضع يديه على عضادتي الباب فقال : «لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ما ذا تقولون وما ذا تظنون» فقال سهيل بن عمرو : نقول خيرا ، ونظن خيرا ، أخ كريم ، وابن أخ كريم ، وقد قدرت ، قال : «فإنّي أقول كما قال أخي يوسف (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)(٣) ألا إنّ كل دم ومال ومأثرة (٤) كانت في الجاهلية تحت قدميّ إلا سدانة (٥) البيت وسقاية الحاج» [١٤٢١٩].

أخبرنا أبو بكر الحاسب ، أنا أبو محمد الشاهد ، أنا أبو عمر (٦) بن حيوية ، أنا عبد الوهاب بن أبي حية ، أنا محمد بن شجاع ، أنا محمد بن عمر الواقدي (٧) ، حدثني موسى بن محمد ، عن أبيه قال : قال سهيل بن عمرو : لما دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مكة وظهر ، انقحمت (٨) بيتي وأغلقت عليّ بابي ، وأرسلت إلى ابني عبد الله بن سهيل أن اطلب لي جوارا من محمد ، فإنّي لا آمن أن أقتل ، قال : وجعلت أتذكر أثري عند محمد وأصحابه ، فليس أحد (٩) أسوأ أثرا مني ، وإنّي لقيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الحديبية بما لم يلقه أحد ، وكنت الذي كاتبه مع حضوري بدرا وأحدا ، وكلما (١٠) تحركت قريش كنت فيها ، فذهب عبد الله بن سهيل

__________________

(١) تقرأ بالأصل : عون.

(٢) الخبر من طريق آخر وبرواية أخرى في سيرة ابن هشام ٤ / ٥٤.

(٣) سورة يوسف ، الآية : ٩٢.

(٤) المأثرة : الخصلة المحمودة التي تتوارث ويتحدث بها وعنها الناس.

(٥) سدانة البيت : خدمته.

(٦) تحرفت بالأصل إلى : عمرو.

(٧) الخبر رواه الواقدي في مغازيه ٢ / ٨٤٦ ـ ٨٤٧.

(٨) أي رميت بنفسي فيه (اللسان).

(٩) بالأصل : أحدا.

(١٠) بالأصل : لما ، والمثبت عن المغازي.

٥٣

إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله أبي تؤمنه؟ فقال : «نعم ، هو آمن بأمان الله فليظهر» ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمن حوله : «من لقي سهيل بن عمرو فلا يشدّ النظر إليه ، فليخرج ، فلعمري إن سهيلا له عقل وشرف ، وما مثل سهيل جهل الإسلام ، ولقد رأى ما كان يوضع فيه أنه لم يكن له بنافع» فخرج عبد الله إلى أبيه فخبّره بمقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال سهيل : كان والله برّا صغيرا وكبيرا ، فكان سهيل يقبل ويدبر ، وخرج إلى حنين مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو على شركه حتى أسلم بالجعرّانة. رواه محمد بن سعد عن الواقدي.

أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمد ، أنا أبو عمر ، أنا أبو الحسن ، أنا الحسين بن الفهم ، نا محمد بن سعد (١) ، أنا محمد بن عمر ، حدثني أبي قمادين (٢) يعني سعيد بن مسلم قال : لم يكن أحد من كبراء قريش الذين تأخر إسلامهم فأسلموا يوم فتح مكة أكثر صلاة ولا صوما ولا صدقة ، ولا أقبل على ما يعينه من أمر الآخرة من سهيل بن عمرو ، حتى إن كان لقد شحب وتغيّر لونه ، وكان كثير البكاء ، رقيقا عند قراءة القرآن ، لقد رئي يختلف إلى معاذ بن جبل يقرئه القرآن وهو يبكي حتى خرج معاذ من مكة ، وحتى قال له ضرار بن الخطاب : يا أبا يزيد تختلف إلى هذا الخزرجي يقرئك القرآن؟ ألا يكون اختلافك إلى رجل من قومك من قريش؟ فقال : يا ضرار هذا الذي صنع بنا ما صنع حتى سبقنا كلّ السبق ، اختلف إليه فقد وضع الإسلام أمر الجاهلية ، ورفع الله أقواما بالإسلام كانوا في الجاهلية لا يذكرون ، فليتنا كنا مع أولئك فتقدمنا ، وإني لأذكر ما قسم الله لي في تقدّم إسلامي أهل بيتي الرجال والنساء ، ومولاي عمير بن عوف فأسرّ به وأحمد الله عليه ، وأرجو أن يكون الله ينفعني بدعائهم إلا أن أكون مت (٣) على ما مات عليه نظرائي وقتلوا ، قد شهدت مواطن كلها أنا فيها معاند للحق ، يوم بدر ، ويوم أحد ، والخندق ، وأنا ولّيت أمر الكتاب يوم الحديبية ، يا ضرار إنّي لأذكر مراجعتي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يومئذ ، وما كنت ألظّ (٤) به من الباطل ، فأستحي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنا بمكة ، وهو بالمدينة ، ولكن ما كان فينا من الشرك أعظم من ذلك ، ولقد رأيتني يوم بدر ، وأنا في حيز المشركين ، وأنظر إلى ابني عبد الله ومولاي عمير

__________________

(١) الخبر رواه ابن الأثير في أسد الغابة ٢ / ٣٢٩ نقلا عن ابن سعد.

(٢) كذا بالأصل.

(٣) في أسد الغابة : هلكت.

(٤) ألظ به أي ألزم وأثابر (النهاية).

٥٤

ابن عوف قرابتي في حيز محمد وما عمي عليّ يومئذ من الحق لما أنا فيه من الجهالة ، وما أرادهما الله به من الخير ، ثم قتل ابني عبد الله بن سهيل يوم اليمامة شهيدا ، عزّاني به أبو بكر وقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الشهيد ليشفع لسبعين من أهل بيته» [١٤٢٢٠] فأنا (١) أرجو أن يكون أول من يشفع له.

قال (٢) : وأنا أبو عمر ، ثنا عبد الوهاب بن أبي حيّة ، نا محمد بن شجاع ، أنا محمد بن عمر قال (٣) : وكان أبو بكر الصديق يقول ما كان فتح أعظم في الإسلام من فتح الحديبية ، ولكن الناس يومئذ قصر رأيهم عما كان بين محمد وربّه ، والعباد يعجلون ، والله لا يعجل كعجلة العباد ، وحتى تبلغ الأمور ما أراد. لقد نظرت إلى سهيل بن عمرو في حجة الوداع (٤) قائما عند المنحر يقرّب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بدنه ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينحرها بيده ، ودعا الحلّاق فحلق رأسه ، وأنظر إلى سهيل يلقط من شعره ، وأراه يضعه على عينيه ، وأذكر إباءه أن يقرّ يوم الحديبية ، بأن يكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، ويأبى أن يكتب [أن](٥) محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فحمدت الله الذي هداه للإسلام ، وصلوات الله وبركاته على نبيّ الرحمة الذي هدانا به ، وأنقذنا به من الهلكة.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النقور ، أنا أبو طاهر المخلص ، أنا رضوان بن أحمد ، أنا أحمد بن عبد الجبّار ، نا يونس بن بكير ، عن ابن (٦) إسحاق (٧) ، حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم وغيره قالوا : كان من إعطاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أصحاب المئين من المؤلفة قلوبهم من قريش من بني عامر بن لؤي : سهيل بن عمرو مائة من الإبل.

أخبرنا أبو بكر الأنصاري ، أنا الحسن بن علي ، أنبأ أبو عمر ، ثنا عبد الوهاب بن أبي حية ، أنا محمد بن شجاع ، أنا محمد بن عمر قال (٨) : وأعطى يعني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من غنائم

__________________

(١) بالأصل : فإنما ، والمثبت عن أسد الغابة.

(٢) القائل أبو محمد الحسن بن علي الجوهري.

(٣) الخبر في مغازي الواقدي ٢ / ٦١٠.

(٤) الذي في مغازي الواقدي : «في حجّه» ولم يذكر : حجة الوداع.

(٥) زيادة عن المغازي.

(٦) تحرفت بالأصل إلى : أبي.

(٧) سيرة ابن هشام ٤ / ١٣٦.

(٨) مغازي الواقدي ٣ / ٩٤٦.

٥٥

حنين في بني عامر بن لؤي : أعطى سهيل بن عمرو مائة من الإبل.

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، أنا أبو القاسم إبراهيم بن منصور ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا المفضل بن محمد بن إبراهيم الجندي ، نا ابن أبي عمر ، نا ابن عيينة ، عن إبراهيم بن نافع ، عن ابن أبي حسين أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث إلى سهيل بن عمرو يستهديه من ماء زمزم ، فبعث إليه براويتين وجعل عليهما كرّا (١) غوطيا.

قال : وأنا أبو حمة ، نا أبو قرة قال : ذكر ابن جريح حدثني ابن أبي حسين أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كتب إلى سهيل بن عمرو : «إن جاءك كتابي ليلا فلا تصبحن ، أو نهارا فلا تمسين حتى تبعث إلي بماء زمزم» فاستغاثت امرأة سهيل أثيلة الخزاعية جدّة أيوب بن عبد الله فأدلجناهما وخادماهما فلم يصبحا حتى قربا براويتين وفرغتا منهما ، فجعلهما سهيل في كرّين ، وملأهما من ماء زمزم ، وبعث بهما على بعير.

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنبأ أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمد بن سعد ، أنا محمد بن عمر ، حدّثني فروة ابن زبيد بن .... (٢) حدثني سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه ، عن أبي عمرو بن عدي بن الحمراء الخزاعي قال :

نظرت إلى سهيل بن عمرو يوم جاء نعي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى مكة ، وقد تقلّد السيف ثم قام خطيبا بخطبة أبي بكر التي خطب بالمدينة ، كأنه كان يسمعها فقال : أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت ، وقد نعى الله نبيكم إليكم ، وهو بين أظهركم ، ونعاكم إلى أنفسكم فهو الموت حتى لا يبقى أحد ، ألم تعلموا أن الله قال : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) [سورة آل عمران ، الآية : ١٤٤] وقال : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) [سورة آل عمران ، الآية : ١٨٥] ثم تلا : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [سورة القصص ، الآية : ٨٨] فاتقوا الله ، واعتصموا بذمتكم (٣) ، وتوكلوا على ربكم ، فإن دين الله قائم ، وكلمة الله تامة ، وإنّ

__________________

(١) الكر : قيد من ليف أو خوص ، والكر : حبل يصعد به على النخل. والكر : الحبل الغليظ ، قال أبو عبيدة : الكر من الليف ومن قشر العراجين ومن العسيب. (تاج العروس).

(٢) غير واضحة ، ونميل إلى قراءتها : «طوما».

(٣) في مختصر ابن منظور : بدينكم.

٥٦

الله ناصر من نصره ، ومعزّ دينه ، وقد جمعكم الله على خيركم. فلمّا بلغ عمر كلام سهيل بمكة قال : أشهد أن محمدا رسول الله ، وأن ما جاء به حق ، هذا هو المقام الذي عنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين قال لي : «لعله يقوم مقاما لا تكرهه» [١٤٢٢١].

أخبرنا أبو منصور عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن زريق (١) ، أنا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو منصور محمد بن محمد بن عثمان السواق ، أنا إبراهيم بن أحمد بن جعفر الخرقي ، أنا أحمد بن الحسن بن شقير النحوي ، أنا أحمد بن عبيد بن ناصح ، نا محمد بن عمر الواقدي قال : بحديث ذلك ـ يعني خطبة أبي بكر الصديق حين توفي رسول الله ـ فروة بن زبيد (٢) بن .... (٣) فقال : حدثني سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبي عمرو بن عدي بن الحمراء الخزاعي قال :

نظرت إلى سهيل بن عمرو يوم جاء نعي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد تقلد السيف ثم خطبنا بخطبة أبي بكر التي خطب بالمدينة كأنه كان يسمعها.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النقور ، أنا أبو طاهر المخلص ، نا أبو بكر بن سيف ، ثنا السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر ، عن سعيد ابن عبد الله الجمحي ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي ، عن أبيه قال (٤) :

مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلى مكة وعملها عتّاب بن أسيد ، فلمّا بلغهم موت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ضجّ أهل المسجد ، فبلغ عتابا ، فخرج حتى يدخل شعبا من شعاب مكة ، وسمع أهل مكة الضجيج ، فتوافى رجالهم (٥) إلى المسجد فقال سهيل : أين عتاب (٦)؟ وجعل يستدل عليه حتى أتى عليه في الشّعب ، فقال : ما لك؟ قال : مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : قم في الناس فتكلّم ، قال : لا أطيق مع موت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الكلام ، قال : فاخرج معي ، فأنا أكفيكه ،

__________________

(١) بالأصل : رزيق.

(٢) تقرأ بالأصل : «رشد» ومرّ : زبيد.

(٣) غير واضحة ، ونميل إلى قراءتها : «طوسا».

(٤) الخبر في الوافي بالوفيات ١٦ / ٢٨.

(٥) بدون إعجام ورسمها بالأصل : «منوادار حالهم» والمثبت «فتوافى رجالهم» عن الوافي.

(٦) كذا وردت الجملة بالأصل : «فقال سهيل بن عتاب» وهي غير واضحة ، والمثبت : فقال سهيل : أين عتاب؟ عن الوافي.

٥٧

فخرجا حتى أتيا المسجد الحرام ، فقام سهيل خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ، وخطب بمثل خطبة أبي بكر ، لم يخرج (١) عنها شيئا ، وقد كان قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعمر بن الخطاب ـ وسهيل بن عمرو في الأسرى يوم بدر [وقد قال له : يا رسول الله أنزع ثنيته فلا يقوم عليك خطيبا أبدا ـ](٢) «ما يدعوك (٣) إلى أن تنزع ثناياه؟ دعه فعسى الله أن يقيمه مقاما يسرك» فكان ذلك المقام الذي قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وضبط عتّاب عمله وما حوله.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب وأبو عبد الله قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار ، حدثني محمد بن الحسن ، عن نوفل بن عمارة قال : سئل سعيد بن المسيّب عن خطباء قريش في الجاهلية ، فقال : الأسود بن المطلب بن أسد (٤) ، وسهيل بن عمرو ، وسئل عن خطبائهم في الإسلام ، فقال : معاوية وابنه ، وسعيد وابنه ، وعبد الله بن الزبير.

أخبرنا أبو الأعزّ قراتكين بن الأسعد ، أنا أبو محمد الجوهري ، أنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن مروان ، أنا أبو محمد بن أبي حاتم ، أخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي قال : وجدت في كتاب أبي بخط يده يعني عن الشافعي قال : سهيل بن عمرو صاحب عقد قريش يوم الحديبية ، والقائم بمكة خطيبا يوم مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومات بالشام في الطاعون ، وكان محمود الإسلام من حين دخل فيه عام الفتح.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، ثنا أحمد بن مروان ، نا إبراهيم الحربي ، نا أحمد بن يونس ، عن سفيان الثوري قال :

حضر باب عمر بن الخطاب جماعة من مشيخة الفتح وغيرهم ، فيهم سهيل بن عمرو ، وعيينة بن حصن ، والأقرع بن حابس ، فخرج الإذن أين صهيب؟ أين عمار؟ أين (٥) سلمان؟ ليدخلوا فتمعرت (٦) وجوه القوم ، فقال سهيل : ما معّر وجوهكم؟ دعوا ودعينا ، فأسرعوا

__________________

(١) في الوافي : لم يخرم.

(٢) ما بين معكوفتين استدرك لاقتضاء السياق ، وإيضاح المعنى عن الوافي بالوفيات.

(٣) نميل إلى قراءتها بالأصل : «تدعني» والصواب عن الوافي.

(٤) يعني الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى. انظر نسب قريش للمصعب ص ٢١٨.

(٥) تحرفت بالأصل إلى : بن.

(٦) أي تغيرت.

٥٨

وأبطأنا ، ولئن حسدتموهم على باب عمر ، فما أعد الله لهم في الجنة أكبر (١) من هذا.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن غانم بن أحمد ، أنا عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق ، أنا أبي أبو عبد الله ، أنا محمد بن سعد .... (٢) ، نا محمد بن يحيى الرازي ، نا موسى بن إسماعيل ، نا حمّاد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن قال :

كان المهاجرون والأنصار بباب عمر ، فجعل يأذن على قدر منازلهم ، وثمّ سهيل بن عمرو ، وعكرمة بن أبي جهل ، ووجوه قريش من الطّلقاء ، فجعل ينظر بعضهم إلى بعض ، فقال سهيل بن عمرو : على أنفسكم فاغضبوا دعي القوم ودعيتم ، فأسرع القوم وأبطأتم ، فكيف بكم إذا دعيتم إلى أبواب الجنة ، والله لا أدع موقفا وقفته مع المشركين على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلا وقفت على المشركين مثله ، ولا أنفقت نفقة مع المشركين على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلا أنفقت على المسلمين (٣) مثله.

رواه البخاري في التاريخ (٤) عن موسى بن إسماعيل.

أخبرنا أبو غالب بن البنا ، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا إبراهيم بن محمد بن الفتح ، أنا أبو يوسف محمد بن سفيان بن موسى الصفار ، نا أبو عثمان سعيد بن رحمة بن نعيم الأصبحي قال : سمعت ابن المبارك (٥) عن جرير بن حازم قال : سمعت الحسن يقول :

حضر الناس باب عمر وفيهم سهيل بن عمرو وأبو سفيان بن حرب وتلك (٦) الشيوخ من قريش ، فخرج آذنه فجعل يأذن لأهل بدر لصهيب وبلال ، وأهل بدر ، وكان والله بدريا ، وكان يحبهم ، وكان قد أوصى بهم فقال أبو سفيان : ما رأينا كاليوم قط إنه يؤذن لهذه العبيد ونحن جلوس لا يلتفت إلينا؟ فقال سهيل بن عمرو ـ ويا له من رجل ما كان أعقله أيها القوم ـ إني والله لقد أرى الذي في وجوهكم فإن كنتم غضابا فاغضبوا على أنفسكم. دعي القوم

__________________

(١) كذا ، وفي مختصر ابن منظور : أكثر.

(٢) كلمة غير واضحة بالأصل ورسمها : «البيرردي» والذي في الإصابة ٢ / ٩٤ الباوردي من طريق حميد عن الحسن.

(٣) بالأصل : المشركين ، والمثبت عن الإصابة.

(٤) والخبر في التاريخ الكبير للبخاري ٢ / ٢ / ١٠٣ من طريق موسى نا حماد عن حميد عن الحسن.

(٥) الخبر من طريقه رواه ابن عبد البر في الاستيعاب ٢ / ١١٠ ـ ١١١ ورواه ابن الأثير في أسد الغابة ٢ / ٣٢٨.

(٦) الاستيعاب : وأولئك الشيوخ من قريش.

٥٩

ودعيتم ، فأسرعوا وأبطأتم ، أما (١) والله لما سبقوكم به من الفضل فيما لا ترون أشد عليكم فوتا (٢) من بابكم هذا الذي تنافسونهم (٣) عليه ، ثم قال : أيها القوم إن هؤلاء القوم قد سبقوكم بما ترون (٤) فلا سبيل لكم ، والله إلى ما سبقوكم إليه فانظروا هذا الجهاد فالزموه ، عسى الله أن يرزقكم الشهادة. ثم نفض ثوبه فلحق بالشام.

قال الحسن : صدق والله ، لا يجعل الله عبدا أسرع إليه كعبد أبطأ عنه.

أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله السلمي ، أنا أبو محمد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيوية ، نا محمد بن القاسم الأنباري ، حدثنا أبي ، نا أبو عكرمة .... (٥) ، وأحمد بن عبيد ، عن ابن الأعرابي قال :

استشهد باليرموك عكرمة بن أبي جهل ، وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام ، وجماعة من بني المغيرة ، فأتوا بماء ، وهم صرعى ، فتدافعوه حتى ماتوا ولم يذوقوه.

قال : نا محمد بن القاسم ، حدثني أبي ، نا أحمد بن عبيد ، أنبأ الواقدي وابن الأعرابي قالا : أتي عكرمة بن أبي جهل بالماء ، فنظر إلى سهيل بن عمرو ينظر إليه فقال : ابدءوا بهذا فنظر سهيل إلى الحارث بن هشام ينظر إليه فقال : ابدءوا بهذا ، فماتوا كلهم قبل أن يشربوا ، فمرّ بهم خالد بن الوليد فقال : بنفسي أنتم.

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني ، أنا عبد العزيز الكتاني ، أنا أبو القاسم البجلي ، أنا أبو عبد الله الكندي قال : نا أبو زرعة قال : وقال محمد بن أبي عمر ، عن ابن عيينة ، عن عمرو ، عن الحسن بن محمد أن الحارث بن هشام وحويطب بن عبد العزى ، وسهيل بن عمرو خرجوا إلى الشام للجهاد ، فماتوا بها.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو علي بن أبي ... (٦) ، أنا أبو الحسن بن الحمّامي ، أنا أبو علي بن الصواف ، نا الحسن بن علي القطان ، نا إسماعيل بن عيسى

__________________

(١) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن الاستيعاب.

(٢) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن الاستيعاب.

(٣) في الاستيعاب : تتنافسون فيه.

(٤) بالأصل : بما لا ترون والمثبت عن الاستيعاب.

(٥) غير مقروءة بالأصل.

(٦) كلمة غير مقروءة بالأصل.

٦٠