الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-435-3
الصفحات: ٥٣٤
لم يثبت للمجنيّ عليه سوى ذلك.
مسألة ٣٩٦ : قد بيّنّا أنّه إذا ظهر غريمٌ آخَر ، نقض الحاكم القسمة ، أو يرجع على كلّ واحدٍ بحصّةٍ يقتضيها الحساب.
ومع نقض القسمة لو كان قد حصل نماء متجدّد بعد القسمة هل يتشارك الغرماء فيه؟ الأقرب : ذلك ؛ لظهور بطلان القسمة.
وكذا لو قُسّم التركة ثمّ ظهر بطلان القسمة وحصل النماء.
أمّا لو ظهر دَيْنٌ على الميّت وأبطلت القسمة ، فإن قلنا : النماء للوارث ، فلا بحث ، وإلاّ تبع التركة.
ولو تلف المال بعد القبض ، ففي احتسابه على الغرماء إشكال.
* * *
المقصد الرابع : في الحجر
الحجر في اللغة : المنع والتضييق. ومنه سُمّي الحرام حَجْراً ؛ لما فيه من المنع.
قال الله تعالى : ( يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً ) (١) أي حراماً محرّماً.
وسُمّي العقل حِجْراً ؛ لأنّه يمنع صاحبه من ارتكاب القبائح وما يضرّ عاقبته ، قال الله تعالى : ( هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ) (٢).
واعلم أنّ المحجور عليه نوعان :
أحدهما : مَنْ حُجر عليه لمصلحة الغير.
والثاني : مَنْ حُجر عليه لمصلحة نفسه.
وأقسام الأوّل خمسة :
أ : حجر المفلس لحقّ الغرماء.
ب : حجر الراهن لحقّ المرتهن.
ج : حجر المريض لحقّ الورثة.
د : حجر العبد لحقّ السيّد ، والمكاتَب لحقّ السيّد وحقّ الله تعالى.
هـ : حجر المرتدّ لحقّ المسلمين.
وهذه الأقسام خاصّة لا تعمّ جميع التصرّفات ، بل يصحّ منهم [ الإقرار
__________________
(١) الفرقان : ٢٢.
(٢) الفجر : (٥).
بالعقوبات ] (١) وكثير من التصرّفات ، ولها أبواب مختصّة بها.
وأقسام الثاني ثلاثة :
أ : حجر المجنون.
ب : حجر الصبي.
ج : حجر السفيه.
والمذكور في هذا المقصد ثلاثة : الصغير ، والمجنون ، والسفيه. والحجر على هؤلاء عامّ ؛ لأنّهم يُمنعون من التصرّف في أموالهم وذممهم ، فهنا فصول :
__________________
(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « العقوبات ». والظاهر ما أثبتناه.
[ الفصل ] الأوّل : الصغير
وهو محجور عليه بالنصّ والإجماع ـ سواء كان مميّزاً أو لا ـ في جميع التصرّفات ، إلاّ ما يستثنى ، كعباداته وإسلامه وإحرامه وتدبيره ووصيّته وإيصاله الهديّة وإذنه في دخول الدار على خلافٍ في ذلك.
قال الله تعالى : ( وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ ) (١) شرط في تصرّفهم الرشدَ والبلوغَ ، وعبّر عن البلوغ بالنكاح ؛ لأنّه يشتهى بالبلوغ.
وقال الله تعالى : ( فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ) (٢).
قيل : السفيه : المبذّر. والضعيف : الصبي ؛ لأنّ العرب تُسمّي كلّ قليل العقل ضعيفاً. والذي لا يستطيع أن يملّ : المغلوب على عقله (٣).
مسألة ٣٩٧ : الحجر بالصبا يزول بزوال الصبا ، وهو البلوغ. وله أسباب :
منها : ما هو مشترك بين الذكور والإناث.
ومنها ما هو مختصّ بالنساء.
__________________
(١) النساء : (٦).
(٢) البقرة : ٢٨٢.
(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٣٤٠ ـ ٣٤١ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٢٥ ، وكما في العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٧.
أمّا المشترك : فثلاثة : الإنبات للشعر ، والاحتلام ، والسنّ.
والمختصّ أمران : الحيض ، والحبل. وهُما للنساء خاصّة.
فهنا مباحث :
[ البحث ] الأوّل : الإنبات.
والإنبات مختصّ بشعر العانة الخشن ، ولا اعتبار بالزغب (١) والشعرِ الضعيف الذي قد يوجد في الصغر ، بل بالخشن الذي يحتاج في إزالته إلى الحلق حول ذكر الرجل أو فرج المرأة.
ونبات هذا الشعر الخشن يقتضي الحكم بالبلوغ.
والأقرب : أنّه دلالة على البلوغ ؛ فإنّا نعلم سبق البلوغ عليه ؛ لحصوله على التدريج.
وللشافعي قولان :
أحدهما : أنّه بلوغ.
والثاني : أنّه دليل على البلوغ (٢).
وقال أبو حنيفة : الإنبات ليس بلوغاً ولا دليلاً عليه ؛ لأنّه إنبات شعر ، فأشبه شعر الرأس وسائر البدن (٣).
والفرق ظاهرٌ ؛ فإنّ التجربة قاضية بأنّ هذا الشعر لا ينبت إلاّ بعد البلوغ ، بخلاف غيره من الشعور التي في البدن والرأس.
__________________
(١) الزغب : أوّل ما يبدو من شعر الصبي. لسان العرب ١ : ٤٥٠ « زغب ».
(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٣٤٣ ، التنبيه : ١٠٣ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٣٧ ـ ٣٣٨ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٣ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٢ ، المغني ٤ : ٥٥٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥٧.
(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٣٤٣ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٩ ، المغني ٤ : ٥٥٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥٧.
ولما روى العامّة أنّ سعد بن معاذ حكم على بني قريظة بقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم ، فكان يكشف عن مؤتزر المراهقين ، فمَنْ أنبت منهم قُتل ، ومَنْ لم ينبت جُعل في الذراري (١).
وعن عطية القرظي قال : عُرضنا على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم قريظة وكان مَنْ أنبت قُتل ، ومَنْ لم ينبت خُلّي سبيله ، فكنتُ في مَنْ لم ينبت ، فخلّى سبيلي (٢).
ومن طريق الخاصّة : ما رواه حفص بن البختري (٣) عن الصادق عن الباقر عليهماالسلام ، قال : قال : « [ إنّ ] (٤) رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عرضهم يومئذٍ على (٥) العانات ، فمَنْ وجده أنبت قَتَله ، ومَنْ لم يجده أنبت ألحقه بالذراري » (٦).
ولأنّه خارج ملازم للبلوغ غالباً ، ويستوي فيه الذكر والأُنثى ، فكان عَلَماً على البلوغ. ولأنّ الخارج ضربان : متّصل ومنفصل ، فلمّا كان من المنفصل ما يثبت به البلوغ ، كذا المتّصل.
مسألة ٣٩٨ : نبات هذا الشعر دليلٌ على البلوغ في حقّ المسلمين والكفّار ، عند علمائنا أجمع ـ وبه قال مالك وأحمد والشافعي في أحد القولين (٧) ـ لأنّ ما كان عَلَماً على البلوغ في حقّ المشركين كان عَلَماً في
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٩ ، المغني ٤ : ٥٥٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥٧.
(٢) سنن ابن ماجة ٢ : ٨٤٩ / ٢٥٤١ ، سنن أبي داوُد ٤ : ١٤١ / ٤٤٠٤ ، سنن البيهقي ٦ : ٥٨ ، مسند أحمد ٥ : ٥١٩ / ١٨٩٢٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٩ ـ ٧٠.
(٣) في المصدر : « أبو البختري » بدل « حفص بن البختري ».
(٤) ما بين المعقوفين من المصدر.
(٥) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « عن » بدل « على ». والصحيح ما أثبتناه من المصدر.
(٦) التهذيب ٦ : ١٧٣ / ٣٣٩.
(٧) المعونة ٢ : ١١٧٤ ، المغني ٤ : ٥٥٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥٧ ، الحاوي الكبير ٦
حقّ المسلمين ، كالحمل.
وفي الثاني : أنّه لا يكون عَلَماً على البلوغ في المسلمين ، ويكون دليلاً في حقّ الكفّار.
هذا إذا قال : إنّه دليل على البلوغ ، وإن قال : إنّه بلوغ ، كان بلوغاً في حقّ المسلمين والكفّار (١).
ووجه أنّه بلوغٌ حقيقةً : قياسه على سائر الأسباب.
ووجه أنّه دليلٌ عليه ـ وهو أظهر القولين عندنا ـ : أنّ البلوغ غير مكتسب ، والإنبات شيء يُستعجل بالمعالجة.
وإنّما فرّق بين المسلمين والكفّار إذا قلنا : إنّه دليل على البلوغ بأن جعله دليلاً في حقّ الكفّار خاصّةً ؛ لأنّه يمكن الرجوع إلى المسلمين في معرفة البلوغ ، ومراجعة الآباء من المسلمين والاعتماد على إخبارهم عن تواريخ المواليد سهل ، بخلاف الكفّار ، فإنّه لا اعتماد على قولهم.
ولأنّ التهمة تلحق هذه العلامة في المسلمين ، دون الكفّار ـ لأنّ المسلم يحصل له الكمال في الأحكام بذلك واستفادة الولايات ـ فربما استعجلوا بالمعالجة ، بخلاف الكفّار ، فإنّهم لا يتّهمون بمثله ؛ لأنّهم حينئذٍ يُقتلون ، أو تُضرب عليهم الجزية ، والتهمة بالاستعجال قد لا تحصل في المسلمين ؛ لما روي أنّ غلاماً من الأنصار شبَّب بامرأة في شعره ، فرُفع إلى
__________________
: ٣٤٤ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٣٨ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٣ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٠.
(١) الحاوي الكبير ٦ : ٣٤٤ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٣٨ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٣ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٠ ، المغني ٤ : ٥٥٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥٧.
عمر بن الخطّاب ، فلم يجده أنبت ، فقال : لو أنبتَّ الشعرَ لجلدتُك (١).
مسألة ٣٩٩ : ولا اعتبار بشعر الإبط عندنا.
وللشافعي وجهان ، هذا أصحّهما ؛ إذ لو كان معتبراً في البلوغ ، لما كشفوا عن المؤتزر ؛ لحصول الغرض من غير كشف العورة.
والثاني : أنّه نبات كنبات شعر العانة ؛ لأنّ إنبات العانة يقع في أوّل تحريك الطبيعة في الشهوة ، ونبات الإبط يتراخى عن البلوغ في الغالب ، فكان أولى بالدلالة على حصول البلوغ (٢).
وأمّا نبات اللحية والشارب فإنّه أيضاً لا أثر لهما في البلوغ ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.
والثاني : أنّهما يلحقان بشعر العانة (٣).
وبعض الشافعيّة ألحق شعر الإبط بشعر العانة ، ولم يلحق اللحية والشارب بالعانة (٤).
وأمّا ثقل الصوت ونهود الثدي ونتوء طرف الحلقوم وانفراق الأرنبة فلا أثر له ، كما لا أثر لاخضرار الشارب ، وهو أحد قولي الشافعيّة (٥).
والثاني : أنّه ملحق بشعر العانة (٦).
ولا بأس به عندي بناءً على العادة القاضية بتأخّر ذلك عن البلوغ.
__________________
(١) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٣٨ ، المغني ٤ : ٥٥٦ ـ ٥٥٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٠ ، وفيها : « لحددتك » بدل « لجلدتك ». ونحوه في سنن البيهقي ٦ : ٥٨.
(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٢.
(٤) التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٠ ـ ٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٢.
(٥ و ٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٣.
البحث الثاني : في الاحتلام.
مسألة ٤٠٠ : الاحتلام ـ وهو خروج المني ، وهو الماء الدافق الذي يخلق منه الولد ـ بلوغٌ في الرجل والمرأة ، عند علمائنا أجمع ، ولا نعلم فيه خلافاً في الذكر.
قال الله تعالى : ( وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا ) (١) وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ) (٢).
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « رُفع القلم عن ثلاث : عن الصبي حتى يحتلم ـ وروي : حتى يبلغ الحلم ـ وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى ينتبه » (٣).
وقال عليهالسلام لمعاذ : « خُذْ من كلّ حالمٍ ديناراً » (٤).
وقد أجمع العلماء كافّة على أنّ الفرائض والأحكام تجب على المحتلم العاقل (٥).
مسألة ٤٠١ : ولا فرق في إفادة خروج المني البلوغَ بين الرجال والنساء كما في الشعر ، عند عامّة أهل العلم.
وللشافعي قول : إنّ خروج المني من النساء لا يوجب بلوغهنّ ؛ لأنّه نادر فيهنّ ، ساقط العبرة (٦).
__________________
(١) النور : ٥٩.
(٢) النور : ٥٨.
(٣) سنن أبي داوُد ٤ : ١٤٠ ـ ١٤١ / ٤٣٩٩ ـ ٤٤٠٣ بتفاوت يسير.
(٤) راجع الهامش (٤) من ص ٢٩١ في ج ٩ من هذا الكتاب.
(٥) كما في المغني والشرح الكبير ٤ : ٥٥٦.
(٦) الوسيط ٤ : ٤٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٢.
وعلى هذا قال الجويني : الذي يتّجه عندي أن لا يلزمها الغسل ؛ لأنّه لو لزم لكان حكماً بأنّ الخارج منيّ ، والجمع بين الحكم بأنّه منيّ وبين الحكم بأنّه لا يحصل البلوغ به متناقض (١).
قال بعض الشافعيّة : إن كان التناقض مأخوذاً من تعذّر التكليف بالغسل مع القول بعدم البلوغ ، فنحن لا نعني بلزوم الغسل سوى ما نعنيه بلزوم الوضوء على الصبي إذا أحدث ، فبالمعنى الذي أطلقنا ذلك ولا تكليف نطلق هذا. وإن كان غير ذلك ، فلا بدّ من بيانه (٢).
وعلى هذا القول تصير أسباب البلوغ ثلاثة أقسام : قسم مشترك بين الرجال والنساء ، وقسم مختصّ بالنساء ، وقسم مختصّ بالرجال ، وهو خروج المنيّ ، لكن إطباق أكثر العلماء على خلاف هذا (٣).
قالت أُمّ سلمة : سألت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إذا رأت ذلك فلتغتسل » (٤).
مسألة ٤٠٢ : الحلم هو خروج المني من الذكر أو قُبُل المرأة مطلقاً ، سواء كان بشهوة أو غير شهوة ، وسواء كان بجماع أو غير جماع ، وسواء كان في نومٍ أو يقظة.
ولا يختصّ بالاحتلام ، بل هو منوط بمطلق الخروج مع إمكانه باستكمال تسع سنين مطلقاً عند الشافعي (٥) ، وعندنا في المرأة خاصّة ،
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٢.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٩.
(٣) لاحظ العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٩ ، والمغني ٤ : ٥٥٦ ، والشرح الكبير ٤ : ٥٥٥.
(٤) نقله الشيخ الطوسي ـ كما في المتن ـ في المبسوط ٢ : ٢٨٢. وفي صحيح مسلم ١ : ٢٥٠ / ٣١١ ، وسنن البيهقي ١ : ١٦٩ ، ومسند أحمد ٤ : ١٩٧ / ١٣٥٩٨ عن أُمّ سليم.
(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٢.
ولا عبرة بما ينفصل قبل ذلك.
وفيه للشافعيّة وجهان آخَران ذكرهما الجويني :
أحدهما : أنّ إمكان الاحتلام يدخل بمضيّ ستّة أشهر من السنة العاشرة.
والثاني : أنّه يدخل بتمام العاشرة (١).
وهذه الوجوه عندهم كالوجوه في أقلّ سني الحيض ، لكنّ العاشرة هنا بمثابة التاسعة هناك ؛ لأنّ في النساء حدّةً في الطبيعة وتسارعاً إلى الإدراك (٢).
مسألة ٤٠٣ : الخنثى المشكل إذا خرج المني من أحد فرجيه ، لم يُحكم ببلوغه ؛ لجواز أن يكون الذي خرج منه المني خلقةً زائدة.
وإن خرج المني من الفرجين جميعاً ، حُكم ببلوغه.
وإن خرج الدم من فرج النساء ، والمني من الذكر ، حُكم ببلوغه ؛ لأنّه إن كان رجلاً ، فخروج الماء بلوغه. وإن كان أُنثى ، فخروج دم الحيض بلوغه.
هذا هو المشهور عند علمائنا وعند الشافعي (٣).
وللشافعي قولٌ : إنّه إذا أمنى وحاض ؛ لم يُحكم ببلوغه (٤).
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٢.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٩.
(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٣٤٨ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٣٨ ، الوسيط ٤ : ٤١ ـ ٤٢ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٣ ، المغني ٤ : ٥٥٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥٨.
(٤) الحاوي الكبير ٦ : ٣٤٨ ، الوسيط ٤ : ٤١ ـ ٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٣.
وتأوّله أصحابه بوجهين :
أحدهما : أنّه يريد بذلك أنّه : أمنى وحاض من فرجٍ واحد.
والثاني : أنّه أراد إن حاض [ أو ] (١) أمنى ، لم أحكم ببلوغه ؛ لما ذكرناه (٢).
إذا ثبت هذا ، فإذا خرج من ذكره ما هو بصفة المني ومن فرجه ما هو بصفة الحيض ، ففي الحكم ببلوغه عند الشافعيّة وجهان :
أصحّهما عندهم : أنّه يُحكم به ؛ لأنّه إمّا ذكر وقد أمنى ، وإمّا أُنثى وقد حاضت.
والثاني : لا ؛ لتعارض الخارجين ، وإسقاط كلّ واحدٍ منهما حكمَ الآخَر ، ولهذا لا يُحكم ـ والحال هذه ـ بالذكورة ولا بالأُنوثة (٣). وهو ظاهر قول الشافعي (٤).
وإن وُجد أحد الأمرين دون الآخَر أو أمنى وحاض من الفرج ، فعامّة الشافعيّة أنّه لا يُحكم ببلوغه ؛ لجواز أن يظهر من الفرج الآخَر ما يعارضه (٥).
وقال الجويني : ينبغي أن يُحكم بالبلوغ بأحدهما ، كما يُحكم بالذكورة والأُنوثة ، ثمّ إن ظهر خلافه ، غيّرنا الحكمَ ، وكيف ينتظم منّا أن نحكم بأنّه ذكر أمنى (٦) ولا نحكم بأنّه قد بلغ!؟ (٧).
__________________
(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « و». والصحيح ما أثبتناه كما في المصدر.
(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٣٤٨.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٣.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧١.
(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٣.
(٦) في العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧١ : « أو أُنثى » بدل « أمنى ».
(٧) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٣.
قال أكثر الحنابلة : إن خرج المني من ذكر الخنثى المشكل [ فهو ] عَلَم [ على ] بلوغه وأنّه ذكر. وإن خرج من فرج المرأة أو حاض ، فهو عَلَمٌ على بلوغه وكونه أُنثى ؛ لأنّ خروج البول من [ أحد ] الفرجين دليل على كونه رجلاً [ أو ] (١) امرأةً ، فخروج المني أو الحيض أولى ، وإذا ثبت كونه رجلاً خرج المني من ذكره أو امرأةً خرج الحيض من فرجها ، لزم وجود البلوغ. ولأنّ خروج منيّ الرجل من المرأة أو الحيض من الرجل مستحيل ، فكان دليلاً على التعيين ، فإذا ثبت التعيين ، لزم كونه دليلاً على البلوغ ، كما لو تعيّن قبل خروجه. ولأنّه منيٌّ خارج من ذكر أو حيض خارج من فرج ، فكان عَلَماً على البلوغ ، كالمنيّ الخارج من الغلام ، والحيضِ الخارج من الجارية. ولأنّ خروجهما معاً دليل على البلوغ ، فخروج أحدهما أولى ؛ لأنّ خروجهما معاً يفضي إلى تعارضهما ، وإسقاط دلالتهما ؛ إذ لا يتصوّر أن يجتمع حيضٌ صحيح ومنيّ رجل ، فوجب أن يكون أحدهما فضلةً خارجة من غير محلّها ، وليس أحدهما بذلك أولى من الآخَر ، فتبطل دلالتهما ، كالبيّنتين إذا تعارضتا ، وكالبول إذا خرج من المخرجين جميعاً ، بخلاف ما إذا وُجد أحدهما منفرداً ، فإنّ الله تعالى أجرى العادة أنّ الحيض يخرج من فرج المرأة عند بلوغها ، ومنيّ الرجل يخرج من ذكره عند بلوغه ، فإذا وُجد ذلك من غير معارضٍ ، وجب أن يثبت حكمه ، ويقضى بثبوت حكم دلالته ، كالحكم بكونه رجلاً بخروج البول من ذكره ، وبكونه امرأةً بخروجه من فرجها ، والحكمِ للغلام ببلوغه مع [ خروج ] المني من ذكره ، وللجارية بخروج الحيض من فرجها ، فعلى هذا إن خرجا جميعاً ، لم يثبت كونه
__________________
(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « و». وما أثبتناه من المصدر.
رجلاً ولا امرأةً ؛ لأنّ الدليلين تعارضا ، فأشبه ما لو خرج البول من الفرجين (١).
وهذا لا بأس به عندي.
تذنيب : إذا خرج المنيّ من الذكر والحيضُ من الفرج ، فقد بيّنّا أنّهما تعارضا في الحكم بالذكورة أو بالأُنوثة ، وسقط اعتبارهما فيهما.
وهل تثبت دلالتهما على البلوغ؟ الأقرب : ذلك ـ وبه قال الشافعي (٢) ـ لأنّه إمّا رجل فقد خرج المني من ذكره ، وإمّا امرأة فقد حاضت.
وقال بعض الجمهور : لا يثبت البلوغ ؛ لأنّه يجوز أن لا يكون هذا حيضاً ولا منيّاً ، ولا يكون فيه دلالة ، وقد دلّ تعارضهما على ذلك ، فانتفت دلالتهما على البلوغ ، كانتفاء دلالتهما على الذكوريّة والأُنوثيّة (٣).
البحث الثالث : في السنّ.
مسألة ٤٠٤ : السنّ عندنا دليل على البلوغ ـ وبه قال جماهير العامّة ، كالشافعي والأوزاعي وأبي حنيفة وأصحابه وأحمد بن حنبل (٤) ـ لما رواه العامّة عن ابن عمر قال : عُرضت على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في جيش يوم بدر وأنا ابن ثلاث عشرة سنة ، فردّني ، وعُرضت عليه يوم أُحد وأنا ابن أربع
__________________
(١) المغني ٤ : ٥٥٨ ـ ٥٥٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥٨ ، وما بين المعقوفين من المصدر.
(٢) راجع المصادر في الهامش (٣) من ص ١٩٢.
(٣) المغني والشرح الكبير ٤ : ٥٥٩.
(٤) الحاوي الكبير ٦ : ٣٤٤ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٣٧ ، التنبيه : ١٠٣ ، الوجيز ١ : ١٧٦ ، الوسيط ٤ : ٣٩ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٢ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٣١ و ١٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١١ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٢٨٤ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٧٢ ، المغني ٤ : ٥٥٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥٦.
عشرة سنة ، فردّني ولم يرني بلغت ، وعُرضت عليه عام الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فقبلني وأخذني في المقاتلة (١).
وعن أنس عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « إذا استكمل المولود خمس عشرة سنة كُتب ما لَه وما عليه ، وأُخذت منه الحدود » (٢).
ومن طريق الخاصّة : رواية أبي حمزة الثمالي عن الباقر عليهالسلام ، قال : قلت له : جُعلت فداك في كَمْ تجري الأحكام على الصبيان؟ قال : « في ثلاث عشرة سنة وأربع عشرة سنة » قلت : فإنّه لم يحتلم (٣) ، قال : « وإن لم يحتلم ، فإنّ الأحكام تجري عليه » (٤).
وقال مالك : ليس السنّ دليلاً على البلوغ ولا بلوغاً في نفسه ، ولا حدّ للسنّ في البلوغ ، بل يُعلم البلوغ بغلظ الصوت وشقّ الغضروف ، وهو رأس الأنف (٥).
وقال داوُد : لا حدّ للبلوغ من السنّ ؛ لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « رُفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يحتلم » (٦) فلا يحصل البلوغ بدون الاحتلام وإن طعن في السن (٧).
__________________
(١) الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٤ : ١٤٣ ، تاريخ دمشق ٣١ : ٩٥ ، سنن البيهقي ٦ : ٥٥ ، مسند الطيالسي : ٢٥٤ / ١٨٥٩.
(٢) المغني ٤ : ٥٥٧ ـ ٥٥٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٨.
(٣) كذا ، وفي المصدر : « فإن لم يحتلم فيها ».
(٤) التهذيب ٦ : ٣١٠ / ٨٥٦.
(٥) المعونة ٢ : ١١٧٤ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٤٤ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٨ ، المغني ٤ : ٥٥٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥٦.
(٦) سنن أبي داوُد ٤ : ١٤١ / ٤٤٠٣ ، سنن الدار قطني ٣ : ١٣٩ / ١٧٣ ، سنن البيهقي ٦ : ٢٠٦ ، المستدرك ـ للحاكم ـ ٢ : ٥٩ ، مسند أحمد ٧ : ١٤٥ ـ ١٤٦ / ٢٤١٧٣.
(٧) حلية العلماء ٤ : ٥٣٢ ، المغني ٤ : ٥٥٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥٦.
ولا دلالة في الخبر على امتناع إثبات البلوغ بغير الاحتلام إذا ثبت بالدليل.
مسألة ٤٠٥ : الذكر والمرأة مختلفان في السنّ ، فالذكر يُعلم بلوغه بمضيّ خمس عشرة سنة ، والأُنثى بمضيّ تسع سنين ، عند علمائنا.
ومَنْ خالَف بين الذكر والأُنثى أبو حنيفة. وسوّى بينهما الشافعي والأوزاعي وأبو ثور وأحمد بن حنبل ومحمّد وأبو يوسف.
إذا عرفت هذا ، فإنّ الشافعي والأوزاعي وأبا ثور وأحمد وأبا يوسف ومحمّد قالوا : حدّ بلوغ الذكر والأُنثى بلوغ خمس عشرة سنة كاملة (١).
وقال أبو حنيفة : حدّ بلوغ المرأة سبع عشرة سنة بكلّ حال.
وله في الذَّكَر روايتان :
إحداهما : سبع عشرة أيضاً.
والأُخرى : ثماني عشرة سنة كاملة (٢).
وقال أصحاب مالك : حدّ البلوغ في الغلام والمرأة سبع عشرة سنة و (٣) ثماني عشرة سنة (٤).
__________________
(١) الحاوي الكبير ٦ : ٣٤٤ ، التنبيه : ١٠٣ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٣٧ ، الوجيز ١ : ١٧٦ ، الوسيط ٤ : ٣٩ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٢ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٣١ و ١٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١١ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٢٨٤ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٧٢ ، المغني ٤ : ٥٥٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥٦.
(٢) الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٤٩ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٧٢ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٢٨٤ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٤٤ ، الوسيط ٤ : ٤٠ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٢ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٨.
(٣) في أغلب المصادر : « أو » بدل « و».
(٤) التلقين ٢ : ٤٢٣ ، الذخيرة ٨ : ٢٣٧ ، المعونة ٢ : ١١٧٤ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٢ ـ ٥٣٣ ، المغني ٤ : ٥٥٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥٦.
وما قلناه أولى ؛ لأنّ الغالب في منيّ الرجل أنّه يحصل ببلوغ خمس عشرة سنة ، والمرأة قد تحيض ببلوغ تسع سنين ، فإذا توافقت العلامات ، دلّ على حصول البلوغ بذلك.
وقول أبي حنيفة ومالك وداوُد (١) يدفعه ما تقدّم (٢) في خبر ابن عمر وغيره.
تذنيب : لا يحصل البلوغ بنفس الطعن في السنّ الخامسة عشر إذا لم يستكملها ؛ عملاً بالاستصحاب وفتوى الأصحاب ، وهو الظاهر من مذهب الشافعي (٣).
وله وجهٌ آخَر : أنّ البلوغ يحصل بذلك ؛ لأنّه حينئذٍ يُسمّى ابن خمس عشرة سنة (٤).
وهو ممنوع.
ورواية (٥) أبي حمزة عن الباقر عليهالسلام في طريقها قولٌ ، على أنّ جريان الأحكام عليه بمعنى التحفّظ ، أو على سبيل الاحتياط حتى يكلّف العبادات للتمرين عليها والاعتقاد لها ، فلا يقع منه عند البلوغ الإخلال بشيء منها.
البحث الرابع : في الحيض والحبل.
مسألة ٤٠٦ : الحيض في وقت الإمكان دليل البلوغ ، ولا نعلم فيه خلافاً.
__________________
(١) تقدّم قول مالك وداوُد في ص ١٩٦ ، المسألة ٤٠٤.
(٢) في ص ١٩٥ ـ ١٩٦ ، المسألة ٤٠٤.
(٣ و ٤) التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١١.
(٥) تقدّمت الرواية في ص ١٩٦.
والأصل فيه قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لأسماء بنت أبي بكر : « إنّ المرأة إذا بلغت المحيض لا يصلح أن يرى منها إلاّ هذا » وأشار إلى الوجه والكفّين (١) ، علّق وجوب الستر بالحيض ، وذلك نوع تكليف ، وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا تُقبل صلاة حائض إلاّ بخمار » (٢) أشعر أنّها بالحيض كُلّفت الصلاة.
ولو اشتبه الخارج هل هو حيض أم لا ، لم يُحكم بالبلوغ ـ إلاّ مع تيقّن أنّه حيض ـ عملاً بالاستصحاب.
مسألة ٤٠٧ : الحبل دليل البلوغ ؛ لأنّه مسبوق بالإنزال ، لأنّ الله تعالى أجرى عادته بأنّ الولد لا يخلق إلاّ من ماء الرجل وماء المرأة.
قال الله تعالى : ( أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ ) (٣) وقال تعالى : ( فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ ) (٤).
لكنّ الولد لا يتيقّن إلاّ بالوضع ، فإذا وضعت حكمنا بالبلوغ قبل الوضع بستّة أشهر وشيء ؛ لأنّ أقلّ الحمل ستّة أشهر.
ولا فرق بين أن يكون ما ولدته تامّاً أو غير تامّ إذا علم أنّه آدميّ أو مبدأ صورة آدميّ ، كعلقة تصوّرت ، فإن كانت مطلّقةً وأتت بولدٍ يلحق الزوجَ ، حكمنا ببلوغها لما قبل الطلاق.
__________________
(١) سنن أبي داوُد ٤ : ٦٢ / ٤١٠٤ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٢٦ ، و ٧ : ٨٦.
(٢) سنن الترمذي ٢ : ٢١٥ / ٣٧٧ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٣٣ ، المستدرك ـ للحاكم ـ ١ : ٢٥١.
(٣) الإنسان : (٢).
(٤) الطارق : ٥ ـ (٧).