أساس البلاغة

المؤلف:

أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧١٧

س

سأد ـ بات يُسئد السيرَ ليلته كلّها : يديمه ؛ قال لبيد :

يُسئِدُ السّيرَ علَيها راكِبٌ

رابطُ الجأشِ على كلّ وَجَلْ

وتقول : قد أسعد يومَه إسعاداً مّنْ أسأد ليلته إسآداً.

سأر ـ أسأر الشارب في الإناء سؤراً وسؤْرة : بقيّة. وأسأرتِ الإبلُ في الحوض وسأرتْ بقيّة سؤوراً. وفلان يتسأّرُ : يشرب الأسآر.

ومن المجاز : أسأر من الطعام سؤرة. وهذه سؤرة الصقر : لما يبقى من لُحمته. وأسأر الحاسب من حسابه : أفضل ولم يستقصِ ؛ وقال :

في هَجمةٍ يُسئرُ منها القابِض

ويقال للمرأة التي جاوزت الشباب ولم يهرّمها الكِبَر : إن فيها لسؤرة : بقيّة ؛ قال حميد بن ثور :

إزاء معاشٍ ما تحلّ إزَارَها

منَ الكَيْسِ فيها سؤرَةٌ وهيَ قاعد

وفلان سؤر شرّ إذا كان شرّيراً. وهذه سؤرة من القرآن وسؤر منه : لأنّها قطعة منه. وفي مثل : «أسائرَ اليومِ وقد زالَ الظّهر» لما يُرجَى نيله وقد فات وقته.

سأل ـ هو سأآل وسَؤول وسُؤَلة. وقوم سَأَلة وسُؤّال. وسألته عن كذا سُؤالاً ومَسألة ، وساءلته عنه مساءلة ، وتساءلوا عنه ، وسألته حاجة. وأصبتُ منه سؤلي : طَلِبَتي ، فُعْلٌ بمعنى مفعول كعرف ونكر.

ومن المجاز : هو سَأْلتي من الدنيا. واللهمّ أعطنا سأَلاتنا ؛ وقال :

ونادَيْتُ يا رَبّاه أوّلُ سَأْلتي

إليك سليمى ثمّ أنتَ حَسيبُها

وتعلّمتُ مَسألة ومسائل ، استعير المصدر للمفعول فيه.

سأم ـ فيه سأَمٌ وسأْمة وسآمة وسآم. وسئمه وسئم منه ، وأسأمتني. ورجل سَؤوم. وتقول : يغضب غَضَبَ سَؤوم ثُمَّ يقضي قضاءَ سَدوم.

سأو ـ فلان بطين الشأو بعيد السأو ؛ أي الهمّة.

سبأ ـ ذهبوا أيدي سَبَا. وسبأ الخمرَ سِباء ؛ قال لبيد :

أُغلي السِّباء بكُلّ أدكَنَ عاتِق

قال أبو عبيدة : سبَأها : شراها للشرب لا للبيع ، واستبأها لنفسه. وعنده سَبيئة بابليّة. وتقول : ما تُسبأ لكم الرّاح ولكن تُسبَى منكم الأرواح.

سبب ـ بينهما سِباب ، والمِزاح سِباب النَّوكى ، وقد سابّه وتسابّوا واستَبّوا. وفي الحديث : «المسْتَبّان شيطانان». وهو سُبّة ، وهذه سُبّة عليك وعلى عَقِبك ، وأنت سُبّة على قومك. وإيّاك والمَسبّة والمَسابَّ. ولا تكن سُبَبَة ولا سُبّة كضُحَكة وضُحْكة. واستَسَبّ لأبويه. وبينهم أُسبوبة

٢٨١

وأسابيبُ. وتقول : ما هي أساليب إنّما هي أسابيب. وفرس ضافي السَّبيب ، وقد عقدوا سبائب خيلهم ، وأقبلت الخيل معَقَّداتِ السّبائب. وله سَبيبة من ثوب وسبائب : شُقق. وانقطع السّبَب أي الحبل. وما لي إليه سبب : طريق.

ومن المجاز : خيل مُسبَّبة ، يقال لها : قاتَلَها الله تعالى أو أخزاها إذا استُجيدت ؛ قال الشمّاخ :

مُسَبَّبَةٌ قُبُّ البُطونِ كأنّها

رِماحٌ نَحاها وِجهَةَ الرّيحِ راكزُ

وأشار إليه بالسَّبّابة والمسبِّبة. وسيف سبّاب العراقيب كأنّه يعاديها ويسُبّها. وامرأة طويلة السّبائب وهي الذّوائب. وعليه سبائب الدّم : طرائقه. ونشر الآلُ سبائبه ؛ قال ذو الرّمّة :

فأصْبَحنَ بالجَرْعاءِ جَرْعاءِ مالِكٍ

وآلُ الضُّحى يُزْهي الشُّبوحَ سَبائِبُهْ

وانقطع بينهم السّبب والأسباب : الوُصَل. وجرى في سبب الصِّبا ؛ قال مُصَرِّف بن الأعلم العُقَيْليّ :

فزِعَ الفُؤادُ وطالمَا طاوَعْتَهُ

وجرَيتَ في سَبَبِ الصِّبا ما تَنزِعُ

تكفّ. وسبّب الله لك سبَب خير. وسبّبْتُ للماء مَجرًى : سوّيتُه. واستسبّ له الأمرُ. وطعنه في سَبّته : في استه لأنّها مذمومة. وعن بعض الفرسان : طعنتُه في الكَبّه فوضَعتُ رُمحي في اللَّبّه فأخرجتُه من السَّبّه. ومضَتْ سَبّة من الدّهر ؛ قال :

والدّهْرُ سَبّاتٌ فحَرٌّ وخَصَرْ

لأن الدّهر أبداً مشكُوٌّ ، ولقولهم : كان ذلك على است الدهر.

سبت ـ يلبسون النّعال السِّبْتيّة ونِعالَ السِّبْت وهو الأَدَم ، لأن شعره يسْقُط في الدّباغ كأنّه سُبِت أي حُلِق. وسبَت رأسَه ، ورأس مَسبوت. وسَبَتَتِ اليهود وأسْبتَتْ. وجعل الله النّومَ سُباتاً : موتاً ، وأصبح فلان مسبوتاً : ميتاً.

ومن المجاز : سَبَتَ عِلاوتَه إذا قطَع رأسَه. وأرُوني سِبْتَيّ. واخلَعْ سِبتَيْك.

سبح ـ سبّحتُ الله وسبّحْتُ له ، وهو السُّبُّوح القُدُّوس ، وكَثُرتْ تسبيحاتُه وتسابيحُه. وقضى سُبْحَتَه : صلاته ، وسبّح : صلّى (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ). وصَلّى المكتوبة والسُّبْحَة أي النّافلة. وفي يده السُّبَحُ يسبِّح بها. وتعلّم الرّماية والسِّباحة.

ومن المجاز : فرس سابِح وسَبُوحٌ ، وخيل سوابح وسُبُح. والنّجوم تَسبح في الفَلَك ، ونجوم سوابح. وسَبَح ذِكرُك مسابحَ الشّمس والقمر. وفلان يسبح النّهار كلّه في طلب المعاش. وسبحانَ مِن فلان : تعجُّبٌ منه ؛ قال الأعشى :

أقُولُ لَمّا جاءني فَخْرُهُ

سُبحَانَ مِنْ عَلْقَمَةَ الفَاخِرِ

وأسألك بسُبُحاتِ وجهك الكريم : بما تُسَبَّح به من دلائل عظَمتك وجلالك. وأشار إليه بالمُسَبِّحَة والسَّبّاحة.

سبخ ـ طارت سبائخ القُطن. وفي الأرض سَبَخَة وسِباخ ، وأرض سَبِخة وقد سَبِخت وأسبخت ، وفيها سِباخٌ بِيضٌ كالسَّبائخ.

ومن المجاز : وردتُ ماء حولَه سَبيخ الطير وسَبائخه : ما نَسَل من ريشه. وسَبَّخ الله عنك الحُمّى : خفَّفها ، وسُبِّخَ عنّا الحرُّ : خُفِّف.

سبد ـ هو سِبْدُ أسْبَادٍ : للداهية.

ومن المجاز : «ما له سَبَد ولا لَبَد» أي شَعْر ولا صُوف لمن لا شيء له. وسبّد رأسَه : استقصى طَمَّه أو جَزَّه ، ومنه السُّبَدة : العانة ، كناية عنها. وفي الحديث «التَّسبيد فيهم فاشٍ» : في الخوارج.

سبر ـ سَبَرَ الجُرْحَ بالمِسْبَار والسِّبَار : قاس مقدار قَعْره بالحَديدة أو بغيرها. وفي مثل : «لولا المِسبار ما عُرِف غَور الجُرح». وأتيته في حدّ السَّبْرة وهي الغَداة الباردة.

ومن المجاز : خبرتُ فلاناً وسَبرتُه ، وفيه خير كثير لا يُسْبَرُ ، وهذا أمر عظيم لا يُسبر ، وهذه مفازة لا تُسبر : لا يُعرَف قدرُ سَعَتِها ؛ قال أبو نُخَيْلة :

ومُقْفِرٍ قد جُبْتُهُ لا يُسْبَرُ

والقُورُ في بحرِ السّرَابِ تَمْهَرُ

تسبح. وعرفتُه بِسَبْرِه : بما عُرِف وخُبِر من هيئته ولونه. وجاءت الإبل حَسَنَةَ الأسبار والأحبار.

٢٨٢

سبط ـ هو سِبطه وهم أسباطُه ، والحسن والحُسَين سِبطا رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم. وتقول : كيف يتّفِق الأسباط والأقباط. ويقال : قبائل العرب وأسباط اليهود ، وقُرَيْظَة والنّضِير سِبطان. وشَعْر سَبَط وسَبِط وسَبْط ، بالفتح والكسر والسكون : غير جَعْد ؛ قال :

وسَاقِيانِ سَبِطٌ وجَعْدُ

وقد سَبِط وسَبُط سَبَاطة وسُبُوطة. وبال في سُباطة القوم وهي كُناستهم. وقعدتُ في السّاباط وهي سقيفة بين دارين تحتها طريق نافذ.

ومن المجاز : رجل سَبِط الأصابع وسَبِط البَنَان وسَبِط اليدين والكفّين. وامرأة سَبِطة الخَلْق وسَبْطته : رخْصة ليّنة ، ورجُل سِبَطْرٌ. ورواق مُسبَطِرّ ، واسبَطَرّت الكواكب : امتدّت ؛ قال ذو الرّمّة :

تَلَوَّمَ يَهْيَاهٍ بِيَاهٍ وقَد مَضَى

من اللّيلِ جَوْزٌ واسبَطَرّتْ كواكِبُهْ

هو من أصوات الرّعاة أي قال الرّاعي : ياهِ وانتظر أن يقول له الآخر : ياهِ ياهِ. وَوُلدَ فلانٌ في سُبَاط إذا كان كثير الرّياح وهو آخر شُهور الشّتاء.

سبع ـ هو سابع سبْعة وسابع ستّة ، وثوب سُباعيّ : سبع أذرع. ورجل سُباعيّ البدن : تامّه. وكانوا ستّة فسبَعتُهم : جعلتُهم سبعة. وسبّع لامرأته : جعل لها سبعة أيّام يقيم معها حين يَبني عليها. وسبّع القرآنَ : وظّف عليه قراءته في سبعة أيّام. وعن أعرابيّ : أعطه درهماً يسبّع الله تعالى به الأجرَ ويعشّر. واللهمّ سبّع لفلان وعشّر من قوله تعالى سَبْعَ (سَنابِلَ) (عَشْرُ أَمْثالِها). وسبّعتُ الإناء وغيره : غسلته سبع مرّات. وأسبعتْ فلانةُ : ولدت لسبعة أشهر وولدها مُسْبَع. وأقمتُ عندها أسبوعين وسَبْعين ؛ قال أبو وجزة يصف السّحاب :

وكَرْكرَتْهُ الصَّبا سَبْعَينِ تحسبه

كأنّهُ بحِيالِ الغَوْرِ مَعقُورُ

وطاف أُسبوعاً وأسبوعاتٍ وأسابيعَ. وخلق الله تعالى السَّبْعَينِ وما بينها في ستّة أيّام ؛ قال الفرزدق :

وكيفَ أخافُ النّاسَ واللهُ قابضٌ

على النّاسِ والسَّبْعَينِ في راحَةِ اليَد

وأرض مَسْبَعَةٌ ، وأسبعَ الطريقُ ؛ قال :

طَريقٌ كنتَ تَسلكُهُ زَماناً

فأَسبَعَ فاجتَنِبهُ إلى طَريقِ

وسَبَعَتِ الذّئابُ الغنم ، وسُبِعتِ الوَحشيّة : أكل السَّبُعُ ولدها فهي مَسبوعة.

ومن المجاز : سَبَعَه : وقع فيه. وما هو إلّا سَبُعٌ من السِّبَاع : للضّرّار. وفي مثل : «أخذه أخذ سَبْعَة» إذا كان أخذه أخذاً شديداً وهو سَبْعة بن عوف بن ثعلبة بن ثعل ، أو اللّبؤة ، أو سَبْعة رجال.

سبغ ـ ثوب سابغ. وخرج وعليه سابِغة ، وهو صَنَعُ السّوابغ. وسالتْ تسبِغتُه على سابغته وهي رفرف البيضة ؛ قال مُزرِّد :

وتَسْبِغَةٌ في تَرْكَةٍ حِمْيَريّةٍ

دُلامِصَةٍ يَرْفَضُّ عنها الجنادِلُ

وقال :

وتَسبِغَةٌ يغشَى المَناكبَ رَيْعُها

لداودَ كانت نَسجُها لم يُهَلهَلِ

وكَمِيٌ مُسْبِغٌ : عليه سابغة.

ومن المجاز : أسبغ الله تعالى علينا النِّعَم ، والحمد لله على سُبوغ نعمته وضُفُوِّ نيله. وأسبغَ وضوءَه. وقد سَبَغ شَعرُه ، وله شَعر سابغ ، وعجيزة سابغة ، وهو سابغ الأليتين. ومطرٌ سابغ.

سبق ـ سابقته فسبقته ، وتسابقنا واستبقنا. وتقول : مَن رُزق السَّبْقه أخذ السُّبْقه ؛ وهي ما يُتراهن عليه. يقال : أحرز السُّبْقة والسَّبَق ، وأحرزوا السُّبَق والأسْباق. وكان السّبَق مائةً من الإبل. وخيل سوابق وسُبَّقٌ. وسابق بين الخيل وسَبّق بينها.

ومن المجاز : له في هذا الأمر سَبْقَةٌ وسابِقة. وهما سِبْقانِ في كذا إذا استبقا فيه. وسَبَقَه في الكرم إلى غايته ، وأردتُ كذا فسبقني به فلان. وسُبِقْتُ عليه : غُلبتُ ، (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ).

٢٨٣

وبفلان سِباق عن السّباق : من سِباقَيِ الطائر وهما قيداه. وسبّقتُ الطائر : قيّدته. وسَبّق بَدْرَةً بين الشّعراء ، من غلب أصحابه أخذها ، ومعناه جعلها سَبَقاً بينهم. وخرجوا يستبقون : ينتضلون (فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ) : ابتدروه.

سبك ـ سبَكَ الفصّة : خلّصها من الخَبَث سَبْكاً ، وسَبّكها تسبيكاً ، وأفرعها في المِسْبكة ، وعندي سبيكة من السّبائك.

ومن المجاز : هذا كلام لا يثبت على السَّبْك ، وهو سَبّاك للكلام. وفلان قد سبكته التجارب. وسَبَك الدقيقَ : أخذ خالصه وحوّاراه ، ورأيتُ على خِوانه السّبائك : الخبز الأبيض. وأراد أعرابيّ رُقي جبلٍ صعب فقال : أيُ سبيكة هذا! فسمّاه سبيكة لاملاسه.

سبل ـ خذ هذا السّبيل فهو أوطأ السُّبُل ، وسبيل سابل : مساوك ، ومرتِ السّابلة والسّوابل وهم المختلفون في الطرقات لحوائجهم. وأسبلَ السِّترَ والإزارَ : أرسله ، وهو من السَّبيل ، والمرأة تُسبِل ذيلها ، والفرس يُسبِل ذنبه.

ومن المجاز : أسبَلَ المطرُ : أرسل دَفْعَه وتكاثف كأنّما أسبلَ سِتراً. ووقفتُ على الدار فأسبلتْ مني عَبرة ؛ قال النّابغة :

وأسبَلَ منّي عَبرَةٌ فرَدَدْتُها

على النّحرِ مِنها مُستَهِلٌّ ودامعُ

مُنصبّ كثير وقليل يبِضّ. ومطر مُسبِل ، ووقع السَّبَل وهو المطر المسبل. وأسبل الزّرعُ وسَنبل وخرج سَبَلُه وسُنبُلُه. وطالت سَبَلَتُك فقُصّها وهي شعر الشّاربين ، ويقال لمقدَّم اللّحية : سَبَلة ، ورجل مُسبَّل : طويل اللّحية ، وقد سُبِّل فلان. والزم سبيل الله خير السّبيل. وجاؤوني وقد نشروا سِبالهم أي متوعّدين ؛ قال الشمّاخ :

وجاءتْ سُلَيْمٌ قَضَّها بقَضِيضِها

تُنَشِّرُ حَوْلي بالبَقيعِ سِبالَها

وسمعتهم يقولون : حيّا الله سَبَلَتك ، وحيّا الله هذه السَّبَلَة المباركة. وهو أصهب السَّبَلَة : عدوّ ، وهم صُهْب السِّبال. وملأ الإناء إلى سَبَلَته وإلى أسباله : أصباره. ووجأ بشَفرته في سَبَلَة البعير وهي منحره. وقد أسبل عليّ فلان إذا أكثر عليك كلامه كما يُسبل المطر.

سبي ـ سبَيْتُ النّساء سَبْياً وسِباء ، ووقع عليهنّ السِّباء ، وهذه سَبيّة فلان : للجارية المسبيَّة ، وتقول : خرجتِ السّرايا فجاءت بالسّبايا. وتلاقوا فتآسروا وتسابَوْا. وبها أسابيُ الدّماء : طرائقها ؛ قال سلامة بن جندل :

والعادِياتِ أسابيُ الدّمَاء بها

كأنّ أعناقَها أنصَابُ تَرْجيبِ

ومن المجاز : هنّ يَسبِينَ القلوبَ ويستَبينَ. وما لَه سَبَاه اللهُ أي غرّبه ؛ قال امرؤ القيس :

فقالَتْ سَبَاكَ اللهُ إنّكَ قاتِلي

ألَسْتَ تَرَى السُّمّارَ والنّاسَ أحوالي

ويقولون : طال عليّ اللّيل ولا أُسْبَ له ولا أُسْبَى له : دعاء لنفسه بأن لا يُقاسيَ فيه من الشدّة ما يكون بسببه مثلَ المَسْبيّ للّيل. وجاؤوا بسَبْيٍ كثير : بسبايا. وجاء السّيل بعُود سبيٍ : حمله من بلد إلى بلد. ودرع كسبيّ الهلال : كسلخ الحيّة ؛ قال كثير :

يُجَرِّرُ سِرْبالاً علَيهِ كأنّهُ

سَبيُ هلالٍ لم تُخَرَّقْ شرانِقُهْ

وعندي سبيّة كأنّها سبيّة : دُرّة ؛ قال مزاحم :

بدَتْ حُسَّراً لم تحتَجبْ أوْ سَبِيّةً

منَ البَحرِ نَحّى القُفْلَ عنها مُفيدُها

بائعها. وهو يتّجر في السّابِياء : في المواشي ، وبنو فلان يروح عليهم سابياء من أموالهم. وفي الحديث : «تسعة أعشار الرّزق في التجارة والجزء الباقي في السّابياء». وأصلها الجلدة التي يخرج فيها الولد ؛ قال ذو الرّمّة :

يحُلّونَ من يَبرِينَ أوْ من سُوَيْقَةٍ

مَشَقَ السّوَابي عن أُنوفِ الجآذِرِ

ستر ـ الله ستّار العيوب ، ودونه سِتر وسُترة وسِتارة وسِتار وسُتور وأستار وسُتُر وستائر ، واستترتُ بالثوب وتستَّرت.

ومن المجاز : جارية مُسَتَّرة وجَوارٍ مُستَّرات ، ورجل مستور ، وقوم مساتير ، وسترتِ المرأةَ سِتارةٌ فهي ستيرةٌ. وشجر ستير : كثير الأغصان. وساتره العداوةَ مساترة ، وهو

٢٨٤

مُداجٍ مُساتر. وهتك الله سِترك : أطلعَ على مساويك ، وفلان لا يستتر من الله بستر : لا يتّقي الله. ومدّ اللَّيلُ ستاره ، وأنا أمدّ إلى الله يدي تحت سِتار اللّيل ؛ قال :

لقد مَدَدْنا أيْدِياً بعدَ الدُّجَى

تحتَ سِتارِ اللّيلِ واللهُ يَرَى

وهم إستار أي أربعة ؛ قال جرير :

إنّ الفَرَزدَقَ والبَعيثَ وأمّهُ

وأبا الفَرَزْدَقِ شرُّ ما إستارِ

ستل ـ خرجوا متساتلين ، وقد تساتلوا عليّ إذا خرجوا من مكان واحد إثر واحد تباعاً.

ومن المجاز : انقطع السّلك فتساتل اللّؤلؤ. ونُعيَ إليه ولدُه فتساتلتْ دموعه. وعن ذي الرّمّة قلت : ما بال عينك ... بيتاً واحداً ثمّ أُرتجَ عليّ فمكثت حولاً لا أضيف إلى هذا البيت شيئاً حتى قدمتُ أصبهان فحُمِمْتُ بها حمّى شديدة فهُديتُ لهذه القصيدة فتساتلتْ عليّ قوافيها فحُفّظْتُ ما حُفّظْتُ منها وذهَب عليّ منها.

سته ـ رجل أستَهُ وسُتاهيٌ.

ومن المجاز : كان ذلك على است الدّهر : على وجهه ؛ قال أبو نُخَيْلة :

مَن كانَ لا يَدري فإنّي أدري

ما زالَ مَجنوناً على استِ الدّهرِ

ذا جَسَدٍ يَنْمي وعَقلٍ يَحْري

هَبْهُ لإخوانِكَ يَوْمَ النّحْرِ

وتقول : باسْت فلان إذا استخففت به ؛ قال :

فباسْتِ بني عَبْسٍ وأستاهِ طَيّءٍ

وباسْتِ بني دودانَ حاشا بني نَصرِ

و «يا ابن استها» : كناية عن إحماض أمّه إيّاها. و «تركته باسْت الأرض» : عديماً لا شيء له. و «ما لك است مع استك» إذا لم يكن له عون. و «لقيتُ منه استَ الكلبة» أي ما كرهته. وأنت أضيق استاً من ذاك ، وأنتم أضيق أستاهاً من أن تفعلوه : يريد العَجْز.

سجج ـ يومٌ وظلٌ سجسج : لا حرّ ولا قُرّ. وأرض سجسج : لا صلبة ولا سهلة. وسقاه سَجاجاً : سَماراً

سجح ـ سَجِحَ خُلقُه سَجاحة ، وهو سجيحُ الخُلُق. وتقول : في عقله رَجاحه وفي خُلقه سجاحه. وجه أسجح : مستوي الصورة ، ورجل أسجح الخدّين ، وقد سَجِحَ ؛ قال ذو الرّمّة :

لها أذُنٌ حَشْرٌ وذِفْرَى أسِيلَةٌ

وخدٌّ كمرآةِ الغَريبَةِ أسجحُ

ومشى مشية سُجُحاً : سهلة مستقيمة ؛ قال حسّان :

دعُوا التّخاجُؤَ وامشوا مِشيَةً سُجُحاً

إنّ الرّجالَ ذوو عَصْبٍ وتَذكيرِ

التخاجؤ أن يُوَرِّم مؤخره. وتنَحّ عن سُجْح الطريق وهو سننه وجادّته ، وتقول : من طلب بالحقّ ومشى في سُجْحِه أوصله الله إلى نُجْحِه. و «مَلَكْتَ فأسْجِح» : فأحسن.

وهو كريم السَّجيّة والسّجيحة. وبنَوْا دورَهم على سجيحة واحدة وعلى غرار واحد : على قدر واحد.

سجد ـ رجال ونساء سُجَّد ، وباتوا ركوعاً سُجوداً ، ورجل سجّاد ، وعلى وجهه سَجّادة وهي أثر السّجود ، وبسط سَجّادته ومَسجَدته ، وسمعتُ العرب يضمّون السين ويُجعل الكافور على مساجد الميت جمع مَسْجَد ، بفتح الجيم.

ومن المجاز : شجر ساجد وسواجد ، وشجرة ساجدة مائلة. والسفينة تسجد للرياح : تطيعُها وتميل بميلِها ؛ قال بشر.

أُجالِدُ صَفَّهُم ولقَد أراني

على زورَاء تَسجُدُ للرّياحِ

وفلان ساجد المنخر إذا كان ذليلاً خاضعاً. وعين ساجدة : فاترة ، وأسجدتْ عينها : غضّتها ؛ قال كثيّر :

أغَرّكِ منّي أنّ دلَّكِ عِندَنا

وإسجادَ عَينَيكِ الصَّيودَينِ رَامجُ

وسَجَدَ البعيرُ وأسجد : طأمن رأسه لراكبه ، قال :

وقُلنَ لهُ أسْجِدْ للَيْلى فأسْجَدَا

سجر ـ كلب مسجور ومسجَّر ومُسَوْجَر ، وقد سَجَرتُه وسجّرتُه وسَوْجَرْتُه : طوّقته السّاجُور وهو طوق من حديد مسمَّر بمسامير حديدة الأطراف. وبحر مسجور ومسجَّر.

٢٨٥

وعين مسجورة ومسجَّرة : مفعمة ، وسَجَرَ السّيلُ الآبارَ والأحساء. ومررنا بكلّ حاجر وساجر وهو كلّ مكان مرّ به السّيل فملأه. وسجر التَّنُّور : ملأه سَجوراً وهو وَقوده. وسجَره بالمِسْجرة وهي المِسعَر.

ومن المجاز : سجَرَتِ النّاقةُ سَجْراً وسجّرتْ تَسجيراً : مدّت حنينها في إثر ولدها وملأتْ به فاها ؛ قال :

حَنّتْ إلى بَرْكٍ فقُلتُ لها قُرِي

بعضَ الحَنينِ فإنّ سَجْرَكِ شائقي

ومنه ساجرتُه مُساجرة وهي المُخالّة والمخالطة ، وهو سَجيري وهم سُجَرائي لأن كلّ واحد منهما يسجُر إلى صاحبه : يحنّ ، ومنه ماء أسجَرُ وهو الذي خالطته كُدرة وحُمرة من ماء السّماء ، يقال : إنّ فيه لسُجْرَةً وإنّه لأسجر ، وقطرة سجراء. وعين سجراء ؛ قال الخُويْدرة :

بغَريضِ سارِيَةٍ أدَرّتْهُ الصَّبَا

من ماء أسجَرَ طيّبِ المُستَنقَعِ

وعين سجراء : خالطت بياضها حمرة ، وإن في عينك لسُجرةً. وفي أعناقهم السّواجير أي الأغلال.

سجس ـ لا آتيك سَجِيسَ الدّهر وسجيس اللّيالي وسجيس الأوْجَس أي طَوَال الدّهر ؛ قال قيس بن زُهير :

ولو لا ظلْمُهُ ما زِلْتُ أبكي

سَجيسَ الدّهر ما طلعَ النّجومُ

وقال الحنان الهذلي :

سَجيسَ الدّهرِ ما سَجَعتْ هَتوفٌ

على فَرْعٍ منَ البَلَدِ التّهامي

وقال الشَّنفَرَى :

هنالكَ لا أرْجو حَياةً تَسرُّني

سَجيسَ اللّيالي مُبْسَلاً بالجَرائِرِ

وكبش ساجِسيّ ، ونعجة ساجِسِيّة : كثيرة الصوف.

سجع ـ حمامة ساجعة وسَجوع ، وحمام سُجَّع وسواجع ، وسجَعَتْ إذا رَدَّدت صوتها على وجه واحد ، وكذلك سجعتِ النّاقة في حنينها.

ومن المجاز : رجل سجّاع وسجّاعة ، وكلام مسجوع ومسَجَّع ، وسجعه صاحبُه وسجَّعه وسجَّع فيه وهو أن يأتيَ بالقرينتين فصاعداً على نهج واحد. وفلان ساجع في سيره : مُستقيم لا يميل عن القصد ؛ قال ذو الرُّمّة :

إذا ما علوا أرْضاً تَرَى وَجهَ ركْبِها

إذا ما عَلَوْها مُكْفأً غيرَ ساجِعِ

سجف ـ بيتٌ مُسجَّف ، وحَجَلة مسجَّفة : مسترة ؛ قال الفرزدق :

إذا القُنْبُضَاتُ السُّود طَوْفنَ بالضُّحى

رَقَدنَ عَلَيهنَّ الحِجالُ المُسَجَّفُ

وأسجفتُ السِّترَ : أرسلته.

ومن المجاز : أرخى اللّيلُ سُجوفه ، وأسجفَ اللّيلُ وأسدفَ : أظلم.

سجل ـ سقيته سَجْلاً وسِجالاً وهو الدّلو العظيمة ، وساجله : باراه في الاستقاء. وكتَب عليه سِجِلًّا وعليهم سِجِلّاتٍ ، وسجَّل عليهم ، وكتاب مسجَّل.

ومن المجاز : ساجله : فاخره مساجلة. و «الحرب سجال» : مرَّة على هؤلاء وأخرى على هؤلاء. وله من المجد سَجْلٌ سَجِيل : ضخم ؛ قال الحطيئة :

إذا قايَسوهُ المَجدَ أربَى علَيهِمُ

بمُستَفرِغٍ ماء الذِّنابِ سَجيلِ

وجواد عظيم السَّجْل أي العطاء. وله بِرٌّ فائض السِّجال ، وأسجله : أكثر له من العطاء ، وأعطاه سَجْله من كذا أي نصيبه كما يُقال : ذَنوبه ؛ قال زهير :

تهامونَ نجدِيّونَ كَيداً ونُجعَةً

لكُلّ أناسٍ من وَقائعِهم سَجْلُ

وهذا مُسْجَلٌ له : مرسَل مطلق إن شاء أخذه وإن شاء لم يأخذه. وأُسجِلَتِ البَهمة مع أمّها وأُرْجِلَتْ إذا أُرسِلَتْ.

سجم ـ دمع ساجم ومسجوم ومنسجم ، ودموع سواجم وعيون سواجم ، وسَجَمتِ العينُ دمعها سَجْماً وسجَم الدّمعُ سُجُوماً.

ومن المجاز : مطر وسحاب ساجم وسجّام ؛ قال جرير :

٢٨٦

ضرَبتْ معارِفَها الرّواسِمُ بَعدَنا

وسِجالُ كلّ مُجلجِلٍ سجّامِ

وأرض مسجومة : ممطورة. وناقة سَجوم ومِسجام : درور ، وقد سَجَمتْ. وسجم عن الأمر : أبطأ وانقبض. ورجل سَجوم عن المكارم ، ومنه بعير أسجم : لا يرغو.

سجن ـ (السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ) وقرئ السَّجن ، ورجل مسجون ، وقوم مسجَّنون ، وسجّنوهم ، وتوعّدهم السّجّان.

ومن المجاز : سجَن لسانَه ، واسجُنْ لسانك. وفي الحديث : «ليس شيء أحقّ بطول سجن من لسان». وسجَن الهمَ : أضمره ؛ قال :

ولا تسجنَنّ الهَمّ إنّ لسجنِهِ

عَناءً وحَمّلْهُ المَطيّ النّواجِيَا

وضربٌ سَجِينٌ : يُثبت المضروب مكانَه ويحبسه.

سجو ـ سجا اللّيل والبحر إذا سكن سُجُوّاً ، وليل وبحر ساجٍ ؛ قال :

يا حَبّذا القمراءُ واللّيلُ السّاجْ

وطُرُقٌ مثلُ مُلاء النّسّاجْ

وريح سَجْواء : ليّنة. وناقة سجواء : تسكن حتى تُحلب ، وقد سَجَتِ الرّيح والحَلوبة. وهو على سجيّة حميدة وسجِيّات وسجايا وهي ما سجا عليه طبعه وثبت. وسَجّى الميتَ تسجية : غطّاه بثوب وهو من سجا اللّيلُ.

ومن المجاز : سَجِ معايبَ أخيك. وامرأة ساجية الطَّرف : فاترته.

سحب ـ سحَب ذيلَه فانسحب ، وأسحبَه الذيل. ومطرتْهم السّحابة والسّحاب والسّحائب والسُّحُب.

ومن المجاز : سحَبَتْ فيها الرّياحُ أذيالَها ، وانسحبتْ فيها ذلاذلُ الرّيح ، واسحبْ ذيلك على ما كان مني ، وتقول : ما استبقَى الرجلُ ودَّ صاحبه بمثل سحْبِ الذيل على معايبه. ورجل سَحوب : أكول شروب ، وسحَبتُ وتسحّبتُ من الطعام والشراب : تكثرت لأن من شأن المنهوم أن يجترّ المطاعم إلى نفسه ويستأثر بها على أصحابه. وأقمتُ عنده سَحابة نهاري : طوله ، قيل ذلك في نهارٍ مُغيم ثمّ ذهب مثلاً في كلّ نهار.

سحت ـ سَحَتَ شعرَه في الحلْق أو في الجزّ : استأصله. وسحَتَ الشّحمَ عن اللّحم : قشره. وسَحَتَ وجهَ الأرض : سَحَاه. وسُحِتَ في ختان الصَّبيِّ : بُولغ فيه واستُقصيَ حتى نُهِكَ. وفلان يأكل السُّحْتَ ، وأسحَتَ في تجارته : كسب السُّحْتَ.

ومن المجاز : (فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ) : فيُجهدكم به. وفلان مسحوت المِعدة : شرِهٌ.

سحج ـ سحَج جلدَه عودٌ أو غيرُه : قشره. وحمار مُسحَّجٌ : مُعَضَّض ، وعليه المساحج والمكادم : آثار العض.

ومن المجاز : سحجَتِ الرّياحُ الأرضَ ، ورياح سواهج سواحج.

سحح ـ سحَ الماءُ ، وسحَّه غيرُه ، يقال : سحابة سَحوح ، وسَحّتِ السّماء مطرها ، وسحّ المطرُ والدّمعُ.

ومن المجاز : استنشدته قصيدة فسحّها عليّ سَحّاً. وفرس مِسَحٌ : عدّاء. وشاة ساحٌ : تسُحّ الودَك لسمنها ، وسحّتْ سُحوحاً. وتمر فَذٌّ وسَحٌ : متفرّق. و «يمين الله سحّاء لا يَغيضها شيء اللّيلَ والنّهارَ». وغارة سحّاء : شعواء.

سحر ـ كلّ ذي سُحْر وسَحْر أو سَحَر يتنفّس وهو الرّئة.

ومن المجاز : سَحَرَه وهو مسحور ، وإنّه لمسحَّر : سُحِر مرّة بعد أخرى حتى تخبّل عقله (إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) وأصله من سَحَرَه إذا أصاب سَحْرَه. ولقيته سَحَراً وسُحرةً وبالسَّحَر وفي أعلى السَّحَرَين وهما سَحَرٌ مع الصُّبْح وسَحَرٌ قبله كما يقال : الفجران للكاذب والصّادق ، وأسحَرْنا مثل أصبَحْنا ، واستَحَرُوا : خرجوا سَحَراً. وتسحّرتُ : أكلتُ السَّحور ، وسحرني فلان ، وإنّما سمّي السَّحَر استعارة لأنَّه وقت إدبار اللّيل وإقبال النّهار فهو متنفَّس الصُّبح. ويقال : انتفخ سَحْرُه وانتفختْ مساحره إذا ملَّ وجبن. وانقطع منه سَحْري إذا يئستَ. وأنا منه غير صريمِ سَحْر : غير قانط وبلغ سَحَرَ الأرض وأسحارَها : أطرافها وأواخرها استعارة من أسحار اللّيالي. وجاء فلان بالسّحْر في كلامه. وفي الحديث : «إن من البيان لسحراً».

٢٨٧

والمرأة تَسحَر النّاس بعينِها ، ولها عين ساحرة ، ولهن عيون سواحر. ولعب الصّبيان بالسَّحّارة وهي لُعْبة فيها خَيط يخرج من جانب على لون ومن جانب على لون. وأرض ساحرة السّرَاب ؛ قال ذو الرّمّة :

وساحرَةِ السّرابِ مِنَ الموامي

تَرَقَّصُ في عَساقِلِها الأُرُومُ

وعَنْز مسحورة : قليلة اللّبن. وأرض مسحورة : لا تُنبت. وسحَرتُه عن كذا : صرفته.

سحط ـ سَحَطَ الشّاةَ سَحْطاً وهو ذَبْح وحِيٌّ.

ومن المجاز : أنا كالشَّجَا في مَسْحَطه أي في حلْقه ؛ قال :

وساخِطٍ مِن غَيرِ شيء مُسْخِطِهْ

كنتُ لهُ مثل الشَّجَا في مَسْحَطِهْ

وتقول : غَمٌّ لا أبا لكَ ساحِط أن تبيتَ والمولى عليك ساخط.

سحف ـ سَحَف الشَّعرَ عن الجلد إذا كشطه من أصوله. وسحَف رأسه : حلقَه. وأخذ سَحْفة الشّاة وسَحيفَتَها وسحائفَها وهي طرائق الشّحْم من السِّمَن. واسْحنفر الخطيبُ في خُطبته : جدّ فيها واحتَشد. وجَفنَةٌ مُسحَنفِرَةٌ : ملأى. يقال : مرّ في خُطبته مسحنفِراً : لا تَكَفُّفَ ولا توقُّف.

سحق ـ سَحَقَ الدّواء. ومِسك سحيق. وبلد سحيق ، وسُحقاً له. وأسحقه الله. ونخْلة سَحوق ، ونخيل سُحُق. وثوب سَحْق ، ورأيتُ عليه سَحْق بُرْد وسَحْق عِمامة. وأسحق الضّرعُ : ذهب لبنُه.

ومن المجاز : سحقتِ الرّياحُ الأرض : قشرتْها بشدّة هُبوبها. وسَحَقَه البِلى ومَحَقَه فانسحَق. ولعن الله السَّحّاقات ، وقد سحقَتْها وساحقَتْها وهما تتساحقان. وسَحَقَتِ العينُ الدّمع : سحّتْه ، ودموع مساحيق ، وجرتْ من عينه مساحيق الدّموع.

سحل ـ سحل الخشبة بالمِسْحَل وهو المِبرد ، وهذه سُحالة الحديد : لبُرَادته. وثوبٌ سَحْل : أبيض ، وثياب سُحول وسُحُل. وسَحَل الحمارُ سَحيلاً وسُحالاً وهو مِسحَل. واستاكت بالإسْحِل وهو شجر.

ومن المجاز : سَحَلَتِ الرّياحُ الأرض : كشطت أدَمتها. وقَعد بالسّاحل وهو ما يَسْحَله الماء من شاطئ البحر ، وساحَلَ فلان : أتى السّاحِل. وخطيب مِسْحَل. ولسان مِسْحل : جُعِل كالمِبرد. وركِب فلان مِسحله إذا مضى على عزمه. وتقول : إذا ركب فلان مِسْحَلَهْ أعجز الأعشى ومِسْحَلَهْ ؛ أي إذا مضى في قريضه ، والمِسحل تابعة الأعشى ؛ وقال رجل من بني يشكر :

لأقضِيَنّ قَضَاءً غيرَ ذي جَنَفٍ

بالحَقّ بينَ حُمَيدٍ والطّرِمّاحِ

جرَى الطّرِمّاحُ حتى دُقّ مِسْحَلُه

وغُودِرَ العَبدُ مَقروناً بوَضّاحِ

وطعن في مِسحل الضّلالة : صمّمَ عليها ، وأصله الفرس الجموح يَعَضّ على شكيمته ويمضي راكباً رأسه ، والمِسحلان حَلْقتان في طَرفَي الشكيمة. وعن عليّ رضي الله تعالى عنه : «إنّ بني أميّة لا يزالون يَطْعَنون في مِسحَل ضلالة». وشابَ مِسْحَلُه أي عارِضُه ، استعير من مِسْحَل اللّجام ؛ قال جندل :

عُلّقتُها وقد نَزَا في مِسْحلي

شيبٌ وقد حازَ الجَلا مُرَجَّلي

وقال :

بل إنْ تَرَيْ شَمَطاً تَفَرَّع لِمّتي

وحَنَى قَنَاتي وارْتَقَى في مِسحَلي

وأخذ في سورة كذا فَسَحَلها كلّها أي هذّها هذّاً.

سحم ـ غرابٌ أسحمُ بيّن السُّحمة وهي السّواد ، وسحاب أسحمُ ، وغمامة سحماء. وسحّموا وجهه وسخّموه : حَمّموه.

سحن ـ له سَحَنة وسَحْنة حسَنَة وسَحْناء حَسْناء وهي الهيئة.

سحو ـ أخذتُ من القرطاس سَحَاءة وهي ما يُقْشَر عن ظاهره ليُشَدّ به الكتابُ ، وأسحيتُ الكتاب وسحّيتُه تسحيَة. وفي الحديث : «أترِبُوا الكِتابَ وسَحُّوه من أسفله». وسحوتُ القِرطاس والجِلْد : قشرتُ منه شيئاً رقيقاً. وسحوتُ الأرض

٢٨٨

بالمِسحاة : جرفْتُها. والجزَّار يَسْحُو الجِلد عن اللّحم والشّحمَ عن الجلد. وقشَرْتُ سَحَاةَ النّواة. وما في السّماء سَحَاة من سَحَاب بوزن قَطَاة ، ومطْرَة ساحية : تقشِر الأرضَ.

سخب ـ ما في جِيدِها سَخَاب وهو قِلادة من قَرَنْفُل وسُكّ ومَحْلَب لا جوهَرَ فيه وجمعه سُخُب.

ومن المجاز : وجدتُك مارِثَ السَّخَاب أي مثل الصّبيّ لا عِلْمَ لك.

سخر ـ فلان سُخْرَةٌ سُخَرَةٌ : يضحك منه النّاس ويضحك منهم ، وسخِرتُ منه واستسخرتُ ، واتخذوه سُخْرِيّاً ، وهو مَسْخَرة من المَساخر ، وتقول : رُبّ مَساخر يعدّها النّاس مَفاخر. وسخّره الله لك ، وهؤلاء سُخْرَة للسلطان يَتَسَخّرُهم : يستعملهم بغير أجْر.

ومن المجاز : مواخِرُ سَواخِرُ : سفُن طابتْ لها الرّيح. ويقولون : أنا أقول هذا ولا أسخر أي ولا أقول إلّا ما هو حقّ ؛ قال الرّاعي :

تَغَيّرَ قَوْمي وَلا أسخَرُ

وما حُمّ مِنْ قَدَرٍ يُقْدَرُ

سخط ـ سخِط عليه سَخَطاً وسُخْطاً ، وأنا ساخط ، وهو مسخوط عليه وأسخَطَه ، وأعطاه قليلاً فتسخّطه : لم يرْضَه وسَخِطه ، وعطاء مسخوط : مكروه. والبِرّ مَرْضاة للرّبّ مَسْخَطَة للشّيطان. ولا تتعرّضْ لسَخْطة الملِك.

سخف ـ فيه سُخْف ، وهو سخيف العقل : ناقصه ؛ قال :

وأُمُّكَ حينَ تُذْكَرُ أُمُّ صِدْقٍ

ولكنّ ابنَها طَبِعٌ سَخيف

وقد سَخُفَ الثّوبُ سَخافة ، وهو سخيف النّسج. وأجِد على كَبِدي سُخْفَة وسَخْفة من جوع وهي رقّة الكَبِد وخِفّة تَعتَري الجائع ، وسَخّفني الجوع تَسخيفاً.

سخل ـ ما الكِباش كالسِّخال. وسَخَّلتِ النّخلة : أتت بالسُّخَّل وهو الشِّيص.

سخم ـ سخّم الله تعالى وجهه : طلاه بالسُّخام وهو سواد القِدر والفحْم. وشَعرٌ وريشٌ سُخَامٌ : لَيّن ، وثوبٌ سُخامٌ : ليّن المسّ كالخَزّ ؛ وقال أبو النّجم يصف سَراباً :

كأنّه بالصَّحْصَحانِ الأنجَلِ

قُطْنٌ سُخَامٌ بأيادي غُزَّلِ

وسَلَلْتُ سخيمته باللّطف والترضّي ، وفي قلوبهم سخائِم.

سخن ـ ماء سُخْن وسَخِين ، وسَخّنتُه وأسخَنْتُه في المِسْخَنَة ، وسَخُن وسَخَن وسَخِن الماء سُخُونة ، ويوم سُخْن وسَخْنَانٌ ، وليلةٌ سُخْنٌ وسَخْنَانة ، وقد سَخُن يومُنا وسَخُنت ليلتنا. وقَرَوْنا بالسَّخينَة وهي حَسَاء عَمِلتْه قريش في قَحْط فَنُبِزُوا به ؛ قال كعب بن مالك :

زَعمَتْ سخِينَةُ أنْ ستَغلِبُ رَبَّها

ولَيُغْلَبَنَّ مُغالِبُ الغَلَّابِ

ولبسوا التّساخين وهي الخِفاف.

ومن المجاز : سَخُنَتِ الدابة في سيرها إذا انبسطت فيه ؛ قال لبيد :

رَفّعْتُها طَرْدَ النَّعامِ وفَوْقَهُ

حتى إذا سَخُنَتْ وخَفّ عِظامُها

وسخِنت عينُه ، بالكسر ، وهذا سُخنة لعينه ، وعينٌ سخينة ، وأسخن الله تعالى عينك. وعليك بالأمر في سُخنته أي في أوّله قبل أن يبرُدَ. وسخّنه بالضرب إذا ضربه ضرباً مُوجِعاً ، وقد سخُن ضربه سُخونة ، وما أسخَن ضربَك.

سخو ـ رجل سخيّ وقوم أسخياء وفيه سخاء ، وقد سَخا وسَخُو ، وهو يتسخّى على أصحابه ويتندّى. وأسخيتُ الجَمْر تحت القِدر وسخّيته وسَخَوته إذا فرّجته لتجعل فيه مذْهباً للنّار.

ومن المجاز : سخّيتُ نفسي وبنفسي عن هذا الأمر إذا تركتَه ولم تنازعك إليه نفسك ؛ قال الخليل بن أحمد :

سَخّى بنَفسِيَ أنّي لا أرَى أحداً

يَموتُ هَزْلاً ولا يَبقى على حالِ

سدح ـ رأيتُه مُنسدِحاً : مستلقياً مُفَرِّجاً رِجليه ، وسدَحتُه إذا بطَحتَه ، وسَدَح القِرْبة : أضجعها ؛ وأنشد المفَضَّل :

بينَ الأراكِ وبينَ النّخلِ تَسْدَحهم

زُرْقُ الأسِنّةِ في أطرافِها شَبَمُ

٢٨٩

سدد ـ سَدّ الثُّلمة فانسَدّتْ واستَدّتْ ، وهذا سِدادها. وضُرب بينهما سَدّ وسُدّ ، وضُربتْ بينهما الأسداد ، وغشِيتُ سُدّة فلان وهي ما بين يديْ بابه أو بابُه ؛ قال :

ترَى الوُفودَ قياماً عندَ سُدّتِهِ

يغشونَ بابَ مَزُورٍ غيرِ زَوّارِ

وفي الحديث : «الشُّعث الرّؤوس الذين لا تُفتح لهم السُّدد». أي الأبواب. وهو على سَداد من أمره وسَدَدٍ. وقلت له سَداداً من القول وسَدَداً : صواباً ؛ قال كعب :

ما ذا عَلَيها وما ذا كان يَنقُصُها

يوْمَ التّرَحّلِ لوْ قالتْ لنا سَدَدَا

واللهمّ سدّدني : وفّقني. وسدّ الرّجلُ يسِدّ ، بكسر السين : صار سديداً ، وسَدّ قوله وأمره يسَدّ ، بفتح السين ، وأمر سديد. وأسدّ واستدّ ساعده ، وتسدّد على الرّمي : استقام ؛ قال :

أعلّمُهُ الرّمايَةَ كُلَّ يَوْمٍ

فلمّا استَدّ ساعدُهُ رَمَاني

وسَدّد السّهمَ نحوه ، وسَدّ السّهمُ بنفسه.

ومن المجاز : فيه «سِدادٌ من عوز» ، بكسر السين. وجراد سُدٌّ : يسُدّ الأفق من كثرته ؛ قال العجّاج :

سيلُ الجراد السُّدِّ يرْتادُ الخُضَرْ

آواهُ لَيلٌ غَرِضاً ثمّ ابتَكَرْ

وفثأتْ عنه ضُحى الشّرْقِ الخصَرْ

فمَدّ أعرافَ العَجاجِ وانتَشَرْ

أي غرض بمكانه يريد الانتشار ومع الجراد تهيج غبرة إذا طار ، شبّه به الجيش. وفلان بريء من الأسِدّة وهي العيوب ، يقال : ما به سِداد أي عيب يسدّ فاه فلا يتكلّم. وهو يسُدّ مسدّ أبيه ، وهم يسُدّون مسادّ أسلافهم. وهو من أُسْد المُسَدّ وهو بستان بني مَعمَر. وأتتنا الرّيح من سَداد أرضهم : من قصدها ؛ قال :

إذا الرّيحُ جاءت من سَدادِ بلادِها

أتانا بها مِسْكٌ ذَكيٌّ وعَنبَرُ

وعين سادّة : ذهب نورها وهي قائمة.

سدر ـ سَدِرَ بصرُه واسمدرّ إذا تحيّر فلم يحسن الإدراك ، وفي بصره سَدَر وسمادير ، وعينه سَدِرة. وإنّه لسادِرٌ في الغيّ : تائه. وتكلّم سادراً : غير متثبت في كلامه ؛ قال :

ولا تَنطِقِ العوْراءَ في القوْمِ سادِراً

فإنّ لها ، فاعلَمْ ، منَ القَوْمِ واعِيَا

ومن المجاز : يقال للفارغ : «جاء يضرب أسْدَرَيْهِ» أي منكبيه.

سدس ـ إزارٌ سَديسٌ وسُداسيّ : ستّ أذرع ؛ قال عمر ابن أبي ربيعة :

يعجِزُ المِطْرَفُ العشاريُّ عَنها

والإزارُ السَّديسُ ذو الصَّنِفاتِ

وأسدس البعيرُ : ألقى سَديسه وذلك في الثامنة ، وبعيرٌ سَدَس وسديس ، وألقى سَدَسَه وسديسه ، ووردتِ الإبل سِدْساً.

ومن المجاز : قولهم : «ضرب أخماساً لأسداس» ؛ قال الكميت :

ألَستُم أيقَظَ الأقوامِ أفئِدَةً

وأضربَ النّاس أخماساً لأعْشارِ

سدف ـ أسدفَتِ المرأةُ : أرختْ قناعَها. والجفان مكلَّلة بالسَّديف وهو قِطع السّنام. وكلّمتْني من وراء سِدافتها أي سِتارتها.

ومن المجاز : أسدَف اللّيلُ : أظلم. وجاء فلان في السَّدَف والسُّدْفَة ، ومنه رأيتُ سَدَفه أي شخصه من بعيد كما تقول : رأيتُ سواده ؛ وقال ابن دريد : هو بالشين.

سدك ـ سَدِك به : لزمه ، وسدِكْتَ بهذا المكان لا تبرح ، وفي مثل : «سَدِكَ بامرئٍ جُعَلُهُ» : لمن لزق بك فلا يفارقك. ورجل سَدِكٌ : لجوج. وهو سَدِكٌ بالرّمح : رفيق بتصريفه والطّعن به.

سدل ـ سَدَلَ الثّوبَ سَدْلاً : أرخاه ، وسدلتْ سِترها وشَعرَها ، وسِتر وشَعر مسدول ، وقد انسدل فهو منسدل.

ومن المجاز : أرخى اللّيل سدوله ؛ قال :

بأطيبَ مِن ريّاكِ يا أمّ سالِمٍ

تَنَفَّحُ والظَّلماءُ مُرْخًى سُدولُها

٢٩٠

وجثته وسِتر اللّيل مسدول.

سدم ـ سَدِمَ الماءُ : تغيّر لطول عهده وطَحْلب ووقع فيه التراب وغيره حتى اندفن ، وماء سَدِمٌ وسَدوم ومياه أسدام وسُدُمٌ ، ويقال : ماء أسدام وسُدُم على وصف الواحد بالجمع مبالغة كقوله : ومِعًى جِياعاً ؛ قال :

ومنهَل ورَدتُهُ سَدُوما

زَجرْتُ فيه عَيْهلاً رَسوما

جمل وناقة عيهل : صفة بالسرعة. ويقال : ماء سِدامٌ ، وسَدّمه طول العهد بالشاربة. ورجل نادم سادم : متغير من الغمّ ، وندمان سدمان. وبعير سَدِم ومسدَّم : قَطِمٌ ممنوع من الضّراب فهو شديد الغمّ والغضب. و «أجْور من قاضي سَدوم».

سدن ـ هم سَدَنة البيت : حجَبَته ، والسِّدانة في بني شيْبة. وسَدَن السّتر وسدله : أرخاه ، وأسبل على الهودج سِدْله وسِدْنَه ؛ قال زَفَيانُ :

ما ذا تَذكّرْتَ منَ الأظْعانِ

طَوَالِعاً مِنْ نحوِ ذي بُوَانِ

كأنّما عَلّقْنَ بالأسْدانِ

يانعَ حُمّاضٍ وأُرْجُوانِ

وهو سادِنُ فلان وآذنه : لحاجبه.

سدي ـ جمل سُدًى ، وإبل سُدًى : مهملة ، وقوم سُدًى ، وأرض سُدًى : لا تُعمَر. ووقع النَّدى والسَّدى وهو ما يقع باللّيل. وهذا الثّوب سَداه حرير ، وأسديته ، وأسدى الحائك الثّوبَ وسدّاه.

ومن المجاز : قد أسدَيتَ فألحِم وأسرجتَ فألجم ، وأسدَى إليه معروفاً. وسدّى منطِقاً حسناً. وسدّى عليه الوُشاةُ ؛ قال عمر بن أبي ربيعة :

وإنّا لمَحقُوقونَ أن لا تردّنا

أقاويلُ ما سَدَّوْا علَينا ولَصّقُوا

ويقال : أمر مُبرم مُسدًّى مُلحَم ؛ قال أبو النّجم :

رَامَ بها أمراً مُسدًّى مُلحَما

وأسدَى بين القوم : أصلح. وما أنت بلُحْمة ولا سَداةٍ : لا تضرّ ولا تنفع. والرّيح تُسدي المعالم وتنيرها ؛ قال عمر بن أبي ربيعة :

لمنِ الدّيارُ كأنّهُنّ سُطُورُ

تُسدي مَعالمَها الصَّبا وتُنِيرُ

وتسدّاه : علاه وأخذه من فوقه كما يفعل سَدَى اللّيل ؛ قال :

وَما أبُو ضَمرَةَ بالرّثّ الوَانْ

يوْمَ تَسَدّى الحكمَ بن مَرْوانْ

وذلك أنّه أخذ بناصيته وهو على فرس.

سرأ ـ أسرأ من الجرادة : أبيض ، وسَرْؤها : بَيْضها ، وقد سرَأتْ.

سرب ـ سَرَبَ في الأرض سُروباً : مضى فيها. وهو يَسرُب النّهارَ كلّه في حوائجه. وسرَبَ الماءُ : جرى على وجه الأرض ، وهذا مَسرَبُ الماء. وسَرَبَ النَّعَمُ : توجّه للرّعي. ومالٌ سارِبٌ ، ومن ذلك قيل للطريق : السَّرْبُ لأنّه يُسرَب فيه. وللمال الرّاعي : السَّرْبُ لأنّه يَسرُب ، وكلاهما بالفتح ، يقال : خلِّ له سَرْبه : طريقه ؛ قال ذو الرّمّة :

خَلَّى لها سَرْبَ أُولاها وهَيّجَهَا

من خَلفِها لا حقُ الصُّقلَينِ هِمهيمُ

وأطلقَ الأسيرَ وخلّى سَرْبه ، ومنه : «مَنْ أصْبَحَ آمِناً في سَرْبه». في متقلَّبه ومتصرَّفه ويأبَى تفسيره بالمال قوله : «له قُوتُ يومِهِ». ورُوي بالكسر ، أي في حُرَمه وعياله ، مستعار من سِرْبِ الظّباء والبقر والقطا. ويقال : مرّ سِرْبٌ وأسراب ، ومرّت سُرْبة وهي الطائفة من السِّرْب. وأُغير على سَرْبِ القوم : نَعَمِهم. و «اذهبي فلا أَندَهُ سَرْبَكِ». وقال :

يا ثُكلَها قد ثَكِلَتهُ أرْوَعَا

أبيضَ يحمي السَّرْبَ أن يُفزَّعَا

وللوحش والنَّعَم والنّحل : مسارب ومسارح ؛ قال المسيَّب يصف نحلاً :

سود الرّؤوسِ لصَوتِها زَجَلٌ

مَحْفُوفَة بمَسارِبٍ خُضْرِ

وفلان بعيد السُّرْبة أي المذهب. واتخذ سَرَباً وأسراباً ونَفَقاً

٢٩١

وأنفاقاً. وسرّب سَرَباً : عمله. وسال سَرَبُ القِربَةِ وهو الماء الذي يقطر من خُرَزها ، وسِقاء سَرِب وماء سرِب ، وقد سَرِبَ سَرَباً ، وسَرِّبِ القِربةَ : اجعل فيها ماء ليسدّ الخرز. وهو دقيق المَسْرَبة وهي الشّعر السّائل من الصدر إلى العانة. وتقول : أخدع من سَراب و «أشأم من سَراب» وهي ناقة البسوس.

ومن المجاز : سَرِّبْ عليّ الخيلَ والإبلَ : أرسلها سُرَباً. وسرّبتُ إليه الأشياء : أعطيته إيّاها واحداً بعد واحد. وأُخضلتْ مساربُ عينيه وهي مجاري الدّمع ؛ قال عمر بن أبي ربيعة :

أقولُ لأسماء اشتكاءً وأخضَلتْ

مساربَ عينيّ الدّموعُ السّواجمُ

سرج ـ أسْرَجَ السّراجَ وهو الزاهر ، ووضع المِسْرَجة على المَسْرَجَة ، المكسورة التي فيها الفتيلة ، والمفتوحة التي توضع عليها ، وكأن في وجهه السُّرُجَ. والسيوف السُّرَيْجِيّة ؛ قال يصف خيلاً :

كِراماً أبَتْ أربابُها أن تَبيعَها

وباعوا السُّرَيجيّاتِ والأسلَ السُّمرَا

وفرس مُلجَم مُسرَج.

ومن المجاز : سرّج الله تعالى وجهَه : حسّنه وبهّجه ، ووجه مُسرَّج. والشمس سِراج النهار. والهدى سراج المؤمنين ، ومحمّد رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم السّراج الوَهّاج. وإنّه لسَرّاج مرّاج : كذاب يزيد في حديثه ، وقد سرَج عليّ أُسْرُوجة ؛ قال :

وإنّيَ فيما قلتُ فيهِ لَصَادِقٌ

إذا هوَ أخطا خُطّةَ الحقّ سارجُ

وإنّه ليسرّج الأحاديث تسريجاً ، وتسرّج عليّ : تكذّب.

سرح ـ سرّح الصبيانَ والدّوابّ. وسرّح إليه رسولاً. وسرّحتْ شَعرَها : مشَطته. وسرّح الشاعر الشِّعر ؛ قال جرير :

ألمْ تَعْلَمْ مُسَرَّحيَ القَوَافي

فلا عِيّاً بهِنّ وَلا اجْتِلابَا

وأمرٌ سَريح : لا مَطل فيه. وإن خيرك لَسريح. وفعل ذلك في سَريح. وناقة سُرُح ومنسرحة : سريعة سهلة السّير ، وقد انسرحتْ في سيرها. وهو منسرحٌ من ثيابه : خارج منها ؛ قال رؤبة :

مُنسَرِحٌ إلّا ذَعاليبَ الخِرَقْ

وأنشد الأصمعي :

ورُبّ كُلّ شَوْذَبيٍ مُنسَرِحْ

منَ الثّيابِ غَيرَ جَرْدٍ ما نُصِحْ

ما خِيط. وخرج إلى سَرْح له وهو المال السّارح ، وسرَحه في المرعى سرْحاً ، وسرَح بنفسه سروحاً. وسرَحَ السّيلُ ، وسيلٌ سارح : يجري جرياً سهلاً. وسرَح البولُ بعد احتباسه : انفجر. وفرس كالسِّرحان ، وخيل كالسِّراح. والدنيا ظلّ سَرْحه مشفوعة فرحتها بترحه. وفرس سُرْحوب : طويل ، وخيل سراحيب.

ومن المجاز : قولهم لامرأة الرّجل : هي سَرْحَتُه. وسرّحك الله تعالى للخير : وفّقك. وفلان يسرَح في أعراض النّاس : يغتابهم. وهو منسرح من أثواب الكرم : منسلخ. وفي مثل : «السَّراح من النّجاح».

سرد ـ سرَد النّعلَ وغيرها : خرزها ؛ قال الشمّاخ يصف حُمُراً :

شكَكنَ بأحساء الذِّنابِ على هَوًى

كما تابعتْ سَرْدَ العِنانِ الخوارِزُ

أي تتابعن على هوى الماء. وثقَبَ الجلدَ بالمِسْرَد والسِّراد وهو الإشفَى الذي في طرفه خَرْق. وسرَد الدّرعَ إذا شكّ طرفي كلّ حلقتين وسمّرهما ، ودرع مَسرودة ، ولَبوسٌ مُسرَّد.

ومن المجاز : جاؤوا عليهم السَّرْدُ وهو الحَلَق تسمية بالمصدر ، ولأمة سَرْدٌ ؛ قال ذو الرّمّة :

كأنّ جُنُوبَ اللأمَةِ السَّرْدِ شَدّها

على نَفسِهِ عبلُ الذّراعينِ مُخدِرُ

ونجومٌ سَرْدٌ : متتابعة ؛ قال :

دَعوْتُ سعداً والنّجومُ سَرْدُ

لرِحلَةٍ وغَيرها يَوَدُّ

فقالَ نَمْ ما بالبِلادِ بُعْدُ

أنّى لكَ النّوْمُ هُنا يا سَعدُ

٢٩٢

وقيل لأعرابيّ : ما الأشهر الحرم؟ فقال : ثلاثة سَرْدٌ وواحدٌ فَرْدٌ. وتسرّد الدُّرُّ : تتابع في النّظام. ولؤلؤ متسرِّد ؛ قال النّابغة :

أخذَ العذارَى عقدَه فنَظَمنَهُ

منْ لُؤلُؤ مُتَتابِعٍ مُتَسرِّدِ

وتسرّد دمعُه كما يتسرّد اللّؤلُؤ. وسَرَدَ الحديثَ والقراءةَ : جاء بهما على وِلاء. وفلانٌ يخرِق الأعراض بمسرده أي بلسانه. وهو ابن أمّ مِسرَد : لابن الأَمة لأنّها من الخوارز ؛ قال الرّاعي :

بكتْ عينُ مَن أبكَى دمُوعَك إنّما

وَشَى بكِ واشٍ من بني أُمّ مِسْرَدِ

وماشٍ مِسْرَدٌ : يتابع خطاه في مشيه.

سرر ـ أسرّ الحديثَ ، واستسرّ الأمرُ : خفيَ ، ووقفتُ على مُستسَرّه. واستسرّ القمرُ. وهذه ليلة السِّرار. وأفشى سرّه وسريرته وأسراره وسرائره. وهم طعّانون في السُّرَر ، وتعلّمتُ العلم قبل أن يُقطع سُرُّك وسُرَرُك وهو ما يُقطع وأمّا السُّرّة فهي الوَقْبة. وبرقَتْ أسِرّةُ وجهه وأساريره. ونظرتُ إلى أسرار كفّه. وهو في سُرور ومَسرّة ومسارّ ، وسُرّ به واستَسَرّ.

ومن المجاز : أعطيتك سِرّه : خالصه. وهو في سرّ النّسب : محضه. وواعدها سِرّاً : نكاحاً والتقى السِّرّان : الفرجان ؛ قال :

ما بالُ عِرْسي لا تَبشُّ كعَهدها

لما رَأتْ سِرّي تَغَيّرَ وَانثَنَى

وقالت :

لا يَمُدَّنَّ إلى سِرّي يَداً

وإلى ما شاء منّي فَليَمُدّ

ونزلوا بسِرّ الوادي وسُرّته وسَرارته. وهو في سَرارةٍ من عيشه. وضربَ سريرَ رأسه وهو مستقرّه من العنق ، وضربوا أسِرّة رؤوسهم ؛ قال :

ضَرْباً يُزيلُ الهَامَ عن سَريرِه

وزال عن سريره : ذهب عزُّه ونعمته. وإذا حُكّ بعضُ جسده أو غُمز فاستلذّه قيل : هو يستارّ إلى ذلك ، وإنّي لأتسارّ إلى ما تكره أي أستلذّه.

سرط ـ سَرِطَ الشيءَ واسترطه وتسرّطه قليلاً قليلاً. ورجل سَرَطان وسِرْطِم ، ومنه السَّرَطْراط والسِّرِطْراط الفالوذ. وبقوائمه سَرَطان وهو داء الفيل. وسلكوا سِراطاً سَوِيّاً.

ومن المجاز : سيفٌ سُراط : قطّاع. وفرس سَرَطانٌ وسَرَطانُ الجري كأنّه يسترط العدوَ ويلتهمه. وهو في دينه على سِراط مستقيم. وفي مثل : «الأخذُ سُرَّيْطَى والقضاء ضُرَّيْطَى».

سرع ـ سيرٌ سَريع ، وجاء سريعاً. وفرس سريع ، وخيل سِراع. وتقول : كيف يلحق البطاءُ السِّراع والقَطوفُ الوَساع. وقد سرُع إلى الأمر وما كان سريعاً ، وقد سرُع سَراعة وسَرَعاً وسِرَعاً وسُرعة ، وأسرعَ المشيَ. وأسرع في كفاية المهمّ ، وهم يسارعون إلى الخير ويتسارعون إليه ، (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) ، وفلان يتسرّع إلى الشرّ. ولَسُرْعان ولسَرْعانَ ولسِرْعانَ ما جئت ولوَشْكان ولعَجْلان ، وروَى الكسائيّ فيه الحركاتِ الثلاث. وفي مثل «سَرْعانَ ذا إهالةً» ؛ وقال :

أتخطُبُ فيهِمْ بعدَ قتلِ رِجالهِمْ

لَسَرْعانَ هذا والدِّماءُ تَصَبَّبُ

ويقال : سَرْعَ ذاك ، بغير ألف ونون ، والأصل سَرُع ؛ قال مالك بن زغبة الباهليّ :

أنوراً سَرْعَ هذا يا فَرُوقُ

وحَبلُ الوَصْلِ منتَكِثٌ حَذيقُ

وخرج في سَرْعانِ النّاس : في أوائلهم الذين يستبقون إلى أمْر. وكأنّ بنانتها أُسْروع ، وكأن بنانها أساريع ؛ وأنشدني أبي رحمه‌الله تعالى :

أماطَتْ لِثاماً عَن أقاحي الدَّمَائِثِ

بمِثْلِ أساريعِ الحُقُوفِ العَثَاعِثِ

وتقول : كأن جِيدها جيد ظبي وكأن بنانها أساريع ظبي. وقوس ذات أساريعَ : خطوط فيها وطُرُق ؛ قال بِشْر :

٢٩٣

فأنْفذ حِضْنه مِنْ قوْسِ نَبْعٍ

كَتُومٍ في أسارِعِها اصْفِرَارُ

وثغر ذو أساريع : ذو ظَلْمٍ ؛ قال عمر بن أبي ربيعة :

نَضِيرٌ تَرَى فيهِ أساريعَ مَائِهِ

صَبيحٌ تُغاديهِ الأكُفُّ النّوَاعِمُ

أراد أسِرّتَه التي تَبْرُق.

سرف ـ عُود مسروف وقد سُرِف إذا أكلَتْه السُّرْفَةُ ، ومنه السَّرَف الذي هو مجاوزة الحدّ في النفقة وغيرها ، وقد أسْرف في كذا وهو مُسرِف ، وتقول : يفعل السَّرَف بالنَّشَب ما يفعل السُّرَف بالخشب. وأرض سَرِفة : كثيرة السُّرَف.

ومن المجاز : شاة مسروفة : استُؤصِلت أُذُنها. وسَرَفَت المرأةُ ولدَها : أفسدته بكثرة اللّبن. وذهب ماء البئر سَرَفاً : ضيْعة. ورجل سَرِف الفؤاد وسَرِف العقل : فاسده ؛ وأصله من سَرَفَتِ السُّرْفَةُ الخَشَبَةَ فَسرِفَتْ ، كما تقول : حَطَمَتْهُ السّنُّ فحَطِمَ ، وصعقتْه السّماءُ فصَعِق.

سرق ـ سارقٌ بيّن السَّرِقَة والسَّرَق والسَّرِق. ويقول بائع العَبْد : بَرِئَتُ إليك من الإباق والسَّرَق ؛ وأنشد أبو المِقْدام :

سرَقتُ مالَ أبي يوْماً فأدّبَني

وجُلُّ مالِ أبي يا قوْمَنا سَرِقُ

وهذه سُراقة فلان : لما نال من السَّرِقة ؛ وبها سُمّي سُراقة ، ومعَه من سُراقات الشِّعر ؛ قال ابن مقبل :

وأمّا سُراقاتُ الهِجاء فإنّني

أنا ابنُ جَلا قد تَعرِفونَ مكانيا

وسَرَق منه مالاً وسرَقه مالاً. ويقال : «سُرِق السّارق فانتحر» ، وسمعتُ منهم من يقول : سُرِقتُ يا قوم سُرِقَتْ غُرْفتي ؛ قال :

وتَبِيتُ مُنْتَبَذَ القَذُو

رِ كأنّما سُرِقتْ بيوتُكْ

أي حيث تَعتزِل القَذورُ من النّوق فتبرُك ناحيةً من الإبل. وسرّقتُه : نسبتُه إلى السَّرِقة. وهو يَتّجِر في السَّرَق وهو أجود الحرير ، تعريب سَرَهْ ، ورأيتُه عليه سَرَقَة.

ومن المجاز : استَرَق السّمع ، وسارقه النّظرَ. واستَرَقَ الكاتبُ بعضَ المحاسبات إذا لم يُبرِزه. وسرَقْنا ليلة من الشّهر إذا نَعِمُوا فيها. وسُرِق صوتُه ، وهو مسروق الصّوت إذا بَحّ صوتُه ، وغَزال مسروق البُغام. ورجل مُستَرَق العُنُق : قصيرها مُقَبَّضُها ؛ وأنشد أبو عبيدة :

عَكَوَّكٌ إذا مَشَى دِرْحَايَهْ

مُسْتَرَقُ العُنْقِ قَصِيرُ الدّايَهْ

رَدَدْتُهُ بالصُّغْرِ والقَمَايَهْ

وهو مسترَقُ القوى : ضعيف. وسَرِقت مفاصله بوزن عَرِقت إذا ضَعُفَتْ. وعضّتْ به السّارقةُ أي الجامعة ؛ قال أبو الطَّمَحان القَيْنيّ :

ولم يَدْعُ داعٍ مثلهمْ لعَظيمَةٍ

إذا أزَمَتْ بالسّاعدَينِ السّوَارِقُ

وقال الرّاعي :

وأزْهَر سَخّى نَفسَهُ عن تِلادِهِ

حَنَايا حَديدٍ مُقْفَلٍ وسوَارِقُهْ

وسمعتهم يقولون : سرَقتْني عيني في معنى غلَبتني عيني.

سرول ـ لبس السَّرَاوِيل والسِّرْوَال والسِّرْوَالَة ، ولبسوا السَّرَاوِيلات ، وسَرْوَلْتُه فتَسَرْوَلَ ، وهو مُتَسَرْوِل متسربل.

ومن المجاز : حَمَامٌ مُسَرْوَل : مُريَّش الرِّجلَيْن. وأبلقُ مُسَرْوَلٌ : تجاوز البياضُ إلى عضديه وفخذيه.

سرو ـ هو سَرِيٌ من السَّراة والسَّرَوات ، ومن أهل السَّرْوِ وهو السَّخاءُ في مروءة ، وقد سَرُوَ وسَرَا ، وسَرِيَ وتَسَرَّى ؛ قال :

تَسَرَّى فلَمّا حاسَبَ المرْءُ نَفسَه

رَأى أنّهُ لا يَستَقيمُ لهُ السَّرْوُ

وسَرَوْتُ الثّوبَ عنّي : كشفته. وعلَوْا سَرَواتِ الخيل : ظهورها. وعلوتُ سَرَاتَه. وتَسَرَّى فلان جاريةً : اتخذها سُرّيّة. وسرَى باللّيل وأسرَى ، وسرَيْتُ به وأسريت به ، وطال بهم السُّرَى وطالتْ ، يكون مصدراً كالهدى وجمع سُرْيَةٍ ، يقال : سرَيْنا سُرْية من اللّيل وسَرْيَة كالغُرفة والغَرفة ؛ وأنشد أبو زيد :

٢٩٤

وأرفَع صَدرَ العَنْسِ وهيَ شِمِلَّةٌ

إذا ما السُّرَى مالَتْ بلَوْثِ العَمائمِ

وعليه قول أبي الطيّب :

برَتْني السُّرَى برْيَ المُدَى فرَددنَني

وخرجتْ ساريةٌ من بني فلان حتى أوقعوا ببني فلان أي جماعة تسري. ورماه بالسُّرْوَةِ وبالسَّرْوَةِ وبالسِّرْوَةِ ، بالحركات الثلاث ، وبالسُّرى وبالسِّرَى. وتقول : هم أمضى من السُّرى وإن طال بهم السُّرى ؛ وقال النّمر :

وقد رَمى بسُراهُ اليَوْمَ مُعتَمِداً

في المنكِبينِ وفي السّاقينِ والرَّقَبَهْ

وغَنِمَتِ السَّرِيّةُ والسّرايا. وسارَيتُ صاحبي مُساراة : سرتُ معه ، كما تقول : سايرتُه. وسارَى الأسدُ القومَ يطلب فيهم فرصة ؛ قال أبو زبيد :

وساراهُمُ حتى استراهمْ ثَلاثَةً

نَهيكاً ونَزّالَ المَضِيقِ وجعفَرَا

حتى اختارهم. تقول : استرَيْتُه ثمّ اشترَيْتُه. واستقِ من السّرِيِ وهو النّهر. وقعدتُ إلى سارية المسجد وقعدوا إلى السّواري.

ومن المجاز : جئته سَراةَ الضُّحى وسَراة العشيّ : أوَّله حين يرتفع النّهار أو يُقبل اللّيل ؛ قال لبيد :

وبِيضٍ على النّيرانِ في كُلّ شَتوَةٍ

سَرَاة العِشاء يَزْجُرُونَ المَسابِلا

جمع المُسبِل من القِداح. وصعدتُ حتى استويتُ على سَراة الجبل. و «ليس للنّساء سَرَواتُ الطريق» : معاظمها وظهورها ولكن جوانبها. وسَرَى ثوبَه عنه الصَّبا ؛ قال :

سَرَى ثوْبَه عنهُ الصَّبا المُتَخايِلُ

وسَرَوتَ عنّي الهمّ. وسُرّيَ عنّي. والفرس يُسرّي العرَق عن نفسه : ينضحه ؛ قال :

يَنضَحنَ ماءَ العرَقِ المُسَرّى

نَضْحَ الأديمِ الصَّفِقِ المُصْفَرّا

أراد سَرْب القِربة الفريّ. وسرَوْتُ السّيفَ : سللتُه ؛ قال :

إذا سَرَوْها منَ الأغمادِ في فزَعٍ

لاحَتْ كأنّ تلالي ضَوْئها الشُّهُبُ

وسقتك السّواري والغوادي ، والسّارية والغادية.

سطب ـ رأيتهم قاعدين على المساطب وهي الدكاكين حول رحَبة المسجد ، وبات فلان على المَسطبة ، وتقول : كم أباتَ هذا البيتُ رجالاً على المساطب وأوقعهم في المتالف والمعاطب ؛ تريد فسِرْ في بلاد الله ، وتقول : إمّا أن يُبيتَك على المَسطبة أو يرفعك إلى المَسطبة ؛ وهي المجرّة.

سطح ـ سَطَحَ الشيءَ : بسَطَه وسوّاه ، ومنه سطَح الخبزَ بالمِسطَح وهو المِحوَر ، وسطَح الثّريدةَ في الصحفة ، ومنه سَطْحُ البيت ، وسطْحٌ مسطَّح : مستوٍ. وأنفٌ مسطَّح : منبسط جدّاً. وبسط لنا المِسْطَحَ والمساطح وهو الحَصير من الخوص. وضربه فسطَحه إذا بطحَه على قفاه ممتدّاً فانسطح ، وهو سطيح ومنسطح وبه سُمّيَ سَطيح. وضربه بالمِسْطَح وهو عمود الخِباء. وشربَ من السَّطِيحة وهي المزادة. وبات بين سَطيحَتَين.

سطر ـ سَطَر واستطر : كتب. وكتب سطْراً من كتابه وسَطَراً وأسطُراً وسُطوراً وأسْطاراً ، وهذه أسطورة من أساطير الأوّلين : ممّا سطّروا من أعاجيب أحاديثهم ، وسطّر علينا فلان : قَصّ علينا من أساطيرهم. وهو مُسَيطِر علينا ومتسَيطِر : متسلّط ، وما لك سَيْطرتَ علينا وتسَيْطرتَ ، وما هذه السَّيطرة.

ومن المجاز : بَنى سَطْراً من بِنائِه. وغرَس سَطْراً من وَدِيّه : صفّاً ؛ وقال ابن مقبل :

لهم ظُعُنٌ سَطْرٌ تخَالُ زُهاءهَا

إذا ما حَزَاها الآلُ من ساعَةٍ نخلا

أي بعد ساعة من مسيرهنّ.

سطع ـ نار ساطعة ونورٌ ساطع ، وسطَع الفجرُ ، وسطَع الغبارُ سُطوعاً. وسطَع البعير والظّليم : مدّ عنقه إلى السّماء ؛ قال ذو الرُّمّة يصف ظليماً :

يَظَلّ مُختَضِعاً طَوْراً فتُنكرُهُ

حِيناً ويَسطَعُ أحياناً فيَنتَسِبُ

٢٩٥

وسطَع بيديه : رفعهما مُصَفِّقاً بهما.

ومن المجاز : سطَعتْ رائحةُ المسك ، وأعجبني سُطوع رائحته.

سطل ـ اغتسلتُ بالسَّطْل والسَّيْطل وهما القَدَس الذي يُتطَهّر به في الحمّام.

سطم ـ حرّكَ النّارَ بالإسْطام. وسيف مصقول السِّطام وهو الحدّ ؛ وأنشد سيبويه لكعب بن جُعَيْل :

وأبيَضَ مَصقولَ السِّطام مُهَنَّداً

وَذا حَلَقٍ من نَسْجِ داودَ مِسْردَا

وبلغوا أُسْطُمَّ البحر وأُسْطُمّتَه : لُجّتَه.

ومن المجاز : ليل طما أُسطمُّه. وهو في أُسْطُمّة قريش : في وسطهم. وعاد المُلْك في أُسْطُمّه : في أصله ؛ قال :

يا لَيتَها قد خَرَجَتْ من فُمّهِ

حتى يعودَ المُلكُ في أُسْطُمّهِ

و «العرب سِطام النّاس». وتقول : هو سِطامهم وبيده خِطامهم.

سطو ـ له سَطْوة منكرة ، وهو ذو سطَوات ونَقِمات ، وسطا بقِرْنه وعلى قِرْنه : وثب عليه وبطش به. والفحل يسطو على طَروقته. وفرسٌ ساطٍ : رافعٌ ذنَبه في حُضْره.

ومن المجاز : سطا الماءُ : كثر وزخَرَ. وما سَطَوْتُ في طعام أحد : ما تناولته. ولهم أيدٍ سَواطٍ عَواطٍ ؛ قال المتنخّل يصف خمراً :

رَكُودٌ في الإنَاء لَها حُمَيّا

تَلَذّ بأخذِها الأيدي السَّواطي

سعب ـ امتَدّتْ سَعابيبُ العسل والخِطْميّ وهي خيوطه. ويقال للصّبيّ : فوهُ يجري سَعابيبَ.

سعد ـ سَعِدْتُ به وسُعِدْتُ ، وهو سعيد ومسعود ، وهم سُعداء ومساعيد ، وأسعده الله ، وأسعدَ جَدّه ، ويقال : إذا طلع سَعْد السُّعود نضَر العود. وأسعدتِ النّائحةُ الثّكلى : أعانتها على البكاء والنّوح. وساعده على كذا.

ومن المجاز : بَرَكَ البعيرُ على السَّعْدانة وهي الكِركِرة. وعقَد سَعْدانة النّعل وهي عقدة الشِّسع تحتها ، وسَعْداناتِ الميزان وهي العُقَد في أسفله. وما أملح سَعْدانة ثديها وهي السواد حول الحلمة. وشدّ الله على ساعدِك وعلى سواعدِكم. وساعِدُ الله أشَدّ ومُوساه أحَدّ. وطائر شديد السّواعد وهي القوادم. وأمر ذو سواعد : ذو وجوه ومخارج ؛ قال أوس :

تخَيّرْتُ أمراً ذا سَواعِدَ إنّهُ

أعفُّ وأدنَى للرّشادِ وأجمَلُ

واللّبن يجري إلى الضّرع من سواعده ، والماءُ إلى النّهر من سواعده ، وهي مجاريه. وفي مثل : «أسَعد أم سُعيد» في السّؤال عن الخير والشرّ. وفي مثل : «مَرْعًى ولا كالسَّعْدان».

سعر ـ سَعَرَ النّارَ وأسعرَها وسعّرَها فاستعرتْ وتسعّرت ، وخبا سَعيرُها ، وبيده مِسعَر يَسْعَر به. وقلَصَ السِّعرُ والأسعارُ. وأسعرَ الأميرُ للنّاس وسعّر لهم.

ومن المجاز : ضربه السُّعار وهو حرّ اللّيل ، وبه سُعار وهو توهّج العطش. وسُعِر الرّجُل : ضربتْه السَّموم فهو مسعور. وسعَروا نار الحرب. وسعَر على قومه وسعَرَهم شرّاً ؛ قال الأسعر الجُعْفيّ :

فلا يَدْعُني الأقوامُ من آلِ مالِكٍ

لئِنْ أنا لم أسْعَرْ علَيهِمْ وأُثْقِبِ

وهو مِسْعَر حَرْبٍ وهم مساعر الحروب. واستعَرَ اللّصوصُ. واستعَرَ الجربُ في البعير ، وأخذ في مساعره وهي مغابنه. ورمْيٌ سَعْرٌ : شديد.

سعط ـ أسْعَطْتُه الدّواءَ وسعّطتُه فاسْتَعَطَه ، وعليك بالسَّعُوط ، واسْتَسعَطَني فأسْعَطْتُهُ. واجعل الدّواءَ في المُسْعُطِ فأسْعِطْه. وروّتْ قرونها بالسَّليط والسَّعيط : بدهن الزّيت والخردل.

ومن المجاز : أسعطتُه الرّمح كقولك : أوجرتُه ؛ وكقول المتنبّي :

إذا وَصَفُوا لَهُ داءً بِثَغْرٍ

سَقَاهُ أسِنّةَ الأسَلِ النِّهَالِ

وأسْعَطْتُه كلمةً فما فهِمَها إذا بالغتَ في تفهيمه وأكثرتَ عليه.

سعف ـ قَطَعَ أغصانَ النَّخلةِ شَطْبَها وسَعَفَها أي رطْبها ويابسها ، ومنه سعفَت أصولُ أظفاره وتسعّفت إذا تشقّقت

٢٩٦

وتشعّثت. وفي رأسه سَعْفَة وهي قروح تخرج برأس الصّبيّ. وأسعفْتُه بحاجته : قضيتها له. وأسعفَتِ الحاجةُ : حانت. وأسعفَتِ الدّارُ بفلان : أصْقبتْ ؛ قال الطِّرمّاح :

بانَ الخَليطُ بسُحرَةٍ فتَبَدّدوا

والدّارُ تُسعِفُ بالخَليطِ وتُبعِدُ

وهو يساعدني على كذا ويساعفني به ؛ قال :

إذِ النّاسُ ناسٌ والزّمانُ بغرَّةٍ

وإذْ أمُّ عَمّارٍ خَليلٌ مُساعِفُ

ومن المجاز : قول امرئ القيس :

كَسَا وجهَها سَعَفٌ مُنتَشِرْ

أراد النّاصيةَ. وفلان قد ساعفه جَدُّه وساعفته الدّنيا ، وتقول : الدّنيا لك شاعفة إلّا أنّها غير مساعفة.

سعل ـ به سُعالٌ شديد ، ويقال لعروق الرّئة : قصَبُ السُّعال لأن مخرجه منها ؛ قال منظور بن فَرْوة :

أكوي دَخيلَ دائِكَ العُضَالِ

كَيّاً يُصِيبُ قَصَبَ السُّعالِ

وتقول : قد أغَصَّك السّؤال فأخذك السُّعال ؛ وإنّه ليَسعُل سُعْلةً منكرة ؛ قال يصف خطيباً :

مَليءٌ ببُهْرٍ والتِفاتٍ وسُعْلَةٍ

ومَسحَةٍ عُثنونٍ وفتلِ الأصابعِ

وأسعله السَّويقُ.

ومن المجاز : أعوذ بالله من هؤلاء السَّعالى والسَّعالي ، يريد النّساء الصخّابات ، وقد استسعلتْ فلانة ، كما تقول : استكلبتْ. وأسعله الخصبُ والتُّرفةُ. ورُويَ قول أبي ذؤيب : وأزْعلَتْه الأمرُعُ بالسّين أي جعلته كالسِّعلاة وأجنّتْه نزْواً ونشاطاً. وإنّه لذو سُعالٍ ساعِلٍ.

سعي ـ سعى إلى المسجد. وهو يسعى إلى الغاية ، وتساعَوْا إليها. وساعيتُه : سعيتُ معه.

ومن المجاز : هو يَسعى على عِياله : يكسب لهم ويقوم بمصالحهم ؛ قال قيس بن الأسلت :

أسعَى على جُلّ بني مالِكٍ

كلُّ امرئٍ في شأنِهِ ساعِ

وهو من أهل المساعي وهي المكارم ، وله مَسْعاة جميلة. وسعى العبدُ في قيمته سِعاية ، واستسعاه سيّده. وسعَى به إلى السّلطان : وشَى به سِعاية. وهو ساعٍ من السُّعاة. وسعى على قومه سِعاية. وبُعث على السِّعاية وهي العمل على الصَّدقات. وأسعاه السّلطانُ عليهم وعلى صدقاتهم. وأمَة فلان مُساعِية : زانية ، وكان الإماء يُساعِين في الجاهليّة ، وفلان يُساعي الإماء : يزانيهن.

سغب ـ هو ساغِبٌ لاغِبٌ ، وقد سغَب وسَغِب ، وبه سَغَب ومَسْغَبَة وسَغابة : جوعٌ مع تعب. وهو سَغْبانُ. ويوم ذو مَسْغَبَةٍ ، وتقول : لو بقي اللّيثُ في الغابهْ لمات من السَّغابهْ.

سفح ـ ماء سافح ومسفوح. وفلان سفّاح : سفّاك للدّماء. وسفَحتِ العينُ دَمعَها ، وجَفْن سَفُوح. وللوادي مَسافِح : مصابّ.

ومن المجاز : ناقة مسفوحة الإبِط : واسعتها ، وجمل مسفوح الضُّلوع : ليس بكَزّها. وبينهم سِفاح : قتال أو معاقرة لأنّهم يتسافحون الدّماء. وسافحها مُسافحة : زاناها لأن كلًّا منهما يسفَحُ ماءه ويُضَيّعه. وفي النّكاح غُنْيَة عن السِّفاح. ونزَلْنا بسَفْح الجبل وهو ما اضطجع منه كأنّما سُفِح منه سَفْحاً. وفلان يضرب بالسَّفيح وهو سهم لا نصِيب له ، إذا عَمِل مَا لا جَدْوى تحته. وقد سفّح فلان تَسْفيحاً ؛ قال :

ولَطالَما أرّبْتَ غَيرَ مُسَفِّحٍ

وكشَفتَ عن قَمَعِ الذُّرَى بحُسامِ

أي وفّرْت على الأيسار الآرَابَ وهي الأنصِباء ولم تَضْرِب سَفِيحاً.

سفد ـ سَفَد وسَفِد الطائرُ أُنثاه وسافدَها سِفاداً ، وتسافدت الطيور ، ويُكْنَى به عن الجِماع ، فيقال : سَفَد امرأته ، ومنه السَّفّود لأنّه يَعلَق بما يُشْوَى به عُلُوقَ السّافِد.

سفر ـ سافر سَفَراً بعيداً ، وبيني وبينه مُسافَرٌ بعيد ، وهو مِسْفار : كثيرُ الأسفار. وبعير مِسْفَر : قويّ على السَّفَر. وهم سَفْر وسُفّار. وأكلوا السُّفْرة وهي طَعام السَّفَر.

٢٩٧

وسَفَرْتُ بين القوم سِفارة ، ومشى بينهم السفيرُ والسفراء. وامرأة سافر ونساء سَوافِرُ ، وسَفَرَتْ قِناعَها عن وجهِها. وما أحسن مَسْفِرَ وجْهِه ومَسَافِرَ وجوههم ؛ قال امرؤ القيس :

ثِيابُ بني عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيّةٌ

وأوجُهُهُم عند المَسافِرِ غُرّانُ

وسفَرَ البيتَ : كنسه بالمِسْفَرة. والرّيح تجول بالسَّفِير وهو ما يَتَحاتّ من الورق فتَسْفِره. واعْلِف دابتك السَّفِيرَ ؛ قال ذو الرُّمّة :

وحائِلٍ مِنْ سَفِيرِ الحَوْلِ جائِلُه

حوْلَ الجَراثيمِ في ألوانِهِ شُهَبُ

وسفَر الكتابَ : كتبه ، والكرام السَّفَرَة : الكَتَبة. وحملوا أسفار التوراة ، وله سِفْر من الكتاب وأسفار منه ، وحطمني طولُ ممارسة الأسفار وكثرة مدارسة الأسفار. ورُبّ رجل رأيتُه مُسَفِّراً ثمّ رأيتُه مُفَسِّراً أي مُجَلِّداً. وأسفر الصُّبحُ : أضاء. وخرجوا في السَّفَر : في بياض الفجر ، ورُحْ بنا بسَفَرٍ : ببياض قبل اللّيل ، وبقي عليك سَفَر من نهار.

ومن المجاز : وجه مُسْفِر : مشرق سروراً. (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ). وسفَرتِ الرّيحُ عن وجه السماء. وفرس سافر النَّيّ ، وسَفَر شحمُه : ذهب. وسَفَر عن وجهك الشرُّ. وسفَرَتِ الحربُ : ولَّتْ ، وأسفرتْ : اشتدّتْ. وسافرتْ عنه الحمّى. وسافرتِ الشّمسُ عن كبِد السماء. وهو مِنّي سَفَرٌ أي بعيد ؛ قال النّمر :

فلَوْ أنّ جَمْرَةَ تَدْنُو لَهُ

ولكنّ جَمْرَةَ مِنهُ سَفَرْ

سفع ـ بها سُفْعَةُ سَوادٍ ، وأثَافٍ سُفْعٌ. وكلّ صَقْر أسْفَعُ ، وكلّ ثَوْر وحشيّ أسفَعُ. وحَمَامة سفعاء : في عنقها سُفْعَة ؛ قال :

من الوُرْقِ سَفْعاء العِلاطَينِ بَاكَرَتْ

فُرُوعَ أشَاءٍ مَطلَعَ الشّمْسِ أسْحَمَا

وسَفَعَتْه النّارُ : لفَحتْه. وتسفّع بالنّار : اصطلى ؛ قال :

يا أيّها القَينُ ألا تَسَفَّعُ

إنّ الدّخانَ بالسَّرَاةِ يَنْفَعُ

لأنّها بلاد بَرْد. وسفع بناصية الفرس ليُلجِمه أو يركَبه ؛ قال :

قوْمٌ إذا نَقَعَ الصّريخُ رَأيْتَهم

من بَينِ مُلجِمِ مُهْرِهِ أوْ سافِعِ

وسفَع بناصية الرجل : ليَلْطِمَه ويؤدّبه ، (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ). وسَفَع الجارحُ ضَريبَتَه : لَطَمَها ، وسافعه مُسافعة : لاطمه ، وبه سُمّي مُسافع.

ومن المجاز : رأى به سُفْعَة غضب وهي تَمَعُّرُ لونه إذا غضِب. وفي الحديث : «أنا وسَفْعاء الخدّين الحانِيةُ على ولدها كهاتين». أراد الشّحوب من الجهد. وهذا ممّا يترك الوجه أسْفَعَ ؛ قال جرير :

ألا رُبّما باتَ الفَرَزْدَقُ نَائِماً

على مُخزِياتٍ تَترُكُ الوَجهَ أسْفَعَا

وأصابته سَفْعَةٌ : عين ولَمَمٌ من الشيطان كأنّه استحوذ عليه فسفع بناصيته ، ورجل مسفوع : مَعْيُون. وسافع فلان ولِيدَة فلان : نكحها من غير تزويج. وسفع بيده فأقامه ، وكان يقول بعض قضاة البَصْرة : اسفَعَا بيده فأقيماه.

سفف ـ هي سُفّةٌ من خُوص وسَفيفة منه وسَفائف وهي ما سُفّ منه. يقال : سَفّ الشيءَ وأسَفّه : نسجه بالأصابع. وسَفِفْتُ السَّويقَ وكلّ شيء يابس ، ونعم السَّفوف هذا ، وسَفِفْتُ سَفّةً واحدة ، وسفِفْتُ منه سُفّة. وأسَفّ الطائر : طار عَدَاءَ الأرض دانياً منها حتى كادت رجلاه تُصيبانها. وسَحابٌ مُسِفّ. وشِعْرٌ سَفْساف ، وسفسفه صاحبُه ، وكذلك كلّ عمل لم يُحكمه عامله فقد سفسفه. ورجل مسفسِف : لئيم العَطيّة. وسفسفتْ دقيقَها : نخلتْه ، وسمعتُ سفسفة المنخل.

ومن المجاز : أسَفّ للأمر الدّنيّ وإليه. وتقول : تحفّظْ من العمل السَّفْساف ولا تُسِفّ له بعض الإسْفاف ؛ قال :

وسَامِ جَسيماتِ الأمُورِ وَلا تكُنْ

مُسِفّاً إلى ما دَقّ مِنهُنّ دانِيَا

٢٩٨

وهو يُسِفّ النّظَر في الأمور : يُدِقّه ، وإيّاك أن تُسِفّ النّظر إلى غير حُرمَتِك : أي تُحِدّه وتُدِقّه من إسفاف النّاسج. وأسفّ الجرحَ دواءً والوَشْمَ نَؤوراً كأنّه جعله سَفُوفاً له. وأسففتُ الفرس اللّجام ؛ كما قال :

تَمَطّيتُ أَخْليهِ اللّجامَ [وبَذّني]

وحِلْفٌ سَفساف : كاذب لا عَقْد فيه.

سفسق ـ سيف تَلُوح سَفاسقُه : طرائقه وهي فِرِنْدُهُ. وطريق واضح السَّفَاسِق وهي الآثار ؛ قال :

إذا الطّريقُ وَضَحَتْ سَفاسِقُهْ

ولم يَنَمْ حتى الصّباحِ واسِقُهْ

الذي يريد أن يَجمع سيرَ ليله.

سفل ـ سفُل وسفَل وسفِل الحَجَرُ وغيره سُفُولاً. وعلا السّنانُ وسفَل الزُّجُّ. ومررتُ بعالية النّهر وسافِلته. وما عالية الرّمح كسافلته. واشترى الدّار بِعُلوِها وسُفْلها وسِفْلها. ونزلوا في أعالي الوادي وأسافله ، وأعلاه وأسفله. ونزل أسفلَ منّي. (وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ). وقعد في عُلاوة الرّيح وسُفالتها. وسَفِلَةُ البعير سالمة وهي قوائمه. وأنا أسكن في مَعْلاة مكّة وفلان في مَسْفَلَتها. وسَفّلَ الشيءَ : صوّبه.

ومن المجاز : سفِلَتْ منزلته عند الأمير. وأمْره كلّ يوم إلى سَفال. وقد سَفُل في النّسب والعلم واستفل وتسفّل. وفلان جَدّه آفل وخدّه سافل. وهو من سُفْلى مُضَر. وهو من السَّفِلة استعير من سَفِلة الدابة ، ومن قال : السِّفْلة فهو على وجهين أن يكون تخفيفَ السَّفِلة كاللِّبْنة في اللَّبِنة وجمْعَ سَفيلٍ كعِلْيَة في جمع عَليّ. وهو يسافل فلاناً : يباريه في أفعال السَّفِلة. وقد سَفُل النّاسُ سَفالة.

سفن ـ سفَنَتِ الرّيحُ الترابَ عن وجه الأرض. وسَفَنَ العودَ : قشره ؛ قال امرؤ القيس :

فجاء خَفيّاً يَسفِنُ الأرضَ صدرُهُ

ترَى التُّربَ منه لاصِقاً كلَّ مَلصَقِ

وبَرَى العودَ بالسَّفَنِ وهو مِبراة السّهام ؛ قال الأعشى :

وفي كلّ عامٍ لهُ غَزْوَةٌ

تحُكّ الدّوابرَ حَكَ السَّفَنْ

ومنه السّفينةُ لأنّها تَسفِن الماء كما تمخُره ، والجمع سَفين وسُفُن وسَفائن. وقائم سيفه مغشًّى بالسَّفَن وهو جلدُ سَمَكٍ أخشن يُسفن به الخشبُ فيلين. و «أجود من أبي سَفّانة» وهو حاتم.

ومن المجاز : الإبل سفائن البرّ ؛ وقال ذو الرّمّة :

طُرُوقاً وجُلْبُ الرّحل مشدودةٌ به

سَفينة بَرٍّ تحتَ خَدِّي زِمامُها

سفه ـ فيه سَفَهٌ وسَفَاه وسَفاهة ، وقد سَفُه الرّجل فهو سَفيه ، وهم سُفهاء ، وسفِه عليّ وتَسافه ؛ قال شُتيم بن خويلد :

وَما خيرُ عَيشٍ يُرْتجَى إن تَسافهتْ

عديٌّ ولم يَعطِفْ من الحلمِ عازِبُ

وسفّهه : نسبه إلى السّفه ، وسافهه مسافهة. وفي مثل : «سفيه لم يجد مُسافهاً». ويقال : سَفِه وسَفَه حلمَه ورأيَه ونفسَه.

ومن المجاز : ثوبٌ سفيه : رديء النّسج كما يقال : سخيف. وزمام سفيه : مضطرب وذلك لمرح النّاقة ومنازعتها إيّاه ؛ قال ذو الرّمّة :

وأبيض موشِيّ القميصِ نَصَبتُه

إلى جنبِ مِقلاقٍ سَفيهٍ جديلُها

وناقة سفيهة الزّمام. وسفِهتْ أحلامُهم. والنّاقة تسافه الطريق إذا أقبلت عليه بسير شديد ؛ قال :

أحدو مَطيّاتٍ وقَوْماً نُعَّسَا

مُسافهاتٍ مُعْمَلاً مُوَعَّسَا

وسافَه الشّراب : شربه جزافاً بغير تقدير ؛ قال الشمّاخ :

فبِتُّ كأنّني سافَهتُ صِرْفاً

مُعتَّقَةً حُمَيّاها تَدورُ

وطعامٌ مَسفَهَةٌ : يبعث على كثرة شرب الماء. وسفِهت الطّعنة : أسرع منها الدّم وخفّ. وفي مثل : «قَرارة تسفّهتْ قراراً» وهي الضّأن. وتسفّهتِ الرّياح الغصونَ : تفيّأتْها ؛ قال ذو الرّمّة :

مشينَ كما اهتَزّتْ رِماحٌ تسفّهتْ

أعاليَها مرُّ الرّياحِ النّواسِمِ

٢٩٩

سفو ـ بغلة سَفْواء : بيّنة السَّفَا وهو خفّة النّاصية وهو محمودٌ في البغال والحَمير ، مذمومٌ في الخيل ؛ قال :

جاءتْ بهِ مُعتَجِراً في بُرْدِهِ

سفواءُ تَخْدي بنَسيجِ وحدِهِ

وقال سلامة :

لَيسَ بأسْفى وَلا أقْنى وَلا سَغِل

وطار سَفا السُّنبل وهو شوكه. والرّيح تَسفي الترابَ والورق : تذروه ، وسَفَتْ عليه الرّياح ، ولعبتْ به السّوافي. وترابٌ سافٍ كعيشة راضية ؛ وقال أبو بكر الصدّيق رضي الله تعالى عنه :

أو يَهلِكوا كهلاكِ عَادٍ قَبلَهُمْ

بهُبُوبِ رِيحٍ ذاتِ سافٍ حاصِبِ.

ومن المجاز : ريحٌ سَفواءُ : من السَّفا وهو السفه كما قيل : ريح هَوْجاء ؛ قال :

سَفْوَاءُ هَوْجاءُ نَؤوجُ الغَدوه

وقولهم : بغلة سَفْواء : يُحمل على هذا بمعنى السريعة المرّ كالرّيح.

سقب ـ «الجار أحقُ بسَقَبه» : بقربه. وأسقبتِ الدّارُ وسَقِبَتْ ، ومكان ساقب ، وبالصاد. ونُتجتِ النّاقةُ سَقْباً والنُّوقُ سُقْباناً ، وناقة مِسقاب وقد أسقبتْ.

سقط ـ سَقَط في مَهواة وسقط من الجبل ، وسقَط الشيء من يده. وهذا مَسقِط السّوط. وهذه مَساقط الغيث ومواقعه. وأسقَطْتُه وساقطتُه كقولك : أعليته وعاليته ؛ قال بشر :

كادَتْ تُساقِطُ مِنّي مُنّةً فزَعاً

معاهدُ الحيّ والحزنُ الذي أجدُ

وتساقط على المتاع : ألقى نفسه عليه ، وتساقط على الرّجل يقيه بنفسه. وأسقطتِ المرأة ، وهي مُسْقِط ومِسْقاط. ويقال : سقَط الميتُ من بطن أمّه ووقع الحيّ ، وألقت سُقْطاً وسَقْطاً وسِقْطاً ميتاً. وانقدح سُقْط الزّند وسَقْطه وسِقْطه ؛ قال ذو الرّمّة :

فلَمّا تَمَشّى السّقطُ في العُودِ لم يَدَعْ

ذوابِلَ مِمّا يَجمَعونَ وَلا خُضْرَا

وهذا سُقْط الرّمل وسَقْطه وسِقْطه ومَسقِطه : لمنتهاه. وردّ الخيّاط السُّقاطات. وفي مثل : «لكلّ ساقطةٍ لاقطةٌ». وأصبحت الأرض مبيضّة من السّقيط وهو الجليد ؛ قال :

ولَيلَةٍ يا ميّ ذاتِ طلّ

ذاتِ سَقيطٍ وندًى مُخضَلّ

ومن المجاز : «على الخبير سقطتَ». وفي مثل : «سَقَطَ العَشاءُ به على سِرحان» ؛ وقال الجعديّ :

سَقَطوا على أسد بلَحْظَةَ مَشْ

بُوحِ السّواعد باسلٍ جَهْم

وهي مأسدة كَبيشَةَ وخَفّانَ وغيرهما. وسقط من منزلته. وأسقطه السلطان. و «سُقِطَ في يده» وأُسْقِط. وسَقط ، على المبني للفاعل : ندم ، وهو مسقوط في يده وساقط في يده : نادم. وهذا البلد مسقِط رأسي ، وفلان يحنّ إلى مسقِطه ؛ قال :

خرَجْنا جَميعاً مِن مَساقِطِ رُؤسِنا

على ثِقَةٍ منّا بجُودِ ابنِ عامرِ

وسقط النّجم والقمر : غابا ؛ قال عمر بن أبي ربيعة :

هَلّا دَسَسْتِ رَسولاً منكِ يُعلِمُني

ولم يُعَجّلْ إلى أنْ يَسقُطَ القَمَر

وفلان ساقط من السُّقّاط وساقطة من السَّواقط : دنيء لئيم الحسب ؛ قال :

نحنُ الصّميمُ وهُمُ السّواقِط

وقال ذو الرّمّة :

وكان أبُوكَ ساقِطَةً دَعِيّاً

تَرَدَّدَ دونَ مَنصِبِهِ فَحَارَا

وامرأة سقيطة : لقيطة. وسقط من عيني ، وهذا الفعل مَسقَطة لك من العيون. وسيف سَقّاط : قطّاع يسقط من وراء الضريبة ؛ قال الهذلي :

كلَوْنِ المِلْحِ ضَرْبَتُهُ هَبِيرٌ

يُتِرُّ العَظمَ سَقّاطٌ سُراطي

وما له إلّا سُقاطة البيت وسَقَطه وأسقاطه وهي أثاثه من نحو الفأس والإبرة والقِدر ، وأعطاني من سُقاطة المتاع : من رُذاله ، وهو يبيع سَقَط المتاع وأسقاطَه نحو التابَل والسُّكّر

٣٠٠