مصابيح الظلام - ج ٥

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٥

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-5-1
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٤٨

لم تصلّ في وقت فضيلتها فكأنّها فاتت.

قوله : (فالأوّل). إلى آخره.

الزوال عبارة عن ميل الشمس عن وسط السماء ، وانحرافها عن دائرة نصف النهار ، وكونه أوّل وقت الظهر إجماعي ، بل ضروري الدين.

ويدلّ عليه الأخبار أيضا ، مثل صحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام : «إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر ، واذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء» (١) ، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى.

وما ورد في الأخبار من أنّ وقت الظهر بعد الزوال بقدم (٢) ، أو غير ذلك.

ومثل صحيحة إسماعيل بن عبد الخالق ، عن الصادق عليه‌السلام : عن وقت الظهر فقال : «بعد الزوال بقدم أو نحوه إلّا في يوم الجمعة أو السفر ، فإنّ وقتها حين تزول» (٣) ، وغيرها (٤) فمحوّل على الفضيلة بالنسبة إلى من يتأتّى منه أن يصلّي النافلة.

وبالجملة ، وقت الصلاة الوارد في الأخبار على معان ، لأنّ الوقت هو التعيين ، فتعيين زمان للصلاة ، إمّا بمعنى صحّة الصلاة فيه في الجملة ، وهو بالنسبة إلى الظهر من الزوال إلى ما قبل الغروب بشي‌ء يسير ، كما ستعرف.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٤٠ الحديث ٦٤٨ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٩ الحديث ٥٤ ، وسائل الشيعة : ٣ / ١٢٥ الحديث ٤٦٩٢.

(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٤ / ١٤٠ الباب ٨ من أبواب المواقيت.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢١ الحديث ٥٩ ، الاستبصار : ١ / ٢٤٧ الحديث ٨٨٥ ، ٤١٢ الحديث ١٥٧٧ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٤٤ الحديث ٤٧٥١ مع اختلاف يسير.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٤٤ الحديث ٩٧٠ ، الاستبصار : ١ / ٢٤٧ الحديث ٨٨٤ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٤٥ الحديث ٤٧٥٧.

٤٠١

وتعيين آخر بالقياس إلى فضيلة الصلاة فيه في الجملة ، وهو من الزوال ، إلى أن يصير ظلّ كلّ شي‌ء مثله ، ووقت فضيلة بالنسبة إلى من يصلّي النافلة ، وهو بعد ذهاب القدمين من الفي‌ء ، أو بعد الفراغ من النافلة ، إلى أن يصير ظلّ كلّ شي‌ء مثله. وبالنسبة إلى من لا يصلّي فمن ابتداء الزوال إلى أن يصير ظلّ كلّ شي‌ء مثله ، ووقت فضيلة بالنسبة إلى أصحاب الأعذار السهلة ، مثل المسافر والمستحاضة ونحوهما ، وهو أن تؤخّر هذه ، وتعجّل هذه ، وتجمع بينهما ، ووقت فضيلة بالنسبة إلى الأعذار الشديدة ، مثل صلاة المتيمّم.

وبالجملة ، التعيّنيات مختلفة متعددة كثيرة بالنسبة إلى حالات كلّ مكلّف.

قوله : (إلى أن يصير). إلى آخره.

قد عرفت أنّه وقت الفضيلة في الجملة ، وإلّا فالأمر كما عرفت ، ويدلّ على ما ذكره ما سيجي‌ء من الأخبار ، وكون امتداده إلى أن يصير الفي‌ء مثل الشاخص هو المشهور ، كاد أن يكون إجماعيّا.

لكن الشيخ في «النهاية» قال بامتداده إلى أربعة أقدام (١) ، إلّا أنّه رجع عنه في «المبسوط» و «الجمل» و «الخلاف» (٢) ، فلا اعتداد به أصلا.

وما نقل عن المفيد امتداده إلى قدمين (٣) ، فمراده نهاية وقته لأداء النافلة قبلها ، كما ستعرف.

ويدلّ على المشهور صحيحة أحمد بن عمر ، عن الكاظم عليه‌السلام أنّه قال : «وقت الظهر إذا زاغت الشمس إلى أن يذهب الظلّ قامة ، ووقت العصر قامة ونصف إلى

__________________

(١) النهاية للشيخ الطوسي : ٥٩.

(٢) المبسوط : ١ / ٧٢ ، الرسائل العشر (الجمل والعقود) : ١٤٣ ، الخلاف : ١ / ٢٥٧ المسألة ٤.

(٣) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٢ / ١١ ، لاحظ! المقنعة : ٩٢.

٤٠٢

قامتين» (١).

وصحيحة أحمد بن محمّد قال : سألته عن وقت صلاة الظهر والعصر ، فكتب : «قامة للظهر وقامة للعصر» (٢).

وإنّما حملنا ذلك على الوقت الأوّل ، للإجماع والأخبار على امتداد وقتهما إلى الغروب (٣) ، كما سيجي‌ء.

لكن كون المراد من الوقت الأوّل الوارد في الأخبار هو هذا ، فيه تأمّل كما مرّ في صحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام : «إنّ من الامور أمورا مضيّقة وأمورا موسّعة والصلاة ممّا فيه السعة ، فربّما عجّل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وربّما أخّر إلّا صلاة الجمعة فإنّها من المضيّقة لها وقت واحد حين تزول الشمس» (٤).

ومثلها رواية الفضيل عنه عليه‌السلام (٥) ، ورواية ذريح الآتية (٦) ، وغيرهما (٧) ، فتأمّل جدّا!

قوله : (والثاني). إلى آخره.

هذا لا خلاف فيه ، إلّا ما نسب إلى الصدوق رحمه‌الله من القول بامتداده إلى الغروب (٨) ، وسيجي‌ء التحقيق.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٩ الحديث ٥٢ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٤٣ الحديث ٤٧٤٩.

(٢) الاستبصار : ١ / ٢٤٨ الحديث ٨٩٠ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٤٤ الحديث ٤٧٥٢.

(٣) وسائل الشيعة : ٤ / ١٢٥ الباب ٤ من أبواب المواقيت.

(٤) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٣ الحديث ٤٦ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٣١٦ الحديث ٩٤٥١ مع اختلاف يسير.

(٥) الكافي : ٣ / ٢٧٤ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٣٦ الحديث ٤٧٣١.

(٦) وسائل الشيعة : ٤ / ١٥٨ الحديث ٤٧٩٧.

(٧) لاحظ! وسائل الشيعة : ٤ / ١٣٦ الباب ٧ من أبواب المواقيت.

(٨) نسب إليه في مختلف الشيعة : ٢ / ٦.

٤٠٣

قوله : (والأوّل للعصر). إلى آخره.

كون ابتداء وقت العصر بعد الفراغ من الظهر الفراغ التحقيقي ، أو التقديري إجماعي ، ونقل الإجماع في «المعتبر» و «المنتهى» (١).

ويدلّ عليه الأخبار الآتية أيضا ، وكون الفراغ أعمّ من التقديري ، من جهة صحّة صلاة العصر في الوقت المشترك ، قبل فعل الظهر نسيانا ، كما ستعرف ، وأمّا امتداده إلى أن يصير الفي‌ء مثل الشاخص ، فهو المشهور.

ويدلّ عليه صحيحة أحمد بن عمر (٢) ، وصحيحة أحمد بن محمّد السابقتان (٣) ، وحاله حال الوقت الأوّل للظهر.

وعن المفيد أنّ آخر الوقت الأوّل تغيّر لون الشمس بالاصفرار للغروب (٤).

وعن السيّد في بعض كتبه : يمتدّ من زيادة الظلّ إلى ستّة أسباع الشاخص (٥).

ولعلّ مستنده رواية سليمان بن خالد عن الصادق عليه‌السلام قال : «العصر على ذراعين ، فمن تركها حتّى تصير على ستّة أقدام فذلك المضيّع» (٦).

ومستند المفيد رواية أبي بصير ، عن الصادق عليه‌السلام : إنّ تضييع العصر أن تدعها حتّى تصفرّ الشمس وتغيب (٧).

__________________

(١) المعتبر : ٢ / ٣٥ ، منتهى المطلب : ٤ / ٥٦.

(٢) وسائل الشيعة : ٤ / ١٤٣ الحديث ٤٧٤٩.

(٣) وسائل الشيعة ٤ / ١٤٤ الحديث ٤٧٥٢.

(٤) المقنعة : ٩٣.

(٥) نقل عنه في المعتبر : ٢ / ٣٨ ، مدارك الأحكام : ٣ / ٤٨.

(٦) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٥٦ الحديث ١٠١٦ ، الاستبصار : ١ / ٢٥٩ الحديث ٩٢٨ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٥٢ الحديث ٤٧٧٧.

(٧) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٥٦ الحديث ١٠١٨ ، الاستبصار : ١ / ٢٥٩ الحديث ٩٣٠ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٥٢ الحديث ٤٧٧٦ نقل بالمضمون.

٤٠٤

وهما ضعيفتان سندا ودلالة ، ومخالفتان للصحاح ، والمعتبرة الواضحة الدلالة المشهورة بين الأصحاب ، المتأيّدة بالاصول.

قوله : (والثاني). إلى آخره.

هذا لا خلاف فيه ، ويدلّ عليه الأخبار الآتية.

قوله : (والأوّل للمغرب). إلى آخره.

كون أوّل المغرب الغروب إجماعي ، وإن وقع الاختلاف فيما يتحقّق به الغروب ، كما ستعرف.

ويدلّ عليه صحيحة ابن سنان ، عن الصادق عليه‌السلام : «وقت المغرب إذا غربت الشمس فغاب قرصها» (١).

وصحيحة زرارة : «إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر ، وإذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء» (٢). إلى غير ذلك من الأخبار.

وأمّا امتداده إلى ذهاب الشفق ، فهو أيضا وفاقي ، وإن كان يظهر من كلام الكليني كونه آخر وقتها مطلقا (٣) ، ومرّ ذلك في بحث كون الصلاة له وقتان.

وربّما نسب إلى الشيخ أيضا في خلافه (٤) ، ولا يخفى فساده ، لما سنشير إلى الأخبار الدالّة على امتداد وقتها إلى نصف الليل وغيرها.

والكلام في الوقت الأوّل ، كما مرّ في الظهر.

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٢٧٩ الحديث ٧ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨ الحديث ٨١ ، الاستبصار : ١ / ٢٦٣ الحديث ٩٤٤ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٧٨ الحديث ٤٨٤٢.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٤٠ الحديث ٦٤٨ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٢٥ الحديث ٤٦٩٢.

(٣) الكافي : ٣ / ٢٨٠ ذيل الحديث ٩.

(٤) الخلاف : ١ / ٢٦١ المسألة ٦.

٤٠٥

قوله : (والثاني). إلى آخره.

هذا هو المشهور ، ويدلّ عليه صحيحة عبيد بن زرارة ، عن الصادق عليه‌السلام قال : «منها صلاتان أوّل وقتهما من غروب الشمس إلى انتصاف الليل إلّا أنّ هذه قبل هذه» (١). إلى غير ذلك من الأخبار ، وستعرف بعضها.

قوله : (والأوّل للعشاء). إلى آخره.

ويدلّ عليه صحيحة زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام قال : «وإذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء» (٢).

وصحيحة عبيد بن زرارة عنه عليه‌السلام : «ومنها صلاتان أوّل وقتهما من غروب الشمس إلى انتصاف الليل إلّا أنّ هذه قبل هذه» (٣). إلى غير ذلك من الأخبار.

وقوله : (ولو تقديرا) قد مرّ شرحه.

وأمّا امتداده إلى ثلث الليل ، فهو مذهب الشيخ في «المبسوط» (٤) ، ويدلّ عليه رواية الحلبي ، عن الصادق عليه‌السلام : «أنّ العتمة إلى ثلث الليل أو إلى نصف الليل ، وذلك التضييع» (٥).

ورواية أبي بصير ، عن الباقر عليه‌السلام : «أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لو لا أخاف أن

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٥ الحديث ٧٢ ، الاستبصار : ١ / ٢٦١ الحديث ٩٣٨ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٥٧ الحديث ٤٧٩٣.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٤٠ الحديث ٦٤٨ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٩ الحديث ٥٤ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٨٣ الحديث ٤٨٥٧.

(٣) مرّ آنفا.

(٤) المبسوط : ١ / ٧٥.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٦٢ الحديث ١٠٤٣ ، الاستبصار : ١ / ٢٧٣ الحديث ٩٨٨ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٨٥ الحديث ٤٨٦٥ مع اختلاف يسير.

٤٠٦

أشقّ على أمّتي لأخّرت العتمة إلى ثلث الليل» (١).

ورواية ذريح ، عن الصادق عليه‌السلام : «أنّ جبرئيل عليه‌السلام أعلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مواقيت الصلاة ، فقال : صلّ الفجر حين ينشقّ الفجر ، وصلّ الاولى إذا زالت الشمس ، وصلّ العصر بعدها ، وصلّ المغرب إذا سقط القرص ، وصلّ العتمة إذا غاب الشفق ، ثمّ أتاه من الغد ، فقال : أسفر بالصبح فاسفر ثمّ أخّر الظهر حتّى كان الوقت الذي صلّى فيه العصر وصلّى العصر بعيدها ، وصلّ المغرب قبل سقوط الشفق وصلّ العتمة حين ذهب ثلث الليل» (٢).

وروى ابن وهب عنه عليه‌السلام مثله (٣) ، والكلام في كونه الوقت الأوّل ، كما مرّ.

قوله : (والثاني إلى نصفه).

ويدلّ عليه صحيحة زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام أن : «فيما بين زوال الشمس إلى غسق الليل أربع صلوات ، سمّاهنّ وبيّنهنّ ووقّتهنّ وغسق الليل انتصافه» (٤) وصحيحة عبيد بن زرارة السابقة (٥) ، وغيرها (٦) ، وسنذكر بعضها أيضا.

قوله : (وللصبح). إلى آخره.

هذا أيضا مجمع عليه ، ويدلّ عليه صحيحة ابن سنان ، عن الصادق عليه‌السلام :

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٤ / ١٨٥ الحديث ٤٨٦٣ مع اختلاف يسير.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٥٣ الحديث ١٠٠٤ ، الاستبصار : ١ / ٢٥٨ الحديث ٩٢٥ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٥٨ الحديث ٤٧٩٧ مع اختلاف يسير.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٥٢ الحديث ١٠٠١ ، الاستبصار : ١ / ٢٥٧ الحديث ٩٢٢ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٥٧ الحديث ٤٧٩٤.

(٤) الكافي : ٣ / ٢٧١ الحديث ١ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٢٤ الحديث ٦٠٠ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٤١ الحديث ٩٥٤ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٠ الحديث ٤٣٨٥ نقل بالمعنى.

(٥) وسائل الشيعة : ٤ / ١٥٧ الحديث ٤٧٩٣.

(٦) لاحظ! وسائل الشيعة : ٤ / ١٥٦ الباب ١٠ من أبواب المواقيت.

٤٠٧

«وقت الفجر حين ينشقّ الفجر إلى أن يتجلّل الصبح السماء ، ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا ، وذلك وقت من شغل أو نسي أو نام» (١).

ومثلها حسنة الحلبي عنه عليه‌السلام (٢) ، وحسنة علي بن عطيّة عنه عليه‌السلام : «الصبح هو الذي إذا رأيته معترضا كأنّه بياض نهر سوراء» (٣) إلى غير ذلك من الأخبار (٤).

وأمّا امتداده إلى اصفراره ، فهو مذهب الشيخ في «الخلاف» (٥) ، إلّا أنّه جعله آخر وقت المختار.

ونسب إلى بعض : القول بأنّه آخر وقت الفضيلة ، مثل العلّامة في «المنتهى» ، والشهيد في «الذكرى» (٦) ، وقال العلّامة في «النهاية» : آخره طلوع الحمرة المشرقيّة (٧) كما نقل عن ابن أبي عقيل : أنّ آخره للمختار طلوع الحمرة المشرقيّة (٨).

ويدلّ عليه صحيحة ابن سنان (٩) ، وحسنة الحلبي (١٠) ، ورواية ذريح (١١)

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٩ الحديث ١٢٣ ، الاستبصار : ١ / ٢٧٦ الحديث ١٠٠٣ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٠٨ الحديث ٤٩٣٧ مع اختلاف يسير.

(٢) الكافي : ٣ / ٢٨٣ الحديث ٥ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٨ الحديث ١٢١ الاستبصار : ١ / ٢٧٦ الحديث ١٠٠١ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٠٧ الحديث ٤٩٣٣.

(٣) الكافي : ٣ / ٢٨٣ الحديث ٣ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣١٧ الحديث ١٤٤٠ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٧ الحديث ١١٨ ، الاستبصار : ١ / ٢٧٥ الحديث ٩٩٧ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢١٠ الحديث ٤٩٤٢.

(٤) راجع! وسائل الشيعة : ٤ / ٢٠٩ الباب ٢٧ من أبواب المواقيت.

(٥) الخلاف : ١ / ٢٦٧ المسألة ١٠.

(٦) منتهى المطلب : ٤ / ٩٠ ، ذكرى الشيعة : ٢ / ٢٤٩.

(٧) نهاية الإحكام : ١ / ٣١١.

(٨) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٢ / ٣١.

(٩) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٠٨ الحديث ٤٩٣٧.

(١٠) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٠٧ الحديث ٤٩٣٣.

(١١) وسائل الشيعة : ٤ / ١٥٨ الحديث ٤٧٩٧.

٤٠٨

ورواية ابن وهب (١) السابقات ، وكونه الوقت الأوّل ، كما مرّ في الظهر ، والمراد من المستطيل في الافق المنتشر الذي لا يزال في زيادة ، ويسمّى الصادق ، لأنّه يصدّق من رآه عن الصبح.

قوله : (والثاني إلى طلوع الشمس).

هذا مجمع عليه ، ويدلّ عليه رواية الأصبغ بن نباتة ، قال : «من أدرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الغداة [تامّة]» (٢) وغير ذلك من الأخبار (٣) وسند الرواية المذكورة منجبر بالإجماع والأخبار (٤).

قوله : (وظاهر الصدوق). إلى آخره.

لم نجد هذا الظهور من عبارة الصدوق أصلا ، غير أنّه روى في «الفقيه» رواية عبيد بن زرارة السابقة (٥) ، ومجرّد هذا لا ظهور له فيما ذكر ، مع إتيانه بالأخبار الدالّة على اختصاص العصر من آخر الوقت بمقدار أدائها في باب قضاء الصلوات ، مثل رواية الحلبي فيمن نسي الظهر والعصر ، ثمّ ذكر عند غروب الشمس ، أنّه «إن كان في وقت لا يخاف فوت إحداهما فليصلّ الظهر ثمّ ليصلّ العصر ، وإن خاف أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعصر ولا يؤخّرها فتكون قد فاتتاه جميعا» (٦).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٤ / ١٥٧ الحديث ٤٧٩٤.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٨ الحديث ١١٩ ، الاستبصار : ١ / ٢٧٥ الحديث ٩٩٩ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢١٧ الحديث ٤٩٦٠.

(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٤ / ٢١٧ الباب ٣٠ من أبواب المواقيت.

(٤) وسائل الشيعة : ٤ / ٢١٧ الحديث ٤٩٥٩ و ٤٩٦١.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٣٩ الحديث ٦٤٧ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٥٧ الحديث ٤٧٩٣.

(٦) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٦٩ الحديث ١٠٧٤ ، الاستبصار : ١ / ٢٨٧ الحديث ١٠٥٢ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٢٩ الحديث ٤٧٠٩ مع اختلاف.

٤٠٩

وكذلك روى في العشاءين (١) ، مع أنّ رواية عبيد وأمثالها ، لا دلالة لها على الاشتراك المذكور أصلا ، لو لم نقل بدلالتها على الاختصاص ، لأنّ المعصوم عليه‌السلام قال : «منها صلاتان أوّل وقتهما من عند زوال الشمس إلى الغروب إلّا أنّ هذه قبل هذه» (٢).

فإنّ قوله عليه‌السلام : «إلّا أنّ هذه قبل هذه» بعد ما ذكر ينادي بأنّ كون الزوال وقتهما بهذا النحو ، أي بعنوان كون إحداهما قبل الاخرى لا مطلقا ، فدخول وقت ثمان ركعات بمجرّد زوال الشمس لا يكون إلّا بعنوان التوزيع ، بأن يكون أوّلا دخل وقت تكبيرة الإحرام ، ثمّ وقت قراءة «الحمد» ، ثمّ وقت قراءة السورة ، وقراءة «الحمد» أيضا على سبيل التوزيع في الآيات ، وكذلك السورة ، ثمّ وقت الركوع إلى آخر الركعة بهذا النحو ، ثمّ وقت الركعة الثانية بالنحو المذكور ، وكذلك الثالثة والرابعة والخامسة ، وهكذا إلى تمام الثمانية.

بل على القول بالاشتراك ، لا شكّ في أنّه بمجرّد الزوال ، لا يدخل وقت التشهّد الأخير والتسليم ، ولا وقت الركعة الأخيرة ، ولا وقت الركعة الثالثة ، ولا وقت الركعة الثامنة ، بل ولا وقت تمام الركعة الاولى ، بل وقت خصوص تكبيرة الإحرام بالنحو الذي ذكرت.

فكما هو الحال بالنسبة إلى أربع ركعات ، فهو الحال بعينه بالنسبة إلى ثمان ركعات ، لمكان قوله عليه‌السلام : «إلّا أنّ هذه قبل هذه» مع أنّ قوله عليه‌السلام : «إلّا أنّ هذه قبل هذه» مطلق شامل لجميع الفروض ، غير مقيّد بصورة دون صورة ، فمقتضاه أنّهما شرّعا بالنحو المذكور.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٧٠ الحديث ١٠٧٧ ، الاستبصار : ١ / ٢٨٨ الحديث ١٠٥٤ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٨٨ الحديث ٥١٨١ و ٥١٨٢.

(٢) وسائل الشيعة : ٤ / ١٥٧ الحديث ٤٧٩٣.

٤١٠

فإذا لم يكن بالنحو المذكور ، لم يكونا على النحو المشروع ، فوضع الظهر وقراره بحسب الشرع مقدّم على العصر ، فإذا وقعت العصر قبلها سهوا أو جهلا لم تقع بموقعها ، ولم يصدر على النهج المقرّر شرعا ، مضافا إلى أنّ العبادات توقيفية.

والذي وصل إلينا من الشارع من قوله وفعله ، هو بالكيفيّة المذكورة ، كتأخير الركعة الأخيرة عن الثالثة ، والثالثة عن الثانية ، وهي عن الاولى ، كتأخير السّلام عن التشهّد ، وهو عن السجود ، وهو عن الركوع وهكذا.

فلو وقعت على خلاف الترتيب المذكور ولو سهوا ، لم تكن هي موافقة لأمر الشارع ، إلّا أن يصل من الشارع إلينا عدم ضرره في صورة ، فهو وصل لا غير.

وأمّا ما تضمّن دخول الوقتين بمجرّد الزوال مثلا ، من دون ذكر عبارة «إلّا أنّ هذه قبل هذه» فمقيّد به ، لوجوب حمل المطلق على المقيّد.

مع أنّ الأخبار متواترة في تقدّم الظهر على العصر ، وهي تكشف بعضها عن بعض.

وممّا ذكرنا ظهر فساد النسبة إلى الصدوق ، وفساد الاستدلال بالأخبار المذكورة.

مع أنّ السيّد في «المسائل الناصريّة» قال : يختصّ أصحابنا بأنّهم يقولون : إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر معا ، إلّا أنّ الظهر قبل العصر ، قال : وتحقيق هذا الموضع ، إنّه إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر بمقدار ما يؤدّي أربع ركعات ، فإذا خرج هذا المقدار [من الوقت] اشترك الوقتان. ومعنى ذلك أنّه يصحّ أن يؤدّي في هذا الوقت الظهر والعصر بطوله ، والظهر مقدمة على العصر ، ثمّ إذا بقي للغروب مقدار أربع ركعات ، خرج وقت الظهر ، وخلص العصر (١) ، انتهى.

__________________

(١) الناصريّات : ١٨٩ المسألة ٧٢.

٤١١

انظروا إلى أنّه رحمه‌الله نسب ما ذكره إلى أصحابنا وقال : ويختصّ أصحابنا بأنّهم إلى آخر ما قال ، مع أنّه رأي الفقيه بالبديهة ، ومع ذلك قال ما قال.

ويدلّ على ما ذكرنا أيضا رواية داود بن فرقد ، عن بعض أصحابنا [عن أبي عبد الله عليه‌السلام] قال «إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتّى يمضي مقدار ما يصلّي المصلّي أربع ركعات. فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتّى يبقى من الشمس مقدار ما يصلّي أربع ركعات ، فاذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر ، وبقي وقت العصر حتّى تغيب الشمس» (١).

ويدلّ عليه أيضا ، ما أشرنا إليه من الأخبار الصريحة ، في أنّ مع خوف فوت إحدى الصلاتين ، يبدأ بالعصر لا بالظهر ، فيكون قد فاتتاه جميعا ، نقلنا من «الفقيه» وغيره (٢).

ويدلّ عليه الأخبار الصحيحة والحسنة الدالّة على أنّ الحائض إذا طهرت في وقت العصر تصلّي العصر لا غيرها (٣).

قوله : (وقال الشيخان). إلى آخره.

نسب ذلك إلى ابن أبي عقيل وسلّار أيضا (٤).

ويدلّ على فساده صحيحة زرارة (٥) ، وصحيحة عبيد بن زرارة (٦) ، وموثّقة

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٥ الحديث ٧٠ ، الاستبصار : ١ / ٢٦١ الحديث ٩٣٦ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٢٧ الحديث ٤٦٩٨ مع اختلاف يسير.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٣٢ الحديث ١٠٢٩ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٦٩ الحديث ١٠٧٤.

(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢ / ٣٦١ الباب ٤٩ من أبواب الحيض.

(٤) نقل عنهما في مختلف الشيعة : ٢ / ٢١ ، لاحظ! المراسم : ٦٢.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٤ الحديث ١٠٤ ، الاستبصار : ١ / ٢٧١ الحديث ٩٧٨ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٠٣ الحديث ٤٩٢٤.

(٦) الكافي : ٣ / ٢٨١ الحديث ١٢ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٧ الحديث ٧٨ ، الاستبصار : ١ / ٢٦٢ الحديث

٤١٢

عبيد الله وعمران ابني علي الحلبيين ، قالا : كنّا نختصم في الطريق في [الصلاة] صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق ، وكان منّا من يضيق بذلك صدره ، فدخلنا على الصادق عليه‌السلام فسألناه عن صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق ، فقال : «لا بأس بذلك» (١).

ورواية داود بن فرقد المذكورة عن الصادق عليه‌السلام إذ فيها أنّه عليه‌السلام قال : «إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب حتّى يمضي مقدار ما يصلّي المصلّي ثلاث ركعات ، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة حتّى يبقى من انتصاف الليل مقدار ما يصلّي المصلّي أربع ركعات ، فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت المغرب وبقي وقت العشاء إلى انتصاف الليل» (٢).

وهذه الرواية منجبرة بالشهرة بين الأصحاب ، مع أنّها صحيحة إلى ابن فضّال ، وهو أحد من أجمعت العصابة على قول (٣) ، ورواية إسحاق بن عمّار أنّه سأل الصادق عليه‌السلام : نجمع بين المغرب والعشاء في الحضر قبل أن يغيب الشفق من غير علّة؟ قال : «لا بأس» (٤) ، إلى غير ذلك من الأخبار.

ومستندهم صحيحة الحلبي ، عن الصادق عليه‌السلام متى تجب العتمة؟ قال : «إذا

__________________

٩٤١ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٨١ الحديث ٤٨٥٠.

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٤ الحديث ١٠٥ ، الاستبصار : ١ / ٢٧١ الحديث ٩٧٩ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٠٣ الحديث ٤٩٢٥.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨ الحديث ٨٢ ، الاستبصار : ١ / ٢٦٣ الحديث ٩٤٥ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٨٤ الحديث ٤٨٦٠.

(٣) رجال الكشّي : ٢ / ٨٣٠ الرقم ١٠٥٠.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٦٣ الحديث ١٠٤٧ ، الاستبصار : ١ / ٢٧٢ الحديث ٩٨٢ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٠٤ الحديث ٤٩٢٧.

٤١٣

غاب الشفق ، والشفق الحمرة» (١).

وصحيحة بكر بن محمّد ، عن الصادق عليه‌السلام : «أوّل وقت العشاء ذهاب الحمرة وآخر وقتها [إلى] غسق الليل» (٢).

والجواب أنّهما ضعيفتا الدلالة ، لاحتمال ذهاب الحمرة المشرقيّة ، كما ورد في الأخبار الاخر ، وعدم دلالة وجوب العتمة على عدم جواز فعلها قبل (٣) الشفق لعدم ظهور إرادة الوجوب الاصطلاحي في المقام ، بنحو يعارض الأخبار الصريحة في دخول وقت العشاء قبل ذهاب الشفق ، مع أنّهما موافقان لمذهب العامّة وطريقتهم (٤).

قوله : (وآخر آخرها). إلى آخره.

قد مرّ الكلام في ذلك قولا ودليلا ، إذ الأخبار الدالّة على الامتداد إلى النصف صحاح ومعتبرة (٥) ، صريحة الدلالة ، موافقة للكتاب وللأصل ، بخلاف الخبرين ، وربّما كان الاحتياط معهم في المسألتين ، فتأمّل!

قوله : (وقيل : آخر آخر المغرب). إلى آخره.

قد مرّ أنّ القائل ظاهر الكليني ، والشيخ في «المبسوط» (٦) ، وقد مرّت

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٢٨٠ الحديث ١١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٤ الحديث ١٠٣ ، الاستبصار : ١ / ٢٧٠ الحديث ٩٧٧ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٠٤ الحديث ٤٩٢٨.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٤١ الحديث ٦٥٧ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٠ الحديث ٨٨ ، الاستبصار : ١ / ٢٦٤ الحديث ٩٥٣ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٨٥ الحديث ٤٨٦٢.

(٣) في (ز ٣) زيادة : ذهاب.

(٤) المغني لابن قدامة ١ / ٢٣٠ و ٢٣١ المسألة ٥٢٦.

(٥) وسائل الشيعة : ٤ / ١٨٣ الباب ١٧ من أبواب المواقيت.

(٦) الكافي : ٣ / ٢٨٠ ذيل الحديث ٩ ، المبسوط : ١ / ٧٤.

٤١٤

الإشارة إلى دليلهم وفساده (١).

قوله : (وقيل : ربع الليل).

القائل هو الشيخ في أكثر كتبه (٢) ، وابن حمزة ، وأبو الصلاح على ما قيل (٣).

ومستندهم رواية عمر بن يزيد ، عن الصادق عليه‌السلام : عن وقت المغرب ، قال : «إذا كان أرفق بك ، وأمكن لك في صلاتك وكنت في حوائجك فلك أن تؤخّرها إلى ربع الليل» (٤) ربّما ورد من استحباب تأخير المغرب في المزدلفة ، وإن صادف ربع الليل (٥) ، والجواب عنهما ظاهر بما ذكرناه.

قوله : (وقيل). إلى آخره.

القائل مجهول ، إذ حكاه في «المبسوط» عن بعض علمائنا (٦) ، والموثّق موثّقة عبيد بن زرارة ، عن الصادق عليه‌السلام : «لا تفوت صلاة النهار حتّى تغيب الشمس ولا صلاة الليل حتّى يطلع الفجر» (٧).

وأمّا الصحيحان فصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه‌السلام ، قال : «إن نام رجل أو نسي أن يصلّي المغرب والعشاء ، فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٤٠٠ و ٤٠٥ من هذا الكتاب.

(٢) المبسوط : ١ / ٧٥ ، النهاية للشيخ الطوسي : ٥٩.

(٣) نقل عنهما في مختلف الشيعة : ٢ / ٢٠ و ٢١ ، لاحظ! الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ٨٣ ، الكافي في الفقه : ١٣٧.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٥٩ الحديث ١٠٣٤ ، الاستبصار : ١ / ٢٦٧ الحديث ٩٦٤ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٩٥ الحديث ٤٩٠٢.

(٥) المقنع : ٢٧١ ، مستدرك الوسائل : ١٠ / ٤٩ الحديث ١١٤١٩.

(٦) لاحظ! المبسوط : ١ / ٧٥.

(٧) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٥٦ الحديث ١٠١٥ ، الاستبصار : ١ / ٢٦٠ الحديث ٩٣٣ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٥٩ الحديث ٤٧٩٨.

٤١٥

كلتيهما فليصلّهما ، وإن خاف أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء وإن استيقظ بعد الفجر فليصلّ الصبح ، ثمّ المغرب ثمّ العشاء قبل طلوع الشمس» (١).

والاخرى رواها أبو بصير عن الصادق عليه‌السلام مثله إلى قوله : «قبل طلوع الشمس» ، ثمّ قال : «وإن خاف أن تطلع الشمس وتفوته إحدى الصلاتين فليصلّ المغرب ويدع العشاء حتّى تطلع الشمس ويذهب شعاعها ، ثمّ ليصلّها» (٢).

والروايات الثلاث معارضة للأخبار الكثيرة الصحيحة والمعتبرة (٣) المفتى بها عند الفقهاء ، المشتهرة بينهم ، والمخالفة لمذهب العامّة (٤).

قال الشهيد الثاني : وللأصحاب أن يحملوا الروايات الدالّة على امتداد الوقت إلى الفجر على التقيّة ، لإطباق الفقهاء الأربعة عليه ، وإن اختلفوا في كونه آخر وقت الاختيار والاضطرار (٥) ، انتهى.

مع أنّ الصحيحين يدلّان على وجوب تقديم الحاضرة على الفائتة ، وهو أيضا خلاف المشهور عند القدماء والمتأخّرين ، كما سيجي‌ء ، وخلاف الأخبار الصحاح وغيرها.

ومع ذلك مضمونها اشتراط النوم ، أو النسيان في ذلك ، وهو خلاف ما يقول به القائل.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٧٠ الحديث ١٠٧٦ ، الاستبصار : ١ / ٢٨٨ الحديث ١٠٥٣ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٨٨ الحديث ٥١٨٢ مع اختلاف يسير.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٧٠ الحديث ١٠٧٧ ، الاستبصار : ١ / ٢٨٨ الحديث ١٠٥٤ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٨٨ الحديث ٥١٨١ مع اختلاف يسير.

(٣) وسائل الشيعة : ٤ / ١٨٣ ـ ١٨٦ الباب ١٧ من ابواب المواقيت.

(٤) لاحظ! المجموع للنووي : ٣ / ٣٩ ، المغني لابن قدامة : ١ / ٢٣٢.

(٥) روض الجنان : ١٨٠.

٤١٦

وحمل الموثّق عليهما يوجب شذوذها أيضا ، فلا يكون للقائل دليل أصلا ، ولم يقل بها أحد منّا.

وفي رواية أبي بصير ما يدلّ على التقيّة من جهة اخرى أيضا ، وهي المنع عن القضاء عند طلوع الشمس إلى أن يذهب شعاعها ، فتعيّن طرح هذه الأخبار ، والعمل بما وافق المشهور.

واعلم! أنّه ورد روايتان ضعيفتان في كون آخر وقت الظهر أربعة أقدام وبعدها لا يبقى للظهر وقت (١).

وربّما ظهر من الشيخ في «التهذيب» العمل بهما ، بالنسبة إلى غير ذوي الأعذار (٢) ، وفي النهاية أفتى كذلك (٣).

وفيه أنّهما مع ضعفهما وموافقتهما لمذهب العامّة والتقيّة ، كيف يقاومان الأخبار الكثيرة غاية الكثرة ، والصحاح ، والمعتبرة ، والموافقة لمذهب سائر الشيعة ، والمشتهرة بينهم ، والمخالفة لطريقة العامّة؟

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ١ / ٣٨٩ الحديث ١١٩٩ ، ٢ / ٢٦ الحديث ٧٤ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٣٦١ الحديث ٢٣٦٧ ، ٤ / ١٤٩ الحديث ٤٧٧٢.

(٢) انظر! تهذيب الأحكام : ١ / ٣٩١ ذيل الحديث ١٢٠٧ ، ٢ / ٢٦ ذيل الحديث ٧٤.

(٣) النهاية للشيخ الطوسي : ٥٩.

٤١٧
٤١٨

٩٨ ـ مفتاح

[ملاك الوقتين في الأداء]

أوّل الوقتين للفضيلة وآخرهما للإجزاء ، عند الأكثر (١) ، للصحاح (٢). وقال الشيخان : بل الأوّل للمختار والآخر للمضطرّ (٣) للصحيحين : «وليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا إلّا من عذر أو علّة» (٤).

وحملا على نفي الجواز الذي لا كراهة فيه جمعا (٥). وفيه بعد ، وفي قولهما قوّة ، ولا ينافيه كون الأوّل أفضل وكون الثاني وقتا ، لأنّ ما يفعله المختار أفضل ممّا يفعله المضطرّ أبدا ، والوقت الثاني أداء في حقّ المضطرّ.

__________________

(١) السرائر : ١ / ١٩٦ ، المعتبر : ٢ / ٢٦ ، مختلف الشيعة : ٢ / ٤ ، ذكرى الشيعة : ٢ / ٣٢١ ، مدارك الأحكام : ٣ / ٣٢.

(٢) راجع! وسائل الشيعة : ٤ / ١٢١ الحديث ٤٦٨١ ـ ٤٦٨٧ ، ١٢٨ الحديث ٤٧٠٦ ، ١٢٥ الباب ٤ ، ١٨٣ الباب ١٧ من أبواب المواقيت.

(٣) المقنعة : ٩٤ ، النهاية للشيخ الطوسي : ٥٨ ، لاحظ! مدارك الأحكام : ٣ / ٣٢.

(٤) وسائل الشيعة : ٤ / ١١٩ الحديث ٤٦٧٥ ، ١٢٢ الحديث ٤٦٨٤.

(٥) مدارك الأحكام : ٣ / ٣٢.

٤١٩

ثمّ المستفاد من المعتبرة (١) أنّ أدنى عذر (٢) كاف في التأخير.

__________________

(١) انظر! وسائل الشيعة : ٤ / ١١٥ الحديث ٤٦٦١ ، ١٤٤ الحديث ٤٧٥٣ ، ١٩٣ الباب ١٩ من أبواب المواقيت ، ١٩٦ الحديث ٤٩٠٥.

(٢) قال في «المبسوط» : العذر أربعة : السفر والمطر والمرض وشغل يضرّ تركه بدينه أو دنياه ، والضرورة خمسة : الكافر يسلم ، والصبي يبلغ ، والحائض تطهر ، والمجنون يعقل ، والمغمى عليه يفيق. وفي «الذكرى» : إنّ الحصر في ذلك على سبيل الغالب «منه رحمه‌الله» ، (لاحظ! المبسوط : ١ / ٧٢ ، مع اختلاف يسير ، ذكرى الشيعة : ٢ / ٣٢١).

٤٢٠