الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-200-5
ISBN الدورة:
الصفحات: ٦٣٨
كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته. (١)
على أنّ أبا حنيفة جوّز إخراج السّبب عن عموم اللّفظ بالاجتهاد ، كما جوّز إخراج غيره ، فأخرج الأمة المستفرشة عن عموم قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الولد للفراش (٢) ، ولم يلحق ولدها بمولاها ، مع وروده في وليدة ابن زمعة ، وقد قال عبد الله : هو أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه. (٣)
ولعلّه فعل ذلك ، لعدم اطّلاعه على ورود الخبر على ذلك السبب.
وعن الخامس : الفائدة ظاهرة ، وهي معرفة أسباب التنزيل والسّير والقصص واتّساع علم الشريعة ، وامتناع إخراج السبب بحكم التخصيص بالاجتهاد ، ولهذا غلط أبو حنيفة في إخراج الأمة المستفرشة عن قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الولد للفراش ، حيث لم يبلغه السّبب ، فأخرج الأمة من العموم مع وروده فيها.
وعن السّادس : أنّ المقتضي للتخصيص هو العادة ، فإنّ العرف قاض به ، لفهمهم ذلك ، بخلاف أسباب الشرع ، حيث لم يفهم منها القصر عليها ، فإن ادّعوا فهم ذلك كان محلّ النّزاع.
وعن السابع : إن أردتم بالمطابقة المساواة ، فهو ممنوع ، إذ لا مقتضي لاشتراطها ، وإن أردتم بها الكشف عنه ، فهو مسلّم ، وهو لا يقتضي ترك كشف
__________________
(١) مستدرك الوسائل : ٨ / ٢٦ ، الباب ١٨ من أبواب وجوب الحج ، الحديث ٣ ؛ ومسند أحمد : ٦ / ٤٢٩ ؛ وسنن الدارمي : ٢ / ٤٠ ـ ٤١.
(٢) وسائل الشيعة : ١٥ / ٦٠٤ ، الباب ٩ من أبواب اللعان ، الحديث ٣.
(٣) لاحظ صحيح البخاري ، كتاب البيوع ، باب تفسير المشبّهات ، برقم ٢٠٥٣ ، وسنن ابن ماجة : ١ / ٦٤٦ برقم ٢٠٠٦ ـ ٢٠٠٧ ؛ وسنن أبي داود : ٢ / ٢٨٢ برقم ٢٢٧٣.
غيره ، ولهذا لمّا سئل صلىاللهعليهوآلهوسلم عن ماء البحر فأجاب عنه وبيّن حكما آخر ، وهو قوله «الحلّ ميتته».
وعن التاسع : المنع من دليل الخطاب.
سلّمناه ، لكن نمنع تحقّقه هنا.
تذنيب
العامّ لا يجب تساوي نسبته إلى جزئيّاته في الدلالة عليها ، بل قد تتفاوت في الوثاقة والضعف ، وهذا العامّ من هذا القبيل ، فإنّه وإن كان حجّة في موضع السؤال وغيره ، إلّا أنّ دلالته على محلّ السؤال أقوى منه في غيره ، لأنّه سيق (١) لبيان حكمه ، وهذا صالح للترجيح.
المبحث الرابع : في التخصيص بمذهب الراوي
الحقّ : أنّ العامّ لا يخصّص بمذهب الراوي وإن كان صحابيّا ، وبه قال الشافعي.
وقال أصحاب أبي حنيفة والحنابلة وعيسى بن أبان (٢) وجماعة من الفقهاء : إنّ العامّ يخصّص بمذهب الصحابيّ.
لنا : أنّ المقتضي للعموم قائم ، والمعارض لا يصلح للمانعيّة.
__________________
(١) في «ج» : سبق.
(٢) تقدّمت ترجمته ص ٢١٦.
أمّا وجود المقتضي فلأنّ اللفظ موضوع للعموم ، وهو ثابت.
وأمّا أنّ المعارض لا يصلح للمانعيّة ، فلأنّ مخالفة الرّاوي لا تصلح للمانعيّة ، ولا مانع سواها إجماعا ، لأنّ مخالفته يحتمل أقساما ثلاثة : طرفين ، وواسطة.
فطرف الإفراط : أن يقول الراوي : أعلم بالضرورة أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد بالعامّ ذلك الخاصّ ، إمّا بخبر آخر قاطع أو بشيء من قرائن الأحوال ويعارض هذا الاحتمال أنّه لو كان كذلك لوجب على الرّاوي بيانه ، ليزيل التّهمة عنه والشبهة عن غيره.
وطرف التفريط أن يقال : إنّه ترك العموم لغير حجّة ولا شبهة بل بمجرّد الهوى ، ويعارضه ظهور عدالته.
والواسطة المخالفة لدليل في ظنّه ، وإن لم يكن في نفس الأمر.
وإذا تطرّقت هذه الاحتمالات وجب اطراح مذهب الرّاوي والمصير إلى العموم.
احتجّ المخالف بأنّ مخالفة الرّاوي إن لم يكن لدليل ، قدح ذلك في عدالته ، وهو يقتضي القدح في متن الخبر.
وإن كانت لدليل ، فإن كان محتملا للنّقيض ، وجب ذكره ، ليزيل التهمة عن نفسه ، والشبهة عن غيره. ولينظر المجتهدون فيه ، وإن لم يكن محتملا للنقيض ، كان قطعيّا ، لتعيّن المصير إليه.
والجواب : يجوز أن يكون لا لدليل ، ولا يقدح في العدالة إمّا لأنّه من الصغائر ، أو لأنّ تجويز المخالفة لا عن دليل لا يوجب الفسق ، بل
تحقّق المخالفة ، فلا يتطرّق القدح في متن الخبر.
وفيه نظر ، لأنّ الترديد لما في نفس الأمر ، لا بالنسبة إلى الذهن عندنا.
سلّمنا ، لكن لم لا تكون المخالفة لدليل ظنيّ؟ ولا يجب ذكره إلّا مع المناظرة ، فلعلّه لم تتّفق تلك المناظرة.
سلّمنا ، لكن نمنع أنّه لم يذكره ، فلعلّه ذكره ولم ينقل ، أو نقل ، ولم يشتهر.
سلّمنا ، لكن لم لا يتوهّم أنّه قطعيّ؟ فيظنّ اعتقاد كلّ أحد له ، فلم ينقله.
سلّمنا ، لكن لم لا يكون قطعيّا عنده؟ وإن لم يكن عندنا قطعيّا ، فإنّ الأدلّة لا تجب تساويها في الوثاقة والضعف عند المستدلّين بها.
واعلم أنّ الشافعي قال : إذا كان الرّاوي حمل الخبر على أحد محمليه صرت إلى قوله ، وإن ترك الظاهر ، لم أصر إلى قوله خلافا لعيسى بن أبان ، (١) كما روى أبو هريرة : «انّ الإناء يغسل من ولوغ الكلب سبعا» فإنّه خصّ ذلك بمذهب أبي هريرة في أنّه يغسل ثلاثا ، وفي كونه تخصيصا نظر.
وقال بعض الناس : إن وجد خبر يقتضي تخصيصه ، أو وجد في الأصول ما يقتضي ذلك ، لم يخصّ الخبر بمذهبه ، وإلّا خصّ بمذهبه. (٢)
__________________
(١) تقدّمت ترجمته ص ٢١٦.
(٢) لاحظ المحصول للرازي : ١ / ٤٤٩ ـ ٤٥٠.
المبحث الخامس : في التخصيص بذكر الأخصّ
ذهب المحققون إلى أنّ العامّ لا يجوز تخصيصه بذكر بعضه ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أيّما إهاب دبغ فقد طهر» (١) لا يخصّ بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في جلد شاة ميمونة : «دباغها طهورها» (٢) ، لأنّ المخصّص للعامّ يجب أن يكون بينه وبين العامّ منافاة ، لاقتضاء العامّ اندراج ذلك المخصوص في حكمه ، واقتضاء الخاصّ إخراجه عنه ، ولا منافاة بين الكلّ والجزء ، لاحتياج الكلّ إلى الجزء ، ولا منافاة بين المحتاج والمحتاج إليه.
وقال أبو ثور (٣) : العموم إذا علّق حكما على أشياء ، وورد لفظ يفيد تعليق ذلك الحكم على بعضها ، وجب انتفاء الحكم عمّا عدا ذلك البعض ، كما في الخبرين ، لأنّ تخصيص الشيء بالذكر يدلّ على نفي الحكم عمّا عداه ، فتخصيص الخاصّ بالذّكر يدلّ على نفي الحكم عن غيره ، وذلك يقتضي تخصيص العامّ.
والجواب : أنّ المفهوم ضعيف وبالخصوص مفهوم اللّقب ، فإنّا قد بيّنا أنّه ليس حجّة.
__________________
(١) صحيح الترمذي : ٤ / ٢٢١ برقم ١٧٢٨ ، كتاب اللباس ، ومسند أحمد بن حنبل : ١ / ٢١٩.
(٢) صحيح مسلم ، كتاب الحيض ، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ برقم ٦٩٢ ـ ٧٠١. ولاحظ عوالي اللآلي : ١ / ٤٢.
(٣) تقدّمت ترجمته ص ٢٢٣.
سلّمنا ، لكن ظاهر العموم أولى منه ، لأنّ العموم صريح ، فهو أولى من دليل الخطاب.
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «دباغها طهورها» من أقسام دليل الاسم ، وهو أضعف من دليل الصّفة.
المبحث السادس : في التخصيص بالعادات
اعلم أنّ العادة المخالفة للعموم قسمان :
الأوّل : عادة في الفعل بأن يعتاد النّاس شرب بعض الدّماء ، ثم يحرّم الله تعالى الدّماء بكلام يعمّها ، ومثل : حرّمت الرّبا في الطعام ، وعادتهم تناول البرّ ، وهذا القسم لا يجوز تخصيص العامّ فيه بالعادة ، خلافا للحنفيّة ، لأنّ أفعال العباد ليست حجّة على الشرع ، بل أفعالهم تابعة للشّرع ، فلا يجوز أن يجعل التابع متبوعا.
نعم لو أجمعوا عليه صحّ التخصيص ، لكنّ المخصّص ليس العادة بل الإجماع ، وكذا إن كانت حاصلة في زمان الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مع أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم علم بها ، ولم يمنعهم منها ، فإنّها تكون مخصّصة ، وليس التخصيص في الحقيقة مستندا اليها بل إلى تقريره صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ولا يجوز استناد التخصيص في المثال إلى الاباحة الأصليّة.
أمّا أوّلا ، فلأنّ حكم الأصل إنّما يصار إليه ما لم ينقل عنه شرع ، والعموم دليل شرعيّ ، فيجب أن ينقل به.
وأمّا ثانيا ، فلأنّ المخصّص حينئذ ليس هو العادة ، بل دليل الأصالة.
وأمّا ثالثا ، فلأنّا نمنع من أصالة الإباحة ، ولأنّ اللّفظ عامّ لغة وعرفا ، ولا مخصّص.
احتجّوا بأنّ العرف والعادة يخصّصان اسم الدابّة بذوات الأربع ، والثمن عند إطلاقه بالنقد الغالب في البلد.
ولأنّه لو قال : له اشتر اللّحم ، والعادة تناول لحم الضأن ، حمل عليه.
والجواب : الفرق أنّ غلبة اسم الدابة على الخيل ، والثمن بالنقد الغالب ، يقتضي الاختصاص به ، بخلاف غلبة تناوله ، فالعادة إنّما هي مطّردة في اعتياد أكل ذلك الطعام المخصوص ، لا في تخصيص اسم الطعام بذلك الخاصّ ، فلا يكون قاضيا على ما اقتضاه عموم لفظ الطعام مع بقائه على الوضع الأصلي ، بخلاف الدابّة ، فإنّه صار بعرف الاستعمال ظاهرا في ذوات الأربع وضعا ، حتّى لا يفهم من إطلاق [لفظ] الدابّة غيره ، فكان قاضيا على الاستعمال الأصليّ ، حتّى لو كانت العادة في الطعام المعتاد أكله ، خصّصت بعرف الاستعمال اسم الطعام بذلك الطعام ، لكان لفظ الطعام منزّلا عليه دون غيره ، ضرورة تنزيل مخاطبة الشارع للعرب (١) على ما هو المفهوم [لهم] من لغتهم.
والصرف إلى الضأن ، للقرينة في المطلق لا العموم.
الثاني : عادة في الاستعمال ، بأن يكون العموم مستعرفا في اللّغة ويتعارف الناس استعماله في بعض تلك الاشياء ، كالدابّة الموضوعة لغة لكلّ ما يدبّ ، ثمّ
__________________
(١) في «ب» و «ج» : للعرف.
استعملت عرفا في الخيل ، فهنا إذا أمر الله تعالى في الدابّة بشيء ، حمل على الخيل ، لما بيّنا من أولويّة الحمل على المعنى العرفي ، وليس هذا تخصيصا في الحقيقة ، لأنّ اسم الدابّة لا يصير مستعملا بالعرف إلّا في الخيل ، فصار كأنّه لم يستعمل إلّا فيها ، فلا يكون تخصيصا في الحكم ، وإن كان تخصيصا بالنسبة إلى الاستعمال.
المبحث السابع : في أنّ كونه مخاطبا لا يقتضي تخصيصه عن العموم
ذهب المحقّقون إلى أنّ كون المخاطب مخاطبا ، لا يخرجه عن عموم خطابه ، سواء كان العامّ خبرا ، كقوله تعالى : (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(١) أو أمرا مثل : من أحسن إليك فأكرمه ، أو نهيا مثل : من أحسن إليك فلا تسيء إليه ، لأنّ اللفظ عامّ لغة وهو يقتضي كون كلّ شيء معلوما له تعالى وذاته شيء ، فتكون داخلة تحت عموم الخطاب ، لعدم التنافي بينهما.
وكذا الأمر بالإكرام يتناول كلّ محسن ، فإذا أحسن السيد إليه ، صدق أنّه من جملة المحسنين ، فوجب على العبد إكرامه بمقتضى عموم خطاب السيّد.
وقال شاذّ : إنّه مخصّص ، وإلّا لكان الله تعالى داخلا في قوله : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)(٢).
__________________
(١) البقرة : ٢٩.
(٢) الرعد : ١٦.
ولأنّ السيّد لو قال لعبده : من دخل [داري] تصدّق عليه بدرهم ، لم يحسن من العبد الصّدقة عليه ، ولو كان داخلا لوجب.
ولأنّ كونه آمرا قرينة مخصّصة.
والجواب : الامتناع من الدخول في الآية لا من حيث كونه مخاطبا ، بل من امتناع نسبة المخلوقيّة إليه ، فالمخصّص هنا العقل ، ونحن لا نمنع منه ، كما في قوله تعالى : (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ)(١).
نعم هو داخل من حيث الوضع خارج عن الإرادة من حيث العقل ، والاضافات بينهما ، وكذا القرينة الحاليّة خصّصت السيّد عن الإرادة ، والأمر ليس قرينة في التخصيص ، كما قلناه في قوله : من أحسن إليك فأكرمه ، نعم الآمر هل يدخل تحت عموم أمره؟ تقدّم البحث في ذلك.
المبحث الثامن : في أنّ علوّ منصبه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يقتضي التخصيص
إذا ورد الخطاب على لسان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وكان عامّا مثل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)(٢)(يا أَيُّهَا النَّاسُ)(٣)(يا عِبادِيَ)(٤) يدخل فيه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عند أكثر العلماء.
وقال جماعة من الفقهاء والمتكلمين : إنّه غير داخل.
__________________
(١) النمل : ٢٣.
(٢) البقرة : ١٠٤.
(٣) البقرة : ٢١.
(٤) العنكبوت : ٥٦.
وقال أبو بكر الصيرفي (١) والحليمي (٢) من الشافعيّة : إن صدر الخطاب ب «قل» مثل : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ)(٣) فهو غير داخل ، وكلّ خطاب لم يصدر بأمر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بتبليغه ، مثل : (يا أَيُّهَا النَّاسُ ،) دخل.
لنا : انّ هذه الصيغة عامّة لكلّ إنسان ، وكلّ مؤمن ، وكلّ عبد ، والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سيّد المؤمنين والعباد ، والنبوّة غير مخرجة [له] عن إطلاق هذه الأسماء عليه ، فلا تكون مخرجة له عن العمومات.
ولأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كان إذا أمر أصحابه بأمر ، وتخلّف عنه ، سألوه عن سبب الترك ، ولو لم يعقلوا دخوله فيما أمرهم به ، لما سألوه عن ذلك ، ولم ينكر عليهم ما فهموه من الدخول ، بل اعتذر ، كما قالوا : لم أمرتنا بفسخ الحجّ إلى العمرة ، ولم تفسخ؟ فقال : «إنّي قلّدت هديا» (٤).
احتجوا بوجوه.
الأوّل : أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر الأمّة بهذه الأوامر فلو دخل فيها لكان آمرا مأمورا بخطاب واحد ، وهو ممتنع.
ولأنّه يلزم أن يكون الإنسان آمرا لنفسه ، وهو محال ، لأنّ الأمر طلب
__________________
(١) تقدّمت ترجمته في الجزء الأوّل : ١٤٠.
(٢) الحسين بن الحسن بن محمد ، أبو عبد الله ، فقيه شافعيّ ، كان رئيس أهل الحديث في ما وراء النّهر ، مات في بخارى سنة ٤٠٣ ه. لاحظ الأعلام للزركلي : ٢ / ٢٣٥.
(٣) الأعراف : ١٥٨.
(٤) لاحظ مسند أحمد بن حنبل : ٢ / ١٢٤ ؛ والسنن الكبرى للبيهقي : ٥ / ١٢ ـ ١٣ ونقله الآمدي في الإحكام : ٢ / ٣٨٠ كما في المتن.
الأعلى من الأدنى ، ولانتفاء فائدته ، ولامتناع أن يكون الشخص آمرا لنفسه على الخصوص ، فكذا له ولغيره.
الثاني : يلزم أن يكون بخطاب واحد مبلّغا ومبلّغا إليه ، وهو محال.
الثالث : انّه صلىاللهعليهوآلهوسلم اختصّ بأحكام لم تشاركه فيها الأمّة ، كوجوب ركعتي الفجر والأضحى وتحريم الزكاة عليه ، وغير ذلك من خواصّه ، وهو يعطي كونه على مرتبة وانفراد عن الأمّة بأحكام التكليف ، فلا يدخل تحت خطابهم.
الرابع : علوّ منصبه يقتضي إفراده بالذّكر لقبح أمر السلطان وزيره وأدون أمّته بخطاب واحد.
والجواب عن الأوّل : أنّ الآمر هو الله تعالى ، والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مبلّغ لأمره تعالى ، وفرق بين الآمر والمبلّغ للأمر.
وعن الثاني : أنّه مبلّغ للأمّة بما ورد على لسانه ، وليس مبلّغا لنفسه بذلك الخطاب ، بل المبلّغ له جبرئيل عليهالسلام.
وعن الثالث : أنّ اختصاصه ببعض الأحكام لا يوجب خروجه عن العموم ، فإنّ كلّا من الحائض والمسافر والمريض والمرأة قد اختصّ بأحكام لا يشاركه فيها غيره ، ولم يخرج عن العمومات.
وعن الرابع : بمنع القبح.
والوجه عندي ما قاله الصيرفي ، لأنّ تصدير الخطاب ب «قل» يشعر بأمره بالتبليغ ، وخروجه عنه ، لقبح قوله لنفسه ، بخلاف (يا أَيُّهَا النَّاسُ).
والتحقيق : أنّ خطابه تعالى مكتوب في اللّوح المحفوظ ، وجار على لسان جبرئيل عليهالسلام ولسان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا شكّ في دخوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الأوّلين ، دون ما جرى على لسانه صلىاللهعليهوآلهوسلم آمرا به غيره من الأمّة.
المبحث التاسع : في دخول العبد والكافر
اختلف الناس في دخول العبد تحت خطاب التكاليف بالألفاظ العامّة المتناولة له لغة كلفظ «الناس» و «المؤمنين» و «العباد».
فذهب الأكثر إليه ، خلافا للأقلّ.
وقال أبو بكر الرازي (١) من الحنفية : إنّه داخل في العمومات المثبتة لحقوق الله تعالى دون حقوق الآدميّ.
لنا : أنّ اللّفظ عامّة نسبته إليه كنسبته إلى الحرّ ، فيتساويان في الدخول ، لتساويهما في الاندراج لغة ، والمانع المقتضي للتخصيص خلاف الأصل ، فيثبت الدخول إلّا أن يدلّ دليل على إخراجه منه ، مثل كون العبادة مترتّبة على الملك المنتفي في حقّه عند أكثر الفقهاء أو غيره من الأدلّة.
احتجّوا بوجوه :
الأوّل : العبد مال لسيّده ، لتمكّنه من التصرّف فيه حسب تصرّفه في سائر الأموال ، فيكون بمنزلة البهائم ، فلا يندرج تحت خطاب الشّرع.
الثاني : أفعاله الّتي هي متعلّق التكليف ، ويحصل بها الامتثال ، مملوكة
__________________
(١) تقدمت ترجمته في الجزء الأوّل : ٥٠٥.
لسيّده ، ويجب صرفها إلى سيّده للخدمة شرعا ، فلا يكون الخطاب متعلّقا بصرفها إلى غير منافعه للتّناقض.
الثالث : الإجماع على خروجه عن الخطاب بالحجّ ، والعمرة ، والجمعة ، والتبرّع ، والإقرار بالمال ، والحقّ البدنيّ ، فلو كان داخلا تحت العموم ، لكان خروجه [عنها] في هذه الصور على خلاف الأصل.
الرابع : الرقّ مقتض لإخراجه عن العموم ، لأنّه مشغول بسببه في جميع أوقاته بخدمة سيّده ، وحقّ السيّد مقدّم ، لتمكّنه من منعه من النوافل ، وهي حقّ له تعالى.
ولأنّ حقوقه تعالى مبنيّة على المسامحة ، لعدم تضرّره بفوات حقّه ، وعدم انتفاعه بحصوله ، بخلاف الآدميّ.
لا يقال : إنّما يلزمه الخدمة لو فرغ من العبادات في هذه الأوقات.
لأنّا نقول : ليس تخصيص الدّليل الدالّ على وجوب الخدمة بما دلّ على وجوب العبادة أولى من تخصيص ما دلّ على وجوب العبادة بما دلّ على وجوب خدمة السيّد.
والجواب عن الأوّل : كونه مالا لا يخرجه عن جنس المكلّفين ، إلى جنس البهائم ، وإلّا لما توجّه الخطاب إليه بالصّلاة والصّوم والخدمة.
وعن الثاني : بالمنع من كون جميع المنافع مملوكة للسيّد في جميع الأوقات ، حتّى في وقت تضييق العبادة المأمور بها ، بل في غيره ، فاندفع التناقض (١).
__________________
(١) الاستدلال للآمدي في الإحكام : ٢ / ٣٧٩.
وفيه نظر ، لأنّ العبادة إنّما تخصّص وجوب طاعة السيّد لو وجبت عليه ، وهو المتنازع.
وعن الثالث : أنّ خروجه عن هذه العمومات ، لا يدلّ على إخراجه عن تناول العمومات له لغة ، غايته أنّه خصّ في البعض لدليل ، والتخصيص غير مانع من العموم لغة ، والتخصيص أولى من رفع العموم لغة مع تحقّقه ، فأشبه المريض والحائض والمسافر في تخصيصهم بالصلاة ، والصّوم ، والجهاد.
وعن الرابع : بمنع تعلّق حقّ السيّد بمنافعه المصروفة إلى العبادات المأمور بها عند ضيق أوقاتها ، كما سبق ، والرّقّ وإن اقتضى ذلك للمناسبة والاعتبار إلّا أنّه لا يقع في مقابلة دلالة النصّ على العبادة في ذلك الوقت ، والنّصوص الدالّة على خدمة السيّد في حكم العامّ ، وما دلّ على وجوب العبادة في حكم الخاصّ ، فإنّ كلّ عبادة يتناولها لفظ خاصّ كآية الصلاة ، وآية الصوم ، والخاصّ مقدّم على العامّ ، فالنصوص وإن تناولت العبد بعمومها ، إلّا أنّها متناولة للعبادة في وقتها المعيّن بخصوصها.
والرّقّ وإن كان مقتضيا لحقّ السيّد بخصوصه ، إلّا أنّ اقتضاءه لذلك الحقّ في وقت العبادة لعمومه ، فيتقابلان ، ويسلم الترجيح بالتنصيص.
ونمنع كون حقّ الآدميّ مرجّحا على حقّ الله تعالى مطلقا ، فإنّ حقّه تعالى يترجّح على حقّ السيّد فيما وجب على العبد بالخطاب الخاصّ به إجماعا.
ومنع السيّد له من النوافل ، وإن اقتضى ترجيح حقّه ، لكن لا مطلقا بل في النوافل دون الفرائض.
وأمّا الكفر ، فإنّه غير مقتض للتخصيص ، لما بيّنا من أنّ الكفّار مخاطبون بالشرائع.
المبحث العاشر : في أنّ قصد المدح والذمّ غير مقتض للتّخصيص
اللّفظ العامّ إذا قصد به المخاطب المدح أو الذمّ ، كقوله تعالى : (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ. وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ)(١) وقوله : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ)(٢) لا يخرج عن عمومه بقصدهما عند أكثر المحقّقين.
وقال الشافعي : انّه يخرج عن عمومه. (٣)
لنا : أنّه لفظ وضع للعموم فرضا ولا منافي لإرادته ، إذ ليس إلّا قصد المدح أو الذمّ ، وهو غير صالح للمانعيّة ، لإمكان إرادة العموم مع إرادة أحدهما ، فيحمل على موضوعه ، كغيره من الألفاظ.
احتجّ الشافعي : بأنّ الآية سيقت بقصد (٤) المبالغة في الحثّ أو الزجر ، ولم يكن العموم مقصودا ، ومنع من التمسّك بهذه الآية في ثبوت الزكاة في الحليّ.
والجواب : فهم الذمّ من الآية ، لدلالة اللّفظ عليه ، وهو يدلّ على العموم ، فوجب إثباته ، وليس دلالتها على الذمّ مانعة من دلالتها على العموم ، بل العموم أبلغ.
__________________
(١) الانفطار : ١٢ ـ ١٣.
(٢) التوبة : ٣٤.
(٣) نقله الآمدي في الإحكام : ٢ / ٣٨٤.
(٤) في «أ» : لقصد.
المبحث الحادي عشر : في أنّ المعطوف هل يجب أن يضمر فيه جميع ما يمكن إضماره ممّا في المعطوف عليه؟ وهل إذا وجب ذلك ، وكان المضمر في المعطوف عليه مخصوصا ، وجب أن يكون المعطوف ، عليه مخصوصا أم لا؟
اختلف الناس في ذلك ، فقال العراقيّون بذلك كلّه ، ومنع الشافعيّة منه ، مثاله قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده» (١).
استدل الشافعي به على أنّ المسلم لا يقتل بالذّميّ ، وكذا أصحابنا ، لأنّ اللّفظ عامّ بالنسبة إلى كلّ كافر حربيّا كان أو ذميّا.
اعترضه الحنفيّة : بأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم عطف عليه ذا العهد ، فيكون معناه : ولا ذو عهد في عهده بكافر ، لأنّ حكم المعطوف حكم المعطوف عليه ، ومعلوم أنّ ذا العهد يقتل بالكافر الذميّ ، ولا يقتل بالحربيّ ، فكان قوله : «لا يقتل مؤمن بكافر» معناه : «كافر حربيّ» لأنّ المضمر في المظهر هو المظهر في المعطوف عليه ، فأضمروا في المعطوف ما هو مظهر في المعطوف عليه ، من القتل والكافر.
ولمّا رأوا أنّ ذلك إن أضمر في المعطوف ، كان مخصوصا في الحربيّ ، أوجبوا تخصيص المعطوف عليه أيضا بالحربيّ.
وأجاب قاضي القضاة بوجهين :
__________________
(١) تقدّم تخريج الحديث :
الأوّل : منع إضمار الكافر في المعطوف ، لأنّ المعطوف إنّما يضمر فيه من المعطوف عليه ما يضمر به مستقلّا ، لأنّ فقد استقلاله هو الموجب للإضمار ، ومن المعلوم استقلال قوله : «ولا ذو عهد في عهده» بإضمار القتل ، فإنّ قولنا : «ولا يقتل ذو عهد في عهده» كلام مستقلّ.
الثاني : سلّمنا إضمار «الكافر» لكن لا يجب تخصيص المعطوف عليه لو كان المضمر مخصّصا بالحربيّ ، لأنّ مقتضى العطف مطلق الاشتراك ، لا الاشتراك من كلّ الوجوه ، فلا يجب ما قالوه ، ولهذا لو قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده بكافر» ثمّ علمنا بدلالة أنّ ذلك مخصوص بالحربيّ ، لم يجب أن يكون المعطوف عليه كذلك.
اعترض أبو الحسين على الأوّل : بأنّ الإضمار لا يقف على ما يستقلّ به الكلام ، فإنّ من قال : «لا يقتل اليهود بالحديد ولا النصارى» لكان معناه : ولا يقتل النصارى بالحديد ولا يقتصر فيه على إضمار القتل فقط.
وكذا [لو قال :] «لا تشتر اللحم بالدراهم الصّحاح ولا الخبز» لأفاد «ولا تشتر الخبز بالدراهم الصّحاح» لأنّ العطف يفيد الاشتراك في حكم المعطوف عليه ، وهاهنا المنع هو الشراء بالدّراهم الصّحاح دون المنع بالشراء بالدّراهم مطلقا ، لأنّ المنع بالشراء بالدراهم مطلقا غير مذكور.
فلو قلنا : إنّ قولنا : «لا تشتر اللحم بالدّراهم الصحاح ولا الخبز» معناه : «ولا تشتر الخبز أصلا» لم يكن قد شركنا بينهما في الحكم المذكور.
وعلى الثاني : أنّ العطف يفيد اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في
حكمه ، وحكمه هو ما شاء المتكلّم وأراده ، دون ما لم يعنه ، فلو جعل الكافر في المعطوف عليه عامّا ، وفي المعطوف خاصّا لم يكن العطف مفيدا لاشتراكهما فيما قصده المتكلّم ، لأنّه قصد بالأوّل العموم ، وبالثاني الخصوص ، ولكان الثاني معطوفا على بعض الأوّل ، وظاهر العطف يمنعه.
ولا يمكن أن يقال : العطف يفيد اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في لفظ الكافر ، لأنّ اللّفظ ليس موجودا في المعطوف ، وانّما حكم المعطوف عليه يوجد فيه ، فإنّ المتكلّم يقصد بالعطف اشتراكهما في معنى قصده ، دون اللفظ.
ثمّ أجاب عن كلام الحنفيّة : بأنّ المعطوف إذا قيّد بصفة ، لم يجب أن يضمر فيه من المعطوف عليه إلّا ما يصير به مستقلّا ، فإنّ الإنسان لو قال : «لا تقتل اليهود بالحديد ، ولا النصراني في الأشهر الحرم» لم يجب أن يضمر فيه إلّا القتل حتى يكون معناه : «ولا تقتل النصارى في الأشهر الحرم» ولا يجب إضمار «الحديد» حتّى يصير «ولا تقتل النصارى بالحديد في الأشهر الحرم» لأنّه لمّا قيّد المعطوف بزيادة ليست في المعطوف عليه ، علم أنّه أراد المخالفة بينهما في كيفيّة القتل ، وأن يشرك بينهما في القتل فقط ، لا في الزيادة الّتي في المعطوف عليه (١).
وهذا الكلام جيّد ، لأنّ قوله : «ولا ذو عهد في عهده» كلام تامّ ، لأنّه لو قال : «لا يقتل ذو العهد» لكان من الجائز أن يتوهّم أنّ من وجد منه العهد ، ثمّ خرج
__________________
(١) المعتمد : ١ / ٢٨٤ ـ ٢٨٧ نقله المصنّف بتلخيص.
عن عهده ، فإنّه لا يجوز قتله ، فلمّا قال «في عهده» علمنا أنّ النهي اختصّ بكونه في العهد.
وإذا كان تامّا ، لم يجر إضمار الزّيادة ، لأنّ الإضمار على خلاف الأصل ، فلا يصار إليه إلّا لضرورة.
لا يقال : إنّ قوله : «في عهده» كالتأكيد لقوله : «ولا ذو عهد» ولا يفيد حكما آخر ، لأنّه لو لم يقله لعلمنا بقوله «ولا ذو عهد» أنّه لا ينبغي أن يقتل في عهده ، لأنّ زوال العهد يخرجه عن كونه ذا عهد ، وإذا كانت للتأكيد ، وكان قوله : «ولا ذو عهد» يفيد بكافر ، فكذا قوله : «ولا ذو عهد في عهده».
وليس يقال : إنّ قوله : «في عهده» يفيد فائدة مجدّدة ، وهي أنّ المانع من قتله هو العهد ، لأنّه لو أفاد لاستفيد من قوله : «ولا ذو عهد».
لأنّا نقول : نمنع اقتضاء زوال العهد ، لخروجه عن كونه ذا عهد ، لما تقدّم من عدم وجوب بقاء المشتقّ منه في الاشتقاق.
سلّمنا ، لكن ما ذكرتم يقتضي أنّه لو قال : لا يقتل مؤمن بكافر ، ولا رجل في عهده ، أن لا يضمر فيه «الكافر» حتّى يكون معناه «ولا يقتل رجل في عهده بكافر» لأنّه يكون قوله : «في عهده» قد استفيد منه فائدة مجدّدة ، فيجب أن يكون قوله : «ولا ذو عهده» يمنع من أن يضمر فيه «بكافر» لأنّه ينزّل منزلة قوله : «ولا رجل في عهده» في إفادة صفة قد منع من القتل معها ، فإذا كان قوله : «في عهده» للتأكيد لم يضمر في المنع من هذا الإضمار.
وإذا امتنع إضمار الكافر فيه ، امتنع تخصيص ما تقدّم.
قال أبو الحسين : إن وجب إضمار الكافر في المعطوف ، فالأولى القول بالوقف ، لأنّه ليس التمسّك بظاهر العطف وترك ظاهر عموم أوّل الكلام وحمله على الخصوص أولى (١) من التمسك بظاهر العموم ، وترك ظاهر العطف في وجوب اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في خصوص ما اتّفقا فيه. (٢)
واحتجّ أصحابنا والشافعي بأمور :
الأوّل : المعطوف لا يستقلّ بنفسه في إفادة حكمه ، واللّفظ الدالّ على حكم المعطوف عليه ، لا دلالة له على حكم المعطوف بصريحه ، وإنّما أضمر حكم المعطوف عليه في المعطوف ، ضرورة الإفادة ، وحذرا من التعطيل ، والإضمار على خلاف الأصل ، فيجب الاقتصار على ما تندفع به الضرورة ، وهو التّشريك في أصل الحكم دون تفصيله من صفة العموم وغيره ، تقليلا لمخالفة الدّليل. (٣)
وفيه نظر ، إذ فيه تسليم إضمار حكم المعطوف عليه في المعطوف ، فلو كان الكافر الأوّل للعموم ، أو لم يقيّد الثاني بالكافر ، لكان المضمر غيره.
الثاني : قد ورد عطف الخاصّ على العامّ في قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ
__________________
(١) في المصدر : بأولى.
(٢) المعتمد : ١ / ٢٨٧ ـ ٢٨٨.
(٣) الاستدلال للآمدي في الإحكام : ٢ / ٣٧٠.