قوله : فعلى الأوّل يلزم الحكم بدخول المبيع في ملك المشتري من دون أن يدخل في ملك البائع ما يقابله من الثمن ، وهو كما ترى ... الخ (١).
الظاهر أنّه لا مانع من ذلك ، وهل ذلك إلاّمن قبيل التفكيك بين مقتضيات الأُصول ، فإنّ الشكّ في صحّة البيع في مورد تردّد الثمن بين كونه خمراً أو ديناراً معيّناً عبارة أُخرى عن الشكّ في أنّ نقل ذلك المبيع عن ملك البائع هل هو صحيح أو لا ، فإذا حكمنا بمقتضى أصالة الصحّة بأنّه كان صحيحاً ، كان ذلك هو عين الحكم بتحقّق انتقال المبيع إلى المشتري ، أمّا كون الثمن ديناراً لا خمراً فليس ذلك هو عين صحّة ذلك البيع ، بل هو من لوازمه العقلية في المقام ، إذ الصحّة منحصرة بكون الثمن هو الدينار ، لا أنّ صحّة البيع بنفسها هي عبارة عن كون الثمن هو الدينار لا الخمر ، وإذا لم يكن كون الدينار ثمناً من آثار الصحّة شرعاً ، كان المرجع فيه إلى أصالة عدم الانتقال ، فإنّ أصالة الصحّة عند الشكّ في كون الثمن ديناراً أو خمراً وإن كانت من الأُصول الاحرازية ، إلاّ أنّها إنّما يحرز بها مجرّد كون العقد واجداً للشرط وهو كون الثمن حلالاً مثلاً لا حراماً ، أمّا كون الثمن في هذا العقد هو الدينار لا الخمر فذلك لا يكون إلاّبالأصل المثبت باعتبار العلم الخارجي بأنّه لم يكن في البين ثمن حلال إلاّ الدينار ، فإذا أحرزنا بأصالة الصحّة كون العقد واجداً للشرط وهو حلّية الثمن لزمه أن يكون الثمن في الصورة المفروضة هو الدينار ، لا أنّ كون الثمن هو الدينار هو عين ما يحرزه الأصل المذكور.
نعم ، يمكن القول بتعارض هذين الأصلين باعتبار العلم الاجمالي بخطأ أحدهما مع كونهما إحرازيين ، فيسقطان معاً ويكون المرجع هو أصالة عدم
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٦٦.