نزلت في المنافقين بعد الهجرة بسنة ، وذلك أنهم سألوا سلمان الفارسي ذات يوم فقالوا : حدثنا عما في التوراة فإن فيها عجائب ، فنزلت : « الر تلك آيات الكتاب المبين » إلى قوله تعالى : « لمن الغافلين « فخبرهم أن هذا القرآن أحسن القصص وأنفع لهم من غيره ، فكفوا عن سؤال سلمان ما شاء الله ، ثم عادوا فسألوا سلمان عن مثل ذلك فنزلت : » الله نزل أحسن الحديث كتابا « الآية فكفوا عن سؤال سلمان ما شاء الله ، ثم عادوا فسألوا سلمان فنزلت هذه الآية ، عن الكلبي ومقاتل ، وقيل : نزلت في المؤمنين ، و قال ابن مسعود : ما كان بين إسلامنا وبين أن عوتبنا بهذه الآية إلا أربع سنين ، فجعل المؤمنون يعاتب بعضهم بعضا ، وقيل : إن الله استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن بهذه الآية ، عن ابن عباس ، وقيل : كانت الصحابة بمكة مجدبين ، فلما هاجروا أصابوا الريف (١) والنعمة ، فتغيروا عما كانوا عليه فقست قلوبهم ، والواجب أن يزدادوا الايمان واليقين والاخلاص في طول صحبة الكتاب ، عن محمد بن كعب. (٢)

وقال البيضاوي في قوله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا » أي بالرسل المتقدمة (٣) « اتقوا الله » فيما نهاكم منه « وآمنوا برسوله » محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله « يؤتكم كفلين « نصيبين» من رحمته « لايمانكم بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإيمانكم بمن قبله ، ولا يبعد أن يثابوا على دينهم السابق وإن كان منسوخا ببركة الاسلام ، وقيل : الخطاب للنصارى الذين كانوا في عصره » ويجعل لكم نورا تمشون به يريد المذكور في قوله : « يسعى نورهم » أو الهدى الذي يسلك به إلى جناب القدس « لئلا يعلم » أي ليعلموا ، ولا مزيدة ، ويؤيده أنه قرئ : ليعلم ، ولكي يعلم ولان يعلم بإدغام النون في الياء « أهل الكتاب أن لا يقدرون على شئ من فضل الله » أن هي المخففة ، والمعنى أنهم لا ينالون شيئا مما ذكر من فضله ، لانهم لم يؤمنوا برسوله وهو مشروط بالايمان به « أولا يقدرون على شئ من فضله » فضلا أن يتصرفوا في أعظمه وهو النبوة فيخصونها بمن أرادوا ، وقيل : لا غير مزيدة

____________________

(١) الريف : السعة في المآكل والمشارب. أرض فيها زرع وخصب.

(٢) مجمع البيان ٩ : ٢٣٧.

(٣) في نسخة : بالكتب المتقدمة.