إرسال الكتب والرسل والتكليف ، ومنهم من قال : يعرف دخوله بوجود مجهول النسب في المجمعين ، وكلا الوجهين غير مرضيّين عند كافّة المتأخّرين ومتأخّري المتأخّرين ، وقد بيّنا فضاحة القولين مكرّراً في مصنّفاتنا.

وبعد تخطأتهم القولين قالوا بدخوله عليه‌السلام في المجمعين بالحدس القطعي ولم يتنبّهوا بفضاحة هذا القول من وجوه عديدة :

أحدها : اختلاف الناس في الحدس ، فرُبَّ فقيه يحصل [له] القطع بالحدس ، من توافق عشرة من الفقهاء الأعلام ، وغيره لا يحصل له الحدسُ بالظنّ بتوافق أضعاف من ذلك ، فضلاً عن القطع.

ثانيها : أنّ الإجماع في المسائل الفرعية يحصل تدريجاً فأوّل المفتين بنجاسة الغسالة مثلاً إن لم يكن له مدرك للنجاسة من الأدلّة المعتبرة ، فعليه الحكم بالطهارة للقاعدة المعلومة صحّتها بالأخبار العديدة الدالّة على أن (كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر) (١) ولحوق خمسين من العلماء مثلاً به وتوافقهم على القول بالنجاسة يصير قولاً بلا دليل ، إذ لم يحصل الإجماع بتوافق أقلّ من خمسين مثلاً ، حتّى يصير بنفسه حجّة من الحجج ودليلاً من الأدلّة.

ثالثها : أنّ الحدس بالدخول بنفسه في المجمعين قطعيّ البطلان ، لأنّ العلم بفتوى المجمعين يحصل إمّا بمخاطبتهم ، أو بكتاب منتسب إليه ، أو نقل ممّن لاقاه وسمع منه الفتوى ، وكلّ من هذه الوجوه مشعر بكون المفتي غير الإمام عليه‌السلام ، وبعبارة أُخرى القول المنتسب إلى الفقيه معرّف لذلك القائل بنسب أو كتاب منه

__________________

(١) المقنع : ١٥ ، مستدرك الوسائل ١ / ١٦٤.