تراثنا

صاحب الامتیاز

مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث

المدير المسؤول :

السيّد جواد الشهرستاني

العدد الرابع [١٤٤]

السنـة السادسة والثلاثون

محتـويات العـدد

* النظرية الحديثية في المدرسة الإمامية (٢).

.................................................... السـيّد زهير طالب الأعرجي ٧

* وقفة عجلى على موسوعة (ذخائر الحرمين الشريفين).

...................................................... محمّد حسين الأنصاري ٦٠

* دلالة التراكيب في كلام الإمام علي بن الحسين عليهما‌السلام (دعاء أهل الثغور أنموذجاً).

........................................................... أحمد راضي جبر ١١٦

* إجازة الإمام السيّد حسن الصدر للعلاّمة السيّد صدر الدين العاملي الإصفهاني.

............................................... الشيخ ناصر الدين الأنصاري ١٥١


 

شوّال ـ ذو الحجّة

١٤٤١ هـ

* جذور نشأة نظرية إعجاز القرآن وبيان وجوهها في القرون الأولى.

....................................................... د. مرتضى كريمي نيا ١٨٣

* من ذخائر التراث :

* سيرة السيّد محمّد العصّار (المتوفّى سنة ١٣٥٦ هجرية) بقلمه الشريف.

....................................... تحقيق : الشيخ عبد الحليم عوض الحلّي ٢٣٧

* من أنباء التراث.

.............................................................. هيـئة التحرير ٢٨٥

* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة (سيرة السيّد محمّد العصّار (المتوفّى سنة ١٣٥٦ هجرية) بقلمه الشريف) والمنشورة في هذا العدد.





النظرية الحديثية

في المدرسة الإمامية

(٢)

السـيّد زهير طالب الأعرجي

تناولنا في العدد (١١٥ ـ ١١٦) القسم الأوّل من النظرية الحديثية حيث تناولنا في الفصل الأوّل منه الحديث الشريف بين المشافهة والكتابة ، وفي الفصل الثاني المصطلح الحديثي وإشكالاته ، وفي الفصل الثالث المدارس الحديثية في التاريخ الإمامي ، ونستأنف البحث هنا :

الفصل الرابع

الكتب الرئيسية (في الدراية)

نتناول في هذا الفصل الكتب الرئيسية في دراية الحديث عند علماء أهل البيت عليهم‌السلام ، وهي : ١ ـ شرح البداية في علم الدراية للشهيد الثاني (ت ٩٦٦هـ). ٢ ـ الوجيزة في الدراية للشيخ البهائي (ت ١٠٣٠هـ). ٣ ـ نهاية الدراية للسيّد حسن الصدر العاملي (ت ١٣٥٤هـ). ٤ ـ مقباس الهداية في علم الدراية للشيخ عبد الله المامقاني (ت ١٣٥١هـ).


١ ـ كتاب (شرح البداية في علم الدراية) للشهيد الثاني ، الشيخ زين الدين علي العاملي (ت ٩٦٦هـ) :

وهو مع صغر حجمه حوى مسائل العلم الأساسية مع ذوق في النقد والتحليل من الدرجة الأولى.

قال في المقدّمة : «نحمدك اللهمّ على حُسن توفيق البداية في علم الدراية والرواية ونسألك حُسن الرعاية في جميع الأحوال إلى النهاية ... وبعد الحمد لله بما هو أهله ، والصلاة على مستحقّها ، فهذا كتاب مختصر ، وضعناه في علم دراية الحديث. وهو علمٌ يُبحَثُ فيه : عن متن الحديث ، وطرقه من صحيحها وسقيمها وعليلها ، وما يحتاج إليه ، ليُعَرف المقبولُ منه والمردود. وموضوعه : الراوي والمروي ...»(١).

ثمّ رتّبه على شكل : مقدّمة وأربعةِ أبواب.

وفي المقدّمة بحقولها العشرة عرَضَ : موضوع الخبر والحديث ، ومتن الحديث ، والسند والإسناد ، وفي صدق الخبر وكذبه ، والقطع وإخفائه ، والمتواتر وشروط تحقّقه ، وفي الآحاد ودرجاته ، وفي حصرِ الأخبار ، وفي تحديد البحث ، وخطّة البحث.

وبعد المقدّمة يتناول في الباب الأوّل : أقسام الحديث : الصحيح والحسن والموثّق والضعيف.

ففي موضوع الحديث الصحيح وبعد أن يذكر تعريفه يعرّج على

__________________

(١) شرح البداية : ٤٥.


تعريف العامّة ، فيقول : «... حيث اعتبروا سلامته من الشذوذ ، وقالوا في تعريفه إنّه : ما اتّصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله وسَلِمَ عن شذوذ وعلّة. وشمل تعريفهم بإطلاق العدل جميع فرق المسلمين ، فقبلوا رواية المخالِف العدل ما لم يبلغ خلافه حدَّ الكفر ، أو يكن ذا بدعة ويروي ما يقوّي بدعته ، على أصحِّ أقوالهم.

وبهذا الاعتبار : كثُرتْ أحاديثهم الصحيحة ، وقلّت أحاديثنا [الصحيحة] ، مضافاً إلى ما اكتفوا به من العدالة من الاكتفاء بعدم ظهور الفسق ، والبناء على ظاهرِ حال المسلم. فالأخبار الحسنةُ والموثّقةُ عندنا صحيحةٌ عندهم ، مع سلامتها من المانعَين المذكورين [أي : الشذوذ والعلّة]» (١).

وفي موضوع الحديث الموثّق يذكر تعريفه فيقول : «هو ما دخل في طريقه : (من نص الأصحابُ على توثيقه مع فساد عقيدته) ، بأن كان من أحدى الفرق المخالِفة للإمامية ، وإن كان من الشيعة. واحترز بقوله : (نصَّ الأصحاب على توثيقه) عمّا لو رواه المخالفون في صحاحهم التي وثّقوا رواتها ، فإنّها لا تدخلُ في الموثَّق عندنا ، لأنّ العبرة بتوثيق أصحابنا للمخالف ، لا بتوثيق غيرنا ، لأنّا لم نقبل إخبارَهم بذلك ، وبهذا يندفع ما يُتوهَّم من عدم الفرق بين رواية مَن خالفنا ممن ذُكِرَ في كُتب حديثنا وما رووه في كتبهم. وحينئذ فذلك كلّه يلحق بالضعيف عندنا ...»(٢).

__________________

(١) شرح البداية : ٨٠.

(٢) شرح البداية : ٨٦.


ثمّ يتناول في النظر الثاني : حجّية العمل بالأخبار ، ومنها العمل بخبر الواحد ، صحيحاً كان أو حَسَناً أو موثّقاً. قال : «ويمكن اشتراك الثلاثة [أي : الصحيح ، أو الحسَن ، أو الموثّق] في دليل واحد يدلُّ على جواز العمل بها مطلقاً ، وهو : أنّ المانعَ من قبول خبر الفاسق هو فسقُه ، لقوله تعالى : (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا ...) (١). فمتى لم يُعلمْ الفسق لا يجبُ التثبت عند خبر المخبِر مع جهلِ حالهِ ، فكيف مع توثيقه ومدحه ، وإن لم يبلغ حدَّ التعديل ، وبهذا احتجَّ من قَبل المراسيل.

وقد أجابوا عنه : بأنّ الفسقَ لمّا كان علّة التثبُّت ، وجبَ العلمُ بنفيه ، حتّى يُعلمَ وجودُ انتفاءِ التثبّت ، فيجبُ التفحّص عن الفسق ليُعلم أو عدمه ، حتّى يُعلمَ التثبّت أو عدمه.

وفيه نظرٌ ، لأنّ الأصل عدمُ وجودِ المانعِ في المسلم ، ولأنّ مجهولَ الحال لا يمكن الحكمُ عليه بالفسق ، والمراد في الآية : المحكوم عليه بالفسق»(٢).

ثمّ يناقش في القسم الثاني : في الأنواع والفروع ويوصلها إلى ستّة وعشرين فرعاً ، ومع الأصول : ثلاثين نوعاً ، فيشرح تلك الأنواع كالمسند والمتّصل والمرفوع والمعنعن والمعلّق والمفرد والمدرج والمشهور ، ونحوها.

ثمّ يتناول قضية الوضع في الحديث ، وفرق الوضّاعين ، وضررهم على الحديث.

__________________

(١) الحجرات : ٧.

(٢) شرح البداية : ٩٣.


وبكلمة ، فإنّ هذا الكتاب غنىٌّ بالعلم الروائي ، وعرض الأفكار والأقوال المتعاكسة ، ويناقشها نقاشاً علميّاً ، ثمّ يعطي موقفه والرأي الذي يتبنّاه بالدليل العلمي.

الروح النقدية للكتاب :

يتميّز كتاب شرح البداية في علم الدراية بروح نقدية عالية ، فهو يناقش الأفكار الواردة في الموضوع ويفنّدها ، ويطرح رأيه المختار في ذلك.

ونعرض هنا ثلاثة نماذج :

النموذج الأوّل : في بحث السند والإسناد ، قال : «والسندُ طريقُ المتن ، وهو جملةُ من رواه ، من قولهم : فلانٌ سندٌ أي معتمدٌ. فسُمّي الطريقُ سنداً لاعتماد العلماءِ في صحّة الحديثِ وضعفهِ عليه.

وقيل : إنّ السندَ هو الإخبارُ عن طريقه ، أي طريق المتن.

والأوّل أظهر ؛ لأنّ الصحّةَ والضعف إنّما يُنسبانِ إلى الطريق باعتبار رواته لا باعتبار الإخبار. بل قد يكونُ الإخبار بالطريق الضعيف صحيحاً ، بأنّ رواه الثقةُ الضابطُ بطريق ضعيف ؛ بمعنى صحّة الإخبار بكون تلك الرواة طريقه مع الحكم بضعفه»(١).

النموذج الثاني : في موضوع صدق الخبر وكذبه ، وبعد أن يعرض الأقوال في ذلك إلى أن يصل إلى هذا المقطع : «[ونبَّهَ] بقوله : سواءٌ وافقَ

__________________

(١) شرح البداية : ٥٣.


اعتقاد المخبر أم لا ، على خلاف النظام(١).

[تحريرُ كلامه] حيث جعل «صدق الخبر مطابقته لاعتقاد المخبر مطلقاً ، وكذبه عدم المطابقة كذلك ، فجعل قولَ القائل : السماءُ تحتنا ، معتقداً ذلك ، صدقاً. وقوله : السماءُ فوقنا ، غير معتقد ذلك ، كذباً ؛ مُحتجّاً بقوله تعالى : (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُوْنَ) .... إلى قوله : (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنّ الْمُنَافِقِيْنَ لَكَاذِبُوْنَ) (٢) ، حيث شهِدَ اللهُ تعالى عليهم بأنّهم كاذبون في قولهم : (إِنَّكَ لَرَسُوْلُ الله) ، مع أنّه مطابقٌ للواقع ، حيثُ لم يكن موافقاً لاعتقادهم فيه ذلك ، فلو كان الصدقُ عبارة عن مطابقةِ الواقع مطلقاً لما صحَّ ذلك.

وأجُيبَ :

١ ـ بأنّ المعنى : لكاذبون في الشهادة ، وادّعائهم فيها : مواطاة قلوبهم لألسنتهم.

فالتكذيب راجعٌ إلى قولهم : نشهدُ ، باعتبار تضمّنه خبراً كاذباً ، وهو أنّ شهادتهم صادرةٌ عن صميم القلب وخلوص الاعتقاد ، بشاهد تأكيدهم الجملة بـ : (إنّ ، واللام ، والجملة الإسمية).

٢ ـ أو أنَّ المعنى : لكاذبون في تسمية هذا الإخبار : شهادة. أو في المشهود به : أعني قولهم : إنّك لرسولُ الله ـ في زعمهم ـ لأنّهم يعتقدون أنّه غيرُ مطابق للواقع ، فيكون كذباً عندهم ، وإن كان صدقاً في نفس الأمر ، لوجود مطابقته فيه.

__________________

(١) نظام الدين الحسن بن محمّد القمي (ت ٨٥٠ هـ).

(٢) المنافقون : ١.


أو في حلفهم : أنّهم لم يقولوا : (... لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُوْل اللهِ حتّى يَنْفَضُّوا ...) (١) ، لما روي عن زيد بن أرقم : أنّه سمع عبد الله بن أبيّ يقول ذلك ، فأخبر النبيُّ (صلى الله عليه وآله) به ، فحلفَ عبد الله أنّه ما قال ، فنزلت»(٢).

النموذج الثالث : وفي موضوع تحديد البحث ، قال : «واعلم : أنّ متن الحديث نفسه لا يدخل في الاعتبار ، أي اعتبار أهل الفنّ ، إلاّ نادراً ، وإنّما يدخل في اعتبار الباحثِ عنه بخصوصه كالفقيه في متون الأحاديث الفقهية ، والشارح لها ، حيث يبحثُ عمّا يتعلّقُ به منها.

واُستثني النادرُ ليدخل مثل الحديث المقلوب والمصحَّف والمضطرب والمزيد ، فإنّه يبحث عنها في هذا العلم مع تعلّقها بالمتن.

بل ، يكتسبُ الحديث صفةً من القوّة والضعف ـ وغيرهما من الأوصاف ـ بحسب أوصاف الرواةِ من : العدالة والضبط والإيمان وعدمها كغير ذلك من الأوصاف.

أو بحسب الإسناد من الاتّصال ، والإنقطاع والإرسال والإضطراب وغيرها»(٣).

٢ ـ كتاب (الوجيزة في الدراية) للشيخ البهائي (ت ١٠٣٠هـ) :

وهو كتاب موجز استوعب علم الدراية بأسلوب رشيق وعبارة غير

__________________

(١) المنافقون : ٧.

(٢) شرح البداية : ٥٦ ـ ٥٨.

(٣) شرح البداية : ٧٥.


معقّدة ، خالف فيه آراء الشهيد الثاني (ت ٩٦٦هـ) ومشهور العامّة.

قال في المقدّمة : «الحمد لله على نعمائه المتواترة ، وآلائه المستفيضة المتكاثرة ، والصلاة على أشرف أهل الدنيا والآخرة ، نبيّنا محمّد وعترته الطاهرة. هذه رسالة عزيزة ، موسومة بالوجيزة ، تتضمّن خلاصة علم الدراية ، وتشتمل على زبدة ما يحتاج إليه أهل الرواية ، جعلتها كالمقدّمة لكتاب الحبل المتين ، وعلى الله أتوكّل وبه أستعين. وهي مرتّبة على مقدّمة وفصول ستّة وخاتمة»(١).

ومنهجه في الوجيزة هو الاختصار الشديد ، مع إتقان العبارة وعدم الإسراف في الكلمات أو المفاهيم ، وكأنّ المصنّف صمّم الوجيزة للشروحات التي سيقوم بها اللاحقُ من الفقهاء.

مضمون كتاب الوجيزة :

قسّم المصنِّف الخبر إلى : متواتر (وهو الذي بلغت سلاسله في كلّ طبقة حدّاً يؤمن معه تواطؤهم على الكذب) ، وآحاد (وهو الخبر الذي لا يكون متواتراً).

بعد ذلك قام بتقسيمات خمسة للخبر :

أوّلاً : خبر الآحاد : وفروعه :

__________________

(١) الوجيزة ـ الشيخ البهائي : ٢٢.


١ ـ المستفيض : إذا نقل الحديث في كلّ مرتبة أكثر من ثلاثة.

٢ ـ الغريب : إذا انفرد به واحد في أحد المراتب.

٣ ـ المسند : إذا عُلمت سلسلته بأجمعها.

٤ ـ المعلّق : سقط من أوّلها واحد فصاعداً.

٥ ـ المرسل : سقط في آخرها كذلك أو كلّها.

٦ ـ المنقطع : سقط من وسطها واحد.

٧ ـ المعضل : سقط من وسطها أكثر من واحد.

ثانياً : تقسيم الخبر باعتبار ما يعرض له ، إلى :

١ ـ المعنعن : المروي بتكرير لفظة (عن).

٢ ـ المضمر : مطوي ذكر المعصوم عليه‌السلام.

٣ ـ العالي : قصير السلسلة.

٤ ـ المسلسل : ومشتركها ـ كلاًّ أو جلاًّ ـ في أمر خاص ، كالإسم ، والأوّلية ، والمصافحة ، والتقليم ونحو ذلك.

٥ ـ الشاذ : مخالف المشهور.

ثالثاً : تقسيم الخبر المسند إلى :

١ ـ الصحيح : سلسلة السند إماميّون ممدوحون بالتعديل.

٢ ـ الحسن : سلسلة السند بدون إماميّين ـ كلاًّ أو بعضاً ـ مع تعديل البقية.

٣ ـ القويّ : مسكوت عن مدحهم وذمّهم.


٤ ـ الموثّق : غير إماميّين ـ كلاًّ أو بعضاً ـ مع تعديل الكلّ.

٥ ـ الضعيف : ما عدا الأربعة السابقة.

٦ ـ المقبول : اشتهر العمل بمضمونه.

رابعاً : تقسيم الخبر بلحاظ المروي ، إلى :

١ ـ المعلّل : اشتمل على علّة خفية في متنه أو سنده.

٢ ـ المدرج : اختلط به كلام الراوي فتوهّم أنّه منه ، أو نقل مختلفي الإسناد أو المتن بواحد.

٣ ـ المدلّس : أوهم السماع ممّن لم يسمع منه.

٤ ـ المقلوب : بدّل بعض الرواة ، أو كلّ السند بغيره ، سهواً ، أو للرواج ، أو للكساد.

٥ ـ المصحّف : صحّف في السند أو المتن.

خامساً : تقسيم الخبر بلحاظ الراوي ، إلى :

١ ـ المتّفق والمفترق : إن وافق في اسم الراوي واسم أبيه آخر ، لفظاً.

٢ ـ المؤتلف والمختلف : إن وافق في اسم الراوي واسم أبيه آخر ، خطّاً فقط. أي اتّفقا خطّاً واختلفا نطقاً ، مثل : بريد ويزيد ، وجرير وحريز.

٣ ـ المتشابه : إن وافق في اسم الراوي فقط ، والأبوان مؤتلفان.

٤ ـ رواية الأقران : وافق المروي عنه في السنّ.

٥ ـ رواية الأكابر عن الأصاغر : تقدّم المروي عنه في أحدهما.


شروح الوجيزة :

وبلحاظ أهمّية هذا الكتاب الموجز وكونه لبنة أساسية في علم الدراية فقد شرحه الفقهاء ، ومن تلك الشروح :

١ ـ شرح الشيخ عبد النبي البحراني الشيرازي.

٢ ـ شرح السيّد حسن الصدر وسمّاه نهاية الدراية.

٣ ـ شرح علي محمّد النقوي النصير آبادي بثلاثة شروح : الصغير : الجوهر العزيزة ، المتوسط : شرح الوجيزة البهائية ، الكبير : سلسلة الذهب.

٤ ـ شرح الميرزا محمّد بن سليمان التنكابني.

٥ ـ شرح أمجد حسين الإله آبادي وسمّاه صفائح الإبريز في شرح الوجيزة.

٦ ـ شرح ميرزا علي بن المير محمّد الحسين الشهرستاني الحائري ، وسمّاه بـ : الدرة العزيزة.

٧ ـ شرح صاحب النزهة الاثنا عشرية وسمّاه شرح الوجيزة(١).

٣ ـ كتاب نهاية الدراية للسيّد حسن الصدر العاملي (ت ١٣٥٤هـ) :

وهو كتاب شامل في علم الدراية يشرح فيه المصنف كتاب الوجيزة في الدراية للشيخ البهائي (ت ١٠٣٠هـ).

قال المصنّف في علّة تأليف الكتاب : «وحيث كانت ـ أي : الوجيزة ـ

__________________

(١) الذريعة ٢٥ / ٥١.


تلويحات وإشارات في تلك الاصطلاحات لا تفيد المبتدي ، ولا تغني المنتهي ، أحببتُ أن أكشف حجابها ، وأرفع نقابها ، وأضيف إليها ما يتعلّق بهذا الفنّ من الفوائد والتنبيهات ، وعدّة من الاصطلاحات التي لم تكن فيها ، لتكون هذه رسالة بعد شرحها تامّة في بابها ، مغنيةٌ عمّا سواها»(١).

ومنهج المصنّف في الكتاب كان شرحاً مزجيّاً ، وإضافة موضوعات جديدة ، والتقيد بالأصل في تقسيم الفصول ، وبيان آرائه في المسائل والموضوعات.

نماذج من مضمون الكتاب :

ونعرض نماذج من الأفكار المطروحة في الكتاب :

النموذج الأوّل : عرض المصنّف أدلّة صاحب الحدائق الناضرة على بطلان تنويع الحديث ، ثمّ ردّ عليها ، فقال :

«الوجه الأوّل : ما قد عرفت في المقدّمة الأولى من أنّ منشأ الاختلاف في أخبارنا إنّما هو التقيّة من أهل الخلاف ، لا من دسّ الأخبار المكذوبة حتّى يحتاج إلى هذا الاصطلاح ...

ففيه :

أنّه لا ضرورة تلجئ إلى اصطلاحهم ، لأنّهم قد أمرونا بعرض ما شُكّ

__________________

(١) نهاية الدراية ـ المقدمة : ٦٦.


فيه من الأخبار على الكتاب والسنّة ، فيؤخذ بما وافقهما ويطرح ما خالفهما ... انتهى الوجه الأوّل وفيه :

[الردّ على الوجه الأوّل] إنّ اختلاف الأخبار كما كان للتقية كذلك يكون للنقل بالمعنى ، وإغفال قرائن الأحوال ، والخطأ ، والنسيان ، والكذب ، والدسّ ، وغير ذلك من الوجوه كما لا يخفى على الخبير ، وقد نقلت بعض ذلك عند التعرّض للوضع في الحديث.

وكيف يستبطأ ذلك من المنحرفين وأعداء الدين؟

وأقصى ما في الوثاقة واشتهار الكتب بين الطائفة غلبة الظنّ بالصدور.

وقوله [أي صاحب الحدائق] رحمه‌الله : «لأنّهم قد أمرونا بعرض ما شكّ ... إلى آخره» غريب. وأين يقع ما في الكتاب المجيد والسنّة المعلومة من أخبار دوّن منها أربعمائة أصل ، وسوّد بها ما يزيد على أربعة آلاف كتاب.

ثمّ إنّهم عليهم‌السلام كما أمرونا بالعرض على الكتاب والسنّة ، فقد أمرنا الله عزّ وجلّ ، وأمرونا بالتبيّن عند خبر الفاسق والأخذ بما يروي الصادق ، وتقديم رواية الأصدق ، والأعلم ، والأورع ، فكيف استباح الشيخ عليهم الحكم بمخالفة الأئمّة عليهم‌السلام حتّى صحّ له أن يقول : إنّ اتّباع الأئمّة عليهم‌السلام أولى من اتّباعهم؟ على أنّ هؤلاء الأخبارية لا يراعون في الحكم بالصحّة والقطع بالصدق عرضاً على كتاب ولا سنّة ، ولا يختلفون بهما ، ولا يراعون مكانهما ، فلم يتابعوا العلماء ولا الأئمّة ....»(١).

__________________

(١) نهاية الدراية : ١١٢.


ثمّ يذكر وجوهاً أخرى ويردُّ عليها بنفس الأسلوب.

النموذج الثاني : ويبحث في الحديث الحسن ، ويقول : «[الحسن] أو كان ما رواه الإمامي الممدوح (بدونه) ، أي بدون التعديل ، بأن كانت السلسلة (كلاًّ) كذلك ، (أو بعضاً) ولو واحداً منها ، (مع تعديل البقية ، فحسن) في الاصطلاح.

وعرّفه المحقّق الكركي في كاشفة الحال(١) : (بأنّه هو ما رواه الممدوح من الإمامية الذين لم يبلغ مدحهم له إلى التصريح بعدالته ، بأن تكون السلسلة كلّها كذلك ، ويكون في الطريق ولو واحداً).

ونقل جدّي في المنتقى عن والده تعريفه في بداية الدراية : (بما اتّصل سنده كذلك بإماميٍّ ممدوح بلا معارضة ذمٍّ مقبول ، من غير نصٍّ على عدالته في جميع مراتبه أو بعضها ، مع كون الباقي بصفة رجال الصحيح) ، واستجوده بعد نقله).

ولا يخفى عليك أنّ قيد (بلا معارضة ذم مقبول) لم يذكره جدّي في مبحث الحسن لا في البداية ولا في شرحها ، وإنّما ذكره في آخر مبحث الموثّق ، قال هناك : (ولو فرض كونه قد مدح وذمّ ، كما اتّفق لكثير ، وَرَد على تعريف الحسن أيضاً.

والأولى : أن يطلب حينئذ الترجيح ، ويعمل بمقتضاه ، فإن تحقّق التعارض لم يكن حسناً ، وعلى (هذا) فينبغي زيادة تعريف الحسن بكون

__________________

(١) ليس للمحقّق الكركي كتاب بهذا الاسم ، وربّما يقصد ابن أبي جمهور الأحسائي.


الممدوح مقبولاً ، فيقال : ما اتّصل سنده بإماميٍّ ممدوح مدحاً مقبولاً ... إلى آخره. أو غيره معارض بذمٍّ ونحو ذلك) (١).

فأخذه ولده قدس‌سره وزاده هذا القيد في المقام.

واحتراز بكون الباقي من رجال الصحيح عمّا لو كان دونه ، فإنّه يلحق بالمرتبة الدنيا ، كما لو كان فيه واحد ضعيف ، فإنّه يكون ضعيفاً ، أو واحد غير إمامي عدل فإنّه يكون من الموثّق.

وبالجملة ، يتبع آخر ما فيه من الصفات المتعدّدة»(٢).

النموذج الثالث : «[الألفاظ الدالّة على المدح] : وأمّا ما ذكر أنّه يدلّ على المدح فأمور ، منها :

كثير الرواية : وحكى الشهيد أنّه قال في حديث الحكم بن مسكين ما لفظه : (لمّا كان كثير الرواية ، ولم يرد فيه طعن فأنا أعمل بروايته).

وعن صاحب البحار أنّ ذلك من شواهد الوثاقة.

وقال السيّد في العدّة : (وربّما جعلت هذه أمارة على التوثيق ، وليس بذلك البعيد [ربّما ليس ذلك ببعيد] ، بناء على الاكتفاء في العدالة بحسن الظاهر) (٣).

واعترض جدّي الشهيد الثاني على الأوّل بأنّه لا يكفي عدم الجرح بل

__________________

(١) شرح البداية ١ / ٨٧.

(٢) نهاية الدراية : ٢٥٩ ـ ٢٦٠.

(٣) عدة الرجال : ٢٥ ـ ٢٦.


لابدّ من التوثيق. وهو الوجه. ولا يبعد كون حديث الراوي المتّصف بذلك حسناً ، لقوله عليه‌السلام : (اعرفوا منازل الرجال على قدر روايتهم عنّا) (١)» (٢).

٤ ـ كتاب مقباس الهداية في علم الدراية :

يُعتبر كتاب مقباس الهداية في علم الدراية في ٧ مجلّدات للشيخ عبد الله المامقاني (ت ١٣٥١ هـ) أوسع الكتب وأشملها في هذا الموضوع. فقام المصنّف بشرح علم الدراية بموضوعه ومصطلحاته شرحاً مسهباً ، وأثرى بحثه الحديثي بمباحث أصولية ، وتفرّد في جملة من بحوثه وتحقيقاته.

والكتاب يشتمل على مقدّمة وفصول وخاتمة.

قال في المقدّمة : «أنّه لمّا كان علما الدراية والرجال من العلوم المتوقّف عليها الفقه والاجتهاد عند أولي الفهم والاعتبار ، وصارا في أزمنتنا مهجورين بالمرّة ، حتّى لا تكاد تجد بهما خبيراً ، وبنكاتهما بصيراً ، بل صارا من العلوم الغريبة ، والمباحث المتروكة ، رأيت من الفرض اللازم علىَّ تصنيف كتابين فيهما ، جامعين لهما ، باحثين عنهما ، وافيين بشتاتهما ، كافيين لمن طلبهما ، كاشفين عن غوامضهما ، مبيِّنين لدقائقهما ، موضحين لحقائقهما ، مع اختلال البال ، وتشتّت الفكر والخيال ، وملال الخاطر عن عوارض الدهر الغدّار»(٣).

__________________

(١) الكافي ١ / ٥٠ ح ١٣.

(٢) نهاية الدراية : ٤٢٣.

(٣) مقباس الهداية ١ / ٣٥ ـ ٣٦.


ثمّ يقدّم كتاب الدراية أوّلاً ثمّ كتاب الرجال ، ويقول : «أنّ سبب تقديم كتاب الدراية بسبب تقدّم علم الدراية فضلاً على علم الرجال».

فيتناول في المقدّمة بيان حقيقة علم الدراية ، وموضوعه ، وغايته. فيقول : «أصل الدراية : العلمُ مطلقاً ، أو بعد الشكّ. ونُقل هنا إلى علم أصول الحديث ، وخُصّ به اصطلاحاً ، ولذلك ساغ بعد صيرورته علماً لهذا العلم إضافة العلم إليه ، وإلاّ لكان من إضافة الشيء لنفسه»(١).

ثمّ قال : «وقد عُرّف في الاصطلاح بأنّه : علمٌ يبحث فيه عن متن الحديث ، وسنده وطرقه من صحيحها وسقيمها وعليلها ، وما يحتاج إليه لِيُعرف المقبول منه من المردود ، عرّفه به الشهيد الثاني في بداية الدراية.

وعرّفه شيخنا البهائي في الوجيزة بأنّه : علمٌ يبحث فيه عن سند الحديث ، ومتنه وكيفية تَحمّله ، وآداب نقله.

وهذا أجود من سابقه ؛ لأنّ كيفية التحمّل وآداب النقل من مسائل هذا العلم ، وإدراجهما في قوله : ما يحتاج إليه في تعريف البداية يحتاج إلى تكلّف»(٢).

«وبعبارة أخرى : علم الرجال يبحث فيه بحثاً صغرويّاً ، بخلاف علم الدراية فإنّه يبحث فيه بحثاً كبرويّاً ، إذ يُستعلم منه أنّه كلّما كانت الرواة بصفة كذا فحكمه كذا ، وعلى هذا فبينهما تباين ، ويشهد بما ذُكِرَ أنّهم قد أخذوا في

__________________

(١) مقباس الهداية ١ / ٤٠ ـ ٤١.

(٢) مقباس الهداية ١ / ٤١ ـ ٤٢.


تعريف الدراية لفظ السند الذي هو اسم للمجموع من حيث هو مجموع ، وفي تعريف الرجال رواة السلسلة»(١).

الاستنتاج :

١ ـ بعد أن ذكر نسبة تسمية الدراية إلى المُسمّى ، ذكر تعريفين لفقيهين كبيرين من فقهاء أهل البيت عليهم‌السلام وهما : الشهيد الثاني ، والشيخ البهائي. ثمّ أخذ بالتعريف الثاني.

٢ ـ بعد أن استعرض الفرق بين علم الدراية وعلم الرجال ، قرّر أنّ البحث في علم الدراية بحث إجمالي لأحوال السند وعوارض المتن (وهو بحث كبروي). بينما البحث في علم الرجال هو بحث عن أوصاف الرواة على وجه التفصيل مدحاً أو قدحاً (وهو بحث صغروي).

الروح النقدية لمقباس الهداية :

في ذكره تعريفَي الحديث والخبر يناقش مباني القوم ويقول : «وقع الخلاف في المعنى الاصطلاحي للحديث وللخبر على أقوال :

الأوّل : إنّهما مترادفان ، وإنّهما يشملان ما إذا كان المخبر به رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، أو الإمام عليه‌السلام ، أو الصحابي ، أو التابعي ... فإذا كانا مترادفين لزم شمول الحديث أيضاً للكلّ. وقد وصف الشهيد الثاني هذا القول في البداية

__________________

(١) مقباس الهداية ١ / ٤٢ ـ ٤٣.


بالأشهرية في الاستعمال ، والأوفقية ، لعموم المعنى اللغوي. ولا يخفى عليك أنّ تسمية ما انتهى إلى غير المعصوم من الصحابي والتابعي حديثاً مبنيٌّ على أصول العامّة ، وأمّا أصحابنا فلا يسمّون ما لا ينتهي إلى المعصوم بالحديث.

الثاني : إنّ الحديث أخصّ من الخبر ، وإنّ الخبر عامٌّ لقول كلِّ إنسان ، والحديث خاصٌّ بقول النبيّ (صلى الله عليه وآله) وغيره ممّن ذكر ، فكلّ حديث خبر ، وليس كلّ خبر بحديث ، نقله جلال الدين السيوطي قولاً(١).

الثالث : إنّهما متباينان ، وإنّ الحديث خاصّ بما جاء عن المعصوم من النبيّ (صلى الله عليه وآله) والإمام عليه‌السلام ، والخبر خاصٌّ بما جاء عن غيره. ومن ثَمّ قيل لمن يشتغل بالتواريخ وما شاكلها : الأخباري ، ولمن يشتغل بالسنّة النبوية : المحدّث ، وما جاء عن الإمام عليه‌السلام عندنا في معناه.

ويردّه شيوع إطلاق الأخباري ـ سيما في العصر المتأخّر ـ على من يتعاطى أخبار أهل البيت عليهم‌السلام ويعمل بها لا غير.

الرابع : عكس الثاني ، نقله قولاً في البداية ، ونقل أنّ به قائلاً ولم يسمه.

وظنّي أنّه اشتباه من قلمه الشريف ، وأنّ غرضه نقل القول الثاني ، لأنّ أعمّية الحديث من الخبر ممّا لا شاهد عليه بوجه ...

[والنتيجة أنّ] إطلاق الخبر على ما يرادف الحديث اصطلاح أهل هذا العلم ...»(٢).

__________________

(١) تدريب الراوي ١ / ٤٢.

(٢) مقباس الهداية ١ / ٥٨ ـ ٦٥.


نماذج من مقباس الهداية :

ونعرض نماذج منتقاة من الكتاب حتّى نحيط بمنهج المصنّف وطبيعة عرضه للأفكار وتفنيدها ، وطبيعة طرح ما يتبنّاه من رأي محكم مسند بالدليل.

النموذج الأوّل : في الحديث المرسل ، حيث يردُّ فيه على الشيخ البهائي (ت ١٠٣٠هـ) من إجراء حكم المسانيد على مراسيل الصدوق (ت ٣٢٩ هـ) ، فيقول : «ولقد أجاد صاحب التكملة حيث ردّه بوجود الفارق بين مراسيل ابن أبي عمير ومراسيل الصدوق رحمه‌الله بما مرّ ، لقلنا له هو حجّة عليه ، فلا يلزم من ذلك أن يكون حجّة علينا ، فلنفحص هل هو حجّة علينا أو لا كما فحصت أنت؟

ولكن [طأطأت] العصابة رؤوسها لأحاديث ابن أبي عمير وأضرابه و [طأطأناها] ونراهم أخذوا في كمال البحث والفحص لأخبار ابن بابويه في أخذ بعض وطرح بعض ، كذلك يجب علينا وهو الفارق وأي فارق ، على أنّا وجدناه في الفقيه يذكر روايتين متناقضتين لا يمكن الفتوى بهما معاً ، وذهب إلى ما اتّفق الأصحاب على خلافه ، ولم نجد في أخبار ابن أبي عمير ما أجمعوا على خلافه.

ثمّ قال : والأعجب أنّ الفاضل المذكور ـ يعني البهائي ـ والشيخ الحرّ ذهبا إلى وثاقة بعض الرجال لذلك ـ أي لوقوعه في طريق الصدوق في الفقيه ـ مع أنّه لا دخل له بوجه من الوجوه. انتهى ما في التكملة(١) ، وهو كلام كامل

__________________

(١) تكملة الرجال ٢ / ٣٢٤.


متين ، وبالتلقّي بالقبول قمين ...»(١).

النموذج الثاني : في دواعي وضع الاصطلاح ، يقول : «إنّ من أنكر ـ في علم الأصول ـ حجّية خبر الواحد ، وقصّر العمل بالمتواتر ، أو المحفوف بالقرائن القطعية ، في فسحة من مراجعة الرجال ، إلاّ في مقام الترجيح ، وأمّا القائلون بحجّية الخبر الواحد ، وهم الأكثرون ، فمن قال منهم بحجّيته من باب بناء العقلاء والوثوق والاطمينان العقلائي ، كما هو الحقّ المنصور ، جوّز العمل بما يوثق به من الصحيح والموثّق والحسن والضعيف المنجبر بالشهرة ، ومنع من العمل بالخبر الشاذّ المتروك المعرض عنه بين الأصحاب ، وبالخبر المعارض بمثله ، إلاّ مع وجود المرجّح.

وأمّا القائلون بحجّيته من باب التعبّد ، فمنهم من اقتصر على العمل بالصحيح الأعلى ولم يعتبر غيره ، نظراً منه إلى كون ما لا يعتبر فيه التثبّت ويجوز العمل به هو خبر العدل ، وإلى أنّ التعديل من باب الشهادة فيعتبر فيه التعدّد. ومنهم من زاد على ذلك الصحيح المعدّل بعدل واحد ، نظراً إلى أصالة عدم اعتبار التعدّد فيه ، وفيه نظر ظاهر ، ضرورة أنّ هذه الأصالة إنّما كانت تنفع أن لو كان هناك عموم مثبت لاعتبار الشهادة على الإطلاق ولو من واحد ، وأنّى للخصم بذلك! وغاية ما ثبت حجّية البيّنة ، وهي عبارة عن شهادة عدلين ، ولا تشمل شهادة الواحد ، فتبقى شهادة الواحد تحت أصالة عدم حجّية من غير معارض ، فالأقوى بناء على اعتبار خبر الواحد من باب

__________________

(١) مقباس الهداية ١ / ٣٦٠ ـ ٣٦١.


التعبّد هو قصر الحجّية على الصحيح الأعلى ، كما عليه سيّد المدارك قدس‌سره)»(١).

ثمّ يستدرك المصنّف ، وبعد أن يدرك لاحقاً عدم صواب مبناه ، فيقول : «هذا ما اخترته في سالف الزمان وهو اشتباه ، ضرورة عدم كون اعتبار التوثيقات من باب الشهادة حتّى يعتبر فيها التعدّد ، لفقدها لأغلب أوصاف الشهادة ، كما نقّحنا ذلك في فوائد مقدّمة التنقيح [تنقيح المقال] ، فما عليه صاحب المدارك ومن وافقه خطأ جزماً»(٢).

أقول : تلك شهادة عظمى على عظمة فقهائنا العظام وتقواهم وانقيادهم للدليل ، واعترافهم بالقصور إن وقع منهم ذلك.

النموذج الثالث : في الحديث المشترك : «وهو ما كان أحد رجاله أو أكثرها مشتركاً بين الثقة وغيره ، وأمثلة ذلك كثيرة ، ولابد من التمييز ، لتوقّف معرفة حال السند عليه.

والتمييز : تارة بقرائن الزمان ، وأخرى بالراوي ، وثالثة بالمرويّ عنه و .... وغير ذلك من المميّزات. وقد صنّفوا في تمييز المشتركات كتباً ورسائل ، وأتعبوا أنفسهم في ذلك جزاهم الله تعالى عنّا خيراً ، ولعلّنا نتوفّق للكلام في ذلك.

ثمّ إن تميّز بشيء ممّا ذكر أو كان جميع أطراف الشبهة ثقات فلا كلام ،

__________________

(١) مقباس الهداية ١ / ١٨٥ ـ ١٨٦.

(٢) مقباس الهداية ١ / ١٨٧.


وإلاّ لزم التوقّف وعدم العمل بالخبر. نعم ليس للفقيه ردّ الرواية بمجرّد الاتّفاق في الاسم مع الاشتراك بين ثقة وغيره ، بل يلزمه الفحص والتميّز والتوقّف عند العجز ، وقد اتّفق لجمع من الأكابر منهم ثاني الشهيدين رحمهما‌الله في المسالك ردّ جملة من الروايات بالاشتراك في بعض رجالها ، مع إمكان التميّز فيها ....»(١).

خاتمة الفصل :

عرضنا آنفاً الكتب الرئيسية في علم الدراية عند فقهاء الشيعة الإمامية ، وهي كتب على صغر حجمها أحياناً كانت غنيّةً بمحتواها ، قويةً في دلالالتها ، تراوحت بين الإيجاز والتفصيل. ويدلّك الثراء الفكري وسعة الإحاطة في نهاية الدراية للسيّد العاملي (ت ١٣٥٤هـ) ، ومقباس الهداية للشيخ المامقاني (ت ١٣٥١هـ) مقارنةً بما كُتب في شرح البداية في علم الدراية للشهيد الثاني (ت ٩٦٦هـ) ، والوجيزة في الدراية للشيخ البهائي (ت ١٠٣٠هـ) ، على أنّ علم الدراية في سعي حثيث نحو الرقي والكمال ، وتطوّر متواصل للوصول إلى أهدافه في معرفة المتون والأسانيد.

__________________

(١) مقباس الهداية ١ / ٢٨٨ ـ ٢٨٩.


الفصل الخامس

ميزان الأخذ بالأحاديث

ومصاعب البحوث الحديثية

لمّا كانت الأخبار الواردة إلينا بحاجة إلى تمحيص وتدقيق في سندها ومتنها ، فقد قُسّم الخبر عموماً إلى صحيح وغير صحيح. ولكن ذلك التقسيم مرّ بمراحل متعدّدة :

المرحلة الأولى : (من القرن الأوّل ولحدّ القرن السادس الهجري) :

حيث كان المتعارف بين القدماء إطلاق الصحيح على كلّ حديث يعتمدون عليه ، أو اقترن بما يوجب الوثوق به ، والركون إليه.

و «ذلك لأمور :

منها : وجود الخبر في كثير من الأصول الأربعمائة التي نقلوها عن مشايخهم بطرقهم المتّصلة بأصحاب العصمة عليهم‌السلام وكانت متداولة لديهم في تلك الأعصار ، مشتهرة فيما بينهم اشتهار الشمس في رابعة النهار.

ومنها : تكرّره في أصل أو أصلين منها فصاعداً بطرق مختلفة وأسانيد عديدة معتبرة.


ومنها : وجوده في أصل معروف الانتساب إلى أحد الجماعة الذين أجمعوا على تصديقهم كزرارة ، ومحمّد بن مسلم ، والفضيل بن يسار ، أو على تصحيح ما يصحّ عنهم كصفوان بن يحيى ، ويونس بن عبد الرحمن ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر ، أو على العمل بروايتهم كعمّار الساباطي ونظرائه ممّن عدّهم شيخ الطائفة في كتاب العدّة كما نقله عنه المحقّق في بحث التراوح من المعتبر(١).

ومنها : اندراجه في الكتب التي عُرِضتْ على أحد الأئمة عليهم‌السلام فأثنوا على مؤلّفيها ككتاب عبيد الله الحلبي الذي عُرض على الإمام الصادق عليه‌السلام ، وكتاب يونس بن عبد الرحمن ، والفضل بن شاذان المعروضين على الإمام العسكري عليه‌السلام.

ومنها : أخذه من أحد الكتب التي شاع بين سلفهم الوثوق بها والاعتماد عليها سواء كان مؤلّفوها من الفرقة الناجية الإماميّة ككتاب الصلاة لحريز بن عبد الله السجستاني وكتب بني سعيد وعلي بن مهزيار ، أو من غير الإماميّة ككتاب حفص بن غياث القاضي ، وحسين بن عبيد الله السعدي ، وكتاب القبلة لعليّ بن الحسن الطاطري.

وقد جرى رئيس المحدّثين محمّد بن بابويه على متعارف المتقدّمين في إطلاق الصحيح على ما يركن إليه ويعتمد عليه ، فحكم بصحّة جميع ما أورده من الأحاديث في كتاب من لا يحضره الفقيه ، وذكر أنّه استخرجها من

__________________

(١) المعتبر ١ / ٦٠.


كتب مشهورة عليها المعوّل وإليها المرجع.

وكثير من تلك الأحاديث بمعزل عن الاندراج في الصحيح على مصطلح المتأخّرين ، ومنخرط في سلك الحسان والموثّقات بل الضعاف ، وقد سلك على هذا المنوال جماعة من أعلام علماء الرجال ، فحكموا بصحّة حديث بعض الرواة ـ غير الإماميّين ـ كعليّ بن محمّد بن رياح وغيره لمّا لاحَ لهم من القرائن المقتضية للوثوق بهم ، والاعتماد عليهم ، وإن لم يكونوا في عداد الجماعة الذين انعقد الإجماع على تصحيح ما يصحّ عنهم»(١).

المرحلة الثانية : (القرن السابع الهجري) :

ولمّا طال الزمن عن عصر النصّ ظهرت مشكلة رئيسية كان مصدرها أمرين :

الأوّل : اندراس بعض كتب الأصول الأربعمائة المعتمدة في الحديث بسبب بطش حكّام الجور ، وما أتبع ذلك من خوف من اندراسها.

الثاني : ظهور الموسوعات الحديثية الأربع (الكافي ، من لايحضره الفقيه ، الاستبصار ، تهذيب الأحكام) حيث تداخلت الأحاديث المأخوذة من الأصول المعتمدة بتلك المأخوذة من غير المعتمدة ، واشتبهت المتكرّرة في كتب الأصول بغير المتكرّرة.

فخُفيت على علماء المرحلة الجديدة أمورٌ كانت سبب وثوق القدماء

__________________

(١) مشرق الشمسين : ٣ ـ ٤.


بكثير من الأحاديث «ولم يمكنهم الجري على إثرهم في تمييز ما يعتمد عليه ممّا لا يركن إليه ، فاحتاجوا إلى قانون تتميّز به الأحاديث المعتبرة عن غيرها ، والموثوق بها عمّا سواها. فقرّروا لنا ذلك الاصطلاح الجديد [وهي : الصحيح ، والحسن ، والموثّق ، والضعيف] ، وقرّبوا إلينا البعيد ، ووصفوا الأحاديث الواردة في كتبهم الاستدلالية بما اقتضاه ذلك الاصطلاح من الصحّة والحسن والتوثيق»(١).

وقد اختلف العلماء في من هو الأوّل من سلك هذا الطريق ، وفي ذلك رأيان :

الأوّل : إنّ أوّل من سلك طريق (دراية الحديث) هو السيّد جمال الدين ابن طاووس (ت ٦٧٣ هـ). قال السيّد حسن الصدر العاملي (ت ١٣٥٤هـ) : «ولا يكاد يُعلم وجود هذا الاصطلاح قبل زمان العلاّمة إلاّ من جهة السيّد جمال الدين بن طاووس»(٢).

الثاني : إنّ أوّل من سلك طريق الدراية هو العلاّمة الحلّي ، جمال الحقّ والدين الحسن بن المطهّر (ت ٧٢٦ هـ). قال الشيخ البهائي (ت ١٠٣٠هـ) : «وأوّل من سلك هذا الطريق من علمائنا المتأخّرين شيخنا العلاّمة جمال الحقّ والدين الحسن بن المطهّر الحلّي»(٣).

__________________

(١) مشرق الشمسين : ٤.

(٢) منتقى الجمان ١ / ١٣.

(٣) مشرق الشمسين : ٤.


والتحقيق أنّ السيّد ابن طاووس (ت ٦٧٣هـ) هو أوّل من سلك هذا الطريق ، حيث قسّم الحديث إلى الأقسام الأربعة : الصحيح ، والحسن ، والموثّق ، والضعيف ، ولم يسبقه في ذلك أحدٌ ، ثمّ أخذ منه تلميذه العلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ) فطوّر مباني علم الدراية.

المرحلة الثالثة : (القرن الثامن الهجري وما بعده) :

استقرّ فقهاء أهل البيت عليهم‌السلام على التقسيم الرباعي ، بل بدأ ميزان الأخذ بالروايات الصحيحة علويّاً بالمناقشة والاستدلال ، ونعرض لمثالين هما : الشهيد الأوّل (ت ٧٨٦هـ) ، والشهيد الثاني (ت ٩٦٦هـ).

أوّلاً : الشهيد الأوّل ، محمّد بن مكّي (ت ٧٨٦ هـ) قال :

١ ـ الصحيح : ما اتصلت روايته إلى المعصوم عليه‌السلام بعدل إماميّ.

٢ ـ الحسن : ما رواه الممدوح من غير نصّ على عدالته.

٣ ـ الموثّق : ما رواه من نصّ على توثيقه مع فساد عقيدته ، ويسمّى القويّ.

٤ ـ الضعيف : ما يقابل الثلاثة(١).

أشار الشيخ حسين عبد الصمد والد الشيخ البهائي (ت ٩٨٤هـ) إلى أنّ : «تقسيم الخبر إلى الموثّق من خواصّ علمائنا ، والعامّة يدخلونه في قسم

__________________

(١) الذكرى : ٤.


الصحيح»(١).

ثانياً : الشهيد الثاني ، زين الدين بن علي العاملي (ت ٩٦٦ هـ) ، قال :

١ ـ الصحيح : ما اتّصل سنده إلى المعصوم عليه‌السلام بنقل العدل الإمامىّ عن مثله في جميع الطبقات وإن اعتراه شذوذ.

أقول : نفهم من كلامه قدس‌سره أنّه لو اتّصلت الرواية في آخرها بعدل إماميٍّ بالإمام عليه‌السلام فهذا لا يكفي ، بل لابدّ أن يكون جميع رواته متّصفين بصفة العدالة ، وقوله : (وإن اعتراه شذوذ) يعني اعتراه إرسال أو قطع.

٢ ـ الحسن : ما اتّصل سنده كذلك بإماميٍّ ممدوح بلا معارضة ذمّ مقبول ، من غير نصّ على عدالته في جميع مراتبه أو بعضها مع كون الباقي بصفة رجال الصحيح. ومن هذا القسم : «حكم العلاّمة [الحلّي ت ٧٢٦هـ] وغيره بكونِ طريق الفقيه إلى منذر بن جبير حسناً ، مع أنّهم لم يذكروا حالَ منذر بمدح ولا قدح»(٢).

٣ ـ الموثّق : من دخل في طريقه مَن نصّ الأصحاب على توثيقه مع فساد عقيدته ، ولم يشتمل باقيه على ضعف.

٤ ـ الضعيف : «ما لا يجتمع فيه شروط أحد الثلاثة المتقدّمة [الصحيح

__________________

(١) وصول الأخيار إلى أصول الأخبار : ٩٧.

(٢) شرح البداية : ٨٤.


والموثّق والحسن] ، بأن يشتمل طريقه على مجروح بالفسق ونحوه ، أو مجهول الحال ، أو ما دون ذلك كالوضّاع»(١).

المعركة حول اصطلاح (الصحيح) :

و (الصحيح) في الدراية هو محور البحث والاستدلال ، إلاّ أنّ الفقهاء المتقدّمين كانوا يأخذون بالصحيح المتداول بينهم بالقرائن الشرعية ، وكانت شهرة الحديث تجبر الضعف والوثاقة. فهنا لابدّ من بحث (الصحيح) عند القدماء و (الصحيح) عند المتأخّرين :

١ ـ الصحيح عند القدماء : كان «المتقدّمون من أصحابنا يريدون بالصحيح غالباً المعمول به والمفتى بمضمونه ، فيعمّ الموثّق والضعيف إذا جبرته الشهرة ، أو احتفّ بالقرائن وغير ذلك ممّا يوجب العمل»(٢).

قال الشيخ البهائي (ت ١٠٣٠هـ) في مشرق الشمسين أنّ الصحيح : «هو ما وثقوا بكونه من المعصوم عليه‌السلام ، أعمّ من أن يكون منشأ وثوقهم كون الراوي من الثقات أو أمارات أخر ، ويكونوا قطعوا بصدوره عنه عليه‌السلام أو يظنّون»(٣).

ولكن معنى (الصحيح) عند المتأخّرين وبسبب تباعد الفترة الزمنية أصبح يعني سلامة الطريق إلى المعصوم عليه‌السلام.

__________________

(١) الرعاية في علم الدراية : ٧٩ ـ ٨٦.

(٢) حاوي الأقوال ١ / ٩٩ ـ١٠٠.

(٣) مشرق الشمسين : ٢٦٩.


٢ ـ الصحيح عند المتأخّرين : و «هو ما اتّصل سنده إلى المعصوم عليه‌السلام بنقل العدل الإماميّ عن مثله في جميع الطبقات حيث تكون متعدّدة وإن اعتراه شذوذ»(١).

وقد «يطلق الصحيح عندنا على سليم الطريق من الطعن بما ينافي كون الراوي عدلاً إماميّاً ، وإن اعتراه مع ذلك الطريق السالم إرسال أو قطع ، وبهذا الاعتبار يقولون كثيراً : (روى ابن أبي عمير في الصحيح كذا) مع كون روايته المنقولة كذلك مرسلة. وبالجملة : فيطلقون الصحيح على ما كان رجال طريقه المذكورين فيه عدولاً إماميّةً ، وإن اشتمل على أمر آخر بعد ذلك»(٢).

أقسام الصحيح عند المتأخّرين :

ويقسّم الصحيح عند المتأخّرين إلى ثلاثة أقسام :

١ ـ الصحيح الأعلى : و «هو ما كان كلّ واحد من الرواة في كلّ مرتبة معلوم الإماميّة والعدالة والضبط ، أو كان معدّلاً بتعديل عدلين ، أو معدّلين بعدلين وهكذا»(٣).

٢ ـ الصحيح الأوسط : و «هو ما كان رواة سلسلته كلاًّ أو بعضاً ـ مع كون الباقي من القسم الأعلى ـ معدّلاً بعدل يفيد قوله الظنّ المعتمد ، أو بمعدِّل

__________________

(١) وصول الأخيار : ٩٣.

(٢) الرعاية في علم الدراية : ٧٩.

(٣) مقباس الهداية ١ / ١٥٥.


كذلك»(١).

٣ ـ الصحيح الأدنى : وهو الذي كان «رواته كلاًّ أو بعضاً ـ مع كون الباقي من القسم الأعلى أو الأوسط ـ ممّن حكم بعدالته بالظنّ الاجتهادي»(٢).

وبالإجمال ، فإنّ الحديث الصحيح عند الفقهاء القدماء كان الحديث المعمول به المشهور بينهم ، لكن الصحيح عند المتأخّرين هو ما اتّصل سنده إلى المعصوم عليه‌السلام بنقل العدل الإمامي. وهذا المنحى الجديد جعل الاطمئنان إلى صحّة السند يتطلّب جهداً إضافيّاً بالتدقيق في سلسلة الإسناد ، والتأمّل في العلل التي كانت تؤدّي إلى شهرة الأحاديث الضعيفة ـ مثلاً ـ التي أخذ بها الفقهاء.

مصاعب البحوث الحديثية :

لا شكّ أنّ الفقيه يواجه صعوبات جمّة في تشخيص بعض الروايات من طرف المتون أو الأسانيد ، وبالخصوص عندما يحدس بأنّ هناك تدليساً في الرواية ، أو اضطراباً في المتن أو السند. وهنا نعرض أربع مشاكل تواجه البحث الحديثي ، وهي :

__________________

(١) توضيح المقال : ٢٤٥.

(٢) توضيح المقال : ٢٤٥.


١ ـ الاضطراب في السند أو المتن.

٢ ـ التدليس.

٣ ـ توثيقات المتقدّمين.

٤ ـ الإدراج.

١ ـ الاضطراب في السند أو المتن :

وهذا الاضطراب يهزّ الدليل ، لأنّه يمسّ أصل موضوع التوثيق.

أ ـ الاضطراب في السند :

وهو أنّ يروي الراوي رواية «تارةً عن أبيه عن جدّه مثلاً ، وتارةً عن جدّه بلا واسطة ، وثالثةً عن ثالث غيرهما»(١) ، وبتعبير عملي : «كأن يرويه مرّةً عن ابن أبي عمير ومرّةً عن محمّد بن مسلم»(٢).

ب ـ الاضطراب في المتن :

وهو أن يروي الرواية «مرّة زائداً ومرّةً ناقصاً ، أو يرويه مرّةً بما يخالف المرّة الاُخرى ، وقد يكون ذلك من راو واحد وهو أقبح ، وقد يكون من

__________________

(١) مقباس الهداية ١ / ٣٨٨.

(٢) وصول الأخيار : ١١٢.


أكثر»(١). وربّما «يروى حديث بمتنين مختلفين»(٢).

وفي رواية الكافي والتهذيب حول الدم الذي تراه المرأة هل هو من دم الحيض أو القرحة ، اضطراب في المتن لنفس الرواية. قال في الكافي : «... فإن خرج الدم من الجانب الأيمن فهو من الحيض ، وإن خرج من الجانب الأيسر فهو من القرحة»(٣).

بينما قال في التهذيب : «... فإن خرج الدم من الجانب الأيسر فهو من الحيض ، وإن خرج من الجانب الأيمن فهو من القرحة»(٤).

٢ ـ التدليس :

وهو إخفاء العيب ، إمّا في السند أو في المكان أو في المشايخ.

أ ـ التدليس في السند :

و «هو أن يخفي الراوي عيباً في سنده ، وهو على قسمين :

الأوّل : أن يروي عمّن لقيه أو عاصره ما لم يسمع منه ، على وجه يوهم أنّه سمعه منه.

الثاني : أن لا يسقط شيخه الذي أخبره ولا يوقع التدليس في أوّل

__________________

(١) الرعاية في علم الدراية : ١٤٩.

(٢) مقباس الهداية ١ / ٣٩٠.

(٣) الكافي ٣ / ٩٤.

(٤) تهذيب الأحكام ١ / ٣٨٥.


السند ، ولكن يسقط ممّن بعده رجلاً ضعيفاً أو صغير السنّ ، ليحسن الحديث بإسقاطه»(١).

ب ـ التدليس في المكان :

كأن يقول : «سمعتُ فلاناً وراء النهر ، وحدّثنا بما وراء النهر ، موهماً أنّه يريد بالنهر (جيحان) ... وإنّما يريد بذلك نهراً آخر»(٢).

ج ـ التدليس في المشايخ :

وهو «أن يروي عن شيخ حديثاً سمعه منه ، ولكن لا يحبّ معرفة ذلك الشيخ ـ لغرض من الأغراض ـ فيسمّيه أو يكنّيه باسم أو كنية غير معروف بهما ، أو ينسبه إلى بلد أو قبيلة غير معروف بهما ، أو يصفه بما لا يُعرف به ، كي لا يُعرف»(٣).

٣ ـ توثيقات المتقدّمين :

كان الاعتماد على توثيقات الفقهاء المتقدّمين هو الطريقة الشائعة لدى الفقهاء للأخذ بالحديث ، لكنّ الفقهاء المتأخّرين رأوا التريّث بتوثيقات

__________________

(١) الرعاية في علم الدراية : ١٤٣ ـ ١٤٤.

(٢) الرواشح السماوية : ١٨٦ الراشحة السابعة والثلاثون.

(٣) وصول الأخيار : ١١٤.


القدماء ، بل ذهب السيّد الخوئي (ت ١٤١٣هـ) إلى ضرورة الاجتهاد في التوثيقات. إذن أصبح توثيق المتقدّمين موضع نقاش ، ومن ذلك :

أ ـ توثيق ابن فضّال (وهو فطحيّ المذهب) ، وابن عقدة (وهو زيديّ جاروديّ) وأمثالهما :

قال في عدّة الرجال : «الذي يستفاد من تتبّع سيرة قدماء الأصحاب هو الاعتماد على أمثال هؤلاء»(١).

إلاّ أنّ الوحيد البهبهاني (ت ١٢٠٦هـ) وجّه التوثيق لا من جهة ثبوت العدالة ، بل من باب رجحان قبول الرواية ، قال : «من لم يعتمد على توثيق أمثالهم فلا اعتراض عليه ، ومن اعتمد فلأجل الظنّ الحاصل منه ، وغير خفيٍّ على المطّلع حصوله ، بل وقوّته ، وأيضاً ربّما كان اعتماده عليه بناءً على عمله بالروايات الموثّقة فتأمّل ، ويمكن أن يكون اعتماده ليس من جهة ثبوت العدالة ، بل من باب رجحان قبول الرواية وحصول الاعتماد والقوّة»(٢).

وقال أيضاً : «لو جعل تعديل مثل عليّ بن الحسن من مرجّحات قبول الرواية فلا إشكال ، بل يحصل منه ما هو في غاية القوّة ، وأمّا لو جعل من دلائل العدالة فلا يخلو من إشكال»(٣).

__________________

(١) عدة الرجال ١ / ١٤٣.

(٢) فوائد الوحيد : ١٠.

(٣) فوائد الوحيد : ٢١.


أمّا الشيخ المامقاني (ت ١٣٥١هـ) فقد كان أكثر تمسّكاً بعدم حجّية تلك التوثيقات ، فقال : «قد تأمّل جمعٌ في توثيقاتهم نظراً إلى عدم كونهم من الإمامية. وهو بناءً على كون اعتبار التزكية من باب الشهادة لا بأس به ، وأمّا على المشهور من كونها من باب الوثوق والظنّ الذي ثبتت حجّيته في الرجال فلا وجه له»(١).

ب ـ توثيق ابن نمير (وهو عامّي) ومن جرى مجراه :

اشترط الفقهاء المتأخّرون أن تقوم قرينة قوية على توثيقه ، فصرّح الشيخ المامقاني (ت ١٣٥١هـ) : «إن قامت قرينة قوية انضمّت إلى توثيق ابن نمير وأثبتت وثاقة المشهود له ، وإلاّ فلكون ابن نمير موثّقاً نعتبر توثيقه مدحاً معتدّاً به في حقّ من وثّقه»(٢).

وأشار الوحيد البهبهاني (ت ١٢٠٦هـ) إلى أنّه : «لا يبعد حصول قوّة منه بعد ملاحظة اعتداد المشايخ به واعتمادهم عليه ، سيّما إذا ظهر تشيّع من وثّقوه ، وخصوصاً إذا اعترف الموثّق نفسه بتشيّعه»(٣).

ج ـ توثيقات الشيخ المفيد (ت ٤١٣هـ) في الإرشاد :

وأشكل بعض الفقهاء المتأخّرين على توثيقات الشيخ المفيد (ت٤١٣هـ)

__________________

(١) مقباس الهداية ٢ / ٢٩٠.

(٢) تنقيح المقال ١ / ٢١٧ الفوائد الرجالية.

(٣) فوائد الوحيد : ٥١.


واعتبروها عوامل مساندة للتوثيق لا أساساً في إثبات عدالة الراوي ، وإلى ذلك قال الوحيد البهبهاني (ت ١٢٠٦هـ) : «استفادة العدالة منها لا تخلو من تأمّل ، نعم يستفاد منها القوّة والاعتماد. والمحقّق الشيخ محمّد تأمّلَ ، لكن قال في وجهه : لتحقّقها بالنسبة إلى جماعة اختصّ بهم من دون كتب الرجال ، بل وقع التصريح بضعفهم من غيره على وجه يقرّب الاتّفاق ، ولعلّ مراده من التوثيق أمر آخر»(١).

بينما قدّم الشيخ المامقاني (ت ١٣٥١هـ) علاجاً لذلك فقال : «توثيقه [يعني الشيخ المفيد] من ضعّفوه أو توقّفوا في حاله لا يوجب وهن توثيقاته ، غايته عدم الأخذ بتوثيقه عند تحقّق اشتباهه»(٢).

د ـ توثيقات العلاّمة وابن طاووس :

أثير الإشكال حول قبول توثيقات ابن طاووس (ت ٦٧٣هـ) والعلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦هـ) ، ذلك لأنّهما عاشا في زمن بعيد عن زمن الرواة ، وزُعِمَ أنّ توثيقاتهم كانت مبنية على الحدس والاجتهاد ، لا الحسّ والاختبار.

لخّص الوحيد البهبهاني (ت ١٢٠٦هـ) الموقف بالشكل التالي ، مؤيّداً قبول توثيقاتهم ، فقال : «توقّف بعضهم في توثيقات العلاّمة وتوثيقات ابن طاووس وكذا الشهيد ، ولعلّه ليس في موضعه ، لحصول الظنّ منها والاكتفاء

__________________

(١) فوائد الوحيد : ٥٢.

(٢) مقباس الهداية ٢ / ٢٩١.


به»(١). بل «اعترض المجلسي الأوّل عليهم بأنّ العادل أخبرنا بالعدالة أو شهد بها فلا بدّ من القبول»(٢).

وسار المقدّس الكاظمي (ت ١٢٢٧هـ) على نهج الوحيد البهبهاني ، فقال : «إنّ التّوقّف في توثيق مثل ابن طاووس والعلاّمة ليس في محلّه»(٣).

٤ ـ الإدراج :

والمدْرَج هو ما أدخل في ثنايا الحديث شيء. وهو على قسمين : إمّا مُدْرَج السند أو مدرج المتن.

أ ـ مُدْرَج السند :

«كأن يعتقد بعض الرواة أنّ فلاناً الواقع في السند لقبه أو كنيته أو قبيلته أو بلده أو صنعته أو غير ذلك كذا ، فيوصفه بعد ذكر اسمه بذلك ، أو يعتقد معرفة من عبّر عنه في السند بـ : (بعض أصحابنا) ونحوه ، فيعبّر مكانه بما عرّفه من اسمه»(٤).

ذكر السيّد حسن الصدر العاملي (ت ١٣٥٤هـ) أقسام المدرج :

«١ ـ أن يذكر الراوي حديثاً ثمّ يتبعه كلاماً لنفسه أو لغيره ، فيرويه من

__________________

(١) فوائد الوحيد : ٥٢.

(٢) فوائد الوحيد : ٥٢.

(٣) عدة الرجال ١ / ١٣٨.

(٤) مقباس الهداية ١ / ٢٢١.


بعده متّصلاً.

٢ ـ أن يكون المتن عنده إلاّ طرفاً منه ، فإنّه عنده بإسناد آخر ، فيرويه راو عنه تامّاً بالإسناد الأوّل.

٣ ـ أن يسمع الحديث من شيخه إلاّ طرفاً منه ، فيسمعه عن شيخه بواسطة ، فيرويه عنه تامّاً بحذف الواسطة.

٤ ـ أو الخبر الذي رواه جماعة عن المعصوم عليه‌السلام بألفاظ مختلفة ، وروى عنهم بسند واحد ولا يذكر الاختلاف»(١).

ب ـ مُدْرَج المتن :

وهو «ما أدرج [في متن الحديث] كلام بعض الرواة ، فيظنّ أنّه من الأصل ، وهو على أقسام :

١ ـ ما أدرج فيه كلام بعض الرواة فيظنُّ أنّه من الأصل ، والغالب بل هو الظاهر منهم كون هذا في المتن ...

٢ ـ ما إذا كان عنده متنان بإسنادين فيدرج أحدهما في الآخر ، فينقل أحد المتنين خاصّة بالسندين والمتنين بسند واحد.

٣ ـ ما إذا كان حديث واحد مرويّاً عن جماعة مختلفين في سنده بأن رواه كلٌّ بسند ، أو اختلفوا في خصوص راو في وجوده في السند وعدمه ، أو في تعيينه بأن اختلفوا أنّ ثالثاً في السند مثلاً فلان أو فلان ، أو في متنه بأن

__________________

(١) نهاية الدراية : ٢٩٤ ـ ٢٩٥.


اختلفوا في وجود لفظ فيه وعدمه ، أو في أنّ الموجود هذا أو غيره وإدراجه بأن يسقط موضع الاختلاف مع مجيئه بالسندين ، أو يذكره مع السندين بما كان أحدهما يختصّ به»(١).

خاتمة الفصل :

وتركيز الفقهاء على الحديث (الصحيح) ، وإثراء بحوثه ، وإيجاد السبل الشرعية لتشخيصه ، لا يعني أنّ طريق الدراية كان يسيراً لم تعترضه المصاعب والموانع ، بل زخر تاريخ علم دراية الحديث بمختلف المشاكل التي لا زالت بحاجة إلى حلول ، وبالخصوص اضطراب السند والمتن ، والتدليس ، وتوثيقات المتقدّمين ، ونحوها.

__________________

(١) نهاية الدراية : ٢٩٤ ـ ٢٩٥.


الفصل السادس

شخصية الخبر وقيد العدالة

للخبر شخصية معنوية محاطة بهالة من الاحترام والإلزام والقدسية ، ذلك أنّ الخبر والحديث يعبّران عن كلام يحكي قول المعصوم أو فعله أو تقريره. وكم يتمنّى المرء أن تكون جميع الأخبار الواردة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) صحيحة ، إلاّ أنّ الواقع التأريخي لا يتّفق مع ذلك.

ولذلك وقف فقهاء أهل البيت عليهم‌السلام من البداية أمام الخبر وقوف المتأمّل ، ووضعوا لقبوله والالتزام بمحتواه وفحواه شروطاً عقلية وشرعية ، خصوصاً بعد انتشار الوضع والدسّ في الأخبار المروية عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) في القرن الأوّل الهجري. وأوّل سؤال طرحوه عندما كان يردهم الخبر ، هو : هل كان ذلك الخبر متواتراً أم كان خبرَ آحاد؟

القسم الأوّل : الخبر والمخبِر :

١ ـ الخبر المتواتر والآحاد :

فالخبر على قسمين : متواتر ، وآحاد :


أ ـ الخبر المتواتر :

وطالما كان مدار قبول الخبر صدقه وسلامة نقله ، أصبح معرفة عدد الناقلين للخبر أمراً مهمّاً ، لأنّ العقل يدلّل على أنّ تتابع الرواة على نقلِ نصٍّ بعينه ـ شرطُ عدم تواطئهم على الكذب وتباين أحوالهم ـ يورث اليقين بصحّته. وهذا هو التواتر.

وقد أشار القرآن الكريم إلى مفهوم التواتر بقوله : «(ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنا تَتْرَا كُلّمَا جَاءَ أُمَةً رَسُوْلها كَذّبُوْهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضَاً وَجَعَلْناهُم أَحَادِيْثَ فَبُعْدَاً لِّقَوْم لاّ يُؤْمِنُوْنَ) (١) ، و «قوله : تترا ، مصدر ، كدعوى وذكرى وشورى ، وهو من المواترة ، وهي أن يتبع الخبر الخبر ، والكتاب الكتاب فلا يكون بينهما فصل كبير»(٢).

فالخبر المتواتر ـ لفظاً أو معنىً ـ هو «خبر جماعة يؤمن تواطؤهم على الكذب عادةً»(٣) ، و «يفيد بنفسه القطع بصدقه» ، بمعنى إن «بلغت سلاسله في كلّ طبقة حدّاً يؤمن معه تواطؤهم على الكذب ، فمتواتر»(٤).

ولابدّ من ملاحظة مقدّمتين في الأخذ بالخبر المتواتر :

الأولى : أن يكون الجامع المشترك بين الرواة في رواية ما هو اتّفاقهم على الصدق وعدم اجتماعهم على الكذب ، مع تباين أحوالهم.

__________________

(١) المؤمنون : ٤٤.

(٢) مجمع البيان ٤ / ١٠٧.

(٣) قوانين الأصول ١ / ٤٢١.

(٤) الوجيزة : ٢.


الثانية : اتّفاقهم على الإخبار عن تلك الواقعة.

قال الشيخ محمّد حسين الإصفهاني (ت ١٢٥٤هـ) : «إنّ ما يتوقّف عليه العلم هو المقدّمة الثانية وهي اتّفاقهم على الإخبار عن هذه الواقعة ، وأمّا المقدّمة الأولى أعني لا يجمعهم على الكذب جامع فهو عين النتيجة أو في مرتبتها ، فلا يتوقّف العلمُ بها عليه ، وليس مجرّد إمكان تأليف قياس ينتج المطلوب ملاكاً لكون النتيجة نظريّة ، بل لابدّ معه من كونه مستفاداً منها ، وإلاّ لأمكن تأليفه في كلّ ضروريّ ، كقولنا مشتمل على الجزء وزيادة»(١).

أقسام الخبر المتواتر :

وقد مثّل المحقّق القمّي (ت ١٢٣١هـ) الخبر المتواتر بشجاعة علي عليه‌السلام ، وجُوْد حاتم الطائي ، ثمّ قسّم المتواتر إلى ستّة أقسام :

«الأوّل : أن تتواتر الأخبار باللفظ الواحد سواء كان ذلك اللفظ تمام الحديث مثل (إنّما الأعمالُ بالنيّاتِ) على تقدير تواتره ... ولفظ (من كنت مولاه فعلىٌّ مولاه) ، ولفظ (إنّي تارك فيكم الثقلين) لوجود تفاوت في سائر الألفاظ الواردة في تلك الأخبار.

الثاني : أن تتواتر بلفظين مترادفين أو ألفاظ مترادفة ، مثل : أنّ الهرّ طاهر ، والسنّور طاهر ، أو الهرّ نظيف والسنّور طاهر ، وهكذا ، فيكون

__________________

(١) الفصول في الأصول : ٢٧٠ ـ ٢٧١.


اختلاف الأخبار باختلاف الألفاظ المترادفة.

الثالث : أن تتوافر الأخبار بدلالتها على معنى مستقلّ ، وإن كان دلالةُ بعضها بالمفهوم والأخرى بالمنطوق ، وإن اختلف ألفاظها أيضاً ، مثل نجاسة الماء القليل بملاقاة النجاسة الحاصلة [كما] يرد في بعض الأخبار : إنّ الماء القليل ينجس بالملاقاة ، وفي آخر : إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء. بل ويتمّ ذلك على وجه فيما كانت النجاسة في تلك الأخبار مختلفة كما في قوله عليه‌السلام : ولا تشرب [الماء المختلط] بـ : سؤر الكلب إلاّ أنّ يكون حوضاً كبيراً يستسقى منه الماء ...

الرابع : أن تتواتر الأخبار بدلالة تضمّنية على شيء مع اختلافها بأن يكون ذلك المدلول التضمّني قدراً مشتركاً بين تلك الأخبار ، مثل أن يخبر أحدٌ أنّ زيداً اليوم ضربَ عمراً ، وآخر أنّه ضربَ بكراً ، وآخر أنّه ضربَ خالداً وهكذا إلى أن يحصل حدّ التواتر مع فرض الواقعة واحداً ، فإنّه يحصل العلم بوقوع الضرب من زيد وإن لم يحصل العلم بالمضروب ...

الخامس : أن تتواتر الأخبار بدلالة التزامية بكون ذلك المدلول الالتزامي قدراً مشتركاً بينهما ، مثل أن ينهانا الشارع عن التوضّؤ عن مطلق الماء القليل إذا لاقته العذرة ، وعن الشرب عنه إذا ولغ فيه الكلب ، وعن الاغتسال عنه إذا لاقته الميتة ، وهكذا. فإنّ النهي عن الوضوء في عرف الشارع يدلّ بالالتزام على النجاسة ، وهكذا الشرب والاغتسال ، فإنّه يحصل العلم بنجاسة الماء القليل بذلك.


السادس : أن تتواتر الأخبار بذكر أشياء تكون ملزومات للازم ، يكون ذلك اللازم منشأً لظهور تلك الأشياء ، مثل الأخبار الواردة في غزوات عليٍّ عليه الصلاة والسلام ، وما ورد في عطايا حاتم ...»(١).

ب ـ خبر الواحد :

هو الخبر الذي لا يكون متواتراً «ولو في بعض الطبقات»(٢) ، فإذا «لم ينتهِ الحديث إلى التواتر أو التظافر والتسامع فخبر آحاد ، سواء كان الراوي واحداً أو أكثر ، ولا يفيد بنفسه ـ مع قطع النظر عن القرائن ـ إلاّ ظنّاً»(٣).

ويسمّى بالغريب أيضاً ، وفسّره المحقّق الداماد (ت ١٠٤٠هـ) بالرواية «التي يرويها راو واحدٌ في الطبقة الأولى ، واثنان في الطبقات اللاحقة»(٤).

وإن كان الانفراد في أصل سنده فيطلق عليه (الفرد المطلق) ، وإن لم يكن الانفراد في أصل سنده ، يطلق عليه (الفرد النسبيّ) لأنّ التفرّد حصل بالنسبة إلى شخص معيّن بذاته ، ومثاله : «إذا روى الكليني تارة عن طريق أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، واُخرى عن طريق عليّ ابن مهزيار عن الحسن بن محبوب ، وثالثة عن طريق إبراهيم بن هاشم عنه ، فهذا الخبر غريب لأنّ الحسن بن محبوب الذي انتهت إليه المسانيد راو

__________________

(١) قوانين الأصول ١ / ٤٢٦ ـ ٤٢٧.

(٢) الوجيزة : ٤.

(٣) نهاية الدراية : ١٠٢.

(٤) الرواشح السماوية : ١٣٠.


واحدٌ ، سواء نقل هو عن واحد أيضاً أو نقل عن الكثير»(١).

وخبر الآحاد على قسمين :

الأوّل : يذكر فيه السند بتمامه ويتّصل بالمعصوم عليه‌السلام ، ويسمّى بالمسند.

الثاني : لم يذكر فيه السند بتمامه ، أو لم يذكر فيه السند أصلاً.

وقد شرحنا أقسام خبر الآحاد في الفصل الرابع من هذا البحث.

٢ ـ الراوي والرواية :

وإذا كان للخبر شخصية متميّزة ، لها خصائصها في الحُسن والقبح ، كان لزاماً علينا معرفة من يتحمّل ثقلها والحفاظ عليها. فهنا لابدّ في البحث عن الراوي والرواية.

الراوي : هو «من يروي الحديث مطلقاً ، سواء رواه مسنداً أو مرسلاً أو غيرهما»(٢). والمعروف أنّ الراوي لا يعدُّ راوياً إلاّ أن ينقل الحديث بإسناده ، ولا يمكننا تصديق الراوي إلاّ أن يكون متحمّلاً للحديث بأحد الطرق المعروفة المقرّرة في النقل ، وإلاّ فإنّه لا يعدُّ فيما رواه راوياً ، بل حاكياً أو ناقلاً لا غير.

أما الرواية فهي : «الخبر المنتهي بطريق النقل من ناقل إلى ناقل حتّى

__________________

(١) الرواشح السماوية : ١٣٠.

(٢) مقباس الهداية ٣ / ٤٩.


ينتهي إلى المنقول عنه من النبيّ (صلى الله عليه وآله) أو الإمام عليه‌السلام»(١).

أقسام الرواية : ولمّا كانت الرواية على تلك الدرجة من الأهمّية ، كان لزاماً معرفة جذرها وطريق سندها ، فهي على أقسام ، منها :

١ ـ رواية الثقة (أو الجليل) عن أشياخه : وتعدُّ قوية ، كما يراها الوحيد البهبهاني (ت ١٢٠٦هـ) ، حيث قال : «إن علِم أنّ فيهم ثقة فالظاهر صحّة الرواية ، وإلاّ فإن علِم أنّهم مشايخ الإجازة أو فيهم من جملتهم ، فالظاهر أيضاً صحّتها ، وكذا الحال فيما إذا كانوا أو كان فيهم من هو مثل شيخ الإجازة ، وإلاّ فهي قوية غاية القوّة مع احتمال الصحّة لبعد الخلوّ عن الثقة»(٢).

٢ ـ رواية الثقة الثبت عن رجل سمّاه : فإذا روى الثقة الثبت رواية عن رجل سمّاه ، فهل يصحّ عدّ الرجل من العدول أم لا؟ قال الشيخ حسين عبد الصمد (ت ٩٨٤هـ) : «لم يكن تعديلاً عن الأكثرين ، وهو الصحيح»(٣).

لكن المحقّق الداماد (ت ١٠٤١هـ) عارض ذلك ، وقيّد الموضوع بالطريقة التالية وقال : «إن علِم أنّ من عادته أنّه لا يروي إلاّ عن عدل فهو تعديل ، وإلاّ فلا»(٤).

٣ ـ رواية الثقة الجليل عن غير واحد : فلو روى الثقة الجليل عن

__________________

(١) مجمع البحرين ١ / ١٩٩.

(٢) فوائد الوحيد : ٥٣.

(٣) وصول الأخيار : ١٨٩.

(٤) الرواشح السماوية : ١٠٤ الراشحة الثالثة والثلاثون.


جماعة قيّدهم بالقول : (من أصحابنا) ، أو قول (قول الثقة : حدّثني غير واحد من أصحابنا ، أو جماعة من أصحابنا) ، فهل الرواية قوية أم لا؟ قال في عدّة الرجال : «من أمارات الوثاقة ، لبعد أن لا يكون ثقة في جماعة يروي عنهم الثقة ويتناول»(١).

بينما ذهب الوحيد البهبهاني (ت ١٢٠٦هـ) إلى : «إنّ الرواية قوية غاية القوّة ، بل وأقوى من كثير من الصحاح ، وربّما يعدُّ من الصحاح بناءً على أنّه يبعد أن لا يكون فيهم ثقة ، وفيه تأمّل!»(٢).

«قال المحقّق الشيخ محمّد : إذا قال ابن أبي عمير : عن غير واحد ، عدّ روايته في الصحيح حتّى عند من لا يعمل بمراسيله»(٣).

إلاّ أنّ السيّد حسن الصدر العاملي (ت ١٣٥٤هـ) عارض ذلك ، وقال : «لا أعدّ مثل هذا في الحسن ، فضلاً عن الصحيح ، فلابدّ من الفحص والبحث»(٤).

٤ ـ رواية الجليل عن الرجل : فإذا روى الجليل الثقة عن رجل فتلك أمارة قوّة للرجل ، كما في رأي الوحيد البهبهاني (ت ١٢٠٦هـ) حيث قال : «هو

__________________

(١) عدة الرجال١ / ١٣٥.

(٢) فوائد الوحيد : ٥٣.

(٣) فوائد الوحيد : ٥٣.

(٤) نهاية الدراية : ٤٢٢.


أمارة الجلالة والقوّة»(١). وفي منتهى المقال : «من أسباب المدح»(٢). وعند المحقّق المامقاني (ت ١٣٥١هـ) : «من أمارات القوّة دون الوثاقة ، إذا كان الجليل ممّن يطعن على الرجال في الرواية عن المجاهيل»(٣).

٥ ـ رواية الأكابر عن الأصاغر : و «هي رواية الراوي عمّن دونه في السنّ أو في اللقى أو في المقدار ، كرواية الصحابي عن التابعي»(٤) ، و «من هذا القسم وهو أخصّ من مطلقه رواية الآباء عن الأبناء ، كرواية العبّاس بن عبد المطّلب عن ابنه الفضل أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) جمع بين الصلاتين بالمزدلفة»(٥).

٦ ـ رواية الأقران : «الراوي والمروىّ عنه إن استويا في السنّ أو في اللقى وهو الأخذ عن المشايخ فهو من رواية الأقران ، لأنّه حينئذ يكون راوياً عن قرينه»(٦). ويُضرب لها مثال : «رواية كلٍّ من الشيخ أبي جعفر الطوسي والسيّد المرتضى عن الآخر ، فإنّهما أقرانٌ في طلب العلم والقراءة على الشيخ المفيد»(٧).

__________________

(١) فوائد الوحيد : ٤٧.

(٢) منتهى المقال ١ / ٨٨.

(٣) مقباس الهداية٢ / ٢٦٣.

(٤) الرعاية في علم الدراية : ٣٥٢ ، ٣٥٣.

(٥) الرعاية في علم الدراية : ٣٥٥.

(٦) الرعاية في علم الدراية : ٣٤٩.

(٧) وصول الأخيار : ١١٦.


٣ ـ المجهول :

و «هو من لم يقع في كتب الرجال تصريحٌ بعدالته ووثاقته ، ولا بضعفه ومجروحيته»(١).

والمجهول ـ إصطلاحاً ـ يطلق في موردين :

الأوّل : يقع وصفاً للحديث ، «وهو المرويّ عن رجل غير موثّق ولا مجروح ولا ممدوح أو غير معروف أصلاً ، ومنه قولهم : (عن رجل) ، أو (ممّن حدّثه) ، أو (عمّن ذكره) ، أو (عن غير واحد) أو نحو ذلك»(٢).

الثاني : يقع وصفاً للراوي.

«اصطلاحي : وهو مَن حكم أئمّة الرجال عليه بالجهالة ...

ولغويٌّ : وهو ليس بمعلوم الحال ، لكونه غير مذكور في كتب الرجال. ولا هو من المعهود أمره المعروف حاله من حال من يروي عنه من دون حاجة إلى ذكره.

والأوّل : متعيّن بأنّه يحكم بحسبه ومن جهته على الحديث بالضعف. ولا يطلق الأمر على الاجتهاد فيه واستبانة حاله على خلاف الأمر في الثاني»(٣).

قال في قاموس الرجال : هناك «فرق بين كلمة (المجهول) في كلام

__________________

(١) مقباس الهداية ٢ / ١٣٠.

(٢) نهاية الدراية : ١٩٢.

(٣) الرواشح السماوية : ٦٠ الراشحة الثالثة عشر.


العلاّمة وابن داود ، وبينها في كلام المتأخّرين ، فإنّها في كلامهما عبارة عمّن صرّح أئمّة الرجال فيه بالمجهولية ، وهو أحد ألفاظ الجرح ، وأمّا في كلام المتأخّرين ـ من الشهيد الثاني والمجلسي إلى المامقاني ـ فأعمّ منه ، ومن المهمل الذي لم يذكر فيه مدح ولا قدح»(١).

٤ ـ العُلوّ في الحديث :

يُقاس الحديث بقرب سنده وعلوّ مرتبته.

ويُفهم العُلوّ في (علم الدراية) :

إمّا بقرب الإسناد من المعصوم عليه‌السلام (٢).

وإمّا بقرب الإسناد من أحد أئمّة الحديث ، كالشيخ الصدوق والكليني والحسين بن سعيد(٣).

وإمّا بتقدّم السماع ، وهو أن يسمع شخصان من شيخ ، وسماع أحدهما أقدم فهو أعلى ، وإن تساوى العدد الواقع في الإسناد(٤).

ويُفهم العلوّ أيضاً بالنسبة إلى رواية أحد كتب الحديث المعتمدة (من المجاميع المعتبرة أو غيرها من الأصول المعتبرة عندنا) وهو إمّا بالموافقة أو

__________________

(١) قاموس الرجال ١ / ٤٤.

(٢) الرعاية في علم الدراية : ١١٣.

(٣) الرعاية في علم الدراية : ١١٣.

(٤) الرعاية في علم الدراية : ١١٣.


الإبدال أو المساواة أو المصافحة(١).

ويُفهم العلوّ أيضاً «بتقدّم وفاة الراوي ، فإنّه أعلى من إسناد آخر يساويه في العدد مع تأخّر وفاة من هو في طبقته عنه ، ومثاله ، في قول الشهيد الثاني : ما نرويه بإسنادنا إلى الشيخ الشهيد عن السيّد عميد الدين عن العلاّمة جمال الدين بن المطهّر ، فإنّه أعلى ممّا نرويه عن الشهيد عن فخر الدين بن المطهّر ، عن والده جمال الدين ، وإن تساوى الإسنادان في العدد ، لتقدّم وفاة السيّد عميد الدين على وفاة فخر الدين بنحو خمس عشرة سنة»(٢).

وللبحث صلة ...

__________________

(١) وصول الأخيار : ١٤٦.

(٢) الرعاية في علم الدراية : ١١٤.


وقفة عجلى على موسوعة

(ذخائر الحرمين الشريفين)

محمّد حسين الأنصاري

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله الذي طهَّر بيته للطّائفين والعاكفين والركّع السجود ، والصلاة والسلام على محمّد النبىّ المحمود ، وآله الطيّبين الطاهرين ذوي الخير والجود مادام الوجود.

فقد انبرى سماحة الشيخ حسين الواثقي ـ دامت فضائله وفواضله ـ وتصدّى بعزم وإرادة ، وشمّر عن ساعدي الجدّ والاجتهاد لدراسة وتحقيق تاريخ وتراث الشيعة الإمامية في الحرمين الشريفين ، من خلال موسوعة (ذخائر الحرمين الشريفين).

فقبل سنين من الزمن دفعت الهمّة بالشيخ الواثقي أن يقترح أُطروحة تحت عنوان (الموسوعة المكّية والمدنية الشيعية الكبرى) ، وهي تشتمل على محورين :

الأوّل : المواضيع والعناوين المشتركة بين الشيعة والسنّة ، فمن المعلوم أنّ


الحجّ والحرمين الشريفين مجمع كافّة فِرَق الإسلام ، وعامّة أهل القبلة ، وهي إحدى القواسم المشتركة بينهم ، الداعية لاتّحاد صفوفهم وكلمتهم.

الثاني : المواضيع والعناوين الخاصّة بالشيعة في الحرمين الشريفين ، نحو : تاريخ الشيعة وعلمائهم ، ورواة الأحاديث في الحرمين الشريفين ، وما بذله الشيعة في خدمة الحجّاج وتعمير الحرمين ... وما إلى ذلك ممّا طرح بالبسط والتفصيل في مقالة جامعة نشرت في إحدى المجلات.

ثمّ تصدّى بنفسه وباهتمام بالغ وعمل دؤوب لإخراج سلسلة من الأعمال العلمية التراثية التحقيقية والتأليفية ، لتكون جابرة لهذه الثغرة العلمية ، ألا وهي موسوعة (ذخائر الحرمين الشريفين) التي نهتمّ بتعريفها في هذا المقال ، وإليكم عناوين المجلّدات المطبوعة وما اشتملت عليه :

المجلّد الأوّل

خطباء المنبر الحسيني في المدينة المنوّرة ، قضاة المدينة المنوّرة من

آل البيت وأتباعهم ، المدينة المستهدفة

تأليف : عبدالرحيم حسن محمّد الحربي.

إعداد : الشيخ حسين الواثقي.

يعتبر هذا الكتاب هوالأوّل من هذه الموسوعة ، ويشتمل على ثلاثة كتب لمؤلّف واحد :


الكتاب الأوّل : خطباء المنبر الحسيني في المدينة المنوّرة ، خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريّين (ص٧ ـ ٩٦).

وقد احتوى على ثلاثة أبواب :

الباب الأوّل : الخطابة والخطيب ومواصفات كلّ منها (ص١١ ـ ٢٠) ،

الباب الثاني : الأنشطة التي يمارسها الخطباء بجانب التعزية ، (ص٢١ ـ ٣٠).

الباب الثالث : الخطباء (ص٣١ ـ ٩٦) ؛ وقد اشتمل على ترجمة ٧١ خطيباً وقارئاً لعزاء الإمام الحسين عليه‌السلام.

الكتاب الثاني : قضاة المدينة المنورّة من آل البيت عليهم‌السلام وأتباعهم.

فبعد مقدّمة قصيرة تعرّض الكاتب إلى تعريف القضاء لغةً واصطلاحاً ، وجملة من مواصفات القاضي ، وحيثيّات القضاء وأنواعه. ثمّ جعل منهجه في التعريف بقضاة الشيعة في المدينة المنورّة منذ بزوغ فجر الإسلام وإلى يومنا هذا على ثمانية طبقات.

الطبقة الأُولى : النبي(صلى الله عليه وآله) والأئمّة عليهم‌السلام واشتملت على سيرة المعصومين عليهم‌السلام ونبذة من قضاياهم الشرعية. (ص١١١ ـ ١٩٤).

الطبقة الثانية : وكلاء النبي(صلى الله عليه وآله) والأئمّة عليهم‌السلام وفيها تراجم تسعة من وكلاء الأئمّة عليهم‌السلام ممّن تولّى الفضاء الشرعي ، وهم : حذيفة بن اليمان ، أبو أيّوب الأنصاري ، سهل بن حنيف ، قثم بن العبّاس بن عبد المطّلب ، تمّام بن العبّاس بن عبد المطّلب ، أبو الحسن المازني ، سلمة بن دينار ، أبو الفرج النهرواني ، عيسى بن


سعيد المدني (ص١٩٥ ـ ٢٠٤).

الطبقة الثالثة : سلالة ابن أبي البركات ، صاحب صدقات النبي(صلى الله عليه وآله) ، وهم ستّة من القضاة : يحيى البركات ، حسين بن يحيى الحربي ، محمّد بن أبي البركات ، محمّد المعمّر ، أحمد بن محمّد بن أحمد ، عبيد الله الأمير.

الطبقة الرابعة : سكّان الجوّانية وهم : أحمد القاضي وأبو العبّاس أحمد الجوّاني ، وأبو العبّاس أحمد العقيقي. (ص٢٠٩ ـ ٢١٢).

الطبقة الخامسة : آل مهنّا المدنييّن ، وهم أُسرة مدنيّة علميّة معروفة تولّت القضاء والإفتاء في المدينة المنورّة طيلة ثلاثة قرون ، من القرن السابع الهجري إلى القرن التاسع. (ص٢١٣ ـ ٢٣٤).

الطبقة السادسة : وهم أشراف بني حسين ، وهم أُسرة علوية حسينية مدنية. زاول رجالها مهنة القضاء والحكم الشرعي.

الطبقة السابعة : قضاة من أقطار إسلامية والمدينة. اشتملت على تراجم عدّة من القضاة ، وفي هذه الطبقة تعرّض الكاتب إلى دور المرجعيّة في إنعاش وظيفة القضاء بالمدينة.

الطبقة الثامنة : القضاة العرفية. (ص٢٤٧ ـ ٢٥٢).

الكتاب الثالث : المدينة المستهدفة ، استعراضٌ موجز لما تعرّضت إليه شيعة المدينة المنورّة وسكّانها من قهر وإذلال. (ص٢٥٧ ـ ٤١٤).

يجمع الكتاب بين دفّتيه تاريخ المدينة المنوّرة بصورة موجزة ، وسرد أهمّ


الوقائع والحوادث التي تعرّضت لها المدينة المنوّرة وسكّانها منذ عصر الرسالة وإلى العصر الراهن.

المجلّد الثاني

بهجة الجلساء في تعريف الخمسة أهل الكساء

ناظمها : العلاّمة الأديب خضر بن عطاء الله الموصلي المكّي (ت١٠٠٧هـ).

إعداد : الشيخ حسين الواثقي.

وهي أُرجوزة رائعة جميلة وعذبة وسلسة ، تحمل جانباً من فضائل أهل الكساء (وسيرتهم الطيّبة ، نظمها العلاّمة الأديب البارع الأوحد خضر بن عطاء الله الموصلي المكّي في سنة ٩٩٦هـ ، وقدّمها إلى سلطان مكّة المكرّمة الشريف حسن بن أبي نُمَي الذي كان من السادة الحسنييّن.

فالأُرجوزة إذن مكّية بحتة من حيث التأليف ، والمؤلّف ، والمُهدى إليه ، ومكان التأليف ، وكان ناظمها من كبار الأدباء القاطنين بمكّة المعظّمة.

أوّل الأرجوزة :

الحمد لله الذي اجتباني

بحبّ أهل البيت واصطفاني

لأن أكون مادحاً وخادماً

لهم ، وفيهم ناثراً وناظما

آخرها :

وجاء مع غاية الانتخا(ب)

تاريخه : (قد انتهى كتابي) (١)

__________________

(١) مقصوده : ب + قد انتهى كتابي = ٩٩٦ ، وهوتاريخ نظم الأُرجوزة بحساب الجُمّل.


والحمد لله على التمام

به بدأتُ وبه ختامي

وممّا زاد في نفاسة هذه المنظومة ثلاث تقاريظ ، وتحتوي مقدّمة الكتاب على أُمور :

الأوّل : ترجمة الناظم ، والكلام حول تشيّعة ، والتعريف بنسخ كتابه الإسعاف.

الثاني : نسبة الأُرجوزة إلى الناظم.

الثالث : مخطوطات الكتاب وهي ثلاث نسخ.

المجلّد الثالث

التراث المكّي

وهو يشتمل على : الإجازات ، المستنسخات ، المؤلّفات ، التصحيحات ، التملّكات.

تأليف : الشيخ حسين الواثقي.

يعتبر الكتاب مصدراً مهمّاً لمعرفة تاريخ الشيعة العلمي والثقافي في مكّة المكرّمة ، حيث اشتمل على مئات الوثائق والأسناد التاريخية المختصّة بالشيعة الإمامية في البلد الحرام ؛ وبعبارة أدقّ فالكتاب يتضمّن بين دفّتيه إنتاجات الحوزة العلمية الإمامية في الحرم المكّي في القرون الماضية ، خصوصاً القرن الحادي عشر الهجري.

وهذه الوثائق التاريخية والعلمية تكشف عن النشاط العلمي الباهر لعلماء مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام في بلد الله الأمين ، وحضورهم العلمي الواسع في ميادين


العلم ، والتدريس ، والإفتاء ، والقراءة ، والكتابة ، والتصحيح ، والتحقيق ، والتأليف والنساخة.

وفي الوقت نفسه فهذه الوثائق تؤرّخ الحوزة العلمية للشيعة هناك من حيث إتاحة الفرصة لهم ، وتهيئة الظروف الاجتماعية والسياسية ، وهجرة أعلام المذهب الإمامي من شتّى البلدان كإيران ، والعراق ، ولبنان ، والشام ، والبحرين ، والقطيف ، والأحساء ، والهند إلى مكّة المكرّمة ، وحسن مجاورتهم بالعمل ، والعلم ، والأدب ، والعبادة.

وتنقسم الوثائق المكّية إلى عدّة أقسام ، وهي كما يلي :

الأوّل : الإجازات المكّية (الصفحات : ١٧ ـ ١٧٦).

في هذا القسم من الكتاب جُمعت ١٠١ إجازةً وإنهاءً وروايةً سجّلت في مكّة المكرّمة ، في ٩١ منها كان المجيز والمجاز فيها من أصحابنا الإمامية ، كما كانت أكثر تلك الإجازات من الأعلام المجاورين بتلك البلدة المباركة ، وبعضها من الحجّاج والمعتمرين ، كما كان المجيز في سبع من الإجازات من أهل السنّة والمجاز شيعي إمامي ، وواحدة منها كان المجيز شيعيّاً زيديّاً.

انتهج المؤلّف في سرد هذه الإجازات بترتيب أسماء المجيزين على حروف الهجاء ، فذكر الإجازات أوّلاً ، ثمّ الإنهاءات والروايات ثانياً.

أمّا الإجازات ، فيبتدئ بتعريف المجيز أوّلاً ، ثمّ التعريف بالمجاز ، ثمّ تأريخ الإجازة ، ثمّ مكان الإجازة ، ثمّ مصدر الإجازة ، ثمّ نصّ الإجازة إن وجد.

الثاني : الاستنساخات المكّية (الصفحات : ١٧٧ ـ ٣٥٨).

وقد فهرس المؤلّف في هذا القسم ثلاث مائة مخطوطة استنسخت في مكّة


المكرّمة ، وذيّلها باثنتي عشرة مخطوطة استنسخت في الطائف ، باعتباره مصياف أهل مكّة ، وتابع لحكومتها ، فيكون المجموع ٣٢٠ مخطوطة موجودة في خزائن المخطوطات ، وهي من كتب الإمامية والتي نسخها نسّاخ إماميّون ، فهم غالباً من طلبة العلم الذين نسخوا الكتب للقراءة على المشايخ ، ويمكن أن يكون مهنة بعضهم الاشتغال بالوراقة والاستنساخ ؛ فهذه الخدمات الجليلة من جملة الأعمال العلمية والثقافية التي كانت سائدة تلك الأزمنة ، وأنّ العاملين عليها غالباً كانوا من أهل العلم والفضل.

الثالث : المؤلّفات المكّية (الصفحات : ٣٥٩ ـ ٤٢٥).

يتضمّن هذا القسم مائة وعشرين تأليفاً شيعيّاً تمّ في بلد الله الأمين ، ممّا ألّفه علماؤنا الكرام بمكّة المكرّمة حين زيارتهم ، أوحين توطّنهم ومجاورتهم.

فيبتدئ بذكر اسم الكتاب ومعلومات ببليوغرافية ، ثمّ يذكر النسخ الخطّية الموجودة منه.

هذه هي الأقسام الثلاثة العمدة في الكتاب ، إلاّ أنّ المؤلّف ذيّله بفهرسة وإحصاء جملة من الكتب الأخرى ، وهي كالتالي :

١ ـ المستنسخات بالطائف (ص٤٢٦ ـ ٤٣٣) ، وهي اثنتا عشرة مخطوطة.

٢ ـ المؤلّفات بالطائف (ص٤٣٤) ، ذكر مؤلّفاً واحداً.

٣ ـ المؤلّفات في طريق الحجّ (ص٤٣٥ ـ ٤٥٤) ، وهي ستّة وثلاثون مؤلّفاً تمّ تأليفها في طريق الحجّ ؛ ذلك أنّ السفر في الأزمنة السابقة كان عملاً شاقّاً ، وكان العلماء يشتغلون في أيّام السفر الطويلة والشاقّة بتأليف الكتب ومطالعتها ، وقد فهرس المؤلّف وأحصى جملة من المؤلّفات التي كتبت في الطريق إلى مكّة


المكرّمة ، فهي خير دليل عيني على عظيم مثابرتهم الثقافية وجهدهم العلمي.

٤ ـ المستنسخات في طريق مكّة المكرّمة (ص٤٥٥ ـ ٤٦٥) ، وقد أحصى فيها ٢٣ مخطوطة استنسخت في طريق الحجّ.

٥ ـ كتب اقترح تأليفها في مكّة المكرّمة (ص٤٦٦ ـ ٤٨٠).

٦ ـ قراءة الكتب والمقابلة والتصحيح في مكّة المكرّمة (ص٤٧١ ـ ٤٨٨) ، وهي دليل على حضور علماء الإماميَّة الثقافي في حرم الله تعالى ، وانتهازاً للفُرص حين مجاورتهم ، وترتيب هذه الوثائق على أسماء من قرأ ، وقابل ، وصحّح ، على أساس حرف الهجاء ، وذكر فيها ٤٣ مخطوطة قوبلت ، أو صحّحت ، أو قرأت في مكّة المكرّمة.

٧ ـ المخطوطات التي تملّكت في مكّة المكرّمة أو الطائف (ص ٤٨٩ ـ ٤٨٨) ، وهي حجّةٌ على النشاطات الثقافية لعلمائنا الأبرار ، حينما حجّوا أوجاوروا بيت الله الحرام ، وهي سبع وعشرون مخطوطة.

٨ ـ كتب فقدت في طريق الحجّ (ص٤٩٨ ـ ٤٩٩) ، وهي خير شاهد على اهتمام علمائنا بالعلم ، والمكتبة السيّارة في حملات الحجّ ، وهي سبع كتب.

٩ ـ الكتاب أجر الخدمة أوالنيابة في الحجّ ، أوما شابه ذلك (ص٥٠٠ ـ ٥٠٢) ، وذكر فيها المؤلّف أربعة نماذج.

واشتمل الكتاب في آخره على فهارس فنّية (ص٥٠٣ ـ ٥٨٤) ، ومصوّرات ملوّنة نفيسة في (٨٠ ص) ؛ وفي الواقع هذه المصوّرات آلبوم من نماذج خطوط علمائنا المكّيّين ، وهي مائة وخمس مصوّرة من شتّى مكتبات العالم.

وممّا تجدر الإشارة إليه هنا أنّ المؤلّف قد استدرك على هذا الكتاب مرّتين ،


وهذا بعد ما وجد معلومات جديدة ؛ طبع المستدرك الأوّل في آخر كتابه (المدنيّات ، ج٢ ، في الصفحات ١١٦١ ـ ١٢٣٤) ، وطبع المستدرك الثاني في كتابه الآخر (أعلام المجاورين بمكّة المعظّمة ، ج٢ ، الصفحات ٨٤٣ ـ ٨٥٢).

المجلّدان الرابع والخامس

المدنيّات

تحقيق وتأليف : الشيخ حسين الواثقي.

اشتمل هذا الكتاب على تراجم شريحة واسعة من العلماء المدنيّين وسيرهم ومصنّفاتهم ، وتحقيق جملة كبيرة من المصنّفات والرسائل الفقهية ، والأُصولية ، والكلامية ، والتفسيرية المدنيّة ، كما احتوى الكتاب على وثائق تاريخية جمّة وأسفار مهمّة عن تاريخ الشيعة الإمامية في المدينة المنوّرة.

وقد صدر هذا الكتاب الجليل بمناسبة إعلان المدينة المنوّرة عاصمة الثقافة الإسلامية سنة ١٤٣٤هـ ق= ٢٠١٣ م.

ومن حسنات هذا الكتاب الاستفادة من بطن الغلاف ، حيث اشتمل على التعريف باللوحة الحجرية الثمينة والجميلة التي صنعها الميرزا سنگلاخ الخراساني للروضة النبويّة ـ على مشرّفها السلام ـ وإليك تعريفها :

طولها : ٣٨٠ سانتيمتراً ، عرضها : ١٣٣ سانتيمتراً ، ضخامتها : ٣٥ سانتيمتراً ، وزنها : حوالي٣٠٠٠ كيلوجراماً ، عدد قطعاتها : ٥ قطعات ، القطعة الأصليّة المركزيّة في الوسط ، وأربع قطعات في أربعة جوانبه الحواشي.

هذا الحجر هيّأه وخطّ مكتوباته ، ثمّ نحته الميرزا محمّد علي سنگلاخ


الخراساني (ت ١٢٩٤هـ) الخطّاط والحجّار الشهير في القاهرة بمصر ، وهو صاحب الكتاب الكبير الفارسي المطبوع (تذكرة الخطّاطين) ، وكان في قصده أن ينقله من مصر إلى المدينة المنوّرة وينصبه في المسجد النبوي الشريف ، فلم يوفَّق ، لأنّ السلطان العثماني لم يسمح له بالإجازة ، فلذا نقله إلى تبريز في إيران ، وهوعازم على نقله إلى مشهد الإمام الرضا عليه‌السلام ونصبه في حرم الإمام ، فلم يمهله الأجل ، وهوالآن محفوظ في متحف تبريز الوطني. هذا الحجر من المرمر الأبيض ، والمكتوبات عليه بثلاث لغات : العربيّة ، والفارسيّة ، والتركيّة العثمانيّة.

جاء في أوّل الكتاب تقريظ العلاّمة السيّد عبد الستّار الحسني ، والكتاب يحتوي على :

١ ـ الأسئلة للسيّد محمّد بن الحسن بن شدقم الحسيني المدني ، وأجوبتها من الفقيه الكبير السيّد محمّد بن علي الموسوي العاملي صاحب مدارك الأحكام (ص١٧ ـ ٤٦).

وقد اشتملت مقدّمة التحقيق على ترجمة السائل وإجازة الشيخ حسن بن زين الدين العاملي له ، وترجمة المجيب على نحوالاختصار.

٢ ـ الأسئلة للسيّد علي بن الحسن بن شدقم الحسيني المدني ، وأجوبتها من السيّد محمّد بن علي الموسوي العاملي صاحب مدارك الأحكام (ص٤٧ ـ ٢٤٢).

اشتملت مقدّمة التحقيق لهذه الرسالة على ترجمة وافية للسائل ، وعلاقاته بكبار العلماء من مختلف البلدان الإسلامية ، واشتملت على إجازة طويلة للمؤيّد بالله الإمام محمّد بن القاسم الزيدي كتبها للسائل ، وهي أمارة على الصلات


الثقافية بين علماء المذاهب الإسلامية المختلفة من بلدان عديدة.

٣ ـ الأسئلة للسيّد محمّد بن جويبر التمّاري المدني الحسيني وأجوبتها من الفقيه الشيخ حسن بن زين الدين العاملي وهي أجوبة المسائل المدنيّات الأُولى لصاحب المعالم ، (ص٢٤٣ ـ ٢٦٤).

وقد اشتهر من بين مصنّفات الشيخ حسن صاحب المعالم ، أجوبة المسائل المدنيّات الثلاث ، وقد أوضح الشيخ الواثقي في مقدّمة التحقيق عن تعدادها هل هي ثمانية أوثلاثة.

٤ ـ الأسئلة ، للسيّد محمّد بن الحسن بن شدقم الحسيني المدني ، والأجوبة للفقيه الشيخ حسن بن الشهيد الثاني صاحب المعالم ، وهي أجوبة المسائل المدنيّات الثانية. (ص٢٦٥ ـ ٢٩٢).

وقد أورد المجيب السؤالات الواقعة من السيّد محمّد بن شدقم كلّها أوّلاً ، ثمّ يأخذ بالجواب عنها واحدة تلوالأُخرى ، وهي ثلاث عشرة مسألة ، وفي نهايتها إجازة الشيخ المجيب للسيّد السائل في رواية الحديث.

٥ ـ الأسئلة للسيّد علي بن الحسن بن شدقم الحسيني المدني ، والأجوبة للشيخ حسن ابن الشهيد الثاني ، صاحب المعالم ، وهي أجوبة المسائل المدنيّات الثالثة إلى الثامنة (ص٢٩٣ ـ ٤٣٢).

وهي تشتمل على سبعة أبواب ، وقد صنّفت فيها الأسئلة والأجوبة حسب تواريخها منذ سنة ١٠٠٠ لغاية سنة ١٠٠٩هـ ، ومن مميّزات هذه الرسالة اشتمالها على تعليقات السيّد علي بن شدقم على أجوبة الشيخ حسن صاحب المعالم.

ومن الظرائف أنّ السيّد علي بن شدقم المدني قد ألحق بهذه الرسالة كتابين


أرسلهما إلى السيّد نور الدين علي بن علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي جواباً عن كتابه إليه ، وإلى الشيخ محمّد بن الحسن بن الشهيد الثاني.

٦ ـ الأسئلة للسيّد علي بن الحسن بن شدقم الحسيني المدني ، وأجوبتها للشيخ محمّد بن أحمد بن نعمة الله بن خاتون العاملي المكّي (ص٤٣٤ ـ ٤٦٢).

تشتمل مقدّمة التحقيق على ترجمة الشيخ المجيب وإحصاء مشايخه ومؤلّفاته.

٧ ـ مقال حول آية الإفك ، للسيّد علي بن حسن بن شدقم الحسيني المدني (ص٤٦٣ ـ ٤٦٨).

٨ ـ رسالة الاعتقادات ، للسيّد علي بن حسن بن شدقم الحسيني المدني (ص٤٦٩ ـ ٤٨٢).

٩ ـ رسالة في عدم وجوب طواف النساء في عمرة التمتّع ، للسيّد علي بن حسن بن شدقم الحسيني المدني (ص٤٨٣ ـ ٤٨٨).

١٠ ـ رسالة في الإشهاد على الطلاق ، للسيّد علي بن حسن بن شدقم الحسيني المدني (ص٤٨٩ ـ ٤٩٨).

١١ ـ رسالة في علم الشاهدين على الطلاق بالمطلِّق والمطلَّقه معيّناً ، تأليف الشيخ عبد النبي بن سعد الدين الجزائري (ص٤٩٩ ـ ٥١٦).

١٢ ـ الأسئلة للسيّد علي بن حسن بن شدقم الحسيني المدني ، وأجوبتها لعلماء السنّة والزيديّة المدنيّين (ص٥١٧ ـ ٦٢٤). وهي مسائل مختلفة ، فقهية وكلامية وغيرها ، سألها السيّد المدني من عدّة من العلماء من أبناء الفرق الإسلامية الأُخرى.


١٣ ـ الشهاب الثاقب في تخطئة اليزيدي الناصب ، للسيّد علي بن حسن بن شدقم الحسيني المدني (ص٦٢٥ ـ ٦٤٠).

١٤ ـ أسئلة السيّد علي بن الحسن بن شدقم الحسيني المدني ، وأجوبتها للشيخ محمّد بن الحسن بن الشهيد الثاني (ص٦٤١ ـ ٦٥٩).

وهي تشتمل على ثلاث مسائل : الوقف على الأولاد ، الميراث عن الزوجة ، الإقرار.

١٥ ـ إرسال ستائر مقصورة النبىّ إلى مراقد الأئمّة عليهم‌السلام في العراق ، (ص٦٦٠ ـ ٦٧٢) ، ذكر فيها نماذج على أنّ الستائر المقصورة في المرقد النبوي كانت ترسل إلى قبور أهل بيته في العراق عند استبدالها بستائر جديدة.

١٦ ـ الأسئلة للسيّد علي بن حسن بن شدقم الحسيني المدني ، وأجوبتها لشيخ الإسلام في إيران المشارك في العلوم الإسلامية الشيخ محمّد بهاء الدين العاملي ، المعروف بالبهائي (ص٦٧٣ ـ ٧٠٠) ، وقد أحصى المحقّق مخطوطات هذه الرسالة ، وذكر عشرين مخطوطة لها. وهي ستّة أسئلة ، وهي في الغالب كلامية.

١٧ ـ الأسئلة الثانية التي أرسلها السيّد علي بن حسن بن شدقم الحسيني المدني إلى الشيخ محمّد بهاء الدين العاملي ، وهي ثلاثة أسئلة بلاجواب (ص٧٠١ ـ ٧١٨).

١٨ ـ رسالة في تطبيق الأوزان الشرعية على الأوزان العرفية في المدينة المنورّة في أوائل القرن الحادي عشر الهجري ، تأليف السيّد علي بن حسن بن شدقم الحسيني المدني ، وعليها تعليقات الفقيه الشيخ محمّد بن الحسن بن الشهيد الثاني (ص٧١٩ ـ ٧٤٦).


وقد أجاب السيّد ابن شدقم على تعليقات الشيخ محمّد العاملي ، وقد علّق الشيخ مرّة أخرى على إشكالاته وأجاب عنها.

١٩ ـ الأسئلة للسيّد محمّد بن علي بن طرّاد الحسيني المدني ، وأجوبتها للشيخ زين الدين العاملي الشهيد الثاني (ص٧٤٧ ـ ٧٦٠) ، وهي إحدى وعشرون مسألة فقهية من مختلف أبواب الفقه.

٢٠ ـ الأسئلة للشيخ حسين بن ربيعة المدني ، وأجوبتها للشيخ زين الدين العاملي الشهيد الثاني (ص٧٦١ ـ ٧٦٨) ، وقد أورد المحقّق في المقدّمة نصّ إجازة الشهيد الثاني للشيخ السائل ، وأحصى مخطوطاته وهي ثلاثة. وأمّا المسائل فهي عشرون مسألة فقهية.

٢١ ـ الأسئلة للسيّد حسن بن شدقم الحسيني المدني ، وأجوبتها للشيخ حسين بن عبدالصمد العاملي والد الشيخ البهائي (ص٧٦٩ ـ ٨١٠).

أمّا المسائل فهي إحدى عشرة مسألة فقهية ، وقد استوفى المحقّق في المقدّمة ترجمة السيّد حسن بن شدقم المدني من حيث نسبه ، وولادته ، ونشاطاته ، وإحصاء مشايخه ، وذكر نصوص إجازات مشايخه له ، وهي أربع إجازات من مشايخ ثلاث ، وهم : الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي ، والسيّد محمّد بن علي الموسوي العاملي صاحب المدارك ، وإجازتان من الشيخ نعمة الله ابن خاتون العاملي.

ومن طرائف ترجمة السيّد المدني أنّ المحقّق قد أحصى جملة من المخطوطات التي كانت عليها تملّك السيّد حسن بن شدقم المدني ، كما قد ذكر مؤلّفاته ومستنسخاته.


٢٢ ـ التراث المدني (ص٨١١ ـ ٨٥٦) ، يشتمل هذا الفصل على إحصاء الإجازات والمؤلّفات والمستنسخات والتصحيحات والتملّكات التي وقعت في المدينة المنوّرة.

٢٣ ـ بعض مدائح النبي(صلى الله عليه وآله) وأئمّة أهل البيب عليهم‌السلام المدفونين في بقيع الغرقد (ص٨٥٧ ـ ٩٠٢).

٢٤ ـ المناظرة بين الفقيهين حول إكرام السادة الأشراف ، (ص٩٠٣ ـ ٩٨٦). وهذه المناظرة من عيون المراسلات العلمية في القرن الثامن الهجري جرت بين علمين من أعلام الشيعة وهما : الشيخ إبراهيم بن أبي الغيث الشهير بابن الحسام العاملي ، والسيّد مهنّا بن سنان الحسيني القاضي المدني.

تشتمل الرسالة على المراسلات التالية :

أ) قصيدة إبراهيم بن الحسام العاملي في نقد بعض الأشراف.

ب) قصيدة القاضي السيّد مهنّا الحسيني المدني في ردّ قصيدة ابن الحسام العاملي.

ج) رسالة (كشف اليقين في مودّة المتّقين وشنآن الفاسقين) ، لابن الحسام في ردّ قصيدة السيّد مهنّا الحسيني المدني.

د) رسالة (الإيضاح والتبيين بفضل ربّ العالمين على عباده المطيعين والمذنبين) للسيّد مهنّا الحسيني المدني في ردّ رسالة كشف اليقين.

٢٥ ـ التعريف ببعض القرى من حوالي المدينة المنوّرة : العُريض ، صريا ، العنّابة ، ساية (ص٩٨٧ ـ ١٠٢٢).

٢٦ ـ الوثائق المدنية ، (ص١٠٢٣ ـ ١٠٤٠) ، يشتمل هذا المقال على جملة


من الوثائق المدنية ، منها :

أ) وثيقة استلام الهديّة للحرم النبوي ، وهي التي أرسلها السلطان حسين بايقرا التيموري بواسطة المولى عبد الرحمن الجامي الشهير.

ب) وثائق الوقفية للحرمين الشريفين ، ولمرقد الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام وللسادة الأشراف الحسينيّين المدنييّن.

ج) رسالة الشيخ الواثقي إلى مركز بحوث المدينة حول التعريف بالثلث الأخير المخطوط من كتاب (التحفة اللطيفة) للحافظ السخاوي.

٢٧ ـ هداية الصديق إلى حكاية الحريق ، تأليف : فضل الله بن روز بهان الخُنْجي الإصفهاني (ت ٩٢٥هـ). تحقيق : الأستاذ محمّد تقي دانش پژوه ، مراجعة : الشيخ حسين الواثقي ، (ص١٠٤١ ـ ١٠٧٦). وهي رسالة نافعة في تاريخ الحريق الواقع في المسجد النبوي الشريف ، الذي حدث في العشر الأواسط من شهر رمضان المبارك سنة ٨٨٦هـ.

٢٨ ـ المصاحف الشريفة المخطوطة في خزانة الروضة النبوية ، فهرسها : الأميرال أيّوب صبري باشا (ت ١٣٠٨هـك) ، إعداد : الشيخ حسين الواثقي (ص١٠٧٧ ـ ١١٠٤). وقد ذيّل المحقّق بالتعريف بالمصحف الكريم بخطّ الشريف جمّاز بن القاسم أمير المدينة المنوّرة (حكم سنة ٥٨٣ ـ ٦١٢هـ).

٢٩ ـ الشمّامة المهداة من السلطان الصفوي العلوي إلى روضة النبي(صلى الله عليه وآله) (ص ١١٠٥ ـ ١١٥٠).

تتحدّث هذه الرسالة عن حادثة تاريخية وقعت في المدينة المنوّرة ، ملخّصها : إنّ السلطان حسين الصفوي الهاشمي ، (حكم ١١٠٥ ـ ١١٣٥هـ) ، نذر لله


تعالى أن يصنع شمّامة فاخرة للروضة النبويّة الطاهرة ، وقد بذل فيها أموالاً طائلة واستخدم الفنّانين المهرة ، وصُنعت من الذهب الخالص ، وحُشّيت عنبراً طيّباً ، وتزيّنت بمئات الأحجار الثمينة التي لاتوجد إلاّ في خزائن الملوك.

واتّصل بالحكومة العثمانية آنذاك وأخذ الموافقة من السلطان مصطفى خان العثماني ، (حكم من ١١٠٦ ـ ١١١٥هـ) ، وبعد إتمام صنع الشمّامة أرسلت إلى المدينة المنوّرة ، لكن منع متولّي الحرم نصبها ، إلاّ بموافقة السلطان العثماني الجديد وهوأحمد خان الثالث (حكم من ١١١٥ ـ ١١٤٣هـ) ، فامتنع السلطان ، فكتب السلطان الصفوي إلى العثماني ثانياً ، وأوضح له قصّة الشمّامة وإذن السلطان السابق ، وقيمة الشمّامة ، فوافق السلطان العثماني.

لكن لمّا فتحوا الصندوق في المدينة وجدوه خالياً ، فاضطرب لذلك متولّي الحرم والقضاة ، ولمّا أُخبر السلطان العثماني شدّد النكير عليهم ، فعُلم أنّ السارق نفرٌ من خدمة الحرم الشريف ، واسترجع بعض قطعات منها ، وأمر السلطان العثماني بصياغتها من جديد.

وهذه القصّة طالت لسنوات حتّى سنة ١١٢٠هـ ، وقد اعتمد الشيخ الواثقي في تحقيق ودراسة الموضوع على :

أ ـ رسالة (كسر الشمّامة للشيخين كرامة) ، لعمر بن علي السمهودي المدني.

ب ـ ثلاثة نصوص تاريخية مهمّة عن واقعة الشمّامة.

ج ـ وثيقتان من الأرشيف العثماني حول وضع الشمّامة المذكورة في الروضة النبوية ومحاكمة السارقين والمتهاونين في موضوع الشمّامة.


ثمّ استدرك الشيخ الواثقي علي موضوع الشمّامة بأربعة أبيات منظومة وجدها في المخطوطتين ، فطبعها في آخر المجلّد السادس من موسوعة (ذخائر الحرمين الشريفين).

٣٠ ـ رسالة في أُمّهات النبي(صلى الله عليه وآله) ، للشيخ أبي جعفر محمّد بن حبيب البغدادي ، ت ٢٤٥هـ ، (ص١١٥١ ـ ١١٦٠). طبعة مصوَّرة ملوَّنة عن مخطوطة قديمة فريدة.

وقد ختم المحقّق الكتاب بفهارس فنيّة تسعة ، للاطّلاع أكثر على محتوياته ، ثمّ زيّن الكتاب بالتصاوير الملوّنة الجميلة في آخره.

المجلّد السادس

تحفة الأبرار

شرح دعاء الإمام الحسين عليه‌السلام في يوم عرفة بعرفات

الشارح : الشيخ شمس الدين حسين بن محمّد الشيرازي المكّي (من أعلام القرن الحادي عشر) ، دوّنه : الشيخ مصطفى بن إبراهيم القاري التبريزي (القرن ١١هـ).

تحقيق : الشيخ حسين الواثقي.

وهو يشتمل على أثرين مكّيَّيْن :

الأوّل : هو الدعاء الذي أنشأه سيّد شباب أهل الجنّة الإمام الحسين بن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، بموقف عرفات في يوم عرفة.

الثاني : شرح الدعاء المذكور ، بقلم أحد أعلام مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام ، وهو


من العلماء المجاورين بمكّة المعظّمة ، وهو الشيخ شمس الدين حسين بن محمّد الشيرازي مولداً المكّي مسكناً ، من أعلام القرن الحادي عشر الهجري.

ولهذا الدعاء منزلة سامية في نفوس العلماء والمؤمنين من شيعة أهل البيت عليهم‌السلام ، فمضافاً إلى دأبهم في قراءتها في يوم عرفة انبرى نفرٌ من علمائنا لشرح هذا الدعاء ، بعشرات الشروح بين مطبوع ومخطوط ، وليس ذلك إلاّ لأهمّية هذا الدعاء ، وما يتضمّنه من معارف ومضامين عالية في التوسّل والتضرّع والابتهال إلى العليّ القدير في يوم عرفة المبارك.

وقد كانت مكّة المعظّمة في القرن الحادي عشر تزدحم بالعلماء والمحصّلين من الشيعة الإمامية ، وكانت لهم جامعة علمية وحوزة دينية ناشطة وعامرة بالإفادة والاستفادة والتأليف والتدريس ، وممّا يتبيّن من مقدّمة هذا الشرح النفيس أنّ جملة من الطلبة التمسوا من العلاّمة المِفَنّ الشيخ شمس الدين حسين ابن محمّد الشيرازي المكّي أن يشرح هذا الدعاء ويقوم بإعراب كلماته وتوضيح مشكلاته.

يمتاز هذا الشرح بعدّة من الخصائص نشير إليها من خلال الأُمور التالية :

١ ـ يهتمّ هذا الشرح بإعراب الكلمات ومحلّها من الإعراب في اللّغة العربية ، وهونتيجة الطلب الذي لبّاه المصنّف ، فقد سلك فيه مسلك الإعراب بناءً على ما طُلب منه.

٢ ـ توضيح الكلمات المشكلة ، وتفسيرها لغة ، ومن هنا تبدو براعة المصنّف اللغوية وإحاطته بالعلوم العربية ، وكثيراً ما يستشهد في التفسير اللغوي إلى ما ذكره الجوهري في الصحاح ، أو الراغب في المفردات.


٣ ـ الإشارة إلى الآيات القرآنية التي ضمّنها أواقتبس منها الإمام الحسين عليه‌السلام في دعائه يوم عرفة ، وثمّ البحث عن تفسيرها.

٤ ـ يتخلّل هذا الشرح جملة من المباحث الكلامية التي تعرّض إليها الشارح ضمناً.

٥ ـ الإشارة إلى اللطائف الأدبية والطرائف البديعيّة في الدعاء وتوضيحها.

وقد صُدّر الكتاب بمقدّمة علمية حول الدعاء وشارحه ومدوّن الشرح ، كما ذيّل بفهارس فنيّة.

المجلّد السابع

المكاتبات المكّية

تأليف : الشيخ حسين الواثقي.

يجمع الكتاب بين دفّتيه مئة رسالة وكتاب من الروائع في الأدب والتاريخ ، جمعت نصوصه من أكثر من ستّين مجموعة مخطوطة من شتّى المكتبات ، هذا سوى المجاميع التي رجع إليها المؤلّف ، ولم يجد فيها شيئاً.

ولا يخفى على من له مسكة في الموضوع صعوبة استخراج هذه الرسائل من تلكم المجاميع التي تزدحم فيها المعلومات من رسالة وفائدة ونكتة وطريفة.

وهذه المكاتبات تكون رصينة من جهتين : الأُولى : امتيازها وعلوّ مستواها الأدبي. الثانية : احتوائها على معلومات قيّمة ونافعة في مجال التاريخ والتراث ، وتبيينها للعلاقات الودّية الوطيدة بين مكّة المعظّمة وسائر البلاد الإسلامية.

فلا شكّ أنّ هذه المكاتبات والرسائل خير دليل ناصع وشاهد عيني رائع


للعلاقات السلميّة والودّية الإخوانية بين أتباع المذاهب الإسلامية سنّة وشيعة.

تشتمل هذه المكاتبات على مواضيع مختلفة وأغراض شتّى ، وهي : الإجابة عن رسالة سابقة ، الإخوانيات وتوثيق حبل الوداد والمحبّة ، التوصية بخدمة أشخاص عزموا على الحجّ ، التوصية لعدّة أشخاص من الحرمين الشريفين ، لتعيّنهم الدولة الإيرانية ، القرارات التي عُقدت بين الدولة الإيرانية وشرفاء مكّة وولاة الأحساء والبصرة لمرور قوافل الحجّاج ، العلاقات الإيرانية ـ الحجازية ، الإعانات التي كانت ترسل إلى الحرمين المكرَّمين ، إرسال الهدايا من أحد الجانبَيْن إلى الآخر ، التوصية الأكيدة بخدمة الحجّاج وحراستهم من عدوان أعراب البادية أصحاب الغارات ودفع تجاوز المعتدين والشكوى منهم ، فتح طرق الحجّ أو انغلاقها من البصرة والأحساء وبغداد بسبب المشاكل ، إظهار الشوق إلى زيارة الحرمين الشريفين والتماس الدعاء في تلك البقاع المقدّسة ، طلب أفراس عربية للسلطان الإيراني ، الفرامين لإمارة الحجّ وأمراء الحجّ الأصليّين والفرعيّين ، العلاقات المكّية ـ الهندية ، العلاقات العلمية والأدبية بين الجانبين ، تشجيع المسلمين على إعانة مشروع السكّة الحديدية بين الشام والحجاز. وقد يتخلّل ذلك أغراض أُخرى تدور حول محورية الحرمين الشريفين.

يشتمل الكتاب على تسعة فصول جمعت في طيّاتها ـ كما أسلفنا ـ على مئة رسالة ، ولأهمّية هذه الرسائل والمكاتبات نستعرض تفاصيل هذه الرسائل من كاتبها ومنشيها ، ومحتواها وتاريخها.

الفصل الأوّل : وهو القسم الأكبر من الكتاب يضمّ أربعين مكتوباً ورسالة


دارت بين رجال الدولة الصفوية الحاكمة في إيران من سنة ٩٠٦هـ إلى سنة ١١٣٥هـ وبين أشراف مكّة المعظّمة الحاكمين بها وبعض علمائها.

١ ـ من : السلطان عبّاس الصفوي الأوّل ، أنشأها العلاّمة الكبير المشارك في العلوم الإسلامية الشيخ بهاء الدين محمّد العاملي المعروف بالشيخ البهائي ، إلى : شريف مكّة ، بتاريخ ١٠١٢هـ.

٢ ـ من : العلاّمة الكبير المشارك في العلوم الإسلامية للسيّد محمّد باقر الحسيني الشهير بالميرداماد ، إلى : شريف مكّة المعظّمة ، محتواها إخوانية وتوثيق الوداد ، وهي غير مؤرّخة.

٣ ـ من : الشريف حسن حاكم مكّة المعظّمة ، إلى الشاه عبّاس الصفوي الموسوي ، جواباً عن الرسالة السابقة التي أنشأها الحكيم الفيلسوف السيّد محمّد باقر الحسيني الميرداماد.

٤ ـ من : الشاه عبّاس الصفوي الثاني ، أنشأها الفقيه الآقا حسين الخوانساري ، إلى : شريف مكّة المعظّمة. في كيفيّة إيفاد الحجّاج إلى مكّة ، غير مؤرّخة.

٥ ـ من : الشاه عبّاس الحسيني الصفوي الثاني ، أنشأها الأديب الكبير المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : الشريف زيد بن محسن حاكم مكّة المعظّمة ، تحتوي الرسالة على جواب الشريف زيد بعد أن طلب الشريف من السلطان أن يأذن للناس في الحجّ بعد أن منعهم لمّا كان يلقون في الطريق من الأذى والنصب من أشرار العرب.

٦ ـ من : السلطان الشاه عبّاس الحسيني الصفوي الثاني ، إلى : شريف مكّة


المعظّمة الشريف محسن. تحتوي الرسالة على جواب رسالة الشريف واستجابة السلطان للإذن في الحجّ شريطة عدم أخذ الحقوق الزائدة ومداراة الحجّاج ، وأن يكون سفرهم ذهاباً وإياباً من طريق واحد.

٧ ـ من : الميرزا مهدي اعتماد الدولة ، الصدر الأعظم في عهد السلطان الشاه عباس الصفوي الثاني ، أنشأها الآقا حسين الخوانساري ، إلى : الشريف زيد بن محسن ، جواباً عن رسالته ، وإخباره عن طلب حاكم البصرة فتح طريق الحجّاج ، وإيصاء الشريف بمداراة الحجّاج ، غير مؤرّخة.

٨ ـ من : الحكيم محمّد حسين من رجال الدولة الصفوية ، أنشأها الآقا حسين الخوانساري ، إلى : شريف مكّة المعظّمة ، وهي رسالة ودّية فيها إخبار بوصول السيّد مغامس نيابة عن الشريف وإيصاله الهدايا للسلطان ، وقبولها من جانبه ، وفيها اعتراض على ما وصل إلى الحجّاج الإيرانيّين من الأذى والتّعب ، وأنّ السلطان الصفوي همّ بمنع الحاجّ من الحجّ إن كانت الأحوال كذلك. وهي غير مؤرّخة.

٩ ـ من : سلطان إيران الصفوي ، أنشأها الآقا حسين الخوانساري ، إلى : شريف مكّة ، وهي رسالة ودّية تحتوي بمضمون الرسالة السابقة من حضور السيّد مغامس عند السلطان مع الهدايا وشموله لعنايات السلطان.

١٠ ـ من : شريف مكّة المعظّمة ، إلى : الآقا حسين الخوانساري ، محتواها ودّي ، وفيها توصية بالسيّد زين العابدين بن جعفر بن زيد الدين الشهيد الحسيني المكّي لإثبات اسمه في دفتر السلطان.

١١ ـ من : الميرزا محمّد مهدي اعتماد الدولة ، من رجال الدولة الصفويّة ،


إلى : شريف مكّة المعظّمة ، غير موّرخة ، وهي تحتوي على وصول كتاب الشريف إلى اعتماد الدولة وفيها طلبه بإذن السلطان بإيفاد الحجّاج إلى مكّة ، وفيها استجابة السلطان لذلك شريطة خدمة الحجّاج وإكرامهم وحراستهم عن الطغاة المعتدين.

١٢ ـ من : حاكم مكّة المعظّمة الشريف زيد بن محسن ، أنشأها القاضي تاج الدين المالكي الأنصاري المكّي ، إلى : سلطان إيران ، والرسالة ودّية تحتوي على توصية بالشيخ عبدالصمد بن محمّد العودي رسول شريف مكّة إلى شاه جهان وابنه دارا شكوه الهنديّين ، حيث قصد الهند من طريق إيران.

١٣ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : الشريف أحمد بن غالب. والرسالة ودّية كتبت جواباً عن رسالة الشريف ، وهي غير مؤرّخة.

١٤ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : الشريف سعد بن زيد حاكم مكّة المعظّمة ، والرسالة ودّية.

١٥ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : الشريف سعد بن زيد حاكم مكّة المعظّمة ، والرسالة ودّية كتبت جواباً عن رسالة الشريف ، وهي غير مؤرّخة.

١٦ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : الشريف سعد بن زيد حاكم مكّة المعظّمة ، والرسالة ودّية كتبت جواباً عن رسالة الشريف واستجابة طلبه في تعيين وظيفة وراتب لشخص مُحِيَ اسمه في المصادر ، وهي غير مؤرخّة.

١٧ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : الشريف سعد بن زيد ، وهي رسالة ودّية وإخوانية تحتوي على إيصاء الشريف بخدمة الطبيب والحكيم السيّد ميرزا معزّ الدين محمّد والسيّد ميرزا علي نقي حين عزما على الحجّ. وهي غير مؤرّخة.


١٨ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : الشريف سعد بن زيد حاكم مكّة المعظّمة ، والرسالة ودّية تحتوي على وصول كتاب الشريف واستجابة طلبه في الإيصاء لأحد الأشخاص ، وهي غير مؤرّخة.

١٩ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : الشريف سعد بن زيد حاكم مكّة المعظّمة ، والرسالة إخوانية تحتوي على استجابة طلبه عند السلطان في الإيصاء بأحد الأشخاص ، وأنّ هدايا السلطان للشريف كانت عن طريق فلان ، فإن وصلت فهوالمراد ، وإن لم تصل يجب أن يؤاخذ.

٢٠ ـ من : الشريف سعد بن زيد حاكم مكّة المعظّمة ، إلى : الفقيه الآقا جمال الدين محمّد بن الحسين الخوانساري تحتوي على : إعلام رفق الشريف بالحجّاج العجم ونصب السيّد تُركي بن فارس الحسيني ـ أمير المدينة المنوّرة ونقيبها وأمين مفتاح قبّة مقابر الأئمّة عليهم‌السلام : في البقيع ـ أميراً لحجّاج العجم حين رجوعهم ليوصلهم آمنين إلى مشاهد الأئمّة عليهم‌السلام في العراق. وهي غير مؤرّخة.

٢١ ـ من : الآقا جمال الدين محمّد بن الحسين الخوانساري ، إلى : الشريف سعد بن زيد سلطان مكّة المعظّمة ، وتحتوي على جواب رسالة الشريف التي مضت برقم ٢٠ ، وشمول ألطاف السلطان للسيّد تركي الحسيني ، والتوصية بإكرام الحجّاج وقطع أيدي الظلمة عنهم. وهي غير مؤرّخة.

٢٢ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني صهر الفقيه الآقا حسين الخوانساري ، إلى : الشريف سعد بن زيد حاكم مكّة المعظّمة ، أوولده الشريف سعيد. والرسالة ودّية إخوانية ، كتبت جواباً عن رسالة الشريف ، وإدامة وظيفة شخص من قبل الحكومة الإيرانية. وهي غير مؤرّخة.


٢٣ ـ من : أحد رجال الشاه سليمان الصفوي ، إلى : الشريف سعد بن زيد حاكم مكّة المكرّمة.

المحتوى : ١ ـ إعلام وصول كتاب الشريف سعد. ٢ ـ توصية للسيّد زكي بن بنيه [؟] عند سلطان إيران بطلب الشريف سعد. ٣ ـ مشاكل الحجّاج الإيرانيّين في الحجّ. ٤ ـ تعهّد صاحب المكتوب لسلطان إيران عن جانب الشريف سعد بحمايته للحُجّاج. ٥ ـ إرسال صاحب المكتوب ولده العالم الفاضل ميرزا محمّد صادق إلى الحجّ وتوصية الشريف سعد بحراسته. ٦ ـ فتح الطريق من بغداد لحجّاج إيران.

٢٤ ـ مِن : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : الشريف سعيد بن سعد ، الذي حكم مكّة المكرّمة عدّة مرّات : الاُولى : سنة ١١٠٣هـ. الثانية : ١١١٣ ـ ١١١٧هـ. الثالثة : ١١٢٣ ـ ١١٢٩هـ.

المحتوى : إظهار الوداد والمحبّة ، وجواب عن كتاب الشريف سعيد بن سعد ، والشكوى من شخص كان المحافظ والأمير على حجّاج العجم.

٢٥ ـ مِن : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : الشريف سعيد بن سعد الذي حكم مكّة المكرّمة عدّة مرّات.

المحتوى : الإخوانيّة وإظهار المحبّة والوداد.

٢٦ ـ مِن : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : الشريف سعيد بن سعد بن زيد ، حينما كان وزيراً لأبيه.

المحتوى : الإخوانيّة وإظهار الاشتياق إلى زيارة بيت الله الحرام واللِّقاء بالشريف سعيد ، وإيصائه بخدمة الحكيم الطبيب المقرَّب عند سلطان إيران ،


السيّد ميرزا معزّ الدِّين محمّد ، والسيّد ميرزا علي نقي ، حينما عزما على حجّ بيت الله الحرام.

٢٧ ـ من : أُمّت خان الذي كان والياً على ولاية شيراز من بلاد إيران ، إلى : شريف مكّة المعظَّمة.

٢٨ ـ مِن : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : شيخ فاضل أديب من أهل مكّة المعظّمة.

المحتوى : جواب كتاب ، الإخوانيّة.

٢٩ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : السيّد عبد المحسن المكّي.

المحتوى : جواب عن كتاب إخواني.

٣٠ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : السيّد عبد المحسن المكّي.

المحتوى : الإخوانيّة ، وإعلام وصول كتاب من السيّد عبد المحسن.

٣١ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : السيّد عبدالمحسن المكّي.

المحتوى : جواب عن مكتوب السيّد عبدالمحسن المذكور ، والإخوانيّة.

٣٢ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : السيّد عبدالمحسن المكّي وهو ابن عمّ الشريف عبدالكريم بن محمّد الذي حكم مكّة المكرّمة من سنة ١١١٦هـ إلى سنة ١١٢٣هـ.

المحتوى : جواب عن كتاب السيّد عبد المحسن.

٣٣ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : الشيخ يحيى المكّي.

المحتوى : جواب عن مكتوب الشيخ يحيى ، ويشتمل على الإخوانيّة ، وإعلام وصول مكتوب الشيخ يحيى ، وإعلام مطلوبه على سلطان إيران وإجابة


السلطان لمأموله.

٣٤ ـ مِن : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : الشيخ يحيى المكّي.

المحتوى : جواب عن كتاب الشيخ يحيى المذكور ، وهو كتاب إخواني.

٣٥ ـ من : أحد رجال الدولة الصفوية ، إلى : الفقيه المشارك في العلوم الإسلاميّة السيّد محمّد الموسوي العاملي الساكن بمكّة المعظَّمة (ت١١٣٩هـ).

المحتوى : جواب عن رسالة السيّد محمّد المذكور ، وإخباره بأنّ مطلوبه ـ وكذا ما أوصاه سلطان مكّة المعظَّمة للشريف عبد الله بن بركات ـ عرض على رجال الدولة الصفويّة ، وإيصاء شريف مكّة بحسن السلوك مع الحجّاج عامّة.

٣٦ ـ من : أحد رجال الدولة الصفوية ، إلى السيّد محمّد بن علي بن حيدر الموسوي العاملي القاطن بمكّة المعظَّمة.

المحتوى : ودّية وإظهار الشوق إلى حجّ بيت الله العظيم ولقاء السيّد محمّد المذكور.

٣٧ ـ مِن : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : السيّد محمّد المكّي.

المحتوى : الإخوانيّة ، وإعلام وصول مكتوب السيّد محمّد المذكور ، والتماس الدُّعاء في تلك الدِّيار المقدّسة.

٣٨ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : السيّد محمّد المكّي.

المحتوى : جواب عن كتاب السيّد محمّد المذكور ، وإعلام وصول مكتوبه ، فهو كتاب إخوانيّ فقط.

٣٩ ـ مِن : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : السيّد محمّد المكّي.

المحتوى : إخوانيّة وجواب عن كتاب السيّد محمّد المذكور ، وإعلام وصول


 كتابه.

٤٠ ـ من : غير معلوم ، إلى : السيّد زين العابدين المجاور لحرم الله المكين.

المحتوى : ودّية.

الفصل الثاني : وفيه خمسة مكاتيب باللّغة الفارسيّة :

٤١ ـ من : السلطان جلال الدين أكبر من سلاطين الهند التيموريّين ، إلى : شرفاء مكّة المعظَّمة.

المحتوى : الاعتذار من عدم إرسال الإعانات في سنة ٩٨٩هـ إلى مكّة المعظَّمة ، إطفاء نائرة الطغيان في كابل والبنجاب ، إرسال الإعانات والهدايا للشرفاء والقضاة بعد السنة المذكورة بواسطة الشيخ عبدالغني (عبدالنبي خ ل) ومخدوم الملك وحكيم الملك ، رفع التهمة عن الشيخ معين الدين محمّد الهاشمي الشيرازي. التاريخ : بعد سنة ٩٨٩هـ.

٤٢ ـ من : سلطان إيران ، إلى : شريف مكّة المعظَّمة وسلطانها.

المحتوى : ودّية ، وإعلام إرسال النقود هديّة إلى شريف مكّة على السنن الجارية في السنوات الماضية مع الحُجّاج.

٤٣ ـ من : اعتماد الدولة ، الصدر الرئيس في الدولة الصفوية ، إلى : شريف مكّة المعظَّمة.

المحتوى : ودّية ، وإرسال ألفي ليرة ذهباً من الخزانة الإيرانيّة هديّة للشريف.

٤٤ ـ من : اعتماد الدولة ، إلى : عبدالرحمن باشا والي بغداد.


المحتوى : طلب عبدالرحمن باشا والي بغداد من حكومة إيران ، أن يأذن للحجّاج الإيرانيّين الرواح إلى الحجاز من طريق بغداد ، فردَّ مطلوبه لعدم الأمن في ذاك الطريق ، وعدوان الأعراب بالنسبة إلى الحجّاج.

٤٥ ـ من : ميرزا شاهرخ التيموري ، إلى : الملك ناصر الدين حاكم مصر القاهرة.

المحتوى : عتب على حاكم مصر لأنّه لم يأخذ قطّاع الطريق الذين سرقوا أمتعة التجّار ، ونهبوا أموال الحجّاج والزوّار الذين رجعوا من الحجّ ومن زيارة عتبات الأئمّة عليهم‌السلام في العراق. التاريخ : ١١ شعبان المعظّم سنة ٨٤٣هـ.

الفصل الثالث : وفيه مكتوبان من السلطان العثماني إلى حاكم مكّة المعظّمة :

٤٦ ـ من : السلطان سليمان العثماني. المنشي : أبوالمسعود الأفندي ، إلى : شريف مكّة المعظَّمة وسلطانهـا.

المحتوى : هـدّد السلطان العثمانىّ شريف مكّة بسبب الغارات والتعدّيات التي صدرت منه إلى الحجّاج والقاطنين ، وأوعده بالحرب.

٤٧ ـ من : يقرب أن يكون من السلطان العثماني ، إلى : شريف مكّة المعظَّمة.

المحتوى : السلطان نهى الشريف وحذّره من الظلم والعدوان على جيران بيت الله وحجّاجه.

الفصل الرابع : وفيه اثناعشر مكتوباً :


٤٨ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : الشيخ سعدان الأحسائي من بني خالد ، وهوسعدون بن محمّد بن غرير والي الأحساء من أهل السُّنّة ، حكم ١٠٩٣ ـ ١١٣٥هـ.

المحتوى : الإخوانيّة ، وإعلام بأنّ حُجّاج إيران يتّخذون البصرة طريقاً إلى مكّة المعظّمة في تلك السنة ، وإيصاء الشيخ سعدان المذكور بخدمة الحجّاج وحراستهم ، فله في ذلك خير الدُّنيا والعُقبى.

٤٩ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، صهر الفقيه الآقا حسين الخوانساري على بنته ، إلى : الشيخ سعدان الأحسائي من عرب بني خالد ، وكان والياً على الأحساء.

المحتوى : جواب عن كتاب للشيخ سعدان المذكور ، والإخوانيّة ، والمعاهدة لحراسة الحجّاج الإيرانيّين الذين اتّخذوا طريقهم إلى الحجّ من ديار بني خالد في تلك الآونة ، وإيصاء الشيخ سعدان برعاية الحجيج ، فإن وفَوا بالعهود اتَّخَذَ الحجّاج ذلك الطريق إلى مكّة المعظّمة في المستقبل. التاريخ : حدود سنة ١١٢٠هـ.

٥٠ ـ من : أحد رجال الدولة الصفويّة ، إلى : الشيخ سعدون والي الأحساء.

المحتوى : ١ ـ وصول كتاب الشيخ سعدون. ٢ ـ موافقة الحكومة الإيرانيّة على طلب الشيخ سعـدون بإرسال قوافل الحجّاج من طريق الأحساء إلى الحـجّ. ٣ ـ إيصاء الشيخ سعدون بحُسن المعاشرة مع الحجّاج وبذل الخدمة لهم ، وتوصية الأمير والعسكر أن يُمَرّروا القوافل من المدينة المنوّرة ليَزورَ الحجّاج ضريح سيّد البشر(صلى الله عليه وآله).


التاريخ : حوالي سنة ١١٢٠هـ.

٥١ ـ مِن : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : الشيخ ناصر الدِّين الأحسائي ، فاضل أديب من رجال الشيعة ، وكان وزيراً لوالي الأحساء الشيخ سعدان الذي كان من أهل السُّنة.

المحتوى : الإخوانيّة ، وجواب عن كتاب ناصر الدِّين ، التاريخ : حدود سنة ١١٢٠هـ.

٥٢ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : الشيخ ناصر الدِّين الأحسائي.

المحتوى : جواب عن كتاب الشيخ ناصر الدِّين.

التاريخ : حوالي سنة ١١٢٠هـ.

٥٣ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : الشيخ ناصر الدِّين الأحسائي.

المحتوى : جواب عن كتاب الشيخ ناصر الدِّين المذكور ، الذي طلب من سلطان إيران أن يتّخذ حجّاج إيران طريقهم إلى الحجّ من الأحساء ، فوافق السلطان على ذلك ، مع إيصائه بوفاء العهد بالحفاظ على سلامة الحجّاج ورعايتهم في الطريق ، التاريخ : حدود سنة ١١٢٠.

٥٤ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : الشيخ ناصر الدِّين الأحسائي.

المحتوى : الوُدّيّة والإخوانيّة. التاريخ : حوالي سنة ١١٢٠هـ.

٥٥ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : الشيخ ناصر الأحسائي.


المحتوى : جواب عن كتاب الشيخ ناصر ، وإعلام وصول مكتوبه ، وإيصائه بوجوب الوفاء بالعهد الذي مضى حول الحفاظ على حجّاج إيران في طريق الحجّ ومراعاتهم. التاريخ : حوالي سنة ١١٢٠هـ.

٥٦ ـ من : أحد رجال الدولة الصفويّة ، الذي كان في بندر (أبوشهر) في ذي القعدة الحرام سنة ١١١٧هـ ، إلى : الشيخ ناصر الدِّين الأحسائي.

المحتوى : ودّية ، وتحبيذ لِحسن سلوك الشيخ ناصر مع الحجّاج الذين طريقهم من الأحساء ، وإيصاؤه بخدمة الحجّاج ليكون هذا الطريق مفتوحاً دائماً للحجّاج الإيرانيّين ، وإرسال صاحب المكتوب ابنيه السيّد محمّد حسين والسيّد محمّداً إلى الحجّ من هذا الطريق في عام ١١١٧هـ والتوصية بهما. التاريخ : ذوالقعدة الحرام سنة ١١١٧هـ.

٥٧ ـ من : الميرزا محمّد حسين أمير العساكر الإيرانيّين في البصرة.

المنشي : العالم السيّد محمّد علي بن محمّد حسين الموسوي الجزائري الغروي.

إلى : الشيخ سعدون بن عريعر بن دجين من بني خالد ، حكم على الأحساء سنة ١١٨٩ ـ ١١٩٩هـ.

المحتوى : الإخبار بغلبة الجنود الإيرانيّين على الطغاة ، فتح طريق الحجّاج الإيرانيّين من ذلك الجانب بعد أن كان مغلقاً بسبب ارتحال سلطان إيران وعدم الأمن ، التوصية لعامّة الحجّاج والمعتمرين بحفظهم واسترضاء خاطرهم ، التوصية بميرزا محمّد حامل هذا المكتوب الذي قصد زيارة البيت الحرام. التاريخ : ٢ رمضان المبارك سنة ١١٩٤هـ.


٥٨ ـ من : الميرزا محمّد حسين الحسيني أمير العساكر الإيرانيّين في البصرة.

المنشي : العالم السيّد محمّد علي بن محمّد حسين الموسوي الجزائري الغروي.

إلى : الشيخ سعدون بن عريعر بن دجين من بني خالد.

المحتوى : التوصية بالأمير أحمد سلطان ـ من أُمراء خراسان ومرافقيه الذين أمّوا البيت الحرام ـ بالخدمة إليهم واسترضاء خاطرهم في ذهابهم وإيابهم. التاريخ : جمادى الاُولى سنة ١١٩٥هـ.

٥٩ ـ من : المولى محمّد مسيح الكاشاني ، إلى : أحد شيوخ البصرة ، الذي كان طريق حجّاج إيران من أرضه وبلاده.

المحتوى : الإخوانية ، وإعلام بأنّه رُخِّص من جانب سلطان إيران للحجّاج أن يتّخذوا الطريق إلى الحجّ من طريق البصرة ، وإيصاء المخاطَب بإكرامهم ورعايتهم.

الفصل الخامس : وفيه أربعة مكاتيب :

٦٠ ـ مِن : أحد السلاطين الصفوية في إيران ، إلى : السادة والعلماء في المدينة النبويّة.

المحتوى : المكتوب باللغة الفارسيّة وهو ودّية ، وأنّ الإعانات تُرسل إليهم في السنوات الآتية بيدِ أمين ، ليسلِّمها إليهم ويأخذ وثيقة القبض منهم ، حتّى لا يتعبوا في تحصيل رواتبهم كالسنوات الماضية ، وفي سنة ١٠٤٦هـ. ق أرسل الهدايا


إليهم مع السيّد ناصر كَمُّونة ، وهوالعالم النجفي المتوفّى سنة ١٠٨٣هـ. التاريخ : سنة ١٠٤٦هـ.

٦١ ـ مِن : السيّد محمّد علي بن محمّد حسين الموسوي الجزائري من رجال أواخر القرن الثاني عشر الهجري ، إلى : السادة من المدينة النبويّة ؛ السيّد علي ابن السيّد عبد العزيز ، والسيّد شاهين ابن السيّد زين العابدين ، والسيّد صفر ابن السيّد سليمان ، والسيّد دنبان ابن السيّد سلطان ، والسيّد صالح ابن السيّد محمّد يحيى.

المحتوى : ورود الشيخ عبد الله وكيل السادة المذكورين أعلاه لأخذ حواصل الموقوفات التي اختصّت بسادة المدينة المنوّرة الحسينيّين وبعض خدمة الروضة النبويّة ومراقد الأئمّة عليهم‌السلام ، ولكنّ الحواصل في تلك السنة اضمحلّت ، فحوّلوا الأمر إلى السنة المقبلة ، بشرط إرسال حصر تفويض أووكالة معتبرة. التاريخ : صفر المظفّر سنة ١١٩٣ هـ.

٦٢ ـ مِن : الشيخ جواد الشَّبيبي ، إلى : السيّد عمران الحبّوبي الحسني في المدينة ، وهي إخوانيّة.

٦٣ ـ مِن : السادة الأشراف الحسينيّين المدنيّين ، إلى : سلطان البنغال.

الموضوع : الشكوى من ضيق العيش وضعف المقدرة وقلّة الإمكانيّات ، وطلب الإعانات والمَبَرّات.

الفصل السادس : وفيه مكتوبان :

٦٤ ـ من : الميرزا محمّد شفيع المازندراني الصدر الأعظم في عصر


فتحعلي شاه القاجاري في إيران ، إلى : الأمير سعود حاكم نجد والحجاز من رؤساء الدولة السعودية الأولى. المحتوى : التوصية بإعانة العالم العلاّمة الميرزا هداية الله وأخويه القاصدين لزيارة بيت الله الحرام ، في ذهابهم وإيابهم والمحافظة عليهم.

٦٥ ـ من : سلطان إيران فتحعلي شاه القاجاري ، إلى : سعود ، أمير نجد والحجاز ، من رؤساء الدولة السعوديّة الاُولى.

المحتوى : جواب حادّ عن كتاب سعود الذي دعا فيه إلى التوحيد ، قبول اقتراح الأمير سعود ليرسل عالماً من جانبه إلى إيران ليبيّن مذهب الأمير الديني ، بعد كشف عقائد الأمير سعود وصدق نيّته يأمر السلطان ولده حسين علي ميرزا الأمير على بلاد جنوب إيران أن يعامل الأمير سعود بالمودّة ويمدّه برّاً وبحراً.

الفصل السابع : وفيه ثلاثة فرامين لإمارة الحجّ :

٦٦ ـ عهد الخليفة الطائع لله ، إلى : الشريف أبي أحمد الحسين بن موسى العلوي لإمارة الحجيج إلى الحرمين الشريفين.

المنشي : أبوإسحاق الصابي.

٦٧ ـ عهد الخليفة الطائع لله ، إلى : الشريف الرضىّ أبي الحسن محمّد بن الحسين الموسوي بنقابة الطالبيّين خصوصاً ، والنظر في اُمور المساجد وعمارتها ، وإمارة الحُجّاج إلى بيت الله الحرام ، واستخلافه لوالده في الاُمور المذكورة. التاريخ : مستهلّ شعبان سنة ٣٨٠ هـ.

٦٨ ـ مِن : مظفّر الدِّين جهانشاه قره قويونلو (حكم ٨٤١ ـ ٨٧٢هـ) من أُمراء آذربيجان ، وكانت حاضرتهم تبريز ، إلى : أكابر وأشراف مكّة المعظّمة.


الموضوع : تعيين نظام الدين عبد الحقّ أميراً للحاجّ من آذربيجان.

التاريخ : ٢٥ ذي الحجّة سنة ٨٧٠ هـ.

الفصل الثامن : وفيه ٢١ مكتوباً دارت بين مكّة وحيدرآباد :

٦٩ ـ من : الشريف زيد بن محسن الذي حكم على مكّة المعظّمة من سنة ١٠٤١هـ إلى سنة ١٠٧٧هـ. المنشي : القاضي تاج الدِّين المالكي الأنصاري المكّي ، إلى : سلطان حيدر آباد من بلاد الهند ، عبد الله قطب شاه ، وهي رسالة ودّية ، وفي ضمنها الاعتذار من تأخير رجوع الشيخ أحمد الشهيدي العاملي عن مكّة إلى حيدرآباد.

٧٠ ـ من : سلطان مكّة المعظَّمة الشريف زيد بن محسن. المنشي : القاضي تاج الدين المالكي الأنصاري المكّي ، إلى : سلطان حيدر آباد بالهند عبد الله قطب شاه.

المحتوى : طلب السلطان عبد الله قطب شاه أن يهاجر السيّد نظام الدين أحمد بن معصوم من مكّة المعظَّمة إلى حيدرآباد لكي يزوّجه ابنته ، فحينما عزم السيّد أحمد على السفر أمر الشريف زيد بكتابة هذا المكتوب إلى عبد الله قطب شاه إطراءاً لِشأن السيّد أحمد المذكور والتوصية به.

التاريخ : سنة ١٠٥٤هـ.

٧١ ـ من : نظام الدين السيّد أحمد بن معصوم ، إلى : القاضي تاج الدين المالكي الأنصاري.

المحتوى : التعريف برحلة السيّد أحمد من مكّة المعظَّمة إلى حيدرآباد


ووفوده على السلطان عبد الله قطب شاه ، التاريخ : حدود سنة ١٠٥٤هـ.

٧٢ ـ من : القاضي تاج الدين المالكي المكّي الأنصاري ، إلى : الأمير نظام الدين السيّد أحمد بن معصوم ، وهي جواب عن رسالة السيّد أحمد ، والتبريك له بما ناله من النعم عند وروده حيدرآباد.

٧٣ ـ من : الأمير نظام الدين السيّد أحمد بن معصوم ، إلى : القاضي تاج الدين المالكي الأنصاري.

المحتوى : ودّية ، وإخباره بما جرى للسيّد أحمد في حيدرآباد من مصاهرته للسلطان عبد الله قطب شاه ، في تاريخ ١٠ ربيع الأوّل ١٠٥٥هـ.

٧٤ ـ من : القاضي تاج الدين المالكي الأنصاري ، إلى : السيّد أحمد بن معصوم بحيدر آباد.

المحتوى : تبريك للسيّد أحمد بمصاهرته للسلطان عبد الله قطب شاه وتهنئة له بزواجه بنت الملك.

٧٥ ـ من : الأمير نظام الدين السيّد أحمد بن معصوم الشيرازي المكّي ، إلى : تاج الدين المالكي الأنصاري.

المحتوى : الإخبار بحركة الشيخ محمّد ابن خاتون العاملي من كبراء الدولة القطب شاهية للسفر إلى حجّ بيت الله الحرام ، ومعه هدايا من السلطان عبد الله قطب شاه إلى الشريف زيد سلطان مكّة المعظَّمة.

التاريخ : قُبيل سنة ١٠٥٩هـ.

٧٦ ـ من : السلطان عبد الله قطب شاه ، من ملوك حيدر آباد بأرض الهند.

المنشي : الأمير نظام الدين أحمد بن معصوم صهر السلطان المذكور ، إلى :


الشريف زيد بن محسن سلطان مكّة المعظَّمة.

المحتوى : ودّية ، وإرسال الهدايا إلى الشريف زيد ، مع الشيخ محمّد ابن خاتون شيخ الإسلام في حيدر آباد. التاريخ : سنة ١٠٥٩هـ.

٧٧ ـ من : تاج الدين المالكي القاضي ، إلى : الأمير نظام الدين أحمد بن معصوم.

المحتوى : الجواب عن مكتوب السيّد أحمد ، وذيّله بالتعزية في وفاة الشيخ محمّد بن خاتون الذي توفّي في المخا. التاريخ : سنة ١٠٥٩هـ.

٧٨ ـ من : سلطان مكّة المعظّمة ، الشريف زيد بن محسن الذي حكم على مكّة المكرّمة من سنة ١٠٤١هـ إلى سنة ١٠٧٧هـ.

المنشي : القاضي تاج الدِّين المالكي الأنصاري.

إلى : السلطان عبد الله قطب شاه من ملوك حيدر آباد في الهند.

المحتوى : جواب عن رسالة السلطان عبد الله قطب شاه ، إطراء السيّد نظام الدِّين أحمد بن معصوم المدني ، إعلام تسلّم الهدايا التي أرسلها السلطان عبد الله قطب شاه من حيدرآباد إلى مكّة المعظّمة مع الشيخ محمّد ابن خاتون العاملي ، وفاة الشيخ محمّد بن خاتون العاملي في طريقه إلى الحجّ في بندر المخا باليمن ، وصول الهدايا مع ميرزا أسد بيك وصىّ الشيخ محمّد المذكور ، إرسال الهدايا من جانب شريف مكّة صحبة الملاّ محمّد حسين الشيرازي ، إلى السلطان عبد الله قطب شاه ، والهدايا هذه تشتمل على : درع ممتاز ، وحصان من الخيل الجياد العربيّة ، وسيف ، وثلاثة أذرع من ثوب الحجرة الشريفة النبويّة.

تاريخ الرسالة : سنة ١٠٥٩هـ أو١٠٦٠هـ.


٧٩ ـ من : الأمير نظام الدين الميرزا أحمد بن معصوم المدني المكّي الشيرازي ، إلى : سلطان مكّة المعظَّمة ، الشريف زيد بن محسن بن الحسين.

المحتوى : إخوانية ، وإعلام وُصول هدايا الشريف زيد بن محسن ، إلى السلطان عبد الله قطب شاه من سلاطين حيدرآباد بالهند ، مع الملاّ محمّد حسين الشيرازي. التاريخ : حوالي سنة ١٠٦٠هـ.

٨٠ ـ من : الأمير نظام الدين السيّد أحمد بن معصوم ، إلى : تاج الدين المالكي الأنصاري ، وهي ودّية.

٨١ ـ من : تاج الدين المالكي القاضي ، إلى : الأمير نظام الدين السيّد أحمد ابن معصوم.

المحتوى : وهي ودّية ، وإعلام وُصول الهدايا التي أرسلها السيّد أحمد إلى القاضي تاج الدين المالكي.

٨٢ ـ من : السيّد أحمد نظام الدين ابن معصوم ، إلى : تاج الدين المالكي الأنصاري.

المحتوى : ودّية ، وإعلام وُصول كتاب القاضي المالكي.

٨٣ ـ من : تاج الدين المالكي القاضي ، إلى : الأمير السيّد أحمد نظام الدين ابن معصوم.

المحتوى : ودّية وإخبار بوَباء عامّ حدث في مكّة في سنة ١٠٦٢هـ ، ومات فيه خمسة آلاف شخص ، وتذييل بتعزية السيّد أحمد بوفاة والدته في مكّة المعظَّمة في ١٧ جمادى الاُولى سنة ١٠٦٢هـ. تاريخ الرسالة : سنة ١٠٦٢هـ.

٨٤ ـ من : الشريف زيد بن محسن سلطان مكّة المعظَّمة.


المنشي : تاج الدين المالكي.

إلى : الأمير نظام الدين السيّد أحمد بن معصوم.

المحتوى : تعزية السيّد أحمد بوفاة والدته التي توفّيت بمكّة المعظَّمة ليلة الإثنين لسبع عشرة خلون من جمادى الاُولى سنة ١٠٦٢هـ ، وإعلام وصول الهدايا التي أرسلها السيّد أحمد إلى الشريف زيد حاكم مكّة المعظّمة. التاريخ : سنة ١٠٦٢هـ.

٨٥ ـ من : الشريف زيد بن محسن سلطان مكّة المعظَّمة.

المنشي : تاج الدين المالكي القاضي.

إلى : الأمير نظام الدين السيّد أحمد بن معصوم.

المحتوى : ودّية.

٨٦ ـ من : تاج الدين المالكي الأنصاري ، إلى : الأمير نظام الدين السيّد أحمد ابن معصوم.

المحتوى : ودّية وأدبيّة.

٨٧ ـ من : السيّد أحمد بن معصوم ، إلى : القاضي تاج الدين المالكي الأنصاري المكّي.

المحتوى : ودّية ، وإرسال أموال إلى تاج الدين المالكي عوضاً عن الصدقات.

٨٨ ـ من : القاضي تاج الدين المالكي الأنصاري ، إلى : الأمير نظام الدين السيّد أحمد بن معصوم ، وهي ودّية.

٨٩ ـ من : القاضي تاج الدين المالكي الأنصاري ، إلى : الأمير نظام الدين


السيّد أحمد بن معصوم. وهي ودّية.

تاريخها : سنة ١٠٦٥هـ.

٩٠ ـ من : شيخ الحرم المكّي عتاقي الأفندي ، إلى : الأمير نظام الدِّين أحمد ابن معصوم الشيرازي.

المحتوى : هذه الرسالة باللّغة الفارسيّة وهي إخوانيّة فصيحة بليغة أدبيّة ، تدلّ على تداول هذا اللسان في أوساط مكّة العلمية ، وتحكي عن العلاقات الودّية بين الجانبين ، وإعلام وُصول كتاب الميرزا أحمد إلى المولى عتاقي أفندي وإيصائه بخدمة والدة الميرزا أحمد التي بقيت في مكّة المعظَّمة.

تاريخها : قبل ١٧ جمادى الاُولى من سنة ١٠٦٢هـ.

الفصل التاسع : وفيه عشر مكتوبات :

٩١ ـ مِن : بعض أعيان تبريز ، إلى : السيّد علي نائب الحرم المكّي.

التاريخ : غرّة رجب سنة ١٢٨٢هـ.

المحتوى : وُدّية.

٩٢ ـ مِن : السيّد علي نائب الحرم المكّي ، إلى : محمّد جعفر ميرزا ، وحسن علي ميرزا ، والميرزا هادي ، من أعيان تبريز.

التاريخ : ١٦ ذوالحجّة سنة ١٢٨٢هـ.

المحتوى : وُدِّية.

٩٣ ـ مِن : بعض أعيان تبريز ، إلى : السيّد علي نائب الحرم المكّي.

التاريخ : حوالي سنة ١٢٨٣هـ. ق.


المحتوى : وُدِّية.

مكاتيب ثلاثة لإعانة مشروع الخطّ الحديدي بين الشّام والحجاز :

٩٤ ـ مِن : المرجع الديني الكبير الفقيه الجليل الميرزا حسين ابن الميرزا خليل الطهراني.

المنشي : الشيخ جواد الشبيبي النجفي.

إلى : المسلمين عموماً.

٩٥ ـ مِن : السيّد محمّد بن التقي بن بحرالعلوم ، من العلماء والفقهاء الكبار في النجف الأشرف ، المنشي : الشيخ جواد الشبيبي النجفي.

المحتوى : إيصاء المسلمين والمُثرين بإعانة مشروع الخطّ الحديدي بين الشام والحجاز ، الذي قام بإيجاده السلطان عبد الحميد الثاني العثماني.

٩٦ ـ مِن : المرجع الديني الشيخ المولى محمّد الفاضل الشربياني.

المنشي : الشيخ جواد الشبيبي النجفي.

المحتوى : تشجيع المسلمين وأهل الثروة على إعانة مشروع الخطّ الحديدي بين الشام والحجاز ، الذي قام بإيجاده السلطان عبدالحميد العثماني الثاني.

٩٧ ـ من : إمام الحرمين الكاظميّين الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب الهَمَذاني الكاظمي (ت١٣٠٣هـ) من العلماء والاُدباء المقيمين بالكاظمين بالعراق ، إلى : حاكم مكّة المعظّمة الشريف حسين بن محمّد الذي حكم من شعبان ١٢٩٤ ، إلى ربيع الثاني ١١٩٧هـ.


المحتوى : تعزية له بموت أخيه الشريف عبد الله ، وتهنئة له بالشرافة والحكومة ، وتوصية له بالسلوك الحسن مع الحجّاج والعمّار.

التاريخ : شوّال المكرّم سنة ١٢٩٤هـ.

٩٨ ـ من : حاكم مكّة المعظّمة الشريف حسين ، إلى : إمام الحرمين الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب الهَمَذاني.

المحتوى : جواب عن رسالة سابقة.

التاريخ : ٢٥ ذي الحجّة ١٢٩٤هـ.

٩٩ ـ من : إمام الحرمين الكاظميّين الشيخ محمّد بن عبد الوهاب الهَمَذاني الكاظمي ، إلى : حاكم مكّة المعظّمة الشريف حسين.

المحتوى : جواب عن رسالته. التاريخ : ١٨ شوّال ١٢٩٨هـ.

١٠٠ ـ قصيدة حائيّة أنشأها الأديب والشاعر الحُجّة السيّد حسين الحائري الكاشاني المُلَقَّب بـ : ضوء الرُّشد (١٣٠٠ ـ ١٣٧٩هـ) ، من علماء طِهران وأرسلها إلى سفارة العربيّة السعوديّة لِتُوصلها إلى الملك عبد العزيز بسبب مشكلة حدثت في مكّة المعظّمة في موسم الحجّ سنة ١٣٦٢هـ ، لأحد الحجّاج الإيرانيّين اسمه أبوطالب من أهالي يزد فقُتل بتهمة واهية.

المجلّد الثامن

ديوان السيّد محمّد بن علي بن حيدر آل نجم السُكيْكي المكّي

العاملي (١٠٧٢ ـ ١١٣٩هـ)

وتليه مقامة مذاكرة ذوي الراحة والعنا في المفاخرة بين الفقر والغنى ،


للمُصنّف نفسه.

تحقيق وتقديم : السيّد عبد الستّار الحسني ، استدراك : الشيخ حسين الواثقي.

كانت حوزة مكّة المعظّمة العلميّة في القرون الهجريّة الثلاثة (من القرن العاشر إلى الثاني عشر) تزدحم بعلماء الشيعة وفضلائها وأُدبائها ، وإن كانت الصبغة العامّة عليهم هي الأخبارية ، إلاّ أنّ فيهم من رجال الاجتهاد والأُصول من لا ينكر فضلهم ولا تخفى شهرتهم.

ومنهم : العلاّمة الفقيه ، المجتهد الأصولي ، المفسّر الحكيم ، والأديب المضطلع ، والهيوي الفلكي ، والنسّابة البارع ، والمتكلّم القدير ، السيّد محمّد بن علي بن حيدر الموسوي الحسيني العاملي أصلاً المكّي مولداً وموطناً (١٠٧٢ ـ ١١٣٩هـ).

فقد كان من رجال الشيعة المبرّزين ، وكانت له علاقات وطيدة برجال الدولة كالسلاطين الصفوية ، والأشراف الحَسنيّين بمكّة وغيرهم ، وعلماء سائر البلدان والأسر العلمية وغيرهم.

وقد خلّف مصنّفات عديدة اتّسمت بالموسوعية ، والمشاركة في أغلب العلوم الإسلامية ، من الفقه والأصول والأدب والنسب والتفسير والحديث وغيرها.

وقد انبرى الشيخ الواثقي لتحقيق ديوانه المخطوط بعد أن جمع نسخه من المكتبات ، وقدّمها للعلاّمة السيّد عبد الستّار الحسني ، فحقّقها ، وقدّم لها مقدّمة


ممتعة ، وزاد في حسنها وحليتها تقديم الشيخ الواثقي لها أيضاً بمقدّمة طويلة في ٩٦ صفحة ، فخرج بحمد الله عملاً ممتازاً رائعاً.

وقد استدرك الشيخ الواثقي على الديوان بأربع وعشرين نصّاً بين مقطع وقصيدة لم ترد في أصل الديوان ، ثمّ ألحق بالديوان مقامة أدبية للسيّد الشاعر ، وبذلك يكون الكتاب قد جمع بين نثره وشعره ، والمقامة هي مذاكرة ذوي الراحة والعنا في المفاخرة بين الفقر والغنا ، وقد اعتمد المحقّق في تحقيق المقامة على المخطوطة الفريدة له التي نسخها السيّد إبراهيم بن سلمان الموسوي الحسيني في سنة ١١١٢هـ. ق في مكّة المعظّمة عن خطّ المؤلّف وفي حياته.

المجلّدان التاسع والعاشر

أعلام المجاورين بمكة المعظمة

تأليف : الشيخ حسين الواثقي.

قد وُضع هذا الكتاب لتراجم الأعلام الذين جاوروا مكّة المعظّمة برهةً من الزمن من طلاّب العلم والفضيلة وروّاد الحقيقة ، وهم في الأعمّ الأغلب ممّن وردها من سائر البلدان وليسوا من سكّانها الأصليّين ، وقد هاجروا إلى الحرم الإلهي الآمن من بلدان نائية كسمنان ، وجيلان ، وإسترآباد ، ومازندران ، وخراسان ، وإصفهان ، وشيراز من البلدان الإيرانية ، وغيرها من البلدان كجبل عامل ومدن العراق والهند والبحرين الكبرى و ... ، اتّخذوا من البيت العتيق ملجأً وملاذاً للعلم والعبادة ، فهم بين اُستاذ وتلميذ ، ومجيز ومجاز ، ومعلّم ومتعلّم ، ومؤلّف وناسخ.


يشتمل الكتاب على ٣٢٧ ترجمة من أعلام المذهب الإمامي الذين جاوروا مكّة المعظّمة وأغلبهم من رجال القرن العاشر والحادي عشر الهجريّين ، وقد كان للمحدّثَين الإسترآباديَّين دور كبير في تنشيط الحوزة العلمية بمكّة المكرّمة ، وتربية الطلاّب والمحصّلين على الفقه الإمامي وحديثه.

وممّا يلفت النظر في هذا الكتاب كثرة الإجازات المكّيّة ، وكثرة تداول كتب الحديث واستنساخها بظلّ عناية الرحمان ، ومجاورة بيته دار الأمان.

وازدان الكتاب بتصاوير ونماذج من المخطوطات من إجازة ، أواستنساخ ، أوتملّك ، أو إهداء ، أووقف ، أومذكّرة وما شابهها ، بخطوط أصحابها ممّا أضفى على الكتاب حلّة قشيبة وزاد في رونقها ، وجمالها وأناقتها ، وهي١٥٠ تصويراً مخطوطاً. وتخلّل التراجم عشرة إيضاحات ، وهي مهمّة للغاية ، لأنّها تصحّح عدّة من الأخطاء والهفوات التي وقع فيها أصحاب التراجم والرجال.

وقد أعلن المؤلّف في المقدّمة أنّ القارئ إذا وقف على تفاوت بين ما ورد في هذا الكتاب وسائر المصادر ـ خاصّة فهارس المخطوطات ـ فليعلم أنّ المؤلّف قد راجع المخطوطات أومصوّراتها ، وجدّد النظر فيما قال المفهرسون.

يلاحظ القارئ الكريم في طيّات الكتاب نماذج واضحة للعلاقات الودّية التي كانت بين علماء المذاهب الإسلامية في مكّة المعظّمة ، ونحن نذكر نموذجَين :

١ ـ ألّف القاضي أحسن بن محمّد المكّي تعريب (زيج ألغ بيك) بطلب من الإمامين محي الدين عبد القادر بن محمّد الحسيني الطبري ، وشهاب الدين أحمد


ابن أبي الفضل المكّي ، وهما من علماء أهل السنّة في مكّة المعظّمة ، وسمّاه : (درر التتويج بتعريب مؤامرات الزيج).

٢ ـ تزوّج المولى گنج علي الشيرازي ابنة المولى محمّد بن صفي الدين الجيلاني ، وأنشأ خطبة النكاح بينهما تاج الدين المالكي الأنصاري القاضي بمكّة المعظّمة ، وهي خطبة أدبية جميلة.

كلّ ذلك دلالة قوية واضحة على التعايش السلمي بين أبناء المذاهب الإسلامية.

وفي آخر هذا الكتاب توجد وثيقة القرى الموقوفة على مكّة المعظمة والمدينة المنوّرة ، وهي التي وقعت بحوالي شيراز ، والواقف هوالأمير الكبير إمامقلي خان والي ولاية فارس وجنوب إيران من قبل السلطان عبّاس الصفوي ، وقد أنشأ الوثيقة العالم الجليل والفقيه النبيل السيّد الماجد بن هاشم الأحسائي البحراني كان قاضياً بشيراز(ت ١٠٢٨هـ) وقد أوقف أربع قرى على مكّة المعظّمة والمدينة المنوّرة على التنصيف.

المجلّد الحادي عشر

أعلام المدينة المنوّرة من بني شدقم وغيرهم

ودراسات في تاريخ المدينة المنوّرة

تأليف : الشيخ حسين الواثقي.

يختصّ هذا المجلّد بتراجم علماء الشيعة ورجالهم في المدينة المنوّرة ،


ويعدّ الكتاب الأوَّل في بابه ، والرائد في موضوعه ، يسلّط الأضواء على جوانب منسيّة من تاريخ الشيعة الإماميَّة في المدينة النبوية.

ولقد كان في قصد المؤلّف الفاضل أن يؤلّف كتاباً في سيرة وتراجم رجال آل شدقم ـ الأُسرة المدنيّة المعروفة ـ ويدرس أحوالهم ومآثرهم في تلك البلدة الطيّبة ، ثمّ بدا له فَوَسّع كتابه ليشمل أعلام المدنيّين من الشيعة الإماميَّة ، فبرز ـ بحمد اللّه ومنّه ـ هذا المجلّد بعنوان : (أعلام المدينة المنوّرة من بني شدقم وغيرهم) ، ومن خلال العنوان يتّضح لك مراحل السير التكاملي الذي طواه الكتاب في جمعه وتصنيفه.

نبذة عن الكتاب :

١ ـ تشغل تراجم رجال الأُسرة الشدقميّة قسماً وافراً من الكتاب ، وهي الأُسرة التي جمعت بين شرف النسب وفضل العلم ، وكان لها دورٌ كبير في نشر معالم أهل البيت عليهم‌السلام ، وكانت لهم علاقات ودّية واسعة مع الحكّام الصفويّين والقطب شاهيّين.

وقد تركت هذه الأُسرة بصمات جليّة ناصعة على تاريخ المدينة المنوّرة ، ولذلك فقد خصّهم المؤلّف في العنوان دون غيرهم.

٢ ـ يشتمل الكتاب على مئة وخمس وثمانين ترجمةً (١٨٥) لرجال وأعلام الشيعة الإمامية في المدينة المنوّرة ، وهي تراجم تطرح أغلبها لأوّل مرّة ، ولم ترد في سائر المصادر ، بل حتّى التراجم المذكورة في سائر المصادر يجد القارئ في هذا الكتاب معلومات جديدة عنهم ، فموادّ الكتاب ومصادره هي


ثلاثمائة مخطوطة أوّلاً وبالذات ، ثمّ المصادر المطبوعة وقد أدرج المؤلّف خلال كتابه ٧٥ صورة من نماذج خطوط المدنيّين وآثارهم.

٣ ـ من المعلوم تواجد الشيعة الإمامية في المدينة المنوّرة منذ عصر الوحي إلى يومنا هذا ، كما أنّ من البديهي أنّ عصر الإمامَيْن الباقرَيْن الصادقَيْن عليهما‌السلام كان من أكثر العصور ازدهاراً ، حتّى تجاوز عدد الرواة عن الصادق(خمسة آلاف شخصاً ، ولا يشمل الكتاب دراسة أحوال الرواة المدنيّين ، وقد أوكلهم إلى كتاب آخر من هذه السلسلة المباركة.

ملحق الكتاب

يشتمل الملحق على دراسات في تاريخ المدينة المنوّرة ، وإليكم عناوينها :

أ ـ تاريخ تعمير قبّة الأئمّة عليهم‌السلام في البقيع بأمر مجد الملك القمّي البراوستاني في القرن السادس الهجري.

ب ـ دار حزن فاطمة الزهراء عليها‌السلام في البقيع ، في القرون الماضية كما ورد في المصادر القديمة ، مثل : لطائف الأذكار لابن مازة (ت ٥٦٦هـ) ، والإرشادات للرّحالة الهروي (ت ٦١١هـ) ، ورحلة ابن جبير ، وزهر الرياض للسيّد حسن الشدقمي وغيرها.

ج ـ الغابة موضع في المدينة لبني الحسين عليه‌السلام كما ورد في المغانم المطابة للفيروزآبادي.

د ـ من تاريخ البقيع في عهد الإمام الرِّضا عليه‌السلام.


هـ ـ تحقيق حول كلمة (النخاولة) ، وهم قسم من الشيعة في المدينة.

وتعاهد أُسرة الوراميني بتعمير الحرمَيْن الشريفَيْن في القرن السادس.

ز ـ موقوفات مجد الدّين الكاشاني على الحرمَيْن في القرن السادس الهجري.

ح ـ الحائط الصيحاني في المدينة.

ط ـ دار الإمام العسكري عليه‌السلام في المدينة.

ي ـ دار أسعد أمر اللّه في المدينة.

يا ـ المصحف الكريم بخطّ الشريف جمّاز بن القاسم أمير المدينة المنوّرة (حكم ٥٨٣ ـ ٦١٢هـ)

يب ـ القراقر من أعراض المدينة لآل الحسين بن عليّ عليهما‌السلام.

يج ـ خاخ (موضع بين الحرمين) ، وكان فيه منزل الإمام علي بن موسى الرِّضا عليه‌السلام.

يد ـ الأبيات الشعريّة المنقورة على حجر عند ضريح سيّد الشهداء حمزة رضي‌الله‌عنه.

يه ـ مسجد الإمام علي ومسجد فاطمة الزهراء عليهما‌السلام عند مسجد قبا.

يو ـ إقامة العزاء على الإمام الحسين عليه‌السلام في البقيع يوم عاشوراء في القرون السابقة.

يز ـ عضد الدولة الديلمي أوّل من بنى سوراً على المدينة المنوّرة.

يح ـ بيتان من الشعر لبعض أهل المدينة عند إرسال بعض الهدايا لمعاريفهم في سائر البلدان.


يط ـ التعريف ببعض الكتب القديمة في تاريخ المدينة المنوّرة.

ك ـ موقوفات للطواف حول الكعبة ولزيارة النَّبىّ والأئمّة عليهم‌السلام في البقيع.

كا ـ ملتقطات تاريخيّة من كتاب زهر الرياض وزلال الحياض المخطوط ، للسَّيِّد حسن بن علي الشدقمي وهي :

كيف ابتدأ بتأليف زهر الرياض ، وادي جفاف ، شاس وهي الحديقة الحسنيّة ، من شعر الحسن الشدقمي ، عمارة مسجد الإمام عليّ عليه‌السلام ودار الأحزان للزهراء عليها‌السلام ، أُرجوزة في مدح الحسن الشدقمي من إنشاء محمّد بن الحسين السمرقندي ، امتناع ولاة الغوْر عن سبّ عليّ عليه‌السلام ، منع إدخال جنائز الشيعة إلى المسجد النبوي للصلاة عليهم ، القرية السوارقيّة ، زقاق في المدينة باسم الزوراء ، بئر غرس ، بئر العهن ، الحديقة السرارة ، إقطاع شريف مكّة أبي نمي المزرعة الرحضيّة (= الأرحضيّة) للحسن ولأحمد الشدقميّين ، احتراق المسجد النبويّ في سنة ٦٥٤هـ وبعض الفتن التي ثارت حوله ، مزارع العصبة غربي مسجد قبا ، الدار الشدقمي في مكّة.

كب ـ العلاقات بين آل شدقم والأُسرة النظام شاهيّة الحاكمة في أحمد إنگر بالدكن الهند.

كج ـ العلاقات بين آل شدقم وغيرهم من السادة المدنيّين ، وبين السلاطين الصفويّة.

كد ـ عدد الشيعة المدنيّين في بداية العصر المملوكي (سنة ٦٤٨هـ) وفي


نهايتها سنة (٩٢٣هـ).

كه ـ أُمراء المدينة المنوّرة من السادة الأشراف الشيعة المدنيّين ، وهذه القائمة تحتوي على ما يقرب من مئة اسم لأُمراء الشيعة الأشراف في المدينة.

كو ـ أرض العجم في المدينة المنوّرة ، بحث وتوثيق لقطعة أرض كانت لإيران في المدينة المنوّرة وما آلت اِليه.

كز ـ ثلاث مكاتبات مدنيّة : رسالتان من رجال إيران إلى السادة المدنيّين ، ورسالة ثالثة من السادة الأشراف الحسينيّين في المدينة المنوّرة إلى سلطان البنغال.

كح ـ بناء قبّة النَّبىّ (صلى الله عليه وآله) في القرن السابع ، وهو نصٌّ تاريخي أورده ابن المستوفي في تاريخ إربل.

كط ـ قصيدة الشيخ علي البلادي البحراني في مدح المدينة المنوّرة والبقيع الغرقد.

ل ـ أحد شعراء المدينة المنوّرة ، وقصيدته الفريدة التي لم ترد في مصدر آخر.

المجلّد الثاني عشر

القاضي السيّد مهنّا بن سنان المدني حياته وآثاره

تأليف وتحقيق : الشيخ حسين الواثقي.

هذا الكتاب يشتمل على أربعة فصول طويلة ، وهي كالتالي :


١ ـ تأليف دراسة مستوعبة لترجمة العلاّمة الجليل القاضي الرسمي في المدينة النبوية من الشيعة السيّد مهنّا بن سنان المدني الحسيني (ت٧٥٤هـ) ، وذكر آثاره العلميّة وقسم من شعره ، والمراسلات التي جرت بينه وبين العلاّمة الشيخ حسن بن المطهّر الحلّي الشهير وولده فخر المحقّقين ، ونقل الإجازتين اللّتين كتبهما العلاّمة الحلّي للسيّد مهنّا ، والإجازة الثالثة التي كتبها له فخر المحقّقين.

٢ ـ تحقيق الطوائف الأربعة من المسائل التي طرحها السيّد مهنّا المدني ، وأجاب عن ثلاثة منها العلاّمة الحلّي ، والطائفة الرابعة أجاب عنها ولده الشيخ محمّد فخر المحقّقين ، وهذا الفصل هو كتاب مستقلّ بنفسه ، وقد شغل قسماً كبيراً من هذا الكتاب ، والطائفة الأولى تشتمل على ١٨٥ مسألة ، والثانية تشتمل على ٤٠ مسألة ، والثالثة تحتوي على ٢٨ مسألة ، والرابعة تشتمل على ٢٦ مسألة. وقد حُقّقت هذه المسائل والرسائل والأجوبة على ٤٥ مخطوطة.

٣ ـ المناظرة العلميّة التي وقعت بين العلاّمة السيّد مهنّا المدني وبين العلاّمة ابن الحسام الشيخ إبراهيم بن أبي الغيث العاملي حول إكرام السادة الأشراف ، على الترتيب التالي :

أ ـ أنشأ ابن الحسام العاملي قصيدة في نقد بعض السادة الأشراف وإنكار أفعالهم القبيحة.

ب ـ ردّ عليه السيّد مهنّا المدني بقصيدة أخرى ، وقال بإكرام جميعهم.

ج ـ ألّف ابن الحسام رسالة علميّة وسمّاها كشف اليقين في مودّة المتّقين وشنآن الفاسقين ، وكشف عن رأيه في إكرام السادة المتّقين فقط وتوبيخ الفاسقين


منهم.

د ـ ألّف السيّد مهنّا رسالة علمية باسم الإيضاح والتبيين بفضل ربّ العالمين على عباده المطيعين والمذنبين ، وقال بإكرام جميع السادة ، المتّقين منهم لأنفسهم ، والمذنبين منهم لحرمة أجدادهم الطاهرين.

٤ ـ إنّ العلاّمة السيّد مهنّا المدني لخّص كتاب الخصال للشيخ الأقدم ابن بابويه القمّي الصدوق (ت٣٨١هـ) وسمّاه أحسن الخلال المختصرة من كتاب الخصال ، ولا توجد مخطوطة عن هذا التلخيص ، ولكنّ الشيخ إبراهيم الكفعمي (المتوفّى سنة ٩٠٥هـ) اختصر هذا التلخيص ، فأسماه المختصر من أحسن الخلال المختصرة من كتاب الخصال ، فوجدنا منه مخطوطة بخطّ الكفعمي ، فحقّقناه ، ونقلنا في ذيل الصفحات أصل الأحاديث بأسانيدها من كتاب الخصال ، وهذا مختصر المختصر يشتمل على ٢٠٠ حديثاً عن النبي(صلى الله عليه وآله) والأئمّة عليهم‌السلام.


دلالة التراكيب في كلام الإمام علي بن الحسين عليهما‌السلام

(دعاء أهل الثغور أنموذجاً)

أحمد راضي جبر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، خالق الخلق ورازقهم ، فالق الحبِّ والنوى ، حمدا يوازي نعمه ، كما يحبّ ويرضى ، والصلاة والسلام على سيّد الخلق المبعوث رحمة للعالمين ، محمّد المصطفى وعلى آله الطيّبين الطاهرين مصابيح الدجى وسفن النجاة.

أمّا بعدُ :

فيعدُّ الدعاء من أقرب الطرق التي يسلكها العبدُ لطلب العون والمدد من المولى جلّ وعلا ، وهذه الغاية تعدُّ أدنى مراتب الدعاء ، فإذا صدرت كلمات الدعاء من القلب ، وتجاوزت اللسان ، أحسّ العبدُ بلذّة لا توصف وهو يخاطب


الله تبارك وتعالى ، يسبّح في نورانية الحضرة المقدّسة ، ولهذا كان «أولياء الله لا يتلذّذون بشيء كالدعاء ، فإنّهم يكشفون لدى محبوبهم الحقيقي كلّ طموحات وآمال قلوبهم ويهمّهم الدعاء نفسه والطلب والاحتياج ، أكثر ممّا تهمّهم مطالبهم وتحقيق آمالهم ، لا يشعرون بالملل والتّعب أبداً في تلك اللحظات»(١). فهي لحظات اللقاء بالمعشوق الأزلي.

وقد يورد إشكال وهو إذا كان الله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، وهو أقرب إلى العبد من حبل الوريد ، فما جدوى الكلمات التي يخاطب بها العبد ربَّه عزّ وجلّ طالباً منه حوائجه ، ولدفع الضرر عنه ، فيردُّ ذلك الإمام الصادق عليه‌السلام : «إنّ الله تبارك وتعالى ليعلم ما يريد العبد إذا دعاه ، ولكن يحبّ أن يبثّ إليه الحوائج ، وإذا دعوت فسمّ حاجتك وما من شيء أحبّ إلى الله سبحانه من أن يُسألَ»(٢).

من هذا المفهوم جاءت فكرة هذا البحث وهي إبراز أثر الدعاء على الروح الجهادية للمؤمنين ، مستنداً إلى أدعية سيّد الساجدين الإمام زين العابدين عليه‌السلام ولا سيّما دعاء الثغور الذي يعدُّ بحقّ أكبر زاد يتزوّد به المجاهد ، فهذا الدعاء فيه من الطاقة الإيجابية ما يستنهض المقاتلين لحفظ البلاد والعباد من أعداء الله تعالى والإنسانية.

واقتضت خطّة البحث أن تقسّم على مبحثين أحدهما : يدرس الدلالة

__________________

(١) الدعاء ، مرتضى مطهّري : ٧.

(٢) الدعوات ، قطب الدين الراوندي : ٥.


التركيبية من حيث : دلالة الجملة ، ودلالة التنكير. أمّا المبحث الآخر فاشتمل على دلالة حروف المعاني. وسبق هذين المبحثين تمهيد.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين والصلاة على محمّد وآله الأطهار.

التمهيد :

الدعاء من الأغراض البلاغية التي يخرج إليها الأمر والنهي ، والأصل في الدعاء أن يكون : «كالنداء إلاّ أنّ النداء قد يقال بـ : (يا) أو (أيا) ، ونحو ذلك من غير أن يضمّ إليه الاسم ، والدعاء لا يكاد يقال إلاّ إذا كان معه الاسم نحو يا فلان ، وقد تستعمل كلّ واحد منهما موضع الآخر ، قال تعالى : (كَمَثَلِ الّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إلاّ دُعَاءً وَنِدَاءً) (١) ويستعمل استعمال التسمية نحو دعوت ابني زيداً ، أي : سمّيته ، قال تعالى : (لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُوْلِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضَاً) (٢) ... ودعوته إذا سألته وإذا استغثته ، قال تعالى : (قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ) (٣) أي : سَلْه»(٤).

فإنّ لهذه الكلمة معاني متقاربة فهي تشبه النداء والسؤال ، والسؤال هنا على وجه التضرّع والاستكانة ، لأنّه صادر من العبد إلى الربّ ، من هذا يتّضح أنّ الأمر

__________________

(١) سورة البقرة ، من الآية ١٧١.

(٢) سورة النور ، من الآية ٦٣.

(٣) سورة البقرة ، من الآية ٦٨.

(٤) مفردات ألفاظ القران : ١٩٠.


إذا كان صادراً من الأدنى إلى الأعلى كان بمعنى الدعاء.

ويعدُّ الدعاء أفضل سلاح يتوسّل به إلى الحقّ تبارك وتعالى للحصول على حاجاته منه ، فهو حصن يتحصّن به العبد من مكاره الدنيا وعقوباتها ، قال الله تعالى : (قُلْ ما يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعاؤكُم) (١). ومعنى هذه الآية المباركة : «أيُّ عبء يعبأ بكم لولا دعاؤكم ، يعني أنّكم لا تستأهلون شيئاً من العبء بكم لولا عبادتكم ، وحقيقة قولهم ما عبأت به : ما اعتددت به من فوادح همومي وممّا يكون عبئاً علىّ ، كما تقول : ما اكترثت له»(٢).

وقد جعل الله تبارك وتعالى الدعاء العبادة كلّها ، إذ يقول : (وقَالَ رَبُّكمُ ادْعُوني أَستَجِب لَكمْ إِنَّ الَّذِينَ يَستَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتي سيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِيْنَ) (٣) ، إذ يروى عن الإمام الصادق عليه‌السلام في تفسير هذه الآية المباركة أنّه قال : «الدعاء هو العبادة التي قال الله عزّ وجلّ : (إنّ الَّذِيْنَ يَسْتَكْبِرُوْنَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُوْنَ جَهَنَّمَ دَاخِرِيْنَ) ادعُ الله عزّ وجلّ ولا تقل إنّ الله قد فرغ منه»(٤).

ولأهمّية الدعاء في مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام ارتأى الباحث أن يكون ميدان دراسته نصّاً مباركاً لإمام مكرَّم أفنى عمره في عبادة الحقّ جلّ وعزّ ، حتّى لُقِّب

__________________

(١) سورة الفرقان ، من الآية ٧٧.

(٢) الكشاف ٤ / ٤٨٩.

(٣) سورة فاطر ، الآية ٦٠.

(٤) نور الثقلين ٤ / ٨٦.


بسيّد الساجدين ألا وهو الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه‌السلام ، إذ ورثنا عن هذا الإمام المقدّس إرثاً مباركاً هو الصحيفة السجّادية ، التي تعدّ بحقّ برنامجَ عمل للفرد المسلم.

تعدّدت مضامين الأدعية في الصحيفة السجّادية(١) ، ومن هذه الأدعية دعاء أهل الثغور الذي يتضمّن مناجاة الإمام السجّاد عليه‌السلام للباري تعالى يسأله أن يحمي بلاد المسلمين من كيد الكافرين ، وأن يؤيّد حماة المسلمين المرابطين على حدودنا بتلك العبارات التي تبعث العزّة والحميّة في نفوس المجاهدين.

وجاء هذا الدعاء على شكل فقرات ، رصّع هذا الدعاء بأماكن متفرّقة منه بالصلاة على النبي وآله مرّات متعدّدة ، وزيّن دعاءه باقتباس معاني كثير من الآيات المباركات ، كقوله عليه‌السلام : «وشرِّد بهم من خلفهم ، ونكّل بهم من ورائهم ، واقطع بخزيهم أطماع من بعدهم» إذ اقتبس هذا المعنى من الآية المباركة : (فَإِمّا تَثْقَفَنهُمْ في الْحَرْبِ فَشرِّدْ بِهِم مّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلّهُمْ يَذّكّرُونَ) (٢). ويتراءى للباحث أنّ الإمام عليه‌السلام قد اقتبس قوله عزّ وجلّ : (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إلاّ فَاجِراً كَفَّاراً) (٣). في قوله عليه‌السلام : «اللهمّ عقّم أرحام نسائهم ، ويبّس أصلاب

__________________

(١) ينظر : الصحيفة السجّادية الكاملة من أدعية الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه‌السلام ، تقديم السيّد محمّد باقر الصدر.

(٢) سورة الأنفال ، الآية ٥٨.

(٣) سورة نوح ، الآية ٢٥.


رجالهم».

وفي قوله عليه‌السلام : «وأمددهم بملا ئكة من عندك مردفين حتّى يكشفوهم إلى منقطع التراب قتلاً في أرضك وأسراً» نجد هذا المعنى تزوَّده من قوله تعالى : (إِذْ تَستَغِيثُونَ رَبّكُمْ فَاستَجَاب لَكمْ أَنّي مُمِدّكُم بِأَلْف مِّنَ الْمَلائكَةِ مُرْدِفِينَ) (٨).

إنّ هذا الدعاء قد قُسِّم على أقسام ؛ القسم الأوّل : افتتحه بالصلاة على النبي وآله ، وقد تكرّرت هذه الصلاة كثيراً في الدعاء ، والقسم الثاني : الدعاء للمجاهدين المرابطين في سوح الجهاد يصدّون أعداء الله والإسلام ويردّون كيدهم في نحورهم. كقوله عليه‌السلام : «وأنسِهِم عند لقائهم العدوّ ذكرَ دنياهم الخدّاعة الغرور ، وامحُ عن قلوبهم خطرات المال الفتون ، واجعل الجنّة نصب أعينهم ، ولوّح منها لأبصارهم ما أعددت فيها من مساكن الخلد ، ومنازل الكرامة والحور الحسان والأنهار المطّردة بأنواع الأشربة والأشجار المتدلّية بصنوف الثمر حتّى لا يهمّ أحد منهم بالإدبار ، ولا يحدّث نفسه عن قرنه بفرار».

والقسم الثالث : يدعو على أعداء الدين المعتدين الذين يتربّصون بالإسلام وأهله الدوائر بأن يضعّف قوّتهم ويشتّت شملهم وما شابهه ، كقوله عليه‌السلام : «اللهمّ افلل بذلك عدوّهم ، واقلم عنهم أظفارهم ، وفرّق بينهم وبين أسلحتهم ، واخلع وثائق أفئدتهم ، وباعد بينهم وبين أزودتهم وحيّرهم في سبلهم ، وضلّلهم عن وجههم ، واقطع عنهم المدد ، وانقص منهم العدد ، واملأ أفئدتهم الرعب ،

__________________

(١) سورة الأنفال ، الآية ٩.


واقبض أيديهم عن البسط ، واخزم ألسنتهم عن النطق ، وشرّد بهم من خلفهم ، ونكّل بهم من ورائهم ، واقطع بخزيهم أطماع من بعدهم».

والقسم الرابع : يدعو فيه (صلوات الله عليه) لمن كان يزوّد المجاهدين وأعان أهليهم وذويهم بالمال ، أو يمدُّ المجاهدين بالعتاد والسلاح ، فهؤلاء كان لهم نصيب من دعاء الإمام عليه‌السلام. كقوله عليه‌السلام : «اللهمّ وأيّما مسلم خلف غازياً أو مرابطاً في داره ، أو تعهّد خالفيه في غيبته ، أو أعانه بطائفة من ماله ، أو أمدّه بعتاد ، أو شحذه على جهاد ، أو أتبعه في وجهه دعوة ، أو رعى له من ورائه حرمة ، فأجْرِ له مثل أجره وزناً بوزن ، ومثلاً بمثل ، وعوّضه من فعله عوضاً حاضراً يتعجّل به نفع ما قدّم وسرور ما أتى به ، إلى أن ينتهي به الوقت إلى ما أجريت له من فضلك ، وأعددت له من كرامتك».

وكان القسم الخامس لمن ضعف عن الجهاد ولم يتمكّن من تجهيز جيوش المسلمين لقصر ذات اليد وهؤلاء أيضاً لهم سهمٌ في دعائه عليه‌السلام ، ولم يُحرموا من هذه النعم التي سألها عليه‌السلام الله تعالى ، كقوله عليه‌السلام : «اللهمّ وأيّما مسلم أهمّه أمر الإسلام ، وأحزنه تحزّب أهل الشرك عليهم فنوى غزواً ، أو همّ بجهاد فقعد به ضعف ، أو أبطأت به فاقة ، أو أخّره عنه حادث ، أو عرض له دون إرادته مانع فاكتب اسمه في العابدين ، وأوجب له ثواب المجاهدين ، واجعله في نظام الشهداء والصالحين».


المبحث الأوّل

الدلالة التركيبية

توطئة :

إنّ معنى التركيب في العربية هو : ضمُّ كلمة إلى أخرى بشرط إفادة المعنى(١) ، فالكلمة وحدها يتكفّل بمعناها المعجم اللغوي ، وقد يختلف هذا المعنى ويتعدّد بحسب تركيب المفردة مع غيرها في الجملة ، فمثلاً كلمة (عين) لها معان متعدّدة في المعجم ، لا يتّضح المراد منها وحدها ، حتّى تقرن مع سواها في تركيب فيتّضح معناها ، فهناك فرق في دلالة العين في الآيتين الكريمتين : (فِيْهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ) و (أَلَمْ نَجْعَل لَهُ عَيْنَيْنِ) ، فلو جاءت كلمة (عينان) مستقلّة مفردة لما تبيَّن معناها ، وتحمل آنذاك المعاني التي وُضعت لها كلّها ، ولكن لمّا دخلت في جملة وتعالقت مع غيرها في تركيب ، أفادت معنىً واحداً لا غير ، فالأولى تعني نبع الماء ، والأخرى تفيد العين الباصرة.

وقد حُدّت الدلالة التركيبية بأنّها : الدلالة الناشئة من العلاقة بين وحدات التركيب ، أو المستمدّة من ترتيب وحداته على نحو يوافق القواعد(٢) ، وأطلق عبد القاهر الجرجاني على هذه الدلالة التركيبية اسم (النظم) ، قال : «واعلم أن ليس

__________________

(١) ينظر : الأصول في النحو ٢ / ١١١ ؛ اللباب في علل الإعراب ١ / ٥٠٥.

(٢) ينظر : أثر الوقف على الدلالة التركيبية : ٦٧ ـ ٦٨.


النظم إلاّ أن تضع كلامك الوضع الذي يقتضيه علم النحو ، وتعمل على قوانينه وأصوله ، وتعرف مناهجه التي نُهِجَتْ ، فلا تزيغ عنها وتحفَظ الرسوم التي رُسمتْ لك فلا تُخلَّ بشيء منها»(١).

وتتجلّى الدلالة التركيبية في الجملة ، سواءً كانت فعلية أو اسمية ، وقد تكفّل بدراستها علم النحو ، وقد عرّفها النحويّون بأنّها «الكلام الذي يحسن السكوتُ عليه»(٢) ، وقد «عُنِي هؤلاء العلماء بدراستها من حيث بنيتها السطحية ، وبنيتها العميقة ، فقد حرصوا على أن يبيِّنوا كلَّ ما يتعلّق بأساليب الكلام العربي ، وإظهار خصائصه النحوية والبيانية ، والإشارة إلى مواطن الحسن والقبح فيه»(٣).

وعملهم هذا كان عن طريق دراسة العلاقات القائمة بين مفردات التركيب ، فمن تحليل النصّ يُعرَف الفاعلُ من المفعولِ ، والمسندُ من المسندِ إليه ، وختاماً المعنى المقصود من هذا التركيب ، وهي الغاية الأساسية للغة(٤) ، فإنّما وُضِعَت اللغة لوظيفة معيّنة ، وقد بيّن ابن جنّي هذا المعنى بقوله : «اللغة أصوات يعبِّرُ بها كلّ قوم عن أغراضِهم»(٥).

هذا وقد درست بعض مظاهر الدلالة التركيبية في نصّ دعاء الثغور للإمام السجّاد عليه‌السلام ، فقسّمتها على مطلبين :

__________________

(١) دلائل الإعجاز : ٧٧.

(٢) شرح ابن عقيل ١ / ١٤.

(٣) الدلالة النحوية في شرح نهج البلاغة لميثم بن علي البحراني : ٧٢.

(٤) ينظر : المصدر نفسه : ٣٥.

(٥) الخصائص ١ / ٣٣.


المطلب الأوّل : دلالة التنكير :

لقد عرَّف المعجميّون النكرة بتعاريف متعدّدة ، تكاد تكون متقاربة ، يجمعها جامع عامّ وهو أنّها كلّ ما دلّ على شيء مجهول(١) ، أمّا النحاة فقد وضعوا حدوداً لها أيضاً حالهم بذلك حال المعجميّين وتكاد تكون متشابهة كذلك ، فحدَّها ابن السرّاج (٣١٦ هـ) بأنّها : «كلُّ اسم عَمّ اثنَينِ فصاعداً»(٢) ، وعرّفها الزجّاجي بقوله : «كلُّ اسم شائع في جنسِه ، ولا يُخَصُّ به واحد دون آخر»(٣) ، وعرّفها الشريف الجرجاني (٨١٦ هـ) بأنّها : «ما وُضِعَ لشيء لا بعينهِ ، كرجل ، وفرس»(٤).

وقد عرّفها البلاغيّون بتعريفات تكاد تكون تعريفات النحاة أنفسهم. قال الجرجاني : «إن النكرةَ ما عَمّ شيئين فأكثر ، وما أريدَ به واحدٌ من جنس لا بعينه»(٥).

والذي يُفهَم من هذه التعريفات أنَّ النكرةَ تفيد العموم والشمول ، فلو قلتَ : رأيتُ إنساناً. لدلَّت لفظة (إنسان) على كلّ شخص يصدق عليه هذا المسمّى.

وبهذا المعنى ذهب النُّحاة إلى أنّ الأصل هو النكرة ، لأنّها تفيد العموم ، فإذا أردت أن تخصّص أتيت بالمعرفة. قال سيبويه : «واعلَمْ أنّ النكرةَ أخَفُّ عليهم

__________________

(١) ينظر : الصحاح (نكر) ؛ القاموس المحيط (نكر).

(٢) الأصول في النحو ١ / ١٧٥.

(٣) الجمل في النحو : ١٧٨.

(٤) التعريفات : ٢٤٢.

(٥) أسرار البلاغة : ٩٥.


مِن المعرفةِ ، وهي أشدُّ تَمَكُّناً ، لأنّ النكرةَ أوّلٌ ، ثمّ يَدْخُلُ عليها ما تُعَرِّف به»(١).

وتابعه في ذلك المبرِّدُ أيضاً ، قال : «وأصلُ الأسماء النكرة ، وذلك لأنّ الاسم المنكَّر هو الواقعُ على كلِّ شيء من أمّتِه ، لا يخُصُّ واحداً من الجنس دون سائره ، وذلك نحو : رجل ، وفرس ، وحائط ، وأرض ، وكلُّ ما كان داخلاً بالبِنْيَة في اسم صاحبه فغيرُ مميّز منه ، إذ كان الاسمُ قد جَمَعَهُما»(٢).

ووردت النكرة في دعاء الثغور للإمام زين العابدين عليه‌السلام في مواضع متعدّدة ، استشفّ منها الباحث دلالات مختلفة ، ومنها :

١ ـ في قول الإمام السجّاد عليه‌السلام : «لا تأذن لسمائهم في قطر ، ولا لأرضهم في نبات».

جاء هذا القول في معرض دعائه على أعداء الإسلام ، وتضمّن دعاءه عليه‌السلام على الكفّار والمنافقين الذين يكيدون بالإسلام والمسلمين المكائد ، ويتربّصون بهم الدوائر.

وتبرز دلالة التنكير واضحة في المفردتين (قطر ، ونبات) ومن المعلوم أنّ النكرة تفيد العموم ، فهو عليه‌السلام يطلب من الله تعالى أن يمنعَ عنهم جنس القطر قليلاً كان أو كثيراً ، وهذا المعنى أداة تنكير مفردة (قطر) ، فلو جاءت معرفةً لفُهِم منها قطرٌ بعينه ، وهذا المعنى لا يريده المتكلّم ، وإنّما أراد منع جنس القطر عن الأعداء ، ولذلك جيء بـ : (قطر) نكرةً لا معرفة.

__________________

(١) كتاب سيبويه ١ / ٢٢.

(٢) المقتضب ٤ / ٢٧٦.


ونظير هذا المعنى ما ورد في الدعاء نفسه بقوله عليه‌السلام : «ولا لأرضهم في نبات». فيستشفّ الباحث من تنكير (نبات) أنّها تفيد العموم لا نباتاً بعينه ، فالإمام عليه‌السلام يسأل الله تعالى ألاّ يُنبت في أرض الأعداء نباتاً مهما كان نوع هذا النبات ، وأن تبقى جرداء خالية.

وممّا جاء في القرآن الكريم بهذا المعنى قوله تعالى : (إنّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) (١). فقد ذكر المفسّرون في تفسير هذه الآية المباركة أنّ موسى عليه‌السلام قد طلب من بني إسرائيل أن يذبحوا (بقرة) وقد وردت (بقرة) نكرة والمعنى الذي أفاده التنكير هنا هو العموم والشمول ، أي : إنّهم لو ذبحوا أيّ بقرة لجاز لهم ، ويعضد هذا المعنى حديث النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) : «والذي نفسُ محمّد بيدِه لو اعترضوا بقرةً فذبحوها لأجزأَتْ عنهم ، ولكنْ شدَّدوا فشدّد اللهُ عليهم»(٢) ، ولكن بني إسرائيل ـ ببغيهم وعنادهم ـ أخذوا يسألون موسى عليه‌السلام عن هذه البقرة ، فعاقبهم الحقّ تبارك وتعالى بأن جعل لهذه البقرة أوصافاً غالية الثمن ، فجالوا يبحثون عنها «واستقصوا في طلبِ الوصفِ ، فلمَّا تعيَّنت ، لم يجدوها بذلك النعت ، إلاّ عندَ إنسان معيَّن ، ولم يبِعْها إلاّ بأضعافِ ثمنِها»(٣).

ويفهم من هذا المقطع من الدعاء الكريم للإمام عليه‌السلام بثُّ روح العزيمة في نفوس المجاهدين والمرابطين ، بأنّ هناك سلاحاً إلهيّاً يسندهم ، فيتحسّسون

__________________

(١) سورة البقرة ، من الآية ٦٧.

(٢) تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب : ٣٣٥.

(٣) مفاتح الغيب ٣ / ١٢٢.


بالقوّة الإلهيّة وهي تقاتل أعداء الخالق والخلق تعينهم على مجاهدتهم ، حتّى تحقيق النصر المؤزّر.

٢ ـ في قول الإمام عليه‌السلام داعياً للمجاهدين : «اللّهم وأيّما غاز غزاهم من أهل ملّتك أو مجاهد جاهدهم من أتباع سنّتك ليكون دينك الأعلى ، وحزبك الأقوى وحظّك الأوفى فلقِّه اليسر وهيّئ له الأمر ، وتولّه بالنجح ، وتخيّر له الأصحاب».

فقد وردت النكرة في هذا المقطع من دعائه عليه‌السلام بقوله (غاز ، ومجاهد) ، فقد جاءت نكرةً ، لأنّ الإمام لم يخصّص مجاهداً بعينه من دون سواه بهذا الدعاء ، فكلّ غاز يحارب أهل الشرك ممَّن يريدون الشرَّ بأهل الإسلام أن يغمره الله تعالى بعفوه ورحمته ، وأن ييسّر أمره ، فالإمام عليه‌السلام يريد أن تعمَّ الرحمة الإلهيّة المجاهدين جميعهم ، ولهذا جاء بلفظ (غاز) نكرة لا معرفة. وهذه الدلالة فيها ما فيها من الدفع المعنوي للمقاتل ، فكلّ مقاتل منهم يشعر بأنّه محطّ عناية الله تعالى ، ولا فرق بين القائد والمقود ، فكلّهم سواء بعين الإمام السجّاد عليه‌السلام يدعو لهم بوصفهم دروعاً يحمون العباد والبلاد.

٣ ـ في قوله عليه‌السلام طالباً العزّة للمجاهدين : «ولا تعفّر لأحد منهم جبهة دونك».

فقد وردت النكرة مرّتين بهذا النصّ ، في (أحد ، وجبهة). وقد يرى الباحث أنّ دلالة هذه النكرة في الموضعين العموم والشمول. فالإمام زين العابدين عليه‌السلام يسأل الله تعالى ألاّ ينحني أيُّ مجاهد ويخضع لأيّ مخلوق ، فهذه الجباه التي سجدت لله لا تنحني لغيره ، هذه من حاجات الإمام صلوات الله عليه


يطلبها من الحقّ جلّ وعلا. ويقوِّي هذا المعنى ما ذكره العلاّمة الطباطبائي في الميزان في معرض تفسيره قوله تعالى : (وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْل) (١) ، فيرى العلاّمة أنّ مجيء النكرة في سياق النفي دالٌّ على العموم ، قال : «المراد نفي مطلق الفضل من متاع دنيوي يختصّون بالتنعّم به أو شيء من الأمور الغيبيّة كعلم الغيب أو التأيّد بقوّة ملكوتية ، وذلك لكون النكرة ـ فضل ـ واقعة في سياق النفي فتفيد العموم»(٢).

٤ ـ قال الإمام السجّاد عليه‌السلام طالباً العون والمدد من الله تعالى لتقوية صفوف المجاهدين : «وامددهم بملائكة من عندك مردفين حتّى يكشفوهم إلى منقطع التراب قتلاً في أرضك وأسراً ، أو يقرّوا بأنّك أنت الله الذي لا إله إلاّ أنت وحدك لا شريك لك».

إذ وردت (ملائكة) نكرة في هذا المقطع من الدعاء ، والذي يراه الباحث في دلالة هذه النكرة الكثرة ، فهو عليه‌السلام يسأل الله تعالى أن يُنزِلَ ملائكة كثيرين يعينوهم في جهادهم وقتالهم ، حتّى تتمَّ مهمّة المجاهدين بأن يُبعدوا أعداء الله من أرض المسلمين ، أو أن يخضعَ هؤلاء المعتدون إلى حوزة الإسلام ويؤمنوا بالله تعالى الواحد الأحد ، وهذا الإمداد الإلهي بالملائكة هو من متطلّبات النصر الغيبية التي يسند بها الباري عزّ وجلّ عباده المخلصين ، في مواقف الرهبة والشدّة ، وقد ورد مثله في مواطن للقتال ، ذكرها التعبير القرآني كقوله تعالى : (اِذْ

__________________

(١) سورة هود ، من الآية ٢٨.

(٢) الميزان في تفسير القرآن ١٠ / ١٠٦.


تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاثَةِ آلاَف مِّنَ الْمَلاَئكَةِ مُنزَلِينَ* بَلى إنْ تَصبرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بخَمْسةِ آلاَف مِّنَ الْمَلاَئكَةِ مُسوِّمِينَ* مَا جَعَلَهُ اللَّهُ إلاّ بُشرَى لَكُمْ وَلِتَطمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصرُ إِلاّ مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الحَكِيمِ) (١).

فهذه الآيات المباركة تتحدّث عن حال المؤمنين في معركة بدر الكبرى ، ومن المعلوم أنّ عدد جيش الإسلام في تلك المعركة كان ثلاث مائة وثلاثة عشر مقاتلاً ، فأمدّهم الله تبارك وتعالى بخمسة آلاف من الملائكة ، يؤازرونهم ويقوّون شوكة الإسلام.

ونلحظ أنّ الإمام عليه‌السلام استعمل الفعل (أمددهم) بفكّ الإدغام ، مناسبةً للمعنى ، ويدلّ على ذلك أنّ فكَّ الإدغام في الآية المباركة ورد مع العدد الأكثر (يُمْدِدْكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَف) ذلك أنّ الإمداد المتتابع يقوّي عزيمة المقاتلين ويوهن شوكة الأعداء.

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآيات : ١٤ ـ ١٦.


المطلب الثاني : دلالة الجملة :

قُسّمت الجملة في اللغة العربية من حيث ابتدائها باسم أو فعل إلى جملة اسمية وجمل فعلية ، والذي يفيدنا في هذا التقسيم في موضوع بحثنا هو دلالة الاسم ، ودلالة الفعل.

فالاسم هو : «ما دلّ على معنى في نفسه غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة ، وهو ينقسم إلى : اسم عين ، وهو الدالّ على معنى يقوم بذاته ، كزيد وعمرو ، وإلى اسم معنى ، وهو ما لا يقوم بذاته ، سواء كان معناه وجوديّاً كالعلم أو عدميّاً كالجهل»(١).

فهو حدثٌ مجرّدٌ من الزمن ، فيصلح لكلّ زمان ، ولذلك لا تتغيّر صورته بتغيّر الجمل الداخل فيها ، بخلاف الفعل فحدَّه النحويّون بأنّه : «ما دلَّ على معنى وزمان ، وذلك الزمان إمّا ماض وإمّا حاضر وإمّا مستقبل»(٢). فالفعل حدثٌ مقترنٌ بزمن ، ولذلك تتعدّد صوره تبعاً لزمنه ، فلو قلنا :

كتبَ زيدٌ.

يكتبُ زيدٌ.

نجد أنَّ صورة الفعل اختلفت بين الماضي والمضارع ، لاختلاف زمنه في الجملة ، أمّا الاسم (زيد) فبقيت صورته ثابتة ، على الرغم من تغيّر زمن الفعل ، لأنّ الاسم حدثٌ مجرّد من الزمن ، والفعل حدث مقترن بزمن.

__________________

(١) التعريفات : ٦.

(٢) الأصول في النحو ١ / ٣٨.


وعلى هذا المعنى نجد أنّ الجملة الفعلية تتّسم بالتغيّر والتبدّل ، أمّا الجملة الاسمية فهي ثابتة. ومثالاً على ذلك قول النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله) في سورة الفاتحة : «قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ ، فَنِصْفُهَا لِي ، وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ ، فَإِذَا قَالَ العَبْدُ : الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ ، قَالَ اللَّهُ ؛ حَمِدَنِي عَبْدِي ، فَإِذَا قَالَ : الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، قَالَ اللَّهُ : أثنى عَلَيَّ عَبْدِي ، وَإِذَا قَالَ : مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ، قَالَ : مَجَّدَنِي عَبْدِي ، فَإذَا قَالَ : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ، قَالَ : هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ ، فَإِذَا قَالَ : اهدنا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ، قَالَ : هَذَا لِعَبْدِي ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ»(١). فالذي كان لله تبارك وتعالى هي (اَلْحَمْدُ لله رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ولا يخفى على القارئ أنَّ هذه الألفاظ أسماء كلّها ، وتدلّ على ثبوت هذه الصفات للحقّ عزّ وجلّ ، فصفاته سبحانه وتعالى ثابتة له في كلّ زمان ومكان ، لا تخضع لقواعد الزمن والتغيير ، فإذا ما انتقل إلى القسم الآخر الخاصّ بالعبد ، تغيّرت الجمل إلى جمل فعلية وهي : (إِيِّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ...) فالعبادة والاستعانة لا تكون أحداثاً ثابتة عند المرء ، وإنّما متغيّرة ومتبدّلة تبعاً لهذا العبد من سواه ، ولذلك جاء الخطاب بأسلوب الجملة الفعلية.

وقد جاء أسلوب الخطاب في دعاء أهل الثغور للإمام زين العابدين عليه‌السلام بمجمله بأسلوب الجملة الفعلية ، بوصفه دعاءً ، يسأل الله تبارك وتعالى حاجات

__________________

(١) صحيح مسلم ، باب وجوب قراءة الفاتحة في كلّ ركعة برقم (٣٩٥) ١ / ٢٩٦.


متعدّدة ، لأحوال مختلفة ، فمن الطبيعي أن يستعمل عليه‌السلام الأفعال بدلاً من الأسماء.

أساليب الجمل الفعلية في دعائه عليه‌السلام :

١ ـ النداء وفعل الأمر : وقد افتتح دعاءه عليه‌السلام به ، بقوله : «اللّهمّ صلِّ على محمّد وآله» وجاء النداء بقوله : (اللّهمّ) وهذه المفردة هي «نداءٌ والميمُ ها هنا بدلٌ من يا ، فهي ها هنا فيما زعم الخليل رحمه‌الله آخر الكلمة بمنزلة (يا) في أوّلها ، إلاّ أنّ (الميم) ها هنا في الكلمة كما أنّ (نون) المسلمين في الكلمة بُنيت عليها. فالميم في هذا الاسم حرفان أوّلهما مجزومٌ ، والهاء مرتفعةٌ لأنّه وقع عليها الإعراب»(١). ثمّ جاء بفعل الأمر وهو «صلِّ». واستعمل الإمام عليه‌السلام في هذا الدعاء وغيره فعل الأمر إذا أراد أن يُنعمَ عليه الله تعالى بحاجاته ، وقد تكرّرت جملة «اللهمّ صلِّ على محمّد وآله» مرّات متعدّدة في هذا الدعاء.

٢ ـ الدعاء بفعل الأمر : الأمر هو «طلب وقوع الفعل من الفاعل المخاطب بغير لام الأمر مثل : (جىء واجتهدْ وتعلّمْ)»(٢). واحترز بهذا التعريف عن معنى الأمر بلام الأمر ؛ فهذه اللاّم تدخل على الفعل المضارع وتفيد معنى الأمر ، إلاّ أنّه ليس بأمر بالمعنى الاصطلاحي ، وقد وضع الغلاييني علامة له بـ : «أن يدلّ على الطلب بالصيغة ، مع قبوله ياء المؤنّثة المخاطبة مثل اجتهدي»(٣) ، وذهب الراغب

__________________

(١) الكتاب ١ / ١٣٢.

(٢) جامع الدروس العربية ١ / ٢٧.

(٣) المصدر نفسه ١ / ٢٧.


في المفردات إلى أبعد من ذلك ، إذ قال : «والأمر التقدّم بالشيء سواء كان ذلك بقولهم افعلْ وليفعلْ أو كان بلفظ خبر نحو قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ) (١). أو كان بإشارة أو غير ذلك ، ألا ترى ما سمّى إبراهيم في المنام من ذبح ابنه أمراً ، قال تعالى : (إنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَر) فسمّى ما رآه في المنام من تعاطي الذبح أمراً»(٢). وتخرج دلالة الأمر من الإلزام إلى الدعاء إذا كان الآمر أدنى رتبة من المأمور.

وجاء الدعاء بأسلوب الأمر بدعاء الإمام عليه‌السلام كثيراً ، وكان على قسمين ، منها كان يدعو للمجاهدين المرابطين بثغور المسلمين يسأل الله تعالى أن يمنّ عليهم بصنوف الرحمة والنصر والظفر ، فمن ذلك قوله عليه‌السلام : «وحصّن ثغور المسلمين بعزّتك ، وأيّد حماتها بقوّتك ، وأسبغ عطاياهم من جدتك».

والآخر : يدعو على أعداء الله والإسلام ، ومن ذلك قوله عليه‌السلام : «اللهمّ أخل قلوبهم من الأمنة وأبدانهم من القوّة ، وأذهل قلوبهم عن الاحتيال وأوهن أركانهم عن منازلة الرجال ، وجبّنهم عن مقارعة الأبطال ، وابعث عليهم جنداً من ملائكتك ببأس من بأسك كفعلك يوم بدر ، تقطع به دابرهم وتحصد به شوكتهم ، وتفرّق به عددهم ، اللهمّ وامزج مياههم بالوباء ، وأطعمتهم بالأدواء ، وارمِ بلادهم بالخسوف ، وألحّ عليها بالقذوف».

٣ ـ الدعاء بأسلوب النهي : ينعقد النهي بـ : (لا) الناهية الداخلة على الفعل

__________________

(١) سورة البقرة ، من الآية ٢٢٨.

(٢) مفردات ألفاظ القران الكريم : ٣٢.


المضارع ، وهذا التركيب الطلبي يخرج إلى معنى الدعاء إن كان المنهي أدنى رتبة من المخاطب به ، وقد جاء هذا الأسلوب بدعاء أهل الثغور كثيراً أيضاً ، وكان في معرض دعائه على أعداء الإسلام والمسلمين ، فمن ذلك قوله عليه‌السلام : «لا تأذن لسمائهم في قطر ، ولا لأرضهم في نبات» و «ولا تعفّر لأحد منهم جبهة دونك».

وقد ختم الإمام عليه‌السلام دعاءه بجملة اسمية واحدة ، عند مدحه الله تعالى بذكر صفاته المقدّسة ، وتقديس أسمائه الحسنى ، فقال : «إنّك المنّان الحميد المبدئ المعيد الفعّال لما تريد».


المبحث الثاني

دلالة حروف المعاني

يعدُّ الحرف القسم الثالث من الكلم ، وعناه سيبويه بقوله : «وأمَّا ما جاءَ لِمَعْنىً ، وليسَ بِاسْم ، ولا فِعْل ، فنحو : ثُمَّ ، وسوفَ ، وواو القسم ، ولام الإضافة ، ونحوها»(١) ، فهو لفظ ليس له معنىً في نفسه ، وإنّما يتّضح في غيره(٢).

وكان عمل النحويّين فيما يخصّ الحرف على نوعين :

الأوّل : درسوا هذه الأدوات من حيث عملها ، فقد شملت هذه الدراسات حروف المعاني في تناولها «قواعدَ النَّحْوِ إجمالاً ، فهي إذاً لا تَفْصِلُ الأدواتِ عن القواعدِ الأمِّ ، وإنَّما تنظرُ إليها على أنَّها جُزْءٌ وثيقٌ منها ، فكتابُ سيبويه ـ مثلاً ـ غنيٌّ بمباحثِ الحروفِ وأشكالِ ورودِها في كلامِ العربِ ، ولكنَّه لم يَعْقِدْ فَصْلاً خاصّاً بكلِّ أداة ، لِيُعَدِّدَ معانيها ويذكرَ أحكامَها ، وإنَّما تَتَفَرَّقُ فيه هذه المعاني بين ثنايا الكتابِ ، فهو قدْ يَذْكُرُ الأداةَ ضِمْنَ أُسْرَتِها ، كقوله : (بابُ ما يعملُ من الأفعالِ فيجزمها وذلك : لمْ ، ولمّا ، واللامُ التي في الأمْرِ)»(٣) ، وما عملَه الزَّجَّاجي في كتابه اللاّمات ، إذ جمع الأحكام النحويّة لكلّ حرف(٤).

__________________

(١) كتاب سيبويه ١ / ١٢.

(٢) ينظر : الجنى الداني في حروف المعاني ١ / ٦.

(٣) رصف المباني (مقدّمة المحقّق) : ١٣.

(٤) ينظر : كتاب اللاّمات ، الزجّاجي : ٣١ ؛ اللامات : الهروي (مقدّمة المحقّق) : ٢٠.


والقسم الآخر : دراسات تنظر إلى دلالات هذه الحروف من معان مختلفة ، ومن هذه الدراسات «منازل الحروف للرمّاني ... عرض فيه لأهمّ الأدوات العربية ، فذكر المعاني المشهورة لها وضرب مثلاً لكلّ معنى»(١).

والذي يهمّنا من هذه الدراسات القسم الثاني ، إذ تعدّدت دلالات النصّ باختلاف المعنى الذي يؤدّيه الحرف ، وقد وردت دلالات متعدّدة لحروف مختلفة في دعاء الإمام السجّاد عليه‌السلام ، منها :

دلالة الحرف (باء) :

الباء من الناحية النحوية حرفٌ مختصّ بالأسماء ، ولهذه العلّة تعمل الجرّ في الاسم(٢) ، أمّا من الناحية الدلالية ، فقد تعدّدت دلالات هذا الحرف بحسب السياق ، مع أنّها ترجع في الأصل إلى معنى جامع هو الإلصاق(٣) ، وهو الذي اكتفى به سيبويه ولم يذكر غيره ، وسمّاه (الإلزاق) ، قال : «وباءُ الجرِّ إنَّما هي للإلزاق والاختلاط ، وذلك قولُكَ : خَرَجْتُ بِزيد ، ودَخَلْتُ بِهِ ، وضربتُه بالسَّوْطِ : ألزقتَ ضَرْبَكَ إيَّاه بالسَّوْطِ ، فما اتَّسَعَ مِنْ هذا في الكلام فهذا أصلُهُ»(٤).

وتابعه في ذلك ابن السرّاج ، ومَن جاء بعده ، وجعل المرادي للإلصاق

__________________

(١) اللامات : الهروي (مقدّمة المحقّق) : ٢٠.

(٢) ينظر : الجنى الداني : ٣٦.

(٣) ينظر : المقتضب ١ / ١٧٧ ؛ حروف المعاني (الزجاجي) : ٤٧ ؛ الصاحبي في فقه اللغة : ١٣٨.

(٤) كتاب سيبويه ٤ / ٢١٧.


معنيين هما : «حقيقي ، نحو : أمسكت الحبل بيدي ... الثاني : التعدية : وباء التعدية هي القائمة مقام الهمزة ، في إيصال معنى اللازم إلى المفعول به. نحو (ذَهَبَ اللهُ بِنُوْرِهِم)»(١).

وجعل المبرّد معنىً آخر مستقلاًّ عن (الإلصاق) هو (الاستعانة) ، قال في حروف الجرِّ : «ومنها الباءُ التي تكون للإلصاق والاستعانة ، فأمّا الإلصاق فقولُك : (مررتُ بزيد ، وألممتُ بك) ، وأمّا الاستعانة فقولُك : كتبتُ بالقلم»(٢).

وقد وجد الباحث دلالات متعدّدة للباء في دعاء الإمام السجّاد عليه‌السلام ومنها :

١ ـ في قوله عليه‌السلام داعياً لتحصين حصون المسلمين من الأعداء : «وحصّن ثغور المسلمين بعزّتك ، وأيّد حماتها بقوّتك».

فقد تعدّدت دلالة الباء في هذا النصّ وتختلف دلالة النصّ بحسب هذه الدلالة ، فلو جعلنا دلالة الباء الإلصاق تكون دلالة النصّ : إنّ الإمام عليه‌السلام يسأل الله تبارك وتعالى أن يمنَّ علينا بتحصين حدودنا ، وهذا التحصين مصحوب بالعزّة والمنعة ، وأن يرزق المجاهدين المرابطين في سوح الوغى تأييده ونصره ، وهذا التأييد يأتي مصحوباً بقوّة الله تعالى ، هذا المعنى الذي استشفّه الباحث من دلالة الباء الإلصاقية ، أمّا الدلالة الثانية التي تحتملها الباء في هذين الموضعين ، هي الاستعانة ويكون المعنى تبعاً لهذه الدلالة أنّ تحصين ثغور المسلمين يكون

__________________

(١) الجنى الداني ٣٦ ؛ ينظر : الأصول في النحو ١ / ٤١٢ ـ ٤١٣ ؛ المفصل : ٢٩٠ ؛ شرح المقدمة الجزولية الكبير ٢ / ٨٢٨ ؛ ارتشاف الضرب ٤ / ١٩.

(٢) المقتضب ١ / ٣٩.


مستعيناً بعزّة الله تعالى ، والتأييد الإلهي يتحقّق بالاستعانة بقوّة الله تبارك وتعالى.

والدلالة التي يراها الباحث أقرب إلى روح النصّ هي الدلالة الأولى فحماية بلاد المسلمين تأتي مصحوبة بعزّة الله تعالى وتأييده ملاصقاً لقوّته عزّ وجلّ ، هذه الدلالة فيها من الطاقة الإيجابية التي تزيد من عزيمة المقاتلين المجاهدين بأنّهم بعين الله يمطرهم بحمايته وقوّته وعزّته.

دلالة الحرف (في) :

(في) حرف مختصّ بالأسماء ، عمله الجرُّ ، وله معان تسعة ، هي الظرفية وهي الأصل فيها ولم يذكر البصريّون سوى هذا المعنى له(١) ، والمصاحبة ، والتعليل ، والمقايسة ، وقد ضمّنوها معاني حروف أخرى مثل (على ، والباء ، وإلى ، ومن) وقد تأتي زائدة(٢).

وقد وردت دلالات مختلفة لهذا الحرف في دعاء الإمام السجّاد عليه‌السلام. كما في قوله عليه‌السلام : «والطف لهم في المكر».

فالمعنى الأوّل الذي يُفهم لـ : (في) في هذا النصّ التعليل ، وهو من المعاني التي أثبتها المرادي لـ : (في) ، وتكون دلالة النصِّ : أنَّ الإمام عليه‌السلام يسأل الله تبارك وتعالى أن يمنَّ على عباده المجاهدين بلطفه ورحمته حتّى يكون هذا اللطف درعاً يتدرّعون به من مكر الأعداء الذين نصبوا لهم المكائد ، ويتحيّنون الفرص

__________________

(١) ينظر : الجنى الداني في حروف المعاني ٢ / ٤١.

(٢) ينظر : المصدر نفسه ٢ / ٤٢.


ليهجموا على بلاد المسلمين الآمنة.

ويعضد هذا المعنى قوله تعالى : (وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إلاّ مَلَكٌ كَرِيمٌ * قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) (١) ، فكانت هؤلاء النسوة يلمْنَ امرأة العزيز لأنّها عشقت فتاها ، فكادت لهنَّ هذه المكيدة ، حتّى رأينهَ فدُهِشْنَ من جماله عليه‌السلام فقطّعنَ أيديهنّ ، فقالت لهنّ : «عيَّرْتُنّني في الافتتان به حيث رَبَأْتُنّ بمحلِّي بنسبتي إلى العزيز ، ووضعتُنَّ قدرَه بكونه من المماليك أو بالعنوان الذي وصفْنه به فيما سبق بقولهنّ : امرأةُ العزيز عشِقت عبدَها الكَنعاني ، الذي صوّرتُنّ في أنفسكنّ وقلتنّ فيه وفيّ ما قلتنّ ، فالآن قد علمتُنّ مَن هو وما قولُكنّ فينا» فإنّ لوم هؤلاء النسوة لامرأة العزيز إنّما كان بسبب يوسف أو بسبب حبِّها له(٢).

أمّا الدلالة الأخرى التي تُفهَم من (في) في هذا النصّ المبارك ، فهي الدلالة الأمّ لهذا الحرف ، وهي الظرفية ويكون المعنى حينئذ : أنّ الإمام عليه‌السلام يسأل الله تعالى أن يرزق عباده لطفه وتأييده ونصره ، في حال مكر الأعداء لهم ، فهم قد جيَّشوا الجيوش وشوّشوا عقول الناس ، تمهيداً للانقضاض على بلاد الإسلام ، فعاثوا الخراب والدمار في العباد والبلاد ، فالإمام عليه‌السلام يدعو الحقّ تعالى أن يعين المجاهدين بعونه ولطفه في حال مكر الأعداء بهم. والله أعلم.

ويتراءى للباحث صحّة المعنيين (التعليل والظرفية) ، ففيهما من المعاني

__________________

(١) سورة يوسف ، من الآية ٣١ ـ ٣٢.

(٢) ينظر : مغني اللبيب ١ / ١٦٨.


التي تعين المجاهد ـ لو وعاها ـ على جهاد أعدائه ، فيعتقد تمام الاعتقاد أنّه بعين الله يحميه من مكر الكفّار.

دلالة الحرف (عن) :

(عن) حرف جرّ ، ولها معان متعدّدة ، إلاّ أنّ أصلها المجاوزة ، ولم يثبت البصريّون سواه لها(١) ، ومثله قولهم : «رميت عن القوس : لأنّه يقذف عنها بالسهم ويبعده. ولكونها للمجاوزة عُدّي بها : صدّ ، وأعرض ، ونحوهما ، ورغب ، ومال ، إذا قصد بهما ترك المتعلّق. نحو : رغبت عن اللهو ، وملت عنه»(٢). أمّا المعاني الأخرى الفرعية عن هذا الأصل فهي : (البدل ، والاستعلاء ، والاستعانة ، والتعليل ، وضمَّنوها معنى (في) ومعنى الظرف (بعد). وقد ورد هذا الحرف في دعاء الإمام السجّاد عليه‌السلام يحتمل أكثر من دلالة يختلف المعنى بحسب كلِّ دلالة ، ومنها

١ ـ في قول الإمام عليه‌السلام : «اللهمّ اشغل المشركين بالمشركين عن تناول أطراف المسلمين ، وخذهم بالنقص عن تنقّصهم ، وثبّطهم بالفرقة عن الاحتشاد عليهم».

فالدلالة الأولى التي تُفهَم من (عن) في هذا النصّ هي المجاوزة ، وعلى هذه الدلالة يكون معنى النصّ ، أنّ الإمام عليه‌السلام يسأل الله تبارك وتعالى أن يكون انشغال المشركين بعضهم ببعض وهذا الإنشغال يكون مجاوزاً المسلمين وبعيداً

__________________

(١) ينظر : الجنى الداني في حروف المعاني ٢ / ٣٣.

(٢) المصدر نفسه ٢ / ٣٣.


عن حدودهم ، حتّى يأمن المسلمون أذى المشركين واعتداءاتهم.

أمّا الدلالة الأخرى التي يستشفّها الباحث من النصّ هي البدليّة ، فالإمام عليه‌السلام يدعو الله تعالى أن ينشغل المشركون بأنفسهم حتّى توهَن قواهم ، بدلاً من مهاجمة بلاد المسلمين ، وأن يأخذهم النقص بالأموال والجنود ، بدلاً من أن يتسبّبوا في احتلال بلادنا وينهبوا خيراتنا ممّا يتسبّب بنقص المؤنة للمسلمين ، وأن تصيبهم الفرقة والتشتّت بدلاً من توحيد صفوفهم وتحشيدها لغزو بلاد الآمنين.

ويسند هذا المعنى قوله تعالى : (إنّ الّذِيْنَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئَاً) (١) ، فالآية المباركة تبيّن حال الكفّار الذين لا يؤمنون بالبعث ولا بالحساب ، فيخبرهم الحقّ تعالى أنَّ أموالكم التي جمعتموها وأولادكم على كثرتهم لن تكون في العذاب بدلاً عنهم(٢).

٢ ـ في قوله عليه‌السلام : «اللهمّ وقوِّ بذلك محالّ أهل الإسلام ، وحصّن به ديارهم ، وثمّر به أموالهم وفرّغهم عن محاربتهم لعبادتك ، وعن منابذتهم للخلوة بك حتّى لا يعبد في بقاع الأرض غيرك».

لمَّا فرغ الإمام عليه‌السلام من سؤاله الله تعالى أن يوهن كيد الكافرين ، ويُضعف قوّتهم العددية والاقتصادية وغيرها ، يبيِّن عليه‌السلام أنّه إن ضعف المشركون انشغل بعضهم ببعض ، وتقوى بذلك شوكة المسلمين ، وتكون بلادهم درعاً حصينة

__________________

(١) سورة آل عمران ، من الآية ١٠.

(٢) ينظر : الوجيز ١ / ٣٨٤.


بوجه الغزاة ، ويسود البلاد والعباد الأمن والطمأنينة والرخاء ، فإذا أمِن المسلمون التجؤوا إلى الحقّ تبارك وتعالى يعبدونه ، ويناجونه ليل نهار.

وقد ورد الحرف (عن) في هذا النصّ المبارك للإمام عليه‌السلام واحتمل الباحث فيه دلالتين يختلف معنى النصّ تبعاً لكلّ دلالة منهما ، وهما :

الدلالة الأولى : المجاوزة ، ويكون المعنى بحسب المجاوزة : أن يتفرّغ المجاهدون إلى عبادة الحقّ تعالى منصرفين عن قتال المعتدين ، وأن يناجوه عزّ وجلّ ، وهم قد تجاوزوا وانصرفوا عن مناوشة الأعداء ومراقبتهم ، فالمشركون لا يؤمَنون بأيّة لحظة قد يهجمون على البلاد ، ولهذا سأل الإمام عليه‌السلام الله تعالى أن يوهنَ كيدهم ويشغل بعضهم ببعض ويفرّقهم حتّى يأمن المسلمون ، وينصرف المجاهدون عن قتال الكافرين إلى عبادة الله ومناجاته.

الدلالة الأخرى : البدليّة ، ويكون المعنى هنا : أنّ الإمام (صلوات الله عليه) يسأل الله تبارك وتعالى أن يُنعم على المجاهدين ، أنّهم بدلاً من قضاء نهارهم وليلهم وهم يدافعون عن بيضة الإسلام ، يحمون الأرض والعرض ، لا يعلمون متى يهجم عليهم الكافرون ، بدلاً من حالهم هذا أن يفرّق شمل الكافرين ويوهن قواهم ، وأن يبتليهم بنقص أموالهم وعددهم ، فإذا كان هذا انشغل المجاهدون باللقاء الإلهي ، ومتّعوا أنفسهم بلذّة الدعاء والمناجاة مع المعشوق الأزلي سبحانه وتعالى بدلاً من حالتهم الأولى.

ويرى الباحث أنّه وإن اختلفت دلالة الحرف (عن) في هذا المقطع من دعاء الإمام ، ففي كلتا الدلالتين معنى يُحفِّز المجاهد على جهاده ، ويذَكِّره بعلّة


خلقه ، فالإنسان إنّما خلقه الله تبارك وتعالى لأن يعبده وحده لا شريك له.

نتائج البحث :

بعد هذه السياحة الفكرية والروحية ، وأنا انتقل بين كتاب الله العزيز وبين نفحات الإمام السجّاد عليه‌السلام وعنايته الأبوية للمجاهدين والتي تمثّلت في دعاء أهل الثغور ، خرجت هذه الدراسة بثمار ، منها :

ـ اقتباس الإمام السجّاد عليه‌السلام كثيراً من معاني دعائه من القرآن الكريم. وهو أمر طبيعي إذ يعدّ القرآن المعين الذي يغترف منه أولياء الله.

ـ اتّضح أنّ هذا الدعاء قد قُسِّم على أقسام افتتحه بالصلاة على النبي وآله ، وقد تكرّرت هذه الصلاة كثيراً في الدعاء ، والقسم الثاني الدعاء للمجاهدين المرابطين في سوح الجهاد الذين يصدّون أعداء الله والإسلام ويردّون كيدهم في نحورهم. والثالث يدعو على أعداء الدين المعتدين الذين يتربّصون بالإسلام وأهله الدوائر بأن يضعّف قوّتهم ويشتّت شملهم وما شابهه ، والقسم الآخر يدعو فيه (صلوات الله عليه) لمن كان يزوّد المجاهدين وأعان أهليهم وذويهم بالمال ، أو يمدُّ المجاهدين بالعتاد والسلاح ، فهؤلاء كان لهم نصيب من دعاء الإمام عليه‌السلام. وكان لمن ضعف عن الجهاد ولم يتمكّن من تجهيز جيوش المسلمين لقصر ذات اليد سهمٌ في دعائه ، ولم يُحرموا من هذه النعم التي سألها عليه‌السلام الله تعالى.

ـ استشفّ الباحث دلالات متعدّدة للتنكير في دعاء الإمام عليه‌السلام منها العموم والشمول ولاسيّما التي جاءت في سياق النفي ، وأفادت التكثير.


ـ استعمل الإمام عليه‌السلام في دعائه كلِّه ما خلا الجملة الأخيرة منه ، أسلوب الجملة الفعلية ، لما تتّسم فيه من تغير مستمرٍّ يتناسب وحالة المدعوّ له أو المدعوّ عليه ، في حين نراه استعمل الجملة الاسمية حينما ذكر صفات الحقّ سبحانه وتعالى وأسماءه فهي صفات ثابتة لا متغيّرة فذكرها بما يناسبها وهي الجملة الاسمية.

ـ في دلالة الحروف ، وجد الباحث أنّ حروف المعاني احتملت أكثر من دلالة ، ويتغيّر المعنى بحسب كلِّ دلالة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين والصلاة على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله الطيّبين الطاهرين.


المصادر

القرآن الكريم.

١ ـ أثر الوقف على الدلالة التركيبية : د. محمّد حبلص ، دار الثقافة العربية ، دمشق ، ١٩٩٣ م.

٢ ـ ارتشاف الضرب من لسان العرب : أبو حيّان النحوي (أثير الدين محمّد بن يوسف ت ٧٤٥هـ) ، تحقيق د. رجب عثمان محمّد ، ومراجعة د. رمضان عبد التوّاب ، نشر مكتبة الخانجي ، القاهرة ، ط ١ ، ١٩٩٨م.

٣ ـ أسرار البلاغة : الجرجاني (عبد القاهر بن عبد الرحمن ت ٤٧١ هـ) ، تحقيق : رتير ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان ، ط ١ ، ٢٠٠٩م.

٤ ـ الأصول في النحو : ابن السرّاج (أبو بكر محمّد بن سهل ت ٣١٦هـ) ، تحقيق د. عبد الحسين الفتلي ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت ، ط ٣ ، ١٩٩٦ م.

٥ ـ التبيان في تفسير القرآن : الطوسي ، تحقيق أحمد حبيب قصير العاملي ، مكتب الإعلام الإسلامي ، طبعة قم ، ١٤٠٩ هـ.

٦ ـ تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب : ابن كثير (أبو الفداء إسماعيل ابن عمر ت ٧٧٤هـ) ، تحقيق عبد الغني بن حميد بن محمود الكبيسي دار حراء ، مكّة المكرّمة ، ط١ ، ١٤٠٦هـ.


٧ ـ التعريفات : الجرجاني (علي بن محمّد بن علي ت٨١٦هـ) ، تحقيق : إبراهيم الأبياري ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، ٢٠٠٢ م.

٨ ـ جامع الدروس العربية : الشيخ مصطفى الغلاييني ، المكتبة العصرية ، صيدا ـ بيروت ، ط ٢٨ ، ١٩٩٣م.

٩ ـ الجمل في النحو : الزجّاجي ، تحقيق : د. علي توفيق الحمد ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت ، ط ٤ ، ١٩٨٨م.

١٠ ـ الجنى الداني في حروف المعاني : المرادي (الحسن بن قاسم ت ٧٤٩ هـ) ، تحقيق : د. فخر الدين قباوة والأستاذ محمّد نديم فاضل ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط ١ ، ١٩٩٣م.

١١ ـ حروف المعاني : الزجّاجي ، حقّقه وقدّم له : د. علي توفيق الحمد ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت ، ط ٢ ، ١٩٨٦م.

١٢ ـ الخصائص : ابن جنّي (أبو الفتح عثمان ت ٣٩٢هـ) ، تحقيق : محمّد علي النجّار ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، ١٩٥٢م.

١٣ ـ الدعاء : مُرتضَى مُطهّري ، قم المقدّسة ، دار الزهراء عليها‌السلام ، ط٢ ، ١٤٣٠ هـ.

١٤ ـ الدعوات : الراوندي (قطب الدين سعيد بن هبة الله ت ٥٧٣هـ) ، تحقيق : عبد اللطيف الكوهكمري ، عنيت بطبعه مكتبة المرعشي ، قم ، ١٤٠٦هـ.

١٥ ـ الدلالة النحوية في شرح نهج البلاغة لميثم بن علي البحراني : أحمد راضي جبر ، رسالة ماجستير ، جامعة بابل ، ٢٠١٣ م. (غير منشورة).

١٦ ـ دلائل الإعجاز : عبد القاهر الجرجاني ، قرأه وعلَّق عليه : محمود محمّد شاكر ، مكتبة الخانجي ، القاهرة ، ط ٥ ، ٢٠٠٤ م.


١٧ ـ رصف المباني في شرح حروف المعاني : المالقي (أحمد بن عبد النور ت ٧٠٢هـ) ، تحقيق : أحمد محمّد الخرّاط ، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق ، ١٩٧٥م.

١٨ ـ شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك : ابن عقيل (بهاء الدين عبد الله بن عقيل ت٧٦٩هـ) ، تحقيق : محمّد محيي الدين عبد الحميد ، مكتبة دار التراث ، القاهرة ، ط ٢٠ ، ١٩٨٠م.

١٩ ـ شرح المقدّمة الجزولية الكبير : الشلوبين ، تحقيق : د. تركي بن سهو بن نزال العتيبي ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت ، ط ٢ ، ١٩٩٤م.

٢٠ ـ الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها : ابن فارس (أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريّات ٣٩٥هـ) ، تحقيق : الشيخ أحمد صقر ، مؤسّسة المختار للنشر والتوزيع ، القاهرة ، ط ١ ، ٢٠٠٥ م.

٢١ ـ الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية) : الجوهري (أبو نصر إسماعيل بن حمّاد ت في حدود ٤٠٠هـ) ، تحقيق : أحمد عبد الغفور عطّار ، دار الكتاب العربي ، مصر ، ١٩٦٧م.

٢٢ ـ صحيح مسلم : مسلم بن الحجّاج (أبو الحسين القشيري النيسابوري ت ٢٦١هـ) ، تحقيق : محمّد فؤاد عبد الباقي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، (د. ت).

٢٣ ـ الصحيفة السجّادية الكاملة من أدعية الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليه‌السلام : منشورات العتبة العلوية المقدّسة ، تقديم : السيّد محمّد باقر الصدر.

٢٤ ـ القاموس المحيط : الفيروزآبادي (مجد الدين محمّد بن يعقوب ت ٨١٧هـ) ، دار الجيل ، بيروت ، ١٩٥٢ م.

٢٥ ـ كتاب سيبويه : سيبويه (أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر ت ١٨٠هـ) ، تحقيق


وشرح : عبد السلام محمّد هارون ، مكتبة الخانجي ، القاهرة ، ط ٣ ، ١٩٨٨م.

٢٦ ـ الكشّاف عن حقـائق غوامض التنزيل وعيـون الأقاويـل في وجوه التأويـل : الزمخشري (جار الله أبو القاسم محمود بن عمر ت ٥٣٨ هـ) ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، ١٩٤٧م.

٢٧ ـ اللامات : الزجّاجي ، تحقيق : د. مازن المبارك ، دار الفكر ، دمشق ، ط ٢ ، ١٩٨٥ م.

٢٨ ـ اللامات : الهروي (أبو الحسن علي بن محمّد ت ٤١٥هـ) ، تحقيق : يحيى علوان البلداوي ، مكتبة الفلاح ، الكويت ، ط ١ ، ١٩٨٠م.

٢٩ ـ اللباب في علل الإعراب : أبو البقاء العكبري ، تحقيق : غازي مختار طليمات ود. عبد الإله نبهان ، دار الفكر المعاصر ، بيروت ، ط ١ ، ١٩٩٥م.

٣٠ ـ معجم مفردات ألفاظ القرآن : الراغب الأصفهاني (أبو القاسم الحسين بن محمّد بن المفضّل ت ٥٠٣هـ) تحقيق : إبراهيم شمس الدين ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ٢٠٠٨م.

٣١ ـ مغني اللبيب عن كتب الأعاريب : ابن هشام الأنصاري ، تحقيق : د. عبد اللطيف محمّد الخطيب ، الكويت ، (د.ت).

٣٢ ـ مفاتيح الغيب : فخر الدين الرازي (محمّد بن عمر بن الحسن ت ٦٠٦هـ) ، دار الفكر للطباعة والنشر ، بيروت ، ط ١ ، ١٩٨١م.

٣٣ ـ المفصّل في صنعة الإعراب ، الزمخشري : تحقيق د. علي بو ملحم ، مكتبة الهلال ـ بيروت ، ط١ ، ١٩٩٣م.

٣٤ ـ المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية : الشاطبي (إبراهيم بن موسى ت ٧٩٠ هـ) ، تحقيق : د. عبد الرحمن بن سليمان العثيمين ، جامعة أمّ القرى ، مكّة المكرّمة ، ط ١ ، ٢٠٠٥م.


٣٥ ـ المقتضب : المبرّد (أبو العبّاس محمّد بن يزيد ت ٢٨٥هـ) : تحقيق : محمّد عبد الخالق عضيمة ، القاهرة ، ط ٣ ، ١٩٩٤ م.

٣٦ ـ الميزان في تفسير القرآن : محمّد حسين الطباطبائي(ت ١٤٠٢هـ) ، منشورات مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت ، ط ١ ، ١٩٩٧.

٣٧ ـ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز : الواحدي أبو الحسن ، تحقيق : صفوان عدنان داوودي ، نشر دار القلم ، دمشق ، ط١ ، ١٤١٥هـ.


إجازة الإمام السيّد حسن الصدر

للعلاّمة السيّد صدر الدين العاملي الإصفهاني

الشيخ ناصر الدين الأنصاري

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطاهرين ، الغرّ الميامين ولعنة الله على أعدائهم ومخالفيهم أجمعين.

أمّا بعد : فهذه الإجازة الثالثة من إجازات إمام فنّ الرجال آية الله العظمى السيّد حسن الصدر الموسوي الكاظمي (١٢٧٢ ـ ١٣٥٤هـ) ، التي حقّقتها وعلّقت عليها ، فكانت الإجازة الأولى إجازته للعلاّمة البحّاثة الشيخ آقا بزرك الطهراني صاحب الذريعة ، وإجازته الثانية للمرجع الديني آية الله السيّد صدر الدين محمّد علي ابن السيّد إسماعيل الصدر ، وها هي إجازته الثالثة للعلاّمة السيّد صدر الدين ابن السيّد محمّد جواد الصدر العاملي الإصفهاني (المتوفّى ١٣٦٠هـ) والإجازتين الأوليتين طبعتا مع تعليقات الفقيه الرجالي سماحة آية الله السيّد موسى الحسيني الشبيري الزنجاني ـ حفظه الله ورعاه ومن كلّ مكروه وقاه.

ونسخة هذه الإجازة محفوظة في مكتبة البرلمان الإيراني في مخزن


المخطوطات رقم (١٥٤٩٣) ، الكتاب برقم (٩١٠٣٧) وحصلت على تصوير هذه الإجازة بسعي صديقي الفاضل الشيخ محسن صادقي القمّي ـ حفظه الله ـ شاكرين له.

راجين المولى القدير أن يتغمّد في رحمته الجسيمة كلّ من ذكر في هذه الإجازة وأن يفسح لهم في الجنّة العالية. إنّه مجيب كريم.

المجيز :

هو العلاّمة السيّد حسن الصدر (١٢٧٢ ـ ١٣٥٤ هـ) ، شيخ المحدّثين آية الله العظمى السيّد حسن صدر الدين الموسوي الكاظمي.

ولد بمشهد الكاظمين في يوم الجمعة التاسع والعشرين من شهر رمضان المبارك سنة (١٢٧٢ هـ) ، ونشأ وترعرع في كنف والده المقدّس آية الله السيّد هادي صدر الدين منشأً كريماً حبّذ له العلم وهيّأ له أسبابه وقرأ على أعلام الكاظمية كالشيخ باقر آل يس والسيّد باقر الحيدري والشيخ أحمد العطّار والشيخ باقر السلماسي وتتلمذ على أبيه الفقه والأصول سطحاً.

الهجرة إلى النجف :

ثمّ هاجر إلى النجف الأشرف في سنة (١٢٩٠ هـ) ، فأسحر الليل وأكبّ على التعلّم والتحصيل باذلاً أقصى جهده في أخذ العلم من كبار شيوخها ، فقرأ الفلسفة


والكلام على الشيخ محمّد باقر الشكّي والشيخ محمّد تقي الگلپايگاني والشيخ عبد النبي النوري ، واستفاد علم الفقه وأصوله من الأعاظم والأكابر كالسيّد المجدّد الشيرازي والميرزا حبيب الله الرشتي والشيخ محمّد حسين الكاظمي والفاضل الإيرواني والحاج ملاّ علي الخليلي الطهراني والسيّد مهدي القزويني وغيرهم.

الهجرة إلى سامراء :

وفي سنة (١٢٩٧ هـ) ، هاجر إلى سامرّاء ـ حيث هاجر إليها الإمام المجدّد الشيرازي في سنة (١٢٩١ هـ) ـ للاستفادة الأكثر من الإمام الشيرازي ، بعدأن جاء إليها في سنة (١٢٩٢ هـ) وبقي بها سنة ونصف ولكنّه رجع إلى النجف ، وهذه المرّة الثانية الّتي التحق بحوزة الإمام المجدّد ، فعكف على دروسه ينتهل من نميره العذب ولا تفوته محاضراته العلمية إلى حين وفاته سنة (١٣١٢ هـ) وكان لأستاذه الإمام الشيرازي به عناية تامّة واهتمّ بشأنه كلّ الاهتمام ، لما كان يرى فيه من آثار التفوّق العلمي والمواصلة والمثابرة على الدراسة والتحصيل ، وكانت إقامة السيّد فيها سبع عشرة سنة ، ما جفّ فيها لبده ولا فاتته فيها نهزه ، وكان فيها تعقّب خطوات أستاذه الإمام وسائر أساتذته الأعلام ، متتبّعاً أطوار الأبطال من أركان تلك الحوزة في سامرّاء ، مستقرئاً طرائق الماضين من أساطين الإمامية ، يتعرّف بذلك مداخل العلماء في التحقيق والتدقيق ومخارجهم ويتدبّر أساليبهم في النقض والإبرام واستنباط الأحكام ، وكان بينه وبين الإمام العلاّمة الميرزا محمّد تقي الشيرازي مذاكرة ومناظرة في وقت خاصّ من كلّ يوم استمّرت اثنتي عشر سنة ،


وما برح السيّد في سامراء مجدّاً مجتهداً يقظ الجنان ، نافذ الهمّة في العلم والعمل حتّى رجع منها إلى مسقط رأسه الكاظمية بعد وفاة أستاذه بعامين(١).

العودة إلى الكاظمية :

عاد إلى الكاظمية المقدّسة سنة (١٣١٤ هـ) وبقي فيها وكانت أوقاته منقسمة بين المحراب والمكتبة والكتابة والدرس والإرشاد ، وبعد سنتين من عودته (١٣١٦ هـ) فجع بوفاة والده وزادت مسؤليّاته الاجتماعية والدينية ، وبعد وفاة ابن عمّه العلاّمة السيّد إسماعيل الصدر في (١٣٣٨ هـ) رجع إليه في التقليد جماعة من أهل العراق وظهرت رسالته العلمية رؤوس المسائل المهمّة ، فأصبح بعد ذلك مرجعاً عظيماً قلّده الناس.

قال العلاّمة الطهراني عنه :

«رجع إلى الكاظمية فاشتغل بالتصنيف والتأليف في جميع العلوم الإسلامية من الفقه والأصول والرجال والدراية والحديث والنسب والتاريخ والسير والتراجم والأخلاق والحكمة والكلام والجدل والمناظرة والمناقب والدعاء وغيرها من فنون العلم. وكان طويل الباع ، واسع الاطلاع ، غزير المادّة في تمام هذه العلوم ، مستحضراً لأغلب مطالبها ، وهو من النادرين الذين جمعوا في التأليف

__________________

(١) مأخوذ من كلام السيّد عبد الحسين شرف الدين في بغية الراغبين ١/٣٠١.


بين الإكثار والتحقيق ، فتصانيفه على كثرتها وضخامة مجلّداتها وتعدّد أجزائها هي الغاية في بابها ، فقد كان ممعناً في تتبّع آثار المتقدّمين والمتأخّرين من الشيعة والسنّة ، موغلاً في البحث عن دخائلهم وممحّصاً لحقائقهم ومستجلياً ما في آثارهم من الغوامض ، ومستخرجاً المخبّآت بتحقيقات أنيقة وبيانات وشيقة ، فقد تجاوزت تصانيفه السبعين وكلّها نافعة جليلة وهامّة مفيدة».

تلامذته :

وتتلمذ عليه كلّ من الآيات : الشيخ آقا بزرگ الطهراني ، والشيخ عبّاس القمّي ، والشيخ محمّد علي الحايري القمّي ، والسيّد شهاب الدين المرعشي النجفي ، والشيخ مرتضى آل ياسين.

الراوون عنه :

ويروي عنه بالإجازة :

السيّد أبو الحسن الإصفهاني.

الشيخ محمّد كاظم الشيرازي.

الشيخ محمّد حسين الغروي الإصفهاني.

الشيخ راضي آل ياسين.

الشيخ محمّد رضا آل ياسين.

الشيخ محمّد علي الغروي الأردوبادي.


الشيخ آقا بزرگ الطهراني ، الذي أجازه بإجازة كبيرة في سنة (١٣٣٠ هـ) وقد حقّقتها وطبعتها مذيّلة بتعليقات الفقيه العلاّمة السيّد موسى الشبيري الزنجاني ، كتبها بالتماس منّي.

السيّد صدر الدين محمّد علي ابن السيّد إسماعيل الصدر وقد أجازه بإجازة حقّقتها وطبعتها مذيّلة بتعليقات الفقيه العلاّمة السيّد موسى الشبيري الزنجاني ، كتبها بالتماس منّي.

الشيخ ميرزا محمّد الفيض القمّي.

الشيخ محمّد علي الحايري القمّي.

الشيخ عبّاس المحدّث القمّي.

الشيخ علي الزاهد القمّي.

السيّد محمّد هادي الميلاني.

الشيخ أبو المجد محمّد رضا النجفي الإصفهاني.

الشيخ مهدي النجفي الإصفهاني.

الشيخ محمّد باقر النجفي الإصفهاني.

السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي.

السيّد محمّد مرتضى الجنفوري الهندي.

السيّد علي نقي النقوي الهندي.

السيّد رضا الموسوي الهندي.

السيّد أبو الحسن النقوي الهندي.

السيّد شبير حسن الفيض آبادي الهندي.


السيّد عبد الحسين شرف الدين العاملي.

الشيخ حبيب المهاجر العاملي.

السيّد هبة الدين الشهرستاني.

السيّد ميرزا هادي الخراساني.

الشيخ هادي آل كاشف الغطاء.

الميرزا أبو عبد الله الزنجاني.

الميرزا فضل الله شيخ الإسلام الزنجاني.

الشيخ محمّد أمين صدر الإسلام الخوئي.

السيّد محمّد صادق بحر العلوم.

الشيخ حيدر قلي السردار الكابلي.

الشيخ محمّد السماوي النجفي.

مؤلّفاته المطبوعة :

١ ـ تكملة أمل الآمل ـ وهي أشهر مؤلّفاته وقد طبع في ٦ مجلّدات بتحقيق المحقّق الأستاذ المرحوم حسين علي محفوظ ، وصديقي الأستاذ عبد الكريم الدباغ ، وعدنان الدباغ.

٢ ـ تأسيس الشيعة الكرام لعلوم الإسلام ، طبع بتحقيق الفاضل الشيخ محمّد جواد المحمودي (في مجلّدين).

٣ ـ الشيعة وفنون الإسلام ـ وقد ترجم إلى الفارسية مرّتين : من قبل الحجة


المرحوم السيّد علي أكبر البرقعي القمي (باسم : شيعه يا پديد آورندگان فنون إسلامى) ومن قِبَل السيّد محمّد المختاري السبزواري (باسم : شيعه وپايه گذارى علوم إسلامى) وقد ترجم إلى الأردو من قبل السيّد محمّد كاظم الموسوي اللكهنوي الهندي.

٤ ـ نهاية الدراية ـ شرح وجيزة الشيخ البهائي في الدراية ـ طبع بتحقيق الأستاذ ماجد الغرباوي.

٥ ـ الإجازة الكبيرة ـ للشيخ آقا بزرگ الطهراني ـ طبعت بتحقيق راقم السطور.

٦ ـ الطبقات في الرواة ومشايخ الإجازات ـ إجازته للسيّد صدر الدين الصدر والشيخ محمّد باقر الإصفهاني ـ طبعت بتحقيق راقم السطور.

٧ ـ بغية الوعاة في طرق طبقات مشايخ الإجازات ـ طبع بتحقيق صديقي محمّد حسين النجفي.

٨ ـ بهجة النادي في أحوال أبي الحسن الهادي ـ طبع مرّتين : بتحقيق الشيخ محمّد حسين النجفي ، وبتحقيق صديقي عبد الكريم الدباغ.

٩ ـ فصل القضاء في الكتاب المشهور بفقه الرضا ـ طبع مرّتين : بتحقيق الحجّة الشيخ رضا الأستادي ، وبتحقيق الحجة السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي.

١٠ ـ وفيات الأعلام من الشيعة الكرام ـ طبع بتحقيق الأستاذ كاظم ثامر الخفاجي.


١١ ـ عدد من خرج إلى حرب الحسين عليه‌السلام ـ طبع ثلاث مرّات : بتحقيق السيّد حسين وتوت ، وبتحقيق الشيخ حيدر مال الله ، وبتحقيق السيّد منتظر الحيدري.

١٢ ـ الغرر في نفي الضرار والضرر ـ طبع بتحقيق الشيخ مسلم الرضائي.

١٣ ـ تعارض الاستصحابين ـ طبع بتحقيق الشيخ مسلم الرضائي.

١٤ ـ تعليقة على خاتمة المستدرك ، للمحدّث النوري ـ طبعت بتحقيق الشيخ ضياء علاء الكربلائي الخطيب.

١٥ ـ مصنّفات السيّد حسن الصدر ـ طبعت بتحقيق الفاضل حسين هليب الشيباني.

١٦ ـ ذكر سلمان ـ طبع بتحقيق علي عليزاده (في مجلة ميراث بهارستان ، ٢١).

١٧ ـ تبيين الرشاد في لبس السواد على الأئمّة الأمجاد ـ طبع بتحقيق الفاضل محسن الصادقي.

١٨ ـ نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين ـ طبع مرّتين : بتحقيق الحجّة الشيخ محمّد رضا الأنصاري القمّي ، ومرّة أخرى بتحقيق الأستاذ السيّد مهدي الرجائي.

١٩ ـ المسائل المهمّة ـ رسالة عملية.

٢٠ ـ المسائل النفيسة ـ رسالة عملية.

٢١ ـ رؤوس المسائل المهمّة ـ رسالة عملية.


٢٢ ـ مختلف الرجال ـ طبع بالهند.

٢٣ ـ نكت الرجال ـ طبع بالهند.

٢٤ ـ سبيل الصالحين ونهج الصالحين في السير والسلوك ـ طبع بتبريز.

٢٥ ـ الغالية لأهل الأنظار العالية ـ طبع ببغداد.

٢٦ ـ عيون الرجال ـ طبع بلكهنو في (١٣٣١ هـ).

٢٧ ـ ذكرى ذوي النهى في حرمة حلق اللّحى ـ طبع ببغداد.

٢٨ ـ ذكرى المحسنين ـ في ترجمة السيّد محسن الأعرجي ـ طبع بتحقيق الفاضل عبد الكريم الدبّاغ وترجمه أحمد روزبهاني بالفارسية (باسم : يادنيكان) ـ طبع بطهران (مع حواشي مجتبى مقدّسي).

٢٩ ـ ردّ فتاوى الوهابيّين ـ طبع ببغداد ، وقد طبع أخيراً بتحقيق صديقي الشيخ أحمد محمّد رضا الحائري.

٣٠ ـ كشف الظنون عن خيانة المأمون ـ طبع بتحقيق الفاضل محسن الصادقي.

٣١ ـ شرح وسائل الشيعة ـ طبع بتحقيق الشيخ كاظم البغدادي (في٦ مجلدات).

٣٢ ـ ارشاد المقلدين ، رسالة عملية بالفارسية ـ طبعت سنة (١٣٣٨ هـ).

٣٣ ـ مجمع الإجازات ـ سيطبع من قبل العتبة المقدّسة العبّاسية.

٣٤ ـ انتخاب القريب من التقريب ، لابن حجر العسقلاني ـ طبع بتحقيق ثامر كاظم الخفاجي.


٣٥ ـ تعريف الجنان في حقوق الإخوان ـ طبع مرّتين : بتحقيق الشيخ محمّد جعفر الإسلامي (في مجلّة بساتين) وبتحقيق الشيخ هادي السامرّائي.

٣٦ ـ عمر وقول هجر ـ طبع بتحقيق الشيخ حيدر الوكيل.

٣٧ ـ البراهين الجليّة في ضلال ابن تيمية ـ سوف يطبع بتحقيق مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، فرع مشهد.

٣٧ ـ الدرر الموسوية طبع بتحقيق الشيخ علي جاسم شكارة الساعدي.

مؤلّفاته المخطوطة :

١ ـ إباحة الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر.

٢ ـ إبانة الصدور في موقوفة ابن أذينة المأثور.

٣ ـ الإبانة عن كتب الخزانة.

٤ ـ أحاديث الرجعة.

٥ ـ أحكام الشكوك.

٦ ـ إحياء النفوس بآداب ابن طاووس.

٧ ـ أخبار الغيبة.

٨ ـ الإخفات في التسبيحات في الركعتين الأخيرتين.

٩ ـ بعض مسائل الوقف.

١٠ ـ البيان البديع في أنّ محمّداً هو ابن بزيع.

١١ ـ تبيين الإباحة في مشكوك ما لا يؤكل لحمه للمصلّين.

١٢ ـ تبيين مدارك السداد بين المتن والحواشي لنجاة العباد.


١٣ ـ تحصيل الفروع الدينية في فقه الإمامية.

١٤ ـ تحيّة أهل القبور بالمأثور.

١٥ ـ تطهير المياه.

١٦ ـ تعليقة على رسائل الشيخ الأنصاري.

١٧ ـ تعليقة على كتاب الطهارة للشيخ الأنصاري.

١٨ ـ تعليقة على كتاب الصلاة للشيخ الأنصاري.

١٩ ـ تعليقة على كتاب رسالة التقيّة للشيخ الأنصاري.

٢٠ ـ حدائق الوصول في بعض مسائل الأصول.

٢١ ـ حجّية الظن في أفعال الصلاة.

٢٢ ـ الحقائق في حديث خير الخلائق.

٢٣ ـ سبيل الرشاد في شرح نجاة العباد.

٢٤ ـ هداية النجدين وتفصيل الجندين.

٢٥ ـ نهج السداد في حكم أراضي السواد.

٢٦ ـ مفتاح السعادة وملاذ العبادة.

٢٧ ـ محاسن الرسائل في معرفة الأوائل.

وغيرها من المخطوطات ، المفهرسة في مقدّمة الإجازة الكبيرة التي قمنا بتحقيقها.

وفاته :

توفّي ببغداد عن عمر ناهز ٨٢ سنة ، قضى كلّه في خدمة الدين والمذهب ،


في عصر الخميس الحادي عشر من شهر ربيع الأوّل سنة (١٣٥٤ هـ) ، وشيّع جثمانه الطاهر إلى الكاظمية المقدّسة تشييعاً منقطع النظير حضره أكثر من مائة ألف مشيّع من مختلف الطبقات من العلماء والأفاضل ورئيس الوزراء والوزراء والأعيان والنوّاب ودفن في مقبرة والده الواقعة في الصحن الكاظمي المقدّس ، وأقيمت له فواتح حضرها جمع غفير في إيران ولبنان وأكثر مدن العراق ، وابّنه الخطباء ورثاه الشعراء. رضوان الله عليه.

المجاز :

هو العلاّمة الفقيه السيّد صدر الدين ، ابن العلاّمة الفقيه السيّد محمّد جواد ، ابن العلاّمة الفقيه السيّد محمّد علي الموسوي العاملي الشهير بـ : (آقا مجتهد) ، ابن آية الله العظمى السيّد صدر الدين الموسوي العاملي.

ولد في إصفهان سنة (١٢٩٥ هـ) وهاجر لطلب العلم إلى النجف الأشرف سنة (١٣١٨ هـ) فعكف على درس آية الله العظمى الآخوند الخراساني وآية الله العظمى السيّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي وغيرهما من الأعلام وأخذ الحكمة والنجوم والعلوم الرياضية عن أساتذتها وقد رجع إلى إصفهان بعد أخذ إجازة الاجتهاد من آية الله العظمى الشيخ عبد الله المازندراني (المورّخ ١٣٢٦هـ) ، واشتغل فيها بتدريس (الكفاية) لأستاذه الخراساني وصار يؤمّ الجماعة في مسجد (قصر منشى) وكان الناس يرجعون إليه في مرافعاتهم ومشاكلهم وسائر أمورهم ، وله حواش استدلالية على (العروة الوثقى). وقد سلك مسلك أهل الزهد والعرفان ، فكان دايم المراقبة لنفسه ، مواظباً على تكميلها وتهذيبها وتصفيتها.


وقد توفّي في إصفهان يوم السبت ٢٨ جمادى الأولى سنة (١٣٦٠هـ) ودفن في صحن مقبرة (مادر شاهزاده) الواقعة في مقابر تخت فولاد بإصفهان في جوار والده المعظّم(١).

__________________

(١) السيّد عبد الحسين شرف الدين ، بغية الراغبين في سلسلة آل شرف الدين ، ج١ ، ص ١٧٥ ومحسن كماليان ، مشاهير خاندان صدر ، ج١ ، ص ٧٧٩ ـ ٧٨٤.


إجازة الإمام السيّد حسن الصدر

للعلاّمة السيّد صدر الدين ابن السيّد محمّد جواد الصدر

العاملي الإصفهاني

الحمدُ لله الذي أجازنا أن نُحدِّث بنعمته ، ونروي حديث علمه وقدرته ، والصلاة على خير الرّواة عن ربّ السماوات ، محمّد وآله الهُداة ، ثمّ الرحمة والرضوان على حَفَظَة الشريعة وقادَة الشيعة.

أمّا بعد.

فقد سألني السيِّد العالم العامل الفاضل ، الفقيه الكامل ، خلف أعلام الدِّين ، السيِّد صدر الدِّين(١) ، نجل العالم الرّبّاني العماد ، الحاجّ سيّد جواد(٢) ، خَلَف العَلاّمَة الأوّاه الآقا مجتهد(٣) ، بن آية اللّه العَلاّمَة السيِّد صدر الدِّين العاملي(٤) طاب

__________________

(١) المتوفّى سنة (١٣٦٠ هـ) ، وسبقت ترجمته في المقدّمة.

(٢) المولود سنة (١٢٧٣هـ) والمتوفّى (١٣٥٧هـ) بإصفهان ، من تلامذة الأعاظم : الخراساني صاحب الكفاية ، والآقا رضا الهمداني صاحب مصباح الفقيه ، والسيّد إسماعيل الصدر ، والشيخ محمّد حسين الكاظمي ، والمحقّق الرشتي. له من الكتب : الاجتهاد والتقليد ، الولاية العامّة ، الجبر والتفويض ، الشبهة المحصورة وصلاة الليل.

(٣) هو العلاّمة الفقيه السيّد محمّد علي الموسوي ، المولود سنة (١٢٣٩هـ) والمتوفّى مسموماً ليلة الثامن عشر من ذي الحجّة سنة (١٢٧٤هـ). من تلامذة أبيه والعلاّمة السيّد محمّد باقر الرشتي ـ حجّة الإسلام ـ. صاحب الكتب التالية : إحياء التقوى (في شرح الدروس) ، فرائد الفوائد (في أصول الفقه) ، منظومة في الوقف ، منظومة في المواريث ، وكتب قبل بلوغه : البلاغ المبين في أحكام الصبيان والبالغين.

(٤) هو الإمام السيّد صدر الدين ، بن الفقيه السيّد صالح ، بن العلاّمة الفقيه السيّد محمّد ، بن العلاّمة الفقيه السيّد إبراهيم شرف الدين. وأمّه بنت الشيخ علي ، بن الشيخ محيي الدين ، بن الشيخ علي صاحب الدرّ المنثور ، بن الشيخ حسن صاحب المعالم ، بن الشهيد الثاني. ولد في (١١٩٣) وتتلمذ على أبيه والعلاّمة الشيخ سليمان بن معتوق العاملي والسيّد محسن الأعرجي والشيخ أسد الله التستري وصاحب الرياض والعلاّمة بحر العلوم والشيخ جعفر كاشف العطاء ـ وهو أبو زوجته ـ والميرزا القمّي صاحب القوانين بقم. له من الآثار : منظومة في الرضاع ، أُثرة العترة (في الفقه) ، المتسطرفات ، القسطاس المستقيم (في أصول الفقه) ، المجال في علم الرجال. توفّي ليلة الجمعة ١٤ محرّم الحرام ١٢٦٤.


ثراه ، طلباً للاتّصال بسلسلة آبائه الكرام والدخول في عموم : «من روى حديثنا» وهي سيرة السلف رضوان اللّه عليهم ، فأجزتُ له أيّده اللّه تعالى أن يروي عنّي كلّما صحَّ لي روايته من علوم الدِّين ، وخصوصاً المجاميع في الحديث للمحمّدين الثلاثة الأوائل ، المعروفة : بالكتب الأربع ؛ الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه التي عليها المدار في كلّ الأعصار ، والمشتهرة اشتهار الشمس في رابعة النهار ، والمجاميع الثلاثة الكبار للمحمّدين الثلاثة الأواخر ؛ الوسائل والوافي والبحار ، بل سائر كتب الحديث ، والتفسير ، والفقه ، والأُصول ، وعلوم الأدبيّة ، والكلام ، والحكمة ، إجازة عامّة عن عدّة من العلماء الأعلام والمشايخ الكرام.

[الطريق الأوّل من طرق المؤلّف]

الأوّل منهم : السيِّد العَلاّمَة المتبحِّر الميرزا محمّد هاشم بن السيِّد الميرزا زين العابدين الخونساري الإصفهاني الچهارسوئي رحمة اللّه عليه ، عن السيِّد آية اللّه العَلاّمَة السيِّد صدر الدِّين العاملي قدّس اللّه روحه ، عن جماعة من الأعلام العظام :


[طرق العلاّمة السيّد صدر الدين العاملي]

أوّلهم : والده السيِّد الإمام العَلاّمَة السيِّد صالح بن السيِّد الإمام العَلاّمَة حجّة الإسلام السيِّد محمّد بن السيِّد المتبحّر السيِّد إبراهيم شرف الدِّين ، عن والده السيِّد محمّد المذكور ، عن جماعة من العلماء منهم الشيخ الفقيه المحدّث الشيخ محمّد بن الحسن الحُرّ العاملي صاحب الوسائل.

ثانيهم : السيِّد الإمام العَلاّمَة السيِّد محمّد المهدي الشهير بالسيّد بحر العلوم ، عن جماعة مشايخه الثانية من جملتهم المحقّق البهبهاني الآقا محمّد باقر ابن محمّد أكمل الإصفهاني ، عن أبيه ، عن العَلاّمَة المجلسي المولى محمّد باقر صاحب البحار.

ثالثهم : السيِّد الإمام العَلاّمَة الطباطبائي المير سيّد علي صاحب الرياض ، عن جماعة مشايخه منهم : الشيخ الفقيه المحدّث الشيخ يوسف صاحب الحدائق بطرقه المذكورة في لؤلؤة البحرين التي منها عن الميرزا رفيع الدِّين الجيلاني نزيل المشهد الرضوي ، عن العَلاّمَة المجلسي صاحب البحار.

رابعهم : شيخ الطائفة الشيخ جعفر بن الشيخ خضر صاحب كشف الغطاء ، عن شيخيه المحقّق البهبهاني والمحدِّث الشيخ يوسف البحراني.

خامسهم : الشيخ سليمان بن معتوق العاملي ، عن السيِّد العلاّمة السيِّد محمّد بن السيِّد إبراهيم شرف الدِّين العاملي ، عن المحقّق السبزواري المولى محمّد باقر بن محمّد مؤمن صاحب الذخيرة والكفاية ومفاتيح النجاة وغير ذلك.

سادسهم : السيِّد العَلاّمَة المتبحِّر المفسِّر السيِّد مهدي الشهرستاني


الموسوي نزيل الحائر المقدّس ، عن مشايخه ؛ منهم الشيخ العلاّم الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق ، عن مشايخه المذكورين في إجازته الكبيرة المسمّاة بـ : لؤلؤة البحرين.

سابعهم : السيِّد المحقّق المؤسّس السيِّد محسن الأعرجي صاحب المحصول ، عن الآقا المحقّق البهبهاني.

[الطريق الثاني من طرق المؤلّف]

الثاني منهم : الشيخ الفقيه العابد الزاهد الناسك المجاهد المولى الحاجّ عليّ ابن المرحوم الميرزا خليل الطهراني الغروي قدّس اللّه روحه ونوّر ضريحه ، فإنّي أروي عنه عن شيخنا العَلاّمَة المرتضى الأنصاري ، عن السيِّد آية اللّه السيِّد صدر الدِّين العاملي وعن المولى أحمد بن محمّد مهدي النراقي صاحب المستند ، وهما جميعاً عن السيِّد بحر العلوم ، عن الآقا المحقّق البهبهاني.

وأروي أيضاً عنه عن شيخه صاحب الجواهر الشيخ محمّد حسن بن الشيخ باقر ، عن شيخه الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء ، عن المولى العَلاّمَة الشيخ محمّد مهدي الفتوني ، وأروي أيضاً عنه عن الشيخ الفقيه الشيخ جواد ملاّ كتاب ، عن السيِّد صاحب مفتاح الكرامة السيِّد محمّد جواد العاملي النجفي ، عن الآقا المحقّق البهبهاني والمير سيّد علي الطباطبائي صاحب الرياض.

وأروي أيضاً عنه ، عن الشيخ الفقيه الشيخ رضا بن الشيخ زين العابدين العاملي النجفي شارح الشرائع ، عن السيِّد العَلاّمَة المتبحّر السيِّد عبد اللّه بن السيِّد محمّد رضا الشبّري الكاظمي صاحب جامع الأحكام وغيره ، عن جماعة منهم ،


عن المحقّق الشيخ أسد اللّه الدزفولي الكاظمي صاحب المقابيس ، عن المحقّق القميّ صاحب القوانين والغنائم وغير ذلك ، عن المحقّق البهبهاني ، عن والده محمّد أكمل الإصفهاني ، عن العَلاّمَة المجلسي.

(حيلولة) وأروي عن المولى الحاجّ ملاّ علي بن الميرزا خليل المذكور ، عن الشيخ الجليل الفقيه الشيخ عبد العلي الرشتي النجفي شارح الشرائع ، عن مشايخه الثلاثة السيِّد بحر العلوم والمير سيّد علي صاحب الرياض والشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء جميعاً ، عن المحقّق الآقا محمّد باقر بن محمّد أكمل ، عن والده ، عن العَلاّمَة المجلسي.

[الطريق الثالث من طرق المؤلّف]

الثالث منهم : السيِّد الإمام العَلاّمَة المتبحّر المصنّف المُكثِر السيِّد معزّ الدِّين المهدي القزويني نزيل الحلّة ، عن عمّه السيِّد الربّاني السيِّد باقر صاحب الشبّاك في الغري ، عن السيِّد بحر العلوم بطرقه المتقدّمة.

(حيلولة) وعن السيِّد مهدي القزويني المذكور ، عن السيِّد محمّد تقي القزويني ، عن السيِّد العَلاّمَة الطباطبائي السيِّد محمّد المجاهد صاحب المفاتيح والمناهل ، عن والده صاحب الرياض ، عن المحقّق البهبهاني ، عن والده محمّد أكمل الإصفهاني ، عن العَلاّمَة المجلسي.

[الطريق الرابع من طرق المؤلّف]

الرابع منهم : الشيخ الفقيه ، ترجمان الفقهاء المتبحّرين ، الحاجّ ميرزا حسين


ابن الميرزا خليل الطهراني الغروي رضوان اللّه عليه ، عن السيِّد العَلَم العلاّمة الحاجّ [الـ]ـسيّد أسد اللّه ابن حجّة الإسلام السيِّد محمّد باقر الرشتي الإصفهاني ، عن والده ، عن مشايخه صاحب الرياض الطباطبائي وصاحب كشف الغطاء النجفي.

(حيلولة) وعن الحاجّ ميرزا حسين بن الخليل المذكور ، عن العالم المتبحّر الربّاني الآخوند ملاّ محمّد تقي الگلپايگاني قدّس سرّه ، عن صاحب الجواهر وغيره من مشايخه.

[الطريق الخامس من طرق المؤلّف]

الخامس منهم : ثقة الإسلام العَلاّمَة النوري صاحب مستدرك الوسائل ، عن مشايخه الكرام منهم : شيخ العراقين الفقيه الجليل الشيخ عبد الحسين الطهراني قدّس سرّه ، عن مشايخه الكرام منهم : الحاجّ ملاّ حسين عليّ التوسركاني ، عن الشيخ المحقّق الشيخ محمّد تقي صاحب الهداية ، عن شيخه وجدّ ولده شيخ الطائفة الشيخ جعفر كاشف الغطاء.

(حيلولة) وعن العَلاّمَة النوري ، عن شيخنا العَلاّمَة المرتضى الأنصاري ، عن المحقّق النراقي المولى أحمد ، عن والده العَلاّمَة المتبحّر ، عن المحقّق البهبهاني.

(حيلولة) وعن العَلاّمَة النوري ، عن العَلاّمَة الحاجّ ملاّ علي بن الميرزا خليل الطهراني بطبقته السابقة جميعاً

(حيلولة) وعن العَلاّمَة النوري ، عن السيِّد العَلاّمَة السيِّد مهدي القزويني


الحلّي بكلّ طرقه السابقة.

(حيلولة) وعن العَلاّمَة النوري ، عن السيِّد المتبحّر الميرزا محمّد هاشم الخونساري ، عن والده الميرزا زين العابدين ، عن المير محمّد حسين بن المير عبد الباقي إمام الجمعة بإصفهان ، عن والده المير عبد الباقي عن والده المير محمّد حسين سبط المجلسي ، عن والده المير محمّد صالح بن عبد الواسع ، عن العَلاّمَة المجلسي والشريف أبي الحسن الفتوني والشيخ علي سبط الشهيد الثاني بطرقهم الآتي إليها الإشارة إنْ شاء اللّه تعالى.

(حيلولة) وبالطرق المتقدّمة عن الشيخ الحُرّ صاحب الوسائل بطرقه المذكورة في آخر فوائد وسائله.

(حيلولة) وبالأسناد المتقدّمة عن العَلاّمَة المجلسي قدّس سرّه ، عن مشايخه العشرين بطرقهم المذكورة في أوّل أربعينه وآخر بحاره الذين منهم المحدِّث الكاشاني المولى محسن صاحب الوافي ، عن الشيخ البهائي والمولى محمّد طاهر القميّ والمولى خليل القزويني والمحقّق الشيخ محمّد بن صاحب المعالم والمولى محمّد صالح المازندراني شارح أُصول الكافي والسيّد ماجد البحراني بطرقهم المذكورة في مشيخة الوافي.

(حيلولة) وعن العَلاّمَة المجلسي ، عن والده العَلاّمَة المولى محمّد تقي [الـ]مجلسي ، عن الشيخ البهائي ، عن والده العلاّمة الربّاني الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي العاملي ، عن شيخه الشهيد الثاني بكلّ طرقه المذكورة في إجازته الكبيرة التي كتبها للشيخ حسين المذكور.

(حيلولة) وعن العَلاّمَة المجلسي ، عن العالم الصالح الفاضل المولى محمّد


محسن بن محمّد مؤمن الإسترآبادي ، عن جدّنا السيِّد الإمام العَلاّمَة السيِّد نور الدِّين أخي صاحب المدارك.

(حيلولة) وعن العَلاّمَة المجلسي ، عن العالم المحدّث المولى محمّد طاهر ابن محمّد حسين القميّ ، عن جدّنا السيِّد نور الدِّين المذكور.

(حيلولة) وعن العَلاّمَة المجلسي ، عن الأمير محمّد مؤمن بن دوست محمّد الإسترآبادي نزيل مكّة صاحب كتاب الرجعة ، عن جدّنا السيِّد نور الدِّين علي بن السيِّد علي بن الحسين المشتهر بابن أبي الحسن الموسوي ، عن أخويه : السيِّد محمّد صاحب المدارك والشيخ حسن بن الشهيد الثاني وهو أخوه لأُمّه ، بطرقه المذكورة في إجازته للسيّد نجم الدِّين.

(حيلولة) وعن العَلاّمَة المجلسي ، عن الأمير فيض اللّه الطباطبائي القهبائي ، عن السيِّد عزّ الدِّين أبي عبد اللّه الحسين بن السيِّد حيدر بن قمر الحسيني الكركي العاملي المُفتي بإصفهان ، عن شيخنا البهائي والمير الداماد والشيخ محمّد بن صاحب المعالم والشيخ نجيب الدِّين علي بن شمس الدِّين محمّد بن مكّي بن عيسى الجبلي العاملي ، عن الشيخ البهائي وصاحبي المدارك والمعالم ، وعن أبيه الشيخ شمس الدِّين محمّد ، عن جدّه مكّي بن عيسى ، عن ظهير الدِّين إبراهيم الميسي والشهيد الثاني ، وعن أبيه ، عن جدّه لاُمّه مُحيي الدِّين الميسي ، عن الشيخ علي بن عبد العالي الميسي بطرقه الآتية.

(حيلولة) وعن العَلاّمَة المجلسي صاحب البحار ، عن والده التقيّ والمولى حسن علي بن المحقّق المولى عبد اللّه التستري وسيّد الحكماء المير رفيع الدِّين


محمّد بن الأمير حيدر الحسيني الطباطبائي والفاضل محمّد شريف الرودشتي(١) ، عن الشيخ البهائي ، عن والده الشيخ حسين بن عبد الصمد ، عن الشيخ زين الدِّين الشهيد الثاني ، عن الشيخ نور الدِّين علي بن عبد العالي الميسي ، عن الشيخ شمس الدِّين محمّد بن المؤذِّن الجزيني قدّس سرّه ، عن الشيخ ضياء الدِّين عليّ رَوَّح اللّه روحه ، عن والده السعيد الشهيد الأوّل محمّد بن مكّي ، عن الفخر(٢) الدِّين محمّد ، عن والده العَلاّمَة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر ، بكلّ طرقه المذكورة في إجازته الكبيرة التي كتبها لبني زُهرة عن شيخه المحقّق نجم الدِّين جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد صاحب الشرائع ، عن السيِّد النسّابة فخار بن معد الموسوي ، عن الفقيه شاذان بن جبرئيل القميّ ، عن عماد الدِّين أبي جعفر محمّد بن أبي القاسم الطبري ، عن الشيخ المفيد أبي علي الحسن بن الشيخ أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ، عن والده شيخ الطائفة رحمه اللّه ، عن الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان ، عن الشيخ الصدوق محمّد بن علي بن بابويه ، (عن محمّد بن محمّد بن حسام الكليني) (٣) عن ثقة الإسلام أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني.

(حيلولة) وعن شاذان بن جبرئيل القميّ ، عن أبيه جبرئيل بن إسماعيل ، عن الشيخ أبي الحسن محمّد بن محمّد البصري ، عن السيِّد عَلَم الهُدى المرتضى.

(حيلولة) وعن شاذان القميّ المذكور ، عن السيِّد أحمد بن محمّد

__________________

(١) كذا والصحيح : الرويدشتي.

(٢) كذا والصحيح : فخر.

(٣) ليس في النسخة والصحيح ما أثبتناه.


الموسوي ، عن القاضي ابن قدامة ، عن السيِّدين المرتضى والرضيّ وهما جميعاً عن الشيخ المفيد ، عن ابن قولويه جعفر بن محمّد بن قولويه بطرقه المذكورة في كامل الزيارة عن شيخه أبي محمّد هارون بن موسى بن أحمد بن سعيد بن سعد التلعكبري الشيباني الواسع الرواية الذي لا يُدانيه فيها أحدٌ من علماء أهل طبقته فإنّه يروي جميع الأُصول الأربعمائة والمصنّفات ، وتوفّي خمس وثمانين وثلاثمائة.

وقد جمعتُ لك أدام اللّه تأييدك ما يحوي كلّ طرق الأصحاب ، وأجزتُ لك رواية كلّ ذلك بحقّ روايتي عنهم ، فاروي ذلك كلّه كما شئت وأحببت ، متى شئت وأحببت ، لمن شئت وأحببت ، وكذلك رواية مصنّفاتي ومؤلّفاتي وما أملاهُ قلمي القاصر وذهني الفاتر من الحواشي والشروح والمتون في سائر العلوم فقد تجاوزت المجموع الثمانين ، واللّه وليّ التوفيق. فقد أصبحتَ مأذوناً برواية كلّ مصنّفات الإماميّة من السَّلَف والخَلَف في كلّ فنون العلم ، فقد أجزتك بالكلّ عن الكلّ بشروط الرواية ، وأنّي خاتم هذه الاجازه بفوائد عزيزة أنتَ لها أهلٌ :

الأُولى :

لمّا كان الشيوخ يفتخرون ويبتهجون بالسند العالي وما قلّت فيه الوسائط وقرُبت فيه الأسانيد إلى المعصوم حتّى أفردوا فيه التآليف مثل كتاب قُرب الإسناد لابن بابويه والد الصدوق وللحميري ولعليّ [بن](١) إبراهيم شيخ الكليني ولمحمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني ، اجتهدت في تحصيل ذلك فسهّل اللّه عَلَيَّ وَرَزَقني بفضله من ذلك شيء كثير ، فأحببتُ أن يكون لك كذلك ، فاعلم إنّي أروي

__________________

(١) كلمة [بن] ليس في النسخة والصحيح ما أثبتناه.


عن جدّنا السيِّد صالح ، عن والده السيِّد محمّد ، عن الشيخ الحُرّ صاحب الوسائل ، عن الشيخ محمّد بن علي العاملي الحرفوشي ، عن ابن أبي الدُّنيا عليّ بن عثمان المعمّر المغربي ، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، عن رسول اللّه ، عن جبرئيل ، عن إسرافيل ، عن اللّوح ، عن القلم ، عن ربّ العالمين.

(حيلولة) وبالإسناد المتقدّم عن الشهيد الأوّل ، عن تاج الدِّين محمّد بن سعيد ، عن أبيه الشريف القسم بن الحسين بن سعيد الحسني ، عن المعمّر بن غوث الحسيني ، عن الإمام أبي محمّد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام أنّه قال : «أحسن ظنّك ولو بحجر يطرح اللّه سرّه فيه فتتناول حظّك منه ، فقلت : أيّدك اللّه حتّى الحجر؟ قال : أفلا ترى الحجر الأسود؟»(١).

(حيلولة) وبإسناده المذكور ، عن المعمّر بن غوث المذكور عن أبي الحسن الراعي ، عن نوفل السلمي ، قال : سمعتُ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يقول : «إنّ اللّه خلقَ خلقاً من رحمته وهم الذين يقضون حوائج للناس فمن استطاع منكم أن يكون منهم فليكُن»(٢).

(حيلولة) وبالإسناد المتقدِّم ، عن السيِّد رضيّ الدِّين علي بن طاوُس ، عن الحجّة صاحب الزمان بما سمعه منه في السرداب الشريف المذكور في كتاب مهج الدعوات ، وعنه عن الآوي عن الحجّة بالدُّعاء المعروف المذكور في المهج أيضاً.

__________________

(١) عوالي اللئالي ١ / ٢٥ ؛ بحار الأنوار ٧٢ / ١٩٧ ، ح١٤ ؛ مستدرك الوسائل ٩ / ١٤٦.

(٢) بحار الأنوار ٥٣ / ٢٥٤ ؛ مستدرك الوسائل ١٢ /٤٠٢.


(حيلولة) وبإسناد إلى محمّد بن علي العلوي المصري بالدُّعاء العلوي المصري عنه عجّل اللّه فرجه.

(حيلولة) الشيخ عبد الجبّار الرازي ، عن ذو الكفايتين أبو الجوائز ، عن عليّ ابن عثمان بن الحسين صاحب الديباج ، عن الحسن بن ذكوان الفارسي ، عن أمير المؤمنين خمسة عشر حديثاً المعروفة.

وأروي أنا عن العبد الصالح الثقة العدل الحاجّ عليّ البغدادي الشهير بالكرّادي عن الحجّة صاحب الزمان صلوات اللّه عليه وعلى آبائه الكرام حديثه المذكور في كتاب النجم الثاقب للعلاّمة النوري وهو (١) شريكي في روايته.

الفائدة الثانية :

قد استمرّت الطريقة على التوصية في الإجازة ، فأقولُ لك كما قالوا لي : عليك بالتمسّك بذيل الاحتياط الذي فيه النجاة عند المرور على الصراط ، والتمسّك في الأقوال والأفعال بالأئمّة الهُداة وإحياء أمرهم ، وأن يكون علم الحديث شعارك ودثارك وبه اشتغالك إذ لا ثمرة لما سواه ، وما سواه راجعٌ إليه ، لكنّه لا يوفّق له إلاّ الملازم للتقوى ومكارم الأخلاق ، وقد روينا بأسانيدنا عن ثقة الإسلام الكليني بإسناده عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «مَن طلبَ العلم ليُباهي به العلماء أو يُماري به السفهاء أو يصرف وجوه الناس إليه فليتبوّأ مقعده من النار»(٢).

وبالأسانيد السابقة ، عن أبي جعفر الكليني ، عن عليّ بن إبراهيم القميّ رفعه إلى أبي عبد اللّه الصادق عليه‌السلام قال : «طَلَبَة العلم ثلاثة فاعرفهم بأعيانهم وصفاتهم ؛

__________________

(١) أي : المحدّث النوري.

(٢) الكافي ١ / ٧٤ ، ح٦ (باب المستأكل بعلمه).


صنف يطلبه للجدَل والمراء ، وصنف يطلبه للاستظهار والختل ، وصنف يطلبه للفقه والعقل ؛ فصاحب الجدل والمراء مؤذ عاد متعرّض للمقال في أندية الرجال ، يتذكّر العلم وصفته الحكم ، قد تسربلَ بالخشوع وتخلّى عن الورع ، فدقَّ اللّه تعالى من هذا خيشومه وقطع منه حيزومه ، وصاحب الاستطالة والختل ذو حُبّ ومَلَق ، يستطيل على مثله من أشباهه ، ويتواضع للأغنياء من دونه ، فهو لحلواتهم هاضم ولدينهم حاطم ، فأعمى اللّه تعالى على هذا خبره وقطع من آثار العلماء أثره ، وصاحب الفقه والعقل ذو كآبة وحزن وسهر ، قد تحنّك في برنسه وقام الليل في حندسه ، يعمل ويخشى ، وَجِلاً داعياً مُشفقاً ، مُقبِلاً على شأنه ، عارفاً بأهل زمانه ، مستوحشاً من أوثق إخوانه ، فشدّ اللّه تعالى من هذا أركانه ، وأعطاه يوم القيامة أمانه»(١).

وينبغي حفظ هذا الحديث ومذاكرته في كلّ يوم والمراقبة على أن لا يكون داخلاً في الذين دعا عليهم الباقر ، وأن يجهد نفسه أن يكون داخلاً في الذين دعا لهم عليه السلام بشدّ الأركان والأمان في القيامة.

والمؤمّل من جناب السيِّد الأجلّ الآقا السيِّد صدر الدِّين سلّمه اللّه تعالى أن لا ينساني من خاطره الشريف ويذكرني في دعواته وأوقات صلواته ومناجاته ، فإنّ دعاءه مرجوّ إجابته ، وأن يديم ذلك لي (و) لمشايخي في خلواته وجلواته فإنّ حقّ المشايخ عظيم وقدرهم عند اللّه ورسوله والأئمّة الطاهرين جسيم حيث حفظوا الدِّين وروّجوا شريعة سيّد المرسلين وناظروا المعاندين ونفوا تحريف الغاوين وتصحيف المعاندين بأنحاء أنواع الرواية.

__________________

(١) الكافي١ / ٤٩ ، ح٥ (باب النوادر).


الفائدة الثالثة : في فائدة الإجازة :

فاعلم أنّ فائدتها المتّفق عليها هي أنّ المجاز له يصير بها راوياً متّصل الأسناد بالراوي له عنه ، وبدونها لا يصير راوياً وإن صحّ إسناد الكتاب مثلاً إلى مصنّفه بدونها ، لكن صحّة إسناد ذلك إلى مصنّفه لا يلزم منه أن يكون المسند إليه راوياً له عنه حيث لم يحدّثه به لفظاً ولا معنى ، فلا يصحّ أن يقول غير المجاز : (أخبرنا) أو (حدّثنا) أو (أنبأنا) بدون الإجازة ، بل لا خلاف بينهم في منع الرواية بالوجادة ، لما ذكرنا من عدم الإخبار فلا يجوز الرواية والتحديث بدون الإجازة وإن جاز العمل بالرواية على الأصحّ ، خلافاً لجماعة من المعاصرين حيث منعوا العمل بدون الرواية واستدلّوا بوجوه لو تمّت لدلّت على عدم جواز الرواية بدون الإجازة لا على عدم جواز العمل إلاّ بالرواية ، وقد أجبت عن تلك الوجوه في كتابي بُغية الوعاة في طبقات مشايخ الإجازات.

وبالجملة الرواية بالإجازة كأن يقول : (أخبرنا إجازة) أو (حدّثنا إجازةً) أو (أنبأنا إجازةً) في قوّة الإخبار والسماع ، والفرق بينهما الإجمال والتفصيل فإنّ الإجازة عرفاً في قوّة الإخبار بروايات جملة ، فهي كما لو أخبره تفصيلاً ، والإخبار غير متوقّف على التصريح نطقاً كما في القراءة على الشيخ والغرض حصول الإفهام وهو متحقّق بالإجازة التي هي اليوم أرجح من السماع ، كما أنّ السماع كان أرجح قبل جمع الكتب الأربع(١) ؛ لأنّهم كانوا يلتقطون الروايات من الأُصول والكتب التي تحتاج إلى السماع خوفاً من التلبيس والتدليس ، وبعدما جمع

__________________

(١) الصحيح : الأربعة.


المحمّدون(١) ، المجاميعَ(٢) صار المرجع في معرفة القويّ والضعيف كتب الرِّجال الممهّدة في الجرح والتعديل.

حرّره خادم الشرع المبين حسن صدر الدِّين ، المتولّد ٢٩ شهر رمضان يوم الجمعة عند الزوال سنة (١٢٧٢هـ) ، ابن سيّد العلماء السيّد الهادي(٣) المتولّد سنة (١٢٣٥هـ) [و]المتوفّى سنة (١٣١٢هـ) ، بن السيِّد العَلاّمَة المتبحّر السيِّد محمّد علي(٤) المتولّد سنة أربع وتسعين أو خمس وتسعين ومائة بعد الألف [(١١٩٤هـ أو ١١٩٥هـ)] ، المتوفّى بإصفهان في حدود سنة أربعين ومأتين بعد الألف [(١٢٤٠هـ)] (٥) ، بن السيِّد العَلاّمَة الكبير السيِّد صالح(٦) المتولّد سنة ألف ومائة

__________________

(١) وهم : محمّد بن يعقوب الكليني الرازي (م ٣٢٩) ومحمّد بن علي بن الحسين ، الصدوق القمّي (م ٣٨١) ومحمّد بن الحسن الطوسي (م ٤٦٠) رضوان الله عليهم أجمعين.

(٢) وهي : الكافي والفقيه والتهذيب والاستبصار.

(٣) هو العلاّمة الفقيه السيّد هادي صدر الدين الموسوي الكاظمي ، من تلامذة الإمام الشيخ مرتضى الأنصاري والشيخ حسن كاشف الغطاء صاحب (أنوار الفقاهة) وعمّه السيد صدر الدين العاملي. كان فقيهاً أصولياً أديباً شاعراً بليغاً ، فصيح المنطق وكان له حظّ في علم الطبّ وبعض العلوم الرياضية. من آثاره : كتاب الزكاة (مبسوطاً) ورسالة كلامية. وفي معارف الرجال (٣/٢٢٤) مات في : ١٣١٦.

(٤) السيِّد محمّد علي الجدّ قدّس سرّه شقيق السيِّد صدر الدِّين قدّس سرّه ، وأُمّهما بنت الشيخ علي بن محيي الدِّين بن علي بن محمّد بن الحسن صاحب المعالم بن الشيخ زين الدِّين الشهيد الثاني رحمه اللّه. منه.

(٥) والصحيح ، المتوفى : (١٢٤٧) ، وكان فقيهاً أديباً شاعراً حسن القريحة ، محمود السيرة. من كتبه : فرائد الفوائد في أصول الفقه ، إحياء التقوى (في شرح الدروس) ، العلائم في شرح المراسم ، منظومة في الوقف ، منظومة في الميراث. منظومة في علم النحو وديوان شعر بالفارسية.

(٦) هو العلاّمة الفقيه السيد صالح الموسوي وكان من الأدباء البارعين في الشعر والنثر ، كما كان


واثنين وعشرين [(١١٢٢هـ)] ، كان هاجرَ لطلب العلم إلى النجف وكربلاء سنة خمس وخمسين [(١١٥٥)] وبقي إلى سنة ثلاث وستّين [(١١٦٣هـ)] ، ولمّا فرغ رجع إلى (عامِلَة) وكان المرجع العام فيها حتّى كانت فتنة أحمد الجزّار فخرج هارباً إلى العراق سنة ألف ومائة وسبع وتسعين [(١١٩٧هـ)] وسكن النجف وتوفّي بها لتسع بقين من ذي الحجّة سنة ألف ومأتين وسبعة عشر [(١٢١٧هـ)] ، ابن السيِّد محمّد(١) العَلاّمَة الوحيد ، تلمّذ على المحقّق السبزواري صاحب الذخيرة وزوّجه أُستاذه بكريمته بإصفهان ، وتوفّي المحقّق وزوجة السيِّد الجدّ ، فأحزنه ذلك فخرج إلى المشهد الرضوي فزوّجه الشيخ الحرّ صاحب الوسائل ابنته وهي جدّتنا وكان تولّد في جبع سنة (١٠٤٩هـ) سلخ رجب وكان هاجر إلى العراق سنة الثمانين بعد الألف [(١٠٨٠هـ)] ثمّ توجّه إلى إصفهان في سادس محرّم سنة (١٠٨٣هـ) ونال الحضور من الشاه عبّاس الثاني وبقي مدّة ، ثمّ لمّا كانت سنة الوباء وهي سنة (١٠٨٩هـ) ماتت زوجته بنت المحقّق السبزواري وبنتها ابنته ، وخرج إلى خراسان (و) كان المرجع العام فيها وتزوّج ابنة الشيخ صاحب الوسائل وخرج إلى الحجّ سنة مائة وألف [(١١٠٠هـ)] ثمّ رجع إلى عامِلَة سنة (١١٠١هـ) وله يومئذ اثنان وخمسون عاماً وأقام في البلاد ثمانية وثلاثين سنة وصنَّفَ عدّة مصنّفات ، وتوفّي سنة ألف ومائة وتسع وثلاثين [(١١٣٩هـ)] ، ابن السيِّد الإمام

__________________

له اطّلاع في الطبّ والرياضيات ، ومن الأعاظم العاملين والعلماء الجامعين المشاركين. راجع ترجمتة مفصّلا في : طبقات الإجازات (للمؤلّف) : ٤٣ ـ ٤٤ والكرام البررة ، ٢ / ٦٦١ ـ ٦٦٢.

(١) له قصيدة نونية في نظم حديث الكساء (الذريعة ١٧/١٣٥) ، ومن تلاميذه الشيخ سليمان بن معتوق العاملي ، وولده السيد محمد صالح. (الكواكب المنتشرة : ٦٥١ ـ ٦٥٢).


العَلاّمَة السيِّد إبراهيم شرف الدِّين(١) ، المتولّد سنة ألف وثلاثين [(١٠٣٠هـ)] ، وأُمّه بنت العَلاّمَة الشيخ سليمان بن الحسين بن محمّد بن أحمد بن سلمان النباطي ، وقامَ مَقام أبيه في المرجعيّة وهو ابن ثلاث وأربعين سنة ، وحجّ سنة ألف وثمان وسبعين [(١٠٧٨هـ)] ، وتوفّي في غرّة صفر سنة ألف وثمانين [(١٠٨٠هـ)] وله خمسون سنة ، وقد رَثَتْهُ الشعراء. ابن السيِّد الإمام العَلاّمَة السيِّد زين العابدين(٢) ، المتولّد سنة ستّ وتسعين وتسعمائة [(٩٩٦هـ)] في غرّة محرّم ، وأُمّه كريمة العَلاّمَة الشيخ نجيب الدِّين علي بن محمّد بن مكّي الجُبعي العاملي ، قرأ على والده(٣) وجماعة ، وقد ترجمه الحُرّ في أمل الآمِل(٤) ، وتوفّي بمكّة سنة ثلاث وسبعين وألف [(١٠٧٣هـ)]. ابن السيِّد الإمام العلاّمة المتبحّر ، أُستاذ علماء عصره السيِّد نور الدِّين علي(٥) أخو (٦) السيِّد محمّد صاحب المدارك بن السيِّد العَلاّمَة

__________________

(١) قرأ على والده العلاّمة وعلى بعض أعمامه ، وعلماء عصره. كان عالماً فاضلا جليلا ، وكان قد ارتحل من جُبَع إلى شُحور ومات بها ودفن فيها.

(٢) كان عالماً فاضلا عابداً ، عظيم الشأن ، جليل القدر ، حسن العشرة ، كريم الأخلاق ، من المعاصرين (كذا في الأمل) واسمه : إبراهيم ولقبه : زين العابدين وهُجر اسمه واشتهر بلقبه ، ومات بمكّة ودفن في مقبرة المعلّى عند قبر أبيه السيد نور الدين (تكملة أمل الآمل ١/١٨٥).

(٣) وترجمة والد السيِّد زين العابدين أعني السيِّد نور الدِّين ومن بعده في كتاب بُغية الراغبين في أحوال آل شرف الدِّين. منه.

(٤) أمل الآمل في تراجم علماء جبل عامل ١ /١٠٠.

(٥) هو الأخ الأبي للسيّد محمّد العاملي صاحب المدارك والأخ الأمّي للشيخ حسن بن الشهيد الثاني صاحب المعالم ، له : شرح الاثنى عشرية الصلاتية للشيخ البهائي ، والفوائد المكّية ، وشرح المختصر النافع.

(٦) والصحيح : أخي.


السيِّد علي(١) بن السيِّد العَلاّمَة السيِّد حسين بن محمّد بن الحسين بن علي بن محمّد بن تاج الدِّين المعروف بأبي الحسن بن محمّد بن عبد اللّه بن أحمد بن حمزة بن سعد اللّه بن حمزة بن محمّد بن محمّد بن عبد اللّه بن محمّد بن علي ابن عبد اللّه بن محمّد بن طاهر بن الحسين بن موسى بن إبراهيم ابن الإمام باب الحوائج إلى اللّه أبي الحسن موسى الكاظم ابن الإمام الصادق ابن الإمام الباقر ابن الإمام زين العابدين ابن الإمام أبي عبد اللّه الحسين سيّد الشهداء وسبط خاتم الأنبياء عليه وعليهم السلام ، ابن الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة ابن إلياس بن مضر ابن نزار بن معد بن عدنان ، في سابع ربيع الثاني سنة (١٣٣٨هـ) ، والحمدُ لله ربّ العالمين.

__________________

(١) السيّد علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي الجبعي ، كان من أعيان العلماء والفضلاء في عصره ، جليل القدر من تلامذة الشهيد الثاني ، وكان زاهداً عابداً فقيهاً ورعاً. (أمل الآمل ١/١١٧).


جذور نشأة نظرية إعجاز القرآن(١)

وبيان وجوهها في القرون الأولى

د. مرتضى كريمي نيا

بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد :

إنّ أقدم المصادر الكلامية والحديثية والتفسيرية لعلماء المسلمين في القرون الأولى قلّما بيّنت نظريّة واضحة في مجال وجوه إعجاز القرآن ، في حين شهد مطلع القرن الخامس تبلور هذه النظرية بشكل واف وكامل في مصنّفات محقّقي تلك الحقبة مثل الباقلاّني ، القاضي عبد الجبّار والشريف المرتضى. إنّ غياب مثل هذه الأبحاث من جانب وبزوغ كمٍّ هائل من الأبحاث القرآنية الأخرى في الآثار الإسلامية للقرون الأولى من جانب آخر أثار تساؤلاً في الأوساط العلمية وهو أنّ العلماء الإسلاميّين منذ متى تطرّقوا إلى موضوع إعجاز

__________________

(١) تعريب : هيئة التحرير.


القرآن وتبيين وجوهه ، وما هي الظروف التي ساقتهم إلى تناول مثل هذا الموضوع؟ نحاول في هذه المقالة من خلال المرور على جملة من الأبحاث ذات الصلة بهذا الموضوع معرفة محطّتين تاريخيّتين لظهور الأبحاث والنظريّات في مجال وجوه إعجاز القرآن في القرون الأولى :

المحطّة الأولى : هي الأبحاث والمناظرات الكلامية للنصارى والمسلمين في مجال علائم نبوّة الرسول الأعظم محمّد (صلى الله عليه وآله).

والمحطّة الثانية : هي المساعي الأدبية والكلامية لمعتزلة البصرة وبغداد ، حيث نرى في تلك الحقبة متكلّمي المعتزلة قد تطرّقوا إلى هذا الأمر بشكل واسع خصوصاً في القرن الرابع ، حيث بدت ملامحه واضحة في أواخر هذا القرن. وفي بداية القرن الخامس بدا التنظير في باب إعجاز وتبيين وجوه إعجاز القرآن أكثر وضوحاً في المصنّفات الكلامية والتفسيرية لعلماء سائر الفرق الإسلامية المعروفة آنذاك ، وقد تحوّل إلى واحد من الأبحاث الأساسية في علم التفسير وعلوم القرآن.

المقدّمة :

هناك آياتٌ عديدة في القرآن الكريم تدعو مخاطبيها إلى التحدّي ـ فيما إذا كانوا يشكّون في صحّة دعوة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ويعدّون القرآن من كلام البشر أو أنّه كذب ومقتبس ـ على أن يأتوا بسور أو بسورة من مثله كما في (سورة هود الآية ١٣ ، يونس ٣٨ ، والطور ٢٣ ـ ٢٤) ، وفي بعض الآيات تصريح قاطع على أنّ


الإنس والجنّ لا يستطيعون أن يأتوا بمثل هذا القرآن ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً كما في (سورة الإسراء الآية ٨٨) وكما في (سورة البقرة الآية ٢٣) التي تصرّح (وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ الله إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).

وعلى الرغم من وجود التأكيد الصريح للآيات القرآنية الآنفة الذكر في التحدّي والتعبئة إن استطاعوا ـ وذلك لإثبات حقّانية وصحّة دعوة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ـ فإنّ موضوع إعجاز القرآن وتبيين الوجه أو الوجوه المختلفة لإعجازه لم يكن موضع اهتمام المفسّرين والمحدّثين في القرون الأولى ، بالرغم من أنّ موضوع إعجاز القرآن له ارتباط وثيق مع موضوع إعجاز الأنبياء في علم الكلام.

إنّ موضوع البحث في هذه المقالة هو المسار التاريخي لمبدأ نشوء نظرية إعجاز القرآن وتطوّر بيان وجه إعجازه في القرون الأولى. بناءً على هذا فإنّ البحث في هذا المقال له طابعٌ تاريخي ، ومن الطبيعي في الدراسة التاريخية لنظرية الإعجاز أن ننأى بأنفسنا عن الاعتقادات العلمية أو غير العلمية التي نعتقد بها في عصرنا الحاضر ، وأن نسعى جاهدين لاتّخاذ آليّات أكثر دقّة لدراسة الأسناد والمصنّفات المتبقّية من العصور الغابرة دراسة أدبية وتاريخية ، ونحاول أن نكتشف من خلال دراستنا لهذا الموضوع طريقة وكيفية دراسة القدماء له وخاصّة الرعيل الأوّل من علماء الإسلام ، وكيفية تبلور وتطوّر الآراء العلمية في باب إعجاز القرآن ومدى ارتباط ذلك بالظروف الاجتماعية والسياسية والثقافية والمذهبية والعلمية في تلك الحقبة. وبناءً على ذلك فإنّ هذه المقالة لم تكن في صدد ترجيح


أيّ واحد من الآراء في بيان وجه إعجاز القرآن أو في صدد طرح نظرة جديدة لموضوع إعجاز القرآن الكريم ، ولذلك فإنّ هذه المقالة انتهجت منهجية تاريخية محضة.

ونحن نسعى في هذه المقالة إلى مراجعة الشواهد التاريخية والنصوص المدوّنة لتلك الحقبة وبذلك نكون قد سلكنا مسلكاً جديداً في مسار ظهور وتطوّر النظريّات الأولى في باب إعجاز القرآن ، وإنّ طريقة البحث هذه مبتنية ـ في الأغلب ـ على التحليل الأدبي(Literary analysis) ).

__________________

(١) من بين المقالات والمصنّفات التي لها صلة بموضوع هذه المقالة ـ غير ما ذكر من المصادر فيها ـ هناك عدداً من المقالات والكتب المفيدة في هذا المجال ومن بينها :

Heinz Grotzfeld, "Der Begriff der Unnachahmlichkeit des Korans in seiner Entstehung und Fortbildung," Archiv Fدr Begriffsgeschichte : Bausteine zueinem historischen Wخrtebuch der Philosophie (Bonn) ١٣ (١٩٦٩) pp. ٥٨ ـ ٧٢. Angelika Neuwirth, "Das islamische Dogma der Unnachahmlichkeit des Korans in Literatur wissenschaftlicher Sicht", Der Islam : Zeitschrift fدr Geschichte und Kultur des islamischen Orients ٦٠ (١٩٨٣) pp. ١٦٦ ـ ١٨٣. Matthias Radscheit, " I©gaz al ـ Qur'an' im Koran?" The Qur'an as text, edited by Stefan Wild, Leiden, New York & Kخln : E.J. Brill, ١٩٩٦, pp. ١١٣ ـ ١٢٣. Joseph Sadan, Certain apologias of the Biblical poetics and prosody some Christian and jewish reactions to the inimitability principle of the Quran. Jerusalem : The Hebrew University, ١٩٩٣. Joseph Sadan. "In the eyes of the Christian writer al ـ Harit Ibn Sinan


إنّ مناقشة أيّ نظرية علمية يتطلّب دراسة خلفيّتها التاريخية ، وإنّ النظريّات العلمية في مسارها التاريخي إنّما تتبلور وتتطوّر جرّاء تعاطيها مع الجوّ الاجتماعي والثقافي والعلمي السائد هناك مضافاً إلى تأثيرها وتأثّرها بسائر النظريّات الأخرى المماثلة لها من خلال ما تبديه من تفاعل وردّة فعل اتجاهها والتي تأتي تارة لسدّ الثغرات أو لرفع إشكالات تلك النظريّات. وبناءً على ذلك فإنّه من الطبيعي أن لا نتوقّع من العلماء الإسلاميّين والمفسّرين في القرون الأولى ـ في منطقة ما وراء النهر أو حتّى في المدينة والكوفة والبصرة ـ ما حدث من تبلور في عملية التنظير في باب وجوه إعجاز القرآن وبلوغها أوجها في القرن الخامس وما بعده في بغداد. وعلى الرغم من أنّ المصادر الإسلامية والروايات التاريخية قد نقلت لنا العديد من الأخبار في ردّ المعارضين في القرنين الأوّل والثاني الهجريّين مثل مسيلمة وابن المقفّع وفشلهم إلاّ أنّه لم نحصل على أيِّ مَعلَم من معالم تكوّن وتبلور نظرية إعجاز القرآن وبيان وجوه إعجازه في كلا هذين القرنين.

إنّ المؤلّفات الإسلامية التي بدت معالمها العلمية لائحةً في أواسط القرن الثالث الهجري في سائر المجالات العلمية ـ مثل التفسير ، علوم القرآن ، الفقه ، الحديث ، السيرة ، الكلام ، الملل والنحل ، والأدب وأمثالها ، مضافاً إلى الأبحاث

__________________

Poetics and eloquence as a platform of inter ـ cultural contacts and contrasts" Arabica : Journal of Arabic and Islamic Studies ٥٦ (٢٠٠٩) pp. ١ ـ ٢٦. Yudian Wahudi, "The debate about the Sarfa : pro and against"The Islamic Quarterly (London) ٤٦iii (٢٠٠٢) pp. ٢٣٥ ـ ٢٤٦.


الجمّة والأسئلة القرآنية والتفسيرية العديدة ـ لم تبدِ اهتماماً واضحاً ولم تولِ أهمّية علمية لموضوع إعجاز القرآن. وعلى العكس من ذلك فإنّ المؤلّفات الكلامية والقرآنية والتفسيرية قد شهدت في القرن الخامس وما بعده تفصيلاً في مسألة إعجاز القرآن وبيان وجوهه. وبطبيعة الحال فإنّ مسألة إعجاز القرآن وتبيين وجوهه في المجتمع الإسلامي لم تكن بحدّ ذاتها الشغل الشاغل لعلماء المسلمين وذلك لأنّ قسماً كبيراً من المجتمع الإسلامي يعتقدون بقدم القرآن ؛ هذا من جانب ، ومن جانب آخر فإنّ عامّة المسلمين تربطهم بالقرآن أواصر إيمانية واعتقادية وثيقة فلم تكن مسألة الإعجاز مطروحة للبحث في ذلك الزمان. لذلك لمّا لم يكُ هناك أيّ تحامل أو تعدّي على القرآن وعلى النصّ القرآني أو التعريض بإعجازه ، فإنّ العلماء الإسلاميّين لم يروا من الضروري إبداء أيّ نظريّة في مجال إعجاز القرآن. إلاّ أنّ عدم وجود بحث علمي في إعجاز القرآن أصبح بحدّ ذاته يُثير تساؤلا مهمّاً عند مقارنته مع تطوّر سائر الأبحاث القرآنية المطروحة آنذاك.

مباحث إعجاز القرآن قياساً مع أهمِّ الأبحاث القرآنية والتفسيرية

في القرون الثلاثة الأولى

لقد ذكرنا آنفاً إنّ إعجاز القرآن بالشكل الذي نراه اليوم في التفسير وعلوم القرآن لم يكن محلّ بحث أو اهتمام علماء الإسلام في أواسط أو حتّى أواخر القرن الثالث الهجري. وذلك يعني أنّ علماء الإسلام بما فيهم الفقهاء والمفسّرون


والمحدّثون وحتّى الأدباء الذين لهم ميول للأبحاث القرآنية لم يَروا ضرورة في التنظير في باب وجوه إعجاز القرآن ، ويتجلّى هذا الأمر بوضوح عندما نلاحظ تبلور وتطوّر الأساليب المختلفة في تفسير القرآن ، وازدهار أنواع العلوم القرآنية المختلفة ، وكذلك النظريّات المتنوّعة في سائر الأبحاث القرآنية في خلال القرون الثلاثة الأولى. ولمزيد من التوضيح لابدّ لنا من مقارنة بين موضوع عدم التنظير في باب إعجاز القرآن وبيان وجوه إعجازه في القرون الأولى وبين سائر الأبحاث القرآنية والتفسيرية المهمّة في نفس تلك الحقبة. بعض هذه الأبحاث هي عبارة عن : الروايات المنقولة من سنن اليهود في تفسير القرآن (الإسرائيليّات) ، ذكر أسباب النزول أو حتّى جعلها ، جعل ووضع الكثير من الروايات في فضائل القرآن وفضائل السور ، المباحث المتعلّقة بوجود وعدم وجود المفردات الدخيلة في القرآن ، المجاز في القرآن ، متشابه القرآن ، غريب القرآن ومشكله ، الناسخ والمنسوخ ، كيفية جمع القرآن وتدوينه ، رسم المصحف وكُتُب المصاحف ، قراءات القرآن و ... التي تعدّ جميعها من الأبحاث السائدة لدى المسلمين في أجوائهم العلمية في القرون الثلاثة الأولى ، حيث تتجلّى هذه الأبحاث في نهاية القرن الثالث بوضوح في تفسير الطبري.

لا يوجد أيّ أثر لموضوع إعجاز القرآن وبيان وجوه إعجازه في المصنّفات القرآنية والتفسيرية للقرون الثلاثة الأولى ، مثل : كتاب الأشباه والنظائر (لمقاتل ت١٥٠ هـ) ؛ الوجوه والنظائر في القرآن الكريم (لموسى بن هارون ت١٧٠ هـ) ؛ متشابه القرآن (للكسائي ت١٨٩ هـ) ؛ مجاز القرآن وفضائل القرآن (لأبي عبيدة


ت٢٢٤ هـ) ؛ معاني القرآن (لأبي الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش ت ٢١٥ هـ) ؛ غريب القرآن (لأبي عبد الرحمن اليزيدي ت٣٣٧ هـ) مشكل القرآن (لابن قتيبة ت٢٧٦ هـ) ؛ تفسير غريب القرآن (لابن قتيبة ت٢٧٦ هـ) ؛ إعراب القرآن ومعانيه (للزجّاج ت٣١١ هـ) ؛ غريب القرآن المسمّى بنزهة القلوب (لأبي بكر محمّد بن عزيز السجستاني ت٣٣٠ هـ) ؛ تفسير ابن عبّاس (والذي عرف فيما بعد تلكم القرون بعنوان تنوير المقباس من تفسير ابن عبّاس) ؛ تفسير سفيان الثوري (ت١٦١ هـ) ؛ تفسير مجاهد (ت١٠٤ هـ) ؛ تفسير الكلبي (ت١٤٦ هـ) ؛ الجامع : تفسير ابن وهب (ت١٩٧ هـ) ؛ تفسير مقاتل بن سليمان (ت١٥٠ هـ) ؛ معاني القرآن (للفرّاء ت٢٠٧ هـ) ؛ تفسير القرآن (لعبد الرزّاق بن همّام الصنعاني ت٢١١ هـ) ؛ تفسير سهل التستري (ت٢٨٣ هـ) ؛ تفسير الطبري (ت٣١٠ هـ) ؛ الواضح في تفسير القرآن (للدينوري ت٣٠٨ هـ) ؛ تفسير ابن أبي حاتم (ت٣٢٧ هـ) ؛ تأويلات القرآن (للماتريدي ت٣٣٣ هـ) ؛ كتاب التنزيل والتبديل (للسيّاري ت حدود ٢٦٠ هـ) ؛ تفسير العيّاشي ؛ تفسير علي بن إبراهيم القمّي(١).

ولابدّ هنا من الإشارة إلى أمر وهو أنّ مفسّري القرون الأولى في تفسيرهم

__________________

(١) إنّ أقدم المتون الكلامية المتبقّية من القرون الأولى ومن جملتها (الفقه الأكبر) لأبي حنيفة بالرغم من أنّها تتناول أهمّ المسائل الكلامية لكنّها عارية عن الإشارة إلى موضوع (إعجاز القرآن) أو من البحوث القريبة منه ، وكذلك أيضاً (الفقه الأبسط) ـ المبسّط من (الفقه الأكبر) ـ وقد احتوى على جوابات أبي حنيفة على أسئلة تلميذه أبي مطيع البلخي ـ حيث يرجع ونسينك تاريخ تأليفه إلى منتصف القرن الثالث ـ لم يحوِ أيّ إشارة إلى موضوع إعجاز القرآن.

(Van Ess,Vol.١,pp.٢٠٧ ـ ٢١٠ ؛ Wansbrough,p.٨٢)


لآيات التحدّي مثل (البقرة : ٢٣ ؛ يونس : ٣٨ ؛ هود : ١٣ ؛ الإسراء : ٨٨) لم يذكروا سوى المعنى اللغوي للآية وذلك مثل (أبو عبيدة في مجاز القرآن ١/٣٤ ؛ القمّي ١/٣٤ ، ٢/٢٥ ـ ٢٦ ؛ الفرّاء ١/١٩) أو أنّهم كانوا يقتصرون على بعض الشروح المختصرة للآية وذلك مثل (مقاتل ١/٩٣ ، ٢/٢٣٨ ، ٢٧٤ ، ٥٤٩ ؛ الطبري ١/١٢٩ ـ ١٣١ ، ١١/٨٢ ، ١٥/١٠٦ ـ ١٠٧). حيث يتبيّن ممّا ذكره المفسّرون في هذا المجال في تلك الحقبة أنّ مفهوم ونظرية إعجاز القرآن وتبيين وجوهه لم تتبلور كما هي عليه عند متكلّمي ومفسّري القرون اللاحقة بل كانت غائبة عنهم(١).

إنّ موضوع الناسخ والمنسوخ في القرآن هو من أقدم الأبحاث التي لها صلة بنفس النصّ القرآني والتي تناولها العلماء الإسلاميّون في غضون القرنين الأوّل والثاني. وإنّ أقدم المصنّفات التي ألّفت في باب النسخ والآيات المنسوخة إنّما تعود لأواخر القرن الأوّل ، وهي المصنّفات التي ألّفها أمثال قتادة بن دعامة (ت١١٧ هـ) ، محمّد بن مسلم الزهري (ت١٢٤ هـ) ـ برواية أبي عبد الرحمن محمّد بن الحسين السلمي ـ ، أبو عبيد القاسم بن سلام (ت٢٢٤ هـ) وغيرهم(٢).

__________________

(١) إنّ أكثر من اهتمّ بآيات التحدّي وشرح معجزة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) من بين هؤلاء المفسّرين هو تفسير الطبري (آية ٢٣ من سورة البقرة) حيث يعكس لنا نشاط المذاهب الكلامية في بغداد والبصرة ، ومع كلّ ذلك فإنّ الطبري في تفسيره الآية المعروفة من (سورة الإسراء آية ٨٨) (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الأنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض ظَهِيراً) قد اكتفى بذكر سبب نزول الآية فقط. قارن ذلك مع تفسير الجصّاص (أحكام القرآن ٥/٣٥) في القرن الرابع حيث تبدو أطروحته في نظرية الإعجاز واضحة في تفسيره لهذه الآية (انظر : ١٨٤ ـ Martin. pp. ١٨٣).

(٢) انظر : فهرست ابن النديم : ٤٠ للاطّلاع على فهرسة من المصادر القديمة في هذا المجال.


ومن خلال مصنّفات أوائل القرن الثاني وما تلاه من القرون يتبيّن أنّ موضوع النسخ قد تناوله علماء الإسلام ـ سواء من الناحية النظرية أو من ناحية تعيين الآيات المنسوخة ـ في تلك الحقبة.

وقد بدأ البحث عن المفردات الدخيلة في القرآن وعن أبحاث مثل غريب القرآن ومشكل القرآن منذ القرون الهجرية الأولى ، وقد بلغت المصنّفات التفسيرية والعلوم القرآنية ذراها في غضون القرنين الثاني والثالث الهجريّين ، فقد ذكرت المصادر القديمة الموافقين والمخالفين لوجود المفردات الدخيلة على القرآن منذ زمن ابن عبّاس ومدرسته التفسيرية في مكّة وحتّى الحقبة الزمنية للشافعي في أواخر القرن الثاني الهجري ، كما أنّ تدوين وتصنيف الكثير من المصنّفات المستقلّة في باب مشكل القرآن أو غريب القرآن أيضاً أصبحت أكثر تداولاً في غضون القرنين الثاني والثالث الهجريّين ، حيث نعثر على بعض تلكم العناوين في فهرست ابن النديم(١) ، حتّى أنّ النجاشي قد نسب مصنّفات مثل غريب القرآن وفضائل القرآن إلى أقدم أصحاب الأئمّة عليهم‌السلام مثل أبان بن تغلب (ت١٤١ هـ) (٢) ، هذا وإنّ القراءات ونظام نقل مختلف القراءات أيضاً قد دوّنت وتمّ ضبطها ضبطاً دقيقاً في أقدم النصوص الإسلامية ومن جملتها كتب المصاحف ، والآثار الأدبية في باب القرآن (مثل مجاز القرآن ، مشكل القرآن وغريب القرآن) ، ولذلك فقد اهتمّوا بهذا الأمر في غضون القرون الثلاثة الأولى

__________________

(١) فهرست ابن النديم : ٣٧.

(٢) انظر : رجال النجاشي ١ / ١١.


اهتماماً كبيراً حيث نرى ذلك واضحاً في أقدم التفاسير القرآنية مثل تفسير الطبري ومعاني القرآن للفرّاء. وفي نهاية القرن الثالث اختار ابن مجاهد (ت٣٢٤ هـ) القراءات السبعة من بين سائر القراءات المختلفة حيث ألّف كتاب السبعة ، حيث أدّى هذا الأمر في القرون التالية إلى تثبيت القراءات السبعة في قبال القراءات الشاذّة وغير المعترف بها رسميّاً(١).

وإنّ البحث عن وجود المجاز في القرآن أيضاً هو واحد من أهمّ الأبحاث النظرية فيما يتعلّق بالنصّ القرآني حيث يعدّ من أقدم المواضيع المطروحة بين علماء الإسلام في القرون الأولى ، وإنّ جذور هذه البحوث نستطيع العثور عليها في البحوث العلمية الأولى للمعتزلة ، إلاّ أنّ هذا الموضوع جلب اهتمام الكثير من العلماء والمفسّرين الإسلاميّين في نهاية القرن الثالث الهجري ، وقد ذكر ابن النديم في فهرسته (ص٧٣) كتاب الردّ على من نفى المجاز من القرآن للحسن بن جعفر الرحّي ، وهذا العنوان في حدّ ذاته يكشف لنا عن وجود أبحاث كثيرة في زمن تأليف الكتاب تناولت نفي وإثبات موضوع المجاز في القرآن. هذا وإنّ عبد العظيم المطعني في كتاب المجاز في اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع(٢) قد بيّن جوانب مختلفة لظهور وتطوّر مسألة المجاز في القرآن في أقدم المصادر الأدبية والنحوية والبلاغية والتفسيرية للقرن الثاني وما بعده من القرون(٣).

__________________

(١) انظر فهرست ابن النديم : ٣٨ ـ ٣٩ للاطّلاع على فهرسة لأقدم الآثار في موضوع القراءات.

(٢) المجاز في اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع ١ / ٥ ـ ٦٠٢.

(٣) انظر أيضاً : الاتجاه العقلي في التفسير لنصر حامد أبو زيد : ٩١ ـ ١٣٧.


وقد أبدى علماء الإسلام في هذه الحقبة إلى جانب بحث القراءات اهتماماً مستقلاًّ لبعض الأبحاث الحديثية والتفسيرية ، وأحد تلك الأبحاث هو تبيين الوجوه المختلفة لنقل رواية (الأحرف السبعة) وبيان الوجوه المختلفة في فهم تلكم الروايات ، حيث إنّ اهتمام مفسّري ومحدّثي علماء الإسلام في القرون الأولى بهذه المسألة لا يمكن قياسه مع اهتمامهم بموضوع إعجاز القرآن ، وقد ذكرت روايات عديدة في ردّ أو تأييد (الأحرف السبعة) حتّى في أقدم المصادر الحديثية الشيعية(١) حيث يعكس لنا ذلك مدى الجدل الحادّ في هذا الموضوع وفقدان بحث إعجاز القرآن في عصر الأئمّة عليهم‌السلام وفي أجواء المحدّثين الشيعة. ولابدّ من الإشارة هنا إلى أنّ الطبري في نهاية القرن الثالث الهجري تكلّم بصورة مفصّلة حول هذه المسألة في بداية تفسيره إلاّ أنّه لم يتطرّق إلى إيّ شيء في باب إعجاز القرآن لا في مقدّمة التفسير ولا في سائر فصول هذا التفسير ، ولم يتناول بتاتاً اصطلاحات من قبيل إعجاز القرآن أو معجزة القرآن وأمثالهما ، وقد أشار إشارات قليلة إلى هذا الموضوع في تعليقه على الآية (٢٣) من سورة البقرة وذلك فيما يخصّ مسألة التحدّي في القرآن(٢).

كما أنّ في روايات أئمّة الشيعة أيضاً قلّما نعثر على إشارة إلى موضوع إعجاز القرآن وتبيين وجوهه(٣) ، هذا في حين أنّ مواضيع مثل قراءات القرآن ،

__________________

(١) تفسير العيّاشي ١ / ١٢ ؛ الكافي ٢ / ٦٣٠ ؛ الخصال ٢ / ٣٥٨.

(٢) انظر :

Adang, pp.١٧٠ ـ ١٧٢ ؛ Martin, pp. ١٨٣ ـ ١٨٤ ؛ Abdul Aleem, p.٧٨ ـ ١٨٤.

(٣) انظر : عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ / ١٣٠ ؛ الهداية الكبرى : ٧١ حيث إنّ المصدر الأخير اشتمل على سائر معجزات الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله).


طريقة قراءة القرآن ، أسباب النزول ، الأحرف السبعة ، الناسخ والمنسوخ ، نقض الإسرائيليّات أو قبولها ، خلق أو حدوث القرآن كثيرة في الروايات الشيعية القديمة والمدوّنة في الجوامع الحديثية. ففي فهرست الشيخ الطوسي ورجال النجاشي هناك مواضع عديدة وكمّ هائل من المصنّفات القرآنية والتفسيرية مثل تفسير القرآن ، تأويل ما نزل في .. ، تفسير غريب القرآن ، كتاب التنزيل ، كتاب القراءات ، كتاب الناسخ والمنسوخ ، كتاب الوجوه والنظائر ، إعراب القرآن ، مجاز القرآن ، فضل القرآن ، فضائل القرآن ، ثواب القرآن ، متشابه القرآن ، ناسخ القرآن ومنسوخه ، معاني القرآن ، غريب القرآن ، نوادر علم القرآن ، باطن القرآن ، و ... وليس هناك أيّ ذكر لتصانيف أصحاب الأئمّة عليهم‌السلام وعلماء القرون الأولى في باب إعجاز القرآن سوى كتاب الموضح للشريف المرتضى وكتاب جوابات أبي الحسن سبط المعافى بن زكريّا في إعجاز القرآن للشيخ المفيد حيث لا لبس في كون هذين الكتابين من مدوّنات القرن الخامس الهجري ، والحسن بن موسى النوبختي (ت٣١٠ هـ) في فرق الشيعة أيضاً لم يذكر شيئاً في باب نظم أو إعجاز القرآن ، وكذلك الكليني (ت٣٢٩ هـ) في الأصول من الكافي أيضاً لم يُفرد له بحثاً في هذا المجال ، ولم ينقل أيّ رواية في هذا الباب ، والنجاشي(١) هو الوحيد الذي ذكر كتاباً متأخّراً ونسبه للشلمغاني (ت٣٢٢ هـ) تحت عنوان نظم القرآن وهو كتاب لم

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢ / ٣٧٩.


يعلم أصله ومحتواه(١).

العوامل التي أدّت إلى نشوء بحث إعجاز القرآن

في المصنّفات الإسلامية القديمة

إنّ مناقشة إعجاز القرآن في المصنّفات الإسلامية وبحثه هو موضوع يختلف عن سائر الأبحاث التفسيرية والعلوم القرآنية ، خلافاً لأبحاث النسخ ، القراءات ، التفسير ، الأحرف السبعة ، فضائل القرآن ، المكّي والمدني ... فإنّ بحث الإعجاز القرآني إنّما هو أمر خارج عن النصّ القرآني وأنّه كان دخيلا على ثقافة المجتمع الإسلامي ؛ وبعبارة أخرى فإنّ بحوث إعجاز القرآن ليست هي تفسيراً ولا تدخل في صميم المواضيع القرآنية ، وإنّما هي كانت نتيجة للمجادلات الكلامية في أوساط المتكلّمين الإسلاميّين مع بعضهم البعض أو مع سائر الأديان كاليهود والمسيح(٢) ؛ وهنا نشير إلى عاملين بارزين ساهما في نشوء بحث إعجاز القرآن. علماً بأنّه لا يمكننا إنكار الكثير من العناصر الأخرى التي ربّما تكون مؤثّرة إلى جانب هذه العوامل الرئيسية في تطوّر فكرة الإعجاز وتبلورها.

__________________

(١) إنّ ما قام به السيّد حسين المدرّسي الطباطبائي من البحث والاستقراء في التراث الحديثي للشيعة لم يثمر عن أيّ نتيجة ولا رواية في تبيين مفهوم الإعجاز أو في وجه إعجاز القرآن ؛ فإنّ الفهرسة الموضوعية والأعلام في نهاية الكتاب عاريتان عن أيّ إشارة لمواضيع مثل : الصرفة ، الإعجاز ، المعجزة ، ونظم القرآن. أنظر :.(Modarressi. pp.٤٣٤ ـ ٤٤٤)

(٢) Martin. p.١٧٦


العامل الأوّل

الجدل الكلامي اليهودي ـ المسيحي ـ الإسلامي

إنّ أوّل المناظرات الكلامية لليهود والمسيحيّين والمسلمين حدثت في القرن الأوّل الهجري ، وتطوّر هذا الأمر تدريجيّاً وصار أكثر تكاملاً في القرنين الثاني والثالث الهجريّين ، ومن ثمّ أخذ أبعاداً جديدة في القرون اللاحقة حتّى تبلورت فيه مسائل جديدة ، حيث نرى في تلك القرون جدلاً بين المسلمين وأهل الكتاب في باب حقّانية الدين الإسلامي وأصالة دعوة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله). فمن الأمور الأساسية التي كانت تناقش في هذه المناظرات هي حقّانية رسالة الرسول الأعظم محمّد (صلى الله عليه وآله) في قبال دين المسيحية وإبطال معتقد التثليث. فإنّ الشواهد من النصوص والروايات الإسلامية في مصنّفات المسلمين والرجوع إلى بعض فصول العهد القديم والعهد الجديد في مناظراتهم إنّما كانت بصدد إثبات نبوّة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) أو إثبات أفضليّته وأفضلية دين الإسلام على النبي عيسى عليه‌السلام والمسيحية. وفي المقابل فإنّ النصوص المسيحية أيضاً كانت تردّ وتنكر هذا الأمر من خلال الرجوع إلى شواهد من نصّ القرآن أو من كتبهم السماوية في دعم مزاعمهم وادّعاءاتهم ، ومثال ذلك ما قام به تيموثاوس الأوّل (Timothy١) في كتابه إلى المؤمنين في البصرة حيث استشهد بالآية (١٧١) من سورة النساء دليلاً على حقّانية التثليث(١).

إنّ كتب علماء الإسلام الأوائل التي صنّفت للدفاع عن الإسلام ونبوّة

__________________

(١) Thomas, ١/٥٢٧, cf. Ibid, p. ٥٢٣.


الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ؛ هي واحدة من أهمّ المواضع التي ظهرت فيها بوادر نظرية إعجاز القرآن ، وقد جاءت تلكم المصنّفات في مواجهة الجدل الكلامي لليهود والمسيحيّين ، وإنّ عناوين هذه الآثار كثيرة ومتنوّعة وعديدة ولم يصل إلينا العديد منها سوى عناوينها ، ولا يمكن تخمين عدد هذه المصنّفات بشكل دقيق ، وقد كانت بعض هذه المناظرات تدور حول تفسير آيات من القرآن الكريم جاء فيها تأييد أو نقد لمعتقدات اليهود والمسيحيّين ، وفي البعض الآخر منها نرى فيها علماء اليهود والمسيحيّين والمسلمين قد ناقشوا أبحاثاً مختلفة سعى كلٌّ منهم فيها إلى بيان أفضلية دينه ونبيّه على خصمه أو سعَوا أن يردّوا على القرآن في تأليفاتهم(١).

وقد تطرّقت كاميلا أدنغ (Camilla Adang) إلى موضوع الإسلام واليهودية في كتابها تحت عنوان (مدوّنات المسلمين في باب اليهودية والعهد القديم : من ابن ربن إلى ابن حزم) (٢) وقد سجّل كلٌّ من سمير خليل سمير ، مارك سوانسون وديفيد توماس في كتب متعدّدة لهم المناظرات والمناقشات التي كانت دائرة بين المسلمين والمسيحيّين آنذاك ، حتّى أنّنا نرى في أقدم النماذج من هذه المدوّنات أنّ موضوع مجيء الرسول (صلى الله عليه وآله) بمعجزة لإثبات نبوّته كان موضع جدل بين

__________________

(١) مثل كتاب تفنيد القرآن لأبي نوح الأنباري وهو من النسطوريّين المعاصرين لتيموثاوس الأوّل في القرن الثاني الهجري ؛ انظر : Griffith, ١٩٩٩,٢, p. ٢٠٥.

(٢) Camilla Adang, Muslim writers on Judaism and the Hebrew Bible : from Ibn Rabban to Ibn Hazm. Leiden : Brill. ١٩٩٦.


المسلمين والمسيحيّين(١) ، ومثال ذلك : إنّ تيموثاوس الأوّل (Timothy١) في حواره مع الخليفة العبّاسي المهدي بالله (مدّة خلافته : ١٥٨ ـ ١٦٩ هـ) قال : «إنّ كلمات الله في التوراة وكتب الأنبياء والإنجيل ومدوّنات الرسُل كانت تعضدها المعجزات ولكن ليس هناك أيّ معجزة أو دليل مؤيّد لكتابكم المقدّس»(٢).

ولذلك يجب علينا أن ننظر إلى الوجه الآخر لهذا الموضوع والذي جاء في مصنّفات علماء الإسلام تحت عنوان (دلائل النبوّة وتثبيت دلائل النبوّة أو إثبات دلائل النبوّة) ، علماً بأنّ أدبيّات دلائل النبوّة تفتقر إلى تحقيق واسع لا يسعه هذا المجال. فمنذ القرون الإسلامية الأولى بادر بعض العلماء إلى تصنيف كتب تحت عناوين (دلائل النبوّة ، إعلام النبوّة ، أمارات النبوّة ، إثبات النبوّة ، إثبات نبوّة النبي ، تثبيت نبوّة النبي ، وتثبيت دلائل النبوّة) ، وإنّ أهمّ ما كان يرمي إليه علماء الإسلام آنذاك هو الجواب على الهجمات العلمية والثقافية للأديان الأخرى وخاصّة المسيحية(٣) ، فإنّ هذه الأدبيّات التخاصمية والجدل القائم آنذاك كان أكثر شيوعاً

__________________

(١) إنّ مؤلّفات ديفيد توماس في هذا المجال في غاية الكثرة ، وإنّ كتابه الآنف الذكر قد احتوى على معلومات انفرد بها من بين سائر مؤلّفاته ، بحيث اشتمل على جميع المصنّفات والحوارات الإسلامية المسيحية منذ مجيء الإسلام وحتّى نهاية القرون الوسطى ، وقد طُبع منه إلى الآن إثنا عشر مجلّداً لأوّل مرّة من قبل دار بريل للنشر ، وقد دوّنت فيه مثل هذه الحوارات إلى آخر سنة (١٨٠٠) ميلادية.

Christian ـ Muslim Relations. A Bibliographical History, Volume ١ (٦٠٠ ـ ٩٠٠) edited by David Thomas & Barbara Roggema, Leiden : Brill. ١٢ vols, ٢٠٠٩ ـ ٢٠١٩.

Griffith, ١٩٩٩,١, p.٣٩٢ (٢)

(٣) للحصول على فهرسة لأهمّ المطالب والمصادر انظر : Adang, p.١٤١ff.


في بعض البلدان الإسلامية وخاصّة العراق وبلاد الشام ومصر ، وقد تحوّلت وتطوّرت في غضون القرن الثاني حتّى القرن السادس مضطردة باضطراد وتحوّل الأوضاع الثقافية والاجتماعية والتغييرات الطارئة آنذاك.

وقد جمع محمّد يسري سلامة في مقدّمة تحقيقه على كتاب ثبوت النبوّات لابن تيمية(١) فهرسةً حوت على أكثر من خمسين عنواناً من كتب علماء الإسلام في هذا المجال(٢) ، فإنّ ظهور بعض الكتب في خصوص الإعجاز تحت عنوان (معجزات النبي ، ونظم القرآن) في القرن الثالث وظهور كتب (إعجاز القرآن) في القرن الرابع وما بعده هي امتداد لذلك النتاج العلمي. ونرى في مصنّفات (دلائل النبوّة) أمرين مرتبطين بإعجاز القرآن ورسالة النبي (صلى الله عليه وآله) : الأوّل : مصنّفات في الردّ على بعض مدّعي النبوّة مثل مسيلمة وكذلك على مدّعي تقليد القرآن مثل ابن المقفّع. والأمر الثاني : تأليف الردود على منكري نبوّة وفضيلة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) سواء بين المسيحيّين أو بين المسلمين مثل أبي زكريّا الرازي عندما ردّ عليه أبو حاتم الرازي في كتابه أعلام النبوّة(٣).

__________________

(١) ثبوت النبوّات : ٧٢ ـ ٨١.

(٢) للحصول على توضيح لبعض المحتويات انظر : منوچهر پزشك ، مقالة (أعلام النبوّة) في دائرة المعارف الإسلامية الكبرى ؛ أيضاً : Thomas, ٢/٢٢ff.

(٣) أعلام النبوّة ، تصنيف أبي حاتم أحمد بن حمدان الرازي (ت ٣٢٢ هـ) ، وهو من قبيل بقيّة المصنّفات التي صنّفت في إثبات النبوّة وفي ردّ آراء محمّد أبي زكريّا الرازي (٢٥١ ـ ٣١٣ هـ) ، وقد تطرّق في كتابه ـ الذي جاء تحت عنوان (في شأن القرآن : ١٧٣ ـ ٢٠٥) ـ إلى الردّ على أبي زكريّا في باب عدم إعجاز القرآن.


مباحث إعجاز القرآن في المناظرات

الإسلامية ـ المسيحية القديمة

ففي المناقشات المسيحية الإسلامية الأولى والمدوّنة في بعض المصنّفات من قبيل مصنّفات يوحنّا الدمشقي (٥٧ ـ ١٣٢ هـ) (١) وحبيب بن خدمة (أبو رائطة التكريتي ت بعد ٢١٢ هـ) (٢) قلّما نوقش بحثٌ في باب إعجاز القرآن أو حتّى إعجاز نفس النصّ القرآني(٣) ، أمّا في المصنّفات التي جاءت بعد ذلك مثل مكاتبة عبد الله بن إسماعيل الهاشمي مع عبد الله الكندي (أوائل القرن الثالث) ، ومؤلّفات عمّار البصري (حيّاً أوائل القرن الثالث) ، ثيودور أبي قرّة (١٣٣ ـ ٢٠٨ ق) وأبي الحسن علي بن يحيى بن المنجّم (ت٢٧٥ هـ) تحت عنوان (البرهان) ، وكذلك آثار قسطا بن لوقا (حدود ٢١٥ ـ ٣٠٨ ق) وحنين بن إسحاق (١٩٤ ـ ٢٦٠ هـ) (٤)

__________________

(١) كان في البلاط الأموي ردحاً من الزمن ، وقد ذكر في رسالته التي جاءت في الردّ على الهرطقة أموراً في باب القرآن والرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ، ولكنّه لم يذكر شيئاً في ردّ أو قبول إعجاز القرآن.

(٢) راجع الكتاب أدناه حول شخصية أبي رائطة لساندرا كيتينگ تحت عنوان : (الدفاع عن أهل الحقيقة في القرون الإسلامية الأولى ، في باب الدفاع عن أبي رائطة المسيحي).

Sandra Toenies Keating. Defending the "people of truth" in the early Islamic period : the Christian apologies of Abu Ra'itah, Leiden : Brill. ٢٠٠٧.

. Griffith. ١٩٩٩,٢, p.٢٠٥ (٣)

(٤) إنّ هؤلاء الأشخاص الثلاثة كانت لهم محاججات ومناقشات علمية عديدة. انظر في هذا المجال كتابي سيدني غريفيث وسمير خليل سمير ؛ فإنّ الكتاب الثاني قد احتوى على نصّ


نرى فيها معالم واضحة عن موضوع إعجاز القرآن بمختلف جوانبه. حتّى أنّ بعض مؤلّفي المصنّفات مثل أبي عبد الله محمّد بن زيد (أو يزيد) الواسطي (ت٣٠٦ هـ) ممّن تصدّوا للردّ على متكلّمي المسيحية في عصرهم(١) ، قد ألّفوا رسائل مستقلّة في موضوع إعجاز القرآن تحت عنوان : (إعجاز القرآن في نظمه وتأليفه) (٢). إنّ أهمّ أبحاث المصنّفات التي تناولت النقاشات التي كانت دائرة آنذاك بين المسلمين والمسيحيّين هي عبارة عن : كون النبي (صلى الله عليه وآله) أمّيّاً ، الإتيان بالقرآن معجزة ، معجزات الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ، بشارة الكتب السماوية السالفة

__________________

رسائل هؤلاء الأشخاص الثلاثة وعلى ترجمتها بالفرنسية.

Sydney H. Griffith, The Church in the Shadow of the Mosque : Christians and Muslims in the World of Islam, Jews, Christians, and Muslims From the Ancient to the Modern World (Princeton University Press, ٢٠٠٨) ؛ Samir Khalil Samir, Une correspondance islamo ـ chretienne entre Ibn al ـ Munaggim. Hunaym Ibn Ishaq et Qusta Ibn Luqa, French translation by Paul Nwyia, Patrologia Orientalis ٤٠iv/no. ١٨٥ (١٩٨١)

.Thomas, ٢/١٤٥ ـ ١٤٦ (١)

(٢) إنّ بعض متكلّمي المعتزلة أيضاً قد صنّفوا في كلا المجالين فيما بعد ؛ فإنّ القاضي عبد الجبّار (ت ٤١٥ هـ) مصنّف كتاب (تثبيت دلائل النبوّة) قد خصّص جزءاً من كتابه (المغني في أبواب التوحيد والعدل) بإعجاز القرآن ، والأنموذج الآخر هو أبو الحسن الرّمّاني (ت ٣٨٤ هـ) فإنّه بالإضافة إلى تأليفه رسالة مستقلّة تحت عنوان (النكت في إعجاز القرآن) فقد ألّف أيضاً كتاباً في الردّ على المسيحية تحت عنوان (نقض التثليث على يحيى بن عدي). انظر : فهرست ابن النديم : ٤١ ، ٢٢٠ ؛ (Thomas, ٢/٥٢٠).


برسالة الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) (١). وفي الكثير من هذه المؤلّفات لا يمكن التفكيك بشكل واضح بين البحوث الاحتجاجية المهمّة التي تناولتها تلك المؤلّفات ، ولكن يمكن أن يقال : إنّ واحداً من أهمّ التساؤلات في تلك المصنّفات هو عبارة عن السؤال التالي : ما هي العناصر أو المقوّمات الأصلية للدليل المعتبر لتصديق دعوى النبوّة لكلّ نبيّ (٢)؟ فقد ذكر اليهود والمسيحيّون ـ تناسباً مع البحث عن هذا الأمر ـ المعجزات المشهورة لموسى وعيسى عليهما‌السلام التي جاءت بها كتبهم بالتفصيل ، وكذلك المسلمون أيضاً فإنّهم مضافاً إلى ما ذكروه من المعجزات المذكورة في تاريخ الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) فقد تناولوا الإعجاز المكنون في نفس النصّ القرآني. وفي هذا المجال ومن خلال مرورنا السريع على عدد من أهمّ المؤلّفات الإسلامية والمسيحية في القرنين الثاني والثالث الهجريّين فإنّنا نسعى لتبيين مدى اهتمام مؤلّفي هذه المصنّفات بموضوع إعجاز القرآن.

١ ـ ابن رَبَّنْ الطبري أو ابن رَبَّنْ : أبو الحسن علي بن سهل : هو عالم ، وطبيب إيراني متضلّع بالأدوية والصيدلة في القرن الثالث الهجري ، ولد في مرو ، وهو من أهالي آمُل بطبرستان ، وقد اختلف في تاريخ وفاته ، ولكن من المسلّم به أنّه كان حيّاً إلى أواسط القرن الثالث الهجري ، أغلب تصانيفه في علم الطبّ والأدوية ، أشهر مصنّفاته في باب الأديان هو كتاب الدين والدولة في إثبات نبوّة النبي محمّد (صلى الله عليه وآله) الذي ألّفه في باب أفضلية دين الإسلام على سائر الأديان ، وربّما

__________________

(١) الفكر الإسلامي في الردّ على النصارى : ٤٠٧.

(٢) Martin,P.٨١.


يكون أقدم تصنيف في موضوع دلائل النبوّة(١). فإنّه يصرّح في هذا الكتاب بأنّه كان مسيحيّاً في بادئ الأمر ثمّ اعتنق الإسلام بمشورة من المتوكّل بعد ذهابه إلى البلاط العبّاسي(٢) ، وله مصنّف آخر أيضاً تحت عنوان الردّ على النصارى(٣) ، وقد أتى في كتابه هذا بعدّة أدلّة على إثبات نبوّة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ، وفي الفصل السادس أخذ بالمقارنة بين القرآن من جهة والتوراة والإنجيل من جهة أخرى ، ومن ثمّ ذكر مؤيّدات على أصالة وعلوّ شأن النصّ القرآني ومتانته ، والجدير بالذكر أنّه على الرغم من تناوله موضوع أمّية الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وإشارته إلى بعض آيات التحدّي مثل البقرة (٢٣) وهود (١٣) (٤) ، إلاّ أنّه لم يتكلّم أبداً عن إعجاز أو نظم القرآن في كتابه هذا(٥).

٢ ـ عبد المسيح الكندي : إنّ المراسلة التي دارت بين عبد المسيح بن إسحاق الكندي وعبد الله بن إسماعيل الهاشمي في أواسط القرن الثالث الهجري كان فيها بعض الإشارات إلى موضوع إعجاز القرآن ودلالته على نبوّة الرسول

__________________

(١) مينگانا (Alphonse Mingana) هو الذي ترجم هذا الكتاب إلى اللغة الانكليزية طبقاً لنسخة مكتبة جان رايلند في مانشستر ، ثمّ طبعه سنة (١٩٢٣م) ، وقام بطبع نص الكتاب فيما بعد عادل نويهض في سنة (١٣٩٣ هـ/١٩٧٣م) في بيروت دار الآفاق الجديدة. فيما يتعلّق بخصائص هذا الكتاب والبحث عن أصالته أنظر :

Martin, p.١٧٧ ؛ Thomas, ٢٠١١, p.٢٠٧ ؛ Thomas, ١/٦٧٢ ـ ٦٧٤ ؛ Adang, p.٢٨ ـ ٣٠.

(٢) ابن رَبَّنْ الطبري : ٢١٠.

(٣) Thomas, ١/٦٧١.

(٤) ابن رَبَّنْ الطبري : ١٠٤.

(٥) انظر : نفس المصدر : ٩٨ ـ ١٠٦.


الأعظم (صلى الله عليه وآله) ، وقد تردّد بعض المحقّقين الغربيّين في كون هذه الرسالة ترجع إلى أواخر القرن الثاني وعهد المأمون العبّاسي(١) ، ولكن من خلال جوانب مختلفة نرى أنّ الأجواء الجدلية للقرن الثالث الهجري متجليّة فيها ، وقد أشار الهاشمي في دعوته لزميله المسيحي إلى الإسلام إلى العديد من الآيات القرآنية الدالّة على حقّانية الدين الإسلامي وتبيين حقيقة المسيح ، وقلّما جاءت إشارة في كلامه إلى موضوع الإعجاز القرآني ، ولكن في الجواب المطوّل للكندي نعثر على مطالب عديدة في باب المعجزات المنسوبة للرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ومقارنتها مع معجزات المسيح عليه‌السلام ، وكذلك التحدّي في آيات القرآن ، والإخبار عن قصص الملل الغابرة ؛ وفي موضع آخر من مراسلته(٢) لا يعدّ الاستناد إلى الآية (٢٣) من سورة البقرة ونظائرها كافية لإثبات إعجاز القرآن ، وهذه الأدلّة لا يعدّها مضاهيةً لمعاجز النبي موسى عليه‌السلام والنبي عيسى عليه‌السلام.

٣ ـ عمّار البصري (كان حيّاً في النصف الأوّل من القرن الثالث) : وهو من المسيحيّين النسطوريّين حيث يعدّ مع ثيودور أبي قرّة وأبي رائطة التكريتي من

__________________

(١) انظر في هذا الشأن : مقالة جورج تارتار التي جاءت تحت عنوان (وثاقة وأصالة الهاشمي والكندي في عهد المأمون العبّاسي) :

Georges Tartar, "L©authenticite des epitres d©al ـ Hsimi et d©al ـ Kindi sous le calife al ـ Ma'mأn (٨١٣ ـ ٨٣٤)." Actes du premier Congres d'Etudes Arabes Chretiennes, edited by Khalil Samir, Rome : Pontificum Institutum Studiorum Orientalium / Pontificio Istituto Orientale, ١٩٨٢, pp. ٢٠٧ ـ ٢٢١.

(٢) رسالة عبد الله بن إسماعيل الهاشمي إلى عبد المسيح الكندي : ٧٥ ـ ٧٦.


أوائل من صنّفوا مصنّفاتهم الحجاجية في باب الدفاع عن المسيحية باللغة العربية. هذا وإنّ كتاب المسائل والأجوبة وكتاب البرهان هما من أهمّ مصنّفاته باللغة العربية ، وإنّ نسختيهما الخطّية موجودتان في المكتبة البريطانية (ش ١٨٩٩٨ ، ش : ٨٠١ من المخطوطات العربية) ، وقد طبع ميشل الحايك كلا هذين الكتابين مع ترجمتهما بالفرنسية(١) ، وقد نقل سيدني غريفيث(٢) من هذا الكتاب النصّ التالي : «إنّ عمّار البصري سعى إلى تخطئة معتقد التحدّي وعدم إمكانية تقليد القرآن اللذان يعدّان شاهداً على إعجاز القرآن ، وقد ردّ بأسلوب حجاجي على معتقد إعجاز القرآن من خلال نفس آيات القرآن حيث استفاد من الآية (٥٩) من سورة الإسراء والآية (١٠٩) من سورة الأنعام حيث أشكل بهما على المسلمين». وقد أشار ابن النديم في الفهرست(٣) أنّ أبا الهذيل العلاّف ألّف رسالةً في الردّ عليه تحت عنوان : الردّ على عمّار النّصراني في الردّ على النصارى.

٤ ـ ابن المنجّم ، أبو الحسن علي بن يحيى : ولد في بغداد وتوفّي في سامرّاء

__________________

(١) Ammar al ـ Basri, Apologie et Controverses]Kitab al ـ Burhan wa Kitab al ـ Masa'il wal Ajwiba[. edited and translated by Michel Hayek. Beirut. ١٩٧٧.

كذلك انظر : سليم دكّاش اليسوعي (أبو رائطة التكريتي (القرن التاسع الميلادي) ورسالته في الثالوث المقدّس) ، بيروت : دار المشرق ، ١٩٩٦م ؛ وانظر كتاب ديفيد توماس تحت عنوان (المسيحية في قلب الحكومة الإسلامية) :

David Thomas, Christians at the heart of Islamic rule : church life and scholarship in ©Abbasid Iraq,Leiden : Brill. ٢٠٠٣.

(٢) Griffith, ٢, pp.٢١١ ـ ٢١٢.

(٣) الفهرست لابن النديم : ٢٠٤.


سنة (٢٧٥ هجرية) ، وهو من عائلة إيرانية ، وقد برع في علم النجوم ، كان زرادشتيّاً واعتنق الإسلام ، وقد اشتغل بالرّصد في بلاط المأمون العبّاسي ، وكان نديماً للخلفاء العبّاسيّين مثل المتوكّل ، المستنصر ، المعتصم ، المعتزّ ، المهتدي ، والمعتمد(١) ، وهو مؤلّف كتاب البرهان ؛ وهذا الكتاب تضمّن دلائل النبوّة ، وقد ألّف هذا الكتاب مخاطباً به قسطا بن لوقا وحنين بن إسحاق المسيحيّيَن وقد دعاهما إلى اعتناق الإسلام. وفي هذا الكتاب ـ وكذلك في جواباته لقُسطا وحُنين ـ أولى اهتماماً خاصّاً بموضوع إعجاز القرآن. إنّ مصنّف أبي الحسن علي بن يحيى ابن المنجّم ربّما يكون أقدم كتاب تتبّع فيه المصنّف الدليل القاطع على نبوّة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ، وأكّد فيه على موضوع إعجاز القرآن. وقد اعتمد في دليله هذا على أمر وهو أنّ النبي محمّد (صلى الله عليه وآله) لابدّ وأن يكون له دليل قاطع وإيمانٌ على أنّ النصّ القرآني لا بديل له ، فإنّ النبي (صلى الله عليه وآله) لا يمكنه تحدّي مخالفيه على أن يأتوا بمثل هذا القرآن إذا لم يكن له علم وإيمان قاطعٌ على أنّه لا يمكن لأحد أن يتحدّى القرآن ويأتي بمثله ، إذ أنّه من السفاهة والعبث أن يعمل الإنسان عملاً ولم يكن لديه إيمان بوجود دليل قاطع عليه وإنّ تاريخ حياة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) يبيّن على أنّه (صلى الله عليه وآله) كان إنساناً عاقلاً ومنزّهاً عن الخطأ(٢).

٥ ـ الواسطي : أبو عبد الله بن زيد (أو يزيد) ، سنة ميلاده غير معلومة ولكنّه من اليقين أنّه ولد في واسط ، وتوفّي سنة (٣٠٦ هجرية) ، ولا علم لنا عن حياته

__________________

(١) Thomas,١/٧٦٢.

(٢) للحصول على تفصيل أكثر انظر : Thomas.١/٧٦٣ ـ ٧٦٧


سوى ما ذكره لنا ابن النديم من معلومات(١) ؛ يُعدّ من تلامذة أبي علي الجبّائي حيث توفّي بعده بأربع سنوات ، وذكر ابن النديم أنّ من أهمّ مصنّفاته كتابين هما : الإمامة وإعجاز القرآن في نظمه وتأليفه ، وقد أضاف القاضي عبد الجبّار(٢) أنّه كانت له سمة (الكاتب) ، وقد ألّف كتاباً في موضوع بشارة التوراة بنبوّة النبي محمّد(٣) (صلى الله عليه وآله) ، إلاّ أنّ القاضي عبد الجبّار لم يذكر اسم الكتاب بصورة دقيقة إلاّ أنّ اهتمامه بهذا الكتاب إلى جانب كتب ابن قتيبة وأبي بكر الزهري الكاتب وأحمد ابن يحيى المنجّم يدلّ على أهمّية هذا الكتاب خاصّة مع مضي قرابة مائة عام على زمن عبد الجبّار(٤).

٦ ـ قُسطا بن لوقا البعلبكي (Costa ben Luca) (حدود : ٢١٥ ـ ٣٠٨ هـ) ولد في بعلبك وتوفّي في أرمينيا ، كان فيزيائيّاً ، مترجماً ، وعالماً مسيحيّاً ينتمي إلى الأرثودوكس الملكيّين ، قضى أكثر عمره في بغداد ، وقد ترجم إلى العربية كثيراً من الكتب في باب الفلسفة ، النجوم ، المنطق وأمثالها. وقد أثنى عليه ابن النديم في عدّة مواضيع من فهرسته(٥) ذاكراً منزلته العلمية مفضّلاً إيّاه على حنين بن إسحاق. إنّ جوابه على رسالة ابن المنجّم الذي عرف بعنوان (الجواب أو البرهان) (٦) يعدّ

__________________

(١) الفهرست لابن النديم : ٢٢٠.

(٢) تثبيت دلائل النبوّة : ٢ / ٣٥٢.

(٣) الفكر الإسلامي في الردّ على النصارى : ١٦٦.

(٤) انظر : ١/١٤٥ ـ ٢٤٦ Thomas.

(٥) منها في صفحة ٣٠٥ ، ٣٥٣.

(٦) للحصول على النسخ الخطّية لكتاب قسطا بن لوقا وعلى طباعة النصّ العربي له مع تراجمه المختلفة : البولندية والإيطالية والفرنسية انظر : Thomas ١/١٥٩.


من المؤلّفات الحجاجية المسيحية التي يمكن العثور فيها على مطالب كثيرة في باب إعجاز القرآن وأدلّة نفي أو أثبات نبوّة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ، مثلاً فإنّه يسعى إلى إثبات أنّ معجزة القرآن لا يمكنها أن تكون في عداد المعاجز المعروفة لموسى عليه‌السلام وعيسى عليه‌السلام (١). إنّ هذا الكتاب في واقع الأمر ردٌّ على كلّ كلمة قال بها ابن المنجّم في رسالته ، علماً بأنّه من خلال بحثه عن أدلّة نبوّة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ومناقشة أدلّة ابن المنجّم قد نحصل على مطالب عديدة في باب إعجاز القرآن. وقد تطرّق مروان راشد إلى مثل هذه المطالب في مقالة تحت عنوان : (شواهد جديدة في نقد إعجاز القرآن في نهاية القرن الثالث : قسطا بن لوقا في قبال ابن المنجّم) (٢).

٧ ـ ثيودور أبو قرّة ، أو ثيودوروس ، أسقف ملكي المذهب ، يحتمل أنّه ولد في أُدسا (رُها) وتوفّي في حرّان ، ولم يُعلم تاريخ ميلاده ووفاته دقيقاً ، ولكن نقل عنه أنّه شارك في مناظرة على عهد المأمون (خلافته : ١٩٨ ـ ٢١٨هـ) ، يعدّ أشهر مؤلّف باللغة العربية في الأدبيّات الحجاجية الدينية ، ومن بين الأقوال الكثيرة التي كان يهاجم بها ويتحامل بها على الدين الإسلامي كان يدّعي أنّ الرسول الأعظم لا

__________________

(١) Thomas ١ / ١٥١ ـ ١٥٢.

(٢) Marwan Rashed. "New evidence on the critique of the Quranic miracle at the end of the third/ninth century : Qusta Ibn Luqa vs. the Banu al ـ Munajjim" In the age of al ـ Farabi : Arabic philosophy in the fourth/tenth century, edited by peter Adamson, London : Warburg Institute/Turin : Nino Aragno Editore (Warburg Institute Colloquia no. ١٢). ٢٠٠٨. pp.٢٧٧ ـ ٢٩٤.


معجزة له(١) ، هذا وإنّ مصنّفات أبي قرّة واحتجاجاته هي أكثر من مصنّفات سائر من ألّف في الدفاع عن المسيحية ، وقد سجّل له مارتين(٢) أكثر من ثلاثين رسالة وكتاب باللّغات العربية والسريانية واليونانية مع ذكره للنسخ الموجودة في المكتبات العالمية ومواصفاتها والطبعات المحتملة لها(٣).

إنّ النماذج المذكورة للمناظرات الآنفة الذكر ما هي إلاّ قطرة من بحر ، فإنّ الاحتجاجات والمجادلات الإسلامية بقيت مستمرّة بين المسلمين من جهة وبين المسيحيّين واليهود من جهة أخرى ، فإذا نظرنا في القرن الرابع الهجري وما بعده فإنّ المدوّنات الحجاجية للمسلمين على اليهود والمسيحيّين وبالعكس جاءت أكثر تفصيلاً ووضوحاً في باب موضوع إعجاز القرآن. وهناك شخصان متأخّران عن قُسطا بن لوقا وثيودور أبي قرّة وهما عبارة عن : گريگور ماگيستورس (٣٨٠ ـ

__________________

(١) انظر : مقالة سيدني غريفيث تحت عنوان (القرآن في المتون العربية المسيحية : تحوّل وتطوّر احتجاجات [ثيودور] أبو قرّه الجدلية في مجلس المأمون) :

Sidney Griffith, "The Quran in Arab Christian texts : the development of an apologetical argument : Abu Qurrah in the Maglis of Al ـ Ma'mun" Parole de l'Orient : revue semestrielle des etudes syriaques at arabes chretiennes : recherches orientales : revue detudes et de recherches sur les eglises de Langue syriaque ٢٤ (١٩٩٩) , pp. ٢٠٣ ـ ٢٣٣.

(٢) Martin. ١/٤٤٨&٤٩١.

(٣) لتحصل على بعض أدلّته على ردّ معجزات الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ومقارنتها مع سائر معجزات الأنبياء ، انظر : Martin, ١/٤٧٤.


٤٥٠هـ) في حواره ومناظرته مع أبي النصر المنازي (ت٤٣٧هـ) (١) ؛ ومجالس البحث بين أُسقف إيليا بارشينايا (٩٧٥ ـ ١٠٤٦م) وأبي القاسم الحسين بن علي المعروف بالوزير المغربي (٣٧٠ ـ ٤١٨ هـ) في مدينة ميافارقين(٢). حتّى أنّ كاميلا أدنغ سعت في كتابها(٣) لتبيّن بأنّ شخصاً مثل الباقلاّني (ت ٤٠٣هـ) في بحوثه في موضوع إعجاز القرآن والدفاع عن حقّانية نبوّة الرسول الأعظم في كتاب تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل كان على علم كامل بانتقادات اليهود مثل قرقساني وسعديا بن يوسف الفيّومي المعروف بـ : سعديا جاؤون وقد تعرّض لهما بالنقد والردّ.

العامل الثاني

المساعي الأدبية والكلامية الأولى للمعتزلة وإعجاز القرآن

بعد أن انتهينا من موضوع المحاججات الإسلامية ـ المسيحية في بلاد الشام والعراق وكونها العامل الأوّل في تبلور موضوع إعجاز القرآن ، فإنّ العامل الثاني الذي ساهم في تبلور هذا الموضوع هو كثرة التشكيك والهواجس الكلامية لمتكلّمي المعتزلة في القرن الثالث. فمن الواضح أنّ المعتزلة ـ وبشكل كلّي مخالفو أهل الحديث ـ كانوا من الجماعات الإسلامية الأولى التي طرحت التساؤلات الكلامية في باب الذات والماهية ومباني فهم القرآن ، وإنّ التساؤل عن حدوث أو قدم القرآن ، والتشكيك في حجّية خبر الواحد ، وجواز الفهم والتفسير

__________________

(١) انظر : ٢/٧٠٧ ـ ٧١٣ Thomas,.

(٢) انظر : Thomas, ٢/٧٣٠ ـ ٧٣٥.

(٣) انظر : Adang, pp.١٧٩ ـ ١٨٤.


المجازي لبعض آيات القرآن ، تعدُّ من جملة بعض اعتقاداتهم بالنسبة للقرآن. فإنّ موضوع نظم القرآن يعدّ من قبيل هذه المسائل أيضاً ، حيث إنّ تشكيك البعض فيما يخص هذا الموضوع من جانب وشبهات المخالفين والملحدين من جانب آخر كانت جميعها تلعب دوراً مهمّاً في طرح هذه المواضيع ومناقشتها.

إنّ أهمّ التساؤلات في هذا المجال والتي شغلت أذهان متكلّمي المعتزلة في القرنين الثاني والثالث هي كالتالي : ما هي الخصائص التي ميّزت كلام الله عن كلام الفصحاء والبلغاء والخطباء والشعراء والكُهّان(١)؟ ومثل هذا السؤال لا يمكن تصوّر أنّه قد ظهر تلقائيّاً من غير تمهيد له من قبل ، أو أنّ أحد المتكلّمين ألقى مثل هذا السؤال ارتجالاً. لا يخفى أنّ مثل هذا الأمر لابد له أن يكون نتاجاً لما غرسته الأفكار والآراء السالفة من بذور في الأجواء العلمية في العقود السابقة ؛ على سبيل المثال ذُكر أنّ عيسى بن صبيح (ت ٢٢٦ هـ) المعروف بأبي موسى المردار وهو من تلامذة بشر بن المعتمر والذي كان كثيراً ما يدافع عن نظرية خلق القرآن ، فإنّه كان يعتقد أنّ الناس بإمكانهم أن يقلّدوا القرآن ويأتوا بمثله من حيث الفصاحة والنظم والبلاغة(٢). كذلك أبو الحسن الأشعري يحكي عن بعض المعتزلة مثل هشام بن عمرو الفوطي (ت قبل ٢١٨ هـ) وتلميذه عبّاد بن سليمان الصيمري (ت حدود ٢٥٠ هـ) إنكارهم إعجاز القرآن ودلالته على نبوّة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) (٣).

__________________

(١) الفكر الإسلامي في الردّ على النصارى : ٤٧٨ ؛ قارن : Wansbrough, p.٧٩.

(٢) الملل والنحل ١/٨٢ ـ ٨٣ ؛ الأنساب ١٢/١٨٧ ؛ وللحصول على نماذج أخرى انظر : تاريخ مدينة دمشق ٢٣/٢٧٩ ـ ٢٨٠. كذلك مقالات الإسلاميين : ٢٢٥.

(٣) الحكايات في مخالفات المعتزلة من العدلية : ٦٩ ؛ قارن : Van Ess, Vol/٤ p.٧,٤١,٦٠٩.


وحتّى القاضي عبد الجبّار(١) يتّهم جماعة مثل أبي الحفص الحدّاد ، أبي عيسى الورّاق ، ابن الراوندي ، الحصري ، محمّد بن زكريّا الرازي (ت ٣٢٠ هـ) ويعقوب ابن إسحاق الكندي (الفيلسوف المتوفّى بعد سنة ٢٥٧ هـ) بإنكار النبوّة.

إنّ الرعيل الأوّل من المجيبين على السؤال الآنف الذكر وإن كانوا ينتسبون إلى المعتزلة بأسرهم إلاّ إنّهم اختلفوا في نمط الإجابة عن هذا السؤال فيما بينهم ؛ فالرهط الأوّل ـ أي : معتزلة البصرة والشيعة الزيدية التابعون لهم(٢) ـ كانوا يعتقدون أنّ القرآن كسائر معجزات الأنبياء ـ موسى وعيسى ـ فهو في حدّ ذاته معجزة وآية نبوّة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ، ولذلك فإنّ الإعجاز مكنون في ذات البيان القرآني وبعبارة أدقّ : إنّ الإعجاز مكنون في النظم القرآني(٣). والرهط الثاني والذي يمكن أن نسمّيهم معتزلة بغداد الأوائل ، فإنّهم لم يصرّوا على معجزة نظم ومعجزة تأليف القرآن ؛ فإنّهم يعتقدون كون القرآن معجزاً إنّما هو بسبب ما أوجده الباري عزّ وجلّ من مانع حيث اشتهر هذا الأمر اصطلاحاً بنظرية (الصرفة). إنّ من أهمّ الشخصيّات من بين الزيدية الأوائل هو الإمام القاسم بن إبراهيم الرسّي (ت ٢٤٦ هـ) ، حيث كان على تواصل علميّ مع المعتزلة ومع المسيحيّين(٤) وهو من أقدم

__________________

(١) تثبيت دلائل النبوّة ٢ / ١٣٧٤.

(٢) إنّ أهمّ كتاب بحث في تأثير المعتزلة الأوائل على الزيدية هو كتاب ويلفرد مادلونغ تحت عنوان (الإمام القاسم بن إبراهيم والتعاليم الكلامية للزيدية) :

Wilferd Madelung, Der Imam al ـ Qasim Ibn Ibrahim und die Glaubenslehre der Zaiditen, Berlin ؛ Walter de Gruyter ١٩٦٥.

(٣) Martin, p.١٧٦.١٨١.

(٤) للتعريف بكتابه المعنون بـ : الردّ على النصارى انظر : Thomas, ١/٥٤٢ ـ ٥٤٣


العلماء ممّن كان له اطّلاع وافر بالعهدين ، كما أنّه كانت له منهما نقولات كثيرةٌ في مصنّفاته ، وذلك لإثبات نبوّة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ، وللردّ على المعتقدات الدينية المسيحية(١) ، ومن جانب آخر فإنّه كان مسلماً متورّعاً راسخ العقيدة وعقلانيّاً ، وإنّ دفاعه عن معتقد إعجاز القرآن في مصنّفاته واضحٌ جدّاً(٢).

إنّ أوّل من نسبت إليه نظرية (الصرفة) بشكل واضح هو إبراهيم بن سيّار المعروف بنظّام (ت ٢٣١ هـ) (٣) (٤) ، بعد ذلك ظهر لها مدافعون من بين بعض

__________________

وقد تمّ تصحيح هذا الكتاب وطباعته تحت عنوان : (القاسم بن إبراهيم ، الردّ على النصارى) ، تحقيق : إمام حنفي عبد الله ، القاهرة : دار الآفاق ، ٢٠٠٠م.

(١) للحصول على بعض النماذج انظر : ويلفرد مادلونغ مقالة مستقلّة لدراسة القاسم تحت عنوان : (القاسم بن إبراهيم والعقيدة المسيحية) :

Wilferd Madelung "Al ـ Qasim Ibn Ibrahim and Christian theology" ARAM ٣ (١٩٩١) pp. ٣٥ ـ ٤٤.

(٢) Madelung, ١٩٦٥. pp.١٢٤ ـ ١٢٥

وكأنموذج انظر : القاسم بن إبراهيم في كتابه (مديح القرآن الكبير) في مجموع الكتب والرسائل ٢/٢٣ ـ ٢٤ ، وللحصول على نماذج متأخّرة من أدبيّات الزيدية في باب إعجاز القرآن في أواخر القرن الرابع الهجري بقلم المؤيّد بالله (ت ٤١١ هـ) في مصنّف تحت عنوان (كتاب إثبات نبوّة النبي) انظر : ٢٠١٢, p.٢٢١ Schmitdke. وقد تمّ طباعة ونشر مجموعة آثاره الكاملة : مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسّي ، تحقيق : عبد الكريم أحمد جدبان ، جزءان ، صنعاء : دار الحكمة اليمانية ، ٢٠٠١م.

(٣) مقالات الإسلاميين : ٢٢٤ ؛ الذخيرة : ٣٧٨.

إلاّ أنّ عبد الرحمن بن معاضة الشهري يقول في كتابه : القول بالصرفة في إعجاز القرآن (عرض ونقد) : ١١٩ : «إنّ نظرية (الصرفة) أكثر ما نسبت إلى واصل بن عطاء (ت ١٣١ هـ)» من دون الإشارة إلى أيّ مصدر يؤيّد قوله هذا. (انظر النقد في : Martin, p.١٨٠).

(٤) عبد القاهر البغدادي (ت ٤٢٩ هـ) هو الوحيد الذي يقول أنّ النظّام يعتقد : «أنّ نظم القرآن


الشيعة والمعتزلة وحتّى أهل السنّة(١). إنّ فُن غرونبام(٢) سعى إلى إثبات أنّ معتقد (الصرفة) موجود في المسيحية بشكل أكثر وضوحاً ممّا عليه في الإسلام ، ويستشهد لإثبات ذلك بنماذج من فكر لاكتانتيوس (حدود ٢٣٠ ـ ٢٤٠ م) وهو من آباء الكنيسة(٣). ومن جانب آخر فإنّ محمّد أبا زهرة(٤) عثر على شاهد في مصنّفات أبي ريحان البيروني ـ تحقيق ما للهند ـ جعله يحتمل أنّ جذور هذا المعتقد يرجع إلى اعتقاد الهندوس بعدم إمكان تقليد كتابهم الديني(٥).

وليس من البعيد أنّ بعض الأدباء والمتكلّمين المعتزلة لا يرون فرقاً كبيراً بين القصائد العربية المعروفة وبين آيات القرآن من حيث النظم ، وذلك بسبب تذوّقهم وتضلّعهم الخاصّ في الأدب العربي ، حتّى أنّهم كانوا لا يعدّون الصياغة والنظم الظاهري للسور المدنية للقرآن أمراً صعباً ، لذلك فإنّهم لم ينسبوا عجز

__________________

غير معجز ، وإنّما وجه الدلالة منه على صدق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما فيه من الإخبار عن الغيوب. وزعم أنّ العباد قادرون على مثل القرآن وعلى ما هو أفصح منه» (الملل والنحل : ٩٨ ؛ الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية منهم : ١٢٨). وبعد قرنين نسب السخاوي (ت ٦٤٣ هـ) هذا الكلام إلى جميع المعتزلة (جمال القرّاء وكمال الإقراء ١/٢١٦).

(١) الشهرستاني (ت ٥٤٨ هـ) بعد أن أبدى توضيحاً في شأن اعتقاد أبي الحسن الأشعري بإعجاز القرآن قال : «ومن أصحابه من اعتقد أنّ الإعجاز في القرآن من جهة صرف الدواعي ، وهو المنع من المعتاد» (الملل والنحل ١/١١٦ ـ ١١٧).

(٢) Von Grunebaum, E١٢, ٣/١٠١٩.

(٣) عنوان (إعجاز) في دائرة المعارف الإسلامية ، ليدن : دار نشر بريل ، الطبعة الثانية ٣/١٠١٩.

(٤) المعجزة الكبرى : ٥٧ ـ ٥٨.

(٥) لأجل تحقيق ذلك ، انظر : القول بالصرفة في إعجاز القرآن : ٣٥ ـ ٣٧.


البشر إلى نفس الجملات والنظم والبلاغة القرآنية ، بل كانوا يرونه ناشئاً من قدرة الله في (صرف) همّة البشر وإرادته وعلمه عن القيام بذلك(١).

إنّ جان ونزبرو على الرغم من أنّه يصرّح في كتابه المطالعات القرآنية ـ بعد تحليل كثير ـ إنّ فكرة إعجاز القرآن لا شبيه لها في الأدبيّات الدينية اليهودية والربّانية(٢) إلاّ أنّه في نفس الوقت كان يصرّ على أنّ أصل التحدي في السياق القرآني لم يكن أمراً قد انفرد به القرآن ، فإنّنا نجد له نموذجاً مشابهاً في الثقافة اليهودية(٣) ، حيث يستند في أدلّته على ذلك بآية : (قُلْ فَأْتُوا بِكِتَاب مِنْ عِندِ الله هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ) (القصص : ٤٩) وهي في عداد الآيات المكّية. من جانب آخر فإنّه يعتقد أنّ طرح فكرة (الصرفة) من جانب المعتزلة لها ارتباطٌ وثيق مع مسألة خلق وحدوث القرآن التي هي من وجهة نظرهم أمراً محوريّاً وفي غاية الأهمّية ، لذا فإنّه يرى أنّ النصّ القرآني بالنسبة للباري يعدّ أمراً عرضيّاً (وإنّ كلام الله من أفعال الله وليس من صفات ذاته) ، فإنّ الألفاظ الموجودة في القرآن بحدّ

__________________

(١) إنّ أوّل من نُسبت إليه نظرية (الصرفة) النظّام ومن جملة من نسبها إليه أبو الحسن الأشعري وعبد القاهر البغدادي وهناك إشارات بل تصريح في الكثير من المؤلّفات بذلك ، ومن جميع المذاهب والفرق ، مثل الجاحظ (ت ٢٥٥ هـ) ، علي بن عيسى الرمّاني (ت ٤١٨ هـ) ، الشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) ، الشريف المرتضى (م ٤٣٦ هـ) ، أبو الصلاح الحلبي (ت ٤٤٧ هـ) ، ابن سنان الخفاجي (ت ٤٦٦ هـ) ، ابن حزم الأندلسي (ت ٤٥٦ هـ).

للحصول على نماذج من هذه الإشارات انظر : الموضح عن وجه إعجاز القرآن : ٣٦ ـ ٣٧ و٤٦ ـ ٤٧ ؛ المنقذ من التقليد ١/٤٦٠ فما بعد.

(٢) Wansbrough, p.٨١.

(٣) Ibid, p.٧٩.


ذاتها تحوي جوانب أدبيّة وبلاغيّة ليست فوق طاقة البشر(١). وفي نهاية المطاف فإنّ ونزبرو يشير إلى أمر مهمّ وهو أنّ آراء المعتزلة في هذا الباب غالباً ما رواها لنا مخالفوهم ممّن انتصر عليهم ، لذا لا يمكن أن نحصل على صورة واضحة لآرائهم في باب (الصرفة) بشكل صحيح ، فهل كانت هي نوعاً من ردّة الفعل من قبلهم على بعض الآراء العلمية الموجودة في المجتمع الإسلامي وغير الإسلامي آنذاك ، أم أنّها كانت من ابتكارهم لحلّ مسألة أدلّة نبوّة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وحقّانية دين الإسلام(٢).

إنّ ما غرسه المعتزلة من بذور التنظير في باب إعجاز القرآن سرعان ما أخرج شطأه في أواسط النصف الثاني من القرن الثالث ؛ وإنّ الجاحظ (ت ٢٥٥ هـ) يقول بأنه صنّف كتاباً بعنوان نظم القرآن حيث تناول فيه الردّ على آراء النظّام ، كما قد أجاب فيه على ادّعاءات سائر المخالفين للمعتزلة ومن جملتهم أهل الحديث والشيعة والحشوية(٣). مع كلّ ذلك فإنّه في بعض مصنّفاته مثل (الحيوان ، ٤/٣٠٥ ؛ ٦/٤٤٥) لم يتمكّن من التخلّص كلّياً من هيمنة نظرية (الصرفة) (٤). وفي هذا البين جاءت الانتقادات الشديدة من قبل أبي الحسين أحمد بن يحيى بن إسحاق ـ

__________________

(١) قارن : مقالات الإسلاميين : ٢٢٥ ـ ٢٢٦.

(٢) Wansbrough, p.٨٢.

(٣) رسائل الجاحظ الكلامية : ١٦٦. لم تصلنا من هذا الكتاب نسخة قط ، والذي وصلنا منه إنّما هي فصول أعاد ترتيبها سعد عبد العظيم محمّد تحت عنوان (نظم القرآن) اقتبسها من سائر آثار الجاحظ ومن بعض النقولات المتأخّرة.

(٤) لاحظ : قضيّة إعجاز القرآن عند الجاحظ : ٦٣٤ ـ ٦٣٧.


المعروف بابن الراوندي ـ التي أوردها على النظّام حيث أجّجت نار البحث بشكل أكثر ، حيث كان ابن الراوندي يعدّ من المعتزلة في حينها إلاّ أنّه ألّف كتاباً فيما بعد في فضح المعتزلة بعد إعراضه عنهم وسمّاه فضيحة المعتزلة ، حيث تناول في كتابه هذا انتقادات كثيرة على كلّ معتقدات المعتزلة(١) ، وبالرغم من أنّ أصل الكتاب لم يصل إلينا ، إلاّ أنّ ردّ أبي الحسين عبد الرحيم بن محمّد بن عثمان الخيّاط المعتزلي في كتابه الذي هو بعنوان الانتصار والردّ على ابن الراوندي الملحد قد نقل لنا فصولاً كثيرةً من كلام ابن الراوندي اللاذع ، ولكن في فصل اعتقادات النظّام القرآنية قد لخّص ابن الراوندي الحديث في هذا الموضوع بشكل كبير ، وفي جواب ابن الراوندي الذي انتقد فيه رأي النظّام في خصوص نظرية (الصرفة) قد أكّد على معتقدات النظّام بالأخبار الغيبية القرآنية فقط(٢).

هذا وإن سائر آثار ابن الراوندي مثل كتاب التاج ، كتاب الدامغ ، كتاب الزمرّد ، وكتاب الفريد كانت بأسرها ـ نوعاً ما ـ في ردّ القرآن ، النبوّة ، إعجاز القرآن ، معجزات الأنبياء وأمثالها ؛ حيث أدّى ذلك إلى شحذ همم علماء الإسلام في القرن الثالث الهجري بالسعي الحثيث لتبيين الجوانب المختلفة لإعجاز القرآن(٣).

__________________

(١) طبقات المعتزلة : ٩٢.

(٢) انظر : الانتصار والردّ على ابن الراوندي الملحد : ٢٧ ـ ٢٨.

(٣) للبحث الدقيق في مصنّفات ابن الراوندي المتعدّدة وتقرير محتواها انظر :

Van Ess, ٤/٢٩٥ ـ ٣٤٩ ، ولمراجعة آراء سائر العلماء من بعده في شأنه انظر : تاريخ ابن الراوندي الملحد.


وبيّن ابن النديم في كتاب الفهرست أنّ ثمّة تصانيف أُخرى في أواخر القرن الثالث قد صنّفت أيضاً تحت عنوان (نظم القرآن) و (إعجاز القرآن) ، وفي سنة (٣٧٧ هجري) قد ذكر عدداً من هذه المصنّفات بالنحو التالي(١) : «كتاب إعجاز القرآن في نظمه وتأليفه لمحمّد بن يزيد الواسطي المعتزلي ، كتاب نظم القرآن لابن الإخشيد ، كتاب البيان عن بعض الشعر مع فصاحة القرآن للحسن بن جعفر البرجلي ، كتاب نظم القرآن لأبي علي الحسن بن علي بن نصر»(٢) وهؤلاء الأشخاص بأسرهم يميلون إلى المعتزلة(٣) ، كذلك قد نسب في الفهرست(٤) عنوان (نظم القرآن) إلى أشخاص مثل ابن أبي داوود السجستاني (ت ٣١٦ هـ). كذلك أبو العبّاس النجاشي(٥) نسب إلى الشلمغاني كتاباً بهذا العنوان ، وقد نسب ياقوت الحموي أيضاً(٦) مثل هذا الكتاب إلى أبي زيد أحمد ابن سهل البلخي (ت

__________________

(١) من الواضح أنّ الكتب التي ألّفت تحت عنوان (نظم القرآن) كانت أكثر من الكتب التي جاءت تحت عنوان (إعجاز القرآن) وكانت متقدّمة عليها ، والظاهر أنّ أقدم كتاب صنّف تحت عنوان (إعجاز القرآن) يرجع إلى أوائل القرن الرابع ، وقد نسب الداوودي مصنّفاً تحت عنوان (إعجاز القرآن) إلى محمّد بن عمر بن سعيد الباهلي (ت ٣٠٠ هـ) من متكلّمي المعتزلة (طبقات المفسّرين ٢/٢١٩).

(٢) الفهرست لابن النديم : ٤١.

(٣) وقد عنون ابن النديم هذا الفصل من كتابه تحت عنوان : (الكتب المؤلّفة في معاني شتّى من القرآن) ؛ حيث يتبيّن من خلال ذلك أنّه لم يكن لديهم في تلك الحقبة أبحاث وعناوين مثل (نظم القرآن) و (إعجاز القرآن) كأبحاث مستقلّة وعناوين بارزة.

(٤) الفهرست لابن النديم : ٢٨٨.

(٥) رجال النجاشي ٢ / ٣٧٩.

(٦) معجم الأدباء ١/٢٧٥.


٣٢٨ هـ).

إنّ معظم المصنّفات الآنفة الذكر قد تمّ تصنيفها في مركز العواصم العلمية والثقافية للعالم الإسلامي أي : العراق وبلاد الشام ، وأمّا في سائر البلدان الإسلامية مثل خراسان وما وراء النهر إلى المغرب والأندلس فإنّ حركة التصنيف في موضوع إعجاز القرآن ونظمه وإن جاءت متأخّرة بعض الشيء إلاّ أنّنا نرى العديد من هذه المصنّفات في هذا المجال ، فقد نسب أبو القاسم الباخرزي (ت ٤٦٧ هـ) إلى أبي عبد الله محمّد بن الهضيم (ت ٤٠٩ هـ) ـ من كرّاميّي خراسان ـ كتاباً في باب (إعجاز القرآن) ويقول أنّه كان قد رآه(١) ، وهذا الأمر يبيّن لنا أنّ موضوع (إعجاز القرآن) قد وصل في القرن الرابع الهجري إلى مدرسة نيشابور التفسيرية وإلى ما وراء النهر كذلك ، وإنّ أمثال أبي رشيد النيشابوري (ت ٤١٥ هـ) صاحب كتاب زيادات الشرح ، الذي يعدّ من تلامذة القاضي عبد الجبّار ربّما كان لهم سهم في انتقال هذا الأمر ، وإنّ الاهتمام بهذا الأمر قد ظهر بوضوح أيضاً في المصنّفات التفسيرية لهذه المنطقة ، مثل الثعلبي (ت ٤٢٨ هـ) والواحدي النيشابوري (ت ٤٦٨ هـ) في تفسيرهما لآيات سورة البقرة (٢٣) والإسراء (٨٨) ، إلاّ أنّه لم نعثر على إشارة لهذا الأمر في التفاسير الأكثر قدماً مثل تفسير الماتريدي (ت ٣٣٣ هـ) وتفسير أبي الليث السمرقندي (ت ٣٧٧ هـ). وأمّا في المدرسة التفسيرية في المغرب فإنّ أدبّيات إعجاز القرآن وصلت إلى هناك مع شيء من التأخير أيضاً ؛

__________________

(١) «وقد تأمّلت كتابه في إعجاز القرآن فإذا عبارات فصيحة ، وإشارات صحيحة» (باخرزي ، دمية القصر وعصرة أهل العصر ٢/٨٨٩).


فإنّ أبا الوليد عبد الله بن محمّد بن يوسف بن نصر الأزدي المعروف بابن الفرضي (ت ٤٠٣ هـ) على الرغم من أنّه ذكر في كتابه تاريخ علماء الأندلس أسامي الكثير من علماء التفسير والقراءة والحديث والعلوم القرآنية في المغرب الإسلامي إلاّ أنّه لم يتكلّم عن أيّ كتاب في باب (إعجاز أو نظم القرآن). وأمّا تفسير بقي بن مخلّد (ت ٢٧٦ هـ) الذي عدّه ابن حزم أوسع من تفسير الطبري فإنّه لم يصلنا شيء منه ، كذلك في أقدم تفاسير هذه المنطقة مثل تفسير ابن أبي زمنين (ت ٣٩٩ هـ) فإنّه لم يأتِ بشيء في موضوع (إعجاز القرآن) ، وحتّى فيما يتعلّق بتفسير آيات التحدّي فإنّنا لم نعثر على أيّ إشارة إلى هذا البحث ومع كلّ ذلك فإنّ مكّي بن أبي طالب بن محمّد بن المختار القيسي القيرواني (ت ٤٣٧ هـ) كان قد ألّف كتابين في هذا المجال هما بيان إعجاز القرآن وكتاب انتخاب كتاب الجرجاني في نظم القرآن(١).

إنّ القرن الرابع الهجري هو الحقبة التي ظهر فيها ارتباط وثيق بين التنظير الكلامي في باب إعجاز القرآن وبين تفسير القرآن ، ففي أواخر هذا القرن قد طرح التساؤل عن إعجاز القرآن في كتب العلماء والمفسّرين ـ غالباً المعتزلة ـ بكونه أمراً تفسيريّاً وموضوعاً من موضوعات علوم القرآن ، وإنّ بعض مفسّري المعتزلة ومفسّري التفاسير الأدبية المطّلعين على المباحث الكلامية للمعتزلة قد اهتمّوا بموضوع التنظير في وجه إعجاز القرآن وذلك في تفسيرهم على الآية (٨٨) من

__________________

(١) إنباه الرواة ٣ / ٧١٦ ـ ٣١٧.


سورة الإسراء ، وقد نقل القاضي عبد الجبّار في تثبيت دلائل النبوّة(١) أنّ أبا علي الجبّائي (٢٣٥ ـ ٣٠٣ هـ) قد تطرّق في تفسيره إلى ردّ بعض تصريحات ابن الراوندي(٢). وهو يقول أنّ أبا القاسم البلخي (٢٧٣ ـ ٣١٩ هـ) أيضاً قد تطرّق إلى ردّ انتقادات ابن الراوندي على الجاحظ(٣). إنّ البلخي والجبّائي كليهما من أهمّ متكلّمي ومفسّري المعتزلة في القرن الثالث وأوائل القرن الرابع الهجري ، وللأسف فإنّه لم يتبقّ من مصنّفاتهم التفسيرية سوى ما وصل منها إلينا من خلال أقوالهم المنقولة في مصنّفات المتأخّرين(٤).

هذا ومن خلال كلام القاضي عبد الجبّار يتبيّن لنا أنّ موضوع (الصرفة) و (إعجاز ونظم القرآن) في نهاية القرن الثالث وبداية القرن الرابع الهجري يعتبر من أهمّ الموضوعات الكلامية التي أخذت طريقها إلى التفاسير القرآنية ، فقد توفّرت الأرضية الخصبة لدخول بحوث إعجاز القرآن إلى كتب تفاسير معتزلة القرن الرابع بشكل واسع جدّاً ، فأبو القاسم البلخي (ت ٣١٩ هـ) ، أبو هاشم الجبّائي (ت ٣٢١ هـ) ، ابن الإخشيد (ت ٣٢٦ هـ) ، الرمّاني (ت ٣٨٦ هـ) والخطّابي

__________________

(١) تثبيت دلائل النبوّة ٢ / ٥٢٩.

(٢) لاحظ المغني في أبواب التوحيد والعدل ١٦/١٥١ و٣٩٠ حيث يقول القاضي عبد الجبّار هناك أنّ أبا علي الجبّائي قد ردّ على ابن الراوندي في دعاويه على القرآن.

(٣) تثبيت دلائل النبوّة ١/٦٣ ، ٢/٥٤٨ ، ذكر هذا أبو القاسم البلخي في النقض على ابن الراوندي اعتراضه على أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ، في كتابه (نظم القرآن وسلامته من الزيادة والنقصان).

(٤) للحصول على بعض آرائهم في باب إعجاز القرآن انظر : الشريف المرتضى ، الذخيرة في علم الكلام : ٤٠٠ ـ ٤٠١.


السبتي (٣٨٨ هـ) هم من جملة المتكلّمين الذين تطرّقوا للبحث التفصيلي في باب إعجاز القرآن آنذاك في رسائلهم المستقلّة أو ضمن سائر كتبهم ، إنّ التفاسير والآثار الأدبية لهذا القرن فيها إشارات واضحة وطرح جادّ لموضوع إعجاز القرآن ، ففي هذه الحقبة ـ وبغضّ النظر عن الآثار التفسيرية المفقودة لأبي علي الجبّائي ، أبي مسلم محمّد بن بحر الأصفهاني(١) ، أبي القاسم البلخي وأبي الحسن الرمّاني ـ لابُدّ لنا من ملاحظة الاهتمام الواضح والجادّ بموضوع إعجاز القرآن من قبل المفسّرين والأدباء مثل أبي جعفر النحّاس (ت ٣٣٨ هـ) في إعراب القرآن(٢) ، أبي بكر الرّازي المعروف بالجصّاص (ت ٣٧٠ هـ) في تفسير أحكام القرآن(٣) ، وأبي هلال العسكري (ت حدود ٤٠٠ هـ) في كتاب الصناعتين(٤). ومع شدّة الأبحاث واحتدامها حول هذه الموضوعات ، فإنّ تبيين (وجه إعجاز القرآن) قد شقّ طريقه إلى الآثار التفسيرية لأدباء ومتكلّمي الشيعة والمعتزلة والأشاعرة ومن ثمّ إلى سائر المفسّرين حيث ذكروه بكرّات منذ القرن الخامس في تفاسيرهم ؛ فالباقلاّني (ت ٤٠٣ هـ) ، الشيخ المفيد (ت ٤٠٣ هـ) ، القاضي عبد الجبّار (ت ٤١٥ هـ) ، الوزير المغربي (ت ٤١٨ هـ) ، الشريف المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) ، أبو صلاح الحلبي (ت

__________________

(١) قد نقل السيوطي رأي الإصفهاني في باب (إعجاز القرآن) من نفس تفسيره حيث قال : «وقال الإصبهاني في تفسيره : إعلم أنّ إعجاز القرآن ذكر من وجهين : أحدهما إعجاز يتعلّق بنفسه ، والثاني بصرف الناس عن معارضته» (الاتقان ٢ / ٢٤٥).

(٢) إعراب القرآن ٢ / ٢٨٣.

(٣) أحكام القرآن ٤ / ٣٣ ـ ٣٤ ؛ ٥ / ٣٥.

(٤) الصناعتين : ١ ـ ٢ ، «إنّ أحقّ العلوم بالتعلّم ، وأولاها بالتحفّظ ـ بعد المعرفة بالله جلّ ثناؤه ـ علم البلاغة ومعرفة الفصاحة ، الذي به يُعرف إعجاز كتاب الله تعالى».


 ٤٤٧ هـ) ، ابن سنان الخفاجي (ت ٤٦٦ هـ) وعبد القاهر الجرجاني (ت ٤٧٤ هـ) تعدّ آراؤهم ومصنّفاتهم بأسرها من نتاج عهد تكامل وتطوّر البحث عن (إعجاز القرآن).

خلاصة البحث

إنّ المفسّرين وسائر علماء الإسلام في القرون الأولى كانوا يعدّون آيات التحدّي في القرآن إنّما جاء بها محكم القرآن لتأييد مدّعاه على صحّة دعوة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ولأصالة كون القرآن من عند الله ، ومع ظهور البحوث العلمية في المجتمع الإسلامي في غضون القرون الأولى فإنّ مفهوم (إعجاز القرآن) وعدم إمكان تقليده مع تبيين وجه إعجازه بدأت تدريجيّاً تظهر ملامحه واضحة وأكثر تكاملاً ، حتّى جاء متكلّمو المعتزلة في أواخر القرن الثالث الهجري بنظريّات مختلفة في هذا الشأن.

هناك عاملان أساسيّان لهما دورٌ مهمّ في عملية الانتقال من مفهوم (التحدّي) إلى مفهوم (إعجاز القرآن) وتبيين الوجوه المختلفة للإعجاز القرآني ؛ الأوّل : هو محاججات المسيحيّين واليهود لردّ صدق رسالة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) والدين الإسلامي في تلك القرون ، بحيث أدّى ذلك في المقابل من جانب المسلمين إلى تصنيف كتب كثيرة في الدفاع عن رسالة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وإثبات وتثبيت رسالته ، وقد أدّى هذا الأمر إلى ظهور مجموعة ضخمة من الكتب جاءت تحت العناوين التالية : دلائل النبوّة ، أعلام النبوّة ، أمارات النبوّة ، إثبات


النبوّة ، إثبات نبوّة النبي (صلى الله عليه وآله) ، تثبيت نبوّة النبي (صلى الله عليه وآله) ، تثبيت دلائل النبوّة ؛ فإنّ إنكار وجود المعجزات للرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وردّ نظرية (الإعجاز) وعدم إمكان تقليد القرآن في مصنّفات المسيحيّين واليهود من جانب وسعي رقبائهم في حضيرة الإسلام من العلماء والمتكلّمين للردّ عليهم من جانب آخر صار سبباً لوجود ثلاث نظريّات مختلفة في باب (إعجاز القرآن) في نهاية القرن الثالث الهجري وهي : الصرفة ، نظم القرآن ، والإخبار عن الغيب.

إلى جانب هذا العامل هناك عامل المواجهات العلمية بين مختلف الفِرَق الإسلامية وخاصّة أهل الحديث ، الزيدية ، والمعتزلة ، وكذلك اختلاف الآراء الأدبية والاعتقادية في خصوص المتن القرآني ، كلّ ذلك ساعد على تبلور هذا الأمر بشكل أكبر.

ومع بداية القرن الرابع الهجري نرى الكثير من المتكلّمين والأدباء الإسلاميّين مثل : أبو علي الجبّائي (ت ٣٠٣ هـ) ، أبو الحسن الخيّاط (ت ٣١١ هـ) ، أبو القاسم البلخي (ت ٣١٩ هـ) ، أبو هاشم الجبّائي (ت ٣٢١ هـ) ، أبو مسلم محمّد ابن بحر الإصفهاني (ت ٣٢٣ هـ) ، ابن الإخشيد (ت ٣٢٦ هـ) ، أبو جعفر النحّاس (ت ٣٣٨ هـ) ، أبو بكر الرازي المعروف بالجصّاص (ت ٣٧٠ هـ) ، أبو الحسن الرُمّاني (ت ٣٨٦ هـ) ، الخطّابي السبتي (ت ٣٨٨ هـ) وأبو هلال العسكري (ت حدود ٤٠٠ هـ) قد أقحموا في تفاسيرهم موضوع إعجاز القرآن وتبيين مختلف جوانبه مضافاً إلى أجوبتهم في الردّ على مخالفيهم.

ومنذ بداية القرن الخامس الهجري أضحى موضوع إعجاز القرآن مع


جوانبه المتداخلة والمختلفة في تفاسير وكتب علوم القرآن أمراً رائجاً ، فإنّ آراء ومصنّفات الباقلاّني (ت ٤٠٣ هـ) ، الشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) ، القاضي عبد الجبّار (ت ٤١٥ هـ) ، الوزير المغربي (ت ٤١٨ هـ) ، الشريف المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) ، أبي الصلاح الحلبي (ت ٤٤٧ هـ) ، ابن سنان الخفاجي (ت ٤٦٦ هـ) وعبد القاهر الجرجاني (ت ٤٧٤ هـ) كلّها تعدّ نتاجاً لعهد تكامل وتطوّر البحث عن إعجاز القرآن.


المصادر

القرآن الكريم.

١ ـ الاتّجاه العقلي في التفسير (دراسة في قضية المجاز عند المعتزلة) : أبو زيد ، نصر حامد ، بيروت : المركز الثقافي العربي ، ١٩٩٨ م.

٢ ـ الإتقان في علوم القرآن : السيوطي ، جلال الدين ، بيروت : دار الكتاب العربي ، ٢٠٠١م/ هـ ١٤٢١.

٣ ـ إعراب القرآن : النحّاس ، أبو جعفر أحمد بن محمّد ، بيروت : دار الكتب العلمية ، ١٤٢١هـ.

٤ ـ أعلام النبوّة (الردّ على الملحد أبي بكر الرازي) : الرازي ، أبو حاتم أحمد بن حمدان ، بيروت : دار الساقي بالاشتراك مع المؤسّسة العربية للتحديث الفكري ، ٢٠٠٣ م.

٥ ـ إنباه الرواة على أنباه النحاة : القفطي ، جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف ، تحقيق : محمّد أبو الفضل إبراهيم ، بيروت : المكتبة العصرية ، ١٤٢٤هـ.

٦ ـ الانتصار والردّ على ابن الراوندي الملحد : الخيّاط ، أبو الحسين عبد الرحيم بن محمّد ، تحقيق : نيبرج ، القاهرة ، ١٩٢٥م/١٣٤٤ هـ.


٧ ـ الأنساب : السمعاني ، أبو سعيد عبد الكريم بن محمّد بن منصور التميمي ، تحقيق : عبد الرحمن بن يحيى المعلّمي اليماني ، حيدر آباد : مجلس دائرة المعارف العثمانية ، ١٩٦٢م/١٣٨٢ هـ.

٨ ـ تاريخ ابن الريوندي الملحد (نصوص ووثائق من المصادر العربية خلال ألف عام) : الأعسم ، عبد الأمير ، بيروت : دار الوفاق الجديدة ، ١٦٧٥م/١٣٩٥ هـ.

٩ ـ تاريخ علماء الأندلس : ابن الفرضي ، أبو الوليد عبد الله بن محمّد بن يوسف بن نصر الأزدي ، تحقيق : عزّت العطّار الحسيني ، القاهرة : مكتبة الخانجي ، ١٩٨٨م/١٤٠٨ هـ.

١٠ ـ تثبيت دلائل النبوّة : القاضي عبد الجبار.

١١ ـ تفسير أحكام القرآن : الجصّاص ، أحمد بن علي أبو بكر الرازي ، بيروت : دار إحياء التراث الإسلامي ، ١٤٠٥ هـ.

١٢ ـ تفسير العيّاشي : العيّاشي ، محمّد بن مسعود ، تحقيق : سيّد هاشم الرسولي المحلاّتي ، طهران : المطبعة العلمية ، ١٣٨٠ هـ.

١٣ ـ تفسير القمّي : القمّي ، علي بن إبراهيم ، تحقيق : السيّد طيّب الموسوي الجزائري ، قم : مؤسّسة دار الكتاب للطّباعة والنشر ، ١٤٠٤هـ.

١٤ ـ تفسير مقاتل بن سليمان : مقاتل بن سليمان البلخي ، تحقيق : عبد الله محمود شحاته ، بيروت : دار إحياء التراث ، ١٤٢٣ هـ.

١٥ ـ ثبوت النبوّات عقلاً ونقلاً والمعجزات والكرامات : ابن تيمية ، تقي الدين ، تحقيق : محمّد يسري سلامة ، القاهرة : دار ابن الجوزي ، ٢٠٠٦ م/١٤٢٧ هـ.


١٦ ـ جامع البيان في تفسير القرآن : الطبري ، أبو جعفر محمّد بن جرير ، بيروت : دارالمعرفة ، ١٤١٢ هـ.

١٧ ـ جمال القرّاء وكمال الإقراء : السخاوي ، علي بن محمّد بن عبد الصمد ، بيروت : مؤسّسة الكتب الثقافية ، ١٩٩٩م/١٤١٩ هـ.

١٨ ـ الحكايات في مخالفات المعتزلة من العدلية : الشيخ المفيد ، محمّد بن محمّد ، السيّد محمّد رضا الحسيني ، قم : مؤتمر الشيخ المفيد ، ١٤١٣هـ.

١٩ ـ الحيوان : الجاحظ ، أبو عثمان عمرو بن بحر ، تحقيق : محمّد باسل عيون السود ، بيروت : دار الكتب العلمية ، ٢٠٠٣م/١٤٢٤ هـ.

٢٠ ـ الخصال : ابن بابويه ، محمّد بن علي ، تحقيق : علي أكبر الغفّاري ، قم : مؤسّسة النشر الإسلامي ، ١٣٦٢ هـ ش.

٢١ ـ دمية القصر وعصرة أهل العصر : الباخرزِي ، أبو الطيّب ، منشورات محمّد التونجي ، بيروت : دار الجيل ، ١٩٩٣م/١٤١٤ هـ.

٢٢ ـ الدين والدولة في إثبات نبوّة النبي محمّد (صلى الله عليه وآله) : ابن رَبَّن الطبري ، أبوالحسن علي بن سهل ، تحقيق : عادل نويهض ، بيروت : دار الآفاق الجديدة ، ١٩٧٣م/١٣٩٣ هـ.

٢٣ ـ الذخيرة في علم الكلام : الشريف المرتضى ، علي بن الحسين الموسوي ، تحقيق : سيّد أحمد الحسيني ، قم : مؤسّسة النشر الإسلامي ، ١٤١١ هـ.

٢٤ ـ الردّ على النصارى : الرسّي ، القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل ، تحقيق : إمام حنفي عبد الله ، القاهرة : دار الآفاق العربية ، ٢٠٠٠ م.


٢٥ ـ رسالة عبد الله بن إسماعيل الهاشمي إلى عبد المسيح بن إسحاق الكندي يدعوه بها إلى الإسلام ، ورسالة الكندي إلى الهاشمي يردّ بها عليه ويدعوه إلى النصرانية في أيّام الخليفة العبّاسي المأمون سنة (٢٤٧ هـ ـ ٨٦١ م) : الكندي ، عبد المسيح بن إسحاق ، تصحيح : ويليام ميور ، لندن ١٨٨٥ م.

٢٦ ـ السيرة النبوية : ابن هشام ، عبد الملك الحميري المعافري ، تحقيق : مصطفى السقّا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ شلبي ، بيروت : دارالمعرفة ، بدون تأريخ.

٢٧ ـ طبقات المعتزلة : ابن المرتضى ، أحمد بن يحيى ، تحقيق : سوسنه ديفلد فلرز ، بيروت : المطبعة الكاثوليكية ، ١٩٦١م/١٣٨٠ هـ.

٢٨ ـ العقد الفريد : ابن عبد ربّه ، شهاب الدين أبو عمرو أحمد بن محمّد ، بيروت : دار الكتب العلمية ، ١٤١٤هـ.

٢٩ ـ عيون أخبار الرضا : ابن بابويه ، محمّد بن علي ، تصحيح : مهدي لاجوردي ، طهران : منشورات جهان ، ١٣٧٨هـ.

٣٠ ـ الفتوح : ابن أعثم الكوفي ، أبو محمّد أحمد ، تحقيق : علي شيري ، بيروت : دار الأضواء ، ١٩٩١ م/١٤١١ هـ.

٣١ ـ الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية منهم : البغدادي ، أبو منصور عبد القاهر بن طاهر ، بيروت : دار الجيل ، ١٤٠٨هـ.

٣٢ ـ فرق الشيعة : النوبختي ، حسن بن موسى ، بيروت : دار الأضواء ، ١٤٠٤هـ.

٣٣ ـ الفكر الإسلامي في الردّ على النصارى إلى نهاية القرن الرابع : الشَّرفي ، عبد المجيد ، تونس : الدار التونسية للنشر ، ١٩٨٦م.


٣٤ ـ فكرة إعجاز القرآن من البعثة النبوية إلى عصرنا الحاضر : الحِمصي ، نعيم ، بيروت : مؤسّسة الرسالة ، ١٩٨١م/١٤٠٠ هـ.

٣٥ ـ الفهرست : ابن النديم البغدادي ، محمّد بن إسحاق ، طباعة رضا تجديد ، طهران ، ١٣٥٠ هـش.

٣٦ ـ فهرست أسماء مصنّفي الشيعة المشتهر برجال النجاشي : النجاشي ، أبو العبّاس أحمد بن علي ، تصحيح موسى الشبيري الزنجاني ، قم : جامعة مدرّسين الحوزة العلمية ، قم ، ١٤١٨ هـ.

٣٧ ـ قضية إعجاز القرآن عند الجاحظ : القصّاب ، وليد ، مقالة في مجلّة مجمع اللغة العربية بدمشق ، ش ٤ ، ١٤٠٩ هـ.

٣٨ ـ القول بالصرفة في إعجاز القرآن : الشهري ، عبد الرحمن بن معاضة ، القاهرة : دار ابن الجوزي ، ١٤٣٢هـ.

٣٩ ـ الكافي : الكليني ، محمّد بن يعقوب ، تحقيق : علي أكبر الغفّاري ، طهران : دار الكتب الإسلامية ، ١٤٠٧هـ.

٤٠ ـ كتاب الصناعتين : أبو هلال العسكري ، بيروت : المكتبة العنصرية ، ١٤١٩هـ.

٤١ ـ المجاز في اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع : المطعني ، عبد العظيم إبراهيم محمّد ، القاهرة : مكتبة الوهبة ، ٢٠٠٤م/١٤٢٥ هـ.

٤٢ ـ مجاز القرآن : أبو عبيدة ، معمّر بن مثنّى ، تحقيق : محمّد فؤاد سزگين ، القاهرة : مكتبة الخانجي ، ١٣٨١ هـ.


٤٣ ـ (مديح القرآن الكبير) في كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسّي : الرسّي ، القاسم بن إبراهيم ، تحقيق : عبد الكريم أحمد جدبان ، مجلّدان ، صنعاء : دار الحكمة اليمانية ، ٢٠٠١ م.

٤٤ ـ معاني القرآن : الفرّاء ، أبو زكريّا يحيى بن زياد ، تحقيق : أحمد يوسف النجاتي ، محمّد علي النجّار وعبد الفتّاح إسماعيلي الشلبي ، القاهرة : الدار المصرية للتأليف والترجمة ، بدون تأريخ.

٤٥ ـ المعجزة الكبرى : أبو زهرة ، محمّد ، القاهرة : دارالفكر العربي ، ١٩٩٨ م/١٤١٨ هـ.

٤٦ ـ معجم الأدباء : الحموي ، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله ، تحقيق : إحسان عبّاس ، بيروت : دار الغرب الإسلامي ، ١٤١٤ هـ.

٤٧ ـ المغني في أبواب التوحيد والعدل : القاضي عبد الجبّار ، أبو الحسن ، القاهرة : الشركة العربية للطباعة والنشر ، ١٩٦٠ ـ ١٩٦٥م.

٤٨ ـ مقالات الإسلاميّين واختلاف المصلّين : الأشعري ، أبو الحسن علي بن إسماعيل ، تحقيق : هلموت ريتر ، بيروت : دار إحياء التراث العربي ، بدون تأريخ.

٤٩ ـ الملل والنحل : البغدادي ، أبو منصور عبد القاهر بن طاهر ، تحقيق : البير نصري نادر ، بيروت : دار المشرق ، ١٩٩٢ م.

٥٠ ـ الملل والنحل : الشهرستاني ، عبد الكريم بن أبي بكر ، تحقيق : محمّد بدران ، قم : منشورات الشريف الرضي ، ١٣٦٤ هـ ش.

٥١ ـ المنقذ من التقليد والمرشد إلى التوحيد : الحِمصي الرازي ، سديد الدين محمود بن علي ، تقديم : محمّد هادي اليوسفي الغروي ، قم : مؤسّسة النشر الإسلامي ، ١٤١٢هـ.


٥٢ ـ الموضح عن جهة إعجاز القرآن : الشريف المرتضى ، علي بن الحسين الموسوي ، مشهد : بنياد پژوهش هاي إسلامي آستان قدس رضوي ، ١٣٨٢ هـ ش/١٤٢٤ هـ ق.

٥٣ ـ الوسيط في تفسير القرآن المجيد : الواحدي النيشابوري ، أبو الحسن علي بن أحمد ابن محمّد بن علي ، تحقيق : عادل أحمد عبد الموجود وآخرين ، بيروت : دار الكتب العلمية ، ١٩٩٤م/١٤١٥ هـ.

٥٤ ـ الهداية الكبرى : الخصيبي ، الحسين بن حمدان ، بيروت : دار البلاغ ، ١٤١٩ هـ.

ـ ٥٥Abdul Aleem (١٩٣٣) "Ijaz uI ـ Qur'an." Islamic Culture vol.٧.

ـ ٥٦Adang, Camilla (١٩٩٦). Muslim writers on Judaism and the Hebrew Bible : from Ibn Rabban to Ibn Hazm. Leiden : Brill.

ـ ٥٧Griffith, Sidney H. (١٩٩٩/١). "The Prophet Muhammad : his Scripture and message according to the Christian apologies in Arabic and Syriac from the first Abbasid century" in The Life of Muhammad ed. Uri Rubin, Aldershot : Ashgate.

ـ ٥٨Ibid, (١٩٩٩/٢) "The Qur'an in Arab Christian texts : the development of an apologetical argument : Abu Qurrah in the Maglis of al ـ Ma'mun " Parole de l'Orient : revue semestrielle des etudes syriaques at arabes chretiennes : recherches orientales : revue d'etudes et de recherches sur les eglises de langue syriaque ٢٤ (١٩٩٩).


 ـ ٥٩Ibid (٢٠٠٨). The Church in the Shadow of the Mosque : Christians and Muslims in the World of Islam, jews, Christians. and Muslims from the Ancient to the Modern World, Princeton : Princeton University Press.

ـ ٦٠Keating, Sandra Toenies (٢٠٠٧). Defending the "people of truth" in the early Islamic period : the Christian apologies of Abu Raitah Leiden : Bril.

ـ ٦١Madelung, Wilferd (١٩٩١). "Al ـ Qasim ibn Ibrahim and Christian theology" ARAM ٣ (١٩٩١).

ـ ٦٢Ibid, (١٩٦٥) , Der Imam al ـ Qasim ibn Ibahim und die Glaubenslehre der Zaiditen, Berlin : Walter de Gruyter.

ـ ٦٣Martin, Richard (١٩٨٠). "The role of the Basrah mu tazilah in formulation the doctrine of the apologetic miracle," Journal of Near Eastern Studies ٣٩iii (١٩٨٠).

ـ ٦٤Modarressi, Hossein (٢٠٠٣). Tradition and survival : Abibliographic survery of early Shi ite literature, Oxford : Oneworld.

ـ ٦٥Rashed Marwan (٢٠٠٨) , "New evidence on the critique of the Qur'anic miracle at the end of the third/ninth century : Qusta ibn


 Luqa vs. the Banu al ـ Munajjim," In the age of al ـ Farabi : Arabic philosophy in the fourth/tenth century, edited by Peter Adamson, Lodnon : Warburg Institute/Turin : Nino Aragno Editore (Warburg Institute Colleoquia no. ١٢) , ٢٠٠٨.

ـ ٦٦Samir, Samir Khall (١٩٨١). "Une correspondence islamo ـ chretienne entre ibn al ـ Munaggim. Hunaym ibn Ishaq et Qusta ibn Luqa," Franch Translatoin by Paul Nwyia, Patrologia Wrientalis, ٤٠iv/١٨٥ (١٩٨١).

ـ ٦٧Shmidtke, Sabina (٢٠١٢). "Biblical Predictions of the Prophet Muhammad among the Zaydis of Iran" Arabica ٥٩ (٢٠١٢).

ـ ٦٨Tartar, Georges (١٩٨٢). "L'authenticit des epitres d'al ـ Hasimi et d'al ـ Kindi sous le calife al ـ Ma'mun (٨١٣ ـ ٨٣٤) ," Actes du premier Congres d'Etudes Arabes Chretiennes, edited by Khalil Samir, Rome : Pontificum Institutum Studiorum Orientalium / pontitieio Istituto Orientale, ١٩٨٢.

ـ ٦٩Thomas, David (٢٠١١) "Miracles in Islam," in Graham H. Twelftree (ed) , The Cambridge companion to miracles, Cambridge, ٢٠١١.


 ـ ٧٠Ibid, (٢٠٠٣) , Christians at the geart of Islamic rule : church life and scholarship in Abbasid Iraq, Leiden : Brill.

ـ ٧١Ibid & Barbara Roggema (٢٠٠٩ ـ ٢٠١١). Chrisian ـ Muslim Relations. A Bibtiographical History. Volume l (٦٠٠ ـ ٩٠٠) , Leiden : Brill.

ـ ٧٢Van Ess, Josef (١٩٩١ ـ ١٩٩٧). Theologie und Gesellschaft im ٢. und ٣. Jahrhundert Hidschra : Eine Geschichte des religiosen Denkens im Fruhen Islam, Berlin : Walter de Gruyter.

ـ ٧٣Von Grunebaum, G. E. (١٩٩٣)."I djaz," in The Encyclopaedia of Islam, ٢nd edition, vol. ٣.

ـ ٧٤Wansbrough, John (١٩٩٧). Quranic Studies : sources and mithods of scriptural interprefation, Oxford : Oxford University Press.

ـ ٧٥Zilio ـ Grandi, Ida (١٩٩٨). "La refutazione della profezia di Muhammad e del miraclol coranico di Qusta ibn Luqa" parole de l'Orient : revue semestrielle des etudes syriaques at arabes chretiennes : recherches orientales : revue d'etudes et de recherches sur les eglises de langue syriaque ٢٢/١٩٩٧ (١٩٩٨).


من ذخائر الترّاث



سيرة السيّد محمّد العصّار

(المتوفّى سنة ١٣٥٦ هجرية)

بقلمه الشريف

تحقيق

الشيخ عبد الحليم عوض الحلّي



مقـدّمة التحقيـق

بسم الله الرحمن الرحيم

سيرة العلماء فيها الكثير من الدروس والعبر ، فهي تخبرنا بالسيرة الذاتية من المنشأ حتّى دخول المدارس الدينية وتخبرنا بنتاجاته العلمية وتخبرنا بأحوال الأساتذة والطلاّب وأماكن التدريس ، وكتب التراجم مشحونة بذلك وهي الواسطة بيننا وبين أولئك الأماجد.

ومن الجميل أن يؤرّخ العالم نفسه ويذكر ما جرى عليه أثناء سيره الدراسي فيوصله لنا بقلمه الشريف ، فنقرأ المعاناة المكتوبة بخطّه ونحسّ كم كانت الظروف قاسية عليه ، وكم كان صابراً صادقاً في طلب العلم والمعرفة.

والأنموذج الواضح ما كتبه السيّد محمّد العصّار اللواساني بيده.

منهجية التحقيق :

مرَّت هذه الترجمة بعدّة مراحل ، أوصل العمل بها إلى هذا الشكل الجميل :


١ ـ مرحله قراءة المتن وتزيينه بالعلامات والفواصل الجديدة ، كالنقطة والفارزة والفارزة المنقوطة ، وتقطيع المتن إلى مقاطع تسهّل على القارئ الكريم فهم المطالب.

٢ ـ صفّ متن الكتاب بالآلة الطابعة (الكامبيوتر).

٣ ـ مقابلة المطبوع بالآلة الكاتبة مع المخطوط تلافياً للسقط والأخطاء الإملائية.

ولا بأس أن نشير إلى أنّ السيّد العصّار رحمه الله قد كتب سيرته الذاتية بعربيته التي درسها لا بعربية العربي ، فحاولنا قدر الإمكان إبقاء عباراته على حالها ، ولم نغيّر من كلامه شيئاً إلاّ حين الاضطرار في أماكن يسيرة دون الإشارة إليه في الهامش.

نحمد الله سبحانه وتعالى أن وفّقنا لإظهار أثر من آثار السيّد محمّد العصّار اللواساني رحمه‌الله ، ونتقدّم بجزيل الشكر والامتنان للسيّد أحمد رضا معين شهيدي مدير مؤسّسة الإمام الهادي في مشهد الذي اقترح إحياء هذه الرسالة وإلى كلّ من شاركنا في إحياء آثار مدرسة أهل بيت العصمة والطهارة ، آمين ربّ العالمين.

وصف المخطوطة :

اسم الكتاب : تاريخ عصّار

اسم المؤلّف : الحاجّ السيّد محمّد العصّار


اسم الناسخ : المؤلّف السيّد محمّد العصّار

محلّ تواجد النسخة : مكتبة الحرم الرضوي ورقمها ٤١٨١

اللغة : العربية والفارسية

عدد الأوراق : ٢١

عدد الأسطر في كلّ صفحة : ٢١

تاريخ النسخ : جمادى الأولى ١٣٤٩ هـ

الواقف : المؤلّف

المقاييس : ٢٢ × ١٤




بسم الله الرحمن الرحيم

وبه ثقتي

بعد الحمد والتحية

يقول العبد الجاني الفاني ، حليف الآثام والأماني ، محمّد بن محمود الحسيني الطهراني ، المدعوّ بـ : (العصّار) في هذه الأعصار : لمّا أبرزتُ وأظهرتُ من الأسرار وحقّقتُ ما لم يحقّقه من سبقني من العلماء الأخيار الأبرار ، حتّى أساتذتي(١) الذين فاق صيت فضائلهم في الاشتهار على من سبقهم من الأساطين والعلماء الكبار عليهم رحمة الله الملك الجبّار ، مع أنّي معترف بالقصور ومغترف من كلماتهم الشريفة بقدر المقدور ، ولست ـ بيني وبين ربّي ـ معجباً بنفسي ، موجِباً لاتّباع مقالاتي وحدسي ـ زعماً من الداعي(٢) ـ أنّ الألقاب كالأسماء تنزل من السماء(٣).

وبالجملة ، أنا الفقير وإن كنت حريّاً بالنسيان ، غير مستحقّ للذّكر والتخصّص بالعنوان ، فكَمْ مِن فحول الرجال أنسى ذكرهم ريبُ المنون ، ومحا رسمهم الدهرُ الخؤون ، فما أنا وما خطري ، ولا يعلم فقدي ولا حضري.

__________________

(١) في المخطوط : (أساتيدي).

(٢) في هامش النسخة : القائل.

(٣) شرح مائة كلمة لابن ميثم البحراني : ١٠ ، بحار الأنوار ٤٨ / ٣٢٩.


لكن رُمتُ بذكر ما جرى عليّ في أيّام التحصيل ومضى لديّ من البلايا والمحن وشرب الغصص والآجن(١) ما لا يصبر عليه إلاّ القليل ، ولا يقدر على تحمّله إلاّ اليسير ، تشويقاً للطالبين وتحريضاً للمشتغلين ، فإنّ الاطّلاع على اختلال أمر السّابقين في التحصيل والاشتغال ، والسّالفين في طلب العلم مع الفقر وتهاجم الأحوال يرفع الكسل والملل والسأم عن الخلف المتأخّر عنهم ، وإن اختلّ أمره على كلّ حال ، وكثرة الشركاء في الابتلاء يهوّن خطب البلاء ، فعلى هذا أشرع في البيان ، وعلى الله تعالى الثقة والتكلان.

وُلِدتُ في طهران سنة جلوس السلطان ناصر الدين شاه القاجار(٢) على سرير السلطنة وكرسي الرفعة واستوائه على عرشه المعدّ له ، وهي سنة أربع وستّين بعد الألف ومائتين من الهجرة ، وقيل بأنّها في سنته الثانية من الجلوس ، ومنشأ الاختلاف أنّهم لم يكتبوا التاريخ زعماً منهم أنّه مشؤوم أو مقرّب للأجل المحتوم.

كما أنّهم قصّروا في حفظ شجرة الآباء والجدود والأوطان القديمة وروداً بعد ورود ، لكونهم من سكنة القرى ، ولا يبالون بما يجري عليهم وما جرى ، ولذلك لم يذكرُ في طبقة أجدادي القريبين أحدٌ مشتهر بالعلم والفضائل الجليلة ، معروفاً بالمعالي الجميلة.

__________________

(١) الآجن : الماء المتغيّر المتعفّن.

(٢) أحد ملوك إيران في العهد القاجاري ، وكان من المعاصرين له من العلماء الميرزا الشيرازي صاحب فتوى التنباك.


لكن قد اشتهر والد والدي بالزهد والكرامة والأدعية المستجابة ، وفي آبائه من يعرف بالنبالة ويمدح بالجلالة ، ومقبرة السيّد الجليل الممجّد الموسوم بالسيّد محمّد في قرية (ايكه) من قرى (لواسان) الواقع في نواحي (طهران) مزار للأنام يتوسّلون به لقضاء الحوائج ومغفرة الآثام.

وفي طبقات أعمام والدي من كان طوداً في العلم وعلماً في الفضائل ، وهو العالم العامل الكامل ، حامل الأُصول والفروع من الأوائل إلى الأواخر ، السيّد مرتضى اللواساني من معاريف تلامذة صاحب الجواهر طاب ثراهما(١) وقد أدركتُ صحبته وأنا ابن عشر سنين تقريباً ، ملازماً حضور جماعته واستماع مواعظه ، ومن بعده أكبر أولاده السيّد السند الجليل والحبر النبيل الفقيه الحاج مير محمّد علي رحمه الله تعالى ، وقد عاصرتُهُ في أواخر عمره.

والحاصل إنّي في طبقة آبائي أوّل من اشتغل بتحصيل العلوم ، ولم يكن لي أخ ردءاً وعوناً ، ولا من يشوّقني ويكون لي من الموانع صوناً ، بل رام والدي أن أتعلّم التعليمات(٢) الابتدائية والكتابة والقدرة على المحاسبة لأكون له مُعيناً في أُموره ، جابراً لقصوره.

لما رأى منّي الشوق إلى التحصيل عند علويّة عجوزة في بيتنا عاكفة ، وبتعليم الأطفال عارفة ، فأمرني بالحضور عند مُلّا ميرزا محمّد الذي كان له مكتب

__________________

(١) وهو الشيخ محمّد حسن النجفي من أكابر علمائنا إليه انتهت رئاسة الإمامية ، توفّي سنة ١٢٦٦ هجرية (الأعلام ٦ / ٩٢).

(٢) في المخطوط : (والتعليمات).


قرب دارنا ، ومعروفاً في ديارنا ، فمشيتُ بنفسي مع قرآني إليه ، فسألني عن اسمي واسم والدي ، فأجبته بالاسمين ، وقد حضر عنده رجلٌ من أصدقائه في البين ، فعند ذلك أنا ابن سبع سنين.

فقال للرجل : واعجباً من هذا الطفل! بنفسه حضر عندي من غير أن يجي به أحدٌ ، والأطفال لا يحضرون عند المعلّم إلاّ بالعنف والضرب ، ومع ذلك في الأغلب يفرّون ولا يستقرّون.

ثمّ رحّب بي للتشويق والتحريك ، ومجّدني بالتحسين والتبريك ، فشرعت في قراءة القرآن برهة من الزمان والكتابة في الأحيان.

وبالجملة ، لمّا بلغت السنة العاشرة من عمري كنت فارغاً من قراءة القرآن بالتجويد ، وأغلب الكتب الفارسية من غير حاجة إلى التدريس والتأييد ، وتعلّمت كتابة الحساب بالسياق في الدفاتر والأوراق قد نال والدي على مقصوده ، ورام الإقدام إلى إجراء مقصد معهوده ، فاستجاز المعلّم دخولي في حوائجه ، فأجابه بأنّ اللازم عليك أن لا تضيّع له الاستعداد وأن تسلكه سبيل الرشاد ، وأن تصرف همّك في أن يشتغل بتعلّم(١) العلوم ، فإنّ له ذهناً سليماً وذوقاً مستقيماً ، إن بقي سليماً يكون رجلاً متبحّراً عليماً ، وإن لم تأكله الذئاب يصير شاغلاً للمنبر والمحراب.

فلمّا استمع والدي مواعظه وإرشاده إلى أن يودعني عند معلّم يعلّمني العلوم العربية والأدبية عَدَلَ عن مرامه ، واعتقد أنّني أصير موجباً لمغفرة آثامه ورفعة مقامه ، فأودعني إلى مكتب كان فيه معلّم يعلّم الأطفال : شرح الأمثلة

__________________

(١) في المخطوط : (بتعليم).


وصرف مير والأنموذج(١).

ومدير المكتب سيّد جليل يسمّى (آقا سيد كاظم) فلم أبرح إلاّ قليلاً ، فأخرجني منه وأودعني عند أحد الطلاّب من مدرسة محمّدية التي تحاذي المسجد الجامع ، فعلّمني صرف مير وشرح التصريف والأنموذج في أزمنة قليلة.

ثمّ إنّ السيّد الجليل إمام الجماعة الحاج السيّد علي من أصدقاء والدي وله ابنٌ يسمّى بـ : (سيّد آقا) كان كسلاً في التحصيل ، راغباً بالتعطيل ، فاستدعى السيّد المذكور أن يجعلني تلميذاً عنده لأكون شريكاً مع ابنه في الدرس والبحث ، زعماً بأنّه بالمصاحبة والمباحثة والتذكار يصير مشتاقاً إلى التحصيل ، لقرب الجوار والاستيناس ببرهة من الليل وطول النهار ، نقرأ عنده السيوطي وشرح النظام ، لكن ما كان مصاحبتي لابنه موثّراً للتشويق.

وأحسّ والدي أنّ تحمّل بعضَ خدمات جناب السيّد ، الذي كان يجعله في عهدتي ممّا لا يليق ويصير موجباً للتعويق ، فأخرجني من عنده وأودعني عند واحد من طلاّب مدرسة ملاّ آقا رضا ، اسمه ملاّ عزيز الله ، من أهل (طالقان) وكان رجلاً فاضلاً عالماً بالأدبيّات والتفسير والفقه ، من تلامذة العالم العامل النبيل والفقيه ، السيّد إسماعيل البهبهاني(٢) من تلامذة صاحب الجواهر ، فتعلّمت عنده الجامي والشرائع في الفقه ، وكان ملتزماً بأن يرجع في الربيع والصيف إلى وطنه

__________________

(١) من كتب اللغة العربية التي تدرس في الحوزة العلمية.

(٢) السيّد إسماعيل البهبهاني الرازي منزلاً وموقفاً ، من تلامذة الشيخ الأنصاري والنجفي صاحب الجواهر ، صاحب الرسالة الإرثية المعروفة. انظر : طرائف المقال ١ / ٤٣ ، جواهر الكلام ١/١٨ ، الذريعة ١٠ / ١٩٦ ، الكرام البررة ١ / ١٤٦ ، موسوعة مؤلّفي الإمامية ٢ / ٥٨٩.


في (طالقان) قرية تسمّى (ديوان) ، فأراد المسافرة إليها ، وقد ماتت والدتي ، وأنا ابن ثلاثة عشر ، ووالدي متزوّج بمن تعاديني في أغلب الأوقات ، ولا يقدر والدي منعها ولم يكن راضياً بذلك.

فأمرني أن أُسافر إلى (طالقان) مع أُستاذي ، فسافرت معه ، والسكوت ـ عمّا جرى عليّ من تعب المسافرة وذلّة المجاورة مع أولاده ، وقلّة المؤونة ، وضيق المعاش ، وأكل خبز الدخن والشعير ، وفقد اللحم إلاّ اليسير إلى غير ذلك ـ أولى ، لكن لم يكن له تعطيل في التدريس والأمر بالتحصيل والتقديس.

فلمّا انصرم الصيف وجاء الخريف رجعنا إلى (طهران) فأخبرتُ والدي بما جرى عليّ في الأكل والاستخدام ، وما وصل إليّ في تلك الأيّام ، وقلت له : أنا بحمد الله تعالى مستغن عن معلّم يأخذ على عمله منك الأجرة ، بل طلبت من [أحد] الطلاّب في أحد المدارس أصير عارية في الحجرة وأقرأ الدرس عنده وعند كلّ من يدرّس ما أحتاج إليه ، فاستصوب رأيي وبياني وأرخى على عاتقي عبائي.

فذهبتُ إلى مدرسة المروي(١) وشرعت عند الشيخ المؤتمن ، الشيخ محمّد حسن أخ العالم الأوحد الأوقر ، الحاجّ ملاّ جعفر المعروف ، بـ : (چاله ميداني) (٢) بقراءة الشمسية(٣) ، وعند رفيق حجرته بكتاب آخر ليس الآن ببالي وأظنّه حاشية

__________________

(١) مدرسة مروي في طهران تنسب لفخر الدولة الحاجّ محمّد حسين خان القاجاري المتوفّى سنة ١٢٣٤ هجرية (الذريعة٣ / ٣٧١).

(٢) انظر : الذريعة١/٤٠١ ، وج١١ ص٤٧ و١٠٤ ، ج١٢ ص٦٦ ، وج١٥ص١٣٣ وج١٨ ص٢٠٠.

(٣) كتاب يدرسه طلاّب العلوم الدينية.


ملاّ عبد الله(١).

وكيف كان ، زاد بالتحصيل والتعليم حرصي ، وبالطلاب وأهل العلم أُنسي ، بحيث تمنّيتُ أنْ أنال من كلّ (٢) فنون العلم أعلاها ، وأركب سنامها وذراها ، وترجّيتُ [أن أكون] معلّماً في العلوم كلّها ، بل أطّلعُ على الأسرار جلّها سئمت من مخالطة أهل البيت ، ووقوعي في حيص بيص وكيت كيت.

فعزمت على أن أجد منزلاً خالياً عن الأغيار في الليل والنهار ، ومسكناً مجمعاً للطلاّب والفضلاء والعلماءِ الأخيار ، لأكون جليسهم وأنيسهم للاستفادة ، ومستفيضاً منهم ما يورث نيل السعادة ، فما وجدتُ منزلاً موصوفاً بما قلت ، ومسكناً يكون كما رُمت إلاّ حجرة فوقانية في المسجد الجامع الذي يحاذي لشجرة نسترن الواقع في المسجد ، وكان المتصرّف في أُمور المسجد ، الشيخ الجليل النبيل ، الشيخ محمّد الملقّب بـ : (سلطان العلماء) رئيس أئمّة الجماعة في المسجد.

فاستأذنت منه سكنى تلك الحجرة ، فأجاز لي مع الترحيب ، وأذن لي مؤذّناً بالتصويب لما رأى من وجه اختياري الخروج من البيت والأهل ، ودخولي في التحصيل ، بما ذكرت له من الترتيب ، فنزلت فيها كذي المسافر و [معي] عدّة أسباب كافية لما أحتاج إليه ، ليس بزائد ولا قاصر ، وتركتُ دُخول البيت وأهله إلاّ ليالي الجمعات أو اتّفاق الاجتماعات والضيافات ، وفي غيرها من الليالي والأيّام ،

__________________

(١) كتاب في المنطق يدرسه طلاّب العلوم الدينية.

(٢) في المخطوط : (لكلّ).


معتكف في المسجد ، مجدّاً في التحصيل من غير ملل ، مع السأم من التعطيل.

وكنت أقوم من فراشي قبل الفجر ، حين مناجاة المؤذّنين ، وفتح بيبان(١) المسجد لدخول المؤمنين لعبادة الله تعالى ربّ العالمين ، فإذا فرغتُ من وظائفي التي اتّخذتها عادة معتقداً إيجابها السعادة وصلّيت صلاة الفجر خالياً عن التعقيبات المعتادة أسدّ باب الحجرة وأمشي إلى المدرسة المحمّدية المحاذية للمسجد ، وأدقّ الباب ، فيأتيني الخادم ويفكّه لعلمه بالأُمور والآداب.

وفي المدرسة جماعة من الطلاّب يترقّبون حضوري للمباحثة والمذاكرة في كتب فرغنا من قراءتها لمزيد البصارة ، وظهور مطالبها في أذهاننا كالنار على المنارة ، ويستمرّ ذلك إلى طلوع الشمس وبسط شعاعها ، ويشاهد ارتفاعها ، فنقوم جميعاً لحضور مجلس الدرس والتعلّم من غير فتور أو كسل وتألّم ، بل راغباً شائقاً مجدّاً أن لا نرى علينا في الفضل فائقاً.

والمدرّس المولى الفاضل الكامل ، ملاّ إسماعيل القرباغي(٢) المشهور بالفضائل ، المدرّس في طرفي النهار في الكتب والرسائل ، نقرأ عنده معالم الأُصول وشرح اللمعة ونستفيد من كلماته بعض ما في القوانين(٣) والفصول(٤) ،

__________________

(١) في حاشية المخطوط : (أبواب) عن نسخة.

(٢) المتوفّى بالنجف سنة ١٣٢٧ هجرية ، وقد وصفه بعض المترجمين له بـ : (العالم الربّاني وصاحب الكرامات). انظر : الذريعة ٦ / ١٦٤ ، تنقيح الأُصول (تقرير أبحاث المحقّق آقا ضياء الدين العراقي) : ١٥.

(٣) قوانين الأصول للميرزا أبي القاسم القمّي المتوفّى سنة (١٢٣١ هجرية) صاحب كتاب غنائم الأيّام.

(٤) الفصول الغروية في الأصول الفقهية للشيخ محمّد حسين بن عبد الرحيم الطهراني الحائري.


وأنا أكتب مقالاته وتقريراته من أوّل المعالم إلى التتمّة وما قرأتُه عنده من شرح اللمعة(١) ، وكنت أحضر قبل ذلك في تدريسه المغني(٢) والمطوّل(٣) ، ولم أزل استفيد منه فوائد متفرّقة ومطالب متشتّتة ، أكتبها في بياض مضبوط ، واستمدّ من أنفاسه القدسية ، وأخلاقه الإنسية ، بقدر الطاقة والاستطاعة واللياقة.

لكنّي متأسّف على ما ضاع منّي شرحي على المعالم لكونه مع بعض كتبي في طهران حين مسافرتي إلى العتبات العاليات ، لتحصيل العلم عند العلماء الأعلام الفحول في التعليم وتدريس الفقه الخارج والأُصول ، وبعد المراجعة فقدته مع كتب أُخرى ، لكن ترك الأسف على فقده أحرى ، لأنّي الآن مخالف لمعتقداتي في ذلك الزمان.

وبالجملة ، فلمّا علا قدري وغلى قدري تعمّدت إلى حضور درس العلماء الأعلام في طهران ، وحجج الإسلام في ذلك الزمان مثل العلم الأوحد والبحر الممجّد ، سالك سبل الرشاد ، الآقا ميرزا صالح العرب الشهير بالداماد(٤) ، وكان يدرّس الرياض المعروف بـ : الشرح الكبير والقوانين مع شرحه الذي صنعه بنفسه ، ومثل علم الأعلام والحبر الأوحد الأوقر الميرزا جعفر نجل حجّة الإسلام

__________________

(١) الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية للشهيد الثاني المستشهد سنة ٩٦٥ هجرية.

(٢) مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام الأنصاري المتوفّى سنة ٧٦١ هجرية.

(٣) المطوّل في المعاني والبيان والبديع للتفتازاني.

(٤) كان السيّد الأمير محمّد صالح المعروف بـ : (العرب) يلقّب بالداماد ، لأنّه كان صهر صاحب الرياض على بنته ، توفّي بطهران سنة ١٣٠٣ هجرية ، كما في الذريعة ١٢ / ٧٢ ، وج ٦ ص١٠٠ ، وترجمته مفصّلة في أعيان الشيعة ٧ / ٣٦٩.


السيّد صادق الطباطبائي ـ طاب ثراهم ـ وكان يدرّس مكاسب الشيخ المرتضى الأنصاري ـ عليه رحمة الباري ـ ورسائله المسمّى بـ : الفرائد ، وأنا حينئذ ابن أربع وعشرين سنة.

فالتمست والدي أن يرخّصني ويرسلني إلى العتبات لفراغي عن الحاجة إلى السطوح وحاجتي إلى درس الخارج المعروف باللزوم والصلوح ، فحمد الله تعالى وأجاب سؤلي ودعوتي وبشّرني بعزمه على أن يزور بيت الله تعالى بمصاحبتي ويبقيني في العتبات بعد مراجعتي ، وأمرني بتهيئة أسباب السفر ، فاشتغل بذلك مع معاونتي.

فخرجنا من (طهران) سنة تسعة وثمانين بعد الألف ومائتين ، ووصلنا (كربلاء) في أواخر شعبان ، وبقينا شهر الصيام فيها صائماً ، وكنتُ أحضر في درس الشيخ الجليل الذي لم يكن في الجلالة في ذلك البلد له الثاني ، أعني به الشيخ زين العابدين المازندراني(١) مرجع تقليد أهل الهند ومازندران ، وهو قطعة كبيرة من مملكة إيران ، حفّت بالأمن والأمان.

ثمّ تشرّفنا بزيارة مولى الموالي أمير المؤمنين ـ عليه صلوات الله العليّ العظيم والسلام والتسليم ـ ثمّ رجعنا إلى (الكاظمين) و (بغداد) للمسافرة إلى بيت الله الحرام ، من طريق (البصرة) من بحر عمان ، فلمّا ارتحلنا عنه إلى (البصرة) ووصلناها ونزلنا في محلّ يقال له : (مقام علي) زعماً منّا بقاء السفينة التي ركبها

__________________

(١) من تلامذة صاحب الجواهر وتوفّي سنة ١٣٠٩ ، أُنظر : الذريعة ١٢ / ٥ و٩٢ ، ج ١٥ / ٥٦ ، وتراجم الرجال للسيّد أحمد الحسيني ١ / ٢٢٧.


الحاجّ إلى الصباح وننزل فيها للروّاح ، فلمّا أصبحنا رأينا السفينة مرتحلة وإلى (بوشهر) واصلة ، ثمّ ركبنا سفينة أُخرى ليوصلنا إليها أين ما أمكن ، وكان مقصدها (الهند) و (لندن) فحملنا صاحبها متعهّداً بالإيصال ، لكنّه لم يقدر على ذلك إلى أن وصل إلى مسقط ، ورأى أنّ السفينة الحاملة للحاج ماشية ، فأخبرنا بأنّ طريقه مخالف لمسيرها ، ولا يمكنه السير إليها ، وخيّرنا بين ردّنا إلى (البصرة) وردّ ما أخذ منّا للأُجرة أو النزول في مسقط وردّه إلينا المأخوذ للإيصال ، والحاجّ المجتمع معنا يقرب سبعين نفراً.

فاختار جمعٌ(١) يقرب ثلاثين الردّ إلى (البصرة) بقلب مقروح بالحسرة ، وبقي معنا جماعة زعموا إمكان وصولهم لإدراك الحجّ بسفينة ماشية إلى (عدن) ، فركبناها ونزلنا في (عدن) وكان فيه سفينة معدّة للمرور على (جدّة) فركبناها راجين من الله الوصول إلى المقصود والمأمول ، فلمّا وصلنا إلى مكان من البحر يُرى فيه السفن على ساحل البحر من (جدّة) توحّلت السفينة ، فأصبحنا وقلوبنا محترقة حزينة لعلمنا بخيبة الآمال وكون إدراك الحجّ من المحال.

فبقينا بالسفينة المتوحّلة وانقطع على صاحب السفينة الرجاء ، وضاقت عليه الحيلة ، وانكسرت السفينة بحيث دخل فيها الماء ، فاستعان بأهل السفن الموجودين في الساحل بالعلامات والوسائل ، فجاءتنا السفن الصغار وحملتنا إلى (جدّة) ووصلنا إليها يوم فراغ الحاجّ عن الأعمال والأذكار ، وبقينا في (جدّة) إلى بعد العاشور.

__________________

(١) في النسخة : (جمعاً).


وارتحلنا منها إلى (مكّة) ودخلناها بعمرة مفردة ، فبقينا فيها إلى شهر ربيع الأوّل ، واشتدّ حرّ الهاجرة في تلك البلدة الطاهرة ، فارتحل جمعٌ من الحاجّ الذين كانوا معنا إلى (الطّائف) لاعتدال هوائه ، وعذوبة مائه ، وكثرة نعمه وآلائه ، وكانت عِير(١) عازمة [إلى] المدينة لإدراك زيارة مولد النبي (صلّى الله عليه وآله) ، فارتحلنا مع من بقي من الحاجّ معنا إلى (المدينة).

وأنا بعدما دخلت (مكّة) غيّرتُ لباسي ، ولبستُ مثل لباس أهل (مكّة) من القرن إلى القدم [و] حضرتُ درس عالم متبحّر ، يُدعى بالسيّد (أحمد دحلان) (٢) يدرّس الفقه الشافعي للشافعية ، مظهراً بأنّ مذهبي شافعي.

كان رجل يقال له : الشيخ محمّد البسيوني ، يدرّس الأدبيّات لجماعة من الطلبة ، فحضرتُ عنده وعند الشيخ الجليل الشيخ عبد الرحمان الهندي ، وكان يدرّس التفسير ، وكان له تحقيق في قوله تعالى : (قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً) الآية(٣) ، وكان لي المعاشرة مع العالم الفاضل الكامل فخر الأفاضل الشيخ رحمة الله ، الذي كتب إظهار الحقّ في ردّ النصارى وقد طبع ترجمته بالهندي والفارسي والتركي ، وهو أحسن الكتب في ردّ النصارى(٤).

__________________

(١) كتب فوقها في المخطوط : قافلة.

(٢) الظاهر أنّه أحمد بن السيّد زيني دحلان المكّي الفقيه الشافعي المؤرّخ المولود بمكّة ، تولّى إفتاء الشافعية بمكّة ومشيخة العلماء في المسجد الحرام ، له أكثر من عشرين مؤلّفاً منها السيرة النبوية ، توفّي سنة ١٣٠٤هـ (طبقات الشافعية ١٤/٧٢ / ٤٤٤٧ ، الغدير ١/١٤٧/٣٤٢).

(٣) سورة المزمل : ٢ ـ ٣.

(٤) هو الشيخ رحمة الله بن خليل الرحمن الهندي الدهلوي الفقيه الحنفي نزيل الحرمين ، كان عالماً فقيهاً توفّي سنة ١٣٠٦ هجرية (هدية العارفين ١ / ٣٦٦).


وعاشرتُ الشريف عون أخ شريف مكّة الشريف عبد الله الذي كان رئيس الشرفاء في مكّة ، وهو خادم البيت بنيابة السلطان عبد العزيز ملك الروم(١) ، وكانت تلك العِشرة بسماعهم فضلي ، وتعجّبهم من الأنس بعلمائهم وأفاضلهم ومدحهم إيّاي ، مع أنّي شاب غريب ، وفي مدّة قليلة حصل لي(٢) الاشتهار بلا ما يكون إليه وسيلة.

ولمّا دخلت المدينة متنكّراً بلباس المعيدي ذهبتُ إلى خالد پاشا الحاكم على أهل المدينة من طرف السلطان ، وعرّفته نفسي بقصيدة مدحته فيها ـ وأنا لابس لباس أهل المدينة وبمحضر من العلماء والأشراف الواردين على خالد پاشا ليذهبوا مجتمعين إلى المسجد لإقامة الجمعة بالجماعة ـ قرأت القصيدة بعد الاستجازة.

وأجابني متعجّباً متبسّماً بالإجازة ، فلمّا ختمتُ القصيدة بالبيت الأخير للإشارة إلى الممدوح في القصيدة بقولي :

فإن تسألوا عن اسمه يا أحبّتي

ففي جنّة الفردوس بالوصل خالد

زاده العجب وزعم للصلة منّي الطلب ، فأمر خادمه بإعطاء الصلة من غير تعيين للقليلة أو الكثيرة ، فجاء الخادم وأعطاني ليرة ، فأخذتها متشكّراً ، لكنّني بقيت بزعمي منكراً ، فقلتُ له : أفنديم(٣) ، أنا لم أقل القصيدة لأجل الصلة ، بل لأن

__________________

(١) أرض الحجاز تحت السيطرة العثمانية آنذاك.

(٢) في المخطوط : (في).

(٣) كلمة تركية.


أعرّف نفسي وأنا رجل غريبٌ وارد في هذا البلد أبقى فيه إلى الموسم لإدرك الحجّ الذي فات عنّي في هذه السنة وبيّنتُ له بعض ما جرى عليّ من التصرّفات عند الشريف والفضلاء والعلماء في مكّة.

فقال لي بلسانه التركي : هافرين هافرين (بمعنى آفرين آفرين).

ففتحت إليّ أصداق العلماء والأعيان والأشراف من كلّ الأطراف ، فعند ذلك أذّن المؤذّن للإعلان وبالإعلام ، فذهبتُ مع الجماعة وخالد پاشا إلى المسجد مجمع الخواصّ والعوامّ.

وبعد الفراغ من الصلاة اجتمع عليّ عدّة من الطلاّب وأهل العلم يسألون عن أحوالي ومن غير أن يعرفوني يصفوني ، فعرّفتهم نفسي ، فتبيّن أنّ الشيخ محمّد البسيوني الذي كنت أحضر في مكّة كتب توصية التكريم إلى بعض أصدقائه من علماء المدينة من غير اطّلاعي بذلك ، ولا مترصّداً ذلك ممّن هنالك ، فلمّا عرفوني استأنسوا بي وبالضيافات دعوني ، وأنسب نفسي وموطني إلى نواحي العراق ومذهبي إلى الشافعية ، كما كنت كذلك في مكّة ، وأعتذر من اجتماعي مع الأعاجم ونزولي عند النخاولة معهم بأنّهم مكفى بكفايتي ، وهم معتمدين بدلالتي ، أُمورهم بيدي ، لا أُفارقهم بيومي وغدي.

ثمّ كنت أحضر [عند] شيخ(١) الشافعية ـ الملقّب بلقب نسيته ـ في الفقه ، وأحضر عند الشيخ الجليل الملقّب بالحافظ الشيخ عبد الغني الهندي نقرأ عنده صحيح مسلم وصحيح البخاري وموطّأ مالك.

__________________

(١) في المخطوط : (شيخهم).


وكانت مدّة بقائي في المدينة ستّة أشهر أصبح في منزلنا الذي خارج المدينة عند النخاولة ، وأدخل مسجد النبي صلّى الله عليه وآله أوّل النهار للزيارة ودرس الفقه في المسجد ، وبعد الفراغ منه أذهب إلى الحافظ المذكور لقراءة الصحاح مع جمع من الطلاّب ، وبعد الفراغ منه أذهب إلى كتابخانه(١) شيخ الإسلام المتّصل بالمسجد ، اشتغل بالمطالعة والتأليف إلى أن يؤذّن المؤذّن ، فأحضر الجماعة أصلّي معهم ، وبعد الفراغ من الصلاة أشتري من السوق ما أتغذّى به ، وبعد ما أكلت الغذاء أرجع إلى كتابخانه واشتغل بالمطالعة والتأليف إلى أن يؤذّن المؤذّن لصلاة العصر ، فنحضر الجماعة ونصلّي ، ثمّ أذهب إلى بستان خارج المدينة يسمّى طرناويّة ، يدرّس فيه الشيخ الأديب الأريب ، صاحب الأخلاق الجميلة الحسنة ، يحبّ مجالسة الفقير والغريب ، وله من الفواضل أوفر النصيب ، الأفندي عبد الجليل براده(٢) أقرأ عنده قصيدة مقصورة لابن دريد من أكابر أهل اللغة(٣).

وكان الشيخ المذكور باش كاتب خزانة سيّدنا ومولانا النبي (صلى الله عليه وآله) كثير الاشتغال بالأُمور ، ومع ذلك لا يترك التدريس حتّى المقدور ، وهو

__________________

(١) كتابخانه لغة فارسية.

(٢) شاعر من أهل المدينة المنوّرة مغربي الأصل هاجر جدّه عبد السلام إلى المدينة ، توفّي سنة ١٣٢٦ هجرية (الأعلام٣ / ٢٧٥).

(٣) هو أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد الأزدي البصري ، من أشهر أئمّة اللغة والنحو والأدب ، ومقصورته من أروع القصائد العربية وأشهر المنظومات الأدبية ، وقد شرحها أئمّة الأدب كابن خالويه وابن جنّي والخطيب التبريزي ، توفّي ابن دريد سنة ٣٢١ هجرية.


مستأنس بي فوق العادة لحبّه للشعر الفارسي ، وربّما يتكلّم بالفارسي ، وأُنشد له غزلاً أو قصيدةً فارسية يذكر بيتاً أو مصراعاً ويأمرني بإنشاء غزل أو قصيدة على وزنه ، وكان يجي بالكتابخانه المذكورة ويطالع ما يريد ، ثمّ نمشي إلى المسجد أوّل الظهر للجماعة ، وبعد الصلاة يذهب بي إلى داره ويضيفني وأُشاركه في غذائه.

ولقد ألَّفتُ في مدّة بقائي في المدينة رسائل ثلاث في علوم ثلاثة :

أحدها : في علم العروض جمعت فيها بين عروض العرب والعجم ، المسمّى بـ : ميزان الشعر لم يصنع مثله فيما أعلم.

ثانيها : في علم القافية.

ثالثها : في علم القافية ، وهي بالعربية ، والأوّلان بالفارسية ، وسمّيت مجموع الرسائل تحفة المدينة [ومع الأسف أنّه] أخذ نسخة الأصل الذي كان بخطّي بعض أصحابي في المشهد المقدّس و [كلّما] أطالبه بردّها يعتذر بمعاذير غير موجّهة. وتواردت عليّ في المدينة أُمور عجائب ، أمسكُ عن ذكرها خوفاً من الإطالة ، بل ظانّاً للتكذيب بالجهالة.

وبالجملة لمّا انقضى شهر الصيام ارتحلنا من المدينة عازمين دخول مكّة بعمرة التمتّع ، ولمّا دخلناها وفرغنا من أفعال العمرة وتحلّلنا عاشرت معاشري السابق إلى أوان الحجّ ، فاشتغلنا بأعمال الحجّ وآدابها وأدركنا الحجّة وثوابها ، ثمّ خرجنا من مكّة بعد يوم الغدير مجدّين على المسير.

ولمّا وصلنا (بيروت) انقطع علينا الطريق من شدّة البرد وكثرة الثلوج ،


وبقينا فيها أزيد من شهر ، إلى أن أمكننا الخروج ، ومدّة بقائي فيه كنت معاشراً لأهل الأدب(١) وأنجمن(٢) الشعراء ، لا سيّما أولاد ناصيف اليازجي الأديب الأريب النصراني ، الذي كتب في الأدب كتباً لم أجد لها الثاني(٣). منها : مقامات الناصيفي الذي فاق بزعمي مقامات الحريري وبديع الزمان بمزايا ليس ذكرها مناسباً لهذا المختصر(٤).

ومقصودي من ذكر هذه الحكايات إظهار شوقي إلى التحصيل وتألّمي من التعطيل.

ولمّا انفتح الطريق خرجنا من بيروت ودخلنا الشام لإدراك الزيارات ، وخرجنا منه قاصدين للعتبات ، وإدراك المقاصد المنويّات ، ودخلناها دخول الجنّة بعد العبور على الصراط من كثرة الانبساط والخلاص من تعب السفر والواردات(٥) والنكبات ، سيّما القروض المؤجّلة بالوصول إلى العتبات ؛ لزعمنا إمكان ما يدّعيه رفيقنا من وصول مبرّات له بغير مهلة وأناة ، لكن تبيّن كذبه وكان الكذب له منجاة ، وتصديقنا إيّاهُ من المؤذيات بل المهلكات.

وبالآخرة لم يجد والدي بدّاً وحيلة إلاّ الاقتراض بالوسائل الجميلة ، فما

__________________

(١) في المخطوط : (الأدبيات).

(٢) كلمة فارسية يراد بها مجمع.

(٣) يقصد أنّه لم يجد لها نظيراً آخر.

(٤) منها ما قيل : إنّ ناصيف اليازجي فيما كتب من مقامات يعيش بروحه وعقله في غير زمنه ، أمّا بديع الزمان الهمداني فقد عاش زمنه وصوّر بيئته (انظر مستدركات أعيان الشيعة ٧ / ٣٨).

(٥) أي : الحوادث والمصائب.


حصل له إلاّ اليسير بما يكفيه للمسير ، فبقيت بلا مصروف وأنا غريب غير معروف ، وما كان من لوازم السفر من المشتركات المحتاجة كالقدور والمواعين والسماور وغير ذلك أخذها والدي لرفع الحاجات في سفره ، وبقيت بفرشي المختصّ بي وفراش ليس لي غيرهما على التحقيق حتّى المزّادة(١) والإبريق. فقال لي والدي : بمجرّد ورودي في طهران أرسل لك ما تشتري به الأسباب والمصروف بغير مهلة وتوان ، وأعطاني ليرة ممّا اقترض للمسير والرواح مع حاجتهِ إلى أكثر منها في الأمثال والأشباح ، فاغتنمتُ ذلك ، وودّعني وفارقني بأسوأ الحالات والمسالك.

فاشتريت من تلك الليرة بعض الحوائج ، كالسّراج والحصير لبيت اكتريتها منزلاً والسماور وآلات الطبخ للمرق والطبيخ والقليان إلى غير ذلك ، فلم يبق لي منها إلاّ شيئاً قليلاً لا يمكن لي أن أعيش به زماناً قصيراً فضلاً من طويل ، ولم يكن لي يومئذ في تلك الناحية من يعرفني ويصدّقني إلاّ شخصَين من طلاّب طهران ، أحدهما : مثلي مجرّد ، وليس له رزق معلوم ، ثانيهما : له معاش مرسوم ، يصل إليه كلّ شهر أربعين مجيدي يقرب خمسة وعشرين تومان يعيش به مع أهله وأولاده ، وقد قاولته قبل مسافرة والدي بأن يقرضني ما يكفيني إلى وصول أبي طهران ويبعث لي ما أصرفه في معاشي.

فقال : هذا المرسوم مصرفه في كلّ شهر معلوم ، ليس لي ما أعطيك قرضاً ، ولو أتعب نفسي بالاقتار وأنقص ممّا يلزمني بمقدار أرجو أن أتمكّن بإعطاء كلّ

__________________

(١) يمكن أن يراد بها الأواني.


شهر مجيديّين مطابق بحساب العجم اثنا عشر قراناً ، فحمدت الله تعالى على ما رزقني من حيث لا احتسب ولم يحرمني ما اشتاق إليه أن اكتسب. فقلت له : حبّاً وكرامةً. ثلاث قرانات منها كروة البيت ، وتسعة منها لكيت كيت ، والله تعالى (يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب) (١) و (لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرَاً).

فأصبحتُ بعد المفارقة من الوالد وإعداد العدّة بقدر الحاجة طالباً لنيل المقصود بإصرار وسماجة ، فجعلت أباحث السطوح المقرّوة في طهران والمتروكة في مدّة المسافرة إلى الأطراف والنواحي إلى ذلك الزمان ، وهو سنة واحد وتسعين بعد الألف ومائتين سرّاً ، وأحضر بعض الدروس المركّب من الداخل والخارج ، وبعض المذاكرات الخارجية جهراً ؛ امتحاناً لقوّتي في تحمّل المطالب وامتحان المدرّس في مناسبة ذوقي بماله من المشارب ، وأنا مع ذلك مجدّ في كتابة ما أستفيده من كلماتهم ومقالاتهم من غير تفنيد لتعليماتهم وخيالاتهم.

وتشرّفت بمحضر أستاذنا الأعظم الأجلّ الأفخم حين ورودي (النجف الأشرف) كان قاطناً فيه معروفاً بالجامعية وكونه الفقيه النبيه ، لكنّه سافر بعد ورودي بثلاثة أشهر في أوّل رجب إلى (كربلا) للزيارة المخصوصة الرجبية.

ثمّ سافر منها إلى (الكاظمين) ثمّ منها إلى (سامرّاء) وبقي فيها مدّة سنتين مردّداً في الرجوع والبقاء ، وبعد سنتين اختار البقاء ، وأخبر أصحابه ببقائه ، فارتحلوا إليه بأجمعهم حتّى أُستاذنا الجليل نخبة الأفاضل المولى محمّد كاظم

__________________

(١) سورة البقرة : ٢١٢.


الخراساني طاب ثراه(١) ، وكان من أشهر أفاضل أصحابه ، وكان يومئذ له حوزة مفصّلة للتدريس ، فلم يرتض الأُستاذ بقاءه في (سامرّاء) وأمره بالرّجوع إلى (النجف الأشرف) فرجع ، وكنت مخالطاً معه ليلاً ونهاراً بغير طمع.

ومضى عليّ عشرون شهراً لم يصل من طرف والدي إليّ مكتوب ولا خبر ، ولم يرسل إليّ ديناراً ، ولم يظهر منه أثر ، لكن أخبرني بعض الزوّار من أهل طهران أنّه بعد وروده طهران رأى وعلم بأنّ زوجته(٢) ماتت ، حيث سمعت بأنّنا ميّتون في مكّة والأموال المودعة عند المعتمدين عند والدي كلّها انعدمت ، فلم يبق إلاّ البيت وبعض الأثاث.

والحاصل أنّه تقطّعت عنه الأسباب وانسدّ عليه كلّ الأبواب ، فلم يقدر على أن يبعث إليّ شيئاً وأنا أعيش بالمجيديّين المقترضهما ، شاكراً لله تعالى وعنه راض.

وبعد مضي عشرين شهراً بعث إليّ عشرين توماناً ، سلّمت لذلك الصديق المواسي لي في الضيق ، وكنت مع ذلك معرضاً عن الحضور عند السيّد السند السيّد علي بحر العلوم الذي يصل إليه جراية الهند ويقسّمه على طلّابه بالمشاهرة ، وعلى سائر الطّلبة سنوية.

بل أحضر عند الشيخ الجليل النبيل الفقيه النبيه بلا بديل الحاج ميرزا حسين بن الحاج ميرزا خليل ، الطّهراني مولداً ، والنجفي موطناً ومسكناً طابت تربته ، وعند

__________________

(١) صاحب كفاية الأصول المتوفّى سنة ١٣٢٩ هجرية.

(٢) قد تقدّم أنّها زوجة أبيه ، في المخطوط : (فاتت) مأخوذة من (فوت) الفارسية بمعنى ماتت.


العلم الأوحد العالم الكامل الزاهد العابد الجليل الحاج ملاّ علي بن الحاج ميرزا خليل ، وعند الفقيه النبيه الصمداني المولى محمّد الفاضل الأيرواني في تدريسهم الفقه ، وعند علم الأعلام والبحر الطمطام الزاهد الأوّاه الآقا ميرزا حبيب الله الرشتي(١) ، الأُصولي.

وتمادى هذا الاشتغال إلى سنة خمس وتسعين(٢) ، فزعمتُ نفسي مجتهداً مطلقاً ، والأبواب عليّ مفتوحة لا مغلقة ، وصدّقني في ذلك المولى الحاج ملاّ علي ابن الحاجّ ميرزا خليل وشيخنا الفاضل الإيرواني عليهما رحمة الرحمان.

فعزمتُ الرجوع إلى طهران لصيرورتي متأهّلاً وحصل لي ولد في ذلك البلد سمّيته بالعربية (جاسم) ، لكون أُمّه متعرّبة ، وضاق أمر المعاش عليّ لعدم ما يبعث إليّ والدي كافياً للمعاش.

فعند ذلك عزمت زيارة (سامرّاء) وملاقاتي أستاذنا الأعظم والاسترخاص منه للرّجوع إلى طهران ، واستعطاء زاد المسافر اللائق من الوجوه(٣) اللائقة الموجودة عنده بكثرة فائقة ، لكونه حينئذ مرجع التقليد لكلّ الممالك إلاّ نادراً ، ويتوجّه إليه كلّ الوجوه من كلّ الممالك ، وبقيت في سامرّاء شهر الصيام وعدّة أيّام بعده ، وكنت يومئذ مشغولاً بكتابة رسالة في اعتبار تساوي السطوح في الكرّ وعدمه ، فلمّا فرغت منها قدّمتها إليه ليراها ، ويعرف منها مقامي في الفقه ، ويلتفت

__________________

(١) عالم مجتهد انتهت إليه رئاسة التدريس في النجف لأهل رشت وغيرهم ، كان من تلامذة الشيخ الأنصاري ، له تأليفات في الفقه والأصول ، توفّي سنة ١٣١٢ هجرية.

(٢) أي : سنة ١٢٩٥ هجرية.

(٣) يراد به الأموال.


من نَفَسي هواها ، والهواء مع سكوتي يتكلّم بفحواها.

وبعد شهر الصيام وشروع الدرس حضرت المجلس أيّاماً ، وتكلّمتُ معه في البحث وفي نقد كلامه متجاسراً لا متحاقراً ، فأجابني متواضعاً لا متنكّراً ومتخاشناً.

فلمّا مضى عَلَيّ أيّام عرّفته نفسي لفظاً على ما اقتضاه المقام ، فقدّمت إليه غزلاً استدعي الإذن بالذهاب مع أسفي على عدم العكوف بذلك الباب ، لعلمي بحبّه للشعر وإشعاراً بأنّ طبعي ليس جامداً ، وإنّي أديب لي في الشعر نصيب ، فدعاني وسألني عن أحوالي ومالي من أهلي وعيالي ، فحكيت له ما جرى عليّ ، وبما من العزم والتّصميم لديّ ، فقال : أتحبّ أن تجيئ عندي وتكون معنا؟

فقلت : هذا غاية آمالي إن جاءني أمرك العالي ، فوجّهني إلى النجف لأجيء عندك مع أهلي وعيالي ، فأعطاني خرجية لرجوعي إلى النجف وأبشّر أهلي بتوجّه الإقبال عليّ بهذا الشرف ، فرجعت إلى ما رمت مترصّداً حصول ما قال رحمه الله تعالى.

وقلت : وبينما أنا بالانتظار لتصل من (سامرّاء) إليّ الأخبار من الناحية المقدّسة إذ جاء الجناب المستطاب الفاضل الكامل(١) الشيخ عبد النبي المازندراني من طلاّب سامرّاء الذي ـ بعد الرجوع من سامرّاء إلى طهران ـ كان من أحد العلماء المعروفين ، وكان فيها إليّ أن مات رحمة الله عليه.

فلمّا لاقاني قال لي : أمرني حضرة الميرزا أنّه كتب في أمري إلى وكيله في

__________________

(١) في المخطوط بعدها كلمة غير واضحة.


النجف الحاج إبراهيم الكارزاني شيئاً ، فارجعْ إليه يتبيّن لك الأمر ، فذهبتُ إلى الحاجّ المعزى إليه ، فقلت له : حضرة الميرزا ، ما كتب إليك في حقّي؟

قال : من أنت؟ قلت : الحاج السيّد محمّد الطهراني. قال : كتب فيك أنّك متى عزمت الهجرة إلى سامرّاء أهيّي لك أسباب ذهابك بأداء قروضك وإعطاء مصروفك إلى أن تصل إلى سامرّاء.

فقلت : كنت منتظراً لأمره ، مستجيزاً لوعده ، ليس لي عائق عن فعليّة العزم ، ولا فائق على ما في نفسي من الحزم ، وذكرت صورة قروضي اليسيرة التي لم تبلغ عشرين توماناً ، فقبلها وأعطاني عشرة توامين للكروة ومصروف الطّريق وبعث كلّ ما لم يلزمني في الطريق وإن كان من لوازم البيت على التحقيق ، كالسّراج والحصير وما يجعل ويحفظ فيه الحبوباب من القليل والكثير.

ثمّ استكريت ما يحملني وأثقالي وأهلي وعيالي ليوم معلوم ، ثمّ وادعت أصدقائي وجيراني من الخادم والمخدوم وصرتُ ذاهباً إلى المقصود ، متوكّلاً على الله المعبود.

فلمّا وصلتُ تلك البلدة الشريفة واستكريت منزلاً بمؤنة خفيفة واسترحت من تعب المسافرة ونصب المنافرة ، وتشرّفت بالحرم المطهّر ، عمدت إلى زيارة حضرة الميرزا ليعلم ورودي وأعلم من بياناته موقع الدرس والمسألة المبحوث عنها ، إلى غير ذلك من مقاصدي ، فرحّب بي واستبشر ودعا لي بالتوفيق فيما أظهره.

فأصبحتُ حاضراً مجلس الدرس ، فعلم بورودي أصدقائي الذين عرفوني


وعرفتهم في السفر السابق الذي زرتُ مجرّداً بغير علائق ، لكن ما مكّنوني من الجلوس في الصفّ الأوّل ، وأبيت عن الجلوس في الصفّ الثاني والآخر ، وجلست لصغر جثّتي بين الصفَّين في مقابل المنبر لا في أحد الطرفين ، بحيث أُواجه الأُستاذ ويواجهني إذا تكلّمت ، ولا يقدر على جوابي غيره إذا اعترضتُ عليه أو عن شي سألت.

فلمّا مضى عليّ أيّام وأهلّ الشهر الجديد وأرسل للطلاّب ما كان معيّناً لهم من المشاهرة(١) ، بعث لي مبلغاً علمته شهريتي مراعياً حيثيّتي ، فحمدتُ الله تعالى على ما أنعم.

فمضى عليّ ثلاثة أشهر أو أربعة على هذا المنوال من حيث محلّ الجلوس في الدرس ، ومن حيث المشاهرة من غير اختلاف واختلال ، وعند ذلك عمد أصدقائي الجالسين في الصفّ الأوّل على إدخالي فيه ، ويوافقني بعض أفاضل الأصحاب كالحاجّ ميرزا إسماعيل ابن عمّه وأخ زوجته ، والسيّد السند المعتمد الآقا السيّد محمّد الإصفهاني ، والجناب المستطاب الميرزا محمّد إبراهيم الشيرازي ، المحسوبين من أفضل أفاضل أصحابه ، واستقرّ أمر الجلوس على ذلك وانقطعت المشاهرة المعمولة للطلاّب ، لكنّه كان يعطيني بنفسه بعد عدّة أشهر(٢) مبلغاً معتدّاً به ، لكون معاملته مع من في الصفّ الأوّل كذلك لكون ذلك تكريماً

__________________

(١) أي : ما يعطوه للطالب آخر الشهر.

(٢) في المخطوط : (لكن يعطيني بنفسه خلاف عدّة) بدل من : (لكنّه كان يعطي بنفسه بعد عدّة).


خاصّاً وسلوكاً ممتازاً في المسالك.

وكان ورودي في (سامرّاء) السنة السادسة والتسعين بعد الألف ومائتين وكان عزيمتي على الرجوع إلى طهران في سنة واحد وثلاثمائة بعد الألف ، ولم يكن المرحوم طاب ثراه راضياً بفراقي ولا زاعماً اشتياقي إلى العجم ، لكن كتب إليه والدي مستدعياً لترخيصي بالرجوع لطول المفارقة ، فبعث إليّ وأخبرني بكتابته وسألني عن رأيي وميلي.

فقلت : لا رأي لي أبداً وكلّ الأمر بيدك ، وأنا كَمَيِّت بين يدي الغسّال ، بيده التحويل والتقليب في جميع الأحوال ، فقال : أنا ما أرضى أن أخيّب أباك عمّا سألَني ، فاذهب إليه على العجالة ، وعلى التقدير الإحالة (لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) (١) ، فاستأذنته الذهاب إلى العتبات العاليات لزيارة الوداع ، وأذن لي.

فسافرتُ إليها للزيارة والوداع وملاقاة أساتذتي وأحبّائي الذين لا يرجى بعد ذلك معهم الاجتماع ، فأجازوني وكتبوا لي الإجازة بغير استجازتي منهُم بالإجازة ، لما ثبت عندهم لذلك من اليمن والبركة وإظهاراً للطفهم بي بهذه الحركة ، فلم أزل اتشكّر من ذلك من حيث إنّه بغير سؤال منّي ولو بالإشارة أو إمارة يكون منّي هنالك ، فودّعتهم ورجعت إلى (سامرّاء) وأعطاني حضرة الأُستاذ زاد المسافر ، مظهراً للتحسّر من المفارقة.

وكان يُرجع بعد الفراق ووصولي إلى طهران بعض من يسأله من الرجوع في موارد احتياطاته المطلقة إليّ ، ولم يزل إظهار ألطافه بالحقير إليّ ، زاده الله تعالى

__________________

(١) سورة الطلاق : ١.


الرحمة والغفران ، وبلّغه الله تعالى درجة الرضوان.

ثمّ اعلم يا أخي ، أنّي لم أترك كتابة المطالب والمسائل والتقريرات والرسائل ما دمتُ في النجف ، ولم أزل كذلك إلى يوم خروجي من سامرّاء للوداع ، وكنت يومئذ مشغولاً بكتابة قاعدة نفي الضرر تقرير كلمات سيّدنا الأُستاذ ، وكان يحبّني كثيراً لأجل كتابتي تقريراته ، ولم يكن في (سامرّاء) أحد يقدر على كتابة تقريراته غيري.

وكان بعض الأفاضل يأخذ تقريراتي التي أكتبها ، وربّما يجيئه استفتاء من النواحي والأطراف فيطرح المسألة ويقول : تفكّروا فيها لنتكلّم ، وأنا أكتب رسالة مستقلّة فيها ، كما سألوه عن حكم النوط والإسكناس من حيث المالية أو كونه حوالة ، فكتبتُ رسالة قبل أن يتكلّم فيه وبعثتها إليه ، فارتضاه ولم يقبل مقالات أحد ممّن تكلّم فيها أو كتب فيها شيئاً.

وكان لي مباحثة بين الثلاث ـ أعني بالثاني والثالث السيّد السند الآقا (السيّد محمّد الأصفهاني) و (الآقا الميرزا محمّد تقي الشيرازي) (١) الذي صار مرجع التقليد للنّاس بعد وفاة سيّدنا الأُستاذ عليهما رحمة الله تعالى يوم المعاد ــ تقرب ثلاث سنين.

فاتّفق مخالفة شديدة بيني وبين الآقا (الميرزا محمّد تقي) المذكور في

__________________

(١) هو السيّد محمّد تقي الشيرازي من أركان الثورة العراقية ضدّ الانجليز سنة ١٩٢٠ ، وأوّل من دعا إليها من رجال الدين ، ولد بشيراز ونشأ بالحائر وأقام بسامرّاء ، توفّي بمدينة كربلاء سنة ١٣٣٨ هجرية ودفن فيها.


مسألة لبس المشكوك في الصلاة ، التي كانت مسألة مهمّة مطروحة بين علماء النجف وكربلاء وسامرّاء ، فكنتُ أقول بالجواز ، ويقول جناب الميرزا المذكور بنفي الجواز ، والسيّد السند متوقّفاً ، فكتبت فيها رسالة مطوّلة محتوية على مقالات النافين وما فيها وعليها ، بأدلّة واضحة توجب اليقين ، وستجيء الإشارة إليها في تعداد المصنّفات إنْ شاء الله تعالى.

ثمّ اعلم أنّي وصلت طهران يوم الرابع من شهر شعبان سنة واحد وثلاثمائة بعد الألف ونزلت بيت والدي مع أهلي وأولادي الثلاث : (جاسم) و (هاشم) و (كاظم). وكان الأوّل منهم مولوداً في النجف ، والثاني والثالث مولودَيْن في سامرّاء ، وهم موجودون الآن ، وأصغرهم أفضل وأعلم أهل عصره ، لكونه ذا يد طويلة في العلوم القديمة معقولاً ومنقولاً ، والعلوم الجديدة المعمولة في الأفرنج سيّما الهندسة ، وكان لي خادماً(١) يخدمنا في السفر ، ولم يكن دار والدي قابلاً لبقائنا فيها ، فلم يكن بدّ لنا من الخروج عنها ، فاستأجروا لي داراً صغيرةً في (كوچه غريبان) نزلت فيها في أواخر شعبان.

وكان صاحب الدار رجلاً عطّاراً مقدّساً وبأهل العلم مستأنساً ، فجاء إليّ بعد ورودي في داره لملاقاتي والتّبريك ، وبعد مقدارمن الأسئلة والأجوبة قال لي : أما تصلّي أنت في المسجد ، والصلاة فيه أفضل من البيت؟ قلت : ليس هنا مسجد أصلّي فيه.

قال : موجود في (البازارچه) ، لكنّه صغير له أسطوانة واحدة.

__________________

(١) الظاهر رجوعه لولده كاظم.


قلت له : لا بأس ، أصلّي فيه من اليوم في ساعة كذا ، وكان دكّانه قريب المسجد ، فلمّا حضرتْ خرجتُ إلى المسجد للصلاة ، فلمّا رآني أذهب إلى المسجد نزل من حانوته فأذّن بباب المسجد ، فحضر معه بعض أهل المحلّة في المسجد.

ولمّا حضر شهر الصيام لم يسع المسجد لأهل الصلاة ، وكان في قربه تكية فهيّؤوها للصلاة ، فاجتمع الناس وأنا بنفسي إمام الجماعة وواعظ الناس ، بخلاف [سائر] أئمّة الجماعة ، فإنّ واعظ المسجد لابدّ أن يكون غير الإمام ، وما اكتفيت بذلك ، بل أمرتُ الناس بالحضور للمقابلة وقراءة القرآن ، وكان الأمر كذلك إلى انصرام أيّام الصيام.

فجاءني متولّي مدرسة (الصدر) ومدرسة (عبد الله خان) فدعاني إلى تدريس الفقه والأُصول ، وكان في المدرستين مدرساً للرياضيات والمعقولات ، فشرعتُ في التدريس فيهما طرفي النهار ، لكنّي تركتُ تدريس مدرسة الصدر بعد مدّة ، لكثرة الاشتغال واقتصرت على تدريس مدرسة (عبد الله خان).

ولم يكن اشتغالي بغير العلميّات من الأُمور ، بل كان من جملة اشتغالي تصحيح بعض الكتب وتشريحه حين التصحيح ، مثل كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد(١) وكشف الريبة في الغيبة والنميمة(٢) اللذان شرحتهما حين

__________________

(١) في علم الكلام ، وأصل الكتاب قواعد العقائد للمحقّق الخواجة نصير الدين الطوسي ، وشرحه العلاّمة الحلّي ، مطبوع.

(٢) للشهيد الثاني زين الدين العاملي.


تصحيحهما مع الرسائل الملحقة بهما ، ومثل قواعد الشهيد الأوّل(١) التي شرحتها حين التصحيح والطبع ، ومثل مكاسب شيخنا مرتضى الأنصاري عليه رحمة الباري ، فإنّي كتبتُ وجوه التأمّل فيها حين تصحيحها ، وصحّحت مرآة العقول شرح المجلسي طاب ثراه على أُصول الكافي وفروعه وروضته وطبعتها للمرحوم (مشير السلطنة) غفر الله تعالى له(٢).

وصحّحتُ مستدرك(٣) الوسائل ، وصحّحت المعتبر للمحقّق بتعب كثير زائداً عن الوصف ، وشرحته إلى كتاب الصلاة وطبعته مستعجلاً لمشير السلطنة بغير مهلة ، أكتب الشرح بمركب الطبع وتفرّقت الأجزاء ولم يبق منه عين ولا أثر ، وشرحت (منظومة بحر العلوم) شرحاً وجيزاً حين تصحيحي وطبعي لها.

ويظهر سائر أشغالي بالعلميّات عند تعدادي المصنّفات ومنشآتي ، وكلّما كان من مرجعيّتي لمعاملات الناس ومرافعاتهم والسعي في قضائهم وإصلاح أُمورهم كان مصهوراً في اشتغالي بالعلميّات ، وكنت قليل المعاشرة مع غير أهل العلم من طبقات الناس ، سيّما الوزراء والأعيان وأعاظم التجّار صوناً عن ظنّهم فيّ الحرص والطمع ، وعلمي بأنّ العزّ لمن قَنع.

وبالجملة كنتُ مُجدّاً في حيازة المعارف دون جمع الزخارف ، مولعاً في التفكّر في حقائق المطالب وحقيقة الحال في كلّ المسائل ، مع قطع النظر عن القيل

__________________

(١) أي : كتاب القواعد والفوائد في الفقه والأصول والعربية للشهيد الأوّل ، مطبوع.

(٢) مشير السلطنة من ألقاب الوزراء.

(٣) في المخطوط : (مستدركات).


والقال من الأواخر والأواسط ، بل الأوائل ، فلم أتوحّش من مخالفة الإجماع المدّعى في كثير [من] المسائل بعد وجود الدليل المعتبر على خلافه ، بل خطّأت طريق التعليمات المتّخذ من تبعيّة الأوائل.

[من نظرياته وكلماته] :

وآل الأمر إلى زمان (انقلاب إيران) وشيوع الحرّية وإطلاق اللسان وإظهار كلّ أحد لمعتقده الذي في الجنان ، فابتليت بصحبة أهل التشكيك في فنون العلم والعمل بالظنون ، وقد ذكرتُ في مقدّمة كتابي المسمّى بـ : البركات الرضوية في تلخيص الأُصول عن الزوائد والفضول سبب إقدامي إلى هذا العمل ، فعلى الطالب الرجوع إليه في ذلك المجمل يجد في تلك المقدّمة وفي ذلك الكتاب ما يرتفع به الشكّ والارتياب ، لا لكلّ أحد ، بل لأولي الألباب الذين لهم عن الحسد وحبّ النفس والأهواء اجتناب.

فلنا في هذا البيان دعويان علينا إثباتهما بالدليل والبرهان :

أحدهما : الخطأ في طريق التعليمات. وثانيهما : تطويل الكلام في نقل الأقوال وأدلّتهم ، والتمسّك بالإجماع في مقام ليس للإجماع مدرك معتمد عليه ، فلنوضّح إثبات الدعويين بالاستيضاح.

فأقول : ما بالكم أيّها العلماء العقلاء في أنّكم تكتبون الكتاب ومطالبه بعبارات غامضة لا يفيد المرام على سبيل الحقيقة أو الظاهر من المجاز ، بل تكتبون الكتاب شبيه الأحجّية والألغاز ، يحتاج في إفادة المعاني والمقاصد إلى رفع التعمية وما في التعبير من المفاسد ، بل الشارح يكتب ما يشرحه بعبارات فيها


جهات من الإجمال ، توجب مزيد التطويل والإشكال ، وربّما يستشكل الشارح على ما يشرحه في الصحّة ، فيشتغل بردّ ما ادّعاه صاحب المتن بالنقض والإبرام وتعاكس الاستدلال ، بل ربّما يشتغل في إبطال دليل الماتن مع توافقه في المدّعى ، فيحتاج هذا الشرح إلى الشرح ، وهكذا هلمّ جرّا ، فيحتاج كتاب واحد إلى شروح عديدة وإلى شرح الشرح ، وشرح شرح الشرح.

والعجب أنّهم قالوا في آداب المتعلّمين : عليكم بالمتون لا بالحواشي ويرون ويعلمون أنّ العبارات القاصرة تحتاج إلى بيان من القائل ، أو بيان من تحمّله عنه بحيث يرفع عنها الحاجب والحائل ، ويكشف عن مرامه بالكشف القطعي الكامل.

فحينئذ أقول لهذا المصنّف : إن لم تكن عارفاً بكيفيّة التعبير فلا يلزمك كتابة ما فيه القصور المثبت عليك ما تقصر ، وإن كان عارفاً بالكيفية ، فلماذا عدل منه إلى الإلغاز والإجمال حتّى يحتاج إلى الشارح في حلّ العقال ، وكأنّهم متعمّدين إلى ذلك زعماً منهم أنّ ذلك هو الجالب للشهرة وتعقّب الإجلال ، ولا يبالون بإيجابه الحيرة والضلال وتضييع عمر الطلبة فيما يزعمه الكمال ، ويوجب له الكبرياء وسوء الأخلاق والأحوال ويرى نفسه واجب الإطاعة بمعرفة كتاب حصلت له الإشاعة ، مع كونه موجباً للفضاحة والإضاعة.

والعجب أنّ التسهيل في التعليم ـ مع أنّه واجب(١) لسرعة النيل بالمقصود ــ نفعه عميم وعموم النفع مطلوب للعاقل الحكيم ، أَمِنَ العدل والإنصاف أن يوقع

__________________

(١) في المخطوط غير واضحة.


الإنسان أخاه(١) في تيه الضلال والاعتساف ليجعل نفسه عالياً عن الناس ، حتّى النفوس الزكية من الأعيان والأشراف وتوسعةُ العلم والمعارف موجبة لسعادة الدارين وارتفاع الجهل عن العين ، وطول الكلام موجب للسأم والملل يتنفّر عنه الطباع ويعقّبه الكسل.

أما يرون هؤلاء المعلّمين والمدرّسين والمصنّفين(٢) أنّ تسهيل التعليمات في الخارج جالب لكثير من الناس إلى مدارسهم ، ولو سئل أحدٌ بعث أولاده إلى الخارج لتحصيل العلوم بأنّك أنت مسلم مربّى في ديار المسلمين لماذا ترضى بأن تبعث أولادك إلى الكفّار والمشركين؟

يقول في الجواب : إنّ العلوم الجديدة سهلة التناول وقريبة الحصول ، ويستدلّ بأنّ الطبّ القديم كان كذا وكذا محتاجاً إلى تمادي العمر في تحصيله ، والطبّ الجديد يتمّ نيله ستة سنين ، وكذا الحساب والرياضيّات.

وهل يجوز أن يتذاكر في مسألة واحدة أربع سنين بعنوان درس الخارج ، مع أنّ الأوقات المذكورة تصلح لمذاكرة ألف مسألة على التحقيق بالقراءة من الكتب المذكور فيها المسائل بالتدقيق ، فيبقى في ذهنه المسائل بمآخذها ، ولا يتصوّر بقاء ما يذكر في الخارج في الأذهان بعد مضي مدّة من الزمان ، وليس المأخذ معلوماً عند الطلبة ، بل لو ذكر المدرّس القول والقائل كثيراً ما ينساه الطلبة بعد خروجه عن مجلس الدرس ، بل حين كونه فيه ينسى جميع ما ذكره المدرّس

__________________

(١) في المخطوط : (أخيه).

(٢) الصحيح : أما يرى هؤلاء المعلّمون والمدرّسون والمصنّفون .. إلى آخره.


إلاّ المتكرّرات.

والحاصل أنا الحقير مع اعتيادي بكتابة تقريرات الأُستاذ كلّ يوم وليلة كثيراً ما كنت ناسياً لبعض المطالب بعد الخروج عن مجلس الدرس ، وكنت محتاجاً للسؤال من الأستاذ أو الأصحاب ، ولعمري أنّي متندّم على ما مضى عليّ من أيّام الحضور لدرس الخارج [في] استقصاء تمام ما في الكتب المفصّلة التي أكثرها زائدات ومتنازع في الفرضيّات غير الواقعة في الواقعيّات ؛ إلى غير ذلك ممّا لا يناسب ذكره في هذا المختصر.

وسنشير إلى ما يخطر ببالي في كيفية التعليم على الإجمال لعلّ الله يخرج الطلاّب في تحصيلهم عن الضلال إنْ شاء الله تعالى شأنه المتعال.

وأمّا الخطأ في نقل الأقوال والاستدلال بالإجماع فتوضيحه : أنّ الناقل للأقوال إن كان غرضه من نقله الاطّلاع على أصل الأقوال فلا يحتاج إلى ذكر القائل وكتابه ومحلّ ذكره ونقل عين عبارته ، فإنّ القائل إن كان لتأييد ما يراه بموافقته في المسألة فتوافقه لا يفيد له التّأييد إلاّ بالاشتهار بالعظمة والتبحّر ، فلا محالة يحصل له المخالفة معه في بعض المسائل.

مثلاً يذكر قول (السيّد المرتضى) بنجاسة الغسالة تأييداً لفتواه به ، فهو بسبب اشتهاره بالعظمة والتبحّر يكون مؤيّداً له في فتواه ، ولكن يخالفه في قوله بطهارة شعر الكلب والخنزير قطعاً ، فردّ فتواه وبطلانه عنده تخطئة لعظمته وتبحّره وإشعارٌ بأنّ الاشتهار بذلك غير صحيح.

وإن كان ذكره لإظهار مخالفته له في الفتوى لكونه قائلاً بطهارة الغسالة على


خلاف (السيّد المرتضى) فيكون ذكرُ اسمهِ موهناً لفتواه لشهرته بالعظمة والتبحّر ، فيقول من يسمع مخالفته له : مخالفة السيّد علم الهدى من مثلك ليس خالياً عن الجنون أو السفاهة ، ولا يجعل ذلك دليلاً على جلالتك في الفقاهة والنباهة.

فتحصل من ذلك أنّ نقل القائل وكتابه ليس مؤيّداً ، وربّما يكون موهناً ومبلّداً ، وعلى هذا فذكر عبارات القوم والنزاع في مرادهم كما يجده المتتبّع في كلماتهم في الأبواب المتفرّقة إلى ما لا يحصى لا فائدة فيه إلاّ التطويل ، بل يحصل منه الحيرة والتّضليل.

هذا ، مع أنّ النزاع في مراده إمّا لجعله موافقاً مع القوم أو مخالفاً ، وعلى التقديرين لا أثر له ، لأنّ المخالفة في المسائل أكثر من أن تحصى أو تقال ، بل جلّ المسائل على هذه الحال.

وإن كان لجعله موافقاً للقوم لتحصيل الإجماع فنذكر ما فيه من البطلان والإشكال إن شاء الله تعالى.

وإن كان ذلك لتكثير الاحتمال فهو إيقاع للطلبة في تيه الضلال وإخراج له عمّا يسبق عليه الذهن عن حال الاعتدال فبئس الصنع لمن عليه أن يخشى الله المتعال المشير إليه بقوله تعالى : (إنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) (١) ، فليكونوا مجتنبين عن ذلك لكونهم علماء خاشعين لله.

وأمّا الخطأ في استدلالهم بالإجماع ، لأنّ التمسّك بالمنقول منه لا طائل تحته لعدم حجيّته على ما أثبتوه وأذعنوا به في الأُصول.

__________________

(١) سورة فاطر : ٢٨.


وأمّا الإجماع المحصّل فلم يعلم حصوله أصلاً إلاّ في السقيفة بناء على مذهب العامّة في معنى الإجماع ومصداقه ، فإنّهم يقولون بحصوله بالأكثرية الحاصلة بين أهل الحلّ والعقد من أُمّة محمّد(صلى الله عليه وآله) بأنّهم إذا اجتمعوا وتكلّموا في أمر من الأُمور واتّفق أكثرهم على رأي يجب اتّباعه ويزعمون حصول ذلك في السقيفة في أمر الخلافة ، ومخالفة مثل مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام وسلمان وأبوذر ومقداد ، إلى غير ذلك من أكابر الأصحاب.

لكن لمّا كانوا قليلين لم يكن مضرّاً بالإجماع بالنسبة من المتوافقين بالبيعة على (أبي بكر) من كبراء المهاجرين والأنصار وأكابر الأوس والخزرج ، وعلى هذا ليس مثل هذا الإجماع في مسألة من المسائل الفقهية التي يتمسّكون فيه بالإجماع فإنّهم يذكرون توافق آراء من سبقهم من أكثر العلماء منهم إلاّ أنّ شرطهم في العمل بالأكثرية يتمّ في الآراء أن يجتمعوا ويبحثوا ويتنازعوا في تبادل الأفكار حتّى يتوافق أكثرية الآراء فيعملون به وذلك غير واقع لهم في مسألة من المسائل التي يدّعون فيها الإجماع.

وأمّا عدم حصوله على مذهب الشيعة القائلين بحجّية الإجماع بدخول الإمام عليه‌السلام بين المجمعين حتّى أنّهم صرّحوا بأنّه يحصل الإجماع باتّفاق خمسة من العلماء يكون الإمام عليه‌السلام موافقاً لهم ، ولا يحصل باتّفاق خمسين مع مخالفة الإمام عليه‌السلام لهم ، وعلى هذا يكون الشأن في حصول العلم بموافقة الإمام عليه‌السلام مع المتّفقين.

فمنهم من قال : نقول بدخوله من باب قاعدة (اللطف) التي ثبت بها وجوب


إرسال الكتب والرسل والتكليف ، ومنهم من قال : يعرف دخوله بوجود مجهول النسب في المجمعين ، وكلا الوجهين غير مرضيّين عند كافّة المتأخّرين ومتأخّري المتأخّرين ، وقد بيّنا فضاحة القولين مكرّراً في مصنّفاتنا.

وبعد تخطأتهم القولين قالوا بدخوله عليه‌السلام في المجمعين بالحدس القطعي ولم يتنبّهوا بفضاحة هذا القول من وجوه عديدة :

أحدها : اختلاف الناس في الحدس ، فرُبَّ فقيه يحصل [له] القطع بالحدس ، من توافق عشرة من الفقهاء الأعلام ، وغيره لا يحصل له الحدسُ بالظنّ بتوافق أضعاف من ذلك ، فضلاً عن القطع.

ثانيها : أنّ الإجماع في المسائل الفرعية يحصل تدريجاً فأوّل المفتين بنجاسة الغسالة مثلاً إن لم يكن له مدرك للنجاسة من الأدلّة المعتبرة ، فعليه الحكم بالطهارة للقاعدة المعلومة صحّتها بالأخبار العديدة الدالّة على أن (كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر) (١) ولحوق خمسين من العلماء مثلاً به وتوافقهم على القول بالنجاسة يصير قولاً بلا دليل ، إذ لم يحصل الإجماع بتوافق أقلّ من خمسين مثلاً ، حتّى يصير بنفسه حجّة من الحجج ودليلاً من الأدلّة.

ثالثها : أنّ الحدس بالدخول بنفسه في المجمعين قطعيّ البطلان ، لأنّ العلم بفتوى المجمعين يحصل إمّا بمخاطبتهم ، أو بكتاب منتسب إليه ، أو نقل ممّن لاقاه وسمع منه الفتوى ، وكلّ من هذه الوجوه مشعر بكون المفتي غير الإمام عليه‌السلام ، وبعبارة أُخرى القول المنتسب إلى الفقيه معرّف لذلك القائل بنسب أو كتاب منه

__________________

(١) المقنع : ١٥ ، مستدرك الوسائل ١ / ١٦٤.


أو بلده ، فيعلم بذلك أنّه غير الإمام عليه‌السلام ، فدخوله فيهم بنفسه الشريفة أرواحنا فداه غير متصوّر في زمان الغيبة.

واحتمال أن يكون مرادهم من دخول الإمام عليه‌السلام كشف الاتّفاق عن رضاه بما اتّفقوا عليه ، فمعنى ذلك حصول الحدس بالحكم الواقعي ، لأنّ ما يرضى به الإمام عليه‌السلام عين الواقع. فالتعبير عن ذلك بدخول الإمام عليه‌السلام في الـمُجمِعين ، كلامٌ لا محصّلَ له.

نعم ، ربّما يحصل الحدس بوجود خبر معتمد عندهم لم يبلغ إلينا ، وهذا الأمر وإن كان من باب المسامحة في التعبير عمل بالسنّة ، فينحصر الدليل بالكتاب والسنّة والدليل العقلي ، وليس الإجماعُ دليلاً من الأدلّة ، وجعل الشيعة الأدلّة أربعةً تبعيّةٌ منهم للعامّة.

وهذا تمام كلامنا في تخطئة التعليمات في التطويلات إجمالاً ، وسنذكر كيفية التعليمات ليحصل التسهيل على تفصيل ليس فيه التطويل إنْ شاء الله تعالى(١).

ثمّ شرع ببيان بعض المطالب باللغة الفارسية ، وختمت المخطوطة بقوله :

اينست اجمالى از حالات اين بنده شرمنده

محمّد الحسيني الطهراني المدعو بالعصّار

كتبه باقتضاء واحد [من] الأعلام في جمادى الأولى ١٣٤٩ من الهجرة.

تمّت

__________________

(١) أقول : ما ذكره المصنّف رحمه الله مقبول في الجملة لا بالجملة ، فتأمّل.


المصادر

١ ـ الأعلام : لخير الدين الزركلي ، المتوفّى سنة (١٤١٠ هـ) ، نشر دار العلم للملايين في بيروت.

٢ ـ أعيان الشيعة : للسيّد محسن الأمين ، المتوفّى سنة (١٣٧١ هـ) ، نشر دار التعارف للمطبوعات في بيروت.

٣ ـ تراجم الرجال : للسيّد أحمد الحسيني ، معاصر ، نشر : مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي في قم المقدّسة.

٤ ـ تنقيح الأصول : لتقرير بحث آقا ضياء للطباطبائي ، المتوفّى سنة (١٣٦١ هـ).

٥ ـ جواهر الكلام : للشيخ الجواهري ، المتوفّى سنة (١٢٦٦ هـ) ، نشر : دار الكتب الإسلامية في طهران.

٦ ـ الذريعة إلى أصول تصانيف الشيعة : لآقا بزرگ الطهراني ، المتوفّى سنة (١٣٨٩هـ) ، نشر : دار الأضواء في بيروت.

٧ ـ رسائل في دراية الحديث : إعداد أبو الفضل حافظيان البابلي ، معاصر ، نشر : دار الحديث للطباعة والنشر.

٨ ـ شرح مائة كلمة لأمير المؤمنين عليه‌السلام : لابن ميثم البحراني ، المتوفّى سنة (٦٧٩هـ) ، نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة.


٩ ـ طبقات الشافعية الكبرى : لعبد الوهّاب بن علي السبكي ، المتوفّى سنة (٧٧١هـ) ، نشر : دار إحياء الكتب العربية ـ فيصل عيسى البابي الحلبي.

١٠ ـ طرائف المقال : للسيّد علي البروجردي ، المتوفّى سنة (١٣١٣ هـ) ، نشر : مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي العامّة في قم المقدسة.

١١ ـ الغدير : للشيخ الأميني ، المتوفّى سنة (١٣٩٢ هـ) ، نشر : دار الكتاب العربي في بيروت.

١٢ ـ الكرام البررة (طبقات أعلام الشيعة) : الشيخ آقا بزرگ الطهراني ، نشر : دار المرتضى ، مشهد ، إيران.

١٣ ـ الكنى والألقاب : للشيخ عبّاس القمّي ، المتوفّى سنة (١٣٥٩ هـ) ، نشر : مكتبة الصدر في طهران.

١٤ ـ مستدرك الوسائل : لميرزا حسين النوري الطبرسي ، المتوفّى سنة (١٣٢٠ هـ) ، نشر : مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث في بيروت.

١٥ ـ مستدركات أعيان الشيعة : لحسن الأمين ، المتوفّى سنة (١٣٩٩ هـ) ، نشر : دار التعارف للمطبوعات.

١٦ ـ المقنع : للشيخ الصدوق ، المتوفّى سنة (٣٨١ هـ) ، نشر : مؤسّسة الإمام الهادي عليه‌السلام.

١٧ ـ موسوعة مؤلّفي الإمامية : لمجمع الفكر الإسلامي ، نشر : مجمع الفكر الإسلامي.

١٨ ـ هدية العارفين : لإسماعيل باشا البغدادي ، المتوفّى سنة (١٣٣٩ هـ) ، نشر : دار إحياء التراث العربي في بيروت.


من أنبـاء التـراث

هيئة التحرير

كتب صدرت محقّقة

* مدارك الغرائب في مسالك العواقب ومشاهد العجائب في مناهج المناقب.

تأليف : المولى الحسن بن عبد الرحيم المراغي (من أعلام القرن الثالث الهجري).

كتاب عقائدي في معرفة أصل المعاد ، دأب فيه المصنّف على معرفة أخباره ومنازله وأحواله وحسن مآبه وسوء عقابه ، عرض فيه أحوال الموت والميّت وأحوال القبر والبرزخ والحشر والمعاد مستدركاً ذلك بالروايات الواردة عن أهل بيت العصمة عليهم‌السلام ، كما عرض

آراء المخالفين من الفلاسفة والمتكلّمين وقد ردّها بالدليل العقلي والنقلي ملتزماً بما أبداه من رأي الشيعة الإمامية.

وقد اشتمل الكتاب على : مقدّمة التحقيق وترجمة المؤلّف وعلى عشرين باباً في : التوبة ، حبّ لقاء الله وتمنّي الموت ، أحوال الميّت وحقيقة الموت وكيفيّته ، فيما يعاين الميّت وحضور الأئمّة عليهم‌السلام ، أحوال البرزخ وسؤاله ، فناء العالم وبقاؤه ، والمعاد وكيفيّته ، كيفية الحشر ومواقف القيامة ، الجزاء وتجسّم الأعمال ، أنّ الملائكة يكتبون أعمال العباد ، في تطاير الكتب ، الحساب ، الميزان ، السؤال ، الحوض وساقيه ، الصراط ، الجنّة ونعيمها ، الأعراف ، الجنّة والنار والخلود فيها ، من لا يخلد في النار


وفيمن لا يدخل فيها ، ما يكون بعد الجنّة والنار.

تحقيق : شعبة التحقيق في قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة الحسينية.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٣١.

نشر : شعبة التحقيق في قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة الحسينية ، كربلاء ـ العراق.

* أبواب الهدى.

تأليف : الميرزا مهدي الإصفهاني (ت ١٣٦٥هـ).

رسالة في المعارف الإلهية ابتدأها بإعجاز القرآن الكريم مبيّناً الاختلاف الرئيس بين العلوم الإلهية والعلوم البشرية في مثل دلالة الألفاظ ، والعقل ، والعلم ، والتعليم لمعرفة الله سبحانه وغير ذلك ، وأنّ القرآن قائم على التذكير بنور العلم والعقل والاستفادة منه قائمة على الفطرة

الإلهية وأنّ الألفاظ تشير إلى حقائق خارجية والمفاهيم ليست واسطة والعلم والعقل كذلك يشيران إلى حقيقة نورية خارجية ، كما ذكّر بشيوع الفلسفة والعرفان والتصوّف بفعل خلفاء الجور والظلم ، ودائرة المعارف الإلهية تنحصر بالمعصومين عليهم‌السلام.

تحقيق : مؤسّسة معارف أهل البيت عليهم‌السلام.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٩٨.

نشر : معارف أهل البيت عليهم‌السلام ، قم ـ إيران.

* بصائر الدرجات في علوم آل محمّد عليهم‌السلام ج (١ ـ ٢).

تأليف : محمّد بن حسن بن فرّوخ الصفّار القمّي (ت ٢٩٠هـ).

كتاب روائي في علوم آل محمّد عليهم‌السلام وما خصّهم الله من كرامة الإمامة وأسرارها ، ويعدّ مصنّفه من أصحاب


الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام ، وهو من أهمّ المصنّفات في الإمامة من تراث القرن الثالث وقد تمّ تأليفه في بداية الغيبة الصغرى.

صدر الكتاب بتحقيق جديد ذكر المحقّق في مقدّمة التحقيق دراسة علمية وافية عن حياة المؤلّف العلمية وعن الكتاب.

تحقيق : محمّد كاظم المحمودي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٦٦٤ ، ٥٨٤.

نشر : مكتب الإعلام الإسلامي التابع لحوزة قم العلمية ـ فرع إصفهان ، إصفهان ـ إيران.

* معاني الأخبار ج (١ ـ ٢).

تأليف : محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه (أبو جعفر الصدوق ت ٣٨١هـ).

يعدّ كتاب معاني الأخبار كتاباً روائيّاً من الكتب المعتمدة لدى علماء الطائفة الإمامية في معرفة المشايخ والرواة

والنصوص الروائية الواردة عن أئمّة الهدى عليهم‌السلام ، وقد اشتمل الكتاب على (٤٢٩) باباً و (٧٨٩) رواية عن أئمّة الهدى عليهم‌السلام في أصول الدين الخمسة وسائر المعارف الدينية الحقّة ، وقد قدّمت له مقدّمة تناولت ترجمة المصنّف والمشايخ الذين اعتمدهم في الرواية عنهم وصور النسخة المعتمدة في التحقيق.

تحقيق : السيّد محمّد كاظم الموسوي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٢٦ ، ٤٨١.

نشر : الأمانة العامّة للعتبة الحسينية ، كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* البيان المسؤول في تقريرات الأصول ج (١ ـ ٢).

تأليف : الشيخ الميرزا أبو الفضل النجفي الخوانساري (ت١٤٢٢ هـ).

احتوى الكتاب على تقريرات


لدروس خارج أصول الفقه لآية الله العظمى السيّد أبو القاسم الخوئي ، اعتنى بها تلميذه المصنّف وقد أورد بها الأبحاث الأصولية ورتّبها وفق منهج علمي بعناوين ذكرت في فهرسة الكتاب تسهيلا لروّاد العلم لما يبغونه من آراء العلماء والنظريّات في علم أصول الفقه حيث تناول فيه المصنّف لبّ المواضيع العلمية ، وقد تمّ ذلك بأمانة تامّة بعيداً عن الاقتضاءات المخلّة والتفصيلات المملّة مع إشراف على مواضيع كفاية الأصول.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٥٥٩ ، ٦١٥.

نشر : مؤسّسة أنصاريّان ـ قم ـ إيران.

* صفوة الصفات في شرح دعاء السمات.

تأليف : الشيخ إبراهيم بن علي بن حسن الكفعمي (ت ٩٠٥هـ).

يأتي هذا الكتاب في عداد الكتب

المصنّفة في شرح الأدعية المأثورة عن المعصومين الأربعة عشر عليهم‌السلام ، حيث اهتمّ علماء الإمامية بتراث أهل البيت عليهم‌السلام لبيان معارف هذه المدرسة وأبعادها التربوية ، وقد اشتمل الكتاب على مقدّمة بترجمة المؤلّف وما ورد من شروح في دعاء السمات وقد عدّ منها أربعة وعشرين شرحاً ، كما ذكر سند الدعاء ومنهجية التحقيق والنسخ المعتمدة فيه ثمّ شرح الدعاء.

تحقيق : السيّد حسن هادي الموسوي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٤٩٢.

نشر : العتبة الحسينية ، كربلاء ـ العراق.

* بغية النبلاء في تاريخ كربلاء.

تأليف : السيّد عبد الحسين الكليدار آل طعمة (ت ١٣٨٠هـ).

يأتي الكتاب في عداد تاريخ البلدان ،


اهتمّ به المؤلّف تخليداً لتاريخ مدينته كربلاء المقدّسة فكتب عن تاريخها وأهمّيتها وما جرى فيها من أحداث.

وقد زُوّد الكتاب بصور عن مدينة كربلاء وعن المشهد الحسيني وزائريه من الشخصيّات.

سبق وأن حقّق هذا الكتاب حفيده وقد أعاد تحقيقه بعد دراسة الكتاب وإجراء تصحيحات عليه.

اشتمل الكتاب على تقديم للسيّد محمّد رضا الجلالي ، مقدّمة المحقّق ، مقدّمة المؤلّف وستّة فصول في : تاريخ كربلاء منذ الفتح الإسلامي ، كربلاء في القرون الأخيرة ، تاريخ الحائر ، خارطة كربلاء القديمة ، تراجم وأعلام ، أخبار عن الحائر وزائريه.

تحقيق : السيّد عادل عبد الصالح الكليدار آل طعمة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣١٥.

نشر : دار السميع ـ طهران ـ إيران.

* مجموعة رسائل.

تأليف : الميرزا السيّد محمّد علي الشهرستاني الحائري (ت ١٣٤٤هـ).

احتوى الكتاب على مجموعة من الرسائل العلمية التي اعتاد العلماء تصنيفها حفظاً لتقاريرهم العلمية ، ملتزمين في ذلك الاختصار.

وقد اشتمل هذا السفر على خمس رسائل ، الأولى : (الدرّة العزيزة في شرح الوجيزة) ، وهي شرح مزجي على رسالة الوجيزة للشيخ البهائي في دراية الحديث.

الثانية : (رسالة في مسألة الإعراض عن المال) وهي في مسألة المال الذي أعرض صاحبه عنه.

الثالثة : (نتيجة الفكر في الولاية على البكر) ، وهي رسالة مفصّلة في الولاية على البنت البكر البالغة الرشيدة.

الرسالة الرابعة : (في معرفة حكم المشكوك من اللباس) ، وهي في مسألة اللباس المشكوك مع ذكر الأقوال


والأخبار ، الرسالة الخامسة : (في معرفة وقت المغرب) ، وهي في مسألة تحديد وقت المغرب مع ذكر الأقوال والأخبار.

تحقيق : السيّد مهدي الرجائي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٢٠٢.

نشر : العتبة الحسينية ، كربلاء المقدّسة ، العراق.

* الدرر الموسوية في شرح العقائد الجعفرية.

تأليف : آية الله السيّد حسن الصدر الموسوي الكاظمي (ت ١٣٥٤هـ).

كتاب عقائدي احتوى على أبحاث في أصول الدين الخمسة وقد رتّبه المصنّف بترتيب أصول الدين في خمسة أبحاث بمنهج علمي رصين ، وهو شرح على كتاب العقائد الجعفرية لآية الله الشيخ جعفر كاشف الغطاء (ت ١٢٢٨هـ) بيّنه بشرح مبسوط مشبّع بالأدلّة العقلية والنقلية ، ولأهمّية هذا السفر قام المحقّق

بوضع ترجمتين لحياة كلّ من الشيخ جعفر كاشف الغطاء والسيّد حسن الصدر ، كما قام باستخراج المصادر وإضافة التعليقات عليه.

تحقيق : الشيخ علي جاسم شكارة الساعدي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٧٥٥.

نشر : المحقّق.

كتب صدرت حديثاً

* تاريخ كربلاء وعمرانها.

تأليف : السيّد عبد الجواد الكليدار آل طعمة (ت ١٣٧٨هـ).

كتاب تاريخي من سلسلة تراث كربلاء الثقافي تناول المؤلّف فيه مدينة كربلاء وعمرانها ومعالمها الحاضرة من مختلف النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في حاضرنا ، هذا وقد أشار المؤلّف إلى أهمّية هذه


المدينة لا من الناحية الدينية والاقتصادية فحسب بل إلى تطوّرها من الناحية الثقافية والعمرانية وازدهارها العلمي. وتعدّ كربلاء من المدن الغنيّة عن التعريف حيث جاءت في عداد المدن الإسلامية التي تتمتّع بشهرة واسعة مثل المدينة المنوّرة ومكّة المعظّمة وغيرها في التاريخ ولم تنَل كربلاء هذه الشهرة الواسعة إلاّ منذ ألف وثلاثمائة سنة وقد دلّت الروايات على قدمها وعراقتها وأصالتها.

اشتمل الكتاب على مقدّمة قسم الشؤون الفكرية وترجمة المؤلّف وعلى مقدّمة الكتاب وعلى المواضيع التالية : كربلاء في عام ٣٦ من الهجرة ونزول أمير المؤمنين بها في طريقه إلى صفّين ، كربلاء من بعد عام ٣٦ وإلى واقعة الطفّ ومرور رأس الجالوت بها ، الطفّ ، الحائر والحير ، التحقيق في الحائر والحير تاريخياً ، مشهد الإمام الحسين عليه‌السلام ، كربلاء محراب الإله أو حرم الله ، مسالك

تاريخ كربلاء ومشاكله في الماضي والحاضر ، كربلاء وأهميّتها في التاريخ ، نظرة إجمالية في تاريخ كربلاء خلال أربعة عشر قرناً ، كربلاء قبل الإسلام في العصور القديمة ، كربلاء ومبدأ ظهور تاريخها في الإسلام.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٦٦.

نشر : العتبة الحسينية ـ قسم الشؤون الفكرية والثقافية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* أعلام الخطابة الحسينية في الأحساء.

تأليف : أحمد عبد الهادي المحمّد صالح.

كتاب تراجم عرض فيه المؤلّف تراجم الخطباء الحسينيّين من الأحساء المعروفة بمدرستها العلمية ، وقد تميّز علماؤها كغيرها من المدارس الشيعية بخدمتهم للمنبر الحسيني حتّى أصبحت


هذه المدينة واشتهرت بإرثها الديني العريق في نشر القضيّة الحسينية.

اشتمل الكتاب على مقدّمة المؤلّف وعلى المراحل التاريخية للخطابة الحسينية ، أعلام الخطابة الحسينية في الأحساء.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٧٧٥.

نشر : أطياف ـ القطيف ـ السعودية.

* أبو الهياج الهاشمي شهيد الطفّ المغيّب.

تأليف : حيدر السيّد موسى وتوت الحسيني.

كتاب تراجم عرض المؤلّف فيه شخصيّة أبي الهياج الهاشمي من أصحاب الإمام الحسين عليه‌السلام كان بطلا شجاعاً جريئاً مقداماً أديباً شاعراً محبّاً لأهل البيت عليهم‌السلام وقد كان من المناصرين لهم عليهم‌السلام بيده ولسانه وقلبه حتّى ختم الله له بالسعادة ونال شرف الشهادة بين يدي

الإمام أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام في كربلاء ، وله قصائد شعرية في مدح أهل البيت عليهم‌السلام.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ٦٣.

نشر : المؤلّف.

* دروس في فقه الإمامية ج (١ ـ ٥).

تأليف : عبد الهادي الفضلي.

مجموعة فقهية عرض المؤلّف فيها أبواب الفقه مبيّناً من خلالها رأي العلماء الأعلام.

حيث مهّد فيها لدراسة الفقه الاستدلالي في الجزء الأوّل وعرض أنموذجاً لفقه العبادات في الجزء الثاني ، وقد خصّص الأجزاء المتبقية للمعاملات التجارية القديمة والمستحدثة وقد مثّل الجزء الثالث بحوثاً تمهيدية للمعاملات المالية قسّمها إلى قسمين رئيسيّين القواعد والنظريّات ذات العلاقة بالبحث


الفقهي المعاملاتي وفي الجزء الرابع تناول مجموعة من المعاملات التجارية مبتدئاً بالمعاملات القديمة ليتلوها بالمعاملات المستحدثة فيما ركّز الحديث في الجزء الخامس على معاملات البنوك التجارية.

اشتمل الكتاب على خمسة أجزاء الأوّل على المقدّمة العلمية لعلم الفقه ، بحوث تمهيدية في فقه الإمامية ، التكليف الشرعي ، الثاني ، المقدّمة العلمية لكتاب الطهارة باب الإخباث ، باب الأحداث ، المطهّرات ، الثالث ، عدّة أبواب في : تعريف المعاملة المالية ، النظريّات والقواعد ، الرابع في باب المعاملات البيع والربا ، المعاملات المستحدثة الشركات المالية ، الخامس من عدّة أبواب في : البنك ، الباب الثاني المقدّمة العلمية للمعاملة البنكية ، الباب الثالث بين يدي الموضوع.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٢٢ ، ٥١٩ ، ٣٠٦ ،

٤١٧ ، ٣٩٢.

نشر : مركز الغدير ـ بيروت ـ لبنان.

* نصوص مفقودة من كتاب (المناقب).

تأليف : السيّد حيدر السيّد موسى وتوت الحسيني.

كتيّب في المناقب تناول المؤلّف فيه أهمّ الأحداث التي تقع قبل وبعد ظهور الإمام المهدي عليه‌السلام والتي جمعها من كتاب (الملاحم والفتن) للسيّد رضيّ الدين ابن طاووس والتي نقلها من كتاب (المناقب) لابن شهر آشوب وهي مفقودة في (المناقب) ووضعها في هذا الكتيّب وأسماها بالنصوص المفقودة من كتاب المناقب لابن شهرآشوب كما زوّد هذا الكتيّب بالأحاديث والروايات والعلامات التي تختصّ بظهور الإمام المهدي عليه‌السلام.

الحجم : جيبي.

عدد الصفحات : ١٥.


نشر : المؤلّف.

* كشّاف مخطوطات الطاووس اليماني.

إعداد : عبد الكريم الكرماني.

كتاب من كتب فهرسة المخطوطات ، تناول كشفاً للفهرس المسمّى بـ : طاووس اليماني والذي يحتوي على فهرسة لمجموعة الميكروفيلم الموجودة في دار المخطوطات في صنعاء في الجمهورية اليمنية ، وقد سمّي بهذا الاسم تكريماً لمنزلة طاووس بن كيسان الخولاني الهمداني اليماني أحد كبار التابعين ورواة الحديث من أصحاب الإمام زين العابدين عليه‌السلام.

وهذا الكشّاف هو عبارة عن فهارس متعدّدة تعتبر كشّافاً لفهرس (طاووس اليماني) الذي يحتوي على فهرسة لمجموعة الميكروفيلم الموجودة في دار المخطوطات في صنعاء ، وقد تناول هذا الكشّاف عنوان المخطوطة وموضوعها

واسم المؤلّف وتاريخ النسخ مع الإشارة إلى رقم الصفحة في فهرس (طاووس اليماني) ورقم الميكروفيلم ورقم علبته ، وأمّا المعلومات المفصّلة للمخطوطة فعلى الباحث أن يرجع بها إلى فهرس (طاووس اليماني) الذي وضع من أجله هذا الكشّاف.

الحجم : رحلي.

عدد الصفحات : ٣٦٤.

نشر : الرافد للمطبوعات ـ قم ـ إيران.

* جغرافيا كربلاء القديمة وبقاعها.

تأليف : الدكتور السيّد عبد الجواد الكليدار آل طعمة.

يأتي هذا الكتاب في عداد الكتب التي كتبت عن أرض كربلاء وتاريخها قدّم فيه المؤلّف رحمه‌الله عرضاً جغرافياً عن أرض كربلاء ، معتمداً في تنقيبه عن معرفة جغرافية أرض كربلاء من وجوه التسميات والأوصاف التي طرأت عليها عبر التاريخ ؛ ليثري بحثه ويغني القارئ


عن تاريخ بقاعها.

اشتمل الكتاب على مقدّمة الشعبة ، ترجمة المؤلّف ، خريطة كربلاء في العصر الأوّل ، كربلاء وتاريخ بقاعها ، ولكن هل هذه الأسماء كلّها لبقعة واحدة ، الحائر ، مبدأ ظهور اسم الحائر في التاريخ ، الوجه في تسميته بالحائر ، قدسيّة الحائر وأهمّيته في الدين.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ١٥٨.

نشر : العتبة الحسينية ، كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* من وحي ذكر أهل البيت عليهم‌السلام.

إعداد : قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة الحسينية.

كتاب أدبي من سلسلة تراث كربلاء الثقافي يحتوي على مجموعة أدبية من كلمات وقصائد لثلّة من علماء وأدباء كربلاء المقدّسة التي أنشدت وألقيت في محافل ذكرى مواليد أهل البيت عليهم‌السلام

ويوم الغدير ، ولعلّه يحكي عن النوادي الأدبية والنهضة الأدبية الدينية على حدّ سواء التي شهدتها مدينة كربلاء منذ عقد الخمسينات وحتّى عقد السبعينات في مقارعة الاستبداد والاستعمار.

اشتمل الكتاب على مولد الصدّيقة الزهراء عليها‌السلام ، مولد الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، مولد الإمام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف ، مولد الإمام الحسن المجتبى عليه‌السلام ، يوم الغدير ، مولد الإمام الحسين عليه‌السلام. وقد جاءت مواضيعه على شكل حلقات لها أرقام صفحاتها.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٨٤ تقريباً.

نشر : العتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* الوسيلة إلى الله تبارك وتعالى هم أهل البيت عليهم‌السلام.

تأليف : السيّد هاشم ناجي الموسوي الجزائري.


كتاب من سلسلة موسوعة آثار الأعمال في تفسير قوله تبارك وتعالى (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيْلَة) انتهج فيه المؤلّف الاختصار في سرد أقوال العلماء والروايات الواردة عن العترة الطاهرة عليهم‌السلام في تفسير الآية ، وقد رتّب كتابه في ثلاثة عناوين ؛ العنوان الأوّل : في تفسير قوله تبارك وتعالى : (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيْلَة). العنوان الثاني : أهل البيت عليهم‌السلام هم الوسيلة إلى الله تعالى عموماً. العنوان الثالث أهل البيت عليهم‌السلام هم الوسيلة إلى الله تعالى خصوصاً. العنوان الرابع : توسّل الأنبياء عليهم‌السلام إلى الله تعالى بوسيلة أهل البيت عليهم‌السلام

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٠٣.

نشر : ناجي الجزائري ـ قم ـ إيران.

* حبل الله تبارك وتعالى هم أهل البيت عليهم‌السلام.

تأليف : السيّد هاشم ناجي الموسوي

الجزائري.

كتاب من سلسلة موسوعة آثار الأعمال.

تناول فيه تفسير قوله تبارك وتعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيْعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا) اعتمد على نقل أقوال العلماء وسرد الروايات الدالّة على ولاء أهل البيت عليهم‌السلام منتهجاً في ذلك الاختصار.

وقد رتّب كتابه على خمسة عناوين ؛ العنوان الأوّل : أهل البيت عليهم‌السلام هم حبل الله عموماً ، العنوان الثاني : أهل البيت عليهم‌السلام هم حبل الله خصوصاً. العنوان الثالث : القرآن المقرون مع أهل البيت عليهم‌السلام هو حبل الله. العنوان الرابع : دين الإسلام المقرون مع أهل البيت عليهم‌السلام هو حبل الله. العنوان الخامس : نوادر معنى حبل الله لغةً واصطلاحاً وحقيقة ومجازاً وتشبيهاً واستعارة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٣٦.

نشر : ناجي الجزائري ـ قم ـ إيران.


* العروة الوثقى هم أهل البيت عليهم‌السلام.

تأليف : السيّد هاشم ناجي الموسوي الجزائري.

كتاب من سلسلة موسوعة آثار الأعمال في تفسير قوله تبارك وتعالى : (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) ذكر المؤلّف أقوال العلماء والروايات الدالّة على أنّ أهل البيت عليهم‌السلام هم العروة الوثقى ، منتهجاً في ذلك الاختصار وقد رتّب كتابه على سبعة عناوين : العنوان الأوّل : أهل البيت عليهم‌السلام هم العروة الوثقى ، في القرآن. العنوان الثاني : أهل البيت عليهم‌السلام هم العروة الوثقى في الحديث. العنوان الثالث : الإيمان والتوحيد المقرون مع ولاية أهل البيت عليهم‌السلام هو العروة الوثقى. العنوان الرابع : قول : لا الله إلاّ الله المقرون مع أهل البيت عليهم‌السلام هو العروة الوثقى. العنوان الخامس : القرآن المقرون مع أهل البيت عليهم‌السلام هو العروة الوثقى. العنوان السادس الإسلام المقرون مع ولاية أهل

البيت عليهم‌السلام هو العروة الوثقى. العنوان السابع : نوادر معنى : العروة الوثقى لغةً واصطلاحاً وحقيقة ومجازاً وتشبيهاً واستعارة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٠٤.

نشر : ناجي الموسوي ـ قم ـ إيران.

* وظيفة المجتهد في ما لا نصّ فيه.

تأليف : د. الشيخ أحمد البهادلي.

تناول المؤلّف في كتابه هذا تطوّر المباحث الفقهية مع التطوّر الزمني وما يلاقيه الفقيه من أحكام ثانوية في شتّى المجالات المادية والاجتماعية والسياسية ممّا لم يصدر فيه نصّ ، متبنّياً في ذلك بعض النظريات والمناهج بقدرة غير المعصوم عليه‌السلام على كشف الملاكات الفقهية ، وهو بحث مثير للجدل العلمي والتساؤلات.

اشتمل الكتاب على مقدّمة وتمهيد في : فرضية البحث ومنطلق الإشكالية في


الدعوة إلى التجديد. وعلى ثلاثة أبحاث المبحث الأوّل في التشريع الإسلامي بين الملامح والمميّزات وحركية الفقيه في الاستنباط. المبحث الثاني : الاجتهاد بين المفهوم والأقسام والشروط والنطاق. المبحث الثالث في : الأدلة التبعية النقلية ومدخليّتها في الأحكام. وستكون موزّعة بين المتّفق عليها والمختلف فيها. والخاتمة بنتائج البحث.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٨٦.

نشر : دار الهدى ـ قم ـ إيران.

* الشهيد الأوّل محمّد بن مكّي العاملي حياته وآثاره.

تأليف : الشيخ رضا المختاري.

كتاب تراجم من سلسلة (أعلام الشيعة) وقد تبنّت مشروعه مؤسّسة تراث الشيعة في ترجمة مائة علم من أعلام الطائفة الشيعية.

وقد عرض المؤلّف في كتابه هذا

دراسة تاريخية عن حياة الشهيد الأوّل ونشأته العلمية وأساتذته وتلامذته ومصنّفاته الأصولية والفقهية التي لا زال المعوّل عليها في الدراسات الحوزوية وقد عدّها المصنّف من أهمّ أسباب خلود شخصيّته العلمية منذ القرن الثامن الهجري الذي كان من أعلامه.

وقد قدّم دراسة تاريخية عن الحقبة الزمنية لذلك العصر مبيّناً أسباب إلقاء القبض عليه آنذاك والطريقة البشعة التي تمّ بها استشهاده رضوان الله تعالى عليه.

اشتمل الكتاب على :

مقدّمة وأربعة أبواب في : مصادر دراسة حياة الشهيد الأوّل ، أشعار الشهيد الأوّل ؛ قائمة مفصّلة لآثار الشهيد الأوّل ومؤلّفاته وما نسب إليه ، تحقيق كتاب غاية المراد.

وخاتمة وملاحق اشتملت على كتاب مختصر نسيم السحر وما ألحق به ورسالة ابن تيمية إلى السلطان المملوكي ناصر الدين محمّد بن قلاوون حول نكبة


كسروان ، ورسالة أجوبة مسائل السيّد ابن نجم الدين الأطراوي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٨٤٠.

نشر : مؤسّسة تراث الشيعة ـ قم ـ إيران.

* النبلاء من أعيان مدينة كربلاء.

إعداد : مظفّر صلاح كامل وإحسان خضيّر عبّاس.

كتاب تراجم عرض فيه المؤلّف نبذةً من تاريخ كربلاء ، حيث كانت حوزة علمية حافلة بروّاد العلم من علماء وباحثين ومحقّقين وأدباء فجمع فيه تراجم علمائها وخطبائها والمؤلّفين وغيرهم ممّن ولد ونشأ في هذه المدينة المقدّسة أو تلمّذ فيها ردحاً من الزمن.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٤٨.

نشر : الأمانة العامّة للعتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* أُسس العدالة والاعتدال عند أمير المؤمنين عليه‌السلام.

تأليف : السيّد محمّد صادق الخرسان.

دراسة في العدالة والاعتدال مقتبسة من سيرة سيّد الموحّدين أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه‌السلام ، تدلّ على الاهتمام العلوي بإقامة العدل ، من خلال سيادة العدالة في المجتمع ووضع الحدِّ من امتدادات الظلم والاضطهاد والتجاوز والتفريط ، مؤكّداً على محورية الاعتدال في حفظ توازنات الأفراد والجماعات وتأمين حقوقهم.

اشتمل الكتاب على مقدّمة الطبعة الثانية ، تمهيد ، الفصل الأوّل : العدالة في منظور أمير المؤمنين عليه‌السلام ، الفصل الثاني : الإعتدال عند أمير المؤمنين عليه‌السلام ، الخاتمة.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ٤٩.

نشر : دار البذرة ـ النجف ـ العراق.


* الخُمس.

تأليف : السيّد محمّد صادق الخرسان.

دراسة في مسألة الخمس ، أجاب بها المؤلّف عن التساؤلات القائمة حول الخمس يبيّن من خلالها الحكمة الإلهية ومدار الاقتصاد الإسلامي في كفالة المجتمع تشريعاً للخمس وتنفيذاً في الشريعة الإسلامية السمحاء.

اشتمل الكتاب على مقدّمة الطبعة الثالثة وتمهيد وثلاثة عشر فصلا في : حجّية الاستدلال بالقرآن الكريم والسنّة الشريفة ، أسلوب القرآن الكريم في عرض القضايا ، الخمس لغويّاً وفقهيّاً ، الغنيمة ، هل أحاديث الخمس ورواياته متواترة؟ التعميم الإعلامي على موقف أمير المؤمنين وتصريحه بالأسباب ، من أسباب عدم مطالبة الأئمّة عليهم‌السلام بالخمس ، الخمس والمرباع ، الخمس والزكاة المبحث الأوّل ، الخمس ودلالات التدوين ، الخمس في المنظور

الاقتصادي ، المبحث الثاني : الخمس في المنظور النفسي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٦٣.

نشر : العتبة العبّاسية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* كنوز الدنيا وكنوز الآخرة.

تأليف : السيّد هاشم الناجي الموسوي الجزائري.

كتاب روائي من موسوعة آثار الأعمال ، سرد فيه المؤلّف شطراً من الآيات والروايات المشتملة على كلمة كنز والتي ترمي إلى معان معيّنة ومختلفة وربّما تكون تربوية وأخلاقية.

اشتمل الكتاب على العناوين التالية : الربّ تبارك وتعالى ، القرآن ، أهل البيت عليهم‌السلام ، الأعلام والمعاريف ، المدن والأمكنة والبقاع ، الأعمال والمواضيع ، تفسير قوله تعالى : (وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا) ، النوادر.


الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٦٠.

نشر : ناجي الجزائري ـ قم ـ إيران.

* فقه الطفل.

تأليف : د. علي عبد الله الخطيب.

دراسة مقارنة في ضوء المذاهب الفقهية السبعة وهم المذاهب الأربعة ومذهب الإمامية والزيدية والأباضية. عرض فيها أهمّية تربية الطفل وحقوقه في الإسلام بدءاً من الزواج وحتّى انعقاد نطفته وحتّى مرحلة التمييز والبلوغ ، نظراً إلى العناية بالبيئة المحيطة بالطفل كالأسرة والأمّ وهما العاملان الأساسيّان لنمو الطفل الوراثي والتربوي ، كما بيّن ما للطفل من حقوق مادّية ومعنوية وما يخصّه من أحكام في عباداته ومعاملاته ، وقد تطرّق إلى ردّ نظريّات وآراء مفكّري الغرب وبعض الهيئات الدولية كالأمم المتّحدة وغيرها لما تضمّنته من مغالطات وتشويه.

اشتمل الكتاب على مقدّمة وخمسة أبواب في : موقف الشريعة الإسلامية من الزواج والإنجاب ، البشارة بالطفل وحقوقه الأساسية ، العبادات والمعاملات ، أحكام الأحوال الشخصية وتصرّفات الطفل ، الولاية على القاصرين.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٥٤١.

نشر : مؤسّسة العارف للمطبوعات ـ بيروت ـ لبنان.

* زيارة عاشوراء تحفة من السماء.

تأليف : الشيخ مسلم الداوري الإصفهاني.

بحوث في زيارة عاشوراء لسماحة الشيخ مسلم الداوري الإصفهاني ، جاءت بقلم السيّد عبّاس الحسيني.

حاول المؤلّف وضع دراسة لسند الزيارة ومتنها مع ردّ الشبهات الواردة عليها. ولقد مثّلت هذه الزيارة شعيرة من


شعائر الله تعالى وقد ورد الحثّ الشديد والتأكيد على تعظيمها والاهتمام بأمرها ، وقد امتازت هذه الطبعة بإضافات من ردّ شبهات جديدة وبعض الفوائد والأحاديث تكميلاً للفائدة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٩٢.

نشر : العتبة الحسينية ـ كربلاء ـ العراق.

كتب قيد التحقيق

* ترويح خاطر الحزين.

تأليف : الشيخ حسين بن علي القديحي البحراني (ت ١٢٨٧هـ).

يأتي هذا الكتاب في عداد الكتب التي أُلّفت من قبل ثلّة من علمائنا في تسكين الخواطر والنفوس ممّا يلمّ بالمؤمنين من أشجان وأحزان وأسى إثر تقلّبات الدهر وتغيّر الحدثان المؤدّي إلى فقد الأعزّة والأحبّة. وهو كتاب لا يزال قيد التحقيق وقد عثر المحقّق على نسخة هذا الكتاب المخطوط من مكتبة الإمام الحكيم العامّة قسم المخطوطات حيث تقع هذه النسخة في ٥٦ ورقة بطول ١٣ وعرض ٢١ سم.

تحقيق : أحمد عبّاس طاهر الأنصاري.

نشر : العتبة الحسينية ، كربلاء المقدّسة ـ العراق.

تراثنا ـ العدد [ 144 ]

المؤلف:
الصفحات: 302