• الفهرس
  • عدد النتائج:

قال في الفصول (١) بعد حكايته ما هذا لفظه ، اقول : لا ريب في أنّ قضيّة اطلاق الامر بشىء عدم سقوطه بفعل غيره وان كان مأموراً به بأمر آخر ، ودعوى سقوطه به تقييد للأمر ، ولو فسّر المأمور به بما يؤدّى اليه طريق شرعى كان مجازا ، وعلى كلّ من التّقديرين لا بدّ من قيام دليل عليه ، وليس في الامر الثّانى ما يقتضى ذلك لا عرفا ولا لغة كما عرفت.

والتّمسّك باصل البراءة واصل العدم في المقام فاسد من وجهين : الاوّل : انّ الّذي يتّجه فيه ، اصل الاشتغال لا اصل البراءة ، واصل بقاء التّكليف لا اصل العدم ، وذلك للقطع بحصول الاشتغال والشّك في البراءة عنه وسقوط فيستصحب.

الثّانى : انّ الاستناد الى الاصول الظّاهريّة انّما يصحّ حيث لا يعارضها ظاهر خطاب ، وقد عرفت انّ الظّاهر من اطلاق الامر عدم السّقوط.

وامّا ما ادّعاه من انّ ما امر به بالامر الظّاهرى بدل عمّا امر به بالامر الواقعي ، فممنوع اذ لا شاهد عليه ، على انّا نقطع بانّ الصّلاة بالطّهارة اليقينيّة او المظنونة لم يؤمر بها على كونها بدل عن الصلاة بالطهارة الواقعيّة ، بل من حيث كونها هى ، فالاعتداد بالظّن أو اليقين انّما هو من حيث كونه كاشفا عنها موصلا اليها ، وامّا ما ثبت بدليّته على تقدير العجز عن المبدل كالتّيمم عن الوضوء ، أو القعود وما بعده من الحالات المترتّبة عن القيام فالدّعوى متّجهة فيه ، اذا الظّاهر من البدليّة عرفا ولغة سقوط الامر بالمبدل منه مطلقا.

نعم اذا كان الامر بالبدل على تقدير عدم التّمكن من المبدل في تمام الوقت فعلم ذلك أو ظنّ حيث يعتبر الظّن واتى به ثمّ انكشف الخلاف ، يرجع الى الاصل السّابق.

ثمّ لا يخفى انّ الغرض الاصلى من هذا المبحث بيان كيفيّة دلالة الامر الّذي هو دليل شرعىّ ، لا بيان حال البدل والمبدل اللّذين هما فعل المكلّف ، فالمسألة اصوليّة لا

__________________

(١) الفصول الغروية ص ١١٨.