حسبي الله ونعم الوكيل. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ردوا عليّ الرجل ، فقال : ما قلت؟ قال : قلت : حسبي الله ونعم الوكيل ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن الله يلوم على العجز ، ولكن عليك بالكيس ، فإذا غلبك أمر فقل حسبي الله ونعم الوكيل». وأخرج أحمد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته يسمع متى يؤمر فينفخ؟ ثم أمر الصحابة أن يقولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ، على الله توكلنا» وهو حديث جيد. وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله : (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ) قال : النعمة : أنهم سلموا ، والفضل : أن عيرا مرّت ، وكان في أيام الموسم ، فاشتراها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فربح مالا ، فقسمه بين أصحابه. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : الفضل : ما أصابوا من التجارة والأجر. وأخرج ابن جرير عن السدي قال : أما النعمة : فهي العافية ، وأما الفضل : فالتجارة ، والسوء : القتل. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله : (لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) قال : لم يؤذهم أحد (وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ) قال : أطاعوا الله ورسوله. وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عنه في قوله : (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) قال : يقول : الشيطان يخوّف بأوليائه. وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم عن أبي مالك قال : يعظم أولياءه في أعينكم. وأخرج ابن المنذر عن عكرمة مثل قول ابن عباس. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن : إنما كان ذلك تخويف الشيطان ، ولا يخاف الشيطان إلا وليّ الشيطان.

(وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٧٦) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٧) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٧٨) ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٩) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٨٠))

قوله : (وَلا يَحْزُنْكَ) : قرأ نافع : بضم الياء وكسر الزاي ، وقرأ ابن محيصن بضم الياء والزاي (١) ، وقرأ الباقون : بفتح الياء وضم الزاي ، وهما لغتان ، يقال : حزنني الأمر وأحزنني ، والأول أفصح. وقرأ طلحة : (يُسارِعُونَ) قيل : هم قوم ارتدّوا ، فاغتم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لذلك ، فسلاه الله سبحانه ، ونهاه عن الحزن ، وعلل ذلك : بأنهم لن يضروا الله شيئا ، وإنما ضروا أنفسهم ، بأن لاحظ لهم في الآخرة ، ولهم عذاب عظيم ؛ وقيل : هم كفار قريش ، وقيل : هم المنافقون ؛ وقيل : هو عام في جميع الكفار. قال

__________________

(١). قال محقق تفسير القرطبي [٤ / ٢٨٤] : الصواب بضم الياء وكسر الزاي. قلنا : وهذا يوافق قراءة نافع.