• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • القطب الأول : في النظر في ذات الله تعالى
  • القطب الثاني : في الصفات السبعة وما تختص آحاد الصفات وما تشترك فيه
  • قد طال الجواب عنه في تصانيف الكلام ، وليس يستحق هذا التطويل فإنه لا يصدر قط من مسترشد إذ لا يستريب عاقل قط في ثبوت الأعراض في ذاته من الآلام والاسقام والجوع والعطش وسائر الأحوال ، ولا في حدوثها ، وكذلك إذا نظرنا الى أجسام العالم لم نسترب في تبدل الأحوال عليها ، وإن تلك التبديلات حادثة ، وإن صدر من خصم معاند فلا معنى للاشتغال به ، وإن فرض فيه خصم معتقد لما نقوله فهو فرض محال إن كان الخصم عاقلا ، بل الخصم في حدوث العالم الفلاسفة وهم مصرحون بأن أجسام العالم تنقسم الى السموات ، وهي متحركة على الدوام ، وآحاد حركاتها حادثة ولكنها دائمة متلاحقة على الاتصال أزلا وأبدا والى العناصر الأربعة التي يحويها مقعر فلك القمر ، وهي مشتركة في مادة حاملة لصورها وأعراضها وتلك المادة قديمة والصور والأعراض حادثة متعاقبة عليها أزلا وأبدا وإن الماء ينقلب بالحرارة هواء ، والهواء يستحيل بالحرارة نارا ، وهكذا بقية العناصر ، وإنها تمتزج امتزاجات حادثة فتتكون منهما المعادن والنبات والحيوان ، فلا تنفك العناصر عن هذه الصور الحادثة ولا تنفك السموات عن الحركات الحادثة أبدا ، وإنما ينازعون في قولنا أن ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث ، فلا معنى للإطناب في هذا الأصل ، ولكنا لإقامة الرسم نقول :

    الجوهر بالضرورة لا يخلو عن الحركة والسكون ، وهما حادثان ، أما الحركة فحدوثها محسوس وإن فرض جوهر ساكن كالأرض ، ففرض حركته ليس بمحال بل نعلم جوازه بالضرورة ، وإذا وقع ذلك الجائز كان حادثا وكان معدما للسكون ، فيكون السكون أيضا قبله حادثا لأن القديم لا ينعدم كما سنذكره في إقامة الدليل على بقاء الله تعالى ، وإن أردنا سياق دليل على وجود الحركة زائدة على الجسم ، قلنا : إنا إذا قلنا هذا الجوهر متحرك أثبتنا شيئا سوى الجوهر بدليل أنا إذا قلنا هذا الجوهر ليس بمتحرك ، صدق قولنا وإن كان الجوهر باقيا ساكنا ، فلو كان المفهوم من الحركة عين الجوهر