• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • القطب الأول : في النظر في ذات الله تعالى
  • القطب الثاني : في الصفات السبعة وما تختص آحاد الصفات وما تشترك فيه
  • من الفطرة وزعم أن كل مزاج فله رتبة معلومة في القوة إذا خليت ونفسها تمادت الى منتها مدتها ، ولو فسدت على سبيل الاحترام كان ذلك استعجالا ، بالإضافة إلى مقتضى طباعها ، والأجل عبارة عن المدة الطبيعية ، كما يقال الحائط مثلا يبقى مائة سنة بقدر إحكام بنائه ، ويمكن أن يهدم بالفأس في الحال ، والأجل يعبر به عن مدته التي له بذاته وقوته ، فيلزم من ذلك أن يقال إذا هدم بالفأس لم ينهدم بأجله وإن لم يتعرض له من خارج حتى انحطت أجزاؤه فيقال انهدم بأجله ، فهذا اللفظ ينبئ على ذلك الأصل.

    المسألة الثانية وهي اللفظية : فكاختلافهم في أن الايمان هل يزيد وينقص أم هو على رتبة واحدة ، وهذا الاختلاف منشؤه الجهل بكون الاسم مشتركا ، أعني اسم الايمان ، وإذا فصل مسميات هذا اللفظ ارتفع الخلاف ، وهو مشترك بين ثلاثة معان : إذ قد يعبر به عن التصديق اليقين البرهاني ، وقد يعبر به عن الاعتقاد التقليدي إذا كان جزما ، وقد يعبر به عن تصديق معه العمل بموجب التصديق ودليل اطلاقه على الأول أن من عرف الله تعالى بالدليل ومات عقيب معرفته فإنا نحكم بأنه مات مؤمنا ، ودليل اطلاقه على التصديق التقليدي أن جماهير العرب كانوا يصدقون رسول الله تعالى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمجرد إحسانه إليهم وتلطفه بهم ونظرهم في قوانين أحواله من غير نظر في أدلة الواحدانية ووجه دلالة المعجزة ، وكان يحكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بإيمانهم وقد قال تعالى (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا) (١) أي بمصدق ، ولم يفرق بين تصديق وتصديق ، ودليل إطلاقه على الفعل ، قوله عليه‌السلام : (لا يزني الزاني وهو مؤمن حين يزني) (٢) وقوله عليه‌السلام : (الايمان بضعة وسبعون بابا أدناها إماطة الأذى عن الطريق) (٣) فنرجع إلى المقصود ونقول : إن أطلق الإيمان بمعنى التصديق

    __________________

    (١) سورة يوسف الآية : ١٧.

    (٢) متفق عليه ولفظ البخاري : «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن».

    (٣) رواه مسلم بلفظ : «الايمان بضع وسبعون او بضع وستون شعبة ،