• الفهرس
  • عدد النتائج:

[١٨٩] فإن قيل : كيف قال : (إِلَّا مَنْ أَمَرَ) [النساء : ١١٤] ، ثم قال : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) [النساء : ١١٤]؟

قلنا : ذكر الآمر بالخير ليدل به على خيرية الفاعل بالطريق الأولى ، ثم ذكر الفاعل ووعده الأجر العظيم إظهارا لفضل الفاعل المؤتمر على الآمر.

الثاني : أنه أراد : ومن يأمر بذلك ، فعبر عن الأمر بالفعل كما يعبر به عن سائر أنواع الفعل ، وإذا كان الآمر موعودا بالأجر العظيم كان الفاعل موعودا به بالطّريق الأولى.

[١٩٠] فإن قيل : كيف قال : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً) [النساء : ١١٧] ، أي ما يعبدون من دون الله إلّا اللّات والعزّى ومناة ونحوها ، وهي مؤنثة ، ثم قال : (وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً) [النساء : ١١٧] ، أي ما يعبدون إلّا الشّيطان؟

قلنا : معناه أن عبادتهم للأصنام هي في الحقيقة عبادة للشيطان ، إمّا لأنّهم أطاعوا الشيطان فيما سوّل لهم وزيّن من عبادة الأصنام بالإغواء والإضلال ، أو لأنّ الشّيطان موكل بالأصنام يدعو الكفّار إلى عبادتها شفاها ويتزيّى للسدنة فيكلمهم ليضلّهم.

[١٩١] فإن قيل : كيف يقال إن العبد يحكم بكونه من أهل الجنة بمجرد الإيمان ، والله تعالى شرط لذلك العمل الصالح بظاهر قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) [النساء : ٥٧] وقوله : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ) [النساء : ١٢٤] وإلا لما كان للتقييد فائدة؟

قلنا : قيل إن المراد بالعمل الصالح الإخلاص في الإيمان ، وقيل : الثبات عليه إلى الموت ، وكلاهما شرط في كون الإيمان سببا لدخول الجنة.

[١٩٢] فإن قيل : كيف قال : و (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) [النساء : ١٢٣] والتائب المقبول التّوبة غير مجزيّ بعمله ، وكذلك من عمل سيئة ثم أتبعها حسنة ، لأنها مذهبة لها وماحية بنص القرآن؟

قلنا : المراد من يعمل سوءا ويمت مصرا عليه ، فإن تاب منه لم يجز به.

الثاني : أن المؤمن يجازى في الدّنيا بما يصيبه فيها من المرض وأنواع المصائب والمحن ، كما جاء في الحديث ؛ والكافر يجازى في الآخرة.

[١٩٣] فإن قيل : كيف خصّ المؤمنين الصالحين بأنّهم لا يظلمون بقوله :

__________________

[١٩٠] السدنة : مفردها سادن وهو من يقوم على خدمة المعبد.