• الفهرس
  • عدد النتائج:

(وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ) [فصلت : ٢٢].

[٩٦٣] فإن قيل : كيف قال المؤمن ، في حقّ موسى عليه‌السلام : (وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) [غافر : ٢٨] ؛ مع أنه صادق في زعم القائل لهذا القول وفي نفس الأمر أيضا ، ويلزم من ذلك أنّ يصيبهم جميع ما وعدهم لا بعضه فقط؟

قلنا : فيه وجوه :

أحدها : أن لفظة بعض صلة.

الثاني : أنها بمعنى «كل» كما في قول الشاعر :

إن الأمور إذا الأحداث دبّرها

دون الشّيوخ ترى في بعضها خللا

ومنه قول لبيد :

أو لم تكن تدري نوار بأنني

وصّال عقد حبائل جذّامها

ترّاك أمكنة إذا لم أرضها

أو يرتبط بعض النفوس حمامها

قلنا : ولقائل أن يقول : إن لفظة بعض في البيتين على حقيقتها ، وكنى لبيد ببعض النفوس عن نفسه كأنه قال : أتركها إلى أن أموت ، وكذا فسره ابن الأنباري.

على أن أبا عبيدة قال : إنّ بعض في الآية بمعنى كل ؛ واستدل ببيت لبيد ، وأنكر الزمخشري على أبي عبيدة هذا التفسير. على أن غير أبي عبيدة قال في قوله تعالى ، حكاية عن عيسى عليه‌السلام لأمته : (وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) [الزخرف : ٦٣] ، أن بعضا فيه بمعنى كل.

الثالث : أنها على أصلها. ثم في ذلك وجهان :

__________________

[٩٦٣] البيت لم نقف على قائله.

ـ البيتان من معلقة لبيد. وهما في ديوانه.

ـ اختلف القول في معنى بعض في الشاهد. وقد اختار المصنف أن المراد بها نفس الشاعر.

وسبق أن دفع الرضي هذا الرأي واختار أن الضمير الراجع إلى بعض مؤنث ، لأن البعض أضيف إلى النفوس وهي مؤنثة. ومحل الكلام في المسألة يكون عادة في كتب النحو في باب أن المضاف إليه قد يكسب المضاف تأنيثا وتذكيرا. هذا والشطر الأخير من بيتي لبيد يروى أحيانا وفيه : «يعتلق» بدل «يرتبط».

ـ البيت الأخير للقطامي وهو في ديوانه : ٢٥. ويروى عجزه :

وقد يكون مع المستعجل الزّلل ـ أبو عبيدة : هو معمر بن المثنى التيمي بالولاء ، البصري ، أبو عبيدة : من أئمة النحو واللغة والأدب. ولد في البصرة سنة ١١٠ ه‍ وتوفي بها سنة ٢٠٩ ه‍. كان إباضي المذهب ، شعوبي النزعة. وكان من حفاظ الحديث ، كثير التصنيف. من مؤلفاته : نقائض جرير والفرزدق ، العققة والبررة ، المثالب ، مآثر العرب ، أيام العرب ، الشوارد ، الإنسان ، الخ.