وغيرهم ، فما بيد اليهود والنصارى الآن من شريعة موسى وعيسى ليس هو الأصل ، سيما في الأصول الاعتقادية.

أما الإسلام فقد بقي عزيزا منيعا محفوظا من تحريف الغالين وإبطال الجاحدين ، وسيبقى إلى ظهور المهدي عليه‌السلام وحتى تقوم الساعة ، لأنّ الله تعالى جعله في حصن حفظه الحصين ، ونصب الأئمة الاثني عشر حفظة له وقوّاما بأمره في جميع الأزمنة إلى قيام القيامة.

ولا ينافي ذلك ما ربما وقع أو يقع في بعض الأزمنة والأمكنة من غلبة الكفار على المسلمين ، لعدم قدرتهم على إبادة الإسلام ، والدليل على ذلك بقاء هذا الدين على مرّ الأعصار طوال أربعة عشر قرنا مع كثرة الأعداء وقوّتهم وعدّتهم وعدّتهم واتفاق كلمتهم على محو الإسلام وإضعاف المسلمين بكل قواهم المادية وتجهيزاتهم العسكرية وقدراتهم الاقتصادية ، فلم ينجح مكرهم لإطفاء نور الله تعالى ، بل ربما ظهروا على المسلمين في الظاهر واستولوا على بلادهم وثرواتهم ، ولكن لم يتمكّنوا من تنفيذ نواياهم من اجتثاث هذه الشجرة ، بل ظهر في مرّات كثيرة صدق ما بشّر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمّته في هذه الأحاديث ، وما بشّر الله تعالى ووعد نبيّه والمسلمين في مثل قوله تعالى :

(يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) (١)

وقال تعالى : ومثل (كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ. تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) (٢)

الخامس : ليس مفاد هذه الأحاديث أنّ عزّة الإسلام مطلقا لا تتحقق

__________________

(١) ـ الصف : ٨.

(٢) ـ ابراهيم : ٢٤ و ٢٥.