كوت العمارة لأنه يسعك هناك التصيد بسهولة. ولا سيما أنه بعد ثلاثة أيام ستمر من هذه المدينة سفينة انكليزية اسمها «خليفة» فتستطيع عندئذ أن تقلك إلى بغداد ..

صاح صديقنا الأبله فرحا بهذه النصائح وشكر الكابتن وتركنا في مدينة كوت العمارة إلى غير لقاء! ولكننا لم نكد نبتعد قليلا عنه حتى غاصت سفينتنا ثلاث مرات في الأوحال والطين. إلّا أننا لم نلق صعوبة كثيرة في إخراجها منها ومتابعة سفرها لأنه بمجرّد أن كنا نهبط منها إلى الضفة كان وزنها يخف وتتابع سيرها كالسابق.

ولقد أفدنا ـ أنا وزوجي ـ من هذه الفترات القصيرة التي كانت تتوقف فيها سفينتنا في تلك الأحوال إذ كنا نذهب إلى مضارب العشائر التي كانت في الضفتين ونطلع على نمط حياة أفرادها.

لرجال هذه العشائر سمات خشنة وتبدو عليهم مخايل الوحشية (كذا)! أمّا ألبستهم فبسيطة ساذجة وهي ثوب فضفاض طويل من الصوف بلون البلوط أو بلون أزرق ويغطّون رؤوسهم بمناديل (الكوفية) يمسكها حبل (؟) من صوف الجمال (العقال) وفي أيديهم عصي طويلة يتكئون عليها بغرور وخيلاء!

ولنساء هذه العشائر ذوات اللون الحنطي الرائق صفات الرجال ويشبهن إلى حد كبير هؤلاء الرجال في كثير من المظاهر. فلباسهن يشبه لباسهم ولا يختلفن عنهم إلا بعدة حلقات علقنها بأنوفهن من الفضة .. أو بالخلاخل التي يزين بها أرجلهن ..