والآية التي تليها وهي المقصودة بالبحث قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً) (١) ، الاشتباه الكبير الذي وقع فيه الوهابيون هو تصورهم أنّ مفهوم التوسل بأولياء الله هو أنهم يكشفون الضر ويحلّون المشاكل ، وتصوروا أنّ قضاءهم للحاجات ودفعهم للكربات يتحقق منهم على نحو الاستقلال ، مع أنّ ما نقصده من التوسل ليس هذا معناه.
التوسل في الآيات الكريمة :
وأمّا الآيات التي تمسك بها الوهابيون فهي مرتبطة بالعبادة ، ولا يوجد أحد يقوم بعبادة أولياء الله.
فهل توسلنا بالنبي الأكرم صلىاللهعليهوآله تعني عبادته؟ وهل نعتقد بأنّ النبي صلىاللهعليهوآله يؤثر ويكشف الكرب على نحو الاستقلال؟
فالتوسل الذي يدعو إليه القرآن الكريم هو التوسل بالوسيلة التي تقربنا إلى الله ، بمعنى أنّ هؤلاء يقومون بالشفاعة عند الله ، كما ذكرنا ذلك في بحث الشفاعة.
وفي الواقع أنّ حقيقة التوسل والشفاعة واحدة ، فهناك آيات كثيرة تدلّ على الشفاعة ، وآيتان تدلّان على التوسل ، والملفت للنظر أنّ الآية السابعة والخمسين من سورة الإسراء تقول : (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) حيث تخيرهم لاختيار الوسيلة الأقرب من بين الملائكة والمسيح ، وضمير «هم» لجمع العاقل ، يعني أنّهم يتوسلون بالصالحين وبأولياء الله.
__________________
(١). سورة الإسراء ، الآية ٥٧.