تعاليمها ، والجري علىٰ منهجها ، إنّما هو حجة من ناحية كونه كاشفاً عن تلقّي الأمر عن مصدر التشريع .
ومن الواضح إنَّ هذه الدائرة لا يمكن أن تشمل في إطارها جميع أفعال السلف ، بل انّها تقتصر في حجيتها علىٰ حدود خاصة منهم .
إنَّ افتراض الحجية لجميع أفعال السلف كلهم ، يتناقض مع كونهم لم يقدّموا للاُمّة أمراً أجمعوا رأيهم عليه بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومن يتصفح كتب التاريخ الإسلامي والوقائع والأحداث ونشوء المدارس وتنوع الاجتهادات وتضاربها لا يخالطه في ذلك ريب .
فكيف يكون المختلفون كلهم حجة علىٰ من أعقبهم من الاُمّة ، مع أنّ الاختلاف بينهم كان بعضه بمقدار ما بين الجنة والنار من مسافة واختلاف ؟!
وهذا القيد يعتبر من أوضح القيود التي تشخّص البدعة وتحددها ، إذ إنّ من الشروط الأساسية التي تُدخل « الأمر الحادث » ضمن دائرة الابتداع هو أن لا يكون لهذا العمل أصل في الدين لا علىٰ نحو الخصوص ولا علىٰ وجه العموم ..
قال تعالىٰ : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ علىٰ اللَّـهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) (١) .
__________________
(١) الانعام ٦ : ٢١ .