أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي
المحقق: مركز بحوث دار الحديث
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-493-386-8
ISBN الدورة:
الصفحات: ٧٤٤
فِيهِ ، ويَسُودُ عَشِيرَتَهُ (١) مِنْ قَبْلِ أَوَانِ حُلُمِهِ (٢) ».
فَقَالَ لَهُ أَبِي : بِأَبِي (٣) أَنْتَ (٤) وأُمِّي ، وهَلْ ولِدَ؟ قَالَ : « نَعَمْ ، ومَرَّتْ بِهِ سِنُونَ ».
قَالَ يَزِيدُ : فَجَاءَنَا مَنْ لَمْ نَسْتَطِعْ مَعَهُ كَلَاماً ، قَالَ يَزِيدُ : فَقُلْتُ لِأَبِي إِبْرَاهِيمَ عليهالسلام :
فَأَخْبِرْنِي أَنْتَ بِمِثْلِ مَا أَخْبَرَنِي بِهِ أَبُوكَ عليهالسلام ، فَقَالَ (٥) لِي : « نَعَمْ ، إِنَّ أَبِي عليهالسلام كَانَ فِي زَمَانٍ لَيْسَ هذَا زَمَانَهُ ».
فَقُلْتُ لَهُ : فَمَنْ يَرْضى مِنْكَ بِهذَا ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ.
قَالَ : فَضَحِكَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليهالسلام ضَحِكاً شَدِيداً ، ثُمَّ قَالَ : « أُخْبِرُكَ يَا أَبَا عُمَارَةَ ، إِنِّي خَرَجْتُ مِنْ مَنْزِلِي ، فَأَوْصَيْتُ إِلَى ابْنِي فُلَانٍ (٦) ، وأَشْرَكْتُ مَعَهُ بَنِيَّ فِي الظَّاهِرِ ، وَأَوْصَيْتُهُ فِي الْبَاطِنِ ، فَأَفْرَدْتُهُ وحْدَهُ ، ولَوْ كَانَ الْأَمْرُ إِلَيَّ لَجَعَلْتُهُ فِي الْقَاسِمِ ابْنِي ؛ لِحُبِّي إِيَّاهُ ، ورَأْفَتِي (٧) عَلَيْهِ ، ولكِنْ ذلِكَ إِلَى اللهِ عَزَّ وجَلَّ ، يَجْعَلُهُ حَيْثُ يَشَاءُ ، ولَقَدْ جَاءَنِي بِخَبَرِهِ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم (٨) ، ثُمَّ أَرَانِيهِ ، وأَرَانِي مَنْ يَكُونُ مَعَهُ ؛ وكَذلِكَ لَايُوصى
__________________
الخمسين ». قال المازندراني : « ويحتمل أن يراد بالكهل هاهنا الحليم الحكيم العاقل ، من باب الكناية » راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٢١٣ ( كهل ) ؛ شرح المازندراني ، ج ٦ ، ص ١٧٢.
(١) « العَشِيرَة » : اسم لكلّ جماعة من أقارب الرجل الذين يتكثّر بهم ، أي يصيرون له بمنزلة العدد الكامل ، وذلك أنّ العشرة هو العدد الكامل. أو هي أقاربه القريبة الذين يعاشرونه ويعاشرهم من العِشْرَة بمعنى الصحبة. راجع : المفردات للراغب ، ص ٥٦٧ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٤٠ ( عشر ).
(٢) « الحُلْم » : الجماع في النوع ، والاسم : الحُلُمْ. أو الحِلْم بمعنى الأناة والعقل. وعليهما فهو كناية عن البلوغ الذي يكون للناس ؛ فإنّ الإمام لا يحتلم وهو الكامل عند الولادة بل قبلها. راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٤٥ ( حلم ) ؛ مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٣٥١.
(٣) لم يرد « أبي » في بعض النسخ على ما نقله المجلسي في مرآة العقول.
(٤) في « ف » : ـ « أنت ».
(٥) في « ه » : « قال ».
(٦) في البحار : + « يعني عليّاً الرضا عليهالسلام ».
(٧) قال الجوهري : « الرأفة : أشدّ الرحمة ». وقال ابن الأثير : « الرأفة أرقّ من الرحمة ، ولا تكاد تقع في الكراهة ، والرحمة قد تقع في الكراهة للمصلحة ». راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٣٦٢ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ١٧٦ ( رأف ).
(٨) في « ب » : + « وجدّي عليّ صلوات الله عليه وآله ». وفي حاشية « ض » والبحار : + « وجدّي عليّ
إِلى أَحَدٍ مِنَّا حَتّى يَأْتِيَ بِخَبَرِهِ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم وجَدِّي عَلِيٌّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ ، ورَأَيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم خَاتَماً وسَيْفاً وعَصًا وكِتَاباً وعِمَامَةً ، فَقُلْتُ : مَا هذَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ لِي : أَمَّا الْعِمَامَةُ ، فَسُلْطَانُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ؛ وأَمَّا السَّيْفُ ، فَعِزُّ (١) اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالى ؛ وَأَمَّا الْكِتَابُ ، فَنُورُ اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالى ؛ وأَمَّا الْعَصَا ، فَقُوَّةُ اللهِ ؛ وأَمَّا الْخَاتَمُ ، فَجَامِعُ هذِهِ الْأُمُورِ.
ثُمَّ قَالَ لِي : والْأَمْرُ قَدْ خَرَجَ مِنْكَ إِلى غَيْرِكَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَرِنِيهِ أَيُّهُمْ هُوَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم : مَا رَأَيْتُ مِنَ الْأَئِمَّةِ أَحَداً أَجْزَعَ (٢) عَلى فِرَاقِ هذَا الْأَمْرِ مِنْكَ (٣) ، ولَوْ كَانَتِ الْإِمَامَةُ (٤) بِالْمَحَبَّةِ ، لَكَانَ إِسْمَاعِيلُ أَحَبَّ إِلى أَبِيكَ مِنْكَ ، ولكِنْ ذلِكَ (٥) مِنَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ».
ثُمَّ قَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليهالسلام : « وَرَأَيْتُ ولْدِي جَمِيعاً : الْأَحْيَاءَ مِنْهُمْ والْأَمْوَاتَ ، فَقَالَ لِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام : هذَا سَيِّدُهُمْ ـ وأَشَارَ إِلَى ابْنِي عَلِيٍّ ـ فَهُوَ مِنِّي ، وأَنَا مِنْهُ ، واللهُ مَعَ الْمُحْسِنِينَ ».
قَالَ يَزِيدُ : ثُمَّ قَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليهالسلام : « يَا يَزِيدُ ، إِنَّهَا ودِيعَةٌ عِنْدَكَ ، فَلَا تُخْبِرْ بِهَا إِلاَّ عَاقِلاً ، أَوْ (٦) عَبْداً تَعْرِفُهُ صَادِقاً ، وإِنْ سُئِلْتَ عَنِ الشَّهَادَةِ ، فَاشْهَدْ بِهَا ، وهُوَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) (٧) وقَالَ لَنَا أَيْضاً : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ
__________________
صلوات الله عليه ». وقال في الوافي : « هذا المجيء والإراءة يجوز أن يكونا في المنام ، وأن يكونا في اليقظة ؛ لأنّ للأرواح الكاملة أن يتمثّلوا في صور أبدانهم عياناً لمن شاؤوا في هذه النشأة الدنياويّة ».
(١) قال ابن الأثير : « في أسماء الله تعالى : العزيز ، هو الغالب القويّ الذي لا يُغلب. والعِزّ في الأصل : القوّةوالشدّة والغلبة ». النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٢٨ ( عزز ).
(٢) في « ف » : + « منك ».
(٣) في « ف » : ـ « منك ». وقال في الوافي : « وذلك لأنّه عليهالسلام كان يحبّ أن يجعله في القاسم ، كما صرّح به ».
(٤) في « ه » : ـ « الإمامة ».
(٥) في البحار : ـ « ذلك ».
(٦) في « ج ، ه ، ف ، بس ، بف » : « و ».
(٧) النساء (٤) : ٥٨.
كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ ) (١) ».
قَالَ : فَقَالَ (٢) أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليهالسلام : « فَأَقْبَلْتُ عَلى رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فَقُلْتُ : قَدْ جَمَعْتَهُمْ لِي ـ بِأَبِي أَنْتَ (٣) وأُمِّي ـ فَأَيُّهُمْ هُوَ (٤)؟ فَقَالَ : هُوَ الَّذِي يَنْظُرُ بِنُورِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ، ويَسْمَعُ بِفَهْمِهِ ، ويَنْطِقُ بِحِكْمَتِهِ ، يُصِيبُ فَلَا يُخْطِئُ (٥) ، ويَعْلَمُ فَلَا يَجْهَلُ ، مُعَلَّماً حُكْماً (٦) وَعِلْماً ، هُوَ هذَا ـ وأَخَذَ (٧) بِيَدِ عَلِيٍّ ابْنِي ـ ثُمَّ قَالَ : مَا أَقَلَّ مُقَامَكَ مَعَهُ! فَإِذَا رَجَعْتَ مِنْ سَفَرِكَ فَأَوْصِ ، وأَصْلِحْ أَمْرَكَ ، وافْرُغْ مِمَّا أَرَدْتَ ؛ فَإِنَّكَ مُنْتَقِلٌ (٨) عَنْهُمْ ، ومُجَاوِرٌ غَيْرَهُمْ ، فَإِذَا أَرَدْتَ (٩) فَادْعُ عَلِيّاً فَلْيُغَسِّلْكَ ولْيُكَفِّنْكَ ؛ فَإِنَّهُ طُهْرٌ (١٠) لَكَ ، ولَا (١١) يَسْتَقِيمُ (١٢) إِلاَّ ذلِكَ (١٣) ، وَذلِكَ سُنَّةٌ قَدْ مَضَتْ ؛ فَاضْطَجِعْ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وصُفَّ إِخْوَتَهُ خَلْفَهُ (١٤) وعُمُومَتَهُ (١٥) ، ومُرْهُ
__________________
(١) البقرة (٢) : ١٤٠.
(٢) في « ب » : « وقال ».
(٣) هكذا في « ب ، ض ، بر ». وفي المطبوع وسائر النسخ : ـ « أنت ».
(٤) في « بس » : « حقّ ».
(٥) في « ض ، ف ، ه ، بح ، بس » : « ولا يخطئ ».
(٦) في « بر » : « حِكَماً ».
(٧) في « بح » : « فأخذ ».
(٨) في « ج » : « مستقلّ ».
(٩) في مرآة العقول : « ويمكن أن يقرأ : ارِدْتُ على بناء المجهول ، أي أرادك الرشيد لأن يأخذك ». وفي الوافي : « يعني إذا أردت مفارقتهم في السفر الأخير متوجّهاً من مدينة إلى بغداد ».
(١٠) في « بس » وشرح المازندراني : « ظهر ». وفي الوافي : « فإنّه طهر لك ، أي تغسيله إيّاك في حياتك طهر لك من غير حاجة إلى تغسيل آخر بعد موتك ».
(١١) في « بح » : « فلا ».
(١٢) في حاشية « بح » : + « له ».
(١٣) في مرآة العقول : « ويرد عليه أنّه ينافي ما سيأتي من أنّ الرضا عليهالسلام حضر غسل والده صلوات الله عليهما في بغداد. ويمكن أن يكون هذا لرفع شبهة من لم يطّلع على حضوره عليهالسلام ، أو يكون يلزم الأمران جميعاً في الإمام الذي يعلم أنّه يموت في بلد آخر غير بلد ولده ».
(١٤) في الوافي : « صفّ إخوته خلفه ، جملة اسميّة حاليّة ».
(١٥) في حاشية بدرالدين : « وصفّ إخوته وبني عمومته ».
فَلْيُكَبِّرْ عَلَيْكَ تِسْعاً (١) ؛ فَإِنَّهُ قَدِ اسْتَقَامَتْ وصِيَّتُهُ ، وو لِيَكَ (٢) وأَنْتَ حَيٌّ ، ثُمَّ اجْمَعْ لَهُ ولْدَكَ مِنْ بَعْدِهِمْ (٣) ، فَأَشْهِدْ عَلَيْهِمْ ، وأَشْهِدِ اللهَ عَزَّ وجَلَّ (٤) ، وكَفى بِاللهِ شَهِيداً ».
قَالَ يَزِيدُ : ثُمَّ قَالَ لِي أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليهالسلام : « إِنِّي أُؤْخَذُ فِي هذِهِ السَّنَةِ ، والْأَمْرُ هُوَ إِلَى ابْنِي عَلِيٍّ ، سَمِيِّ عَلِيٍّ (٥) وعَلِيٍّ : فَأَمَّا عَلِيٌّ (٦) الْأَوَّلُ ، فَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليهالسلام ، وأَمَّا الْآخِرُ ، فَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام ، أُعْطِيَ فَهْمَ الْأَوَّلِ وحِلْمَهُ ونَصْرَهُ وو دَّهُ ودِينَهُ (٧) ومِحْنَتَهُ (٨) وَمِحْنَةَ الْآخِرِ ، وصَبْرَهُ عَلى مَا يَكْرَهُ ، ولَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِ هَارُونَ بِأَرْبَعِ سِنِينَ ».
ثُمَّ قَالَ لِي : « يَا يَزِيدُ ، وإِذَا مَرَرْتَ بِهذَا الْمَوْضِعِ ، ولَقِيتَهُ (٩) ـ وسَتَلْقَاهُ (١٠) ـ فَبَشِّرْهُ أَنَّهُ سَيُولَدُ لَهُ غُلَامٌ أَمِينٌ مَأْمُونٌ مُبَارَكٌ ، وسَيُعْلِمُكَ (١١) أَنَّكَ قَدْ لَقِيتَنِي ، فَأَخْبِرْهُ عِنْدَ ذلِكَ أَنَّ الْجَارِيَةَ الَّتِي يَكُونُ مِنْهَا هذَا الْغُلَامُ جَارِيَةٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مَارِيَةَ جَارِيَةِ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) الظاهر أنّ المراد من التسع الخمسة التي في مذهبنا والأربعة التي في مذهب المخالف ، أو الظاهر أنّ التسعتكبيرات من خصائصهم عليهمالسلام. وقيل غير ذلك. راجع : حاشية بدرالدين ، ص ٢٠٦ ؛ شرح المازندراني ، ج ٦ ، ص ١٧٦ ؛ مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٣٥٥.
(٢) في « ب ، ج ، ه » وحاشية بدرالدين : « ووليّك ».
(٣) في « ج ، ض ، ف ، بر » والوافي ومرآة العقول : « من تعدّهم ». وقال في الوافي : « من تَعُدّهم : من تعتني بشأنهم ؛ من التعداد ». وفي شرح المازندراني : « وضبطه بعض الناظرين بضمّ الباء ، أي من كان بعيداً ، والظاهر أنّه تصحيف ». وفي مرآة العقول : « وفي بعض النسخ بالباء الموحّدة بصيغة الاسم فكأنّه بالضمّ ».
(٤) في « ه » : + « عليهم ».
(٥) « سميّ عليّ » ، أي المسمّى باسمه. تقول : هو سَمِيُّ فلان إذا وافق اسمُه اسمَه ، كما تقول : هو كَنِيُّهُ. راجع : لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٤٠٢ ( سما ).
(٦) في « ب » : ـ « عليّ ».
(٧) في الغيبة : « ذمّته ».
(٨) في « ب » : « محبّته ». وفي الإرشاد : « حلمه ونصره وورعه ووِرْدَه ودينه » بدل « حلمه ونصره ووُدّه ودينه ومحنته ». وقال الجوهري : « المِحْنَة : واحدة المِحَنْ التي يُمْتَحن بها الإنسان من بَليّة ». الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٠ ( محن ).
(٩) في « ه » : « فلقيته ».
(١٠) في « ج » : « وستلقّاه ».
(١١) في « ج » وحاشية « بح » : « وسيعلم ».
أُمِّ إِبْرَاهِيمَ ، فَإِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُبَلِّغَهَا (١) مِنِّي السَّلَامَ ، فَافْعَلْ ».
قَالَ يَزِيدُ : فَلَقِيتُ بَعْدَ مُضِيِّ أَبِي إِبْرَاهِيمَ عليهالسلام عَلِيّاً عليهالسلام ، فَبَدَأَنِي ، فَقَالَ لِي : « يَا يَزِيدُ ، مَا تَقُولُ فِي الْعُمْرَةِ؟ » فَقُلْتُ : بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي ، ذلِكَ إِلَيْكَ ، ومَا عِنْدِي نَفَقَةٌ (٢) ، فَقَالَ : « سُبْحَانَ اللهِ! مَا كُنَّا نُكَلِّفُكَ و (٣) لَانَكْفِيكَ (٤) » فَخَرَجْنَا حَتّى انْتَهَيْنَا إِلى ذلِكَ الْمَوْضِعِ ، فَابْتَدَأَنِي ، فَقَالَ : « يَا يَزِيدُ ، إِنَّ هذَا الْمَوْضِعَ كَثِيراً مَا لَقِيتَ فِيهِ جِيرَتَكَ (٥) وعُمُومَتَكَ » قُلْتُ : نَعَمْ ، ثُمَّ (٦) قَصَصْتُ عَلَيْهِ الْخَبَرَ ، فَقَالَ لِي : « أَمَّا الْجَارِيَةُ ، فَلَمْ تَجِئْ بَعْدُ ، فَإِذَا جَاءَتْ بَلَّغْتُهَا (٧) مِنْهُ السَّلَامَ » فَانْطَلَقْنَا (٨) إِلى مَكَّةَ ، فَاشْتَرَاهَا فِي تِلْكَ السَّنَةِ ، فَلَمْ تَلْبَثْ (٩) إِلاَّ قَلِيلاً حَتّى حَمَلَتْ ، فَوَلَدَتْ ذلِكَ الْغُلَامَ.
قَالَ يَزِيدُ : وكَانَ إِخْوَةُ عَلِيٍّ يَرْجُونَ أَنْ يَرِثُوهُ ، فَعَادُونِي إِخْوَتُهُ مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ ، فَقَالَ لَهُمْ إِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرٍ : واللهِ (١٠) ، لَقَدْ رَأَيْتُهُ وإِنَّهُ لَيَقْعُدُ مِنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ بِالْمَجْلِسِ الَّذِي لَا أَجْلِسُ فِيهِ أَنَا. (١١)
٨٣١ / ١٥. أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِي الْحَكَمِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجَعْفَرِيُّ وعَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ سَلِيطٍ ، قَالَ :
__________________
(١) في « ه ، بس ، بف » : « تبلغها » ، أي من الإفعال.
(٢) في « ف ، بر » : « تفقّه ».
(٣) الواو عاطفة أو حاليّة.
(٤) في مرآة العقول : « ولا تكفيك ».
(٥) في « ج » : « خيرتك ». و « الجِيرَة » : جمع الجار بمعنى المجاور. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٢٤ ( جور ).
(٦) في « ف » : « قد ».
(٧) « بلّغتُها » بصيغة المتكلّم ، ويحتمل فيه الخطاب أيضاً.
(٨) في « ف » : « فانطلقت ». و « فانطلقنا إلى مكّة » ، أي ذهبنا إليها. راجع : المصباح المنير ، ص ٣٧٦ ( طلق ).
(٩) في « ف ، بس ، بف » : « فلم يلبث ».
(١٠) في شرح المازندراني : « عمّ الرضا عليهالسلام » بدل « والله ».
(١١) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٥٢ ، بسنده عن الكليني ؛ الغيبة للطوسي ، ص ٤٠ ، ح ١٩ ، عن الكليني ، من قوله : « إنّي اؤْخذ في هذه السنة » إلى قوله : « وصبره على ما يكره ». عيون الأخبار ، ج ١ ، ص ٢٣ ، ح ٩ ، بسنده عن أبي الحكم الأرمني ، إلى قوله : « ليس له أن يتكلّم إلاّبعد موت هارون بأربع سنين » الوافي ، ج ٢ ، ص ٣٦١ ، ح ٨٤٤ ؛ البحار ، ج ٤٨ ، ص ٣١٠ ، وفيه من قوله : « قال : اخبرك يا أبا عمارة » إلى قوله : « ولكن ذلك من الله عزّ وجلّ ».
لَمَّا أَوْصى أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليهالسلام ، أَشْهَدَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْجَعْفَرِيَّ ، وإِسْحَاقَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْجَعْفَرِيَّ ، وإِسْحَاقَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وجَعْفَرَ بْنَ صَالِحٍ ، ومُعَاوِيَةَ الْجَعْفَرِيَّ ، وَيَحْيَى بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدِ (١) بْنِ عَلِيٍّ ، وسَعْدَ بْنَ عِمْرَانَ (٢) الْأَنْصَارِيَّ ، ومُحَمَّدَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيَّ ، ويَزِيدَ بْنَ سَلِيطٍ الْأَنْصَارِيَّ ، ومُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ (٣) بْنِ سَعْدٍ الْأَسْلَمِيَّ ـ وهُوَ كَاتِبُ الْوَصِيَّةِ الْأُولى (٤) ـ أَشْهَدَهُمْ أَنَّهُ « يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ ، وأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَارَيْبَ فِيهَا ، وأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ، وأَنَّ الْبَعْثَ بَعْدَ الْمَوْتِ حَقٌّ ، وأَنَّ الْوَعْدَ حَقٌّ ، وأَنَّ الْحِسَابَ حَقٌّ (٥) ، والْقَضَاءَ حَقٌّ ، وأَنَّ (٦) الْوُقُوفَ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ حَقٌّ ، وأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلىاللهعليهوآلهوسلم حَقٌّ ، وأَنَّ مَا نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ حَقٌّ ، عَلى ذلِكَ أَحْيَا ، وعَلَيْهِ أَمُوتُ ، وعَلَيْهِ أُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ ».
وَأَشْهَدَهُمْ أَنَّ « هذِهِ (٧) وصِيَّتِي بِخَطِّي ، وقَدْ نَسَخْتُ وصِيَّةَ جَدِّي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليهالسلام ، وو صِيَّةَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَبْلَ ذلِكَ ، نَسَخْتُهَا حَرْفاً بِحَرْفٍ ، وو صِيَّةَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلى (٨) مِثْلِ ذلِكَ ، وإِنِّي قَدْ أَوْصَيْتُ إِلى عَلِيٍّ ، وَبَنِيَّ (٩) بَعْدُ مَعَهُ إِنْ شَاءَ وآنَسَ (١٠)
__________________
(١) في « بس ، بف » : « يزيد ». والظاهر أنّه سهو ، ويحيى هذا هو يحيى بن الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسينالمعدود من أصحاب موسى بن جعفر عليهالسلام المذكور في كتب الأنساب ، راجع : تهذيب الأنساب ، ص ١٩٠ ؛ رجال الطوسي ، ص ٣٤٦ ، الرقم ٥١٧٠.
(٢) في « ف » : « عمّارة ».
(٣) في « ج ، ض ، ف ، بر ، بف » وحاشية « بح » والبحار : « جعد ».
(٤) في « ه » : ـ « وهو كاتب الوصيّة الاولى ».
(٥) في « ب ، بس ، بف » : ـ « حقّ ».
(٦) في الوافي : ـ « أنّ ».
(٧) في « ب » : « هذا ».
(٨) في « ج » : « بن عليّ ».
(٩) في مرآة العقول : « بَنِىَّ ، عطف على عليّ ... وقيل : « بَنِيّ » مبتدأ ، و « معه » خبر. أي هم ساكنون معه إلى الآن فيداري إن شاء يبقيهم في الدار ، وإن شاء يخرجهم منها ».
(١٠) يقال : آنس شيئاً ، أي أبصر ورأى شيئاً لم يعهده. يقال : آنستُ منه كذا ، أي علمتُ. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٧٤ ( أنس ).
مِنْهُمْ رُشْداً (١) وأَحَبَّ أَنْ يُقِرَّهُمْ (٢) ، فَذَاكَ لَهُ ، وإِنْ كَرِهَهُمْ وأَحَبَّ أَنْ يُخْرِجَهُمْ ، فَذَاكَ لَهُ ، وَلَا أَمْرَ لَهُمْ مَعَهُ.
وَأَوْصَيْتُ إِلَيْهِ بِصَدَقَاتِي وأَمْوَالِي ومَوَالِيَّ وصِبْيَانِيَ الَّذِينَ خَلَّفْتُ وو لْدِي (٣) ، وَإِلى إِبْرَاهِيمَ (٤) والْعَبَّاسِ وقَاسِمٍ وإِسْمَاعِيلَ (٥) وأَحْمَدَ وأُمِّ أَحْمَدَ (٦) ، وإِلى عَلِيٍّ أَمْرُ نِسَائِي دُونَهُمْ ، وثُلُثُ صَدَقَةِ (٧) أَبِي وثُلُثِي ، يَضَعُهُ حَيْثُ يَرى ، ويَجْعَلُ فِيهِ (٨) مَا يَجْعَلُ ذُو الْمَالِ فِي مَالِهِ (٩) ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَهَبَ أَوْ يَنْحَلَ (١٠) أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلى مَنْ سَمَّيْتُ لَهُ وعَلى غَيْرِ مَنْ سَمَّيْتُ ، فَذَاكَ (١١) لَهُ.
__________________
(١) « الرُشد » : الصلاح ، وهو خلاف الغيّ والضَلال ، وهو إصابة الحقّ. راجع : المصباح المنير ، ص ٢٢٧ ( رشد ).
(٢) في « ه » : « وأحبّ إقرارهم ». وفي « بس » : « أن يقرّ بهم ».
(٣) « ووُلْدِي » ، قال الفيض : « أي أوصيت إليه مع ولدي ، أوْ وإلى ولدي فيكون « إلى إبراهيم » بدلاً من ولديبتقدير « إلى » ، والأظهر تقديم « إلى » على « وُلْدي » وأنّه اشتبه على النسّاخ ». وقال المجلسي : « وقيل : ووُلْدي أي وسائر ولدي ، و « إلى » بمعنى حتّى ».
(٤) هكذا في « ه » والعيون. وفي أكثر النسخ والمطبوع : « إلى إبراهيم » بدون الواو. وقال المازندراني : « لعلّالمراد : أوصيت إلى إبراهيم ، فهو عطف على « إليه » بحذف العاطف ، وفي كتاب العيون : وإلى إبراهيم ، وهو الأظهر ». قال المجلسي : « وهو الأصوب ». راجع : شرح المازندراني ، ج ٦ ، ص ١٨٠ ؛ مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٣٦٠.
(٥) في « ف » : « إسماعيل وقاسم ».
(٦) في مرآة العقول : « وامّ أحمد ، عطف على صدقاتي ».
(٧) « ثُلْثُ صدقة أبي » مبتدأ ، والخبر « يضعه » ، أو عطف على « أمرُ نسائي » و « ثلثي » مبتدأ و « يضعه » خبره.
(٨) في « ف » : « فيها ». وفي حاشية « ف » : « منها ». وقوله : « يَجْعل » ، أي يصنع. يقال : جعلتُ الشيءَ ، أي صَنَعْتُهُ. راجع : المصباح المنير ، ص ١٠٢ ( جعل ).
(٩) في « ه » : + « إن أحبّ أن يغيّر بعض ما ذكرت في كتابي فذاك إليه ، وإن كره ذلك فهو إليه ، يفعل فيه ما يفعل ذوالمال في ماله ».
(١٠) « يَنْحَلَ » ، من النُحْل ، وهي العطيّة ابتداءً من غير عِوَض ولا استحقاق ، قال الراغب : النِحْلَةُ والنَحْلَةُ : عطيّة على سبيل التبرّع ، وهو أخصّ من الهبة ؛ إذ كلّ هبة نحلة وليس كلّ نحلة هبة. راجع : المفردات للراغب ، ص ٧٩٥ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٩ ( نحل ).
(١١) في « بس » وحاشية « بح » : « فذلك ».
وَهُوَ أَنَا فِي وصِيَّتِي فِي مَالِي وفِي أَهْلِي وو لْدِي ، وإِنْ يَرى (١) أَنْ يُقِرَّ إِخْوَتَهُ ـ الَّذِينَ سَمَّيْتُهُمْ فِي (٢) كِتَابِي هذَا ـ أَقَرَّهُمْ ؛ وإِنْ كَرِهَ ، فَلَهُ أَنْ يُخْرِجَهُمْ غَيْرَ مُثَرَّبٍ (٣) عَلَيْهِ وَلَامَرْدُودٍ ؛ فَإِنْ آنَسَ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي فَارَقْتُهُمْ (٤) عَلَيْهِ ، فَأَحَبَّ أَنْ يَرُدَّهُمْ فِي ولَايَةٍ (٥) ، فَذَاكَ لَهُ ؛ وإِنْ أَرَادَ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يُزَوِّجَ أُخْتَهُ ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا إِلاَّ بِإِذْنِهِ وأَمْرِهِ ، فَإِنَّهُ أَعْرَفُ بِمَنَاكِحِ قَوْمِهِ.
وَأَيُّ سُلْطَانٍ أَوْ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ كَفَّهُ (٦) عَنْ شَيْءٍ ، أَوْ حَالَ بَيْنَهُ وبَيْنَ شَيْءٍ ـ مِمَّا ذَكَرْتُ فِي كِتَابِي هذَا ـ أَوْ أَحَدٍ (٧) مِمَّنْ ذَكَرْتُ (٨) ، فَهُوَ مِنَ اللهِ ومِنْ (٩) رَسُولِهِ بَرِيءٌ ، واللهُ وَرَسُولُهُ مِنْهُ بُرَآءُ (١٠) ، وعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وغَضَبُهُ ، ولَعْنَةُ اللاَّعِنِينَ والْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالنَّبِيِّينَ والْمُرْسَلِينَ وجَمَاعَةِ الْمُؤْمِنِينَ ، ولَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ السَّلَاطِينِ أَنْ يَكُفَّهُ (١١)
__________________
(١) في « ف ، ه ، بح ، بف » وحاشية « ج » والوافي ومرآة العقول والبحار : « رأى ».
(٢) في « ف ، ه » وحاشية « ض » والوافي : + « صدر ».
(٣) في « بس ، بف » : « مثرب ». أي من الإفعال. وقوله : « غير مُثرَّب عليه » ، من التثريب ، وهو كالتأنيب والتعيير والاستقصاء في اللَوْم. قال الأصمعي : ثَرَّبْتُ عليه وعَرَّبْتُ عليه بمعنى ، إذا قبّحتَ عليه فِعْلَه. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٩٢ ( ثرب ).
(٤) في مرآة العقول : « وربّما يقرأ : فارَقَتْهُمْ بصيغة الغائبة ، بأن يكون الضمير المستتر راجعاً إلى المعيشة منالصدقة ».
(٥) « الوِلاية » و « الوَلاية » نحوُ الدِلالة والدَلالة ، وحقيقته تولّي الأمر. المفردات للراغب ، ص ٨٨٥ ( ولى ).
(٦) في « ه » وحاشية « ف » والعيون : « كشفه ». وفي شرح المازندراني : « وفي كتاب العيون وفي بعض نسخ هذا الكتاب : كشفه عن شيء ، بالشين المعجمة ، ولعلّ المراد كشف العيوب في تصرّفاته ، وأمّا بالسين المهملة بمعنى القطع فالظاهر أنّه تصحيف ».
(٧) في « بر » : « أخذ ».
(٨) في « ف » : ـ « أو أحد ممّن ذكرت ».
(٩) في البحار : ـ « من ».
(١٠) هكذا في « ض ، بر » وشرح المازندراني. وفي المطبوع : « بِراء » وهو أيضاً جمع بريء. وفي العيون : « بريئان ». وفي مرآة العقول : « وفي نسخ الكتاب ... بَرآء ، بفتح الباء والراء والمدّ. قال في القاموس : أنا برآءُ منه ، لا يثنّى ولا يجمع ولا يؤنَّث ». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٩٦ ( برأ ).
(١١) في « ه » : « أن يكشفوا ». وفي شرح المازندراني : « وفي بعض النسخ : أن يكشفه بالشين المعجمة بدلَ أنيكفّه ».
عَنْ شَيْءٍ ، ولَيْسَ لِي عِنْدَهُ تَبِعَةٌ ولَاتِبَاعَةٌ (١) ، ولَالِأَحَدٍ مِنْ ولْدِي لَهُ (٢) قِبَلِي مَالٌ ؛ وَهُوَ (٣) مُصَدَّقٌ فِيمَا ذَكَرَ ، فَإِنْ أَقَلَّ (٤) فَهُوَ أَعْلَمُ ؛ وإِنْ أَكْثَرَ فَهُوَ الصَّادِقُ (٥) كَذلِكَ.
وَإِنَّمَا أَرَدْتُ بِإِدْخَالِ الَّذِينَ أَدْخَلْتُهُمْ (٦) مَعَهُ مِنْ ولْدِي التَّنْوِيهَ (٧) بِأَسْمَائِهِمْ ، وَالتَّشْرِيفَ لَهُمْ ؛ وأُمَّهَاتُ أَوْلَادِي مَنْ أَقَامَتْ (٨) مِنْهُنَّ فِي مَنْزِلِهَا وحِجَابِهَا ، فَلَهَا مَا كَانَ يَجْرِي عَلَيْهَا فِي حَيَاتِي إِنْ رَأى ذلِكَ ، ومَنْ خَرَجَتْ مِنْهُنَّ إِلى زَوْجٍ ، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلى (٩) مَحْوَايَ (١٠) إِلاَّ أَنْ يَرى عَلِيٌّ غَيْرَ ذلِكَ ، وبَنَاتِي بِمِثْلِ ذلِكَ ، ولَايُزَوِّجُ بَنَاتِي أَحَدٌ مِنْ إِخْوَتِهِنَّ مِنْ أُمَّهَاتِهِنَّ ولَاسُلْطَانٌ ولَاعَمٌّ إِلاَّ بِرَأْيِهِ ومَشُورَتِهِ (١١) ، فَإِنْ فَعَلُوا غَيْرَ ذلِكَ ، فَقَدْ خَالَفُوا اللهَ ورَسُولَهُ ، وجَاهَدُوهُ فِي مُلْكِهِ ، وهُوَ أَعْرَفُ بِمَنَاكِحِ قَوْمِهِ ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ زَوَّجَ ، وإِنْ أَرَادَ أَنْ يَتْرُكَ تَرَكَ.
__________________
(١) « التَبِعَةُ » و « التِباعةُ » : اسم الشيء الذي لك فيه بُغْيَة شِبه ظُلامة ونحو ذلك ، أو هما ما اتّبعتَ به صاحبَك منظُلامة ونحوها ، أو ما يتبع المالَ من نوائب الحقوق ، وهو من تَبِعْتُ الرجلَ بحقّي. فهما بمعنى واحد. نعم نقل المجلسي عن بعضٍ الفرقَ بأنّ التَبِعَةَ ما تطلبه من غيرك من حقّ تريد أن تستوفيه منه. والتِباعَة : الحقّ الذي لك على غيرك ولا تريد أن تستوفيه منه. ثمّ قال : « والتَباعَةُ بالفتح مصدر تبعه إذا مشى خلفه ، وهو مناسب ». راجع : لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٣٠ ( تبع ).
(٢) في « بر » وشرح المازندراني والوافي : « وله ».
(٣) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، ه ، و، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي والبحار. وفي المطبوع : « فهو ».
(٤) « أقلَّ » ، أي أظهر المال قليلاً ، أو أعطى حَقَّهم قليلاً ، من قولهم : أقلّه وأقلّ منه ، أي جعله قليلاً وصادفه قليلاً ، وأقلّ : أتى بقليل. وكذلك أكْثَرَ. راجع : لسان العرب ، ج ٥ ، ص ١٣٢ ( كثر ) ؛ وج ١١ ، ص ٥٦٣ ( قلل ).
(٥) في « ب » : ـ « الصادق ». (٦) في « ف ، ه ، بر » وحاشية « بح » والبحار : «أدخلت».
(٧) قال الجوهري : « نَوَّهْتُهُ تنويهاً ، إذا رفعتَه. ونوّهتُ باسمه ، إذا رفعت ذكره ». الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٥٤ ( نوه ).
(٨) في « ه » : « أقام ».
(٩) « فى البحار » : ـ « إلى ».
(١٠) « المَحْوَى » : اسم مكان من حَوَى الشيءَ يَحْويه ، أي جمعه وضمّه ، مثل الحِواء وهو اسم المكان الذي يحوي الشيءَ ، أي يجمعه ويضمّه. قرأه الفيض والمجلسي : مُحَوّاي. والحِواء والمُحَوّى كلاهما جماعة بيوت الناس إذا تدانت ، وهي من الوَبَر. والجمع : الأحوِية. راجع : لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٢٠٨ ـ ٢١٠ ( حوا ).
(١١) « ومَشُورَته » أي بأمره ، من أشار عليه بأمر كذا : أمره به ، وهي الشُورى والمَشُورَة ، بضمّ الشين ، مَفْعُلَة ولاتكون مَفْعُولَة ؛ لأنّها مصدر ، والمصادر لا تجيء على مثال مفعولة ، وإن جاءت على مثال مفعول. وكذلك المَشْوَرَةُ. راجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٤٣٧ ( شور ).
وَقَدْ أَوْصَيْتُهُنَّ بِمِثْلِ مَا ذَكَرْتُ فِي (١) كِتَابِي هذَا ، وجَعَلْتُ اللهَ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ عَلَيْهِنَّ شَهِيداً ، وهُوَ وأُمُّ أَحْمَدَ (٢) ؛ ولَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَكْشِفَ وصِيَّتِي ولَايَنْشُرَهَا وهُوَ مِنْهَا (٣) عَلى غَيْرِ مَا ذَكَرْتُ وسَمَّيْتُ ؛ فَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهِ ، ومَنْ أَحْسَنَ فَلِنَفْسِهِ ، ومَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ (٤) لِلْعَبِيدِ (٥) ، وصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ و (٦) آلِهِ.
وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ سُلْطَانٍ ولَاغَيْرِهِ أَنْ يَفُضَّ (٧) كِتَابِي هذَا الَّذِي خَتَمْتُ عَلَيْهِ الْأَسْفَلَ (٨) ، فَمَنْ فَعَلَ ذلِكَ ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وغَضَبُهُ ، ولَعْنَةُ اللاَّعِنِينَ والْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ (٩) وجَمَاعَةِ الْمُرْسَلِينَ والْمُؤْمِنِينَ و (١٠) الْمُسْلِمِينَ ، وعَلى (١١) مَنْ
__________________
(١) في « ف ، ه » : « في صدر ».
(٢) هكذا في النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي ومرآة العقول. وفي المطبوع : + « [شاهدان] ».
(٣) في « ه » وحاشية « بف » : « فيها ».
(٤) في شرح المازندراني ، ج ٦ ، ص ١٨٣ : « لعلّ المراد المبالغة في نفي الظلم لا نفي المبالغة فيه ... ، ويمكن أيضاً أن يقال : كلّ صفة من صفات الواجب ـ جلّ شأنه ـ على وجه الكمال ، فلو كان الظلم صفة له كان على وجه الكمال ، وحيث لم يكن له ظلم على وجه الكمال لم يكن له ظلم أصلاً وإلاّ لزم خلاف الفرض ».
(٥) إشارة إلى الآية ٤٦ من سورة فصّلت (٤١) : ( مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ ).
(٦) هكذا في « ب ، ج ، ف ، ه ، و، بح ، بر ، بف » والوافي. وفي « ض ، بس » والمطبوع : + « على ». واحتمال صدور كلمة « على » عن المعصوم عليهالسلام لتقيّة وحذفها من ناحية النسّاخ غير بعيد.
(٧) في « ف » : « يغضّ ». وفي « بح » : « يقصّ ». وفي « بف » : « ينقض ». و « يَفُضَّ كتابي » ، أي يكسر خَتْمَه ويفتحه ، منالفَضّ بمعنى الكسر مع التفرقة. وقال المجلسي : « وقد يقرأ : يُفِضُّ ، على بناء الإفعال للتعويض ، أي يمكّن من الفضّ ». راجع : لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٢٠٧ ( فضض ).
(٨) في شرح المازندراني : « قوله : الأسفل ، بدل الكلّ من ضمير الغائب في « عليه » ، وهو جائز. أو مفعول فيهبتقدير في » ، وفي مرآة العقول : « الأسفل صفة كتابي ». وفي الوافي : « أي ختمت على مطويّة الأسفل ». وقال في كيفيّة هذا الختم في ذيل حديث آخر : « لعلّ الخواتيم كانت متفرّقة في مطاوي الكتاب بحيث نشرت طائفة من مطاويه ، انتهى النشر إلى خاتم يمنع من نشر ما بعدها من المطاوي إلاّ أن يفضّ الخاتم ». راجع : الوافي ، ج ٢ ، ص ٢٦٣ ، ح ٧٤١.
(٩) في « ب ، ه » : ـ « المقرّبين ».
(١٠) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي والبحار. وفي المطبوع : « من » ، وهو مقتضى أعمّيّة المسلمين.
(١١) في « بد ، جو ، بل » : « علي ». وقرأه في الوافي : عليّ اسماً ، ثمّ قال : « يعني لا يفضّه غيره ». وعدّه المجلسي
فَضَّ (١) كِتَابِي هذَا. وكَتَبَ وخَتَمَ (٢) أَبُو إِبْرَاهِيمَ والشُّهُودُ ، وصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَ (٣) آلِهِ (٤) ».
قَالَ أَبُو الْحَكَمِ : فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجَعْفَرِيُّ (٥) ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ سَلِيطٍ ، قَالَ :
كَانَ أَبُو عِمْرَانَ الطَّلْحِيُّ قَاضِيَ الْمَدِينَةِ ، فَلَمَّا مَضى مُوسى عليهالسلام قَدَّمَهُ إِخْوَتُهُ (٦) إِلَى الطَّلْحِيِّ الْقَاضِي ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مُوسى : أَصْلَحَكَ اللهُ وأَمْتَعَ بِكَ (٧) ، إِنَّ فِي أَسْفَلِ هذَا الْكِتَابِ كَنْزاً وجَوْهَراً ، ويُرِيدُ أَنْ يَحْتَجِبَهُ ويَأْخُذَهُ دُونَنَا ، ولَمْ يَدَعْ أَبُونَا ـ رَحِمَهُ اللهُ (٨) ـ شَيْئاً إِلاَّ أَلْجَأَهُ إِلَيْهِ (٩) ، وتَرَكَنَا عَالَةً (١٠) ، ولَوْ لَا أَنِّي أَكُفُّ نَفْسِي ، لَأَخْبَرْتُكَ بِشَيْءٍ عَلى رُؤُوسِ
__________________
في مرآة العقول ممكناً. ثمّ قال : « أي هو الذي يجوز أن يفضّ كتابي هذا ». وهو بعيدٌ بقرينة « فضّ » الماضي.
(١) في « بح » : « قصّ ».
(٢) في مرآة العقول : « وكتب وختم ، هذا كلامه على سبيل الالتفات ، أو كلام يزيد ».
(٣) هكذا في « ض ، بح ، بر ، بف » والوافي. وفي سائر النسخ والمطبوع : + « على ». وصدوره لتقيّة غير بعيد.
(٤) في « ه » : + « الطيّبين ».
(٥) هكذا في حاشية « بح ، بف ». وفي « ألف ، ب ، ج ، ض ، و، بر ، بس ، بف » والمطبوع : « عبدالله بن آدم الجعفري ». وفي « ف ، بح » والوافي : « أبو عبد الله بن آدم الجعفري ».
والصواب ما أثبتناه ؛ فقد تقدّم الراوي في نفس الخبر بعنوان « عبد الله بن إبراهيم الجعفري » ، وفي الخبر السابق بعنوان « عبد الله بن إبراهيم بن عليّ بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ». وذكر في كتب الأنساب والرجال بعنوان « عبد الله بن إبراهيم بن محمّد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ». راجع : تهذيب الأنساب ، ص ٣٠٦ ؛ رجال النجاشي ، ص ٢١٦ ، الرقم ٥٦٢.
(٦) في شرح المازندراني : « قوله : قدمه إخوته ، قَدَمه يقدمه من باب نصر ، أي تقدّمه. والمراد إزعاجه إلىالقاضي ».
(٧) يقال : أمتعه الله تعالى بكذا ، أي أبقاه ليستمتع به. ويقال : أمتع الله فلاناً بفلان إمتاعاً ، أي أبقاه ليستمتع به فيمايحبّ من الانتفاع به والسرور بمكانه. وكذا متّعه. راجع : لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٣٣١ ( متع ).
(٨) في « ف » : + « الرحيم ».
(٩) « ألجأه إليه » ، أي أسنده إليه وجعله له. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٧١ ( لجأ ).
(١٠) « العالة » : جمع العائل ، وهو الفقير ، أو كثير العيال. راجع : لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٤٨٢ ( عول ).
الْمَلَا (١) ، فَوَثَبَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، فَقَالَ : إِذاً (٢) واللهِ تُخْبِرُ (٣) بِمَا لَانَقْبَلُهُ مِنْكَ ولَا نُصَدِّقُكَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ تَكُونُ عِنْدَنَا مَلُوماً مَدْحُوراً (٤) ؛ نَعْرِفُكَ بِالْكَذِبِ صَغِيراً وكَبِيراً ، وكَانَ أَبُوكَ أَعْرَفَ بِكَ لَوْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ ، (٥) وإِنْ (٦) كَانَ أَبُوكَ لَعَارِفاً بِكَ (٧) فِي الظَّاهِرِ والْبَاطِنِ ، وَمَا كَانَ لِيَأْمَنَكَ عَلى تَمْرَتَيْنِ.
ثُمَّ وثَبَ إِلَيْهِ إِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرٍ عَمُّهُ ، فَأَخَذَ بِتَلْبِيبِهِ (٨) ، فَقَالَ لَهُ (٩) : إِنَّكَ لَسَفِيهٌ ضَعِيفٌ أَحْمَقُ ، اجْمَعْ (١٠) هذَا مَعَ مَا كَانَ بِالْأَمْسِ مِنْكَ ، وأَعَانَهُ الْقَوْمُ أَجْمَعُونَ.
فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ (١١) الْقَاضِي لِعَلِيٍّ : قُمْ يَا أَبَا الْحَسَنِ ، حَسْبِي مَا لَعَنَنِي أَبُوكَ الْيَوْمَ (١٢) ،
__________________
(١) قال ابن الأثير : « المَلَأ : أشراف الناس ورؤساؤهم ، ومقدَّموهم الذين يُرْجَع إلى قولهم. وجمعه : أمْلاء ». النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٥١ ( ملأ ).
(٢) في مرآة العقول : « إذاً بالتنوين ، أي حين تخبر بشيء. وهي من نواصب المضارع. ويجوز الفصل بينها وبين منصوبها بالقسم. وتخبر منصوب بها ». واتّفقت النسخ على تنوين « إذاً ».
(٣) في حاشية « بف » والوافي : « تخبرنا ».
(٤) « المدحور » : المطرود من الدُحُور بمعنى الطرد والإبعاد. وقال ابن الأثير : « الدَحْرُ : الدفع بعُنف على سبيلالإهانة والإذلال ». راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦٥٥ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ١٠٣ ( دحر ).
(٥) هكذا في « ج ، ض ، بس » والبحار. وفي سائر النسخ والمطبوع : « خيراً » ، وهو كما ترى.
(٦) في « بر ، و » : « وأن ». وفي شرح المازندراني : « إن مخفّفة من المثقّلة المكسورة ويلزمها اللام ، ويجوز دخولها على كان وأخواته ».
(٧) في « ف » : « فإنّه يعرفك » بدل « وإن كان أبوك لعارفاً بك ».
(٨) قال ابن الأثير : « لَبَبْتُ الرجلَ ولَبَّبْتُهُ ، إذا جعلت في عنقه ثوباً أو غيره وجَرَرْته به. وأخذتُ بتلبيب فلان ، إذاجمعتَ عليه ثوبه الذي هو لابسه وقبضت عليه تجرّه. والتلبيب : مَجْمَع ما في موضع اللَبَب من ثياب الرجل ». النهاية ، ج ٤ ، ص ٢٢٣ ( لبب ).
(٩) في « بح » : ـ « له ».
(١٠) في شرح المازندراني : ولعلّ الهمزة للاستفهام على سبيل التوبيخ بكسر المنازعة ، والجمع بالضمّ بمعنى المجموع كالذخر بمعنى المذخور » ، وفي الوافي : « أجمع ، تأكيد » ، وفي مرآة العقول : « ويمكن أن يقرأ أجمع على صيغة المتكلّم ».
(١١) في « ب ، ه ، ف ، بف ، بس » وحاشية بدرالدين : « ابن عمران ».
(١٢) في الوافي : « لمّا رأى القاضي مكتوباً في أعلى الكتاب « لعن الله من فضّه » خاف على نفسه أن يلجئوه إلى الفضّ ، فقال : قم يا أبا الحسن ، فإنّي أخاف أن أفضّ الكتاب ، فينالني لعن أبيك وكفاني ذلك شقاءً وبُعداً ».
وَقَدْ وسَّعَ لَكَ أَبُوكَ ، ولَاوَ اللهِ ، مَا أَحَدٌ أَعْرَفَ بِالْوَلَدِ مِنْ والِدِهِ ، ولَاوَ اللهِ ، مَا كَانَ أَبُوكَ عِنْدَنَا بِمُسْتَخَفٍّ فِي عَقْلِهِ ، ولَاضَعِيفٍ فِي رَأْيِهِ.
فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِلْقَاضِي : أَصْلَحَكَ اللهُ ، فُضَّ الْخَاتَمَ واقْرَأْ مَا تَحْتَهُ ، فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ (١) : لَا أَفُضُّهُ ، حَسْبِي مَا لَعَنَنِي أَبُوكَ مُنْذُ (٢) الْيَوْمِ ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ : فَأَنَا (٣) أَفُضُّهُ ، فَقَالَ : ذَاكَ (٤) إِلَيْكَ ، فَفَضَّ الْعَبَّاسُ الْخَاتَمَ ، فَإِذَا فِيهِ إِخْرَاجُهُمْ وإِقْرَارُ عَلِيٍّ لَهَا (٥) وحْدَهُ ، وَإِدْخَالُهُ إِيَّاهُمْ فِي ولَايَةِ (٦) عَلِيٍّ إِنْ أَحَبُّوا أَوْ كَرِهُوا ، وإِخْرَاجُهُمْ مِنْ حَدِّ (٧) الصَّدَقَةِ وَغَيْرِهَا ، وكَانَ فَتْحُهُ عَلَيْهِمْ بَلَاءً وفَضِيحَةً وذِلَّةً ، ولِعَلِيٍّ عليهالسلام خِيَرَةً.
وَكَانَ فِي الْوَصِيَّةِ الَّتِي فَضَّ الْعَبَّاسُ تَحْتَ الْخَاتَمِ : هؤُلَاءِ الشُّهُودُ : إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، وإِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرٍ ، وجَعْفَرُ بْنُ صَالِحٍ ، وسَعِيدُ (٨) بْنُ عِمْرَانَ ؛ وَأَبْرَزُوا وجْهَ أُمِّ أَحْمَدَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي ، وادَّعَوْا أَنَّهَا لَيْسَتْ إِيَّاهَا حَتّى كَشَفُوا عَنْهَا وَعَرَفُوهَا ، فَقَالَتْ عِنْدَ ذلِكَ : قَدْ واللهِ ، قَالَ سَيِّدِي هذَا : إِنَّكِ سَتُؤْخَذِينَ جَبْراً ، وَتُخْرَجِينَ إِلَى الْمَجَالِسِ ؛ فَزَجَرَهَا إِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرٍ ، وقَالَ : اسْكُتِي (٩) ؛ فَإِنَّ النِّسَاءَ إِلَى الضَّعْفِ ، مَا أَظُنُّهُ قَالَ مِنْ هذَا شَيْئاً.
__________________
(١) في « ب ، ه ، بس ، بف » : « ابن عمران ».
(٢) هكذا في النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي ومرآة العقول والبحار. وفي المطبوع : ـ « منذ ».
(٣) في « ض » : « أنا ». وفي « ف » : « وأنا ».
(٤) في « ب ، ف ، بح ، بس ، بف » والوافي : « ذلك ».
(٥) في البحار : « بها ».
(٦) « الوِلاية » و « الوَلاية » : نحو الدِلالة والدَلالة. وحقيقته تولّي الأمر. أي كونه وليّاً ووالياً عليهم ، أو في كونهمتابعين له. راجع : المفردات للراغب ، ص ٨٨٥ ( ولى ) ؛ مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٣٦٦.
(٧) في « ف » : « أخذ ».
(٨) تقدّم في صدر الخبر بعنوان « سعد بن عمران الأنصاري » وأحد العنوانين محرّف من الآخر ظاهراً ، بل يمكنأن يكون كلا العنوانين محرَّفاً ويكون الصواب سعد بن أبي عمران الأنصاري المذكور في رجال الطوسي ، ص ٣٣٨ ، الرقم ٥٠٣٤. وراجع : مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٣٦٧.
(٩) في « ب ، بف » : « اسكني ».
ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً عليهالسلام الْتَفَتَ إِلَى الْعَبَّاسِ ، فَقَالَ : « يَا أَخِي ، إِنِّي (١) أَعْلَمُ أَنَّهُ (٢) إِنَّمَا حَمَلَكُمْ عَلى هذِهِ (٣) الْغَرَائِمُ (٤) والدُّيُونُ الَّتِي عَلَيْكُمْ ، فَانْطَلِقْ يَا سَعِيدُ ، فَتَعَيَّنْ لِي مَا عَلَيْهِمْ (٥) ، ثُمَّ اقْضِ عَنْهُمْ (٦) ، ولَاوَ اللهِ ، لَا أَدَعُ مُؤَاسَاتَكُمْ (٧) وبِرَّكُمْ مَا مَشَيْتُ عَلَى الْأَرْضِ ، فَقُولُوا مَا شِئْتُمْ ».
فَقَالَ الْعَبَّاسُ : مَا تُعْطِينَا إِلاَّ مِنْ فُضُولِ أَمْوَالِنَا ، ومَا لَنَا (٨) عِنْدَكَ أَكْثَرُ ، فَقَالَ : « قُولُوا مَا شِئْتُمْ ، فَالْعِرْضُ عِرْضُكُمْ (٩) ، فَإِنْ تُحْسِنُوا فَذَاكَ لَكُمْ عِنْدَ اللهِ ، وإِنْ تُسِيئُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ؛ واللهِ ، إِنَّكُمْ لَتَعْرِفُونَ أَنَّهُ مَا لِي يَوْمِي هذَا ولَدٌ ولَاوَارِثٌ غَيْرُكُمْ ، ولَئِنْ حَبَسْتُ شَيْئاً مِمَّا تَظُنُّونَ ، أَوِ ادَّخَرْتُهُ (١٠) ، فَإِنَّمَا هُوَ لَكُمْ ، ومَرْجِعُهُ إِلَيْكُمْ ، واللهِ ، مَا مَلَكْتُ مُنْذُ مَضى أَبُوكُمْ (١١) ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ شَيْئاً إِلاَّ وقَدْ سَيَّبْتُهُ (١٢) حَيْثُ رَأَيْتُمْ ».
__________________
(١) في حاشية « ج » والبحار : « أنا ». (٢) في «ب، ج، ض، بح ، بس » والوافي : ـ «أنّه».
(٣) في « ب ، ج ، بح ، بس » وشرح المازندراني والوافي والبحار : « هذا ».
(٤) « الغرائم » : جمع الغريم عند المازندراني. وهو من له الدين ، وقد يطلق على من عليه الدين. أو جمع غرامة ، وهي ما يلزم أداؤه ، عند المجلسي. راجع : شرح المازندراني ، ج ٦ ، ص ١٨٥ ؛ مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٣٦.
(٥) في شرح المازندراني : « أي اجعل ما عليهم من الديون متعيّناً معلوماً لي ، أو اجعله عليّ وفي ذمّتي بأجل ، من العينة. وفي بعض النسخ : فعيّن لي ، بدون التاء ». و « العِيْنَة » : هو أن يشتري سلعة بثمن مؤجّل ، ثمّ يبيعها بدون ذلك الثمن نقداً ؛ ليقضي دَيْناً عليه لمن قد حلّ له عليه. راجع : مجمع البحرين ، ج ٦ ، ص ٢٨٨ ( عين ).
(٦) في « ه » وحاشية « ج ، ض » والبحار : + « واقبض زكاة حقوقهم ، وخذ لهم البراءة ». وفي « ب » : + « واقبض زكاةحقوقهم ، عنهم وخذ لهم البراءة عنهم ». وفي الوافي : « لا والله » بدون الواو.
(٧) قال الجوهري : « آسَيْتُه بمالي مواساةً ، أي جعلته إسوتي فيه. وواسيتُه ، لغة ضعيفة فيه ». وقال ابن الأثير : « الاسْوَة ـ وهي بكسر الهمزة وضمّها ـ : القُدْوَة. والمواساة : المشاركة والمساهمة في المعاش والرزق. وأصلها الهمزة فقلبت واواً تخفيفاً ». راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٦٨ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٥٠ ( أسا ).
(٨) في شرح المازندراني : « ما موصولة ، أو موصوفة ، و « لنا » ظرف عامله محذوف ... ويحتمل أن يكون « مالُنا » بالرفع على الابتداء ، والواو على التقديرين إمّا للعطف أو للحال ».
(٩) في « ب ، ه ، بس ، بف » : « فالغرض غرضكم ».
(١٠) في « ف » : « اذخرته ».
(١١) في البحار : « أبوك ».
(١٢) في « ب ، ج ، بر » وحاشية « ض » : « شتّته ». وفي « ف ، بس ، بف » والوافي : « سبته » من السيب بمعنى العطاء.
فَوَثَبَ الْعَبَّاسُ ، فَقَالَ : واللهِ ، مَا هُوَ كَذلِكَ ، ومَا جَعَلَ (١) اللهُ لَكَ مِنْ رَأْيٍ عَلَيْنَا ، وَلكِنْ حَسَدُ أَبِينَا لَنَا وإِرَادَتُهُ مَا أَرَادَ مِمَّا لَايُسَوِّغُهُ اللهُ إِيَّاهُ ، ولَا إِيَّاكَ (٢) ، وإِنَّكَ لَتَعْرِفُ أَنِّي أَعْرِفُ صَفْوَانَ بْنَ يَحْيى بَيَّاعَ السَّابِرِيِّ (٣) بِالْكُوفَةِ ، ولَئِنْ سَلِمْتُ لَأُغْصِصَنَّهُ (٤) بِرِيقِهِ وأَنْتَ مَعَهُ.
فَقَالَ عَلِيٌّ (٥) عليهالسلام : « لَا حَوْلَ ولَاقُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ (٦) ، أَمَّا إِنِّي يَا إِخْوَتِي ، فَحَرِيصٌ عَلى مَسَرَّتِكُمْ (٧) ، اللهُ يَعْلَمُ ؛ اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ صَلَاحَهُمْ ، وأَنِّي بَارٌّ بِهِمْ ، واصِلٌ لَهُمْ ، رَفِيقٌ (٨) عَلَيْهِمْ ، أُعْنى (٩) بِأُمُورِهِمْ لَيْلاً ونَهَاراً ،
__________________
وفي حاشية « ج » : « شتّيته ». وقوله : « سَيَّبْتُهُ » ، أي أعطيته ، من السَيْب بمعنى العطاء. أو تركته وأطلقته ، من سيّبتُ الدابّةَ ، أي تركتها تَسيبُ وتجري حيث شاءت ، من السَيْب بمعني الجَرْي. وفي شرح المازندراني : « في بعض النسخ : وقد سبلته ؛ يعني جعلته في سبل الخير وصرفته فيها ». وقال المجلسي في مرآة العقول : « في بعض النسخ : شتّتته ، أي فرّقته ، وفي بعض النسخ : شتّيته ، بقلب الثاني من المضاعف ياء ». وراجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ١٥٠ ( سيب ).
(١) في « ب » : « ولا جعل ».
(٢) في « ف » والوافي : + « فقال العبّاس ».
(٣) « السابِريُّ » : ضرب من الثياب رقيق يُعمل بسابُور موضع بفارس. والسابِريّ أيضاً : ضرب من التمر. يقال : أجود تمر بالكوفة النِرسيان والسابِريّ. ضبطه المجلسي بضمّ الباء. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦٧٦ ؛ المغرب ، ص ٢١٥ ( سبر ) ؛ مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٣٧٠.
(٤) في « ف ، بر ، بف » والوافي : « لأغصصتُه » على صيغة المتكلّم من الماضي. ويجوز في الكلمة قراءة « لُاغِصَّنّه ». وفي الشروح : « لُاغْصِصَنَّهُ » ، من غَصَصْتُ بالماء أَغَصُّ غَصَصاً ، إذا شَرِقْتَ به ، أو وقف في حلقك فلم تكد تسيغه. فالمراد من الإغصاص بريقه : جعله بحيث لا يتمكّن من إساقة ريقه ، أي ماء فيه ؛ كنايةً عن تشديد الأمر عليه.
وقال المازندراني : « وفي بعض النسخ : لأغصصته على صيغة المتكلّم من الماضي ». راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٧٠ ( غصص ).
(٥) في « بس » : ـ « عليّ ».
(٦) في « بس » : ـ « العليّ العظيم ».
(٧) في « ه » : « مسيرتكم ». وفي « بح » : « على ما مسرّتكم ».
(٨) « رفيق » : فعيل بمعنى فاعل. وهو إمّا بالفاء من الرفق بمعنى الرأفة والتلطّف ، أو بالقاف من الرقّة بمعنىالضعف واللينة. راجع : شرح المازندراني ، ج ٦ ، ص ١٨٧.
(٩) « اعْنَى » ، أو « أَعْنِي » بمعنى أهتمّ وأعتني. يقال : عُنِيتُ بحاجتك اعْنَى بها فأنا بها مَعْنِيُّ ، وعَنَيْتُ به فأنا عانٍ ، والأوّل أكثر ، أي اهتممتُ بها واشتغلتُ. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٣١٤ ( عنا ).
فَاجْزِنِي (١) بِهِ خَيْراً ، وإِنْ كُنْتُ عَلى غَيْرِ ذلِكَ ، فَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ، فَاجْزِنِي (٢) بِهِ مَا أَنَا أَهْلُهُ ، إِنْ كَانَ شَرّاً فَشَرّاً ، وإِنْ كَانَ خَيْراً فَخَيْراً ؛ اللهُمَّ أَصْلِحْهُمْ ، وأَصْلِحْ لَهُمْ ، واخْسَأْ (٣) عَنَّا وعَنْهُمُ (٤) الشَّيْطَانَ (٥) ، وأَعِنْهُمْ عَلى طَاعَتِكَ ، وو فِّقْهُمْ لِرُشْدِكَ ؛ أَمَّا أَنَا يَا أَخِي ، فَحَرِيصٌ عَلى مَسَرَّتِكُمْ ، جَاهِدٌ (٦) عَلى صَلَاحِكُمْ ، واللهُ عَلى مَا نَقُولُ وكِيلٌ ».
فَقَالَ الْعَبَّاسُ : مَا أَعْرَفَنِي (٧) بِلِسَانِكَ! ولَيْسَ لِمِسْحَاتِكَ (٨) عِنْدِي طِينٌ. فَافْتَرَقَ الْقَوْمُ عَلى هذَا ، وصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ. (٩)
٨٣٢ / ١٦. مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وعُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ ، قَالَ :
دَخَلْتُ عَلى أَبِي الْحَسَنِ مُوسى عليهالسلام مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقْدَمَ الْعِرَاقَ بِسَنَةٍ وعَلِيٌّ ابْنُهُ جَالِسٌ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَنَظَرَ إِلَيَّ ، فَقَالَ (١٠) : « يَا مُحَمَّدُ ، أَمَا إِنَّهُ سَيَكُونُ (١١) فِي هذِهِ السَّنَةِ حَرَكَةٌ ، فَلَا تَجْزَعْ لِذلِكَ ».
__________________
(١) في « ب » : « فاجرني ».
(٢) في « ب » : « فاجرني ».
(٣) في « ه » : « واخس ». وقوله : « اخْسَأْ » ، أي اطرُدْ وأبْعِدْ. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٣١ ( خسأ ).
(٤) في « حاشية « ج » والبحار : + « شرّ ».
(٥) في « ج » : « الشياطين ».
(٦) في « بح » : « فجاهد ».
(٧) في شرح المازندراني : « قوله : ما أعرفني بلسانك ، صيغة التعجّب ، ويحتمل أن يكون « ما » نافية ، والفاعلمحذوف ، أي ما أعرفني شيء بلسانك ».
(٨) « المِسْحاة » : آلة كالمِجْرَفَة إلاّ أنّها من حديد ، من سَحَوْتُ الطين عن وجه الأرض ، إذا جَرَفْتَهُ ، أي قشرته وأزلته. وهذا مثل يقال لمن لا يؤثّر كلامه أو حيلته في غيره. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٧٣ ( سحا ).
(٩) عيون الأخبار ، ج ١ ، ص ٣٣ ، ح ١ ، بسند آخر ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٢ ، ص ٣٦٦ ، ح ٨٤٥ ؛ البحار ، ج ٤٩ ، ص ٢٢٤ ، ح ١٧.
(١٠) في « بر » والإرشاد والغيبة : « وقال ».
(١١) في الوافي : « ستكون ».
قَالَ : قُلْتُ : ومَا يَكُونُ جُعِلْتُ فِدَاكَ ؛ فَقَدْ أَقْلَقَنِي (١) مَا ذَكَرْتَ (٢)؟
فَقَالَ : « أَصِيرُ إِلَى الطَّاغِيَةِ (٣) ، أَمَا إِنَّهُ لَايَبْدَأُنِي (٤) مِنْهُ سُوءٌ (٥) ومِنَ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَهُ (٦) ».
قَالَ : قُلْتُ : ومَا يَكُونُ جُعِلْتُ فِدَاكَ (٧)؟
قَالَ : « يُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ ، ويَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ ».
قَالَ : قُلْتُ : ومَا ذَاكَ (٨) جُعِلْتُ فِدَاكَ (٩)؟
قَالَ : « مَنْ ظَلَمَ ابْنِي هذَا حَقَّهُ ، وجَحَدَ (١٠) إِمَامَتَهُ مِنْ بَعْدِي ، كَانَ كَمَنْ ظَلَمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عليهالسلام حَقَّهُ ، وجَحَدَهُ إِمَامَتَهُ بَعْدَ (١١) رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ».
قَالَ : قُلْتُ : واللهِ ، لَئِنْ مَدَّ اللهُ لِي فِي الْعُمُرِ ، لَأُسَلِّمَنَّ لَهُ حَقَّهُ ، ولَأُقِرَّنَّ لَهُ (١٢) بِإِمَامَتِهِ.
__________________
(١) « أقلقني » ، أي أزعجني وأدهشني. يقال : قلق قلقاً ، أي اضطرب. وأقلقه الهمّ وغيره : أزعجه. راجع : المصباح المنير ، ص ٥١٤ ( قلق ).
(٢) في الإرشاد والغيبة : « جعلني الله فداك فقد أقلقتني » بدل « جعلت فداك فقد أقلقني ما ذكرت ».
(٣) في حاشية « ج » : « الطاغية هذه ». وفي الإرشاد والغيبة : « إلى هذه الطاغية ». وفي الوافي : « كأنّه أراد به من كان خليفة قبل هارون وقبل الذي قبله ؛ إذ ناله السوء من قِبل هارون. وقد وقع التصريح بأنّه المهديّ في حديث أبي خالد الزبالي [ المذكور في الكافي ، كتاب الحجّة ، باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام ، ح ١٢٩١. وفيه « الزبالي » بدل « الزابلي » ] ».
(٤) في « بر » : « لا يبتدئني ». وفي مرآة العقول : « ثمّ إنّه في أكثر النسخ : يبداني ، بالنون ، أي لا يصل إليّ منه ابتداءً سوء. وفي بعض النسخ بالباء ، فيقرأ : يُبدأ على بناء المجهول. والظرف نائب مناب الفاعل. يقال : بدأه وأبدأ ، إذا فعله ابتداءً. وقيل : هو من البدوّ بمعنى الظهور ، وهو بعيد ». وفي الإرشاد : « ينداني » ، أي لايعيبني.
(٥) في حاشية « ف » : « بسوء ».
(٦) في الإرشاد : « ولا من الذي يكون من بعده ».
(٧) في الإرشاد والغيبة : « جعلني الله فداك ».
(٨) في « ض » والغيبة : « ذلك ».
(٩) في الإرشاد والغيبة : « جعلني الله فداك ».
(١٠) في « ب ، ج ، ف ، ه ، بس ، بف » والوافي والإرشاد والغيبة : « جحده ».
(١١) في « ب » : « من بعد ».
(١٢) في « ف » والإرشاد والغيبة : ـ « له ».
قَالَ : « صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ ، يَمُدُّ (١) اللهُ فِي عُمُرِكَ ، وتُسَلِّمُ (٢) لَهُ حَقَّهُ ، وتُقِرُّ لَهُ بِإِمَامَتِهِ وَإِمَامَةِ مَنْ يَكُونُ مِنْ بَعْدِهِ ».
قَالَ : قُلْتُ : ومَنْ ذَاكَ؟ قَالَ : « مُحَمَّدٌ ابْنُهُ (٣) ». قَالَ : قُلْتُ لَهُ : الرِّضَا والتَّسْلِيمُ. (٤)
٧٣ ـ بَابُ الْإِشَارَةِ والنَّصِّ عَلى أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي عليهالسلام
٨٣٣ / ١. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَبِيبٍ الزَّيَّاتِ ، قَالَ :
أَخْبَرَنِي مَنْ كَانَ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليهالسلام جَالِساً ، فَلَمَّا نَهَضُوا ، قَالَ لَهُمُ : « الْقَوْا أَبَا جَعْفَرٍ ، فَسَلِّمُوا عَلَيْهِ ، وأَحْدِثُوا (٥) بِهِ عَهْداً » فَلَمَّا نَهَضَ الْقَوْمُ ، الْتَفَتَ إِلَيَّ ، فَقَالَ : « يَرْحَمُ (٦) اللهُ الْمُفَضَّلَ ؛ إِنَّهُ كَانَ لَيَقْنَعُ بِدُونِ هذَا ». (٧)
٨٣٤ / ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلاَّدٍ ، قَالَ :
سَمِعْتُ الرِّضَا عليهالسلام ـ وذَكَرَ (٨) شَيْئاً ـ فَقَالَ : « مَا حَاجَتُكُمْ إِلى ذلِكَ؟ هذَا أَبُو جَعْفَرٍ قَدْ أَجْلَسْتُهُ مَجْلِسِي ، وصَيَّرْتُهُ مَكَانِي ».
__________________
(١) في « ه » : « مدّ ».
(٢) في « بف » : « تسلّمه ».
(٣) في الإرشاد والغيبة : « ابنه محمّد ».
(٤) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٥٢ ، بسنده عن الكليني ؛ الغيبة للطوسي ، ص ٣٢ ، ح ٨ ، عن الكليني. وفي عيون الأخبار ، ج ١ ، ص ٣٢ ، ح ٢٩ ؛ ورجال الكشّي ، ص ٥٠٨ ، ح ٩٨٢ ، بسندهما عن محمّد بن سنان ، مع اختلاف يسير وزيادة في آخره الوافي ، ج ٢ ، ص ٣٧٣ ، ح ٨٤٦.
(٥) في الإرشاد : « وأجدوا ».
(٦) في « ف » : « رحم ».
(٧) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٧٩ ، بسنده عن الكليني. وفي رجال الكشّي ، ص ٣٢٨ ، ح ٥٩٣ ، بسنده عن محمّد بن عمر بن سعيد الزيّات ، عن محمّد بن حبيب الوافي ، ج ٢ ، ص ٣٧٤ ، ح ٨٤٧.
(٨) في مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٣٧٣ : « وربّما يقرأ : ذُكِّرَ ، على بناء المجهول من التفعيل ، أي ذكر عنده أمر إمامةالأخوين ».
وَقَالَ : « إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ يَتَوَارَثُ أَصَاغِرُنَا عَنْ أَكَابِرِنَا الْقُذَّةَ (١) بِالْقُذَّةِ ». (٢)
٨٣٥ / ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، قَالَ :
دَخَلْتُ عَلى أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي عليهالسلام ، فَنَاظَرَنِي فِي أَشْيَاءَ ، ثُمَّ قَالَ لِي : « يَا أَبَا عَلِيٍّ ، ارْتَفَعَ الشَّكُ ، مَا لِأَبِي غَيْرِي ». (٣)
٨٣٦ / ٤. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيى ، عَنْ مَالِكَ بْنِ أَشْيَمَ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ بَشَّارٍ (٤) ، قَالَ :
كَتَبَ ابْنُ قِيَامَا إِلى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (٥) عليهالسلام كِتَاباً يَقُولُ فِيهِ : كَيْفَ تَكُونُ إِمَاماً ولَيْسَ
__________________
(١) « القُذّة » : واحدة القُذَذ بمعنى ريش السهم. يقال : حَذْو القَذَّة بالقذّة إذا تساويا في المقدار ، حيث تقدَّر كلّ واحدة منهما على قَدْر صاحبتها وتُقْطَعُ. يُضرب مثلاً للشيئين يستويان ولا يتفاوتان. وهي هنا إمّا منصوبة نائبةً عن المفعول المطلق ، أو بنزع الخافض ؛ أو مفعول يتوارث بحذف المضاف وإقامتها مقامه. وإمّا مرفوعة على أنّها مبتدأ والظرف خبرها ، أي القذّة يقاس ويعرف مقداره بالقذّة. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٢ ( قذذ ).
(٢) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٧٦ ، بسنده عن الكليني. بصائر الدرجات ، ص ٢٩٦ ، ح ٤ ، بسنده عن معمّر بن خلاّد ؛ الاختصاص ، ص ٢٧٩ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، وفيهما من قوله : « إنّا أهل بيت ». وراجع : ح ٦ من هذا الباب الوافي ، ج ٢ ، ص ٣٧٤ ، ح ٨٤٩.
(٣) الوافي ، ج ٢ ، ص ٣٧٥ ، ح ٨٥٠.
(٤) في « ج ، بح ، بس » والإرشاد : « الحسين بن يسار ». وفي « بر » : « الحسن بن بشار ».
هذا ، وقد ذكر الشيخ الطوسي في رجاله ، ص ٣٣٤ ، الرقم ٤٩٧٦ ، وص ٣٥٥ ، الرقم ٥٢٦٣ ، وص ٣٧٤ ، الرقم ٥٥٣٩ ، الحسين بن بشّار في أصحاب موسى بن جعفر والرضا والجواد عليهمالسلام. وورد في رجال الكشّي ، ص ٤٥٠ ، الرقم ٨٤٧ ، ذيل عنوان الحسين بن بشّار ما يدلّ على توقّفه وشكّه في إمامة عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام. كما ورد في رجال الكشّي ، ص ٥٥٣ ، الرقم ١٠٤٤ ، بسنده عن الحسين بن بشّار ، قال : استأذنت أنا والحسين بن قياما على الرضا عليهالسلام. وذكر شبه المضمون في ما نحن فيه.
فعليه ، الظاهر ممّا ذكر ، وممّا ورد في الأسناد صحّة الحسين بن بشّار.
راجع : معجم رجال الحديث ، ج ٥ ، ص ٢٠٢ ـ ٢٠٤.
(٥) هكذا في أكثر النسخ والوافي والإرشاد. وفي المطبوع وبعض النسخ : ـ « الرضا ».
لَكَ ولَدٌ؟! فَأَجَابَهُ (١) أَبُو الْحَسَنِ (٢) عليهالسلام ـ شِبْهَ (٣) الْمُغْضَبِ ـ : « وَمَا عَلَّمَكَ أَنَّهُ (٤) لَايَكُونُ لِي ولَدٌ؟ وَاللهِ ، لَاتَمْضِي الْأَيَّامُ واللَّيَالِي حَتّى يَرْزُقَنِيَ اللهُ ولَداً (٥) ذَكَراً يَفْرُقُ (٦) بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ ». (٧)
٨٣٧ / ٥. بَعْضُ أَصْحَابِنَا ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُكَيْمٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ ، قَالَ :
قَالَ لِيَ ابْنُ النَّجَاشِيِّ : مَنِ الْإِمَامُ بَعْدَ صَاحِبِكَ ؛ فَأَشْتَهِي (٨) أَنْ تَسْأَلَهُ (٩) حَتّى أَعْلَمَ؟ فَدَخَلْتُ عَلَى الرِّضَا عليهالسلام ، فَأَخْبَرْتُهُ ، قَالَ : فَقَالَ لِي : « الْإِمَامُ (١٠) ابْنِي ». ثُمَّ قَالَ (١١) : « هَلْ يَتَجَرَّأُ أَحَدٌ أَنْ يَقُولَ : ابْنِي ولَيْسَ لَهُ ولَدٌ (١٢)؟ ». (١٣)
٨٣٨ / ٦. أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلاَّدٍ ، قَالَ :
ذَكَرْنَا عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ (١٤) عليهالسلام شَيْئاً بَعْدَ مَا ولِدَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عليهالسلام ، فَقَالَ : « مَا حَاجَتُكُمْ
__________________
(١) في « ه » : « فقال له ».
(٢) هكذا في أكثر النسخ والوافي والإرشاد. وفي المطبوع وبعض النسخ : + « الرضا ».
(٣) في « ه » : « شبيه ».
(٤) في « ه » : « أن ».
(٥) في « ه » والإرشاد : ـ « ولداً ».
(٦) في مرآة العقول : « يفرق ، على بناء المعلوم ، أو المجهول من باب نصر ».
(٧) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٧٧ ، بسنده عن الكليني. وفي عيون الأخبار ، ج ٢ ، ص ٢٠٩ ، ح ١٣ ، بسند آخر ، مع اختلاف وزيادة في أوّله وآخره الوافي ، ج ٢ ، ص ٣٧ ، ح ٨٥٢.
(٨) في حاشية « بف » : « وأشتهي ». وفي الإرشاد : « فاحبّ ».
(٩) في « ه ، بف » : « أسأله ».
(١٠) في الغيبة : + « بعدي ».
(١١) في « بح » وحاشية « بر » والوافي : + « لي ».
(١٢) في حاشية « ج » والإرشاد : + « ولم يكن ولد أبو جعفر عليهالسلام ، فلم يمض الأيّام حتّى ولد عليهالسلام ».
(١٣) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٧٧ ، بسنده عن الكليني. الغيبة للطوسي ، ص ٧٢ ، ح ٧٨ بسنده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٢ ، ص ٣٧٦ ، ح ٨٥٣.
(١٤) في الوافي : + « الرضا ».