تراثنا ـ العددان [ 53 و 54 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 53 و 54 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٦

دور الشيخ الطوسي قدس‌سره

في علوم الشريعة الإسلامية

(٢)

السيد ثامر هاشم العميدي

دوره في الحديث الشريف وعلومه

الكلام عن دور الشيخ الطوسي قدس‌سره في الحديث الشريف وعلومه يقتضي التذكير بما في تاريخه.

فنقول :

في تاريخ رواية الحديث وتدوينه موقفان متعارضان ، خلاصتهما : الحظر الرسمي على تدوين الحديث وروايته من قبل السلطة الحاكمة بعد غياب الرسول الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مباشرة.

ومقاومة هذا الحظر بكل قوة وصلابة من قبل أهل البيت عليهم‌السلام وشيعتهم وجملة من الصحابة ، والعمل بجد وإخلاص على تقويضه.

وقد كتب الكثير عن هذين الموقفين ، كما ظهرت دراسات علمية قيمة حول الموضوع أشبعته بحثا وتمحيصا ، حتى صار تناوله من جديد مكررا ومملا.

٢٤١

وقبل طي صفحاته ، نود الإشارة السريعة إلى خطأ ما قد يتصور من انتهاء سلبية الموقف الحكومي الشاذ بعد عهد عمر بن عبد العزيز الأموي (ت ١٠١ ه) ، الذي أوعز ـ في فترة سلطته ـ إلى أبي بكر محمد بن عمرو ابن حزم الأنصاري الخزرجي (ت ١٢٠ ه) بكتابة الحديث خوفا من اندراسه ، لما رأى تعسف آبائه وقادته وأسلافه ، وسعيهم الجاد في محاولة انطماسه ، وذلك ببقاء سلبية الموقف الرسمي وتحكم شذوذه واستمرار أهدافه وأغراضه حتى بعد رفعه ، وبصورة جلية ، وشكل علني واضح وصريح.

وغاية ما حصل هو أن تحول الحظر العام ـ لأجل نمط معين من الأحاديث ، أو لتمرير الأخطاء الفاحشة في الإفتاء على المسلمين دون رقيب وحافظ للسنة ، لكي لا يلوح بها في وجه السلطة ويصحح أخطاءها بما عنده من حديث ، أو لكليهما معا ـ إلى حظر خاص استهدف ذلك النمط من الأحاديث بعينه.

وهكذا أصبحت النظرية السياسية في الحكم التي جاءت بها السقيفة ، وثقف الحظر عقول الناس بها مؤصلة في الحظر الخاص بتدوين ما يخدم أصولها ، ويضفي عليها الشرعية ، ويمنحها القدسية ، ويرفع من شأن قادتها إلى مستوى الاعتقاد بحجية أقوالهم! مع عدم الاكتراث بما عند أهل البيت عليهم‌السلام وشيعتهم من مدونات حديثية سبقت انفتاحهم على التدوين ، إذ لم تشهد قط فترة انقطاع تفصلها عن مصدر ومعين الحديث الثر ، كل ذلك لتشتيت مبدأ النص والتعيين ، تارة بتطويق أنصاره ، وأخرى بإخراج أخبارهم من فلك التدوين.

بينما كان المنطق والعقل السليم يفرضان على مدوني تلك الفترة أن

٢٤٢

يزهدوا في ند الحديث ويتركوه ، ويسعوا إلى الأمين الحريص على السنة المطهرة فيتبعوه ، لكنهم ـ مع الأسف ـ قلبوا المعادلة رأسا على عقب! فلم يحفظوا عن أهل بيت نبيهم إلا القليل ، بينما حفظوا عن غيرهم الشئ الكثير ، وكأنهم أمروا بذلك فاقتدوا.

لقد دونوا لأبي هريرة وحده ٥٣٧٤ حديثا ، بينما دونوا من أحاديث أمير المؤمنين عليه‌السلام ٥٣٦ حديثا فقط ، ثم ضعفوا منها ٤٨٦ حديثا ، واعترفوا بصحة ٥٠ حديثا ، وعلى هذا يكون ما سمعه الوصي من النبي صلى الله عليهما في ثلاث وعشرين سنة أقل من عشر ما سمعه أبو هريرة في ثلاث سنين!! وأين (شيخ المضيرة) من علي؟!

ودونوا لصاحبة الجمل الأدب ٢٢١٠ أحاديث ، بينما دونوا لبضعة النبي ومهجته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، ولسبطي الرحمة وإمامي الهدى الحسن والحسين عليهما‌السلام ٣٩ حديثا فقط!! منها ١٨ حديثا للزهراء عليها‌السلام ـ اعترفوا بصحة تسعها وضعفوا الباقي ـ و ١٣ حديثا للإمام الحسن عليه‌السلام ، و ٨ أحاديث للإمام الحسين عليه‌السلام (١).

وليتهم ساووا في التدوين بينهم وبين عدوهم ، ففي المعجم الكبير للطبراني أحصيت لمعاوية بن أبي سفيان ٢٥٣ حديثا مع المكرر (٢) ، هذا مع أن معاوية الباغي من مسلمة الفتح ، وفاطمة عليها‌السلام كانت ـ على حد تعبيرهم ـ راشدة مع أبيها صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عشر سنين!!

__________________

(١) ما ذكرناه من استقراءات تجده في الكثير من تراجمهم بكتب العامة ، وقد جمعها واحد من فضلائهم ، وهو الأستاذ مروان خليفات الأردني بعد ركوبه سفينة النجاة.

أنظر : كتابه وركبت السفينة الفصل الثاني من الباب الثاني بعنوان : ضياع السنة.

(٢) أنظر : المعجم الكبير ، الأحاديث من ٦٧٩ إلى ٩٣٢ فكلها من رواية الباغي.

٢٤٣

وأين الباغي الحقير من أهل الكساء وآية التطهير؟!

وهكذا تراهم قد أساؤوا أبلغ الإساءة إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حيث يشعرون أو لا يشعرون ، لأن صنيعهم هذا يعني أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أرجع أمته إلى من ضيعوا سنته ولم يحفظوا منها إلا القليل الذي لا يغني ولا يسمن من جوع!!

وبهذا يتأكد لكل منصف بأن ما يسمى بعصر الانفتاح عند العامة بعد عهد عمر بن عبد العزيز عاد انغلاقا ، وصار رفع الحظر على التدوين قيدا جديدا على تدوين الحديث ، حتى انفرط بذلك عقده ، وضاعت عليهم جواهره ، بعد هجرهم الأمين الحريص عليه وترك أخباره ، وتكذيب أنصاره ، وطمس آثاره.

وهذا هو الواقع المر الذي مارسه مدونوا تلك الفترة ـ وقد أشرنا لليسير الدال عليه ـ وكان من نتائج تدوينهم العليل ـ زيادة على ما مر ـ أن تورمت دواوينهم الحديثية بكل غث وهزيل ، وابتليت بكمه الهائل أجيال من الأمة ، ولا زالت النفوس المريضة والعقول المتحجرة ـ على ما يقوله أحد قادة الفكر الأحرار من علماء الحديث عند العامة ـ ترزح تحت وطأته وهي تحسبه أصح من الصحيح مع أن فيه من الأضغاث الباطلة التي ما أنزل الله بها من سلطان ما يحير الألباب ويدهش العقول (١).

ولعل السبب المعقول وراء بقاء ذلك الموقف الشاذ من السنة الشريفة على الرغم من سلبيته وأخطاره ، هو اختلاف المسلمين في تفسير أحداث السقيفة ، لأنهم بين مناصر لها ومخطط لنتائجها ، وهم من ظهر الحظر على

__________________

(١) وهذا الكلام هو ما صرح به الأستاذ محمود أبو رية المصري في جميع كتبه ومقالاته ، لا سيما كتابه الشهير عن أبي هريرة المعروف ب : شيخ المضيرة ، فراجع.

٢٤٤

أيديهم أول مرة ، وبين من فاجأته بأحداثها السريعة الخاطفة ، فسخر منها ونفى شرعيتها ، وهو من قاوم الحظر وقاد التدوين المباشر للحديث ودعا إليه.

ولا شك أن أنصار الأول وأتباعه من الرواة والمدونين في كل عصر وجيل إزاء ما دونه الثاني من الحديث على قسمين :

أما القسم الأول : فهم من دعاة التعصب والطائفية ، وعلامتهم أنهم لا ينظرون إلا إلى أخبارهم ، ولا يطيقون النظر إلى غيرها ، بل يطرحونها البتة من غير نقد ولا فحص ولا دراسة.

وأما القسم الثاني : فهم ينظرون إلى أخبار مخالفيهم ، ويتأملون فيها ، وهم على أصناف أربعة :

الصنف الأول : وهم ممن جهل الحقيقة ، ومنعه اعتقاده الموروث عن اعتقاد صحة أخبار من خالفه في اعتقاده ، وربما وقف موقف الشاك من صحة أخبار مخالفه التي لم تتقاطع أصلا مع بعض مبتنياته ، نتيجة للتضبيب حول تلك الأخبار.

الصنف الثاني : وهم من يرون صحة الصحيح عند مخالفهم ، ولكنهم مع هذا يجهرون بخلافه ، ويختلفون عن دعاة القسم الأول بكونهم مذعنين للصحيح عند المخالف في باطنهم ، مكابرين في ظاهرهم ، طلبا لحطام زائل ، وتوصلا إلى مقصد عاجل.

الصنف الثالث : وهم من عرف الحقيقة عند غيره ، ولم يجادل فيها ، أو يظهر خلافها ، ولكنه ـ مع ذلك ـ لم يجهر بها خوفا وهلعا ، فتراه قد ستر أمره ، ولم يبد صفحته لقومه.

ولا يخفى أن هذه الأصناف الثلاثة سواء كانوا رواة أو مدونين ،

٢٤٥

لا يتوقع منهم رواية الحديث الإمامي ، أو تدوينه ، لما مر من أحوالهم.

الصنف الرابع : وهم الذين لم يكبلوا أنفسهم بمذهب في الرواية ، أو التدوين ، فهم زيادة على ما يروون في تأييد آرائهم في اعتقادهم وأحكامهم ، يروون أيضا ما خالفها وناقضها إذا ما اطمأنوا إليه ، وكذلك حال المدونين منهم ، (وقليل ما هم) (١).

وهذا الصنف الأخير يعد السبب المباشر في وجود بعض الأخبار المؤيدة للشيعة الإمامية في عقائدهم وأحكامهم في مصنفات الحديث العامية ، نظير الأخبار المصرحة بخلافة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وأنه أفضل الخلق بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأن أهل البيت عليهم‌السلام ، هم الأئمة المنصوص عليهم ، ونحو ذلك من الأخبار التي لم تلق في فضاء الأصناف المتقدمة غير الآذان الصم.

وهذا الصنف ينبغي أن لا يكون موضع تهمة بخصوص ما رواه مخالفا لعقيدته إذا ما صحت نسبته إليه ، لما مر من أنه منصف في رواية ما له وما عليه.

ومع هذه الحقيقة ، فإنك إذا ما رجعت إلى تراجم رواة الصنف الأخير عند العامة ، تشعر وكأن من ترجم لهم قد أسف على وجود مروياتهم ضمن أخبار العامة ، ولهذا فقد تابعوهم بكل تضعيف وتوهين ، موحين لك أو مصرحين بتشيعهم ، مع أنك لا تجد لمعظمهم عينا ولا أثرا في معاجم رواة الشيعة ، وأما من وجد منهم فمصرح بمخالفته في المذهب ، ومن هنا وصلت الأحاديث الصحيحة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في كتب العامة إلى

__________________

(١) سورة ص ٣٨ : ٢٤.

٢٤٦

خمسين حديثا من مجموع ما دونوه عنه عليه‌السلام.

ويبدو أن هذا الصنف نفسه لم تمنعه عاميته من استماع أحاديث أهل البيت عليهم‌السلام وروايتها عنهم مباشرة ، أو بالواسطة.

ويدل عليه وجود مروياتهم عن أهل البيت عليهم‌السلام كما في كتب شيعتهم وهي كثيرا ما تكون سببا لاختلاف الروايات وتناقضها في مدونات الشيعة ، وذلك لموضع التقية فيها ، أو الاتقاء.

تقية منهم ، لخوف الضرر المحتمل من وصول الخبر إلى المخالفين ، لكون الراوي منهم ، وفيهم من فيهم.

أو اتقاء عليهم ، بمعنى الخوف عليهم من لحوق الضرر بهم لعلم المخالف بقربهم من الأئمة الأطهار عليهم‌السلام.

ومن هنا كان مرد الكثير من الأخبار المختلفة في التراث الإمامي إلى تلك النكتة ، على أن هذا النمط من الاختلاف والتعارض لم يترك سدى ، وهو ما اضطلع الشيخ الطوسي قدس‌سره بإزالته وبيان وجهه ، وقضى بذلك على ما يثيره بعض من عرفت تاريخ الحديث عنده ، من شبهة اختلاف وتضاد أحاديث أهل البيت عليهم‌السلام ، حتى أسفرت جهود الشيخ في باب تعارض الخبرين واختلافهما عن دور عظيم في دراية الحديث فضلا عن روايته وتدوينه.

نعم ، واصل الشيخ الطوسي قدس‌سره السير الحثيث على الطريق الحديثي الواسع الذي شقه عميد أهل البيت عليهم‌السلام في جفره المشهور ، وصحيفته المعروفة ، وكتابه الموسوم ب : كتاب علي عليه‌السلام ، وتابعه على ذلك أولاده الأطهار عليهم‌السلام ، وكذلك حملة علومهم قبل زمان شيخ الطائفة بنحو أربعة

٢٤٧

قرون (١).

فالشيخ إذا لم يتعامل مع تراث حديثي مفصول عن معينه ، أو غض طري لا تعرف أصوله ودواوينه ، بل مع مدونات حديثية بلغت في الكثرة إلى زمان الإمام العسكري عليه‌السلام (ت ٢٦٠ ه) أكثر من ستة آلاف وستمائة كتاب في ما أحصاها الشيخ الحر العاملي (٢) ، وكان من جملتها الأصول الأربعمائة المشهورة ـ عند الشيخ يوم ذاك ـ شهرة كتبه الكثيرة في زماننا ، وقد أورد الشيخ نفسه الكثير من أسمائها وأسماء مؤلفيها في كتابه الفهرست.

ولضخامة ذلك التراث ، وطول امتداد عصر النص عند الإمامية ، وما رافق ذلك الامتداد من ظروف قاسية أوجبت على أهل البيت عليهم‌السلام الحفاظ على قيم الإسلام ومبادئه ببقاء مهجهم الشريفة ، مع اختلاف رواة الحديث إليهم ، وتباين الرواة في عقائدهم وأفكارهم ، وتعدد مذاهبهم وفرقهم ، وتفاوت ضبطهم ووثاقتهم ، ووجود المغرضين والمنافقين والكذابين بينهم ، كانت مهمة من سبق الشيخ إلى تصفية ذلك التراث وتنقيته شاقة وعسيرة ، اضطلع بها جيل من الفقهاء وعلماء الرجال ، حتى وصل الأمر إلى ثقة الإسلام الكليني ، والشيخ الصدوق من بعده وكلاهما من الفقهاء والمحدثين وعلماء الرجال ، وكذلك نظرائهم من القميين كالمحدث والفقيه الرجالي ، الشديد في التضعيف والتوثيق ، الشيخ محمد بن الحسن بن الوليد القمي.

__________________

(١) راجع : بحثنا المنشور في تراثنا العددان ٤٧ ـ ٤٨ السنة الثانية عشرة / رجب ـ ذو الحجة ١٤١٧ ه ، بعنوان : «تاريخ الحديث وعلومه» ، فقد أوردنا فيه مراحل تدوين الحديث عند الشيعة الإمامية ، ابتداء من عصر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وانتهاء بعصر الشيخ الطوسي قدس‌سره.

(٢) كما في خاتمة وسائل الشيعة ٣٠ / ١٦٥ ، الفائدة الرابعة من الخاتمة.

٢٤٨

ولقد جاءت محاولات الجميع في غربلة ذلك التراث بنتائج طيبة إذ أبعدوا الحديث الموضوع والمكذوب على أهل البيت عليهم‌السلام ، واقتصروا على تدوين الحديث الصحيح أو ما رأوه قريبا من الصحة ، يساعدهم على ذلك تضلعهم في علمي الحديث والرجال ، مع تراكم الأعمال الرجالية السابقة ووصولها إليهم ، وهو ما عبر عنه الشيخ الطوسي نفسه ، بقوله :

«إنا وجدنا الطائفة ميزت الرجال الناقلة لهذه الأخبار ، ووثقت الثقات منهم ، وضعفت الضعفاء ، وفرقوا بين من يعتمد على حديثه وروايته ، ومن لا يعتمد على خبره ، ومدحوا الممدوح منهم ، وذموا المذموم ، وقالوا : فلان متهم في حديثه ، وفلان كذاب ، وفلان مخلط ، وفلان مخالف في المذهب والاعتقاد ، وفلان واقفي ، وفلان فطحي ، وغير ذلك من الطعون التي ذكروها ، وصنفوا في ذلك الكتب» (١).

ويظهر من تعامل الشيخ مع الأخبار في كتابيه العظيمين : التهذيب ، والاستبصار ، أن الجهود السابقة لم تنصب بشكل مباشر إلا على فرز الحديث المكذوب عن غيره ، وأنه لم يتحقق اشتغالهم برفع الاختلاف وحل التناقض بين الأخبار ، ولا إهمال الشاذ النادر ، ولكنهم أفردوه بأبواب خاصة ، تشعر بشذوذه وندرته ، كما أنهم لم يهملوا الضعيف بالإرسال أو الانقطاع ونحو ذلك في مدوناتهم ، بل أوردوه مع المسند من قبيل الشواهد والمتابعات ، وإن كان ظاهر الكافي والفقيه الاحتجاج به عند عدم المعارض مع وجود ما يدل على صدقه.

نعم ، كانت جل عنايتهم ما ذكرناه مع إهمال ما سواه ، اللهم ، إلا إذا

__________________

(١) العدة في أصول الفقه ـ للشيخ الطوسي ـ

١ / ١٤١ ، من الطبعة المحققة.

٢٤٩

استثنينا بعض ممارساتهم العلمية التي برز بها القميون خاصة ، كما نجدها أيضا عند الشيخ الصدوق في علاج بعض الأخبار المتعارضة وبيان وجهها في كتابه الفقيه (١) ، مع أنه مصنف لغرض الإفتاء على طبق النصوص ، وهذا يعني عدم الحاجة إلى تتبع موارد الاختلاف والتضاد والاكتفاء بما يراه صحيحا فقط.

ومن هنا اضطلع الشيخ الطوسي بتهذيب ما تركوه ، فقفز الحديث على يديه إلى مستوى طموحه في التجديد ، وقابليته الفذة على الإبداع في بحوث العلوم الشرعية بأسرها ، من تفسير وحديث وفقه وأصول وغيرها.

أما التفسير ، فقد مر دوره فيه في الحلقة السابقة ، وقد اتضح هناك كيف تهيأت للتفسير وعلى يديه وسائل النهوض والارتقاء به حتى وصل إلى رتبة عالية من النضج والكمال.

وأما الحديث ، فالحديث عنه في فصول :

__________________

(١) وقد بينا نماذج كثيرة من الأخبار المختلفة مع موقف الشيخ الصدوق منها في البحث المنشور في مجلة علوم الحديث العدد ٢ السنة الأولى ، بعنوان : «مع الصدوق وكتابه الفقيه».

٢٥٠

الفصل الأول

لمحات في التراث الحديثي للشيخ الطوسي

في تراث الشيخ الطوسي ـ البالغ أكثر من خمسين مصنفا ـ مجموعة كبيرة جدا من الأحاديث الشريفة ، ولو قدر لها أن تجمع في كتاب واحد بعد تصنيفها موضوعيا وتحقيقها علميا ، لأصبحت بأيدينا موسوعة حديثية عظيمة تزيد على الوسائل حجما ، ويدرك من خلالها بيسر وسهولة طاقات الشيخ الطوسي وإسهاماته الجادة في تغذية سائر العلوم الإسلامية بالحديث الشريف ، زيادة على ما تسديه من خدمة جليلة وبالغة في الدراسات الحديثية.

ومن تتبعنا لما ذكره من الأحاديث الشريفة في سائر مصنفاته المطبوعة ، وجدناها كالآتي :

١ ـ الأحاديث التفسيرية ، وهي كثيرة جدا ، اتصفت بروح المقارنة ، وربما وصلت بمجموعها عدد أحاديث كتابه التهذيب.

٢ ـ الأحاديث الخاصة بالعقائد الإسلامية.

٣ ـ الأحاديث الواردة في دراية الحديث وروايته.

٤ ـ الأحاديث الخاصة بعلم الرجال ، وهي المروية عن أئمة أهل البيت عليهم‌السلام في تشخيص أصحابهم الفقهاء العدول والثقات ، وأعدائهم من النواصب والكذابين والغلاة.

٥ ـ الأحاديث المستفادة في علم الأصول.

٦ ـ الأحاديث الخاصة في الفلسفة والكلام.

٢٥١

٧ ـ أحاديث الأذكار والأدعية.

٨ ـ الأحاديث الأخلاقية.

٩ ـ أحاديث الوعظ والإرشاد.

١٠ ـ الأحاديث الخاصة بحياة أهل البيت عليهم‌السلام وتاريخهم.

١١ ـ الأحاديث الخاصة بوقائع وأحداث التاريخ الإسلامي ، سواء في العهد النبوي أو في عهد الصحابة.

هذا فضلا عما صنفه من كتب خاصة في أحاديث الأحكام ، وقد أخذت تلك الأحاديث حيزا كبيرا في مؤلفاته ورسائله الفقهية أيضا.

وأما عن مصنفات الشيخ التي يمكن أن تكون أساسا لمعرفة هذه الأصناف ، فهي : التهذيب ، والاستبصار ، والأمالي ، والغيبة ، والخلاف ، ومصباح المتهجد ، والتبيان ، وتلخيص الشافي ، والعدة في أصول الفقه.

كما يمكن الاستفادة أيضا من كتبه الأخرى ورسائله المتعددة لاشتمالها على جملة من الأحاديث ، كالمسائل الكلامية ، والاعتقادات ، والمسائل الحائرية ، ورسالة في تحريم الفقاع ، وغيرها.

ولما لم يكن الهدف من هذا البحث هو دراسة تلك الأصناف لتوزيعها من قبل الشيخ على علوم الشريعة التي سيأتي بيان دوره فيها ، لذا سنقتصر على ما صنفه في الحديث خاصة ، لأجل بيان دوره فيه ، وإن كان استجلاء ذلك الدور خليقا بتتبع ودراسة سائر موارده المبثوثة في دراسات الشيخ الطوسي وبحوثه ، وهو ما قد نكتفي بالإشارة السريعة إليه في هذه الدراسة.

وعلى أية حال ، فإن الشيخ قدس‌سره قد صنف في الحديث الشريف كتبا أربعة اشتملت على أكثر من خمسة عشر ألف حديث ، وهي :

٢٥٢

١ ـ تهذيب الأحكام.

٢ ـ الإستبصار في ما اختلف من الأخبار.

٣ ـ الغيبة.

٤ ـ الأمالي ، أو المجالس في الأخبار.

وسوف نذكر تعريفا موجزا بهذه الكتب ، وعلى النحو الآتي :

أما «التهذيب» :

فهو ثالث الأصول الأربعة في الحديث عند الشيعة الإمامية ، المتواترة النسبة إلى مؤلفيها بنحو القطع ، وهو مشتمل على عدة من كتب الفقه كما صرح بذلك الشيخ نفسه في كتابه الفهرست ، إذ ترجم لنفسه ، وعد مصنفاته بقوله : «.. له مصنفات ، منها : كتاب تهذيب الأحكام وهو مشتمل على عدة كتب من كتب الفقه» (١).

ثم ذكرها ابتداء بكتاب الطهارة ، وانتهاء بكتاب الديات ، فكانت ثلاثة وعشرين كتابا ، وهي في المطبوع كذلك.

وقد أحصى العلامة النوري في كتابه خاتمة المستدرك عدة أبواب وأحاديث التهذيب ، فبلغت ٣٩٣ بابا ، و ١٣٥٩٠ حديثا (٢) ، وهناك بعض التفاوت اليسير بين هذا الإحصاء ، وبين ما في المطبوع ، وقد وقع نظيره في عدة أبواب وأحاديث الإستبصار ، كما سيأتي بيانه وتبريره في محله.

وهذا الكتاب المعبر عنه بالرمز (يب) لأجل الاختصار ، يعد أول مؤلفات الشيخ قاطبة ، لأنه أرجع في أغلب كتبه إليه ، ولم يرجع فيه إلى أي

__________________

(١) الفهرست : ١٥٩ ـ ١٦٠ رقم ٦٩٩.

(٢) خاتمة مستدرك الوسائل

٦ / ٤١٥ ، من الفائدة السادسة.

٢٥٣

منها ، كما أنه ابتدأ به عند عد مؤلفاته في الفهرست ، زيادة على أنه شرع بتأليفه في حياة أستاذه الشيخ المفيد أبان فترة تلمذته عليه كما هو ظاهر من نقل عبارات الشيخ المفيد في كتابه المقنعة مقرونة بالدعاء له والتأييد ، كما في سائر العبارات المنقولة عنه في الجزء الأول وبداية الثاني من التهذيب ، ثم بدأ بالترحم على روح شيخه المفيد قدس‌سره في باب فرض الصلاة في السفر (١) ، وهكذا إلى آخر الكتاب ، وهذا يعني وفاة الأستاذ والشيخ بعد لم يتم كتاب الصلاة.

وبما أن عمره يوم وفاة أستاذه المفيد ثمانية وعشرون عاما ـ وهو لا يكفي لأكثر من التهذيب مع التلمذة ـ ، فيعلم منه أنه شرع في تأليف التهذيب وهو دون هذا السن ، ولكن لا يعلم بالضبط في أية سنة من السنوات الخمس التي قضاها تحت رعاية الشيخ المفيد ، ولعل احتمال السنة الأولى ، أو الثانية هو الأرجح من السنوات الثلاث الأخر ، بلحاظ ما يتقدم ـ عادة ـ على التصنيف من وقت كثير لجمع مادته ، وهو غالبا ما يستنزف الجهد الكثير لتتبع المصادر ، لا سيما إذا كان مشروع البحث الحديث ، لكثرة موارده وشوارده ، فكيف لو كان الأمر متعلقا بكتاب مثل التهذيب ، الذي لم يكن مجرد شرح لمتن فقهي ، وإنما كان لأغراض وأهداف كبيرة ، لم يتصد لها أحد من علماء الشيعة قبل زمان الشيخ قط؟!

وعلى هذا يمكن القول : بأن الشيخ انطلق نحو أفق التأليف ليحلق عاليا جدا في سمائه ، وهو دون الخامسة والعشرين ، وكان التهذيب بداية الانطلاق.

__________________

(١) أنظر : تهذيب الأحكام ٢ / ١٢ باب رقم ٢ ، أول الباب.

٢٥٤

وإذا ما نظرنا إلى ما في تهذيب الأحكام من «دقائق نفيسة ، وآراء ناضجة ، وترجيحات مستقيمة ، ومحاسن لا تقدر بقيمة» (١) ، زيادة على ما فيه من لفتات الاستدلال البارعة مع التفنن بطرق الجمع والترجيح المتعددة ، وتتبع آلاف الروايات المتفقة والمختلفة ، وروايتها عن عشرات المشايخ وربط حديثهم بمصادره عبر سلاسل الرواة ، تعلم عبقرية الشيخ الطوسي وهو في هذه المرحلة المبكرة من العمر.

وغرضنا من التعرض لمثل هذه الأمور ونظائرها التي قد تبدو قليلة الأهمية في بيان دور شيخ الطائفة في الحديث وعلومه ، إنما هو لأجل اكتمال الصورة حول توجهه الكامل إلى خدمة الحديث الشريف في حياته العلمية كلها ، ابتداء من الشروع بتأليف التهذيب في سن التلمذة على يد الشيخ المفيد ، ثم الإبداع النادر في الإستبصار في عهد السيد المرتضى.

مع الالتفات إلى حاجة الأمة إلى حقيقة الإمام المهدي عليه‌السلام ، وغيبته على ضوء ما ورد فيها من أخبار قبل ولادته عليه‌السلام ، كما يتضح من تأليفه كتاب الغيبة أثناء زعامته الدينية المطلقة ببغداد ، ولم تتعبه السنوات العجاف التي ساد فيها ليل السلاجقة ، فهاجر إلى النجف ليواصل عطاؤه العلمي ، فترك لنا من الحديث ـ بعد أن قارب السبعين خريفا ـ كتابه الأمالي أو المجالس في الأخبار.

وقد كانت وراء كل هذه المؤلفات وغيرها أهداف وغايات سامية ، ففي أماليه مثلا حاول بيان وجه الحق الذي طالما حاولت بعض الجهات

__________________

(١) مقال للشيخ المظفر عن الشيخ الطوسي ، منشور في مجلة النجف العددان ٦ ـ ٧ السنة الثانية ص ٤ ، نقلناه عن كتاب الشيخ الطوسي للأستاذ الدكتور حسن عيسى علي الحكيم : ٣٤٩.

٢٥٥

المتطرفة إماتته بشتى الوسائل ، تارة بالحظر ، وأخرى بالتدوين ، ولهذا نجد فيه التركيز المستمر على بيان النص المتواتر على خلافة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وفضح محاولات الالتفات عليه بشتى الروايات.

وفي الغيبة أراد إيضاح حقيقة الفرق المخالفة وتفنيد مزاعمها بخصوص من انتحلوا له صفة المهدوية كذبا وزورا وجهلا ، مع إيضاح حقيقة الحال وبيان من هو الإمام المنقذ الذي سيملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا ، مع تأكيد غيبته عليه‌السلام بمئات الروايات المنقولة بالإسناد عن آبائه الأطهار قبل ولادته المباركة بعشرات السنين.

وفي الإستبصار رأى أن يجمع الأخبار المختلفة والمتعارضة ليبين حقيقتها وواقعها بطريقة لم يسبقه إليها سابق ولم يلحق به أو يجاره عليها ـ على طول الزمان ـ لاحق ، حتى أصبح الإستبصار فريدا في بابه ، بشهادة أهل الحديث وأربابه.

وأما التهذيب ، فقد رام فيه القضاء المبرم على الإثارات التي كانت تصدر بين حين وآخر من قبل خصوم أهل البيت عليهم‌السلام وشيعتهم بخصوص تباين أخبار الشيعة وتضادها وتناقضها ، وغلق المنافذ التي يتسلل منها الخصوم ، لا سيما بعد أن وجدت شبهاتهم في بعض النفوس المتخاذلة مكانا ، إذ لم يتعمقوا في حقيقة المذهب الحق.

ومن هنا نجد الشيخ في التهذيب قد تابع تلك الشبهات والإثارات وفندها بالدليل تلو الآخر ، ولم يكتف بذلك ، إذ وجد الطريق مناسبا للرد والنقض ، فسلكه وسار عليه بخطوات ثابتة لم تزل عن مكانها ولو مرة واحدة ، حتى جاء التهذيب بأروع ما يكون في بيان تناقض الخصم وتهافت آرائه وبطلان حججه ، وفي أماكن شتى في أبوابه ، ابتداء من مسائل

٢٥٦

الوضوء (١) ، وانتهاء بمسائل الميراث (٢).

وقد أشار الشيخ إلى غرضه هذا في مقدمة الكتاب ، ومنه يعلم غيرته العظمى على الدين ، وتزييف رأي من خالفه ، وبيان تناقضه وجهله بالأحكام.

فالتهذيب إذا مع كونه كتابا حديثيا ، إلا إنه ضم بين دفتيه دفاعا محكما عن مبتنيات أهل الحق في سائر الفروع الفقهية ، ابتداء من الطهارة وانتهاء بالديات ، وذلك بجمع أدلتها من الحديث الصحيح المسند مع تضعيف ما خالفها أو تأويله بكل دقة وتفصيل.

ومن هنا وقف فحول العلماء إزاء التهذيب والاستبصار معا موقف الإعجاب الشديد ، ولا بأس بنقل ما قاله واحد منهم ، وإن لم يكن الغرض تفصيل أقوالهم.

قال السيد بحر العلوم قدس‌سره في الفوائد الرجالية عن دور الشيخ الطوسي في الحديث : «وأما الحديث ، فإليه تشد الرحال ، وبه تبلغ غاية الآمال ، وله فيه من الكتب الأربعة ـ التي هي أعظم كتب الحديث منزلة ، وأكثرها منفعة ـ : كتاب التهذيب وكتاب الإستبصار ، ولهما المزية الظاهرة باستقصاء ما يتعلق بالفروع من الأخبار ، خصوصا التهذيب ، فإنه كاف (٣) للفقيه في ما يبتغيه من روايات الأحكام مغنيا عما سواه في الغالب ، ولا يغني عنه غيره

__________________

(١) أنظر : ما قاله الشيخ في التهذيب ١ / ٥٢ ـ ١٠٣ باب ٤ في صفة الوضوء.

(٢) أنظر كذلك : ما بينه من تناقضهم في إبطال العول والعصبة في التهذيب ٩ / ٢٤٧ ـ ٢٦٨ باب ٢١.

(٣) في الأصل : «كان» ، والتصويب من العلامة النوري في خاتمة المستدرك ٦ / ١٣ من الفائدة السادسة ، والسيد حسن الخرسان في مقدمة تحقيقه لكتاب التهذيب ١ / ٤٦ ، فلاحظ.

٢٥٧

في هذا المرام ، مضافا إلى ما اشتمل عليه الكتابان من الفقه والاستدلال ، والتنبيه على الأصول والرجال ، والتوفيق بين الأخبار ، والجمع بينها بشاهد النقل أو الاعتبار» (١).

ومن هنا اعتمد التهذيب بشكل مباشر فطاحل الفقهاء ، قال السيد محسن الأمين العاملي عن هذه الظاهرة : «وكفى أن العلامة الحلي جعله موضع اعتماده وحده في نقل الأحاديث في كتاب التذكرة إلا ما شذ» (٢).

__________________

(١) الفوائد الرجالية ٣ / ٢٢٩.

(٢) أعيان الشيعة ٩ / ١٦١.

٢٥٨

طريقة الشيخ في التعامل مع الأخبار في

كتاب «التهذيب»

لأجل معرفة دور الشيخ في الحديث الشريف وعلومه من خلال هذه اللمحات في تراثه الحديثي فضلا عما سيأتي في فصول البحث اللاحقة ، كان من الضروري الوقوف على الطريقة التي سلكها في هذا الكتاب ، الذي جعله شرحا لكتاب المقنعة في الفقه لأستاذه الشيخ المفيد ، والكيفية التي تعامل بها مع ما جمعه فيه من الأخبار الكثيرة ، وذلك بحسب الخطوات التالية :

١ ـ الاقتصار على إيراد شرح ما تضمنه كتاب المقنعة من المسائل الفقهية ، باعتبار أنه شاف كاف في بابه مع خلوه من الحشو والإطالة.

٢ ـ ترك ما ورد في أول المقنعة من المباحث الاعتقادية ، كالتوحيد والعدل والنبوة والإمامة ، والدخول بكتاب الطهارة مباشرة ، تحقيقا لغرضه المذكور سابقا وهو رفع التضاد والاختلاف والتباين الحاصل في جملة من أحاديث الفروع ، وأما بالنسبة إلى الأصول فهو لا يحتاج إليها أصلا لثبوت أدلتها على نحو التواتر.

٣ ـ أن يعنون أبواب التهذيب وفق ما عنونه الشيخ المفيد من أبواب في المقنعة.

٤ ـ أن يورد مسائل المقنعة مسألة بعد أخرى.

٥ ـ أن يستدل على كل مسألة بالظواهر والأدلة المفضية إلى العلم ، كالآتي :

٢٥٩

أ ـ الاستدلال بالقرآن الكريم ، ويكون من وجوه خمسة ، هي :

١ ـ من ظاهره.

٢ ـ أو صريحه.

٣ ـ أو فحواه.

٤ ـ أو دليله.

٥ ـ أو معناه.

ب ـ الاستدلال بالسنة المطهرة المقطوع بها ، ويكون من وجهين ، هما :

١ ـ من الأخبار المتواترة.

٢ ـ أو المقترنة بالقرائن الدالة على صحتها.

ج ـ الاستدلال بالإجماع ، ويكون من وجهين :

١ ـ إما بإجماع المسلمين.

٢ ـ أو بإجماع الشيعة.

وهذان الوجهان يرجعان في الحقيقة إلى وجه واحد ، كما سنبينه في الحديث عن الإستبصار.

٦ ـ أن يذكر طائفة من أحاديث الإمامية المتفقة الواردة في حكم المسألة المبحوثة.

٧ ـ أن يذكر طائفة أخرى من أحاديث الإمامية المضادة أو المختلفة مع أحاديث الطائفة الأولى ، أي : إيراد المتفق من روايات الشيعة أولا ، ثم المختلف فيه ثانيا.

٨ ـ ذكر بعض الأخبار العامية الواردة في المسألة المبحوثة ذاتها مع بيان قيمة تلك الأخبار وحقيقتها.

٢٦٠