تراثنا ـ العدد [ 15 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 15 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٣٨

فهد بن إدريس المقرئ الأحسائي كما صرح به ابن أبي جمهور) (١٤).

له تآليف قيمة منها : آيات الأحكام الموسوم بالنهاية.

كان معاصرا للفاضل المقداد السيوري ـ المتوفى ٨٢٦ ه ـ وهو المعني بقوله في هذا الكتاب : (قال المعاصر) (١٥) وبالعكس.

أعيان الشيعة ٣ / ١١ ، الذريعة ١ / ٤٢ و ٢٤ / ٤٠٢ رقم ٢١٣٧ ، طبقات أعلام الشيعة ـ القرن الثامن ـ : ٧ ، ريحانة الأدب ٨ / ١٩٤.

(٥)

منهاج الهداية

للشيخ أبي الناصر جمال الدين أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسن بن المتوج البحراني ، المعروف بابن المتوج ، المتوفى سنة ٨٢٠ ه ، على ما يظهر من كتابه (الناسخ والمنسوخ) بخط ولده الناصر الحفظة المشهور (١٦).

يروي عن فخر المحققين ابن العلامة الحلي ، وكان من أجل تلامذته ، وعن غيره من علماء الحلة.

ويروي عنه : أحمد بن فهد الحلي ـ صاحب (المهذب البارع) ، و (شرح الإرشاد) و (عدة الداعي) ـ ، والشيخ فخر الدين أحمد بن محمد بن رفاعة السبعي ، وابنه الشيخ ناصر بن أحمد وغيرهم (١٧).

تآليفه كثيرة منها : آيات الأحكام الموسوم ب (منهاج الهداية).

رياض العلماء ١ / ٤٤ ، لؤلؤة البحرين : ١٧٩. كشف الحجب والأستار : ٣٢٤ رقم ١٧٦٢ ، أعيان الشيعة ٣ / ١٤ ، الذريعة ١ / ٤٢ رقم ٢١١ و ٢٣ / ١٨٠ ، طبقات أعلام الشيعة ـ القرن الثامن ـ : ٧ ، ريحانة الأدب ٨ / ١٩٥.

__________________

(١٤) أعيان الشيعة ٣ / ١١.

(١٥) أعيان الشيعة ٣ / ١٠.

(١٦) أعيان الشيعة ٣ / ١٣.

(١٧) أعيان الشيعة ٣ / ١٤.

١٦١

وهنا لا بد من التوضيح حول هذين الكتابين ومؤلفيهما ، إذ يظهر من كلام جماعة من العلماء أن أحمد بن عبد الله بن المتوج رجل واحد. ورأينا أن ما أفاده العلامة الأمين في الأعيان في هذا الشأن ما لا مزيد عليه ، فلذا نذكر قسما منه بعينه ... فيقول :

ولكن صاحب (الذريعة إلى معرفة مؤلفات الشيعة) قال : إن أحمد بن عبد الله بن المتوج اثنان :

أحدهما : الشيخ جمال الدين أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسن ابن المتوج البحراني ، الذي هو شيخ أحمد بن فهد الحلي ، والمعاصر والمصاحب للشهيد الأول ، والمؤلف لآيات الأحكام المختصر الموسوم بمنهاج الهداية ، الذي ترجمه كذلك الشيخ سليمان البحراني في رسالته في تراجم علماء البحرين.

ثانيهما : سميه ومعاصره الشيخ فخر الدين أحمد بن عبد الله بن سعيد بن المتوج ، الذي كان من مشايخ أحمد بن فهد الأحسائي ، وله كتاب النهاية في تفسير الخمسمائة آية.

وما ذكره قريب من الاعتبار لاختلاف اللقب ، فأحدهما يلقب بفخر الدين والآخر جمال الدين ، ولاختلاف النسب ، فأحدهما أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسن بن المتوج ، والثاني أحمد بن عبد الله بن سعيد بن المتوج ، ولكن لاشتراكهما في الاسم واسم الأب واسم الجد ـ وهو المتوج ـ ، وكونهما في عصر واحد ، واشتراك تلميذيهما في الاسم واسم الأب ، وقد يكونان مشتركين في بعض الأسانيد ، لذلك وقع الاشتباه بينهما وظنا رجلا واحدا ، ونسب إليه ما لكل منهما ، والله أعلم ، فراجع) (١٨).

__________________

(١٨) أعيان الشيعة ٣ / ١١.

١٦٢

(٦)

آيات الأحكام

للشيخ ناصر بن الشيخ جمال الدين أحمد بن الشيخ عبد الله بن المتوج البحراني.

ذكره في الذريعة فقال : (المذكور في أمل الآمل ، ووالده الشيخ أحمد من تلاميذ فخر المحققين ابن العلامة الحلي ، ذكر سيدنا حسن الصدر أنه رآه في مكتبات النجف).

الذريعة ١ / ٤٣ رقم ٢٢٠.

(٧)

كنز العرفان في فقه القرآن

تفسير لآيات الأحكام.

للشيخ الإمام شرف الدين أبي عبد الله مقداد بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن محمد الحلي الأسدي السيوري ، المتوفى ضحى نهار الأحد ٢٦ من شهر جمادى الآخرة سنة ٨٢٦ ه بالمشهد المقدس الغروي على مشرفه السلام.

كان من أعاظم تلامذة الشهيد الأول محمد بن مكي والرواين عنه.

ويروي عنه : شرف الدين المكي ، والحسين بن علاء الدين مظفر بن فخر الدين بن نصر الله القمي ، وتاج الدين الحسن بن راشد ـ أو الحسن بن محمد ابن راشد ـ الحلي ، ومحمد بن شجاع القطان الحلي ، وأحمد بن فهد الحلي.

كان متقنا لعلوم كثيرة ، فقيها متكلما أصوليا نحويا منطقيا ، صنف وأجاد ، وصنف في الفقه هذا الأثر الخالد (كنز العرفان في فقه القرآن) ورتبه على مقدمة وأبواب على ترتيب كتب الفقه وخاتمة (١٩).

__________________

(١٩) راجع : الضياء اللامع : ١٣٨.

١٦٣

وهذا الكتاب المشهور في الأوساط العلمية ، يقتفي فيه أثر أمين الإسلام الطبرسي في (مجمع البيان في تفسير القرآن) في نقل الأحاديث والأقوال وشأن نزول الآيات ويتعرض لآراء المذاهب الإسلامية الأخرى.

أمل الآمل ٢ / ٣٢٥ ، رياض العلماء ٥ / ٢١٦ ، روضات الجنات ٧ / ١٧١ ، لؤلؤة البحرين : ١٧٢ ، أعيان الشيعة ١ / ١٢٧ ، الذريعة ١٨ / ١٥٩ ، الضياء اللامع : ١٣٩ ، الكنى والألقاب ٣ / ١٠ ، كشف الحجب والأستار : ١٢٦ رقم ٦٠٨ ، إيضاح المكنون ٢ / ٣٨٦ ، الأعلام ـ للزركلي ـ ٧ / ٢٨٢ ، الفوائد الرضوية : ٦٦٧.

ونسخة كثيرة ، نذكر ما كتب منها إلى حدود سنة ١٠٠٠ للهجرة.

١ ـ نسخة ثمينة في خزانة كتب الأستاذ فخر الدين النصيري ، تمت كتابتها قبل وفاة المؤلف بشهرين ، بخط مقصود بن زين العابدين الحسيني المرعشي في ربيع الأول سنة ٨٢٦ ه مقروءة على المولى المحقق عبد الله التستري ، وعليها حواش بخطه الشريف.

٢ ـ نسخة في المكتبة الوطنية في تبريز ، برقم ٣٣٧٩ ، كتبها أحمد بن محمد ابن علي رضا الشعراني في النجف الأشرف في ليلة الثلاثاء ٢٧ جمادى الآخرة ٨٣٣ ه ، مذكورة في فهرسها صفحة ١١٣٦.

٣ ـ وعنها مصورة أيضا في المكتبة المركزية لجامعة طهران ، رقم الفلم ٦٢٢١ ، مذكورة في فهرسها

٣ / ٢٤٥.

٤ ـ نسخة في مكتبة الوزيري في يزد ، برقم ٦٣٤ ، تاريخ كتابتها يوم الثلاثاء ٥ صفر ٨٧٩ ه ، عليها البلاغ والمقابلة ، مذكورة في فهرسها ٢ / ٥٣٥.

٥ ـ نسخة في مكتبة المسجد الأعظم في قم ، برقم ٣٦٤ ، تاريخها سنة ٩٠٧ ه ، مذكورة في فهرسها صفحة ٣٣٥.

٦ ـ نسخة في مكتبة مجلس الشورى في طهران ، برقم ٦٢٦٧٦ ، تاريخ كتابتها يوم الخميس ١٥ جمادى الأولى ٩١٣ ه ، مذكورة في فهرسها ١٢ / ١٢٣.

٧ ـ نسخة في مكتبة آية الله المرعشي العامة في قم ، رقم ٣١٧٧ ، تاريخ

١٦٤

كتابتها ٧ ربيع الأول ٩٦٣ ه ، عليها تصحيح ، مذكورة في فهرسها ٨ / ٤٠١.

٨ ـ نسخة في مكتبة المسجد الأعظم في قم ، برقم ٦٥٥ ، تاريخها سنة ٩٦٣ ه ، مذكورة في فهرسها صفحة ٣٣٥.

٩ ـ نسخة في مكتبة جامعة لوس أنجلس في أمريكا ، ضمن مجموعة M ١٠٦١ ، برقم ١ ، تاريخ كتابتها يوم الثلاثاء ٢٠ ذي القعدة ٩٦٧ ه ، مذكورة في نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ١١ ـ ١٢ / ٧٠٨.

١٠ ـ نسخة في مكتبة الإمام الرضا عليه‌السلام في مشهد ، برقم ٥٨٦٧ ، عليها مقابلة ، تاريخها سنة ٩٧٠ ه.

١١ ـ نسخة في مكتبة مدرسة المروي في طهران ، برقم ٤٥٩ ، تاريخها سنة ٩٧٣ ه.

١٢ نسخة في المكتبة الوطنية في طهران ، تاريخها سنة ٩٧٨ ه ، مذكورة في فهرسها ٧ / ١٢٨.

١٣ ـ نسخة في مكتبة آية الله المرعشي العامة في قم ، تاريخها ٢٤ رمضان ٩٧٩ ه ، مذكورة في فهرسها ١ / ١٠٥.

١٤ ـ نسخة في مكتبة الإمام الرضا عليه‌السلام في مشهد ، تاريخها سنة ٩٨٠ ه ، رقم ٢٥٣٤ ، مذكورة في فهرس مخطوطات (دو كتابخانه مشهد) : ٩٦٤.

١٥ ـ نسخة في مكتبة القاضي الطباطبائي في تبريز ، تاريخها سنة ٩٨٣ ه ، مذكورة في نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ٧ / ٥١٩.

١٦ ـ نسخة أخرى في المكتبة الوطنية (كتابخانه ملي) في طهران ، تاريخها سنة ١٠١١ ه ، وعليها مقابلة وتصحيح ، مذكورة في فهرسها ٩ / ٤٩٥.

١٧ ـ نسخة في مكتبة الحسينية الشوشترية في النجف الأشرف ، كتبت سنة ١٠١٢ ه ، رقم ٥٤٩ ، مذكورة في نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ١١ ـ ١٢ / ٨٠٨.

١٨ ـ نسخة في مكتبة ثقة الإسلام في تبريز ، كتبت سنة ١٠١٥ ه ، مذكورة في نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ٧ / ٥٣٧.

١٦٥

١٩ ـ نسخة في مكتبة سپهسالار في طهران ، تاريخها سنة ١٠٢٢ ه ، برقم ٢٠٥٦ ، مذكورة في فهرسها ١ / ٨٧ ، وفي حواشيها مطالب من تفسير البيضاوي وكتاب القاموس.

٢٠ ـ نسخة في مكتبة كلية وادهان Wadhan في أوكسفورد في إنگلترة ، كتبت سنة ١٠٢٣ ه ، مذكورة في نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ١١ ـ ١٢ / ٧٨٢ ، رقم ٢٣٧.

٢١ ـ نسخة في مكتبة جامعة أصفهان ، تاريخها يوم الأربعاء ١٥ شوال ١٠٤١ ه ، مذكورة في نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ١١ ـ ١٢ / ٩١٣.

٢٢ ـ نسخة أخرى في مكتبة جامعة لوس أنجلس ، برقم M ١٧١ ، تاريخها يوم السبت ٢ شوال ١٠٤٢ ه ، وعليها مقابلة ، مذكورة في نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ١١ ـ ١٢ / ٣٣٣.

٢٣ ـ نسخة في مكتبة روضة السيدة المعصومة عليها‌السلام في قم المقدسة ، بخط القاضي الچلبي قازاده الرومي ، تاريخها ١٥ جمادى الآخرة ١٠٨١ ه ، مذكورة في فهرسها صفحة ١٥٦.

طبع في طهران سنة ١٣١٣ ه ، على الحجر في ٤١٧ صفحة ، بخط محمد حسن بن محمد علي الجرفادقاني ، وفي تبريز سنة ١٣١٥ ه ، على الحجر أيضا في هامش التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام ، وفي النجف الأشرف على الحروف (٢٠).

وطبعته المكتبة المرتضوية في طهران سنة ١٣٨٤ ه ، في جزءين مع تعاليق الشيخ محمد باقر شريف زاده ـ رحمه‌الله ـ ، وأشرف على تصحيحه وتخريج أحاديثه محمد باقر البهبودي.

__________________

(٢٠) فهرس المطبوعات العربية ـ للمشار ـ : ٧٥٦.

١٦٦

(٨)

معدن العرفان في فقه مجمع البيان لعلوم القرآن

للمحقق الفقيه إبراهيم بن حسن الدراق ـ الوراق ـ (٢١).

من أهل أوائل المائة ، العاشرة ، ومن أوثق مشايخ الإجازة للشيخ إبراهيم ابن سلمان القطيفي البحراني.

ذكره في (مستدرك الوسائل) من مشايخ إبراهيم القطيفي ، فقال : (وعن شيخه الذي قال في حقه : المحقق المدقق ، أفضل أهل عصره ، وزبدة دهره ، المعتمد على الله الخلاق إبراهيم بن حسن الدراق) (٢٢).

وذكره القطيفي هذا في إجازات صدرت منه للمجازين عنه ، منهم : الشيخ شمس الدين محمد بن تركي فقال :

(وأجزت له أن يروي عني عن شيخي المحقق المدقق ، فاضل عصره ، وزبدة دهره ، المعتمد على الله الخلاق ، إبراهيم بن الحسن الدراق ، وعن عدة مشايخ ثقات عنه أيضا ... تاريخها ٦ عاشوراء سنة ٩١٥ ه) (٢٣).

(ومنهم : الشيخ شمس الدين محمد بن الحسن الأسترآبادي ، تاريخها ١١ عاشوراء سنة ٩٢٠ ه ، إلى أن قال ـ : هي طرقنا إجازة ، وطرقنا إليهم متعددة ، منها ما أجازه لي عدة من الفضلاء أوثقهم الشيخ إبراهيم بن الحسن الشهير بالدراق عن الشيخ علي بن الهلال الجزائري) (٢٤).

ومنهم : السيد الشريف جمال الدين بن نور الله بن السيد شمس الدين

__________________

(٢١) راجع أعيان الشيعة ٢ / ١٢٧ ، ورياض العلماء ١ / ١٥ ، وبحار الأنوار ١٠٨ / ٩٤ و ١١٤ و ١٢٣ كتاب الإجازات.

(٢٢) مستدرك الوسائل ٣ / ٤١٧.

(٢٣) بحار الأنوار ١٠٨ / ٩٥.

(٢٤) بحار الأنوار ١٠٨ / ١١٤.

١٦٧

محمد شاه الحسيني التستري ، تاريخها ١١ جمادى الأولى سنة ٩٤٤ ه (٢٥).

ومنهم : الخليفة شاه محمود ، فقال في إجازته : (الثالثة : رويت عن جماعة ثقات ، أوثقهم شيخي الشيخ إبراهيم بن الحسن الدراق مشافهة ، وعن جماعة عنه ، أوثقهم الشيخ علي بن جعفر بن أبي سميط ، عن الشيخ إبراهيم بن الحسن الدراق ، عن الشيخ الأجل علي بن هلال) (٢٦).

لم يذكر هذا الكتاب في الذريعة! وقد وجدت نسخته لأول مرة في مكتبة جامعة لوس أنجلس في أمريكا كما يأتي.

نسخة فريدة ـ حتى الآن ـ منه في مكتبة جامعة لوس أنجلس ، ضمن مجموعة M ١٠٦١ ، بخط النستعليق ، كتبها عطاء الله بن أمير السلام في يوم الاثنين ١٧ جمادى الآخرة سنة ٩٦٨ ه. وملكها ملا علي نقي التويسركاني في شهر ذي القعدة سنة ١١٦٠ ه.

مذكورة في نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران ١١ ـ ١٢ / ٧٠٨.

أوله : (بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله الذي أنزل الذكر قرآنا وفرقانا ، لكل شئ جامعا وتبصرة وتبيانا ، والصلاة على القائم به تبليغا وبيانا ، محمد وآله وسيلتنا ومبتغانا .. وبعد ، فأضرع المحاويج إلى الرزاق إبراهيم بن الحسن الدراق ، يقول : هذا كتاب معدن العرفان في فقه مجمع البيان لعلوم القرآن ـ إلى أن قال في سبب تأليفه : ـ ثانيهما : إن الآيات الفقهية لم يفرد لها أصحابنا رضوان الله عليهم مجمعا وافيا ولا نصابا شافيا مع أنها أعظم الطرق إلى الأحكام الفقهية والآلة الاستدلالية على المسائل الاجتهادية ، فيشتمل على مقدمة ، والمقدمة تشتمل فنونا).

آخره : (وهذا آخر ما أردنا تأليف تشتته ، وتنظيم شوارد نكته ، على أسلوب سهل التناول ، بهج التداول ، وقد خرج بحمد الله كتابا مستوفى جامعا لعلوم الآيات الفقهية ، وافيا بخط الآلة الاستدلالية ، حاويا لأقوال المفسرين والفقهاء ، من خلاف وإجماع وناسخ ومنسوخ مجمع عليه ومختلف فيه ، ولم أتكل في سبر

__________________

(٢٥) بحار الأنوار ١٠٨ / ١٢٣.

(٢٦) بحار الأنوار ١٠٨ / ٨٧.

١٦٨

آيات الأحكام على ما أفرد قبلي من الدساتر في هذا المقام ، بل لم آل جهدا في ذلك بأحسن ترتيب ، وأنهج توصيف وتهذيب ، خال من الحشو والإطناب ، مظفرا بالبغية في الباب ، وذلك بتوفيق الله سبحانه ...)

للبحث صلة ...

١٦٩

مقتل أمير المؤمنين

الإمام علي عليه‌السلام

أسامة آل جعفر

بسم الله الرحمن الرحيم

نشر على صفحات نشرة (تراثنا) وفي عددها الثاني عشر ، من ص ٧٩ ـ ١٣٣ ، كتاب مقتل الإمام علي عليه‌السلام لابن أبي الدنيا ، ولم يحمله هذا المقتل من تجن على الحقيقة وما فيه من المغالطات ، فلقد قمنا وبعون الله تعالى بجمع جملة من الروايات الواردة في كتب أهل السنة والتي أشارت إلى الحقائق الناصعة التي أهملها ابن أبي الدنيا في مقتله المذكور.

تقديم :

لا يغالي المرء عندما يجزم بأن التاريخ الإسلامي بسجله الحافل وصفحاته الواسعة لم تستوقفه شخصية ما ما بعد رسول الله محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ الرحمة الإلهية المهداة ـ غير شخصية الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، ولا يذهب ـ قطعا ـ إلى هذا القول بسطاء الناس وعامتهم ، ولا فقط من يحمل عليهم البغض ويصمهم بشتى النعوت وأقسى الأوصاف ، كالمغالاة ، والحب المفرط ، بل قلما يجد المرء ـ بعد عسير الجهد ومشقة البحث ـ من يتجاهلها ، وهم أولاء لا يعدو كونهم إلا ممن أعمتهم الشمس الساطعة ... فاتهموها بالكسوف. ناهيك عن

١٧٠

أنه ما حظيت شخصية بالتكريم الإلهي والثناء المحمدي ـ وبهذا الإطناب الرائع ـ عدا شخصية أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وكذا لم ينقل لأحد ما نقل له من هذه الأوصاف والنعوت التكريمية (١) ، واغترف الكثيرون من هذا البحر الكبير ، في حين تجرأ البعض منهم فخاضوا عبابه ، فما استدل معظمهم على مرافئه الآمنة وشواطئه الساكنة ، فحلت بهم سفنهم حيث الضلال والانحراف.

فالتجرد الواعي ، والنزاهة السليمة لا بد وأن تكون محك البحث ، ومقياس الحكم ، ومداد الأقلام ، حيث أن مئات من السنين العجاف التي ألمت بالعالم الإسلامي لا بد وأن تستوقف كل ذي عقل لبيب ، وذهن فطن.

فالصراع الأزلي بين الظلمة والنور ، وبين الخير والشر لا يمكن أن يسترسل على منوال واحد وسبيل معروف ، ومن الخطأ التسليم بأن لا جديد تحت الشمس ، فالتلون أمسى ستارا يستخفي خلفه ذوو المآرب الدنيئة والنفوس الفاسدة.

ولعله من قبيل الأمر المسلم به أن الأمويين وقفوا كالشوكة المدببة ، والذئب الضاري ، يعمل أنيابه الناتئة وأضراسه الحادة في كل ما خلفه علي عليه‌السلام نسلا وحرثا وتراثا.

وهذي أمهات المكتبات حبلى من آثار تلك البصمات الوسخة التي حاولت جاهدة أن تخفي نور النهار بمساحة الكف.

وإذا كان الظلم قد أنشب أظافره بادئ ذي بدء بذاك الجسد الطري للصبي الذي كان أول من نطق بالشهادتين (٢) ، فإن هذا الظلم لازمه ولصق به حتى يومنا هذا ، فلذا ما أصدق قوله عليه‌السلام : (أنا أول من يجثو بين يدي

__________________

(١) روى مثل هذا القول ابن حجر في الإصابة ٢ / ٥٠٧.

(٢) الرياض النضرة ٣ ـ ٤ / ١١٠ ، مستدرك الحاكم ٣ / ١٣٦ ، تاريخ بغداد ٢ / ٨ ، الإستيعاب ٢ / ٤٥٧ ، رووا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (أولكم ورودا على الحوض أولكم إسلاما ، علي ابن أبي طالب) وأورده الطبراني في الأوائل : ٧٨ ح ٥١ بطرق مختلفة.

وروي عن زيد بن أرقم قوله : (كان أول من أسلم علي بن أبي طالب) الرياض النضرة ٢ ـ ٣ / ١١٠ وقال : خرجه أحمد والترمذي.

١٧١

الرحمن للخصومة يوم القيامة) (٣) وقوله عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (إن مما عهد إلي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن الأمة ستغدر بي بعده) (٤) وإذا كان للزمن أثر ، فما تركه الأمويون من آثار لهي من الكثرة بمكانة بحيث تستوجب التأمل والتريث في أخذ ما مر تحت أنظارهم وما تناقلته ألسنتهم ، فقد (عمل الأمويون على طمس مناقب الإمام علي وفضائله بسبب حقدهم عليه ، (ولم يكتفوا بذلك بل) كانوا يهددون كل من تحدث بمناقبه (٥) ، ولعل روايات مقتله عليه‌السلام جانب من تلك الجوانب التي امتدت إليها أصابع التزوير وتركت فيها آثارا واضحة لا تخفى على من وهبه الله تعالى بصيرة يستهدي بها ويتجنب العثار.

فحقد الأمويين هذا وسعيهم الدؤوب في طمس فضائل الإمام علي عليه‌السلام دفع الكثيرين إلى التساؤل ... لم؟! ولا تفسير أبلغ لهذا السؤال من قول مروان للإمام علي بن الحسين عليهما‌السلام عندما سأله عن مغزى الاصرار على شتم علي عليه‌السلام على المنابر ، فقال : (لا يستقيم لنا هذا إلا بهذا) (٦).

بيد أن ما يسمو بعلي ويزيد في غيظ أعدائه قول رسول الله صلى الله عليه وآله له : (يا علي ، إنك أول من يقرع باب الجنة فتدخلها بغير حساب بعدي) (٧).

وإن كنت قد حشرت نفسي في ساحة لا موطئ قدم لي فيها ، فإني قد استللت بعض الروايات التي تروي جانبا من قصة هذا المقتل ، وبشكل مختصر ، وأوردتها في أبواب تساير الفتنة وحتى الاستشهاد ... والله من وراء القصد.

__________________

(٣) نور الأبصار ـ للشبلنجي ـ : ٩٠.

(٤) مستدرك الحاكم ٣ / ١٤٠.

(٥) الإصابة ـ لابن حجر ـ ٢ / ٥٠٧.

(٦) أنساب الأشراف ٢ / ١٨٤.

(٧) الرياض النضرة ٣ ـ ٤ / ١١٤.

١٧٢

إشارة

ابن إسحاق ، وابن شهاب ، أنه كتب حلية أمير المؤمنين عليه‌السلام عن ثبيت الخادم ، فأخذا عمرو بن العاص فزم بأنفه ، فقطعها وكتب : إن أبا تراب كان شديد الأدمة ، عظيم البطن ، حمش الساقين ... ونحو ذلك ، فلذلك رقع الخلاف في حليته (٨).

الصفات الجسمية للإمام علي عليه‌السلام

١ ـ كان علي ربعة من الرجال ، أدعج العينين عظيمهما ، حسن الوجه كأنه قمر ليلة البدر ، عظيم البطن إلى السمن ، عريض ما بين المنكبين ، لمنكبه مشاش كمشاش السبع الضاري ، لا يبين عضده من ساعده قد أدمج إدماجا ، ششن الكفين ، عظيم الكراديس ، أغيد كأن عنقه إبريق فضة ، أصلع ليس في رأسه شعر إلا من خلفه ، كثير شعر اللحية ، وكان لا يخضب ، وقد جاء عنه الخضاب ، والمشهور أنه كان أبيض اللحية ، وكان إذا مشى تكفأ ، شديد الساعد واليد ، وإذا مشى إلى الحروب هرول ، ثبت الجنان قوي ، ما صارع أحدا إلا صرعه ، شجاع منصور عند من لاقاه (٩).

٢ ـ وقال ابن عباس رحمه‌الله في وصفه : وكان علي أمير المؤمنين يشبه القمر الزاهر ، والأسد الهادر ، والفرات الزاخر ، والربيع الباكر ، أشبه من القمر ضوءه وبهاءه ، ومن الأسد شجاعته ومضاءه ، ومن الفرات جوده وسخاءه ، ومن الربيع خصبه وحياءه (١٠).

٣ ـ وروى العلامة المحدث الشيخ علي بن محمد بن أحمد المالكي ، الشهير

__________________

(٨) المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ ٣ / ٣٠٦ ، حمش الساقين : أي دقيقهما.

(٩) ذخائر العقبى ـ للطبري ـ : ٥٧ طبعة القاهرة ، الدعج : شدة السواد في العين أو شدة سوادها في شدة بياضها ، ششن : غليظ. المشاش : رؤوس العظام.

(١٠) لسان العرب ـ لابن منظور ـ ١٤ / ٢١٦ مادة (حيا).

١٧٣

بابن الصباغ ، مما رواه العز المحدث ، في صفته ، وذلك عند سؤال بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل له عن صفته فقال : كان ربعة من الرجال ، أدعج العينين ، حسن الوجه كأنه القمر ليلة البدر حسنا ، ضخم ، عريض المنكبين ، ششن الكفين ، كأن عنقه إبريق فضة ، أصلع ، كث اللحية ، له مشاش كمشاش السبع الضاري ، لا يتبين عضدة من ساعده قد أدمجت إدماجا (١١).

٤ ـ حدثنا الشيح أبو الحجاج ، قال : رأيت عليا يخطب ، وكان من أحسن الناس وجها ، كان كأنما كسر ثم جبر ، لا يغير شيبه ، خفيف المشي ، ضحوك (١٢).

٥ ـ وذكر العلامة الشيخ عبد الرحمن بن عبد السلام الصفوري البغدادي في باب مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام : كان مربوع القامة ، أدعج العينين عظيمهما ، حسن الوجه كأن وجهه القمر ليلة البدر ، عظيم البطن أعلاه علم وأسفله طعام ، وكان كثير شعر اللحية ، قليل شعر الرأس ، كأن عنقه إبريق فضة (١٣).

٦ ـ وروى السيد محمد مرتضى الواسطي الحنفي في حديث ابن عباس : ما رأيت أحسن من شرصة علي رضي‌الله‌عنه (١٤).

٧ ـ ... وكان رضي‌الله‌عنه ربعة من الرجال ، أدعج العينين عظيمهما ، حسن الوجه كأنه قمر ليلة البدر ... (١٥).

٨ ـ وروى ابن العماد الحنبلي في وصف علي عليه‌السلام بأنه كان أدعج العينين ، حسن الوجه .. عريض المنكبين لهما مشاش كالسبع (١٦) ...

__________________

(١١) الفصول المهمة ـ لابن الصباغ ـ : ١١٠.

(١٢) أسد الغابة ـ لابن الأثير ـ : ٤ / ٣٩.

(١٣) نزهة المجالس ٢ / ٢٠٤.

(١٤) تاج العروس ٤ / ٤٠١ ، ومثله في الفائق ـ للزمخشري ـ ٢ / ٢٣٧ ، والشرص : انحسار الشعر عن جانبي الرأس.

(١٥) الرياض النضرة في مناقب العشرة ـ للطبري ـ : ٣ / ١٠٧.

(١٦) شذرات الذهب ١ / ٤٩.

١٧٤

مقتل أمير المؤمنين عليه‌السلام

أ ـ المقدمة :

١ ـ روى الحسن بن علي بن الأسود ، عن يحيى بن آدم ، عن إسرائيل ، عن إبراهيم بن عبد الأعلى ، عن طارق بن زياد ، قال : قام علي بالنهروان فقال : إن نبي الله قال لي : سيخرج قوم يتكلمون بكلام الحق ـ لا يجوز حلوقهم ، يخرجون من الحق خروج السهم ـ أو مروق السهم ـ سيماهم أن فيهم رجلا مخدج اليد ، في يده شعرات سود ، فإن كان فيهم فقد قتلتم شر الناس (١٧).

٢ ـ أخبرنا أحمد بن عثمان بن علي الزراري ـ إجازة إن لم يكن سماعا ـ ، بإسناده عن أبي إسحاق الثعلبي ، أخبرنا عبد الله بن حامد بن محمد ، حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين ، أخبرنا محمد بن يحيى ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : بينا رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقسم قسما ـ قال ابن عباس كانت غنائم هوازن يوم حنين ـ إذ جاءه ذو الخويصرة التميمي ، وهو حرقوص بن زهير ، أصل الخوارج ، فقال : إعدل يا رسول الله! فقال : ويحك ، ومن يعدل إذا لم أعدل ... الحديث (١٨).

٣ ـ وعن أبي سعيد ، قال : حضرت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يوم حنين وهو يقسم ، قلت : ـ فذكر الحديث إلى أن قال : ـ علامتهم رجل يده كثدي المرأة كالبضعة تدر در ، فيها شعيرات كأنها سبلة سبع (١٩).

__________________

(١٧) أنساب الأشراف ٢ / ٣٧٦ ، المسند ـ لأحمد بن حنبل ، في مسند علي ـ ٢ / ٨٤٨ ، خصائص أمير المؤمنين ـ للنسائي ـ : ٤١ ح ١٧٤ ، تاريخ بغداد ٩ / ٣٦٦.

(١٨) أسد الغابة ٢ / ١٤٠.

(١٩) مجمع الزوائد ٦ : ٢٣٤.

١٧٥

ب ـ صفين والفتنة :

١ ـ فثار أهل الشام في سواد الليل ينادون (عن قول معاوية وأمره) : يا أهل العراق ، من لذرارينا إن قتلتمونا ، ومن لذراريكم إذا قتلناكم ، الله الله في البقية ، وأصبحوا قد رفعوا المصاحف على رؤوس الرماح ... ومصحف دمشق الأعظم يحمله عشرة رجال على رؤوس الرماح وهم ينادون : كتاب الله بيننا وبينكم ...

فقال علي عليه‌السلام : يا أيها الناس ، إني أحق من أجاب إلى كتاب الله ، ولكن معاوية وعمرو بن العاص وابن أبي معيط وابن أبي سرح وابن مسلمة ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن ...

فجاءه من أصحابه زهاء عشرين ألفا مقنعين في الحديد ، شاكي السلاح ، سيوفهم على عواتقهم ، وقد اسودت جباههم من السجود ، يتقدمهم مسعر بن مذكي وزيد بن حصين وعصابة من القراء الذين صاروا خوارج من بعد ، فنادوه باسمه لا بإمرة المؤمنين : يا علي ، أجب القوم إلى كتاب الله إذ دعيت إليه وإلا قتلناك (٢٠).

٢ ـ إن عليا عليه‌السلام لما دخل الكوفة ودخلها معه كثير من الخوارج ، وتخلف منهم بالنخيلة وغيرها خلق كثير لم يدخلوها ، فدخل حرقوص بن زهير السعدي وزرعة بن البرج الطائي ـ وهما من رؤوس الخوارج ـ على علي عليه‌السلام فقال له ـ حرقوص : تب من خطيئتك واخرج بنا إلى معاوية نجاهده! فقال له علي عليه‌السلام : إني كنت نهيتكم عن الحكومة فأبيتم ، ثم الآن تجعلونها ذنبا ...!؟ أما إنها ليست بمعصية ، ولكنها عجز من الرأي ، وضعف عن التدبير ، وقد نهيتكم عنه ، فقال زرعة : أما والله لئن لم تتب من تحكيمك لأقتلنك (٢١).

__________________

(٢٠) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٢ / ٢١٧.

(٢١) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد المعتزلي ـ ٢ / ٢٦٨ ، ومثله في تاريخ الطبري ٥ / ٥٢ ، ولكنه أورد : قاتلتك ، وكذا في الكامل ٣ / ٣٣٤.

١٧٦

٣ ـ حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : سمعت إسماعيل ابن سميع الحنفي ، عن أبي رزين ، قال : لما وقع التحكيم ورجع علي من صفين رجعوا مباينين له ، فلما انتهوا إلى النهر أقاموا به ، فدخل علي في الناس الكوفة ونزلوا بحروراء (٢٢).

ج ـ فساد :

١ ـ قال أبو العباس : ثم مضى القوم (أي الخوارج) إلى النهروان ، وقد كانوا أرادوا المضي إلى المدائن ... (فأصابوا) في طريقهم مسلما ونصرانيا فقتلوا المسلم لأنه عندهم كافر إذ كان على خلاف معتقدهم!! واستوصوا بالنصراني ، وقالوا : احفظوا ذمة نبيكم! (٢٣).

٢ ـ وروى ابن ديزيل في كتاب صفين ، قال : كانت الخوارج في أول ما انصرفت عن رايات علي عليه‌السلام تهدد الناس قتلا ...!! (٢٤).

٣ ـ قال أبو العباس : ولقيهم عبد الله بن خباب في عنقه مصحف على حمار ومعه امرأته وهي حامل ، فقالوا له : إن هذا الذي في عنقك ليأمرنا بقتلك ، فقال لهم : ما أحياه القرآن فأحيوه ، وما أماته فأميتوه.

فوثب رجل منهم على رطبة سقطت من نخلة فوضعها في فيه ، فصاحوا به فلفظها تورعا ... وعرض لرجل منهم خنزير فضربه فقتله ، فقالوا : هذا فساد في الأرض ، وأنكروا قتل الخنزير ...

ثم قالوا لابن خباب : فما تقول في علي بعد التحكيم والحكومة؟ قال : إن عليا أعلم بالله وأشد توقيا على دينه وأنفذ بصيرة ، فقالوا : إنك لست تتبع الهدى ، إنما تتبع الرجال على أسمائهم ، ثم قربوه إلى شاطئ النهر فأضجعوه فذبحوه! (٢٥)

__________________

(٢٢) تاريخ الطبري ٤ / ٥٤.

(٢٣) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٢ / ٢٨٠ ، الكامل ٣ / ٢١٢.

(٢٤) شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٦٩.

(٢٥) شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٨٢.

١٧٧

٤ ـ ... وأقبلوا إلى المرأة ، فقالت : إني إنما أنا امرأة ألا تتقون الله ، فبقروا بطنها ..!! وقتلوا ثلاث نسوة من طي ، وقتلوا أم سنان الصيداوية (٢٦).

د ـ النهروان :

١ ـ فلما بلغ عليا قتلهم عبد الله بن خباب واعتراضهم الناس ، بعث إليهم الحارث بن مرة العبدي ليأتيهم وينظر ما بلغه عنهم ويكتب به إليه ولا يكتمه ، فلما دنا منهم يسائلهم قتلوه ، وأتى عليا الخبر والناس معه ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، علام ندع هؤلاء وراءنا يخلفوننا في عيالنا وأموالنا؟! سر بنا إلى القوم فإذا فرغنا منهم سرنا إلى عدونا من أهل الشام (٢٧).

٢ ـ قال أبو مخنف : حدثني مالك بن أعين ، عن زيد بن وهب ، أن عليا أتى أهل النهر فوقف عليهم فقال : أيتها العصابة التي أخرجتها عداوة المراء واللجاجة ، وصدها عن الحق الهوى ، وطمح بها النزق ، وأصبحت في اللبس والخطب العظيم ، إني نذير لكم أن تصبحوا تلفيكم الأمة غدا صرعى بأثناء هذا النهر ، وبأهضام هذا الغائط ، بغير بينة من ربكم ، ولا برهان بين (٢٨).

٣ ـ ... فتنادوا (أي الخوارج) : لا تخاطبوهم ، ولا تكلموهم ، وتهيئوا للقاء الرب ، الرواح الرواح إلى الجنة!!

فخرج علي معبئا الناس ، فجعل على ميمنته حجر بن عدي ، وعلى ميسرته شبث بن ربعي ـ أو معقل بن قيس الرياحي ـ ، وعلى الخيل أبا أيوب الأنصاري ، وعلى الرجالة أبا قتادة الأنصاري ، وعلى أهل المدينة ـ وهم سبعمائة أو ثمانمائة رجل ـ قيس بن سعد بن عبادة.

قال : وعبأت الخوارج ، فجعلوا على ميمنتهم زيد بن حصين الطائي ، وعلى الميسرة شريح بن أوفى العبسي ، وعلى خيلهم حمزة بن سنان الأسدي ، وعلى

__________________

(٢٦) تاريخ الطبري ٤ / ٦١ ، الكامل ٣ / ٣٤٢.

(٢٧) الكامل ـ لابن الأثير ـ ٣ : ٣٤٢.

(٢٨) تاريخ الأمم والملوك ـ تاريخ الطبري ـ ٥ / ٨٤ ، حوادث سنة ٣٧.

١٧٨

الرجالة حرقوص بن زهير السعدي ، ثم تنادوا : الرواح الرواح إلى الجنة! فشدوا على الناس والخيل أمام الرجال ، فلم تثبت خيل المسلمين لشدتهم ، وافترقت الخيل فرقتين ، فرقة نحو الميمنة وأخرى نحو الميسرة ، وأقبلوا نحو الرجال فاستقبلت المرامية وجوههم بالنبل ، وعطفت عليهم الخيل من الميمنة والميسرة ، ونهض إليهم الرجال بالرماح والسيوف ، فوالله ما لبثوهم أن أناموهم ، ثم إن حمزة بن سنان ـ صاحب خيلهم ـ لما رأى الهلاك نادى أصحابه أن انزلوا ، فذهبوا لينزلوا فلم يتقاروا حتى حمل عليهم الأسود بن قيس المرادي وجاءتهم الخيل من نحو علي فأهمدوا في الساعة (٢٩).

٤ ـ وقد روى جماعة أن عليا كان يحدث أصحابه قبل ظهور الخوارج أن قوما يخرجون يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، علامتهم رجل مخدج اليد. سمعوا ذلك منه مرارا ، فلما خرج أهل النهروان سار بهم إليهم علي ، وكان منه معهم ما كان ، فلما فرغ أمر أصحابه أن يلتمسوا المخدج ، فالتمسوه ، فقال بعضهم : ما نجده حتى قال بعضهم : ما هو فيهم ، وهو يقول : والله إنه لفيهم ، والله ما كذبت ولا كذبت ، ثم إنه جاءه رجل فبشره ... وقيل (إنه) خرج في طلبه ... فوجده في حفرة على شاطئ النهر في خمسين قتيلا ... فلما رآه قال : الله أكبر ، ما كذبت ولا كذبت (٣٠).

ه ـ المؤامرة :

١ ـ حدثني عباس بن هشام الكلبي ، عن أبيه ، عن لوط ، أن يحيى وعوانة ـ ابنا الحكم ـ وغيرهما قالوا : اجتمع ثلاثة نفر من الخوارج بمكة ، وهم عبد الرحمن ابن ملجم الحميري ... والبرك بن عبد الله التميمي ، وعمرو بن بكير ، وتذاكروا أمر إخوانهم الذين قتلوا بالنهروان ... فتعاهدوا وتعاقدوا ليقتلن علي بن أبي طالب

__________________

(٢٩) تاريخ الأمم والملوك ٥ / ٨٥ ، ومثله في الكامل ٣ / ٣٤٦.

(٣٠) الكامل ـ لابن الأثير ـ ٣ / ٣٤٧.

١٧٩

ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ، ثم توجه كل رجل منهم إلى البلد الذي فيه صاحبه ... وجعلوا ميعادهم ليلة واحدة ... وأما ابن ملجم ـ قاتل علي ـ فإنه أتى الكوفة ، فكان يكتم أمره ولا يظهر الذي قصد له ، وهو في ذلك يزور أصحابه من الخوارج فلا يطلعهم على إرادته ، ثم أتى يوما قوما من تيم الرباب ، فرأى امرأة منهم جميلة يقال لها : قطام بنت شجنة ـ وكان علي قتل أباها شجنة بن عدي ، وأخاها الأخضر بن شجنة يوم النهروان ـ فهواها حتى أذهلته عن أمره فخطبها ، فقالت : لا أتزوجك إلا على عبد وثلاثة آلاف درهم وقينة وقتل علي ابن أبي طالب!!.

فقال : أما الثلاثة آلاف والعبد والقينة فمهر ، وأما قتل علي بن أبي طالب فما ذكرته لي وأنت تريديني ، فقالت : بلى ، تلتمس غرته ، فإن أصبته وسلمت شفيت نفسي ونفعك العيش معي ، فقال : والله ما جاء بي إلا قتل علي (٣١).

٢ ـ فقدم ابن ملجم ، وجعل يكتم أمره ، فتزوج قطام بنت علقمة ، من تيم الرباب ـ وكان عليا قتل أخاها ـ فأخبرها بأمره ، وكان أقام عندها ثلاث ليال ، فقالت له في الليلة الثالثة : لشد ما أحببت لزوم أهلك وبيتك وأضربت عن الأمر الذي قدمت له! فقال : إن لي وقتا واعدت عليه أصحابي ولن أجاوزه (٣٢).

٣ ـ قالوا : لم يزل ابن ملجم تلك الليلة عن الأشعث بن قيس يناجيه حتى قال له الأشعث : قم فضحك الصبح. وسمع ذلك من قوله حجر بن عدي الكندي فلما قتل علي قال له حجر : يا أعور ، أنت قتلته! وقال المدائني : قال مسلمة بن المحارب : سمع الكلام عفيف عم الأشعث ، فلما قتل علي قال عفيف : هذا من عملك وكيدك يا أعور (٣٣).

__________________

(٣١) تاريخ الخلفاء ١ / ١٥٩ ، تاريخ الأمم والملوك ٥ / ١٤٣ ، أنساب الأشراف ٢ / ٤٩١ ، أسد الغابة ٤ / ٣٦ ، طبقات ابن سعد ٣ / ٣٥ ، تذكرة الخواص : ١٦٠ ، الرياض النضرة ٣ ـ ٤ / ٢٣٤.

(٣٢) أنساب الأشراف ٢ / ٤٨٨.

(٣٣) أنساب الأشراف ٢ / ٤٩٣ ، مقاتل الطالبيين : ٣٣ وفيه : (النجاء ... النجاء لحاجتك فقد

١٨٠