تصرف القضاة ، ولو لا أن القاضى عبد الكريم كان قاضيا بمكة فى هذا التاريخ ، لما أثبت عليه هذا المكتوب ، بعد ثبوته على قاضيين ، مع اتفاقهم فى المذهب ، ويدل على ذلك أيضا ، أنه أثبت على القاضى عمران بن ثابت الفهرى ، وهو ولى قضاء مكة بعد القاضى عبد الكريم ، والله أعلم.
توفى القاضى أبو العلاء ماجد هذا ، فى جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين وستمائة بمكة ، هكذا وجدت وفاته بخط الشريف أبى القاسم الحسينى فى وفياته ، قال : ومولده فى سنة أربع وستين وخمسمائة ، ووجدت وفاته بخط أبى المعالى بن القطب القسطلانى؟.
* * *
من اسمه مالك
٢٣٨٦ ـ مالك بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤى القرشى العامرى :
كان قديم الإسلام ، هاجر إلى أرض الحبشة ، ومعه امرأته أم عمرة بنت السعدى العامرية ، وهو أخو سودة بنت زمعة ، زوج النبى صلىاللهعليهوسلم. ذكره هكذا ابن عبد البر فى الاستيعاب.
٢٣٨٧ ـ مالك بن عبد الله الخزاعى ، ويقال ابن عبيد الله ، ويقال مالك بن أبى عبد الله ، والأول أكثر :
معدود فى الكوفيين. روى عنه ابن أخيه سليمان بن بشر الخزاعى. قال البخارى : يقال سليمان بن بشر ، ويقال سليم بن بشر.
٢٣٨٨ ـ مالك بن عمرو السلمى حليف بنى عبد شمس :
شهد بدرا ، هو وأخوه ثقيف بن عمرو ، ومدلج بن عمرو ، وقتل مالك بن عمرو يوم
__________________
٢٣٨٦ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٢٩٦ ، الإصابة ترجمة ٧٦٥٠ ، أسد الغابة ترجمة ٤٥٩٧).
٢٣٨٧ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٣٠٤ ، الإصابة ترجمة ٧٦٦١ ، أسد الغابة ترجمة ٤٦١٣ ، الثقات ٣ / ٣٧٧ ، الجرح والتعديل ٨ / ٢١١ ، الطبقات ١٠٨ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٤٦ ، ذيل الكاشف ١٤٣٠).
٢٣٨٨ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٣١١ ، الإصابة ترجمة ٧٦٨٢ ، أسد الغابة ترجمة ٤٦٢٥).
اليمامة شهيدا. وقال ابن إسحاق : شهد بدرا من حلفاء بنى عبد شمس : مالك ، وأخواه مدلج بن عمرو ، وكثير بن عمرو. ذكره هكذا ابن عبد البر فى الاستيعاب.
٢٣٨٩ ـ مالك بن عميلة بن السبّاق بن عبد الدار :
شهد بدرا. ذكره موسى بن عقبة فيمن شهد بدرا. ذكره هكذا ابن عبد البر. وعبد الدار فى نسبه.
٢٣٩٠ ـ مالك بن فليتة بن قاسم بن محمد بن جعفر الحسنى المكى ، المعروف بابن أبى هاشم ، يكنى أبا [.....](١).
كان بينه وبين أخيه عيسى بن فليتة السابق ذكره ، منازعة فى الأمر بمكة ، وذلك أن فى سنة ست وستين وخمسمائة ، جاء الأمير مالك هذا من الشام ، فى آخر ذى القعدة ، وأقام ببطن مر أياما ، ثم جاء هو وعسكره إلى الأبطح ، وحاصروا مكة مدة ، ثم جاء هو والشرف من المعلاة ، وجاء هذيل والعسكر من جبل أبى الحارث ، فخرج عليهم عسكر الأمير عيسى وقاتلوهم ، فقتل من عسكر الأمير مالك جماعة ، ثم توجه مالك إلى خيف بنى شديد ومعه عسكره ، وأقام هناك أياما ، ثم ارتحل إلى نخلة ، ولبث فيها أياما ، ثم ارتحل إلى الطائف ، وتوصل مع بعض العرب ، وغدا إلى الشام.
وفى هذه السنة ملك خدام الأمير مالك والأشراف بنو داود جدة ، ونهبوا ما فى الجلبة التى وصلت إليها فى هذه السنة ، من قبل شمس الدولة ، وكان فيها صدقة من قبله ، وأموال للتجار ، فأخذ المشار إليهم جميع ذلك.
وفى سنة سبع وستين وخمسمائة ، انتزع منه ما كان له بالعراق من الإقطاع والرسوم ، ومات هو فى هذه السنة بتيماء من بلاد الشام ، وهو متوجه إليها من المدينة النبوية.
٢٣٩١ ـ مالك بن القشب [......](١).
٢٣٩٢ ـ مالك بن وهب الخزاعى :
له حديث عند عقبة.
__________________
٢٣٨٩ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٣١٧ ، الإصابة ترجمة ٧٦٨٨ ، أسد الغابة ترجمة ٤٦٣٢).
٢٣٩٠ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.
٢٣٩١ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.
٢٣٩٣ ـ مالك بن وهيب بن عبد مناف ، والد سعد بن أبى وقاص :
أورده عبدان ، ولا يتابع عليه. ذكر هاتين الترجمتين هكذا الذهبى فى التجريد.
* * *
من اسمه مبارك
٢٣٩٤ ـ مبارك بن ثقبة بن رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على ابن قتادة الحسنى المكى :
[........](١).
توفى سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة بالعراق ، من عضة كلب كلب نهشه.
٢٣٩٥ ـ المبارك بن حسان السلمى البصرى ثم المكى :
روى عن الحسن ، ومعاوية بن قرة ، وعطاء بن أبى رباح ، ونافع مولى ابن عمر ، وجماعة.
روى عنه : سفيان الثورى ، وإسماعيل بن صبيح ، وعبيد الله بن موسى ، ووكيع ، وموسى بن إسماعيل ، وآخرون.
روى له البخارى فى الأدب ، وابن ماجة. ووثّقه ابن معين. وقال أبو داود : منكر الحديث. وقال النسائى : ليس بالقوى (١).
__________________
٢٣٩٤ ـ قد سبق ذكر أبوه ثقبة بن رميثة فى الترجمة رقم ٨٦٨ ، وأشار المؤلف فى ترجمته أنه سيأتى ذكر مبارك هو وأخوات حسن ، وعلى.
(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.
٢٣٩٥ ـ انظر ترجمته فى : (تاريخ الدورى ٢ / ٥٤٨ ، تاريخ الدارمى ٨٠٧ ، علل أحمد بن حنبل ١ / ٨٦ ، ١٤٤ ، ٢١٧ ، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة ١٨٦٦ ، الجرح والتعديل ترجمة ١٥٦٠ ، الثقات لابن حبان ٧ / ٥٠١ ، الثقات لابن شاهين ترجمة ١٤٣٨ ، الكاشف ترجمة ٥٣٦٣ ، ديوان الضعفاء ترجمة ٣٥٢٦ ، المغنى ترجمة ٥١٥٧ ، تاريخ الإسلام ٦ / ٢٧٣ ، ميزان الاعتدال ترجمة ٧٠٣٨ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٢٦ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٢٧ ، خلاصة الخزرجى ٣ / ٦٨٣٤ ، تهذيب الكمال ٥٧٦٢).
(١) وذكره ابن حبان فى الثقات ، وقال : يخطئ ويخالف. وقال يعقوب : هو ثقة ، وذكره ابن عدى ، وابن الجوزى والذهبى فى جملة الضعفاء. وقال ابن عدى : روى أشياء غير محفوظة. وقال ابن الجوزى : قال الأزدى : متروك الحديث لا يحتج به ، يرمى بالكذب. وقال ابن حجر فى التقريب : ليس الحديث.
٢٣٩٦ ـ مبارك بن رميثة بن أبى نمى الحسنى المكى :
كان ملايما لأخيه عجلان ، أيام منازعته لأخيه ثقبة فى إمرة مكة ، ودخل مبارك إلى مصر ، بعد موت ثقبة ، واستقرار مكة لأخيه عجلان ، فما شوّش على عجلان ، ولو أراد ذلك لتأتى له فيما بلغنى ، لأنه بلغنى أن يلبغا الخاصكىّ ، كان حنقا على عجلان ، فلما بلغه قدوم مبارك ، فرح به ، وظن أنه يسأله فى ولاية مكة ، لأن يلبغا كان إليه تدبير المملكة بمصر ، فما سأله مبارك فى ذلك ، وإنما سأله فى خبز يكون له ولبناته من بعده ، فأعرض يلبغا عن الإقبال عليه.
وكان دخوله إلى مصر مرتين ، وبلغنى أنه سار فى إحداهما إليها فى اثنى عشر يوما ، وفى الأخرى أربعة عشر يوما ، ودخل بغداد فى زمن أويس وناله منه بر ، وملك بأرض خالد أصيلة حسنة ، وخلف ثلاثة ذكور أنجبوا ، وهم : على ، السابق ذكره ، وعقيل ، أشركه عنان فى إمرة مكة فى ولايته الأولى ، وأحمد ، المعروف بالهدبانى ، معتبر عند الناس ، وخلف [........](١).
٢٣٩٧ ـ مبارك بن عبد الكريم [.....](١) بن عبد الكريم بن أبى سعد بن على ابن قتادة الحسنى المكى :
كان [...........](١).
توفى مقتولا بالزيمة فى وادى نخلة ، فى الخامس من ذى الحجة ، سنة تسع وثمانين وسبعمائة ، قتله بعض العسكر الذين توجهوا مع على بن عجلان ، لما ولى إمرة مكة فى هذا التاريخ ، لقتال عفان ومن معه من الأشراف ، الذين توجهوا إلى الزيمة ، وكان مبارك من جملة من مع عفان ، فقتل رحمهالله.
٢٣٩٨ ـ مبارك بن على بن الحسين بن عبد الله بن محمد البغدادى ، أبو محمد ، المعروف بابن الطباخ الحنبلى :
إمام الحنابلة بالمسجد الحرام ، سمع كتاب «دلائل النبوة للبيهقى» على أبى الحسين عبيد الله بن محمد بن الحافظ أبى بكر بن أحمد بن الحسين البيهقى ، عن جده مؤلفه ، وحدّث عن أبى القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر المقرى بكتاب «تاريخ مكة للأزرقى» عن أبى طالب العشارىّ إجازة ، عن أبى بكر أحمد بن محمد بن أبى موسى الهاشمى ، عن إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى ، عنه.
__________________
٢٣٩٦ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.
٢٣٩٧ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.
وحدث أيضا عن أبى القاسم بن الحصين ، والقاضى أبى بكر الأنصارى ، وأبى غالب أحمد بن الحسن بن البناء ، وأبى سعد إسماعيل بن أبى صالح المؤذن ، وغير واحد. وخرج وكتب بخطه. روى عنه أبو سعد السمعانى ـ مع تقدمه ـ والموفق بن قدامة ، وغير واحد. وآخر أصحابه لاحق بن عبد المنعم الأرتاحى ، له منه إجازة ، روى عنه بها كتاب «الدلائل للبيهقى» وقد قرأت بعضه على غير واحد من شيوخنا ، عن ابن الصناج ، عن لاحق ، عنه.
قال الذهبى : وكان يكتب العمر ، ويؤمّ بحطيم الحنابلة. توفى فى شوال سنة خمس وسبعين وخمسمائة بمكة.
ووجدت فى حجر قبره بالمعلاة ، أنه توفى يوم السبت ، ثانى شوال من السنة المذكورة.
٢٣٩٩ ـ مبارك بن عطيفة بن أبى نمى الحسنى المكى :
كان ذا شهامة وإجادة فى الرمى ، رمى القائد محمد بن عبد الله بن عمر ، أحد القواد المعروفين بالعمرة بسهم فمات موضعه ، لموجدة وجدها عليه ، لكون محمد خرج فيمن خرج من أهله وغيرهم ، مع رميثة بن أبى نمى ، لاستخلاص محمد بن الزين القسطلانى ، لما قبض عليه مبارك ، وذهب به إلى ساية (١) ، وكان مبارك ينوب عن أبيه فى الإمرة بمكة ، وفى سنة سبع وثلاثين وسبعمائة ، وقع بين مبارك وبين ابن عمه مغامس بن رميثة منافرة ، فركب مبارك من مكة ـ وكان أبوه تركه بها ـ إلى الجديد ، لقتال مغامس ، وكان أبوه رميثة قد تركه فيها ، وكان مع مبارك أصهاره الأعراب المعروفون ببنى عمير ـ أصحاب الخيف المعروف بخيف بنى عمير ، بوادى نخلة ، وكان تزوج منهم فى هذه السنة بامرأة وبنى بها ـ وجماعة من أهل مكة ، فالتقى عسكره وعسكر ابن عمه ، فقتل من أصحاب مبارك خمسة نفر ، ومن أصحاب مغامس نفر واحد ، وأخذت لأصحاب مغامس خيول ، وهرب مغامس إلى الخيف.
وكان خروج مبارك من مكة لقتال مغامس ، فى يوم السبت السابع والعشرين من رجب ، من سنة سبع وثلاثين وسبعمائة.
ولما كان اليوم العاشر من شعبان ، خرج مبارك بن عطيفة ومعه جماعة من أهل مكة ، لمنع عمه رميثة من دخول مكة ، لما توجه إليها من اليمن ، مع النجاب الذى وصل من صاحب مصر ، لاستدعائه واستدعاء عطيفة ، للحضور إلى صاحب مصر ، ومنع
__________________
٢٣٩٩ ـ (١) اسم واد قريب من حدود الحجاز. انظر : معجم البلدان (ساية).
مبارك بن رميثة من دخول مكة ، ثم تراسلا ، فمكنه مبارك من دخول مكة ، فدخلها ومكث فيها إلى ليلة الثالث عشر من شعبان ، ثم خرج منها إلى الوادى.
وفى صبيحة الليلة التى خرج فيها رميثة من مكة ، دخلها عطيفة مودّعا ، وسافر إلى مصر بعد أخيه رميثة بمقدار خمسة أيام ، وترك ابنه مباركا نائبا بمكة ، ومعه بها أخوه مسعود بن عطيفة ، وكان أخوهما محمد بن عطيفة فى اليمن ، بمن معه من الأشراف الذين لايموا عطيفة ، بعد أن كانوا مع أخيه رميثة ، لما فارق القواد عطيفة ، ولا يموا رميثة ، بسبب قتل مبارك لمحمد بن عبد الله بن عمر ، وشاع بمكة أن مباركا ، قصده أن ينهب بيوت التجار ، حتى بيت قاضى مكة شهاب الدين الطبرى.
ولما بلغ مباركا ذلك ، أعلن بالنداء بالأمان ، وحلف فى يوم الجمعة من شوال هذه السنة ، بعد صلاة الجمعة عند مقام إبراهيم ، أنه ما همّ بهذا ولا يفعل ذلك ، بمحضر جماعة من الفقهاء.
ثم إنه أرسل أخاه مسعودا إلى الوادى ، لقطع نخيل القواد ذوى عمر ، فقطع منها نخلا كثيرا ، ثم أرسل مبارك أربع رواحل ، لاستعلام أخبار الحاج ، ولم يكن بلغه خبر عن أبيه وعمه ، من حين توجها إلى مصر ، وكان مبارك [.....](٢).
وفى ليلة السبت الرابع عشر من ذى القعدة من هذه السنة ، خرج مبارك بن عطيفة إلى وادى المبارك ، لقطع نخيل بعض أهلها ، بسبب حشمهم له ، فإنه كان قطع حسبا بينهم ، على أنهم لا يقتتلون إلى مدة حدها لهم ، فقتل بعض الفريقين من الفريق الآخر رجلين غدرا ، فقطع على القاتل وأصحابه نحو ستين نخلة ، وأعطى أربعة أفراس ، فقبض بعضها ، ثم جاء الخبر بأن الذين أرسلهم إلى ينبع ، قبض عليهم الترك الذين وصلوا إليها ، ولم يفلت منهم غير رجل واحد ، وصل إلى مكة وأخبر بذلك ، فوصل مبارك فى ليلة الثلاثاء السابع عشر من ذى القعدة ، وتجهز للخروج منها ، وخرج منها ومعه حاشيته ، ليلة الجمعة العشرين من ذى القعدة ، ونزل بالمزدلفة ، وفى وقت آذان الجمعة من اليوم المذكور ، دخل مسعود بن عطيفة وبعض غلمانهم ، فاختطفوا بعض من صدفوه فى الطريق [.....](٢)بعض البيوت ودار الإمارة ، ثم خرجوا من مكة ، ودخلها رميثة ومعه ابناه عجلان ومغامس ، فى اليوم الخميس السادس والعشرين من ذى القعدة من السنة المذكورة ، متوليا مكة بمفرده ، بعض القبض على أخيه عطيفة [......](٢)
__________________
(٢) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.
بالقاهرة ، فأمن الناس بمكة ، وقطع بعض نخيل إخوته الملائمين لأخيه عطيفة ، وبعد خروج مبارك من مكة بقليل ، التقى أخوه مسعود والقواد العمرة ، ومعهم ثقبة بن رميثة فى جهة اليمن ، وكانوا هناك يرعون ، فقتل مسعود بن عطيفة ، واثنا عشر رجلا من أصحاب مبارك ، ولم يحضر مبارك هذا الحرب ، لأنه كان فى ناحية عنهم.
ولما سمع بما تم على أصحابه من القتل ، ولّى منهزما مع صاحب له على فرسين سابقين ، فسيق خلفهما فلم يلحقا.
فلما كان سنة ثمان وثلاثين ، تعرض مبارك للجلاب الصادرة من مكة ، فنهبها وأخذ جميع ما فيها من الأموال ، وأصرفها على زبيد وكنانة ، واستنجدوا به على أحمد بن سالم صاحب حلى ، فحضر إليه مبارك ، والتقوا مع صاحب حلى ، فانكسر صاحب حلى ، ونهب مبارك ومن معه بيته وحلى ، واستنجد صاحب حلى برميثة ، فأنجده ومكنه من البلاد فسكنها.
وما عرفت شيئا من حال مبارك بعد ذلك ، سوى أنه توجه إلى سواكن وملكها ، ومات بها فى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة شهيدا ، من حربة رماه بها بعض العبيد ، وخلّف ولدا أسود اسمه منصور ، يأتى ذكره.
ومبارك بن عطيفة هذا ، ممن اتّهم بقتل الأمير ألدمر ، أمير جاندار الناصرى المقدم ذكره ، والله أعلم.
وللأديب يحيى بن يوسف المكى المعروف بالنشو ، فى الشريف مبارك بن عطيفة هذا مدائح كثيرة ، منها قصيدة أولها [من الكامل] :
قسما عليك بلحظك الفتاك |
|
من ذا بقتلى فى الهوى أفتاك |
لولاك لم يهو العذيب وبارقا |
|
فالبرق ثغرك والعذيب لماك |
أخجلت بدر التّمّ عند كماله |
|
وفضحت غصن البان فى ممشاك |
ومخلّصها :
حزت الملاحة مثل ما حاز العلا |
|
مبارك بن عطيفة مولاك |
نجل النبى محمد وسليله |
|
من منبت الشرف الرفيع الزاكى |
يحكى عليا جده ليث الوغى |
|
فى يوم مكرمة ويوم عراك |
لو لا سطاه لما دعاه عدوه |
|
عوضا عن السفاح بالسفاك |
لو لم تمت أعداؤه من سيفه |
|
ماتوا من الأخواف والأدراك |
قد خافه حتى الكرى بجفونهم |
|
تخشاه كل العرب والأتراك |
فالسيف يضحك منهم يوم الوغى |
|
والكل من خوف المنية باك |
حاز الفخار بأسره فى أسرة |
|
خدمت له الأملاك فى الأفلاك |
وله فيه من قصيدة أخرى [من الطويل] :
عليك بخير الناس جدا ووالدا |
|
ومن حسنت منه السريرة والجهر |
ومن ذا رأى الراءون مثل مبارك |
|
مليك له الإحسان والنائل الغمر |
فتى تشرق الدنيا بغرّة وجهه |
|
إذا قيل بحر قيل من دونه البحر |
يجود على العافى ويبدى اعتذاره |
|
ويعفو عن الجانى وإن عظم الوزر |
مآثره مأثورة قد تواترت |
|
بها تشهد الآثار والعين والخبر |
به قد حمى الله البلاد وصانها |
|
هو الغيث لو لا الغيث ما نبت البذر |
أباد الأعادى بالصوارم والقنا |
|
ففى كل نحر من عداه له نحر |
أجلّ ملوك الأرض قدرا ورفعة |
|
منازله معروفة دونها النسر |
تغطيت من دهرى بظل جنابه |
|
فليس يرى من بعد رؤيته الدهر |
ولم تعلم الأحداث باسمى ولا درت |
|
ولا من أنا[........](٣) |
سلالة مولانا الشريف عطيفة |
|
خيار ملوك العصر زين به العصر |
وله من قصيدة أخرى أولها [من الخفيف] :
لا تلمنى على هواه جهاله |
|
فهو بالقلب حلّه واستماله |
ومخلّصها :
بلد شرّف الإله رباها |
|
مثل ما شرف الشريف وآله |
فهو السيد الذى شاع ذكرا |
|
ملك أرفع الملوك جلاله |
وهو من خير آل أحمد بدر |
|
مستنير له من الدّست هاله |
ورث الفخر عن جدود كرام |
|
قد بنى فوق ما بنى أمثاله |
شرف ما استفاده من بعيد |
|
لا ولا أدرك العلا عن كلاله |
ومنها :
نسب بين أحمد وعلىّ |
|
فهو من خير تلك السلاله |
ملك إن سطا على الأرض يوما |
|
كاد يهفى فى الجو قلب الغزاله |
فهو كالسيف حيث يقطع حدّا |
|
ه ويستحسن الأنام مثاله |
__________________
(٣) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.
ما لأعدائه هناك مقر |
|
فهو كالشمس مدرك آماله |
يا مليكا له الملوك عبيد |
|
وجميع البلاد تهوى وصاله |
إن تكن قد حللت فى أرض مصر |
|
أنت حقا عزيزها لا محاله |
ومنها :
أنا عبد لعبد آل على |
|
فهو كاف والناس عندى فضاله |
فابق فى نعمة وملك عظيم |
|
وسرور يدوم فى كل حاله |
وله فيه من أخرى أولها [من البسيط] :
أما لقلبى لان منك يا قمر |
|
فأنت تجنى على ضعفى وأعتذر |
لا واخذ الله من يغرى بسفك دمى |
|
ظلما وإن مسّنى فى حبه الضرر |
ومنها :
أشكو إليك صباباتى وما صنعت |
|
يد الغرام بقلبى وهو منكسر |
فلم يلن قلبك القاسى لمسكنتى |
|
وقد يلين إذا حاولته الحجر |
ومنها فى المدح :
أنت الذى عقدت فى العز رايته |
|
فتى به تضرب الأمثال والسّير |
أبو خذام الذى شاعت مناقبه |
|
فالجود والفضل والإحسان مشتهر |
الأروع الندب بحر لا قرار له |
|
بدر عطاياه فى من أمّه البدر |
أسطى بنى عمه فى كل نائبة |
|
كأنه الدهر لا يبقى ولا يذر |
المكرم المنعم الموفى بذمته |
|
فمن ندى كفه قد أورق الحجر |
سلالة من رسول الله طيّبة |
|
والفرع ينمو على ما ينبت الشجر |
ماضى العزائم محمود سريرته |
|
يدرى عواقب ما يأتى وما يذر |
وله فيه من قصيدة أخرى ، يهنئه فيها بعيد الفطر ، سنة خمس وأربعين وسبعمائة ، أولها [من البسيط] :
رفقا على قلب صب مسّه السّقم |
|
لولاك ما شاقه بان ولا علم |
ومنها :
ألا تحنّ على ضعفى ومسكنتى |
|
فالراحمون من الأحباب قد رحموا |
إن كنت لا ترتضى يوما بمعذرتى |
|
ظلما فلى فى البرايا حاكم حكم |
مبارك الجود أعلى الناس منزلة |
|
تسمو به الرتبتان العلم والعلم |
ما فى ملوك الورى من جاء يشبهه |
|
ماضى العزائم فالدنيا به حرم |
من جوده نظر الأعمى بلا نظر |
|
وأنطق الأخرسان الطرس والقلم |
أجل من عقدت بالمجد رايته |
|
يعفو ويصفح إحسانا وينتقم |
وله من قصيدة يمدحه فيها [من البسيط] :
الله أكبر جاء النصر والظفر |
|
وأقبل السعد والإقبال يبتدر |
ونلت ما ترتجيه يابن فاطمة |
|
من الإله وزال الخوف والحذر |
ومنها [من البسيط] :
خضت الصعيد ومصرا والبلاد معا |
|
وما خشيت ولم يلوى بك الخبر |
وصرت تقتهر العربان قاطبة |
|
وقد أطاعك حتى الجن والبشر |
ما أنت إلا فريد العصر أوحده |
|
والشاهدان عليه الخبر والخبر |
فما سواكن أرض أو تقيم بها |
|
وما مقامك إلا الركن والحجر |
فسر إلى مكة وانزل بساحتها |
|
فأنت بالله رب العرش تنتصر |
إياك تركن فى الدنيا إلى أحد |
|
من الملوك جميعا ربما غدروا |
ما كل وقت أتى يرجى الخلاص به |
|
فأنت جرّبت والأحوال تختبر |
لا تجعلنّ يدا تحت الرحى أبدا |
|
فقول جدك فيه النصح يعتبر |
فاهرب من الناس كن منهم على حذر |
|
فربّ سار بليل غره القمر |
فالملك ليس له بين الأنام أب |
|
ولا أخ إنهم إن صودقوا مكروا |
ليس التوانى به نال المنى أحد |
|
وليس يقطع إلا الصارم الذكر |
لو لم يقم جدك المختار من مضر |
|
بالسيف ما آمن القوم الذى كفروا |
وانظر حميضة فى عزم وفى همم |
|
فإن أضداده فى عصره كثروا |
مازال فى طلب العلياء مجتهدا |
|
حتى استقامت له الأحكام والنظر |
ولم يطع لملوك الأرض أجمعهم |
|
وكان فى ملكه يرنو له البصر |
وأنت عزمك أقوى من عزائمه |
|
فما قعادك أين العين والأثر |
أمثل مكة تسلوها وتتركها |
|
عجبت منك فعنها كيف تصطبر؟ |
فإن مصرا ومن فيها بأجمعهم |
|
حتى الحجاز لعزم منك قد شكروا |
لو وازنوك بمن فى الأرض من ملك |
|
لكنت أرجح منهم مثل ما ذكروا |
ألست أكرم من يسعى الركاب له |
|
أما لرمحك هامات العدا ثمر |
فليس تركك ملكا أنت وارثه |
|
رأيا سديدا فما ذا أنت تنتظر؟ |
ومنها :
أعلامك الخضر فى الآفاق قد شهرت |
|
كأنما سار فى الدنيا بها الخضر |
أغنيت فقرى فمن أجل الغنى أبدا |
|
تهدى لمدحك منى هذه الدرر |
ومدحه الأديب عيسى بن محمد العليف أيضا بقوله [من البسيط] :
يا مالكى بخصال كلّها غرر |
|
وبالعطايا التى من دونها المطر |
ومن إذا ما سعى فى نيل مرتبة |
|
من العلا قاده التأييد والظفر |
فى كل أرض وقطر منك سابغة |
|
تسر كل صديق نشرها عطر |
مكارم يتمنّى البحر أيسرها |
|
وعزمة كل عنها الصارم الذّكر |
وهمّة فى المعالى لا يهيم بها |
|
من الخلائق إلا الشمس والقمر |
وليس ذا بعظيم منك إنك من |
|
أسد مرابضهنّ الحجر والحجر |
طابت فروعك إذ طابت منابتها |
|
إن الأصول عليها ينبت الشّجر |
ألقى عليك أبو سعد فضائله |
|
من جانبيك فطاب الخبر والخبر |
وفيك من حيدر سرّ عرفت به |
|
يوم الوغى حيث سمر الخط تشتجر |
ما قابلتك جيوش فانتصبت لها |
|
إلا وساعد فى تشتيتها القدر |
قلدتنى منك إحسانا ملكت به |
|
رقى فأنت لرق الحر مقتدر |
وللأديب شهاب الدين أحمد بن غنائم المكى فيه من قصيدة يمدحه بها ، أولها [من الكامل] :
إن شط من قرب الحبيب مزاره |
|
ونأت بغير رضا المتيم داره |
ومخلّصها :
وقف الهوى بى حيث أنت كما الثنا |
|
وقف على من طاب منه فخاره |
ملك الملوك مبارك بن عطيفة |
|
خير امرئ دلت عليه ناره |
المالك الملك الذى فخرت به |
|
فى العالمين معدّه ونزاره |
وسعى فأدرك كل ساع قبله |
|
وسمت به همّاته ووقاره |
كلف بشيد المجد وهو مولّع |
|
ببناء ما درست بلى آثاره |
هذا الذى خفّت عليه مكارم ال |
|
أفعال فاشتهرت به أخباره |
من ذا يقيس سماحة بسماحة |
|
فى الخافقين ومن له إيثاره |
يا أيها الملك الذى لولاه ما |
|
نفق المديح ولا سخا معطاره |
نفق المديح على عطائك فاستوى |
|
بالمدح فيك كباره وصغاره |
٢٤٠٠ ـ مبارك بن محمد بن عطيفة بن أبى نمى الحسنى المكى :
ابن أخى السابق ذكره. كان حسن الشكالة ، توجه إلى القاهرة فى سنة سبع
وتسعين وسبعمائة ، مع الشريف حسن بن عجلان صاحب مكة ، فقبض عليهما ، ثم أطلق الشريف حسن ، وولى إمرة مكة ، عوض أخيه علىّ فى بقية السنة ، واستمر مبارك مقبوضا عليه بالقاهرة ، ثم نقل منها إلى الإسكندرية ، مع عنان ، وعلى بن مبارك بن رميثة ، وابنه ، وجماز بن هبة ، صاحب المدينة ، واعتقلوا جميعا بالإسكندرية مدة ، ثم أطلقوا فرادى ، وكان مبارك آخرهم إطلاقا ، ثم توفى بعد ذلك بقليل ، فى أواخر سنة تسع وثمانمائة ، بظاهر القاهرة.
٢٤٠١ ـ مبارك بن وهّاس بن على بن يوسف المكى :
كان من أعيان القواد المعروفين باليواسفة ، ونال مكانة عند الشريف عنان بن مغامس ، فى ولايته الثانية على مكة ، ثم إنه بأخرة أظهر التزهد فى خدمة السلطنة والاستغناء عنهم ، ودام على ذلك ، حتى توفى فى سنة عشر وثمانمائة.
٢٤٠٢ ـ المثنى بن الصباح اليمانى الأبناوى ، أبو عبد الله ، ويقال أبو يحيى المكى :
من أبناء فارس ، نزيل مكة ، روى عن إبراهيم بن ميسرة ، وطاوس بن كيسان ، وعبد الله بن أبى مليكة ، وعطاء بن أبى رباح ، وعمرو بن دينار ، وعمرو بن شعيب ، والقاسم بن أبى بزة ، ومجاهد ، ومسافع الحجبى ، وغيرهم.
روى عنه : أيوب بن سويد الرّملى ، وخالد بن سويد المصرى ، وسعيد بن سالم القداح ، وسليم بن مسلم المكى ، وعبد الله بن رجاء المكى ، وعبد الله بن المبارك ، ويعقوب بن يوسف المكى ، وجماعة ، منهم سفيان الثّورى.
روى له : أبو داود ، والترمذى ، وابن ماجة. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت
__________________
٢٤٠٢ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ١ / ٣٤٠ ، ٦ / ٣٧ ، ٧١ ، تاريخ الدورى ٢ / ٥٤٩ ، تاريخ الدارمى ٧٨٨ ، تاريخ خليفة ٤٢٥ ، طبقات خليفة ٢٨٣ ، علل أحمد بن حنبل ١ / ٢٥٤ ، ٣١٤ ، ٢ / ٣٥٩ ، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة ١٨٤٥ ، التاريخ الصغير ٢ / ٩٧ ، الضعفاء الصغير للبخارى ٣٦٧ ، أحوال الرجال ٢٥٣ ، المعرفة ليعقوب ٢ / ١٦٥ ، الضعفاء للنسائى ٥٧٦ ، الجرح والتعديل ٨ / ١٤٩٤ ، المجروحين لابن حبان ٣ / ٢٠ ، الضعفاء للدارقطنى ٥٣٣ ، الكاشف ٣ / ٥٣٧٤ ، ديوان الضعفاء ٣٥٣٨ ، المغنى ٢ / ٥١٧٥ ، العبر ١ / ٢١٢ ، تاريخ الإسلام ٦ / ١٢٩ ، ميزان الاعتدال ٣ / ٧٠٦١ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٣٥ ـ ٣٧ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٢٨ ، خلاصة الخزرجى ٣ / ٦٨٤٦ ، شذرات الذهب ١ / ٢٢٥ ، تهذيب الكمال ١ / ٢٢٥).
أبى يقول : لا يسوى حديثه شيئا ، مضطرب الحديث. وقال عباس الدورى ، عن يحيى ابن معين : مثنى بن الصباح ، مكى ، ويعلى بن مسلم ، مكى ، والحسن بن مسلم ، مكى ، وجميعا ثقة. قال عبد الرحمن بن أبى حاتم : سألت أبى وأبا زرعة عنه ، فقالا : لين الحديث.
وقال النسائى : ليس ثقة. وقال فى موضع آخر : متروك الحديث. وقال محمد ابن سعد ، عن أحمد بن محمد الأزرقى : قال لى داود العطار : لم أدرك فى هذا المسجد أحدا ، أعبد من المثنى بن الصباح ، والزّنجى بن خالد ، وله أحاديث ، وهو ضعيف.
وذكره الفاكهى فى عباد مكة ، وقال : حدثنا أبو يحيى بن ميسرة قال : سمعت أصحابنا المكيين يقولون : كان المثنى بن الصباح ، ومسلم بن خالد ، وهو حدث ، يبتدران المقام بعد صلاة العتمة ، فأيهما سبق إليه ، كان الآخر خلفه ، فلا يزالان يصليان إلى قريب من الصبح. انتهى.
قال البخارى ، عن يحيى بن بكير : مات سنة تسع وأربعين ومائة.
وذكر اليافعى فى تاريخه : أنه توفى بمكة فى سنة تسع وأربعين ، وقال كان من أعبد الناس.
٢٤٠٣ ـ مجاهد بن جبر ، ويقال ابن جبير ، والأول أصح ، المكى ، سكن الكوفة بأخرة ، أبو الحجاج القرشى المخزومى ، مولاهم :
روى عن جماعة من الصحابة ، منهم : سراقة بن مالك بن جعشم ، وسعد بن أبى وقاص ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر ، وأبو هريرة ، وأم هانئ بنت أبى طالب ، وأم سلمة ، وعائشة الصدّيقة ـ وروايته عنها مرسلة ، على ما قال أبو حاتم ، ولكن حديثه عنها فى الصحيحين ـ وعن خلق من التابعين.
__________________
٢٤٠٣ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ١ / ٧٣ ، ٣٤٤ ، ٣ / ١٥ ، ٦ / ١٩ ، طبقات خليفة ٢٥٣٥ ، تاريخ البخارى ٧ / ٤١١ ، المعارف ٤٤٤ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٧١١ ، الجرح والتعديل ٤ / ٣١٩ ، الحلية ٣ / ٢٧٩ ، طبقات الفقهاء ٦٩ ، تاريخ ابن عساكر ١٦ / ١٢٥ ، تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ٨٣ ، تهذيب الكمال ٥٧٨٣ ، تاريخ الإسلام ٤ / ١٩٠ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٨٦ ، العبر ١ / ١٢٥ ، تذهيب التهذيب ٤ / ٢٢ ، البداية والنهاية ٩ / ٢٢٤ ، غاية النهاية ٢٦٥٩ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٤٢ ، طبقات الحفاظ ٣٥ ، خلاصة تذهيب التهذيب ٣٦٩ ، شذرات الذهب ١ / ١٢٥ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٤٩ تاريخ الدورى ٢ / ٥٤٩ ، الثقات لابن حبان ٥ / ٤١٩ ، أنساب قريش ١٣٣ ، ٣٤٦ ، ٣٥٦).
روى عنه أيوب السختيانى ، وسليم أبو عبد الله المكى ، والأعمش ، وعبد الله بن كثير القارئ ، وعبد الله بن أبى نجيح المكى ، وعبد الملك بن جريج ، وعطاء بن أبى رباح ، وعكرمة مولى ابن عباس وخلق.
روى له الجماعة. وقرأ عليه ابن كثير ، وابن محيصن ، وأبو عمرو بن العلاء ، قال أبو محمد بن عبد الله الأنصارى ، عن أبى الليث الفضل بن ميمون : سمعت مجاهدا يقول : عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة ، وجاء عنه ، أنه كان يسأله عن كل آية ، فيم نزلت ، وكيف كانت؟ قال الذهبى : وهذا ثابت عنه. وقال عبد السلام بن حرب عن خصيف : كان أعلمهم بالتفسير مجاهد ، وبالحج عطاء. قال ابن حبان : كان فقيها عابدا متقنا ، وكان يقص.
وذكره ابن عبد البر فى فقهاء مكة ، من أصحاب ابن عباس. ويروى عن مجاهد ، أنه قال : ربما أخذ لى ابن عمر بالركاب. انتهى. وهذه منقبة. قال سفيان الثورى ، عن سلمة ابن كهيل : ما رأيت أحدا أراد بهذا العلم وجه الله ، إلا عطاء وطاوسا ومجاهدا. وروى عن مجاهد ، قال : قال لى ابن عمر : وددت أن نافعا يحفظ حفظك ، وأن علىّ درهما زائفا. قلت : هلا كان جيدا؟ قال : هكذا كان فى نفسى. وقال أبو عبيد الآجرّى : قلت لأبى داود : مراسيل عطاء أحب إليك ، أو مراسيل مجاهد؟ قال : مراسيل مجاهد ، عطاء كان يحمل عن كل ضرب. انتهى.
واتفقوا على توثيقه وإمامته ، واختلف فى وفاته ، فقيل سنة مائة. قال الهيثم بن عدى: قيل سنة إحدى ومائة ، وهو ابن ثلاث وثمانين ، قاله يحيى بن بكير ، وقيل سنة اثنتين ومائة ، قاله أبو نعيم. وقيل سنة ثلاث ومائة. قاله عثمان بن الأسود ، والقاسم بن سلام ، وغيرهم. وقيل سنة أربع ومائة ، ومولده فى خلافة عمر رضى الله عنه سنة عشرين ، وكان قاضيا ، وتوفى وهو ساجد بمكة ، على ما ذكر ابن حبان.
وذكره محمد بن سعد ، فى الطبقة الثانية من أهل مكة ، اختلف فى ولائه ، فقيل هو مولى عبد الله بن السائب بن أبى السائب المخزومى ، قاله أحمد بن حنبل ، والبخارى ، وإليه ذهب عبد الغنى بن سعيد الحافظ ، وقيل مولى قيس بن السائب بن عويمر بن عايد المخزومى ، قاله مصعب بن عبد الله الزبيرى ، وابن مهدى ، وابن المدينى ، وابن سعد ، وقيل مولى السائب بن أبى السائب ، حكاه المزى فى التهذيب.
٢٤٠٤ ـ محرز بن حارثة بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصى بن كلاب القرشى العبشمى ، أمير مكة :
قال الزبير بن بكار : استخلفه عتاب بن أسيد على مكة ، فى سفر سافره وبنوه بالكوفة.
وقال ابن عبد البر : استخلفه عتّاب بن أسيد على مكة ، فى سفرة سافرها ، ثم ولاه عمر بن الخطاب مكة فى أول ولايته ، ثم عزله ، وولّى قنفذ بن عمير التميمى ، وقتل محرز يوم الجمل. يعدّ فى المكيين ، وبنوه بمكة. وذكر ابن قدامة معنى ذلك ، إلا أنه قال : ابن ربيعة بن عبد شمس.
٢٤٠٥ ـ محرز بن سلمة بن يزداد المكى ، المعروف بالعدنى :
يقال حج ثلاثا وثمانين حجة ، روى عن : عبد العزيز بن أبى حازم ، وعبد العزيز بن محمد الدّراوردىّ ، ومالك بن أنس ، والمغيرة بن عبد الرحمن المخزومى ، والمنكدر بن محمد ابن المنكدر ، ونافع بن عمر الجمحى.
روى عنه : ابن ماجة ، وأبو يعلى الموصلى ، وأبو بكر بن أبى عاصم ، وأبو بكر حاتم ابن إسماعيل ، وعبد الله بن محمد بن الوليد الأزرقى ، ومطيّن ، ومحمد بن على بن زيد الصائغ ، ويحيى بن إسحاق الأنصارى القاضى. ذكره ابن حبان فى الثقات ، وقال : محرز ابن سلمة البغدادى ، أصله من مكة. انتهى.
وتوفى سنة أربع وثلاثين ومائتين. قاله ابن أبى عاصم. ولم يذكره الخطيب فى تاريخ بغداد. كتبت هذه الترجمة من التهذيب بلفظه فى الغالب ، وهو بحاء مهملة وبعدها راء مهملة ، ثم زاى معجمة.
٢٤٠٦ ـ محرز بن نضلة بن عبد الله بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان ابن أسد الأسدى ، من بنى أسد بن خزيمة ، يكنى أبا نضلة :
حليف لبنى عبد شمس ، وكانت بنو عبد الأشهل يذكرون أنه حليفهم. شهد بدرا وأحدا والخندق ، وخرج مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إلى غزوة الغابة يوم السرح ، حين أغير على
__________________
٢٤٠٤ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٥٥١ ، الإصابة ترجمة ٧٧٦٠ ، أسد الغابة ترجمة ٤٦٨٧).
٢٤٠٥ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ترجمة ١٥٨٧ ، المعجم المشتمل ١٠٢٥ ، الكاشف ٣ / ٥٤٠٣ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٥٦ ، تقريب التهذيب ١٠ / ٥٦ ، خلاصة الخزرجى ترجمة ٦٨٧١ ، تهذيب الكمال ٥٨٠٢)
٢٤٠٦ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٣٤٢ ، الإصابة ترجمة ٧٧٦٢ ، أسد الغابة ترجمة ٤٦٩٢).
لقاح رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو صاحب ذلك اليوم ، وهى غزوة ذى قرد ، سنة ست ، فقتله مسعدة بن حكمة ، وكان يوم قتل ، ابن سبع وثلاثين ، أو ثمان وثلاثين سنة ، يقال له الأحوم ، ويلقّب فهيرة. وقال فيه موسى بن عقبة : محرز بن وهب ، ولم يقل محرز بن نضلة ، وذكره فيمن شهد بدرا ، من حلفاء بنى عبد شمس.
٢٤٠٧ ـ محرّش بن سويد بن عبد الله بن مرة الكعبى الخزاعى :
معدود فى أهل مكة ، روى عنه حديث واحد ، وهو أن النبى صلىاللهعليهوسلم اعتمر من الجعرّانة ، ثم أصبح كبائت ، قال : فرأيت ظهره كأنه سبيكة فضة.
روى عنه عبد العزيز بن عبد الله بن أسيد.
روى له أبو داود ، والترمذى ، والنسائى. واختلف فى ضبط «محرش» فقيل بميم مضمومة وحاء مهملة مفتوحة وراء مهملة مكسورة مشددة وشين معجمة ، هكذا قيده ابن ماكولا ، وقيل بخاء معجمة. قال على ابن المدينى : زعموا أن ذلك هو الصواب فيه.
٢٤٠٨ ـ محفوظ بن سليمان [..........](١).
٢٤٠٩ ـ محمود بن جمال الدين أبى طاهر الهروى الناسخ :
جاور بمكة مدة ، وسمع بها الكثير ، على الشيخ جمال الدين الأميوطى ، والعفيف عبد الله بن محمد النشاورى ، وغيرهما من شيوخنا ، بالسماع والإجازة ، وكتب بخطه الكثير ، ووقف كتبا فى الحديث والفقه ، وجعل مقرّها برباط الخوزى بمكة ، واشتهر بالخير ، وقد سألت عنه شيخنا ابن ظهيرة فقال : كان رجلا صالحا. انتهى.
توفى فى أوائل سنة ست وتسعين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، وكان يسكن فى رباط غزى بأجياد ، من مكة.
__________________
٢٤٠٧ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ٦ / ١٤ ، طبقات خليفة ١٠٨ ، ٢٧٨ ، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة ٢١٢٩ ، المعرفة ليعقوب ٣ / ٢٧٩ ، الثقات لابن حبان ٣ / ٣٩٩ ، الاستيعاب ترجمة ٢٥٥٩ ، أسد الغابة ترجمة ٤٧٩٤ ، الكاشف ٣ / ٥٤٠٧ ، التجريد ٢ / ٥٨٨ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٥٨ ، الإصابة ترجمة ٧٨٥٣ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٣٢ ، خلاصة الخزرجى ٣ / ٣٧٢ ، تهذيب الكمال ٥٨٠٧).
٢٤٠٨ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.
٢٤١٠ ـ محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمى الحنفى ، أبو القاسم ، المعروف بالزمخشرى :
الملقب جار الله ، لطول إقامته بمكة ، صاحب الكشاف ، وغير ذلك من التصانيف الثابتة فى أصول العلم ، الدالة على وفور فضله.
ولد سحر يوم الأربعاء ، سابع عشرى رجب سنة سبع وستين وأربعمائة بزمخشر ، قرية من قرى خوارزم ، ودخل بغداد قبل سنة خمسمائة ، وسمع بها من أبى الخطاب نصر بن البطر وغيره ، وتوجه إلى الحجاز ، فأقام هناك مدة مجاورا بمكة ، يفيد ويستفيد ، فقرأ على ابن طلحة اليابرى الأندلسى ، وكان رحل بسببه من خوارزم ، ثم عاد إلى خوارزم ، فأقام بها مدة ، ثم قدم إلى بغداد ، بعد الثلاثين وخمسمائة ، ولقى بها الشريف العالم أبا السعادات هبة الله بن على بن محمد بن حمزة العلوى الحسنى المعروف بابن الشجرى ، أنشد الشريف الشجرى الإمام الزمخشرى ، لما قدم عليهم بغداد [من الطويل] :
وأستكثر الأخبار قبل لقائه |
|
فلما التقينا صدّق الخبر الخبر |
والعلامة اللغوى أبا منصور الجواليقى وغيرهما ، واعترفوا بفضله ، وأثنوا على علمه. رأيت بخط الوالد عمر بن فهد رحمهالله ، ما صورته : روى عنه أبو المحاسن إسماعيل بن عبد الله الطويل ، وأبو سعد أحمد بن محمود الشاشىّ وغيرهما. انتهى.
وقد روى عن الزمخشرى كتابه الكشاف ، القاضى أبو المعالى يحيى بن عبد الرحمن بن
__________________
٢٤١٠ ـ انظر ترجمته فى : (الأنساب ٦ / ٢٩٧ ، ٢٩٨ ، نزهة الألباب ٣٩١ ـ ٣٩٣ ، المنتظم ١٠ / ١١٢ ، معجم البلدان ٣ / ١٤٧ ، معجم الأدباء ١٩ / ١٢٦ ـ ١٣٥ ، اللباب ٢ / ٧٤ ، الكامل ١١ / ٩٧ ، إنباه الرواة ٣ / ٢٦٥ ـ ٢٧٢ ، وفيات الأعيان ٥ / ١٦٨ ـ ١٧٤ ، المختصر فى أخبار البشر ٣ / ١٦ ، البدر السافر ١٩٣ ، تاريخ الإسلام وفيات سنة ٥٣٨ ، ميزان الاعتدال ٤ / ٧٨ ، العبر ٤ / ٩٠٦ ، دول الإسلام ٢ / ٥٦ ، تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٨٣ ، تلخيص ابن مكتوم ٢٤٣ ، ٢٤٤ ، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ٢٢٨ ، ٢٢٩ ، تتمة المختصر ٢ / ٧٠ ، ٧١ ، مرآة الجنان ٣ / ٢٦٩ ـ ٢٧١ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢١٩ ، الجواهر المضية ٢ / ١٦٠ ، ١٦١ ، طبقات المعتزلة ٢٠ ، طبقات ابن قاضى شهبة ٢ / ٢٤١ ـ ٢٤٤ ، لسان الميزان ٦ / ٤ ، النجوم الزاهرة ٥ / ٢٧٤ ، تاج التراجم ٧١ ، بغية الوعاة ٢ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ، طبقات المفسرين للسيوطى ٤١ ، طبقات المفسرين للداودى ٢ / ٣١٤ ـ ٣١٦ ، طبقات الفقهاء ١٦٧٤ ، ١٧٧٤ ، ١٧٨٧ ، شذرات الذهب ٤ / ١١٨ ، ١٢١ ، الفوائد البهية ٢٠٩ ، ٢١٠ ، روضات الجنان ٦٨١ ـ ٦٨٤ ، إيضاح المكنون ١ / ٦٧ ، ٢ / ٨٦ ، هدية العارفين ٢ / ٤٠٢ ، ٤٠٣ ، معجم المطبوعات ٩٧٣ ، الفهرس التمهيدى ٢٥٩ ، ٣٠٣ ، كنوز الأجداد ٢٩١ ـ ٢٩٤ ، تاريخ بروكلمان ٥ / ٢١٥ ، ٢٣٨ ، سير أعلام النبلاء ٢٠ / ١٥١).
على الشيبانى ، قاضى مكة المشرفة ، لأنى رأيت فى فهرست الفقيه أبى إسحاق إبراهيم ابن محمد بن عيسى بن مطير اليمنى ، أن القاضى أبا المعالى ماجد بن سليمان الفهرى ، ابن أخت القاضى أبى المعالى الشيبانى ، روى الكشاف عن خاله أبى المعالى المذكور ، بروايته عن مؤلفه بالحرم الشريف ، وخاتمه الرواة عنه ، أم المؤيد زينب بنت عبد الرحمن الشّعريّة ، لها منه إجازة ، تفردت بها عنه ، ومن طريقها وقع لنا حديثه.
وأجاز لأبى طاهر بركات بن إبراهيم الخشوعى ، والحافظ : أبى الطاهر أحمد بن محمد السلفى ، بسؤاله له فى ذلك ، بعد أن تأبى عليه الزمخشرى ، وذكره فى كتاب «الوجيز فى ذكر المجاز والمجيز» وقال بعد أن ترجمه بالعلامة : أحد أفراد الدهر فى علوم متنوعة وفنون مختلفة ، وبالخصوص فى النحو واللغة ، وله شعر رائق ، وترسّل فائق ، وتواليف مفيدة ، وقد جاور بمكة مدة مديدة. انتهى.
وذكره ابن خلكان فى تاريخه ، فقال : الإمام الكبير فى التفسير والحديث والنحو واللغة وعلم البيان ، كان إمام عصره غير مدافع ، تشدّ إليه الرحال فى فنونه ، أخذ الأدب عن أبى منصور نصر ، وصنف التصانيف البديعة ، منها : الكشاف فى تفسير القرآن العظيم ، لم يصنف قبله مثله ، والفائق فى تفسير الحديث ، وأساس البلاغة فى اللغة ، وربيع الأبرار ، ونصوص الأخبار ، ومتشابه أسامى الرواة ، والنصائح الكبار ، والنصائح الصغار ، وضالة الناشد ، والرائض فى علم الفرائض ، والمفصل فى النحو ـ وقد اعتنى بشرحه خلق كثير ـ والأنموذج فى النحو ، والمفرد والمؤلف فى النحو ، ورءوس المسائل فى الفقه وشرح أبيات سيبويه. والمستقصى فى أمثال العرب. وصميم العربية. وسوائر الأمثال ، وديوان التمثيل ، وشقائق النعمان فى حقائق النعمان ، وشافى العىّ من كلام الشافعى ، والقسطاس فى العروض ، ومعجم الحدود ، والمنهاج فى الأصول ، ومقدمة الأدب ، وديوان الرسائل ، وديوان الشعر ، والرسالة الناصحة ، والأمالى فى كل فن ، وغير ذلك.
وكان شروعه فى تأليف «المفصّل» فى غرّة شهر رمضان سنة ثلاث عشرة وخمسمائة ، وفرغ منه فى غرة المحرم سنة خمس عشرة وخمسمائة ، وكان قد سافر إلى مكة حرسها الله تعالى ، وجاور زمانا ، فصار يقال له جار الله لذلك ، وكان هذا الاسم علما عليه ، وسمعت من بعض المشايخ ، يقول : إن إحدى رجليه كانت ساقطة ، وأنه كان يمشى فى جارن خشب ، وكان سبب سقوطها ، أنه كان فى بعض أسفاره ببلاد خوارزم ، أصابه ثلج كثير وبرد شديد فى الطريق ، فسقطت منه رجله ، وأنه كان بيده محضر فيه شهادة خلق كثير ، ممن اطلعوا على حقيقة ذلك ، خوفا من أن يظنّ ظان ممن
لم يعلم صورة الحال أنها قطعت لريبة ، والثلج والبرد كثيرا ما يؤثر فى الأطراف فى تلك البلاد فتسقط ، خصوصا خوارزم ، فإنها فى غاية البرد.
ولقد شاهدت خلقا كثيرا ممن سقطت أطرافهم بهذا السبب ، فلا يستبعده من لم يعهده. ورأيت فى تاريخ بعض المتأخرين ، أن الزمخشرى لما دخل بغداد ، واجتمع بالفقيه الحنفى الدامغانى ، وسأله عن سبب قطع رجله ، فقال : دعاء الوالدة ، وذلك أننى كنت فى صباى ، أمسكت عصفورا وربطته بخيط فى رجله ، فانفلت من يدى ، فأدركته وقد دخل فى خرق فجذبته ، فانقطعت رجله فى الخيط ، فتألّمت والدتى لذلك ، وقالت : قطع الله رجل الأبعد ، كما قطعت رجله ، فلما وصلت إلى سنّ الطلب ، رحلت إلى بخارى لطلب العلم ، فسقطت عن الدابة ، فانكسرت رجلى ، وعملت علىّ عملا أوجب قطعها. والله تعالى أعلم بالصحة.
وكان الزمخشرى المذكور ، معتزلى الاعتقاد متظاهرا به ، حتى نقل عنه ، أنه كان إذا قصد صاحبا له واستأذن عليه فى الدخول ، يقول لمن يأخذ له الإذن : قل له أبو القاسم المعتزلى بالباب.
وأول ما صنّف كتاب «الكشاف» كتب استفتاح الخطبة : «الحمد لله الذى خلق القرآن» فيقال إنه قيل له : متى تركته على هذه الهيئة هجره الناس ، ولا يرغب أحد فيه ، فغيّرها بقوله : «الحمد لله الذى جعل القرآن» و «جعل» عندهم بمعنى «خلق» والبحث فى ذلك يطول ، ورأيت فى كثير من النسخ : الحمد لله الذى أنزل القرآن. وهذا إصلاح الناس لا إصلاح المؤلف.
وكان أبو الطاهر أحمد بن محمد السلفى المقدم ذكره ، قد كتب إليه من الإسكندرية ، وهو يومئذ يجاور بمكة ، يستجيزه فى مسموعاته ومصنفاته ، فرد عليه جوابه بما لا يشفى الغليل ، فلما كان فى العام الثانى ، كتب إليه أيضا مع بعض الحجاج استجازة أخرى ، اقترح فيها مقصوده ، ثم قال فى آخرها : «ولا يحوج أدام الله توفيقه إلى المراجعة ، فالمسافة بعيدة ، وقد كاتبته فى السنة الماضية فلم يجب بما يشفى الغليل ، وله فى ذلك الأجر الجزيل».
فكتب الزمخشرى سامحه الله جوابه ، ولو لا خوف التطويل ، لكتبت الاستدعاء والجواب ، لكن نقتصر على بعض الجواب فنذكر شيئا من ذلك ، وقد رأيت أنى أثبت السؤال والجواب بنصه ، لما فى ذلك من الفوائد ، على ما وجدته منقولا فى نسخة منقولة ، من نسخة نسخت من الأصل ، ونص ذلك :
بسم الله الرحمن الرحيم. ربّ أعن يا كريم ، إن رأى الشيخ الأجل العالم العلامة ، أدام الله توفيقه ، أن يجيز جميع مسموعاته وإجازاته ورواياته ، وما ألفه فى فنون العلم ، وأنشأه من المقامات والرسائل والشعر ، لأحمد بن محمد بن أحمد السلفى الأصبهانى ، ويذكر مولده ونسبه ، إلى أعلى أب يعرفه ، ويثبت كل ذلك بخطه تحت هذا الاستدعاء ، مضافا إليه ذكر ما صنفه ، وذكر شيوخه الذين أخذ عنهم ، وما سمع عليهم من أمهات المهمات ، حديثا كان أو لغة أو نحوا أو بيانا فعل مثابا ، وإن تم إنعامه بإثبات أبيات قصار ، ومقطوعات ، مستفادة فى الحكم والأمثال والزهد ، وغير ذلك من نظمه ، ومما أنشده شيوخه من قبلهم ، أو من قبل شيوخهم ، بعد تسميته كلّا منهم ، وإضافة شعره إليه. والشرط فى كل هذا ، أن يكون بالإسناد المتصل إلى قائله ، كان له الفضل.
وكذلك إن أصحبه شيئا من رواياته ، وأنعم بكتب أحاديث عالية ، والله تعالى يوفقه ويحسن جزاءه ، ويطيل لنشر العلم والإفادة بقاءه. ويعلم وفقه الله تعالى ، أنه قد وقع إلينا كتاب من يعقوب بن شيرين الجندى إليه ، وفيه قصيدة يرثى بها البرهان البخارى ، والحاجة داعية إلى معرفة اسمه ونسبه وضبطه ، هل هو ابن شيرين بالشين المعجمة ، أو بالسين المهملة ، وكذلك الجندى ، بفتح الجيم والنون ، أو ضم الجيم وإسكان النون بعدها ، والحمد لله حق حمده ، وصلواته على سيدنا محمد نبيه وعبده ، وعلى آله وأصحابه أجمعين من بعده ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
فأجابه : بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم غفرا ، أسأل الله أن يطيل بقاء الشيخ العالم ، ويديمه لعلم يغوص على جواهره ، ويفتق الأفئدة عن ذخائره ، ويوفقه للعمل الصالح ، الذى هو من أعراض العقل ، ومطمح أبصار المرابطين إلى غايات الفضل ، ولقد عثرت من مقاطر قلمه ، على جملة تتأدّى على غزارة بحره وتصبى القلوب إلى الدين بسموط دره ، وأما ما طلب عندى ، وخطب إلىّ من العلوم والدرايات ، والسماعات والروايات ، فثياب خلقت علىّ من بينهن الثياب ، ثم دفنتهنّ وحثوت عليهنّ التراب ، وذلك حين آثرت الطريقة الأويسية على سائر الطرائق ، وأخذت نفسى برفض الحجب والعوائق ، ونقلت كتبى كلها ، إلى مشهد أبى حنيفة ، فوقفتها وأصفرت منها يدى إلا دفترا ، قد تركته تميمة فى عضدى ، وهو كتاب الله الحبل المتين ، والصراط المبين ، لأهب ما قعدت بصدده كلّى ، وألقى عليه وحده ظلى ، لا يشغلنى عنه بعض ما يجعل الرأى مشتركا ، ويرد القلب مقتسما. ولذت بحرم الله المعظم ، وبيته المحرم ، وطلقت ما ورائى بتّا ، وكفتّ ذيلى عنه كفتا ، ما بى إلا همّ خويصتى ، وما يلهينى إلا النظر فى قصتى ، أنتظر داعى الله صباحا ومساء ، وكأنى بى وقد امتطيت الآلة الحدباء قد وهنت العظام