تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٣

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٣

فقال : آدم وحوّاء وكبش إبراهيم (١) وعصا موسى وناقة صالح والخفّاش الّذي عمله عيسى بن مريم ، فطار بإذن الله تعالى.

(وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ) : الّذي ولد أعمى ، والممسوح العين.

(وَالْأَبْرَصَ) : الّذي به البرص ، نقل (٢) : أنّه ربّما يجتمع عليه ألوف من المرضى ، من أطاق منهم أتاه ، ومن لم يطق أتاه عيسى. وما يداوي إلّا بالدّعاء.

(وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ) :

كرّره لدفع توهّم الألوهيّة (٣) فإنّ الإحياء ليس من جنس الأفعال البشريّة.

وفي عيون الأخبار (٤) ، بإسناده إلى أبي يعقوب البغداديّ قال : قال ابن السّكيت لأبي الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ : لما ذا بعث الله موسى بن عمران بيده البيضاء [والعصا] (٥) وآلة السّحر ، وبعث عيسى بالطّبّ ، وبعث محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ بالكلام والخطب؟

فقال له أبو الحسن ـ عليه السّلام ـ : إنّ الله تعالى لمّا بعث موسى ـ إلى أن قال ـ : وإن الله تعالى بعث عيسى ـ عليه السّلام ـ في وقت ظهرت فيه الزّمانات واحتاج النّاس إلى الطّب ، فأتاهم من عند الله تعالى بما لم يكن عندهم مثله ، وإنّما أحيا لهم الموتى وأبرأ الأكمه (٦) والأبرص بإذن الله تعالى وأثبت به الحجّة عليهم.

وفي روضة الكافي (٧) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن ابن محبوب ، عن أبي جميلة ، عن أبان بن تغلب وغيره ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل : هل كان عيسى بن مريم أحيا أحدا بعد موته حتّى كان له أكل ورزق ومدّة وولد؟

فقال : نعم ، إنّه كان له صديق مؤاخ له في الله تعالى وكان عيسى

__________________

(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : إسماعيل.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ١٦١ ـ ١٦٢.

(٣) الأصل : اللاهوتيّة. وما أثبتناه في المتن موافق أو أنوار التنزيل ١ / ١٦٢.

(٤) عيون أخبار الرضا ٢ / ٧٩ ـ ٨٠ ، ضمن حديث ١٢.

(٥) من أ. وفي المصدر : «بالعصا ويده البيضاء» بدل «بيده البيضاء والعصا».

(٦) المصدر : أبرأ لهم الأكمه.

(٧) الكافي ٨ / ٣٣٧ ، ح ٥٣٢.

١٠١

ـ عليه السّلام ـ يمرّ به وينزل عليه ، وأنّ عيسى ـ عليه السّلام ـ غاب عنه حينا ثمّ مرّ به ليسلّم عليه ، فخرجت إليه أمّه فسألها عنه ، فقالت : مات يا رسول الله. قال : أفتحبّين أن تريه (١)؟ قالت : نعم. فقال لها : فإذا كان غدا فآتيك حتّى أحييه لك بإذن الله ـ تبارك وتعالى ـ فلمّا كان من الغد أتاها ، فقال لها : انطلقي معي إلى قبره. فانطلقا حتّى أتيا قبره فوقف [عليه] (٢) عيسى ـ صلّى الله عليه ـ. ثمّ دعا الله ـ عزّ وجلّ ـ فانفرج القبر وخرج ابنها حيّا. فلمّا رأته أمّه ورآها بكيا. فرحمهما عيسى ـ عليه السّلام ـ فقال [له].(٣) عيسى : أتحبّ أن تبقى مع أمّك في الدّنيا؟ فقال : يا نبي الله بأكل ورزق ومدّة أم بغير أكل ورزق ومدّة (٤)؟ فقال له عيسى ـ عليه السّلام ـ : بأكل ورزق ومدّة [و] (٥) تعمّر عشرين سنة وتزوّج ويولد لك ، قال : نعم إذا.

قال : فدفعه عيسى إلى أمّه فعاش عشرين سنه [تزوّج] (٦) وولد له.

وفي الكافي (٧) : عليّ بن محمّد ، عن بعض أصحابنا ، عن عليّ بن الحكم ، عن ربيع بن محمّد ، عن عبد الله بن سليم العامريّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ عيسى بن مريم جاء إلى قبر يحيى بن زكريّا ـ عليهما السّلام ـ وكان سأل ربّه أن يحييه له ، فدعاه فأجابه وخرج إليه من القبر ، فقال له : ما تريد منّي؟ فقال له : أريد أن تؤنسني كما كنت في الدّنيا ، فقال له : يا عيسى ما سكنت عنّي حرارة الموت وأنت تريد أن تعيدني إلى الدّنيا وتعود عليّ حرارة الموت ، فتركه فعاد إلى قبره.

(وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ) : بالمغيبات من أحوالكم الّتي لا تشكّون فيها.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٨) ، حدّثنا أحمد بن محمّد الهمدانيّ قال : حدّثني جعفر بن عبد الله قال : حدّثنا كثير بن عيّاش ، عن زياد بن المنذر [عن] (٩) أبي الجارود ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ في قوله : ([وَ]) (١٠) (أُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ [فِي بُيُوتِكُمْ)] (١١) فإنّ عيسى ـ عليه السّلام ـ كان يقول لبني إسرائيل :

__________________

(١) المصدر : تراه.

(٢) من المصدر.

(٣) من المصدر.

(٤) المصدر وا : ولا رزق ولا مدة.

(٥ و ٦) من المصدر.

(٧) الكافي ٣ / ٢٦٠ ، ح ٣٧.

(٨) تفسير القمي ١ / ١٠٢.

(٩ و ١٠) و ١١ ـ من المصدر.

١٠٢

(إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ) و (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ) ، والأكمه هو الأعمى. قالوا : ما نرى الّذي تصنع إلّا سحرا. فأرنا آية نعلم أنّك صادق. قال : أرأيتم (١) إن أخبرتكم بما تأكلون وما تدّخرون في بيوتكم (٢) ، يقول : ما أكلتم في بيوتكم قبل أن تخرجوا وما ادّخرتم باللّيل (٣) تعلمون أنّي صادق. قالوا : نعم. فكان يقول للرّجل (٤) : أكلت كذا وكذا وشربت كذا وكذا ورفعت كذا وكذا. فمنهم من يقبل منه فيؤمن. ومنهم من ينكر فيكفر (٥). وكان لهم في ذلك آية إن كانوا مؤمنين.

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٤٩) : موفّقين للإيمان ، فإنّ غيرهم لا ينتفع بالمعجزات. أو مصدّقين بالحقّ غير معاندين.

وفي كتاب الاحتجاج (٦) للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ : روي عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي ـ عليهم السّلام ـ أنّه قال : إنّ يهوديّا من يهود الشّام وأحبارهم قال لعلّي ـ عليه السّلام ـ في أثناء كلام طويل ـ : فإنّ هذا عيسى بن مريم تزعمون (٧) أنّه تكلّم في المهد صبيّا؟

قال له عليّ ـ عليه السّلام ـ : لقد كان كذلك. ومحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ سقط من بطن أمّه واضعا يده اليسرى على الأرض ورافعا يده اليمنى (٨) إلى السّماء ، يحرّك شفتيه بالتّوحيد ، وبدا من فيه نور رأى أهل مكّة [منه] (٩) قصور بصرى من الشام وما يليها والقصور الحمر من أرض اليمن وما يليها والقصور البيض من إصطخر (١٠) وما يليها ، ولقد أضاءت الدّنيا ليلة ولد النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ حتّى فزعت الجنّ والإنس والشّياطين ، وقالوا : حدث في الأرض حدث.

قال له اليهوديّ : فإنّ عيسى يزعمون أنّه خلق من الطّين كهيئة الطّير فينفخ (١١) فيه فكان طيرا بإذن الله ـ عزّ وجلّ ـ.

__________________

(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : أرأيتكم.

(٢) «في بيوتكم» ليس في المصدر.

(٣) المصدر : «ذخرتم الليل» بدل «ادّخرتم بالليل».

(٤) النسخ : «انت» بدل «للرجل».

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «يكفر» بدل «ينكر فيكفر».

(٦) الاحتجاج ١ / ٣١٤ ـ ٣٣٥ ، مقاطع من الحديث.

(٧) أور : أيزعمون.

(٨) ليس في أ.

(٩) من المصدر.

(١٠) المصدر : اسطخر.

(١١) المصدر : فنفخ.

١٠٣

فقال له عليّ ـ عليه السّلام ـ : لقد كان كذلك ، ومحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ قد فعل ما هو شبيه لهذا ، إذ أخذ يوم حنين حجرا فسمعنا للحجر تسبيحا وتقديسا. ثمّ قال للحجر : انفلق ، فانفلق ثلاث فلق يسمع لكلّ فلقة منها تسبيح لا يسمع للأخرى.

ولقد بعث إلى شجرة يوم البطحاء فأجابته ولكلّ غصن منها تسبيح وتهليل وتقديس. ثمّ قال لها : انشقّي ، فانشقّت نصفين. ثمّ قال لها : التزقي ، فالتزقت. ثمّ قال لها : اشهدي لي (١) بالنّبوّة ، فشهدت.

ثمّ قال له اليهوديّ : فإنّ عيسى تزعمون (٢) أنّه قد أبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله ـ عزّ وجلّ ـ.

فقال له عليّ ـ عليه السّلام ـ : لقد كان كذلك ، ومحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ أعطي ما هو أفضل [من ذلك] (٣) أبرأ ذا العاهة من عاهته ، فبينما (٤) هو جالس إذ سأل عن (٥) رجل من أصحابه ، فقالوا (٦) : يا رسول الله إنّه قد صار في (٧) البلاء كهيئة الفرخ [الّذي] (٨) لا ريش عليه. فأتاه ـ عليه السّلام ـ فإذا هو كهيئة الفرخ من شدّة البلاء. فقال له : قد كنت تدعو في صحّتك دعاء. قال : نعم. كنت أقول : يا ربّ أيّما عقوبة أنت معاقبي بها في الآخرة فعجّلها (٩) لي في الدّنيا. فقال له النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ألا قلت : اللهمّ (آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ). فقالها [الرّجل] (١٠) فكأنّما نشط من عقال وقام صحيحا وخرج معنا.

ولقد أتاه رجل من جهينة أجذم يتقطّع من الجذام. فشكا إليه ـ صلّى الله عليه وآله ـ. فأخذ قدحا من ماء فتفل فيه. ثمّ قال : امسح به (١١) جسدك. ففعل ، فبرئ حتّى لم يوجد فيه (١٢) شيء.

ولقد أتي النبيّ بأعرابيّ (١٣) أبرص. فتفل [من] (١٤) فيه [عليه] (١٥) فما قام من عنده إلّا

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) المصدر : يزعمون.

(٣ و ٨ و ١٠ و ١٤ و ١٥) من المصدر.

(٤) المصدر : وبينما.

(٥) ليس في المصدر.

(٦) هكذا في المصدر. وفي النسخ : فقال.

(٧) المصدر : من.

(٩) المصدر : فاجعلها.

(١١) ليس في المصدر.

(١٢) المصدر : عليه.

(١٣) النسخ : «أتى العربيّ» بدل «أتي النبيّ بأعرابيّ». وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.

١٠٤

صحيحا.

ولئن زعمت أنّ عيسى ـ عليه السّلام ـ أبرأ ذوي العاهات (١) من عاهاتهم ، فإنّ محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ بينما هو في بعض (٢) أصحابه إذا (٣) هو بامرأة فقالت : يا رسول الله إنّ ابني قد أشرف على حياض الموت كلّما أتيته بطعام وقع عليه التّثاؤب. فقام النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقمنا معه. فلمّا أتيناه قال له ، جانب يا عدوّ الله وليّ الله (فأنا) (٤) رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. فجانبه الشّيطان ، فقام صحيحا وهو معنا في عسكرنا.

ولئن زعمت أنّ عيسى بن مريم أبرأ العميان (٥) ، فإنّ محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ قد فعل ما هو أكثر من ذلك ، إنّ قتادة بن ربعي كان رجلا صحيحا ، فلمّا كان يوم أحد أصابته طعنة في عينه ، فبدرت حدقته فأخذها بيده ، ثمّ أتى بها النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : يا رسول الله إنّ امرأتي الآن تبغضني ، فأخذها رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من يده ، ثمّ وضعها مكانها ، فلم تكن تعرف إلّا بفضل حسنها وفضل ضوئها على العين الأخرى.

ولقد خرج عبد الله بن عتيك (٦) وبانت يده يوم حنين ، فجاء إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ ليلا ، فمسح عليه يده ، فلم تكن تعرف من اليد الأخرى.

ولقد أصاب محمّد بن مسلمة يوم كعب بن الأشرف (٧) مثل ذلك في عينه ويده ، فمسحه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فلم يستبينا.

ولقد أصاب عبد الله بن أنيس مثل ذلك في عينه (٨) ، فمسحها فما عرفت من الأخرى ، فهذه كلّها دلالة لنبوّته ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

قال له اليهوديّ : فإنّ عيسى يزعمون أنّه أحيا الموتى بإذن الله.

__________________

(١) هكذا في النسخ. وفي المصدر : ذا العاهات.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) المصدر : إذ.

(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : فأتاه.

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : العمياء.

(٦) المصدر : «عبد الله بن عبيد» وقيل فيه : «في بعض النسخ : عتيك» والظاهر هو الأصوب. كذا ورد في النسخ. ر. تنقيح المقال ٢ / ١٩٧ ، رقم ٦٩٤٧.

(٧) المصدر : كعب بن أشرف.

(٨) «في عينه» ليس في ر.

١٠٥

قال له عليّ ـ عليه السّلام ـ : لقد كان ذلك ، ومحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ سبّحت في يده تسع حصيات فسمع نغماتها في جمودها ولا روح فيها لتمام حجّة نبوّته ، ولقد كلمه الموتى (١) من بعد موتهم واستغاثوه ممّا خافوا تبعته. ولقد صلّى بأصحابه ذات يوم فقال : ما ها هنا من بني النّجّار أحد وصاحبهم محتبس على باب الجنّة. بثلاثة دراهم لفلان اليهوديّ ، وكان شهيدا.

ولئن زعمت (٢) أنّ عيسى كلّم الموتى ، فلقد كان لمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ ما هو أعجب من هذا ، إنّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ لمّا نزل بالطّائف وحاصر أهلها بعثوا إليه بشاة (٣) مسلوخة مطليّة بسمّ ، فنطق الذّراع منها فقالت : يا رسول الله لا تأكلني فإنّي مسمومة ، فلو كلّمت البهيمة وهي حيّة لكانت من أعظم حجج الله عزّ ذكره على المنكرين لنبوّته ، فكيف وقد كلّمته من بعد ذبح وسلخ وشوي (٤).

ولقد كان ـ صلّى الله عليه وآله ـ يدعو بالشّجرة فتجيبه ، وتكلّمه البهيمة ، وتكلّمه السّباع ، وتشهد له بالنّبوّة وتحذّرهم عصيانه ، فهذا أكثر ممّا أعطي عيسى.

قال له اليهوديّ : إن عيسى تزعمون (٥) أنّه أنبأ قومه بما يأكلون وما يدّخرون في بيوتهم.

قال له عليّ ـ عليه السّلام ـ : لقد كان كذلك ، ومحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ فعل ما هو أكبر (٦) من هذا إنّ عيسى أنبأ قومه بما كان (٧) من وراء الحائط ، ومحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنبأ قومه (٨) [عن موتة] (٩) وهو عنها غائب ، ووصف حربهم ومن استشهد (١٠) منهم ، وبينه وبينهم مسيرة شهور ، وكان يأتيه الرّجل يريد أن يسأله عن شيء فيقول ـ صلّى الله عليه وآله ـ : تقول أو أقول ، فيقول : بل قل يا رسول الله ، فيقول : جئتني في كذا وكذا ، حتى يفرغ (١١) من حاجته. ولقد كان يخبر أهل مكّة بأسرارهم بمكّة حتّى

__________________

(١) أ : «الله» بدل «الموتى».

(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : إن زعمت.

(٣) النسخ : «شاة». وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.

(٤) المصدر : شي

(٥) المصدر : يزعمون.

(٦) المصدر : «كان له أكثر» بدل «فعل ما هو أكبر».

(٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ : يأكلون.

(٨) هكذا في أ. وفي المصدر وسائر النسخ : من قومه.

(٩) من المصدر.

(١٠) هكذا في المصدر. وفي النسخ : اشهد.

(١١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : فرغ.

١٠٦

لا يترك من أسرارهم شيئا ، منها ما كان بين صفوان بن أميّة وبين عمير بن وهب (١) [إذ أتاه عمير] (٢) فقال : جئت في فكاك ابني ، فقال له : كذبت بل قلت لصفوان [بن أميّة] (٣) وقد اجتمعتم في الحطيم وذكرتم قتلى بدر وقلتم : والله للموت (٤) أهون علينا (٥) من البقاء مع ما صنع محمّد بنا. وهل حياة بعد أهل القليب؟! فقلت أنت : لولا عيالي ودين عليّ لأرحتك من محمّد ، فقال صفوان : عليّ أن أقضي دينك وأن أجعل بناتك مع بناتي يصيبهنّ ما يصيبهنّ (٦) من خير أو شرّ ، فقلت أنت : فاكتمها عليّ وجهّزني حتّى أذهب فأقتله ، فجئت لقتلي ، فقال (٧) : صدقت يا رسول الله فأنا أشهد أن لا اله إلّا الله وأنّك رسول الله.

وأشباه هذا ممّا لا يحصى.

وفي أصول الكافي (٨) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن مثنّى الحنّاط ، عن أبي بصير قال : دخلت على أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ. فقلت له : أنتم ورثة (٩) رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

قال : نعم.

قلت : رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وارث الأنبياء علّم كما (١٠) علّموا؟

قال [لي] (١١) : نعم.

قلت : فأنتم تقدرون على أن تحيوا الموتى وتبرأوا الأكمه والأبرص؟

قال لي (١٢) : نعم بإذن الله. ثمّ قال [لي] (١٣) : ادن منّي يا أبا محمّد ، فدنوت منه ، فمسح على وجهي وعلى عيني ، فأبصرت الشّمس والسّماء والأرض والبيوت وكلّ شيء في البلد ، ثمّ قال لي : أتحبّ أن تكون هكذا ولك ما للنّاس وعليك ما عليهم يوم القيامة أو تعود كما

__________________

(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : عمير بن وهيب.

(٢ و ٣) من المصدر.

(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : الموت.

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : لنا.

(٦) «ما يصيبهنّ» ليس في أ.

(٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «لتقتلني قال» بدل «لقتلى فقال».

(٨) الكافي ١ / ٤٧٠ ، ح ٣.

(٩) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «وأنت ورثت» بدل «أنتم ورثة».

(١٠) المصدر ور : كلّما.

(١١) من المصدر.

(١٢) ليس في المصدر.

(١٣) من المصدر.

١٠٧

كنت ولك الجنّة خالصا؟

قلت : أعود كما كنت. فمسح على عيني ، فعدت كما كنت. [قال :] (١) فحدّثت ابن أبي عمير بهذا ، فقال : أشهد أنّ هذا حقّ كما أنّ النّهار حقّ.

وفي كتاب التّوحيد (٢) ، في باب مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ مع أصحاب الأديان والمقالات ، قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : لقد اجتمعت قريش إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فسألوه أن يحيي لهم موتاهم. فوجّه معهم عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ. فقال [له] (٣) : اذهب إلى الجبّانة (٤) فناد بأسماء هؤلاء الرّهط الّذين يسألون عنهم بأعلى صوتك : يا فلان ويا فلان ويا فلان ، يقول لكم محمّد [رسول الله] (٥) : قوموا بإذن الله ـ عزّ وجلّ ـ ، فقاموا ينفضون التّراب عن رؤوسهم ، فأقبلت قريش تسألهم عن أمورهم ثمّ أخبروهم أنّ محمّدا قد بعث نبيّا ، وقالوا : وددنا أنّا (٦) أدركناه فنؤمن به ، ولقد أبرأ الأكمه والأبرص والمجانين ، وكلّمه البهائم والطّير والجنّ والشّياطين ، ولم نتّخذه ربّا من دون الله ـ عزّ وجلّ ـ.

(وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ) : عطف على «رسولا» على الوجهين. أو منصوب بإضمار فعل ، دلّ عليه «قد جئتكم» ، أي : وجئتكم مصدّقا.

(وَلِأُحِلَّ لَكُمْ) : مقدّر بإضمار فعل ، دلّ عليه «قد جئتكم» ، أي : وجئتكم لأحلّ. أو مردود على قوله : «قد جئتكم» بآية ، أي : جئتكم لأظهر آية ولأحلّ. أو على معنى «مصدّقا» : أي : جئتكم لأصدّق ولأحلّ ، كقولهم : جئتك معتذرا ولأطيّب قلبك.

(بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) ، أي : في شريعة موسى ـ عليه السّلام ـ كالشّحوم والثّروب (٧) والسّمك ولحوم الإبل والعمل في السّبت. وفي الآية دلالة ، على أنّ شرعه كان ناسخا لشرع موسى ـ عليه السّلام ـ.

وفي تفسير العيّاشيّ (٨) : عن محمّد الحلبيّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال :

__________________

(١) من المصدر.

(٢) التوحيد / ٤٢٣ ، مقطع من حديث ١ من باب ٦٥.

(٣) من المصدر.

(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : جبانة.

(٥) من المصدر.

(٦) هكذا في المصدر. وفي النسخ : إنّا كنّا.

(٧) هكذا في أنوار التنزيل ١ / ١٦٤. وهو جمع لثرب وزان فلس. والثرب شحم رقيق على الكرش والأمعاء.

(ر. المصباح المنير للفيّومي.) وفي النسخ : الشروب.

(٨) تفسير العياشي ١ / ١٧٥ ، ح ٥٢.

١٠٨

كان بين داود وعيسى بن مريم ـ عليهما السّلام ـ أربعمائة سنة ، وكان شريعة عيسى أنّه بعث بالتّوحيد والإخلاص ، وبما أوصى به نوح وإبراهيم وموسى ، وأنزل عليه الإنجيل ، وأخذ عليه الميثاق الّذي أخذ على النّبيّين ، وشرّع له في الكتاب إقام الصّلاة مع الّدين ، والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، وتحريم الحرام وتحليل الحلال ، وأنزل عليه في الإنجيل مواعظ وأمثال وحدود ليس فيها قصاص ولا أحكام حدود ولا فرض مواريث ، وأنزل عليه تخفيف ما كان نزل على موسى في التّوراة ، وهو قول الله في الّذي قال عيسى بن مريم لبني إسرائيل : ولأحلّ لكم بعض الّذي حرّم عليكم. وأمر عيسى من معه ممّن اتّبعه من المؤمنين ، أن يؤمنوا بشريعة (١) التّوراة والإنجيل.

(وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) (٥٠) (إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) (٥١) : الظّاهر أنّ قوله : قد (جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ) ، تكرير لما قبله ، أي : جئتكم بآية بعد أخرى ممّا ذكرت لكم. والأوّل ، لتمهيد الحّجة. والثّاني ، لتقريبها إلى الحكم. ولذلك رتّب عليه «بالفاء».

قوله : (فَاتَّقُوا اللهَ) ، أي : أنّي جئتكم بالمعجزات القاهرة والآيات الباهرة ، فاتّقوا الله في المخالفة ، وأطيعوا لي فيما أدعوكم إليه ، ثمّ شرع في الدّعوة ، وأشار إليها بالقول المجمل ، فقال : (إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) ، إشارة الى استكمال القوّة النّظريّة بالاعتقاد الحقّ ، الّذي غايته التّوحيد.

وقال : (فَاعْبُدُوهُ) ، إشارة إلى استكمال القوّة العمليّة ، فإنّه بملازمة الطّاعة ، الّتي هي الإتيان بالأوامر والانتهاء عن المناهي. ثمّ قرّر ذلك ، بأن بيّن أنّ الجمع بين الأمرين ، هو الطّريق المشهود عليه بالاستقامة.

وقيل (٢) : معناه وجئتكم بآية أخرى ألهمنيها ربّكم ، وهو قوله : (إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) ، فإنّه دعوة الحقّ المجمع عليه فيما بين الرّسل ، الفارقة بين النّبيّ والسّاحر.

أو (جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ) ، على أن الله ربي وربكم. وقوله : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) ، اعتراض.

__________________

(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : لشريعة.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ١٦٤.

١٠٩

(فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ) :

قيل (١) : تحقّق كفرهم عنده ، تحقّق ما يدرك بالحواسّ.

[وفي تفسير العيّاشيّ : (٢)] (٣) وروى (٤) ابن أبي عمير ، عن رجل ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله تعالى (٥) : (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ) ، أي ، لمّا سمع ورأى أنّهم يكفرون ،

فعلى هذه الرواية ، كان الإحساس مستعملا في معناه الحقيقيّ ، ولا يكون استعارة تبعيّة ، كما في الأوّل.

(قالَ مَنْ أَنْصارِي) : جمع ، ناصر. وحمله على «من» لإرادة المتعدّد منه ، أو للمبالغة في كونه ناصرا إلى الله ملتجئا إلى الله أو ذاهبا أو ضامّا إليه. ويحتمل تعلّقه «بأنصاري» على تضمين الإضافة ، أي : من الّذين يضيفون أنفسهم.

(إِلَى اللهِ) : في نصري.

وقيل (٦) «إلى» هاهنا بمعنى : «مع» أو «في» أو «اللّام».

(قالَ الْحَوارِيُّونَ) حواريّو الرّجل ، صفوته وخالصته. من الحور ، وهو البياض الخالص. ومنه : الحواريّات للحضريّات ، لخلوص ألوانهنّ ونظافتهنّ قال :

فقل للحواريّات يبكين غيرنا

ولا تبكنا إلّا الكلاب النّوائح

وفي وزنه ، الحوالي ، وهو الكثير الحيلة.

سمّي به أصحاب عيسى ـ عليه السّلام ـ قيل (٧) : لخلوص نيّتهم ، ونقاء سريرتهم.

وقيل : كانوا ملوكا يلبسون البيض ، استنصر بهم عيسى على (٨) اليهود. وقيل : قصّارون

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) لم نعثر عليه في تفسير العياشي. ولكن يوجد في تفسير القمي ١ / ١٠٣. ونقله عن القمي في تفسير الصافي ١ / ٣٤٠ وتفسير البرهان ١ / ٢٨٤ ، ح ٢. إلّا أنّه في تفسير نور الثقلين ١ / ٣٤٥ ، تحت رقم ١٥٢ ورد بدون عنوان. والحديث الذي قبله (رقم ١٥١) عن تفسير العياشي.

(٣) ليس في أ.

(٤) هكذا في المصدر وفي النسخ : روى عن.

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «قوله» بدل «قول الله تعالى».

(٦) أنوار التنزيل ١ / ١٦٤.

(٧) نفس المصدر والموضع.

(٨) المصدر : من.

١١٠

يحورون الثّياب : أي : (١) يبيّضونها (نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) : في دينه.

(آمَنَّا بِاللهِ) : الّذي دعوت إليه.

(وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (٥٢) : لتشهد يوم القيامة ، حين يشهد الرّسل لقومهم وعليهم.

(رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ) : في كتبك.

(وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ) : أي : عيسى ـ عليه السّلام ـ فيما دعى إليه.

(فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (٥٣) : بوحدانيّتك ، أو مع الأنبياء الشّاهدين.

وقيل : أو مع أمّة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ فإنّهم شهداء على النّاس.

(وَمَكَرُوا) ، أي : الّذين أحسّ منهم الكفر من اليهود ، بأن وكّلوا عليه من يقتله غيلة.

(وَمَكَرَ اللهُ) : بأن رفع عيسى ، وألقى شبهه على غيره ، حتّى قتل.

والمكر ، حيلة يجلب بها الغير إلى المضرّة ، وإسناده إلى الله على سبيل الازدواج.

وفي عيون الأخبار (٢) ، عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ في حديث طويل. وفيه قال : سألته عن قول الله ـ عزّ وجلّ (٣) ـ : (سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ) وقوله : (اللهُ) (٤) (يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) وقوله ـ تعالى ـ : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) وعن قوله ـ عزّ وجلّ (٥) ـ : (يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ).

فقال : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ لا يسخر ولا يستهزئ ولا يمكر ولا يخادع ، ولكّنه ـ عزّ وجلّ ـ يجازيهم جزاء السّخرية وجزاء الاستهزاء وجزاء المكر والخديعة ، تعالى الله عمّا يقول الظّالمون علوّا كبيرا.

(وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) (٥٤) : أقدرهم على إيصال الضّرّ إلى الغير.

(إِذْ قالَ اللهُ) ظرف لمكر الله. وقيل : أو لخير الماكرين. أو لمضمر مثل ووقع ذلك.

__________________

(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : و.

(٢) عيون أخبار الرضا ١ / ١٢٦ ، ذيل حديث ١٩.

(٣) التوبة / ٧٩.

(٤) البقرة / ١٥.

(٥) النساء / ١٤٢.

١١١

(يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) : أي : مستوفي أجلك عاصما إيّاك من قتلهم ، أو قابضك من الأرض. من توفّيت ما لي.

وقيل (١) : أو متوفّيك نائما.

وقيل (٢) : أماته الله سبع ساعات ثمّ رفعه. وقيل : أو مميتك عن الشّهوات. العائقة عن العروج.

(وَرافِعُكَ إِلَيَ) : إلى محلّ كرامتي ومقرّ ملائكتي ، وذلك في ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان.

في كتاب الخصال (٣) ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : ـ في حديث طويل يذكر فيه الأغسال في شهر رمضان ـ : وليلة إحدى وعشرين ، وهي اللّيلة الّتي مات فيها أوصياء الأنبياء (٤) ، وفيها رفع عيسى [بن مريم] (٥) ـ عليه السّلام ـ.

(وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) : أي : من سوء جوارهم ، أو قصدهم.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن صالح ، عن حمران بن أعين ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ عيسى ـ عليه السّلام ـ وعد أصحابه ليلة رفعه الله إليه. فاجتمعوا إليه عند المساء ، وهم اثنا عشر رجلا. فأدخلهم بيتا.

ثمّ خرج عليهم من عين في زاوية البيت ، وهو ينفض رأسه من الماء. فقال : إنّ الله أوحى إليّ : أنّه رافعي إليه السّاعة ، ومطهّري من اليهود ، فأيّكم يلقى عليه (٧) شبحي ، فيقتل ويصلب ويكون معي في درجتي؟

فقال شابّ منهم : أنا يا روح الله؟

فقال : فأنت هوذا. فقال لهم عيسى : أما إنّ منكم لمن يكفر بي قبل أن يصبح ، أثنتي عشرة كفرة.

فقال له رجل منهم : أنا هو يا نبيّ الله.

فقال عيسى : إن تحسّ (٨) بذلك في نفسك فلتكن هو ، ثمّ قال لهم عيسى : أما

__________________

(١ و ٢) أنوار التنزيل ١ / ١٦٣.

(٣) الخصال / ٥٠٨ ، ح ١.

(٤) المصدر : النبيّين.

(٥) من المصدر.

(٦) تفسير القمي ١ / ١٠٣.

(٧) أ : إليه.

(٨) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «أتحسّ» بدل : «إن تحسّ».

١١٢

إنّكم ستفترقون بعدي على ثلاث فرق : فرقتين مفتريتين (١) على الله في النّار ، وفرقة تتبّع شمعون صادقة على الله في الجنّة. ثمّ رفع الله عيسى إليه من زاوية البيت ، وهم ينظرون إليه.

ثمّ قال [أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ :] (٢) إنّ اليهود جاءت في طلب عيسى من ليلتهم ، فأخذوا الرّجل الّذي قال له عيسى : إنّ منكم لمن يكفر بي قبل أن يصبح ، اثنتي عشرة كفرة. وأخذوا الشّابّ الّذي ألقي عليه شبح عيسى ـ عليه السّلام ـ فقتل وصلب ، وكفر الّذي قال له عيسى : تكفر قبل أن تصبح ، اثنتي عشرة كفرة.

وفي كتاب كمال الّدين وتمام النّعمة (٣) بإسناده إلى محمّد بن إسماعيل القرشيّ ، عمّن حدّثه ، عن إسماعيل بن أبي رافع ، عن أبيه [أبي رافع] (٤) قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إنّ جبرئيل ـ عليه السّلام ـ نزل عليّ بكتاب ، فيه خبر الملوك ملوك الأرض [قبلي ،] (٥) وخبر من بعث قبلي من الأنبياء والرّسل. وهو حديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

قال : لمّا ملك أشجّ بن أشجان ، وكان يسمّى الكيس ، وكان قد ملك مأتين وستّا وستّين سنة ، ففي سنة إحدى وخمسين من ملكه ، بعث الله ـ عزّ وجلّ ـ عيسى بن مريم ـ عليه السّلام ـ واستودعه النّور والعلم والحكمة وجميع علوم الأنبياء قبله ، وزاده الإنجيل ، وبعثه إلى بيت المقدس إلى بني إسرائيل ، يدعوهم إلى كتابه وحكمته وإلى الإيمان بالله وبرسوله (٦) ، فأبى أكثرهم إلّا طغيانا وكفرا ، فلمّا لم يؤمنوا [به] (٧) دعا ربّه وعزم عليه ، فمسخ منهم شياطين ليريهم آية فيعتبروا ، فلم يزدهم ذلك إلّا طغيانا وكفرا ، فأتى بيت المقدس ، فمكث يدعوهم ويرغّبهم [فيما عند الله] (٨) ثلاثا وثلاثين سنة ، حتّى طلبته اليهود ، وادّعت أنّها عذّبته ودفنته في الأرض حيّا ، وادّعى بعضهم أنّهم (٩) قتلوه وصلبوه ، وما كان الله ليجعل لهم سلطان عليه ، وإنّما شبّه لهم ، وما قدروا على عذابه ودفنه ، ولا على قتله وصلبه [لقوله ـ عزّ وجلّ ـ : (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) فلم

__________________

(١) أ : مقربين.

(٢) من المصدر.

(٣) كمال الدين وتمام النعمة / ٢٢٤ ـ ٢٢٥.

(٤ و ٥) من المصدر.

(٦) هكذا في أ. وفي المصدر وسائر النسخ : رسوله.

(٧) من المصدر.

(٨) ليس في أ.

(٩) هكذا في المصدر. وفي النسخ : أنّه.

١١٣

يقدروا على قتله وصلبه ،] (١) لأنّهم لو قدروا على ذلك لكان تكذيبا لقوله ، ولكن (رَفَعَهُ اللهُ [إِلَيْهِ]) (٢) (٣) بعد أن توفّاه ، فلمّا أراد الله أن يرفعه ، أوحى إليه أن يستودع (٤) نور الله وحكمته وعلم كتابه شمعون بن حمّون الصّفا ، خليفته (٥) على المؤمنين ، ففعل ذلك.

قوله ـ عليه السّلام ـ : «بعد أن توفّاه» يحتمل أن يكون معناه ، بعد أن قبضه من الأرض ، أو بعد أن أماته عن الشّهوات العائقة ، أو أماته موتا حقيقيّا ـ كما ذهب إليه البعض ـ أو بعد أن قرّر في علمه أن يستوفي أجله ، وهذا أبعد.

(وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) : يعلونهم بالحّجة ، أو السّيف. ومتّبعوه ، من آمن بنبوّته من المسلمين والنّصارى. وإلى الآن لم تسمع غلبة اليهود عليهم ، ولا يتّفق لهم ملك ولا دولة.

(ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) :

فيه تغليب للمخاطبين على غيرهم.

(فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (٥٥) : من أمر الدّين.

(فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) : من اليهود ، وغيرهم.

(فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا) : بضرب الجزية ، والهوان.

«و» : في (الْآخِرَةِ) : بالنّار.

(وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) (٥٦) : يسعون في استخلاصهم.

(وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ) ، أي : في الدّنيا والآخرة.

وقرأ حفص ، بالياء (٦).

(وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (٥٧) : ويحبّ المؤمنين.

(ذلِكَ) ، أي : نبأ عيسى وغيره ممّا تقدّم. مبتدأ ، خبره (نَتْلُوهُ عَلَيْكَ) : وقوله : (مِنَ الْآياتِ) : حال من الهاء. ويحتمل أن يكون هو الخبر و «نتلوه» حالا ،

__________________

(١ و ٢) من المصدر.

(٣) النّساء / ١٥٨.

(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : استودع.

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : خليفة.

(٦) أنوار التنزيل ١ / ١٦٣.

١١٤

والعامل فيه معنى الإشارة ، وأن يكونا خبرين. ويحتمل أن يكون «ذلك» منصوبا ، بما يفسّره «نتلوه».

(وَالذِّكْرِ) ، أي : القرآن. وقيل (١) : اللّوح.

(الْحَكِيمِ) (٥٨) : المشتمل على الحكم. أو المحكم ، عن تطرّق الخلل إليه.

(إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ) : أي : شأنه الغريب كشأن آدم.

(خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ) : جملة مفسّرة لوجه الشّبه ، وهو أنّه خلق بلا أب كما خلق آدم بلا أب ، بل وبلا أمّ أيضا ، شبّه حاله بما هو أغرب ، إفحاما للخصم بطريق المبالغة.

(ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ) ، [أي : انشأ بشرا. والمراد بالخلق ، خلق القالب. أو المراد قدر تكوينه ثمّ كوّنه.

ويحتمل أن يكون «ثم» لتراخي الخبر] (٢) (فَيَكُونُ) (٥٩) : حكاية حال ماضية.

في تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : حدّثني أبي ، عن النّضر بن سويد ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أنّ نصارى نجران لمّا وفدوا على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وكان سيّدهم الأهتم (٤) والعاقب والسّيّد ، وحضرت صلاتهم (٥) ، فأقبلوا يضربون بالنّاقوس وصلّوا ، فقال أصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : يا رسول الله (٦) ، هذا في مسجدك! فقال : دعوهم. فلمّا فرغوا دنوا من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقالوا : إلى ما تدعونا (٧)؟

فقال : إلى شهادة أن لا إله إلّا الله ، وأنّي رسول الله ، وأنّ عيسى عبد مخلوق ، يأكل ويشرب ويحدث.

قالوا : فمن أبوه؟

فنزل الوحي على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. فقال : قل لهم : ما تقولون

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في ر.

(٣) تفسير القمي ١ / ١٠٤.

(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : الأهم.

(٥) ر : صلواتهم.

(٦) «يا رسول الله» ليس في المصدر.

(٧) المصدر : تدعونّ.

١١٥

في آدم ، أكان عبدا مخلوقا يأكل ويشرب ويحدث (١) وينكح؟ فسألهم النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

فقالوا : نعم فقال : فمن أبوه؟

فبهتوا [، فبقوا ساكتين ،] (٢) فأنزل الله ـ تبارك وتعالى ـ : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ [كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)] (٣) (الآية)

(الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) «الحق» مبتدأ ، و «من ربّك» خبره ، أي : الحقّ المذكور من الله. أو خبر مبتدأ محذوف ، و «من ربّك» صفته ، أو حال منه. ويحتمل تعلّقه به.

(فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (٦٠) :

الخطاب إن كان للنّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فلزيادة التّهييج على الثّبات ، أو للتّعريض. وإن كان لكلّ سامع ، فعلى أصله.

(فَمَنْ حَاجَّكَ) : من النّصارى.

(فِيهِ) : في عيسى (مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) ، أي : البيّنات الموجبة للعلم.

(فَقُلْ تَعالَوْا) : هلمّوا بالعزم ، والرّأي.

(نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) ، أي : يدعو كلّ منّا ومنكم نفسه وأعزّة أهله إلى المباهلة ، ويحملهم عليها. وإنّما قدّمهم على النّفس ، لأنّ الرّجل يخاطر بنفسه لهم ، فهم أهمّ عنده.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : وأمّا قوله : (فَمَنْ حَاجَّكَ) (الآية) (٥) فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : فباهلوني ، فإن كنت صادقا أنزلت اللّعنة عليكم ، وإن كنت كاذبا أنزلت (٦) عليّ.

__________________

(١) «ويحدث» ليس في المصدر.

(٢ و ٣) من المصدر.

(٤) تفسير القمي ١ / ١٠٤. وفي أ : «وفي الحديث المروي» بدل : «وفي تفسير عليّ بن إبراهيم».

(٥) المصدر : «فيه من بعد ما جاءك من العلم ـ إلى قوله ـ فنجعل لعنة الله على الكاذبين» ، بدل : «الآية». وما أثبتناه في المتن موافق النسخ.

(٦) المصدر : نزلت.

١١٦

فقالوا : أنصفت. فتواعدوا للمباهلة ، فلمّا رجعوا إلى منازلهم قال رؤساؤهم السّيّد والعاقب والأهتم (١) : إن باهلنا بقومه باهلناه فإنّه ليس بنبيّ ، وإن باهلنا بأهل بيته خاصّة فلا نباهله ، فإنّه لا يقدم على (٢) أهل بيته إلّا وهو صادق ، فلمّا أصبحوا جاؤوا إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ومعه أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ.

فقال النّصارى : من هؤلاء؟

فقيل لهم : إن هذا ابن عمّه ووصيّه وختنه عليّ بن أبي طالب ، وهذه بنته (٣) فاطمة ، وهذان ابناه الحسن والحسين ـ عليهم السّلام ـ.

ففرقوا (٤) ، وقالوا لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : نعطيك الرّضا فاعفنا عن المباهلة ، فصالحهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ على الجزية وانصرفوا.

[وفي تفسير العيّاشيّ (٥) : عن حريز ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ سئل عن فضائله ، فذكر بعضها ، ثمّ قالوا له : زدنا.

فقال : [إنّ] (٦) رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أتاه حبران من أحبار النّصارى (٧) من أهل نجران ، فتكلّما في أمر عيسى ، فأنزل [الله] (٨) هذه الآية : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ) إلى آخر الآية. فدخل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فأخذ بيد عليّ والحسن والحسين وفاطمة ، ثمّ خرج ورفع كفّه إلى السّماء ، وفرج بين أصابعه ، ودعاهم إلى المباهلة.

قال : وقال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : وكذلك المباهلة يشبك يده في يده ثمّ (٩) يرفعها إلى السّماء ، فلمّا رآه الحبران قال أحدهما لصاحبه : والله لئن (١٠) كان نبيّا لنهلكنّ وإن كان غير نبيّ كفانا قومه ، فكفّا (١١) وانصرفا.

__________________

(١) هكذا في المصدر : وفي النسخ : الأهم.

(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : إلى.

(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : ابنته.

(٤) أ : نفرقوا. المصدر : فعرفوا

(٥) تفسير العياشي ١ / ١٧٥ ـ ١٧٦ ، ح ٥٤.

(٦) من المصدر.

(٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ : أحبار اليهود.

(٨) من المصدر.

(٩) «ثمّ» ليس في المصدر.

(١٠) النسخ : «وإن» بدل «والله لئن». وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.

(١١) النسخ : فكفانا. وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.

١١٧

عن أبي جعفر الأحوال (١) قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : ما تقول قريش في الخمس؟

قال : قلت : تزعم أنّه لها.

قال : ما أنصفونا ، والله لو كان مباهلة ليباهلنّ بنا ولئن كان مبارزة ليبارزنّ بنا ، ثمّ نكون وهم على سواء].(٢)

فقد ظهر من هذا الخبر ، أنّ من دعى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ من الأبناء هو الحسن والحسين ، ومن النساء فاطمة ، وبقي ـ عليّ عليه السّلام ـ لا يدخل في شيء إلّا في قوله : وأنفسنا ، فهو نفس الرّسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

وقد صحّ في الخبر أنّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقد سأله (٣) سائل عن بعض أصحابه ، فأجابه عن كلّ بصفته.

فقال : فعليّ؟

فقال ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إنّما سألتني عن النّاس ، ولم تسألني عن نفسي.

(ثُمَّ نَبْتَهِلْ) : بأن نلعن الكاذب منّا.

والبهلة (بالضّمّ والفتح) اللّعنة. وأصله ، التّرك. من قولهم : بهلت النّاقة ، إذا تركتها بلاصرار.

وفي كتاب معاني الأخبار (٤) ، بإسناده إلى عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر قال : التّبتّل ، أن تقلب كفّيك في الدّعاء إذا دعوت. والابتهال ، أن تقدّمهما.

وتبسطهما (٥).

وفي أصول الكافي (٦) : [بإسناده إلى أبي إسحاق ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : والابتهال ، رفع اليدين وتمّدهما (٧). وذلك عند الدّمعة.

__________________

(١) نفس المصدر ١ / ١٧٦ ، ح ٥٦.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٣) ر : سألتني.

(٤) معاني الأخبار / ٣٧٠.

(٥) المصدر : «تبسطهما وتقدّمهما» بدل «تقدّمهما وتبسطهما».

(٦) الكافي ٢ / ٤٧٩ ، ضمن حديث ١. وفي نسخة أنقل هذا الحديث ، قبل الحديث الآنف الذكر.

(٧) هكذا في المصدر. وفي الأصل ور : تمديدها.

١١٨

وبإسناده إلى مروك (١) بيّاع اللؤلؤ ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : وهكذا الابتهال ـ ومدّ يده تلقاء وجهه إلى القبلة ـ ولا تبتهل (٢) حتّى تجري الدّمعة.

عدّة من أصحابنا (٣) ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن فضالة ، عن العلا ، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : والابتهال ، تبسط يديك وذراعيك [إلى السّماء] (٤) والابتهال ، حين ترى أسباب البكاء.

وبإسناده إلى أبي بصير (٥) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : وأمّا الابتهال ، فرفع يديك تجاوز بهما رأسك.

وبإسناده إلى محمّد بن مسلم وزرارة (٦) قالا : قال : أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : والابتهال ، أن تمدّ يدك جميعا.

وهذه الأحاديث طوال ، أخذت منها موضع الحاجة].(٧)

عدّة من أصحابنا (٨) ، عن سهل بن زياد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن مخلّد أبي الشّكر ، عن أبي حمزة الثّماليّ ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : السّاعة الّتي تباهل فيها ، ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس.

(فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) (٦١) : عطف ، فيه بيان.

وفي كتاب الخصال (٩) : في احتجاج عليّ ـ عليه السّلام ـ على أبي بكر ، قال : فأنشدك بالله ، أبي برز رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وبأهلي (١٠) وولدي ، في مباهلة المشركين من النّصارى ، أم بك وبأهلك وولدك؟

قال : بكم.

وفيه (١١) ، أيضا ، في مناقب أمير المؤمنين ـ عليه السّلام (١٢) ـ وتعدادها ، قال

__________________

(١) هكذا في المصدر. وفي الأصل ور : «سعد». وامّا بالنسبة إلى «مروك بيّاع اللؤلؤ» ر. تنقيح المقال ٣ / ٢١٠ ، رقم ١١٦٦٤.

(٢) المصدر : ولا يبتهل.

(٣) نفس المصدر ٢ / ٤٨٠ ، ذيل حديث ٤.

(٤) نفس المصدر.

(٥) نفس المصدر ٢ / ٤٨٠ ـ ٤٨١ ، ضمن حديث ٥.

(٦) نفس المصدر ٢ / ٤٨١ ، ذيل حديث ٧.

(٧) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٨) نفس المصدر ٢ / ٥١٤ ، ح ٢.

(٩) الخصال / ٥٥٠ ، ضمن حديث ٣٠.

(١٠) المصدر : بأهل بيتي.

(١١) نفس المصدر / ٥٧٦ ، ضمن حديث ١.

(١٢) «أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ» ليس في ر.

١١٩

ـ عليه السّلام ـ : و [أمّا] (١) الرّابعة والثّلاثون ، فإنّ النّصارى ادّعوا أمرا ، فأنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ فيه : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ [ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ)].(٢) فكانت نفسي نفس رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ والنّساء فاطمة والأبناء الحسن والحسين ، ثمّ ندم القوم ، فسألوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ الإعفاء ، فعفا عنهم وقال (٣) : والّذي أنزل التّوراة على موسى والفرقان على محمّد ، لو باهلونا لمسخوا (٤) قردة وخنازير.

[وفي روضة الكافي (٥) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن الحسن ابن ظريف ، عن عبد الصّمد بن بشير ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : قال لي أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : [يا أبا الجارود ،] (٦) ما يقولون لكم في الحسن والحسين ـ عليهما السّلام ـ؟

قلت (٧) : ينكرون علينا أنّهما أبناء رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

قال : فأيّ (٨) شيء احتججتم عليهم ، يا أبا الجارود (٩)؟

قلت : احتججنا عليهم بقول الله ـ تعالى ـ لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ).

والحديث طويل ، أخذت منه موضع الحاجة.

وفي مجمع البيان (١٠) : وقال ـ عليه السّلام ـ : إنّ كلّ بني بنت ينسبون إلى أبيهم إلّا أولاد فاطمة فإنّي أنا أبوهم.

في عيون الأخبار (١١) ، في باب جمل من أخبار موسى بن جعفر ـ عليه السّلام ـ مع

__________________

(١) من المصدر.

(٢) من المصدر.

(٣) المصدر : «فأعفاهم» بدل «فعفا عنهم وقال».

(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : لمسخهم.

(٥) الكافي ٨ / ٣١٧ ، ضمن حدث ٥٠١.

(٦) من المصدر.

(٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «قال قال» بدل : «قلت»

(٨) كذا في المصدر. وفي الأصل لا يقرأ. ولعلّ الصّواب : فبأيّ.

(٩) «يا أبا الجارود» ليس في المصدر.

(١٠) مجمع البيان. ـ

(١١) عيون أخبار الرضا ١ / ٨٤ ـ ٨٥.

١٢٠