جامع المقدّمات

جمع من العلماء

جامع المقدّمات

المؤلف:

جمع من العلماء


المحقق: الشيخ جليل الجراثيمي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٤
ISBN: 978-964-470-030-9
الصفحات: ٦٣٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

كتاب شرح العوامل في النّحو

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله أجمعين.

أمّا بعد : فإنّ العوامل في النّحو على ما ألّفه الشيخ الفاضل عبد القاهر بن عبد الرّحمن الجرجاني ، مائة عامل ، وهي تنقسم الى قسمين : لفّظيّة ، ومعنويّة.

فاللّفظيّة منها تنقسم الى قسمين : سماعيّة ، وقياسيّة ، والسماعيّة منها : أحَدٌ وتسعون عاملاً ، والقياسيّة منها : سبعة عوامل ، والمعنويّة منها : عددان ، فالجملة : مائة عامل ، والسماعيّة منها تتنوّع على ثلاثة عشر نوعاً :

النوع الأوّل : حروف تجرّ الاسم فقط وهي سبعة عشر حرفاً :

الأوّل الباء : ولها معانٍ :

الأوّل : للإلصاق إمّا حقيقة نحو : بزَيْدٍ داء ، وإمّا مجازاً ، نحو : مررت بزيد ، أي : التصق مروري بموضع يقرب منه زيد.

الثانى : للاستعانة ، نحو : كتبت بالقَلَمِ ، أي : باستعانته.

٣٠١

الثالث : للمصاحبة ، نحو : خَرَجَ زيدٌ بعشيرتِه أي : بصحبة عشيرته ، وقد يجيء بمعنى من ، نحو : «عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّـهِ» (١) ، أي : منها وبمعنى عَنْ ، نحو : فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (٢) أي : عنه.

الرابع : للمقابلة ، نحو : بِعْتُ هذا بهذا ، أي : بِعْتُ هذا الشيء بمقابلة هذا الشيء.

الخامس : للتعدية ، نحو : ذهَبْتُ بِزَيدٍ.

السادس : للسببيّة ، نحو : ضَرَبْتُهُ بِسُوء أدَبِهِ.

السابعُ : للظرفيّة ، نحو : جَلَسْتُ بالمسْجِدِ.

الثامنُ : للزيادة ، قياساً في النفي والاستفهام ، نحو : ما زيدٌ بقائمٍ ، وهل زيدٌ بقائمٍ ، وسماعاً في المرفوع ، نحو : «وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا» (٣) ، وفي المنصوب نحو : «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ» (٤) ، ويُعرف بِأنّها لو أسقطت لم يخلّ بالمعنى.

التاسع : للتفدية ، نحو : بأبي وأمّي وتدخُل على المظهر كما مرّ وعلى المضمر نحو : به داءٌ وبك شفاء.

الثاني مِنْ : ولها معان :

أحدها : لابتداء الغاية في المكان ، نحو : سِرْتُ مِنَ الْبَصْرَةِ إلَى الْكُوفَةِ ، وقد يكون لِلزمانِ ، نحو : «لِلَّـهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ» (٥) ويعرف بصحّة وضع زمان فى موضعه.

____________________________

(١) الإنسان : ٦.

(٢) الفرقان : ٥٩.

(٣) نساء : ٧٩.

(٤) بقره : ١٩٥.

(٥) روم : ٤.

٣٠٢

الثانى : لتبيين الجنس ، نحو : «فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ» (١) أي : الّذي هو الأوثان ، ويعرف بصحّة وضع (الذّي هو) أو (الّتي هي) مكانه.

الثالث : للتبعيض ، نحو : أخَذْتُ من الدراهم ، أى : بعض الدراهم.

الرابع : بمعنى في ، نحو : «إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ» (٢) ، أي : في يوم الجمعة.

الخامس : زائدة في الكلام المنفيّ ، نحو : ما جاءني من أحَد. وتدخل على المظهر كما مرّ وعلى المضمر ، نحو : منه عَطاء ومِنْك ثَناءٌ.

الثالث إلىٰ : ولها معنيان :

أحدهما : لانتهاءِ الغاية في المكان ، نحو : سِرْتُ من البَصْرَة إلَى الكُوفة ، وقد تستعمل في الزمان ، نحو : شَرْعُ مُحَمَّد صَلّى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ مُسْتَمرٌّ إلى يَوْم القِيامَةِ.

وثانيهما : بمعنى مع وهو قليل ، نحو : «وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ» (٣) ، أي : مع أموالِكم ، وما أشبه ذلك ، نحو : «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ» (٤) ، أي : مَعَ المرافِق ، وتدخل على المظهر كما مرّ وعلى المضمر ، نحو : «إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ» (٥).

____________________________

(١) الحج : ٣٠.

(٢) الجمعه : ٩.

(٣) النساء : ٢.

(٤) المائدة : ٦.

(٥) فصّلت : ٤٧.

٣٠٣

الرَّابعُ في : ولها معنيان :

أحَدهما : للظّرفيّة ، وهو حلول شيء في غيره إمّا حقيقة ، نحو : زيد في الدار ، أو مجازاً ، نحو : النجاة في الصّدق كما أنَّ الهلاك في الكذب.

الثانى : بمعنى على وهو قليل أيضاً ، نحو : «وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ» (١). وقد يجيء بمعنى مَعَ ، نحو : «لَوْ خَرَجُوا فِيكُم» (٢) أي : مَعَكم ، وتدخل على المظهر كما مرَّ وعلى المضمر ، نحو : فيكم وفيهِمْ.

الخامِسُ اللام : ولها معان :

أحَدها : للاختصاص وهو على ضربين : إمّا للاختصاص الملكي ، نحو : المالُ لزيدٍ ، أو للاختصاص الإضافي ، نحو : الجُلّ للفرس.

الثانى : للتعليل ، نحو : ضَرَبْتُ زيداً لِلتّأديب.

الثالث : للقسم ، نحو : لِلّٰهِ لا يُؤَخَّر الْأَجَل ، أي : والله.

الرابعُ : زائدة للتأكيد ، نحو : «رَدِفَ لَكُم» (٣) أي رَدِفَكُمْ ، وتدخل على المظهر كما مرّ وعلى المضمر ، نحو : «لَهُ مُعَقِّبَاتٌ» (٤) لكن تفتح بإلحاق الضمير.

الخامِسُ : بمعنى عن إذا استعمل مع القول ، نحو قوله تعالى : «قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ» (٥) ، وليس معنى

____________________________

(١) طٰهٰ : ٧١.

(٢) التوبة : ٤٧.

(٣) النمل : ٧٢.

(٤) الرعد : ١١.

(٥) الاحقاف : ١١.

٣٠٤

الآية أنَّ الكافرين خاطبوا المؤمنين ، لأنّهُ لو كان كذلك لوجب أن يقال : ما سَبَقْتُمُونا إلْيهِ ، فعلم أنّ معناه : قالَ الَّذينَ كَفَرُوا عَنِ الَّذينَ آمنوا.

السادسُ رُبَّ : وهي للتقليل ، ولها صَدْرُ الكلام ، وتختصّ باسم نكرة موصوفة على الأصحّ ، نحو : رُبَّ رَجُلٍ كَريمٍ لَقِيْتُه ، وقد تدخل على مضمر مُبهم مُبيّن بنكرة مَنْصُوبة نحو : رُبَّهُ رَجُلاً ، وقد تستعمل للتكثير ، نحو : رُبَّ تالِ القُرْآنِ وَالْقُرآنُ يَلْعَنُهُ ، و واو رُبّ : نحو قول الشاعر :

وبَلْدَةٍ لَيْسَ لَها أنيسٌ

إلَّا الْيعافيرُ وَإلَّا الْعيسُ (١)

السابعُ عَلىٰ : وهِيَ للاستعلاء ، إمّا حقيقة ، نحو : زيدٌ على السطح ، أو مجازاً ، نحو : عليه دَيْن ، وقد يجيء بمعنى في ، نحو : «إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ» (٢) ، أي : في النار ، وتدخل على المظهر والمضمر كما مرّ.

الثامِنُ عَن : وهي للمجاوزة ، إمّا حقيقة ، نحو : رَمَيْتُ السَّهْمَ عَنِ القَوْسِ ، أي : تجاوز عن القوسِ ، وإمّا مجازاً ، نحو : بَلَغَني عن زَيدٍ حَديث ، ومعناه تجاوز عنه حديث. وتدخل على المظهر كما ذكر وعلى المضمر ، نحو : «وَرَضُوا عَنْهُ» (٣).

____________________________

(١) يعنى : بسيار شهرى است كه نيست او را انيسى ، مگر گوساله هاى وحشى وشترهاى سفيد مايل به سرخى.

(٢) الانعام : ٢٧.

(٣) البيّنة : ٨.

٣٠٥

التاسع الكاف : ولها معنيان :

أحَدهما : للتشبيه في الذات أو الصفات ، نحو : زيدٌ كأخيه ، وزيدٌ كالأسد.

الثاني : زائدة ، نحو : «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ» (١) ، ولا تدخل على المضمر إلّا على سبيل الحكاية [ نحو : ] هُوَ.

العاشر مُذ ومُنذ : وهما لابتداء الغاية في الزمان الماضي ، نحو : ما رَأَيته مذ [ أو مُنْذُ ] يوم الجمعة ، أي : أوّل انتفاء رؤيتي يوم الجمعة ، أو للظرفيّة في الزّمان الحاضر ، نحو : ما رأيته [ مُذْ أو ] منذ يومنا ، أي : عدم رؤيتي في جميع يومنا.

الحادي عشر حتّى : ولها معنيان :

أحدهما لانتهاء الغاية ، مثل الى إلّا أنّ ما بعد حتّى داخل في حكم ما قبلها ، نحو : أكلْتُ السمَكَة حتّى رأسِها ، بخلاف إلى ، نحو : «ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ» (٢).

الثاني ، بمعنى مَعَ وهو كثير ، نحو : جاءني الحاجّ حتّى المُشاة ، وتدخل على المظهر خاصّة خلافاً للمبرّد ، فانّهُ جوّز الدخول على المضمر أيضاً ، مستدلّاً بقول الشاعر :

فلا واللهِ لا يَبْقىٰ اُناسٌ

فَتىً حتّاك يابْنَ أبي زيادٍ (٣)

____________________________

(١) الشورى : ١١.

(٢) البقرة : ١٨٧.

(٣) پس سوگند به خدا كه مردمان جوان باقى نمى مانند ، حتّى تو اى پسر ابى زياد ، شاهد در دخول حتّى بر ضمير مخاطب است ، جامع الشواهد.

٣٠٦

الثاني عشر باء القَسَم : نحو : باللهِ لَأفْعَلَنَّ كَذا ، وهي تستعمل مع الفعل ، نحو : اُقسِمُ باللهِ لأفْعَلَنَّ كَذا ، وبدُونه كما عَرَفْتَ ، وتدخل على المَظْهر كما مرّ وعلى المضمر ، نحو : بك لأفْعَلَنَّ كَذا.

الثالث عشر واو القسم : نحو : واللهِ لأفْعَلَنّ كذا ، وتستعمل بدون الفعل كما مرّ ، ولا تدخل على المضمر فلا يقال : وَكَ لأفْعَلَنَّ كذا.

الرابعُ عشر تاء القسم : نحو : تاللهِ لأفْعَلَنَّ كذا ، وهي تدخل عَلى لفظة الله فقط ، فلا يقال : تَرَبِّ الكعبة بخلاف أخوَيْه.

الخامِس عشر حاشا : للتنزيه ، نحو : ساءَ القومُ حاشا زَيْدٍ ، وقد تستعمل للاستثناء ، نحو : جاءني القوم حاشا زيداً.

واثنتان بقيّتان وهُما :

[ السادس عشر والسابع عشر ] خَلا وعَدا : للاستثناء ، ومعنى الاستثناء إخراج الشيء عمّا دخل فيه هو وغيره ، نحو : جاءني القوم عدا زيدٍ ، وأكرمت القوم خلا زيدٍ ، واعلم : أنّ الحروف الثلاثة الأخيرة قد يعملن عمل النصب على أنّها أفعال ، واعلم : أنّه قد تُحذف هذه الحروف من الاسم ويقال : إنّه منصوب بنزع الخافض ، نحو : «وَاخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا» (١) أي من قومه.

____________________________

(١) الاعراف : ١٥٥.

٣٠٧

النوع الثانى : حروف تنصب الاسم وترفع الخبر ، وهي ستّة أحرف وتسمّى الحروف المشبّهة بالفعل لكونها على ثلاثة أحرف ، فصاعداً كالفعل ، وفتح آخرها كالماضي ، ووجود معنى الفعل فيها ، وكما أنَّ الفعل يرفع وينصب فكذلك هي ترفع وتنصب وهي ، إنَّ وأنَّ ، بمعنى حقّقتُ ، وكأنَّ بمعنى شبّهت ، ولكنّ ، بمعنى استدركت ، وليت ، بمعنى تمنّيت ، ولَعَلّ ، بمعنى تَرَجَّيْتُ ، نحو : إنَّ زَيْداً قائمٌ ، وبَلَغَنى أنَّ زَيْداً ذاهِبٌ ، والفرق بينهما أنَّ إنَّ المكسورة مَعَ اسمها وخبرها كلام تامّ بخلاف أنَّ المفتوحة فإنّها مَعَ اسمها وخبرها في حكم المفرد ولا تفيد حتّى يكون قبلها فعل كما مرّ ، أو اسم ، نحو : حَقٌّ أنَّ زَيْداً قائمٌ ، أو ظرف ، نحو : عِنْدي أنَّك قائمٌ.

وتلحقهما ما الكافّة ، فتلغيان عن العمل ، وحينئذٍ تدخلان على الجملتين ، نحو : «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ» (١) و «إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّـهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ» (٢).

واعلم : أنّه تكسر (انَّ) في أحد عشر موضعاً :

الأوّل : عند الابتداء ، نحو : «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا» (٣).

الثاني : بعد الموصول نحو : جاءني الَّذي إنّ أباه عالم.

الثالث : بعد القول ، نحو : «قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ» (٤).

الرابع : بعد القَسَم ، نحو : «وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ» (٥).

____________________________

(١) المائدة : ٥٥.

(٢) التوبة : ١٨.

(٣) البروج : ١١.

(٤) البقرة : ٦٨.

(٥) العصر : ١ و ٢.

٣٠٨

الخامس : ما يكون فى خبرها اللام ، نحو : «قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّـهِ» (١) ، ونحو : «وَاللَّـهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ» (٢). لأنَّ اللام للتأكيد.

السادسُ : بعد ثمّ ، نحو : «ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ» (٣).

السابع : بعد كلّا ، نحو : «كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ» (٤).

الثامِن : بعد الأمر ، نحو : «ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ» (٥).

التاسع : بعد النهي ، نحو : «لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّـهَ مَعَنَا» (٦).

العاشر : بعد الدعاء ، نحو : «رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ» (٧).

الحادي عشر : بعد النداء ، نحو : «يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ» (٨).

ومنها كَأنَّ : للتشبيه ، نحو : كَأنَّ زيداً الأسدُ ، وقد تخفّف فتلنى عن العمل ، نحو : قول الشاعر :

ونَحْرٍ مُشْرِقِ اللّوْن كَأنْ ثَدياه حُقّان (٩)

ومَعْشُوقٍ بِذي شادٍ كَأنْ عَيْناهُ ظبْيان

____________________________

(١) المنافقون : ١.

(٢) المنافقون : ١.

(٣) القيامة : ١٩.

(٤) المطفّفين : ١٥.

(٥) الدخان : ٤٩.

(٦) التوبة : ٤٠.

(٧) ابراهيم : ٣٧.

(٨) هود : ٨١.

(٩) بسا بالاى سينه و گودى زير گلويى كه رنگ آن درخشنده است كه گويا دو پستان آن سينه مانند دو حقّه است در گِردى و كوچكى و محبوبى كه خواننده است كه گويا چشمانش چشمهاى آهوان است ، شاهد در كَاَنْ مخفَف است كه عمل نكرده است ، جامع الشواهد.

٣٠٩

ولكنّ : للاستدراك ، وهو أن يتوسّط بين الكلامين المتغايرين بالنفي والإثبات ، معنى سواء كان تغايراً لفظيّاً ، أو لم يكن فيستدرك بها النفي بالإيجاب ، نحو : ما جاءني زَيْدٌ لكنَّ عَمْراً جاء ، وفارقني زَيْدٌ لكنَّ بَكْراً حاضر.

ويستدرك بها الإيجاب بالنفي ، نحو : جاءني زيدٌ لكنّ عمراً لم يجيء ، وجاءني زيدٌ لكنّ عمراً غائبٌ ، وقد تخفّف لكنّ فتلغى حينئذٍ عن العمل كأخواتها ، ويجوز معها ذكر الواو كقوله تعالى : (وَلَـٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا) (١) ، بتخفيف لكنْ ورفع الشياطين فرقاً بينها وبين لكن الّذي هو حرف عطف ، نحو : ما جاءني زيدٌ لكنْ بكرٌ جاءَ.

وليت : للتمنّى ، ومعناه طلب حصول الشيء سواء كان ممكناً أو ممتنعاً. فالممكن ، نحو : ليت زيداً قاعِدٌ. والممتنع ، نحو : لَيْتَ زيداً طائرٌ ، وقول الشاعر :

فَيا لَيْتَ الشبابَ يَعُود يَوْماً

فَاُخْبِرَهُ بما فَعَلَ المَشيبُ

وأجاز الفرّاء والكسائيّ لَيْتَ زَيْداً قائماً بنصب الجزءين ، لكنّ الفراء أجرى له مجرى أتمنّى ، والكسائيّ بتقدير كان ، أي : ليت زيداً كان قائماً ، فقائماً في المثال المذكور حال عند الفرّاء ، وخبر كان عند الكسائيّ.

ولَعَلَّ : للترجّي ، وتستعمل في الممكن فقط ، نحو : «لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ» (٢) فيه ترجِّ للعباد. وشذّ الجرّ بها ، نحو : لَعَلَّ أبي المِغْوار مِنْك قريب.

____________________________

(١) البقرة : ١٠٢.

(٢) الشورى : ١٧.

٣١٠

النوع الثالث : حرفان يرفعان الاسم وينصبان الخبر وهما : ما ، ولا ، المُشبّهتان بليس من حيث المعنى والعمل ، نحو : ما زَيْدٌ قائماً ، ولا رَجُلٌ أفْضَلَ مِنْكَ ، والفرق بينهما أنَّ (ما) لنفي الحال بخلاف (لا) فإنّه للنفي مطلقاً ، وقيل لنفي الاستقبال. ويدخل (ما) على المعرفة والنكرة بخلاف (لا) ، فإنّه يدخل على النكرة فقط ، ويختصّ دخول الباء على خبر (ما) دون (لا) نحو : ما زيدٌ بقائم.

النوع الرابع : حروف تنصب الاسم فقط وهي سبعة أحرف.

الواو بمعنى مع ، نحو : جِئْتُ وزَيْداً ، وإن اُكِّدَتْ بضمير منفصل جاز الرّفع والنّصب ، نحو : جِئْتُ أنا وزَيْدٌ وزَيْداً ، وإلّا تعيّن النّصب كما مرّ.

ومنها : إلّا ، للاستثناء في كلام موجب ، نحو : جاءني القوم إلّا زيداً ، وإن كان في كلام غير موجب جاز الرّفع والنّصب ، لكن البدل أفصح ، نحو : «مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ» (١) (وإلّا قَليلاً).

ومنها : يا ، نحو : يا عبد الله. وأيا ، نحو : أيا عبدَ الله. وهيا ، نحو : هَيا عَبْدَ اللهِ. وأيْ ، نحو : أيْ عبدَ الله ، والهمزة المفتوحة نحو : أعَبْدَ اللهِ.

وهذه الخمسة للنداءِ ويَنْصبن إذا كان المنادى مضافاً كما عرفت ، أو مضارعاً له ، نحو : يا خيراً مِن زَيْدٍ. أو غير مُعيّن كقول الأعمى ، يا رَجُلاً خُذْ بِيَدي.

____________________________

(١) النساء : ٦٦.

٣١١

والفرق بينها أنّ ( يا ) أعمّ للمنادى ، البعيد والمتوسّط والقريب ، دون أخواتها و ( أيا وهيا ) وضعتا لنداءِ البعيد ، و ( أي ) وضعت لنداء المتوسّط و ( الهمزة ) للقريب.

النّوع الخامس : حروف تنصب الفعل المضارع وهي أربعة أحرف.

أنْ : وتسمّى أن الناصبة وتجعل المستقبل في تأويل المصدر ويختصّ بزمان الاستقبال ، نحو : اُريدُ أن تَقُومَ ، أي : قِيامَكَ.

وَلَنْ : ومعناها نفي المستقبل مع التأكيد ، نحو : لَنْ يَضرِبَ زَيْدٌ ، وقالت المعتزلة للتأبيد ، لأنّ الله تعالى نفى رؤيته بقوله : «لَن تَرَانِي» (١) ، وهو لا يرى في الدنيا والآخرة لأنّه ليس في مكان ولا في جهة ، فرؤيته ليس ممكناً فيكون لَنْ للنفي الأبديّ.

وكَيْ : للتعليل ، ومعناه أنْ يكون ما قبله سبباً لما بعده ، نحو : أسْلَمْتُ كَيْ أدْخُلَ الْجَنَّة ، فيكون الإسلام سبباً لدخول الجنّة.

وإذَنْ : للجواب والجزاء ، كما إذا قيل لك : أنا آتيك ، فَتَقُولُ : إذَنْ أكرِمَك.

وإذا وقعت بعد الفاء أو الواو ، فوجهان ، كقولك مجيباً لمن قال : أنا آتيك ، فإذَنْ أكْرِمُكَ ، جاز الرفع لاعتماد ما بعدها على ما قبلها ، وجاز النصب لأنّ الفعل مع الفاعل لمّا كان مفيداً مستقلّاً من غير النظر إلى حرف العطف فكأنّه غير معتمد على ما قبلها.

وينصب الفعل المضارع بإضمار أنْ بعد خمسة أحرف وهي : حتَّى ، واللام ، وأوْ بمعنى إلى أنْ ، وواو الجمع ، والفاء في جواب الأشياء

____________________________

(١) الاعراف : ١٤٣.

٣١٢

الستّة ، وهي : الأمر ، والنهي والنفي ، والاستفهام ، والتّمنّي ، والعرض ، مثاله : سِرْتُ حتّى أدخُلَ البَلَدَ ، وجِئْتُكَ لِتُكْرِمَني ، وَلَألْزَمَنَّك أو تُعْطيَني حَقّى ، وَلا تَأْكُلِ السمَك وتَشْرَبَ اللَّبَنَ ، أي : لا تَجْمَعْ بَيْنَهُما ، وزُرني فَاُكْرِمَك ، «وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي» (١) ، وَما تَأْتينا فَتُحَدِّثنا ، ومعناه نفي الجملتين ، يعني ما تأْتينا فكَيْفَ تحدّثنا على معنى أنّ انتفاء الجملة الاُولى سبب لانتفاءِ الجملة الثانية ، أي : امتنع الحديث لامتناع الإتيان ، وهَلْ أسْأَلُكَ فَتُجيبَني ، وَلَيْتَني عِنْدَكَ فَأفُوزَ ، وألا تَنْزِل بِنا فَتُصيبَ خيراً مِنّا ، أي ليكن منك نزول فإصابة الخير منّا.

النّوع السادس : حروف تجزم الفعل المضارع وهي خمسة أحرف :

لَمْ : لقلب المضارع ماضياً ونفيه فيه ، نحو : لَمْ يَضْرِبْ زَيْدٌ أمْسِ.

ولَمّا : مثلها في قلب المضارع إلى الماضي ، ونفيه فيه لكن يختصّ لمّا باستمرار نفي الفعل في الزمان الماضي إلى زمان الحال ، فَلَمْ لِنَفي فَعَلَ ، ولَمّا لنفي قَدْ فَعَلَ. تقول : نَدمَ زَيْدٌ ولَمْ يَنْفَعْهُ الندم ، أي عقيب النّدم. ولم لا يلزم استمرار عدم النفع من الماضي إلى وقت الإخبار ، وتقول : نَدِمَ زيدٌ ولَمّا يَنْفَعْهُ الندم ، ولزم لمّا استمرار عدم النفع من الماضي إلى وقت الإخبار ، لأنَّ زيادة معناها بزيادة ما.

وتختصّ أيضاً لمّا بجواز حذف فعله ، نحو : نَدِمَ زَيدٌ ، ولمّا ، أي لمّا ينفعه الندم لأنّ أصله لَمْ فزيدت عليه ما فنابت مناب الفعل ، وأيضاً فيه معنى التوقّع لحصول الفعل المنفيّ بخلاف لَمْ ، نحو : «لَمَّا يَدْخُلِ

____________________________

(١) طه : ٨١.

٣١٣

الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ» (١) ولَمّا يَرْكب الأميرُ.

ومِنها : لام الأمر التي يطلب بها الفعل ، نحو : لِيَنْصُرْ ، وهِيَ تدخل على الفعل المضارع المجهول مطلقاً أي سواء كان غائباً ، أو مخاطباً ، أو متكلّماً ، نحو : لِيَنْصُرْ ولِتَنْصُرْ ولِأنْصُرْ ، وإن كان معلوماً تدخل على الغائب والمتكلّم ، نحو : لِيَنْصُرْ ولِأنْصُرْ.

ومنها : لاء النهي المطلوب بها الترك ، نحو : لا يَضْرِبْ ، وهي تدخل على جميع أنواع المضارع المبنيّ للفاعل أو المفعول غائباً ، أو مخاطباً ، أو متكلّماً ، ولا يخفى عليك أنْ لام الأمر ولاء النهي تجعلان الخبر إنشاء. إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّ جوازم المضارع قسمان : قسم يجزم الفعل الواحد وهو : لَم ولَمّا ولام الأمر ولاء النهي ، وقسم يجزم الفعلين وهُوَ : إن الشرطيّة وكلم المجازاة.

فإنْ : تجزم الفعلين المضارعين على أنّهما شرط وجزاء ، نحو : إنْ تَضْرِبْني أضرِبْكَ ، وقد تدخل على الماضيين ، وتقلب الماضي إلى معنى المستقبل ، ولا يعمل في لفظ ، نحو : إنْ ضَرَبْتَ ضَرَبْتُ ، وإن كان الشرط مضارعاً والجزاء ماضياً يجزم الشرط دون الجزاء ، نحو : إنْ تَضْرِبْ ضَرَبْتُ ، وإن انعكس الحال جاز في الجزاء الجزم وعدمه ، نحو : إنْ ضَرَبْتَني أضْرِبْكَ وأضْرِبُكَ ، وكلم المجازاة ستذكر إنْ شاء الله تعالى.

وَاعْلَمْ : أنّ الجزم إمّا بحذف الحركة في غير الناقص ، وإمّا بحذف النون في التثنية والجمع المذكّر والواحدة المخاطبة ، وإمّا بحذف الواو والألف والياء في الناقص ، كما علم في التصريف.

____________________________

(١) الحجرات : ١٤.

٣١٤

ويجزم المضارع بإنْ مقدّرة في جواب الأشياء الستّة الّتي تجاب بالفاء إلّا النفي ، نحو : ايتنِي اُكْرِمكَ ، ولا تَكْفُرْ تَدْخُلِ الجَنَّة ، وامتنع : لا تكفر تدخل النار خلافاً للكسائي ، لأنّ التقدير إن تكفر تدخل النار ، ونحو : أيْنَ بَيْتُكَ أزُرْكَ ، وهَلْ أسأَلُكَ تُجِبْني ، ولَيْتَنى عِنْدَك أفُزْ ، وَألا تَنْزِلْ بنا تُصِبْ خَيْراً مِنّا ، والمعنى في الجميع إنْ وقع الأوّل ، وقع الثاني.

النّوع السابع : أسماء تجزم الفعلين على معنى إن للشّرط والجزاء ، وهي تسعة أسماء :

الأوّل مَنْ : ويستعمل لاُولي العقل غالباً ، نحو : مَنْ يُكْرِمْني أكْرِمْهُ ، وقد يكون لغير اُولي العقل ، نحو : «فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ» (١).

وما : تستعمل لغير اُولي العقل غالباً ، نحو : «وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّـهِ» (٢) ، وقد تكون للعاقل كقوله تعالى : «وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا» (٣).

وأيّ : نحو : أيّهمْ يَأَتِني اُكْرِمْهُ.

ومَتى : لِلزمان نحو : مَتى تَخْرُجْ أخْرُجْ.

وإذْما : أيضاً للزمان ، نحو : إذْ ما تَنْصُرْني أنْصُرْكَ.

ومَهْما : نحو : مَهْما تَصْنَعْ أصْنَعْ.

وأيْنَ : للمكان ، نحو : أيْنَ تَجْلِسْ أجلِسْ.

____________________________

(١) النور : ٤٥.

(٢) المزمل : ٢٠.

(٣) الشمس : ٥.

٣١٥

وأنّى : أيضاً للمكان ، نحو : أنّى تَقُمْ أقُمْ.

وحيثما : أيضاً للمكان ، نحو : حَيثُما تَقْعُدْ أقْعُدْ.

وأمّا الجزم بكيفما وإذا ، فشاذّ لاستحالة المعنى في كيفما لأنّه من المستحيل ، أن يكون المتكلّم على أيّ حال يكون المخاطب عليها ، نحو : كَيْفَما تَكُنْ أكُنْ. فيحتمل أن يكون المخاطب مريضاً ولا يكون المتكلّم كذلك ، والمنافاة بين إذا وإن الشّرطيّة لأنّ إذا للتخصيص وإن الشّرطيّة للعموم ، نحو : أنا آتيكَ إذا احْمَرَّ الْبُسْرُ ، وَإنْ تَأْتني اُكْرِمْكَ.

وكلم المجازاة على ضَرْبَين : ظرف ، وغير ظرف. والظرف إمّا أن لا يستعمل إلّا مع ما ، وهو حيثما للمكان وإذ ما للزمان ، وإمّا أن يستعمل مع ما ومجرّداً عنها ، وهو أيْنَ للمكان ، ومتى في الزمان ، وإمّا أن لا يستعمل مَعَ ما وهو أنّى للمكان.

وغير الظرف ، مَنْ وما وأيّ ومَهْما وأمثلتها ظاهرة ممّا سبق. واعلم أنّ إنْ الشرطيّة وكلم المجازاة تجعلان الخبر إنشاء.

النّوع الثامن : أسماء تنصب الأسماء النكرات على التمييز وهي أربعة أسماء :

أوّلها : عشرة إذا ركّبت مع أحد واثنين إلى تسعة وتسعين ، نحو : «رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا» (١) ، و «لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً» (٢) ، وتقول : في المذكّر واحد واثنان ، وفي المؤنّث واحدة واثنتان أو ثِنْتان جار على القياس المشهور ، وتقول : في المذكّر ثلاثة إلى عشرة مَعَ التاء وفي المؤنّث ثلاث إلى عشر بلا تاء غير جار على القياس كقوله تعالى :

____________________________

(١) يوسف : ٤.

(٢) ص : ٢٣.

٣١٦

«سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ» (١). وإذا كان المعدود مؤنّثاً ، واللّفظ مذكّراً أو بالعكس ، فوجهان ، نحو : جاءني ثلاثة أشخص من النساء بالنظر إلى اللفظ ، وثلاث أشخص من النساء بالنظر إلى المعدود ، وجاءني ثلاث أنْفُس من الرجال بالنظر إلى اللفظ ، وثلاثة أنفس من الرجال بالنظر إلى المعدود.

وتركيب المذكّر أحَدَ عَشَر رَجُلاً ، واثنا عشر رجلاً على القياس المشهور ، والمؤنّث احدى عشرة امرأة ، واثنتا عشرة امرأة على القياس المشهور ، وتقول في المذكّر ثلاثة عشر الى تسعة عشر بتأنيث الجزء الأوّل ، وتذكير الجزء الثاني ، وفي المؤنّث ثلاث عشرة إلى تِسع عشرة ، بعكس المذكّر. ويسكن الشين ، أهل الحجاز ويكسرها بنو تميم ، لئلّا يجتمع توالي أربع فتحات في كلمة واحدة.

وتقول في المذكّر والمؤنّث عشرون وأخواتها إلى تسعين ، وفي المذكّر ، أحَدٌ وعِشْرونَ رَجُلاً ، واثنان وعِشْرُونَ رَجُلاً ، وفي المؤنّث ، إحدى وعِشْرُون امرأة ، واثنتان وعشرون امرأة بتذكير المعطوف عليه في الأوّل وعكسه في الثاني ، وفي المذكّر ثلاثة وعشرون رجلاً إلى تسعة وتسعين بتأنيث المعطوف عليه ، وفي المؤنّث ثلاث وعشرون امرأة إلى تسع وتسعين بتذكير المعطوف عليه على غير القياس ، وتقول في مائة وألف ومائتين وألفين ، نحو : مائة رجل ، ومائتا رجل ، وألف رجل ، وألفا رجل ، ومائة امرأة ، ومائتا امرأة ، وألفا امرأة ، وإذا جاوزت مائة يستعمل ما زاد عليها على ما عرفت من واحد إلى تسعة وتسعين ، وتعطفه على مائة فتقول : مائة وخمسة رجال ومائة وخمس نسوة ، وفي

____________________________

(١) الحاقه : ٧.

٣١٧

ثماني عشرة فتح الياء ، وجاز إسكانها ، وقيل : حذفها مع كسر النون لدلالة الكسرة على الياء ، وقد شذّ فتح النون.

ومميّز الثلاثة إلى العشرة مجرور ومجموع لفظاً ، نحو : ثلاثة رجال ، أو معناً ، نحو : ثلاثة رَهْطٍ إلّا في نحو : ثلاثمائة إلى تسعمائة ، لأنّ قياسها مئات إن اُريد غير المذكّر العاقل ، أو مأين ـ يا مِئين ـ إن اُريد المذكّر العاقل.

ومميّز أحَدَ عشر إلى تسعة وتسعين منصوب مفرد كما مرّ.

ومميّز مائة وألف ، وتثنيتهما وجمعه مخفوض مفرد ، نحو : مائة رجل وألف رجل ومائتا رجل وألفا رجل وآلاف رَجل ولا يميّز الواحد والاثنان استغناء بلفظ معدودهما عنهما فإنّ رجلاً يدلّ على الواحد ، ورجلين يدلّ على الاثنين بخلاف الجمع فإنّه لا يدلّ على المعدود المعيّن.

واعلم : انّ مميّز العشرة فما دونها حقّه أن يكون جمع قِلّة ، نحو : ثلاثة أثواب وعشرة أفْلُسٍ إلّا إذا اُعوِزَ ، نحو : ثلاثة شسوع.

وثانيها : كم : الاستفهاميّة ، ومميزها منصوب مفرد ، نحو : كَمْ رَجُلاً عِنْدَك ، وإذا كانت خبريّة فمميّزها مجرور مفرد ، أو مجموع ، نحو : كم رجلٍ عندي ، أو كم رجْالٍ عندي ، وتدخل مِنْ في مميّز ( كم ) الاستفهامية والخبريّة ، نحو : كَمْ مِنْ رَجُلٍ ضَرَبْتَ «وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا» (١). ولهما صدر الكلام.

وثالثها : كَأيِّن الخبريّة ، نحو : كَأيِّنْ رَجُلاً عندي ، وقد تدخل مِن في مميّز كأيِّن ، نحو : «وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ» (٢).

____________________________

(١) الاعراف : ٤.

(٢) آل عمران : ١٤٦.

٣١٨

ورابعها : كذا : وهي كناية عن العدد المبهم. نحو : عندي كذا درهماً.

النّوع التاسع : كلمات تسمّى أسماء الأفعال بعضها تنصب وهو ما كان بمعنى الأمر وبعضها ترفع وهو ما كان بمعنى الماضي وهو تسع كلمات. الناصبة منها ستّ كلمات :

الأوّل رُوَيْدَ ، نحو : رُوَيْدَ زَيْداً أي : أمْهِلْهُ.

وبَلْهَ ، نحو : بَلْهَ زَيْداً ، أي : دَعْهُ ، ويستوي فيهما لفظ الواحد والجمع والمذكّر والمؤنّث ، نحو : يا رَجُل رُوَيْدَ زَيْداً أو بَلْهَ زَيْداً ، ويا رِجال رُوَيْدَ زَيْداً أو بَلْهَ زَيْداً ، ويا امْرأة رُوَيْدَ زَيْداً أو بَلْهَ زَيْداً.

ودُونَكَ ، نحو : دونك زيداً أي : خذه.

وعَلَيْكَ ، نحو : عليكَ زيداً أي : الزمه.

وها ، نحو : ها درهماً ، أي : خذه وذلك للواحد والاثنين والجمع ، نحو : «هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ» (١) ، ويقال : هاء يا امرأة ، وهاؤُنَّ يا نِسْوَة ، والهمزة فيها بمنزلة كاف الخطاب ، وقد يحذف الهمزة ، ويلحق الكاف فيقال : هاك هاكُما إلى هاكُنَّ.

ومنها حَيَّهَل ، نحو : حَيَّهَلَ الثريدَ ، أي إيته.

والرافعة منها ثلاث كلمات :

هَيْهات ، نحو : هَيْهات زَيْد ، أي بَعُد ، وهَيْهات أبلغ في الإبعاد من فعله.

وشتّان ، نحو : شَتّانَ زَيْدٌ وَعَمْروٌ ، أي افترقا.

____________________________

(١) الحاقه : ١٩.

٣١٩

وسَرْعانَ ، نحو : سَرْعان زيدٌ ، أي سَرُعَ ، إلّا أنّ سَرعان أبْلَغ في التأكيد مِنْهُ.

النوع العاشر : الأفعال الناقصة ، وهي ثلاثة عشر فعلاً ، ترفع الاسم وتنصب الخبر وإنّما سمّيت هذه الأفعال ناقصة ، لأنّه لا يتمّ الكلام بالفاعل ، بل يحتاج إلى خبر منصوب ، وهِيَ : كانَ وصارَ وأصْبَحَ وأمسىٰ وأضْحىٰ وَظَلَّ وباتَ وما زال وما بَرحَ وما انفكَّ وما فَتِئَ وما دام ولَيْسَ. وألْحَقَ بعضهم خمسة أفعال بها ، وهِيَ : آضَ وعادَ وغَدا ووقَعَ وراحَ.

ويكون لكان معان :

أحدها : ناقصة ، نحو : كانَ زَيْدٌ قائماً ، وقد تجيء للماضي ، نحو : «وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ» (١) ، وقد تجيء للمستقبل ، نحو : «وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا» (٢) وقد تجيء للحال ، نحو : «كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا» (٣) ، وقد تجيء جامعة لذلك ، نحو : «وَكَانَ اللَّـهُ عَلِيمًا حَكِيمًا» (٤) ، أي : لم يزل عليماً حكيماً في الزمان الماضي والحال والاستقبال ، وقد تكون تامّة أي لا تحتاج إلى الخبر إذا كانت بمعنى وَقَعَ ، نحو : كانَ الْأمْرُ ، أي : وقع الأمر ، وقد تكون زائدة إذا وقعت بين ما التعجّب وفعل التعجّب ، نحو : ما كان أحْسَنَ زَيْداً ، وتكون بمعنى صارَ ، نحو : «وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ» (٥) ، وقد تكون فيها ضمير الشأن ، وحينئذٍ تقع بعدها جملة تفسّر ذلك الضمير ، نحو : كانَ

____________________________

(١) النمل : ٤٨.

(٢) الفرقان : ٢٦.

(٤) الفتح : ٤.

(٣) مريم : ٢٩.

(٥) ص : ٧٤.

٣٢٠