جامع المقدّمات

جمع من العلماء

جامع المقدّمات

المؤلف:

جمع من العلماء


المحقق: الشيخ جليل الجراثيمي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٤
ISBN: 978-964-470-030-9
الصفحات: ٦٣٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

وأمّا الياء فتثبتُ على كلّ حال ، نحو : يَمُنَ يَيْمُنُ ويَسَرَ يَيْسِرُ ويَئسَ يَيْأَسُ ، وتقول في أفْعَلَ من الياء : أيْسَرَ يُوسِرُ ايساراً فهو مُوسِرٌ تقلب الياء فيهما واواً لسكونها وانضمام ما قبلها ، وفي افتعل منهما تقلبان تاء وتدغمان في التّاء ، نحو : اتَّعَدَ يَتَعِّدُ فهو مُتَّعِدٌ واتَّسَرَ يَتَّسِرُ اتّساراً فهو مُتَّسِرٌ ، ويقال : ايتَعَدَ ياتَعِدُ فهو موتَعِدٌ ، وذاك : مُوتَعَدٌ وايتَسَرَ يا تَسِرُ فَهُوَ موتَسِرٌ وهذا مَكان مُوتَسَرٌ فيه ، وحكم وَدَّ يَوَدّ كحكم عَضَّ يَعَضُّ ، وتقول : ايدَدْ كَاعْضَضْ.

الثّانى المعتلّ العين : ويقال له : الأجوف وذو الثلاثة لكون ماضيه على ثلاثة أحرف إذا أخبرت عن نفسك ، فالمجرّد تقلب عينه في الماضي ألفاً سواء كان واواً أو ياءً لتحرّكهما وانفتاح ما قبلهما ، نحو : صانَ وباعَ فإن اتّصل ضمير المتكلّم أو المخاطب أو جمع المؤنّث الغائبة نقل فَعَل من الواويّ إلى فَعُلَ ومن اليائيّ إلى فَعِلَ ، دلالة عليهما ولم يغيّر فَعُلَ ولا فَعِلَ إذا كانا أصليّين ، ونقلت الضمّة والكسرة إلى الفاء ، وحذف العين لالتقاء السّاكنين ، فتقول : صانَ صانا صانُوا صانَتْ صانَتا صُنَّ صُنْتَ صُنْتُما صُنْتُمْ صُنْتِ صُنْتُما صُنْتُنَّ صُنْتُ صُنّا ، وتقول : باعَ باعا باعُوا باعَتْ باعَتا بِعْنَ بِعْتَ بِعتُما بِعْتُمْ بِعْتِ بِعْتُما بِعْتُنَّ بِعْتُ بِعْنا ، وإذا بنيته للمفعول كسرت الفاء من الجميع ، فقلت : صِينَ واعتلاله بالنّقل والقلب وبيع واعتلاله بالنّقل ، وتقول : في المضارع يَصُونُ ويَبيعُ واعتلالهما بالنّقل ، ويَخافُ ويَهابُ واعتلالهما بالنّقل والقلب ، ويدخل الجازم فيسقط العين إذا اُسكن ما بعده وتثبت إذا تحرّك ، تقول : لَمْ يَصُنْ لَمْ يَصُونا لم يَصُونوا لم تَصُنْ لَمْ تَصُونا لَمْ يَصُنَّ إلى آخره ، وكذا قياس لَمْ يَبعْ لَمْ يَبيعا لَمْ يَبيعُوا ، ولَمْ يَخَفْ لَمْ يَخافا لَمْ يَخافوا ، وقس عليه الأمر ، نحو : صُنْ صُونا صُونُوا صُونى صُونا صُنَّ ، وبالتّاكيد : صُونَنَّ صُونانِّ صُونُنَّ صُونِنَّ صُونانِّ صُنّانِّ ، وبْعِ بيعا بيعُوا بيعي بيعا بِعْنَ ، وخَفْ خافا خافُوا خافي

١٦١

خافا خَفْنَ ، وبالتّأكيد بيعَنَّ وخافَنَّ.

ومزيد الثّلاثي ، لا يعتلّ منه إلّا أربعة أبنية وهي : أجابَ يُجيبُ إجابةً واسْتَقامَ يَسْتَقيمُ اسْتِقٰامَةً ، وانْقادَ يَنقادُ انقياداً ، واختارَ يَخْتارُ اخْتِياراً ، وإذا بنيتها للمفعول ، قلت : اُجيبَ يُجابُ ، واسْتُقيمَ ويُستَقامُ ، وانقيدَ يُنْقادُ ، واخْتيرَ يُخْتارُ.

والأمر منها : أجِبْ أجيبا أجيبوُا ، واسْتَقِمْ اسْتَقيما ، وانْقَدْ انْقادا ، واخْتَرْ اخْتارا ويَصحّ ، نحو : قَوَّلَ وقاوَلَ وتَقَوَّلَ وتَقاوَلَ ، وزَيَّنَ وتَزَيَّنَ ، وسايرَ وتَسايَرَ ، وَاسْوَدَّ واسْوَادَّ ، وابْيَضَّ وابياضَّ ، وكذا ساير تَصاريفها.

واسم الفاعل ، من الثّلاثي المجرّد يعتلّ بالهمزة كصائِن وبائِعٍ ومن المزيد فيه يعتلّ بما اعتلّ به المضارع : كمُجيبٍ ومُسْتَقيمٍ ، ومُنْقادٍ ومُخْتارٍ.

واسم المفعول ، من الثّلاثي المجرّد يعتلّ بالنقّل والحذف كمَصُونٍ ومَبيعٍ ، والمحذوف واو مفعول عند سيبويه ، وعين الفعل عند أبي الحَسن الأخفش ، وبنو تميم يثبّتون الياء ، فيقولون : مَبْيُوعٌ ، ومن المزيد فيه يعتلّ بالنّقل والقلب إن اعتلّ فعله كمُجابٍ ومستقامٍ ومُنقادٍ ومُختارٍ.

الثّالث المعتلّ اللام : ويقال له : النّاقص وذو الأربعة لكون ماضيه على أربعة أحرف إذا أخبرت عن نفسك ، نحو : غَزَوْتُ ورَمَيْتُ ، فالمجرّد تقلب فيه الواو والياء ألفاً إذا تحرّكتا وانفتح ما قبلهما : كغزىٰ ورَمىٰ وعصا ورَحىٰ ، وكذلك الفعل الزّائد على الثلاثة : كأعْطىٰ واشْتَرىٰ واسْتَقْصىٰ ، وكذلك اسم المفعول : كالمُعْطىٰ والمُشْتَرىٰ والمُستقصىٰ وكذلك إذا لم يسمّ فاعله من المضارع ، كقولك : يُعطىٰ ويُغزىٰ ويُرْمىٰ ، وأمّا الماضي فتحذف اللام منه في مثال : فعلوا مطلقاً ، وفي مثال : فَعَلَتْ وفَعَلَتا إذا انْفَتحَ ما قبلها ، وتثبت في غيرها ، فتقول : غَزا غَزَوا غَزَوْا غَزَتْ

١٦٢

غَزَتا غَزَوْنَ إلىٰ آخره ، ورَمَىٰ رَمَيا رَمَوْا إلى آخره ، ورَضِيَ رَضِيا رَضُوا إلىٰ آخره ، وكذلك : سَرُوَ سَرُوا سَرُوْا إلى آخره ، وإنّما فتحت ما قبل واو الضّمير في غَزَوْا ورَمَوْا وضمّت في رضُوا وسرُوا لأنّ واو الضّمير إذا اتّصلت بالفعل النّاقص بعد حذف اللام ، فإن انفتح ما قبلها أبقي علىٰ الفتحة وإن انضمّ أو انكسر ضمّ ، وأصل رَضُوا رَضيُوا فنقلت ضمّة الياء إلى الضّاد وحذفت الياء لالتقاء السّاكنين.

وأمّا المضارع ، فتسكن الواو والياء والألف منه في الرّفع ويحذفن في الجزم ، وتفتح الواو والياء في النّصب وتثبت الألف ويسقط الجازم والنّاصب النّونات إلّا نون جماعة المؤنّث ، فتقول : لَمْ يَغْزُ لَمْ يَغْزُوا لَمْ يَغْزُوا ولَم يَرْم ولَمْ يَرْمِيا لَمْ يَرْمُوا ولم يَرْضَ لَمْ يَرْضَيا لَمْ يَرْضَوْا ولَنْ يَغْزُوَ ولَنْ يَرمِيَ ولَنْ يَرْضىٰ ، وتثبت لام الفعل في فعل الاثنين وجماعة الإناث ، وتحذف من فعل جماعة الذّكور وفعل الواحدة المخاطبة ، فتقول : يَغْزُو يَغْزُوانِ يَغْزُونَ تَغْزُو تَغْزُوانِ يَغْزُوْنَ تَغْزُو تَغْزُوانِ تَغْزوُنَ تَغْزين تَغْزوان تَغْزُوْنَ ، أغْزُو نَغْزُو ، ويستوي فيه لفظ جماعة الذّكور ، والإناث في الخطاب والغيبة ، ويختلف في التقدير ، فوزن المذكّر يَفْعُونَ وتَفْعُونَ ، ووزن المؤنّث يَفْعُلنَ وتَفْعُلْنَ ، وتقول : يَرْمي يَرمِيانِ يَرْمُونَ ، تَرمي تَرميانِ يَرْمينَ ، تَرْمي تَرميانِ تَرمُونَ ، تَرْمينَ تَرمِيانِ تَرمينَ ، أرْمي نَرْمي ، وأصل يَرْمُونَ يَرْمِيُونَ فَفُعِل به ما فعل بَرَضُوا ، وهٰكذا حكم ما كان قبل لامه مكسوراً : كَيْهدي ويُناجي ويَرْتَجي ويَنْبَري ويَسْتَدْعي ويَرْعَوي ويَعْرَوْري وتقول : يَرْضىٰ يَرْضَيانِ يَرْضَوْنَ ، تَرْضىٰ تَرْضَيانِ يَرْضَيْنَ ، تَرْضىٰ ترْضَيٰانِ تَرْضَوْنَ ، تَرْضَيْنَ تَرْضيانِ تَرْضَيْنَ ، أرْضىٰ نَرْضىٰ.

وهٰكذا قياس كلّ ما كان قبل لامه مفتوحاً ، نحو : يَتَمَطّىٰ ويَتَصابىٰ ويَتَقَلْسىٰ ، ولفظ الواحدة المؤنّث في الخطاب كلفظ الجمع في بابَي

١٦٣

يَرمِي ويَرْضىٰ والتّقدير مختلف ، فوزن الواحدة تَفْعينَ وتَفْعَيْنَ ووزن الجمع تَفْعِلْنَ وتَفْعَلْنَ.

والأمر منها : اغْزُ اغْزُوا اُغْزُوا ، اغْزي اغْزُوا اغْزُونَ ، وارْمِ ارمِيا ارْمُوا ، ارْمي ارمِيا ارمينَ ، وارْضَ ارْضَيا ارْضَوا ، ارْضَي ارْضَيا ارضَيْنَ ، وإذا أدخَلْتَ عليها نون التأكيد أعيدت اللام المحذوفة ، فتقول : اغْزُوَنَّ اغْزُوانِّ وارْمَيَنَّ وارْضَيَنَّ ، واسم الفاعل منها : غازٍ غازيانِ غازُونَ غازِيَة غازِيتانِ غازِياتٌ وغَوازٍ ، وكذلك : رامٍ وراضٍ وأصل غازٍ غازوٌ فقلبت الواو ياء لتطرّفها وانكسار ما قبلها كما قُلِبَتْ في غُزِيَ ، ثمَّ قالوا : غازِية لأنّ المؤنّث فرع المذكّر والتّاء طارئة.

وتقول في المفعول : من الواوي مَغْزُوٌّ ، ومنَ اليائيّ مَرْمِيٌّ تقلب الواو ياء ويكسر ما قبلها لأنَّ الواو والياء إذا اجتمعتا فى كلمة واحدة ، والاُولى منهما ساكنة تقلب الواو ياءً وأدغمت الياء في الياء ، وتقول في فعول : من الواوي عَدُوٌّ ، ومن اليائي بَغيٌّ ، وفي فعيل من الواوي صَبِيٌّ ومن اليائي شرِيٌّ ، والمزيد فيه تقلب واوُهُ ياءً لأنَّ كلّ واو وقعت رابعة فصاعداً ، ولم يكن ما قبلها مضموماً تقلب ياءً ، فتقول : أعْطىٰ يُعْطي واعْتَدىٰ يَعْتَدي واسْتَرْشىٰ يَسْتَرْشي ، وتقول مع الضّمير : أعْطَيتُ واعْتَدَيْتُ واسْتَرشَيْتُ ، وكذلك : تَغازَيْنٰا وتَراجَيْنا.

الرّابعُ المُعتلّ العَينِ واللام : ويقال له : اللّفيف المقرون ، فتقول : شَوىٰ يَشوي شيّاً مثل : رَمىٰ يَرْمي رَمْيَاً ، وقَوِيَ يَقْوىٰ قُوَّة ، ورَوِي يَرْوىٰ رَيّاً مثل رَضِي يَرْضىٰ رَضْياً فهو ريّانٌ وامرأة ريّىٰ مثل : عَطْشانٌ وعَطْشىٰ وأرْوىٰ كَأعْطىٰ وحَييَ كرَضِيَ وحَيَّ يَحْيىٰ حياةً فهو حَيٌّ وحَيّا وحَييا فَهُما حَيّانِ وحَيُّوا وحَييُوا فهم أحْياء ، ويجوز حَيُوا بالتخفيف كرضوا والأمر : احْيَ كَارْضَ وأحْيىٰ يُحْيي كَأعْطىٰ يُعْطِي وحايا يُحائي محاياةً

١٦٤

واسْتَحْيا يَسْتَحْيي اسْتِحْياءً ، ومنهم من يقول : اسْتَحىٰ يَسْتَحِي اسْتِحاءً وذلك لكثرة الاستعمال ، كما قالوا : لا أدْرِ في لا أدْري (١).

الخامسُ المعتلّ الفاء واللام : ويقال له : اللّفيف المفروق ، فتقول : وَقىٰ كرَمىٰ يقي يقِيانِ يَقُونَ الى آخره.

والأمر منه ، قِ فيصير على حرف واحد ويلزمه الهاء في الوقف نحو : قِهْ ، وتقول في التّأكيد : قِيَنَّ قِيانِّ قُنَّ قِنَّ قِيانِّ قينانِّ ، وبالخفيفة قِيَنْ قُنْ قِنْ ، وتقول في : وَجِيَ ويَوْجىٰ كرَضِيَ يَرْضَىٰ ايجَ كَارْضَ.

السادس المعتلّ الفاء والعين : كيَيْن فى اسم مكان ، ويوم (٢) ، و وَيل (٣) ولا يبنى منه فعل.

السابع المعتلّ الفاء والعين واللام : وذلك واوٌ وياءٌ لاسمَي الحرفين.

فصل : حكم المهموز في تصاريف فعله كحكم الصحيح لأن الهمزة حرف صحيح لكنّها قد تخفف إذا وقعت غير أوّل لأنّها حرف شديد من أقصىٰ الحلق ، فتقول : أمَلَ يَأْمُلُ كنَصَرَ يَنْصُرُ ، اُومل بقلب الهمزة واواً لِأنّ الهمزتين إذا التقتا في كلمة واحدة ، ثانيهما ساكنة وجب قلبها بحركة ما قبلها ، كَآمَنَ واُومِنَ وإيماناً ، فإن كانت الاُولىٰ همزة وصل تعود الثّانية عند الوصل إذا انفتح ما قبلها وحذفوا الهمزة في خُذْ وكُلْ ومُرْ على غير القياس لكثرة الاستعمال ، وقد يجيء اُومُرْ علىٰ الأصل عند الوصل كقوله

____________________________

(١) ويَسْرِ في يَسْرِي كقوله تعالى : «وَالَيلِ إذا يَسْر». الفجر : ٤.

(٢) في اسم زمان.

(٣) كلمة عَذابٍ أو اسم بئر في جهنّم.

١٦٥

تعالىٰ : «وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ» (١) وأزَرَ يَأْزرُ وهَنَأ يَهْنِأُ كضَرَبَ يَضْرِب ايزِرْ وأدُبَ يَأْدُبُ كَكَرُمَ يَكْرُمُ اُودُبْ وَسَألَ يَسْأَلُ كمَنَعَ يَمْنَعُ اسألْ ويجوز سال يَسالُ سَلْ وآبَ يَؤُبُ اُبْ وساءَ يَسُوءُ سُؤْ كصانَ يَصُونُ صُنْ وجاءَ يجيء جِئْ ، ككالَ يَكيلُ كِلْ ، فهو ساءٍ وجاءٍ وأسا يَأْسُو ، كدَعا يَدْعُو وأتىٰ يَأْتي ، كرَمىٰ يَرْمي ايتِ ، ومنهم من يقول : تِ تشبيهاً له بخُذْ ، و وَأىٰ يأي كوَقىٰ يَقي ، وأوىٰ يَأوي أيّاً كشَوىٰ يَشْوي شَيَّاً ايْوِ كَاشْوِ ونَأىٰ يَنْأىٰ كرَعىٰ يَرْعىٰ وكذا قياس رَأىٰ يَرْأىٰ لكنّ العرب قد اجتمعت على حذف الهمزة من مضارعه ، فقالوا : يَرىٰ يَرَيانِ يَرَوْنَ تَرىٰ تَريَانِ يَرَيْنَ (الخ) ، واتّفق في الخطاب المؤنّث لفظ الواحدة والجمع لكن وزن الواحدة تَفَيْنَ والجمع تَفَلْنَ فإذا أمَرْتَ (٢) منه ، قلت : على الأصل ارْءَ كارْعَ وعلى الحذف رَ ، ويلزمه الهاء في الوقف ، نحو : رَهْ رَيا رَوا رَيْ رَيا رَيْنَ ، وبالتّأكيد : رَيَنَّ رَيانِّ رَوُنَّ رَيِنَّ رَيانِّ رَيْنانِّ فهو راءٍ رائيان راؤُنَ كَراع راعيان راعُونَ وذاك مَرْئيٌّ كَمَرْعيٌّ ، وبناء أفعل منه مخالف لأخواته أيضاً ، فتقول : أرَىٰ يُري إراءً وإراءةً وإرايَةً فهو مُرٍ ، وذاك مُرىً مُرَيانِ مُرَوْنَ مُراة مُراتانِ مُرَياتٌ.

والأمر منه : أرِ أرِيا أرُوا أري أرِيا أرِيْنَ ، وبالتّأكيد : أرِيَنَّ أرِيانِّ أرُنَّ أرِنَّ أرِيانِّ أرينانِّ ، وفي النّهي لا يُرِ لا يُرِيا لا يرُوا (الخ) ، وبالتّأكيد : لا يُرِيَنَّ لا يُرِيانِّ لا يُرُنَّ لا تُرِيَنَّ لا تُرِيانِّ لا يُرينانِّ ، وتقول في افتعل من مهموز الفاء : ايتال كاخْتارَ وايتَلى كاقْتضىٰ.

* * *

____________________________

(١) طه : ١٣٢.

(٢) أي : صغت فعل الأمر.

١٦٦

فصل : في بناء اسمي الزّمان والمكان وهو من يَفْعِلُ بكسر العين على مَفْعِل مكسور العين كالمجلِس والمبيت ، ومن يَفْعَل بفتح العين وضمّها على مَفْعَل مفتوح العين ، كالمَذْهَب والمَقْتَل والمَشْرق والمَقام ، وشذّ المَسْجِدُ والمَشرِقُ والمَغْرِبُ والمَطْلِعُ والمَجْزِرُ والمَرْفِقُ والمفرِقُ والمَسكِنُ والمَنسِكُ والمَنبِتُ والمَسْقِطُ وحكي الفتح في بعضها ، واُجيز الفتح فيها كلّها هٰذا إذا كان الفعل صحيح الفاء واللام ، وأمّا في غيره فمن المعتلّ الفاء مكسور أبداً كالموْعِد والمَوْضِع ، ومن المعتلّ اللام مفتوح أبداً كالمَرْمىٰ والمأوىٰ ، وقد تدخل على بعضها تاء التّأنيث : كالمَظَنَّة والمَقْبَرَة والمَشْرِقَة وشَذّ المَقْبُرةُ والمَشْرُقةُ بالضّمّ ، وممّا زاد على الثلاثة كاسم المفعول كالمُدْخَل والمُقام ، وإذا كثر الشّيء في المكان قيل فيه مَفْعَلَة من الثّلاثي المجرد ، فيقال : أرْضٌ مَسْبَعَةٌ ومَأْسَدَةٌ ومَذْئَبَةٌ ومَبْطَخَةٌ ومَقْثَأَةٌ.

وأمّا اسم الآلة : فهو ما يعالِجُ به الفاعل المفعول لوصول الأثر إليه فيجيء على مِحْلَبٍ ومِكْسَحَةٍ ومِفْتاحٍ ومِصْفاةٍ ، وقالوا : مِرْقاة على هذا ومن فتح الميم أراد به المكان وشَذَّ مُدْهُنٌ ومُسْعُطٌ ومُدُقّ ومُنْخُلٌ ومُكحُلةٌ ومُحْرُضَةٌ مضمومة الميم والعين ، وجاء مِدَقٌ ومِدَقَّةٌ على القياس.

تنبيه : المَرّة من مصدر الثلاثي المجرّد على فَعْلَةٍ بالفتح ، تقول : ضَرَبْتُ ضَرْبَةً وقُمْتُ قَوْمَةً ، ومما زاد بزيادة الهاء كالإعْطاءة والانْطلاقَة إلّا ما فيه تاء التأنيث منهما فالوصف بالواحدة ، كقولك : رَحِمْتُهُ رَحْمَةً واحِدَةً ، ودَحْرَجْتُهُ دَحْرَجَةً واحِدَةً.

والفِعْلة بالكسر لنوع من الفعل ، تقول : هو حَسَنُ الطّعْمَة والجِلْسَةِ.

١٦٧
١٦٨

كتاب شرح التصريف

بسم الله الرحمن الرحيم

إنّ أروى زُهَرٍ تخرج في رياض الكلام من الاكمام ، وأبهىٰ حُبُر تُحاك ببنان البيان ، وأسنان الأقلام حمداً لله تعالى سبحانه على تواتر نعمائه الزاهرة الظاهرة وترادف آلائه المتوافرة المتكاثرة ، ثمّ الصلاة على نبيّه محمّد المبعوث من أشرف جراثيم الأنام ، وعلى آله وأصحابه الأئمة الأعلام وأزمّة الإسلام.

أما بعد ، فيقول الحقير الفقير الى الله المسعود بن عمر القاضي التفتازاني بَيَّضَ الله غرّة أحواله واَورَقَ أغصان آماله : لمّا رأيت مختصر التصريف الذى صنّفه الإمام الفاضل العالم الكامل قدوة المحقّقين عزّ  الملّة والدّين عبد الوهّاب بن إبراهيم الزنجاني رحمه الله مختصراً ينطوي على مباحث شريفة ويحتوي على قواعد لطيفة سنح لي أن أشرحه شرحاً يذلّل من اللّفظ صعابه ويكشف عن وجوه المعاني نقابه ، ويستكشف مظنون غوامضه. ويستخرج سرّ حلوه وحامضه ، مضيفاً اليه فوائد شريفة وذوائد لطيفة ممّا عثر عليه فكري الفاتر ، ونظري القاصر بعون الله الملك القادر والمرجوّ ممن اطّلع فيه على عثرة أن يدرأ بالحَسَنة السيئة فإنه أوّل ما أفرغته في قالب التّرتيب والتّرصيف مختصراً في هذا المختصر ما قرأته في علم التصريف ، ومن الله الاستعانة واليه الزّلفىٰ وهو حَسب من

١٦٩

توكّل عليه وكفى ، فها انا اشرع في المقصود بعون الملك المعبود ، فأقول : لمّا كان من الواجب على كلّ طالب لشيء أن يتصوّر ذلك الشيء اوّلاً ليكون على بصيرة في طلبه وأن يتصوّر غايته لانّه هو السبب الحامل على الشروع في طلبه بدأ مصنّف بتعريف التصريف على وجه يتضمّن فائدته متعرّضاً لمعناه اللغوي إشعاراً بالمناسبة بين المعنيين ، فقال مخاطباً بالخطاب العامّ : [ اعلم أنّ التصريف (١) ] وهو تفعيل من الصرف للمبالغة والتكثير [ في اللّغة التّغيير ] تقول صرّفت الشيء ، أي غيّرته (٢) يعني أنّ للتصريف معنيين ، لغوي : وهو (٣) ما (٤) وضعه (٥) له (٦) واضع لغة العرب ، واللغة : هي الألفاظ الموضوعة من لغي بالكسر يلغي لغيً اذا لهج بالكلام واصلها لغي أو لغو والهاء عوض عنهما وجمعها لغيً مثل برةً وبريً وقد جاء اللّغات ايضاً ، وصناعي : وهو ما وضعه له أهل هذه الصناعة واليه اشار بقوله [ وفي الصناعة ] بكسر الصّاد ، وهى : العلم الحاصل من التّمرن على العمل والمراد هاهنا صناعة التصريف أي التصريف في الإصطلاح (تحويل الاصل الواحد) أي تغييره والاصل ما يبنىٰ عليه شيء ، والمراد هاهنا المصدر [ الى أمثلة ] أي أبنية وصيغ ، وهي الكلم باعتبار هيئات تعرض لها من الحركات والسّكنات ، وتقديم بعض الحروف على بعض وتأخيره عنه [ مختلفة ] باختلاف الهيئة نحو ضَرَبَ ويَضْرِبُ ونحوهما من مشتقات [ لمعان ] جمع معنىً ، وهو في الأصل مصدر ميمي من العناية

____________________________

(١) اعلم أنّ طالب كل شيء ينبغي أن يتصوّر أوّلاً ذلك الشّيء بوجه مّا لأنَّ المجهول من جميع الوجوه لا يمكن طلبه وينبغي أيضاً أن يتصوّر الغرض من مطلوبه لأنه إن لم يتصوّره يكون سعيه عبثاً ، سعدالدين.

(٢) مرجع الضمير الشيء.

(٤) ما بمعنى شيء.

(٣) مرجع الضمير لغويّ.

(٥) مرجع الضمير الشّيء.

(٦) مرجع الضمير للتّصريف.

١٧٠

ثم نقل الى معنى المفعول وهو ما يراد من اللفظ أي التصريف تحويل المصدر الى أمثلة مختلفة لأجل حصول معان [ مقصودة لا تحصل ] تلك المعاني [ إلّا بها ] أي بهذه الأمثلة وفي هذا الكلام تنبيه على أنّ هذا العلم محتاج إليه ، مثلاً : الضرب هو الأصل الواحد فتحويله إلى ضَرَبَ ويضربُ وغيرهما لتحصيل المعاني المقصودة من الضّرب الحادث في الزمان الماضي أو الحال أو غيرهما هو التصريف في الاصطلاح والمناسبة بينهما ظاهرة.

والمراد بالتصريف هاهنا غير علم التصريف الذي هو معرفة أحوال الابنية ، واختار التحويل على التغيير لما في التّحويل من معنى النقل ، قال في المغرب : التّحويل نقل الشيء من موضع إلى موضع آخر ، وقال في الصحاح : التحويل نقل الشيء من موضع الى موضع آخر ، تقول : حوّلته فتحوّل وحوّل ايضاً يتعدّىٰ بنفسه ولا يتعدّىٰ والاسم منه الحِوَل ، قال الله تعالى : «لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا» (١) فهو اخصّ من التغيير ، ولا يخفىٰ أنّك تنقل حروف الضّرب إلى ضَرَبَ ويَضْرِبُ وغيرهما ، فيكون التحويل أولى من التغيير ولا يجوز إن يفسّر التصريف لُغة بالتحويل لانّه اخصّ من التصريف ، ثم التعريف يشتمل على العلل الأربع ، قيل : التحويل هي الصورة ويدلّ بالالتزام على الفاعل وهو المحوّل والاصل الواحد هي المادّة وحصول المعاني المقصودة هي الغاية ، فإن قلت : المحوّل هو الواضع أم غيره ، قلت : الظاهر انّه كلّ من يصلح لذلك فهو المحوّل ، كما يقال : في العرف صرفت الكلمة لكنّه في الحقيقة هو الواضع لانه هو الّذي حوّل الاصل الواحد الى الامثلة ، وإنّما قلنا : إنّه حوّل الاصل الواحد إلى الامثلة أي اشتّق

____________________________

(١) الكهف : ١٠٨.

١٧١

الأمثلة منه ولم يجعل كلّا من الأمثلة صيغة موضوعة برأسها لأنّ هذا ادخل في المناسبة واقرب الى الضّبط واختار الاصل الواحد على المصدر ليصحّ على المذهبين ، فإنّ الكوفيّين يجعلون المصدر مشتقّاً من الفعل فالاصل الواحد عندهم هو الفعل والعمدة في استدلالهم أنّ المصدر يعلّ بإعلال الفعل فهو فرع الفعل وأجيب عنه بأنّه لا يلزم من فرعيّته في الإعلال فرعيّته في الإشتقاق كما أن ، نحو : تَعِدُ واَعِدُ ونَعِدُ فرع يَعد في الإعلال مع أنّه ليس بمشتقّ منه ، وتاخّر الفعل عن نفس المصدر في الإشتقاق لا ينافي كون إعلال المصدر متاخراً عن إعلال الفعل ، فتأمّل.

واعلم : أنّ مرادنا بالمصدر هو المصدر المجرد لأنَّ المزيد فيه مشتقّ منه لموافقته إيّاه بحروفه ومعناه ، فإن قلت : نحن نجد بعض الأمثلة مشتقّاً من الفعل ، كالامر واسم الفاعل والمفعول ونحوها ، قلت : مرجع الجميع الى المصدر فالكلّ مشتقّ منه إمّا بواسطة أو بلا واسطة ، ويجوز أن يقال : اختار المصنّف الاصل الواحد على المصدر ليكون اعمّ من المصدر وغيره ، فيشتمل على تحويل الاسم الى المثنّىٰ والمجموع والمصغّر والمنسوب ونحو ذلك ، وهذا اقرب الى الضّبط فإن قلت : لِمَ اختار التصريف على الصّرف مَعَ أنّه بمعناه ، قلت : لأنّ في هذا العلم تصرّفات كثيرة فاختير لفظ يدلّ على المبالغة والتكثير فهذا أوان نرجع الى المقصود ، فنقول معلوم أنّ الكلمات ثلاث : اسم وفعل وحرف ، ولمّا كان بحثه عن الفعل وما يشتقّ منه شرع في بيان تقسيمه الى ماله من الأقسام.

فقال [ ثمّ الفعل ] بكسر الفاء : لأنّه اسم لكلمة مخصوصة وأمّا بالفتح فمصدر فَعَل يَفْعَل [ إمّا ثلاثيّ وإمّا رباعيّ ] لأنه لا يخلو من أن يكون حروفه الأصلية ثلاثة أو اربعة ، فالأوّل الثلاثي ، والثاني الرباعي إذ لم يُبْنَ منه الخماسيّ ولا الثنائي بشهادة التّتبّع والاستقراء وللمحافظة على

١٧٢

الاعتدال لئلّا يؤدّي الخماسي الى الثّقل ، والثنائي الى الضعف عن قبول ما يتطرّق اليه من التغييرات الكثيرة ، ولم يمنع الخماسي في الاسم حطّاً لرتبة الفعل عن رتبته ، ولكونه اثقل من الاسم لدلالته على الحدث والزمان والفاعل ، لا يقال هذا التقسيم تقسيم الشيء الى نفسه والى غيره لانَّ مورد القسمة فعل وكلّ فعل إمّا ثلاثي وإمّا رباعي فمورد القسمة ايضاً أحدهما وايّا ما كان يكون تقسيمه الى الثلاثيّ والرباعيّ تقسيماً للشيء الى نفسه والى غيره لأنّا نقول : الفعل الذي هو مورد القسمة أعمّ من الثلاثي والرباعي ، فانّ المراد به مطلق الفعل من غير نظر الى كونه على ثلاثة احرف أو اربعة ، وهكذا جميع التقسيمات.

وتحقيق ذلك : أنّ مورد القسمة هو مفهوم الفعل لا ما صدق عليه مفهوم الفعل والمحكوم عليه في قولنا : كل فعل إمّا ثلاثي وامّا رباعي ما  يصدق عليه مفهوم الفعل لا نفس مفهومه فلا يلزم النتيجة [ وكلّ واحد منهما ] أي من الثّلاثي والرباعي [ إمّا مجرّد أو مزيد فيه ] لأنّه لا يخلو إمّا أن يكون باقيا على حروفه الاصليّة أولا ، فالاوّل المجرّد ، والثاني المزيد فيه ، وكلّ واحد منهما أي من هذه الاربعة امّا سالم أو غير سالم لانّه إن خَلَتْ اُصوله عن حروف العلّة والهمزة والتضعيف فسالم وإلّا فغير سالم ، فصارت الاقسام ثمانية ، والامثلة : نَصَرَ ووَعَدَ واَكْرَمَ واوعد ودَحْرَجَ وزَلْزَلَ وتَدَحْرَجَ وتَزَلْزَلَ [ ونعني ] في صناعة التصريف [ بالسالم ما سَلمت حروفه الاصليّة الّتي تقابل بالفاء والعين واللام من حروف العلّة ] وهي الواو والياء والألف [ والهمزة والتضعيف ] وإنما قيّد الحروف بالاصلية ليخرج عنه ، نحو : مِسْتُ وظِلْتُ بحذف أحد حرفي التضعيف فإنّه غير سالم لوجود التضعيف في الاصل وكذا ، نحو : قُل وبِعْ وامثال ذلك وليدخل فيه ، نحو : اَكْرَمَ واعشوشب واحمارّ ، فإنّها من السّالم لخلوّ اُصولها

١٧٣

عمّا ذكرنا.

وكذا ما اُبدل عن احد حروفه الصّحيحة حروف العلّة ممّا هو مذكور في المطوّلات ويسمّىٰ سالماً لسلامته عن التغييرات الكثيرة الجارية في غير السالم ، واشار بقوله : الّتي تقابل الخ الى تفسير الحروف الاُصول [ لكن ينبغي أن يستثنى الزائد للتضعيف ، نحو : فَرَّح أو للالحاق ، نحو : جَلْبَبَ ] والى انّ الميزان هو الفاء والعين واللام اعني فعل لانّه أعمّ الافعال معنىً لانّ الكلّ فيه معنىٰ الفعل فهو اَلْيَقُ من جعل لخفّته ولمجيىء جعل لمعنىً آخر ، مثل : خَلَقَ وصَيَّرَ ولما فيه من حروف الشّفة والوَسط والحلق ، ثمّ الثلاثي المجرد هو الاصل لتجرّده عن الزّوايد ولكونه على ثلاثة احرف فلهذا قدّمه.

وقال [ أمّا الثلاثي المجرّد ] وفي بعض النّسخ : السالم وينافيه التّمثيل بِسَأَلَ يسأَلُ ولا يخلو من ان يكون ماضيه على وزن فَعَلَ مفتوح العين او فَعِلَ مكسور العين او فَعُلَ مضمومها لانّ الفاء لا يكون الّا مفتوحاً لرفضهم الابتداء بالساكن وكون الفتحة اخفّ واللام مفتوح لما سنذكره والعين لا يكون الّا متحرّكاً لئلّا يلزم التقاء الساكنين في نحو : ضَرَبْتَ وضَرَبْنَ والحركات منحصرة في الفتح والكسر والضّم وامّا ما جاء من نحو : نَـِعْمَ وشَـِهْـِدَ بفتح الفاء وكسرها مع سكون العين فمزال عن الأصل لضرب من الخفّة والاصل فَعِل بكسر العين وفيه اربع لغات كسر الفاء مع سكون العين وكسرها وفتح الفاء مع سكون العين وكسرها وهذه القاعدة جارية في كلّ اسم وفعل على وزن فَعِل مكسور العين وعينه حرف حلق.

[ فإن كان ماضيه على وزن فَعَلَ مفتوح العين فمضارعُهُ يَفْعُلُ بضمّ العين او يَفْعِلُ بكسرها ، نحو : نَصَرَ ينصُرُ ] مثال لضمّ العين ، يقال : نَصَرَهُ أي اعانَه ونَصَرَ الْغَيْثُ الارضَ أي اعانَها ، قال أبو عبيدة : في قوله تعالى : «مَن

١٧٤

كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّـهُ» (١) أي انْ لنْ يَرْزُقَهُ الله [ وضَرَبَ يَضْرِبُ ] مثال لكسر العين ، يقال : ضربته بالسَّوْطِ أو غيره وضَرَبَ في الارض أي سارَ وضَرَبَ مثلاً كذا أي بَيَّنَ [ وقد يجيء ] مضارع فعل مفتوح العين [ على وزن يَفْعَل بفتح العين اذا كان عين فعله أو لامه ] أي لام فِعله [ حرفاً من حروف الحلق ] نحو : سأل يسأل ، وانّما اشترط هذا ليقاوم ثقل حروف الحلق فتحة العين ، فانَّ حروف الحلق اثقل الحروف ولا يشكل ما ذكرناه بمثل : دَخَلَ يَدْخُلُ ونَحِتَ يَنْحِتُ وجاء يجيء وما اشبه ذلك مما عينه أو لامه حرف من حروف الحلق ولا يجيء على يَفْعَل بالفتح لانّا نقول : انّه لا يجيء على يَفْعَل بالفتح إلّا اذا وُجد هذا الشّرط فمتىٰ انتفىٰ الشّرط لا يكون على يَفْعَلُ بالفتح لا انّه اذا وَجَد هذا الشّرط يجب ان يكون على يفعل بالفتح اذ لا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط.

[ وهي ] أي حروف الحلق [ ستّة الهمزة والهاء والعين والحاء ] المهملتان [ والغين والخاء ] المعجمتان [ نحو : سأل يَسْأَلُ ، ومَنَعَ يَمْنَعُ ] قُدّم الهمزة لانّ مخرجها من اقصى الحلق ثمّ الهاء ، لانّ مخرجها اعلى من مخرج الهمزة والبواقي على هذا الترتيب ، ثمّ استشعر اعتراضاً بأنَّ اَبىٰ يَاْبىٰ جاء على فَعَلَ يَفْعَلُ بالفتح مع انتفاء الشرط فاجاب عنه بقوله : [ واَبىٰ يَاْبىٰ شاذ ] أي مخالف للقياس فلا يعتدّ به فلا يرد نقضاً فإن قيل : كيف يكون شاذاً وهو وارد في افصح الكلام قال الله تعالى : «وَيَأْبَى اللَّـهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ» (٢) قلت : كونه شاذاً لا ينافي وقوعه في الكلام الفصيح فإنّهم قالوا الشّاذّ على ثلاثة اقسام : قسم مخالف للقياس دون الاستعمال ، وقسم مخالف للاستعمال دون القياس وكلاهما مقبولان ، وقسم مخالف للقياس والاستعمال وهو مردود ، لا يقال : اِنَّ اَبىٰ يَاْبىٰ لامه حرف الحلق اذ الالف

____________________________

(١) الحج : ١٥.

(٢) التوبة : ٣٢.

١٧٥

من حروف الحلق فلهذا فتح عينه لانا نقول : لا نسلّم أنّها من حروف الحلق ولئن سلّمنا انّها من حروف الحلق لكن لا يجوز ان يكون الفتح لأجلها للزوم الدّور لانّ وجود الالف موقوف على الفتح لانّه فى الاصل ياء قلبت الفاً لتحرّكها وانفتاح ما قبلها ، فلو كان الفتح بسببها لزم الدّور لتوقف الفتح عليها وتوقّفها عليه فهو مفتوح العين فى الأصل فلهذا لم يذكر المصنّف الألف من حروف الحلق إذ هي لا تكون هاهنا إلّا منقلبة من الواو أو الياء وغرضه بيان حروف يفتح العين لاجلها.

وامّا قلىٰ يقلىٰ بالفتح فلغة بنى عامر والفصيح الكسر فى المضارع ، وامّا بقي يبقى فَلُغَة طيّ ، والاصل كسر العين في الماضي فقلّبوها فتحة واللام الفا تخفيفاً وهذا قياس مطرّد عندهم ، وأمّا رَكَنَ يَرْكَنُ فمن تداخل اللّغتين أعني أنّه جاء من باب نَصَرَ يَنْصُرُ وعَلِمَ يَعْلَمُ فأخذ الماضي من الأوّل والمضارع من الثاني [ وان كان ماضيه على ] وزن [ فَعِل مكسور العين فمضارعه يَفْعَل بفتح العين ، نحو : عَلِمَ يَعْلَمُ إلّا ما شَذَ من نحو : حَسِبَ يَحْسِبُ واخواته ] فإنّها جاءت بكسر العين فيهما وقلّ ذلك في الصحيح نحو : حَسِبَ يَحْسِبُ ونَعِمَ يَنْعِمُ ، وكثر في المعتلّ نحو : وَرِثَ يَرِثُ ووَرِعَ يَرِعُ ووَرِمَ يَرِمُ ووَمِقَ يَمِقُ ويَئِسُ ييْئسُ ووَسِعَ يَسِعُ واخواتها ، وأمّا فَضِلَ يَفْضُلُ ونَعِمَ يَنْعُمُ ومَيِتَ يَمُوتُ بكسر العين في الماضي وضمّها في المضارع فمن تداخل اللغتين لانّها جاءت من باب عَلِمَ يَعْلَمُ ونَصَرَ يَنْصُرُ فاخذ الماضي من الأوّل والمضارع من الثاني.

[ وان كان ماضيه على ] وزن [ فَعُلَ مضموم العين فمضارعه على وزن يفعُل بضمّ العين نحو : حَسُنَ يَحْسُنُ ] واخواته نحو : كَرُمَ يَكْرُمُ لأنّ هذا الباب موضوع للصّفات اللازمة فاختير للماضي والمضارع حركة لا تحصل إلّا بانضمام الشّفتين رعاية للتّناسب بين الألفاظ ومعانيها ، ويكون من

١٧٦

أفعال الطّبائع : كالحُسن والكرم والقبح ونحوها ، ولا يكون إلّا لازماً نحو : رَحُبَتْكَ الدار والأصل رَحُبَتْ بك الدار ، فحذف الباء إختصاراً لكثرة الإستعمال [ وأمّا الرّباعي المجرّد فهو فعلل ] بفتح الفاء واللّامين وسكون العين [ كدَحْرَجَ ] فلان الشّيء أي دَوَّره [ دَحْرَجةً ودِحْراجاً ] لانَّ فعل الماضي لا يكون اوّله وآخره الّا مفتوحين ولا يمكن سكون اللّام الاُولى لإلتقاء السّاكنين في نحو : دَحْرَجْتَ ودحْرَجْنَ فحرّكوها بالفتحة لخفّتها وسكون العين لانّه ليس في الكلام اربع حركات متوالية في كلمة واحدة ويلحق به نحو : جَوْرَبَ وجَلْبَبَ وبَيْطَرَ وبَيْقَرَ وهَرْوَلَ وشَرْيَفَ ، ودليل الإلحاق إتّحاد المصدرين.

[ وأمّا الثلاثي المزيد فيه فهو على ثلاثة أقسام : ] لأنَّ الزّائد فيه إمّا حرف واحد أو اثنان أو ثلاثة لئلّا يلزم مزيّة الفرع على الأصل واعلم أنّ الحروف التى تزاد لا يكون إلّا من حروف سأَلتمونيها إلّا في الإلحاق والتّضعيف فانّه تزاد فيهما أي حرف كان ، القسم [ الاوّل ] من الاقسام الثلاثة [ ما كان ماضيه على اربعة احرف ] وهو ما يكون الزّائد فيه حرفاً واحداً وهو ثلاثة أبواب : [ كَافْعَل ] بزيادة الهمزة نحو : [ اَكْرَمَ يُكْرِمُ اِكْراماً ] وهو للتّعدية غالباً نحو : اكرمته ولصيرورة الشيء منسوباً الى ما اشتقّ منه الفعل نحو : اَغَدَّ الْبَعَير أي صار ذا غدّة ومنه اَصْبَحْنا أي دخلنا في الصّبح لانّه بمنزلة صِرْنا ذوي صباح ولوجود الشيء على صفة نحو : اَحمَدْتُه أي وجدتُه محموداً ، وللسّلب نحو : اعجمت الكتاب أي أزلت عجمته ، وللزيادة في المعنىٰ نحو : شغلته واشغلته ، وللتعريض لِأمرٍ نحو : أباعَ الجارية أي عرضها للبيع.

واعلم : أنّه قد ينقل الشيء الى أفعل فيصير لازماً ، وذلك نحو أكبّ واعرض يقال : كبّه أي ألقاه على وجهه فاكبّ ، وعَرَضَه أي أظهره فأعرض قال الزّوزني : ولا ثالث لهما فيما سمعنا [ وَفَعَّلَ ] بتكرير العين نحو : [ فَرَّحَ

١٧٧

يُفَرِّحُ تَفْريحاً ] واختلف في أنَّ الزّائد هو الاُولىٰ أم الثانية ، فقيل : الاُولىٰ لأنَّ الحكم بزيادة السّاكن أولىٰ من المتحرّك ، ذلك عند الخليل. وقيل : الثانية لأنّ الزّيادة بالآخر أولىٰ والوجهان جائزان عند سيبويه. وهو للتّكثير غالباً في الفعل نحو : طَوَّفْتُ وجَوَّلْتُ أو في الفاعل نحو : موّتت الأبال أو في المفعول نحو : غَلَّقْتُ الأبواب ، ولنسبة المفعول الى اصل الفعل نحو : فسّقته أي نسبته الى الفسق ، وللتّعدية نحو : فرّحته ، وللسّلب نحو : جلّدت البعير أي أزلت جلده ، ولغير ذلك نحو : قدّم بمعنى تقدّم.

[ وفاعَلَ ] بزيادة الألف [ نحو : قاتَل يقاتِلَ مُقاتلة وقِتالاً وقيتالاً ] ومن قال : كَذَّبَ كِذّاباً ، قال : قاتَلَ قيتالاً وروى ما رَيْتُهُ مِرّاءً وقاتلته قتّالاً وتاسيسه على ان يكون بين اثنين فصاعداً يفعل أحدهما بصاحبه ما فعل الصّاحب به نحو : ضارَبَ زيد عمراً ، وقد يكون بمعنىٰ فَعَّل أي للتّكثير نحو : ضاعفته وضعّفته ، وبمعنىٰ اَفْعَلَ نحو : عافاك الله أي اَعْفاكَ الله ، وبمعنى فعل نحو : واقع بمعنى وَقَعَ ، ودافَعَ بمعنى دَفَعَ ، وسافَرَ بمعنى سَفَرَ [ و ] القسم [ الثانى ] من الاقسام الثلاثة [ ما كان ماضيه على خمسة احرف ] وهو ما يكون الزّائد فيه حرفين وهو نوعان والمجموع خمسة ابواب [ إمّا اوّله التّاء مثل تَفَعَّلَ ] بزيادة التّاء وتكرار العين نحو : [ تكَسَّر ] يَتَكَسَر [ تكَسّراً ] وهو لمطاوعة فعل نحو : كَسَرْتُه فتَكَسَّرَ ، والمطاوعة حصول الأثر عند تَعلّق الفعل المتعدىّ بمفعوله ، فإنّك اذا قلت : كَسَرْتُهُ فالحاصل له التّكسّر ، وللتّكلّف نحو : تَحَلَّمَ أى تكلّف الحلم ولإتّخاذ الفاعل المفعول أصل الفعل نحو : تَوسَّدْتُهُ أي أخذتُهُ وسادة ، وللدّلالة على انّ الفاعل جانب الفعل نحو : تَهجَّدَ أي جانب الهجود وللدّلالة على حوصل أصل الفعل مرّة بعد مرّة نحو : تَجَرَّعْتُهُ أي شربته جرعة بعد جرعة ، وللّطلب نحو : تَكَبَّرَ أي طلب أن يكون كبيراً.

١٧٨

[ وتفاعل ] بزيادة التاء والألف نحو : [ تباعد ] يتباعَدُ [ تباعُداً ] وهو لما يصدر من اثنين فصاعداً فإن كان من فاعل المتعدّي الى مفعولين يكون متعدّياً الى مفعول واحد نحو : نازعته الحديث فتنازعناه وعلى هذا القياس وذلك لأنّ وضع فاعل لنسبة الفعل الى الفاعل المتعلّق بغيره مع أنّ الغير ايضاً فعل ذلك وتَفاعَلَ وضعه لِنسبة الفعل الى المشتركين فيه من غير قصد الى ما تعلق به الفعل ولمطاوعة فاعل نحو : باعدته فتَباعَدَ وللتّكلّفُ نحو : تجاهل أي أظهر الجهل من نفسه والحال انّه منتف عنه ، والفرق بين التكليف في هذا الباب ، وبينه في باب تَفَعُّل أنّ المتحلّم يريد وجود الحلم من نفسه بخلاف المتجاهل.

[ وامّا اوّله الهمزة مثل : انفعل ] بزيادة الهمزة والنون نحو : [ اِنْقَطَعَ ينقطِع اِنْقِطاعاً ] وهو لمطاوعة فعل نحو : قطعته فانقطع فلهذا لا يكون الّا لازماً ومجيئه لمطاوعة افعل نحو : أسقفت الباب أي ردَدْتَه فانْسَقَفَ وازعَجْتُه أي ابْعَدْته فَانْزَعَجَ من الشواذ ولا يبنى إلّا ممّا فيه علاج وتاثير ، فلا يقال : اِنْكَرَمَ وإنْعَدمَ ونحوهما لانّهم لمّا خصّوه بالمطاوعة إلتزموا أن يكون أمره ممّا يظهر أثره وهو علاج تقوية للمعنىٰ الذي ذكر من أنّ المطاوعة هي حصول الأثر.

[ وافتعل ] بزيادة الهمزة والتاء [ نحو : إجْتَمَعَ إجتماعاً ] وهو لمطاوعة فعل نحو : جمعته فاجتمع وللاتّخاذ نحو : اختبر أي أخذ الخبر ولزيادة المبالغة في المعنى نحو : إكتسب أي بالغ واضطرب في الكسب ويكون بمعنى فعل نحو : جَدَبَ واجْتَدَبَ وبمعنى تفاعل نحو : اختصموا أي تخاصموا [ وافعلّ ] بزيادة الهمزة واللّام الاُولى أو الثانية [ نحو : إحمرّ يَحْمَرُّ إحمراراً ] وهو للمبالغة ولا يكون إلا لازماً واختصّ بالألوان والعيوب.

[ و ] القسم [ الثالث ] من الأقسام الثلاثة [ ما كان ماضيه على ستة

١٧٩

أحرف ] وهو ما كان الزائد فيه على ثلاثة احرف.

[ مثل استفعل ] بزيادة الهمزة والسّين والتاء نحو : [ استخرج ] يستخرج [ استخراجاً ] وهو لطلب الفعل نحو : استخرجته أي طلبت خروجه ولإصابة الشيء على صفة نحو استعظمته أي وجدته عظيماً وللتّحوّل نحو : استحجر الطين أي تحوّل الى الحجريّة ويكون بمعنى فعل نحو : قَرَّ فَاسْتَقَرَّ وقيل. إنّه للطّلب كانه يطلب القرار من نفسه.

[ وافعالّ ] بزيادة الهمزة والالف واللّام نحو : [ إحمارّ إحميراراً ] وحكمه كحكم إحمرّ إلّا أنّ المبالغة فيه زائدة.

[ واِفْعَوْعَل ] بزيادة الهمزة والواو واحدى العينين [ نحو : اعشوشب ] الأرض [ اعشيشاباً ] أي كثر عشبها وهو للمبالغة وفي بعض النّسخ ،

[ وافعوّل نحو : اجلوّز اجلوازاً ] وهو بزيادة الهمزة والواوين.

و [ افعنلل ] بزيادة الهمزة والنّون واحدى اللّامين [ نحو : اقْعَنْسَسَ اقعِنْساساً ] أي خلف ورَجَعَ ، قال أبو عمرو : سأَلت الأصمعيّ عنه ، فقال هكذا : فقدّم بطنه وأخّر صدره.

[ وافْعَنْلى ] بزيادة الهمزة والنون والالف [ نحو : اسلنقى اسْلنقاءً ] أي نام على ظهره ووقع على القفا والبابان الاخيران من الملحقّات باحرنجم فلا وجه لذكرهما في سلك ما تقدّم ، وكذا تَفَعَّلَ وتفاعل من الملحقات بتَدَحْرَجَ والمصنّف لم يفرّق بين ذلك.

[ وأمّا الرّباعي المزيد فيه فامثلته ] أي ابنيته بحكم الاستقراء ثلاثة : [ تفعلل ] بزيادة التاء [ كتدحرج تدحرجاً ] ويلحق به نحو : تَجَلْبَبَ أي لبس الجلبابُ ، وتَجَوْرَبَ أي لبس الجَورَبَ ، وتَفَيْهَقَ أي اكثر في كلامه ، وتَرَهْوَكَ أي تَبَخْتَرَ في المشي ، وتَمَسْكَنَ أي أظهر الذّل والمسكنة.

١٨٠