مصابيح الظلام - ج ١٠

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ١٠

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94603-0-6
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٦٤٨

قوله : (وفاقا للأكثر). إلى آخره.

الظاهر أنّه إجماعي ، ومتّفق عليه بين الأصحاب ، إلّا فيما سيذكر ، لعدم تأمّل من أحد منهم ، وكون الفطرة ممّا يعمّ به البلوى ، ويتوفّر عليه الدواعي ، فلو كان الواجب أزيد ، لاشتهر اشتهار الشمس فتوى وعملا.

مع أنّ الأمر صار بالعكس ، وتتبّع الأخبار فيها ، وفي زكاة المال يكشف عن ذلك ، وعن دلالة الحديث النبوي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ذلك ، لكون قوله : «لا ثنيا ..» (١) إلى آخره ، نكرة في سياق النفي يفيد العموم.

ويظهر من الأخبار أيضا كون الفطرة أيضا صدقة قطعا ، وكونها مرّة لا أزيد ، كما لا يخفى على المتأمّل فيها.

ويظهر من صحيحة عمر بن يزيد (٢) كون الفطرة عن الضيف العيال ، وعلى نهج سائر العيال ، كما لا يخفى ، مع كون الأصل براءة الذمّة ، والأصل عدم زيادة التكليف.

وبالجملة ؛ ظهر أنّ فطرة الضيف إنّما هي من العيلولة خاصّة ، والأخبار المتواترة الواردة في فطرة كلّ من يعول متّفقة على سياق واحد ، وعدم تفاوت أصلا.

فقول ابن إدريس في خصوص الضيف (٣) ، بما نقل عنه المصنّف تحكّم ظاهر.

وفي «المختلف» بعد ما نقل ذلك عنه قال : إن قصد أنّه مع إعسار المضيف

__________________

(١) كنز العمال : ٦ / ٣٣٢ الحديث ١٥٩٠٢.

(٢) الكافي : ٤ / ١٧٣ الحديث ١٦ ، من لا يحضره الفقيه : ٢ / ١١٦ الحديث ٤٩٧ ، تهذيب الأحكام : ٤ / ٣٣٢ الحديث ١٠٤١ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٢٧ الحديث ١٢١٤٠.

(٣) السرائر : ١ / ٤٦٨.

٥٨١

يجب أن يخرج عن نفسه فهو جيّد ، وإلّا فلا ، قال : والتحقيق أن نقول : إن كان المضيف موسرا وجب عليه أن يخرج عن ضيفه ، ولا يجب على الضيف أن يخرج عن نفسه حينئذ ، سواء أخرج المضيف عنه أم لا ، وإن كان معسرا أوجب على الضيف أن يخرج عن نفسه.

واستدلّ على الأوّل بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا ثنيا في الصدقة ، وعلى الثاني بالعمومات (١)

وتنظّر في «الذخيرة» في الأوّل (٢) ، ولعلّه ليس بمكانه ، لما عرفت.

مع أنّ الألف واللام حقيقة في الجنس ، كما هو المحقّق والمسلّم عند المحقّقين فتأمّل جدّا!

وفي «الذخيرة» واحتمل بعضهم السقوط مطلقا في الصورة الثانية ، أمّا عن المضيف فلإعساره ، وأمّا عن الضيف فلمكان العيلولة (٣).

وفيه ما فيه ، لبقاء العمومات ، مثل قولهم عليهم‌السلام : «الفطرة هي تمام الصيام» (٤) ، وغير ذلك ، على حاله ، لعدم مصادم أصلا.

قوله : (وفي المؤسرة). إلى آخره.

أقول : وقع الخلاف في الزوجة في مواضع.

الأوّل : إذا لم تكن واجبة النفقة على الزوج ، فالأكثر على عدم الوجوب على الزوج ، إلّا مع العيلولة تبرّعا.

__________________

(١) مختلف الشيعة : ٣ / ٢٨٠.

(٢) ذخيرة المعاد : ٤٧٢.

(٣) ذخيرة المعاد : ٤٧٢.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ١١٩ الحديث ٥١٥ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣١٨ الحديث ١٢١١٤.

٥٨٢

ومرّ عن ابن إدريس الوجوب عليه (١) ، حتّى يقولوا عنه إنّها وإن كانت متعة ، ولا يخلو عن غرابة شديدة ، إلّا أن يكون قائلا بوجوب نفقتها على الزوج ، لكن نفى الإجماع عليه فالغرابة بمكانه ، لأنّ المعظم على عدم الوجوب ، كما أنّ الأخبار أيضا كذلك ، وبالجملة هو فاسد ، كما حقّق في محلّه.

والثاني : إذا لم يعلها الزوج ، وكانت واجبة النفقة عليه ، فالأكثر على الوجوب ، بل الكلّ ، كما عرفت.

الثالث : الزوجة الموسرة إذا كان زوجها معسرا ، ففي «المبسوط» أنّه لا يجب على واحد منهما لإعسار الزوج ، ولكونها عياله (٢) ، كما مرّ في الضيف (٣) ، وأوجب ابن إدريس عليها (٤) ، لأنّها ممّن يصحّ أن يزكّي ، والشرط موجود فيها ، وإنّما يسقط عنها إذا وجب على الزوج.

وقال في «المختلف» : والأقرب أن نقول : إن بلغ الإعسار من الزوج إلى حدّ تسقط عنه نفقة الزوجة بأن لا يفضل منه شي‌ء ، فالحقّ ما قاله ابن إدريس ، وإن لم ينته الحال إلى ذلك ، فإن كان الزوج ينفق عليها مع إعساره ، ولا فطرة له ، فالحقّ ما قاله الشيخ.

واستدلّ على الأوّل بانتفاء العيلولة الموجبة للسقوط عنها ، فتبقى العمومات سالمة عن المعارض ، وعلى الثاني تتحقّق العيلولة الموجبة للسقوط عنها ، فتبقى العمومات سالمة عن المعارض ، وعلى الثاني تتحقّق العيلولة الموجبة للسقوط عنها ، والإعسار الموجب للسقوط عنه (٥).

__________________

(١) السرائر : ١ / ٤٦٦.

(٢) المبسوط : ١ / ٢٤١.

(٣) راجع! الصفحة : ٥٦٦ ـ ٥٦٨ من هذا الكتاب.

(٤) السرائر : ١ / ٤٦٨.

(٥) مختلف الشيعة : ٣ / ٢٧٧.

٥٨٣

واستضعفه الشهيد في «البيان» بأنّ العيلولة والنفقة إنّما تسقط مع تحمّلها وأدائها لا مطلقا (١) ، وهو الأقوى.

وفي «المختلف» أنّ التحقيق أنّ الفطرة إن كانت بالأصالة على الزوج سقطت لإعساره عنه وعنها ، وإن كانت بالأصالة على الزوجة ، وإنّما يتحمّلها الزوج سقطت عنه لفقره ووجبت عليها عملا بالأصل (٢).

وفي «البيان» ظاهر الأصحاب وجوبها على الزوج أصالة (٣) ، مع يساره لا مطلقا ، فنفي في الزوجة أصالة مع إعساره للعمومات السالمة عن المعارض.

قوله : (ولو أعالت). إلى آخره.

قد عرفت الحال ووقوع الخلاف والاستشكال في الصورتين ، وأنّه بملاحظة العمومات وسلامتها عن المعارض ، يرتفع الإشكال في الصورتين من دون تفاوت ، فتأمّل جدّا!

__________________

(١) البيان : ٣٣١.

(٢) مختلف الشيعة : ٣ / ٢٧٨.

(٣) البيان : ٣٣١.

٥٨٤

القول في جنسها وقدرها

٢٤٦ ـ مفتاح

[ما يتصدّق به]

أوجبها الصدوقان (١) والعماني (٢) من الغلّات الأربع الزكويّة ، كما في الصحاح (٣) ، والحقّ أنّه لا دلالة فيها على الحصر ، كما فهمه جماعة (٤) ، مع قصور بعضها عن ذكر بعض ، واشتمال بعضها على الأقط دون آخر ، وأضاف في «الخلاف» الأقط والارز واللبن وحصرها في السبعة ، مدّعيا للإجماع على إجزائها وعدم دليل على عدم جواز غيرها (٥) ، والآخرون ما غلب تقوّت أهل

__________________

(١) نقل عن والد الصدوق في مختلف الشيعة : ٣ / ٢٨١ ، المقنع : ٢١٠ ، الهداية : ٢٠٣.

(٢) نقل عنه في مدارك الأحكام : ٥ / ٣٣٢.

(٣) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٣٠ الحديث ١٢١٤٩ ، ٣٣٢ الحديث ١٢١٥٦ ، ٣٣٦ الحديث ١٢١٦٦.

(٤) الكافي في الفقه : ١٦٩ ، المعتبر : ٢ / ٦٠٥ ، منتهى المطلب : ١ / ٥٣٦ ط. ق ، لاحظ! مدارك الأحكام : ٥ / ٣٣٢.

(٥) الخلاف : ٢ / ١٥٠ المسألة ١٨٨.

٥٨٥

ذلك القطر به (١) (٢) ، والحلّي : تقوّت المعطي (٣).

وفي الصحيح : «يعطي أصحاب الإبل والغنم الفطرة من الأقط» (٤).

وفي رواية : «على كلّ قوم ما يغذون به عيالاتهم لبن أو زبيب أو غيره» (٥).

وفي اخرى : «على كلّ من اقتات قوتا ، فعليه أن يؤدّي من ذلك القوت» (٦).

وفي اخرى : «صاع من قوت بلدك ، على أهل مكّة واليمن والطائف و.. تمر. إلى أن قال ـ وعلى أهل طبرستان الارز» (٧) ، الحديث.

والثلاثة ضعيفة السند ، ولكن لا بأس بالعمل بها ، لعدم تنافيها الصحاح.

وتجزي القيمة بالإجماع والمعتبرة المستفيضة (٨) ، وفي أكثرها بلفظ «الدرهم».

وفي الموثّق : «إنّ ذلك أنفع له يشتري ما يريد» (٩).

__________________

(١) في بعض النسخ : الفطريّة.

(٢) المهذب : ٨ / ١٧٤ و ١٧٥ ، المراسم : ١٣٥ ، المعتبر : ٢ / ٦٠٥ ، منتهى المطلب : ١ / ٥٣٦ ط. ق.

(٣) السرائر : ١ / ٤٦٨.

(٤) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٣٣ الحديث ١٢١٥٧ مع اختلاف يسير.

(٥) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٣ الحديث ١٢١٨٥ مع اختلاف يسير.

(٦) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٤ الحديث ١٢١٨٨.

(٧) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٣ الحديث ١٢١٨٦.

(٨) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٥ الباب ٩ من أبواب زكاة الفطرة.

(٩) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٧ الحديث ١٢١٩٥.

٥٨٦

وصرّح في «المبسوط» بجواز غيره من الأجناس حتّى الثياب السلعة (١) ، كما هو ظاهر الموثّق : «لا بأس بالقيمة في الفطرة» (٢) والأحوط الأوّل ، وعلى الثاني ففي جواز نصف صاع من الغالي عن صاع من الرخيص قولان ، أصحّهما العدم ، وفي الخبر : «أنّه من بدع عثمان» (٣).

ولا تقدير في القيمة بل يرجع إلى السوقيّة ، وفاقا للأكثر (٤) ، وتقديرها بدرهم أو اربعة دوانيق (٥) ، مجهول القائل والمستند. نزل على اختلاف الأسعار.

والأفضل إخراج التمر ، لأنّه أسرع منفعة ، وذلك أنّه إذا وقع في يد صاحبه أكل منه ، كذا في الصحيح (٦).

وفي صحيح آخر : «لأن اعطي صاعا من تمر أحبّ إليّ من أن اعطي صاعا من ذهب» (٧).

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٤٢.

(٢) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٨ الحديث ١٢١٩٨.

(٣) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٣٤ الحديث ١٢١٦٢.

(٤) الخلاف : ٢ / ١٥٠ ، السرائر : ١ / ٤٦٨ ، منتهى المطلب : ١ / ٥٣٨ ط. ق ، مدارك الأحكام : ٥ / ٣٣٦ ، ذخيرة المعاد : ٤٧٥.

(٥) الدانق والدانق : سدس الدرهم ، (الصحاح : ٤ / ١٤٧٧).

(٦) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٥١ الحديث ١٢٢١١.

(٧) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٥١ الحديث ١٢٢١٠ مع اختلاف يسير.

٥٨٧
٥٨٨

قوله : (أوجبها). إلى آخره.

أقول : عن والد الصدوق في رسالته إليه (١) ، وعن الصدوق في «المقنع» و «الهداية» (٢) ومرّ عن «أماليه» إنّ ذلك من دين الإماميّة الذي يجب الإقرار به (٣). ومرّ عن «العيون» أيضا ما مرّ من محض الإسلام (٤).

وكذا الأخبار الموافقة لمحض الإسلام مثل صحيحة سعد بن سعد الأشعري (٥) ، وصحيحة الحلبي (٦) لتضمّن الكلّ الاقتصار على الأربعة ، وكذلك صحيحة ياسر القمّي عن الرضا عليه‌السلام «الفطرة صاع من حنطة وصاع من شعير وصاع من تمر وصاع من زبيب ، وإنّما خفّف الحنطة معاوية» (٧).

وغير خفي ظهور هذه الأخبار فيما ذكروا ، إلّا أنّه ورد صحاح كثيرة في الاقتصار على الثلاث (٨) ، مع الاختلاف فيه ، وصحاح في الاقتصار على الأربعة ، لكن موضع الحنطة الذرّة كما مرّ في صحيحة أبي عبد الرحمن (٩) ، أو أقط (١٠) ، كما مرّ في صحيحة القدّاح (١١) إلى غير ذلك من الاختلافات الكثيرة.

__________________

(١) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٣ / ٢٨١.

(٢) المقنع : ٢١٠ ، الهداية : ٢٠٣.

(٣) أمالي الصدوق : ٥١٧ راجع! الصفحة : ٥٦٣ من هذا الكتاب.

(٤) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ٢ / ١٣١ الحديث ١ ، راجع! الصفحة : ٥٦٥ من هذا الكتاب.

(٥) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٣٢ الحديث ١٢١٥٦.

(٦) وسائل الشيعة ، ٩ / ٣٣٦ الحديث ١٢١٦٦.

(٧) تهذيب الاحكام : ٤ / ٨٣ الحديث ٢٤١ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٣٤ الحديث ١٢١٦٠.

(٨) لاحظ! وسائل الشيعة : ٩ / ٣٢٧ الحديث ١٢١٣٩ ، ٣٣٧ الحديث ١٢١٦٩ ، ٣٣٥ الحديث ١٢١٦٣.

(٩) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٣٥ الحديث ١٢١٦٥.

(١٠) لبن مجفف ؛ يابس مستحجر يطبخ به (النهاية لابن الأثير : ١ / ٥٧).

(١١) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٣٠ الحديث ١٢١٤٩.

٥٨٩

مع أنّه يظهر من الأخبار وقوع الاختلاف في زمانهم عليهم‌السلام ، مثل ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن محمّد الهمداني قال : اختلفت الروايات في الفطرة ، فكتبت إلى العسكري عليه‌السلام أسأله عن ذلك فكتب : «إنّ الفطرة صاع من قوت بلدك ، على أهل مكّة واليمن والطائف وأطراف الشام واليمامة والبحرين والعراقين وفارس والأهواز وكرمان تمر ، وعلى أهل أوساط الشام زبيب ، وعلى أهل الجزيرة والموصل والجبال كلّها برّ أو شعير ، وعلى أهل طبرستان الارز ، وعلى أهل خراسان البرّ إلّا أهل مرو والري [فعليهم] الزبيب ، وعلى أهل مصر البرّ ومن سوى ذلك [فعليهم] ما غلب قوتهم ، ومن سكن البوادي [من الأعراب] فعليهم الأقط ، والفطرة عليك وعلى الناس كلّهم ، ومن تعول من ذكر أو انثى ، صغير أو كبير ، حرّ أو عبد ، فطيم أو رضيع ، تدفعه وزنا ، ستّة أرطال برطل المدينة ، والرطل مائة وخمسة وتسعون درهما ، تكون الفطرة ألفا ومائة وسبعين درهما» (١).

وفي الصحيح على المشهور عن زرارة وابن مسكان عن الصادق عليه‌السلام قال : «الفطرة على كلّ قوم ممّا يغذّون عيالاتهم لبن أو زبيب أو غيره» (٢) وفي الصحيح أيضا كذلك عن يونس عمّن ذكره عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «الفطرة على كلّ من اقتات قوتا ، فعليه أن يؤدّي من ذلك القوت» (٣) إلى غير ذلك.

وممّا ذكر ظهر وجه اختيار المشهور القوت الغالب ، بل قال في «المعتبر» : الضابط إخراج ما كان قوتا غالبا ، كالحنطة والشعير ، والتمر ، والزبيب ، والارز ،

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٤ / ٧٩ الحديث ٢٢٦ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٢ و ٣٤٣ الحديث ١٢١٨٢ و ١٢٨٦.

(٢) تهذيب الأحكام : ٤ / ٧٨ الحديث ٢٢١ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٣ الحديث ١٢١٨٥.

(٣) الكافي : ٤ / ١٧٣ الحديث ١٤ ، الاستبصار : ٢ / ٤٣ الحديث ١٣٦ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٤ الحديث ١٢١٨٨.

٥٩٠

والأقط ، واللبن ، وهو مذهب علمائنا (١) ، والإجماع المنقول في «المختلف» (٢) كما نقله المصنّف ، والاحتياط واضح.

قوله : (وفي الصحيح). إلى آخره.

هو صحيح معاوية بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام قال : «يعطي أصحاب الإبل والبقر والغنم في الفطرة من الأقط صاعا» (٣).

قوله : (والثلاثة ضعيفة).

أقول : ليس كذلك ، فإنّ صحيحة زرارة وابن مسكان (٤) ليس في طريقها إلّا محمّد بن عيسى الثقة ، عن يونس بن عبد الرحمن الثقة الجليل ، ولم يتأمّل فيه إلّا ابن الوليد ، وبعض من تابعه ، والتأمّل ليس بمكانه ، كما حقّق في الرجال (٥).

ولا يكاد يوجد صحيح يسلم جميع آحاد سلسلة سنده عن طعن ، بل ربّما يكون الطعن في غاية الشدّة ، إلّا أنّ المشهور يوجب علاج الطعن ، والبناء على التوثيق ، فلو كان ذلك يوجب التضعيف لم يوجد صحيح.

مع أنّ التوثيق في المقام موجود ، فلا يدرى وجه التأمّل.

وقيل : وجهه إنّ محمّد بن عيسى كان أخذ الحديث عن يونس قبل البلوغ ، وإن كان الأداء بعده ، وكان ابن الوليد لا يرضى بهذا (٦).

__________________

(١) المعتبر : ٢ / ٦٠٥.

(٢) مختلف الشيعة : ٣ / ٢٨١.

(٣) تهذيب الأحكام : ٤ / ٨٠ الحديث ٢٣٠ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٣٣ الحديث ١٢١٥٧.

(٤) تهذيب الأحكام : ٤ / ٧٨ الحديث ٢٢١ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٣ الحديث ١٢١٨٥.

(٥) انظر! رجال النجاشي : ٣٣٣ الرقم ٨٩٦ ، تعليقات على منهج المقال : ٣١٣.

(٦) لاحظ! تعليقات على منهج المقال : ٣١٣.

٥٩١

ومعلوم أنّه غير مضرّ ، لأنّ العبرة بحال الأداء ، كما هو الحال في التوثيقات ، كما حقّق ، إذ كلّ ثقة لم يكن في جميع عمره ثقة ، بل كثير من أعاظم الرواة كانوا واقفيّة ، أو فطحيّة ، أو أمثال ذلك ، مثل أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، وابن مسكان ، وابن المغيرة ، وغيره.

وممّا ذكر ظهر الحال في صحيحة يونس عمّن ذكره ، فإنّه ممّن أجمعت العصابة (١) ، وأمّا رواية إبراهيم بن محمّد الهمداني ، فالشيخ نقل إجماع الطائفة على العمل بها (٢).

مع أنّ الضعف هنا منجبر بالشهرة ، والإجماعات المنقولة ، والاختلاف الشديد الكثير في الأحاديث الصحيحة ، كما اشير إليه في الجملة ، فحصل الوهن العظيم في التّمسك بالصحاح لإثبات مذهب الصدوقين وغيره.

مع أنّ ما دلّ على كونها من الأجناس الأربعة يضعف كون الإطلاق ينصرف إلى الأفراد الغالبة ، ولذا وقع التصريح في الصحاح بالأقط ، بل وغيره أيضا ، يعضدها غيرها من الأخبار الصريحة.

وممّا ذكر ظهر صحّة إخراج صاع واحد من جنسين ، لما عرفت من أنّ المعتبر هو القوت الغالب ، فيشمله قولهم عليهم‌السلام : «الفطرة على كلّ قوم ممّا يغذّون عيالاتهم» (٣).

وقولهم عليهم‌السلام : «كلّ من اقتات قوتا فعليه أن يؤدي من ذلك القوت» (٤) ، وغير ذلك ممّا عرفت ، ومنه الإجماعات المنقولة.

__________________

(١) رجال الكشي : ٢ / ٨٣٠ الرقم ١٠٥٠.

(٢) الخلاف : ٢ / ١٥١ المسألة ١٨٩.

(٣) تهذيب الأحكام : ٤ / ٧٨ الحديث ٢٢١ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٣ الحديث ١٢١٨٥.

(٤) تهذيب الأحكام : ٤ / ٧٨ الحديث ٢٢٠ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٤ الحديث ١٢١٨٨.

٥٩٢

ولا يضرّ ذلك قولهم عليهم‌السلام : «صاع من برّ» وأمثاله (١) ، لما عرفت من أنّ الخصوصيّة غير معتبرة ، فتضعف الدلالة ، لو لم نقل بالانتفاء ، فلا يقاوم ما ذكر فضلا عن أن يغلب ، ويعضد الضعيف جواز الإخراج كذلك من باب القيمة ، كما صرّح به المانع ، وهو المحقّق الكيدري (٢) ، وإن نقل عن الشيخ في «المبسوط» المنع (٣) ، من دون التصريح بما ذكر ، لأنّ الظاهر كون كلامه في الإخراج أصالة لا قيمة ، وكيف وهو يجوّز القيمة ، كيف كانت في «المبسوط» على ما ستعرف.

وبالجملة ؛ إذا كان يجوز ذلك قيمة ، وجواز القيمة معادل لجواز الأصل من دون تفاوت أصلا ورأسا ، بأنّه يجوز للمكلّف أيّ ذلك فعل ، من دون تفاوت مطلقا.

فلا وجه لقصر المعصوم عليه‌السلام في مقام وجوب إعطاء الفطرة وكيله على خصوص الأصالة ، وعدم الرخصة في القيمة ، مع كونها مرخّصا فيها مطلقا ، وبالمرّة من دون شائبة حزازة أصلا ورأسا ، فضلا عن المنع.

فظهر أنّ الذكر كان على سبيل المثل ، أو عادة الناس ، أو غير ذلك ممّا ليس جهته المنع ، بل ولا الحزازة.

ويعضد ما ذكرناه ما احتجّ به في «المختلف» ، بأنّ المطلوب شرعا إخراج الصاع ، وليس تعيين الصاع معتبرا في نظر الشرع ، وإلّا لما أجاز التخيير ، ولأنّه يجوز إخراج الأصواع المختلفة من الشخص الواحد عن جماعة ، فكذا الصاع الواحد ، ولأنّ التخيير واقع في الجميع ، فكذا في أبعاضه للمساواة في الماليّة

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٣٢ الباب ٦ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٣ / ٢٩٣.

(٣) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٣ / ٢٩٣ ، لاحظ! المبسوط : ١ / ٢٤١.

٥٩٣

المطلوب منها رفع حاجة الفقير ، يعني : أنّه يظهر من الأخبار أنّ ذلك لدفع حاجة الفقير ، كما يظهر ممّا سنذكر! في جواز دفع القيمة ، من قوله عليه‌السلام : «إنّ ذلك أنفع له» (١) ، وغير تقييد.

ثمّ قال : ولأنّه إذا أخرج أحد النصفين فقد خرج عن عهدته ، فيبقى مخيّرا في النصف الآخر ، لأنّه قد كان مخيّرا فيه قبل إخراج الاولى فيستصحب عملا بالاستصحاب ، ولأنّ أحد النصفين إن ساوى الآخر جاز إخراجه ، على أنّه أصل أو قيمة ، وكذلك إن قصر أحدهما من الآخر ، فإنّ الأرفع يكون زيادة عن قيمة الأدون الذي يجوز إخراجه (٢)

أقول : وكذلك الأدون ، لأنّهم يقولون بجواز القيمة مطلقا في القوت الغالب ، كما لا يخفى.

وفي «الذخيرة» اختيار عدم الاجتزاء معلّلا بأنّ مقتضى النصوص وجوب إخراج صاع واحد من جنس معيّن ، فلا يحصل الامتثال بدونه (٣).

أقول : على القول بوجوب الإخراج من الجنس المعيّن المذكور في بعض الصحاح ، كما قال الصدوقان والعماني (٤) ، يكون الأمر كما ذكره ، كما هو عبارة «الأمالي» (٥)

وأمّا عبارة محض الإسلام (٦) فهي ونظائرها قابلة للتركيب.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٤ / ١٨٦ الحديث ٢٥١ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٧ الحديث ١٢١٩٥.

(٢) مختلف الشيعة : ٣ / ٢٩٤.

(٣) ذخيرة المعاد : ٤٧٥.

(٤) نقل عن والد الصدوق في مختلف الشيعة : ٣ / ٢٨١ ، المقنع : ٢١٠ ، نقل عن العماني في مدارك الأحكام : ٥ / ٣٣٢.

(٥) أمالي الصدوق : ٥١٧.

(٦) عيون اخبار الرضا عليه‌السلام : ٢ / ١٣١ الحديث ١.

٥٩٤

وأمّا على القول بأنّ المعتبر هو القوت الغالب ، من حيث كونه قوتا غالبا ، كما قال به المعظم ، وثبت كونه أقوى فلا ، لأنّه إذا ثبت أنّ الجنس المعيّن لا عبرة به في تحصيل الامتثال ، فكيف يثبت أنّ إخراج الصاع منه خاصّة معتبر ، وشرط في تحقّقه. نعم ، الأحوط لعلّه ذلك.

قوله : (وتجزي). إلى آخره.

الظاهر ؛ أنّه إجماعي ، نقل الإجماع في «المنتهى» و «المختلف» وابن إدريس في «السرائر» (١) ، وفي «الأمالي» : إنّ من دين الإماميّة أنّه لا بأس بأن يدفع قيمته ذهبا أو فضّة أو ورقا (٢).

وفي «المعتبر» و «السرائر» أنّه لا فرق بين أن يكون الأنواع المخصوصة موجودة أو معدومة (٣).

ويدلّ عليه مضافا إلى الإجماع الأخبار ، مثل صحيحة محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن الرضا عليه‌السلام أنّه قال : بعثت إليه بدراهم لي ولغيري وكتبت إليه أخبره أنّها من فطرة العيال ، فكتب بخطّه : «قبضت وقبلت» (٤) ، وصحيحة اخرى عنه بالمضمون (٥).

وصحيحة أيّوب بن نوح قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام : إنّ قوما يسألوني عن الفطرة ويسألوني أن يحملوا قيمتها إليك ، وقد بعثت إليك هذا الرجل عام أوّل

__________________

(١) منتهى المطلب : ١ / ٥٣٨ ط. ق ، مختلف الشيعة : ٣ / ٢٩٠ ، السرائر : ١ / ٤٦٨.

(٢) أمالي الصدوق : ٥١٧.

(٣) المعتبر : ٢ / ٦٠٨ ، السرائر : ١ / ٤٦٩.

(٤) الكافي : ٤ / ١٧٤ الحديث ٢٢ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٥ الحديث ١٢١٩٠.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ١١٩ الحديث ٥١٣ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٥ الحديث ١٢١٩٠.

٥٩٥

وسألني أن أسألك فانسيت ذلك ، وقد بعثت إليك العام عن كلّ رأس من عياله بدرهم على قيمة تسعة أرطال بدرهم ، فرأيك ـ جعلني الله فداك ـ في ذلك؟ فكتب عليه‌السلام : «الفطرة قد كثر السؤال عنها وأنا أكره كلّ ما أدّى إلى الشهرة ، فاقطعوا ذكر ذلك ، فاقبض عمّن دفع لها وأمسك عمّن لم يدفع» (١).

وصحيحة عمر بن يزيد أنّه سأل الصادق عليه‌السلام : يعطي الرجل الفطرة دراهم ، ثمن التمر والحنطة ، يكون أنفع لأهل بيت المؤمن؟ قال : «لا بأس» (٢).

وفي الموثّق كالصحيح عن إسحاق بن عمّار ، عن الصادق عليه‌السلام قال : «لا بأس بالقيمة في الفطرة» (٣).

وفي معتبرة إسحاق بن عمّار عنه عليه‌السلام مثله ، مع زيادة قوله : «ولا بأس أن تعطيه قيمتها درهما» (٤).

أو في كصحيحة يونس عن إسحاق بن عمّار أنّه سأل الصادق عليه‌السلام : ما تقول في الفطرة ، يجوز أن اؤدّيها فضّة بقيمة هذه الأشياء التي سمّيتها؟ قال : «نعم ، إنّ ذلك أنفع له ، يشتري ما يريد» (٥).

وصحيحة عمر بن يزيد عنه عليه‌السلام أنّه سأله : نعطي الفطرة دقيقا مكان الحنطة؟ قال : «لا بأس ، يكون أجر طحنه بقدر ما بين الحنطة والدقيق» (٦)

__________________

(١) الكافي : ٤ / ١٧٤ الحديث ٢٤ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٦ الحديث ١٢١٩٢.

(٢) تهذيب الأحكام : ٤ / ٣٣٢ الحديث ١٠٤١ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٧ الحديث ١٢١٩٤.

(٣) تهذيب الأحكام : ٤ / ٨٦ الحديث ٢٥٢ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٨ الحديث ١٢١٩٨.

(٤) تهذيب الأحكام : ٤ / ٧٩ الحديث ٢٢٥ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٨ الحديث ١٢٢٠٠.

(٥) تهذيب الأحكام : ٤ / ٨٦ الحديث ٢٥١ ، الاستبصار : ٢ / ٥٠ الحديث ١٦٦ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٧ الحديث ١٢١٩٥.

(٦) تهذيب الأحكام : ٤ / ٣٣٢ الحديث ١٠٤١ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٧ الحديث ١٢١٩٤.

٥٩٦

مراده عليه‌السلام أنّه يعطي الدقيق أنقص من الحنطة بمقدار أجرة الطحن.

وصحيحة هشام عنه عليه‌السلام قال : «التمر في الفطرة أفضل من غيره لأنّه أسرع منفعة ، وذلك أنّه إذا وقع في يد صاحبه أكل منه ، وقال : نزلت الزكاة وليس للناس أموال وإنّما كانت الفطرة» (١) إلى غير ذلك من الأخبار.

قوله : (وفي أكثرها). إلى آخره.

في «الذخيرة» : إنّ ظاهر الأكثر ، وصريح بعضهم جواز إخراج القيمة من الدراهم وغيرها (٢).

وبهذا التعميم صرّح الشيخ في «المبسوط» فقال : يجوز إخراج القيمة من أحد الأجناس التي قدّرناها ، سواء كان الثمن سلعة ، أو حبّا أو خبزا ، أو ثيابا ، أو دراهم ، أو شيئا له ثمن بقيمة الوقت (٣) ، ولم يذكر ابن إدريس سوى النقدين ، فظاهره التخصيص بهما (٤).

ويمكن الاستدلال على الأوّل بموثّقة إسحاق بن عمّار ، ويشكل بأنّ المتبادر من القيمة أحد النقدين.

أقول : التبادر من أنّ المطلق ينصرف إلى الأفراد الشائعة ، وانحصار ذلك في النقدين محلّ تأمّل ، إذا الفلوس السود أيضا كانت من الأفراد الشائعة ، كما لا يخفى.

ويدلّ عليه قوله عليه‌السلام في معنى التعليل : «بأنّ ذلك أنفع له يشتري ما يريد»

__________________

(١) الكافي : ٤ / ١٧١ الحديث ٣ ، من لا يحضره الفقيه : ٢ / ١١٧ الحديث ٥٠٥ ، تهذيب الأحكام : ٤ / ٨٥ الحديث ٢٤٨ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٥١ الحديث ١٢٢١١.

(٢) ذخيرة المعاد : ٤٧٥.

(٣) المبسوط : ١ / ٢٤٢.

(٤) السرائر : ١ / ٤٦٨.

٥٩٧

والعلّة المنصوصة حجّة ، وكذا قول الراوي : يكون ذلك أنفع لأهل بيت المؤمن؟ فقال عليه‌السلام : «لا بأس» ، وكذا العلّة الواردة في صحيحة هشام.

ويعضدهم صحيحة عمر بن يزيد المتضمّنة لجواز إعطاء الطحين بقيمة الصاع من الحنطة ، بأن ينقص منها اجرة الطحن كما مرّ من «الأمالي» ما مرّ ، مع أنّ الوارد في غير هذه الأخبار الدراهم خاصّة ، ولم يقل أحد بذلك ، فظهر كون ذلك واردا مورد الغالب ، لا أنّه يشترط ذلك.

وفي الصحيح عن محمّد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام أنّه يقول : «[الصدقة] لمن لا يجد الحنطة ، والشعير يجزي عنه القمح والعدس والذرّة ، نصف صاع من ذلك كلّه ، أو صاع من تمر أو زبيب» (١).

وفي «الفقيه» عن الصادق عليه‌السلام : «من لم يجد الحنطة والشعير ، أجزأ عنه القمح والسلت والعدس والذرّة» (٢).

ويظهر منه أنّه كان قائلا بالقيمة من غير النقدين أيضا ، وروايته أيضا ظاهرة في ذلك ، لعدم كون العدس ونحوه من القوت الغالب غالبا ، بل ومطلقا.

وفي رواية اخرى عن ابن مسلم عن الصادقين عليهما‌السلام عن الفطرة؟ قالا : «صاع من تمر أو زبيب أو شعير أو نصف ذلك كلّه حنطة أو دقيق أو سويق أو ذرّة أو سلت» (٣) ، الحديث.

ولا يخفى ظهورها في القيمة حيث قالا عليهما‌السلام : «ونصف ذلك كلّه» حيث أتى

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٤ / ٨١ الحديث ٢٣٥ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٣٧ الحديث ١٢١٦٨.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ١١٥ الحديث ٤٩٤ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٤ الحديث ١٢١٨٩ مع اختلاف يسير.

(٣) تهذيب الأحكام : ٤ / ٨٢ الحديث ٢٣٦ ، الاستبصار : ٢ / ٤٣ الحديث ١٣٩ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٣٨ الحديث ١٢١٧٢.

٥٩٨

بكلمة كلّه.

مع أنّ السويق ليس من القوت الغالب من حيث هو هو ، ولذا لم يجعل عليه الصاع ، فلا داعي على الحمل على التقيّة.

هذا كلّه ؛ مضافا إلى عدم القائل بالفصل ، والاحتياط عدم التعدّي عن النقدين والفلوس ، بل عدم التعدّي عنهما.

قوله : (ففي). إلى آخره.

اعلم! أنّه وقع الاختلاف في جواز إخراج نصف صاع يساوي قيمته بصاع من جنس آخر ، اختار الجواز في «المختلف» (١) ، وعدمه في «البيان» (٢) ، وبالتأمّل فيما ذكرناه يظهر الحال.

قوله : (ولا تقدير). إلى آخره.

المشهور ؛ أنّ المعتبر قيمة السوق وقت الإخراج ، لأنّه المتبادر من القيمة ، سيّما من رواية سليمان بن حفص المروزي حيث قال عليه‌السلام : «بصاع من تمر أو قيمته في تلك البلاد [دراهم]» (٣) ، وسنذكرها إن شاء الله.

وفي «المختلف» أنّه لا خلاف في جواز إخراج القيمة بسعر الوقت ، وقال الشيخ : [وقد روي أنّه] يجوز أن يخرج عن كلّ رأس درهما ، وروي أربعة دوانيق في الرخص والغلاء (٤) والأحوط إخراجه بسعر الوقت (٥). إلى أن قال : وقول

__________________

(١) مختلف الشيعة : ٣ / ٢٩٣.

(٢) البيان : ٣٣٧.

(٣) تهذيب الأحكام : ٤ / ٨٧ الحديث ٢٥٦ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٧ الحديث ١٢١٩٦.

(٤) لاحظ! وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٩ الحديث ١٢٢٠٣.

(٥) لاحظ! النهاية للشيخ الطوسي : ١٩١.

٥٩٩

الشيخ يوهم جواز إخراج درهم عن الفطرة ، ويؤيّده ما ذكره في «الاستبصار» حيث روى عن إسحاق بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «لا بأس بأن يعطى قيمتها درهما» (١).

هذه رواية شاذّة ، والأحوط أن يعطى قيمة الوقت قلّ ذلك أو كثر ، وهذه رخصة لو عمل بها الإنسان لم يكن مأثوما.

ثمّ قال العلّامة : والحقّ أنّه يجوز إخراج القيمة بسعر الوقت من غير تقدير ، واستدلّ عليه بصحيحة إسحاق بن عمّار السابقة ، وجعلها صحيحة ، قال : ورواية الشيخ ضعيفة السند.

ويحتمل أن يكون المراد جنس الدرهم ، أو يكون القيمة وقت السؤال ذلك.

ونقل عن بعض علمائنا أنّه مقدّر بدرهم ، وعن آخرين بأربعة دوانيق ، ولم أقف على فتوى بذلك سوى ما قلناه ، وليس صريحا (٢) ، انتهى.

وفي «الشرائع» أيضا : وقدّرها قوم بدرهم ، وآخرون بأربعة دوانيق (٣) ، انتهى.

أقول : الظاهر كون المنشأ اختلاف الأسعار ، والظاهر إنّ ما ذكر من رواية إسحاق ، توهّم صدر من النقل بالمعنى ، فإنّ الظاهر اتّحادها مع ما ذكرنا ، ممّا تضمّن لفظ «الفضّة» (٤) الظاهر في الدرهم ، ليكن فرق بينه وبين قوله : درهما ، كما لا يخفى.

قوله : (كذا في الصحيح).

قد عرفت أنّه صحيحة هشام (٥) ، والظاهر أفضليّة الزبيب أيضا ، لو لم نقل

__________________

(١) الاستبصار : ٢ / ٥٠ الحديث ١٦٨ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٨ الحديث ١٢٢٠٠ مع اختلاف يسير.

(٢) مختلف الشيعة : ٣ / ٢٩٠ و ٢٩١.

(٣) شرائع الإسلام : ١ / ١٧٤.

(٤) راجع! الصفحة : ٥٩٥ ـ ٥٩٧ من هذا الكتاب.

(٥) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٥١ الحديث ١٢٢١١.

٦٠٠