الشيخ عبد الله الحسن
المحقق: الشيخ عبد الله الحسن
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٤
الحديث معروفا لم يجز لهم ذلك ، وأبو بكر منع فاطمة ـ عليها السلام ـ فدكا لأنها ادعت ذلك ، وذكرت أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ نحلها إيا فلم يصدقها في ذلك مع أنها من أهل الجنة ، وأن الله تعالى أذهب عنها ارجس الذي هو أعم من الكذب وغيره ، واستشهدت عليا ـ عليه السلام ـ وام أيمن مع شهادة النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لها بالجنة ، فقال : رجل مع رجل وامرأة ، وصدق الأزواج في ادعاء الحجرة ، ولم يجعل الحجرة صدقة فأوصت فاطمة وصية مؤكدة أن يدفنها علي ليلا حتى لا يصلي عليها أبو بكر (١).
وأبو بكر قال : أقيلوني فلست بخيركم وعلي فيكم (٢) ، فإن صدق فلا يصح له التقدم على علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ ، وأن كذب فلا يصلح للإمامة ، ولا يحمل هذا على التواضع لجعله شيئا موجبا لفسخ الإمامة ، وحاملا له عليه.
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١٦ ص ٢٨٠ ـ ٢٨١ ، وقد تقدمت تخريجاته.
(٢) الإمامة والسياسة ج ١ ص ٢٢ ، كنز العمال ج ٥ ص ٥٨٨ ح ١٤٠٤٦ وح ١٤٠٥ ، تاريخ الطبري ج ٣ ص ٢١٠ ، نهج الحق ص ٢٦٤ ، شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج ١ ص ١٦٩.
ومعنى كلامه هنا أنه يرى نفسه غير صالح للخلافة وذلك لقوله : أقيلوني فلست بخيركم ، وقد اعترف في ضمن كلمته هذه بأحقيقة علي ـ عليه السلام ـ منه بالخلافة؟!! ومن رأى نفسه كذلك لا يجوز له أن يقبل الخلافة ولا أن يعهد بها إلى غيره!
ولذلك يتعجب منه أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ إذ يقول في خطبته الشقيقة : فيا عجبا! بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته لشد ما تشطرا ضرعيها!
وقال في هذا المعني مهيار الديلمي :
حملوها يو السقيفة أوزا |
|
را تخف الجبال وهي ثقال |
ثم جاءوا من بعدها يستقيلو |
|
ن ، وهيهات عثرة لا تقال |
انظر : ديوان مهيار الديلمي ج ٣ ص ١٦ ، ورواها ايضا ابن ابي الحديد في شرح النهج ج ١ ص ١٦٨.
وأبو بكر قال : إن لي شيطانا يعتريني ، فإذا زغت فقوموني (١). ومن يعتريه الشيطان فلا يصلح للإمامة!!
وأبو بكر قال في حقه عمر : إن بيعة أبي بكر كانت فلتة ، ووقى الله المسلمين شرها ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه (٢) ، فتبين أن بيعته كانت خطا على غير الصواب ، وأن مثلها مما يجب المقاتلة عليها.
وأبو بكر لم يوله رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ عملا في زمانه قط إلا سورة براءة ، وحين ما خرج أمر الله تعالى رسوله بعزله وإعطاها عليا (٤).
وأبو بكر لم يكن عالما بالأحكام الشرعية ، حتى قطع يسار سارق ، وأحرق بالنار الفجأة السلمي التيمي (٥) ، وقد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : (لا يعذب بالنار إلا رب النار) (٦).
ولما سئل عن الكلالة لم يعرف ما يقول فيها فقال : أقول برأيي فإن كان صوابا فمن الله ، وإن كان خطأ فمن الشيطان.
وسألته جدة عن ميراثها ، فقال : لا أجد لك في كتاب الله شيئا ولا في
__________________
(١) نفس المصدر السابق.
(٢) تقدمت تخريجاته.
(٣) انظر : الملل والنحل للشهرستاني ج ١ ص ١٤٤ ، شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج ٤ ص ٩٦.
(٤) تقدمت تخريجاته.
(٥) راجع : الامامة والسياسة ج ١ ص ١٤.
(٦) شرح السنة للبغوي ج ١٢ ص ١٩٨ ، مجمع الزوائد ج ٦ ص ٢٥١ ، كشف الأستار ج ٢ ص ٢١١ ح ١٥٣٨.
سنة محمد ، ارجعي حتى أسأل فأخبره المغيرة بن شعبة أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أعطاها السدس وكان يستفي الصحابة في كثير من الأحكام.
وأبو بكر لم يكر على خالد بن الوليد في قتل مالك بن نويرة ، ولا في تزويج امرأته ليلة قتله من غير عدة (١).
وأبو بكر بعث إلى بيت أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ لما امتنع من البيعة فأضرم فيه النار (٢) وفيه فاطمة ـ عليها السلام ـ وجماعة من بني هاشم وغيرهم فأنكروا عليه.
وأبو بكر لما صعد المنبر جاء الحسن والحسن وجماعة من بني هاشم وغيرهم وأنكروا عليه وقال له الحسن والحسين ـ عليها السلام ـ : هذا مقام جدنا ولست أهلاله (٣).
وأبو بكر لما حضرته الوفاة ، قال : ياليتني تركت بيت فاطمة لم أكشفه ، وليتني كنت سألت رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : هل للأنصار في هذا الأمر حق؟
وقال : ليتني في ظلة بني ساعدة ضربت على يد أحد الرجلين ، وكان هو الأمير وأنا الوزير (٤).
__________________
(١) تقدمت تخريجاته.
(٢) الإمامة والسياسة ج ١ ص ١٩١ ، نهج الحق ص ٢٧ ، وفي شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج ٢ ص ٥٦ : فأتاهم عمر ليحرق عليهم البيت ، فخرج إليه الزبير بالسيف ، وخرجت فاطمة ـ عليها السلام ـ تبكي وتصيح ، فنهنهت من الناس إلخ وروى ذلك عن ابي بكر الجوهري.
(٣) نهج الحق : ص ٢٧٢ ، أسد الغابة ، ج ٢ ص ١٤ ، الصواعق المحرقة ص ١٧٥ ، ط المحمدية وص ١٠٥ ط الميمنية بمصر.
(٤) الإمامة والسياسة : ج ١ ص ١٤ ، مروج الذهب ج ٢ ص ٣٠١ ـ ٣٠٢ ، نهج الحق ص ٢٦ ٥ ، فقد
وأبو بكر عندكم أنه خالف رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في الاستخلاف ، لأنه استخلف عمر بن الخطاب ولم يكن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ولاه قط عملا إلا غزوة خيبر فرجع منهزما ، وولاه الصدقات فشا العباس فعزله النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، وأنكر الصحابة على أبي بكر تولية عمر حتى قال طلحة : وليت عمر فطا غليظا.
وأما عمر ، فإنه أتي إليه بامرأة زنت وهي حامل فأمر برجمها ، فقال علي ـ عليه السلام ـ : إن كان لك عليها سبيل فليس لك على حملها من سبيل ، فأمسك وقال : لو لا علي لهلك عمر (١).
وعمر شك في موت النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال : ما مات محمد ولا يموت حتى تلا عليه أبو بكر الاية : (إنك ميت وإنهم ميتون) (٢) فقال : صدقت ، وقال : كأني لم أسمعها (٣).
__________________
ذكر المؤرخون ان ابا بكر ندم على اشياء فعلها وتمنى فعل اشياء تركها وممن ذكر ذلك ، ابن قتيبة في الامامة والسياسة ص ٢٤ : وذكر ذلك في مرضه دخول جماعة عليه منهم عبد الرحمن وقال له : ولا اراك تأسى على شئ من الدنيا فاتك ، قال أجل : والله ما آسى إلا على ثلاث فعلتهن ليتني تركتهن ، وثلاث تركتهن ليتني فعلتهن ، وثلاث ليتني تركت بيت علي وإن كان أعلن علي الحرب ، وليتني يوم سقيفة بني ساعدة كنت ضربت على يد أحد الرجلين : أبي عبيدة أو عمر ، فكان هو الامير ، وكنت أنا الوزير ، وليتني حين أتيت بالفجاءة السلمي أسيرا أني قتلته ذبيحا أو أطلقته نجيحا ، ولم أكن أحرقته بالنار ، وأما اللاتي تركتهن وليتني كنت فعلتهن ، ليتني حين آتيت بالاشعث بن قيس أسيرا أني قتلته ولم أستحيه ، فاني سمعت منه وأراه لا يرى غياو لا شرا الا اعان عليه ، وليتني حين بعثت خالد بن الوليد الى الشام ، اني كنت بعثت عمر بن الخطاب الى العراق .. الخ.
(١) تقدمت تخريجاته.
(٢) سورة الزمر : الاية ٣.
(٣) تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٦٧ ، صحيح البخاري ج ٦ ص ١٧ ، وقد تقدم الحديث مع
وجاءوا إلى عمر بأمرة مجنونة قد زنت فأمر برجمها ، فقال له علي ـ عليه السلام ـ القلم مرفوع عن المجنون حتى يفيق ، فأمسك ، فقال : لو لا علي لهللك عمر (١).
وقال في خطبة له : من غالي في مهر امرأته جعلته في بيت مال المسلمين ، فقالت له امرأة : تمنعا ما أحل الله لنا حيث يقول : (وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا إتاخذونه بهتانا وإثما مبينا) (٢) فقال : كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في البيوت (٣).
وكان يعطي حفصة وعائشة كل واحدة منهما مائتي ألف درهم ، وأخذ مائتي ألف درهم من بيت المال فأنكر عليه السملمون فقال : أخذته على وجه القرض (٤).
ومنع الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ إرثهما من رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ، ومنعهما الخمس (٥).
وعمر قضي في الحد بسعبين قضية وفضل في العطاء والقسمة ومنع المتعتين وقال : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ حلالتان وأنا محرمها ، ومعاقب من فعلهما (٦).
__________________
تخريجاته.
(١) تقدمت تخريجاته.
(٢) سورة النساء : الاية ٢٠.
(٣) الدر المنثور ج ٢ ص ٤٦٦ ، نهج الحق ص ٢٧٨ ، شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج ١ ص ١٨٢ وج ١٢ ص ١٧.
(٤) نهج الحق ص ٢٧٩ ، وفيه عشرة الاف.
(٥) أحكام القرآن للجصاص ج ٣ ص ٦١.
(٦) نهج الحق : ص ٢٨١ ، الدر المنثور ج ٢ ص ٤٨٧ ، وقد تقدمت تخريجاته.
وخالف النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وأبا بكر في النص وعدمه ، وجعل الخلافة في ستة نفر ، ثم ناقض نفسه وجعلها في أربعة نفر ، ثم في الثلاثة ، ثم في واحد ، فجعل إلى عبد الرحمن بن عوف الاختيار بعد أن وصفه بالضعف والقصور ، ثم قال : إن اجتمع علي وعثمان فالقول ما قالا ، وإن صاروا ثلاثة فالقول للذين فيهم عبد الرحمن بن عوف ، لعلمه أن عليا وعثمان لا يجتمعان على أمر ، وأن عبد الرحمن بن عوف لا يدل بالامر عن ابن أخته وهو عثمان ، ثم أمر بضرب عنق من تأخر عن البيعة ثلاثة أيام (١).
وعمر أيضا مزق الكتاب كتاب فاطمة ـ عليها السلام ـ وهو أنه لما طالت المنازلة بين فاطمة وأبي بكر ، رد عليها فدك والعوالي ، وكتب لها كتابا فخرجت والكتاب في يدها فلقيها عمر فسألها عن شأنها ، فقصت قصتها ، فأخذ منها الكتاب وخرقة (٢) ، ودعت عليه فاطمة ، فدخل ، فدخل على أبي بكر ولامه على ذلك ، وأنفقا على منعها.
وأما عثمان بن عفان فجعل الولايات بين أقاربه ، فاستعمل الوليد أخاه لامه على الكوفة ، فشرب الخمر ، وصلى بالناس وهو سكران (٣). فطرده أهل الكوفة ، فظهر منه ما ظهر.
وأعطى الاموال العظيمة أزواج بناته الاربع ، فأعطى كل واحد من أزواجهن مائة ألف مثقال من الذهب من بيت مال المسلمين ، وأعطى
__________________
(١) الامامة والسياسة ج ١ ص ٢٨ ـ ٢٩ ، نهج الحق ص ٢٨٥ ، تقدم الحديث مع تخريجاته.
(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديث ج ١٦ ص ٢٧٤.
(٣) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديث ج ٣ ص ١٨ ، تاريخ الخميس ج ٢ ص ٢٥٥ و ٢٥٩ ، الكامل في التاريخ ج ٣ ص ٥٢ ، الامامة والسياسة ج ١ ص ٣٢ ، أسد الغابة ج ٥ ص ٩٠ ، نهج الحق ص ٢٩٠.
مروان ألف ألف درهم من خمس افريقية (١).
وعثمان حمى لنفسه عن المسلمين ومنعهم عنه (٢) ، ووقع منه أشياء منكرة في حق الصحابة.
وضرب ابن مسعود (٣) حتى مات وأحرق مصحفه وكان ابن مسعود يطعن في عثمان ويكفره.
وضرب عمار بن ياسر صاحب رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ حتى صار به فتق (٤).
واستحضر أبا ذر من الشام لهوي معاوية وضربه ونفاه إلى الربذة (٥) ، مع أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كان يقرب هولاء الثلاثة.
وعثمان أسقط القود ـ عن ابن عمر ـ لما قتل النوار بعد الاسلام.
وأراد أن يسقط حد الشراب عن الوليدبن عتبة الفاسق ، فاستوفى منه علي ـ عليه السلام ـ وخذلته الصحابة حتى قتل ولم يدفن إلا بعد ثلاثة أيام ودفنونه في حش كوكب.
__________________
(١) تاريخ الخميس ج ١ ص ٢٦ ، تاريخ الطبري ج ٥ ص ٤٩ ، تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ١٥٥. المعارف لابن قتيبة ص ٨٤ ، نهج الحق ص ٢٩٣ ، شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج ١ ص ١٩٨.
(٢) نهج الحق ص ٢٩٤ ، تاريخ الخميس ج ٢ ص ٢٦٢ ، شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج ١ ص ١٩٩ ، تاريخ الخلفاء ص ١٦٤.
(٣) نهج الحق ص ٢٩٥ ، اسد الغابة ج ٣ ص ٢٥٩ ، تاريخ ابن كثير ج ٧ ص ١٦٣ ، تاريخ الخميس ج ٢ ص ٢٦٨ ، شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج ١ ص ١٩٨ ، وج ٣ ص ٤٠.
(٤) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٢٧١ ، الامامة والسياسة ج ١ ص ٣٢ ، شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج ١ ص ٢٣٨ ، نهج الحق ص ٢٩٦.
(٥) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ١٦٢ ، الكامل في التاريك ج ٣ ص ٥٦ ، نهج الحق ص ٢٩٨ ، انساب الاشراف ج ٥ ص ٥٢ ، مروج الذهب ج ٢ ص ٣٣٩.
وغاب عن المسلمين يوم بدر ويوم أحد ، وعن بيعة الرضوان.
وهو كان السبب في أن معاوية حارب عليا ـ عليه السلام ـ على الخلافة ، ثم آل الامر إلى أن سب بنو أمية عليا ـ عليه السلام ـ على المنبر ، وسموا الحسن ، وقتلوا الحسين ، وشهروا أولاد النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وذريته في البلاد يطاف بهم على المطايا (١) ، فآل الامر إلى الحجاج حتى إنه قتل من آل محمد اثني عشر ألفا وبني كثيرا منهم في الحيطان وهم أحياء ، وكل السبب في هذا أنهم جعلوا الامامة بالاختيار والارادة ، ولو أنهم اتبعوا النص في ذلك ولم يخالف عمربن الخطاب النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في قوله : «آتوني بدواة وبيضاء لاكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي أبدا»(٢) ، لما حصل الخلاف وهذا الضلال.
قال يوحنا : يا علماء الدين هؤلاء الفرقة الذين يسمون الرافضة هذا اعتقادهم الذي ذكرنا ، وأنتم هذا اعتقادكم الذي قررناه ، ودلائلهم هذه التي سمعتموها ، ودلائل هذه التي نقلتموها.
فبالله عليكم أي الفريقين أحق بالامر إن كنتم تعلمون؟
فقالوا بلسان واحد : والله إن الرافضة على الحق ، وإنهم المصدقون على أقوالهم ، لكن الامر جرى على ما جرى فإنه لم يزل أصحاب الحق مقهورين ، واشهد علينا يا يوحنا إنا على موالاة آل محمد ، ونتبرأ من أعدائهم ، إلا أنا نستدعي منك أن تكتم علينا أمرنا لان الناس على دين ملوكهم.
قال يوحنا : فقمت عنهم وأنا عارف بدليلي ، واثق باعتقادي بيقين
__________________
(١) انظر : ينابيع المودة ب ٦١ ص ٣٥٠ ، مقتل الحسين ـ عليه السلام ـ للمقرم.
(٢) تقدمت تخريجاته.
فلله الحمد والمنة ، ومن يهد الله فهو الهتد.
فسطرت هذه الرسالة لتكون هداية لمن طلب سبيل النجاة ، فمن نظر فيها بعين الانصاف أرشد إلى الصواب ، وكان بذلك مأجورا ، ومن ختم على قلبه ولسانه فلا سبيل إلى هدايته كما قال الله تعالى : (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) (١) فإن أكثر المتعصبين (سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ، ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم) (٢).
اللهم إنا نحمدك على نعمك الجسام ، ونصلي على محمد وآله المطهرين من الاثام ، مدي الايام ، على الدوام ، إلى يوم القيامة.
إلى هنا ما وقفنا عليه من الكتاب المذكور ، ولله سبحانه الحمد والمنة (٣).
__________________
(١) سورة القصص : الآية ٥٦.
(٢) سورة البقرة : الاية ٦ ـ ٧.
(٣) الكشكول للبحراني : ج ٢ ص ٢٨.
المناظرة الثالثة والستون
مناظرة الشيخ محمد باقر المازندراني مع رجل من العامة
يقول ـ رحمه الله ـ : حين أويت لحرارة الصيف إلى الفئ ، في مسجد من مساجد الري ، رأيت واحدا من أهل سنة (١).
وكان من دهاة أهل السنة وجدته شابا عاقلا فطنا ، ومتكلما كيسا لسنا ، فسلم علي ، وجلس لدي وتكلمنا معا فصار معي مأنوسا ، بعد ما كان من الرفضة باعتقاد مأيوسا ، حتى ما انفك مني لحظة ، ولاغفل عني نوما ولايقظة ، وكنت أنا معه كذلك ، في كل المواقف والمساك.
وقلت له ذات يوم : ايها الشاب العاقل ، والحبيب الفطن الكامل ، انت طالبي وانا مطلبوك ، وحبيبي وانا محبوبك ، لا ينبغي ان تكون في مذهب واكون انا في مذهب سواه ، مع إنا من أولى الالباب بلا اشتباه ، فلا بد أن نتكلم في المذاهب بالانصاف ولا نسلك سبيل التعصب وطريق الاعتساف ، حتى نرى بلا تعصب ونزاع ، أن مذهب أينا أحق بالاتباع ، فيصير الوداد بيننا باطنيا ومعنويا ، بعد ما كان ظاهريا ولفظيا.
فقبل وتبسم ، وقال : ما شئت تكلم.
فقلت له : أخبرني عن رجل اتفق الفريقان على اتصافه بجميع الصفات الكاملة ، واستجماعه بتمام المحاسن الفاضلة ، ما من نعوت محمودة إلا وهو مجمعها ، وما من شموس محمودة إلا وهو مطلعها ، وما من مناقب إلا وهو أبو عذرها ، وما فضائل إلا وهو مجلي مضمارها
__________________
(١) قوله : سنة بفتح السين بلد معروف.
وابن بجدتها ، ومن رجل اتفق فريق على اتصافه بالمحامد لكن لا بهذه الدرجة العظمى والمرتبة العليا.
واتفق فريق آخر على كونه منبع الكفر والعصيان ، ومجمع الشرك والطغيان ، أيهما أحق بكونه متبوعا في البين؟
قال : من وقع عليه الاتفاق من الفريقين.
قلت : إن كنت لابد أن ترد زوجتك وبنتك المحبوبتين إلى بلدك ودارك ، ولا يمكنك الذهاب معهما لاضطرارك ، والمفروض أن هذين الرجلين المذكورين يريدان السفر إلى بلدك ، وكل منهما يقبل ان يوصلهما إلى مقامك ومقعدك فأنت أيهما تختار لذلك؟
قال : أختار من وقع إجماع الفريقين على محاسنة في جميع المسالك.
قلت : أترضي أن تفوضهما إلى من وقع الاتفاق على محامده من فريق وعلى مثالبه من آخر ، وترفض من وقع الاجماع على فضائله من الفريقين؟
قال : كلا وحاشا إلا أن أكون معدوم العقل والفطانة ، ومسلوب البصيرة في والكياسة.
قال : لانه لو وقع الفساد من هذا الرجل الممدوح من الفريقين بالنسبة إلى أهلي لم أكن أخجل عند نفسي ولا عند العقلاء ملوما ، بل لم أكن عند أحد مذموما ، بخلاف ما لو فوضت أمرهما إلى من وقع اتفاق فريق على مدحه وإجماع آخر على ذمه فإن وقع منه فساد بالنسبة إليها ذمني العقلاء بل الجهلاء أشد الذم ، ولاموني أتم الملام ، واكون عند نفسي خجلا ، وكلما دار ذلك في خلدي أكون متحسرا ومنفعلا.
قال : ومن شك في ذلك فهو ممن سلب عنه المشاعر والمدارك؟!
ثم قلت : إن كنت سلطانا وغرضك إعلاء الدين نظما وبرهانا وإيصال المنافع إلى الغير وامتياز الشر من الخير ، والفساد من الصلاح ، والنكاح من السفاح ، والجائر من العادل ، والعالم من الجاهل والرفيع من الوضيع والفطيم من الرضيع والعابد من العاصي ، والأذناب من النواصي ، والأداني من الأقاصي ، والحمار من الفرس الشناصي (١) ، والبيوت من الشعر من الصياصي والعاتي من الخاشع ، والطامع من القانع ، أيمكن ذلك بلا نزاع وجدال وتسلط وقهر وغلبة وقتال؟
قال : لا!
قلت : هل يحصل التسلط والقهر والغلبة وتفريق الصفوف ، بدون مد الرماح وإشهار السيوف وإطارة السهام الثواقب وتجهيز العساكر والمقانب ، وإجالة السبوح أو البعير ، وتسديد الرأي والتدبير؟
قال : لا.
قلت : هل يحصل ذلك بلا قائد للفيالق وبدون رئيس راتق وفاتق ، وغطريف ذي كياسة ، وبطريق عارف بقواعد الرئاسة ، وأمير ذي سياسة ، وشجاع صاحب رأي متين ، ومنظم لأمور المجاهدين؟
قال : لا.
قلت : فإذا كان لك ابن متصف بسداد الرأي والتدبير ، وكان شجاعا مقداما وصاحب فطانة وكياسة ، وعارفا بقواعد السياسة ، ومستحقا للرئاسة ، ومفرقا للكتائب ، وممزقا للمقانب ، ومفينا للأعداء والأبطال ،
__________________
(١) شناص وشناصي : طويل شديد جواد.
ومجدلا للأقران والأمثال ، وعالما بقواعد الحرب ، وضوابط القتل والضرب.
وكان ممن يبتغي مرضاتك ولا يتساهل في خدماتك ، ويقول بساستك ويعترف برئاستك ، لا يقول إلا ما قلت ، ولا يحكم إلا ما حكمت ولا يسلك إلا سبيلك ، ولا يرى إلا دليلك بل قد جربته في الغزوات ، ودريت أنه لا يخاف المهلكات ورأيته بذل لك الروح ، وأظهر لك الظفر والفتوح ، وعلمت أنه صاحب العزم ، وتيقنت أنه ثابت الجزم ، وعاينت استقرار سلطنتك من عضده واهتمامه ، وشاهدت جلالتك من ساعده ويده وصمصامه ، هل تجعله أميرا لعسكرك ، وأمينا لضبط أمرك؟
قال : لا شك في ذلك ، بل أجعله صاحب اختيار رعيتي وأهلي وأقاربي في كل المواقف والمسالك.
قلت : هل يمكن أن تدعه مهملا ، وتجعله عن السلطنة عاطلا ، إذا ظهرت آثار موتك ، وبلغ زمان فوتك ، ولا تجعله نائبك وخليفتك ولا تشيد أركان نيابته ، وصرح خلافته ، ما دام لك شعور ، ولا تهوى أن تكون السلطنة في سلالتك ، ولا تشتهي أن تكون الرئاسة في أعقابك؟
قال : كلا وحاشا إلا ان أكون سفيها أو مجنونا!!
قال : بل أجعله نائبي ووصيي وخليفتي ، وألتزم من أهل مملكتي ، أن يصدقوا نيابته ويعترفوا برئاسته ، ويقروا بعد وفاتي سلطته ، بل في حال حياتي لأني مأمون من مخالفته من جميع الوجوه وقاطع باستحقاقه إياها وأظهر جلالته عند العباد وأبدي سلطنته ، في البلاد ، وأسعى في إعلائه وارتفاعه ووجوب رئاسته وقبول اتباعه ، من الأداني والأقاصي ، ومن الأذناب والنواصي ، ومن المطيع والعاصي.
وأفوض إليه الكنوز والصياصي ، لأنه قاتل الأعداء وأهل الشقاق ، ودمر الأشقياء وأصحاب النفاق واستأصل القبائل ، وضيق على الأوغاد والأراذل ، وبذل جهده في إنجاح مأمولي ، وإسعاف مسئولي ، وأوقع نفسه في المعارك ، وصيرها معرضا للمهالك ، واختار نفسي على ذاته ، وآثر حياتي على حياته ، فإن لم أجعله وصيي ووليي وخليفتي وصفيي ، لكنت من أبخل الناس وأسفههم ، وأجهل الخلق وأبلههم ، وأرذل البرايا وأسفلهم وأحط العباد وأكسلهم.
بل إن لم أفعل ذلك لكنت أجعل أهلي وأولادي معرضا للقتل والسبي والاستيصال وأقاربي وعشائري موردا للأفناء والأعدام والاختلال ، وكنوزي عرضة للنهب ، وقصوري منصة للهدم ، لا سيما ابني الذي بذل سعيه في إعانتي ، واهتم في إعلاء درجتي ومرتبتي ، وما قصر في حمايتي ، وما أهمل في كل ما فيه إرادتي ، لأن أعقاب المقتولين ، وعشائر المستأصلين ، ينتهزون الفرصة في الكمين حتى يطلبوا الثارات والدخول ، لما ارتكز في النفوس والعقول ، من طلب ثار المقتول ، ولو بعد أزمنة طويلة وعهود متطاولة فيجعلوه عرضة للأسياف والرماح ، ويعضوه كالكلب النباح ، في الصباح والرواح فيصير مضغة للأكل وفريسة للمفترس الصائل.
قلت : فإذا كان لك خدام أجانب ، ولهم عندك منازل ومراتب فإذا حدث لك أمر من هجوم الأعداء ، وتحتاج إلى المقاتلة في الهيجاء وجهزت العساكر وأردت الجهاد ، وأقبلت على الأعادي وأهل الفساد.
فإذا احتدمت الحرب ، ووقعت صدمات الكسر والضرب ، وظهرت السيوف تعلو وترسب وتجيئ وتذهب ، والرماح تتصعد وتتصوب ،
والسهام تطير يمينا وشمالا وخلفا وقداما ورأوا العثير مثارا ، والجواد صاهلا ، والعسكر صائلا ، والبطل راجزا ، والمضمار متزلزلا ، والدماء فائضة ، والأبدان فيها خائضة ، والرؤوس كالحباب ، والدروع كالسحاب.
تراهم يفرون عن أعادي القتال ويجعلونك معرضا للقتل والنهب والاستئصال ويسعون في نجاتهم حبا لحياتهم ، وابنك الموصوف بين الأبطال والصفوف ، يغزو ويجعله مضربا للسيوف ، ومعرضا للسهام والحتوف ، لا يخاف من الفوت ولا يبالي بالموت ويسعى في طرد الأعداء عنك محصورا ، حتى لا تصير مقتولا أو مأسورا ، ولم يكن هذا العمل ظهر منه في واقعة واحدة ، بل في وقائع متعددة.
وفي كل هذه الوقائع أيضا فر سواه ، ولم تكن ترى في الحرب أحدا عداه ، حتى استقام أمرك بسعيه ، وقام لك عمود السلطنة بوعيه ، وكنت في مدة رئاستك ، وأزمنة سياستك ، من فرارهم في الهيجاء محروق السويدا ، ومن حينهم شديد الألم ، وعظيم الكربة والغم.
فإذا اتفق موتك ، وظهر فوتك مدوا أعناقهم نحو السلطنة وادعوا الرئاسة ، واستحقاق السياسة ، وأمروا ابنك المقدام إلى متابعتهم حتى يجعلوه من رعاياهم ، وقالوا : نحن نشيد صرح السلطنة ونحفظ المملكة ونجعل اسم السلطان مبسوطا ونراعي أولاده ، أترى إن صرت حيا أنهم صادقون في هذا القول والكلام ، بعدما ظهر منهم عدم الاهتمام ، في حال حياتك وعدم الرعاية في نجاتك ، مع كون تنظيم الأمر في ذلك الوقت أصعب وأشكل وفي هذا الزمان أسهل.
قال : لا أصدقهم في هذا القول ، بل أقول بالتسوية بين هذا القول والبول ، لأنهم في زمان كانت الأعادي أقوياء ونحن أضعف من جميع
الوجوه ، وكدت في أكثر الغزوات والوقائع أتوه ، ما اهتموا في تشييد صرح السلطنة ، وتعمير قصر المملكة وتنظيم أمور العباد في الأمكنة والأزمنة ، وما راعو ما يجب رعايته ، وما حفظوا ما يلزم حمايته.
فإذا انتظمت الأمور ، وعمرت البلاد والقصور ، ومن الأعادي خلت الأمكنة ، وقام عمود السلطنة انتهزوا الفرصة ليصيروا ملوكا ، ورام كل واحد منهم أن لا يسمى صعلوكا ، وذلك يدل على متابعتهم الأهواء وابتغاء الرئاسة ، وحبهم صوت النعلين واشتهائهم السياسة ، وإلا لكان ظهر منهم ما ظهر من ابني الباسل المقدام ، وقت هجوم الأعداء اللئام ، ولو ظفروا في تلك الأيام ، لما بقى لنا عين ولا أثر في الأشهر والأعوام ، ولا يستقر أمر السلطنة كما استقر بعد قمعهم ، ولا تنتظم أمور الأبرار كما انتظم بعد جمعهم ، بل استقامة أمور الدين من الجماعة والجمع بمعونة هذا الهزبر المدرع والكمي المقنع.
ثم قال : والله لا شك أن هذا بناء على فرضك يدل على متابعتهم الأهواء ، ومن أنكر ذلك معدود من المجانين والسفهاء!!
ثم قلت : أكان علي ـ عليه السلام ـ بين الفريقين مجمع المناقب؟
قال : كيف لا ، وهو أسد الله الغالب.
قلت : أكان أبو بكر ممدوحا بين أهل السنة؟
قال : نعم.
قلت : أكان محمودا عند الشيعة؟
قال : لا.
قلت : أيكون الدين أعز من الزوجة والبنت أم لا؟
قال : الدين أعز.
قلت : فلم فوضت دينك إلى أبي بكر ورضيت أن تفوض أهلك إلى من لا يكون ممدوح الفريقين؟ فأطرق إلى الأرض مليا.
ثم قلت : ألم يك أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ في غزوات المشركين فعل ما فعل كما هو مشهور ، وفي كتب الفريقين مسطور ، وألم يك أبو بكر وعمر فرا كما هو في الألسنة مذكور وفي التواريخ (١) مزبور؟
قال : نعم.
قلت : لم يسعيا في غزوات النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ مع كونهما مبشرين بالنعيم إن صارا مقتولين ومعززين عند الله ورسوله إن كانا حيين ، وحيث لم يسعيا في ذلك الزمان ، أوان ضعف الأسلام والأيمان ، وحين شوكة الشرك والكفر ، بل فرا في كل الغزوات وما خجلا عن رسول الكائنات ، علم أن طلبهم الرئاسة وابتغائهم السياسة ، كان لأجل الغرض ، بل في قلوبهم مرض ، فأطرق أيضا إلى الأرض مليا.
ثم قلت : أنت ما رضيت بأن تترك الوصية لابنك وأهلك وأولادك لئلا تخرج السلطنة عنهم ، ولا يصيرون معرضا للقتل والنهب والأسر والذلة ، فكيف يرضى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ان يموت ولا ينصب عليا ـ عليه السلام ـ خليفته وقاضي دينه ومنجز وعده ولا يجعله إمام العباد ، وسلطان البلاد ، مع علمه بغرائز العرب ، وكثرة إفسادهم في حالة الغضب.
حيث يقتلون القبائل ، لطلبهم ثارا واحدا من الأراذل ، ولا ينتهون
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ١ ص ٢٤٠ ، ترجمة الأمام علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ من تاريخ دمشق لابن عساكر ج ١ ص ١٧٧ ح ٢٤٢ و ٢٤٣ و ٢٤٧ ، الشذرات الذهبية لابن طولون ص ٥٢ ، كشف الغمة للاربلي ج ١ ص ١٨٨ ، بحار الانوار ج ٢٠ ص ١٠١ ح ٢٩.
عن ابتغائهم الذحول ولو كانوا في ضنك المحول (١) ، وقد زوجه من فلذة كبده ومهجة خلده فاطمة البتول ـ عليها السلام ـ ، أيصدر ذلك من الظلوم الجهول ، فضلا عن الرسول سلطان أهل العدل والعقول ، ضرورة أن ذلك موجب لأراقة دمائهم واستئصالهم وسبب لاختلالهم وفساد أحوالهم.
مع أن الله تعالى أوجب مودتهم وفرض محبتهم للخلق عجما وعربا وقال : (قل لا اسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (٢) وأنزل في
__________________
(١) المحول : الضيق والشدة.
(٢) سورة الشورى : الاية ٢٣.
فقد روى الجمهور أن هذه الاية نزلت في قربى النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وهم : علي وفاطمة والحسن والحسين ـ عليهم السلام ـ.
راجع : شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج ٢ ص ١٣٠ ح ٨٢٢ ـ ٨٢٨ ، مناقب علي ابن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص ٣٠٧ ح ٣٥٢ ، الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص ١٠١ و ١٣٥ ط الميمنية بمصر وص ١٦٨ و ٢٢٥ ط المحمدية بمصر ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٩١ ط الحيدرية وص ٣١ ط الغري ، تفسير الكشاف للزمخشري ج ٣ ص ٤٠٢ ط مصطفى محمد وج ٤ ص ٢٢٠ ط بيروت ، تفسير الفخر الرازي ج ٢٧ ص ١٦٦ ط عبد الرحمن بمصر وج ٧ ص ٤٠٥ ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص ١٠٦ ط إسلامبول وص ١٢٣ ط الحيدرية وج ١ ص ١٠٥ ط العرفان ، إحقاق الحق للتستري ج ٣ ص ٢ ـ ٢٢ ، فضائل الخمسة ج ١ ص ٢٥٩ ، فرائد السمطين ج ١ ص ٢٠ وج ٢ ص ١٣ ح ٣٥٩ ، الغدير للأميني ج ٢ ص ٣٠٦ ـ ٣١١.
فوجوب محبتهم ـ عليهم السلام ـ مما لا إشكال فيه ، وفي هذا المعنى يقول الشافعي :
يا أهل بيت رسول الله حبكم |
|
فرض من الله في القرآن أنزله |
كفاكم من عظيم الفضل أنكم |
|
من لم يصل عليكم لا صلاة له |
راجع : ينابيع المودة ص ٣٥٤ ط الحيدرية وص ٢٥٩ ط إسلامبول ، نور الأبصار ص ١٠٥ ط السعيدية وص ١٠٣ ط العثمانية ، الغدير للأميني ج ٣ ص ١٧٣ ، وفي هذا المعنى أيضا قال الفرزدق :
حقهم آية التطهير (١) ، فأطرق إلى الأرض مليا.
قلت له : أيها الشاب الكامل والحبيب الفطن العاقل إن الله تعالى نهى عن أخذ التعصب والمراء ، واتباع الأمهات والاباء.
أطلب منك الأنصاف والانحراف عن مسلك الاعتساف ، أو ما قرع سمعك أن من تعود أن يصدق من غير دليل فقد انسلخ عن الفطرة الأنسانية؟
قال : والله ما قلت : حق وما نطقت : صدق ، يطابقه النقل ويحكم به بديهة العقل.
فقلت له : إن العقل شاهد صدق ودليل حق ، والله تعالى أنعمك به خذ ما يقتضيه ودع متابعة أبيك وأبيه لئلا تصير مستحقا للعقاب ، في يوم الحساب ، لو كان متابعة الأباء حقا والعقل معزولا لما كان أحد معذبا ومسئولا ، مع علمك بأن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ ما كان مسبوقا بالكفر ، وما عبد الأوثان والأصنام ، وما شرب الخمر ، وما أكل الميتة في الأيام ، وما ذبح على النصب والأزلام ، دون أبي بكر.
وما أخرج النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بابه عن المسجد (٢)
__________________
من معشر حبهم دين وبغضهم |
|
كفر وقربهم منجى ومعتصم |
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم |
|
أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم |
ديوان الفرزدق ج ٢ ص ١٨٠ ط دار صادر بيروت.
(١) وهي قوله تعالى : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) الأحزاب : ٣٣ ، وقد تقدمت تخريجات مصادر نزولها فيهم ـ عليهم السلام ـ.
(٢) وهو حديث سد الأبواب إلا باب علي ـ عليه السلام ـ وقد تقدم مع تخريجاته.
وأدخله تحت العباء وأثبت له منزلة هارون من موسى (١).
وقال ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يوم خيبر : لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله (٢) ، وأرسله لتبليغ سورة برائة (٣).
وقال ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : أنا مدينة العلم وعلي بابها (٤) وزوج فاطمة ـ عليها السلام ـ منه ، وسماه أمير المؤمنين (٥) ويعسوب المؤمنين (٦) ، وأبا تراب (٧).
__________________
(١) تقدمت تخريجاته.
(٢) تقدمت تخريجاته.
(٣) تقدمت تخريجاته.
(٣) تقدمت تخريجاته.
(٥) ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ ابن عساكر ج ٢ ص ٢٦٠ ح ٧٨٥ ، مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٠٢ ، لسان الميزان ج ٢ ص ٤١٤ ، حياة الحيوان للدميري ج ٢ ص ٤٤١ ، فرائد السمطين ج ١ ص ١٤٥ ح ١٠٩.
(٦) حلية الأولياء ج ١ ص ١٦٣ ، بحار الأنوار ج ٣٨ ص ٢ ح ١ ، المناقب لابن شهر آشوب ج ٣ ص ٤٨ ، ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ ابن عساكر ج ٢ ص ٢٥٩ ح ٧٨٣.
واليعسوب هو : السيد العظيم المالك لأمور الناس ، وقد قال أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ في نهج البلاغة :
أنا يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الفجار. وقال ابن أبي الحديد في شرحه لهذ ه الكلمة ـ في شرح النهج ج ١٩ ص ٢٢٤ ـ : هذه كلمة قالها رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بلفظين مختلفين ، تارة : أنت يعسوب الدين ، وتارة : أنت يعسوب المؤمنين ، والكل راجع إلى معنى واحد ، كأنه جعله رئيس المؤمنين وسيدهم ، أو جعل الدين يتبعه ، ويقفو أثره ، حيث سلك كما يتبع النحل اليعسوب ، وهذا نحو قوله ـ صلى الله عليه وآله ـ وأدر الحق معه كيف دار.
(٧) فقد ذكر الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٠٠ : عن أبي الطفيل قال : جاء النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وعلي ـ عليه السلام ـ نائم في التراب فقال : إن أحق أسمائك أبو تراب ، أنت أبو تراب.